المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٤

المهذب البارع في شرح المختصر النافع17%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 553

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 553 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 116695 / تحميل: 7646
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٤

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

بالخصوص ذكر القضيّة المهدويّة وبيّن فلسفة ذلك ما لم تبيّن في دين آخر.

السؤال الرابع :

هل إسم الإمام المهدي عليه‌السلام ورد في الصحاح الستّة؟

الجواب : لاشكّ أنّه قد ورد إسم الإمام المهدي في جميع الصحاح ما عدا صحيح البخاري ، فقد ورد في صحيح الترمذي(١) ، وسنن ابن ماجة(٢) ، وسنن أبي داود(٣) إسم المهديعليه‌السلام ، وما ورد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بشأنه.

وأمّا بالنسبة إلى صحيح مسلم وسنن النسائي ، فقد حذف ما فيهما من إسم المهديعليه‌السلام ، والشاهد على ذلك أنّ تلك الأحاديث كانت موجودة سابقاً في صحيح مسلم ، حيث أنّ ابن حجر العسقلاني في الصواعق المحرقة(٤) ، وابن الصبان في إسعاف الراغبين(٥) ، والمتّقي الهندي في كنز العمّال(٦) ، والحمزاوي في مشارق الأنوار(٧) ، نقلوا حديث«المهدي حقّ ، وهو من ولد فاطمة عليهما‌السلام » من كتب صحيح مسلم ، لكنّ هذا الحديث غير موجود حالياً في النسخ التي بأيدينا ،ويشهد بذلك أيضاً وجود حديث النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله حول الإمام المهديعليه‌السلام في سنن النسائي ، ونقل السلّمي في عقد الدرر(٨) عنه حديث«المهدي منّي» ، وهكذا

_________________________

(١)سنن الترمذي : ٢ / ٥٠٥.

(٢)سنن ابن ماجة : ٢ / ١٣٦٨.

(٣)سنن أبي داود : ٢ / ٣٦٧.

(٤)الصواعق المحرقة : ٦٣.

(٥)إسعاف الراغبين : ١٤٥.

(٦)كنز العمّال : ١٤ / ٢٦٤.

(٧)مشارق الأنوار : ١١٢.

(٨)عقد الدرر : ٣٣.

٢١

نقل ابن الصبان(١) ، وعبدالمحسن العباد(٢) ، وابن حجر العسقلاني(٣) ،والحمزاوي(٤) ، والشيخ منصور علي ناصف(٥) : حديث«المهدي حقّ ، وهو من ولد فاطمة» عن سنن النسائي ، ولكنّه غير موجود في النسخ التي بأيدينا.

فلا بدّ إمّا أن نّتهم هؤلاء الذين نقلوا هذه الأحاديث من صحيح مسلموسنن النسائي بالكذب ، أو أنّ ذلك حذف من الكتابين المذكور. هذاأوّلاً .

وثانياّ : أنّ في النسخة الموجودة حالياً لصحيح مسلم ، وإن لم يصرّح باسم الإمام المهديعليه‌السلام ، ولكنّه ذكر حديثين حول مجيءخليفة في آخر الزمان(٦) ، ونزول عيسىعليه‌السلام من السماء(٧) ، وصلاته خلف الإمامعليه‌السلام ، حيث يلزمنا أن نسأل صاحب هذا الصحيح بأنّه : من هذا الخليفة الذي يصلّي عيسى خلفه؟ فما هو الجواب؟ فهل هذا الخليفة الذي يصلّي عيسى خلفه غير المهدي الذي بشّر به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

وثالثاً : وعلى فرض أنّهما لم يذكرا أحاديث النبيّ حول المهديعليه‌السلام ، ولكن تخلّفا عن شرطهما في نقل الراوية ، فإنّ أحاديث المهدي صحيحة على شرطهماولم يخرجاه.

وقد جمع الحاكم النيسابوري في كتبه المستدرك علي الصحيحين هذه الأحاديث التي لم يذكرها مسلم والبخاري ، وكان من حقّها أن يخرجاه. وذكر في ختام

_________________________

(١)إسعاف الراغبين : ١٤٥.

(٢)عقيدة أهل السنّة والأثر : ١٨.

(٣)الصواعق المحرقة : ١٨.

(٤)مشارق الأنوار : ١١٢.

(٥)التاج الجامع للاُصول : ٥ / ٣٤٣.

(٦)صحيح مسلم : ٢ / ٧٠١.

(٧)المصدر المتقدّم : ٤ / ٢٢٦٦.

٢٢

كلّ حديث نقله : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ، فمن جملة الأحاديث الصحيحة على شرط الشيخين ولم يخرجاه أحاديث المهديعليه‌السلام ، ونشير إلى خمسة روايات ، فمنها :

١ ـ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال :«المهدي منّا ، رجل من أهل البيت» (١) .

٢ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله :«نحن ولد عبدالمطّلب ...والمهدي» (٢) .

٣ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله :«المهدي منّي ، أجلى الجبهة ، أقني الأنف» (٣) .

٤ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله :« ...ثمّ يخرج رجل من عترتي» (٤) .

٥ ـ وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله :«إذا رأيتم الرايات السود ، فإنّ فيها خليفة الله المهدي» (٥) .

ورابعاً : هل أنصحيح الترمذي وسنن إبن ماجة وسنن أبي داود تعدّ من الصحاح الستّة أم لا؟

فإذا قلنا إنّها من الصحاح ، فلا داعي أنّ كلّ الأحاديث تذكر في كلّ الصحاح بحيث إذا لم تكن صحيحة. وهذا ابن تيميّة الذي ضعّف كثير من الروايات والأحاديث ، ونسب ظلماً اُموراً إلى الشيعة الإماميّة ، فقد صحّح أحاديث المهديعليه‌السلام وقال في كتابه : «إنّ الأحاديث التي يحتجّ بها على خروج المهدي أحاديث صحيحة ، رواه أبو داود والترمذي وأحمد وغيرهم عن طريق ابن مسعود وغيره»(٦) .

_________________________

(١)المستدرك علي الصحيحين : ٤ / ٥٥٧.

(٢)المصدر المتقدّم : ٣ / ٢١١.

(٣)و(٤)المصدر المتقدّم : ٤ / ٥٥٨.

(٥)المصدر المتقدّم : ٤٦٣.

(٦)منهاج السنّة : ٤ / ٢١١.

٢٣

وأمّا البخاري فهو وإن لم ينقل أحاديث المهديعليه‌السلام في صحيحه ، ولكنّه ذكر في تاريخه إسم الإمام المهدي في عدّة أماكن ، فقد نقل حديث«المهدي من أهل البيت» (١) عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهكذا أشار في تاريخه إلى حديث :«المهدي حقّ ، من ولد فاطمة» (٢) .

السؤال الخامس :

لماذا يجب علينا معرفة الإمام المهدي؟

الجواب : لو فتّشنا الكتب الروائيّة والكلاميّة لعثرنا على روايات كثيرة في كتب الشيعة والسنّة تدلّ على وجوب معرفة الإمام وحجّة الله على الأرض ، ثمّ متابعته والإقتداء به ، وإن فسّر كثير من علماء العامّة هذه الروايات الواردة عن النبيّ بالخلفاء والحكّام.

ولكنّ الشيعة تعتقد بأنّ المقصود من الإمام في هذه الروايات هم الأئمّة المعصومونعليهم‌السلام ، ولهذا يعتقدون بلزوم معرفته ، حيث أنّ معرفتهعليه‌السلام هو جزء من معرفة الأئمّة الإثني عشر ، كما أشار النبيّ إلى عددهم قائلاً لسلمان الفارسي :«الأئمّة بعدي إثنا عشر» ، ثمّ قال :«كلّهم من قريش ، ثمّ يخرج قائمنا فيشفي صدور قوم مؤمنين ، ألا أنّهم أعلم منكم ، فلا تعلّموهم ألا أنّهم عترتي ، من لحميودمي ، ما بال أقوام يؤذوني فيهم ، لا أنالهم الله شفاعتي» (٣) .

وكان الإمام الحسنعليه‌السلام يقول :«الأئمّة بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إثنا عشر ، تسعة

_________________________

(١)تاريخ البخاري : ١ / ٣١٧.

(٢)المصدر المتقدّم : ٣ / ٣٤٦.

(٣)كفاية الأثر : ٤٤.

٢٤

من صلب أخي الحسين ، ومنه مهدي هذه الاُمّة» (١) .

إذاً فالمراد من الإمام والأئمّة هم المعصومونعليهم‌السلام ، وأمّا علّة وجوب معرفة الإمام في كلّ زمان فكما يلي :

١ ـ الصون من الإنحراف والضلالة

إنّ معرفة الإمام المهديـأرواحنافداهـتأخذ أهمّيتها في الوقت الذي يشعر به النّاس إبتلاءهم بالفساد والضلالة علي إثر الإبتعاد عن إمامهم ، وأنّ الخلاص من هذا المأزق الخطر سوف لن يكون إلاّ عن طريق الإقتداء بالإمامعليه‌السلام .

قال الإمام الكاظمعليه‌السلام :«ما ترك عزّوجلّ الأرض بغير إمام قطّ منذ قبض آدم عليه‌السلام ، يُهتدي به إلى الله عزّوجلّ ، وهو الحجّة على العباد ، من تركه ضلّ ، ومن لزمه نجا ، حقّاً على الله عزّوجلّ» (٢) .

وكتب العمري إلى أبي عليّ بن محمّد بن همام ما يبيّن ضرورة هذه المعرفة ، قائلاً :

«اللّهُمَّ عَرِّفْني نَفْسَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْني نَفْسَكَ لَمْ أَعْرِفْ رَسُولَكَ ، اللّهُمَّعَرِّفْني رَسُولَكَ فَإنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْني رَسُولَكَ لَمْ أَعْرِفْ حُجَّتَكَ ، اللّهُمَّ عَرَّفْني حُجَّتَكَ فَإِنَّكَ إِنْ لَمْ تُعَرِّفْني حُجَّتَكَ ضَلَلْتُ عَنْدِيني» (٣) .

وقد أمر ألإمام الصادقعليه‌السلام زرارة أن يلتزم بهذا الدعاء في زمان الغيبة(٤) .

_________________________

(١)كفاية الأثر : ٢٣.

(٢)معجم أحاديث الإمام المهديعليه‌السلام : ٤ / ١٤٨.

(٣)مصباح الزائر : ٣١٢.

(٤)بحار الأنوار : ٥٢ / ١٤٦.

٢٥

٢ ـ المنع من بطلان العمل

لا ريب أنّ قبول الأعمال والمنع من بطلانها يكون في قبول ولاية الأئمّة المعصومينعليهم‌السلام . قال الباقرعليه‌السلام لزارة : (بني الإسلام على خمسة أشياء : على الصلاة ، والزكاة ، والحجّ ، والصوم ، والولاية.

قال زرارة : فقلت : وأيّ شيء من ذلك أفضل؟

فقال :الولاية أفضل؛ لأنّها مفتاحهنّ ، والوالي هو الدليل عليهنّ أما لو أنّ رجلاً قام ليله ، وصام نهاره ، وتصدّق بجميع ماله ، وحجّ جميع دهره ، ولم يعرف ولاية وليّ الله فيواليه ، ويكون جميع أعماله بدلالته اليه ، ما كان له على الله جلّ وعزّ حقّ في ثوابه ، ولا كان من أهل الإيمان »(١) .

٣ ـ الوصول إلى السعادة الأبديّة

لا شكّ أنّ حياة النبيّ وموته من الاُمور الهامّة التي لا ينال البشر إلى معرفتها ، فكم ترك النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في أيّام حياته وبعد مماته من الخيرات والبركات للمسلمين ، فطلب منّا إن اردنا أن نصل الى هذه الحياة المعنويّة أن نتولّ الإمام أمير المؤمنينوالأئمّة من بعده.

فكانصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول :«معاشر النّاس ، من أراد أن يحيى حياتي ، ويموت ميتتي ، فليتولّ عليّ بنأبي طالب ، وليقتد بالأئمّة من بعده» (٢) .

٤ ـ النجاة من الميتة الجاهليّة

وجاء التصريح في عدد كثير من الروايات والأحاديث الإسلاميّة عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

_________________________

(١)الكافي : ٢ / ١٨٢.

(٢)مناقب آل أبي طالب : ١ / ٣٠١.

٢٦

أنّ كلّ من لا يعرف إمام زمانه سوف يموت ميتة جاهليّة ، ولا ريب أنّ المقصود من الميتة الجاهليّة أن يكون حاله حال من مات قبل الإسلام من أهل الجاهليّة ، حيث كانوا على الشرك والكفر والضلالة.

وقد ورد هذا الحديث في الصحاح والسنن والمسانيد عند السنّة ، ورواه أيضاً علماءنا في كتبهم بألفاظ مختلفة عن النبيّ والعترة الطاهرة ، فنقل الطيالسي(١) ،والبخاري(٢) ، وابن أبي شيبة(٣) ، والهيثمي(٤) ، وابن سعد(٥) ، والطبراني(٦) ،والكليني(٧) ، والبرقي(٨) ، والعيّاشي(٩) ، وغيرهم عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :«من مات بغير إمام مات ميتة جاهليّة» (١٠) .

وعن الباقرعليه‌السلام ، قال :«من مات وليس له إمام فموته ميتة جاهيّة ، ولا يعذر النّاس حتّى يعرفوا إمامهم» (١١) .

وعن الصادقعليه‌السلام ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال :«من مات وليس عليه إمام فميتته جاهليّة .

_________________________

(١)و(١٠)مسند الطيالسي : ١٢٥٩.

(٢)تاريخ البخاري : ٦ / ٤٤٥.

(٣)مسند ابن أبي شيبة : ١٥ / ٣٨.

(٤)مجمع الزوائد : ٥ / ٢٢٣.

(٥)الطبقات : ٥ / ١٤٤.

(٦)المعجم الكبير : ٧ / ٣٥٠.

(٧)الكافي : ١ / ٣٧٦.

(٨)المحاسن : ١ / ١٥٣.

(٩)تفسير العيّاشي : ١ / ٢٥٢.

(١١)المحاسن : ١٥٥.

٢٧

فقلت : قال ذلك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

فقال :إي والله قد قال.

قلت : فكلّ من مات وليس له إمام فميتته جاهليّة؟!

قال :نعم» (١) .

فاستناداً إلى ماسبق وما روي عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله بأنّه :«من أنكر القائم من ولدي في زمان غيبته فمات ، فقد مات ميتة جاهليّة» (٢) .

نقول : لا نجاة من الميتة الجاهليّة إلاّ بمعرفة الإمام المهديعليه‌السلام .

_________________________

(١)الكافي : ١ / ١٥٣.

(٢)كمال الدين : ٢ / ٤١٢.

٢٨

٢٩

٣٠

ضيّق الخلفاء العبّاسيّين عليى الإمامين الهمامين الهادي والعسكريعليهما‌السلام ،وبذلوا جهوداً كبيرة لمنع ولادة الإمام المهديعليه‌السلام ، فسجنوا الإمام العسكريعليه‌السلام غير مرّة ، حيث قضى أكثر أيّام إمامته في سجن الخلفاء العبّاسيّين.

وقاموا بمؤامرات خطرة ضدّ الإمام ، ولكنّ الظروف الطارئة كانت تمنعهم من قتلهعليه‌السلام ، ولقد أشار الإمام في بعض كلماته إلى هذه المضايقات قائلاً :«زعم الظلمة أنّهم يقتلونني ، ويقطعوا هذا النسل» (١) ، ولكن أبى الله إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره المشركون.

حتّي ولد الإمام المهديعليه‌السلام في نصف من شعبان سنة٢٥٥ ه‍.ق(٢) في ظروف صعبة وحسّاسة للغاية.

أخبر النبيّ عن هذا المولود وعن إسمه وكنيته ، فقال :«إسمه إسمي ، وكنيته كنيتي» (٣) .

لقّب الإمام المهديعليه‌السلام بـ: بقيّة الله ، حجّة الله ، وقائم آل محمّدعليهم‌السلام .

_________________________

(١)الغيبة : ١٣٤. حياة الإمام العسكري : ٣١٢.

(٢)الفصول المهمّة : ٢٧٤.

(٣)كمال الدّين : ٢٨٦. بحار الأنوار : ٥١ / ٧٣.كفاية الأثر : ٦٧. وروي عن الإمام الصّادقعليه‌السلام باختلاف يسير وزيادة في الإمامة والتّبصرة : ١١٩ ، وفي كمال الدّين : ٢٨٦.

٣١

وقد أخفى الإمام الحسن العسكريعليه‌السلام ولادة عن أعين الحكّام لأجل الحفاظ على حياة ولدهعليه‌السلام . وكان يحضره أحياناً في بعض لقاءاته ليزيل الشبهة عنه ،وكان الإمام المهديعليه‌السلام يتحدّث بأمر من والده حتّى يتعرّف الشيعة عليه.

يعتقد كلّ علماء الشيعةـوكثير من أعلام السنّةـأنّ الإمام المهديعليه‌السلام قد ولد وهو حيّ وغائب ، وأنّ هذه الغيبة قد بدأت بعد استشهاد أبيه العسكريعليه‌السلام سنة٢٦٠ ه‍ ، وهي مستمرّة إلى الآن.

وإليك بعض الأسئلة حول ولادتهعليه‌السلام :

السؤال السادس :

ما هو رأي السنّة في ولادة المهدي عليه‌السلام ؟

الجواب : يوجد خلاف بين السنّة ، فبعضهم يرى رأي الشيعة ، حيث يقولون : إنّ الإمام المهديعليه‌السلام قد ولد في سامراء سنة٢٥٥ هجريّة ، وليس عددهم بالقليل.

ولا يسعنا أيضاً ذكر أسماءهم وأقوالهم في هذا المختصر ، ولكن نشير إلى كلمات بعضهم :

١ ـ يقول ابن الصباغ المالكي فيالفصول المهمّة :

«ولد أبوالقاسم محمّد بن الحجّة بن الحسن الخالص بسرّ من رأى ، ليلة النصف من شعبان ، سنة٢٥٥ هجريّة»(١) .

وقال أيضاً عن سبب أمر ولادته عن النّاس :

«خلف أبو محمّد الحسن من الوالد إبنه الحجّة القائم المنتظر لدولة الحقّ ، وكان

_________________________

(١)الفصول المهمّة : ٢٧٤.

٣٢

أخفى مولده ، وستر أمره لصعوبة الوقت ، وخوف السلطان ، وتطلبه الشيعة ،وحبسهم والقبض عليهم»(١) .

٢ـكتب الكنجي الشافعي فيالبيان في أخبار صاحب الزمان بعد أن اعتقد بولادة المهديعليه‌السلام ، وأجاب على شبهات منكري بقائه هذه المدّة الطويلة ، وردّهم بأدلّة بليغة ، حيث عقد فصلاً تحت عنوان«في الدلالة على كون المهدي حيّاً باقياً مذ غيبته إلى الآن»قائلاً :

«ولا امتناع في بقاءه بدليل بقاء عيسى والياس والخضر من أولياء الله تعالى ، وبقاء الدجّال وإبليس الملعونَين أعداء الله تعالى ، وهؤلاء قد ثبت بقاءهم بالكتاب والسنّة ، وقد اتّفقوا عليه ، ثمّ أنكروا جواز بقاء المهدي.

وها أنا اُبيّن بقاء كلّ واحد منهم ، فلا يسمع بعد هذا لعاقل إنكار جواز بقاء المهديعليه‌السلام »(٢) .

٣ ـ وقال سبط ابن الجوزي الحنفي فيتذكرة الخواصّ :

«هو محمّد بن الحسن بن عليّ بن محمّد بن عليّ بن موسى بن جعفر بن محمّد بن عليّ بن الحسين بن عليّ ابن أبي طالبعليهم‌السلام ، وكنيته أبو عبدالله ، وأبو القاسم ،وخلف الحجّة ، صاحب الزمان ، القائم ، والمنتظر ، والتالي ، وهو آخر الأئمّة»(٣) .

ثمّ إنّ شيخنا الوالد المرحوم آية الشيخ محمّدرضا الطبسيـبعد ما نقل أسماءأربعين شخصاً من كبار السنّة ، اعتماداً على نقل صاحب كشف الأستار للمحدّث

_________________________

(١)الفصول المهمّة : ٢٧٢.

(٢)البيان في أخبار صاحب الزمان : ٥٢١.

(٣)تذكرة الخواصّ : ٣٢٥.

٣٣

النوريـقال : «ثمّ إنّ الحقير تتبّعت في بعض الكتب المعتبرة عند القوم تتميماً للحجّة ، فعثرت على مقدار عشرين رجلاً ، بل أزيد ، من المعترفين أيضاً ، فأضفتهم ...»(١) ، ثمّ أسماء القائلين بولادتهعليه‌السلام كما يلي :

١ ـ المولى حسين الكاشفي في روضة الأحباب.

٢ ـ إبن خلّكان في تاريخه.

٣ ـ الحافظ البيهقي الشافعي في شعب الإيمان.

٤ ـ السيّد أحمد زيني دحلان في الفتوحات الإسلاميّة.

٥ ـ إبن حجر في الصواعق المحرقة.

٦ ـ إبن الأثير الجزري في الكامل في التاريخ.

٧ ـ أبو الفداء في تاريخه.

٨ ـ أحمد النگري في دستور العلماء.

٩ ـ الياقوت الحموي في معجم البلدان.

١٠ ـ الشبراوي في الإتحاف بحبّ الأشراف.

١١ ـ الحمزاوي في مشارق الأنوار.

١٢ ـ الذهبي في دول الإسلام.

١٣ ـ اليافعي في مرآة الجنان.

١٤ ـ الشيخ عبدالوهاب في كشف الغمّة.

١٥ ـ إبن سعد في الطبقات الكبرى.

_________________________

(١)الشيعة والرجعة : ١ / ١٢٠.

٣٤

١٦ ـ شمس الدين القاضي المالكي في تاريخ الخميس.

١٧ ـ الملاّ عليّ المتّقي في البرهان.

١٨ ـ جمال الدين في روضة الأحباب.

١٩ ـ القرماني في أخبار الدول.

٢٠ ـ إبن الصبان في إسعاف الراغبين(١) .

وبهذا البيان : إتّضح أنّ ولادة المهدي المنتظرعليه‌السلام من القطعيّات التاريخيّة ،وأن الشيعة والسنّة قد ذكروا تاريخ ولادته.

وخالف جماعة من أعلام السنّة هذا الرأي واعتقدوا بأن المهديعليه‌السلام لم يولد بعد ، وأنّه سيولد في آخر الزمان.

فقال إبن أبي الحديد المعتزلي في شرحه على نهج البلاغة عند بيان خطبة الإمام أمير المؤمنين التي فيها«بأبي خيرة الإماء» :

«أمّا الإماميّة فيزعمون أنّه إمامهم الثاني عشر ، وأنّه إبن أمة إسمها نرجس ،وأمّا أصحابنا فيزعمون أنّه فاطمي ، يولد في مستقبل الزمان لاُمّ ولد ،وليس بموجود الآن وأنّه يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً وظلماً ، وينتقم من الظالمين ، وينكّل بهم أشدّ النكال»(٢) .

أقول : إنّ إبن أبي الحديد وإن أصاب في بعض بحوثه ، ولكن أخطأ في هذه المسألة ، فماذا يجيب هؤلاء الذين مرّت أسماءهم عليك ، المعترفون بولادتهعليه‌السلام ،وثانياً : كيف يمكن أن نطبّق الروايات الواردة حول الإمام المهديعليه‌السلام المتّفق عليها

_________________________

(١)الشيعة والرجعة : ١ / ١٢٢.

(٢)شرح نهجالبلاغة : ٢ / ١٧٩.

٣٥

عند الشيعة والسنّة على رجل مجهول لا يعلم إبن من هو؟ وفي أي زمان سيولد؟وعلى قول الكنجي الشافعي : «لماذا أنكرنا أصل ولادته فراراً من طول عمره؟».

السؤال السابع :

هل رؤي الإمام المهدي عليه‌السلام أيّام طفولته؟

الجواب : لقد رأى الإمامعليه‌السلام عدّة لا يستهان بهم منذ ولد ، وهكذا رأوه في حياة أبيه وبعد موته إلى أن غاب في الغيبة الكبرى ، وقد ألّف علمائنا الكبار كتباًورسائلاً فيمن فاز بلقاءهعليه‌السلام ، منهم المحدّث الكبير السيّد هاشم البحراني ،وإليك أسماءبعض من شاهده عليه‌السلام :

١ـحكيمة بنت الإمام الجواد عليه‌السلام ، وعمّة الإمام الحسن العسكري ، التي زارت إبن أخيها في ليلة ميلاد الإمام المهديعليه‌السلام ، وطلب الإمام منها أن تبيت عنده لتحضر ولادة المهديعليه‌السلام ، فباتت تلك الليلة إلى أن ولدعليه‌السلام ، ورأت جماله البهيّ(١) ، وقصّتها معروفة ومشهورة.

ورأته أيضاً في اليوم الثالث من ولادته عليه‌السلام ، كما رواه لنا الشيخ الطوسي عنها ، أنّها قالت : «فلمّا كان في اليوم الثالث إشتدّ شوقي إلى وليّ الله ، فأتيتهم عائدة ، فبدأت بالحجرة التي فيها الجارية ، فإذا أنا بها جالسة في مجلس المرأة النفساء ،وعليها أثواب صفر ، وهي معصبة الرأس ، فسلّمت عليها والتفت إلى جانب البيتوإذا بمهد عليه أثواب خضر ، فعدلت إلى المهد ورفعت عنه الأثواب ، فإذا أنا بوليّ الله نائم على قفاه غير محزوم ولا مقموط ، ففتح عينيه وجعل يضحكويناجيني بإصبعه ، فتناولته وأدنيته إلى فمي لاُقبّله ، فشممت منه رائحة ما شممت

_________________________

(١)بحار الأنوار : ٥١ / ١٧.

٣٦

قطّ أطيب منها ...»(١) .

٢ـأحمد بن إسحاق الأشعري : «قال دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّعليه‌السلام وأنا اُريد أن أسأله عن الخلف من بعده ، فقال لي مبتدئاً :يا أحمد بن إسحاق ، إنّ الله تبارك وتعالى لم يخل الأرض منذ خلق آدم عليه‌السلام ، ولا يخليها إلى أن تقوم الساعة من حجّة لله على خلقه ، به يدفع البلاء عن أهل الأرض ، وبه ينزّل الغيث ، وبه يخرج بركات الأرض .

قال : فقلت له : يابن رسول الله ، فمن الإمام والخليفة بعدك؟

فنهضعليه‌السلام مسرعاً فدخل البيت ، ثمّ خرج وعلى عاتقه غلام كأنّ وجهه القمر ليلة البدر ، من أبناء الثلاث سنين ،فقال : يا أحمد بن إسحاق ، لولا كرامتك على الله عزّوجلّ وعلى حججه ما عرضت عليك إبني هذا ... »(٢) .

٣ـيعقوب بن منقوش ، يقول : «دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّعليه‌السلام وهو جالس على دكّان في الدار ، وعن يميينه بيت عليه ستر مسبل ، فقلت له : يا سيّدي ، مَن صاحب هذا الأمر؟

فقال :إرفع الستر ، فرفعته ، فخرج إلينا غلام خماسي ، له عشر أو ثمان أو نحوذلك ، واضح الجبين ، أبيض الوجه ، درّي المقلتين ، شثن الكفّين ، معطوف الكريمتين ، في خدّه الأيمن خال ، وفي رأسه ذؤابة ، فجلس على فخذ أبي محمّدعليه‌السلام ، ثمّ قال لي :هذا صاحبكم »(٣) .

_________________________

(١)كتاب الغيبة : ١٤٣.

(٢)كمال الدين : ٢ / ٣٨٤.

(٣)إعلام الورى : ٤١٣.

٣٧

٤ ـ مارية خادمة الإمام العسكري

وعن الشيخ الطوسي ، قال : «عن نسيم وماريّة قالت : لمّا خرج صاحب الزمان من بطن اُمّه سقط جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبّابته نحو السماء ، ثمّ عطس ، فقال :الحمدلله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله عبداً داخراً ، غير مستنكف ، ولا مستكبر ، ثمّ قال :زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة ، ولو أذن لنا في الكلام لزال الشكّ» (١) .

٥ـأبو غانم الخادم ، قال : «ولد لأبي محمّدعليه‌السلام ولد فسمّاه محمّداً ، فعرضه على أصحابه يوم الثالث ، وقال :هذا صاحبكم من بعدي ، وخليفتي عليكم ،وهو القائم الذي تمتدّ إليه الإعناق بإنتظار ، فإذا امتلأت الأرض جوراً وظلماً خرج فملأها قسطاً وعدلاً »(٢) .

٦ـكامل بن إبراهيم المدني ، قال : «قلت في نفسي لمّا دخلت عليهـالإمام العسكريـأسأله عن الحديث المروي عنهعليه‌السلام :لا يدخل الجنّة إلاّ من عرف معرفتي ،وكنت جلست إلى باب عليه ستر مرخيً ، فجاءت الريح فكشفت طرفه ، فإذا أنا بفتى كأنّه فلقة قمر ، من أبناء أربع سنين أو مثلها ، فقال لي :ياكامل بن إبراهيم ، فاقشعررت من ذلك ، واُلهمت أن قلت : لبّيك يا سيّدي.

فقال :جئت إلى وليّ الله تسألة لا يدخل الجنّة إلاّ من عرف معرفتك ، وقال بمقالتك؟ قلت : إي والله.

قال :إذن والله يقلّ داخلها ، والله إنّه ليدخلها قوم يقال لهم الحقّيّة .

_________________________

(١)كتاب الغيبة / الطوسي : ١٤٧.

(٢)كمال الدين٢ / ٤٣١.

٣٨

قلت : ومن هم؟

قال :قوم من حبّهم لعليّ بن أبي طالب يحلفون بحقّه ، وما يدرون ما حقّهوفضله ، أي قوم يعرفون ما يجب عليهم معرفته جملة لا تفصيلاً من معرفة اللهورسوله والأئمّة ونحوها .

ثمّ قال :وجئت تسأل عن مقالة المفوّضة؟ كذبوا ، بل قلوبنا أوعية لمشيئة الله عزّوجلّ فإذا شاء الله تعالى شئنا ، والله يقول : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ ) (١) .

فقال لي أبو محمّدعليه‌السلام : ما جلوسك وقد أنبأك بحاجتك ، قم ، فقمت»(٢) .

٧ ـ أربعون نفراً من الوافدين

روي الشيخ الطوسي عن جعفر بن محمّد بن مالك الفزاري البزّاز ، عن جماعة من الشيعة ، منهم : عليّ بن بلال ، وأحمد بن هلال ، ومحمّد بن معاوية بن حكيم ،والحسن بن أيّوب بن نوح... قالوا جميعاً : «اجتمعنا إلى أبي محمّد الحسن بن عليّعليه‌السلام نسأله عن الحجّة من بعده ، وفي مجلسهعليه‌السلام أربعون رجلاً ، فقام إليه عثمان بن سعيد بن عمرو العمري فقال له : يابن رسول الله ، اُريد أن أسألك عن أمر أنت أعلم به منّي.

فقال: اجلس يا عثمان .

فقام مغضباً ليخرج ، فقال :لا يخرجنّ أحد .

فلم يخرج أحد إلى أن كان بعد ساعة ، فصاحعليه‌السلام بعثمان فقام على قديمه.

_________________________

(١)الإنسان (٧٦) : ٣٠.

(٢)الخرائج والجرائح : ١ / ٤٥٨.

٣٩

فقال :اُخبركم بما جئتم؟

قالوا : نعم يابن رسول الله.

قال :جئتم تسألوني عن الحجّة من بعدي .

قالو : نعم.

فإذا غلام كأنّه قطعة قمر أشبه النّاس بأبي محمّد.

فقال :هذا إمامكم من بعدي ، وخليفتي عليكم ، أطيعوه ولا تتفرّقوا من بعدي فتهلكوا في أديانكم ، ألا وإنّكم لا ترونه من بعد يومكم هذا حتّى يتمّ له عمر ، فاقبلوا من عثمان ما يقوله ، وانتهوا إلى أمره ، واقبلوا قوله ، فهو خليفة إمامكم ،والأمر إليه ...»(١) .

٨ ـ نسيم الخادم

وعنه أيضاً قال : «وروي محمّد بن يعقوب رفعه عن نسيم الخادم ( خادم أبي محمّدعليه‌السلام ) قال : دخلت على صاحب الزمان بعد مولده بعشر ليالٍ فعطست عنده ، فقال :يرحمك الله ، ففرحت بذلك ، فقال :ألا اُبشّرك في العطاس؟ هو أمانمن الموت ثلاثة أيّام »(٢) .

٩ ـ إسماعيل النوبختي

وعنه أيضاً بسنده عن إسماعيل النوبختي ، قال : «دخلت على أبي محمّد الحسن بن عليّعليه‌السلامفي المرضة التي مات فيهاـوأنا عندهـإذ قال لخادمه عقيد ، وكان أخادم نوبيّاً قد خدم من قبله عليّ بن محمّد عليه‌السلام ، وهو ربّي الحسن عليه‌السلام فقال :

_________________________

(١)كتاب الغيبة : ٢١٧.

(٢)الغيبة / الطوسي : ١٣٩.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

الثالث: في الغرقى والمهدوم عليهم

وهؤلاء يرث بعضهم بعضا اذا كان لهم، أو لاحدهم مال، وكانوا يتوارثون، واشتبه المتقدم في الموت بالمتأخر.وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الهدم والغرق تردد.

[(الثالث) الغرقى والمهدوم عليهم قال طاب ثراه: وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الغرق والهدم تردد.

أقول: الاصل انه لا يرث انسان من آخر الا مع تحقق حيات الوارث بعد الموروث.ومع حصول الشك في السبب، اي في سبب الارث، وهو حيات الوارث بعدم موت الموروث لا يخلو اما ان يكون حصول الموت عن سبب اولا عنه، وفي الثاني لا توارث بينهم اجماعا، كما لو ماتا حتف انفهما واشتبه تقدم موت احدهما على الآخر.وان كان عن سبب، فان كان غرقا او هدما توارثا اجماعا، وان كان غيرهما كالحرق والتدخين والقتل فيه مذهبان.

نص ابن حمزة(١) والتقي على التوارث(٢) كالغرق، وهو ظاهر الشيخ في النهاية(٣) وأبي علي(٤) ].

____________________

(١)الوسيلة: فصل في بيان ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ص ٤٠٠ س ١٧ قال: اذا غرق اثنان او اكثر دفعة او احترقوا، او هدم عليهم، او قتلوا إلى ان قال: والثالث: يورث كل واحد منهما من صاحبه الخ.

(٢)الكافي: الارث ص ٣٧٦ س ٩ قال: وان لم يعلم ذلك من حالهم لهدم او غرق او قتل معركة او غير ذلك ورث بعضهم من بعض.

(٣)النهاية: باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ص ٦٧٤ س ٩ قال: اذا غرق جماعة، او انهدم عليهم حائط وما اشبه ذلك.

(٤)المختلف: القول في ميراث الغرقى ص ١٩٨ س ٢٧ قال: وقال ابن الجنيد: القرابات اذا ماتوا معا إلى قوله: وهو يدل على تعميم الحكم.

٤٠١

ومع الشرائط يورث الاضعف أولا، ثم الاقوى، ولا يورث مما ورث منه.وفيه قول آخر.والتقديم على الاستحباب اشبه.فلو غرق اب وابن، ورث الاب اولا نصيبه، ثم ورث الابن من اصل تركته ابيه مما لا ورث منه، ثم يعطى نصيب كل منهما لوارثه.

[وقصره المفيد على السببين(١) واختاره فخر المحققين(٢) وتردد المصنف في كتابيه(٣)(٤) .

احتج الاولون: بان العلة الاشتباه، وهي موجودة في القتيل والحريق، ووجود العلة يستلزم وجود معلولها.واجيب بمنع علية الاشتباه مطلقا، ولم لا يجوز ان يكون الاشتباه المستند إلى احد السببين.

احتج الآخرون: بان الاصل كون الارث مشروط بحيات الوارث بعد موت المورث، وهو هنا مجهول، لا يجوز الحكم بالمشروط مع الجهل بالشرط، ترك العمل بذلك في الغرقى والمهدوم عليهم للنص والاجماع فيبقى الباقي على اصله.

قال طاب ثراه: ومع الشرائط يورث الاضعف ثم الاقوى، ولا يورث مما ورث منه، وفيه قول آخر].

____________________

(١)المقنعة: باب ميراث الغرقى ص ١٠٧ س ٣٥ قال: اذا غرق جماعة يتوارثون او انهدم عليهم جدار او وقع عليهم سقف الخ.

(٢)الايضاح: ج ٤ في ميراث الغرقى ص ٢٧٦ س ٢١ قال: واختار المصنف في المختلف الاول (اي الغرقى والمهدوم عليهم) وهو الاصح عندي.

(٣)لاحظ عبارة النافع.

(٤)الشرائع: في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم، قال: وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الهدم والغرق تردد.

٤٠٢

ولو كان لاحدهما وارث اعطى ما اجتمع لدى الوراث لهم، وما اجتمع للآخر للامام. ولو لم يكن لهما غيرهما انتقل مال كل منهما إلى الآخر، ثم منهما إلى الامام. واذا لم يكن بينهما تفاوت في الاستحقاق سقط اعتبار التقديم، كاخوين، فان كان لهما مال ولا مشارك لهما انتقل مال كل منهما إلى صاحبه ثم منهما لاى ورثتهما. وان كان لاحدهما مال صار ماله لاخيه.

[أقول: في كيفية التوريث مسألتان: (الاولى) اذا ورثنا احدهما من صاحبه، ثم اردنا توريث الآخر، فهل نورثه من تلاد ماله دون طارفه، أو منهما جميعا؟ الشيخ(١) والقديمان(٢) (٣) وابن حمزة(٤) والتقي(٥) والقاضي(٦) على الاول واختاره المصنف(٧) والعلامة(٨) ].

____________________

(١)النهاية: باب ميراث الغرقى المهدوم عليهم ص ٦٧٤ قال في ميراث الزوج والزوجة: ويورث الزوج منها حقه من نقس تركتها، لا مما ورثته إلى غير ذلك من امثلته.

(٢)و(٣) المختلف: في ميراث الغرقى، ص ١٩٨ س ٦ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: ورث بعضهم من بعض من صلب مال كل واحد منهم قبل ميراثه من صاحبه، إلى قوله: وقال ابن أبي عقيل: ولا يرثون مما يورث بعضهم بعضا شيئا.

(٤)الوسيلة: في بيان ميراث الغرقى ص ٤٠١ س ١ قال: يورث كل واحد منهما من صاحبه من نفس تركته دون ما ورثه منه.

(٥)الكافي: الارث، ص ٣٧٦ س ١٠ قال: ورث بعضهم من بعض ماكان له قبل الموت، دون ما ورثه من صاحبه.

(٦)المهذب: ج ٢ باب ميراث الغرقى ص ١٦٨ س ٧ قال: يورث بعضهم من بعض من نفس تركته لا مما يرثه من الآخر.

(٧)لاحظ ما اختاره النافع.

(٨)المختلف: في ميراث الغرقى ص ١٩٨ س ١٠ قال بعد نقل قول الشيخ ومن تبعه ثم من بعده قول المفيد: والمعتمد الاول.

٤٠٣

ومنه إلى ورثته ولم يكن للآخر شئ. ولو لم يكن لهما وارث انتقل المال إلى الامام. ولو مات حتف انفهما لم يتوارثا وكان ميراث كل منهما لوارثه.

[والمفيد(١) وتمليذه(٢) على الثاني.

احتج الاولون بوجوه:

(أ) ان ذلك يستلزم المحال، لان توريثه مما ورث منه يستدعي فرض الحياة بعد الموت وهو محال عادة.

فان قلت: هذا الاشكال وارد على كل واحد من التقديرين، لانك تفرض موت احدهما وتورث الآخر منه، ثم تفرض موت الثاني وتورث منه من فرضت موته اولا، فقد لزم منه فرض الحياة بعد الموت، هذا محال.

اجبت: بالفرق بين التقديرين، وذلك ظاهر، لانا اذا فرضنا موت احدهما وحياة الآخر بعده وورثنا الآخر منه، قطعنا النظر عن هذا الفرض، ثم نفرض موت الآخر وحياة الاول كأنا لم نفرض موت الاول ولم نجعل للثاني منه ميراثا، بخلاف ما اذا ورثنا الاول من الثاني مما كان قد ورثه الثاني من الاول، فانه يلزم فرض موت الاول وحياته في حالة واحدة وهو محال.

(ب) صحيحة عبدالرحمان بن الحجاج عن الصادقعليه‌السلام في اخوين ماتا لاحدهما مائة ألف درهم، والآخر ليس له شئ، ركبا في السفينة فغرقا، فلم يدر ايهما مات اولا، فان الميراث لورثة الذي ليس له شئ وليس لورثة الذي له]

____________________

(١)المقنعة: باب ميراث الغرقى ص ١٠٧ س ٢ قال في مفروض غرق الاب والابن: فيورث منه ما كان ورثه من جهته وما كان يملكه سوى ذلك إلى وقت وفاته.

(٢)المراسم: ذكر ميراث الغرقى ص ٢٢٥ س ١٦ قال في مفروض غرق الاب والابن: فيرث كل ماله وما ورثه منه.

٤٠٤

[المال الشئ(١) .

(ج) ما رواه حمران بن اعين عمن ذكره عن امير المؤمنينعليه‌السلام في قوم غرقوا جميعا أهل البيت، قال: يورث هؤلاء من هؤلاء، وهؤلاء من هؤلاء، ولا يورث هؤلاء مما ورثوا من هؤلاء شيئا، ولا يورث هؤلاء ما ورثوا من هؤلاء شيئا(٢) .

(د) لو ورث مما ورث منه صاحبه لم ينقطع القسمة أبدا قاله في المبسوط(٣) .

(ه‍) تخيير الحاكم في تكثير نصيب ورثة احد الميتين، فان من قدمه في التوريث له دخل النقص على ورثته، اللهم الا ان يقال بوجوب تقديم الاضعف، ولا يتم في مثل الاخوين.

احتج الآخرون بوجوب تقديم الاضعف في التوريث، فلولا القول بوجوب التوارث مما ورث من صاحبه لم يكن للتقديم مزية.

واجبت: بان عدم العلم بالفائدة لا يستلزم عدمها، فان اكثر علل الشرع، والمصالح المعتبرة في نظره، خفية عنا، تعجز عقولنا عن ادراكها، والواجب اتباع النص من غير نظر إلى علة محصلة، مع انا نمنع وجوب التقديم، بل هو على الاستحباب، ثم لا يطرد هذا التعليل فيما اذا كانا متساويين كالاخوين.

(الثانية) هل يجب تقديم الاكثر نصيبا في الموت وتوريث الاضعف منه، ام]

____________________

(١)التهذيب: ج ٩(٣٦) باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم في وقت واحد ص ٣٦٠ قطعة من حديث ٦ وفي معناه حديث ٧.

(٢)التهذيب: ج ٩(٣٦) باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم في وقت واحد ص ٣٦٢ الحديث ١٤.

(٣)المبسوط: ج ٤ فصل في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ص ١١٨ س ٥ قال: ورث بعضهم من بعض من نفس التركة لا مما يرثه من الآخر، لانا ان ورثناه مما يرثه منه لما انفصلت القسمة ابدا.

٤٠٥

[لا؟، الاول اختيار المفيد(١) وسلار(٢) وابن ادريس(٣) وظاهر كلام الشيخ في النهاية(٤) والصدوقين(٥) (٦) .

وفي المبسوط: لا يتغير به حكم غير انا نتبع الاثر في ذلك(٧) .

والثاني مذهب الشيخ في الخلاف(٨) والايجاز(٩) وهو ظاهر التقي(١٠) وابن]

____________________

(١)المقنعة: باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ص ١٠٦ س ٣٦ قال: فيقدم اضعفهم سهما في التوريث ويؤخر اوفرهم سهما فيه.

(٢)المراسم: ذكر ميراث الغرقى ومن انهدم عليه ص ٢٢٥ س ١٤ قال: بان يقدم اضعفهم سهما ويؤخر اقواهم سهما.

(٣)السرائر: كتاب الميراث ص ٤١٢ س ١٥ قال: وروي اصحابنا انه يقدم اضعفهم نصيبا في الاستحقاق ويؤخر الاقوى.

(٤)النهاية: باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ص ٦٧٤ س ١٢ قال: يقدم الاضعف في استحقاق الميراث ويؤخر الاقوى.

(٥)المقنع: باب المواريث ص ١٧٨ س ٦ قال: واذ غرق رجل وامرأة إلى قوله: يورث المرأة من الرجل ثم يورث الرجل من المرأة، إلى ورث الاب من الابن ثم ورث الابن من الاب الخ ففي الامثلة قدم الاضعف كما ترى.

(٦)كشف الرموز: ج ٢ في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ص ٤٧٩ س ١ قال: وهكذا يظهر من كلام ابني بابويه (اي وجوب تقديم الاضعف).

(٧)المبسوط: ج ٤ فصل في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ص ١١٨ س ٧ قال: وقد روى اصحابنا إلى قوله: وهذا مما لا يتغير به حكم الخ.

(٨)كتاب الخلاف: كتاب الفرائض مسألة ٢٣ قال: المهدوم عليهم والغرقى إلى قوله: فانه يورث بعضهم من بعض الخ فانه لم يطلق ولم يتعرض لتقديم الاضعف.

(٩)الايجاز: في ضمن الرسائل العشر، فصل في ذكر ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ص ٤٧٩ س ٥ قال: وايهما قدمت كان جائزا لا يختلف الحال فيه.

(١٠)الكافي: الارث ص ٣٧٦ س ١٠ قال: ورث بعضهم من بعض إلى قوله: والاولى تقديم الاضعف في التوريث.

٤٠٦

الرابع: في ميراث المجوس

وقد اختلف الاصحاب فيه: فالمحكي عن يونس: انه لا يورثهم الا بالصحيح من النسب والسبب.

وعن الفضل بن شاذان: انه يورثهم بالنسب صحيحه وفاسده، والسبب الصحيح خاصة، وتابعه المفيدرحمه‌الله .

[زهرة(١) والكيدري(٢) واختاره المصنف(٣) والعلامة(٤) .

احتج الاولون: برواية عبيد بن زرارة قال: سألت الباقرعليه‌السلام عن رجل سقط عليه وعلى امرأته بيت فقال: تورث المرأة من الرجل ثم الرجل من المرأة(٥) وبانه احوط.

احتج الآخرون: باصالة براء‌ة الذمة، ولا ثمرة في تحقيقه الا على قول المفيد.

(الرابع) في ميراث المجوس قال طاب ثراه: وقد اختلف الاصحاب فيه إلى آخره].

____________________

(١)الغنية (في ضمن الجوامع الفقهية) في احكام الميراث ص ٦٠٨ س ٣١ قال: وايهما قدم في التوريث جاز، وروى ان الاولى تقديم الاضعف.

(٢)مفتاح الكرامة: ج ٨ كتاب الفرئض ص ٢٦٣ س ١٨ قال: وهو (اي عدم الوجوب) المحكي عن الايجاز والاصباح وعن القطب علي بن مسعود.

(٣)الشرائع: الفصل الثالث في ميراث الغرقى والمهدوم عليهم قال: وفي وجوب تقديم الاضعف في التوريث تردد.

(٤)المختلف: ج ٢ في ميراث الغرقى ص ١٩٨ س ١٩ قال: وقال في الايجاز انه غير واجب وهو المعتمد.

(٥)التهذيب: ج ٩(٣٦) باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم ص ٣٥٩ الحديث ١ وفيه قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام .

٤٠٧

وقال الشيخ: يورثون بالصحيح والفاسد فيهما. واختيار الفضل أشبه. ولو خلف اما هي زوجة، فلها نصيب الام دون الزوجة.

[أقول: المجوسي قد ينكح المحرمات لشبهة دينه، وهو من المحرف في مذهبهم، فيحصل له نسب صحيح وفاسد وسبب صححيح وفاسد، كما لو تزوج بامه فاولد منها بنتا، فنسب البنت فاسد، وسبب الام فاسد. فهل يقع التوريث بينهم بالصحيح والفاسد منهما؟ او لا يقع الا بالصحيح منهما؟ او بصحيح النسب وفاسده؟ دون فاسد السبب؟ والرابع باطل بالاجماع، فالاقوال اذن ثلاثة: (الاول) مذهب الشيخرحمه‌الله : اعني توريثه بالصحيح والفاسد منهما قاله في النهاية(١) وتبعه القاضي(٢) والتقي(٣) وسلار(٤) وابن حمزة(٥) .

والدليل وجوه:]

____________________

(١)النهاية: باب ميراث المجوس، وسائر اصناف الكافر ص ٦٨٣ س ١٤ قال: وقال قوم: انهم يورثون من الجهتين معا، إلى قوله: هذا القول عندي هو المعتمد عليه.

(٢)المهذب: ج ٢ باب ميراث المجوس ص ١٧٠ س ١٢ قال: المجوس يرثون بالانساب والاسباب صحيحة كانت او غير صحيحة.

(٣)الكافي ٦ الارث ص ٣٧٦ س ١٨ قال: واهل الملل المختلفة في الكفر.. ورثوا على الانساب والاسباب الثابتة في ملة الاسلام إلى ان قال: او مجوسيان تحاكما الينا احدهما ابن وزوج لمورثه والآخر أب واخ فالحكم ان يبطل ميراث الابوة والخوة، لان الاب هنا تزوج بامه الخ.

ولا يخفى ان هذا مخالف لما ادعاه المصنف، فافهم.

(٤)المراسم: ذكر ميراث المجوسي ص ٢٢٤ س ٨ قال: اي مجوسي ترك امه وهي زوجته، فانها ترث من وجهين.

(٥)الوسيلة: فصل في بيان ميراث المجوس ص ٤٠٣ س ٧ قال: احدها انها ترث بكل نسب وسبب صحيحين او فاسدين إلى ان قال: ونحن نقول بالقول الاول.

٤٠٨

[(أ) انهم يقرون على معتقدهم.

(ب) ماروي ان رجلا سب مجوسيا بحضرة الصادقعليه‌السلام ، فزبره ونهاه، فقال: انه تزوج بامه، فقال: اما علمت ان ذلك عندهم النكاح(١) .

(ج) ماروي عنهعليه‌السلام : كل قوم دانوا بشئ يلزمهم حكمه(٢) .

(د) روى المغيرة عن السكوني عن جعفر، عن أبيه عن عليعليهم‌السلام : انه كان يورث المجوسي اذا تزوج بامه من وجهين: من وجه انها امه، ومن وجه انها زوجته(٣) .

(الثاني) مذهب يونس بن عبدالرحمان.

كان في زمان الصادقعليه‌السلام ، له مصنفات كثيرة قريب اربعمائة مصنف، وهو عدم توريثه الا بالصحيح منها.

والدليل قوله تعالى: " فان جاؤك فاحكم بينهم او اعرض عنهم وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط "(٤) ولا شئ من الفاسد بقسط.

" وقل الحق من ربكم "(٥) " وان احكم بينهم بما انزل الله "(٦) .

واختاره التقي(٧) وابن ادريس(٨) ونقله المفيد في كتاب الاعلام(٩) ]

____________________

(١)التهذيب: ج ٩(٣٧) باب ميراث المجوس ص ٣٦٥ الحديث ٢.

(٢)التهذيب: ج ٩(٣٧) باب ميراث المجوس ص ٣٦٥ الحديث ٣.

(٣)التهذيب: ج ٩(٣٧) باب ميراث المجوس ص ٣٦٤ الحديث ١.

(٤)المائدة: ٤٢.

(٥)الكهف: ٢٩.

(٦)المائدة: ٤٩.

(٧)الكافي: الارث ص ٣٧٦ س ١٨ قال: واهل الملل المختلفة في الكفر إلى قوله: ورثوا على الانساب والاسباب الثابتة في ملة الاسلام الخ.

(٨)السرائر: في ميراث المجوس ص ٤٠٩ س ٩ قال بعد نقل قول المفيد كتاب الاعلام: والى هذا القول اذهب وعليه اعتمد وبه افتى.

(٩)الاعلام: في ضمن عدة رسائل ص ٣٤١ س ١٥ قال: فان ميراث المجوس عند جمهور الامامية يكون من جهة النسب الصحيح الخ.

٤٠٩

ولو خلف جدة هي اخت ورثت بهما. ولا كذا لو خلف بنتا هي اخت، لانه لا ميراث للاخت مع البنت.

[والسيد في الموصليات الثانية(١) .

(الثالث) مذهب الفضل بن شاذان، وهو توريثه بالنسب مطلقا، وبالسبب الصحيح خاصة(٢) واختاره المصنف ونقله عن المفيد(٣) وهو مذهب العلامة(٤) وظاهر الحسن(٥) والصدوق(٦) .

والدليل: انه من الانساب الحاصلة عن نكاح فاسد عندنا صحيح عندهم، وقد اقرهم الشارع عليه، فلا اقل من ان يكون شبهة، والمسلم يرث به فالمجوسي اولى. واما السبب الفاسد فيلغى في شرع الاسلام، فلا يوجب ارثا.

قال طاب ثراه: ولو خلف جدة هي اخت ورثت بهما، ولا كذا لو خلف بنتا هى اخت لانه لا ميراث للاخت مع البنت.

أقول: هذا تفريع على توريثه بالنسب الفاسد.

فنقول: اذا اجتمع للوارث سببان يستحق بهما الارث، فان لم يمنع احدهما]

____________________

(١)رسائل الشريف المرتضى: ج ١ جوابات المسائل الموصليات الثالثة ص ٢٦٦ المسألة التاسعة والمائة، قال: وان ميراث المحوس عن جهة النسب الصحيح دون النكاح الفاسد.

(٢)التهذيب: ج ٩(٣٧) باب ميراث المجوس ص ٣٦٤ س ١٠ قال: وقال الفضل بن شاذان الخ.

(٣)لاحظ عبارة النافع.

(٤)القواعد: ج ٢، الفصل الرابع في ميراث المجوس ص ١٩٠ س ٢٢ قال: وقيل: يورثون بالانساب الصحيحة والفاسدة والاسباب الصحيحة خاصة، وهو الاقرب.

(٥)المختلف: ج ٢، القول في ميراث المجوس ص ١٩٦ س ٨ قال: وقال ابن عقيل: والمجوس عند آل الرسولعليهم‌السلام يورثون بالنسب، ولا يورثون بالنكاح.

(٦)الفقيه: ج ٤(١٧٤) باب ميراث المجوس ص ٢٤٨ قال: المجوس يرثون بالنسب ولا يرثون بالنكاح الفاسد الخ.

وفي المقنع: باب المواريث ص ١٧٩ س ٤ قال: واما مواريث اهل الكتاب والمجوس: فانهم يورثون من جهة القرابة ويبطل ماسوى ذلك من ولادتهم.

٤١٠

خاتمة في حساب الفرائض

مخارج الفروض ستة. ونعني بالمخرج اقل عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا. فالنصف من اثنين. والربع من اربعة. والثمن من ثمانية، والثلثان والثلث من ثلاثة، والسدس من ستة.

[الآخر ورث بهما، كجدة هي اخته.

وتصويره: مجوسي تزوج بنت بنته، فاولد منها ولدا، فالبنت الاولى جدته لامه، وهي اخته لابيه. وان منع احدهما الآخر ورث بالمانع. وفيه مسائل:

(أ) بنت هي بنت بنت، وتصويره ظاهر، فيكون لها نصيب البنت دون بنت البنت.

(ب) عمة هي اخت من أب، لها ميراث الاخت دون العمة.

وتصويره: مجوسي تزوج بامه، فاولد منها بنتا وله ولد، فالبنت اخت هذا الولد لابيه، وعمته أيضا لانها اخت أبيه.

(ج) عمته هي اخت من ام: كما لو تزوج جده بامه فاولد منها بنتا، فهي عمتها لكونها اخت ابيه، واخته لانها من امه.

(د) عمته هي بنت عمه: وتصويره: مجوسي تزوج ببنته فاولد منها بنتا وله ولد، فهي اخته وبنت اخته، فلو كان لهذا الولد ابن لكانت عمته وبنت عمته.

(ه‍) بنت بنت وهي بنت أخت: وتصويره: مجوسي تزوج بامه فاولدها بنتا،

٤١١

والفريضة اما بقدر السهام، او اقل او اكثر.

فما كان بقدرها: فان انقسم من غير كسر، والا فاضرب عدد من انكسر عليهم في اصل الفريضة، مثل ابوين وخمس بنات، تنكسر الاربعة على الخمسة فتضرب خمسة في اصل الفريضة، فما اجتمع فمنه الفريضة، لانه لا وفق بين نصيبهن وعددهن. ولو كان وفق ضربت الوفق من العدد، لا من النصيب في اصل الفريضة مثل ابوين وست بنات، للبنات اربعة. بين نصيبهن وهو اربعة وعددهن وهو ستة وفق، وهو النصف، فيضرب الوفق من العدد وهو ثلاثة في اصل الفريضة وهو ستة، فما اجتمع صحت منه. ولو نقصت الفريضة بدخول الزوج او الزوجة، فلا عول، ويدخل النقص على البنت او البنات، او من يتقرب بالاب والام، او الاب، مثل: ابوين وزوج وبنت، فللابوين السدسان وللزوج الربع والباقي للبنت. وكذا الابوان او احدهما وبنت او بنات وزوج، النقص يدخل على البنت او البنات، واثنان من ولد الام، والاختان للاب والام، او للاب مع زوج او زوجة، يدخل النقص على من يتقرب بالاب والام، او الاب خاصة.

[ثم تزوج البنت فاولدها بنتا، فالبنت الثانية بنت بنته، وهي بنت اخته لان البنت الاولى اخته لامه.

(و) جدة لاب هي اخت لام، وتصويره: مجوسي تزوج بام امه فاولد منها ولدا، فام الاب اخت هذا الولد لكونها بنت امه، وجدته لكونها ام أبيه.

٤١٢

ثم ان انقسمت الفريضة على صحة، والا ضربت سهام من انكسر عليهم في اصل الفريضة. ولو زادت الفريضة كان الرد على ذوي السهام دون غيرهم. ولا تعصيب. ولا يرد على الزوج والزوجة، ولا على الام مع وجود من يحجبها، مثل ابوين وبنت، فاذا لم يكن حاجب فالرد اخماسا. وان كان حاجب فالرد ارباعا، تضرب مخرج سهام الرد في اصل الفريضة، فما اجتمع صحت منه الفريضة.

تتمة في المناسخات

ونعني به ان يموت الانسان فلا تقسم تركته، ثم يموت احد وراثه، ويتعلق الغرض بقسمة الفريضتين من اصل واحد. فان اختلف الوارث، او الاستحقاق، او هما ونهض نصيب الثاني بالقسمة على وراثه، والا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الاولى، ان كان بين الفريضتين وفق. وان لم يكن فاضرب الفريضة الثانية في الاولى فما بلغ صحت منه الفريضتان.

[قال طاب ثراه: تتمة في المناسخات إلى آخره.

أقول: اشتقاق المناسخات من النصخ، وهو في اللغة النقل والتحويل(١) تقول: نسخت الكتاب اذا نقلته، ونسخت الشمس الظل اذا حولته].

____________________

(١)مصباح المنير: ص ٨٢٧ لغة (نسخت).

٤١٣

[وعند الفقهاء: معنى المناسخات ان يموت انسان فلا تقسم تركته، ثم يموت بعض وراثه، ويتعلق الغرض بقسمة الفريضتين من اصل واحد، اي نفرض التركة اصلا واحدا اذا قسم على ورثة الاول كان الحاصل للميت الثاني من ذلك الاصل منقسما على ورثته من غير كسر.

فاما ان يختلف الوارث او الاستحقاق، أو هما، او يتحدان، وينهض نصيب الثاني بالقسمة على ورثته او لا ينهض، واذا لم ينهض فاما ان يكون بين نصيب ميت الثاني وفريضته وفق او لا يكون.

فهنا ثلاثة فصول:

(الفصل الاول) ان ينهض النصيب بالقسمة على تقدير الاقسام الاربعة:

(أ) اتحاد الوارث والاستحقاق، كاخوة ثلاثة، ثم مات اخ ثم مات آخر وبقي أخ، فالمال له، فوارث الثاني بعينه هو الوارث الاول، والاستحقاق في الصورتين بالاخوة.

(ب) اختلافهما كاخوين مات أحدهما ثم مات الآخر عن ابن، فالمال له، فوارث الثاني غير الاول والاستحقاق في الاولى كان بالاخوة وفي الثانية بالبنوة.

(ج) اختلاف الوارث خاصة كانسان مات عن ولدين، ثم مات احدهما عن ابن، فله ما كان لابيه، فوارث الثاني غير وارث الاول، والاستحقاق في كل من الفريضتين بالبنوة.

(د) اختلاف الاستحقاق خاصة كانسان مات وترك زوجه وابنا، ثم تموت الزوجة عن هذا الابن، فله ثمنها، فوارث الثاني هو بعينه وارث الاول، والاستحقاق في الاول كان بالزوجية وفي الثاني بالبنوة.

وفي هذه الصور الاربعة نصيب الثاني من الفريضة الاولى ناهض بالقسمة على ورثته من غير كسر على ما مثلناه.

٤١٤

[(الفصل الثاني) ان لا ينهض ويكون بين نصيب الثاني وفريضته وفق، فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الاولى.

مثاله: زوج واخوان من ام ومثلهما من اب، ثم يموت الزوج ويترك ابنا وبنتين، فالفريضة الاولى من ستة، للزوج ثلاثة، ولاخوي الام سهمان، ولاخوي الاب سهم، لا ينقسم عليهما، فينكسر في مخرج النصف، هو اثنان فتضربه في الفريضة الاولى تبلغ اثنا عشر، نصيب الزوج منها ستة وفريضته أربعة لا ينقسم على صحة، لكن توافقها بالنصف، فتضرب النصف من الفريضة الثانية وهي أربعة في الفريضة الاولى وهي اثنى عشر، واليه اشار بقوله: (فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الاولى) تبلغ اربعة وعشرين، فيكون للزوج اثنى عشر وفي فريضته اربعة، فيأخذ الابن ستة وكل من البنتين ثلاثة.

(الفصل الثالث) ان لا يكون بين فريضة الثاني ونصيبه وفق، كزوج واخ للاب واخوين للام، ثم يموت الزوج عن ابنين وبنت، فالفريضة الاولى من ستة، نصيب الثاني منها ثلاثة وفريضة خمسة، ولا توافق بينهما فاضرب الفريضة الثانية اعني خمسة في الفريضة الاولى وهي ستة، تبلغ ثلاثين، وكل من كان له شئ أخذه مضروبا في خمسة، فللزوج خمسة عشر، ولكل من الابنين ستة، وللبنت ثلاثة.

وقوله: (ان نهض نصيب الثاني بالقسمة، والا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الاولى ان كان بين الفريضتين وفق) وفيه اغفال، ولعله سهو القلم، والصواب ان يقال: ان كان بين نصيب الميت الثاني وفريضته، لان اعتبار الوفق وعدمه انما هو بين نصيب الميت الثاني وفريضته كما صورناه، لا بين فريضة الاول والثاني.

خاتمة في تحقيق فقه المواريث اعلم: ان مراتب الانسان ثلاثة.

٤١٥

[لان الوارث ان تقرب إلى الميت بغير واسطة، فهو المرتبة الاولى، وهم الاباء والاولاد.

والمراد بالجمع في الآباء هنا، ما فوق الواحد، لا الجمع الحقيقي الذي اقله ثلاثة، لان غاية الاجتماع حصول الطرفين، وهما الاب والام، ولو حصلت الواسطة في الاباء صار جدا وخرج عن الاستحقاق وصار في المرتبة الثانية.

واما تعدد الواسطة في الاولاد بالتسافل، فلا يخرجهم عن كونهم من المرتبة الاولى، لكن لو اجتمعوا بطونا متنازلة فالادنى إلى الميت يمنع الابعد، فبنت البنت اولى من ابن ابن الابن، ويقاسمون الابوين وان نزلوا، كما يحجبون الزوج والزوجة من النصيب الاعلى. وان تقرب إلى الميت بواسطة فهو المرتبة الثانية، وهم الاخوة والاجداد، لان كل واحد من هاتين الطبقتين يتقرب إلى الميت بواسطة واحدة، هي الاب او الام. ولو تصاعدت هذه الواسطة في الاجداد، او تنازلت في الاخوة كان الاقرب من كل طبقة اولى من الابعد منها، لا من الطبقة الاخرى، فالجد البعيد لا يمنعه الاخ القريب، وكذلك الجد وان قرب يقاسمه اولاد الاخوة وان نزلوا، وقد بينا ما يتفرع على هذه القواعد في تحقيق الاجداد.

وان تقرب إلى الميت بواسطتين، فهو المرتبة الثالثة، وهم الاعمام والاخوال، لانهم يتقربون إلى الميت بواسطة الاب والجد، لانهم اولاد الاجداد.

وهاتان الطبقتان طبقة واحدة لا يختلف حكمهما، فالادنى إلى الميت منهما يمنع الابعد من الطبقة الاخرى(١) فالخالة تمنع ابن العم وكذا اذا اجتمعوا بطونا نازلة فالادنى إلى الميت يمنع الابعد فبنت الخالة تمنع ابن ابن العم، وهكذ الا في المسألة الاجماعية]

____________________

(١)في ل: " من طبقته ومن الطبقة الاخرى ".

٤١٦

[وقد مر تحقيقها.

هنا مسائل (الاولى) اذا اجتمع الاخوة المتفرقون كان للواحد من كلالة الام السدس، وللاثنين فصاعدا الثلث ذكرانا كانوا او اناثا، للذكر مثل الانثى، والباقي لكلالة الابوين، وسقط المتقرب بالاب وحده، ولو عدم المتقرب بالابوين قام مقامهم كلالة الاب في كل الاحكام الا في اختصاصهم بالرد اذا ابقت الفريضة، فان فيه خلافا مر تحقيقه.

ولو شاركهم زوج او زوجة: أخذ كلالة الام نصيبهم موفرا من اصل التركة كما لو لم يكن زوج، وكان النقص داخلا على كلالة الاب، كان الزايد لهم.

(الثانية) لو عدم الاخوة قام اولادهم مقامهم كما يقوم جد الاب مقام الجد مع عدمه، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به، فلاولاد الواحد من ولد الام السدس وان كانوا جماعة، ولاولاد الابنين فما زاد الثلث، ويأخذ كل نصيب من يتقرب به، فلو كانا اخوين وكان لاحدهما عشرة اولاد، وللآخر بنتا واحدة، اخذ العشرة السدس نصيب ابيهم، والسدس الآخر للبنت نصيب ابيها، ولاولاد أخوة الابوين الباقي، ويأخذ كل نصيب من يمت به.

فلو اتحد ولد احدهما وتعدد الآخر بان كانا اخوين وترك احدهما جماعة والآخر واحدا، أخذ الجماعة مثل الواحد، لانهم لا يأخذون ذلك تلقيا عن الميت، بل عن مورثهم، ويسقط اولاد المتقرب بالاب وحده مع المتقرب بالابوين، ويقومون مقامهم عند عدمهم، وفي الرد الخلاف.

(الثالثة) لو اجتمع الاعمام والاخوال، كان للاخوال الثلث وان كان واحدا، وللاعمام الثلثين وان كان عمة واحدة، ولو اجتمع الاخوال وتفرقوا، فلمن تقرب

٤١٧

[بالام سدس الثلث ان كان واحدا وثلث الثلث ان كانوا اكثر، والباقي للاخوال من الابوين، وسقط المتقرب بالاب وحده الا مع عدم المتقرب بالابوين، وقسمة الاخوال بالسوية للام كانوا ام للاب، وللاعمام ثلثا التركة، فان تفرقوا كان لمن تقرب بالام منهم سدس ماحصل للاعمام ان كان واحدا، او ثلثه ان كانوا اكثر، فالقسمة بالسوية على قول الشيخ، واثلاثا على القول الاضعف، وسقط المتقرب بالاب وحده الا مع عدم المتقرب بالابوين فيقومون مقامهم.

ولو دخل عليهم زوج او زوجة، كان للخال ثلث الاصل، وللزوج او الزوجة نصيبهما الاعلى، ودخل النقص على الاعمام، فقد يكون للعم سدس السدس كما في هذه الصورة، وقد يكون له سدس الاصل كما لو انفرد الاعمام.

(الرابعة) لو عدم العمومة والعمات والخؤلة والخالات قام اولادهم مقامهم وان نزلوا.

ولو اجتمعوا بطونا متنازلة فالاقرب إلى الميت اولى من الابعد، ويأخذ كل فريق نصيب من يتقرب به، فيرثون الميت تلقيا عمن تقربوا به، فيأخذون ما كان نصيبه، فاولاد الواحد من كلالة الام، يأخذون السدس، وان كانوا جماعة للذكر مثل حظ الانثى، واولاد عم الابوين يأخذون الثلثين، ويقوم مقامهم عند عدمهم اولاد الاعمام للاب وحده.

واولاد الاعمام والاخوال للميت وان نزلوا اولى من عمومة الاب وعماته وخؤلته وخالاته، فإن عدم اولاد الاعمام ومشاركوهم وان نزلوا كان الميراث لعمومة الاب وعماته وخؤلته وخالاته، وبعدهم لاولادهم واولاد أولادهم، ويأخذ كل نصيب من يتقرب به، ويجري السياقة فيهم كما تقدم في عمومة الميت.

فان عدم الجميع كان الميراث لعمومة الجد وبعدهم لاولادهم وان سفلوا، ثم ينتقل إلى عمومة جد الجد وهكذا، ولو تفرقوا جرت السياقة فيهم كما تقدم.

٤١٨

كتاب القضاء

(مقدمات)

(الاولى) القضاء ولاية الحكم شرعا لمن له الفتوى بجزئيات القوانين الشرعية، على اشخاص معينة بشرية، متعلقة باثبات الحقوق، واستيفائها. وله مبدأ، وغاية، وخاصة. فمبدأه الرئاسة العامة في امور الدين والدنيا. وغايته قطع المنازعة بين الخصوم. وخواصه عدم نقضه باجتهاد، وصيرورته اصلا لقضية(١) غيره من القضاة وان خالف اجتهاده، لا دليلا قطعيا. ويلزم المشهود عليه والشهود، ومن ثم عزم الشاهد برجوعه.

(الثانية) القضاء من مهمات نظام النوع واسنى المطالب الدينية.

والاصل فيه: الكتاب، والسنة، والاجماع.

اما الكتاب: فقوله تعالى: " واذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الارض خليفة "(٢) " ياداود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق "(٣) " انا انزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما اراك الله "(٤) " وان احكم بينهم بما انزل الله "(٥) إلى غير ذلك من الآيات الدالة على مشروعية القضاء.

وأما السنة: فكقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : اذا جلس القاضي في مجلسه

____________________

(١)في ل: " لنصبه ".

(٢)البقرة: ٣٠.

(٣)ص: ٢٦.

(٤)النساء: ١٠٥.

(٥)المائدة: ٤٩.

٤١٩

[هبط عليه ملكان يسددانه ويرشدانه ويوفقانه، فاذا جار عرجا وتركاه(١) ونصبصلى‌الله‌عليه‌وآله قضاة، قال عليعليه‌السلام : بعثني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اليمن قاضيا(٢) وبعث عليعليه‌السلام عبدالله بن العباس قاضيا إلى البصرة(٣) . اجمعت الامة على تسويغه.

(الثالثة) القضاء من فروض الكفايات، اذا قام به البعض سقط عن الباقين، وقد يتعين اذا عينه الامام، او لم يوجد غيره فانه يجب عليه ان يعرف نفسه اذا لم يعرفه الامام.

ومع عدم وجوبه: يستحب توليه من قبل العادل الواثق بالقيام. وهو من أفضل الاعمال. أما اولا فلانه من المناصب الدينية وصناعة الانبياء. وأما ثانيا فلتعدى نفعه. واما ثالثا فلما فيه من تجشم المشاق العظيمة، وقالعليه‌السلام : أجرك على قدر نصبك(٤) .

وروى عن ابن مسعود انه قال: لئن أجلس يوما فاقضي بين الناس احب الي من عبادة سنة(٥) ].

____________________

(١)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥١٥ الحديث ١ ولاحظ ماعلق عليه ولا تغفل، وفي المبسوط: ج ٨ تاب آداب القضاء ص ٨٣ وفيه (فان عدل اقاما).

(٢)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥١٥ الحديث ٢ ولاحظ ماعلق عليه.

(٣)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥١٥ الحديث ٣ ولاحظ ما علق عليه.

(٤)تلخيص التحبير لابن حجر العسقلاني: ج ٢ ص ١٧٧ الحديث ٢٠٦٣، ولفظه (قال: اشتهر ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعائشة: اجرك على قدر نصبك).

(٥)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥١٥ الحديث ٤ ولاحظ ماعلق عليه ورواه الشيخ في المبسوط: ج ٨ كتاب آداب القضاء ص ٨٢ س ٢.

٤٢٠

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553