المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٥

المهذب البارع في شرح المختصر النافع18%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 430

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 52681 / تحميل: 7779
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

وبالجملة : لكون عمدة نفيهم متوجّهة إلى ذلك ؛ خصّصنا بعض أدلّتها بالذِّكر ، والباقي محول إلى ما سيجيء إن شاء الله .

قال تعالى : ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) (١) .

وقال :( وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى ) (٢) .

وقال :( وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ ) (٣) .

وقال :( وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنقَلِبُونَ ) (٤) .

وقال :( وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ) (٥) .

وقال :( أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأمُورُ ) (٦) .

ـــــــــــــ

(١) سورة القيامة : الآيتان ٢٢ و ٢٣ .

(٢) سورة النجم : الآية ٤٢ .

(٣) سورة العنكبوت : الآية ٢١ .

(٤) سورة الخرف : الآية ١٤ .

(٥) سورة المائدة : الآية ١٨ .

(٦) سورة الشورى : الآية ٥٣ .

٢٠١

وقال :( وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (١) .

وقال :( وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ ) (٢) .

وقال :( مَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ ) (٣) .

أقول : وهذان اللفظان ، أعني (اللقاء) و(الرجوع) كثير الدور في الكتاب والسُّنّة .

وقال سبحانه :( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ ) (٤) .

وسياق الآية الأُولى ، وهو قوله :( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ) إلى :(حَتَّى يَتَبَيَّنَ ) ، يعطي أنّ المراد بالشهيد هو المشهود دون الشاهد .

وكذلك قوله :( أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَاء رَبِّهِمْ ) ، وهذا كالاعتراض ، وجوابه قوله سبحانه :( أَلَا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُّحِيطٌ ) .

وسياق هذه الآية الأخيرة ، وهو قوله : (أَلَا إِنَّهُ) ينافي ما يقولون : إنّ معنى اللقاء هو الموت ، أو القيامة مجازاً ؛ لبروز آياته وظهور حقّيّته سبحانه يومئذٍ ، فكأنّه تعالى مرئي مشاهد لا يراب فيه ؛ وذلك لأنّه سبحانه ردّ عليهم ريبهم في لقائه بإحاطته بكلِّ شيء ، وإحاطته في الدنيا ويوم الموت ويوم القيامة سواء ، فلا وجه لتعبيره عن الموت أو عن القيامة من جهة إحاطته باللقاء .

ـــــــــــــ

(١) سورة البقرة : الآية ٢٤٥ .

(٢) سورة السجدة : الآية ٢٣ .

(٣) سورة العنكبوت : الآية ٥ .

(٤) سورة فصّلت : الآيتان ٥٣ و ٥٤ .

٢٠٢

على أنّ الآية حينئذٍ لا ترتبط بالآية السابقة ، بل معنى الآية ـ والله العالم ـ كفى في حقّيّته وثبوته سبحانه أنّه مشهود على كلّ شيء ، لكن يريهم آياته في الآفاق وفي أنفسهم لارتيابهم في شهوده ولقائه ، ولا يجوز لهم وكيف يجوز لهم الارتياب والامتراء وهو بكلّ شيء محيط ، فهو الأوّل والآخر ، والظاهر والباطن عند كلّ شيء ،( فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ ) (١) ،( مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ ) (٢) ،( وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ ) (٣) .

والذي هذا شأنه ، لا يتأنّى الامتراء في شهوده ولقائه ، لكن يجوز الشكّ في أنّ آياته ستظهر ظهوراً لا ارتياب فيه من هذه الجهة ، فافهم .

وهذا الذي ذكرناه لا ينافي ما رواه في (التوحيد) عن عليّعليه‌السلام ، أنّ ما ورد في القرآن من كلمة اللقاء فُهم منه البعث ، الحديث [ توحيد الصدوق / ص ٢٦٧ ] فإنّ كلامنا في المفهوم المستعمل فيه ، كما هو ظاهر ، دون المصداق فمن المعلوم أنّ البعث من مصاديق اللقاء كما سيأتي جملة من الآيات والروايات في ذلك ، وكما هو ظاهر قوله سبحانه : ( وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا ) (٤) ، وقوله سبحانه :( وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ ) (٥) .

ومن الروايات ما في (المحاسن) ، مسنداً عن زُرارة ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول الله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ ) (٦) ، قال :(كان ذلك معاينة الله ، فأنساهم المعاينة ، وأثبت الإقرار في صدورهم ولولا

ـــــــــــــ

(١) سورة البقرة : الآية ١١٥ .

(٢) سورة المجادلة : الآية ٧ .

(٣) سورة الحديد : الآية ٤ .

(٤) سورة الأنعام : الآية ١٣٠ .

(٥) سورة السجدة : الآية ١٠ .

(٦) سورة الأعراف : الآية ١٧٢ .

٢٠٣

ذلك ، ما عرف أحد خالقَه ولا رازقَه ، وهو قول الله : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) (١) ) (٢) .

ومنها : ما في (تفسير القمّي) مسنداً عن ابن مُسْكان ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، في قوله تعالى :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ) (٣) إ لى قوله : (بَلَى) ، قلت : معانية كان هذا ؟ قال :(نعم ، فثبتت المعرفة ، ونسوا الموقف ، وسيذكرونه ولولا ذلك ، لم يدرِ أحد مَن خالقُه ورازقه ، فمنهم مَن أقرَّ بلسانه في الذرّ ولم يؤمن بقلبه فقال : ( فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ بِهِ مِن قَبْلُ ) (٤) ) (٥) .

ومنها : ما في (تفسير العياشي) عن زرارة ، قال : سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) إلى : (أَنفُسِهِمْ) ، قال :(أخرج الله من ظهر آدم ذرّيته إلى يوم القيامة ، فخرجوا كالذرّ ، فعرّفهم نفسه ، واراهم نفسه ، ولولا ذلك ما عرف أحد ربّه ، وذلك قوله : ( وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) (٦) ) (٧) .

ومنها : ما في (التوحيد) مسنداً عن أبي بصير ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال : قلت له : أخبرني عن الله عزّ وجلّ هل يراه المؤمنون يوم القيامة ؟ قال :(نعم ، وقد رأوه قبل يوم القيامة) ، فقلت : متى؟ قال :(حين قال لهم : ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى ) (٨) ) ، ثمّ سكت ساعة ، ثمّ قال :(وإنّ المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم

ـــــــــــــ

(١) سورة الزخرف : الآية ٨٧ .

(٢) المحاسن : ١ / ٤٣٨ ، كتاب مصابيح الظلم ، ٤٣ ـ باب بدء الخلق ، الحديث ١٠١٥ / ٤١٧ .

(٣) سورة الأعراف : الآية ١٧٢ .

(٤) سورة الأعراف : الآية ١٠١ .

(٥) تفسير القمّي : ١ / ٢٤٨ ، تفسير سورة الأعراف : الآية ٢٤٨ .

(٦) سورة لقمان : الآية ٢٥ .

(٧) تفسير العيّاشي : ٢ / ١٧٣ ، تفسير سورة الأعراف : الآية ١٠١ ، ت ١٦٥٤ / ١١٢ .

(٨) سورة الأعراف : الآية ١٧٢ .

٢٠٤

القيامة ، ألست تراه في وقتك هذا ؟ ) ، قال أبو بصير : فقلت له : جعلت فداك ، فأُحدِّث بهذا عنك ؟ فقال :(لا ، فإنّك إذا حدَّثت به فأنكره منكر ، جاهل بمعنى ما تقوله ، ثمّ قدّر أنّ ذلك تشبيه كَفَر (١) وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين ، تعالى الله عمّا يصفه المشبّهون والملحدون) (٢) .

ومنها : ما في (التوحيد) عن هشام ـ في حديث الزنديق ـ حين سأل الصادقعليه‌السلام عن حديث نزوله إلى سماء الدنيا ، فأجاب :(بأنّه ليس كنزول جسم عن جسم إلى جسم) ، إلى أن قال :(ولكنّه ينزل إلى سماء الدنيا بغير معاناة ولا حركة ، فيكون هو كما في السماء السابعة على العرش ، كذلك في سماء الدنيا ، إنّما يكشف عن عظمته ، ويُري أولياءه نفسه حيث شاء ، ويكشف ما شاء من قدرته ، ومنظره بالقرب والبعد سواء) (٣) .

ومنها : ما في (التوحيد) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، في حديث :(وسأل موسى وجرى على لسانه من حمد الله عزّ وجلّ : ربِّ أرني أنظُرْ إليك فكانت مسألته تلك أمراً عظيماً ، وسأل أمراً جسيماً ، فعوقب ، فقال الله تبارك وتعالى : لن تراني في الدنيا حتّى تموت ، فتراني في الآخرة) (٤) ـ الحديث .

ومنها : ما في عدّة من أخبار الجنّة: (أنّ الله سبحانه يتجلّى فيها لوليّه ، ثمّ يقول له : ولك في كلّ جمعة زورة) (٥) .

ـــــــــــــ

(١) كَفَرَ : فعل ماض جواب إذا .

(٢) التوحيد : ١١٣ ، باب ما جاء في الرؤية ، الحديث ٢٠ .

(٣) انظر هامش التوحيد : ٢٤٢ ، باب الردّ على الثنويّة والزنادقة ، الحديث ١ ، طبع ونشر مؤسّسة النشر الإسلامي / جامعة المدرّسين بحار الأنوار : ٣ / ٣٣٠ ، كتاب التوحيد ، باب ١٤ ـ نفي الزمان والحركة والانتقال عنه تعالى ، الحديث ٣٥ .

(٤) التوحيد : ٢٥٦ ، باب الردّ على الثنويّة والزنادقة ، الحديث ٥ .

(٥) بحار الأنوار : ٨ / ٢١٥ ، باب ٢٣ ـ الجنّة ونعيمها ، الحديث ٢٠٥ .

٢٠٥

وفي (جوامع الجامع) ، الحديث :(سَتَرَون ربّكم كما ترون القمر ليلة البدر) (١) .

ومن الروايات ما ورد في خصوص رسول الله والأئمّةعليهم‌السلام ، ففي (التوحيد) مسنداً عن محمّد بن الفضيل ، قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام : هل رأى رسول الله ربّه عزّ وجلّ ؟ فقال :(نعم ، بقلبه رآه ، أمَا سمعت الله عزّ وجلّ يقول : ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى ) (٢) ، أي لم يره بالبصر ولكن رآه بالفؤاد) (٣) .

ومنها : ما في (التوحيد) عن الرضاعليه‌السلام في حديث :(كان ( يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )إذا نظر إلى ربّه بقلبه ، جعله في نور مثل نور الحجب ، حتّى يستبين له ما في الحجب) (٤) .

ومنها : ما في (كامل الزيارة) لابن قولويه ، مسنداً عن ابن أبي يعفور ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال :(بينما رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منزل فاطمة عليها‌السلام والحسين في حجره ؛ إذ بكى وخرّ ساجداً ، ثمّ قال : يا فاطمة ، يا بنت محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إنّ العليَّ الأعلى تراءى لي في بيتك هذان في ساعتي هذه ، في أحسن صورة وأهيَأ هيئة ، وقال لي : يا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أتحبُّ الحسين عليه‌السلام ؟ فقلت : نعم ، قرّة عيني ، وريحانتي ، وثمرة فؤادي ، وجلدة ما بين عينيّ ، فقال لي : يا محمّد ، ووضع يده على رأس الحسين بورك من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني) (٥) ـ الحديث .

ومنها : قول أمير المؤمنينعليه‌السلام مستفيضاً :(لم أعبد ربّاً لم أره) (٦) .

ـــــــــــــ

(١) تفسير جوامع الجوامع / الطبرسي : ١ / ٧٠٠ ، تفسير سورة الأعراف : ١٤٣ ـ ١٤٥ بحار الأنوار : ٩١ / ٢٥١ ، باب ٤٠ ـ أحراز مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، الحديث ١١ .

(٢) سورة النجم : الآية ١١ .

(٣) التوحيد : ١١٢ ، باب ما جاء في الرؤية ، الحديث ١٧ .

(٤) المصدر المتقدّم : ١١٠ ، الحديث ١٣ .

(٥) كامل الزيارات : ١٤١ ، باب لعنُ الله تبارك وتعالى ولعن الأنبياء قاتلَ الحسين بن عليّعليه‌السلام ، الحديث ١٦٦ / ١ .

(٦) الكافي : ١ / ١١٩ ، باب في إبطال الرؤية ، الحديث ٢٦٠ / ٦ .

٢٠٦

ومنها : قولهعليه‌السلام :(ما رأيت شيئاً إلاّ ورأيت الله قبله) (١) .

وبالجملة ، فالأخبار في هذا المعنى كثيرة جدّاً ، مستفيضة أو متواترة .

وليس المراد من الرؤية فيها هو قوّة العلم الحاصل بالدليل ؛ فإنّه علم فكري ، والأخبار الكثيرة الأُخرى تنفي كونه معرفة بالحقيقة ، فضلاً عن كونه رؤية وشهوداً ، فإذن المطلوب ثابت ، والحمد لله .

الفصل الرابع : في أنّ الطريق إلى هذا الكمال ـ بعد إمكانه ـ ما هو؟

نقول : حيث إنّ نسبة الحقائق إلى ما في هذه النشأة المادية والنفس البدنيّة نسبة الباطن إلى الظاهر ، وكلّ خصوصيّة وجوديّة متعلّقة بالظاهر ، متعلّقةٌ بباطنه بالحقيقة ، وبنفس الظاهر بعَرضه وتبعه ، فالإدراك الضروري الذي للنفس إلى نفسها متعلّقة بباطنها أوّلاً وبالحقيقة ، وبنفسها بعرضه وتبعه .

فالحقيقة التي في باطن النفس أقدم إدراكاً عند النفس من نفسها وأبده ، وما هي في باطن باطنها أقدم منها وأبده البديهيّات .

وحيث إنّ الوجود صرف عندها ، لا يتصوّر له ثانٍ ولا غير ، فلا يتصوّر بالنسبة إلى إدراكها دفع دافع ، ولا منع مانع ، وهذا برهان تامّ غير مدفوع البتّة .

ثمّ نقول : إنّ كلّ حقيقة موجودة ، فهي مقتضية لتمام نفسها في ذاتها وعوارضها وهذه مقدّمة ضروريّة في نفسها ، غير أنّها محتاجة إلى تصوّر تامّ : فإذا فرضنا حقيقة مثل (أ) مثلاً ، ذات عوارض مثل : (ب) (ج) (د) , فهذه الحقيقة في ذاتها تقتضي أن تكون (أ) , لا ناقصاً من (أ) والناقص من (أ) ليس هو (أ) , وقد فرضناها (أ) .

وأيضاً هي تقتضي عوارض مثل : (ب) (ج) (د) , وهي هي والناقص من (ب) (ج) (د) , ليس هو (ب) , ليس هو (ب) (ج) (د) , وقد فرضناها (ب) (ج) (د) لا غير ، وهو ظاهر .

وهذا الذي تقتضيه كلّ حقيقة في ذاتها وعوارضها ، هو الذي نسمّيه بالكمال والسعادة .

ـــــــــــــ

(١) شرح الأسماء الحسنى / الملاّ هادي السبزواري : ١ / ٤ نظرات في التصوّف والكرامات / محمّد جواد مغنية : ٧١ ، صدر المتألّهين ، ولكن ورد فيها : (ما رأيت شيئاً إلاّ رأيت الله معه) .

٢٠٧

ثمّ ِإنّ حقيقة كلّ كمال هي التي تتقيّد في ذاتها بقيد عدمي ، وهو النقص ، فإنّ كلّ كمال فهو في ذاته واجد لذاته ، فلا يفقد من ذاته شيئاً إلاّ من جهة قيد عدمي معه بالضرورة فحقيقة (أ) مثلاً واجدة لما فرض أنّه (أ) فانفصال وجود هذا الشخص من (أ) من ذلك الشخص من (أ) ، ليس إلاّ لوجود قيد عدمي عند كلّ واحد من الشخصين ؛ يوجب فقد حقيقة (أ) في كلّ منهما شيئاً من ذاتها لا من عوارضها ، وهو محال بالانقلاب أو الخلف ، بالنظر إلى ذات (أ) المفروض في ذاته ، بل الفاقد لخصوصيّة هذا الشخص هو ذلك الشخص من (أ) .

فلحقيقة (أ) مرتبتان : مرتبةٌ في ذاتها لا تفقد فيها شيئاً من ذاتها ، ومرتبةٌ عند هذا الشخص وعند ذلك الشخص ، فيها يصير شيء من كمالها مفقوداً .

وليس ذلك من التشكيك في شيء ؛ فإنّا إذا فرضنا هذا الشخص مرتبة منها ، فهو أيضاً (أ) وعاد المحال ، بل الشخص بحيث إذا فرض معه الحقيقة كان هذا الشخص ، وإذا قطع عنها النظر لم يكن شيئاً ؛ إذ لا يبقى معه إلاّ قيد عدمي ، فهو هو معها وليس هو دونها ، فليس في مورد الشخص إلاّ الحقيقة ، والشخص أمر عدمي وهمي اعتباري وهذا المعنى هو الذي نصطلح عليه بالظهور ، فافهم.

ويظهر من هنا أنّ حقيقة كلّ كمال هو المطلق المرسل الدائم منه ، وأنّ قرب كلّ كمال من حقيقته بمقدار ظهور حقيقته فيه ، أي اقترانها بالقيود والحدود فكلّ ما ازدادت القيود قلّ الظهور ، وبالعكس .

ويظهر من هنا أنّ الحقّ سبحانه هو الحقيقة الأخيرة لكلّ كمال ، حيث إنّ له صِرف كلّ كمال وجمال ، وأنّ قرب كلّ موجود منه على قدر قيوده العدميّة وحدوده .

٢٠٨

ويظهر من ذلك أنّ وصول كلِّ موجود إلى كماله الحقيقي مستلزم لفنائه ، حيث إنّه مستلزم لفناء قيوده وحدوده في ذاته ، أو في عوارضه فقط ، وبالعكس ، فناءُ كلِّ موجود مستلزم لبقاء حقيقته في مورده فقط ، قال تعالى :( كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ) (١) .

فالكمال الحقيقي لكلّ موجودٍ ممكنٍ هو الذي يفنى عنده ، فالكمال الحقيقي للإنسان أيضاً هو الذي يصير عند كماله الإنساني مطلقاً مرسلاً ، ويفنى عنده الإنسان لا كمال له غير ذلك البتّة .

وقد مرّ في البرهان السابق أنّ شهود الإنسان لذاته الذي هو عين ذاته ، شهود منه لجميع حقائقه ولحقيقته الأخيرة ، وحيث أنّه فان ٍعند ذلك ؛ فالإنسان شاهد في عين فنائه .

وإن شئت قلت : إنّ حقيقته هي الشاهدة لنفسها ، والإنسان فانٍ .

هذا ، فالكمال الحقيقي للإنسان وصولُه إلى كماله الحقيقي ذاتاً وعوارض ؛ أي وصوله إلى كماله الأخير ذاتاً ووصفاً وفعلاً ، أي فنائه ذاتاً ووصفاً وفعلاً في الحقّ سبحانه ؛ وهو التوحيد الذاتي والاسمي والفعلي ، وهو تمكّنه من شهود أن لا ذات ولا وصف ولا فعل إلاّ لله سبحانه ، على الوجه اللائق بقُدس حضرته جلّت عظمته ، من غير حلول واتّحاد ـ تعالى عن ذلك .

وهذا البرهان من مواهب الله سبحانه المختصّة بهذه الرسالة والحمد لله .

ثمّ إنّ المتحصّل من البرهان المذكور في أوّل الفصل أنّ شهود هذه الحقائق ومعرفتها منطوية في شهود النفس ومعرفتها ، فأقرب طُرق الإنسان إليها طريق معرفة النفس وقد تحصّل أيضاً سابقاً أنّ ذلك بالإعراض عن غير الله ، والتوجّه إلى الله سبحانه .

ـــــــــــــ

(١) سورة الرحمن : الآيتان ٢٦ ـ ٢٧ .

٢٠٩

تتمّة :

إذا تتبّعنا الكتاب والسُّنّة ، وتأمّلنا فيها تأملاً وافياً ، وجدنا أنّ المدار في الثواب والعقاب ، هو الإطاعة والانقياد ، والتمرّد والعناد فمن المسلّم المحصّل منهما أنّ المعاصي ـ حتّى الكبائر الموبقة ـ لا توجب عقاباً إذا صدرت ممّن لا يشعر بها أو ممَّن يجري مجراه ، وأنّ الطاعات لا توجب ثواباً إذا صدرت من غير تقرّب وانقياد ، إلاّ إذا كانت ممّا الانقياد ملازم لذاته كبعض الأخلاق الفاضلة الشريفة .

وكذلك صدور المعصية ممّن لا يشعر بكونها معصية ، إذا قصد الإطاعة ، لا يخلو من حسن ، وصدور الطاعة بقصد العناد واللعب لا يخلو من قبح وكذلك مراتب الطاعة والعصية تختلف حسب اختلاف الانقياد والتمرّد اللذين تشتمل عليهما ؛ فقد ورد :(أفضل الأعمال أحمزها) (١) . وورد متواتراً في متفرّقات أبواب الطاعات والمعاصي اختلاف مراتبها فضلاً وخسّة ، وثواباً وعقاباً والعقل السليم ـ أيضاً ـ حاكم بذلك وأكثر الآيات القرآنيّة تحيل الناس إلى ما يحكم به العقل والميزان ـ بناءً على حكم العقل ـ هو الانقياد للحقّ والعناد لا غير ، وهذان أمران مختلفان بحسب المراتب بالضرورة .

وحيث إنّ السعادة والشقاوة تدوران مدارهما ، فلهما عرض عريض بحسب المراتب الموجودة من الانقياد والتمرّد .

ومن هنا يظهر أنّ المختصّ من السعادة بالمنتحل بدين الحقّ ، إنّما هو كمالها وأمّا مطلق السعادة ، فغير مختصّ بالمنتحل بدين الحقّ ، بل ربّما وجد في غير المنتحل أيضاً ، إذا وجد فيه شيء من الانقياد ، أو فقد شيء من العناد بحسب المرتبة .

ـــــــــــــ

(١) بحار الأنوار : ٧٩ / ٢٢٨ ، كتاب الصلاة ، باب ١ ـ فضل الصلاة وعقاب تاركها ، الحديث ٥٥ مفتاح الفلاح : ٤٥ ، الباب الأوّل : فيما يعمل ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ، فصل ، وقد ورد : (أفضل العبادة أحمزها) ـ انظر شرح نهج البلاغة : ١٠ / ٥٠ ، حِكم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، الحكمة رقم ٢٤٦ .

٢١٠

وهذا هو الذي يحكم به العقل ويظهر من الشرع ، فإنّما الشرع يعيّن حدود ما حكم به العقل ، كما في الحديث المشهور عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال :(إنّما بعثت لأُتمّم مكارم الأخلاق) (١) .

وذلك كما ورد في كسرى وحاتم أنّهما غير معذّبين لوجود صفتي العدل والجود فيهما .

وفي (الخصال) عن الصادق ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن عليّعليهم‌السلام ، قال :

(إنّ للجنّة ثمانية أبواب :

باب يدخل منه النبيُّون والصدّيقون .

وباب يدخل منه الشهداء والصالحون .

وخمسة أبواب يدخل منها شيعتنا ومحبّونا فلا أزال واقفاً على الصراط أدعو وأقول : ربّ سلِّم شيعتي ومُحبّيَّ وأنصاريَ ومَن تولاّني في دار الدنيا ، فإذا النداء من بُطنان العرش : قد أُجيبت دعوتك ، وشُفّعت في شيعتك ويشفع كلُّ رجل من شيعتي ومَن تولاّني ونصرني وحارب مَن حاربني ، بفعل أو قول ، في سبعن ألف من جيرانه وأقربائه .

وباب يدخل منه سائر المسلمين ، ممّن يشهد أن لا إله إلاّ الله ، ولم يكن في قلبه مثقال ذرّة من بغضنا أهل البيت) (٢) .

وفي (تفسير القمّي) مسنداً عن ضُريس الكناسي ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : قلت له : جُعلت فداك ، ما حال الموحّدين المقرّين بنبوّة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المذنبين الذين يموتون وليس لهم إمام ، ولا يعرفون ولايتكم ؟ فقال :

(أمّا هؤلاء ، فإنّهم في حُفرهم لا يخرجون منها فمَن كان له عمل صالح ، ولم يظهر منه عداوة ، فإنّه يُخدُّ له خدّاً إلى الجنّة التي خلقها الله بالمغرب ، فيدخل عليه الروحُ في حفرته إلى يوم القيامة ، حتّى يلقى الله ، فيحاسبه بحسناته وسيّئاته ، فإمّا إلى الجنّة وإمّا إلى النّار ، فهؤلاء المُرجَون لأمر الله) .

ـــــــــــــ

(١) مستدرك الوسائل : ١١ / ١٨٧ ، باب استحباب التخلّق بمكارم الأخلاق ، الحديث ١٢٧٠١ / ١ .

(٢) الخصال : ٢ / ٤٠٧ ، باب الثمانية ـ للجنّة ثمانية أبواب ، الحديث ٦ .

٢١١

قال :(وكذلك يفعل بالمستضعفين والبُلّه والأطفال وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحُلم وأمّا النصّاب من أهل القبلة ، فإنّه يخدُّ لهم خدّاً إلى النار التي خلقها الله في المشرق ، فيدخل عليهم اللهب والشَّرَر والدخان وفورة الحميم إلى يوم القيامة ، ثمّ بعد ذلك مصيرهم إلى الجحيم) (١) .

وفي دعاء كميل المروي عن عليّعليه‌السلام :

(فباليقين أقطع لولا ما حكمت به من تعذيب جاحديك ، وقضيت به من إخلاد معانديك ، لجعلت النّار كلّها برداً وسلاماً ، وما كانت لأحد فيها مقرّاً ولا مقاماً ، لكنّك تقدَّست أسمائك ، أقسمت أن تملأها من الكافرين ، من الجنّة والنّاس أجمعين ، وأن تخلّد فيها المعاندين) (٢) ـ الدعاء .

وأكثر الآيات القرآنيّة إنّما توعد الذين قامت لهم البيّنة ، وتمّت عليهم الحجّة ، وتقيّد الكفر بالجحود والعناد ، قال تعالى : ( وَالَّذِينَ كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ) (٣) ، وقال تعالى : ( لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ ) (٤) .

وبالجملة : فالميزان كلّ الميزان في السعادة والشقاوة ، والثواب والعقاب ،

ـــــــــــــ

(١) تفسير القمّي : ٢ / ٢٦٠ ، تفسير سورة غافر : الآية ٧٥ .

(٢) المصباح / الكفعمي : ٥٥٩ ، دعاء أمير المؤمنينعليه‌السلام في ليلة نصف من شعبان .

(٣) سورة المائدة : الآية ١٠ و ٨٦ .

(٤) سورة الأنفال : الآية ٤٢ .

٢١٢

هو سلامة القلب وصفاء النفس ، قال سبحانه :( يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (١) ، وقال سبحانه :( يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ ) (٢) .

وجميع الملل الإلهية تروم في تربية الناس هذا المرام وهذا مسلّم من سلائقها وما تندب إليها ، وهو الذي يراه الحكماء المتألّهون من السابقين .

وأمّا شريعة الإسلام ، فأمرها في ذلك أوضح ، غير أنّها ـ كما مرّ في أوار الفصل الثاني ـ تدعو إلى كلّ سعادة ممكنة إلاّ أنّ معرفة الربّ من طريق النفس حيث كانت أقرب طريقاً ، وأتمّ نتيجة ، فإتيانها لها أقوى وآكد ؛ ولذلك ترى الكتاب والسُّنّة يقصدان هذا المقصد ، ويدعوان إلى هذا المدّعى بأيّ لسان أمكن :

قال سبحانه :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ) (٣) ، وهذه الآية كعكس النقيض ؛ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحديث المشهور بين الفريقين :(مَن عرف نفسه عَرف ربّه) (٤) ، أو : (فقد عرف ربّه) (٥) .

قال سبحانه :( عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ) (٦) .

ـــــــــــــ

(١) سورة الشعراء : الآيتان ٨٨ و ٨٩ .

(٢) سورة الطارق : الآية ٩ .

(٣) سورة الحشر : الآيتان ١٨ و ١٩ .

(٤) غرر الحكم : ٢٣٢ ، معرفة النفس وعلائمه ، الحديث ٤٦٣٧ .

(٥) بحار الأنوار : ٢ / ٣٢ ، باب ٩ ـ استعمال العلم والإخلاص في طلبه ، الحديث ٢٢ .

(٦) سورة المائدة : الآية ١٠٥ .

٢١٣

وقد روى الآمدي في كتاب (الغرر والدرر) من كلمات عليّعليه‌السلام القصار ، ما يبلغ نيفاً وعشرين حديثاً في معرفة النفس(١) ، منها : أنّهعليه‌السلام قال :(الكيّس مَن عرف نفسه وأخلص أعماله) .

وقالعليه‌السلام :(المعرفة بالنفس أنفع المعرفتين)

وقالعليه‌السلام :( العرَّاف مَن عرف نفسه فأعتقها ، ونزّهها عن كلّ ما يبعّدها ويوبقها) .

وقالعليه‌السلام :(أعظم الجهل جهل الإنسان أمر نفسه) .

وقالعليه‌السلام : (أكثر الناس معرفة لنفسه أخوفهم لربّه) .

وقالعليه‌السلام :(أفضل العقل معرفة الإنسان [المرء]نفسه ، فمَن عرف نفسه عقل ، ومَن جهلها ضلّ) .

وقالعليه‌السلام :(عجبت لمَن ينشد ضالّته ، وقد أضلّ نفسه فلا يطلبها ؟! ) .

وقالعليه‌السلام :(عجبت لمَن يجهل نفسه كيف يعرف ربّه ؟! ) .

وقالعليه‌السلام :(غاية المعرفة أن يعرف المرء نفسه) .

وقالعليه‌السلام :(كيف يعرف غيره مَن يجهل نفسه ؟! ) .

وقالعليه‌السلام :(كفى بالمرء معرفة أن يعرف نفسه) .

وقالعليه‌السلام :(كفى بالمرء جهلاً أن يجهل نفسه) .

وقالعليه‌السلام :(مَن عرف نفسه تجرّد) .

وقالعليه‌السلام :(مَن عرف نفسه جاهدها) .

وقالعليه‌السلام :(مَن جهل نفسه أهملها) .

وقالعليه‌السلام :(مَن عرف نفسه عرف ربّه) .

ـــــــــــــ

(١) غرر الحكم : ٢٣٢ ، معرفة النفس وعلائمه ـ جهل النفس ، الحديث ٤٦٢٩ وما بعده .

٢١٤

وقالعليه‌السلام :(مَن عرف نفسه جلّ أمره) .

وقالعليه‌السلام :(مَن جهل نفسه كان بغيره أجهل) .

وقالعليه‌السلام :(مَن عرف نفسه كان لغيره أعرف) .

وقالعليه‌السلام :(مَن عرف نفسه فقد انتهى إلى غاية كلّ معرفة وعلم) .

وقالعليه‌السلام :(مَن لم يعرف نفسه بَعُد عن سبيل النجاة ، وخبط في الضلال والجهالات) .

وقالعليه‌السلام :(معرفة النفس أنفع المعارف) .

وقالعليه‌السلام :(نال الفوز الأكبر مَن ظفر بمعرفة النفس) .

وقالعليه‌السلام : (لا تجهل نفسك ، فإنّ الجاهل معرفة نفسه جاهل بكلّ شيء) .

أقول : وهذه الأحاديث تدفع ـ كما ترى ـ تفسير مَن يُفسّر من العلماء (رحمه الله) قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(مَن عرف نفسه فقد عرف ربّه) (١) ـ الحديث ، بأنّ المراد : استحالة معرفة النفس لتعلُّيقها بمعرفة الربّ ، وهو مستحيل ويدفعه الروايات السابقة ، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : (أعرفكم بنفسه أعرفكم بربّه) (٢) ـ الحديث النبوي .

مع أنّ معرفته سبحانه لو كانت مستحيلة ، فإنّما هي المعرفة الفكريّة من طريق الفكر ، لا من طريق الشهود ومع التسليم ، فإنّما المستحيل معرفته بمعنى الإحاطة التامّة .

وأمّا المعرفة بقدر الطاقة الإمكانيّة ، فغير مستحيلة .

هذا ، وبالجملة : فكون معرفة النفس أفضل الطرق وأقربها إلى الكمال ، ممّا لا ينبغي الريب فيه ، وإنّما الكلام في كيفيّة السير من هذا المسير .

ـــــــــــــ

(١) تقدّم ذكره في الصفحة ٢٣٧ ، الهامش رقم ٥ .

(٢) جامع الأخبار : ٤ ، الفصل الأوّل : في معرفة الله تعالى .

٢١٥

فقد زعم البعض أنّ كيفيّة السير من هذا الطريق غير مبيّنة شرعاً ، حتّى ذكر بعض المصنّفين أنّ هذا الطريق في الإسلام كطريق الرهبانيّة التي ابتدعتها النصارى من غير نزول حكم إلهي به ، فقبل الله سبحانه ذلك منهم ، فقال سبحانه : ( وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاء رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا ) الآية(١) .

قال : فكذلك طريق معرفة النفس غير واردة في الشريعة ، إلاّ أنها طريقة إلى الكمال مرضيّة ، انتهى ملخّصاً .

ومن هنا ربّما يوجب عند بعض أهل هذا الطريق ، وجوه من الرياضات ومسالك مخصوصة ، لا تكاد توجد ـ أو لا توجد ـ في مطاوي الكتاب والسُّنّة ، ولم يشاهَد في سيرة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة من أهل بيتهعليهم‌السلام .

وذلك كلّه بالبناء على ما مرّ ذكره ، وأنّ المراد هو العبور والوصول بأيّ نحو أمكن بعد حفظ الغاية وكذلك الطُّرق المأثور عن غير المسلمين من متألّهي الحكماء وأهل الرياضة ، كما هو ظاهر لمَن راجع كتبهم ، أو الطُّرق المأثورة عنهم .

لكنّ الحقّ الذي عليه أهل الحقّ ، وهو الظاهر من الكتاب والسُّنّة ، أنّ شريعة الإسلام لا تجوّز التوجّه إلى غير الله سبحانه للسالك إليه تعالى بوجه من الوجوه ، ولا الاعتصام بغيره سبحانه إلاّ بطريق أمرَ بلزومه وأخْذِه .

وإنّ شريعة الإسلام لم تهمل مثقال ذرّة من السعادة والشقاوة إلاّ بيّنتها ، ولا شيئاً من لوازم السير إلى الله سبحانه ، يسيراً أو خطيراً ، إلاّ أوضحتها ، فلكلّ نفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت ، قال سبحانه : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ ) (٢) ،

ـــــــــــــ

(١) سورة الحديد : الآية ٢٧ .

(٢) سورة النحل : الآية ٨٩ .

٢١٦

وقال سبحانه : ( وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ ) (١) ، وقال سبحانه :( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ ) (٢) ، وقال سبحانه :( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) (٣) إلى غير ذلك .

والأخبار في هذا المعنى من طريق أهل البيت مستفيضة ، بل متواترة .

وممّا يظهر أنّ حظّ كلّ امرئ من الكمال بمقدار متابعته للشرع ، وقد عرفت أنّ هذا الكمال أمر مشكّك ذو مراتب ونِعم ما قال بعض أهل الكمال : إنّ المَيل من متابعة الشرع إلى الرياضات الشاقّة ، فرار من الأشقّ إلى الأسهل ، فإنّ الشرع قتل مستمرّ للنفس ، دائمي ما دامت موجودة ، والرياضة الشاقّة قتل دفعي ، وهو أسهل إيثاراً .

وبالجملة : فالشرع لم يهمل بيان كيفيّة السير من طريق النفس .

بيان ذلك : أ نّ العبادة تتصّور على ثلاثة أقسام :

أحدها : العبادة طمعاً في الجنّة .

والثاني : العبادة خوفاً من النار .

والثالث : العبادة لوجه الله ، لا خوفاً ولا طمعاً .

وغير القسم الثالث ، حيث إنّ غايته الفوز بالراحة أو التخلّص من العذاب ، فغايته حصول مشتهى النفس فالتوجّه فيه إلى الله سبحانه إنّما هو لحصول مشتهى النفس ، ففيه جعل الحقّ سبحانه واسطة لحصول المشتهى .

والواسطة ، من حيث هي واسطة ، غير مقصودة إلاّ بالتبع والعَرض ، فهي بالحقيقة ليست إلاّ عبادة للشهوة .

ـــــــــــــ

(١) سورة الروم : الآية ٥٨ .

(٢) سورة آل عمران : الآية ٣١ .

(٣) سورة الأحزاب : الآية ٢١ .

٢١٧

بقي القسم الثالث ، وهو العبادة بالحقيقة ، وقد وقع التعبير عنه مختلفاً ، ففي (الكافي) مسنداً عن هارون ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال :(إنّ العبّاد ثلاثة : قوم عبدوا الله عزّ وجلّ خوفاً ، فتلك عبادة العبيد وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب ، فتلك عبادة الأُجراء وقوم عبدوا الله عزّ وجلّ حبّاً له ، فتلك عبادة الأحرار ، وهي أفضل العبادة) (١) .

وفي (نهج البلاغة) :(أنّ قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجّار ، وأنّ قوماً عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد ، وأنّ قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار) (٢) .

وفي (العلل) ، و(المجالس) ، و(الخصال) : مسنداً عن يونس ، عن الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام : (أنّ النّاس يعبدون الله عزّ وجلّ على ثلاثة أوجه : فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه ، فتلك عبادة الحرصاء ، وهو الطمع وآخرون يعبدونه خوفاً من النار ، فتلك عبادة العبيد ، وهي رهبة ولكنّي أعبده حبّاً له عزّ وجلّ ، فتلك عبادة الكرام ، وهو الأمن ؛ لقوله عزّ وجلّ : ( وَهُم مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ ) (٣) ، ولقوله عزّ وجلّ : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ) (٤) . فمَن أحبّ الله عزّ وجلّ أحبّه اللهُ ، ومَن أحبّه الله كان من الآمنين وهذا مقام مكنون لا يمسُّه إلاّ المطهّرون) (٥) .

وعن (المناقب) :(كان ( يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم )يبكي حتى يغشى عليه ، فقيل له :

ـــــــــــــ

(١) الكافي : ٢ / ١١١ ، باب العبادة ، الحدث ١٦٦٥ / ٥ .

(٢) نهج البلاغة : ٥١٠ ، حِكم أمير المؤمنينعليه‌السلام ، الحكمة ٢٣٧ .

(٣) سورة النمل : الآية ٨٩ .

(٤) سورة آل عمران : الآية ٣١ .

(٥) العلل : ١ / ١٢ ، باب علّة خلق الخَلق واختلاف أحوالهم ، الباب ٨ أمالي الصدوق ـ المجلس العاشر : ٩١ ، الحديث ٦٥ / ٥ الخصال : ١ / ١٨٨ ، باب الثلاثة ـ الناس يعبدون الله عزّ وجلّ على ثلاثة أوجه ، الحديث ٢٥٩ ، ولكن ورد فيها : (فَرَقاً من النار) بدل (خوفاً من النار) .

٢١٨

أليس قد غفر الله لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر ؟ فقال : أفلا أكون عبداً شكوراً ؟! ) (١) ـ الحديث .

أقول : والشكر والحبّ مرجعهما واحد ، فإن الشكر هو الثناء على الجميل من حيث هو جميل ، فتكون العبادة توجّهاً وتذلّلاً له سبحانه ؛ لأنّه جميل بالذات ، فهو سبحانه المقصود لنفسه لا لغيره ، كما قال سبحانه : ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) (٢) .

فغاية خلقهم ، أي وجودهم ، أي كمال وجودهم ، هو عبادته سبحانه ، أي التوجّه إليه وحده والتوجّه وسط غير مقصود بالذات ، فهو سبحانه غاية وجودهم ؛ ولذا فسّر العبادة هاهنا في الأخبار بالمعرفة .

وقال سبحانه : ( وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ) (٣) .

وقال سبحانه :( هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ) (٤) .

وكذلك الحبّ انجذاب النفس إلى الجميل من حيث هو جميل ، وعنده سبحانه الجمال المطلق .

وقال سبحانه : ( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي ) (٥) .

وقال سبحانه :( وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَشَدُّ حُبّاً لِّلّهِ ) (٦) ، وستأتي رواية الديلمي .

وفي دعاء كميل :(واجعل قلبي بحبّك متيّماً) .

وفي مناجاة عليعليه‌السلام :(إلهي أقمني في أهل ولايتك مقام [مَن]رجا الزيادة

ـــــــــــــ

(١) مناقب ابن شهر آشوب ٤ / ١٦١ ، باب إمامة أبي محمّد علي بن الحسينعليه‌السلام / زهده .

(٢) سورة الذاريات : الآية ٥٦ .

(٣) سورة الإسراء : الآية ٢٣ .

(٤) سورة غافر : الآية ٦٥ .

(٥) سورة آل عمران : الآية ٣١ .

(٦) سورة البقرة : الآية ١٦٥ .

٢١٩

من محبّتك) (١) .

وحديث الحبّ كثير الدور في الأدعية .

وإن تعجب فعجب قول مَن يقول : إنّ المحبّة لا تتعلّق به سبحانه حقيقة ، وما ورد من ذلك من خلال الشريعة مجاز يراد به امتثال الأمر والانتهاء من النهي !! وهذا دفع للضرورة ، ومكابرة مع البداهة .

ولعمري كم من الفرق بين مَن يقول : إنّ المحبّة لا تتعلّق بالله سبحانه ، ومَن يقول : إنّ المحبّة لا تتعلّق إلاّ بالله سبحانه .

ولنرجع إلى ما كنّا فيه ، ونقول : حيث إنّ العبادة ، وهي التوجّه إلى الله سبحانه ، لا تتحقّق من دون معرفة ما ، وإن كانت هي أيضاً مقدِّمة أو محصِّلة للمعرفة ، فإتيانها بحقيقتها المقدورة يحتاج إلى سير في المعرفة ، وإن كانتا كالمتلازمتين كما في خبر إسماعيل بن جابر ، عن الصادقعليه‌السلام :(العلم مقرون إلى العمل ، فمَن عَلِمَ عَمِلَ ، ومَن عَمِلَ عَلِمَ) (٢) ـ الحديث .

وبعبارة أُخرى : يلزم أن تقع العبادة عن معرفة حتى تنتج معرفة ، كما في النبوي ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :(مَن عَمِلَ بما عَلِمَ أورثه الله علْمَ ما لم يعلم) (٣) الحديث وهو معنى قول

ـــــــــــــ

(١) بحار الأنوار : ٩١ / ٩٨ ، باب ٣٢ ـ أدعية المناجاة ، الحديث ١٣ .

(٢) بحار الأنوار : ٢ / ٤٠ ، باب ٩ ـ استعمال العلم والإخلاص في طلبه ، الحديث ٧١ الكافي : ١ / ٦٣ ، باب استعمال العلم ، الحديث ١٠٨ / ٢ ، وقد خلت بعض الأحاديث من : (ومن عمل علم) بحار الأنوار : ٢ / ٣٦ ، الباب المتقدّم ، الحديث ٤٣ .

(٣) كشف الخفاء / العجلوني : ٢ / ٢٨٧ ، الحديث ٣٤٦ و : ٣٤٧ ، الحديث ٢٥٤٢ ، ولكن ورد فيها : (علم ما لم يعمل) تفسير الصافي / الفيض الكاشاني : ٤ / ١٢٣ ، تفسير سورة العنكبوت : الآية ٦٩ ، وقد ورد : (كفي ما لم يعلم) ـ راجع : التوحيد : ٤٠٥ ، الحديث ١٧ ، باب التعريف والبيان والحجّة ، والوسائل : ٢٧ / ١٦٤ ، باب وجوب التوقّف والاحتياط في القضاء والفتوى ، الحديث ٣٣٤٩٨ / ٣٥ .

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

[وفي دية شبيه العمد روايتان: اشهر هما ثلاث وثلاثون بنت لبون، وثلاث وثلاثون حقة، واربع وثلاثون ثنية طروقة الفحل، ويضمن هذه، الجاني، لا العاقلة. وقال المفيد: تستأدى في سنتين.] دخلت في السابعة فهي الرباع، والرباعية ايضا فان دخلت في الثامنة فهي السديس، والسدس بكسر الدال، فان دخلت في التاسعة فهي بازل، أي طلع نابه. فان دخلت في العاشر فهي بازل عام، ثم بازل عامين، وهكذا. وقال ابوعلي: ودية العمد ثلاث حقاق، وثلاث جذاع، وثلاث ما بين ثنية إلى بازل عامها(١) .

وقال الحسن: الدية في العمد والخطأ سواء، إلى ان قال: وعلى اهل الابل والبقر والغنم من أي صنف كان ما قيمته عشرة آلاف درهم(٢) .

الفصل الثاني: في دية شبيه العمد، وفيها ثلاثة اقوال.

(الاول) ثلاث وثلاثون بنت لبون، وثلاث وثلاثون حقة. واربع وثلاثون خلفة، بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام وفتح الفاء وهي الحامل، كلها طروقة الفحل، قاله الشيخ في النهاية(٣) وتبعه القاضي(٤) والعلامة في القواعد(٥) .

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في دية العمد ص ٢٣٣ س ١ قال: ودية العمد الخ.

(٢)المختلف: ج ٢ في دية العمد ص ٢٣٢ س ١٣ قال: وقال ابن أبي عقيل الدية في العمد والخطأ سواء.

(٣)النهاية، باب اقسام القتل ص ٧٣٨ س ١٠ قال: واما دية قتل الخطأ شبيه العمد إلى قوله: ثلاث وثلاثون بنت لبون الخ.

(٤)المهذب: ج ٢ باب اقسام القتل ص ٤٥٨ س ١٤ قال: ودية قتل الخطأ شبيه العمد إلى قوله: ثلاث وثلاثون بنت لبون الخ.

(٥)القواعد: ج ٢، دية النفس ص ٣٢٢ س ٧ قال: فدية شبيه العمد ثلاث وثلاثون منها حقة الخ.

[*]

٢٤١

(الثاني) ثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة، واربعون خلفة، قاله ابوعلي(١) . ومستنده صحيحة ابن سنان قال: سمعت ابا عبداللهعليه‌السلام يقول: قال اميرالمؤمنينعليه‌السلام في الخطأ شبيه العمد: ان يقتل بالسوط، أو بالعصا، او بالحجر: ان دية ذلك تغلظ، وهي مائة من الابل فيها اربعون خلفة بين ثنية إلى بازل عامها، وثلاثون حقة، وثلاثون بنت لبون(٢) .

(الثالث) انها ثلاث وثلاثون حقة، وثلاث وثلاثون جذعة، واربع وثلاثون ثنية، كلها طروقة الفحل، قاله المفيد(٣) والتقي(٤) . ومستنده رواية أبي بصير عن الصادقعليه‌السلام قال: ودية المغلظة التي تشبه العمد وليس بعمد افضل من دية الخطأ باسنان الابل: ثلاث وثلاثون حقه، وثلاث وثلاثون جذعة، واربع وثلاثون ثنية كلها طروقة الفحل(٥) . ومثلها رواية محمد بن سنان عن العلا بن الفضيل عن الصادقعليه‌السلام : ثلاث وثلاثون حقة، وثلاث وثلاثون جذعة، واربع وثلاثون خلفة(٦) .

____________________

(١)المختلف: ج ٢، في دية القتل ص ٢٣٢ س ٣٩ قال: وقال ابن الجنيد: اسنان دية الخطأ شبيه العمد اربعون خلفه الخ.

(٢)التهذيب: ج ١٠(١١) باب القضايا في الديات والقصاص، ص ١٥٨ الحديث ١٤.

(٣)المقنعة باب القضاء في الديات والقصاص، ص ١١٤ س ٢٥ قال: وفي الخطاء شبيه العمد، ثلاث وثلاثون حقة الخ.

(٤)الكافي، الديات، ص ٣٩٢ س ٨ قال: وان كان الخطاء شبيه العمد إلى قوله: فديته ثلاث وثلاثون حقة الخ.

(٥)التهذيب: ج ١٠(١١) باب القضايا في الديات والقصاص، ص ١٥٨ قطعة من ١٢.

(٦)التهذيب: ج ١٠(١١) باب القضايا في الديات والقصاص ص ١٥٨ قطعة من حديث ١٣.

[*]

٢٤٢

[وفي دية الخطأ ايضا روايتان، اشهر هما عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون، وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة، وتستأدى في ثلاث سنين، ويضمنها العاقلة لا الجاني.] وفي طريق الاول أبي بصير وعلي بن أبي حمزة(١) وفي الثانية محمد بن سنان(٢) وهما ضعيفان.

(الفصل الثالث) في دية الخطأ وفيه اربعة اقوال.

(الاول) عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكر، وثلاثون بنت لبون، وثلاثون حقة، قاله الشبخان(٣) (٤) والصدوق(٥) وابوعلي(٦) وسلار(٧) والتقي(٨)

____________________

(١)سند الحديث كما في التهذيب ج ١٠ ص ١٥٨ الحديث ١٢ احمد بن محمد، عن علي بن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير.

(٢)سند الحديث كما في التهذيب ج ١٠ ص ١٥٨ الحديث ١٣ على، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن سنان، عن العلا بن الفضيل.

(٣)النهاية: باب اقسام القتل، ص ٧٣٨ س ١ قال: والدية في قتل الخطأ مائة من الابل: عشرون منها بنت مخاض الخ.

(٤)المقنعة: باب القضاء في الديات والقصاص ص ١١٤ س ٢٢ قال: وفي الخطأ المحض إلى قوله: منها ثلاثون حقة الخ.

(٥)المقنع: باب الديات ص ١٨٢ س ١١ قال: والخطأ يكون فيه ثلاثون حقة إلى اخره.

(٦)المختلف ج ٢ في دية القتل ص ٢٣٢ س ٩ قال: فقال الشيخان وابن الجنيد، عشرون منها بنت مخاض الخ.

(٧)المراسم، ذكر احكام الجنايات في القضاء ص ٢٣٩ س ٨ قال: واما قتل الخطأ المحض إلى قوله: ثلاثون حقة الخ.

(٨)الكافي، الديات، ص ٣٩٢ س ٤ قال: ودية الخطأ على العاقلة إلى قوله: فديته على اهل الابل ثلاثون حقة الخ.

[*]

٢٤٣

وابن زهرة(١) والقاضي(٢) واختاره المصنف(٣) والعلامة(٤) . ومستنده صحيحة ابن سنان عن الصادقعليه‌السلام قال سمعته يقول: قال اميرالمؤمنينعليه‌السلام في الخطأ شبه العمد: ان يقتل بالسوط، او بالعصا، او بالحجر: ان دية ذلك تغلظ، وهي مائة من الابل، منها اربعون خلفة بين ثنية إلى بازل عامها، وثلاثون حقة، وثلاثون بنت لبون. والخطأ يكون فيه ثلاثون حقة، وثلاثون بنت لبون، وعشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكر من الابل. وقيمة كل بعير مائة وعشرون درهما، أو عشرة دناينر. ومن الغنم قيمة كل ناب من الابل عشرون شاة(٥) .

(الثاني): انها ارباع متساوية من الجذاع، والحقاق، وبنات اللبون، وبنات المخاض قاله ابن حمزة(٦) .

ومستنده ما رواه العلا بن الفضيل عن الصادقعليه‌السلام قال: في قتل الخطأ مائة من الابل، او الف من الغنم، او عشرة الاف درهم، او الف دينار، فان كانت الابل فخمس وعشرون بنت مخاض، وخمس وعشرون بنت لبون،

____________________

(١)الغنية (في الجوامع الفقهية): فصل في الديات، ص ٦٢٠ س ٣٠ قال: ودية الخطأ المحض على اهل الابل ثلاثون حقة إلى اخره.

(٢)المذهب: ج ٢ باب اقسام القتل ص ٤٥٨ س ٨ قال: واما الدية في قتل الخطأ إلى قوله: عشرون منها بنت مخاض.

(٣)لاحظ عبارة النافع.

(٤)المختلف: ج ٢ في دية القتل ص ٢٣٢ س ١٦ قال: والمعتمد الاول، أي قول الشيخ في النهاية.

(٥)الكافي: ج ٧ باب الدية في قتل العمد والخطأ ص ٢٨١ الحديث ٣.

(٦)الوسيلة: في بيان أحكام الديات ص ٤٤١ س ٣ قال: ودية الخطأ مخففة من كل وجه، إلى قوله: فلزومها ارباع الخ.

[*]

٢٤٤

وخمس وعشرون حقة، وخمس وعشرون جذعة(١) . والاولى اصح طريقا.

(الثالث) أ انها اخماس متساوية من جميع اسنان الزكاة: عشرون بنت مخاض، وعشرون ابن لبون ذكر، وعشرون بنت لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة قاله في المبسوط(٢) وجعله في الخلاف رواية(٣) واختاره ابن ادريس(٤) .

(الرابع) انها كدية العمد لا يختلف، على اهل الورق عشرة الاف درهم، قيمة كل عشرة دينار، وعلى اهل العين الف دينار، وعلى اهل الابل والبقر والغنم من أي صنف كان، ما قيمته عشرة آلاف درهم، قاله الحسن، واطلق(٥) .

تنبيهات

(الاول) الاصول في التقدير ستة: الف دينار، او الف شاة، او عشرة الاف درهم، او مائتا حلة، هي اربعمائة ثوب، او مائتا بقرة، او مائة من الابل، وليس بعضها مشروطا بعدم بعض والخيار للجاني في دفع ايها شاء، وان تفاوتت في الاثمان والقيم، فلم دفع الاقل، ولا خيار للمجني عليه وتقدير الجنس المدفوع بعشرة الاف درهم قيمته، نادر، لا يعرج اليه.

____________________

(١)التهذيب: ج ١٠(١١) باب القضاء في الديات واقصاص ص ١٥٨ قطعة من حديث ١٣.

(٢)المبسوط: ج ٧ فصل في اقسام القتل وما يجب به من الديات ص ١١٥ س ١٧ قال: فالسن عشرون بنت مخاض الخ.

(٣)كتاب الخلاف، كتاب الديات مسألة ٩ قال: دية قتل الخطأ إلى قوله: وقال الشافعي: هي اخماس عشرون بنت مخاض إلى اخره.

(٤)السرائر: باب في اقسام القتل ص ٤١٧ س ٢١ قال: الثاني مخففة من وجهين: السن والاستيفاء، فالسن عشرون بنت مخاض.

(٥)المختلف: ج ٢ في دية القتل ص ٢٣٢ قال: وقال ابن عقيل: الدية في العمد والخطأ سواء.

[*]

٢٤٥

[ولو قتل في الشهر الحرام، الزم دية وثلثا تغليظا، وهل يلزم مثل ذلك في الحرم؟ قال الشيخان: نعم، ولا اعرف الوجه. ودية المرأة على النصف من الجميع، ولا تختلف دية الخطأ والعمد في شئ من المقادير عدا النعم.] (الثاني) قد يعرض التغليظ للدية باحد امور ثلاثة.

(أ) بالتعمد والتغليظ في صفة من الابل خاصة، دون عددها، ودون غيرها من المقادير وفي التاجيل.

(ب) بمكان الجناية، بوقوعها في حرم الله وحرم رسوله، او احد مشاهد الائمةعليهم‌السلام على ما افتى به الشيخ في النهاية(١) قال المصنف: ولا اعرف الوجه(٢) أي وجه التغليظ في الحرم.

(ج) بزمان الجناية: بان يقع في احد اشهر الحرم: وهي ذو القعدة وذوالحجة، والمحرم، ورجب. والتغليظ في هذين الموضعين: بالزام القاتل دية وثلثا من أي الاجناس كان، والزيادة لمستحق الدية. ولا تغليظ في الاطراف، ولا تغليظ بالاحرام والقرابة، خلافا للشافعي في القرابة بشرط المحرمية(٣) .

(الثالث) الاجماع ان دية الخطأ تستأدى في ثلاث سنين.

والخلاف في النوعين الاخرين.

____________________

(١)النهاية باب.. والقاتل في الحرم والشهر الحرام ص ٧٥٦ س ١٠ قال: ومن قتل غيره في الحرم إلى قوله: وكذلك الحكم في مشاهد الائمةعليهم‌السلام .

(٢)لاحظ عبارة النافع حيث يقول: ولا اعرف الوجه.

(٣)الفقه على المذاهب الاربعة ج ٥ ص ٣٦٦ مبحث الديات قال: المالكية والشافعية إلى قوله في س ٢٥: وقد يعرض للدية ما يغلظها، وهو احد اسباب خمسة.. او لذي رحم محرم.

[*]

٢٤٦

(أ) العمد: والمشهور انه تستأدى في سنة واحدة قال الشيخ في النهاية(١) وتبعه القاضي(٢) والتقي(٣) وهو قول المفيد(٤) وتلميذه(٥) واختاره المصنف(٦) والعلامة(٧) . وقال في الخلاف: انها حالة(٨) .

(ب) شبه العمد: والمشهور انه تستأدى في سنتين قاله في المبسوط(٩) وبه قال التقي(١٠) والمفيد(١١) وتلميذه(١٢) واختاره المصنف(١٣) والعلامة(١٤) .

____________________

(١)النهاية: باب اقسام القتل ص ٧٢٨ س ٩ قال: وتستأدى دية العمد في سنة واحدة.

(٢)المهذب: ج ٢ باب اقسام القتل ص ٤٥٨ س ١٣ قال: ودية العمد تستأدى في سنة واحدة.

(٣)الكافي، الدياث، ص ٣٩١ س ١٠ قال: فان كان القتل عمدا، إلى قوله: تستأدى منه في مدة الحول.

(٤)المقنعة: باب القضاء في الديات والقصاص ص ١١٤ س ٢١ قال: وتستأدى منه في سنة لا اكثر من ذلك.

(٥)المراسم: ذكر احكام الجنايات في القضاء ص ٢٣٦ س ١٠ قال: واكثر مدة ادائها سنة.

(٦)لاحظ عبارة النافع حيث يقول في اول كتاب الديات: وتستأدى في سنة واحدة من مال الجاني.

(٧)القواعد ج ٢، دية النفس، ص ٣٢٢ س ١ قال: وتستأدى في سنة واحدة من مال الجاني.

(٨)كتاب الخلاف، كتاب الديات مسألة ٤ قال: دية العمد المحض حالة في مال القاتل.

(٩)المبسوط: ج ٧ فصل في اقسام القتل ص ١١٥ س ٢١ قال: الثالثة (أي شبيه العمد) إلى قوله: تؤخذ في سنتين من ماله خاصة.

(١٠)الكافي، الديات ص ٣٩٢ س ٨ قال: وان كان الخطأ شبيه العمد إلى قوله: وتستادى منه في سنتين.

(١١)المقنعة باب القضاء في الديات والقصاص ص ١١٤ س ٢٩ قال: وتستأدى دية الخطا المشبه للعمد في سنتين.

(١٢)المراسم: ذكر احكام الجنايات في القضاء ص ٢٣٩ س ١٢ قال: ودية شبيه العمد في سنتين.

(١٣)لاحظ عبارة النافع، حيث قال: وقال المفيد: تستأدى في سنتين.

(١٤)القواعد: ج ٢، دية النفس، ص ٣٢٢ س ١٣ قال: فديته الشبيه تستأدى في سنتين.

[*]

٢٤٧

وقال في الخلاف: انها تستأدى في سنة(١) وتردد في النهاية(٢) . وقال ابن حمزة تستأدى في سنة ان كان ذا غنى ويسار، وفي سنتين ان لم يكن(٣) . والاعتماد على المشهور.

واعلم: ان ابا ولاد روى عن الصادقعليه‌السلام قال: كان عليعليه‌السلام يستأدى دية الخطأ في ثلاث سنين، ويستأدى دية العمد في سنة(٤) . وكما ظهر التفاوت بين الخطأ والعمد في الاجل، لتفاوت الجناية فيهما، وجب ان يظهر التفاوت في الاجل بالنسبة اليهما والى شبه العمد، لوجود المقتضي عملا بالمناسبة، فيستأدى في سنتين، لخفة الجناية عن العمد، وثقلها عن الخطأ المحض.

فرع

لافرق في التأجيل في هذه المدة المذكورة بين كون الدية تامة أو ناقصة، كدية المرأة، والعبد، والذمي، فانها تؤجل في العمد سنة، وفي الشبيه سنتين، وفي الخطأ ثلاثا. وكذا دية الطرف: ان كان قدر الثلث اخذ في سنة واحدة في الخطأ، وان

____________________

(١)كتاب الخلاف، كتاب الديات، مسألة(٥) قال: دية العمد شبيه الخطأ إلى قوله: تستأدى منه في سنة.

(٢)النهاية باب اقسام القتل ص ٧٣٩ س ٣ قال: وقال بعض اصحابنا: ان هذه الدية تستأدى في سنتين.

(٣)الوسيلة، فصل في بيان احكام الديات ص ٧ قال: ودية عمد الخطأ إلى قوله: وتستأدى في سنة اذا كان القاتل في غنى ويسار الخ.

(٤)التهذيب ج ١٠(١١) باب القضايا في الديات والقصاص، ص ١٦٢ الحديث ٢٥.

[*]

٢٤٨

كان ازيد حل الثلاثة بانسلاخ الحول، والزائد عند انسلاخ الثاني ان كان ثلثا اخر فمادون، وان كان اكثر حل الثلث الثاني عند انسلاخ الثاني، والزائد عند انسلاخ الثالث، ولو كان اكثر من دية وتعدد الجاني والمجني عليه، حل عند كل حول ثلث، وان اتحد كقلع عينين، وقطع يدين ورجلين، حل له ثلث لكل جناية تسع.

(الرابع) الواجب بالاصالة في قتل العمد انما هو القود، والدية انما تثبت صلحا، فان اختار الولي القود فهو حقه، وان بذل القاتل اضعاف الدية لا يلزمه ذلك، وان اختار الدية لم يكن له ذلك الا برضا القاتل، فان دفع نفسه للقود لم يكن للولي غيره، قاله الشيخان(١)(٢) وسلار(٣) والتقي(٤) وهو قول الاكثر، واختاره المصنف(٥) والعلامة(٦) .

وقال ابوعلي: لولي المقتول عمدا الخيار بين ان يستقيد، او يأخذ الدية، او يعفو عن الجناية ولو شاء الولي اخذ الدية وامتنع القاتل من ذلك وبذل نفسه للقود كان

____________________

(١)المقنعة: باب القضاء في الديات والقصاص ص ١١٤ س ١٨ قال: فاما قتل العمد ففيه القود إلى قوله: وليس لهم الدية ما بذل لهم القاتل من نفسه القود الخ.

(٢)النهاية: باب اقسام القتل ص ٧٣٤ س ١٣ قال: وليس في قتل العمد الدية الا ان يبذل القاتل ويختار ذلك اولياء المقتول الخ.

(٣)المراسم: ذكر احكام الجنايات ص ٢٣٦ س ٥ قال: وان ارادوا الدية وبذلها القاتل من نفسه جاز، وان بذل نفسه فليس لهم غيرها.

(٤)الكافي، الديات، ص ٣٨٣ س ١ قال: قولي الدم مخير بين قتله واخذ الدية ان افتدى به نفسه، والعفو عنه.

(٥)الشرائع: في قصاص النفس، في كيفية الاستيفاء، قال: قتل العمد يوجب القصاص، لا الدية إلى قوله: ولو بذل الجاني القود لم يكن للولي غيره.

(٦)المختلف: ج ٢ كتاب القصاص والديات ص ٢٣١ قال: مسألة، المشهور عند علمائنا إلى قوله: لنا قوله تعالى الخ.

[*]

٢٤٩

الخيار إلى الولي. ولو هرب القاتل فشاء الولي اخذ الدية من ماله، حكم له بها، وكذلك القول في جارح العمد(١) .

وهو ظاهر الحسن حيث قال: فان عفا الاولياء عن القود لم يقتل وكان عليه الدية لهم جميعا(٢) .

احتج الاولون: بقوله تعالى: (النفس بالنفس) و (الجروح قصاص)(٣) وعموم قوله تعالى: (فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم)(٤) .

وما رواه جميل عن بعض اصحابه عن احدهماعليهما‌السلام : العمد كلما عمد به الضرب ففيه القود(٥) . وفي الصحيح عن الحلبي وعن عبدالله بن المغيرة والنضر بن سويد جميعا عن عبدالله بن سنان عن الصادقعليه‌السلام قال: سمعته يقول: من قتل مؤمنا متعمدا قيد به الا ان يرضى اولياء المقتول ان يقبلوا الدية، فان رضوا بالدية فاحب ذلك القاتل فالدية اثنا عشر الفا الحديث(٦) .

احتج الاخرون: بان فيه اسقاط بعض الحق، فلم يكن لمن عليه الحق الامتناع كما في الدين. وبما رواه العلاء بن الفضيل عن الصادقعليه‌السلام قال: والعمد هو القود، او رضا ولي المقتول(٧) .

____________________

(١)و(٢) المختلف ج ٢ كتاب القصاص والديات ص ٢٣١ س ٣٧ قال: وقال ابن الجنيد: لولي المقتول عمدا إلى اخره، ثم قال: وقال ابن أبي عقيل: فان عفا الاولياء عن القود لم يقتل إلى اخره.

(٣)المائدة / ٤٥.

(٤)البقرة / ١٩٤.

(٥)التهذيب ج ١٠(١١) باب القضايا في الديات والقصاص ص ١٥٥ قطعة من حديث ٢.

(٦)التهذيب ج ١٠(١١) باب القضايا في الديات والقصاص ص ١٥٩ قطعة من حديث ١٧.

(٧)التهذيب ج ١٠(١١) باب القضايا في الديات والقصاص، ص ١٥٨ قطعة من حديث ١٣.

[*]

٢٥٠

واجيب: بانا لا نسلم انه اسقاط، بل نوع معاوضة، فيتوقف على رضا الغريمين، كباقي المعاوضات.

ونقول بموجب الخبر، فان الواجب له اما القود مع طلبه، او رضاه بالدية مع موافقة الجاني، ولو قيل: بوجوبه من باب وجوب دفع الضرر اذا كان مقدورا، كان حسنا.

(سؤال)

اذا كانت الدية في العمد لا تثبت الاصلحا، والصلح يعتبر فيه التراضي من الطرفين، ولا تستقر بدون رضاهما، فلو امتنع الولي من اصلح الا باضعاف الدية، وبذله القاتل لزم ذلك ووجب تسليمه اليه، ولو طلب الولي الدية وامتنع الجاني الا من بعضها ورضي الولي سقط الباقي، فاي فائدة في تقدير دية العمد؟ وكذا البحث في التأجيل، فاي معنى لا ختلاف الفقهاء في تأجيلها؟ !

(جواب)

الفائدة في تقديرها كمية وأجلا يظهر في مواضع.

(أ) قال الولي: عفوت عن القود إلى الدية واطلق ورضي القاتل، انصرف ذلك إلى المقدر الشرعي كمية، وأجلا، ولو لم يكن هناك تقدير شرعي لبطل هذا الصلح، ففائدة التقدير تصحيح مثل هذا الصلح.

(ب) لو وكل الولي او القاتل على الصلح على الدية ولم يعين له مقدارا جاز للوكيل الصلح على هذا المقدار وان لم يعين له في عقد الوكالة، لان الاطلاق صرفه اليه.

(ج) لو مات القاتل وقلنا يؤخذ من ماله، كان المأخوذ هذا المقدر الذيعينه الشارع.

(د) لوهرب القاتل واراد الولي اخذ الدية من ماله على قول أبي علي، حكم له الحاكم بالمقدر الشرعي.

(ه‍) لو سرت جراحة العمد، فاوصى الجريح بديته، صح، واعتبرت من

٢٥١

الثلث، ويتعين في المقدر الشرعي.

(و) لو بادر بعض الشركاء في القصاص بدون اذن الباقين، ضمن حصتهم في المقدر الشرعي.

(ز) لو قتل في شهر الحرام، او البلد الحرام، لزم دية وثلثا من المقدر الشرعي.

(ح) لو قتل الاب ولده لزمه المقدر الشرعي.

(ط) لوقتل العاقل مجنونا، لزم المقدر الشرعي، وكذا لو قتل صبيا على قول التقي.

(ى) لو قتل جماعة على التعاقب، قتل بالاول، وكان لمن يبقى بعده الدية، ويلزم المقدر الشرعي.

(يا) قال الشيخ في كتابي الفروع: دية الخطأ شبيه العمد تغلظ في الشهر الحرام، واذا قتل محرما مثل الابوين والاخوة والاخوات واولادهم، فالتغليظ في هذه المواضع ان يلزم القاتل دية وثلث من أي اجناس الديات كان(١) (٢) ، وفي النهاية لم يذكر التغليظ في قتل الاقارب(٣) ولا المفيد في المقنعة(٤) .

واصل الفتوى في التغليظ مستفاد من رواية كليب(٥) الاسدي عن الصادقعليه‌السلام قال: سمعته يقول: من قتل في شهر حرام فعليه دية وثلث(٦) ولم يذكر

____________________

(١)المبسوط في اقسام القتل ص ١١٦ س ٢٠ قال: فهذه مخففة ابدا الا في ثلاثة مواضع: المكان، والزمان، والرحم الخ.

(٢)كتاب الخلاف، كتاب الديات، مسألة ٦ قال: دية الخطأ تغلظ في الشهر الحرام، وفي الحرم، إلى قوله في مسألة ٧: من قتل في الحرم، او قتل ذا رحم، او قتل في الشهر الحرام فعليه دية وثلث.

(٣)و(٤) ليس في كلامهما قدس ‌سرهما بحث ولا تعرض للتغليظ في الدية في قتل الاقارب فلاحظ.

(٥)في (گل): كليب بن معاوية عن..

(٦)الكافي ج ٧ باب الدية في قتل العمد والخطأ ص ٢٨١ الحديث ٦.

[*]

٢٥٢

القرابة، ولا البلد الحرام، ولهذا قال المصنف: ولا اعرف الوجه(١) لعدم ظفره بنص يدل عليه.

تهذيب فيه بحثان

(أ) في توزيع هذه الاصول، حيث ورد في الروايات(٢) وعبارات الاصحاب(٣) ان الدية الف دينار ان كان من اهل الذهب، او عشرة الاف درهم ان كان من اهل الورق، أو مائة من مسان الابل ان كان من اهل الابل، وكذا البحث في البقر والغنم ان كان من اهلهما، وفي الحلل ان كان من اهل البز.

هل هذا على سبيل الوجوب؟ بمعنى ان صاحب الذهب لا تجزيه الابل، وبالعكس، او الاستحباب كما في زكاة الفطرة؟ حيث خصصوا كل قوم باخراج صنف من اصولها السبعة، لما كان ذلك هو اغلب قوتهم تخفيفا وتيسرا، فكذا هنا، تؤخذ الابل من صاحب الابل، والنقد من اهله، والحلل من البزاز تسهيلا وتخفيفا، ولا يكلف بيع ما عنده وشراء ما ليس في ملكه؟ ظاهر كلام الشيخين يقتضي الوجوب(٤) (٥) وظاهر رواية العلاء بن الفضيل(٦)

____________________

(١)لاحظ النافع حيث يقول: وهل يلزم ذلك في الحرم؟ قال الشيخان: نعم، ولا اعرف الوجه، وقد تقدم ايضا.

(٢)لاحظ التهذيب ج ١٠(١١) باب القضايا في الديات والقصاص، ص ١٦٠ الحديث ١٩.

(٣)لاحظ المقنعة ص ١١٤ س ١٩ حيث يقول: وان اختاروا الدية فهي مائة من مسان الابل ان كان القاتل من اصحاب الابل الخ وفي النهاية ص ٧٣٦ س ٢ قال: دية العمد الف دينار جيادا ان كان القاتل من اصحاب الذهب إلى اخره.

(٤)المقنعة، باب القضاء في القصاص والديات ص ١١٤ س ١٩ قال: وان اختار وا الدية فهي مائة من مسان الابل ان كان القاتل الخ.

(٥)النهاية: باب اقسام القتل ص ٧٣٦ س ٢ قال: ودية العمد الف دينار جياد ان كان القاتل من اصحاب الذهب إلى اخره.

(٦)في (گل): رواية الفضيل.

[*]

٢٥٣

تقتضي الجواز(١) ، وظاهر حديث اخر(٢) كما ذهب اليه الشيخان. ومذهب المصنف(٣) والعلامة(٤) الاستحباب. وهو المعتمد، للاصل.

(ب) هل يعتبر في الاجناس غير النقدين مساواة قيمتها لا حدهما؟ قال في المبسوط: لا(٥) وهو مذهب المصنف(٦) والعلامة(٧) . وقال القاضي: ان كان القاتل من اهل الذهب الف دينار جياد، وان كان من اصحاب الفضة فعشرة الآف درهم جياد، وان كان من اصحاب الابل فمائة مسنة قيمة كل واحدة منها عشرة دنانير، أو مائتامسنة من البقر قيمة كل واحدة خمسة دنانير ان كان من اهل البقر، او ألف شاة ان كان من اصحاب الغنم قيمة كل واحدة منها دينار واحد، او مائتا حلة ان كان من اصحاب البز قيمة كل حله منها خمسة دنانير(٨) وهو ظاهر الحسن(٩) .

____________________

(١)التهذيب: ج ١٠(١١) باب القضايا في الديات والقصاص، ص ١٥٨ الحديث ١٣.

(٢)التهذيب: ج ١٠(١١) باب القضايا في الديات والقصاص، ص ١٦٠ الحديث ١٩.

(٣)الشرائع في اقسام القتل ومقادير الديات قال: وهذه الستة اصول في نفسها إلى قوله: والجاني مخير في بذل ايها شاء.

(٤)المختلف ج ٢ كتاب الديات ص ٢٧٢ س ٣١ قال: والوجه التخيير إلى قوله: على جهة الاستحباب.

(٥)المبسوط: في اقسام القتل ص ١١٩ س ٥ قال: فاذا لم يوجد (أي الابل) اخذ احد الاجناس الاخر سواء كان بقيمة الابل آودونها.

(٦)الشرائع: في اقسام القتل ومقادير الديات قال: وان يعطي من ابله او ابل ادون او اعلى.

(٧)التحرير: ج ٢ كتاب الديات ص ٢٦٨ س ٢٣ قال: (و) للجاني ان يبذل من ابل البلد وغيرها ادون او اعلى.

(٨)المهذب: ج ٢ باب اقسام القتل ص ٤٥٧ س ٢ قال: اذا كان القاتل من اصحاب الذهب إلى قوله: قيمة كل حلة منها خمسة دنانير.

(٩)المختلف: ج ٢ كتاب الديات ص ٢٧٢ س ٣٧ قال بعد نقل كلام القاضي: وهو ظاهر كلام ابن عقيل.

[*]

٢٥٤

[وفي دية الذمي روايات، والمشهور: ثمانمائة درهم. وديات نسائهم على النصف من ذلك ولا دية لغيرهم من اهل الكفر.] وفي صحيحة ابن سنان المتقدمة: وقيمة كل بعير مائة وعشرون درهما، أو عشرة دنانير، ومن الغنم قيمة كل ناب من الابل عشرون شاة(١) .

قال طاب ثراه: وفي دية الذمي روايات، والمشهور: ثمانمائة درهم.

أقول: في دية الذمي ثلاث روايات.

(أ) انها دية الحر المسلم. وهو رواية ابان بن تغلب عن الصادقعليه‌السلام قال: دية اليهودي والنصراي والمجوسي دية المسلم(٢) .

(ب) انها اربعة الاف درهم. وهي رواية أبي بصير عن أبي عبداللهعليه‌السلام : دية اليهودي والنصراني اربعة الاف درهم ودية المجوسي ثمانمائة درهم، وقال ايضا: ان للمجوس كتابا يقال له جاماس(٣) .

وبمضمونها قال ابوعلي، وعبارته: فاما اهل الكتاب الذين كانت لهم ذمة من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم يغيروا ما شرطه عليهم، فدية الرجل منهم اربعمائة دينار، او اربعة الاف درهم، واما الذين ملكهم المسلمون عنوة ومنوا عليهم باستحيائهم كمجوس السواد وغيرهم من اهل الكتاب بالجبال وارض الشام، فدية الرجل منهم ثمانمائة درهم، والمرأة من كلا الصنفين ديتها نصف دية نظيرها من

____________________

(١)الكافي: ج ٧ باب الدية في قتل العمد والخطأ ص ٢٨١ قطعة من حديث ٣.

(٢)التهذيب: ج ١٠(١٤) باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين والكفار ص ١٨٧ الحديث ٣٢.

(٣)التهذيب: ج ١٠(١٤) باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين والكفار ص ١٨٧ الحديث ٣٤.

[*]

٢٥٥

الرجال(١) . والمشهور عدم التفصيل، وحملها الشيخ في التهذيب على من تعمد قتل اهل الذمة(٢) .

(ج) انها ثمانمائة درهم. وهي رواية درست عن ابن مسكان عن أبي بصير قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن دية اليهودي والنصراني والمجوسي؟ قال: هم سواء ثمانمائة درهم(٣) وعليها عمل الاصحاب. وقد دلت ايضا على مساواة المجوسي لاخويه. ويدل على ذلك صريح روايات.

منها ما رواه الحسن بن محبوب وابن بكير عن ليث المرادي قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن دية النصراني والمجوسي واليهودي؟ فقال: ديتهم جميعا سواء، ثمانمائة درهم(٤) .

ومنها ما رواه ابن أبي عمير عن سماعة بن مهران، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: بعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله خالد بن الوليد إلى البحرين، فاصاب بها دماء

____________________

(١)المختلف: ج ٢ في اللواحق ص ٢٦٦ س ١٨ قال: وقال ابن الجنيد: فاما اهل الكتاب إلى قوله: نظيرها من الرجال.

(٢)التهذيب: ج ١٠ ص ١٨٧ قال بعد نقل حديث ٣٤: قال محمد بن الحسن: الوجه في هذه الاخبار ان نحملها على من يتعود قتل اهل الذمة، فان من كان كذلك فللامام ان يلزمه دية المسلم كاملة تارة، وتارة اربعة الاف درهم بحسب ما يراه اصلح الخ.

(٣)التهذيب: ج ١٠(١٤) باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين والكفار ص ١٨٦ قطعة من حديث ٢٩.

(٤)التهذيب: ج ١٠(١٤) باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين والكفار ص ١٨٦ الحديث ٢٧ وفيه لفظة (ثمانمائة درهم) مرتين.

[*]

٢٥٦

[وفي ولد الزنا قولان: اشبههما: ان ديته كدية المسلم الحر، وفي رواية كدية الذمي وهي ضعيفة.

ودية العبد قيمته، ولو تجاوزت دية الحر ردت اليها. وتؤخذ من مال الجاني ان قتله عمدا، او شبيها بالعمد، ومن عاقلته ان قتله خطأ، ودية اعضائه بنسبة قيمته، فما فيه من الحر ديته فمن العبد قيمته، كاللسان والذكر، وما فيه دون ذلك فبحسابه. والعبد اهل للحر فيما لا تقدير فيه.] قوم من اليهود والنصارى والمجوس، فكتب إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اني أصبت دماء قوم من اليهود والنصارى، فوديتهم ثمانمائة درهم، وأصبت دماء قوم من المجوس، ولم يكن عهدت الي فيهم عهدا؟ فقال: فكتب اليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إن ديتهم مثل دية اليهود والنصارى، وقال: انهم أهل الكتاب(١) . قال طاب ثراه: وفي ولد الزنا قولان: اشبههما: ان ديته كدية المسلم الحر.

أقول: قال السيد المرتضى: دية ولد الزنا دية الذمي(٢) .

وقال ابن ادريس: ولم اجد لباقي اصحابنا فيه قولا فأحكيه، والذي تقتضيه الادلة: التوقف في ذلك، وان لا دية له، لان الاصل براء‌ة الذمة(٣) .

وقال الصدوق في المقنع: وقال ابوجعفرعليه‌السلام : دية ولد الزنا دية العبد ثمانمائة درهم(٤) .

____________________

(١)التهذيب: ج ١٠(١٤) باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين والكفار ص ١٨٦ الحديث ٢٨.

(٢)الانتصار، في الحدود ص ٢٧٣ س ٩ قال: (مسألة) ومما انفردت به الامامية القول: بان دية ولد الزنا ثمانمائة درهم.

(٣)السرائر: باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين والكفار ص ٤٢٤ س ١٩ قال: ولم اجد لباقي اصحابنا فيه قولا إلى اخره.

(٤)المقنع: باب الديات ص ١٨٥ س ٧ قال: وقال ابوجعفرعليه‌السلام : دية ولد الزنا دية العبد ثمانمائة درهم.

[*]

٢٥٧

[ولو جنى جان على العبد بما فيه قيمته، فليس للمولى المطالبة حتى يدفع العبد برمته. ولو كانت الجناية بما دون ذلك اخذ أرض الجناية، وليس له دفعه والمطالبة بالقيمة. ولا يضمن المولى جناية العبد، لكن يتعلق برقبته وللمولى فكه بارش الجناية، ولا تخير لمولى المجني عليه.] وروى: ان دية العبد ثمنه، ولا تتجاوز بقيمة عبد دية حر(١) .

وقال في موضع اخر: ودية اليهود والنصراني، والمجوسي وولد الزنا ثمانمائة درهم(٢) .

وروى في كتاب من لا يحضره الفقيه عن جعفر بن بشير عن بعض رجاله قال: سألت ابا عبداللهعليه‌السلام عن دية ولد الزنا؟ قال: ثمانمائة درهم مثل دية اليهودي والنصراني والمجوسي(٣) .

واختار المصنف(٤) والعلامة(٥) وفخر المحققين(٦) انها كدية المسلم مع اسلامه، لعموم الاية(٧) ولقولهعليه‌السلام : المسلمون بعضهم اكفاء بعض(٨) (٩) .

____________________

(١)التهذيب: ج ١٠(١٤) باب القود بين الرجال والنساء والمسلمين والكفار ص ١٩٢ الحديث ٥٧ وفيه اختلاف يسير، فلاحظ.

(٢)المقنع، باب الديات ص ١٨٩ س ١٨ قال: ودية اليهودي والمجوسي والنصراني وولد الزنا ثمانمائة درهم.

(٣)من لا يحضره الفقيه: ج ٤ ص ١١٤(٤٩) باب دية ولد الزنا، الحديث ١.

(٤)لاحظ عبارة النافع حيث يقول: ان ديته كدية المسلم الحر.

(٥)المختلف: ج ٢ كتاب القصاص والديات ص ٢٤٢ س ٢٩ قال: والوجه وجوب دية المسلم ان كان مظاهرا بالاسلام.

(٦)الايضاح: ج ٤ كتاب الديات ص ٦٨٢ س ١٦ قال: والاقوى عندي انه مسلم وديته دية المسلم.

(٧)المائدة / ٤٥.

(٨)عوالي اللئالي: ج ٣ ص ٦١٤ الحديث ١٩ ولاحظ ما علق عليه.

(٩)في (گل): أكفاء لبعض.

[*]

٢٥٨

[ولو كانت جنايته لا تستوعب قيمته تخير المولى في دفع الارش، او تسليمه ليستوفي المجني عليه قدر الجناية استرقاقا او بيعا، ويستوي في ذلك الرق المحض والمدبر ذكرا كان او انثى، او ام ولد على التردد.] قال طاب ثراه: وام الولد على تردد.

أقول: للشيخ في تضمين السيد جناية ام الولد قولان.

قال في المبسوط بضمانه(١) وفي الخلاف بعدمه(٢) .

احتج على الاول: بما رواه في التهذيب عن نعيم بن ابراهيم، عن مسمع بن يسار عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: ام الولد جنايتها في حقوق الناس على سيدها، قال: وما كان من حق الله عزوجل كان ذلك في بدنها(٣) . واحتج على الثاني: بانها مملوكة والمولى لا يعقل عبدا. والقاضي تبع المبسوط(٤) والمصنف والعلامة تبعا الخلاف(٥)(٦) . وقال في المختلف: وقول المبسوط ليس بعيدا من الصواب، لان المولى باستيلاده منع من بيع رقبتها، فاشبه مالو اعتق الجاني(٧) .

____________________

(١)المبسوط: ج ٧ كتاب الديات ص ١٦٠ س ١٢ قال: اذا جنت ام الولد كان ارش جنايتها على سيدها بلاخلاف.

(٢)كتاب الخلاف، كتاب الديات (مسألة) ٨٨ قال: وعدنا ان جنايتها مثل جناية المملوك إلى قوله: من ان السيد بالخيار إلى اخره.

(٣)التهذيب: ج ١٠(١٤) باب القود بين الرجال والنساء والعبيد والاحرار ص ١٩٦ الحديث ٧٦.

(٤)الوسيلة كتاب احكام القتل والشجاج ص ٤٣٠ س ٤ قال: وعمد الخطأ إلى قوله: او يعالج الطبيب بما قد جرت العادة بحصول النفع عنده.

(٥)الشرائع: ج ٤ في موجبات الضمان قال: (الاولى) الطبيب يضمن ما يتلف بعلاجه إلى قوله: وقيل: يضمن لمباشرته الا تلاف وهو اشبه.

(٦)و(٧) المختلف: ج ٢ في اللواحق ص ٢٧٠ س ٢٣ قال: والوجه ما قاله في الخلاف، لعموم الادلة على ان السيد لايعقل عبده، ثم قال: وقوله في المبسوط ليس بعيدا إلى اخره.

[*]

٢٥٩

[(النظر الثاني) في موجبات الضمان. والبحث اما في المباشرة، او التسبيب، او تزاحم الموجبات. اما المباشرة: فظا بطتها الا تلاف لا مع القصد، فالطبيب يضمن في ماله من يتلف؟ علاجه، ولو ابرأه المريض او الولي، فالوجه: الصحة، لا مساس الضرورة إلى العلاج، ويؤيده رواية السكوني عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، وقيل لا يصح لانه ابراء مما لم يجب. وكذا البحث في البيطار.] النظر الثاني: في موجبات(١) الضمان. قال طاب ثراه: ولو ابرأه المريض او الولي فالوجه الصحة.

أقول: البحث هنا يقع في مقامين.

(الاول) هل يضمن الطبيب لو اتفق التلف بعلاجه، نفسا، أو طرفا، ام لا؟ قيل فيه قولان. (احدهما) الضمان مع كونه ما هرا في صناعته علما وعملا، لانه قصد إلى الفعل، ولم يقصد القتل واتفق التلف بسببه، فيضمن في ماله، لئلا يطل دم امرء مسلم(٢) . ولما رواه علي بن إبراهيم عن ابيه، عن النوفلي، عن السكوني عن أبي عبداللهعليه‌السلام : من تطبب او تبيطر فلياخذ البراء‌ة من وليه، والا فهو ضامن(٣) .

____________________

(١)في (گل): في أسباب..

(٢)في (گل): يطل الدم.

(٣)الكافي ج ٧ ص ٣٦٤ باب ضمان الطبيب والبيطار الحديث ١.

[*]

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430