تذكرة الفقهاء الجزء ١

تذكرة الفقهاء14%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: 403

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 246276 / تحميل: 9735
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٤-٥
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الأرض ، فقرّر لآناء الليل والنهار ولكلِّ يوم من أيام الاسبوع وللشهور والسنين أدعية خاصة ، وجعل كذلك لكلِّ حالة من حالات الانسان ولكل فعل يريد الاقدام عليه ولجميع مطالبه الدنيوية والاخروية وظائف من الدعاء والذكر.

ويأتي في مقدمة ذلك اقتران الدعاء بسائر العبادات والطاعات التي يتقرب بها العبد إلىٰ خالقه تعالىٰ بشكل لا يقبل الانفصال ، ففي الصلاة والصيام والحج دعوات قررتها الشريعة المقدسة في أوقات معينة.

ومن موارد الدعاء في الصلاة تأكد استحبابه في الركعة الثانية من كل فريضة أو نافلة وفي السجود وفي أدبار الصلوات.

القنوت :

القنوت شرعاً : الذكر في حال مخصوص ، وهو مستحبّ في كلِّ صلاة مرّة واحدة ، فرضاً كانت أو نفلاً ، أداءً أو قضاءً ، عند علمائنا أجمع ، ومحلّه بعد القراءة قبل الركوع(1) .

قال الإمام أبو جعفر الباقرعليه‌السلام :« القنوت في كلِّ صلاة في الركعة الثانية قبل الركوع » (2) .

ومما ورد في فضل القنوت قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« أطولكم قنوتاً في دار الدنيا ، أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف » (3) .

__________________________

(1) جواهر الكلام 10 : 353.

(2) الكافي 3 : 340 / 7. والتهذيب 2 : 89 / 330.

(3) ثواب الأعمال : 33. وأمالي الصدوق : 411.

٢١

ويجوز الدعاء في القنوت بكل ما جرىٰ علىٰ اللسان ، لما روي عن إسماعيل بن الفضل ، قال : سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن القنوت وما يقال فيه ، فقالعليه‌السلام :« ما قضىٰ الله علىٰ لسانك ، ولا أعلم فيه شيئاً مؤقتا » (1) .

ويستحب الدعاء بالمأثور لتجاوز الخطأ واللحن الشائع علىٰ الألسن في هذا الزمان ، قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« يجزيك في القنوت : اللهمَّ اغفر لنا وارحمنا ، وعافنا وأعفُ عنا في الدنيا والآخرة ، إنّك علىٰ كلِّ شيءٍ قدير » (2) .

الدعاء في السجود :

إنّ الدعاء هو الاقبال إلىٰ الله تعالىٰ والانقطاع إليه ليتحقق القرب من منازل الرحمة الالهية ، والسجود باعتباره روح العبادة حيث تتجلّىٰ فيه منتهىٰ العبودية والخضوع للواحد الأحد ، يحقّق الغرض المراد من الدعاء ، وهو القرب من رحاب الخالق جلَّ وعلا ، فعلىٰ العبد أن ينتهز فرصة القرب ليسأل من خزائن رحمة ربه وذخائر مغفرته.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« عليك بالدعاء وأنت ساجد ، فإنّ أقرب ما يكون العبد إلىٰ الله وهو ساجد » (3) .

وعنهعليه‌السلام :« إنّ العبد إذا سجد فقال : يا ربِّ يا ربِّ حتىٰ ينقطع نفسه ، قال له الربّ : لبيك ما حاجتك ؟ » (4) .

__________________________

(1) الكافي 3 : 340 / 8. والتهذيب 2 : 314 / 1281.

(2) الكافي 3 : 340 / 12. والتهذيب 2 : 87 / 322.

(3) الكافي 3 : 324 / 11.

(4) بحار الأنوار 86 : 205 / 19.

٢٢

ويستحب أن يدعو العبد بالمأثور أثناء السجود ، فعن جميل بن دراج ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام أنّه قال :« أقرب ما يكون العبد من ربِّه إذا دعا ربه وهو ساجد ، فأي شيء تقول إذا سجدت ؟ » .

قلت : علّمني ـ جعلت فداك ـ ما أقول ؟

قالعليه‌السلام : « قل : يا رب الأرباب ، ويا ملك الملوك ، ويا سيد السادات ، ويا جبار الجبابرة ، ويا إله الآلهة ، صلِّ علىٰ محمد وآل محمد وافعل بي كذا وكذا.

ثمّ قل : فإنّي عبدك ، ناصيتي بيدك ، ثم ادع بما شئت وسله ، فانه جواد ولا يتعاظمه شيء »(1) .

وعنهعليه‌السلام :« أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا وضع وجهه للسجود يقول : اللهمَّ مغفرتك أوسع من ذنوبي ، ورحمتك أرجىٰ عندي من عملي ، فاغفر لي ذنوبي يا حياً لا يموت » (2) .

وسنأتي علىٰ الموارد الاُخرىٰ من مظاهر العبادة التي تقترن بالدعاء في الفصل الثالث عند ذكر تأثير عامل الزمان والمكان في استجابة الدعاء.

__________________________

(1) الكافي 3 : 323 / 7.

(2) سنن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : 337 / 392.

٢٣
٢٤

الفصل الثاني

آداب الدعاء وشروطه

لقد حدّدت النصوص الإسلامية آداباً للدعاء وقررت شروطاً ، لا بدّ للداعي أن يراعيها كي يتقرّب إلىٰ خزائن رحمة الله تعالىٰ وذخائر لطفه ، ويتحقّق مطلوبه من الدعاء ، وإذا أهملها الداعي فلا تتحقّق له الاستجابة المرجوة من الدعاء ولا تحصل له نورانية القلب وتهذيب النفس وسمو الروح المطلوبة في الدعاء.

وفيما يلي أهم هذه الشروط والآداب :

1 ـ الطهارة :

من آداب الدعاء أن يكون الداعي علىٰ وضوء ، سيّما إذا أراد الدعاء عقيب الصلاة ، فقد روىٰ مسمع عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« يا مسمع ، ما يمنع أحدكم إذا دخل عليه غمّ من غموم الدنيا أن يتوضأ ثم يدخل مسجده ، فيركع ركعتين فيدعو الله فيهما ؟ أما سمعت الله يقول : ( وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ) ؟ »(1) .

__________________________

(1) تفسير العياشي 1 : 43 / 139.

٢٥

2 ـ الصدقة وشمّ الطيب والرواح إلىٰ المسجد :

روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« كان أبي إذا طلب الحاجة... قدّم شيئاً فتصدق به ، وشمّ شيئاً من طيب ، وراح إلىٰ المسجد.. » (1) .

3 ـ الصلاة :

ويستحب أن يصلي الداعي ركعتين قبل أن يشرع بالدعاء ، للرواية المتقدمة في الطهارة ، ولما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« من توضأ فأحسن الوضوء ، ثم صلىٰ ركعتين ، فأتمّ ركوعهما وسجودهما ، ثم سلّم وأثنىٰ علىٰ الله عزَّ وجلّ وعلىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمَّ سأل حاجته ، فقد طلب الخير في مظانّه ، ومن طلب الخير في مظانّه لم يخب » (2) .

4 ـ البسملة :

ومن آداب الدعاء أن يبدأ الداعي دعاءه بالبسملة ، لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« لا يُرَدُّ دعاءٌ أوّله بسم الله الرحمن الرحيم » (3) .

5 ـ الثناء علىٰ الله تعالىٰ :

الثناء علىٰ الله سبحانه اعترافٌ بالوحدانية ، وتحقيقٌ للانقطاع التامّ إلىٰ الله تعالىٰ دون ما سواه ، فينبغي للداعي إذا أراد أن يسأل ربّه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة أن يحمد الله ويثني عليه ويشكر ألطافه ونعمه قبل أن يشرع في الدعاء ، يقول أمير المؤمنينعليه‌السلام :« الحمدُ لله الذي جعل

__________________________

(1) الكافي 2 : 347 / 7.

(2) بحار الأنوار 93 : 314 / 20.

(3) بحار الأنوار 93 : 313.

٢٦

الحمد مفتاحاً لذكره ، وسببا للمزيد من فضله.. » (1) .

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إذا طلب أحدكم الحاجة فليثن علىٰ ربِه وليمدحه » (2) .

وقد أعدّ الله تعالىٰ لمن يمدحه ويمجده علىٰ حسن آلائه جزيل الثواب بما يفوق رغبة السائلين ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« من تشاغل بالثناء علىٰ الله ، أعطاه الله فوق رغبة السائلين » (3) .

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إنّ العبد لتكون له الحاجة إلىٰ الله فيبدأ بالثناء علىٰ الله والصلاة علىٰ محمد وآله حتى ينسىٰ حاجته ، فيقضيها من غير أن يسأله إياها » (4) .

أما ما يجزي من الثناء علىٰ الله سبحانه قبل الشروع بالدعاء ، فقد روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه سئل عن ذلك فقال :« تقول : اللهمّ أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء ، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء ، وأنت الباطن فليس دونك شيء ، وأنت العزيز الكريم » (5) .

6 ـ الدعاء بالاسماء الحسنىٰ :

وعلى الداعي أن يدعو الله تعالىٰ بأسمائه الحسنىٰ ، لقوله تعالىٰ :

__________________________

(1) نهج البلاغة : الخطبة 157.

(2) الكافي 2 : 352 / 6.

(3) شرح ابن أبي الحديد 6 : 190.

(4) بحار الأنوار 93 : 312.

(5) الكافي 2 : 365 / 6.

٢٧

( وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ) (1) ، وقوله تعالىٰ :( قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَٰنَ أَيًّا مَّا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ) (2) .

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« لله عزَّ وجلّ تسعة وتسعون اسماً ، من دعا الله بها استُجيب له » (3) .

واعلم أن بعض أهل العلم يقول : ينبغي للداعي إذا مجّد الله سبحانه وأثنىٰ عليه أن يذكر من أسماء الله الحسنىٰ ما يناسب مطلوبه ، فإذا كان مطلوبه الرزق يقول : يا رزاق ، يا وهاب ، يا جواد ، يا مغني ، يا منعم ، يا مفضل ، يا معطي ، يا كريم ، يا واسع ، يا مسبب الأسباب ، يا منان ، يا رزاق من يشاء بغير حساب.

وإن كان مطلوبه المغفرة والتوبة ، يقول : يا تواب ، يا رحمن ، يا رحيم ، يا رؤوف ، يا عطوف ، يا صبور ، يا شكور ، يا عفو ، يا غفور ، يا فتاح ، ياذا المجد والسماح ، يا محسن ، يا مجمل ، يا منعم.

وإن كان مطلوبه الانتقام من العدو يقول : يا عزيز ، يا جبار ، يا قهار ، يا منتقم ، ياذا البطش الشديد ، يا فعال لما يريد ، يا قاصم المردة ، يا طالب ، يا غالب ، يا مهلك ، يا مدرك ، يا من لا يعجزه شيء.

ولو كان مطلوبه العلم يقول : يا عالم ، يا فتاح ، يا هادي ، يا مرشد ، يا معز ، يا رافع ، وما أشبه ذلك(4) .

__________________________

(1) سورة الاعراف : 7 / 180.

(2) سورة الاسراء : 17 / 110.

(3) التوحيد : 195 / 9.

(4) عدة الداعي : 199.

٢٨

وقد ورد في الروايات عن أهل البيتعليهم‌السلام تأكيد كثير علىٰ الدعاء بالأسماء الحسنىٰ ، وأنّ الله تعالىٰ يستجيب لعبده المؤمن إذا دعاه باسمائه الحسنىٰ خصوصاً في حال السجود.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« من قال : يا الله يا الله عشر مرات قيل له : لبيك ما حاجتك ؟ » (1) .

وعنهعليه‌السلام قال :« إذا قال العبد وهو ساجد : يا الله يا رباه يا سيداه ، ثلاث مرات ، أجابه تبارك وتعالى : لبيك عبدي ، سل حاجتك » (2) .

وقالعليه‌السلام :« كان أبي إذا لجّت به الحاجة يسجد من غير صلاة ولا ركوع ثم يقول : يا أرحم الراحمين ، سبع مرات ، ثم يسأل حاجته ، ثم قال : ما قالها أحد سبع مرات إلّا قال الله تعالىٰ : ها أنا أرحم الراحمين ، سل حاجتك » (3) .

7 ـ الصلاة علىٰ النبي وآله :

لا بدّ للداعي أن يصلي علىٰ محمد وآله بعد الحمد والثناء علىٰ الله سبحانه ، وهي تؤكد الولاء لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولأهل بيته المعصومين الذي هو في امتداد الولاء لله تعالىٰ ، لذا فهي من أهم الوسائل في صعود الأعمال واستجابة الدعاء.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« لا يزال الدعاء محجوباً حتىٰ يصلىٰ عليَّ وعلىٰ

__________________________

(1) الكافي 2 : 377 / 1.

(2) أمالي الصدوق : 335 / 6.

(3) وسائل الشيعة 7 : 88 / 16.

٢٩

أهل بيتي » (1) .

وقال الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام :« كل دعاء محجوب حتىٰ يصلىٰ علىٰ محمد وآل محمد » رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات(2) .

وقالعليه‌السلام :« إذا كانت لك إلىٰ الله سبحانه حاجة ، فابدأ بمسألة الصلاة علىٰ رسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم سل حاجتك ، فإنّ الله أكرم من أن يُسأل حاجتين فيقي إحداهما ويمنع الاُخرىٰ » (3) .

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام :« من دعا ولم يذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفرف الدعاء علىٰ رأسه ، فإذا ذكر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رفع الدعاء » (4) .

واعلم أن الصلاة علىٰ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إنّما تكون بعد الثناء ، لما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« إياكم إذا أراد أحدكم أن يسأل من ربه شيئاً من حوائج الدنيا والآخرة حتىٰ يبدأ بالثناء علىٰ الله عزَّ وجل والمدح له ، والصلاة علىٰ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثم يسأل الله حوائجه » (5) .

أما في كيفية الصلاة علىٰ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقد روي بالاسناد عن بريدة ، قال قلنا : يا رسول الله ، قد علمنا كيف نسلّم عليك ، فكيف نصلّي عليك ؟

قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« قولوا : اللهمَّ اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك علىٰ

__________________________

(1) كفاية الأثر : 39.

(2) مجمع الزوائد 10 : 160.

(3) نهج البلاغة : الحكمة 361.

(4) الكافي 2 : 356 / 2.

(5) الكافي 2 : 351 / 1.

٣٠

محمد وآل محمد كما جعلتها علىٰ آل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد » (1) .

ومن نماذج الصلاة علىٰ النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام في الدعاء ما روي بالاسناد عن حريز ، قال : قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : جعلت فداك ، كيف الصلاة علىٰ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟

فقال :« قُلْ : اللهمَّ صلِّ علىٰ محمد وأهل بيته الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، اللهمَّ صلِّ علىٰ محمد وأهل بيته الذين ألهمتهم علمك ، واستحفظتهم كتابك ، واسترعيتهم عبادك ، اللهمَّ صلِّ علىٰ محمد وأهل بيته الذين أمرت بطاعتهم وأوجبت حبهم ومودتهم ، اللهمَّ صلِّ علىٰ محمد وأهل بيته الذين جعلتهم ولاة أمرك بعد نبيك صلّىٰ الله عليه وعلىٰ أهل بيته » (2) .

ومن أدب الدعاء عند سيد الساجدين الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام أنّه يجعل الثناء والصلاة علىٰ النبي وآله مفتاحاً لأغلب فقرات الدعاء ، وهذا واضح لمن تأمّل الصحيفة السجادية ، وهو المراد بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« لا تجعلوني كقدح الراكب ، إن الراكب يملأ قدحه فيشربه إذا شاء ، اجعلوني في أوّل الدعاء وآخره ووسطه » (3) .

ومن نماذج أدعية الإمام السجادعليه‌السلام التي تبدأ بالثناء فالصلاة علىٰ النبي في جميع فقرات الدعاء ثم المسألة ، قولهعليه‌السلام :« يا من لا تنقضي عجائب عظمته صلِّ علىٰ محمد وآله واحجبنا عن الالحاد في عظمتك ، ويا

__________________________

(1) مجمع الزوائد 10 : 163.

(2) بحار الأنوار 94 : 67 / 55.

(3) بحار الأنوار 93 : 316.

٣١

من لا تنتهي مدة ملكه صلِّ علىٰ محمد وآله واعتق رقابنا من نقمتك ، ويا من لا تفنىٰ خزائن رحمته صلِّ علىٰ محمد وآله واجعل لنا نصيباً في رحمتك ، ويا من تنقطع دون رؤيته الأبصار صلِّ علىٰ محمد وآله وأدننا إلىٰ قربك » (1) .

8 ـ التوسل بمحمد وآلهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

وينبغي للداعي أن يلج من الأبواب التي أمر الله تعالىٰ بها ، وأهل البيتعليهم‌السلام هم سفن النجاة لهذه الاُمّة ، فحريّ بمن دعا الله تعالىٰ أن يتوسل إلىٰ الله بهم ، ويسأله بحقهم ، ويقدمهم بين يدي حوائجه.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« الأوصياء مني... بهم تُنصَر أُمّتي ، وبهم يمطرون ، وبهم يدفع الله عنهم ، وبهم استجاب دعاءهم » (2) .

وقال الإمام أبو جعفر الباقرعليه‌السلام :« من دعا الله بنا أفلح ، ومن دعاه بغيرنا هلك واستهلك » (3) .

وعن داود الرقي ، قال : إني كنت أسمع أبا عبداللهعليه‌السلام أكثر ما يلحُّ به في الدعاء علىٰ الله بحق الخمسة ، يعني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسينعليهم‌السلام (4) .

ومن نماذج التوسل المروي عنهمعليهم‌السلام هو أن تقول :« اللهمَّ إني أتوجه إليك بمحمد وآل محمد ، وأتقرب بهم إليك ، وأقدمهم بين يدي

__________________________

(1) الصحيفة السجادية : الدعاء (5).

(2) تفسير العياشي 1 : 14 / 2.

(3) أمالي الشيخ الطوسي 1 : 175.

(4) الكافي 2 : 422 / 11.

٣٢

حوائجي » (1) .

وعن سماعة بن مهران ، قال : قال لي أبو الحسنعليه‌السلام :« إذا كان لك يا سماعة عند الله حاجة فقل : اللهمَّ إني أسألك بحق محمد وعلي ، فانّ لهما عندك شأناً من الشأن ، وقدراً من القدر ، فبحقّ ذلك الشأن وبحقّ ذلك القدر أن تصلي علىٰ محمد وآل محمد وأن تفعل بي كذا وكذا » (2) .

9 ـ الاقرار بالذنوب :

وعلىٰ الداعي أن يعترف بذنوبه مقراً مذعناً تائباً عمّا اقترفه من خطايا وما ارتكبه من ذنوب ، قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إنّما هي المدحة ، ثم الثناء ، ثم الإقرار بالذنب ، ثم المسألة ، إنّه والله ما خرج عبد من ذنب إلّا بالاقرار » (3) .

وكان من دعاء الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام المروي عن كميل بن زياد :« وقد أتيتك يا الهي بعد تقصيري وإسرافي علىٰ نفسي ، معتذراً نادماً ، منكسراً مستقيلاً ، مستغفراً منيباً ، مقراً مذعناً معترفاً ، لا أجد مفراً مما كان مني ، ولا مفزعاً أتوجه إليه في أمري ، غير قبولك عذري وإدخالك إياي في سعة من رحمتك ، اللهمّ فاقبل عذري ، وارحم شدة ضري ، وفكني من شدِّ وثاقي » (4) .

__________________________

(1) بحار الأنوار 94 : 22 / 19.

(2) وسائل الشيعة 7 : 102 / 9.

(3) الكافي 2 : 351 / 3.

(4) نهج السعادة : 154 ـ كتاب الدعاء.

٣٣

10 ـ المسألة :

وينبغي للداعي أن يذكر بعد الثناء علىٰ الله تعالىٰ والصلاة علىٰ النبي وآله والاقرار بالذنب ما يريد من خير الدنيا والآخرة ، وأن لا يستكثر مطلوبه ، لأنه يطلب من ربِّ السمٰوات والأرض الذي لا يعجزه شيء ، ولا تنفد خزائن رحمته التي وسعت كل شيء.

وعليه أيضاً أن لا يستصغر صغيرة لصغرها ، لما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام أنّه قال :« ولا تتركوا صغيرة لصغرها أن تدعوا بها ، إنّ صاحب الصغار هو صاحب الكبار » (1) .

وروي عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :« ليسأل أحدكم ربه حاجته كلّها حتىٰ يسأله شسع نعله إذا انقطع » (2) .

ويستحب للداعي إذا كان دعاؤه عبادة خالصة يتقرب بها إلىٰ مولاه أن يسأل ما يبقىٰ جماله من خير القضاء في الآجلة والعاجلة ، وأن تعكس مسألته حالة الافتقار إلىٰ الله تعالىٰ التي يتساوىٰ فيها جميع البشر.

جاء في وصية الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام لولده الحسنعليه‌السلام :« فلتكن مسألتك فيما يبقىٰ لك جماله ، ويُنفىٰ عنك وباله ، فالمال لا يبقىٰ لك ولا تبقىٰ له » (3) .

وروي عن الإمام الباقرعليه‌السلام أنّه قال :« بكىٰ أبو ذر من خشية الله حتىٰ

__________________________

(1) الكافي 2 : 339 / 6.

(2) بحار الأنوار 93 : 295 و 300.

(3) نهج البلاغة : الكتاب (31).

٣٤

اشتكىٰ بصره ، فقيل له : لو دعوت الله أن يشفي بصرك ؟ فقال : إنّي عن ذلك لمشغول ، وما هو من أكبر همّي. قالوا : وما يشغلك عنه ؟ قال : العظيمتان : الجنة والنار » (1) .

وجاء في الحديث القدسي :« يا عبادي كلكم ضال إلّا من هديته ، فاسألوني الهدىٰ أُهدكم ، وكلكم فقير إلّا من أغنيته ، فاسألوني الغنىٰ أرزقكم ، وكلكم مذنب إلّا من عافيته ، فاسألوني المغفرة أغفر لكم » (2) .

ومن دعاء الإمام زين العابدينعليه‌السلام : « ياذا الجلال والاكرام أسألك عملاً تُحبُّ به من عمل به ، ويقينا تنفع به من استيقن به حقَّ اليقين في نفاذ أمرك.

اللهمَّ صلِّ علىٰ محمد وآل محمد ، واقبض علىٰ الصدق نفسي ، واقطع من الدنيا حاجتي ، واجعل فيما عندك رغبتي شوقاً إلىٰ لقائك ، وهب لي صدق التوكل عليك »(3) .

11 ـ معرفة الله وحسن الظنّ به سبحانه :

قال العلّامة الحليرضي‌الله‌عنه : من شروط حسن الدعاء علم الداعي كون ما يطلبه بدعائه مقدوراً لمن يدعوه ، وهذا يتضمن أن من دعا الله تعالىٰ يجب أن يكون عارفاً به وبصفاته(4) .

فعلىٰ الداعي أن يوقن برحمة الله اللامتناهية ، وبأنّه سبحانه لا يمنع

__________________________

(1) بحار الأنوار 22 : 431 / 40.

(2) بحار الأنوار 93 : 293 / 20.

(3) الصحيفة السجادية : الدعاء (54).

(4) منهاج اليقين : 375.

٣٥

أحداً من فيض نعمته ، وأن باب رحمته لا يغلق أبداً.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« قال الله عزَّ وجلّ : من سألني وهو يعلم أني أضرُّ وأنفع استجبت له » (1) .

وقيل للإمام الصادقعليه‌السلام : ما لنا ندعو فلا يستجاب لنا. قال :« لأنكم تدعون من لا تعرفونه » (2) .

وفي قوله تعالى :( فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي ) (3) قالعليه‌السلام :« يعلمون أني أقدر علىٰ أن أعطيهم ما يسألون » (4) .

وحسن الظن بالله هو من شعب معرفته سبحانه ، فعلىٰ الداعي أن يحسن الظن باستجابة دعائه ، لو عدّه الصادق بقوله تعالىٰ :( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (5) ، وقوله :( أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) (6) وأنّه لا يخلف الميعاد.

قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« ادعوا الله وأنتم موقنون بالاجابة » (7) .

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إذا دعوت فأقبل بقلبك ، وظنّ حاجتك __________________________

(1) بحار الأنوار 93 : 305.

(2) شرح ابن أبي الحديد 11 : 230. وبحار الأنوار 93 : 368 / 4.

(3) سورة البقرة : 2 / 186.

(4) تفسير العياشي 1 : 83 / 196.

(5) سورة غافر : 40 / 60.

(6) سورة النمل : 27 / 62.

(7) بحار الأنوار 93 : 305 و 321.

٣٦

بالباب » (1) .

ومن دعاء الإمام زين العبادينعليه‌السلام :« اللهمَّ قد أكدى الطلب وأعيت الحيل إلّا عندك ، وضاقت المذاهب وامتنعت المطالب وعسرت الرغائب وانقطعت الطرق إلّا إليك ، وتصرّمت الآمال وانقطع الرجاء إلّا منك ، وخابت الثقة وأخلف الظنَّ إلّا بك ، اللهمَّ إني أجد سبل المطالب إليك منهجة ، ومناهل الرجاء إليك مفتّحة ، وأعلم أنّك لمن دعاك لموضع إجابة ، وللصارخ إليك لمرصد إغاثة ، وأن القاصد لك لقريب المسافة منك.. » (2) .

12 ـ العمل بما تقتضيه المعرفة :

علىٰ الداعي أن يعمل بما تقتضيه المعرفة لخالقه ، بأن يفي بعهد الله ويطيع أوامره ، وهما من أهم الشروط في استجابة الدعاء.

عن جميل ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام ، قال : قال له رجل : جعلت فداك ، إنّ الله يقول :( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) (3) وإنّا ندعو فلا يستجاب لنا ! قالعليه‌السلام :« لأنكم لا توفون بعهد الله ، لو وفيتم لوفىٰ الله لكم » (4) .

وعن أبي حمزة ، قال : إنّ الله أوحىٰ إلىٰ داودعليه‌السلام :« يا داود ، إنّه ليس عبد من عبادي يطيعني فيما آمره إلّا أعطيته قبل أن يسألني ، وأستجيب له

__________________________

(1) الكافي 2 : 344 / 3.

(2) بحار الأنوار 95 : 450 / 3.

(3) سورة غافر : 40 / 60.

(4) تفسير القمي 1 : 46 في تفسير قوله تعالىٰ :( وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) البقرة : 2 / 40.

٣٧

قبل أن يدعوني » (1) .

13 ـ الاقبال علىٰ الله :

من أهم آداب الدعاء هو أن يقبل الداعي علىٰ الله سبحانه بقلبه وعواطفه ووجوده ، وأن لا يدعو بلسانه وقلبه مشغول بشؤون الدنيا ، فهناك اختلاف كبير بين مجرد قراءة الدعاء وبين الدعاء الحقيقي الذي ينضمّ فيه القلب بانسجام تامّ مع اللسان ، تهتزّ له الروح وتحصل فيه الحاجة في قلب الانسان ومشاعره.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إنّ الله عزَّ وجل لا يستجيب دعاء بظهر قلبٍ ساهٍ ، فإذا دعوت فأقبل بقلبك ثمّ استيقن بالاجابة » (2) .

14 ـ الاضطرار إلىٰ الله سبحانه :

لابدّ للداعي أن يتوجه إلىٰ الله تعالىٰ توجّه المضطر الذي لا يرجو غيره ، وأن يرجع في كلِّ حوائجه إلىٰ ربه ، ولا ينزلها بغيره من الأسباب العادية التي لا تملك ضراُ ولا نفعاً( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ) (3) .

فإذا لجأ الداعي إلىٰ ربه بقلب سليم وكان دعاؤه حقيقياً صادقاً جاداً ، وكان مدعوّه ربه وحده لا شريك له ، تحقق الانقطاع الصادق بالاضطرار الحقيقي إلىٰ الله تعالىٰ الذي هو شرط في قبول الدعاء( أَمَّن يُجِيبُ

__________________________

(1) بحار الأنوار 93 : 376.

(2) الكافي 2 : 343 / 1.

(3) سورة الاسراء : 17 / 56.

٣٨

الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ ) (1) .

يقول أمير المؤمنينعليه‌السلام في وصيته لولده الإمام الحسنعليه‌السلام :« وألجى ء نفسك في أمورك كلّها إلىٰ إلهك ، فإنّك تُلجئها إلىٰ كهفٍ حريز ومانع عزيز ، واخلص في المسألة لربك ، فإنّ بيده العطاء والحرمان » (2) .

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا إلّا أعطاه ، فلييأس من الناس كلّهم ، ولا يكون له رجاء إلّا عند الله ، فإذا علم الله عزَّ وجلّ ذلك من قبله لم يسأل الله شيئاً إلّا أعطاه » (3) .

وروي أن الله تعالىٰ أوحىٰ إلىٰ عيسىٰعليه‌السلام :« ادعني دعاء الحزين الغريق الذي ليس له مغيث : يا عيسىٰ ، سلني ولا تسأل غيري ، فيحسن منك الدعاء ومني الاجابة » (4) .

15 ـ تسمية الحوائج :

إنّ الله تعالىٰ محيط بعباده يعلم حالهم وحاجاتهم ، وهو أقرب إليهم من حبل الوريد ، ولكنه سبحانه يحبُّ أن تُبَث إليه الحوائج وتُسمّىٰ بين يديه تعالىٰ ، وذلك كي يقبل الداعي إلىٰ ربّه محتاجاً إلىٰ كرمه فقيراً إلىٰ لطفه ومغفرته.

قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إنّ الله تبارك وتعالى يعلم ما يريد العبد إذا

__________________________

(1) سورة النمل : 27 / 62.

(2) نهج البلاغة : الكتاب (31).

(3) الكافي 2 : 119 / 2.

(4) عدة الداعي : 134.

٣٩

دعاه ، لكنّه يحبُّ أن تُبثّ إليه الحوائج ، فإذا دعوت فسمِّ حاجتك » (1) .

16 ـ ترقيق القلب :

ويستحب الدعاء عند استشعار رقة القلب وحالة الخشية التي تنتابه بذكر الموت والبرزخ ومنازل الآخرة وأهوال يوم المحشر ، وذلك لأنّ رقّة القلب سبب في الاخلاص المؤدي إلىٰ القرب من رحمة الله وفضله ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« اغتنموا الدعاء عند الرقة ، فإنها رحمة » (2) .

وقال الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام :« بالاخلاص يكون الخلاص ، فإذا اشتدّ الفزع ، فإلىٰ الله المفزع » (3) .

وقال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إذا رقّ أحدكم فليدع ، فإنّ القلب لا يرقّ حتىٰ يخلص » (4) .

وكلما رقّ قلب الداعي كلّما كان مهيئاً لاستقبال ذخائر الرحمة الإلهية وتحقق قصده في الاستجابة ، قال الإمام الصادقعليه‌السلام :« إذا اقشعر جلدك ، ودمعت عينك ، ووجل قلبك ، فدونك دونك ، فقد قصد قصدك » (5) .

أما القلب القاسي بكثرة الذنوب والمعاصي ، والقلب اللاهي عن ذكر الله ، المتعلق بعرض الدنيا وزخرفها ، فكلاهما مطرودان عن رحاب الله تعالىٰ ورحمته ، ولا يستجاب لهما دعاء ، لأنّه ليس ثمّة انسجام بين القلب

__________________________

(1) الكافي 2 : 345 / 1.

(2) بحار الأنوار 93 : 313.

(3) الكافي 2 : 340 / 2.

(4) الكافي 2 : 346 / 5.

(5) الكافي 2 : 346 / 8.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وإن انفتح فوقها ، أو عليها ، لم ينقض إن كان الخارج نادراً كالحصى وإن كان نجاسة كالعذرة فقولان : أقواهما : العدم(١) .

الثاني : لو خرج من أحد السبيلين دود ، أو غيره من الهوام ، أو حصى أو دم غير الثلاثة ، أو شعر ، أو حقنة ، أو أشياف ، أو دهن قطره في إحليله ، لم ينقض ، إلّا أن يستصحب شيئاً من النواقض ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال مالك وداود(٢) لأنّه نادر فأشبه الخارج من غير السبيلين ، وللأصل ، ولمّا تقدم من الأحاديث.

وقال أبو حنيفة ، وأصحابه ، والشافعي ، والثوري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق وأبو ثور : إنّه ناقض ، لعدم انفكاكه من البلة(٣) . وهو ممنوع.

الثالث : الريح إنّ خرج من قبل المرأة نقض ، لأنّ له منفذاً إلى الجوف ، وكذا الآدر(٤) أما غيرهما فإشكال ـ وبه قال الشافعي(٥) ـ لعموم النقض(٦) بخروج الريح.

وقال أبو حنيفة : لا ينقض خروج الريح من القبل(٧) .

__________________

١ ـ المجموع ٢ : ٨ ، الوجيز ١ : ١٥ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣ ، فتح العزيز ٢ : ١٣ ، ١٤.

٢ ـ بداية المجتهد ١ : ٣٤ ، شرح فتح القدير ١ : ٣٣ ، المدونة الكبرى ١ : ١٠ ، عمدة القارئ ٣ : ٤٧ ، الشرح الصغير ١ : ٥٢ ، ٥٣ ، المجموع ٢ : ٧ ، فتح العزيز ٢ : ١٠.

٣ ـ اللباب ١ : ١١ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٤ ، شرح فتح القدير ١ : ٤٨ ، ألام ١ : ١٧ ، المجموع ٢ : ٤ و ٦ ، مغني المحتاج ١ : ٣٢ ، عمدة القارئ ٣ : ٤٧ ، فتح العزيز ٢ : ١٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٨٣ ، المغني ١ : ١٩٢.

٤ ـ الآدر : من يصيبه فتق في إحدى خصييه. مجمع البحرين ٣ : ٢٠٣.

٥ ـ الاُم ١ : ١٧ ، المجموع ٢ : ٤ ، الوجيز ١ : ١٥ ، فتح العزيز ٢ : ٩.

٦ ـ اُنظر على سبيل المثال : الكافي ٣ : ٣٦ / ٦.

٧ ـ اللباب ١ : ١١ ، فتح العزيز ٢ : ٩ ، المجموع ٢ : ٨ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٨٣.

١٠١

الرابع : لو ظهرت مقعدته وعليها شيء من العذرة ثم خفيت ، ولم ينفصل شيء ، ففي النقض إشكال ، ينشأ من صدق الخروج ، ومن عدم الانفصال.

الخامس : الخنثى المشكل إذا بال فحكمه حكم ما لو كانت الثقبة دون المعدة ، ولم ينسد المخرج فعندنا ينقض ، وللشافعي قولان(١) لجواز أن يكون ذلك المخرج ثقبة زائدة.

مسألة ٢٨ : النوم الغالب على السمع والبصر ناقض عند علمائنا أجمع ، وهو قول أكثر أهل العلم ، لقولهعليه‌السلام : ( العين وكاء السه ، من نام فليتوضأ )(٢) وقال الصادقعليه‌السلام : « لا ينقض الضوء إلّا حدث ، والنوم حدث »(٣) .

وحكي عن أبي موسى الاشعري ، وأبي مجلز ، وحميد الاعرج ، أنّه لا ينقض(٤) ، وعن سعيد بن المسيب ، أنّه كان ينام مضطجعاً مراراً ينتظر الصلاة ، ثم يصلّي ولا يعيد الوضوء(٥) لأنّه ليس بحدث في نفسه ، والحدث مشكوك فيه.

ونمنع الاُولى لما تقدم.

__________________

١ ـ المجموع ٢ : ٨ و ١٠ ، مغني المحتاج ١ : ٣٢.

٢ ـ سنن ابن ماجة ١ : ١٦١ / ٤٧٧ ، سنن ابي داود ١ : ٥٢ / ٢٠٣ ، مسند أحمد ١ : ١١١.

٣ ـ التهذيب ١ : ٦ / ٥ ، الاستبصار ١ : ٧٩ / ٢٤٦.

٤ ـ نيل الأوطار ١ : ٢٣٩ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٧٨ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٥٩ ، فتح الباري ١ : ٢٥١ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢١ ، المجموع ٢ : ١٧ ، المغني ١ : ١٩٦.

٥ ـ المغني ١ : ١٩٦.

١٠٢

فروع :

الأول : نوم المضطجع ناقض ، قلّ أو كثر عند كلّ من حكم بالنقض.

ونوم القاعد ناقض عندنا وإن قلّ ، للعموم ، وهو قول المزني ، والشافعي في أحد القولين ، وإسحاق ، وأبوعبيد(١) ، إلّا ابن بابويه منّا ، فانه قال : الرجل يرقد قاعداً لا وضوء عليه ما لم ينفرج(٢) ، وهو قول الشافعي وإن كثر اذا كان ممكنا لمقعدته من الأرض ، لأنّ الصحابة كانوا ينامون ثم يقومون فيصلون من غير وضوء(٣) ، وليس بحجة لإمكان السنة.

وقال مالك ، وأحمد ، والثوري ، وأصحاب الرأي : إن كان كثيراً نقض وإلّا فلا(٤) .

وأما نوم القائم ، والراكع ، والساجد فعندنا أنّه ناقض ، وبه قال الشافعي في الجديد ، وأحمد في إحدى الروايتين(٥) للعموم ، والثانية : أنّه لا ينقض ، وبه قال الشافعي في القديم(٦) .

وقال أبو حنيفة : النوم في كلّ حال من أحوال الصلاة غير ناقض ، وإن

__________________

١ ـ مختصر المزني : ٤ ، نيل الأوطار ١ : ٢٣٩ ، المحلى : ٢٢٣ ، عمدة القارئ ٣ : ١٠٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٣٠ ، فتح الباري ١ : ٢٥١.

٢ ـ الفقيه ١ : ٣٨ / ١٤٤.

٣ ـ المجموع ٢ : ١٤ ، الوجيز ١ : ١٦ ، الاُم ١ : ١٢ ، سبل السلام ١ : ٩٦ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤ ، فتح العزيز ١ : ٢١ ، المحلى ١ : ٢٢٥.

٤ ـ نيل الأوطار ١ : ٢٣٩ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٧٨ ، المحلى ١ : ٢٢٥ ، المجموع ٢ : ١٧ ، المدونة الكبرى ١ : ٩ ، مسائل الامام أحمد : ١٣ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٤٤ ، فتح العزيز ٢ : ٢٥ ، فتح الباري ١ : ٢٥١ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧ ، القواعد في الفقه الاسلامي : ٣٤٢.

٥ ـ نيل الأوطار ١ : ٢٤٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٧٨ ، الاُم ١ : ١٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣٦ ، بدائع الصنائع ١ : ٣١ ، عمدة القارئ ٣ : ١١٠ ، فتح العزيز ٢ : ٢٤ ، المغني ١ : ١٩٧.

٦ ـ المجموع ٢ : ١٨ ، فتح العزيز ٢ : ٢٤ ، المغني ١ : ١٩٨.

١٠٣

كثر ، وهو أضعف أقوال الشافعي(١) ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إذا نام العبد في سجوده باهى الله تعالى به ملائكته ، يقول : عبدي روحه عندي وجسده ساجد بين يدي )(٢) ، ولا حجة فيه.

الثاني : السُنة ـ وهي ابتداء النعاس ـ غير ناقضة ، لأنّها لا تسمى نوماً ، ولأن نقضه مشروط بزوال العقل.

الثالث : كلّ ما أزال العقل من إغماء ، أو جنون ، أو سكر ، أو شرب مرقد ، ناقض لمشاركته للنوم في المقتضي ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا خفي الصوت فقد وجب الوضوء »(٣) .

وللشافعية في السكر قولان ، أضعفهما : عدم النقض ، لأنّه كالصاحي في الحكم فينفذ طلاقه وعتقه ، وإقراره وتصرفاته(٤) ، وهو ممنوع.

الرابع : ولو شك في النوم لم تنتقض طهارته ، وكذا لو تخايل له شيء ولم يعلم أنّه منام أو حديث النفس ، ولو تحقق أنّه رؤيا نقض.

مسألة ٢٩ : دم الاستحاضة إن كان قليلاً يجب به الوضوء خاصة ، ذهب إليه علماؤنا ، إلّا ابن أبي عقيل(٥) ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( المستحاضة تتوضأ لكلّ صلاة )(٦) .

وقول الصادقعليه‌السلام : « وإن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت

__________________

١ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٧٨ ، فتح العزيز ٢ : ٢٤ و ٢٨ ، نيل الأوطار ١ : ٢٤٠ ، المجموع ٢ : ١٤ و ١٨ ، المحلى ١ : ٢٢٤ ، اللباب ١ : ١٣ ، شرح فتح القدير ١ : ٤٣.

٢ ـ تلخيص الحبير ٢ : ٢٦.

٣ ـ الكافي ٣ : ٣٧ / ١٤ ، التهذيب ١ : ٩ / ١٤ ، وفيهما عن أبي الحسن (ع).

٤ ـ المجموع ٢ : ٢١ ، فتح العزيز ٢ : ١٩.

٥ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٢٨.

٦ ـ سنن ابي داود ١ : ٨١ / ٣٠٠ ، سنن البيهقي ١ : ٣٤٨.

١٠٤

وصلت كلّ صلاة بوضوء »(١) .

وقال ابن أبي عقيل : ما لم يظهر على القطنة فلا غسل ولا وضوء(٢) وقال مالك : ليس على المستحاضة وضوء(٣) .

مسألة ٣٠ : لا يجب الوضوء بشيء سوى ما ذكرناه ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وقد خالف الجمهور في أشياء نحن نذكرها.

الأول : المذي والوذي ـ وهو ما يخرج بعد البول ثخين كدر ـ لا ينقضان الوضوء ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، للأصل ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « إنّ علياًعليه‌السلام كان مذاء ، فاستحى أن يسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمكان فاطمةعليها‌السلام ، فأمر المقداد أن يسأله ، فقال : ليس بشيء »(٤) .

وقال الجمهور : إنّهما ناقضان(٥) إلّا مالكاً فإنه قال : المذي إذا استدام به لا يوجب الوضوء(٦) ، لأنّ علياًعليه‌السلام قال : « كنت اكثر الغسل من المذي حتى تشقق ظهري ، فسألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : إنّما يكفيك أن تنضح على فرجك ، وتتوضأ للصلاة »(٧) وهو بعد

__________________

١ ـ الكافي : ٨٩ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٠٧ / ٢٧٧.

٢ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٢٨.

٣ ـ بداية المجتهد ١ : ٦٠ ، المغني ١ : ٣٨٩ ، المحلى ١ : ٢٥٣ ، المنتقى للباجي ١ : ١٢٧.

٤ ـ التهذيب ١ : ١٧ / ٣٩ ، الاستبصار ١ : ٩١ / ٢٩٢.

٥ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٦٧ ، الاُم ١ : ٣٩ ، الشرح الصغير ١ : ٥٢ ، المحلى ١ : ٢٣٢ ، المجموع ٢ : ٦ ، سبل السلام ١ : ١٠١ ، المدونة الكبرى ١ : ١٠ ـ ١٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣٤ ، المغني ١ : ١٩٤ ـ ١٩٥ ، نيل الأوطار ١ : ٢٣٧ ، عمدة القارئ ٣ : ٢١٧ ، فتح الباري ١ : ٣٠٢.

٦ ـ بداية المجتهد ١ : ٣٤ ، المجموع ٢ : ٧ ، المنتقى للباجي ١ : ٨٩.

٧ ـ سنن ابي داود ١ : ٥٣ / ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، سنن النسائي ١ : ١١١ ، صحيح مسلم ١ : ٢٤٧ / ٣٠٣ ، الموطأ ١ : ٤٠ / ٥٣.

١٠٥

التسليم محمول على الاستحباب.

الثاني : القيء لا ينقض الوضوء ، سواء قل أو كثر ، وكذا ما يخرج من غير السبيلين ، كالدم والبصاق والرعاف وغير ذلك ، ذهب إليه علماؤنا ، وبه قال في الصحابة عليعليه‌السلام ، وعبدالله بن عباس ، وعبدالله بن عمر ، وعبدالله بن أبي أوفى ، ومن التابعين سعيد بن المسيب ، والقاسم بن محمد ، وعطاء ، وطاووس ، وسالم بن عبد الله بن عمر ، ومكحول ، وهو مذهب ربيعة ، ومالك ، والشافعي ، وأبو ثور ، وداود ،(١) للأصل ، ولقولهمعليهم‌السلام : « لا ينقض إلّا ما خرج من طرفيك الأسفلين ، أو النوم »(٢) .

و قال أبو حنيفة : القيء إن كان مل‌ء الفم أوجب الوضوء وإلّا فلا ، وغيره إن كان نجساً خرج من البدن وسال أوجب الوضوء ، وإن وقف على رأس المخرج لم يوجب الوضوء ، وبه قال الأوزاعي ، والثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، إلّا أن أحمد يقول : إن كان الدم قطرة أو قطرتين لم يوجب الوضوء(٣) .

وعنه رواية اُخرى : أنّه إنّ خرج قدر ما يعفى عن غسله ـ وهو قدر الشبر ـ لم يجب الوضوء(٤) ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( من قاء أو قلس فلينصرف وليتوضأ ، وليبن على صلاته ما لم يتكلم )(٥) .

____________

١ ـ الاُم ١ : ١٨ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٧٥ ، سنن الترمذي ١ : ١٤٥ ، ذيل الحديث ٨٧ ، المغني ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٢ : ٥٤ ، فتح العزيز ٢ : ٢ ، سبل السلام ١ : ١٠٦ ، نيل الأوطار ١ : ٢٣٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٤ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٧٠ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨.

٢ ـ الكافي ٣ : ٣٦ / ٦ ، الفقيه ١ : ٣٧ / ١٣٧ ، التهذيب ١ : ٨ / ١٢ ، الاستبصار ١ : ٧٩ / ٢٤٤.

٣ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٧٥ ، شرح فتح القدير ١ : ٣٤ ، اللباب ١ : ١١ ـ ١٢ ، المغني ١ : ٢٠٩ ، المجموع ٢ : ٥٤ ، فتح العزيز ٢ : ٢ ، نيل الأوطار ١ : ٢٣٥ و ٢٣٧ ، رحمة الامة ١ : ١٥ ، المحلى ١ : ٢٥٧.

٤ ـ المغني ١ : ٢٠٩ ، الشرح الكبير ١ : ٢١١.

٥ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٥٣ / ١١ و ١٥٤ / ١٢.

١٠٦

وهو محمول على غسل الفم ، والاستحباب ، ولأنّه متروك(١) ، لأنّه فعل كثير.

الثالث : مسّ الذكر والدبر لا يوجب الوضوء ، سواء مسّ الباطنين أو الظاهرين ، وكذا لو مسّت المرأة قبلها أو دبرها سواء كان بباطن الكف أو ظاهره ، وسواء مسّ بشهوة أو غيرها ، وسواء كان الفرجان منه أو من غيره ، ذهب إليه أكثر علمائنا(٢) ، وبه قال عليعليه‌السلام ، وعمار بن ياسر ، وعبدالله بن مسعود ، وابن عباس في إحدى الروايتين ، وحذيفة ، وعمران بن الحصين ، وأبو الدرداء ، وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين ، والحسن البصري ، وقتادة ، والثوري ، وأبو حنيفة وأصحابه(٣) ، للأصل ، ولقولهعليه‌السلام وقد سئل عن مسّ الرجل ذكره بعد الوضوء : ( هل هو إلّا بضعة منه؟ )(٤) ، ولقول الصادقعليه‌السلام ـ وقد سئل عن الرجل يعبث بذكره في الصلاة المكتوبة ـ : « لا بأس »(٥) ، وما تقدم.

و قال الصدوق : من مسّ باطن ذكره بإصبعه أو باطن دبره انتقض وضوؤه(٦) .

وقال ابن الجنيد : من مسّ ما انضم عليه الثقبان نقض وضوؤه ، ومن

____________

١ ـ لم ترد في نسخة ( م ).

٢ ـ منهم المفيد في المقنعة : ٣ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ١٩ ، والمبسوط ١ : ٢٦ ، والخلاف ١ : ١١٢ مسألة ٥٥ ، وسلار في المراسم : ٣١ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي : ١٢٦ ، والمحقق الحلّي في المعتبر : ٢٩.

٣ ـ المجموع ٢ : ٤٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣٩ ، نيل الأوطار ١ : ٢٤٩ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٦٦ ، شرح فتح القدير ١ : ٤٨ و ٤٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠ ، المحلى ١ : ٢٣٧.

٤ ـ سنن ابي داود ١ : ٤٦ / ١٨٢ ، سنن النسائي ١ : ١٠١ ، سنن الدارقطني ١ : ١٤٩ / ١٧.

٥ ـ التهذيب ١ : ٣٤٦ / ١٠١٤ ، الاستبصار : ٨٨ / ٢٨٢.

٦ ـ الفقيه ١ : ٣٩ ذيل الحديث ١٤٨.

١٠٧

مس ظاهر الفرج من غيره بشهوة تطهّر إن كان محرّماً ، ومن مسّ باطن الفرجين فعليه الوضوء من المحرم والمحلل(١) ، لأنّ عمارا سأل الصادقعليه‌السلام عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره ، قال : « نقض وضوء‌ه »(٢) ، والطريق ضعيف ، ومحمول على استصحاب نجاسته.

وقال الشافعي : من مسّ ذكراً ببطن كفه وجب عليه الوضوء.

وحكاه ابن المنذر ، عن عمر ، وابن عمر ، وسعد بن أبي وقاص ، وعائشة ، وأبي هريرة ، وابن عباس.

ومن التابعين عطاء بن أبي رباح ، وسعيد بن المسيب ، وأبان بن عثمان ، وعروة بن الزبير ، وسليمان بن يسار ، والزهري ، وأبو العالية ، ومجاهد.

وبه قال مالك ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، والمزني(٣) ، لأنّ بسرة بنت صفوان روت أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( إذا مسّ أحدكم ذكره فليتوضأ )(٤) ، ومع التسليم يحمل على المس للغسل من البول لأنّه الغالب.

وقال داود : إنّ مسّ ذكر نفسه انتقض ، وان مسّ ذكر غيره لم ينتقض(٥) ، لأنّ الخبر ورد فيمن مسّ ذكره.

__________________

١ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٢٩.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٤٨ / ١٠٢٣ ، الاستبصار ١ : ٨٨ / ٢٨٤.

٣ ـ ألام ١ : ١٩ ، المجموع ٢ : ٤١ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٦٩ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٦٦ ، المحلى ١ : ٢٣٧ ، بداية المجتهد ١ : ٣٩ ، المدونة الكبرى ١ : ٨ ، الوجيز ١ : ١٦ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٢ ، فتح العزيز ٢ : ٣٧ ـ ٣٨ ، مختصر المزني : ٣ ـ ٤ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠.

٤ ـ الموطأ ١ : ٤٢ / ٥٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٦١ / ٤٧٩ ، سنن الدارقطني ١ : ١٤٧ / ٣ ، سنن البيهقي ١ : ١٢٨.

٥ ـ المحلى ١ : ٢٣٥ ، المغني ١ : ٢٠٤ ، الشرح الكبير ١ : ٢١٧.

١٠٨

قال الشافعي : ولو مسّ بغير بطن كفه من ظهر كفه ، أو ساعده ، أو غير ذلك من أعضائه لم ينتقض الوضوء(١) ، للاصل.

وحكي عن عطاء ، والأوزاعي ، وأحمد في إحدى الروايتين : النقض بظهر الكف والساعد ، لأنّه من جملة يده(٢) .

قال الشافعي : ولو مسّه بحرف يده ، أو بما بين الاصابع لم ينتقض(٣) .

ولو مسّ الذكر بعد قطعه فوجهان عنده(٤) ، ولو مسّه من ميّت انتقضت(٥) ، وقال إسحاق : لا ينتقض(٦) ولا فرق بين الذكر الصغير والكبير(٧) .

وقال الزهري ، والأوزاعي ، ومالك : لا يجب بمس الصغير(٨) ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسّ زبيبة الحسنعليه‌السلام ولم يتوضأ(٩) .

قال الشافعي : ولو مسّ الانثيين أو الالية أو العانة لم ينتقض(١٠) . وعن عروة بن الزبير النقض(١١) .

__________________

١ ـ المجموع ٢ : ٣٧ و ٤٠ ، الاُم ١ : ٢٠ ، المحلى ١ : ٢٣٧.

٢ ـ المجموع ٢ : ٤١ ، فتح العزيز ٢ : ٣٨ ، المحلى ١ : ٢٣٧ ، المغني ١ : ٢٠٣ ـ ٢٠٤.

٣ ـ المجموع ٢ : ٣٧ ، الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ١ : ٦٧ ـ ٦٨.

٤ ـ المجموع ٢ : ٣٨ ، الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ٢ : ٦٣.

٥ ـ المجموع ٢ : ٣٧ ، الوجيز ١ : ١٦ ، الاُم ١ : ١٩ ، مختصر المزني : ٤ ، فتح العزيز ٢ : ٥٩ ، المغني ١ : ٢٠٥ الشرح الكبير ١ : ٢١٨.

٦ ـ المغني ١ : ٢٠٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢١٨.

٧ ـ المجموع ٢ : ٣٧ ، مختصر المزني : ٤ ، الاُم ١ : ١٩ ، فتح العزيز ٢ : ٦٠ ، الوجيز ١ : ١٦.

٨ ـ المغني ١ : ٢٠٤ ، الشرح الكبير ١ : ٢١٧ ، الشرح الصغير ١ : ٥٥.

٩ ـ فتح العزيز ٢ : ٦٠ ، سنن البيهقي ١ : ١٣٧.

١٠ ـ المجموع ٢ : ٤٠ ، مغني المحتاج ١ : ٣٥ ، الاُم ١ : ١٩.

١١ ـ المجموع ٢ : ٤٠ ، واُنظر سنن البيهقي ١ : ١٣٧.

١٠٩

ولو مسّ حلقة دبره أو دبر غيره ، قال الشافعي : انتقض(١) ، وفي القديم : لا ينتقض ، كما ذهبنا إليه ، وبه قال مالك ، وداود ، لأنّه لا يقصد مسّه(٢) .

ولو مسّت المرأة فرجها انتقض وضوؤها عند الشافعي(٣) ، خلافاً لمالك(٤) .

والخنثى المشكل إذا مسّ فرج نفسه ، أو مسّه غيره إنتقض وضوؤه ، إذا تيقنا أن الذي مسّه فرج ، أو لمس من رجل وامرأة ، ومتى جوّزنا غير ذلك فلا نقض ، وإن مسّ نفسه ، فإن مسّ ذكره أو فرجه فلا نقض ، وإن جمع نقض.

وإن مسّه رجل ، فإن مسّ ذكره انتقض ، لأنّه إن كان رجلاً فقد مسّ فرجه ، وإن كان امرأة فقد مسّ موضعا من بدنها ، فإن الزيادة لا تخرجه عن كونه من بدنها ، وإن مسّ الفرج فلا نقض ، لجواز أن يكون رجلاً فقد مسّ خلقة زائدة من بدنه.

وإن مسّه امرأة ، فإن مسّت ذكره فلا نقض ، لجواز أن تكون امرأة فتكون قد مسّت خلقة زائدة من بدنها ، وإن مسّت فرجه انتقض ، لأنّها إنّ كانت امرأة فقد مسّت فرجها ، وإن كان رجلاً فقد مسّت بدنه.

وإن مسّه خنثى ، فإن مسّ ذكره فلا نقض ، لجواز أن يكونا امرأتين ، فتكون إحداهما مسّت بدن الاُخرى ، وإن مسّ فرجه لم ينتقض ، لجواز أن

__________________

١ ـ المجموع ٢ : ٣٨ ، الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ٢ : ٥٨ ، مغني المحتاج ١ : ٣٦.

٢ ـ فتح العزيز ٢ : ٥٦ ـ ٥٧ ، المدونة الكبرى ١ : ٨ ، مقدمات ابن رشد ١. ٧٠ ، الشرح الصغير ١ : ٥٥ ، المجموع ٢ : ٤٣ ، المحلى ١ : ٢٣٧.

٣ ـ المجموع ٢ : ٤٣ ، الاُم ١ : ٢٠ ، الوجيز ١ : ١٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٣١ ، فتح العزيز ٢ : ٧٤.

٤ ـ المدونة الكبرى ١ : ٩ ، المجموع ٢ : ٤٣.

١١٠

يكونا رجلين ، فيكون أحدهما مسّ بدن الآخر ، وإن مسّ فرجه وذكره انتقض ، لأنّه لا بدّ وأن يكون أحدهما فرجاً.

وهذا كله ساقط عنّا.

ولو مسّ فرج البهيمة فللشافعي قولان ، أحدهما : النقض ، وبه قال الليث ابن سعد(١) .

ا لرابع : مسّ المرأة لا يوجب الوضوء ، بشهوة كان أو بغيرها ، أي موضع كان من بدنها ، بأي موضع كان من بدنه ، سوى الفرجين ، وبه قال عليعليه‌السلام ، وابن عباس ، وعطاء ، وطاووس ، وأبو حنيفة ، وأصحابه(٢) للأصل ، وللاحاديث السابقة ، ولمّا روت عائشة أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل امرأة من نسائه وخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ(٣) .

وقال الشافعي : لمس النساء يوجب الوضوء ، بشهوة كان أو بغير شهوة ، أي موضع كان من بدنه بأي موضع كان من بدنها ، سوى الشعر ، وبه قال ابن مسعود ، وابن عمر ، والزهري ، وربيعة ، ومكحول ، والأوزاعي(٤) لقوله تعالى :( أو لمستم النساء ) (٥) وحقيقة اللمس باليد ،

____________

١ ـ الاُم ١ : ١٩ ، المجموع ٢ : ٣٨ و ٤٣ ، مغني المحتاج ١ : ٣٦ ، الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ٢ : ٥٨ ـ ٥٩.

٢ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٦٧ ، نيل الأوطار ١ : ٢٤٤ ، بداية المجتهد ١ : ٣٨ ، المجموع ٢ : ٣٠ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٦٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٨ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤.

٣ ـ سنن ابن ماجة ١ : ١٦٨ / ٥٠٢ ، سنن ابي داود ١ : ٤٦ / ١٧٩ ، سنن النسائي ١ : ١٠٤ ، سنن الدارقطني ١ : ١٣٥ / ٥.

٤ ـ المجموع ٢ : ٢٦ و ٣٠ ، الاُم ١ : ١٥ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٦٧ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٦٩ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٤ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٨ ، الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ٢ : ٢٩ ، المغني ١ : ٢٢٠ ، الشرح الكبير ١ : ٢١٩.

٥ ـ النساء : ٤٣ ، المائدة : ٦.

١١١

وهو ممنوع عرفاً.

وقال مالك ، وأحمد ، وإسحاق : إنّ لمسها بشهوة انتقض وضوؤه وإلّا فلا ، وحكاه ابن المنذر عن النخعي ، والشعبي ، والحكم ، وحماد ، لأنّ اللمس بغير شهوة لا يحرم في الاحرام ، والصوم ، فكان كالشعر(١) ، وقال داود : إنّ قصد لمسها انتقض ، وإلّا فلا(٢) .

ولمس الشعر ، أو من وراء حائل لا ينقض عند الشافعي(٣) ، وقال مالك : ينقضان إن كان بشهوة وإلّا فلا(٤) .

وفي لمس ذات المحارم كالام والاُخت عند الشافعي قولان(٥) ، وفي الكبار والصغار وجهان(٦) .

وتنتقض طهارة اللامس في صور النقص كلها ، وفي الملموس قولان(٧) .

ولو لمس يداً مقطوعة أو عضواً فلا نقض(٨) ، ولو مسّ ميتة فلاصحابه قولان(٩) .

__________________

١ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٦٧ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٦٦ ، المجموع ٢ : ٣٠ ، المحلى ١ : ٢٤٨ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٤ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٦٩ ، المغني ١ : ٢١٩.

٢ ـ المحلى ١ : ٢٤٤ ، المجموع ٢ : ٣٠.

٣ ـ المجموع ٢ : ٢٧ ، الاُم ١ : ١٦ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٥.

٤ ـ الشرح الصغير ١ : ٥٤ ، المجموع ٢ : ٣٠ ـ ٣١ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٦ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٦٦ ـ ٦٧.

٥ ـ المجموع ٢ : ٢٧ ، فتح العزيز ٢ : ٣٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٦.

٦ ـ تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٦ ، الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ٢ : ٣٢.

٧ ـ المجموع ٢ : ٢٦ ، الوجيز ١ : ١٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧ ، فتح العزيز ٢ : ٣٣.

٨ ـ المجموع ٢ : ٢٩ ، فتح العزيز ٢ : ٣١.

٩ ـ الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ٢ : ٣٢.

١١٢

ا لخامس : القهقهة لا تنقض الوضوء ، وإن وقعت في الصلاة لكن تبطلها ، ذهب إليه أكثر علمائنا(١) ـ وبه قال جابر وأبو موسى الاشعري ، ومن التابعين القاسم بن محمد ، وعروة ، وعطاء ، والزهري ، ومكحول ، ومالك ، وبه قال الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور(٢) ـ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( الضحك ينقض الصلاة ، ولا ينقض الوضوء )(٣) ، وقول الصادقعليه‌السلام : « ليس ينقض الوضوء إلّا ما خرج من طرفيك »(٤) الحديث.

وقال ابن الجنيد منّا : من قهقه في صلاته متعمّداً لنظر أو سماع ما أضحكه قطع صلاته ، وأعاد وضوء‌ه(٥) ، لرواية سماعة ، قال : سألته عما ينقض الوضوء ، إلى أن قال : « والضحك في الصلاة »(٦) ، وهي مقطوعة ضعيفة السند.

وقال أبو حنيفة : يجب الوضوء بالقهقهة في الصلاة ، وهو مروي عن الحسن ، والنخعي ، وبه قال الثوري ، وعن الأوزاعي روايتان(٧) لأنّ أبا العالية الرياحي روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصلّي ، فجاء ضرير

____________

١ ـ منهم المحقق الحلّي في المعتبر : ٣٠ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٥٣ ، وسلار في المراسم : ٤٠ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٤٩ ، والشيخ في الخلاف ١ : ١٢٦ مسألة ٦٢.

٢ ـ المجموع ٢ : ٦٠ ، الوجيز ١ : ١٥ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٢ ، المغني ١ : ٢٠١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٦ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٥ ، المنتقى للباجي ١ : ٦٥ ، مسائل أحمد : ١٣.

٣ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٧٣ / ٥٨.

٤ ـ التهذيب ١ : ١٦ / ٣٦.

٥ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٣٠.

٦ ـ التهذيب ١ : ١٢ / ٢٣ ، الاستبصار ١ : ٨٣ / ٢٦٢.

٧ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٧٧ ، بداية المجتهد ١ : ٤٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٥ ، المجموع ٢ : ٦١ ، المغني ١ : ٢٠١ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٢ ، اللباب ١ : ١٣ ، فتح العزيز ٢ : ٣.

١١٣

فتردّى في بئر فضحك طوائف من القوم فأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذين ضحكوا أن يعيدوا الوضوء والصلاة(١) ، وهو مرسل ، قال ابن سيرين : لا تأخذوا بمراسيل الحسن وأبي العالية فانهما لا يباليان عمّن أخذا(٢) .

ا لسادس : لا وضوء من أكل ما مسته النار ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال عليعليه‌السلام ، وجماعة من الصحابة ، وعامة الفقهاء(٣) .

وحكي عن عمر بن عبد العزيز ، وأبي قلابة ، وأبي مجلز ، والزهري ، والحسن البصري أنهم كانوا يتوضؤون منه(٤) ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( توضؤوا مما مسته النار )(٥) ، وهو منسوخ ، لأنّ جابر بن عبد الله قال : كان آخر الأمرين من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ترك الوضوء مما مسّت النار(٦) .

ا لسابع : أكل لحم الجزور لا يوجب الوضوء ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وهو قول أكثر العلماء(٧) ـ للأصل ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

____________

١ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٦٣ / ٥ و ٦ ، سنن البيهقي ١ : ١٤٦.

٢ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٧١ / ٤٤ ـ ٤٥ ، سنن البيهقي ١ : ١٤٦.

٣ ـ الاُم ١ : ٢١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٧٩ ، بداية المجتهد ١ : ٤٠ ، المجموع ٢ : ٥٧ ، فتح العزيز ٢ : ٤ ، نيل الأوطار ١ : ٢٦٢ ، المحلى ١ : ٢٤١ ، الوجيز ١ : ١٥ ، مسائل الامام أحمد : ١٥ ، عمدة القارئ ٣ : ١٠٤ ، مجمع الزوائد ١ : ٢٥١ ، الموطأ ١ : ٢٦ / ٢٢ ، سنن الترمذي ١ : ١١٦ / ٧٩.

٤ ـ المجموع ٢ : ٥٧ ، المحلى ١ : ٢٤٣ ، نيل الأوطار ١ : ٢٥٣ ، عمدة القارئ ٣ : ١٠٤. المغني ١ : ٢١٦ ـ ٢١٧.

٥ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٧٣ / ٣٥٢ و ٣٥٣ ، سنن البيهقي ١ : ١٥٥ و ١٥٧ ، سنن النسائي ١ : ١٠٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٦٤ / ٤٨٦ ـ ٤٨٧.

٦ ـ سنن ابي داود ١ : ٤٩ / ١٩٢ ، سنن النسائي ١ : ١٠٨ ، سنن البيهقي ١ : ١٥٥ ـ ١٥٦.

٧ ـ المجموع ٢ : ٥٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٧٩ ، نيل الأوطار ١ : ٢٥٢ ، سنن الترمذي ١ : ١٢٥ ذيل الحديث ٨١ ، المغني ١ : ٢١١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٢.

١١٤

قال : ( الوضوء مما يخرج لا مما يدخل )(١) .

و للشافعي قولان ، القديم : النقض ـ وبه قال أحمد(٢) ـ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سئل أيتوضأ من لحوم الإبل؟ فقال : ( نعم )(٣) ، ولو سلم حمل على غسل اليد.

الثامن : الردة لا تبطل الوضوء ، للأصل ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا ينقض الوضوء إلّا ما خرج من طرفيك »(٤) ، الحديث.

وقال أحمد : ينقض(٥) لقوله تعلى :( لئن أشركت ليحبطن عملك ) (٦) وهو مقيد بالموافاة.

التاسع : حكي عن مجاهد ، والحكم ، وحماد ، أن في قص الشارب وتقليم الأظفار ، ونتف الإبط الوضوء ، بغير حجة ، وأنكره جمهور العلماء(٧) .

تنبيه : كلّ ما أوجب الوضوء فهو بالعمد والسهو سواء بلا خلاف.

____________

١ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٥١ / ١ ، سنن البيهقي ١ : ١١٦.

٢ ـ المجموع ٢ : ٥٧ ، بداية المجتهد ١ : ٤٠ ، نيل الأوطار ١ : ٢٥٢ ، سبل السلام ١ : ١٠٧ ، كشاف القناع ١ : ١٣٠ ، مسائل الامام أحمد : ١٥ ، عمدة القارئ ٣ : ١٠٤ ، المغني ١ : ٢١١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٢.

٣ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٧٥ / ٣٦٠ ، سنن البيهقي ١ : ١٥٨.

٤ ـ الكافي ٣ : ٣٥ / ١ ، التهذيب ١ : ١٠ / ١٧ و ١٦ / ٣٦ ، الاستبصار ١ : ٨٦ / ٢٧١.

٥ ـ المجموع ٢ : ٦١ ، المغني ١ : ٢٠٠ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٥.

٦ ـ الزمر : ٦٥.

٧ ـ المغني ١ : ٢٢٩ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٨.

١١٥
١١٦

الفصل الثاني : في آداب الخلوة

يستحب الاستتار عن العيون ، لأنّ جابراً قال : خرجت مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر ، فإذا هو بشجرتين بينهما أربعة أذرع ، فقال : ( يا جابر انطلق إلى هذه الشجرة فقل : يقول لك رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الحقي بصاحبتك حتى أجلس خلفكما ) فجلس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خلفهما ، ثم رجعتا إلى مكانهما(١) .

ويجب ستر العورة لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( احفظ عورتك ، إلّا من زوجتك أو ما ملكت يمينك )(٢) ، وقول الصادقعليه‌السلام : « لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه »(٣) .

و العورة هي القُبل والدبر ، لقول الكاظمعليه‌السلام : « العورة عورتان : القُبل والدبر »(٤) .

مسألة ٣١ : المشهور بين علمائنا تحريم استقبال القبلة واستدبارها حالة

__________________

١ ـ سنن البيهقي ١ : ٩٣.

٢ ـ سنن الترمذي ٥ : ١١٠ / ٢٧٩٤ ، مسند أحمد ٥ : ٣ ، مستدرك الحاكم ٤ : ١٨٠ ، سنن البيهقي ١ : ١٩٩.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٧٤ / ١١٤٩.

٤ ـ الكافي ٦ : ٥٠١ / ٢٦ ، التهذيب ١ : ٣٧٤ / ١١٥١.

١١٧

البول والغائط ، في الصحارى والبنيان ، ويجب الانحراف في موضع قد بني على ذلك ـ وبه قال الثوري ، وأبو حنيفة ، وأحمد في إحدى الروايتين(١) ـ لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها )(٢) ، وقولهعليه‌السلام : ( إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره ، شرقوا أو غربوا )(٣) .

وعن عليعليه‌السلام : « أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها »(٤) ولمّا فيه من الاحترام والتعظيم لشعائر الله تعالى.

وقال ابن الجنيد : يستحب ترك الاستقبال والاستدبار(٥) ، وبه قال عروة ، وربيعة ، وداود(٦) ، لقول جابر : نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يستقبل القبلة ببول ، ورأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها(٧) ، ويحمل مع التسليم على الاستقبال حالة التنظيف ، إذ لا أقل من الكراهة.

وقال المفيد منّا وسلار : يجوز في البنيان الاستقبال والاستدبار(٨) ـ وبه قال ابن عباس ، وابن عمرو ، ومالك ، والشافعي ، وابن المنذر ، وأصح

__________________

١ ـ المجموع ٢ : ٨١ ، المغني ١ : ١٨٥ ، نيل الأوطار ١ : ٩٤ ، المحلى ١ : ١٩٤ ، فتح الباري ١ : ١٩٨ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٧٧.

٢ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٢٤ / ٢٦٥.

٣ ـ صحيح البخاري ١ : ٤٨.

٤ ـ التهذيب ١ : ٢٥ / ٦٤ ، الاستبصار ١ : ٤٧ / ١٣٠.

٥ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٣١.

٦ ـ المجموع ٢ : ٨١ ، المغني ١ : ١٨٤ ، عمدة القارى ٢ : ٢٧٨ ، فتح الباري ١ : ١٩٨ ، نيل الأوطار ١ : ٩٤.

٧ ـ سنن ابي داود ١ : ٤ / ١٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ١١٧ / ٣٢٥ ، سنن الترمذي ١ : ١٥ / ٩.

٨ ـ المقنعة : ٤ ، المراسم : ٣٢.

١١٨

الروايتين عن أحمد(١) ـ لأنّ الكاظمعليه‌السلام كان في داره مستراح إلى القبلة(٢) ، ولا حجة فيه لاحتمال شرائها كذلك ، وكانعليه‌السلام ينحرف أو له غيره.

ورواية عائشة ـ ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ( استقبلوا بمقعدتي القبلة )(٣) ـ ضعيفة ، لبرائتهعليه‌السلام من الأمر بالمكروه ، أو المحرم.

وعن أحمد رواية أنّه يجوز استدبار الكعبة في الصحارى والبنيان(٤) ، لأنّ ابن عمر قال : رأيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على حاجته مستقبل الشام مستدبر القبلة(٥) ، ويضعف بما تقدم.

مسألة ٣٢ : يكره له أشياء.

الأول : استقبال الشمس والقمر بفرجيه ، لقول الباقر.عليه‌السلام عن آبائهعليهم‌السلام : « إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى أن يستقبل الرجل الشمس والقمر بفرجه وهو يبول »(٦) .

الثاني : استقبال الريح بالبول ، لقول الحسن بن عليعليهما‌السلام : « ولا تستقبل الريح »(٧) ، ولئلا ترّده الريح إليه.

الثالث : البول في الأرض الصلبة ، لئلا يترشش عليه ، ولقول الصادق

__________________

١ ـ المجموع ٢ : ٧٨ ـ ٧٩ ، المغني ١ : ١٨٥ ، المدونة الكبرى ١ : ٧ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٧٨ و ٢٨١ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٦٤ ، بُلغة السالك ١ : ٣٧.

٢ ـ التهذيب ١ : ٢٦ / ٦٦ ، الاستبصار ١ : ٤٧ / ١٣٢. وفيهما عن ابي الحسن الرضاعليه‌السلام .

٣ ـ سنن ابن ماجة ١ : ١١٧ / ٣٢٤ ، سنن الدارقطني ١ : ٦٠ / ٧ ، مسند أحمد ٦ : ١٣٧.

٤ ـ المجموع ٢ : ٨١ ، الإنصاف ١ : ١٠١ ، نيل الأوطار ١ : ٩٤.

٥ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٢٥ / ٦٢ ، سنن الترمذي ١ : ١٦ / ١١.

٦ ـ التهذيب ١ : ٣٤ / ٩١.

٧ ـ الفقيه ١ : ١٨ / ٤٧ ، التهذيب ١ : ٣٣ / ٨٨ ، الاستبصار ١ : ٤٧ / ١٣١.

١١٩

عليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشد الناس توقيا للبول ، حتى أنّه كان إذا أراد البول يعمد إلى مكان مرتفع من الأرض ، أو إلى مكان يكون فيه التراب الكثير ، كراهية أن ينضح عليه البول »(١) .

الرابع : البول في جحرة الحيوان ، لئلا يؤذيه.

الخامس : البول في الماء الجاري والراكد ، لأنّ علياًعليه‌السلام نهى أن يبول الرجل في الماء الجاري ، إلّا من ضرورة ، وقال : « إنّ للماء أهلاً »(٢) ، وقال الصادقعليه‌السلام : « يكره أن يبول في الراكد »(٣) .

السادس : الجلوس في المشارع والشوارع ، وتحت الأشجار المثمرة ، فيضمن على إشكال ، وأفنية الدور ، ومواطن النزال ، ومواضع اللعن وهي : أبواب الدور.

وقال الصادقعليه‌السلام : « قال رجل لعلي بن الحسينعليهما‌السلام : أين يتوضأ الغرباء؟ قال : يتّقى شطوط الأنهار ، والطرق النافذة ، وتحت الأشجار المثمرة ، ومواضع اللعن »(٤) .

وسأل أبو حنيفة من الكاظمعليه‌السلام أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال : « اجتنب أفنية المساجد ، وشطوط الأنهار ، ومساقط الثمار ، وفيء النزال ، ولا تستقبل القبلة ببول ولا غائط ، وارفع ثوبك ، وضع حيث شئت »(٥) .

__________________

١ ـ الفقيه ١ : ١٦ / ٣٦ ، التهذيب ١ : ٣٣ / ٨٧ ، علل الشرائع : ٢٧٨ باب ١٨٦.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٤ / ٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٣ / ٢٥ وفيهما ، عن عليعليه‌السلام ، قال : نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

٣ ـ التهذيب ١ : ٣١ / ٨١ ، الاستبصار ١ : ١٣ / ٢٣.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٥ / ٢ ، الفقيه ١ : ١٨ / ٤٤ ، التهذيب ١ : ٣٠ / ٧٨ ، معاني الأخبار : ٣٦٨ / ١.

٥ ـ الكافي ٣ : ١٦ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠ / ٧٩ ، تحف العقول : ٤١١ ، الاحتجاج ٢ : ٣٨٧ ـ ٣٨٨.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403