المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٥

المهذب البارع في شرح المختصر النافع13%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 430

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 52692 / تحميل: 7780
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

وقوله تعالى على لسان إبراهيم: ( رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ... رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء ) (1) ، وقال تعالى على لسان إبراهيم وإسماعيل: ( رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ ) (2) .

فهذه الصيغة الواردة في موثّقة أبي بصير - وغيرها من الصلاة على آل محمد - صيغة نَعت وإقرار لهم بالولاية والسؤدد والخيريّة على البريّة، فهي قريبة من أحد الصيغ التي ذكرها الصدوق في الفقيه للشهادة الثالثة وهي: (آل محمّد خير البريّة)، وكذلك قريبة من الصيغة التي أوردها السيّد المرتضى في مسائله المبافارقيات (محمّد وعلي خير البشر).

* السابعة: الفتوى بالشهادة الثالثة بعد تكبيرة الإحرام

الفتوى بالشهادة الثالثة في دعاء التوجّه إلى الصلاة، والذي يؤتى به بعد تكبيرة الإحرام.

منها: فتوى الشيخ الطوسي في كتاب الاقتصاد، قال في فصل فيما يقارن حال الصلاة: (أوّل ما يجب من أفعال الصلاة المقارنة لها النيّة،... ويستفتح الصلاة بقوله: (الله أكبر)،... فإن أراد السنّة في الفضيلة كبّر ثلاث مرات...

____________________

(1) إبراهيم: 37، 4.

(2) البقرة: 128.

٦١

ثُمّ يكبّر تكبيرتين أخريين مثلما قدّمناه ويقول،... ثُمّ يكبّر تكبيرتين أخريين ويقول بعدهما: (وجّهتُ وجهي للذي فطرَ السماوات والأرض على ملّة إبراهيم ودين محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وولاية أمير المؤمنين وما أنا من المشركين، قل إنّ صلاتي ونُسكي ومحياي لله ربّ العالمين لا شريك له، وبذلك أُمرتُ وأنا من المسلمين) (1) ، وقريب منه ما جاء في كتاب النهاية (2) .

ومنها: فتوى الحَلَبي في الكافي

قال في الكافي: (فأمّا التوجّه فهو ما يُفتتح به الصلاة من التكبير والدعاء وصفته: أن يقول المتوجّه بعد الفراغ من الإقامة ويداه مبسوطتان تجاه وجهه: اللهمّ إنّي أتوجّه إليك وأتقرّب إليك بمَن أوجبتَ حقّهم عليَّ، آدم، ومحمّد، ومَن بينهما من النبيّين، والأوصياء، والحجج، والشهداء، والصالحين، وآل محمّد المصطفى، علي، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجّة بن الحسن، اللهمّ فصلِّ عليهم أجمعين، واجعلني بهم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين، اللهمّ اجعل صلاتي بهم مقبولة، وعملي بهم مبروراً، وذنبي بهم مغفوراً، وعيبي بهم مستوراً، ودعائي بهم مستجاباً مَننتَ اللهمّ عليَّ بمعرفتهم، فاختِم لي بطاعتهم وولايتهم، واحشرني عليها وجازني على ذلك الفوز بالجنة، والنجاة من النار برحمتك يا أرحم الراحمين، ثُمّ يكبّر ثلاث تكبيرات،... ثُمّ يكبّر تكبيرتين ويدعو بعدهما،... ثُمّ يكبّر تكبيرة، ثُمّ ينوي الصلاة ويكبّر تكبيرة الافتتاح مصاحبة للنيّة ويقول بعدها:

____________________

(1) الاقتصاد: ص26 - 261، منشورات جامع جهلستون.

(2) النهاية: ج1، ص294.

٦٢

وجّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً على ملّة إبراهيم، ودين محمّد، وولاية أمير المؤمنين والأئمّة من ذريتهم الطاهرين.... (1).

منها: فتوى الشيخ المفيد

قال في المقنعة في باب كيفيّة الصلاة وصفتها: وليستفتح الصلاة بالتكبير فيقول: (الله أكبر ويرفع يديه مع تكبيرة،.... ويكبّر تكبيرة أخرى كالأولى و....، ويكبّر ثالثة،... ثُمّ يكبّر تكبيرة رابعة،... ثُمّ يكبّر تكبيرتين أخريين، إحداهما بعد الأخرى، كما قدّمنا ذكره ويقول: (وجّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً على ملّة إبراهيم، ودين محمد، وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وما أنا من المشركين،... أعوذُ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم (بسم الله الرحمن الرحيم ثُمّ يقرأ الحمد...)) (2) .

منها: فتوى الشيخ الصدوق في كتابه المقنع في أبواب الصلاة قال: (ثُمّ كبِّر تكبيرتين وقل: وجّهتُ وجهي للذي فطرَ السماوات والأرض، عالِم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم على ملّة إبراهيم، ودين محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وولاية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب حنيفاً مسلماً،... (3).

ومنها: فتوى القاضي ابن البرّاج

قال: (وجّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً على ملّة إبراهيم، ودين محمّد، ومنهاج عليّ بن أبي طالب، وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونُسكي...) (4) .

____________________

(1) الكافي في الفقه: ص121 - 122، طبعة مكتبة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).

(2) المقنعة: ص13، طبعة قم، جماعة المدرّسين.

(3) المقنع: ص93، طبع قم، مؤسّسة الإمام الهادي (عليه السلام).

(4) المهذّب: ج1، ص 92 كتاب الصلاة، طبعة جماعة المدرّسين، قم.

٦٣

ومنها: فتوى ابن زهرة الحَلَبي

قال: (وأن يقول بعد تكبيرة الإحرام: وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً على ملّة إبراهيم، ودين محمد، وولاية أمير المؤمنين عليّ، والأئمّة من ذرّيتهما وما أنا من المشركين...) (1).

ومنها: الشيخ أبي يعلي حمزة بن عبد العزيز الديلمي المعروف بسلاّر.

قال: (ثُمّ يكبّر تكبيرتين، الثانية منهما تكبيرة الافتتاح ثُمّ يقول: وجّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً على ملّة إبراهيم، ودين محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وولاية أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)...) (2) .

وغيرها من الفتاوى التي يجدها المتتّبع طبقاً للروايات الواردة في دعاء التوجّه للصلاة، والتي يأتي التعرّض لها لاحقاً، وهي ناصّة على كون الإقرار بالشهادة الثالثة بالصيغة المتقدّمة من أوراد الصلاة الخاصّة، والتي يؤتى بها داخل الصلاة فضلاً عن مقدّماتها الخارجة كالأذان والإقامة، نعم، في بعض فتاوى المتأخّرين تخصيص دعاء التوجّه بما بين الإقامة وتكبيرة الإحرام، وهو الآخر أيضاً نافع في المقام؛ لتوسّطه بين الإقامة وتكبيرة الإحرام فضلاً عن تخلّلها في الإقامة والأذان ذاتيهما.

____________________

(1) غنية النزوع: ص83 كتاب الصلاة، طبعة قم، مؤسّسة الإمام الصادق.

(2) المراسم العلويّة: ص71 كتاب الصلاة، طبعة أمير، قم.

٦٤

ومنها: فتوى الشيخ الصدوق في الفقيه في وصف الصلاة وأدب المصلي قال، قال الصادق: (إذا قمتَ إلى الصلاة فقل... ثُمّ كبّر تكبيرتين وقل: (وجّهتُ وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفاً على ملّة إبراهيم، ودين محمّد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ومنهاج علي، حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين، لا شريك له وبذلك أُمرتُ وأنا من المسلمين، أعوذُ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم) (1) ، ثُمّ قال الصدوق في ذيلها: (وإن شئتَ كبّرت سبع تكبيرات ولاءً، إلاّ أنّ الذي وصفناه تعبّد، وإنّما جَرت السنّة في افتتاح الصلاة بسبع تكبيرات لمَا روى زرارة).

ومنها: فتوى الشيخ الطوسي في مصباح المتهجّد قال: (فإذا أراد التوجّه قام مستقبل القبلة وكبّر فقال: الله أكبر، يرفع بها يديه إلى شَحمتي أُذنيه لا أكثر من ذلك، ثُمّ يُرسلهما، ثُمّ يكبّر ثانية وثالثة مثل ذلك ويقول،.... ثُمّ يكبّر تكبيرتين أخريين مثل ذلك ويقول،... ثُمّ يكبّر تكبيرتين أخريين على ما وصفناه ويقول: وجّهتُ وجهي للذي فطر السماوات والأرض على ملّة إبراهيم، ودين محمد، ومنهاج علي حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونُسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين لا شريك له، وبذلك أمرتُ وأنا من المسلمين، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) (2).

____________________

(1) الفقيه: ج1، ص302 - 34 طبعة جماعة المدرّسين.

(2) مصباح المتهجّد: فصل في سياقه الصلوات الإحدى والخمسين ركعة في اليوم والليلة، ص44 مؤسّسة الأعلمي بيروت.

٦٥

* الثامنة: الفتوى بذكرهم بوصف إمامتهم (عليهم السلام) في خطبة الجمعة

ويراد بذلك: مشروعيّة أو شرطيّة ذِكر أسمائهم بوصف الإمامة في خطبة الجمعة، تضمّن خطبة الجمعة للإمام التي هي عوض ركعتي الظهر، والتي هي شرط في ركعتي صلاة الجمعة، بل هي من الأجزاء الواجبة لتضمنّها لأسماء الأئمّة ففي مفتاح الكرامة (1) قال: وفي الجعفريّة، وكشف الالتباس، وحاشية الإرشاد وجوب الصلاة فيهما على أئمّة المسلمين.

وفي فوائد الشرايع: أنّه أولى واعتمدَ في المدارك والشافية على صحيح محمّد الطويل، وظاهر الدروس أو صحيحها: أنّ الصلاة على أئمّة المسلمين من وظائف الثانية، كالنافع والمعتبر، وكأنّه مالَ إليه في إرشاد الجعفريّات، وفي موضع من السرائر والمنقول عن مصباح السيّد: أنّه يدعو لأئمّة المسلمين في الثانية، وظاهر النهاية: أنّه يدعو لأئمّة المسلمين وقد تضمّنت صحيحة (2) محمّد بن مسلم الأمر بذكر أسماءهم (عليهم السلام)، وكذا موثّق سماعة (3).

وقال في الجواهر: (لكنّ ظاهره (الموثّق)، وظاهر صحيح ابن مسلم إيجاب الصلاة على الأئمّة في الثانية، بل في الثاني منهما ذِكرهم (عليهم السلام) تفصيلاً، فمقتضى الجمع بين النصوص ذلك فيهما معاً إلاّ أنّ ندرة الفتوى بها وما سمعتهُ من إجماع الشيخ وغيره على الاجتزاء بدونه، وسوق النصوص للأعم من الواجب والمندوب ونحو ذلك ممّا لا يخفى يمنع من الجرأة على الوجوب، وإن كان الوجوب في الجملة ظاهر ما سمعته في مصباح السيّد، ونهاية الشيخ، والنافع، والمعتبر وغيرها، بل ربّما استُظهرَ من موضع من السرائر إلاّ أنّه استُظهر منه الندب؛ لحصر الواجب في الخطبة في أربعة أصناف (4).

____________________

(1) مفتاح الكرامة: ج3، ص114.

(2) الكافي: ج3، ص422 باب تهيئة الإمام للجمعة وخطبته.

(3) الوسائل: أبواب صلاة الجمعة ب24، ح1.

(4) الجواهر: ج11، ص215.

٦٦

والحاصل: إنّ مشروعيّة ذِكر الأسماء للأئمّة (عليهم السلام) ورجحانه بالخصوص في خطبة الجمعة، لا خلاف فيه والخُطبة - كما مرّ - عِوض الركعتين وبمنزلة الجزء المقدّم على ركعتي صلاة الجمعة، فهي أدخل في الصلاة من الأذان والإقامة، وقد تضمّنت لكلّ من الشهادات الثلاث وإن كانت بصورة الحمد لله والصلاة على النبي بالتوصيف، والصلاة على الأئمّة بوصف الإمامة، لاسيّما وأنّه قد أُمرَ ندباً ووجوباً بذكر الأسماء تفصيلاً في: صحيح محمد بن مسلم، ومجموعاً في موثّق سماعة.

وهذا التشريع الخاص بذكرهم (عليهم السلام) في خطبة الجمعة يدفع كثيراً من الاستبعادات والإشكاليات التي ذكرها جماعة: من أنّ صورة الأذان لو كانت متضمّنة للشهادة الثالثة على عهد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، لتوفّرت الدواعي لنقلها ونحوه ممّا ذُكر في استبعاد تضمّن الأذان للشهادة الثالثة كفصل؛ فإنّ هذه الاستبعادات بعينها تتأتّى في خطبة صلاة الجمعة، وليس من وجه في الجواب إلاّ تدريجيّة التشريع وبيان الأحكام ولو بسبب عدم استجابة الناس وتقبّلهم لذلك، كما في إبلاغ أصل الولاية بنحو عام لكلّ المسلمين كما في واقعة غدير خم، حيث كان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يخشى تمرّد المنافقين فطمأنَهُ الله تعالى بقوله: ( وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) (1).

____________________

(1) المائدة 67.

٦٧

السيرةُ على عهدِ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)

بالرغم من كون تشريع الأحكام وإبلاغها من الله تعالى ورسوله الكريم تدريجيّاً، بل إنّ بعض تفاصيل الأحكام تأخّر إبلاغها إلى عهد أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) بعهدٍ معهود من رسول الله، إذ كمال الدين بنصب رسول الله لعلي (عليه السلام) والمطهّرين من ولده أئمّة، إلاّ أنّه يُطرح السؤال:

عن أنّ تشريع الشهادة الثالثة في الأذان هل وقعَ في عهد رسول الله، أم أنّه تمّ بيانه وإبلاغه على يدي أئمّة أهل البيت، الذين يمسّون الكتاب المكنون واللوح المحفوظ، الذين عهد إليهم النبي العلم الإلهي من بعده، فإنّ الذي يسترعي الانتباه هو ظاهره حذف السلطة بعد رسول الله على عهد الثاني لفصل (حيّ على خير العمل)، فإنّ ظاهره التصرّف في الأذان بالنقيصة أو زيادة (الصلاة خير من النوم)، تثير التساؤل بأنّ الأذان الذي كان على عهد رسول الله قد نقص منه أمور وزيد فيه أموراً أخرى، وهذا التطاول يزيد في احتمال مطروح بدواً، في كون الشهادة الثالثة قد حصلَ التأذين بها في عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، لاسيّما مع الإعلان عنها في واقعة الغدير وقبلها من الوقائع ونزول آية إكمال الدين (1) ، وأنّه ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ... ) (2) ، وهذا ما يظهر بوضوح من مصحّح ابن أبي عمير الآتي، مع اعتضاد مضمونه وتوافقه مع فتاوى السيّد المرتضى وابن برّاج، وتطابق بعض مضمونه مع بعض الأحاديث النبويّة المرويّة من قِبل الفريقين فهاهنا نقطتان:

____________________

(1) المائدة: آية 3.

(2) المائدة: آية 67.

٦٨

الأولى: فتوى كلّ من: السيّد المرتضى، وابن برّاج بجواز (محمّد وعلي خير البشر) بعد قول: (حيّ على خير العمل) في الأذان، كما أفتى بذلك السيّد المرتضى في المسائل المبافارقيّة (1) ، وفتوى (2) ابن برّاج بجواز قول: (آل محمّد خير البريّة) مرّتين بعد قول: (حيّ على خير العمل) في الأذان والإقامة.

ثُمّ إنّ هاتين الفتويين بَنياها العَلَمان على المتون الروائيّة التي أشار إلى روايتها الصدوق في الفقيه، وقد أشار الشيخ الطوسي في المبسوط والنهاية بورودها، فيستفاد إلى أنّ أحد موضعي الشهادة الثالثة في الأذان بعد فصل (حيّ على خير العمل) مضافاً إلى الموضع الأوّل، والذي هو الشهادة الثانية فبضميمة النقطة الثانية وهي:

الثانية: وهي ما ورد في مصحّحة ابن أبي عمير، أنّه سأل أبا الحسن (عليه السلام) عن (حيّ على خير العمل) لمَ تُركت من الأذان؟ قال: (تريد العلّة الظاهرة أو الباطنة؟ قلت: أريدهما جميعاً، فقال: أمّا العلّة الظاهرة فلئلاّ يدع الناس الجهاد اتّكالاً على الصلاة، وأمّا الباطنة؛ فإنّ خير العمل الولاية، فأراد من أمر بترك حيّ على خير العمل من الأذان: أن لا يقع حثٌ عليها ودعاء إليها).

ومراده (عليه السلام) من العلّة الباطنة: السبب الحقيقي الخفي الذي دفعَ الثاني إلى حذفها من الأذان أنّه لكي لا يُدعى إلى الولاية، مع أنّ متن (حيّ على خير العمل) ليس فيه لفظ الولاية فلا يكون هذا الفصل دعوة إلى الولاية إلاّ بضميمة ما ذُكر في النقطة من وجود (آل محمّد خير البريّة)، أو (محمّد وعلي خير البشر)، وأنّ هذا الفصل كان قد قُرأ به في الأذان في بعض أيّام رسول الله أو فترة من الفترات،

____________________

(1) المسائل المبافارقية: ص256.

(2) المهذّب: ج1، ص92، كتاب الصلاة، طبعة جماعة المدرّسين، قم.

٦٩

وحيث إنّ هذين الفصلين مترابطان، حُذف الفصل الأوّل وهو (حيّ على خير العمل)؛ لئلاّ يُذكر الفصل الثاني وهو (آل محمّد خير البريّة) أو (محمّد وعلي خير البشر)، والذي كان يمارَس في بعض الأحيان في عهد رسول الله، فلكي لا يُذكر هذا الفصل الثاني حُذف الأوّل.

وبهاتين النقطتين يتبيّن سند روائي معتبر على تشريع الشهادة الثالثة منذ عهد رسول الله، وأنّ هذه المصحّحة والروايات المشار إليها في النقطة الأولى سند روائي لتاريخ تشريع الشهادة الثالثة، وأنّها تشريع نبوي، وهذا ما تعطيه تصريح الرواية من أنّ السند الحقيقي من إقدام الثاني بحذف (حيّ على خير العمل) والداعي الأصلي لديه هو: لئلاّ يُدعى بالولاية بتوسّط حيّ على خير العمل، ممّا يستلزم أنّ قَبل عهد الثاني - وهو عهد رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - كان يُدعى للولاية بتوسّط (حيّ على خير العمل).

وهذا ما تفسّره الروايات في النقطة الأولى من: أنّ تشريع الشهادة الثالثة قد كان في أصل التشريع الأوّلي للأذان، وأنّ تعبيره (عليه السلام) بالعلّة الباطنة يريد به الوصف للعلّة، أي السبب الخفي الذي حذا بالثاني على أن يَقدِم على حذف (حيّ على خير العمل)، فلا يُتوهم أنّ لفظ الباطن هو وصف للمعنى الخفي لحيّ على خير العمل؛ لأنّه بعيد ممجوج، إذ سؤال الراوي عن سبب ترك وحذف (حيّ على خير العمل) من قِبَل السلطة في الأذان، ولذلك ترك العلّة الظاهرة لهذا الترك والحذف، أي العلّة المُعلنة على السطح من قِبَل السلطة للناس وهو قوله (عليه السلام):

إنّ سلطة الثاني ادّعت (لئلاّ يدع الناس الجهاد اتّكالاً على الصلاة)، إذ المعروف أنّ حذف (حيّ على خير العمل) هي من بِدع الثاني، فهذه المصحّحة منادية بوجوب الدعاء والحثّ على ولاية آل محمّد في الأذان في التشريع الأوّلي من قِبل رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، إلاّ أنّ الثاني قام بحذفه.

٧٠

ويَدعم مضمون هذه المصحّحة - بالإضافة إلى الروايات المشار إليها في النقطة الأولى، والتي أفتى بها كلّ من السيّد المرتضى، وابن برّاج -: ما رواه الفريقان مستفيضاً عن النبي، وما هو مجانس لفظاً لمضمون هذه الروايات في ذلك سورة البيّنة أنّ آل محمّد خير البريّة، وأنّ (محمّداً وعليّاً خير البشر)، فقوالب هذه الألفاظ والجُمل هي أحاديث نبويّة مرويّة عند الفريقين، وهو يشاكل ويجانس لفظاً (حيّ على خير العمل)، وهو عين الفصل الثاني الذي أشارت إليه روايات النقطة الأولى، لاسيّما وأنّ الآية في سورة البيّنة: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) (1) ، فلاحظ ما رواه العامّة من تسمية علي بخير البريّة، فكانوا يقولون له على عهد رسول الله: جاء خير البريّة، وذَهب خير البريّة.

فقد روى السيوطي في الدرّ المنثور (2) في ذيل الآية، قال: وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله (قال: كنّا عند النبي (صلّّى الله عليه وآله وسلّم)، فأقبلَ علي (عليه السلام) فقال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة) ونَزلت: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ، فكان أصحاب النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إذا أقبل علي (عليه السلام) قالوا: جاء خير البريّة).

وقال السيوطي: وأخرج ابن عدي، وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعاً (علي خير البريّة).

____________________

(1) البيّنة: الآية 7.

(2) الدرّ المنثور للسيوطي: ج6، ص389.

٧١

وأخرج ابن عدي عن ابن عبّاس، قال: لمّا نَزلت: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لعلي: (هو أنتَ وشيعتك يوم القيامة راضيين مرضيين).

وأخرجَ ابن مردويه عن علي (عليه السلام) قال: (قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ألم تسمع قول الله: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) أنت وشيعتك وموعدي وموعدكم الحوض إذا جيئت الأمم للحساب، تُدعونَ غرّاً محجّلين) (1).

وروى الطبري ابن جرير، المتوفّى سنة 31 هجريّة في تفسيره جامع البيان: وقد حدّثنا ابن حميد قال: حدّثنا عيسى بن فرقد عن أبي الجارود عن محمّد بن علي ( أُولَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ) ، فقال النبي (صلّى الله عليه ((وآله)) وسلّم): (أنت يا علي وشيعتك) (2).

وقد روى الشوكاني في فتح القدير (3) هذه الروايات عن تلك المصادر الحديثيّة، وروى الآلوسي في روح المعاني (4) هذه الروايات أيضاً عن نفس تلك المصادر الحديثيّة.

وروى ابن حسنويه الحنفي في كتابه (دُر بحر المناقب)، ص59 مخطوط فقال: (وعن الإمام فخر الدين الطبري يرفعه إلى جابر بن عبد الله الأنصاري قال: بينما نحن بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوماً في مسجده بالمدينة، فذُكرَ بعض الصحابة، فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):

____________________

(1) الدرّ المنثور للسيوطي: ج6، ص389.

(2) تفسير الطبري: ج30، ص335.

(3) فتح القدير: ج5، ص477.

(4) روح المعاني للآلوسي: ج3، ص6.

٧٢

(إنّ لله لواءً من نور وعموده من زبرجد، خلقه الله تعالى قبل أن يخلق السماء بألفي عام مكتوب عليه (لا إله إلاّ الله محمّد رسول الله، آل محمّد خير البشر، وأنت يا علي إمام القوم، فعند ذلك قال علي: الحمدُ لله الذي هدانا وأكرمنا بك وشرّفنا....) الحديث (1).

____________________

(1) إحقاق الحق، ج4، ص284. فقد أورده إمام الحنابلة احمد بن حنبل الشيباني المروزي في فضائل الصحابة ص46 مخطوط كما حكاه في إحقاق الحق ج4، ص249 إلى ص258.

وروى مُحب الدين الطبري في ذخائر العقبى: ص96 وفي الرياض النظرة: ج2، ص220 وابن حجر في لسان الميزان: ج3، ص166، ج6، ص78، ج1، ص175 وأخرجه ابن مردويه في كتابه المناقب وغيرها من المصادر فلاحظ إحقاق الحق.

٧٣

تَقادُم السيرة على الشهادة الثالثة

المحطّةُ الأُولى:

إنّ من أقدم الشهادات التاريخيّة على السيرة في ذِكر الشهادة الثالثة هي: ما ذكرهُ العامّة في كُتب التراجم في ترجمة كدير الضبّي، وهو أحد صحابة النبي الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وإنّه ذَكرها في تشهّد الصلاة حيث صلّى على النبي وعلى الوصي بلفظ الوصي، وهو يُنبئ عن السيرة الموجودة لدى صحابة الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ممّن كان يتشيّع لأمير المؤمنين (عليه السلام)، ويظهر من التراجم المشار إليها (1) معروفيّة تضعيفه لأجل ذلك.

وروى محمد بن سليمان الكوفي القاضي، المتوفّى بعد الثلاثمائة هجري قمري في كتابه مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: (حدّثنا محمد بن منصور، عن عثمان بن أبي شيبه، عن جرير عن المغيرة، عن سمّاك بن سلمة قال: دخلتُ على كدير الضبّي حين صلّيت الغداة فقالت لي امرأته: ادنوا منه؛ فإنّه يصلّي فسمعته يقول: سلام على النبي والوصي (2) ، فقلت: لا والله، لا يراني الله عائداً إليك).

بل إنّ هناك روايات أخرى تُعدّ أقدم من ذلك عن جماعة كثيرة من الصحابة وهي: ما روي عن ابن عبّاس في عدّة روايات بسند متّصل عن

____________________

(1) لاحظ التذييل الثالث في خاتمة الفصل الأوّل.

(2) مناقب الإمام علي أمير المؤمنين: ص386 تصحيح المحمودي، والحديث رواه كلّ من: العقيلي، وابن حجر في ترجمة كدير الضبّي من كتاب الضعفاء ولسان الميزان، ج4، ص486.

٧٤

النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) (1) ، وسيأتي ذِكرها في الفصل الثاني في الطوائف الروائيّة العامّة، كالطائفة الأولى حيث قرنَ فيها الشهادات الثلاث، وقريب منه ما رواه الصدوق عن ابن عبّاس بسند متصل عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) (2) ، وعن الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين - والأصبغ من أوائل التابعين - وهذا ما يُدلّل على أنّ السيرة متقادِمة في الصحابة والتابعين، وكذلك ما رواه الفضل بن شاذان، عن الأعمش، عن جابر، عن مجاهد، عن عبد الله بن العبّاس (3) ، وستأتي في الفصل الثاني في الطائفة الأولى من طوائف الروايات العامّة، وكذلك ما رواه الفضل بن شاذان عن عبد الله بن مسعود (4) ، وكذلك روى عنه الفضل بن شاذان (5) حديث المعراج من اقتران الشهادات الثلاث.

أقول: فيظهر من هذه الروايات وغيرها، أنّ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حرّضَ على اقتران الشهادات الثلاث في عدّة مواطن؛ لدفع المسلمين على الاعتياد على ذِكر الشهادة الثالثة كلّما ذكروا الشهادتين، وجعلها شعاراً لهم في كلّ المواطن والشعائر العباديّة ومنها الأذان، وقد روى الصدوق بإسناده في كمال الدين (6) عن أبي الطفيل عامر بن واثلة اقتران الشهادات الثلاث، وهناك روايات أخرى في الفصل الثاني رواها الطبراني،

____________________

(1) الفضائل لابن شاذان: ص93، البحار: ج38، ص318.

(2) توحيد الصدوق: ص279 - 282، ح4، ح1.

(3) الفضائل لابن شاذان: ص83، الخصال للصدوق: ج1، ص323.

(4) الفضائل لابن شاذان: ص152.

(5) الفضائل لابن شاذان: ص153.

(6) كمال الدين: ص294 - 296، ح3.

٧٥

والحافظ ابن عساكر، والسيوطي، وابن عدي وغيرهم، عن أنس بن مالك، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وأبي الحمراء خادم الرسول، وغيرهم من الصحابة في اقتران الشهادات الثلاث وكلّها من كُتب ومصادر العامّة (1).

المحطّةُ الثانية:

ما يظهر من سيرة الطالبيين في حلب، والشام، ومصر من التأذين بالشهادة الثالثة، عندما تسلّموا سدّة الحكم في أواخر القرن الثالث الهجري وأوائل القرن الرابع وطواله، وإليك هذه النصوص التاريخيّة:

1 - ما ذكرهُ ابن العديم في كتابه بغية الطلب في تاريخ حلب، روى بسنده عن أبي بكر الصولي: أنّه لمّا أُجلس أحمد بن عبد الله - وهو الخارج بالشام في أيّام المكتفي بالله، وكان ينتمي إلى الطالبيين وهو المعروف بصاحب الخال وقُتل بالدكّة في سنة إحدى وتسعين ومائتين (291 هجري قمري) - على سدّة الحكم، سار أحمد بن عبد الله إلى حمص ودُعي له بها وبكورها، وأمَرهم بأن يُصلّوا الجمعة أربع ركعات، وأن يَخطبوا بعد الظهر ويكون أذانهم: أشهدُ أنّ محمّداً رسول الله، أشهدُ أنّ عليّاً وليّ المؤمنين، حيّ على خير العمل، وضَربَ الدراهم والدنانير وكُتب عليها: (الهادي المهدي، لا إله إلاّ الله، محمّد رسول الله، ( جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً )) ، وعلى الجانب الآخر: ( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى ) (2).

____________________

(1) ملحقات إحقاق الحق: ج16، ص468 - 493.

(2) بُغية الطلب في أخبار حلب: ج2، ص944.

٧٦

2 - ما ذكرهُ أبو عبد الله محمّد بن علي بن حمّاد في كتابه (أخبار ملوك بني عبيد)، في ترجمة عبيد الله ابن محمد الطالبي (1) المتوفّى سنة (322 هجريّة قمريّة)، مؤسّس الدولة العبيديّة في مصر قال: (وكان ممّا أحدثَ عبيد الله أن: قطعَ صلاة التراويح في شهر رمضان، وأمرَ بالصيام يومين قبله، وقنتَ قبل صلاة الجمعة قبل الركوع، وجهرَ بالبسملة في الصلاة المكتوبة، وأسقطَ من أذان الصبح (الصلاة خير من النوم)، وزاد (حيّ على خير العمل)، (محمّد وعلي خير البشر)، ونصّ الأذان طول مدّة بني عبيد بعد التكبير والتشهدين: حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح مرّتين، حيّ على خير العمل، محمّد وعلي خير البشر مرّتين، لا إله إلاّ الله مرّة) (2).

3 - ما رواه القاضي التنوّخي (أبي علي الحسن بن أبي القاسم التنوّخي (المتوفّى 384 هجريّة قمريّة)، عن أبي الفرج الأصفهاني المتوفّى سنة (356هـ) قال: سمعتُ رجلاً من القطعيّة يؤذِّن: الله أكبر، أشهدُ أن لا إله إلاّ الله، أشهدُ أنّ محمّداً رسول الله، أشهد أنّ عليّاً وليّ الله، محمد وعلي خير البشر فمَن أبى فقد كفر، ومَن رَضي فقد شكر، حيّ على الصلاة، حيّ على الفلاح، حيّ على خير العمل، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلاّ الله) (3).

____________________

(1) وهو عبيد الله بن محمد بن الحسين بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن محمد بن علي بن أبي طالب، كما ذُكر في نسبه وولِد سنة (260 هجريّة)، وتوفي يوم الاثنين الرابع عشر من شهر ربيع الأول سنة ثلاثمائة واثنان وعشرون (322 هجريّة قمريّة)، كما جاء في أخبار ملوك بني عبيد ج1، ص49.

(2) أخبار ملوك بني عبيد: ج1، ص5.

(3) نشوار المحاضرة للتنوّخي: ج2، ص133.

٧٧

4 - قال المقريزي في (المواعظ والاعتبار): (... وأوّل مَن قال في الأذان بالليل (محمّد وعليّ خير البشر) الحسين المعروف بابن شكنبه، ويقال: اشكنبه، وهو اسم أعجمي معناه: الكرش، وهو: علي بن محمد بن علي بن إسماعيل بن الحسين بن زيد بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب، وكان أوّل تأذينه بذلك في أيّام سيف الدولة بن حمدان بحلب في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة (347 هجريّة قمريّة)، قاله الشريف محمد بن أسعد الجوباني النسّابة، ولم يزل الأذان بحلب يزاد فيه (حيّ على خير العمل، محمد وعلي خير البشر) إلى أيّام نور الدين محمود) (1).

5 - ما ذكره المقريزي في حوادث سنة (356) ستة وخمسين وثلاثمائة في مصر، قال: (لمّا دخلَ جوهر (2) القائد لعساكر المُعز لدين الله وقد بنى القاهرة وأظهر مذهب الشيعة، وأذّن في جميع المساجد الجامعة بـ(حيّ على خير العمل)، وأعلن بتفضيل عليّ بن أبي طالب على غيره وجهرَ بالصلاة عليه، وعلى الحسن والحسين وفاطمة الزهراء رضوان الله عليهم....) (3).

____________________

(1) خطط المقريزي: ج2، ص271 - 272 (المواعظ والاعتبار في ذِكر الخُطب والآثار).

(2) وهو جوهر الصيقلي والقائد أبو الحسن، والمعروف بالكاتب الرومي، كان من موالي المُعز بن المنصور.... وفيات الأعيان لابن خلّكان: ج1، ص375 وهو الذي فتح مصر للدولة الفاطميّة.

(3) المواعظ والاعتبار في ذِكر الخُطب والآثار للمقريزي: ج2، ص34، وذُكرت مصادر أخرى ما هو قريب من ذلك مثل: العِبر في خبر مَن غبر، ج2، ص316 - الذهبي: ص86، ومثل: الوفيان لابن خلّكان، ج1، ص375 - 386، والمنتظم لابن الجوزي في تاريخ الأمم والملوك: ج14، ص197، وكتاب أخبار ملوك بني عبيد: ج1، ص85.

٧٨

وذكرَ ابن العديم في كتابه زبدة الحلب من تاريخ حلب قال: (واستقرّ أمر سعد الدولة بحلب (1) ، وجدّد الحلبيّون عمارة المسجد الجامع بحلب، وزادوا في عمارة الأسوار في سنة سبع وستين وثلاثمائة (367هـ)، وغيّر سعدٌ الأذان بحلب وزاد فيه (حيّ على خير العمل، ومحمد وعلي خير البشر) (2).

وذكرَ أبو الفداء (3) في (اليواقيت والضرب في تاريخ حلب) نظير ذلك.

6 - وقال ناصر خسرو في كتابه (سفرنامه)، في عنوان اليمامة التي زارها أثر مُدن سابقة ذكرها سنة 433 هجريّة قمريّة: إنّ أمراؤها علويون منذ القديم ولم يَنتزع أحد الولاية منهم، إذ ليس في جوارهم سلطان أو مَلك قاهر، وهؤلاء العلويون ذو شوكة فلديهم ثلاثمائة أو أربعمائة فارس، ومذهبهم الزيديّة وهم يقولون في الإقامة: محمد وعلي خير البشر، وحيّ على خير العمل، وقيل: إنّ سكّان هذه المدينة شريفيّة خاضعون للأشراف....) (4).

7 - ما ذكرهُ المؤرِّخون من حوادث كثيرة في أواخر القرن الرابع وأوائل القرن الخامس في بغداد، بين سنّة جماعة الخلافة والشيعة، ومن مظاهر تلك الخلافات الحاصلة بين الطرفين:

____________________

(1) وهو من ملوك الدولة الحمدانيّة، وهم من الشيعة الاثنى عشريّة، والتي بدأت من سنة 892 م إلى 991 م.

(2) زبدة الحلب من تاريخ حلب لابن العديم: ج1، ص159 - 160.

(3) اليواقيت والضرب في تاريخ حلب: ص134.

(4) سفرنامه: ناصر خسرو، ص141 - 142.

٧٩

التأذين بحيّ على خير العمل بالأذان من قِبل الشيعة، وبالصلاة خير من النوم في أذان سنّة الجماعة والخلافة، وبالكتابة على أبواب المساجد والدور والدروب (محمّد وعلي خير البشر)، فلاحظ المصادر التاريخيّة في ذلك (1).

____________________

(1) الكامل في التاريخ: ج8، ج9، من سنة 362 هـ.ق إلى سنة 45 هـ.ق، والبداية والنهاية لابن كثير، تاريخ الخلفاء للسيوطي، السيرة الحلبيّة، تاريخ أبي الفداء، المنتظم لابن الجوزي، النجوم الزاهرة، الشذرات لابن عماد الحنبلي.

ومن باب النموذج: لاحظ ما وقعَ قبل سنة 356 هجريّة قمريّة، كالذي مرّ في الإشارة إليه في كتابه نشوار المحاضرة برواية القاضي التنوّخي عن أبي الفرج الأصفهاني، وكذلك سنة 441 هجريّة قمريّة، و442 هجريّة قمريّة، لاحظ: الكامل في التاريخ، والمنتظم، وتاريخ أبي الفداء، والنجوم الزاهرة، وكذلك سنة 443 هجريّة قمريّة، لاحظ المصادر السابقة، وكذلك سنة 444 هجريّة، 445 هجريّة، وسنة 448 هجريّة قمريّة وهي السنة التي تركَ فيها الشيخ بغداد وهاجر إلى النجف بسبب تلك الفتنة، ولاحظ: البداية والنهاية، والسيرة الحلبيّة، وكذلك سنة 450هـ ق، وموقف البساسيري (*)، ونهاية الأرب في فنون الأدب، وتاريخ بغداد للخطيب البغدادي.

(*) البساسيري: وهو قائد تركي الأصل، كان من مماليك بني بويه، وقد حكمَ آل بويه من سنة 320 هجريّة قمريّة إلى سنة 448 هجريّة قمريّة جنوب إيران والعراق، وأمّا بغداد فقد حكموها من سنة 334 هجريّة قمريّة.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أقول: اذا سرق المواضع المسامة(١) كالحمام والرحاء والمسجد، هل يقطع مع مراعاة المالك أم لا؟ فيه مذهبان.

(الاول) القطع لعموم قوله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما)(٢) خرج ما ليس بمراعى بالاجماع على عدم القطع من غير الحرز، ولان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قطع سارق رداء صفوان وكان في المسجد(٣) وهو مذهب الشيخ في المبسوط، قال: وكذا الميزان بين يدي الخبازين، والثياب بين يدي البزازين فحرز ذلك نظره إليه، فان سرق من بين يديه وهو ينظر إليه ففيه القطع، وان سها، او نام عنه زال الحرز وسقط القطع(٤) .

(الثاني) عدمه، لوجوه.

(أ) عدم الشروط الثلاثة المعتبرة.

(ب) رواية السكوني عن الصادق عن الباقر عن عليعليهم‌السلام قال: لا يقطع الا من نقب بيتا، أو كسر قفلا(٥) .

(ج) رواية النوفلى عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن عليعليهم‌السلام قال: كل مدخل يدخل فيه بغير اذن فسرق منه السارق فلا قطع عليه يعني الحمامات والخانات والارحية والمساجد(٦) وهو مذهب ابن ادريس(٧) واختاره والمصنف(٨)

____________________

(١)في (گل): المبناية، هكذا وهي غير ظاهرة.

(٢)المائدة: ٣٨.

(٣)الكافي: ج ٧ باب العفو عن الحدود ص ٥٢١ الحديث ٢.

(٤)المبسوط: ج ٨ في معنى الحرز ومصاديقه ص ٢٤ س ١١ قال: كالميزان بين يدي الخبازين الخ.

(٥)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١٠٩ الحديث ٤٠.

(٦)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١٠٨ الحديث ٣٩ بتفاوت يسير بين الفاظه.

(٧)السرائر: باب الحد في السرقة، ص ٤٥٤ س ٣٢ قال: فاما المواضع التي يطرقها الناس إلى قوله: فليست حرزا مثل الخانات والحمامات الخ.

(٨)لاحظ عبارة النافع.

[*]

١٠١

[ويقطع من سرق مملوكا، ولو كان حرا فباعه قطع لفساده، لاحدا. ويقطع سارق الكفن، لان القبر حرز له. ويشترط بلوغه النصاب، وقيل: لا يشترط لانه ليس حدا للسرقة، بل لحسم الجرأة. ولو نبش ولم يأخذ عزر، ولو تكرر وفات السلطان جاز قتله ردعا.] والعلامة(١) .

قال طاب ثراه: ويقطع سارق الكفن، لان القبر حرز له. ويشترط بلوغ النصاب، وقيل: لايشترط لانه ليس حدا للسرقة، بل لحسم الجرأة.

اقول: هنا مسائل. (الاولى) القبر ليس حرز الغير الكفن اجماعا، فلو اخذ منه ما ترك مع الميت نسيانا او عمدا، من ثيابه او غيرها مما قيمته نصاب لم يقطع لاخذه، لعدم القفل والغلق وظهور الدفن. (الثانية) ظاهر الصدوق: ان القبر ليس بحرز للكفن ايضا، حيث قال: والنباش اذا كان معروفا بذلك قطع(٢) والمشهور انه حرز للكفن وادعى فخر المحققين عليه الاجماع(٣) . (الثالثة) اذا ثبت انه حرز للكفن فهل يعتبر في قطع آخذه النصاب، ام لا؟

____________________

(١)القواعد: ج ٢ في الحدود ص ٢٦٨ س ١ قال: فلا قطع على من سرق من غير حرز كالارحية والحمامات والمواضع المنتابة الخ.

(٢)المقنع: باب حد السرقة ص ١٥١ س ٥ قال: وان وجد رجل ينبش قبرا فليس عليه قتل. وهكذا ايضا نقله في الجوامع الفقهية لاحظ ص ٣٧ س ٤ ولكن في المختلف: ج ٢ في حد السرقة ص ٢٢٢ س ٢١ قال: وقال الصدوق في المقنع: إلى قوله: فليس عليه القطع.

(٣)الايضاح: ج ٤ في الاخراج من الحرز ص ٥٣٣ س ١٦ قال: والاجماع واقع على ان القبر حرز للكفن الخ.

[*]

١٠٢

قيل فيه: ثلاثة اقوال.

(أ) لا يعتبر، بل يقطع وان لم يبلغ النصاب، حكاه فخر المحققين عن بعض الاصحاب(١) ومستنده عموم النص، وهو اختيار ابن ادريس في اخر المسألة(٢) وللشيخ عبارة محتملة، وحكايتها: من نبش قبر اوسلب الميت كفنه وجب عليه القطع كما يجب على السارق(٣) فمن حيث اطلاق الوجوب قد يفهم عدم الاشتراط، ومن قوله: (كما يجب على السارق) يفهم الاشتراط، لانه ساواه بالسارق، فيساويه في الشرط والحكم.

(ب) اعتباره، فلا يقطع لو لم يبلغ النصاب، وهو اختيار اكثر الاصحاب، وعليه المفيد(٤) وتلميذه(٥) وابن زهرة(٦) والتقى(٧) وابن حمزة(٨) والكيدرى(٩)

____________________

(١)الايضاح: ج ٤ في الاخراج من الحرز ص ٥٣٤ س ٩ قال: والثاني عدم الاشتراط، وهو اختيار بعض الاصحاب لعموم النص.

(٢)السرائر: باب حال المحاربين وهم قطاع الطريق والنباش ص ٤٦٢ س ٣٦ قال: والذي اعتمد عليه إلى قوله: قطع النباش سواء كان قيمة الكفن ربع دينار او اقل من ذلك.

(٣)النهاية: باب حد المحارب والنباش ص ٧٢٢ س ٩ قال: ومن نبش قبرا الخ.

(٤)المقنعة: باب الحد في السرق ونبش القبور ص ١٢٨ س ٣٧ قال: ويقطع النباش اذا سرق من الاكفان ما قيمته ربع دينار.

(٥)المراسم: ذكر حد السرق ص ٢٥٨ س ١٨ قال: والقبر عندنا حرز، ولهذا يقطع النباش اذا سرق النصاب.

(٦)الغنية (في الجوامع الفقهية) كتاب الحدود في حد السرقة ص ٦٢٣ س ٣٥ قال: ويقطع النباش اذا اخذ ما قيمته ربع دينار.

(٧)الكافي: الحدود فصل السرق وحده ص ٤١٢ س ٤ قال: ويقطع النباش اذا اخذ من الاكفان ما يجب في مثله القطع.

(٨)الوسيلة: في بيان أحكام المختلس والنباش ص ٤٢٣ س ١١ قال: فان اخرج من القبر ما قيمته نصاب قطع.

(٩)اصباح الشيعة بمصباح الشريعة: كتاب الحدود ص ١٢٦ س ١٨ قال: ويقطع النباش إلى قوله

[*]

١٠٣

والمصنف(١) والعلامة(٢) وفخر المحققين(٣) لانه سارق، فيعتبر فيه ما يعتبر في السارق. ولما رواه اسحاق بن عمار عن الصادقعليه‌السلام : ان علياعليه‌السلام قطع نباش القبر، فقيل له: أتقطع في الموتى؟ فقال: انا نقطع لامواتنا كما نقطع لاحيائنا(٤) والتشبيه يستدعى الاشتراط كما يشترط في الاحياء.

(ج) الاشتراط في المرة الاولى دون الثانية، وهو اختيار ابن ادريس في اول المسألة(٥) لانه في الاولى سارق، فيعتبر فيه ما يعتبر في السارق، لعموم الاخبار بالمساواة(٦) وفي الثانية مفسد، فيقطع دفعا لفساده لاحدا، وهو اطلاق الصدوق(٧) .

(د) اذا نبش ولم يأخذ فالاكثر على التعزير، وهو اختيار القاضي(٨) وابن

____________________

ما قيمته ربع دينار.

(١)لاحظ عبارة النافع.

(٢)المختلف: ج ٢ في حذ السرقة ص ٢٢٣ س ١٣ قال: والمعتمد ان نقول إلى قوله: الكفن الذي قدره ربع دينار وجب عليه القطع.

(٣)الايضاح: ج ٤ في الاخراج من الحرز ص ٥٣٣ س ١٩ قال بعد نقل قول المختلف: وهو الاقوى عندى.

(٤)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١١٦ الحديث ٨١.

(٥)السرائر: باب حد المحارب والنباش ص ٤٦٢ س ٩ قال: ومن نبش قبرا إلى قوله: وكان قيمته ربع دينار فانه يجب عليه القطع إلى قوله بعد سطرين: فان نبش ثانية فانه يجب القطع سواء كان قيمته ربع دينار او اقل الخ.

(٦)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١١٥ الحديث ٧٤ و ٧٥ و ٧٦) إلى غير ذلك.

(٧)تقدم قبل ذلك قريبا.

(٨)التهذيب: ج ٢ باب حدود المحارب والنباش ص ٥٥٤ س ٦ قال: فان نبش القبر ولم ياخذ شيئا أدب وغلظت عقوبته، ولم يكن عليه قطع.

[*]

١٠٤

حمزة(١) والمصنف(٢) والعلامة(٣) .

وروي ان اميرالمؤمنينعليه‌السلام ، أتي بنباش فأخذ بشعره وجلد به الارض، ثم قال: طئوا عباد الله عليه فوطئوه حتى مات(٤) والمراد المتكرر. وروي عن منصور قال: سمعت ابا عبداللهعليه‌السلام يقول: يقطع النباش والطرار، ولا يقطع المختلس(٥) . ومثلها روى عيسى بن صبيح(٦) . وحملها الشيخ على المعتاد، او انه اخذ الكفن(٧) وان كان مجرد النبش واول مرة عزر. لما رواه علي بن سعيد قال: سالت أبا عبداللهعليه‌السلام عن النباش؟ قال: إذا لم يكن النبش له بعادة لم يقطع ويعزر(٨) .

(ه‍) إذا تكرر النبش ولم يأخذ، أو أخذ اقل من نصاب وظفرنا به، جاز قتله او قطعه، دفعا لفساده، لا حدا للسرقة.

____________________

(١)الوسيلة: في بيان احكام المختلس والنباش ص ٤٢٣ س ١٠ قال: فان نبش قبرا ولم يأخذ شيئا عزر.

(٢)لاحظ عبارة النافع.

(٣)القواعد: ج ٢ كتاب الحدود ص ٢٦٩ س ١٠ قال: ولو نبش ولم ياخذ عزر.

(٤)الكافي: ج ٧ كتاب الحدود باب حد النباش ص ٢٢٩ الحديث ٣.

(٥)الكافي: ج ٧ كتاب الحدود، باب حد النباش ص ٢٢٩ الحديث ٦.

(٦)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١١٦ الحديث ٧٩.

(٧)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١١٨ س ٤ قال: واماما رواه عيسى بن صبيح إلى قوله: لكنا نحمله على ما حملنا عليه الخبرين الاخيرين، وقال في ص ١١٧ بعد نقل حديث ٨٥: قال محمد بن الحسن إلى قوله: وانما يجب عليه اذا اخذ المال.

(٨)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١١٧ الحديث ٨٢.

[*]

١٠٥

وما حد القدر الذي يصدق به التكرر، ويجوز فيه قطعه او قتله؟ قال المفيد وتلميذه: اذا فات الحاكم ثلاث مرات كان فيه بالخيار ان شاء قتله، وان شاء قطعه، والامر في ذلك اليه(١)(٢) واطلق الشيخ في النهاية التكرار(٣) وكذا القاضي(٤) وظاهر ابن ادريس بالمرتين فيقطع في الثالثة عنده وان لم يبلغ ما اخذه نصابا، ولم يذكر القتل وقد تقدم(٥) والاكثرون على التخيير بين القتل والقطع وان لم يأخذ.

تنبيه

والمرافعة في المرة الاولى إلى الوارث، لان الكفن على حكم ملكه، ولهذا يرجع اليه لو اكله السبع، أو أخذه السيل خصوصا على القول باشتراط النصاب، لانه سرقة، وقطع السارق موقوف على مرافعة المسروق منه، وفي المرة الثانية المرافعة إلى الحاكم، لانه يقطع لفساده، لا حدا، كما هو مذهب ابن ادريس(٦) وهو ظاهر

____________________

(١)المقنعة: باب الحد في السرق ص ١٢٩ س ١ قال: واذا عرف الانسان بنبش القبور وكان قد فات السلطان ثلاث مرات كان الحاكم فيه بالخيار الخ.

(٢)المراسم: ذكر حد السرق ص ٢٥٨ س ١٨ قال: فان أدمن ذلك إلى قوله: فان اختار قتله قتله، وان اختار قطعه قطعه الخ.

(٣)النهاية: باب حد المحارب والنباش ص ٧٢٢ س ١١ قال: فان تكرر منه الفعل إلى قوله: كان له قتله.

(٤)المهذب: ج ٢ باب حد المحارب والنباش ص ٥٥٤ س ٧ قال: فان تكرر الفعل منه إلى قوله: كان له قتله.

(٥)و(٦) السرائر: باب حد المحاربين والنباش ص ٤٦٢ س ١٢ قال: فان نبش ثانية فانه يجب عليه القطع سواء كان قيمته ربع دينار او اقل إلى قوله: لما تكرر عنه الفعل صار مفسدا ساعيا في الارض فسادا، فقطعناه لاجل ذلك لا لاجل كونه سارقا.

[*]

١٠٦

الشيخ(١) والتقي(٢) وظاهر اكثر الاصحاب حيث اطلقوا القول بالتكرار، وهو يصدق بالثانية.

ويؤيده ما رواه الشيخ عن ابن بكير، عن بعض اصحابنا عن أبي عبداللهعليه‌السلام : في النباش اذا اخذ اول مرة عزر، فان عاد قطع(٣) . وفي الثالثة عند المفيد(٤) وسلار(٥) ، لانه يقطع او يقتل للفساد، وهو حكم حسبى منوط بنظر الحاكم موكول إلى اجتهاده.

واعلم: ان جواز قطعه او قتله مع التكرار وفوات السلطان، ليؤدب به ويرتدع غيره، فمع الظفر به يجوز قطعه، او قتله بعد الثالثة عند المفيد(٦) وبعد الثالثة يقطع عند غيره. واما مع قطعه او تعزيره في كل مرة، فيقتل مع تخلل التأديب ثلاثا في الرابعة.

قال ابن حمزة: فان نبش قبرا، ولم يأخذ شيئا عزر، أخرج الكفن إلى ظاهر القبر أو لم يخرجه، فان اخرج من القبر ما قيمته نصابا قطع، فان فعل ثلاث مرات وفات، فاذا ظفر به بعد الثلاث كان الامام فيه بالخيار بين العقوبة والقطع، وان عزر

____________________

(١)النهاية: باب حد المحارب والنباش ص ٧٢٢ س ١٢ قال: كان له قتله كى يرتدع غيره عن ايقاع مثله في مستقبل الاوقات.

(٢)الكافي: الحدود، فصل في السرق وحده ص ٤١٢ س ٤ قال: ويقطع النباش اذا اخذ من الاكفان الخ.

(٣)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١١٧ الحديث ٨٥.

(٤)المقنعة: باب الحد في السرق والخيانة ص ١٢٩ س ١ قال: واذا عرف الانسان بنبش القبور وكان قد فات السلطان ثلاث مرات كان الحاكم فيه بالخيار.

(٥)المراسم: ذكر حد السرق ص ٢٥٨ س ١٨ قال: فان ادمن ذلك وفات السلطان تأديبه ثلاث مرات، فان اختار قتله الخ.

(٦)تقدم انفا.

[*]

١٠٧

[(الثالث) يثبت الموجب بالاقرار مرتين، او بشهادة عدلين. ولو اقر مرة عزر ولم يقطع. ويشترط في المقر: التكليف، والحرية، والاختيار، ولو اقر بالضرب لم يقطع، نعم لو رد السرقة بعينها قطع، وقيل: لا يقطع لتطرق الاحتمال، وهو اشبه، ولو اقر مرتين تحتم القطع، ولو انكر.] ثلاث مرات قتل في الرابعة(١) وقال القاضي: وان تكرر منه الفعل ولم يؤدبه الامام كان له قتله ليرتدع غيره في المستقبل(٢) وعند الشيخ يعزر في الاولى اذا لم ياخذ ويقطع في الثانية، قال: واذا تكرر منه الفعل ثلاث مرات واقيم عليه الحد، فحينئذ يجب عليه القتل كما يجب على السارق(٣) .

قال طاب ثراه: ولو اقر بالضرب لم يقطع، نعم لورد السرقة بعينها قطع، وقيل: لا يقطع لتطرق الاحتمال، وهو أشبه.

أقول: يعتبر في القطع بالاقرار، كون المقر مختارا، ومن اقر تحت الضرب لا يعتد باقراره، فلا يقطع، وان رد السرقة بعينها، قال الشيخ في النهاية: قطع(٤) واختاره العلامة في المختلف(٥) وقال ابن ادريس: لا يقطع(٦) واختاره

____________________

(١)الوسيلة: فصل في بيان احكام المختلس والنباش ص ٤٢٤ س ١٠ قال: فان نبش قبرا إلى اخره.

(٢)المهذب: ج ٢ باب حدود المحارب والنباش ص ٥٥٤ س ٧ قال: فان تكرر الفعل منه إلى اخره.

(٣)النهاية: باب حد المحارب والنباش ص ٧٢٢ س ١٠ قال: فان نبش ولم ياخذ شيئا ادب بغليظ العقوبة إلى قوله: فان تكرر منه الفعل وفات الامام تأديبه كان له قتله الخ والظاهران العبارة قاصرة عن افادة المدعي.

(٤)النهاية: باب الحد في السرقة ص ٧١٨ س ٤ قال: فان اقر تحت الضرب بالسرقة وردها بعينها وجب عليه ايضا القطع.

(٥)المختلف: ج ٢ في حد السرقة ص ٢١٩ س ١٧ قال بعد نقل قول الشيخ وابن ادريس: والمعتمد ما قاله الشيخ.

(٦)السرائر: باب الحد في السرقة ص ٤٥٦ س ١٩ قال: والذي يقوى عندي: انه لايجب عليه القطع، لانا بينا: ان من اقر تحت ضرب لا يعتد باقراره في وجوب القطع الخ.

[*]

١٠٨

المصنف(١) والعلامة في القواعد(٢) وفخر المحققين(٣) .

احتج العلامة على الاول: بان رد العين قرينة داله على السرقة كدلالة قئ الخمر على شربها. وبحسنة سليمان بن خالد عن الصادقعليه‌السلام : عن رجل سرق سرقة، فكابر عليها، فضرب فجاء بها بعينها، هل يجب عليه القطع؟ قال: نعم، ولكن اذا اعترف ولم يجئ بالسرقة، لم تقطع يده، لانه اعترف بالعذاب(٤) . واجاب فخر المحققين: بانها لا تدل على الاقرار مرتين، بل ولا مرة(٥) .

احتج الاخرون: باصالة عدم القطع الامع تيقن السبب، والا حتياط في عصمة الدم يقتضي التوقف.

واعتبار الاختيار في الاقرار، خصوصا في الحدود المبنية على التخفيف، وامكان الاحتمال في رد السرقة، لجواز كونها عنده من غير سرقة، بايداع، أو ابتياع، أو غير ذلك. فتحقق الشبهة بوجود الاحتمال، وهي مسقطة للحد، لقولهعليه‌السلام : ادرؤا الحدود بالشبهات(٦) .

____________________

(١)لاحظ عبارة النافع.

(٢)القواعد: ج ٢ في الحدود، ص ٢٧٠ س ١٨ قال: ولو ضرب فرد السرقة بعينها بعد الاقرار بالضرب إلى قوله: والاقرب المنع.

(٣)و(٥) الايضاح: ج ٤، فيما يثبت به السرقة ص ٥٣٨ س ٢١ قال بعد نقل ابن ادريس: وهو الاقرب عندي ثم قال بعد اسطر في الجواب عن الحديث: ان هذه الرواية لا تدل على الاقرار مرتين، بل ولا مرة.

(٤)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١٠٦ الحديث ٢٨.

(٦)من لا يحضره الفقيه: ج ٤(١٧) باب نوادر الحدود ص ٥٣ الحديث ١٢.

[*]

١٠٩

[(الرابع) في الحد. وهو قطع الاصابع الاربع من يد اليمنى، وتترك الابهام والراحة، ولو سرق بعد ذلك قطعت رجله اليسرى من مفصل القدم، ويترك العقب. ولو سرق ثلاثة حبس دائما. ولو سرق في السجن قتل ولو تكررت السرقة من غير حد كفى حد واحد. ولا يقطع اليسار مع وجود اليمنى، بل تقطع اليمنى ولو كانت شلاء، وكذا لو كانت اليسار شلاء. ولو لم يكن يسار قطع اليمنى. وفي الرواية: لا يقطع. وقال الشيخ في النهاية: ولو لم يكن يسار قطعت رجله اليسرى. ولولم يكن له رجل لم يكن عليه اكثر من الحبس. وفي الكل تردد.]

قال طاب ثراه: ولو لم يكن يسار قطع اليمنى، وفي الرواية: لا تقطع، وقال في النهاية: ولو لم يكن يسار قطعت رجله اليسرى، ولو لم يكن له رجل لم يكن عليه اكثر من الحبس، وفي الكل تردد. أقول: الاصل ان السارق تقطع يده اليمنى اولا، فان سرق ثانيا قطعت رجله اليسرى، فان سرق ثالثا خلد السجن، ولو سرق في السجن قتل.

روى الصدوق عن الصادقعليه‌السلام قال: كان اميرالمؤمنينعليه‌السلام : اذا سرق الرجل اولا قطع يمينه، فان عاد قطع رجله اليسرى، فان عاد ثالثة خلده السجن وانفق عليه من بيت المال(١) . وروي انه ان سرق في السجن قتل(٢) . وعلى هذا عمل الطائفة. والاشكال فيما اذا سرق مرة وليس عضوها المقدر لها موجودا، وفيه اقوال.

____________________

(١)و(٢) من لا يحضره الفقيه: ج ٤(١٢) باب حد السرقة ص ٤٥ الحديث ١٤ و ١٥.

[*]

١١٠

(أ) اذا فقدت اليمين من يديه في قصاص أو غير ذلك، لا بقطعها في سرقة، وكانت له اليد اليسرى، قطعت، فان لم يكن له اليسرى ايضا قطعت رجله، فان لم يكن له رجل لم يكن عليه اكثر من الحبس، قاله الشيخ في النهاية(١) وبه قال القاضي في الكامل(٢) .

(ب) قال ابن الجنيد: وكذلك ان كانت يده اليسرى مقطوعة في قصاص، فسرق لم يقطع يمينه، وحبس في هذه الاحوال(٣) . لرواية عبدالرحمان بن الحجاج عن الصادقعليه‌السلام : لئلا يبقى بلا يدين(٤) .

(ج) قال الشيخ في المبسوط: اذا لم يكن له يمين قطعت رجله اليسرى(٥) وهو احد قولي القاضي(٦) .

(د) قال ابن حمزة: ان قطعت يمينه قصاصا، قطعت يساره، وان قطعت في

____________________

(١)النهاية: باب الحد في السرقة ص ٧١٧ س ١٣ قال: ومن سرق وليس له اليمنى إلى قوله: قطعت يسراه إلى قوله: لم يكن عليه اكثر من الحبس.

(٢)المختلف: ج ٢ في حد السرقة ص ٢١٩ س ١٠ قال: وقال في الكامل: ومن كانت يده اليمنى قطعت وله اليسرى إلى قوله: لم يكن عليه اكثر من الحبس.

(٣)المختلف: ج ٢ في حد السرقة ص ٢١٩ س ٨ قال: وقال ابن الجنيد: وكذلك لو كانت يده اليسرى مقطوعة الخ.

(٤)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٧٢ الحديث ١٠١ وفي التهذيب ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١٠٨ الحديث ٣٨ ما يدل عليه.

(٥)المبسوط: ج ٨ كتاب السرقة ص ٣٩ س ٤ قال: وان سرق وليس له يمين إلى قوله: وعندنا ينقل القطع الرجل.

(٦)المهذب: ج ٢ كتاب الحدود ص ٥٤٤ س ٩ قال: واذا سرق وليس له يمين، قطعت رجله اليسرى.

[*]

١١١

السرقة قطعت رجله اليسرى(١) .

(ه‍) قال الشيخ في المسائل الحلبية: المقطوع اليدين والرجلين اذا سرق ما يوجب القطع، وجب ان يقول: الامام مخير في تأديبه وتعزيره أي نوع اراد فعل، لانه لا دليل على شئ بعينه، وان قلنا: يجب ان يحبس أبدا لا نتفاء امكان القطع، وغيره ليس بممكن، ولا يمكن اسقاط الحد كان قويا(٢) .

(و) قال ابن ادريس لما نقل كلام الشيخ في النهاية والمسائل الحلبية: الاقوى عندي ان من ذكر حاله، لايجوز حبسه ابدا اذا سرق اول دفعة، بل يجب تعزيره، لان الحبس هو حد من سرق في الثالثة بعد تقدم دفعتين قد اقيم الحد فيهما مرتين، فكيف يفعل به ما يفعل في حد الدفعة الثالثة، في حد الدفعة الاولى(٣) .

وتردد المصنف في كتابيه(٤) (٥) .

وقال في النكت بعد ان اعترض على الشيخ: بان الحبس حد من سرق في الثالثة، فكيف يحبس في الاولى.

الجواب: ان الشيخرحمه‌الله ربما لمح، ان السرقة جناية توجب العقوبة، والحبس

____________________

(١)الوسيلة: في بيان السرقة واحكامها ص ٤٢٠ س ١١ قال: ورابعها ان تكون يمينه مقطوعة، فان قطعت قصاصا قطعت يساره، وان قطعت في السرقة قطعت رجله اليسرى.

(٢)و(٣) لم نظفر عليه وكان عند ابن ادريس فنقل عنه ونحن ننقل عن السرائر قال في باب حد السرقة ص ٤٥٦ س ١١ قال: وقالرحمه‌الله في المسائل الحلبية في المسألة الخامسة: المقطوع اليدين والرجلين اذا سرق ما يوجب القطع، وجب ان نقول: الامام تخير في تأديبه وتعزيره الخ ثم قال: الاقوى عندى ان من ذكر حاله لا يجوز حبسه ابدا اذا سرق اول دفعة، لان الحبس هو حد من سرق في الثالثة الخ.

(٤)لاحظ عبارة النافع حيث قال بعد نقل قول النهاية: وفي الكل تردد.

(٥)الشرائع: كتاب الحدود، الرابع في الحد قال بعد نقل قول النهاية: وفي الكل اشكال من حيث انه تخط عن موضع القطع الخ.

[*]

١١٢

[ويسقط الحد بالتوبة قبل البينة، لا بعدها. ويتخير الامام معها بعد الاقرار في الاقامة على رواية فيها ضعف، والاشبه تحتم الحد، ولا يضمن سراية الحد.] احد عقوبات السرقة، فاذا فات القطع لفوات محله، تعين الحبس، كما لو لم يكن له يدوكان له رجل، قطعت رجله، ولو كان له يد لم تقطع رجله الا في الثانية، قال: وهذا تخريج لايليق بمذهبنا، فالاولى ان يقال: للامام تأديبه بما شاء، من تعزير أو حبس، او غيره، والى هذا ذهب في المسائل الحلبية هذا آخر كلامه(١) .

فرع: لو تلفت يمين السارق قبل القطع

لو كان له يمين حين السرقة، فتلفت قبل القطع، سقط القطع، واقتصر على تأديبه، سواء تلفت بجناية، فيكون له ديتها، او في قصاص ليبرء من عهدته، أو بآفة من قبله تعالى.

قال طاب ثراه: ويسقط الحد بالتوبة قبل البينة، لابعدها، ويتخير الامام معها بعد الاقرار، في الاقامة على رواية فيها ضعف، والاشبه تحتم الحد.

أقول: إذا تاب السارق بعد الاقرار الموجب للحد، هل يتخير الامام هنا في اقامة الحد عليه، واسقاطه عنه؟ قال الشيخ في النهاية: نعم(٢) واختاره العلامة في المختلف(٣) ومنعه ابن ادريس وأوجب اقامة الحد لاشتمال اسقاطه على تعطيل

____________________

(١)كتاب الحدود من نكت النهاية (في ضمن الجوامع الفقهية): باب السرقة ص ٤٥٥ س ٣٥ قال: قوله: ومن سرق وليس له اليمنى إلى قوله: الجواب: ان الشيخرحمه‌الله ربما لمح الخ.

(٢)النهاية: باب الحد في السرقة ص ٧١٨ س ١١ قال: فان كان قد اقر على نفسه ثم تاب، جاز للامام العفو عنه الخ.

(٣)المختلف ج ٢ في حد السرقة ص ٢٢٠ س ٢ قال: والمعتمد الاول، أي قول الشيخ في النهاية.

[*]

١١٣

حدود الله(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة في القواعد(٣) وقال التقى: يتخير الامام خاصة، ولا خيار لغيره(٤) .

احتج الاولون: بما رواه البرقي عن بعض اصحابه، عن بعض الصادقينعليهم‌السلام قال: جاء رجل إلى أميرالمؤمنينعليه‌السلام فأقر بالسرقة، فقال له أمير المؤمنينعليه‌السلام : أتقرأ شيئا من كتاب الله تعالى؟ قال: نعم سورة البقرة، قال: قد وهبت يدك لسورة البقرة، فقال الاشعث: أتعطل حدا من حدود الله تعالى؟ قال: وما يدريك ما هذا؟ ! اذا قامت البينة، فليس للامام ان يعفو، واذا أقر الرجل على نفسه فذلك إلى الامام ان شاء عفا وان شاء قطع(٥) .

تذنيب لو رجع بعداقراره مرتين، قال في النهاية والخلاف سقط القطع(٦) (٧) وبه قال

____________________

(١)السرائر: باب الحد في السرقة ص ٤٥٦ س ٢٥ قال: فان كان قد اقر على نفسه مرتين عند الحاكم ثم تاب بعد الاقرار وجب عليه القطع الخ.

(٢)لاحظ عبارة النافع حيث يقول: والاشبه تحتم القطع.

(٣)القواعد: ج ٢، فيما يثبت به السرقة ص ٢٧٠ س ٢١ قال: ولو تاب بعد اقرار إلى قوله: لم يسقط الحد.

(٤)الكافي: فصل في السرق وحده ص ٤١٢ س ١١ قال: وان تاب بعد ما رفع اليه، فالامام خاصة مخير الخ.

(٥)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١٢٩ للحديث ١٣٣.

(٦)النهاية: باب الحد في السرقة ص ٧١٨ س ٦ قال: ومن اقر بالسرقة ثم رجع عن ذلك الزم السرقة وسقط عنه القطع.

(٧)كتاب الخلاف: كتاب السرقة، مسألة ٤١ قال: اذا ثبت القطع باعترافه ثم رجع عنه، سقط برجوعه.

[*]

١١٤

التقي(١) والقاضي(٢) واختاره العلامة في المختلف(٣) وفخر المحققين في الايضاح(٤) .

وقال في المبسوط: لا يسقط(٥) واختاره ابن ادريس(٦) وجزم به المصنف والعلامة في الشرائع(٧) والقواعد(٨) .

احتج الاولون بوجوه:

(أ) اصالة براء‌ة الذمة.

(ب) ان رجوعه توبة منه وندامة، فيسقط الحد.

(ج) رواية جميل بن دراج عن بعض اصحابنا، عن أحدهماعليهما‌السلام قال: لا يقطع السارق حتى يقر بالسرقة مرتين، فان رجع ضمن السرقة ولم يقطع اذا لم

____________________

(١)الكافي: فصل في السرق وحده ص ٤١٢ س ٣ قال: واذا رجع المقر بالسرق عن اقراره، اغرم ما اقر به ولم يقطع.

(٢)المهذب: ج ٢ كتاب الحدود ص ٥٤٤ س ٢٠ قال: واذا اقر بالسرقة مختارا ورجع عن ذلك سقط عنه القطع.

(٣)المختلف: ج ٢ في حد السرقة ص ٢١٩ س ٣٠ قال بعد نقل كلام النهاية: والوجه ما قاله الشيخ.

(٤)الايضاح: ج ٤ فيما يثبت به السرقة ص ٥٣٩ س ٢٠ قال: واختار في المختلف مذهب الشيخ في النهاية، وهو الاقوى عندي.

(٥)المبسوط: ج ٨ كتاب السرقة ص ٤٠ س ٥ قال: ومتى رجع من اعترافه إلى قوله: الا ابن أبي ليلى فانه قال: لا يسقط برجوعه وهو الذي يقتضيه مذهبنا وحمله على الزنا قياس لا نقول به.

(٦)السرائر: باب الحد في السرقة، ص ٤٥٦ س ٢١ قال: ومن أقر بالسرقة مختارا ثم رجع عن ذلك قطع والزم السرقة الخ.

(٧)الشرائع: ج ٤ في حد السرقة الثالث: ما به يثبت قال: ولو أقر مرتين ورجع لم يسقط الحد وتحتمت الاقامة ولزمه الغرم.

(٨)القواعد: ج ٢، فيما يثبت به السرقة ص ٢٧٠ س ٢١ قال: ولو تاب بعد الاقرار مرتين، او رجع بعد المرتين لم يسقط الحد.

[*]

١١٥

يكن شهود(١) . (د) حصول الشبهة برجوعه، وهي مسقطة للحد، لعموم: (ادرؤا الحدود بالشبهات)(٢) .

احتج الاخرون بوجوه:

(أ) عموم قوله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما)(٣) وقد ثبت كونه سارقا لعموم قبول اقرار العاقل(٤) .

(ب) وجوب المحافظة على حدود الله، لقوله تعالى: (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه)(٥) .

(ج) صحيحة الحلبي عن الصادقعليه‌السلام قال: اذا أقر الرجل على نفسه أنه سرق، ثم جحد، فاقطعه وان رغم انفه(٦) . وحملها العلامة على رجوعه بعد قيام البينة(٧) لان العلة الكافية في وجوب القطع موجودة بعد جحوده، وهو قيام البينة، فلا عبرة برجوعه، كما لا عبرة باقراره، لا نا نستوفي الحد منه بالبينة، لا باقراره.

____________________

(١)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١٢٩ الحديث ١٣٢.

(٢)تقدم مرارا.

(٣)المائدة: ٣٨.

(٤)اشارة إلى حديث (اقرار العقلاء على انفسهم جائز) لاحظ عوالى اللئالى ج ١ ص ٢٣٣ الحديث ١٠٤ وج ٢ ص ٢٥٧ الحديث ٥ وج ٣ ص ٤٤٢ الحديث ٥ ولاحظ ما علق عليه.

(٥)الطلاق: ١.

(٦)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١٢٦ قطعة من حديث ١٢٠ والحديث عن الحلبي ومحمد بن مسلم.

(٧)المختلف: ج ٢ في حد السرقة ص ٢١٩ س ٣٣ قال بعد نقل الحديث: والجواب الحمل على ما اذا رجع عن اقراره بعد قيام البينة عليه.

[*]

١١٦

[(الخامس) في اللواحق، وفيه مسائل. (الاولى) اذا سرق اثنان نصابا، قال في النهاية: يقطعان، وفي الخلاف: اشترط نصيب كل واحد نصابا.] قال طاب ثراه: اذا سرق اثنان نصابا، قال في النهاية: يقطعان، وفي الخلاف: اشترط بلوغ(١) كل واحد نصابا.

أقول: قال الثلاثة: اذا سرق اثنان فصاعدا ما قيمته نصاب وجب القطع على الجميع، فان انفرد كل واحد ببعضه لم يجب القطع(٢) (٣) (٤) لانه قد نقص عن المقدار الذي يجب فيه القطع، وبه قال التقي(٥) والقاضي(٦) وابن حمزة(٧) وسلار(٨)

____________________

(١)في النسخة المطبوعة من النافع (اشترط نصيب) وفي النسخ المخطوطة التي عندي من المهذب (اشترط بلوغ) والامر سهل.

(٢)المقنعة: باب الحد في السرق ص ١٢٨ س ٥ قال: واذا اشترك نفسان في سرقة شئ، وكان قيمة الشئ ربع دينار فصاعدا قطعا.

(٣)الانتصار: في الحدود ص ٢٦٤ مسألة قال: ومما انفردت به الامامية القول: بانه اذا اشترك نفسان في سرقه ما يبلغ النصاب قطع جميعهم الخ.

(٤)النهاية: باب الحد في السرقة ص ٧١٨ س ٢٠ قال: واذا سرق نفسان فصاعدا ما قيمته ربع دينار وجب عليهما القطع.

(٥)الكافي: فصل في السرق وحده ص ٤١١ س ١٢ قال: فان كان السراق جماعة مشتركين في السروق قطعوا جميعا بربع دينار.

(٦)المهذب: ج ٢ باب الحد في السرقة ص ٥٤٠ س ١٢ قال: واذا اشترك ثلاثة نفر في اخراج نصاب من الحرز قطع جميعهم.

(٧)الوسيلة: فصل في بيان السرقة واحكامها ص ٤١٩ س ١٦ قال: وان سرق اثنان معا نصابا، قطعا.

(٨)لم نظفر عليه في المراسم ولم يتعرض له العلامة لاحظ المختلف ج ٢ في حد السرقة ص ٢٢٠ س ١٩.

[*]

١١٧

وابن زهرة(١) .

وقال الشيخ في الكتابين: لا يجب القطع الا أن يبلغ نصيب كل واحد نصابا(٢)(٣) . وبه قال ابن الجنيد(٤) وابن ادريس(٥) واختاره العلامة في المختلف(٦) وتوقف المصنف(٧) .

احتج الاولون: بعموم الآية(٨) . ولان موجب الحد وهو سرقة النصاب ثابت، وقد صدرت عن الجميع، فيثبت عليهم الحد. أو نقول: قد تحقق اخراج النصاب، فخروجه اما بالجميع، او بواحد معين، أو غير معين، والثاني محال، لا ستحالة ترجيح نسبته إلى احدهما دون الاخر، والثالث

____________________

(١)الغنية (في الجوامع الفقهية): في حد السرقة ص ٦٢٣ س ٣٠ قال: وان كانوا مشتركين في ذلك وفي اخراجه من الحرز، قطعوا جميعا بربع دينار.

(٢)المبسوط: ج ٨ كتاب السرقة ص ٢٨ س ١٨ قال: فان بلغت حصته كل واحد نصابا قطعناهم، وان كانت اقل فلا قطع.

(٣)كتاب الخلاف: كتاب السرقة، مسألة ٨ قال: فبلغ نصيب كل واحد منهم نصابا قطعناهم، وان كان اقل فلا قطع.

(٤)و(٦) المختلف: ج ٢، في حد السرقة ص ٢٢٠ س ٢١ قال: وبه (أي بقول المبسوط) قال ابن الجنيد، وهو المعتمد.

(٥)السرائر: في حد السارق ص ٤٥٦ س ٣٦ قال: واذا سرق نفسان فصاعدا ربع دينار، لايجب عليهم القطع إلى قوله بعد اسطر: والاظهر ما اخترناه، لان هذا حكم شرعي يحتاج في اثباته إلى دليل شرعي الخ.

(٧)لاحظ عبارة النافع حيث انه لم يحكم عليه بشئ، وفي الشرايع الخامس في اللواحق، قال: الثانية، اذا سرق اثنان نصابا إلى قوله: فالتوقف احوط.

(٨)المائدة: ٣٨.

[*]

١١٨

[(الثانية) لو قامت الحجة بالسرقة، ثم امسك ليقطع، ثم شهدت عليه باخرى، قال في النهاية: قطعت يده بالاولى ورجله بالاخرى، وبه رواية والاولى التمسك بعصمة الدم الا في موضع اليقين. (الثالثة) قطع السارق موقوف على مرافعة المسروق منه، فلو لم يرافعه، لم يرفعه الامام، ولو رافعه لم يسقط الحد، ولو وهبه قطع.] محال ايضا لاستحالة استناد المعين إلى المطلق، لان المطلق لا وجود له في الخارج، فتعين الاول، وهو استناده إلى الجميع، فتعين القطع عليهم كما في القود.

احتج الاخرون: باصالة براء‌ة الذمة من وجوب القطع الا مع تيقن السبب، وقد حصل الخلاف فيه، فتتحقق الشبهة، وهي دارئة للحد. وبان كل واحد منهم لم يفعل الموجب، والا لزم استناد الفعل الواحد إلى العلل الكثيرة، وهو محال، فالصادر عن كل واحد بعضه، وبعض الشئ ليس نفس ذلك الشئ، واذا انتفى السبب انتفى الحكم. قال طاب ثراه: لو قامت البينة (الحجة خ ل) بالسرقة إلى آخره.

أقول:(١) اذا تكررت السرقة قبل القطع، فيه ثلاث مسائل.

(الاولى) ان سرق ولم يقدر عليه، وثبت ذلك عند الحاكم، ثم سرق ثانية، فهل يقطع بالاولى أو الثانية؟ فيه ثلاثة اقوال: (أ) قطعه بالاخيرة، قاله الشيخ في النهاية(٢) واختاره المصنف في الشرائع(٣) .

____________________

(١)في هامش بعض النسخ المخطوطة بعد قوله: اقول: ما لفظه (اذا سرق فلم يقدر عليه ثم سرق ثانية، فاخذ واقامت عليه البينة بالسرقتين معا، أو أمسك حتى يقطع ثم يشهد عليه بالاخرى، فهنا فصلان، الاول ان يشهد بالسرقتين (كذا في نسخة المقابل بها).

(٢)النهاية: باب الحد في السرقة ص ٧١٩ س ١٢ قال: واذا سرق السارق فلم يقدر عليه، ثم سرق ثانية إلى قوله: بالسرقة الاخيرة.

(٣)الشرائع: ج ٤ في حد السرقة، في اللواحق، الثالثة قال: لو سرق ولم يقدر عليه، ثم سرق ثانية، قطع بالاخيرة.

[*]

١١٩

(ب) قطعه بالاولى، قاله الصدوق(١) والتقى(٢) واختاره العلامة في القواعد(٣) والتحرير(٤) .

(ج) قطعه باي واحدة كانت، بحيث لو عفى الاول قطع بالثاني وبالعكس، قاله العلامة في المختلف(٥) وعلم من هذا التفصيل فائدة الخلاف.

(الثانية) ان يشهد البينة عليه بالسرقتين معا، فليس عليه الا قطع واحد اجماعا.

(الثالثة) ان يشهد عليه بعد قطعه، وفيه قولان:

(أ) قطعه ثانيا عملا بالموجب، قاله الشيخ في النهاية(٦) والصدوق(٧) وابن حمزة(٨) .

____________________

(١)المقنع: باب حد السرقة ص ١٥٠ س ١٦ قال: فان سرق رجل فلم يقدر عليه، ثم سرق مرة اخرى إلى قوله: تقطع يده بالسرقة الاولى.

(٢)الكافي: فصل في السرق وحده ص ٤١٢ س ٧ قال: واذا اقر بسرقات كثيرة، او قامت بذلك بينة، قطع لاولها.

(٣)القواعد: ج ٢، الفصل الثالث في الحد ص ٢٧١ س ١٢ قال: فاذا سرق ولم يقدر عليه ثم سرق ثانيا، قطع بالاولى.

(٤)التحرير: ج ٢، الفصل الرابع في الحد ص ٢٣٢ س ٣٤ قال: (ح) لو سرق ولم يقدر عليه ثم سرق ثانية، قطع بالاولى.

(٥)المختلف: ج ٢ في حد السرقة ص ٢٢١ س ٤ قال: والتحقيق إلى قوله: قطع باي واحد كان بحيث لو عفى الاول قطع بالثاني وبالعكس.

(٦)النهاية: باب الحد في السرقة ص ٧١٩ س ١٥ قال: فان شهدوا عليه بالسرقة الاولى إلى قوله: ثم شهدوا عليه بالسرقة الاخيره قطع رجله.

(٧)المقنع: باب حد السرقة ص ١٥٠ س ١٩ قال: ولو ان الشهود شهدوا بالسرقة الاولى إلى قوله: قطعت رجله اليسرى.

(٨)الوسيلة: فصل في بيان السرقة ص ٤١٩ س ١٠ قال: فان شهدت عليه بسرقة واحدة إلى قوله: ثم شهدت عليه باخرى قطع ثانيا.

[*]

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430