تذكرة الفقهاء الجزء ١

تذكرة الفقهاء14%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: 403

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 244821 / تحميل: 9692
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٤-٥
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

تذكرة الفقهاء الجزء الأول

 

العلامة الحلي

١
٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ذي القدرة الأزليّة ، والعزة الباهرة الأبدية ، والقوة القاهرة القويّة ، والنعم الغامرة السرمدية ، والآلاء الظاهرة السنية ، المستغني بوجوب وجوده عن الاتصاف بالمواد والصور النوعية ، والمقدس بكمال ذاته عن المشاركة للأجسام والأعراض الفلكية والعنصرية ، ابتدع أنواع الكائنات بغير فكر وروية ، واخترع أجناس الموجودات بمقتضى حكمته العلية ، مكمل نوع الانسان بإدراك المعاني الكلية ، ومفضل صنف العلماء على جميع البرية ، وصلّى الله على أشرف النفوس القدسية ، وأزكى الذوات المطهّرة الملكية ، محمد المصطفى وعترته المرضية.

أما بعد : فإن الفقهاءعليهم‌السلام هم عمدة الدين ، ونقلة شرع رسول رب العالمين وحفظة فتاوى الأئمة المهديين ، صلوات الله عليهم أجمعين ، وهم ورثة الأنبياء ، والذين يفضل مدادهم على دماء الشهداء ، وقد جعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النظر إليهم عبادة ، والمجالسة لهم سعادة ، واقتفاء أثرهم سيادة ، والاكرام لهم رضوان الله ، والاهانة لهم سخط الله(١) ، فيجب على كلّ أحد تتبع مسالكهم ، واقتفاء آثارهم ، والاقتداء

__________________

١ ـ ورد عن النبيّ وآله المعصومين سلام الله عليهم أجمعين الكثير من الأحاديث في فضل العلم

٣

بهم في إيرادهم وإصدارهم ، واتّباعهم في إظهار شرع الله تعالى وإبانة أحكامه ، وإحياء مراسم دين الله وإعلان أعلامه.

وقد عزمنا في هذا الكتاب الموسوم ب‍ « تذكرة الفقهاء » على تلخيص فتاوى العلماء ، وذكر قواعد الفقهاء ، على أحق الطرائق وأوثقها برهاناً ، وأصدق الاقاويل وأوضحها بياناً ـ وهي طريقة الامامية الآخذين دينهم بالوحي الالهي ، والعلم الرباني ، لا بالرأي والقياس ، ولا باجتهاد الناس ـ على سبيل الايجاز والاختصار ، وترك الاطالة والاكثار.

وأشرنا في كلّ مسألة إلى الخلاف ، واعتمدنا في المحاكمة بينهم طريق الإنصاف ، إجابة لالتماس أحب الخلق إليّ ، وأعزهم علي ، ولدي محمد أمده الله تعالى بالسعادات ، ووفقه لجميع الخيرات وأيده بالتوفيق ، وسلك به نهج التحقيق ، ورزقه كلّ خير ، ودفع عنه كلّ شر ، وآتاه عمراً مديداً سعيداً ، وعيشاً هنيئاً رغيداً ، ووقاه الله كلّ محذور ، وجعلني فداءه في جميع الأمور.

ورتبت هذا الكتاب على أربع قواعد ، والله الموفق والمعين.

__________________

والعلماء ، وطلب العلم ، نحو ما أشار إليه المصنف وغيره ، أنظر : الكافي ١ : ٢٣ / ٥٧ ، بصائر الدرجات : ٣٠ ، أمالي الشيخ الصدوق : ١٤٣ ، أمالي الطوسي ١ : ٦٩ و ٨٧ و ٢ : ١٣٥ ، أمالي الصدوق : ٥٨ / ٩ ، نوادر الراوندي : ١١ ، العوالم ٢ : ١٢٥ ، البحار ١ : كتاب العلم ، وراجع : سنن ابن ماجة ١ : ٨ / ٢٢٣ ، سنن الترمذي ٥ : ٤٨ / ٢٦٨٢ ، كنز العمال ١٠ : ١٣٠ ـ ٣١٤ الأحاديث ، الترغيب والترهيب ١ ، ٩٢ / ١٣٣ ، مجمع الزوائد ١ : ١١٩ ـ ٢٠٢.

٤

القاعدة الأولى

في العبادات

وهي تشتمل على ستة كتب :

الأول في :

الطهارة

٥
٦

مقدمة

الطهارة ـ لغة ـ النظافة ، وشرعاً : وضوء ، أو غسل ، أو تيمم ، يستباح به عبادة شرعية.

والطهور هو المطهر لغيره ، وهو فعول بمعنى ما يفعل به ـ أي يتطهر به ـ كغسول ، وهو الماء الذي يغتسل به ، لقوله تعالى :( وأنزلنا من السماء ماءً طهورا ) (١) .

ثم قال :( وينزل عليكم من السماء ماءً ليطهركم به ) (٢) .

ولأنّهم فرقوا بين ضارب وضروب ، وجعلوا الثاني للمبالغة ، فيكون للتعدية لامتناع المبالغة في المعنى ، ولقولهعليه‌السلام ـ عن ماءً البحر وقد سئل أيجوز الوضوء به ـ : ( هو الطهور ماؤه )(٣) .

وقال أبوبكر بن داود وبعض الحنفية : الطهور هو الطاهر(٤) . فالعرب

__________________

١ ـ الفرقان : ٤٨.

٢ ـ الأنفال : ١١.

٣ ـ المصنف لابن ابي شيء بة ١ : ١٣٠ ، سنن الترمذي ١ : ١٠٠ / ٦٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٦ / ١٣ ـ ١٥ ، سنن النسائي ١ : ١٧٦ ، سنن أبي داود ١ : ٢١ / ٨٣ ، الموطأ ١ : ٢٢ / ١٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٣٦ / ٣٨٦ ـ ٣٨٨ ، سنن البيهقي ١ : ٣.

٤ ـ أحكام القرآن للجصاص ٣ : ٣٣٨ ، تفسير القرطبي ١٣ : ٣٩ ، شرح فتح

٧

لم تفرق بين الفاعل والمفعول في التعدي واللزوم كقاعد وقعود ، وضارب وضروب.

و أقسام الطهارة ثلاثة : وضوء ، وغسل ، وتيمم ، وكل منها واجب وندب.

فالوضوء يجب للصلاة الواجبة ، أو الطواف الواجب ، أو مسّ كتابة القرآن إنّ وجب ، ويستحب لما عداه.

والغسل يجب لاحد الثلاثة ، أو للاستيطان في المساجد ، أو قراء‌ة العزائم إنّ وجبا ، وللصوم الواجب إذا بقي للفجر ما يغتسل فيه الجنب ولصوم المستحاضة مع غمس القطنة ، ويستحب لما عداه.

والتيمم يجب للصلاة الواجبة ، ولخروج الجنب من أحد المسجدين ، ويستحب لما عداه ، وقد تجب الثلاثة بالنذر ، واليمين ، والعهد.

وهذا الكتاب يشتمل على أبواب :

____________

القدير ١ : ٦٠ ـ ٦١ ، أحكام القرآن لابن العربي ٣ : ١٤١٦ ، نيل الأوطار ١ : ١٩ ، المجموع ١ : ٨٤ وفيه أبوبكر الاصم وابن داود بدل أبوبكر بن داود.

٨

الأوّل : في المياه :

وفيه فصول :

٩
١٠

الأول : المطلق

مسألة ١ : المطلق هو ما يستحق إطلاق اسم الماء من غير إضافة ، وهو في الأصل طاهر مطهر إجماعاً من الخبث والحدث ، إلّا ما روي عن عبد الله ابن عمر وعبدالله بن عمرو بن العاص أنهما قالا في ماءً البحر : التيمم أحب(١) الينا منه(٢) . وعن سعيد بن المسيب : اذا ألجئت إليه فتوضأ منه(٣) .

ويدفعه الاجماع ، وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ في حديث أبي هريرة ـ : ( من لم يطهره البحر فلا طهره الله )(٤) ، وقول الصادقعليه‌السلام في رواية عبد الله بن سنان وقد سئل عن ماءً البحر أطهور هو؟ قال : « نعم »(٥) .

ولا فرق بين النازل من السماء والنابع من الأرض ، وسواء أذيب من ثلج أو برد(٦) أو لا ، وسواء كان مسخنا أو لا ، إلّا أنّه يكره المسخن بالنار في

__________________

١ ـ في نسخة ( م ) : اعجب.

٢ ـ اُنظر : المصنف لابن أبي شيء بة ١ : ١٣١ ، سنن الترمذي ١ : ١٠٢ ، المجموع ١ : ٩١ ، تفسير القرطبي ١٣ : ٥٣.

٣ ـ المصنف لابن أبي شيء بة ١ : ١٣١.

٤ ـ سنن البيهقي ١ : ٤ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥ / ١١.

٥ ـ الكافي ٣ : ١ / ٤ ، التهذيب ١ : ٢١٦ / ٦٢٢.

٦ ـ البرد بالفتح : القطع الثلجية الصغيرة التي تنزل من السحاب ، أنظر مجمع البحرين ٣ : ١١ ، الصحاح ٢ : ٤٤٦ « برد ».

١١

غسل الأموات لقول الباقرعليه‌السلام : « لا يسخن الماء للميت »(١) فإن خاف الغاسل البرد زالت الكراهة.

و كره مجاهد المسخن في الطهارة(٢) ، وأحمد المسخن بالنجاسة للخوف من حصول نجاسة فيه(٣) .

ويبطل بأن [ الاسلع بن ] شريكا رحال [ ناقة ](٤) النبيّعليه‌السلام أجنب فسخن الماء فاغتسل ، وأخبره ولم ينكر عليه(٥) ، ودخل النبيّعليه‌السلام حماما بالجحفة وهو محرم(٦) ، واضطر الصادقعليه‌السلام إلى الغسل فأتوه بالماء مسخناً وهو مريض فاغتسل(٧) .

ويكره المشمس في الآنية ـ وبه قال الشافعي(٨) ـ لنهيهعليه‌السلام

____________

١ ـ الفقيه ١ : ٨٦ / ٣٩٧ ، التهذيب ١ : ٣٢٢ / ٩٣٨.

٢ ـ مصنف ابن أبي شيء بة ١ : ٢٥ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٨ ، المجموع ١ : ٩١ ، المحلى ١ : ٢٢١ ، الشرح الكبير ١ : ٣٩.

٣ ـ المغني ١ : ٤٦ ، الشرح الكبير ١ : ٣٩ ، الإنصاف ١ : ٢٩ ، المحرر في الفقه ١ : ٢ ، كشاف القناع ١ : ٢٦ ، المجموع ١ : ٩١.

٤ ـ كانت في الاصلين هكذا : ويبطل بأن شريكاً رحال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . والاسلع هو ابن شريك بن عوف الاعوجي التميمي ، خادم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وصاحب راحلته ، نزل البصرة آخى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بينه وبين ابي موسى ، روى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعنه روى زريق المالكي وغيره ، وقد ذكر هذه القصة كلّ من ابن حجر في الاصابة ١ : ٣٦ ، وابن الاثير في اسد الغابة ١ : ٧٤ في ترجمة الاسلع هذا. وما بين المعقوفتين والتي قبلها للتوضيح.

٥ ـ اضافة لمصادر الترجمة المتقدمة اُنظر : سنن البيهقي ١ : ٥ ، تلخيص الحبير ١ : ١٢٨.

٦ ـ ترتيب مسند الشافعي ١ : ٣١٤ / ٨١٦.

٧ ـ التهذيب ١ : ١٩٨ / ٥٧٦ ، الاستبصار ١ : ١٦٣ / ٥٦٤.

٨ ـ الاُم ١ : ٣ ، مختصر المزني ١ : ١ ، المجموع ١ : ٨٧ ، الوجيز ١ : ٥ ، الاشباه والنظائر : ٤٢٤ ، المهذب لأبي اسحاق الشيرازي ١ : ١١ ، فتح العزيز ١ : ١٢٩ ، معرفة السنن والآثار ١ : ١٦٢.

١٢

عنه ، وعلل بأنه يورث البرص(١) .

وقال أبو حنيفة ، ومالك ، وأحمد : لا يكره كالمسخن بالنار(٢) .

فروع :

الأول : لا كراهة في المشمس في الأنهار الكبار والصغار ، والمصانع إجماعاً.

الثاني : النهي عن المشمس عام ، وبه قال بعض الشافعية ، وقال بعضهم : إنّه مختص بالبلاد الحارة كالحجاز ، وبعضهم بالاواني المنطبعة كالحديد والرصاص ، أو بالصفر ، واستثنوا الذهب والفضة لصفاء جوهرهما(٣) .

الثالث : لو زال التشميس احتمل بقاء الكراهة ، لعدم خروجه عن كونه مشمساً.

الرابع : لو توضأ به صحّ إجماعاً ، لرجوع النهي إلى خوف ضرره.

الخامس : روى ابن بابويه كراهة التداوي بمياه الجبال الحارة(٤) .

السادس : إذا تغيرت أحد أوصاف المطلق بالأجسام الطاهرة ولم يسلبه الاطلاق ، فهو باق على حكمه بإجماعنا ، لبقاء الاسم ، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه ، والزهري ، وأبو بكر الرازي(٥) .

__________________

١ ـ سنن الدارقطني ١ : ٣٨ / ٢ ـ ٣ ، معرفة السنن والآثار ١ : ١٦٤ ، سنن البيهقي ١ : ٦.

٢ ـ المغني ١ ، ٤٦ ، الشرح الكبير ١ : ٣٨ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٩ ، المجموع ١ : ٨٨ ، فتح العزيز ١ : ١٢٩.

٣ ـ المجموع ١ : ٨٨ ، فتح العزيز ١ : ١٣٣ ـ ١٣٥.

٤ ـ الفقيه ١ : ١٣.

٥ ـ أحكام القرآن للجصاص ٣ : ٣٣٨ ، المغني ١ : ٤١ ، التفسير الكبير ٢٤ : ٩٣ ـ ٩٤ ، بداية المجتهد ١ : ٢٧ ، بدائع الصنائع ١ : ١٥ ، شرح فتح القدير ١ : ٦٤.

١٣

وقال الشافعي ، ومالك ، وأحمد ، وإسحاق : إنّ تغيّر بما لم يخالط أجزاء‌ه كالخشب والدهن ، أو كان ترابا أو لا ينفك الماء عنه كالطحلب وورق الشجر الساقط في السواقي ، وما يجري عليه الماء من حجارة النورة والكحل وغيره فهو باق على حكمه ، وإن كان غير ذلك لم يجز الوضوء منه كالمتغير بالصابون والزعفران والملح الجبلي.

ولو كان أصله الماء ـ بأن يرسل في أرض مالحة فيصير ملحا ـ جاز(١) .

السابع : لو افتقر في طهارة إلى مزج المطلق بالمضاف ، قال الشيخ : صحت الطهارة به إنّ بقي الاطلاق ، ولا يجب المزج(٢) وفي الجميع إشكال.

الثامن : لو تطهر بالجمد ، فإن جرى على العضو المغسول ما يتحلل منه صحّ ، وإلّا فلا ، واجتزأ الشيخ بالدهن(٣) .

التاسع : لو مازجه المضاف المساوي في الصفات ، احتمل اعتبار بقاء الاسم ـ على تقدير المخالفة والاستعمال ـ ما لم تعلم الغلبة.

العاشر : ماءً زمزم كغيره ، وكره أحمد ـ في إحدى الروايتين ـ الطهارة به(٤) لقول العباس : لا أحله لمغتسل ، لكن لشارب حلّ وبلّ(٥) وهو محمول

__________________

١ ـ المغني ١ : ٤١ ـ ٤٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٧ ، المجموع ١ : ١٠٥ و ١٠٩ ، الاُم ١ : ٧ ، المنتقى للباجي ١ : ٥٥ ، الإنصاف ١ : ٢٢.

٢ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٥.

٣ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٩ ، الخلاف ١ : ٥٢ مسألة ٣.

٤ ـ المغني ١ : ٤٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٠ ، الإنصاف ١ : ٢٧ ، كشف القناع ١ : ٢٨.

٥ ـ جاء في الصحاح ٤ : ١٦٣٩ مادة بلل ما لفظه : والبل ـ بكسر الباء مع التشديد ـ المباح ، ومنه قول العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه في زمزم : لا أحلها لمغتسل ، وهي لشارب حلّ وبل.

١٤

على قلة الماء لكثرة الشارب.

مسألة ٢ : كلّ ماءً تغير أحد أوصافه الثلاثة ـ أعني اللون والطعم والرائحة ـ بالنجاسة كان نجساً إجماعاً ، لقولهعليه‌السلام : « خلق الماء طهورا ، لا ينجسه شيء إلّا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه »(١) وعن الصادقعليه‌السلام : « إذا تغير الماء ، وتغير الطعم ، فلا تتوضأ منه ، ولا تشرب »(٢) ولا فرق في هذا بين الجاري والراكد ، والقليل والكثير لانفعال الجميع.

فروع :

الأول : لو تغير بمرور الرائحة من غير ملاقاة النجاسة لم ينجس.

الثاني : لو تغير الجاري اختص المتغير منه بالتنجيس ، وكان غيره طاهراً.

الثالث : لو تغير بعض الواقف الكثير اختص المتغير منه بالتنجيس إن كان الباقي كراً وإلّا عم الحكم ، وقالت الشافعية : يعم مطلقاًً لأنّه ماءً واحد فلا يتبعض حكمه(٣) والملازمة ممنوعة.

الرابع : لو انصبغ ماءً الغسل أو الوضوء بصبغ طاهر على العضو فإن لم يسلبه الاطلاق أجزأ وإلّا فلا.

__________________

واختلفت المصادر في نسبة هذا القول فممن نسبه للعباس : ابنا قدامة في المغني ١ : ٤٧ ، والشرح الكبير ١ : ٤٠ ، والبهوتي في كشاف القناع ١ : ٢٨ والزمخشري في الفائق ١ : ١٢٩ ، والهروي في غريب الحديث ١ : ٣٦١ ، والجوهري في الصحاح ٤ : ١٦٣٩. وممن نسبه لعبد المطلب : ابن منظور في لسان العرب ١١ : ١٦٧ ، والنووي في المجموع ١ : ٩١.

١ ـ عوالي اللآلي ١ : ٧٦ / ١٥٤ و ٢ : ١٥ / ٢٩.

٢ ـ الكافي ٣ : ٤ / ٣ ، التهذيب ١ : ٢١٦ / ٦٢٥ ، الاستبصار ١ : ١٢ / ١٩.

٣ ـ المجموع ١ : ١١١ ، الوجيز ١ : ٧ ، فتح العزيز ١ : ١٩٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٢.

١٥

الخامس : لو زال التغيّر بالنجاسة بغير الماء ـ من الاجسام الطاهرة ، أو تصفيق الرياح ، أو طول اللبث ـ لم يطهر ، لأنّه حكم شرعي ثبت(١) عليه ، وعند الشافعي يطهر بزوال التغيّر من نفسه لا بوقوع ساتر كالمسك(٢) .

وفي التراب قولان مبنيان على أنّه مزيل أو ساتر(٣) .

ولو نزح فزال التغيّر طهر الباقي إن كان قلّتين.

السادس : إنّما يطهر المتغير الكثير الواقف بالقاء كرّ عليه دفعة مزيلة لتغيره ، فإن لم يزل فكر آخر وهكذا.

والجاري يطهر بتدافعه حتى يزول التغيّر لاستهلاك المتغير وعدم قبول الطارئ النجاسة.

السابع : يكره الطهارة بالماء الآجن مع وجود غيره ـ وهو المتغير لطول لبثه مع بقاء الاطلاق ـ بإجماع العلماء ، إلّا ابن سيرين فإنه منع منه(٤) . ولو زال الاطلاق لم يكن مطهراً.

الثامن : لو زال التغيّر عن القليل أو الكثير بغير الماء ، طهر بإلقاء الكر ، وإن لم يزل به التغيّر لو كان ، وفي طهارة الكثير لو وقع في أحد جوانبه كر علم عدم شيء اعه ، فيه نظر ، وكذا لو زال التغيّر بطعم الكر ، أو لونه العرضيين.

مسألة ٣ : الجاري الكثير كالانهار الكبار والجداول الصغار لا ينجس بملاقاة النجاسة إجماعاً منّا ، لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن يبول

__________________

١ ـ في هامش نسخة ( م ) برمز خ ل « يقف ».

٢ ـ المجموع ١ : ١٣٣ ، فتح العزيز ١ : ١٩٩ ، الوجيز ١ : ٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٣.

٣ ـ الوجيز ١ : ٧ ، فتح العزيز ١ : ٢٠٠ ، المجموع ١ : ١٣٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٣ ـ ١٤.

٤ ـ المجموع ١ ، ٩١ ، كشاف القناع ١ : ٢٦ ، المغني ١ : ٤٢ ، الشرح الكبير ١ : ٣٧.

١٦

الرجل في الماء الجاري »(١) .

وماء الحمام كالجاري إذا كانت له مادة ـ وبه قال أبو حنيفة(٢) ـ لقول الصادقعليه‌السلام : « هو بمنزلة الجاري »(٣) وقول الباقرعليه‌السلام : « ماءً الحمام لا بأس به إذا كان له مادة »(٤) ولعدم الانفكاك من النجاسة فيه ، فلولا مساواته للجاري لزم الحرج.

وماء الغيث حال تقاطره كالجاري ، لقول الصادقعليه‌السلام ـ في ميزابين سالا ، أحدهما بول ، والآخر ماءً المطر ، فاختلطا ، فأصاب ثوب رجل ـ : « لم يضر ذلك »(٥) .

فروع :

الأول : لا تعتبر الجريات بانفرادها ، فلو تواردت على النجاسة الواقفة جريات متعددة لم تنجس مع اتصالها.

وقال الشافعي : تنجس كلّ جرية هي أقلّ من قلّتين ، وإن كانت منفصلة اعتبر كلّ جرية بانفرادها(٦) ، وعنى بالجرية ما بين حافتي النهر عرضاً عن يمينها وشمالها.

الثاني : لو كان الجاري أقل من كر نجس بالملاقاة الملاقي وما تحته ، وفي أحد قولي الشافعي أنّه لا ينجس إلّا بالتغير(٧) .

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٤٣ / ١٢١ ، الاستبصار ١ : ١٣ / ٢٣.

٢ ـ بدائع الصنائع ١ : ٧٢.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٧٨ / ١١٧٠.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٤ / ٢ ، التهذيب ١ : ٣٧٨ / ١١٦٨.

٥ ـ الكافي ٣ : ١٢ / ١ ، التهذيب ١ : ٤١١ / ١٢٩٥.

٦ ـ الاُم ١ : ٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٤ ، المجموع ١ : ١٤٣.

٧ ـ الاُم ١ : ٤ ، المجموع ١ : ١٤٤.

١٧

الثالث : الواقف في جانب النهر متصلاً به كالجاري ، وإن نقص عن كر.

الرابع : لو كان الجاري متغيرا بالنجاسة دون الواقف المتصل به فإن نقص عن كر نجس بالملاقاة وإلّا فلا.

الخامس : لا بدّ في مادة الحمام من كر ، وهل ينسحب الحكم في غير الحمام؟ إشكال.

السادس : لو تنجس الحوض الصغير في الحمام ، لم يطهر باجراء المادة إليه ، بل بتكاثرها على مائه.

السابع : لو انقطع تقاطر المطر وفيه نجاسة عينية اعتبرت الكرية ، ولا تعتبر حال التقاطر ، ولو إستحالت عينها قبل انقطاعه ثم انقطع كان طاهراً وإن قصر عن كر ، ولو استحالت بعد انقطاعه ، أو لاقته من خارج بعده اعتبرت الكرية.

مسألة ٤ : الواقف الكثير لا ينجس بملاقاة النجاسة إجماعاً ، بل بالتغيّر بها.

واختلف في الكثرة فالذي عليه علماؤنا بلوغ كر ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شيء )(١) رواه الجمهور.

وعن الصادقعليه‌السلام : « إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجسه شيء »(٢) .

وقضية الشرط التنجيس عند عدم البلوغ ، ولأنّه أحوط.

__________________

١ ـ الفائق ٣ : ٢٥٨ ، غريب الحديث للهروي ١ : ٣٣٨ ( نحوه ).

٢ ـ الكافي ٣ : ٢ / ١ و ٢ ، التهذيب ١ : ٣٩ ـ ٤٠ / ١٠٧ ـ ١٠٩ ، الاستبصار ١ : ٦ / ١ ـ ٣.

١٨

وقال الشافعي ، وأحمد : قلّتان(١) ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إذا كان الماء قلّتين لم يحمل خبثا )(٢) . ويضعف باحتمال اتساع الكر لأنّها من قلال الهجر(٣) ، وهى جرة كبيرة تشبه الحب. قال ابن دريد : تسمع خمس قرب(٤) .

و قال أبو حنيفة ، وأصحابه : كلّ ما يتيقن أو يظن وصول النجاسة إليه لم يجز استعماله ، وقدّره أصحابه ببلوغ الحركة(٥) . ويضعف بعدم الضبط ، فلا يناط به ما يعم به البلوى.

فروع :

الأول : للكر قدران : ألف ومائتا رطل ، قال الشيخان : بالعراقي ، وهو مائة وثلاثون درهما(٦) وقال المرتضى : بالمدني ، وهو مائة وخمسة وتسعون(٧) .ونشأ الخلاف باعتبار السائل وبلد السؤال.

وما يكون كلّ بعد من أبعاده الثلاثة ثلاثة أشبار ونصفاً بشبر مستوي

__________________

١ ـ أحكام القرآن للجصاص ٣ : ٣٤١ ، التفسير الكبير ٢٤ : ٩٤ ، مغني المحتاج ١ : ٢١ ، تفسير القرطبي ١٣ : ٤٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤ ، المجموع ١ : ١١٢ ، المغني ١ : ٥٢ ، سنن الترمذي ١ : ٩٨ ـ ٩٩.

٢ ـ سنن الترمذي ١ : ٩٧ / ٦٧ ، سنن النسائي ١ : ١٧٥ ، سنن الدارقطني ١ : ١٦ / ٧.

٣ ـ هجر : قرية قرب المدينة المنورة وقيل غير ذلك تنسب اليها القلال. مجمع البحرين ٣ : ٥١٧ ، واُنظر معجم البلدان ٥ : ٣٩٣ ـ هجر ـ فيهما.

٤ ـ اُنظر المغني ١ : ٥٢.

٥ ـ أحكام القرآن للجصاص ٣ : ٣٤٠ ، شرح فتح القدير ١ : ٦٨ ، التفسير الكبير ٢٤ : ٩٤ ، اللباب ١ : ٢٠.

٦ ـ المقنعة : ٤ ، المبسوط للطوسي ١ : ٦.

٧ ـ الناصريات : ٢١٤ المسألة ٢.

١٩

الخلقة على الاشهر ، وحذف القميون النصف(١) ، فعلى الأول يبلغ تكسيره اثنين وأربعين شبراً وسبعة أثمان شبر ، وعلى الثاني سبعة وعشرين ، وقول الراوندي ، وابن الجنيد ضعيفان(٢) .

الثاني : التقدير تحقيق لا تقريب ، وللشافعي قولان(٣) .

الثالث : لا فرق في هذا التقدير بين مياه الغدران ، والقلبان(٤) ، والحياض ، والمصانع(٥) ، والاواني ، وإطلاق بعض فقهائنا تنجيس ماءً الاواني وإن كثر(٦) يجري مجرى الغالب.

الرابع : قال داود : إذا بال في الراكد ولم يتغير لم ينجس ، ولا يجوز له أن يتوضأ منه لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى أن يبول الرجل في الماء الدائم ثم يتوضأ منه(٧) ، ويجوز لغيره.

وإذا تغوط فيه ولم يتغير لم ينجس ، وجاز أن يتوضأ منه هو وغيره ، ولو بال على الشط فجرى إلى الماء جاز أن يتوضأ منه(٨) . وهو غلط.

الخامس : لو كانت النجاسة متميزة فيما زاد على الكر ، ولم تغيره جاز

__________________

١ ـ المقنع : ١٠ ، الفقيه ١ : ٦ ذيل ح ٢ ، السرائر : ٧.

٢ ـ حكى قولهما أيضاً المصنف في المختلف : ٣ ـ ٤.

٣ ـ المجموع ١ : ١٢٢ ، فتح العزيز ١ : ٢٠٧ ، الوجيز ١ : ٧ ، المهذب ١ : ١٣.

٤ ـ القلبان : جمع مفرده قليب ، وهو البئر قبل أن تبنى بالحجارة. الصحاح ١ : ٢٠٦ ، مجمع البحرين ٢ : ١٤٩ مادة قلب.

٥ ـ جمع مصنعة : حوض يجمع فيه ماءً المطر. الصحاح ٣ : ١٢٤٦ ، القاموس المحيط ٣ : ٥٣ « صنع ».

٦ ـ المراسم : ٣٦ ، المقنعة : ٩ ، النهاية : ٤.

٧ ـ سنن الترمذي ١ : ١٠٠ / ٦٨ ، سنن النسائي ١ : ٤٩ ، صحيح مسلم ١ : ٢٣٥ / ٢٨٢ ، سنن الدارمي ١ : ١٨٦.

٨ ـ المجموع ١ : ١١٩.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

وذلك أنه رواه عن أبي عوانة ، عن أبي بشر ، عن سليمان بن قيس ، عن جابر بطوله ، وزاد فيه : إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال للأعرابي ـ بعد أن سقط السيف من يده : من يمنعك مني؟ قال : كن خير آخذ قال : لا ، أو تسلم. قال : لا ، قال : لا ، أو تسلم. قال : لا ، ولكن أعاهدك ألّا أقاتلك ، ولا أكون مع قوم يقاتلونك. فخلّى سبيله ، فجاء إلى أصحابه ، فقال : جئتكم من عند خير الناس.

وكذا أخرجه أحمد في مسندة ، من طريق أبي عوانة ، ذكره الثعلبي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عباس فذكر نحو رواية العسكري عن جابر فيما يتعلق بقدم إسلامه ولكن ساق في القصة أشياء مغايرة لما تقدم من الطريق الصحيحة.

فهذه الطرق ليس فيها أنه أسلم ، وكأنّ الذهبي لما رأى ما في ترجمة دعثور بن الحارث الّذي سبق في حرف الدال أنّ الواقدي ذكر له شبها بهذه القصة ، وأنه ذكر أنه أسلم ، فجمع بين الروايتين ، فأثبت إسلام غورث ، فإن كان كذلك ففيما صنعه نظر من حيث إنه عزاه للبخاريّ ، وليس فيه أنه أسلم ، ومن حيث إنه يلزم منه الجزم بكون القصتين واحدة مع احتمال كونهما واقعتين إن كان الواقدي أتقن ما نقل.

وفي الجملة هو على الاحتمال ، وقد يتمسك من يثبت إسلامه بقوله : جئتكم من عند خير الناس.

الغين بعدها الياء

٦٩٤٠ ـ غيلان بن سلمة بن معتّب (١)بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف الثقفي.

وسمى أبو عمر (٢) جده شرحبيل.

قال البغويّ : سكن الطائف ، وقال غيره : وأسلم بعد فتح الطائف ، وكان أحد وجوه ثقيف ، وأسلم وأولاده : عامر ، وعمار ، ونافع ، وبادية ، وقيل : إنه أحد من نزل فيه :( عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) ، وقد روى عنه ابن عباس شيئا من شعره ، قال أبو عمر : هو ممن وفد على كسرى ، وله معه خبر ظريف.

قال أبو الفرج الأصبهاني : أخبرني عمي. حدثنا محمد بن سعيد الكراني ، حدثنا

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٩٠) ، الجرح والتعديل ٧ / ١٤٣ ، البداية والنهاية ٧ / ١٤٣ ، العقد الثمين ٧١٦ ، الأعلمي ٢٣ / ١٦٢ ، التاريخ الصغير ١ / ٢٩٧.

(٢) في الاستيعاب : غيلان بن سلمة بن شرحبيل.

٢٦١

العمري ، عن العتبي ، عن أبيه ، قال : كان غيلان بن سلمة وفد على كسرى ، فقال له ذات يوم : أيّ ولدك أحبّ إليك؟ قال : الصغير حتى يكبر ، والمريض حتى يبرأ ، والغائب حتى يقدم (١) ، فاستحسن ذلك من قوله ، ثم قال له : ما غذاؤك في بلدك؟ قال : خبز البر. قال : عجبت لك هذا العقل.

قال الكرانيّ ، عن العمري : وقد روى الهيثم بن عدي هذه القصة أبين من هذه ، وساقه بطوله ، وفيها : كان أبو سفيان في نفر من قريش ومن ثقيف فوجّهوا بتجارة إلى العراق ، فقال لهم أبو سفيان : إنا نقدم على ملك جبّار لم يأذن لنا في دخول بلاده ، فأعدّوا له جوابا. فقال غيلان : أنا أكفيكم على أن يكون نصف الربح لي. قالوا : نعم ، فتقدم إلى كسرى ، وكان جميلا ، فقال له الترجمان : يقول لك الملك : كيف قدمتم بلادي بغير إذني؟ فقال : لسنا من أهل عداوتك ، ولا تجسّسنا عليك ، وإنما جئنا بتجارة ، فإن صلحت لك فخذها وإلا فائذن لنا في بيعها ، وإن شئت رجعنا بها قال : وسمعت صوت الملك فسجدت ، فقيل له : لم سجدت؟ قال : سمعت صوت الملك حيث لا ينبغي أن ترفع الأصوات.

فأعجب كسرى ، وأمر أن توضع تحته مرفقة ، فرأى عليها صورة كسرى ، فوضعها على رأسه ، فقيل له : لم فعلت ذلك؟ قال : رأيت عليها صورة الملك فأجللتها أن أجلس عليها ، فاستحسن ذلك أيضا ، ثم قال له : ألك ولد؟ قال : نعم. قال : فأيّهم أحبّ إليك؟ قال : الصغير حتى يكبر ، والمريض حتى يبرأ ، والغائب حتى يقدم. قال : أنت حكيم من قوم لا حكمة فيهم ، وأحسن إليه.

وذكرها أبو هلال العسكريّ في «كتاب الأوائل» بغير إسناد أطول مما هنا ، فقال : خرج أبو سفيان بن حرب في جمع من قريش وثقيف يريدون بلاد كسرى بتجارة لهم ، فلما ساروا ثلاثا جمعهم أبو سفيان ، فقال : إنا في سيرنا (٢) هذا لعلى خطر ما قدومنا على ملك لم يأذن لنا بالقدوم عليه؟ وليست بلاده لنا بمتجر ، فأيكم يذهب بالعير. فنحن برآء من دمه إن أصيب ، وإن يغنم فله نصف الربح. فقال غيلان بن سلمة : أنا أمضي بالعير ، وأنشده :

فلو رآني أبو غيلان إذ حسرت

عنّي الأمور بأمر ما له طبق

لقال رغب ورهب أنت بينهما

حبّ الحياة وهول النّفس والشّفق

إمّا مشفّ على مجد ومكرمة

أو أسوة لك فيمن يهلك الورق (٣)

[البسيط]

__________________

(١) في الاستيعاب : حتى يئوب.

(٢) في أ : مسيرنا.

(٣) انظر الأبيات في تاريخ الطبري ٦ / ١٠٧.

٢٦٢

فخرج بالعير ، وكان أبيض طويلا جعدا ، فتخلّق ولبس ثوبين أصفرين ، وشهر نفسه ، وقعد بباب كسرى ، حتى أذن له ، فدخل عليه وشبّاك بينه وبينه ، فقال الترجمان : يقول لك : ما أدخلك بلادي بغير إذني؟ فقال : لست من أهل عداوة لك ، ولم أكن جاسوسا ، وإنما حملت تجارة ، فإن أردتها فهي لك ، وإن كرهتها رددتها ، قال : فإنه ليتكلم إذ سمع صوت كسرى ، فخرّ ساجدا ، فقال له الترجمان : يقول لك : ما أسجدك؟ قال : سمعت صوتا مرتفعا حيث لا ترتفع الأصوات ، فظننته صوت الملك ، فسجدت قال : فشكر له ذلك ، وأمر بمرفقة فوضعت تحته ، فرأى فيها صورة الملك فوضعها على رأسه ، فقال له الحاجب : إنما بعثنا بها إليك لتقعد عليها ، فقال : قد علمت ، ولكني رأيت عليها صورة الملك فوضعتها على أكرم أعضائي. فقال : ما طعامك في بلادك؟ قال : الخبز. قال : هذا عقل الخبز ، ثم اشترى منه التجارة بأضعاف أثمانها ، وبعث معه من بنى له أظما بالطائف ، فكان أول أطم بني بالطائف.

وقال الإمام أحمد : حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ، وقال إسحاق بن راهويه في مسندة : أنبأنا عيسى بن يونس ، وإسماعيل ، قالا : حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ـ أنّ غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة ، فقال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، اختر منهن أربعا.

ورواه الترمذي عن هناد ، عن عبيدة ، عن سعيد بن أبي عروبة ، عن معمر ، ثم قال : هكذا رواه معمر. وسمعت محمدا يقول : هذا غير محفوظ ، والصحيح ما رواه شعيب عن الزهري ، قال : حدثت عن محمد بن سويد الثقفي أنّ غيلان فذكره.

قلت : رواه جماعة من أهل البصرة عن معمر ، وأخرجه أحمد ، عن محمد بن جعفر غندر ، وعبد الأعلى ، وإسماعيل بن عليّة ، عنه ورواه ابن حبان في صحيحه ، عن أبي يعلى ، عن أبي خيثمة ، عن ابن عليّة.

ورواه الحاكم في المستدرك من طريق كثير ، عن معمر ، ويقال : إنّ معمرا حدّث بالبصرة بأحاديث وهم فيها ، لكن تابعهم عبد الرزاق.

ورويناه في المعرفة لابن مندة عاليا ، قال : أنبأنا محمد بن الحسين ، أنبأنا أحمد بن يوسف ، حدثنا عبد الرزاق ، به ، لكن استنكر أبو نعيم ذلك ، وقال : إن الأثبات رووه عن عبد الرزاق مرسلا ، ثم أخرجه من طريق إسحاق بن راهويه ، عن عبد الرزاق عن معمر ، عن الزهري ـ أنّ غيلان بن سلمة. فذكره.

وروى عن يحيى بن أبي كثير ، وهو من شيوخ معمر ، عن معمر ، أخرجه أبو نعيم من طريقه.

٢٦٣

ورواه يحيى بن سلام الإفريقي ، عن مالك ويحيى بن أبي كثير ، عن الزهري أيضا. والإفريقي ضعيف.

ورواه يحيى بن أبي كثير السقاء ، عن الزهري موصولا أيضا ، أخرجه أبو نعيم من طريقه ويحيى ضعيف.

وقد كشف مسلم في كتاب «التمييز» عن علّته ، وبيّنها بيانا شافيا ، فقال : إنه كان عند الزهري في قصة غيلان حديثان : أحدهما مرفوع ، والآخر موقوف ، قال : فأدرج معمر المرفوع على إسناد الموقوف ، فأما المرفوع فرواه عقيل عن الزهري ، قال : بلغنا عن عثمان بن محمد بن أبي سويد ـ أن غيلان أسلم وتحته عشر نسوة الحديث. وأما الموقوف فرواه الزهري ، عن سالم ، عن أبيه ـ أنّ غيلان طلّق نساءه في عهد عمر ، وقسّم ميراثه بين بنيه الحديث.

قلت : وقد أوردت طرق هذين الحديثين في كتابي الّذي في معرفة المدرج. ولله الحمد.

وقد أورده ابن إسحاق في مسندة ، عن عيسى بن يونس ، وابن عليّة ، كما أوردناه ، وقال بعد قوله أربعا متصلا به ، فلما كان في عهد عمر طلّق نساءه ، وقسّم ماله بين بنيه ، فبلغ ذلك عمر ، فقال : والله إني لأظنّ الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك ، ولا أراك تمكث إلا قليلا ، وايم الله لترجعنّ في مالك ، وليرجعن نساؤك أو لأورثهنّ منك ، ولآمرنّ بقبرك فيرجم كما يرجم قبر أبي رغال.

قلت : ولهذا المدرج طريق أخرى من رواية سيف بن عبد الله الجرمي ، عن سرّار بن مجشّر عن أيوب عن سالم ونافع ، عن ابن عمر ، قال : أسلم غيلان بن سلمة وعنده عشر نسوة ، فأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يمسك منهن أربعا ، فلما كان زمن عمر طلقهنّ الحديث بتمامه.

وفي إسناده مقال.

وله حديثان آخران غير هذا من رواية بشر بن عاصم ، فأخرج ابن قانع ، وأبو نعيم ، من طريق معلى بن منصور ، أخبرني شبيب بن شيبة ، حدثني بشر بن عاصم ، عن غيلان بن سلمة الثقفي ، قال : خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بعض أسفاره ، فقال : لو كنت آمرا أحدا من هذه الأمة بالسجود لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لبعلها.

وبهذا الإسناد قال : خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر ، فمررنا

٢٦٤

بشجرتين ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يا غيلان ، ائت هاتين الشّجرتين فمر إحداهما تنضمّ إلى الأخرى حتّى أستتر بهما. فانقلعت إحداهما تخذّ الأرض حتّى انضمّت إلى الأخرى».

وله ذكر في ترجمة نافع مولاه.

ومن أخبار غيلان في الجاهلية ما حكاه أبو سعيد السكري في ديوان شعره ـ أنّ بني عامر أغاروا على ثقيف بالطائف ، فاستنجدت ثقيف ببني نصر بن معاوية ، وكانوا حلفاءهم فلم ينجدوهم ، فخرجت ثقيف إلى بني عامر ، وعليهم يومئذ غيلان بن سلمة ، فقاتلوهم حتى هزموا بني عامر ، وفي ذلك يقول غيلان ـ فذكر شعرا يذكر فيه الوقعة.

مات غيلان في آخر خلافة عمر.

قال المرزبانيّ في «معجم الشعراء» : غيلان شريف شاعر أحد حكّام قيس في الجاهلية ، وأنشد له :

لم ينتقص منّي المشيب قلامة

الآن حين بدا ألبّ وأكيس

والشّيب إن يحلل فإنّ وراءه

عمرا يكون خلاله متنفّس

[الكامل]

أخبرني أحمد بن الحسين الزينبي ، أنبأنا محمد بن أحمد بن خالد ، أنبأنا محمد بن إبراهيم المقدسي ، أنبأنا عبد السلام الزهري ، أنبأنا أبو القاسم العكبريّ ، أنبأنا أبو القاسم بن اليسري ، أنبأنا أبو طاهر المخلص. حدثنا أحمد بن نصر بن بجير ، حدثنا علي بن عثمان النّفيلي ، حدثنا المعافى ، حدثنا القاسم بن معن ، عن الأجلح ، عن عكرمة ، قال : سئل ابن عباس عن قوله تعالى :( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) [المدثر : ٤] ـ قال : لا تلبس على معصية ، ولا على غدرة ، ثم قال ابن عبّاس : سمعت غيلان بن سلمة يقول :

إنّي بحمد الله لا ثوب فاجر

لبست ولا من غدرة أتقنّع

[الطويل]

٦٩٤١ ـ غيلان بن عمرو (١):

له ذكر في حديث رواه عمر بن شبّة في الصحابة له ، وابن مندة ، من طريق علي بن عراب (٢) ، عن عبيد الله بن أبي حميد ، عن أبي المليح ، عن أبيه ، قال : هذا ما كتب رسول

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٩١).

(٢) في أ : غراب.

الإصابة/ج٥/م٧

٢٦٥

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لوفد نجران فذكر الكتاب ، قال : وشهد أبو سفيان بن حرب ، وغيلان بن عمرو.

وذكره أيضا الأموي في المغازي ليونس بن بكير ، عن سلمة بن عبد يسوع ، عن أبيه ، عن جده فذكر قصة أسقف نجران ، وإرسالهم إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومصالحتهم له ، وكتابه لهم بذلك ، وفي آخره : شهد أبو سفيان بن حرب ، وغيلان بن عمرو ، ومالك بن عوف من بني نصر ، والأقرع بن حابس ، والمغيرة ، وليث.

٦٩٤٢ ـ غيلان الثقفي :

ما أدري هو ابن سلمة أو غيره؟ ذكر عبد الحق في الأحكام ، عن إسرائيل ، عن عمر بن عبد الله بن يعلى ، عن حكيمة عن أبيها ، عن غيلان الثقفي ـ أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من التقط لقطة درهما أو حبلا فليعرّفه ثلاثة أيام ...» الحديث.

٦٩٤٣ ـ غيلان (١)، مولى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

ذكره ابن السّكن ، وقال : روي عنه حديث واحد مخرجه عند أهل الرّقة ، ثم روي من طريق عياض بن محمد حدثنا جعفر بن برقان ، عن داود بن عراد من بني عبادة بن عبيد ، عن غيلان مولى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يخرج الدجّال فيدعو الناس إلى العدل وإلى الحق فيما يرون ، فلا يبقى مؤمن ولا كافر إلا اتبعه ، وهم لا يعرفونه ، فبينما المؤمنون في همّ من ذلك إذ خسفت عينه ، وظهر بين عينيه «كافر» يقرؤه كلّ مؤمن ، فعند ذلك فارقه المؤمنون ، واتّبعه الكافرون.

القسم الثاني

الغين بعدها النون

٦٩٤٤ ز ـ غنيم بن قيس المازني (٢):

قال ابن ماكولا ، تبعا لعبد الغني بن سعيد : أدرك النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورآه.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٩٢).

(٢) أسد الغابة ت (٤١٨٩) ، الطبقات الكبرى لابن سعد ٧ / ١٢٣ ـ الطبقات لخليفة ١٩٣ ـ التاريخ لخليفة ٢٩٢ ـ التاريخ الكبير ٧ / ١١٠ ـ التاريخ لابن معين ٢ / ٤٦٩ ـ الجرح والتعديل ٧ / ٥٨ ـ الكنى والأسماء ٢ / ٤٦ ـ كتاب المراسيل ١٦٥ ـ الكاشف ٢ / ٣٢٣ ـ تهذيب التهذيب ٨ / ٢٥١ ـ تقريب التهذيب ٢ / ١٠٦ ـ جامع التحصيل ٣٠٨ ـ تاريخ الإسلام ٣ / ٤٥١.

٢٦٦

وروى عن سعد بن أبي وقاص وغيره ، وكذا ذكره ابن فتحون. وقال ابن مندة : روى عنه جناح (١) ، ولا تصحّ له صحبة ولا رؤية.

قلت : حديثه عن الصحابة في مسلم وغيره ، ويقال له أيضا الكعبي ، وكنيته أبو العنبر ، وله رواية أيضا عن أبيه ، وله صحبة ، وعن أبي موسى الأشعري ، وابن عمر.

روى عنه سليمان التيمي ، وعاصم الأحول ، وخالد الحذّاء ، وأبو السليل وآخرون.

ووثّقه ابن سعد ، والنّسائيّ ، وابن حبّان ، وقال : مات سنة تسعين من الهجرة.

وفي الجعديات عن شعبة ، عن سعيد الجريريّ ، سمعت غنيم بن قيس ، قال : كنا نتواعظ في أول الإسلام : ابن آدم اعمل في فراغك قبل شغلك ، وفي شبابك لكبرك ، وفي صحتك لمرضك ، وفي دنياك لآخرتك ، وفي حياتك لموتك.

وأخرج ابن سعد من طريق محمد بن الوضاح ، عن عاصم الأحول ، قال : قال غنيم بن قيس أشرف علينا راكب فنعى لنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنهضنا من الاحوية ، فقلنا : بأبينا وأمّنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقلت :

ألا لي الويل على محمّد

قد كنت في حياته بمقعد

وفي أمان من عدوّ معتدي (٢)

[الرجز]

وأخرج أبو بكر بن أبي على هذه القصة من طريق صدقة بن عبد الله المازني ، عن جناح بن غنيم بن قيس ، عن أبيه ، قال : أذكر موت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أشرف علينا رجل ، فقال فذكر الشعر.

ورواه شعبة ، عن عاصم الأحول ، عن غنيم بن قيس ، قال : أحفظ من أبي كلمات قالهن لما مات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أخرجه أبو نعيم.

القسم الثالث

العين بعدها الألف

٦٩٤٥ ز ـ غاضرة : سمع عمر. تقدم في الأول.

__________________

(١) في أسد الغابة : ابنه جناح.

(٢) ينظر البيتان في أسد الغابة ترجمة رقم (٤١٨٩).

٢٦٧

٦٩٤٦ ـ غالب بن بشر الأسدي (١).

أحد من انحاز عن طليحة بن خويلد حال الردة. من حكماء بني أسد وأشرافهم.

ذكره وثيمة في «كتاب الردة» ، واستدركه ابن فتحون.

٦٩٤٧ ز ـ غالب بن صعصعة بن ناجية بن عقال التميمي الداريّ : ، والد الفرزدق الشاعر.

لأبيه صحبة ، ولغالب إدراك ، لأن الفرزدق ولد أيام عمر ، وقال الشعر الجيد في أيام علي ، وسيأتي ذلك مع مزيد عليه في ترجمته إن شاء الله تعالى في القسم الأخير من حرف الفاء.

وفي التاريخ المظفري ، عمّر غالب بن صعصعة ، ولقي عليا بالبصرة ، وأدخل عليه الفرزدق وكان مشهورا بالجود ، فيقال : إن نفرا من بني كلب تراهنوا على أن يقصدوا نفرا سمّوهم ، فمن أعطى ولم يسأل سائله من هو فهو أكرمهم ، فاختاروا عمرو بن السّليل الشيبانيّ ، وطلبة بن قيس بن عاصم ، وغالب بن صعصعة ، فأتوا عمرا وطلبة ، فقالا : من أنتم؟ ثم أتوا غالبا فأعطاهم ولم يسألهم ، فأخذ صاحب غالب الرهن. وقد مضى له ذكر في ترجمة سحيم بن وثيل اليربوعي في قصة مفاخرته له في نحر الإبل في خلافة عثمان. وسيأتي له ذكر في ترجمة ولده ، وفي ترجمة هنيدة بنت صعصعة أخته.

الغين بعدها الراء والزاي

٦٩٤٨ ز ـ غرقدة : غير منسوب.

له إدراك ، ذكر الطبري في «تاريخه» أنّ المسلمين حين عبروا دجلة سلموا عن آخرهم إلّا رجلا من بارق يدعى غرقدة زال عن ظهر فرس له شقراء فرمى القعقاع بن عمرو إليه عنان فرسه فأخذ بيده حتى عبره.

٦٩٤٩ ـ غزال الهمدانيّ.

أنشد له سيف في الردة شعرا يهجو به الأسود العنسيّ الكذاب ، ويمدح الذين قتلوه منه :

يا ليت شعري ، والتّلهّف حسرة

أن لا أكون وليته برجالي

[الكامل]

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٧٠).

٢٦٨

٦٩٥٠ ـ الغرور بن النعمان بن المنذر اللخمي :

كان أبوه ملك الحيرة ، وهو مشهور ، وأسلم الغرور ، ثم ارتد ثم عاد إلى الإسلام.

قال وثيمة في كتاب «الردة» كان اسمه المنذر ولقبه الغرور ، ويقال : هو اسمه ، وكان يقول بعد أن أسلم : لست الغرور ، ولكني المغرور.

وقال سيف في «الفتوح» : خرج الحطيم في بني قيس بن ثعلبة ، فجمع من ارتد وأرسل إلى الغرور بن سويد بن المنذر ابن أخي النعمان ، فقال له : إن غلبت ملّكتك البحرين حتى تكون كالنعمان بالحيرة.

الغين بعدها السين

٦٩٥١ ـ غسان بن حبيش : أو حبش الأسدي (١) ،

هكذا أورده ابن الأثير ، وعزاه لابن الدباغ.

وقد ذكره وثيمة في «كتاب الردة» فيمن انحاز عن طليحة مع غالب بن بشر المذكور هو وأخوه عبد الرحمن ووالدهما حبيش ، وقد مضى خبر حبيش في ترجمته. واستدركه ابن فتحون.

الغين بعدها الطاء

٦٩٥٢ ـ غطيف بن حارثة بن حسل بن مالك بن عبد سعد بن جشم بن ذبيان بن عامر بن كنانة بن حسل اليشكري : ، أبو كاهل ، والد سويد بن أبي كاهل.

ذكره المرزباني في «المعجم» ، وقال : مخضرم وأنشد له شعرا.

القسم الرابع

الغين بعدها الراء

٦٩٥٣ ـ عرفة (٢)بن مالك الأزدي : ، أخو عبد الرحمن (٣).

صحفه بعض من صنّف في الصحابة من المتأخرين ، فذكره بالغين المعجمة ، وإنما هو

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٧٨).

(٢) في أ : غرفة.

(٣) أسد الغابة ت (٤١٧٣).

٢٦٩

بالعين المهملة والراء ثم الواو. وقد تقدم في عروة بن مالك على الصواب.

٦٩٥٤ ـ عرقدة ، والد شبيب (١).

ذكر في الصحابة ولا يصحّ ، هكذا قال ابن مندة.

وقال أبو موسى في الذيل : لم يورد أبو عبد الله حديثه ، وأورده أبو بكر بن أبي علي ، من طريق زكريا بن عدي ، عن سلام ، عن شبيب بن غرقدة ، عن أبيه : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «لا يجني جان إلّا على نفسه ، لا يجني والد على ولده ، ولا ولد على والده» (٢).

قلت : وهذا غلط نشأ عن إسقاط ، وذلك أن شبيب بن غرقدة إمّا (٣) رواه عن سليمان بن عمرو بن الأحوص ، عن أبيه ، فسقط سليمان من هذه الرواية ، فصار الضمير في قوله : «عن أبيه» يعود على شبيب ، وليس كذلك.

وقد رواه ابن ماجة ، من طريق زياد بن علاقة ، عن شبيب على الصواب ، وذكر المتن بهذه الألفاظ ، وكذا رواه الترمذي في حديث طويل ، وأورد أبو داود والنسائي بعض الحديث مفرقا من طريق أبي الأحوص ، عن زياد ، وأبو الأحوص المذكور هو سلام بن سليم المذكور في رواية زكريا بن عدي.

وذكره ابن قانع في الصّحابة أيضا في أول حرف الغين المعجمة ، وأتى بغلط آخر أفحش من الأول ، قال : حدثنا علي بن محمد ، حدثنا مسدّد ، حدثنا ابن عيينة ، عن شبيب بن غرقدة ـ أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعطاه دينارا ليشتري به أضحية ، أو قال : شاة ، فاشترى شاتين الحديث.

قال ابن قانع : كذا قال ، وهو تصحيف ، وإنما هو عن عروة ، لا عن غرقدة.

قلت : وهذا الحديث في صحيح البخاري من حديث سفيان بن عيينة ، لكنه عن عروة بن الجعد. والحديث مشهور من حديثه.

وقد بينت في شرح البخاري السبب في إخراج البخاري له مع أنه عن الحي ولا يعرف أحوالهم. والله أعلم.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٧٥).

(٢) أخرجه أحمد في المسند ٣ / ٤٩٩ ، عن سليمان بن عمرو بن الأحوص بلفظة ، والطبراني في الكبير ١٧ / ٣٢ ، وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٤٠١٠٦.

(٣) في أ : إنما.

٢٧٠

الغين بعدها الزاي

٦٩٥٥ ز ـ غزيّة بن الحارث.

ذكره أبو صالح المؤذّن في الصحابة ، وقال : له صحبة. سكن مصر.

روى عنه كعب بن علقمة حديثا طويلا ، كذا ذكره في كتاب من لم يرو عنه إلا واحد ، وأخطأ فيه من وجهين : أحدهما أنه صحّف اسمه ، وإنما هو عرفة ، بالراء والفاء المفتوحتين ، لا غزيّة ، بكسر الزاي وتشديد (١) التحتانية. ثانيهما في ادّعائه أنّ كعب بن علقمة تفرّد بالرواية عنه ، وليس كذلك ، فقد روى عنه أيضا عبد الله بن الحارث الأزدي حديثه عنه في سنن أبي داود. وأما حديث كعب بن علقمة عنه فقد رواه البخاري في تاريخه ، عن نعيم بن حماد ، عن عبد الله بن المبارك ، عن حرملة بن عمران ، حدثني كعب بن علقمة ـ أن عرفة بن الحارث الكندي ، وكانت له صحبة ، مرّ به نصراني فدعاه إلى الإسلام ، فذكر النصراني النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتناوله فضربه عرفة فدقّ أنفه ، فرفع ذلك إلى عمرو بن العاص ، فأرسل إليه : إنا قد أعطيناهم العهد ، فقال : معاذ الله أن نعطيهم العهد على أن يظهروا شتم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال عمرو : صدقت.

وإسناده صحيح ، وهو معروف ، رواه عبد الله بن صالح ، عن حرملة بن عمران أيضا. أخرجه الطبراني عن مطلب عنه.

٦٩٥٦ ز ـ غزيّة بن سواد.

مذكور في حاشية «الاستيعاب» في باب غزيّة ، قال : هو الّذي أقاده النبيّ صلّى الله تعالى عليه وآله وسلم من نفسه في كتاب الليث عن ابن الهاد ، ذكره عبد الغني بن سعيد في المؤتلف في باب سواد ، وفي باب غزيّة.

قلت : وهو مقلوب ، وإنما هو سواد بن غزية ، وقد مرّ الحديث في ترجمته في حرف السين المهملة مخرجا من سيرة ابن إسحاق ، وكتب صاحب الحاشية قصته قبالة ترجمته من الاستيعاب منسوبا إلى تخريج ابن إسحاق على الصواب.

الغين بعدها الشين

٦٩٥٧ ـ غشمير بن خرشة القارئ (٢).

__________________

(١) في أ : وتشديد المثناة التحتانية.

(٢) أسد الغابة ت (٤١٨٠) ، الاستيعاب ت (٢٠٨٩).

٢٧١

ذكر ابن دريد في كتاب الاشتقاق أن له صحبة ، قال : وهو قاتل عصماء بنت مروان اليهودية التي كانت تهجو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . واستدركه ابن الأمين.

قال ابن دريد : وغشمير : فعليل من الغشمرة ، وهو أخذك الشيء بالغلبة.

قلت : صحّفه أبو بكر ، ثم تكلف تفسيره ، وإنما هو عمير لا شك فيه ولا ريب ، وهو عمير بن خرشة بن عدي القارئ ، بالهمزة ، كما تقدم على الصواب في ترجمته.

الغين بعدها الضاد

٦٩٥٨ ـ غضيف بن الحارث الكندي (١):.

تابعي معروف. حدث عن الصحابة في السنن ، وقد تقدم التنبيه عليه في القسم الأول.

وفرّق ابن عبد البرّ بين غضيف بن الحارث الكندي هذا ، وبين غضيف بن الحارث الأول ، فأجاد ، لكن لم يحك خلافا في كون هذا صحابيّا أم لا ، فلم يعمل في ذلك شيئا.

الغين بعدها الطاء

٦٩٥٩ ـ غطيف بن أبي سفيان (٢).

ذكره البغويّ في الصحابة. وقال ابن مندة : ذكر في الصحابة ، ولا يصح عداده في التابعين ، ثم روى هو والبغوي ، من طريق بقية ، حدثنا معاوية بن يحيى ، عن سعيد بن السائب ، وفي رواية البغوي سليمان بن سعيد بن السائب : سمعت غطيف بن أبي سفيان يذكر أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : سيكون بعدي أئمة يسألونكم غير الحق ، فأعطوهم ما يسألونكم ، والله الموعد.

وذكره ابن الجوزيّ في «الضّعفاء» فيمن اختلف في صحبته.

وقال ابن أبي حاتم في «المراسيل» : سألت أبي وأبا زرعة عنه ، فقالا : هو تابعي.

قلت : ذكر ابن حبان في التابعين أنه مات سنة ثمان وأربعين ومائة ، فبهذا لا تصحّ له صحبة ولا إدراك. وله حديث آخر مرسل رواه الحسن بن سفيان في مسندة ، عن الفضل بن موسى ، عن ابن المبارك ، عن الحكم بن هشام ، عنه ، قال : قال رسول الله صلّى الله عليه

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٨٢) ، الاستيعاب ت (٢٠٨٥).

(٢) أسد الغابة ت (٤١٨٥).

٢٧٢

وآله وسلم : «أيّما امرأة ماتت جمعا (١) لم تطمث دخلت الجنّة».

هكذا أورده أبو نعيم في ترجمة هذا ، وفرّق البخاري في تاريخه ، وابن أبي حاتم بين غطيف بن أبي غطيف بن (٢) أبي سفيان ، شيخ سعيد بن السائب ، وبين راوي هذا الحديث ، فقال : غطيف بن سفيان روى عنه الحكم بن هشام لم يزد على ذلك.

الغين بعدها الميم والنون

٦٩٦٠ ز ـ غنيم (٣)بن كليب الجمحيّ.

ذكره خلف بن القاسم شيخ ابن عبد البر ، واستدركه على أبي علي بن السكن ، وكتب بخطه حاشية على كتابه ، قال : أنبأنا أبو الطاهر محمد بن أحمد بمكة ، حدثنا أبي ، حدثنا المفضل بن محمد الجندي ، حدثنا ثابت بن معاذ ، حدثنا عبد المجيد : قال : ذكر ابن جريج عن أبي دعثم ، واسمه غثيم بن كليب الجمحيّ ، قال : أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حجته ، ودفع من عرفة إلى جمع ، والنار توقد بالمزدلفة ، وهو يرميها (٤) حتى نزل قريبا [منها] (٥).

قلت : وهو غلط من أوجه : الأول أنه عثيم بالعين المهملة والثاء المثلثة لا بالغين المعجمة والنون (٦) ، كذلك ضبطه البخاري ، والدار الدّارقطنيّ ، وعبد الغني وغيرهم. الثاني أنه جهمي لا جمحي ، الثالث أنه غنيم بن كثير بن كليب ، نسب في هذه الرواية إلى جده. الرابع أنه من أتباع التابعين لا من الصحابة ولا من التابعين ، وإنما روى عن أبيه عن جده هذا الحديث وغيره. الخامس أن ابن جريج ما سمع من غنيم هذا ، وإنما روى عنه بواسطة ، ففي سنن أبي داود ، من طريق ابن جريج ، أخبرت عن غنيم بن كثير بن كليب فذكر حديثا.

ووقع لنا ذلك الحديث ، من طريق إبراهيم بن أبي يحيى ، عن غنيم ، فكأنه شيخ ابن جريج فيه. ويجوز أن يكون ابن جريج لقي غنما وحدّث عن واحد عنه.

الغين بعدها الميم

٦٩٦١ ـ غمر الجمحيّ.

ذكره ابن شاهين في آخر حرف الغين المعجمة من كتاب الصحابة ، ورأيته مضبوطا

__________________

(١) أي تموت بكرا. النهاية ١ / ٢٩٦.

(٢) سقط في أ.

(٣) في المغازي : سماه عييم بن جبير بن كليب.

(٤) في المغازي : وهو يؤمها.

(٥) سقط في أ.

(٦) ولا تصغير فيه كذلك.

٢٧٣

بخط من كتب عنه بفتح الغين وسكون الميم.

وأخرج من طريق بقية عن بحير بن سعد ، عن خالد بن سعدان ، عن جبير بن نفير ، عن عمرو الجمحيّ ـ أنه حدثه أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله ...» (١) الحديث.

قال ابن شاهين : وقال آخرون : غمر بضم الغين المهملة وفتح الميم.

قلت : وهو غلط على غلط ، والصواب عمرو بن الحمق ، كما بيّنته فيما مضى.

٦٩٦٢ ز ـ غنمة بن عدي بن عبد مناف بن كنانة بن جهمة بن عدي بن الربعة :.

استدركه ابن الدباغ على ابن عبد البر ، وهو خطأ نشأ عن تصحيف ، وإنما هو عنمة ، بالمهملة ، كذلك قيده الدار الدّارقطنيّ في المؤتلف والمختلف ، وذكر أنّ له حديثا في المسح على الخفين ، نبّه على ذلك ابن فتحون. وذكر الرشاطي في الأنساب أنّ ابن فتحون ذكره بالغين المعجمة ، وتعقبه بكلام الدار الدّارقطنيّ ، ويحتاج هذا إلى تحرير. والصواب بالعين المهملة. والله أعلم.

الغين بعدها الياء

٦٩٦٣ ز ـ غيلان بن جامع.

ذكر أبو حاتم في ترجمة غيلان بن جامع بن راشد المحاربي الكوفي القاضي المشهور ـ أنّ بعضهم روى من طريقه حديثا مرسلا. وفرّق بينهما ، كأنه ظنه صحابيا آخر لكونه من رواية إسماعيل بن أبي خالد ، وهو تابعي ، وهو أكبر من المحاربي ، قال أبو حاتم : وهو عندي واحد.

قلت : وغيلان جلّ روايته عن أوساط التابعين ، كأبي إسحاق السّبيعي ، ولم يدرك أحدا من الصحابة ، وأكبر شيخ له أبو وائل بن سلمة أحد المخضرمين ، ثم راجعت تاريخ البخاري فعرفت أنه المراد بقول أبي حاتم بعضهم ، لكن لم يقل البخاري غيلان بن جامع ، وإنما قال : غيلان روى عنه إسماعيل بن أبي خالد ، ذكره بغير ترجمة غيلان بن جامع وغيره ممّن اسمه غيلان ، فهو عنده آخر غير معروف.

__________________

(١) أخرجه الترمذي في سننه ٣ / ٣٩٣ في كتاب القدر باب ٨. حديث رقم ٢١٤٢ ، وقال هذا حديث حسن صحيح. وأحمد في المسند ٤ / ١٣٥ ، الحاكم في المستدرك ١ / ٣٤٠ والهيثمي في الزوائد ٧ / ٢١٤ ، ٢١٥. وأورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم ٣٠٧٦٤ ، ٤٣٠٧٦٦ ، ٣٠٧٩٥.

٢٧٤

حرف الفاء

القسم الأول

الفاء بعدها الألف

٦٩٦٤ ـ فاتك بن عمرو الخطميّ (١).

ذكره أبو نعيم ، وروى من طريق عمرو بن مالك الراسبي ، حدثنا الفضيل بن سليمان ، حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، عن الحليس بن عمرو ، عن بنت الفارعة ، عن جدها فاتك بن عمرو الخطميّ ، قال : عرضت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رقية العين ، فأذن لي فيها ، ودعا لي بالبركة ، وهي من كل شيء ، بسم الله ، وبالله ، أعيذك بالله من شر ما ذر أو برأ ، ومن شر ما اعتريت واعتراك ، والله ربّي شفاك ، وأعيذك بالله من شر ملقح ومحيل يعني من يولد ومن لا يولد.

وقال أبو موسى : روى إبراهيم بن محمد ، عن عبد العزيز ، عن الحليس ، عن أمه ، عن جدها حبيب بن فديك بن عمرو السلاماني ـ أنه عرض على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فذكره.

قلت : فضيل أقوى من إبراهيم ، ويحتمل التعدد.

٦٩٦٥ ـ فاتك ، غير منسوب (٢).

روى الطبراني ، والباوردي ، وابن عدي ، وغيرهم ، من طريق زيد بن الحريش ، عن عبيد الله بن عمر (٣) ، عن أيوب ، وعن نافع ، عن ابن عمر ، قال : أتي النبي صلّى الله عليه

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٩٤) ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٤.

(٢) أسد الغابة ت (٤١٩٦).

(٣) في أسد الغابة : عمرو.

٢٧٥

وآله وسلم بسارق ، فقطعه ، وكان غريبا ، في شدة البرد ، فقام رجل يقال له فاتك فضرب عليه خيمة وأوقد له نويرة ، فخرج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبر بذلك ، فقال : اللهمّ اغفر لفاتك كما آوى عبدك هذا المصاب.

٦٩٦٦ ـ الفاكه بن بشر (١)بن الفاكه بن زيد بن خلدة بن عامر بن زريق الأنصاري الزّرقيّ:

ذكره ابن إسحاق فيمن شهد بدرا.

٦٩٦٧ ـ الفاكه بن سعد (٢)بن حبتر بن عنان بن عامر بن خطمة الأنصاري الأوسي الخطميّ :

قال ابن مندة : يكنى أبا عقبة ، له صحبة.

روى عنه ابنه عقبة ، ذكره ابن الكلبيّ فيمن شهد صفّين مع علي من الصحابة ، وقتل بها ، وله حديث في سنن ابن ماجة بسند ضعيف في الغسل يوم الفطر.

روى عنه ابن ابنه عبد الرحمن بن عقبة بن الفاكه.

والفاكه بكسر الكاف بعدها هاء أصلية.

قال ابن سعد : أنصاري ، صحب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخرج البغوي ، والباوردي ، من طريق أبي جعفر الخطميّ ، عن عبد الرحمن بن عقبة بن الفاكه الأنصاري ، عن جده الفاكه بن سعد ، وله صحبة ، كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يغتسل يوم الجمعة.

ووقع في «الاستيعاب» : روى أبو جعفر الخطميّ ، عن عبد الرحمن بن سعد بن الفاكه ابن سعد ، عن أبيه ، عن جده فذكر الحديث ، وتبع في ذلك ابن أبي حاتم.

وهو وهم في موضعين في تسمية والد عبد الرحمن سعدا ، وإنما هو عقبة ، وزيادة قوله : عن أبيه في السند ، وكذلك أخرجه الباوردي من وجه آخر ، عن أبي جعفر ، لكن قال : عن عبد الله بن عقبة ، عن جده ، بدل عبد الرحمن ، فقال : عبد الله.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٩٧) ، الاستيعاب ت (٢٠٩١).

(٢) أسد الغابة ت (٤١٩٨) ، الاستيعاب (٢٠٩٢) ، الثقات ٣ / ٣٣٣ ، الكاشف ٢ / ٣٧٨ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٠٧ ، الجرح والتعديل ٧ / ٥٢٣ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٥٥ ، خلاصة تذهيب الكمال ٢ / ٣٤٠ ، الطبقات الكبرى ٧ / ٧٧ ، الطبقات ٨٣ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٤ ، تهذيب الكمال ٢ / ١٠٩١ ، بقي بن مخلد ٩٤٣.

٢٧٦

وحبتر : بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها مثناة ثم راء. ووقع في الاستيعاب جبر ، بفتح الجيم وموحدة ساكنة ثم راء ، وهو تصحيف.

٦٩٦٨ ـ الفاكه بن السكن : بن خنساء بن كعب بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة الأنصاري السلمي (١).

قال ابن الكلبيّ : شهد ما بعد بدر من المشاهد ، وكان فارس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ويقال : إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سماه المؤمن في قصة جرت له.

٦٩٦٩ ـ الفاكه بن عمرو الداريّ (٢): من رهط تميم الداريّ.

قال جعفر المستغفري : له صحبة ، وكذا قال ابن حبان ، وزاد ابن عم تميم الداريّ سكن بيت جبرين ، من فلسطين وبها مات.

٦٩٧٠ ـ الفاكه بن النعمان الداريّ (٣) ، من رهط تميم الداريّ أيضا.

ذكره المستغفريّ ، وروى من طريق ابن إسحاق أنه من جملة البدريين الذين أوصى بهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وذكره أيضا الواقديّ ، والطّبريّ ، وقال : هو فاكه بن النعمان بن جبلة بن ضفارة بن ربيعة بن دارع بن عديّ بن الدار.

وقد تقدّم في ترجمة الطيّب أن اسم هذا رفاعة ، والله أعلم.

٦٩٧١ ـ فائد بن عمارة : بن الوليد بن المغيرة المخزومي ، ابن أخي خالد بن الوليد. يأتي ما يدلّ على أن له صحبة في ترجمة أخيه الوليد بن عمارة.

٦٩٧٢ ـ فائد ، مولى بن عبد الله بن سلام.

أخرج له المفيد بن النعمان الرافضيّ في مناقب عليّ حديثا من طريق إبراهيم بن عمرو ، عمن حدثه ، عن فائد مولى عبد الله بن سلام ، قال : نزل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الجحفة في غزوة الحديبيّة ، فلم يجد بها ماء ، فبعث سعد بن مالك ، فرجع بالروايا واعتذر ، فبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّا فلم يرجع حتى ملأها.

الفاء بعدها التاء

٦٩٧٣ ـ فتح ، غلام تميم : الداريّ.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤١٩٩).

(٢) أسد الغابة ت (٤٢٠٠) ، الثقات ٣ / ٣٣٢ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٤.

(٣) أسد الغابة ت (٤٢٠١).

٢٧٧

رأيته بخط الخطيب بسكون المثناة من تحت بعدها مهملة ، وقد تقدم في سراقة.

الفاء بعدها الجيم

٦٩٧٤ ـ الفجيع : بجيم مصغرا (١) ، ابن عبد الله بن جندع ـ بضم الجيم والدال وسكون النون بينهما وآخره مهملة ، ابن البكاء ، واسمه ربيعة بن عمرو (٢) بن ربيعة بن عامر بن صعصعة البكائي.

قال البخاريّ ، وابن السّكن ، وابن حبّان ، له صحبة.

وقال ابن أبي حاتم : أتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كوفي وذكره ابن سعد في طبقة الفتحيين. وقال البغويّ : سكن الكوفة.

وله حديث في سنن أبي داود بإسناد لا بأس به في سؤاله ما يحلّ من الميتة وأخرجه البخاري في التاريخ عنه ، والبغوي من طريقه.

وله حديث آخر رواه ابن أبي عاصم في «الوحدان» من طريق أبي نعيم ، قال : أخرج إلينا عبد الملك بن عطاء البكائي كتابا فقال : اكتبوه ولم يمله علينا. وزعم أنّ بنت الفجيع حدثته به ، فإذا فيه : هذا كتاب من محمد النبي للفجيع ، ومن تبعه ، ومن أسلم وأقام الصلاة ، وآتى الزكاة ، وأطاع الله ورسوله ، وأعطى من المغنم خمس الله ، ونصر نبي الله ، وفارق المشركين فهو آمن بأمان اللهعزوجل وأمان محمد.

ورواه ابن شاهين ، من طريق عبد الرحيم بن زيد البارقي ، عن عقبة بن وهب البكائي ، عن الفجيع نحوه.

وأشار ابن الكلبيّ إلى هذا الحديث ، فقال : وفد على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكتب له كتابا ، فهو عندهم.

وقد تقدم ذكره في ترجمة بشر بن معاوية البكائي في القسم الأول أيضا.

الفاء بعدها الدال

٦٩٧٥ ز ـ فدفد : بن خنافة البكري.

__________________

(١) أسد الغابة ت (٤٢٠٢) ، الاستيعاب ت (٢١١٢) ، الثقات ٣ / ٣٣٤ ، الكاشف ٢ / ٣٧٨ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٠٧ ، الجرح والتعديل ٧ / ٥٢٢ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٥٧ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٥ ، الطبقات الكبرى ٦ / ٤٦ ، خلاصة تهذيب الكمال ٢ / ٣٤٠ ، التاريخ الكبير ٧ / ١٣٧ ، تهذيب الكمال ٢ / ١٠٩٢ ، بقي بن مخلد ٨٢٢.

(٢) في أسد الغابة : عامر.

٢٧٨

ذكره أبو عبيدة معمر بن المثنى في كتاب له ، فقال : قدم فدفد بن خنافة البكري على أبي سفيان بمكة ، وكان فدفد فاتك بني بكر ، فاتّفق مع أبي سفيان على قتل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعشرين ناقة ، ودفع إليه خنجرا مسموما ، قال فدفد : خرجت من عند أبي سفيان وأنا نشوان. فلما صحوت فكّرت في عظيم ما أقدمت عليه ، فسرت حتى إذا كنت بالرّوحاء في ليلة مظلمة ما أرى موضع أخفاف الناقة ، فلاح لي وميض البرق ، وإذا بهاتف من جوف الوادي يقول :

رسول أتى من عند ذي العرش صادقا

على طرق الخيرات للنّاس واقف

[الطويل]

فظننته بعض السيارة ، وقصدت الصوت ، فلما بلغت موضعه تسمعت فلا حسّ ، فقفّ شعري ، وعلمت أنه بعض الجنّ ، فأنشأت أقول :

لك الخير قد أسمعتني قول هاتف

ونبّهت حوسا قلبه غير خائف

[الطويل]

فأجابني وكأنه تحت ناقتي :

لحا الله أقواما أرادوا محمّدا

بسوء ولا أسقاهم صوب ماطر

عكوفا على الأوثان لا يتركونها

وقد أمّ دين الله أهل البصائر

[الطويل]

فمضيت لوجهي ، وفيّ ما سمعت ، فأصبت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بني عبد الأشهل يتحدّث ، وقد أخبرهم عن كل ما اتفق ، وقال : سيطلع عليكم الآن ، فلا تهيجوه ، وكنت لا أعرفه ، فقلت لصبي : أين هو محمد القرشي الّذي قدم عليكم؟ فنظر إليّ متكرّها ، وقال : ويلك! ثكلتك أمك! لو لا أنك غريب جاهل لأمرت بقتلك! ألا تقول : أين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟ هو ذاك عند النخلة العوجاء عند أصحابه ، فائته فإنك إذا رأيته أكبرته ، وشهدت بتصديقه ، وعلمت أنك لم تر قبله مثله ، قال : فنزلت عن راحلتي ، ثم أتيته ، فأخبرني بما اتفق لي مع أبي سفيان ومع الهاتف ، ثم دعاني إلى الإسلام فأسلمت ، وهو القائل :

ألا أبلغا صخر بن حرب رسالة

بأنّي رأيت الحقّ عند ابن هاشم

رأيت امرأ يدعو إلى البرّ والتّقي

عليما بأحكام الهدى غير ظالم

فأخبرني بالغيب عمّا رأيته

وأسررته من معشر في مكاتم

[الطويل]

٢٧٩

٦٩٧٦ ز ـ فديك : حكى السهيليّ أنه كان أمير السرية التي قتل فيها أسامة بن زيد الرجل الّذي أظهر الإسلام ، وقال غيره : اسمه قليب ، وسيأتي.

٦٩٧٧ ـ فديك بن عمرو السلاماني (١).

تقدم ذكره وحديثه في ترجمة أبيه حبيب ، وقيل : فريك بالراء بدل الدال ، قاله الطبري ، وقيل فويك بالواو ، قاله البغويّ ، وأبو الفتح الأزدي ، وابن شاهين ، وجعفر المستغفريّ ، وأبو عمر بن عبد البر وغيرهم. وقال ابن فتحون : رأيته في كتب ابن أبي حاتم وابن السكن بالواو.

٦٩٧٨ ـ فديك الزبيدي (٢).

ويقال العقيلي ، وهو أشبه ، والد بشير بن فديك ، وجدّ صالح بن بشير بن فديك ، تقدم ذكره وحديثه في القسم الرابع. وقال البخاري : فديك صاحب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثم ذكر عن الأوزاعي ، وعن الزبيري ، كلاهما عن الزهري ، عن صالح بن بشير بن فديك ، قال : خرج فديك إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فذكر الحديث في الهجرة وذكر ابن أبي حاتم نحوه.

وقال البغويّ : سكن المدينة ، وذكره ابن حبّان ، فقال : حديثه عند ولده ، وقال ابن السكن : يقال إن فديكا وابنه بشيرا جميعا صحبا النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

الفاء بعدها الراء

٦٩٧٩ ـ فرات : بن ثعلبة البهراني (٣) يأتي في الثالث.

٦٩٨٠ ـ فرات بن حيان بن ثعلبة (٤) بن عبد العزى بن حبيب بن حية بن ربيعة بن صعب بن عجل بن لجيم الربعي اليشكري ثم العجليّ ، حليف بني سهم.

ووقع في سياق نسبه عند أبي عمر سعد بدل صعب ، وهو وهم.

__________________

(١) الجرح والتعديل ٥٠٦ ، الثقات ٣ / ٣٤٤ ، أسد الغابة ت (٤٢٠٤).

(٢) أسد الغابة ت (٤٢٠٣) ، الاستيعاب ت (٢١١٣).

(٣) أسد الغابة ت (٤٢٠٦) ، الاستيعاب ت (٢٠٩٣).

(٤) أسد الغابة ت (٤٢٠٥) ، الاستيعاب ت (٢٠٩٤) ، الثقات ٣ / ٣٣٣ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٠٧ ، الكاشف ٢ / ٣٧٩ ، الجرح والتعديل ٧ / ٤٤٩ ، ٤٥٠ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٥٨ ، ثقات ٢ / ٢٩٧ ، خلاصة تهذيب الكمال ٢ / ٣٣٢ ، الطبقات ٦٥ ، ١٣٢ ، الطبقات الكبرى ٦ / ٤٠ ، المصباح المضيء ١ / ٣١٢ ، حلية الأولياء ٢ / ١٧ ، التاريخ الكبير ٧ / ١٢٨ ، تهذيب الكمال ٢ / ١٠٩٢ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٥ ، جامع التحصيل ٣٠٨ ، الإكمال ٢ / ٣٢٥ ، دائرة معارف الأعلمي ٢٣ / ١٨٥ ، بقي بن مخلد ٤٧٤.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403