المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٥

المهذب البارع في شرح المختصر النافع13%

المهذب البارع في شرح المختصر النافع مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 430

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥
  • البداية
  • السابق
  • 430 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 52688 / تحميل: 7780
الحجم الحجم الحجم
المهذب البارع في شرح المختصر النافع

المهذب البارع في شرح المختصر النافع الجزء ٥

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

عليه وسلم وأنا حذائه وربما أصابني ثوبه اذا سجد، وكان يصلي على خمرة.

البخاري: 1/101، مسلم: 2/128، ابن ماجة: 1/320، النسائي: 2/57، البيهقي: 2/421.

واخرج مسلم: 1/168 عن عائشة قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناوليني الخمرة من المسجد قالت: اني حائض فقال: ان حيضتك ليست في يدك.

5 - ابن عمر: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة ويسجد عليها.

أخرجه الطبراني في الكبير والاوسط.

6 - ام سلمة ام المؤمنين: كان لرسول الله حصير وخمرة يصلي عليها. اخرجه ابو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط، ورجال ابي يعلى رجال الصحيح، وعن ام حبيبة مثله صحيحاً كما في المجمع: 2/57.

٤١

7 - انس: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الخمرة ويسجد عليها.

أخرجه الطبراني في الاوسط والصغير بأسانيد بعضها صحيح، رجاله ثقات كما في المجمع: 2/57.

٤٢

القسم الثالث:

فيما ورد من السجود على غير الأرض لعذر.

1 - انس بن مالك: كنا اذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض من شدة الحر طرح ثوبه ثم سجد عليه.

وفي لفظ البخاري: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر في مكان السجود.

وفي لفظ مسلم: كنا نصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر فاذا لم يستطع(1) أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه.

وفي لفظ: كنا اذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدة الحر مكان السجود(2)

____________________

(1) في لفظ ابن ماجة: لم يقدر.

(2) البخاري: 1/101، مسلم: 2/109، ابن ماجة: 1/321، ابو داود: 1/106، سنن الدارمي: 1/308، مسند احمد: 1/100، السنن الكبرى: 2/10 ونيل الأوطار:2/268.

٤٣

قال الشوكاني في النيل: الحديث يدل على جواز السجود على الثياب لاتقاء حر الأرض، وفيه اشارة الى أن مباشرة الأرض عند السجود هي الأصل، لتعليق بسط ثوب بعدم الاستطاعة، وقد استدل بالحديث على جواز السجود على الثوب المتصل بالمصلي، قال النووي: وبه قال ابو حنيفة والجمهور أهـ.

2 - انس بن مالك: كنا اذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر.

أخرجه ابن ماجة في صحيحه: 2/216 وقال الامام السندي في شرحه: الظهائر جمع ظهيرة وهي شدة الحر نصف النهار «سجدنا على ثيابنا» الظاهر انها الثياب التي هم لابسوها ضرورة ان الثياب في ذلك الوقت قليلة، فمن أين لهم ثياب فاضلة؟ فهذا يدل على جواز أن يسجد المصلي على ثوب هو لابسه كما عليه الجمهور أهـ. وعلى هذه الصورة يحمل ما جاء عن ابن عباس: رأيت

٤٤

رسول الله يصلي يسجد على ثوبه(1) .

وأخرج التخاري في الصحيح: 1/101 في باب السجود على الثوب في شدة الحر: وقال الحسن: كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه.لفت نظر:

هناك حديث حمله الفقهاء على هذه الصورة أيضاً مع انه ليس فيه ذكر عن السجدة على الثوب، ألا وهو:

عن ابن عباس: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في كساء ابيض في غداة باردة يتقي بالكساء برد الأرض بيده ورجله.

وفي لفظ احمد: لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم مطير وهو يتقي الطين اذا سجد بكساء عليه يجعله دون يديه الى الأرض اذا سجد.

وعن ثابت بن صامت: ان رسول الله صلى الله عليه

____________________

(1) أخرجه ابو يعلى. والطبراني في الكبير.

٤٥

وسلم قام يصلي في مسجد بني عبدالأشهل وعليه كساء ملتفّ به يضع يده عليه يقيه برد الحصا.

وفي لفظ: رأيته واضعاً يديه في ثوبه اذا سجد.

في لفظ ابن ماجة: فرأيته واضعاً يديه على ثوبه اذا سجد(1) .

قال الشوكاني في نيل الأوطار: الحديث يدل على جواز الاتقاء بطرف الثوب الذي على المصلي ولكن للعذر، اما عذر المطر كما في الحديث، أو الحر والبرد كما في رواية ابن ابي شيبة وهذا الحديث مصرح بأن الكساء الذي سجد عليه كان متصلا به أ هـ.

ونحن لم نر هذا الحمل في محله اذ الحديث لا يدل بظاهره الا على اتقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالكساء برد الأرض بيده ورجله فحسب، وليس فيه ايعاز قط الى السجدة والجبهة، وسبيله سبيل حديث السيدة عائشة: كان

____________________

(1) سنن ابن ماجة: 1/321، السنن الكبرى: 2/108، نصب الراية: 1/386، نيل الأوطار: 2/269، 275.

٤٦

رسول الله اذا صلى لا يضع تحت قدمية شيئاً الا انّا مطرنا يوماً فوضع تحت قدمية نطعاً(1) .

وهناك مرفوعة أخرجها احمد في المسند: 4/254 عن محمد بن ربيعة عن يونس بن الحرث الطائفي عن أبي عون عن ابيه عن المغيرة بن شعبة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي أو يستحب أن يصلي على فروة مدبوغة(2) .

والاسناد ضعيف بالمرة وبمثله يستدل في الأحكام، فيه يونس بن الحرث، قال احمد: أحاديثه مضطربة، وقال عبدالله بن احمد: سألته عنه مرة اخرى فضعفه. وعن ابن معين: لا شيء، وقال ابو حاتم: ليس بقوي، وقال النسائي: ضعيف. وقال مرة: ليس بالقوي، وقال ابن ابي شيبة: سألت ابن معين عنه فقال: كنا نضعفه ضعفاً شديداً. وقال الساجي: ضعيف الا انه لا يتهم بالكذب.

تهذيب التهذيب: 11/437.

____________________

(1) اخرجه الطبراني في الاوسط، والبيهقي:2/436، وضعفه الهيثمي في المجمع: 2/57، لمكان ابراهيم بن اسحاق الضبي في اسناده.

(2) واخرجه ابو داود: 1/106، والبيهقي في السنن: 2/420 بالاسناد المذكور.

٤٧

وفيه أبو عون عبيدالله بن سعيد الثقفي الكوفي قال ابو حاتم كما في الجرح والتعديل لابنه: هو مجهول. وقال ابن حجر: حديثه عن المغيرة مرسل.

على ان متن المرفوعة ساكت عن االسجدة وحكمها، والملازمة بين الصلاة على الفروة والسجدة عليها منتفية.القول الفصل:

هذا تمام ما ورد في الصحاح، والمسانيد مرفوعاً وموقوفاً فيما يجوز السجود عليه برمته، ولم يبق هناك حديث لم ندكره، وهي تدل بنصها على أن الأصل في ذلك لدى القدرة والامكان الأرض كلها، ويتبعها المصنوع مما ينبت منها أخذاً بأحاديث الخمرة عنه والفحل والحصير والبساط، ولا مندوحة عنها عند فقدان العذر، وأما في حال العذر وعدم التمكن منها فيجوز السجود على الثوب المتصل دون المنفصل لعدم ذكره في السنة.

وأما السجدة على الفراش والسجاد والبسط المنسوجة من الصوف والوبر والحرير، وأمثالها والثوب المنفصل فلا دليل يسوغها قط، ولم يرد في السنة أي مستند لجوازها،

٤٨

وهذه الصحاح الست وهي تتكفل بيان احكام الدين ولا سيما الصلاة التي هي عماده، لم يوجد فيها ولا حديث واحد، ولا كلمة ايماء وايعاز الى جواز ذلك.

وكذلك بقية اصول الحديث من المسانيد والسنن المؤلفة في القرون الاولى الثلاثة ليس فيها أي أثر يمكننا الاستدلال به على جواز ذلك من مرفوع أو موقوف، من مسند أو مرسل.

فالقول بجواز السجود على الفرش والسجاد والالتزام بذلك. وافتراش المساجد بها للسجود عليها كما تداورل عند الناس بدعة محضة. وأمر محدث غير مشروع. يخالف سنة الله وسنة رسوله، ولن تجد لسنة الله تحويلا. وقد اخرج الحافظ الكبير الثقة ابو بكر ابن ابي شيبة باسناده في المصنف في المجلد الثاني عن سعيد بن المسيب وعن محمد بن سيرين: ان الصلاة على الطنفسة محدث، وقد صح عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قوله: شر الامور محدثاتها، وكل محدثة بدعة. وأما:

٤٩

السجدة على تربة كربلاء

٥٠

٥١

واتخاذها مسجداً فان الغاية المتوخاة منها للشيعة انما هي تستند الى أصلين قويمين. وتتوقف على امرين قيمين، أولهما:

استحسان اتخاذ المصلي لنفسه تربة طاهرة يتيقن بطهارتها، من أي أرض أخذت، ومن أي صقع من أرجاء العالم كانت، وهي كلها في ذلك شرع سواء سواسية، لا امتياز لا حديهن على الاخرى في جواز السجود عليها، وان هو الا كرعاية المصلي طهارة جسده وملبسه ومصلاه، يتخذ المسلم لنفسه صعيداً طيباً يسجد عليه في حله وترحاله، وفي حضره وسفره، ولا سيما في السفر. اذ الثقة بطهارة كل ارض يحل بها، ويتخذها مسجداً لا تتأتى له في كل موضع من المدن والرساتيق والفنادق والخانات وباحات النزل والساحات، ومحال المسافرين، ومحطات وسائل السير والسفر، ومهابط فئات الركاب، ومنازل الغرباء، انى له بذلك وقد يحل بها كل انسان من الفئة المسلمة وغيرها، ومن اخلاط الناس الذين لا يبالون ولا يكترثون لأمر الدين في موضوع الطهارة والنجاسة.

٥٢

فأي وازع من أن يستحيط المسلم في دينه، ويتخذ معه تربة طاهرة يطمئن بها وبطهارتها يسجد عليها لدى صلاته، حذراً من السجدة على الرجاسة والنجاسة والأوساخ التي لا يتقرب بها الى الله قط، ولا تجوز السنة السجود عليها، ولا يقبله العقل السليم، بعد ذلك التأكيد التام البالغ في طهارة اعضاء المصلي ولباسه، والنهي عن الصلاة في مواطن منها: المزبلة، والمجزرة، والمقبرة، وقارعة الطريق، والحمام، ومعاطن الابل(1) والامر بتطهير المساجد وتطييبها(2) .

وكأن هذه النظرة الصائبة القيمة الدينية كانت متخذة لدى رجال الورع من فقهاء السلف في القرون الاولى، وأخذاً بهذه الحيطة المتحسنة جداً كان التابعي الفقيه الكبير

____________________

(1) سنن ابن ماجة: 1/252، ومسانيد وسنن اخرى.

(2) سنن ابن ماجة: 1/256 ومصادر أخرى.

٥٣

الثقة العظيم المتفق عليه مسروق بن الأجدع(1) يأخذ في أسافره لبنة يسجد عليها كما أخرجه شيخ المشايخ الحافظ الثقة امام السنة ومسندها في وقته أبو بكر ابن أبي شيبة في كتابه «المصنف» في المجلد الثاني في باب: من كان يحمل في السفينة شيئاً يسجد عليه، فأخرج باسنادين: ان مسروقاً كان اذا سافر حمل معه في السفينة لبنة يسجد عليها.

هذا هو الأصل الأول لدى الشيعة وله سابقة قدم منه يؤم الصحابة الاولين والتابعين لهم باحسان. وأما الاصل الثاني:

فان قاعدة الاعتبار المطردة تقتضي التفاضل بين الأراضي

____________________

(1) مسروق بن الأجدع عبدالرحمن بن مالك الهمداني أبو عائشة المتوفي 62 تابعي عظيم من رجال الصحاح الست، يروي عن ابي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي. كان فقيهاً عابدا ثقة صالحاً، كان في أصحاب ابن مسعود الذين كانوا يعلمون الناس السنة، وقال حين حضره الموت كما جاء في طبقات ابن سعد: اللهم لا أموت على امر لم يسنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر.

راجع تاريخ البخاري الكبير: 4 ق2: 35، طبقات ابن سعد: 6/565، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم: 4 ق1: 396، تهذيب التهذيب: 10: 109 - 111.

٥٤

بعضها على بعض، وتستدعي اختلاف الآثار والشؤون والنظرات فيها، وهذا أمر طبيعي عقلي متسالم عليه، مطرد بين الامم طراً، لدى الحكومات والسلطات والملوك العالمية برمتهم، إذ بالاضافات والنسب تقبل الأراضي والاماكن والبقاع خاصة ومزيّة، بها تجري عليها مقررات وتنتزع منها أحكام لا يجوز التعدي والصفح عنها.

الا ترى أن المستقلات والساحات والقاعات والدور والدوائر الرسمية المضافة إلى الحكومات، وبالأخص ما ينسب منها الى البلاط الملكي، ويعرف باسم عاهل البلاد وشخصه. لها شأن خاص، وحكم ينفرد بها، يجب للشعب رعايته، والجري على ما صدر فيها من قانون.

فكذلك الأمر بالنسبة الى الأرضي والأبنية والديار المضافة المنسوبة الى الله تعالى فان لها شؤوناً خاصة، واحكاماً وطقوساً. ولوازم وروابط لا مناص ولابد لمن اسلم وجهه لله من أن يراعيها، ويراقبها، ولا مندوحة لمن عاش تحت راية التوحيد والاسلام من القيام بواجبها والتحفظ عليها، والاخذ بها.

٥٥

فبهذا الاعتبار المطرد العام المتسالم عليه انتزع للكعبة حكمها الخاص، وللحرم شأن يخص به، وللمسجدين الشريفين: جامع مكة والمدينة احكامهما الخاصة بهما، وللمساجد العامة والمعابد والصوامع والبيع التي يذكر فيها اسم الله، في الحرمة والكرامة، والتطهير والتنجيس، ومنع دخول الجنب والحائض والنفساء عليها، والنهي عن بيعها نهياً باتاً نهائياً من دون تصور أي مسوغ لذلك قط خلاف بقية الأوقاف الاهلية العامة التي لها صور مسوغة لبيعها وتبديلها بالأحسن، الى احكام وحدود اخرى منتزعة من اعتبار الاضافة الى ملك الملوك،رب العالمين.

فاتخاذ مكة المكرمة حرماً آمناً، وتوجيه الخلق اليها، وحجهم اليها من كل فج عميق، وايجاب كل تلكم النسك. وجعل كل تلكم الأحكام حتى بالنسبة الى نبتها وأبّها، ان هي الا آثار الاضافة، ومقررات تحقق ذلك الاعتبار. واختيار الله اياها من بين الأراضي.

وكذلك عدّ المدينة المنورة حرماً إلهياً محترماً. وجعل كل تلكم الحرمات الواردة في السنة الشريفة لها وفي أهلها

٥٦

وتربتها ومن حل بها ومن دفن فيها، انما هي لاعتبار ما فيها من الاضافة والنسبة الى الله تعالى، وكونها عاصمة عرش نبيه الأعظم صاحب الرسالة الخاتمةصلى‌الله‌عليه‌وآله وسلم.

وهذا الاعتبار وقانون الاضافة كما لا يخص بالشرع فحسب، بل هو أمر طبيعي أقّر الاسلام الجري عليه، كذلك لا ينحصر هو بمفاضلة الأراضي، وانما هو اصل مطرد في باب المفاضلة في مواضيعها العامة من الانبياء والرسل والأوصياء، والأولياء، والصديقين، والشهداء، وأفراد المؤمنين وأصنافهم، الى كل ما يتصور له فضل على غيره لدى الاسلام المقدس. بل هذا الأصل هو محور دائرة الوجود، وبه قوام كل شيء، واليه تنتهي الرغبات في الامور، ومنه تتولد الصلات والمحبات، والعلائق والروابط لعّدة عوامل البغض والعداء والشحناء والضغائن.

وهو اصل خلاف وشقاق ونفاق، كما انه أساس كل وحدة واتحاد وتسالم ووئام وسلام. وعليه تبنى سروح الكليات، وتتمهد المعاهد الاجتماعية، وفي اثره تشكل

٥٧

الدول، وتختلف الحكومات، وتحدث المنافسات والمشاغبات والتنازع والتلاكم والمعارك والحروب الدامية، وعلى ضوئه تتحزب الشعوب والقبائل، وتتكثر الأحزاب والجمعيات، وبالنظر اليه تؤسس المؤسسات في امور الدين والدنيا، وتتمركز المتجمعات الدينية، والعلمية والاجتماعية، والشعوبية، والقومية، والطائفية، والحزبية، والسياسية، الى كل قبض وبسط، وحركة وسكون، ووحدة وتفكك، واقتران وافتراق.

فالحكومة العالمية العامة القوية القهارة الجبارة الحاكمة على الجامعة البشرية بأسرها من أول يومها وهلم جراً الى آخر الأبد، من دون شذوذ لأي أحد وخروج فرد عن سلطتها، ومن دون اختصاص بيوم، دون يوم، انما هي حكومة «ياء النسبة» بها قوام الدين والدنيا، واليها تنتهي سلسلة النظم الانسانية، وقانون الاجتماع العام، وشؤون الافراد البشري.

والبشر مع تكثر افراده على بكرة ابيهم مسير بها، مقهور تحت نير سلطتها، مصفد بحبالها، مقيد في شراكها،

٥٨

لا مهرب له منها، هي التي تحكم وتفتق، وتنقض وتبرم، وترفع وتخفض، وتصل وتقطع، وتقرب وتبعد، وتأخذ وتعطي، وتعز وتذل،وتثيب وتعاقب، وتحقر وتعظم.

هي التي تجعل الجندي المجهول مكرماً، معظماً، محترماً، وتراه أهلاً لكل اكبار وتجليل وتجيل، لدى الشعب وحكومته، وتنثر الأوراد والأزهار على تربته ومقبره، وتدعه يذكر مع الأبد، خالداً ذكره في صفحة التاريخ.

هي التي تهون لديها الكوارث والنوازل، وبمقاييسها يقاسي الانسان الشدائد والقوارع والمصائب الهائلة، ويبذل النفس والنفيس دونها.

هي التي جعلت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقبل الصحابي العظيم عثمان بن مظعون وهو ميت، ودموعه تسيل على خديه كما جاء عن السيدة عائشة(1) .

____________________

(1) اخرجه ابو القاسم عبدالملك ابن بشران في اماليه، وابو الحسن علي بن الجعد الجوهري في الجزء العاشر من مسنده، والحاكم النيسابوري في المجلد الثالث من المستدرك. وحفاظ واعلام آخرون.

٥٩

هي التي دعت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الى أن يبكي على ولده الحسين السبط، ويقيم كل تلكم المآتم ويأخذ تربة كربلاء ويشمها ويقبلها، الى آخر ما سمعت من حديثه.

هي التي جعلت السيدة ام سلمة ام المؤمنين تصر تربة كربلاء على ثيابها.

هي التي سوغت للصديقة فاطمة ان تأخذ تربة قبر ابيها الطاهر وتشمّها.

هي التي حكمت على بني ضبة يوم الجمل أن تجمع بعرة جمل عايشة ام المؤمنين وتفتها وتشمها كما ذكره الطبري.

هي التي جعلت علياً امير المؤمنينعليه‌السلام أخذ قبضة من تربة كربلاء لما حلّ بها فشمها وبكى حتى بلّ الأرض بدموعه، وهو يقول: يحشر من هذا الظهر سبعون الفاً يدخلون الجنة بغير حساب. أخرجه الطبراني وقال الهيثمي في المجمع: 9/191 رجاله ثقات.

هي التي جعلت رجل بني اسد يشم تربة الحسين ويبكي قال هشام ابن محمد: لما اجرى الماء على قبره الحسين نضب

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

الرواية(١) وقيل: ثلث الدية(٢) . وان فتقت الخريطة فهي الدامغة، ولم يذكر الفقهاء ديتها، ولعل ذلك لعزة السلامة معها ولو انفتقت كان فيها ما في المأمومة وزيادة حكومة، لخروج جلد(٣) الدماغ، اعنى الخريطة. والمنقلة: هي التي تحوج إلى نقل العظم، وتخرج فراش العظم، بفتح الفاء، وهي قشرة تكون على العظم دون اللحم قاله الاصمعي(٤) وقال صاحب الصحاح: الفراش عظام رقاق تلي القحف(٥) وفيها خمسة عشر بعيرا.

والهاشمة: وهي التي تهشم العظم، أي تكسره، وفيها عشر ابعرة.

والموضحة:وهي التي تكشف عن وضح العظم، أي بياضه وتقشر السمحاق، وفيها خمسة ابعرة.

والسمحاق: بكسر السين المهملة واسكان الميم: وهي التي تبلغ السمحاقة، وهي جلدة رقيقة مغشية للعظم ولا يقشرها، وفيها اربعة ابعرة. وكل قشرة رقيقة فهي سمحاق وسمحاقة، ومنه قيل في السماء سما حيق من غيم، وعلى الشاة سماحيق من شحم(٦) .

____________________

(١)التهذيب ج ١٠(٢٦) باب ديات الشجاج وكسر العظام ص ٢٩٠ الحديث ٢.

(٢)لاحظ السرائر باب القصاص وديات الشجاج ص ٤٣٧ س ١٦ قال: فالواجب فيهما ثلث الدية بلا خلاف.

(٣)في (گل): لخرق جلدة.

(٤)الاصمعي: المنقلة من الشجاج هي التي يخرج منها فراش العظام، هي قشرة تكون على العظم دون اللحم (لسان العرب ج ٦ ص ٣٢٥ لغة فرش).

(٥)الصحاح ج ٣ ص ١٠١٥ لغة فرش قال: وفراش الرأس عظام رقاق تلي القحف.

(٦)الصحاح ج ٤ ص ١٤٩٥ لغة سمحق قال: والسمحاق قشرة رقيقة فوق عظم الرأس، وبها سميت الشجة اذا بلغت اليها سمحاقا، وسماحيق السماء القطع الرقاق من الغيم.

[*]

٣٦١

وهذه الاسماء لا خلاف في وضعها لهذه المعاني المذكورة. بق معنا مما عددنا ثلاثة اسماء: المتلاحمة، والدامية، والحارصة. وهاهنا اسم اخر الباضعة، فهي اربعة الفاظ لثلاثة معان. ما يأخذ في اللحم كثيرا، ما يأخذ في اللحم يسيرا، ما لا يأخذ في اللحم شيئا بل يقشر الجلد خاصة.

فالحارصة: هي التي تقشر الجلد، ومنه يقول: حرص القصار الثوب، اذا خرقه، وهو اجماع والمتلاحمة: هي التي تأخذ في اللحم كثيرا. ولا إشكال في وضع هذين اللفظين بازاء هذين المعنيين.

وانمآ الاشكال في لفظين: الدامية، والباضعة. فمنهم من جعل الدامية مرادفة للحارصة، كالشيخ(١) وهو ظاهر التقي(٢) وابن زهرة(٣) حيث اسقطا لفظ الحارصة وذكرا لفظ الدامية، وهو ظاهر ابن حمزة ايضا(٤) حيث اسقط لفظ الدامية وجعل الحارصة هي التي تقشر الجلد دون اللحم.

____________________

(١)النهاية باب القصاص وديات الشجاج ص ٧٧٥ س ١٠ قال: والجراحات ثمانية: او لها الحارصة وهي الدامية.

(٢)الكافي، الديات، ص ٣٩٩ س ٢١ قال: اولها: الدامية إلى اخره ولم يذكر الحارصة.

(٣)الغنية (في الجوامع الفقهية) ص ٦٢١ س ٣٤ قال: فاولها في الدامية إلى اخره، ولم يذكر الحارصة.

(٤)الوسيلة في بيان احكام الشجاج والجراح ص ٤٤٤ س ٩٩ قال: فالحارصة: الدامية إلى اخره ولا يخفى انه جعل الدامية مراد فا للحارصة ولم يسقطها كما توهمه المصنف.

[*]

٣٦٢

وصرح القاضي في الكامل بمذهب الشيخ(١) وهو تفسير الاصمعي(٢) ، فتكون الباضعة عند الشيخ هي التي تأخذ في اللحم يسيرا، فتغاير المتلاحمة لانها التي تأخذ في اللحم كثيرا. ومنهم من غاير بين الحارصة والدامية، وهو الجمهور من الاصحاب: كالمفيد(٣) وسلار(٤) والسيد في الانتصار(٥) فجعلوا الدامية مكان الباضعة، وهي التي تأخذ في اللحم يسيرا، وعلى هذا تكون الباضعة هي التي تأخذ في اللحم كثيرا فترادف المتلاحمة.

احتج الاولون: بما رواه الشيخ عن مسمع بن عبدالملك عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: قال أميرالمؤمنينعليه‌السلام : قضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في المأمومة ثلث الدية.

وفي المنقلة: خمس عشرة من الابل، وفي الموضحة: خمس من الابل، وفي الدامية: بعيرا، وفي الباضعة: بعيرين، وفي المتلاحمة: ثلاثة أبعرة، وفي السمحاق: اربعة ابعرة(٦) .

____________________

(١)المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٥٩ س ١٣ قال: وقال القاضي في الكامل: الجراح ثمانية: اولها الحارصة وهي الدامية.

(٢)من لا يحضره الفقيه ج ٤(٦٨) باب الشجاج واسمائها ص ١٢٣ س ١٠ قال: قال الاصمعي: اول الشجاج الحارصة الخ.

(٣)المقنعة باب ديات الشجاج وكسر العظام ص ١٢١ س ٣ قال: الحارصة وهي الخدش إلى قوله: والدامية وهي التي تصل إلى اللحم.

(٤)المراسم ذكر احكام الجراح والشجاج ص ٢٤٧ س ٣ قال: الحارصة وهي الخدش إلى قوله: والدامية وهي التي يسيل منها الدم.

(٥)الانتصار في الحدود ص ٢٧٦ س ٤ قال: الحارصة وهي الخدش إلى قوله: الدامية وهي التي تصل إلى اللحم ويسيل منها الدم.

(٦)التهذيب ج ١٠(٢٦) باب ديات الشجاج وكسر العظام ص ٢٩٠ الحديث ٤ = [*]

٣٦٣

مسائل حول الدية ٢

(الاولى) دية النافذة في الانف ثلث ديته، فان صلحت فخمس ديته. ولو كانت في احد المنخرين إلى الحاجز فعشر الدية. (الثانية) في شق الشفتين حتى تبدوا الاسنان: ثلث ديتها، ولو برأ فخمس ديتها، ولو كانت في احداهما فثلث ومع البرء فخمس ديتها. (الثالثة) اذا انفذت نافذة في شئ من اطراف الرجل، فديتها مائة دينار.] وروى علي بن إبراهيم عن أبيه، عن النوفلي، عن السكوني، عن أبي عبداللهعليه‌السلام : ان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قضى في الدامية: بعيرا، وفي الباضعة: بعيرين، وفي المتلاحمة: ثلاثة ابعرة، وفي السمحاق: اربعة(١) .

واحتج الاخرون: بما رواه منصور بن حازم عن أبي عبداللهعليه‌السلام في الحارصة (وهي الخدش) بعير، وفي الدامية: بعيران(٢) .

فرع: المشهور ان في الحارصة بعيرا، وقال ابوعلي: نصف بعير(٣) .

____________________

(١)التهذيب ج ١٠(٢٦) باب ديات الشجاج وكسر العظام ص ٢٩٠ الحديث ٥.

(٢)التهذيب ج ١٠(٢٦) باب ديات الشجاج وكسر العظام ص ٢٩٣ الحديث ١٦.

(٣)المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٥٩ س ١٧ قال: وقال ابن الجنيد: اول الشجاج الحارصة إلى قوله: وفيها نصف البعير.

[*]

٣٦٤

[(الرابعة) في احمرار الوجه دينار ونصف، وفي اخضراره ثلاثة دنانير، وفي اسوداده ستة. وقيل فيه كما في الاخضرار وقال جماعة منا: وهي في البدن على النصف.] قال طالب ثراه: في احمرار الوجه دينار ونصف، وفي اخضراره ثلاثة دنانير. وفي اسوداده ستة. وقيل فيه كما في الاخضرار وقال جماعة منا: وهي في البدن على النصف. أقول: هنا مسألتان.

(الاولى) في احمرار الوجه بالجناية دينار ونصف اجماعا. وفي اخضراره ثلاثة قطعا. وفي اسوداده خلاف. فالشيخ في النهاية والخلاف: ان فيه ستة دنانير(١) (٢) وبه قال ابن حمزة(٣) والقاضي في الكامل(٤) ورواه الصدوق في كتابه(٥) وابن الجنيد: عن قضاء اميرالمؤمنينعليه‌السلام (٦) واختاره المصنف(٧) والعلامة(٨) .

____________________

(١)النهاية باب القصاص وديات الشجاج ص ٧٧٦ س ٦ قال: وفي اللطمة في الوجه اذا اسود اثرها ستة دنانير.

(٢)كتاب الخلاف، كتاب الديات مسألة ٧٤ قال: اذا لطم غيره في وجهه فاسود الموضع كان فيها ستة دنانير.

(٣)الوسيلة، احكام الشجاج والجراح ص ٤٤٥ س ١٣ قال: واما اللطمة فان اسود اثره ففيه ستة دنانير.

(٤)المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٦٠ س ٢٧ قال بعدنقل قول الشيخ: وتبعه ابن البراج في الكامل.

(٥)من لا يحضره الفقيه ج ٤(٥٤) باب ما جاء في اللطمة.. ص ١١٨ قطعه من حديث ١.

(٦)المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٦٠ س ٢٧ قال: ورواه ايضا ابن الجنيد عن قضاء اميرالمؤمنينعليه‌السلام .

(٧)لاحظ عبارة النافع حيث يقول: وفي اسوداده ستة دنانير.

(٨)المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٦٠ س ٢٩ قال: والمعتمد ما قاله الشيخ في النهاية.

[*]

٣٦٥

وقال المفيد: فيه ثلاثة دنانير كالا خضرار(١) وبه قال التقي(٢) وسلار(٣) والسيد(٤) وابن ادريس(٥) . احتج الاولون: بان الجناية في الاسوداد اكثر منها في الاخضرار، فناسب كثرة الدية وزيادتها على الاخضرار. وبما رواه اسحاق بن عمار عن الصادقعليه‌السلام قال: قضى اميرالمؤمنينعليه‌السلام : في اللطمة يسود اثرها في الوجه: ان ارشها ستة دنانير، وان لم يسود واخضر: فان ارشها ثلاثة، وان احمرت ولم تخضر: فان ارشها دينار ونصف(٦) .

(الثانية) هذه الجناية لو حصلت على البدن كانت على النصف: ففي احمراره ثلاثة ارباع دينار، وفي اخضرارها دينار ونصف، وكذا في اسودادها عند المفيد(٧) ، وعند الشيخ ثلثه(٨) .

____________________

(١)المقنعة باب ديات الشجاج وكسر العظام ص ١٢١ س ١٠ قال: فان اخضراو اسود ففيها ثلاثة دنانير.

(٢)الكافي، الديات ص ٤٠٠ س ٩ قال: فان اخضر او اسود ثلاثة دنانير.

(٣)المراسم ذكر احكام الجراح والشجاج ص ٢٤٨ س ٦ قال: فان اخضر او اسود ففيه ثلاثة دنانير.

(٤)الانتصار، في الحدود ص ٢٧٦ س ١٤ قال: فان اخضر او اسود ففيها ثلاثة دنانير.

(٥)السرائر باب القصاص وديات الشجاج ص ٤٣٧ س ٣٦ قال: فان اخضر واسود ففيها ثلاثة دنانير.

(٦)التهذيب ج ١٠(٢٦) باب ديات الشجاج وكسر العظام ص ٢٩٤ الحديث ٢٣.

(٧)المقنعة باب الشجاج وكسر العظام ص ١٢١ س ١٠ قال: وارشها في الجسد النصف من ارشها في الوجه بحساب ما ذكرناه.

(٨)النهاية باب القصاص وديات الشجاج ص ٧٧٦ س ٤ قال: والجائفة في البدن إلى قوله: وفيها ثلث الدية.

[*]

٣٦٦

[(الخامسة) كل عضو له دية مقدرة ففي شلله ثلثا ديته، وفي قطعه بعد شلله ثلث ديته.

(السادسة) دية الشجاج في الرأس والوجه سواء، وفي البدن بنسبة العضو الذي يتفق فيه.

(السابعة) كل ما فيه من الرجل ديته، ففيه من المرأة ديتها، ومن الذمي ديته، ومن العبد قيمته وكل ما فيه من الحر مقدر فهو من المرأة بنسبة ديتها، ومن الذمي كذلك، ومن العبد بنسبة قيمته، لكن الحرة تساوي الحر حتى تبلغ الثلث، ثم يرجع إلى النصف. والحكومة والارش عبارة عن معنى واحد، ومعناه: ان يقوم سليما ان لو كان عبدا ومجروحا كذلك وينسب التفاوت إلى القيمة ويؤخذ من الدية بحسابه.

(الثامنة) من لاولي له فالامام ولي دمه، وله المطالبة بالقود او الدية، وهل له العفو؟ المروي لا.] وانما قال المصنف: (وقال جماعة منا)(١) ولم يجزم بالفتوى؟ لعدم ظفره بدليل يدل عليه عينا سوى نص الاصحاب، وجزم به العلامة(٢) متابعة لهم لشهرته بينهم. ويحتمل وجوب الحكومة، لان التقدير حكم شرعي، فيقف على الدلالة الشرعية. قال طاب ثراه: من لاولي له فالحاكم ولي دمه، وله المطالبة بالقود او الدية، وهل له العفو؟ المروي: لا.

____________________

(١)لاحظ عبارة النافع.

(٢)الارشاد ج ٢ في دية الشجاج ص ٢٤٥ س ٩ قال: فان كان في البدن فالنصف.

[*]

٣٦٧

أقول: ذهب الشيخان إلى منع العفو في العمد والخطأ(١) (٢) وبه قال القاضي(٣) وابوعلي(٤) وهو قول الاكثر، واختاره المصنف(٥) والعلامة(٦) ويقرب من الاجماع. واجاز ابن ادريس عفوه عن القصاص والدية(٧) . احتج الشيخ برواية أبي ولاد عن الصادقعليه‌السلام قال: قال ابوعبداللهعليه‌السلام في الرجل يقتل وليس له ولي الا الامام: انه ليس للامام ان يعفو، وله ان يقتل او ياخذ الدية فيجعلها في بيت مال المسلمين، لان جناية المقتول كانت على الامام وكذلك كانت ديته لا مام المسلمين(٨) . احتج ابن ادريس: بانه الوارث فله اسقاط حقه كغيره من الورثة(٩) .

____________________

(١)المقنعة باب القضاء في قتيل الزحام.. ص ١١٦ س ١٤ قال: ومن قتل ولا ولي له إلى قوله: ولم يكن له العفو عن الامرين جميعا.

(٢)النهاية باب اقسام القتل ص ٧٣٩ س ٨ قال: ومن قتل عمد اوليس له ولي إلى قوله: وليس له العفو.

(٣)المهذب ج ٢ كتاب الديات ص ٤٦٠ س ٣ قال: واذا قتل الانسان عمدا ولم يكن له ولي إلى قوله: وليس له العفو عنه على حال.

(٤)المختلف ج ٢ كتاب القصاص والديات ص ٢٣٦ س ٣٠ قال بعد نقل قول الشيخ في النهاية: وهو قول ابن الجنيد.

(٥)لاحظ عبارة النافع حيث يقول: المروي: لا.

(٦)المختلف ج ٢ كتاب القصاص والديات ص ٢٣٦ س ٣٧ قال: وقول ابن ادريس لا بأس به لكن العمل بالرواية اولى.

(٧)السرائر باب في اقسام القتل ص ٤٢٠ س ٢٤ قال بعد نقل قول الشيخ: بل الامام ولي المقتول المذكور ان شاء عفا وان شاء قتل.

(٨)التهذيب ج ١٠ باب القضاء في اختلاف الاولياء ص ١٧٨ قطعة من حديث ١٢.

(٩)السرائر باب في اقسام القتل ص ٤٢٠ س ٢٦ قال: وتركته لو مات كانت لامام المسلمين بلاخلاف، ولان جنايته على الامام لانه عاقلته.

[*]

٣٦٨

[(النظر الرابع) في اللواحق

وهي اربعة (الاول) دية الجنين الحر المسلم اذا اكتسى اللحم ولم تلجه الروح مائة دينار، ذكرا كان او انثى.] (النظر الرابع) في اللواحق، وهي اربعة (الاول) في الجنين.

(مقدمة) المشهور ان دية جنين الحر المسلم مائة دينار، اذا لم تلجه الروح بعد تمام خلقه.

وفيه اقوال:

(أ) المشهور، وهو قول الثلاثة(١) (٢) (٣) والتقي(٤) والقاضي(٥) وسلار(٦) وابن حمزة(٧) وابن ادريس(٨) ورواه ابن بابويه في كتابه(٩) .

____________________

(١)المقنعة باب الحوامل والحمول.. ص ١٢٠ س ٢٠ قال: فان القت جنينا، وهو الصورة قبل ان تلجه الروح كان عليه مائة دينار.

(٢)النهاية باب دية الجنين.. ص ٧٧٨ س ١٣٢ قال: ثم يصير مكسوا عليه اللحم إلى قوله: قبل ان تلجه الروح وفيه مائة دينار.

(٣)رسائل الشريف المرتضى ج ١ (المسألة السادسة والسبعون) حكم من ضرب امرأة فاطرحت ص ٢٥١ س ٢ قال: فان القت جنينا لم تلجه الروح مائة مثقال.

(٤)الكافي، الديات ص ٣٩٣ س ٢ قال: وان القت جنينا قد كملت صورته قبل ان يلجه الروح فماته دينار.

(٥)المهذب ج ٢ باب دية الجنين والميت ص ٥٠٩ س ١٢ قال: فان القته وقد اكتسى لحما إلى قوله: كان فيه مائه دينار.

(٦)المراسم ذكر ضمان النفوس ص ٢٤٢ س ١٠ قال: وان القت جنينا قبل ان تلج الروح فيه فمائة دينار.

(٧)الوسيلة فصل في بيان دية الجنين ص ٤٥٦ س ١٠ قال: والثالث (أي القته ميتا مخلقة ولم تلجه الروح) يلزم عشر الدية.

(٨)السرائر باب دية الجنين.. ص ٤٣٩ س ٢١ قال: ثم يصير مكسوا عليه اللحم إلى قوله: قبل ان تلجه الروح وفيه عندنا مائة دينار.

(٩)من لا يحضره الفقيه ج ٤(٣٥) باب دية النطفة.. والجنين ص ١٠٨ الحديث ١.

[*]

٣٦٩

(ب) غرة عبد أو امة قاله ابو علي وقدر قيمة الغرة بنصف عشر الدية كاملة(١) .

(ج) الدية كاملة قاله الحسن(٢) . احتج الاولون بصحيحة عبدالله بن سنان عن الصادقعليه‌السلام : إلى ان قال: فاذا تم الجنين كان مائة دينار(٣) . وعن سليمان بن صالح عنهعليه‌السلام قال: في العظم ثمانون دينارا، فاذا كسى اللحم فمائة دينار ثم هي فمائة حتى يستهل، فاذا استهل فالدية كاملة(٤) .

ومثلها رواية أبي جرير القمي عنهعليه‌السلام (٥) . احتج ابوعلي برواية أبي بصير عن الصادقعليه‌السلام قال: ان ضرب الرجل إمرأة حبلى فالقت ما في بطنها ميتا، فان عليه غرة عبد او امة تدفعه اليها(٦) . ومثلها رواية السكوني عنهعليه‌السلام (٧) .

والجواب: الاولى اصح طريقا، فتعين المصير اليها.

احتج الحسن برواية علي بن رئاب عن أبي عبداللهعليه‌السلام في امرأة شربت دواء وهي حامل لتطرح ولدها؟ قال: ان كان له عظم قد نبت عليه اللحم وشق

____________________

(١)و(٢) الختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٦١ س ١٥ قال: وقال ابن الجنيد: واذا القى الجنين متا إلى قوله: وقدر قيمة الغرة قدر نصف عشر الدية ثم قال: وقال ابن أبي عقيل: إلى قوله: فان كان قد نبت له العظم وشق له السمع والبصر ففيه الدية كاملة.

(٣)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨١ قطعة من حديث ١ والحديث عن ابن مسكان.

(٤)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨١ قطعة من حديث ٢.

(٥)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٢ قطعة من حديث ٤.

(٦)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٦ الحديث ١٠.

(٧)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٦ الحديث ١١.

[*]

٣٧٠

له السمع والبصر، فإن عليها ديته تسلمها إلى ابيه قال: وان كان جنينا علقة او مضغة فان عليها اربعين دينارا، او غرة تسلمها إلى ابيه، قلت: فهي لا ترث من ولدها ديته؟ قال: لا، لانها قتلته(١) .

تنبيهان

(الاول) لا فرق في الجنين بين الذكر والانثى قاله الشيخ في الخلاف(٢) وبه قال ابن حمزة(٣) وابن ادريس(٤) واختاره العلامة(٥) لعموم الاحاديث المطلقة لوجوب المائة في الجنين من غير تفصيل وفرق في المبسوط، فاوجب في الذكر عشر ديته، وفي الانثى عشر ديتها(٦) .

(الثاني) المراد بالغرة عبد او امة، وفي بعض الروايات وصيف او وصيفة(٧) وفي بعضها رقبة(٨) .

____________________

(١)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٧ الحديث ١٥.

(٢)كتاب الخلاف كتاب الديات مسألة ١٢٤ قال: دية الجنين مائة دينار سواء كان ذكرا أو انثى.

(٣)الوسيلة فصل في بيان دية الجنين ص ٤٥٦ س ١٦ قال: وان قتل حرة مسلمة حاملا إلى قوله: وكان ذكرا لزمته دية حر دية حرة الخ.

(٤)السرائر باب دية الجنين ص ٤٣٩ س ٢٣ قال: اما اصحابنا الامامية ما خالف احد منهم في ان دية الجنين مائة دينار ولم يفصلوا.

(٥)المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٦١ س ٣١ قال بعد نقل قول الخلاف والسرائر: وهو الوجه لعموم اطلاق الاحاديث.

(٦)المبسوط ج ٧ في دية الجنين ص ١٩٤ س ١٨ قال: فان كان ذكرا فعشر ديته لو كان حيا وان كان انثى فعشر ديتها لو كانت حيا.

(٧)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٦ الحديث ١٤.

(٨)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٦ الحديث ١٣.

[*]

٣٧١

قال العلامة في القواعد: عبدا او امة، ولا يكون معيبا، ولا شيخا كبيرا، ولا له اقل من سبع سنين(١) وقال ابوعلي: قيمتها خمسون دينارا(٢) وقال الحسن: اربعون دينارا(٣) .

احتج ابوعلي بصحيحة عبيد بن زرارة عن الصادقعليه‌السلام قلت: الغرة تكون بمائة دينار وتكون بعشرة دنانير؟ فقال: بخمسين(٤) . احتج الحسن برواية اسحاق بن عمار عن الصادقعليه‌السلام قال: ان الغرة تزيد وتنقص، لكن قيمتها له اربعون دينارا(٥) .

هذا عند الفقهاء. واما عند اهل اللغة فنقول: قال في الصحاح: الغرة العبد او الامة(٦) ومثله قال ابوعبيدة(٧) وقال ابوسعيد الضرير: الغرة عند العرب: أنفس شئ تملك(٨) وقال ابوعمرو بن العلا: لا يكون الا الابيض من الرقيق(٩) وقال صاحب الغريبين: قال الفقهاء: الغرة

____________________

(١)القواعد ج ٢ في دية الجنين ص ٣٣٦ س ١٠ قال: ولو لم تتم خلقته قيل: فيه غرة إلى قوله: ولا شيخا كبيرا.

(٢)و(٣) المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٦١ س ١٥ قال: وقال ابن الجنيد: واذا القى الجنين ميتا إلى قوله: وقدر قيمة الغرة نصف عشر الدية، ثم قال: وقال ابن أبي عقيل: دية الجنين عند آل الرسولعليهم‌السلام إلى قوله: اربعون دينارا أو غرة عبد أو امة بقيمة ذلك.

(٤)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول، ص ٢٨٧ الحديث ١٦.

(٥)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول، ص ٢٨٧ الحديث ١٧.

(٦)الصحاح ج ٢ ص ٧٦٨ قال: والغرة العبد أو الامة، وفي الحديث: قضى رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم إلى قوله: كانه عبر عن الجسم كله الغرة.

(٧)لم اعثر عليه.

(٨)و(٩) لسان العرب ج ٥ ص ١٩ س ٤ قال: قال ابوسعيد الغرة عند العرب الخ وكذا قال في مجمع البحرين في لغة غرر، ثم قال في س ١٨ وروي عن أبي عمرو بن العلا: الغرة عبد ابيض او امة بيضاء.

[*]

٣٧٢

[ولو كان ذميا فعشر دية ابيه. وفي رواية السكوني عشر دية امه.] من العبيد، الذي يكون ثمنه عشر الدية(١) وقال شيخنا ابوجعفر الطوسي: الغرة من كل شئ خياره(٢) فروى ابوهريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت احداهما للاخرى بحجر فقتلتها، فاختصموا إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فقضى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في دية جنينها غرة عبد او امة(٣) . وفي بعضها عبداو وليدة(٤) . وقال احمد بن مالك بن النابغة الهذلي: يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كيف اغرم دية من لا شرب ولا اكل، ولا نطق ولا استهل، فمثل ذلك يطل؟ فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ان هذا من اخوان الكهان، من اجل سجعه الذي سجع(٥) . وفي بعضها: اسجع كسجع الجاهلية، هذا كلام شاعر(٦) . ومثله في اخبارنا(٧) .

قال طاب ثراه: ولو كان ذميا فعشر دية ابيه، وفي رواية السكوني: عشر دية امه.

____________________

(١)قال في مجمع البحرين في لغة (غرر) وقال الفقهاء: الغرة من العبد الذي ثمنه عشر الدية.

(٢)و(٣) المبسوط ج ٧ في دية الجنين ص ١٩٣ س ٤ قال: والغرة من كل شئ خياره، فروى ابوهريرة قال: اقتتلت امرأتان من هذيل الخ وسنن أبي داود ج ٤ ص ١٩٢ الحديث ٤٥٧٦.

(٤)و(٥) صحيح مسلم ج ٢ كتاب القسامة ص ١٣٠٩ الحديث ٣٦ وفيه: ان دية جنينها غرة: عبد او وليدة، وفيه ايضا حمل بن النابغة الهذلي فلاحظ.

(٦)في بعضها: اسجع كسجع الاعراب، وفي بعضها: سجع كسجع الاعراب (صحيح مسلم ج ٣ كتاب القسامة ص ١٣١١ وفي بعضها: ان هذا ليقول بقول شاعر (سنن ابن ماجه ج ٢ ص ٨٨٢ الحديث ٢٦٣٩).

(٧)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٦ الحديث(١٢١١ ١٣).

[*]

٣٧٣

[ولو كان مملوكا فعشر قيمة امه المملوكة، ولا كفارة. ولو ولجته الروح فالدية كاملة للذكر ونصفها للانثى.] أقول: وجه الاول: ان الوجب في جنين الحر مائة دينار، وهي عشر دية الاب. والرواية التي اشار اليها المصنف: هو ما رواه الشيخ في التهذيب، عن محمد بن علي بن محبوب، عن احمد، عن النوفلي، عن السكوني عن جعفر عن عليعليهما‌السلام : انه قضى في جنين اليهودية والنصرانية والمجوسية عشر دية امه(١) . وحملها العلامة على ما اذا كانت امه مسلمة جمعا بين الروايتين(٢) .

قال طاب ثراه: ولو كان مملوكا فعشر قيمة امه المملوكة، ولا كفارة.

أقول: في دية جنين المملوك ثلاثة اقوال. (الاول) عشر قيمة امة المملوكة، وهو المشهور، قاله الشيخين في النهاية(٣) والخلاف(٤) والمقنعة(٥) واختاره ابن ادريس(٦) والمصنف(٧) .

(الثاني) نصف عشرها اذا ألقته ميتا، وان ألقته حيا ثم مات فعشر قيمتها، قاله القديمان(٨)(٩) .

(الثالث) عشر قيمة الاب للذكر وعشر قيمة الام للانثى قاله الشيخ في

____________________

(١)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٨ الحديث ٢٤.

(٢)القواعد ج ٢ في دية الجنين ص ٣٣٦ س ٧ قال: والاقرب حملها على ما لو كانت مسلمة.

(٣)كتاب الخلاف كتاب مسألة ١٣٣ قال: في جنين الامة عشر قيمتها.

(٤)النهاية باب دية الجنين ص ٧٧٩ س ٩ قال: وجنين الامة اذا كانت حاملا بمملوك عشر ثمنها.

(٥)المقنعة باب الحوامل والحمول ص ١٢٠ س ٢٦ قال: وفي جنين الامة اذا القته عشر قيمته.

(٦)السرائر باب دية الجنين ص ٤٣٩ س ٢٦ قال: والذي عليه اجماع اصحابنا: ان في جنين الامة المملوك عشر دية امه.

(٧)لاحظ عبارة النافع.

(٨)و(٩) المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٦١ س ٣٥ قال: وقال ابن عقيل: ولو ان رجلا ضرب امة قوم وهي حامل فمات الجنين في بطنها فعليه نصف عشر قيمة الامة إلى قوله: وهو قول ابن الجنيد.

[*]

٣٧٤

المبسوط(١) .

احتج القديمان: بما رواه ابن سنان عن الصادقعليه‌السلام في رجل قتل جنين امة لقوم في بطنها؟ فقال: ان كان مات في بطنها بعد ما ضربها فعليه نصف عشر قيمة الامة، وان ضربها فالقته حيا فمات فان عليه عشر قيمة الامة(٢) .

فرع

لو كانت امة حرة وهو رق اما بسبب رقية ابيه، كأن تحمل وهمارقان، ثم يعتق، أو زوج عبده حرة وشرط عليه رقية الولد، فاطلق الاصحاب في الجنين المملوك اعتبار قيمة امه المملوكة، فما حكمه لو كانت امة حرة على ما صورناه؟ قال العلامة: لم اقف في ذلك على نصر(٣) واستقرب في التحرير عشر دية امه ما لم ترد عن عشر قيمة ابيه(٤) وفي القواعد قال: الاقرب عشر قيمة ابيه، واحتمل عشر قيمة الام على تقدير الرقية(٥) .

ووجه الاول: العمل بعموم الاصحاب وتقييده بما لا يزيد عن قيمة الاب، لانه

____________________

(١)المبسوط ج ٧ دية الجنين ص ١٩٤ س ١٨ قال: دية الجنين عندنا تعتبر بنفسه، فان كان ذكرا فعشر ديته لو كان حيا وان كان انثى فعشر ديتها لو كانت حيا ثم قال بعد اسطر: وفائدة الخلاف في ذلك في جنين الامة الخ.

(٢)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٨ الحديث ١٨ والحديث في التهذيب عن مسمع، وفي عوالي اللئالي (ج ٣ ص ٦٤٩ الحديث ١١٦) وفي المختلف ج ٢ ص ٢٦١ س ٣٧ عن ابن سنان.

(٣)و(٤) التحرير ج ٢، اقسام الشجاج والجراح ص ٢٧٧ س ٣٣ قال: ولم اقف على ذلك في نص، هذا هو المشهور عندنا، وقال قبل ذلك: ولو كانت امه حرة فالاقرب عشر دية امه مالم تزد على عشر قيمة ابيه.

(٥)القواعد ج ٢ في دية الجنين ص ٣٣٦ س ٨ قال: ولو كانت أمه حرة فالاقرب عشر قيمة ابيه، ويحتمل عشر قيمة الام الخ.

[*]

٣٧٥

[ولو لم يكتسي اللحم ففي ديته قولان: احدهما: غرة. والاخر توزيع الدية على حالاته، ففيه عظما ثمانون، ونصفه ستون، وعلقة اربعون،] الاصل فلا يتجاوزه، كما لايتجاوز بقيمة العبد دية الحر.

ووجه الثاني: ان الاصل تبعية الجنين في ديته للاب، خرج منه ما اذا كانت امه أمة، للنص، فبقي ما عداه على اصله.

ووجه الثالث: ان دية الجنين بالقياس إلى امه لو كانت أمة، وكونها حرة لاينافي اعتبار قيمتها على تقدير العبودية.

واستقرب فخر المحققين: اعتبار قيمة الاب من رأس(١) كالذي استقر به والده في القواعد(٢) .

قال طاب يراه: ولو لم يكتسي اللحم ففي ديته قولان: احدهما: غرة، والاخر توزيع الدية على حالاته.

أقول: الاول مذهب الشيخ في المبسوط(٣) وكتاب الفرائض من الخلاف(٤) واطلق ابو علي: وجوب الغرة في الجنين ولم يقيد بتمام الخلقة وعدمها(٥) .

وقال الشيخ في كتاب الديات من الخلاف بالثاني(٦) وهو مذهبه في

____________________

(١)و(٢) الايضاح ج ٤ في دية الجنين ص ٧٢٠ قال: والاقوى عندي ما هو الاقرب عند المصنف، أي ما قاله في القواعد: فالاقرب عشر قيمة ابيه.

(٣)المبسوط ج ٧ في دية الجنين ص ١٩٤ س ١٠ قال: الثانية: أن تشهد اربع قوابل إلى قوله: تعلقت به الاحكام الاربعة الدية، وقال قبل ذلك باسطر: من مائة دينار أو غرة.

(٤)كتاب الخلاف، كتاب الفرائض مسألة ١٢٦ قال: دية الجنين اذا تم خلقه مائة دينار واذا لم يتم فغرة عبد أو امة.

(٥)المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٦١ س ١٥ قال: وقال ابن الجنيد: واذا القي الجنين ميتا إلى قوله: كان فيه غرة.

(٦)كتاب الخلاف، كتاب الديات مسألة ١٢٢ قال: اذا القت نطفة وجب على ضاربها عشرون دينارا إلى اخره.

[*]

٣٧٦

[ونطفة بعد استقرارها في الرحم عشرون. قال الشيخ: وفيما بينهما بحسابه.] النهاية(١) وتبعه ابن ادريس(٢) وهو ظاهر المصنف(٣) والعلامة(٤) .

احتج الاولون: بما رواه ابوبصير عن الصادقعليه‌السلام قال: ان ضرب رجل امرأة حبلى فالقت ما في بطنها ميتا، فان عليه غرة عبد وامة يدفعه اليها(٥) . احتج الاخرون: بما رواه سليمان بن صالح عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال: وفي العظم ثمانون دينارا فاذا كسي اللحم فمائة دينار، ثم هي مائة حتى يستهل(٦) . وقدر ابوعلي الغرة بقدر نصف عشر الدية(٧) . وهو في صحيحة زرارة عن الصادقعليه‌السلام قلت: ان الغرة تكون بمائة دينار وتكون بعشرة دنانير فقال: بخمسين(٨) . وفي رواية اسحاق بن عمار قدرها باربعين(٩) فيجوز ان ينزل ذلك على اختلاف الاسعار وقت السؤال.

قال طاب ثراه: وفيما بينهما بحسابه.

____________________

(١)النهاية باب دية الجنين ص ٧٧٨ س ٩ قال: الجنين اول ما يكون نطفة، وفيه عشرون دينارا إلى اخره.

(٢)السرائر باب دية الجنين، ص ٤٣٩ س ١٩ قال: اول ما يكون نطفة إلى قوله: عشرون دينارا.

(٣)لاحظ عبارة النافع.

(٤)المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٦٢ س ٣٣ قال: فان كان نطفة كانت ديته عشرون دينارا إلى قوله: فان كان عظما فثمانون.

(٥)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٦ الحديث ١٠.

(٦)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨١ الحديث ٢.

(٧)المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٦١ س ١٥ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: وقدر قيمة الغرة قدر نصف عشر الدية.

(٨)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٧ الحديث ١٦.

(٨)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٧ الحديث ١٧.

[*]

٣٧٧

أقول: قال الشيخ في النهاية: الجنين اول ما يكون نطفة وفيه عشرون دينارا ثم يصير علقة وفيه اربعون دينارا وفيما بينهما بحساب ذلك، ثم يصير مضغة، وفيها ستون دينارا، وفيما بين ذلك بحسابه، ثم يصير عظما وفيه ثمانون دينارا، وفيما بين ذلك بحسابه، ثم يصير مكسوا عليه اللحم خلقا سويا، شق له العين والاذنان والانف قبل ان تلجه الروح، وفيه مائة دينار، وفيما بين ذلك بحسابه، ثم تلجه الروح، وفيه دية كاملة(١) ولم يفسره.

قال ابن ادريس: الجنين: الولد ما دام في البطن اول ما يكون نطفة، وفيها بعد وضعها في الرحم إلى عشرين يوما عشرون دينارا، ثم بعد العشرين يوما لكل يوم دينار إلى اربعين يوما اربعون دينارا، وهي دية العلقة، فهذا معنى قولهم: وفيما بينهما بحساب ذلك(٢) .

وانكر ذلك المصنف(٣) والعلامة(٤) وطالبا بالمستند.

وقال الصدوق في المقنع: في النطفة عشرون دينارا، فان خرج في النطفة قطرة دم، فهي عشر الدية(٥) ، فيها اثنان وعشرون دينارا، وان قطرت قطرتين فاربعة وعشرون دينارا، وان قطرت ثلاث قطرات فستة وعشرون دينارا، فان قطرت اربع قطرات ففيها ثمانية وعشرون دينارا، وان قطرت خمس قطرات ففيها ثلاثون دينارا، وما زاد على النصف فعلى حساب ذلك حتى تصير علقة، فاذا كان علقة فاربعون دينارا، فان خرجت النطفة

____________________

(١)النهاية باب دية الجنين ص ٧٧٨ س ٩ قال: الجنين اول ما يكون نطفة إلى قوله: وفيه دية كاملة.

(٢)السرائر باب دية الجنين ص ٤٣٩ س ١٩ قال: الجنين: الولد ما دام في البطن إلى اخره.

(٣)الشرائع ج ٤ في الجنين قال بعد نقل قول بعض الاصحاب: ونحن نطالبه بصحة ما ادعاه الاول ثم نطالبه بالدلالة على أن تفسيره مراد.

(٤)المختلف ج ٣ في الجراحات ص ٢٦٢ س ٧ قال بعد نقل قول الشيخ وابن ادريس: ولا نعرف مستنده في ذلك.

(٥)في (گل): عشر النطفة.

[*]

٣٧٨

متخضخضة بالدم فان كان دما صافيا ففيها اربعون دينارا، وان كان دما اسود فلا شئ عليه الا التعزير، لانه ماكان من دم صاف فهو للولد، وما كان من دم اسود فانما ذلك من الجوف، فان كانت العلقة تشبه العرق من اللحم ففي ذلك اثنان واربعون دينارا، فان كان في المضغة شبه العقدة عظما يابسا، فذلك العظم اول ما يبتدئ به ففيه اربعة دنانير، ومتى زاد زيد اربعة حتى تتم الثمانين، فاذا كسي العظم لحما وسقط الصبى لا يدري أحي كان او ميت، فانه اذا مضت خمسة اشهر فقد صارت فيه حياة، وقد استوجب الدية(١) . ورواه في كتاب من لا يحضره الفقيه عن محمد بن اسماعيل عن أبي شبل، قال: حضره يونس الشيباني، وابوعبداللهعليه‌السلام يخبره بالديات، وحكى ما تلوناه(٢) .

وروى ابوجرير القمي عن العبد الصالحعليه‌السلام قال: انه يكون في بطن امه اربعون يوما، ثم مضغة اربعين يوما(٣) . ومثله ما رواه سعيد بن المسيب عن زين العابدينعليه‌السلام (٤) .

وروى محمد بن مسلم (في الصحيح) عن الباقرعليه‌السلام : قلت: وما صفة النطفة التي تعرف بها؟ قال: النطفة تكون بيضاء مثل النخامة الغليظة، فتمكث في الرحم اذا صارت فيه اربعين يوما، ثم تصير إلى علقة، قلت: فما صفة خلقة العلقة التي تعرف بها؟ قال: هي علقة كعلقة الدم المحجمة الجامدة تمكث في الرحم بعد تحويلها عن النطفة اربعين يوما، ثم تصير مضغة، قلت: فما صفة خلقة المضغة

____________________

(١)المقنع باب الديات ص ١٧٩ س ١٨ قال: واعلم ان في النطفة عشرين دينارا.

(٢)من لا يحضره الفقيه ج ٤(٣٥) باب دية النطفة والعلقة.. ص ١٠٨ الحديث ٣.

(٣)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٢ قطعة من حديث ٤.

(٤)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨١ قطعة من حديث ٣.

[*]

٣٧٩

وخلقتها التي تعرف بها؟ قال: هي مضغة لحم حمراء فيها عروق خضر مشبكة ثم تصير إلى عظم، قلت: فما صفة خلقه اذا كان عظما؟ قال: اذا كان عظما شق له السمع والبصر ورتبت جوارحه، فاذا كان كذلك فان فيه الدية كاملة(١) .

فالحاصل: ان في الجنين قبل تمام خلقته اربعة مذاهب.

(أ) الغرة مطلقا ذهب اليه ابوعلي(٢) والشيخ في كتابي الخلاف(٣) (٤) .

(ب) التوزيع على حالاته من غير تفسير، ذهب اليه في النهاية(٥) وهو ظاهر المصنف(٦) والعلامة(٧) حيث توقفا عن التفسير.

(ج) تفسير المكث بين كل مرتبة بعشرين يوما ولكل يوم دينار، ذهب اليه ابن ادريس(٨) .

ولم يعرف له المصنف(٩) والعلامة(١٠) مستندا وكذا فخر المحققين في الايضاح قال: ولا يعرف مستنده في ذلك(١١) .

____________________

(١)التهذيب ج ١٠(٢٥) باب الحوامل والحمول ص ٢٨٣ قطعة من حديث ٥.

(٢)المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٦١ س ١٥ قال: وقال ابن الجنيد: إلى قوله: كان فيه غرة، وقد تقدم أيضا.

(٣)المبسوط ج ٧ في دية الجنين ص ١٩٤ س ١ قال: في كل هذه المواضع ما تقدم ذكره من مائة دينار او غرة.

(٤)كتاب الخلاف، كتاب الفرائض مسألة ١٢٦ قال: واذا لم يتم فغرة عبد او امة.

(٥)النهاية باب دية الجنين ص ٧٧٨ س ٩ قال: الجنين اول ما يكون نطفة وفيه عشرون دينار الخ وقد تقدم ايضا.

(٦)لاحظ عبارة النافع.

(٧)المختلف ج ٢ في الجراحات ص ٢٦٢ س ٣٣ قال: واذا لم يتم فا كان نطفة كانت ديته عشرين دينارا الخ.

(٨)السرائر باب دية الجنين ص ٤٣٩ س ٢٠ قال: ثم بعد العشرين يوما لكل يوم دينار الخ.

(٩)و(١٠) تقدما انفا.

(١١)الايضاح ج ٤ في فروع دية الجنين ص ٧٢٢ س ١٤ قال: ولا نعرف مستنده في ذلك.

[*]

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430