المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٥

المهذب البارع في شرح المختصر النافع13%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 430

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 52669 / تحميل: 7778
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

وقال في المبسوط: اذا تكررت منه السرقة، فسرق مرارا من واحد ومن جماعة ولما قطع، فالقطع مرة واحدة، لانه حد من حدود الله فاذا ترادفت تداخلت كحد الزنا وشرب الخمر، فاذا ثبت ان القطع واحد نظرت، فان اجتمع المسروق منهم وطالبوه باجمعهم، قطعناه وغرم لهم، وان سبق واحد منهم فطالب بما سرق منه، وكان نصابا غرم وقطع، ثم كل من جاء بعده من القوم، فطالب بما سرق منه غرمناه ولم نقطعه، لانا قد قطعناه بالسرقة، فلا يقطع مثل ان يسرق مرة اخرى(١) واختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) وهو ظاهر التقى(٤) وأبي علي(٥) .

احتج الاولون: بما رواه بكير بن اعين عن الباقرعليه‌السلام في رجل سرق فلم يقدر عليه، ثم سرق مرة اخرى، وأخذ، فجاء‌ت البينة فشهدوا عليه بالسرقة الاولى، والسرقة الاخيرة، فقال: تقطع يده بالسرقة الاولى، ولا تقطع رجله بالسرقة الاخيرة فقلت: وكيف ذلك؟ فقال: لان الشهود شهدوا جميعا في مقام واحد بالسرقة الاولى والاخيرة قبل ان يقطع بالسرقة الاولى، ولو أن الشهود شهدوا عليه بالسرقة الاولى ثم امسكوا حتى تقطع يده، ثم شهدوا عليه بالسرقة الاخيرة، قطعت رجله اليسرى(٦) .

____________________

(١)المبسوط: ج ٨ كتاب السرقة ص ٣٨ س ١١ قال: اذا تكررت منه السرقة إلى قوله: مثل ان يسرق مرة اخرى.

(٢)لاحظ عبارة النافع حيث يقول: والاول التمسك بعصمة الدم.

(٣)المختلف: ج ٢ في حد السرقة ص ٢٢٠ س ٣٢ قال بعد نقل قول المبسوط: وهو الاقوى.

(٤)الكافي: فصل في السرق وحده ص ٤١٢ س ٧ قال: واذا اقر بسرقات كثيره إلى اخره وقد تقدم انفا.

(٥)المختلف: ج ٢ في حد السرقة ص ٢٢٠ س ٢٥ قال: وقال ابن الجنيد: لو سرق السارق مرارا إلى قوله: قطعت يمينه فقط.

(٦)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة ص ١٠٧ الحديث ٣٥.

[*]

١٢١

الفصل السادس: في المحارب

وهو كل من جرد سلاحا في بر أو بحر، ليلا أو نهارا لاخافة السابلة وان لم يكن من اهلها على الاشبه ويثبت ذلك بالاقرار ولو مرة، أو] واسقطها العلامة، لكون سهل بن زياد في طريقها(١) (٢) .

واستند اى اصالة البراء‌ة.

قال طاب ثراه: وهو كل من جرد سلاحا في بر أو بحر، ليلا أو نهارا لاخافة السابلة، وان لم يكن اهلها على الاشبه.

أقول: قال الشيخ في النهاية: المحارب هو الذي يجرد السلاح ويكون من اهل الريبة(٣)

وقال المفيد: واهل الدعارة(٤) اذا جردوا السلاح، ثم ذكر احكام المحارب(٥)

____________________

(١)سند الحديث كما في التهذيب (سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالرحمان بن الحجاج، عن بكير بن اعين، عن أبي جعفرعليه‌السلام ).

(٢)المختلف ج ٢ في حد السرقة ص ٢٢٠ س ٣٦ بعد نقل الحديث: والجواب: في الطريق سهل بن زياد وفيه ضعف، فيبقى المستند اصالة البراء‌ة.

(٣)النهاية باب حد المحارب.. ص ٧٢٠ س ٣ قال: المحارب هو الذي يجرد السلاح ويكون من اهل الريبة.

(٤)الدعر بالتحريك الفساد والشر، ومثله الدعارة، ورجل داعر أي خبيث مفسد (مجمع البحرين لغة دعر) وقال في لغة (زعر) ومنه الحديث: اخالط الرجل وارى منه زعارة، أي شواسة خلق وشكاسة

(٥) المقنعة، باب الحد في السرق ص ١٢٩ س ٢ قال: واهل الزعارة اذا جردوا السلاح في دار الاسلام كان الامام مخيرا.

[*]

١٢٢

[بشهادة عدلين. ولو شهد بعض اللصوص على بعض لم تقبل، وكذا لو شهد بعض المأخوذين لبعض.

وحده: القتل، أو الصلب، أوالقطع مخالفا، أو النفي. وللاصحاب اختلاف، قال المفيد: بالتخيير وهو الوجه، وقال الشيخ: بالترتيب. يقتل ان قتل، ولو عفا ولي الدم قتل حدا. ولو قتل واخذ المال، استعيد منه وقطعت يده اليمنى ورجله اليسرى، ثم قتل وصلب. وان أخذ المال ولم يقتل قطع مخالفا ونفي. ولو جرح ولم يأخذ المال، أقتص منه ونفى، ولو شهر السلاح، نفي لاغير. ولو تاب قبل القدرة عليه سقطت العقوبة، ولم تسقط حقوق] وهو المشهور في عبارات الاصحاب. وعموم الآية(١) تدل على عدم الاشتراط، وهو الذي اختاره المصنف(٢) والعلامة(٣) وفخر المحققين(٤) .

قال طاب ثراه: وحده: القتل، أو الصلب، او القطع مخالفا، أو النفى، وللاصحاب اختلاف، قال المفيد: بالتخيير وهو الوجه، وقال الشيخ: بالترتيب.

____________________

(١)قال تعالى: (انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا إلى اخر الآية، سورة المائدة: ٣٣.

(٢)لاحظ عبارة النافع حيث يقول: وهو كل من جرد سلاحا الخ.

(٣)القواعد ج ٢، المقصد السابع في حد المحارب ص ٢٧١ س ٢٢ قال: الاول، المحارب كل من أظهر السلاح وجرده لاخافة الناس إلى قوله: ولا يشترط كونه من اهل الريبة على اشكال.

(٤)الايضاح ج ٤ في حد المحارب ص ٥٤٣ س ١٧ قال: وعموم الآية يدل على عدم الاشتراط، وهو الاقوى عندي.

[*]

١٢٣

[الناس. ولو تاب بعد ذلك لم تسقط. ويصلب المحارب حيا على القول بالتخيير، ومقتولا على القول الآخر. ولا يترك على خشبة اكثر من ثلاثة أيام، وينزل، ويغسل على القول بصلبه حيا، ويكفن، ويصلى عليه، ويدفن. وينفى المحارب عن بلده، ويكتب بالمنع من مؤاكلته، ومجالسته، ومعاملته حتى يتوب، واللص محارب، وللانسان دفعه اذا غلب السلامة، ولا ضمان على الدافع، ويذهب دم المدفوع هدرا. وكذا لو كابرا امرأة على نفسها، أو غلاما فدفع، فأدى إلى تلفه، أو دخل دارا فزجره ولم يخرج، فأدى الزجر والدفع إلى تلفه، أو ذهاب بعض أعضاء‌ه. ولو ظن العطب سلم المال. ولا يقطع المستلب، ولا المختلس والمحتال، ولا المبنج، ولا من سقى غيره مرقدا، بل يستعاد منهم ما اخذوا ويعزرون بما يردع.] أقول: في كيفية حد المحارب مذهبان. الاول: الترتيب. والآخر التخيير، ومعناه: ان للحاكم قتله بمجرد اشهار السلاح وان لم يقتل، بل وان لم ياخذ المال، وله صلبه حيا حتى يموت، وله قطعه، وله نفيه، والخيار في ذلك اليه.

١٢٤

وهو قول المفيد(١) وتلميذه(٢) وابن ادريس(٣) وبه قال المصنف(٤) والعلامة(٥) . والترتيب المحكي في الكتاب مذهب الشيخرحمه‌الله (٦) وهو مذهب القاضي(٧) .

فالحاصل: ان الخلاف بين الشيخين في موضعين.

(أ) التخيير، والترتيب: والمفيد على الاول، والشيخ على الثاني.

(ب) الصلب بعد القتل عند الشيخ(٨) ، وقبله عند المفيد(٩) وهو لازم للاول.

____________________

(١)المقنعة باب الحد في السرقة والخيانة.. والفساد في الارضين ص ١٢٩ س ٣ قال: كان الامام مخيرا فيهم ان شاء قتلهم بالسيف، وان شاء صلبهم حتى يموتوا، وان شاء قطع ايديهم وارجلهم من خلاف، وان شاء نفاهم الخ.

(٢)المراسم كتاب الحدود والاداب ص ٢٥١ س ٦ قال: والمجرد للسلاح في ارض الاسلام، ان شاء الامام قتله، وان شاء صلبه الخ.

(٣)السرائر باب المحاربين وهو قطاع الطريق ص ٤٦٠ س ٣٥ قال بعد نقل قول المقنعة بتمامه: وهو الاظهر الاصح، لانه يعضده التنزيل الخ.

(٤)لاحظ عبارة النافع حيث يقول: وحده القتل الخ.

(٥)المختلف ج ٢ في حد المحارب ص ٢٢٧ س ٥ قال بعد نقل مختار المفيد وابن ادريس: وهو الاقوى، لنا: الاية، فان (او) يقتضي التخيير الخ.

(٦)النهاية باب حد المحارب ص ٧٢٠ س ٥ قال: فمتى فعل ذلك كان محاربا، ويجب عليه ان قتل ولم ياخذ المال، ان يقتل الخ.

(٧)المهذب ج ٢ قاب حدود المحارب ص ٥٥٣ س ٤ قال: فان قتل ولم ياخذ مالا كان عليه القتل إلى قوله: وان قتل واخذ مالا الخ.

(٨)النهاية باب حد المحارب ص ٧٢٠ س ١٠ قال: ثم يقتل بعد ذلك ويصلب.

(٩)المقنعة باب الحد في السرق والخيانة.. والفساد في الارضين ص ١٢٩ س ٥ قال: وجب قتلهم على كل حال بالسيف والصلب حتى يموتوا الخ.

[*]

١٢٥

احتج الاولون: بالاية، فان (او) يقتضي التخيير.

وبحسنة جميل بن دراج عن الصادقعليه‌السلام قال: سألته عن قول الله عزوجل: (انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الرض فسادا ان يقتلوا او يصلبوا) إلى اخر الاية فقلت: أي شئ عليهم من هذه الحدود التي سمى الله تعالى؟ قال: ذلك إلى الامام، ان شاء قطع، وان شاء صلب، وان شاء نفى، وان شاء قتل، قلت: النفى إلى اين؟ قال: ينفى من مصر إلى مصر اخر، وقال: ان علياعليه‌السلام نفى رجلين من الكوفة إلى البصرة(١) .

احتج الشيخ بما رواه عبيدالله المدائني عن الصادقعليه‌السلام قال: قلت له: جعلت فداك اخبرنى عن قول الله عزوجل: (انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الارض فسادا ان يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع ايديهم وارجلهم من خلاف او ينفوا من الارض) قال: فعقد بيده، ثم قال: يا ابا عبدالل خذها اربعا باربع، ثم قال: اذا حارب الله ورسوله وسعى في الارض فسادا فقتل، قتل، وان قتل واخذ المال قتل وصلب، وان اخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف، وان حارب الله وسعى في الارض فسادا ولم يقتل لم ياخذ من المال نفي من الارض، قال: قلت: وما حد نفيه؟ قال: سنة ينفى من الارض التي فعل فيها إلى غيرها، ثم يكتب إلى ذلك المصر: بانه منفى فلا تواكلوه، ولا تشاربوه، ولا تناكحوه، حتى يخرج إلى غيره، فيكتب اليهم ايضا بمثل ذلك، فلا يزال هذه حاله سنة، فاذا فعل به ذلك تاب وهو صاغر(٢) .

____________________

(١)التهذيب ج ١٠(٨) باب الحد في السرقه.. والفساد في الارضين ص ١٣٣ الحديث ١٤٥.

(٢)التهذيب ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة.. والفساد في الارضين ص ١٣١ الحديث ١٤٠.

[*]

١٢٦

(تحصيل)

على القول بالتفصيل: يتحتم القتل بالسيف على تقدير ان يقتل، سواء كان المقتول مكافئا أولا، وسواء عفى الولى أولا، لكن مع عدم عفوه له المطالبة ومباشرة القاص مع اذن الامام، ومع اخذ المال يجب القطع، ولا يعتبر قدر النصاب، ولا اخذه من حرز، ولا يسقط بهبة المأخوذ قبل القدرة عليه، لانه حد، فخرج عن قانون السرقة في اربعة أشياء.

(أ) عدم اشتراط المرافعة من المالك.

(ب) عدم سقوطه بعفوه.

(ج) عدم اشتراط النصاب.

(د) قطع يده ورجله بسرقة واحدة.

وفي القتل ايضا خرج عن باب القصاص في ثلاثة أشياء.

(أ) عدم اعتبار مطالبة الولي.

(ب) عدم اعتبار التكافؤ، فيقتل بالعبد والذمي.

(ج) عدم سقوطه بعفوه.

فرع

هذا الحكم يثبت للنساء لعموم الآية(١) .

ولصحيحة محمد بن مسلم عن الصادقعليه‌السلام : من شهر السلاح في مصر من الامصار، فعقر اقتص منه(٢) ولفظة (من) من الفاظ العموم تتناول الذكر

____________________

(١)قال تعالى: (انما جزاء الدين يحاربون الله) الآية سورة المائدة / ٣٣.

(٢)التهذيب: ج ١٠(٨) باب الحد في السرقة.. والفساد في الارضين ص ١٣٢ قطعة من حديث ١٤١.

[*]

١٢٧

الفصل السابع: في اتيان البهائم، ووطء الاموات ومايتبعه

اذا وطئ البالغ العاقل بهيمة مأكولة اللحم كالشاة والبقرة، حرم لحمها ولحم نسلها. ولو اشتبهت في قطيع، قسم نصفين، واقرع هكذا حتى تبقى واحدة، فتذبح وتحرق، ويغرم قيمتها ان لم يكن له. ولو كان المهم ما يركب ظهرها، لالحمها كالبغل والحمار والدابة، أغرم ثمنها ان لم تكن له، واخرجت إلى غير بلده وبيعت. وفي الصدقة بثمنها قولان: والاشبه: انه يعاد عليه، ويعزر الواطئ] والانثى، وصرح به الشيخ في كتابي الفروع(١) (٢) . خلافا لابي علي حيث قال: الا النساء فانهن لايقتلن(٣) واختاره ابن ادريس لان النساء لا تقتلن في المحاربة، ثم قال في اخر المسألة: قد بينا ان احكام المحاربين تتعلق بالرجال والنساء سواء على ما فصلناه من العقوبات للاية، ولم يفرق بين الرجال والنساء، فوجب حملها على عمومها(٤) .

قال طاب ثراه: وفي الصدقة بثمنها قولان: والاشبه: انه يعاد عليه.

____________________

(١)الخلاف: كتاب قطاع الطريق مسألة ١٥ قال: احكام المحاربين تتعلق بالرجال والنساء سواء على ما فصلناه في العقوبات.

(٢)المبسوط: ج ٨ كتاب قطاع الطريق ص ٥٦ س ٤ قال: النساء والرجال في احكام المحاربين سواء على ما فصلناه في العقوبة.

(٣)المختلف: ج ٢ في حد المحارب ص ٢٢٧ س ١٨ قال: وقال ابن الجنيد: وكذلك كل النساء الا انهن لا يقتلن.

(٤)السرائر: في حد المحاربة ص ٤٦١ س ٦ قال: والذي يقتضيه اصول مذهبنا: ان لا يقتلن الا بدليل قاطع، ثم قال في س ٢٧ من تلك الصفحة: وقد قلنا: ان احكام المحاربين يتعلق بالرجال والنساء سواء على ما فصلناه من العقوبات الخ.

[*]

١٢٨

[على التقديرين. ويثبت هذا الحكم بشهادة عدلين، او الاقرار مرتين، ولو قيل يكفي المرة كان حسنا. ولا يثبت بشهادة النساء، منفردات ولا منضمات. ولو تكرر الوطء مع التعزير ثلاثا، قتل في الرابعة.] اقول: مختار المصنف(١) مذهب الشيخ في النهاية(٢) وابن ادريس(٣) لاصالة براء‌ة الذمة من وجوب الصدقة، وهو مذهب العلامة(٤) .

وقال المفيد: يتصدق بها، عقوبة على ما جناه، ورجاء لتكفير ذنبه بالصدقة عنه(٥) .

قال طاب ثراه: ويثبت بشهادة عدلين، او الاقرار مرتين، ولو قيل: يكفي المرة كان حسنا.

اقول: الاكتفاء بالمرة هو المشهور بين الاصحاب، لعموم نفوذ اقرار العاقل على نفسه(٦) الا ما خصه الدليل من الحدود ايضا، فان الانسان اذا اقر مرة ثم انكر

____________________

(١)لاحظ عبارة النافع حيث يقول: والاشبه انه يعاد عليه.

(٢)النهاية باب من نكح ميتة، او وطأ بهيمة ص ٧٠٩ س ١ قال: ويغرم ثمن البهيمة لصاحبها ان لم تكن له الخ.

(٣)السرائر باب وطء الاموات والبهائم ص ٤٥١ س ٩ قال: ومن وطأ بهيمة إلى قوله: ويغرم ثمن البهيمة لصاحبها.

(٤)المختلف ج ٢، القول في وطأ البهيمة ص ٢١٥ س ٩ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية: والوجه ما قاله الشيخ.

(٥)المقنعة باب الحد في نكاح البهائم ص ١٢٥ س ٣٢ قال: وتصدق بثمنها ولم يعط صاحبها شيئا منه عقوبة له على ما جناه الخ.

(٦)لاحظ عوالي اللئالي.

[*]

١٢٩

[ووطء الميتة كوطء الحية في الحد، واعتبار الاحصان، ويغلظ هنا. ولو كانت زوجة، فلا حد ويعزر. ولا يثبت الاباربعة شهود، وفي رواية يكفي اثنان، لانها شهادة على واحد. ومن لاط بميت كمن لاط بجى، ويعزر زيادة على الحد. ومن استمنى بيده عزر بمايراه الامام. ويثبت بشهادة عدلين، او الاقرار مرتين، ولو قيل: يكفي المرة كان حسنا.] وجب التعزير، وهذه الجناية توجب التعزير في الاصل، فلا معنى لاشتراط المرتين فيها.

وقال ابن ادريس: ويثبت بالاقرار مرتين(١) وظاهره عدم الثبوت بالمرة، هكذا فهم المصنف والعلامة(٢) وجعلا المسألة خلافية.

فروع

(أ) يتعلق الحكم بالبهيمة الموطوء‌ة، ولو كان الواطئ صبيا أو مجنونا، ولا فرق في الموطوء بين الذكر والانثى، ولا بين القبل والدبر، نعم لو كان الادمي مفعولا كالمرأة والمخنث لم يتعلق الحكم.

(ب) هل يشمل الحكم كل بهيمة؟ يحتمله قويا، لان المراد بالبهيمة ما ابهم عن الفهم، فتعم الطيور، ويحتمل اختصاص الحكم بذوات الاربع، لانه الظاهر في الاستعمال، وباصالة بقاء الحل، وبالاول قال فخر المحققين(٣) وبالثاني قال

____________________

(١)السرائر باب وطء الاموات والبهائم ص ٤٥١ س ٣٤ قال: ويثبت الفعل بذلك باقرار الفاعل مرتين الخ.

(٢)التحرير ج ٢، المقصد الثالث في وطء الاموات والبهائم ص ٢٢٦ س ٥ قال: وقال بعض علمائنا: يثبت بالاقرار مرتين.

(٣)الايضاح ج ٤ كتاب الاطعمة والاشرية ص ١٥١ س ١١ قال: ويحتمل العموم (أي من ذوات الاربع وغيرها) لان المحرم موجود، وخصوصية المحل لا تمنع، والاقوى عندي الثاني.

[*]

١٣٠

والده(١) .

(ج) لو تلفت في اخراجها عن البلد في الطريق، او احتاجت إلى مؤنة، او نفقة، فهي من الواطئ.

(د) لو حصل لها نماء كان للغارم.

(ه‍) لو كان الواطئ معسرا رد الثمن اليه، ان قلنا بانتقالها إليه بالوطء، فلو كان مفلسا تحاص فيه الغرماء، ويحتمل اختصاص المالك، لانه عوض ماله، ولم يخرج عن ملكه باختياره. وان قلنا بعدم الانتقال، اختص به المالك، وان نقص كان الباقي ثابتا في ذمته. وكذا يثبت الكل لو اوجبنا التصدق بالثمن.

(و) لايجوز قضاء هذا الدين من الزكاة، لكونه سببا عن المعصية.

(ز) لوردت هذه الدابه إلى البلد بعد بيعها في غيره لم يجب اخراجها ثانيا، وان عرفت مشهورة، لتحقق الامتثال.

(ح) يتعدى التحريم إلى النسل، وكذا اللبن والبيض، فلو احضنته حرم الفرخ. ولو كان الموطوء ذكرا تعدى التحريم إلى نسله، للعموم. وكذا تحرم الصلاة في الجلد والصوف والشعر، وهل يجوز استعماله في غير الصلاة؟ الاقوى المنع، لوجوب الاحراق، وهو ينا في جواز الاستعمال.

(ط) يحكم بنجاسة رجيعها.

(ى) لوجنى عليها قبل البيع، فالارش كالنماء، ولو اتلفت اخذت القيمة من المتلف، وهل يتصدق بها، او تعاد على الغارم؟ فيها القولان. (يا) حد الموضع الذي يخرج اليه، ضابطه موضع لا يعرف فيه.

____________________

(١)القواعد ج ٢ كتاب الصيد والذبائح ص ١٥٧ س ٤ قال: الثاني وطء الانسان إلى قوله: والاقرب اختصاص الحكم بذوات الاربع دون الطيور.

[*]

١٣١

(يب) لو تلفت قبل التقويم، وقبل حكم الحاكم عليه بتغريم الثمن عليه، هل يجب تقويمها على الواطئ، او يكون تلفها من المالك؟ اشكال: ينشأ من أنها تنتقل اليه بمجرد الوطء، أو بدفع القيمة، او لا ينتقل مطلقا، فيغرم على الاول، دون الاخيرين. وكذا الحكم في النماء الحاصل في الوقت المفروض. (يج) لو كانت البهيمة حاملا قبل الوطء فالاحوط سريان التحريم إلى الحمل.

(ى) لو بيعت في غير البلد بازيد مما اغترمه؟ فان اوجبنا الصدقة بالثمن تصدق بالجميع، وان قلنا بعوده على الغارم رد عليه الثمن. وما ذا يصنع بالزيادة؟ فيه ثلاث احتمالات.

(الاول) رد الفاضل على المالك، لانها لم تخرج عن ملكه بالوطء، وانما غرم له القيمة للحيلولة.

(الثاني) الصدقة به، لا نتقاله عن ملك المالك باخذ العوض، والا اجتمع له العوض والمعوض، وهو محال، لان ملكه العوض يستدعي خروج المعوض عن ملكه، لكونه في مقابله، ولهذا لا يستأذن في بيعها، ولا يباع بالوكالة عنه، فدل ذلك على خروجها عن ملكه، والغارم لا يملك الدابة، لعدم وجود سبب الانتقال اليه، ورد ما غرم عليه لا يقتضي ملك الزيادة، فيتعين للصدقة.

(الثالث) ردها على الغارم، وهو مبني على ملك الغارم بدفع القيمة، واذا لم يجب عليه الصدقة بثمنها فكذا الزيادة. تذنيب تقدير التعزير هنا منوط بنظر الحاكم، وفي رواية خمسة وعشرون، وفي اخرى القتل.

[*]

١٣٢

١٣٣

١٣٤

كتاب القصاص

وهو: اما في النفس واما في الطرف. والقود: موجبه ازهاق البالغ العاقل النفس المعصومة، المكافئة عمدا. ويتحقق العمد بالقصد إلى القتل بما يقتل ولو نادرا، او القتل بما يقتل غالبا وان لم يقصد القتل.]

مقدمات

الاولى: القصاص عبارة عن مقابلة الجناية بمثلها، وقد يكون في النفس، وقد يكون في الطرق. والقصاص في النفس موجبه ازهاق البالغ العاقل، النفس المعصومة المكافئة عمدا عدوانا. فالازهاق الاتلاف، واحترز ب‍ (البالغ العاقل) عن الصبي والمجنون، فان جنايتهما توجب الدية على العاقلة، و (النفس) احتراز عن الطرف، و (المعصومة) احتراز عن المهدور كالمرتد والحربي، واخترزنا ب‍ (المكافئة) عن غيرها كالعبد بالنسة إلى الحر، وكذا الذمي بالنسبة إلى المسلم، وب‍ (العدوان) عما كان بحق

١٣٥

كالحداد والقود والقصاص بمعنى، لكن القصاص يستعمل في النفس والطرف، ولا يستعمل القود الا في النفس. والاصل فيها الكتاب، والسنة، والاجماع.

اما الكتاب، فقوله تعالى: (ولكم في القصاص حياة)(١) ومعناه: ان القاتل اذا علم انه يقتل إذا قتل، كف عن القتل، فلم يقتل فلا يقتل، فصار حياة للجميع. وفاقت هذه الكلمة الشريفة فصاحة العرب، لان العرب افتخروا بالفصاحة، وابلغ ما كان في الايجاز مع حصول المعنى وعذوبة اللفظ، وافصح ما قالت العرب في هذا المعنى: القتل أنفى للقتل)(٢) وحروف هذه الكلمة اربعة عشر حرفا، وكلمة القران الكريمة، اعني قوله تعالى: (القصاص حياة) عشرة احرف، فكانت اخصر، وعذوبة اللفظ بينهما ما بين السماء والارض. وايضا: فلفظ القتل مكرر في كلمة العرب، والتكرار ضد الفصاحة، فامتازت الكلمة القرانية عن الكلمة العربية بثلاثة أوجه من الفصاحة.

(أ) الاختصار. (ب) عدم التكرار في الفاظها. (ج) عذوبة اللفظ.

وقوله تعالى: (وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس إلى قوله تعالى والجروح قصاص)(٣) . قيل: هذا اخبار عن شرع تقدم. واجيب: بان ذلك وان كان شرعا لمن تقدم، فقد صار شرعا لنا بدليلين.

____________________

(١)البقرة / ١٧٩.

(٢)نقله في مجمع البيان ج ١ ص ٢٦٦ في تفسيره لآية ١٧٩ من سورة البقرة.

(٣)المائدة / ٤٥.

١٣٦

(١)الاجماع.(٢) انه قرئ (النفس بالنفس) نصبا، (والعين بالعين) رفعا، فالنصب اخبار عن شرع من قبلنا، والرفع استئناف حكم لنا. وقرئ ابوعمرو (والجروح قصاص) بالرفع(١) والمعنى ما قلناه.

وروى انس بن مالك قال: كسرت الربيع بنت مسعود، وهي عمة انس، ثنية جارية من الانصار، فطلب القوم القصاص، فاتوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فأمر بالقصاص، فقال انس بن النضر عم انس بن مالك: لا والله لا تكسر ثنيتها يا رسول الله؟ ! فقال رسلو اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا انس في كتاب الله القصاص، فرضى القوم وقبلوا الارش، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان من عباد الله من لو اقسم على الله لابرقسمه(٢) . فموضع الدلالة: أنهعليه‌السلام قال: كتاب الله القصاص، وليس في كتاب الله (السن بالسن) الا هذا، فثبت انه شرع لنا.

واما السنة. فقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لو اجتمعت ربيعة ومضرى على قتل رجل مسلم، لقدتهم به(٣) . وقال الصادقعليه‌السلام : من قتل مؤمنا متعمدا، قيد به الا ان يرضى اولياء المقتول ان يقبلوا الدية(٤) .

____________________

(١)مجمع البيان: ج ٢ في تفسيره لاية ٤٥ من سورة المائدة قال: قرأ الكسائي (العين) وما بعده كله بالرفع إلى قوله: وابوعمرو كلها بالنصب الا قوله: (والجروج قصاص) فانهم قرؤا بالرفع.

(٢)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٧٦ الحديث ١ ولا حظ ما علق عليه، وايضا لا حظ تلخيص الحبير ج ٤ كتاب الجراح(٢) باب ما يجب به القصاص الحديث ١٦٨٠.

(٣)عوالى اللئالي: ج ٣ ص ٥٧٦ الحديث ٢.

(٤)الكافي: ج ٧ باب الدية في قتل العمد والخطأ ص ٢٨٢ قطعه من حديث).

[*]

١٣٧

واما الاجماع: فلا تختلف الامة فيه.

(الثانية) القتل من اعظم الكبائر، وذلك معلوم من الكتاب والسنة والاجماع.

اما الكتاب فقوله تعالى: (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق)(١) يعني القصاص او شبهه.

وقال تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاء‌ه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما)(٢) . فغلظ فيه العقوبة بامور.

(أ) التوعد عليه بالنار.

(ب) الخلود فيه.

(ج) الغضب من الله.

(د) اللعنة.

(ه‍) اعداد العذاب، وهو دليل على غاية الاهتمام بتعذيبه، ووصف العذاب المعد له بالعظيم، وذلك يدل على تفخيم امره وتعظيم شأنه، وكل ذلك مبالغة في عصمة الدم، والاحتراز منه.

واما السنة فكثير. منها قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اول ما ينظر الله بين الناس يوم القيامة الدماء(٣) .

____________________

(١)الانعام / ١٥١.

(٢)النساء / ٩٣.

(٣)سنن ابن ماجة ج ٢ كتاب الديات(١) باب التغليظ في قتل مسلم ظلما، الحديث ٢٦١٥ ولفظة اول ما يقضي بين الناس الخ. وسنن الترمذي ج ٤ باب الحكم في الدماء ص ١٧ الحديث ١٣٩٦ و ١٣٩٧ ولفظهما (ان اول ما يحكم) و (ان اول ما يقضي) ورواه في عوالي اللئالي ج ٣ ص ٥٧٧ الحديث ٤ كما في المتن.

[*]

١٣٨

ومرصلى‌الله‌عليه‌وآله بقتيل، فقال: من لهذا؟ فلم يذكر له، فغضب، ثم قال: والذي نفسي بيده لو أشرك فيه أهل السماء والارض لاكبهم الله في النار(١) .

وروى محمد بن أبي عمير، عن منصور بن يونس، عن أبي حمزة، عن احدهماعليهما‌السلام قال: أتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقيل له: يا رسول الله قتيل في جهينة، فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يمشي حتى انتهى إلى مسجدهم، قال: وتسامع الناس فأتوه، فقال: من قتل ذا؟ قالوا: يا رسول الله ما ندري، فقال: قتيل من المسلمين بين ظهراني المسلمين لا يدرى من قتله، والذي بعثني بالحق لو ان اهل السماء والارض شركوا في دم امرء مسلم، ورضوا به لاكبهم الله على مناخرهم في النار، أو قال: على وجوههم(٢) . وروى الصدوق في الصحيح عن الصادقعليه‌السلام قال: من اعان على مؤمن بشطر كلمة جاء يوم القيامة وبين عينيه مكتوب: آيس من رحمة الله(٣) .

وعن الباقرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : اول ما يحكم الله فيه يوم القيامة الدماء، فيوقف ابنا ادم فيفصل بينهما، ثم الذين يلونهما من اصحاب الدماء، حتى لا يبقى منهم احد، ثم الناس بعد ذلك، حتى يأتي المقتول بقاتله فيتشخب دمه في وجهه، فيقول: هذا قتلني، فيقول: انت قتلته، فلا يستطيع أن يكتم الله حديثا(٤) .

____________________

(١)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٥٧٧ الحديث ٥ ولاحظ ما علق عليه.

(٢)الكافي: ج ٧ باب القتل ص ٢٧٢ الحديث ٨.

(٣)من لايحضره الفقيه: ج ٤ ص ٦٨ الحديث ٧.

(٤)الكافي: ج ٧ باب القتل ص ٢٧١ الحديث ٢.

[*]

١٣٩

وروى حماد بن عثمان عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: يجئ يوم القيامة رجل إلى رجل حتى يلطخه بالدم والناس في الحساب فيقول: يا عبدالله مالي ولك !؟، فيقول: أعنت علي يوم كذا وكذا بكلمة فقتلت(١) . وعن الصادقعليه‌السلام في رجل يقتل رجلا مؤمنا، قال: يقال له: مت أي ميتة شئت، أن شئت يهوديا، وان شئت نصرانيا، وان شئت مجوسيا(٢) .

(الثالثة) قاتل العمد تقبل توبته فيما بينه وبين الله تعالى.

وقال ابن عباس: لا تقبل توبته، لان قوله تعالى: (ومن يقتل مؤمنا متعمدا)(٣) نزلت بعد قوله: (الا من تاب)(٤) بستة اشهر، فلم يدخلها النسخ، فتكون ناسخة(٥) . والمشهور قبولها، لقوله تعالى: (وهو الذي يقبل التوبته عن عباده)(٦) وقال تعالى: (إن الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)(٧) . وفي الحديث من طريق العامة: ان رجلا قتل مائة رجلا ظلما، ثم سأل: هل من توبة؟ فدل على عالم، فسأله؟ فقال: ومن يحول بينك وبين التوبة؟ ولكن اخرج

____________________

(١)من لا يحضره الفقيه: ج ٤ ص ٦٧ الحديث ٤.

(٢)الكافي: ج ٧ باب القتل ص ٢٧٣ الحديث ٩.

(٣)النساء / ٣.

(٤)الفرقان / ٧٠.

(٥)الدر المنثور: ج ص ٦٢٥ س ١ قال في تفسيره لاية ٩٣ من سورة النساء: عن شهر بن حوشب قال: سمعت ابن عباس يقول: نزلت هذه الاية ومن يقتل بعد قوله: الا من تاب بسنة. وفي تفسير القرطبي ج ٥ ص ٣٣٢ قال: (السابعة) واختلف العلماء في قاتل العمد هل له من توبة؟ ثم نقل الحديث عن ابن عباس كما نقلناه، فقال: وروي عن زيد بن ثابت نحوه، وان اية النساء نزلت بعد اية الفرقان بستة اشهر، وفي رواية بثمانية اشهر.

(٦)الشورى / ٢٥.

(٧)النساء / ٤٨.

[*]

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

الشبهة مع وضوح الحق له لو أراده ، موجبا على الله دفعها ، حتى لا يكلف إلا المؤمنين ولا يؤل إلا البالغين. ولهذا الباب في الاصول نظائر كثيرة ذكرها يطول ، والاشارة إليها كافية. واما الفرق بينه وبين آبائه عليهم السلام فواضح ، لان خوف من يشار إليه بأنه القائم المهدي الذي يظهر بالسيف ويقهر الاعداء ويزيل الدول والممالك ، لا يكون كخوف غيره ممن يجوز له مع الظهور التقية وملازمة منزله ، وليس من تكليفه ولا مما سبق أنه يجري على يده الجهاد واستيصال الظالمين. المصلحة بوجوده : (مسألة) : فإن قيل : إذا كان الخوف قد اقتضى ان المصلحة في استتاره وتباعده فقد تغيرت الحال إذا في المصلحة بالامام واختلف ، وصار ما توجبونه من كون المصلحة مستمرة بوجوده وأمره ونهيه مختلفا على ما ترون ، وهذا خلاف مذهبكم. (الجواب) : قلنا المصلحة التى توجب استمرارها على الدوام بوجوده وأمره ونهيه ، انما هي للمكلفين. وهذه المصلحة ما تغيرت ولا تتغير ، وإنما قلنا ان الخوف من الظالمين اقتضى أن يكون من مصلحته هو (ع) في نفسه الاستتار والتباعد ، وما يرجع إلى المكلفين به لم يختلف ، ومصلحتنا وإن كانت لا تتم إلا بظهوره وبروزه ، فقد قلنا ان مصلحته الآن في نفسه في خلاف الظهور ، وذلك غير متناقض ، لان من أخاف الامام واحوجه إلى الغيبة والى أن يكون الاستتار من مصلحته قادر على أن يزيل خوفه ، فيظهر ويبرز ويصل كل مكلف إلى مصلحته ، والتمكن مما يسهل سبيل المصلحة تمكن من المصلحة فمن هذا الوجه لم يزل التكليف الذي (به) الامام لطف فيه عن المكلفين بالغيبة منه والاستتار ، على ان هذا يلزم في النبي صلى الله عليه وآله لما استتر في الغار وغاب عن قومه بحيث لا يعرفونه ، لانا نعلم أن المصلحة بظهوره وبيانه كانت ثابتة غير متغيرة. ومع هذه الحال فإن المصلحة له في الاستتار والغيبة عند الخوف ، ولا جواب عن ذلك. وبيان أنه لا تنافي فيه ولا

١٨١

تناقض إلا بمثل ما اعتمدناه بعينه. في الوجه في غيبته عن أوليائه وأعدائه : (مسألة) : فإن قيل : فإذا كان الامام (ع) غائبا بحيث لا يصل إليه أحد من الخلق ولا ينتفع به ، فما الفرق بين وجوده وعدمه؟ وإذا جاز ان يكون اخافة الظالمين سببا لغيبته بحيث لا يصل إلى مصلحتنا به حتى إذا زالت الاخافة ظهر ، فلم لا جاز أن يكون اخافتهم له سببا لان يعدمه الله تعالى ، فإذا انقادوا واذعنوا أوجده الله لهم؟ (الجواب) : قلنا : أول ما نقول إنا غير قاطعين على ان الامام (ع) لا يصل إليه أحد ولا يلقاه بشر ، فهذا أمر غير معلوم ولا سبيل إلى القطع عليه ، ثم الفرق بين وجوده غائبا عن اعدائه للتقية وهو في خلال ذلك منتظر أن يمكنوه فيظهر ويتصرف ، وبين عدمه واح لا خفاء به. وهو الفرق بين أن تكون الحجة فيما فات من مصالح العباد لازمة لله تعالى ، وبين أن تكون لازمة للبشر ، لانه إذا اخيف فغيب شخصه عنهم كان ما يفهوتهم من مصلحة عقيب فعل سببوه وإلجائه إليه ، فكانت العهدة فيه عليهم والذم لازما لهم وإذا أعدمه الله تعالى ، ومعلوم أن العدم لا يسببه الظالمون بفعلهم ، وانما يفعله الله تعالى اختيارا ، كان ما يفوت بالاعدام من المصالح لازما له تعالى ومنسوبا إليه. (مسألة) : فإن قيل فالحدود التي تجب على الجناة في حال الغيبة كيف حكمها؟ وهل تسقط عن أهلها؟ وهذا ان قلتموه صرحتم بنسخ شريعة الرسول صلى الله عليه وآله وان أثبتموه فمن الذي يقيمها والامام (ع) غائب مستتر؟ (الجواب) : قلنا : أما الحدود المستحقة بالاعمال القبيحة فواجبة في جنوب مرتكبي القبائح ، فإن تعذر على الامام في حال الغيبة إقامتها فالاثم فيما تعذر من ذلك على من سبب الغيبة وأوجبها بفعله ، وليس هذا نسخا للشريعة ، ولان المتقرر بالشرع وجوب إقامة الحد مع التمكن وارتفاع الموانع ، وسقوط فرض إقامته مع الموانع وارتفاع التمكن لا يكون نسخا للشرع المتقرر ، لان الشرط في الوجوب لم يحصل. وإنما يكون ذلك نسخا لو سقط فرض إقامة

١٨٢

الحدود عن الامام مع تمكنه ، على أن هذا يلزم مخالفينا في الامامة إذا قيل لهم كيف الحكم في الحدود التي تستحق في الاحوال التي لا يتمكن فيها أهل الحل والعقد من نصب إمام واختياره؟ وهل تبطل الحدود أو تستحق مع تعذر إقامتها؟ وهل يقتضي هذا التعذر نسخ الشريعة فأي شئ اعتصموا به من ذلك فهو جوابنا بعينه. حاجة الناس للامام : (مسألة) : فإن قيل فالحق مع غيبة الامام كيف يدرك وهذا يقتضي أن يكون الناس في حيرة مع الغيبة؟ فان قلتم أنه يدرك من جهة الادلة المنصوبة إليه قيل لكم هذا يقتضي الاغتناء عن الامام بهذه الادلة. (الجواب) : قلنا : أما العلة المحوجة إلى الامام في كل عصر وعلى كل حال ، فهي كونه لطفا فيما أوجب علينا فعله من العقليات من الانصاف والعدل اجتناب الظلم والبغي ، لان ما عدا هذه العلة من الامور المستندة إلى السمع والعبادة به جايز ارتفاعها لجواز خلق المكلفين من العبادات الشرعية كلها ، وما يجوز على حال ارتفاعه لا يجوز أن يكون علته في أمر مستمر لا يجوز زواله. وقد استقصينا هذا المعنى في كتابنا الشافي في الامامة وأوضحناه ، ثم نقول من بعده أن الحق في زماننا هذا على ضربين : عقلي وسمعي : فالعقلي ندركه بالعقل ولا يؤثر فيه وجود الامام ولا فقده. والسمعي انما يدرك بالنقل الذي في مثله الحجة. ولا حق علينا يجب العلم به من الشرعيات إلا وعليه دليل شرعي. وقد ورد النقل به عن النبي (صلى الله عليه وآله) والائمة من ولده صلوات الله عليهم ، فنحن نصيب الحق بالرجوع إلى هذه الادلة والنظر فيها. والحاجة مع ذلك كله إلى الامام ثابتة لان الناقلين يجوز أن يعرضوا عن النقل إما بشبهة أو اعتماد فينقطع النقل أو يبقى فيمن ليس نقله حجة ولا دليل ، فيحتاج حينئذ المكلفون إلى دليل هو قول الامام وبيانه ، وإنما يثق المكلفون بما نقل إليهم ، وانه جميع الشرع لعلمهم بأن وراء هذا النقل إماما متى اختل استدرك

١٨٣

عما شذ منه ، فالحاجة إلى الامام ثابتة مع ادراك الحق في أحوال الغيبة من الادلة الشرعية على ما بيناه. في بيان علة استتاره : (مسألة) : فإن قيل : إذا كانت العلة في استتار الامام خوفه من الظالمين واتقائه من المعاندين فهذه العلة زايلة في أوليائه وشيعته ، فيجب أن يكون ظاهرا لهم أو يجب أن يكون التكليف الذي أوجب إمامته لطفا فيه ساقطا عنهم ، لانه لا يجوز أن يكلفوا بما فيه لطف لهم ثم يحرموه بجناية غيرهم. (الجواب) : قلنا : قد أجاب أصحابنا عن هذا بأن العلة في استتاره من الاعداء هي الخوف منهم والتقية. وعلة استتاره من الاولياء لا يمتنع أن (الجواب) : قلنا : قد أجاب أصحابنا عن هذا بأن العلة في استتاره من الاعداء هي الخوف منهم والتقية. وعلة استتاره من الاولياء لا يمتنع أن يكون لئلا يشيعوا خبره ويتحدثوا عنه مما يؤدي إلى خوفه وان كانوا غير قاصدين بذلك. وقد ذكرنا في كتاب الامامة جوابا آخر ، وهو أن الامام (عليه السلام) عند ظهوره عن الغيبة إنما يعلم شخصه ويتميز عينه من جهة المعجز الذي يظهر على يديه لان النص المتقدم من آبائه عليهم السلام لا يميز شخصه من غيره ، كما يميز النص أشخاص آبائه (عليهم السلام) لما وقع على إمامتهم. والمعجز إنما يعلم دلالة وحجة بضرب من الاستدلال ، والشبهة معترضة لذلك وداخلة عليه ، فلا يمتنع على هذا أن يكون كل من لم يظهر له من أوليائه ، فلان المعلوم من حاله أنه متى ظهر له قصر في النظر في معجزه ، ولحق به هذا التقصير عند دخول الشبهة لمن يخاف منه من الاعداء ، وقلنا أيضا أنه غير ممتنع أن يكون الامام عليه السلام يظهر لبعض أوليائه ممن لا يخشى من جهته شيئا من أسباب الخوف ، فإن هذا مما لا يمكن القطع على ارتفاعه وامتناعه ، وإنما يعلم كل واحد من شيعته حال نفسه ، ولا سبيل له إلى العلم بحال غيره. ولو لا أن استقصاء الكلام في مسائل الغيبة يطول ويخرج عن الغرض بهذا الكتاب لاشبعناه ها هنا. وقد أوردنا منه الكثير في كتابنا في الامامة ولعلنا نستقصي الكلام فيه ونأتي على ما لعله لم نورده في كتاب

١٨٤

الامامة في موضع نفرده له ، إن أخر الله تعالى في المدة وتفضل بالتأييد والمعونة ، فهو المؤول ذلك والمأمول لكل فضل وخير قربا من ثوابه وبعدا من عقابه ، والحمد لله رب العالمين وصلى الله

على سيدنا محمد النبي وآله الطاهرين

(تنبيه) قد وقع سقط بعد آخر كلمة من آخر سطر من صحفة ١٨ وهو هذا (صالح لانه قد وقع من نوح السؤال والرغبة في قوله تع رب ان ابي و اهلي وان وعدك الحق ومعني ذلك نجه كما انجبيهم قلنا ليس يجب ان يكون الهاء في قوله انه عمل غير)

١٨٥

فهرست الكتاب

في تنزيه آدم عليه السلام ٩

تنزيه نوح عليه السلام١٧

تنزيه ابراهيم عليه السلام٢٠

يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم السلام٤١

يوسف بن يعقوب عليهما السلام٤٦

أيوب عليه السلام٥٩

شعيب عليه السلام٦٤

موسى عليه السلام٦٧

داود عليه السلام٨٧

سليمان عليه السلام٩٢

يونس عليه السلام٩٩

عيسى عليه السلام١٠٢

في تنزيه سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وآله١٠٥

تنزيه الائمة عليهم السلام١٣٢

فأما البيعة١٣٨

واما حضور مجالسهم ١٣٨

أما الصلاة خلفهم ١٣٩

فأما أخذه الاعطية١٣٩

فأما ما ذكر في السؤال من نكاح السبي ١٤٠

فأما انكاحه عليه السلام١٤١

فأما الدخول في الشورى ١٤١

١٨٦

فأما تحكيمهما١٤٧

فأما تأخيره جهاد الظالمين ١٤٨

فأما عدوله عن التسمية بأمير المؤمنين ١٤٨

فاما قول النظام١٥٨

فأما أمير المؤمنين ١٥٩

فأما بيع أمهات الاولاد١٦٢

فأما قطع السارق من الاصابع ١٦٢

واما دفع السارق إلى الشهود١٦٣

وأما جلد الوليد بن عقبة١٦٣

واما الجهر بتسمية الرجال في القنوت ١٦٤

واما قبول شهادة الصبيان ١٦٤

فاما أخذ نصف الدية١٦٥

فأما ما حكاه من أحراقه اللوطي ١٦٥

فأما حبسه (عليه السلام) المال المكتسب من مهور البغايا على غنى وباهلة١٦٧

أبو محمد الحسن بن على عليهما السلام١٦٩

فأما قول السائل ١٧٢

وأما البيعة١٧٣

وأما أخذ العطاء١٧٣

وأما أخذ الصلات ١٧٣

فأما اظهاره (عليه السلام) موالاته١٧٤

أبو عبد الله الحسين بن على عليهما السلام١٧٥

وأما مخالفة ظنه عليه السلام١٧٧

فأما السبب ١٧٨

فأما محاربة الكثير بالنفر القليل ١٧٨

١٨٧

فأما الجمع بين فعله (ع) وفعل أخيه١٧٨

أبو الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام١٧٩

القائم المهدي صلوات الله عليه١٨٠

فأما كون ذلك سببا لنفي ولادته (ع)١٨٠

فهرست الكتاب ١٨٦

١٨٨

١٠٥

في تنزيه سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه واله

١٣٢

امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه الصلوة والسلام

١٦٩

ابي محمد الحسن بن علي عليهما السلام

١٧٥

ابي عبد الله الحسين بن علي عليهما السلام

١٧٩

ابي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام

١٨٠

القائم المهدي صلوات الله وسلامه عليه

١٨٩

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430