تذكرة الفقهاء الجزء ١

تذكرة الفقهاء19%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: 403

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 246421 / تحميل: 9737
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٤-٥
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ولنعيّن لك صفحات روايات أحمد في مسنده ؛ لترجع إليها عند الحاجة ، فإنّه روى :

حديث سعد ، صفحة ١٧٥ من الجزء الأوّل

وحديث ابن عبّاس ، صفحة ٣٣١ من الجزء الأوّل أيضا

وحديث ابن عمر ، صفحة ٢٦ من الجزء الثاني

وحديث زيد بن أرقم ، صفحة ٣٦٩ من الجزء الرابع

ولعلّه لأحمد أحاديث أخر.

فأنت ترى أنّ طرق الحديث مستفيضة أو متواترة ، ولا سيّما بضميمة أخبارنا ، وقد صحّح القوم جملة من أحاديثهم كما عرفت ، حتّى صحّح الحاكم في « المستدرك » طريقين منها(١) ، وأقرّه الذهبي ـ مع ما تعلمه من حاله ـ على صحّة حديث زيد بن أرقم ، الذي رواه مع حديث عمر ، صفحة ١٢٥ من الجزء الثالث(٢) .

فمع هذا كلّه ، كيف يجوز لابن الجوزي دعوى الوضع لمجرّد رواية الصحيحين لحديث استثناء باب أبي بكر ، وهو أقرب إلى الوضع ؛ لأنّه من حديث المتّهمين والنصّاب ، مع ضعف رجال سنده كما عرفت(٣) ، وعدم تعدّد طرقه؟! ولكن لا حيلة مع التعصّب ومجانبة الإنصاف!!

* * *

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٥ ح ٤٦٣١ و ٤٦٣٢.

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٥ ح ٤٦٣١.

(٣) راجع الصفحتين ١١٠ و ١١١ من هذا الجزء.

١٢١

١٣ ـ حديث المؤاخاة

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

الثالث عشر : في مسند أحمد بن حنبل ، من عدّة طرق ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله آخى بين الناس وترك عليّا حتّى بقي آخرهم لا يرى له أخا ، فقال : يا رسول الله! آخيت بين أصحابك وتركتني؟!

فقال : «إنّما تركتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك ، فإن ذكرك أحد فقل : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يدّعيها بعدك إلّا كذّاب.

والذي بعثني بالحقّ ، ما أخّرتك إلّا لنفسي ، وأنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ، وأنت أخي ، ووارثي »(٢) .

وفي « الجمع بين الصحاح الستّة » ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : «مكتوب على باب الجنّة : محمّد رسول الله ، عليّ أخو رسول الله ،

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢١٧.

(٢) أخرجه أحمد في « المسند » كما في ينابيع المودّة ١ / ١٧٧ ح ١ ، وفي فضائل الصحابة ٢ / ٧٦٥ ح ١٠٥٥ وص ٧٩٢ ح ١٠٨٥ وص ٨٢٩ ح ١١٣٧ ؛ وانظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٩٥ ح ٣٧٢٠ ، الطبقات الكبرى ـ لابن سعد ـ ٣ / ١٦ ، السيرة النبوية ـ لابن هشام ـ ٣ / ٣٦ ، السيرة النبوية ـ لابن حبّان ـ : ١٤٩ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٥ ـ ١٦ ح ٤٢٨٨ ـ ٤٢٨٩ ، الاستيعاب ٣ / ١٠٩٨ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٨٨ ـ ٨٩ ح ٥٧ ـ ٦٠ ، مصابيح السنّة ٤ / ١٧٣ ح ٤٧٦٩ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٥١ ـ ٦٢ ، كنز العمّال ١٣ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ح ٣٦٣٤٥ وص ١٤٠ ح ٣٦٤٤٠.

١٢٢

قبل أن يخلق الله السموات بألفي عام »(١) .

* * *

__________________

(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٨٢٧ ـ ٨٢٨ ح ١١٣٤ ـ ١١٣٥ وص ٨٣١ ـ ٨٣٢ ح ١١٤٠ ، المعجم الأوسط ٥ / ٥٠٤ ح ٥٤٩٨ ، حلية الأولياء ٧ / ٢٥٦ ، تاريخ بغداد ٧ / ٣٨٧ رقم ٣٩١٩ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ١٢٢ ـ ١٢٣ ح ١٣٤ ، فردوس الأخبار ٢ / ٣٤٠ ح ٦٧١٠ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ للخوارزمي ـ : ١٤٤ ح ١٦٨ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٥٩ ، الرياض النضرة ٣ / ١٢٥ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١١ ، كنز العمّال ١١ / ٦٢٤ ح ٣٣٠٤٣ وج ١٣ / ١٣٨ ح ٣٦٤٣٥.

١٢٣

وقال الفضل(١) :

حديث المؤاخاة مشهور معتبر معوّل عليه ، ولا شكّ أنّ عليّا أخ(٢) رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومحبّه وحبيبه ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله شديد الحبّ له ، وهذا كلّه يؤخذ من صحاحنا ومن مذهبنا ، ولكن لا يدلّ على النصّ ؛ لأنّ أبا بكر كان خليل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ووزيره وقرينه ، وله أيضا من الفضائل ما لا يعدّ ولا يحصى ، والكلام ليس في عدّ الفضائل وإثباتها ، بل وجود النصّ.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٧ / ٤٣٩.

(٢) كذا في الأصل ، وليس بعزيز من مثل الفضل ، والصواب لغة : « أخو ».

١٢٤

وأقول :

نقل في « ينابيع المودّة » ، في الباب التاسع ، حديث المؤاخاة عن أحمد في مسنده ، عن زيد بن أبي أوفى(١) .

كما نقله المصنّفرحمه‌الله في « منهاج الكرامة » ، عن « المسند » أيضا(٢) .

وقد سبق ذكره في الآية الثانية والثلاثين ، وأنّ ابن تيميّة زعم أنّه من زيادات القطيعي(٣) .

وسبق أنّه قد نقله في « كنز العمّال » و « تذكرة الخواصّ » ، عن أحمد في « الفضائل »(٤) .

ثمّ حكى في « الينابيع » أيضا ، عن أحمد في « مسنده » ، عن حذيفة ابن اليمان ، قال : « آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين المهاجرين والأنصار ، وكان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، ثمّ أخذ بيد عليّعليه‌السلام ، فقال : هذا أخي »(٥) .

وحكى أيضا عن عبد الله بن أحمد في « زوائد المسند » ثمانية أحاديث في مؤاخاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام (٦) .

__________________

(١) ينابيع المودّة ١ / ١٧٧ ح ١.

(٢) منهاج الكرامة : ١٤٤ ـ ١٤٥.

(٣) انظر : ج ٥ / ١٤٣ من هذا الكتاب ، منهاج السنّة ٧ / ٢٧٨.

(٤) فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٧٩٢ ح ١٠٨٥ ، وانظر : كنز العمّال ١٣ / ١٠٥ ـ ١٠٦ ح ٣٦٣٤٥ ، تذكرة الخواصّ : ٢٩ و ٣١.

(٥) ينابيع المودّة ١ / ١٧٨ ح ٤.

(٦) إنّما هما حديثان عن « زوائد المسند » ، فانظر : ينابيع المودّة ١ / ١٧٨ ح ٣ وص ١٧٩ ح ٦ ، ويبدو أنّ ذلك من سهو القلم ، فمجموعة أحاديث المؤاخاة المذكورة

١٢٥

فيمكن أن يكون المصنّفرحمه‌الله أشار إلى هذه الأحاديث بقوله : « من عدّة طرق » ، وكأنّ القوم قد تعلّلوا لحذفها من « المسند » في الطبع ، بدعوى أنّها من الزيادات ، فإنّي لم أعثر على شيء منها!

وروى الترمذي حديث المؤاخاة في فضائل عليّعليه‌السلام من « سننه » ، عن ابن عمر ، وحسّنه ، ثمّ قال : وفيه عن زيد بن أبي أوفى(١) .

ورواه في « الاستيعاب » بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، عن أبي الطفيل ، قال : « لمّا احتضر عمر جعلها شورى بين عليّ ، وعثمان ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن ، وسعد ، فقال لهم عليّ : أنشدكم الله هل فيكم أحد آخى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبينه ـ إذ آخى بين المسلمين ـ غيري؟!

قالوا : اللهمّ لا ».

ثمّ قال : « وروينا من وجوه عن عليّ أنّه كان يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يقولها أحد غيري إلّا كذّاب ».

ثمّ قال : « قال أبو عمر(٢) : آخى رسول الله بين المهاجرين [ بمكّة ] ، ثمّ آخى بين المهاجرين والأنصار [ بالمدينة ] ، وقال في كلّ واحدة منهما لعليّ :أنت أخي في الدنيا والآخرة ؛ وآخى بينه وبين نفسه ؛ فلذلك كان هذا القول وما أشبهه من عليّ ».

انتهى ما في « الاستيعاب »(٣) .

__________________

في ينابيع المودّة ١ / ١٧٧ ـ ١٨١ ب‍ ٩ ح ١ ـ ٧ هي من مصادر مختلفة وبطرق متعدّدة ؛ فلاحظ!

(١) سنن الترمذي ٥ / ٥٩٥ ح ٣٧٢٠.

(٢) هو صاحب كتاب « الاستيعاب في معرفة الأصحاب » ، أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمّد بن عبد البرّ الأندلسي ، المتوفّى سنة ٤٦٣ ه‍.

(٣) الاستيعاب ٣ / ١٠٩٨ ـ ١٠٩٩.

١٢٦

وروى الحاكم حديث المؤاخاة في « المستدرك » ، في كتاب الهجرة ، من طرق ، عن ابن عمر(١)

وحكى في « كنز العمّال »(٢) ، عن الخلعي ، والبيهقي في « سننه »(٣) ، والضياء في « المختارة » ، عن عليّعليه‌السلام ، قال : «آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين عمر وأبي بكر ، وبين حمزة بن عبد المطّلب وزيد بن حارثة ـ إلى أن قال : ـوبيني وبين نفسه »

وحكى في « الكنز » أيضا(٤) ، عن أبي يعلى في « مسنده »(٥) ، عن عليّعليه‌السلام ، قال : «آخى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله بين الناس وتركني ـ إلى أن قال : ـ قال : إنّما تركتك لنفسي ، أنت أخي وأنا أخوك ، فإن حاجّك أحد فقل : إنّي عبد الله وأخو رسوله ، لا يدّعيها أحد بعدك إلّا كذّاب ».

وحكى في « الكنز » أيضا نحوه(٦) ، عن ابن عديّ ، بسنده عن يعلى ابن مرّة.

وحكى فيه أيضا ، عن الطبراني ، عن ابن عبّاس : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام : «أغضبت [ عليّ ] حين واخيت بين المهاجرين والأنصار ، ولم أواخ بينك وبين أحد منهم؟!

__________________

(١) ص ١٤ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٥ ـ ١٦ ح ٤٢٨٨ ]. منهقدس‌سره .

(٢) ص ٣٩٤ من الجزء السادس [ ١٣ / ١٢٠ ح ٣٦٣٨٤ ]. منهقدس‌سره .

(٣) لم نعثر عليه في « السنن » المطبوع!

(٤) ص ٣٩٩ من ج ٦ [ ١٣ / ١٤٠ ح ٣٦٤٤٠ ]. منهقدس‌سره .

(٥) لم نعثر عليه في « مسند أبي يعلى » المطبوع!

(٦) ص ٥٤ من ج ٦ [ ١١ / ٦٠٨ ح ٣٢٩٣٩ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : الكامل في ضعفاء الرجال ٥ / ٣٥ رقم ١٢٠٥.

١٢٧

أما ترضى أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي؟!

ألا من أحبّك حفّ بالأمن والإيمان ، ومن أبغضك أماته الله ميتة الجاهلية »(١) .

وحكى أيضا حديث المؤاخاة بين النبيّ وعليّ ، عن ابن عساكر ، عن أبي رافع ، عن أبي أمامة(٢) .

ونقل سبط ابن الجوزي في « تذكرة الخواصّ » ثلاث روايات في المؤاخاة ، عن أحمد في « الفضائل » ، كما هي عادته في النقل عنها ، وأثبت وثاقتها ، ونقل أيضا عن أحمد ما نقله المصنّفرحمه‌الله عن « الجمع بين الصحاح »(٣) .

وحكى في « ينابيع المودّة » ، في الباب التاسع ، عن ابن المغازلي ، أنّه أخرج ستّة أحاديث في المؤاخاة ، وعن أخطب خوارزم اثني(٤) عشر حديثا ، وعن الحمويني حديثين ، بأسانيدهم عن ابن عبّاس ، وابن عمر ، وحذيفة ، وأنس ، وزيد بن أرقم ، وزيد بن أبي أوفى ، وأبي أمامة ، وغيرهم(٥) .

__________________

(١) كنز العمّال ١١ / ٦٠٧ ح ٣٢٩٣٥ ، وانظر : المعجم الأوسط ٨ / ٧٣ ـ ٧٤ ح ٧٨٩٤ ، المعجم الكبير ١١ / ٦٢ ـ ٦٣ ح ١١٠٩٢ ، مجمع الزوائد ٩ / ١١١.

(٢) ص ٤٠٠ من ج ٦ [ ١٣ / ١٤٤ ح ٣٦٤٥٠ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : تاريخ دمشق ٤٢ / ٥١.

(٣) تذكرة الخواصّ : ٢٩ ـ ٣١.

(٤) في المصدر : « إحدى ».

(٥) ينابيع المودّة ١ / ١٧٩ ضمن ح ٥ ، وانظر : مناقب الإمام عليّعليه‌السلام ـ لابن المغازلي ـ : ٨٨ ـ ٨٩ ح ٥٧ ـ ٦٠ وص ١٣٥ ح ١٥٤ ، مناقب الإمام عليّعليه‌السلام

١٢٨

وقد مرّ في الآية الثالثة والعشرين الأحاديث في قول أمير المؤمنين : «أنا عبد الله وأخو رسوله »(١) .

ونقل في « كنز العمّال »(٢) ، عن العدني ، عن أبي يحيى ، قال : سمعت عليّا يقول : «أنا عبد الله وأخو رسوله ، لا يقولها أحد بعدي إلّا كاذب » ؛ فقالها رجل فأصابته جنّة

ويشهد لصحّة أخبار المؤاخاة بين المهاجرين ، ما رواه البخاري في باب « كيف يكتب : هذا ما صالح فلان بن فلان » ، من كتاب « الصلح »(٣) .

وفي باب « عمرة القضاء » ، من كتاب « المغازي » ، أنّه اختصم عليّ وجعفر وزيد بن حارثة في كفالة ابنة حمزة لمّا تبعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وتناولها عليّعليه‌السلام ؛ فقال عليّعليه‌السلام : أنا أخذتها ، وهي بنت عمّي.

وقال جعفر : هي ابنة عمّي ، وخالتها تحتي.

وقال زيد : ابنة أخي(٤) .

ومثله في « مستدرك » الحاكم(٥) .

إذ لا معنى لقول زيد : « ابنة أخي » ومنازعته لأمير المؤمنين وجعفر ،

__________________

_ للخوارزمي ـ : ١١١ ـ ١١٢ ح ١٢٠ و ١٢١ وص ١٤٠ ح ١٥٩ وص ١٤٤ ح ١٦٨ وص ١٥٢ ضمن ح ١٧٨ وص ١٥٧ ح ١٨٦ وص ٢٩٤ ح ٢٨٢ وص ٣٠١ ضمن ح ٢٩٦ وص ٣٤١ ح ٣٦١ وص ٣٤٤ ضمن ح ٣٦٤ وص ٣٥٩ ح ٣٧٢ ، فرائد السمطين ١ / ١١٢ ـ ١١٦ ح ٨٠ و ٨١.

(١) راجع : ج ٥ / ٩٧ وما بعدها من هذا الكتاب.

(٢) ص ٣٩٦ من الجزء السادس [ ١٣ / ١٢٩ ح ٣٦٤١٠ ]. منهقدس‌سره .

(٣) صحيح البخاري ٤ / ٢٢ ح ٩.

(٤) صحيح البخاري ٥ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ح ٢٦٣.

(٥) ص ١٢٠ من الجزء الثالث [ ٣ / ١٣٠ ح ٤٦١٤ ]. منهقدس‌سره .

١٢٩

وهما هما مع رحمهما الماسّة بابنة عمّهما لو لا المؤاخاة التي عقدها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بين حمزة وزيد ، وهما مهاجريّان(١) .

لكنّ ابن تيميّة أنكر المؤاخاة بين المهاجرين ، وبين النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين(٢) ، قال : لأنّ المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار لإرفاق بعضهم ببعض ، ولتأليف قلوب بعضهم ببعض ، فلا معنى لمؤاخاة مهاجريّ لمهاجريّ(٣) .

وفيه : إنّ الإرفاق والتأليف أيضا مطلوبان بين المهاجرين بعضهم مع بعض ، مع اشتمال المؤاخاة على حكم كثيرة أخر.

قال في « السيرة »(٤) : « قال الحافظ ابن حجر : وهذا ردّ للنصّ بالقياس ، وبعض المهاجرين كان أقوى من بعض بالمال والعشيرة ، فآخى بين الأعلى والأدنى ، ليرتفق الأدنى بالأعلى ، وليستعين الأعلى بالأدنى.

ولهذا تظهر مؤاخاتهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّعليه‌السلام ؛ لأنّه كان هو الذي يقوم بأمره قبل البعثة(٥) .

وفي ( الصحيح ) ، في عمرة القضاء ، أنّ زيد بن حارثة قال : ( إنّ بنت حمزة بنت أخي ) ؛ أي بسبب المؤاخاة(٦) » ؛ انتهى.

__________________

(١) انظر : السيرة النبوية ـ لابن كثير ـ ٢ / ٣٢٤ ـ ٣٢٥ ، السيرة الحلبية ٢ / ١٨١.

(٢) انظر : منهاج السنّة ٤ / ٣٢ ـ ٣٣ وج ٥ / ٧١ وج ٦ / ١٧٢ وج ٧ / ٢٧٩ و ٣٦١ و ٣٦٢.

(٣) كما في : السيرة النبوية ـ لابن كثير ـ ٢ / ٣٢٦ ولم يصرّح باسم ابن تيميّة ، فتح الباري ٧ / ٣٤٥ ب‍ ٥٠ ح ٣٩٣٧ ، السيرة الحلبية ٢ / ١٨١ ـ ١٨٢.

(٤) ص ٢٢ من الجزء الثاني [ السيرة الحلبية ٢ / ١٨٢ ]. منهقدس‌سره .

(٥) فتح الباري ٧ / ٣٤٥ ب‍ ٥٠ ح ٣٩٣٧.

(٦) تقدّم تخريجه في الصفحة السابقة ه‍ ٤.

١٣٠

وهو كلام حسن ، سوى إنّ مؤاخاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ ليست للارتزاق ؛ لغنى عليّعليه‌السلام حينئذ بالغنائم وغيرها ، وبلوغه منزلة يعول بها ولا يعال به.

وإنّما الغرض من مؤاخاته لعليّ تعريف منزلته ، وبيان فضله على غيره ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يؤاخي بين الرجل ونظيره ، كما دلّ عليه بعض الأخبار(١) ؛ لأنّ ذلك أقرب إلى التعاون والتعاضد ، وأوجب للتأليف ، فيكون أمير المؤمنينعليه‌السلام هو النظير لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

كما جعلته آية المباهلة نفسه ؛ وذلك رمز لإمامته ؛ ولذا احتجّ به أمير المؤمنين يوم الشورى(٢) .

كما أشار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ أيضا ـ إلى ذلك بقوله في كثير من هذه الأحاديث : «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى ، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي ».

وقوله :أنت أخي ووارثي ؛ فقال عليّ :وما أرث منك ؟ قال :ما ورّث الأنبياء قبلي ؛ قال :وما ورّثوا ؟ قال :كتاب الله وسنن أنبيائه ؛ كما سبق في الآية الثانية والثلاثين(٣) .

فإنّ عليّاعليه‌السلام إذا ورث مواريث الأنبياء كان من خلفائهم وإمام الأمّة ؛ إذ ليس الإمام إلّا من كان كذلك.

ويشهد لذلك وصف عليّعليه‌السلام بالأخوّة في عرض وصف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالرسالة ، في ما هو مكتوب على باب الجنّة ، كما في الخبر

__________________

(١) انظر علاوة على أحاديث المؤاخاة المتقدّمة : مطالب السؤول : ٨٧ ـ ٨٨ ، كفاية الطالب : ١٩٤ ، الرياض النضرة ٣ / ١٨٧ ، ينابيع المودّة ١ / ١٧٨.

(٢) انظر مبحث آية المباهلة في ج ٤ / ٣٩٩ وما بعدها من هذا الكتاب.

(٣) انظر : ج ٥ / ١٤٣ وما بعدها من هذا الكتاب.

١٣١

الذي نقله المصنّفرحمه‌الله عن « الجمع بين الصحاح »(١) ، ونقلناه عن « تذكرة الخواصّ »(٢) ، ونقله في « كنز العمّال » عن الطبراني والخطيب(٣) ، وعن ابن عساكر(٤) ، بأسانيدهم عن جابر(٥) .

وأمّا مناظرة الفضل للحديث بأنّ أبا بكر خليل رسول الله ووزيره وقرينه ، فمن مقاومة حجّتنا عليهم بما ليس حجّة علينا.

والظاهر ، أنّه أشار بقوله : « خليل رسول الله » إلى ما رووه من قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لو كنت متّخذا خليلا لاتّخذت أبا بكر خليلا »(٦) .

وأنت ترى أنّه نفي للخلّة(٧) لا إثبات لها.

نعم ، فيه خلّة فرضية لا تساوي الأخوّة الفعليّة ، مع أنّ الأخوّة فوق الخلّة.

وسيأتي إن شاء الله تعالى ما على هذا الخبر من دلائل أنّه من الموضوعات.

__________________

(١) انظر الصفحة ١٢٢ ـ ١٢٣ من هذا الجزء.

(٢) تذكرة الخواصّ : ٣٠ ، وانظر الصفحة ١٢٥ ه‍ ٤ من هذا الجزء.

(٣) ص ١٥٩ من الجزء السادس [ ١١ / ٦٢٤ ح ٣٣٠٤٣ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : المعجم الأوسط ٥ / ٥٠٤ ح ٥٤٩٨ ، المتّفق والمفترق ١ / ٤٩٨ ح ٢٦٠ ، تاريخ بغداد ٧ / ٣٨٧ رقم ٣٩١٩.

(٤) ص ٣٩٩ من هذا الجزء [ ١٣ / ١٣٨ ح ٣٦٤٣٥ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : تاريخ دمشق ٤٢ / ٥٩.

(٥) وانظر مبحث حديث المؤاخاة في : تشييد المراجعات وتفنيد المكابرات ٣ / ٢٤٢ ـ ٢٤٩!

(٦) انظر : سنن الترمذي ٥ / ٥٦٧ ـ ٥٦٨ ح ٣٦٥٩ و ٣٦٦٠ ، مسند أحمد ١ / ٣٧٧ و ٤٣٣.

(٧) الخلّة : الصداقة المختصّة التي ليس فيها خلل ؛ انظر : لسان العرب ٤ / ٢٠٢ مادّة « خلل ».

١٣٢

١٤ ـ حديث : إنّ عليّا منّي وأنا من عليّ

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

الرابع عشر : من مسند أحمد بن حنبل ، وفي الصحاح الستّة ، عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من عدّة طرق : «إنّ عليّا منّي وأنا من عليّ ، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي ، لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو عليّ »(٢) .

وفيه أيضا : لمّا قتل عليّ أصحاب الألوية يوم أحد قال جبرئيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ هذه [ لهي ](٣) المواساة.

__________________

(١) نهج الحقّ : ٢١٨.

(٢) مسند أحمد ٤ / ١٦٤ و ١٦٥ و ٤٣٨ ، فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٧٣٥ ح ١٠١٠ وص ٧٤٢ ح ١٠٢٣ ، صحيح البخاري ٤ / ٢٢ ح ٩ وج ٥ / ٨٧ « باب مناقب عليّ بن أبي طالب ، القرشيّ الهاشميّ ، أبي الحسن رضي الله عنه ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليّ : أنت منّي وأنا منك » ولم نجد في هذا الباب حديثا يدلّ على قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله هذا! وص ٢٩٢ ذ ح ٢٦٣ ، سنن الترمذي ٥ / ٥٩٤ ح ٣٧١٩ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٤ ح ١١٩ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ٤٥ ح ٨١٤٦ ـ ٨١٤٧ وص ١٢٦ ح ٨٤٥٣ وص ١٢٨ ح ٨٤٥٩ وص ١٣٣ ح ٨٤٧٤ ، مسند الطيالسي : ١١١ ح ٨٢٩ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٤٩٥ ح ٨ وص ٥٠٤ ح ٥٨ ، السنّة ـ لابن أبي عاصم ـ : ٥٥٠ ح ١١٨٧ وص ٥٥١ ح ١١٨٩ ، مسند أبي يعلى ١ / ٢٩٣ ح ٣٥٥ ، مسند الروياني ١ / ٦٢ ح ١١٩ ، المعجم الكبير ١٨ / ١٢٩ ح ٢٦٥ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبّان ٩ / ٤٢ ح ٦٨٩٠ ، حلية الأولياء ٦ / ٢٩٤ رقم ٢٨٧ ، مناقب الإمام عليّ ٧ ـ لابن المغازلي ـ : ٢٠٥ ـ ٢١١ ح ٢٦٧ ـ ٢٧٦ ، مصابيح السنّة ٤ / ١٧٢ ح ٤٧٦٦ و ٤٧٦٨.

(٣) أثبتناه من « فضائل الصحابة ».

١٣٣

فقال : النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ عليّا منّي وأنا منه ».

فقال جبرئيل : وأنا منكما يا رسول الله(١) .

* * *

__________________

(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٨١٦ ـ ٨١٧ ح ١١١٩ و ١١٢٠ ، المعجم الكبير ١ / ٣١٨ ح ٩٤١ ، تاريخ الطبري ٢ / ٦٥ ، الأغاني ١٥ / ١٨٧ ، ربيع الأبرار ١ / ٨٣٣ ، تاريخ دمشق ٤٢ / ٧٦ ، الكامل في التاريخ ٢ / ٤٩ ، شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ـ ١٤ / ٢٥١ ، الرياض النضرة ٣ / ١٣١ عن أحمد ، ذخائر العقبى : ١٢٧ ، فرائد السمطين ١ / ٢٥٧ ـ ٢٥٨ ح ١٩٨ ، مجمع الزوائد ٦ / ١١٤ و ١٢٢ ، كنز العمّال ١٣ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ح ٣٦٤٤٩.

١٣٤

وقال الفضل(١) :

إتّصال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعليّ في النسب ، وأخوّة الإسلام ، والنصرة ، والمؤازرة ، غير خفيّ على أحد ، ولا دلالة على النصّ بخلافته ؛ لأنّ مثل هذا الكلام قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لغير عليّ ، كما ذكر أنّه قال : « الأشعريّون إذا قحطوا أرملوا(٢) ، أنا منهم وهم منّي »(٣) .

ولا شكّ أنّ الأشعريّين بهذا الكلام لم يصيروا خلفاء ، فلا يكون هذا نصّا.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ٧ / ٤٤٣.

(٢) أرمل القوم : أي نفد زادهم ، وأصله من الرّمل كأنّهم لصقوا بالرّمل ، كما قيل للفقير : التّرب ؛ انظر : لسان العرب ٥ / ٣٢١ مادّة « رمل ».

(٣) صحيح البخاري ٣ / ٢٧٦ ح ٤ ، صحيح مسلم ٧ / ١٧١ كتاب الفضائل / باب فضائل الأشعريّين ، مختصر تاريخ دمشق ١٣ / ٢٤٠ رقم ٦٧ ، كنز العمّال ١٢ / ٥٦ ح ٣٣٩٧٣.

١٣٥

وأقول :

روى البخاري والحاكم في « المستدرك » ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعليّ : «أنت منّي وأنا منك »(١) ، وذلك في قصّة مخاصمة أمير المؤمنين وجعفر وزيد في ابنة حمزة ، كما أشرنا إليها في المبحث السابق(٢) .

وروى الحاكم في « المستدرك »(٣) ، عن عمران بن حصين ـ وصحّحه على شرط مسلم ـ ، قال عمران ما حاصله : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله استعمل عليّا على سريّة ، فأصاب جارية ، فأنكروا عليه ، فتعاقد أربعة أن يخبروا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخبره أحدهم ، فأعرض عنه ، وكذلك الثاني والثالث.

ثمّ قام الرابع فأخبره ، فأقبل عليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله والغضب في وجهه فقال : «ما تريدون من عليّ؟! إنّ عليّا منّي وأنا منه ، وهو وليّ كلّ مؤمن ».

ونحوه في « سنن الترمذي » ، في مناقب عليّعليه‌السلام (٤) .

وفي « مسند أحمد »(٥) و « كنز العمّال »(٦) ، نقلا عن ابن أبي شيبة ،

__________________

(١) صحيح البخاري ٤ / ٢٢ ح ٩ وج ٥ / ٢٩١ ـ ٢٩٢ ح ٢٦٣ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٠ ح ٤٦١٤.

(٢) انظر الصفحة ١٢٥ من هذا الجزء.

(٣) ص ١١٠ من الجزء الثالث [ ٣ / ١١٩ ح ٤٥٧٩ ]. منهقدس‌سره .

(٤) سنن الترمذي ٥ / ٥٩٠ ـ ٥٩١ ح ٣٧١٢.

(٥) ص ٤٣٧ من الجزء الرابع. منهقدس‌سره .

(٦) ص ١٥٤ من الجزء السادس [ ١١ / ٥٩٩ ح ٣٢٨٨٣ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : كنز العمّال ١١ / ٦٠٨ ح ٣٢٩٤٠ وج ١٣ / ١٤٢ ح ٣٦٤٤٤.

١٣٦

جميعا عن عمران(١) .

وفي رواية أخرى لأحمد(٢) ، ولابن أبي شيبة ، كما في « الكنز »(٣) ، كلاهما عن بريدة ، أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «لا تقع في عليّ عليه‌السلام ، فإنّه منّي وأنا منه ، وهو وليّكم بعدي ».

وفي حديث آخر لابن أبي شيبة ، كما في « الكنز »(٤) ، عن عمران ، ـ وقال : صحيح ـ : «عليّ منّي وأنا من عليّ ، وعليّ وليّ كلّ مؤمن بعدي ».

وقد سبق في الحديث السادس أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : «عليّ منّي وأنا منه ، ولا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو عليّ »(٥) .

رواه أحمد ، والترمذي ، والنسائي ، وابن ماجة(٦) .

ودلالة الجميع على إمامة أمير المؤمنينعليه‌السلام ظاهرة ؛ لأنّ جعل كلّ من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وعليّعليه‌السلام بعضا من الآخر دليل على اتّحادهما بالمزايا والفضل والإمامة.

كما يشهد له مضيّ فعل عليّعليه‌السلام في اصطفاء الجارية من السبي ، كما مرّ في رواية عمران وبريدة.

__________________

(١) انظر : فضائل الصحابة ـ لأحمد ـ ٢ / ٧٤٩ ـ ٧٥٠ ح ١٠٣٥ وص ٧٦٨ ح ١٠٦٠ ، مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٤ ح ٥٨.

(٢) ص ٣٥٦ من الجزء الخامس. منهقدس‌سره .

(٣) في الصحيفة السابقة [ ١١ / ٦٠٨ ح ٣٢٩٤٢ ]. منهقدس‌سره .

(٤) في الصحيفة السابقة أيضا [ ١١ / ٦٠٨ ح ٣٢٩٤١ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : مصنّف ابن أبي شيبة ٧ / ٥٠٤ ذ ح ٥٨.

(٥) راجع الصفحة ٦٥ وما بعدها من هذا الجزء.

(٦) انظر : مسند أحمد ٤ / ١٦٤ و ١٦٥ ، سنن الترمذي ٥ / ٥٩٤ ح ٣٧١٩ ، السنن الكبرى ـ للنسائي ـ ٥ / ١٢٨ ح ٨٤٥٩ ، سنن ابن ماجة ١ / ٤٤ ح ١١٨.

١٣٧

وبهذا يعلم أنّه أراد الإمامة بقوله : «هو وليّ كلّ مؤمن » ؛ إذ لا يصلح إرادة غيرها في المقام.

وبالجملة ، قد دلّت هذه الروايات على صحّة اصطفاء أمير المؤمنين للجارية ، ومضيّ فعله ؛ لأنّه من رسول الله ورسول الله منه ، فيفهم منها أنّه إمام فعلا.

بل يفهم من مجرّد قوله : « هو منّي وأنا منه » ، أنّه بمنزلته فعلا ، فيكون إماما فعليّا.

ولا ينافيه التقييد بالبعديّة في بعض الأخبار المذكورة ؛ لأنّ المراد بها التأخّر في الرتبة ، والإشارة إلى قيامه بعده بتمام شؤون الإمامة ، كما سبق تحقيقه في الآية الأولى من الآيات التي استدلّ بها المصنّفرحمه‌الله على الإمامة(١) .

وأمّا معارضة الفضل بما ورد عندهم في شأن الأشعريّين ، ففي غير محلّها ؛ لأنّه من حديث المخالفين ، وهو ليس حجّة علينا

مع أنّه من رواية أبي موسى الأشعري ، وهو محلّ التهمة ، ومنافق ؛ لبغضه عليّا(٢) ، والمنافق أعظم الفاسقين ، فلا تقبل روايته لو صحّ السند

__________________

(١) راجع : ج ٤ / ٣٠٤ وما بعدها من هذا الكتاب.

(٢) لا يخفى نفاق أبي موسى الأشعري وانحرافه وسوء مواقفه وبغضه لأمير المؤمنين الإمام عليّعليه‌السلام ، ومن سبر سيرته يعلم ذلك جليّا

فموقفه لمّا أتاه كتاب الإمام عليّ عليه‌السلام بيد محمّد بن أبي بكر ومحمّد بن جعفر ـ رضوان الله عليهما ـ ليجمع له أهل الكوفة لحرب الجمل ، فثبّطهم عن الخروج ، فأرسل له أمير المؤمنين الإمام عليّ عليه‌السلام الإمام الحسن عليه‌السلام وعمّار بن ياسر رضي الله عنه إلى الكوفة ليستنهضا أهلها ، فماطلهما وخذّل الناس عن الاستجابة لهما ، حتّى أتى

١٣٨

إليه.

ولو سلّم قبولها ، فاستعمال التبعيض في حديث الأشعريّين ـ بغير الإمامة ، بقرينة المقام وغيره ـ لا يستلزم مثله في ما نحن فيه ، الذي عرفت ظهوره في الاتّحاد بالفضل والمنزلة ؛ ولذا اقتضى قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله في قصّة براءة : «لا يؤدّي عنّي إلّا أنا أو رجل منّي » انعزال أبي بكر ، والحال أنّه ليس دون الأشعريّين عند القوم.

وممّا بيّنّا يعلم وجه الاستدلال بقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لجبرئيل : « إنّ

__________________

_ مالك الأشتر رضي الله عنه وطرده. انظر حوادث سنة ٣٦ ه‍ في : تاريخ الطبري ٣ / ٢٥ وما بعدها ، الكامل في التاريخ ٣ / ١١٨ وما بعدها.

وما رواه سويد بن غفلة ، قال : سمعت أبا موسى الأشعري يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : « يكون في هذه الأمّة حكمين ضالّين ، ضالّ من اتّبعهما » فقلت : يا أبا موسى! انظر لا تكون أحدهما؟! قال : فو الله ما مات حتّى رأيته أحدهما. انظر : تاريخ دمشق ٣٢ / ٩٢.

وما روي عن شقيق ، قال : كنّا مع حذيفة جلوسا ، فدخل عبد الله [ أي : ابن مسعود ] وأبو موسى المسجد ، فقال : أحدهما منافق ؛ ثمّ قال : إنّ أشبه الناس هديا ودلّا وسمتا برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عبد الله. انظر : تاريخ دمشق ٣٢ / ٩٣.

وهذا تلميح أبلغ من التصريح كما لا يخفى ؛ ومن الثابت أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد أخبر حذيفة رضي الله عنه بأسماء المنافقين. انظر مثلا : أسد الغابة ١ / ٤٦٨ رقم ١١١٣.

وما روي عن حكيّم ، قال : كنت جالسا مع عمّار فجاء أبو موسى ، فقال : ما لي ولك؟! قال : ألست أخاك؟! قال : ما أدري! إلّا أنّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يلعنك ليلة الجمل [ أي : ليلة العقبة ] ؛ قال : إنّه استغفر لي ؛ قال عمّار : قد شهدت اللعن ولم أشهد الاستغفار. انظر : تاريخ دمشق ٣٢ / ٩٣.

ولا يخفى دلالة هذا النصّ على أنّ أبا موسى الأشعري كان من النفر الّذين أرادوا قتل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم العقبة.

ثمّ موقفه المشين يوم التحكيم في صفّين.

.. إلى غير ذلك من المواقف التي تؤكّد انحرافه عن الإمام عليّ عليه السلام وبغضه له ، فكان مصداقا لقول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : « لا يحبّك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق ».

١٣٩

عليّا منّي وأنا منه » ؛ لدلالته على أنّه نفس النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فله منزلته وفضله ، وقد كرّم جبرئيل نفسه يجعلها بعضا منهما.

وقد روى هذا الحديث المصنّفرحمه‌الله عن « مسند أحمد » في ظاهر كلامه(١) .

وحكاه في « كنز العمّال »(٢) ، عن الطبراني ، عن رافع بن خديج.

ورواه الطبري في « تاريخه »(٣) ، وذكر فيه قتل عليّعليه‌السلام لأصحاب الألوية ، وتفريقه لمن أراد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من جماعات المشركين ، وقتله لبعضهم.

ومثله في « كامل » ابن الأثير(٤) .

ونحوه في « شرح النهج » لابن أبي الحديد(٥) ، نقلا عن غلام ثعلب(٦) ، ومحمّد بن حبيب في « أماليه » ، وجماعة من المحدّثين ، وقال :

__________________

(١) راجع الصفحة ١٣٣ من هذا الجزء.

(٢) ص ٤٠٠ ج ٦ [ ١٣ / ١٤٣ ـ ١٤٤ ح ٣٦٤٤٩ ]. منهقدس‌سره .

وانظر : المعجم الكبير ١ / ٣١٨ ح ٩٤١.

(٣) ص ١٧ من الجزء الثالث [ ٢ / ٦٥ ]. منهقدس‌سره .

(٤) ص ٧٤ من الجزء الثاني [ ٢ / ٤٩ ]. منهقدس‌سره .

(٥) نحوه في آخر ص ٣٧١ من المجلّد الثالث [ ١٤ / ٢٥٠ ـ ٢٥١ ]. منهقدس‌سره .

(٦) هو : أبو عمر محمّد بن عبد الواحد بن أبي هاشم المطرّز الباوردي ، المعروف بالزاهد ، أحد أعلام اللغة المكثرين في التصنيف ، صحب أبا العبّاس ثعلبا النحوي زمانا حتّى لقّب ب‍ « غلام ثعلب » ، وكانت صنعته تطريز الثياب فنسب إليها.

كان نهاية في النصب والميل على الإمام عليّ عليه السلام ، مغاليا في حبّ معاوية! وصنّف جزءا في فضائله!! وكان إذا ورد عليه من يروم الأخذ عنه ألزمه بقراءة ذلك الجزء! ومن مصنّفاته : غريب القرآن ، غريب الحديث ، شرح الفصيح ، فائت الفصيح ، فائت العين ، فائت الجمهرة.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وجب إزالته ، إلّا مع المشقة.

د ـ لو كان في إصبعه خاتم ، أو في يده سير ، أو دملج ، فإن كان يصل الماء تحته استحب تحريكه ، وإن لم يصل إلّا بالتحريك وجب.

هـ ـ لو كان له رأسان وبدنان على حقو واحد وجب غسل أعضائه كلها وإن حكمنا بوحدته ، وكذا لو كان له رأسان وجب غسل وجهيه ومسحهماً.

البحث الرابع : في مسح الرأس

وهو واجب بالنص والإجماع ، ويجزي أقل ما يصدق عليه الاسم للامتثال ، فيخرج عن العهدة ، ولأنّهعليه‌السلام مسح ناصيته(١) .

ويستحب مقدار ثلاث أصابع ، وقال بعض علمائنا : يجب(٢) ، وما اخترناه قول الشافعي ، وابن عمر ، وداود(٣) .

والثوري حكي عنه أنّه قال : لو مسح شعرة واحدة أجزأ(٤) ، وللشافعي قول آخر : ثلاث شعرات(٥) .

وعن مالك ثلاث روايات ، إحداها : الجميع ، وهي إحدى الروايتين

__________________

١ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٣٠ / ٨١ و ٢٣١ / ٨٣ ، سنن النسائي ١ : ٧٦ ، سنن البيهقي ١ : ٥٨ ، مسند أحمد ٤ : ٢٤٤ و ٥ : ٤٣٩.

٢ ـ الصدوق في الفقيه ١ : ٢٨ ذيل الحديث ٨٨.

٣ ـ الاُم ١ : ٢٦ ، مختصر المزني : ٢ ، نيل الأوطار ١ : ١٩٢ ، السراج الوهاج : ١٦ ، مغني المحتاج ١ : ٥٣ ، المجموع ١ : ٣٩٨ ـ ٣٩٩ ، فتح العزيز ١ : ٣٥٣ ، الوجيز ١ : ١٣ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٥ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٠ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٦٨ ، المغني ١ : ١٤٣ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٧ ، المحلى ٢ : ٥٢.

٤ ـ المحلى ٢ : ٥٢.

٥ ـ المجموع ١ : ٣٩٨ ، فتح العزيز ١ : ٣٥٤ ، المغني ١ : ١٤٣ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢ ، شرح العناية ١ : ١٦ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٦٨.

١٦١

عن أحمد ، وهو محكي عن المزني لقوله تعالى :( وامسحوا برؤوسكم ) (١) وهو يقتضي مسح الجميع(٢) .

الثانية : حكى محمد بن مسلمة ـ صاحبه ـ أنّه قال : إنّ ترك قدر الثلث جاز ، وهي الرواية الثانية لأحمد(٣) .

الثالثة : إنّ ترك يسيراً بغير قصد جاز(٤) .

وعن أبي حنيفة ثلاث روايات ، الاُولى : الربع ، الثانية : قدر الناصية(٥) ، لأنّ أنسا قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أدخل يده تحت العمامة ومسح على ناصيته(٦) ، وهذا خرج مخرج البيان.

الثالثة : ثلاث أصابع إلى الربع(٧) ، وعليه يعولون. والناصية ما بين النزعتين وهي أقل من نصف الربع ، فبطل تحديده.

فرع : لو مسح على جميع الرأس فعل الواجب وزيادة لأنّه تعالى أمر بالبعض ، وإنكار أن الباء للتبعيض مدفوع ، فإن اعتقد مشروعيته أبدع ، ولا

__________________

١ ـ المائدة : ٦.

٢ ـ عمدة القارئ ٢ : ٢٣٥ ، المغني ١ : ١٤١ و ١٤٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٦ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٥١ ، نيل الأوطار ١ : ١٩٢ ، المجموع ١ : ٣٩٩ ، فتح العزيز ١ : ٣٥٤ ، الإنصاف ١ : ١٦١ ، بداية المجتهد ١ : ١٢ ، مختصر المزني : ٢.

٣ ـ المجموع ١ : ٣٩٩ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٦٨ ، القوانين الفقهية : ٢٩ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٥١ ، حلية العلماء ١ : ١٢٢.

٤ ـ أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٦٨ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٤ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤١.

٥ ـ المجموع ١ : ٣٩٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤٣ ـ ٣٤٤ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٥ ، اللباب ١ : ٦ ، بدائع الصنائع ١ : ٤ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٦٣.

٦ ـ سنن ابي داود ١ : ٣٧ / ١٤٧ ، سنن البيهقي ١ : ٦١.

٦ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٦٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٤ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٥ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤١ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢ ، شرح فتح القدير ١ : ١٦ ، المجموع ١ : ٣٩٩.

١٦٢

يستحب ، خلافاً للشافعي(١) .

مسألة ٤٧ : ويختص المسح بمقدم الرأس عند علمائنا أجمع ، خلافاً للجمهور(٢) ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح بناصيته(٣) في معرض البيان.

وقول الصادقعليه‌السلام : « مسح الرأس على مقدمته »(٤) ولأنّه مُخرج عن العهدة بيقين فلا يجزي المسح على غيره ، ولو مسح على المقدم وغيره امتثل ، وفعل حراماً إن اعتقد وجوبه أو مشروعيته.

ولا يجوز المسح على غير المقدم عند علمائنا أجمع ، ومن جوّز مسح البعض من الجمهور يختص المقدم(٥) .

والمستحب مقبلاً ، ويجوز مدبراً على كراهة ، لحصول الامتثال بكل منهما ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بمسح الوضوء مقبلاً ومدبراً »(٦) ومنع بعض علمائنا من الاستقبال كاليدين(٧) .

مسألة ٤٨ : ويجب المسح على بشرة المقدم ، أو شعره المختص به ، ولا يجزي على حائل كالعمامة والمقنعة ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، لأنّه

__________________

١ ـ المهذب للشيرازي ١ : ٢٦ ، المجموع ١ : ٤٠٢ ، مغني المحتاج ١ : ٥٩.

٢ ـ الاُم ١ : ٢٦ ، المجموع ١ : ٣٩٥ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤١ ، شرح العناية ١ : ١٥ ، المغني ١ : ١٤٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٧ ، نيل الأوطار ١ : ١٩٢.

٣ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٣٠ / ٨١ و ٢٣١ / ٨٣ ، سنن النسائي ١ : ٧٦ ، سنن البيهقي ١ : ٥٨ ، مسند أحمد ٤ : ٢٤٤ و ٥ : ٤٣٩.

٤ ـ التهذيب ١ : ٦٢ / ١٧١ ، الاستبصار ١ : ٦٠ / ١٧٦.

٥ ـ عمدة القارئ ٢ : ٢٣٥ ، نيل الأوطار ١ : ١٩٢ ، فتح العزيز ١ : ٤٢٦.

٦ ـ التهذيب ١ : ٥٨ / ١٦١ ، الاستبصار ١ : ٥٧ / ١٦٩.

٧ ـ ذهب إلى المنع السيد المرتضى في الانتصار : ١٩ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ١٤ ، والخلاف ١ : ٨٣ مسألة ٣١ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٥٠.

١٦٣

مأمور بالمسح على الرأس ، وهو يصدق على البشرة وشعرها.

وقال بعض الشافعية : إنّ مسح على البشرة يصح إن كان محلوقاً ، وإلّا فلا ، لأنّ الواجب المسح على الشعر ، لأنّ الرأس اسم لما ترأس وعلا ، وهو الشعر(١) ، وليس بشيء.

ومنع الشافعي من المسح على الحائل كالعمامة ، وبه قال مالك ، وأبو حنيفة(٢) .

وقال الثوري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وداود : يجوز. إلا أن أحمد ، والأوزاعي شرطا لبسها على طهارة(٣) .

وقال بعض أصحاب أحمد : إنّما يجوز إذا كانت تحت الحنك(٤) ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر بالمسح على المشاوذ والتساخين(٥) ، والمشاوذ : العمائم ، والتساخين : الخفاف. وهو بعد التسليم محمول على الموضع ، ومسح أبي بكر على العمامة(٦) ليس بحجة.

فروع :

أ ـ لو عقص شعره النازل عن حدّ الرأس في مقدمه لم يجز المسح

__________________

١ ـ فتح العزيز ١ : ٣٥٤.

٢ ـ الاُم ١ : ٢٦ ، المجموع ١ : ٤٠٧ ، فتح العزيز ١ : ٤٢٦ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٠ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٥٢ ، نيل الأوطار ١ : ٢٠٦ ، رحمة الامة ١ : ١٨ ، المحلى ٢ : ٦١ ، بداية المجتهد ١ : ١٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٥ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٥١ ، المغني ١ : ٣٤١ ، الشرح الكبير ١ : ١٨١.

٣ ـ المجموع ١ : ٤٠٧ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٠ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٥١ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٥٢ ، مسائل الامام أحمد : ٨ ، بداية المجتهد ١ : ١٣ ، المغني ١ : ٣٤٠ ، نيل الأوطار ١ : ٢٠٥ ، المحلى ٢ : ٦١ ، رحمة الامة ١ : ١٨ ، حلية العلماء ١ : ١٢٤.

٤ ـ المغني ١ : ٣٤٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٣ ، الإنصاف ١ : ١٨٥ ـ ١٨٦.

٥ ـ غريب الحديث للهروي ١ : ١١٦ ، الفائق ٢ : ٢٦٦ ، لسان العرب ١٣ : ٢٠٧ سخن.

٦ ـ المجموع ١ : ٤٠٧ ، المغني ١ : ٣٤٠ ، الشرح الكبير ١ : ١٨١ ، نيل الأوطار ١ : ٢٠٥.

١٦٤

عليه ، لأنّه بمنزلة العمامة ، وكذا لو جمع شعراً من غيره في المقدم ومسح.

ب ـ شرط الشعر الممسوح أن لا يخرج عن حدّ الرأس ، فلا يجوز أن يمسح على المسترسل ، ولا الجعد الكائن في حدّ الرأس إذا كان يخرج بالمد عنه.

ج ـ لو كان على رأسه جمة في موضع المسح فادخل يده تحتها ومسح على جلدة رأسه أجزأه.

د ـ لو مسح على شعر المقدم ثم حلقه لم يبطل وضوؤه.

هـ ـ يجوز للمرأة إدخال إصبعها تحت المقنعة في الظهر والعصر والعشاء ، ويستحب وضعها في الغداة والمغرب.

و ـ لو مسح على الحائل لضرورة أو تقية جاز ، وفي الإعادة مع الزوال إشكال.

مسألة ٤٩ : ويجب المسح ببقية نداوة الوضوء ، وهو شرط في الصحة ، ولو استأنف ماءً جديداً ومسح به بطل وضوؤه ، ذهب إليه علماؤنا أجمع إلّا ابن الجنيد(١) ، لأنّ عثمان وصف وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يذكر الاستئناف(٢) .

ومن طريق الخاصة ، صفة الباقر والصادقعليهما‌السلام وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وأنه مسح ببقية نداوة يده من غير أن يستأنف ماءً جديداً(٣) ، وفعله وقع بياناً فلا يجزي غيره.

__________________

١ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٣٨.

٢ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٠٤ / ٢٢٦ ، سنن النسائي ١ : ٦٤ ، سنن أبي داود ١ : ٢٦ / ١٠٦.

٣ ـ الكافي ٣ : ٢٥ / ٥ ، التهذيب ١ : ٥٥ / ١٥٧ ، الاستبصار ١ : ٥٨ / ١٧١ ، وفيها عن الامام الباقرعليه‌السلام .

١٦٥

وقال الحسن البصري ، وعروة ، والأوزاعي ، وأحمد في إحدى الروايتين : إنّه يجوز المسح ببقية البلل(١) ، لحديث عثمان(٢) .

وقال أبو حنيفة ، والشافعي ، ومالك ، وأحمد في الرواية الاُخرى : لا يجوز إلّا بماء جديد(٣) ، ورووا ذلك عن عليعليه‌السلام (٤) ، ولأنّه مستعمل.

والرواية ممنوعة ، فإن المتواتر عن أهل البيتعليهم‌السلام خلافه(٥) ، والاستعمال لا يخرج الماء عن الطهورية.

فروع :

أ ـ لو لم تبق على يديه نداوة أخذ من لحيته ، وأشفار عينيه وحاجبيه من نداوة الوضوء ومسح به ، ولا يجوز له الاستئناف ، فإن لم يبق على شيء من ذلك نداوة استأنف الطهارة ، وكذا لو ذكر أنّه لم يمسح مسح ، فإن لم يبق في يده نداوة فعل ما تقدم.

ب ـ لا فرق بين أن تكون النداوة من الغسلة الاُولى أو الثانية ، وكذا لو جوّزنا الثالثة على إشكال ينشأ من كون مائها غير ماءً الوضوء ، وإن حرّمناها لم يجز قطعاً ، وكذا الثانية عند الصدوق(٦) .

ج ـ لو جفّ ماءً الوضوء للحر أو الهواء المفرطين استأنف الوضوء ، ولو

__________________

١ ـ المغني ١ : ١٤٧ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٩.

٢ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٠٤ / ٢٢٦ ، سنن النسائي ١ : ٦٤ ، سنن أبي داود ١ : ٢٦ / ١٠٦.

٣ ـ الاُم ١ : ٢٦ ، المغني ١ : ١٤٧ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٩.

٤ ـ سنن أبي داود ١ : ٢٧ / ١١١ ، سنن البيهقي ١ : ٥١ ، مصنف إبن أبي شيء بة ١ : ٢١.

٥ ـ الكافي ٣ : ٢٤ / ١ ـ ٤ ، التهذيب ١ : ٥٥ / ١٥٧ و ٥٨ / ١٦٢ ، الاستبصار ١ : ٥٨ / ١٧١ و ١٧٢.

٦ ـ الفقيه ١ : ٢٥ ، الهداية : ١٦.

١٦٦

تعذر أبقى جزء‌اً من يده اليسرى ثم أخذ كفاً غسله به ، وعجّل المسح على الرأس والرجلين.

د ـ لو غسل بدلاً من المسح لم يجز عندنا إجماعاً ، أما أولاً فلاشتماله على الاستئناف ، وأما ثانياً فلأنّه مغاير للمسح المأمور به فيبقى في العهدة. ولقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( لا يقبل الله صلاة أحدكم حتى يضع الطهور مواضعه ، فيغسل وجهه ، ثم يديه ، ثم يمسح برأسه )(١) .

وللشافعي وجهان(٢) وعن أحمد روايتان ، لأنّ الغسل مسح وزيادة(٣) ، وعلى تقدير الجواز للشافعي هل يكره؟ وجهان ، وعلى كلّ تقدير فإنه لا يستحب عنده(٤) .

هـ ـ لو وضع يده بالبلّة على محل الفرض ولم يمسح لم يجز ، لأنّه لم يأت بالمسح المأمور به ، وأصح وجهي الشافعي : الاجزاء ، لأنّ الغرض وصول الماء دون كيفيته(٥) . وهو ممنوع.

ولو قطّر على محل المسح قطرة ، فإن جرت أجزأت عنده قطعاً ، وإلّا فوجهان(٦) ، وعندنا لا يجزي مطلقاًً للاستئناف.

و ـ لو مسح بخرقة مبلولة أو خشبة لم يجز عندنا للاستئناف ، وعن

__________________

١ ـ تلخيص الحبير ٣ : ٢٦٧ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٣٦.

٢ ـ المجموع ١ : ٤١٠ ، فتح العزيز ١ : ٣٥٥ ، السراج الوهاج : ١٦ ، مغني المحتاج ١ : ٥٣ ، كفاية الأخيار ١ : ١٣.

٣ ـ المغني ١ : ١٤٧ ، الشرح الكبير ١ : ١٦٩.

٤ ـ فتح العزيز ١ : ٣٥٥ ، المجموع ١ : ٤١٠.

٥ ـ الوجيز ١ : ١٣ ، فتح العزيز ١ : ٣٥٦ ، المجموع ١ : ٤١٠ ، كفاية الأخيار ١ : ١٣ ، السراج الوهاج : ١٧ ، مغني المحتاج ١ : ٥٣.

٦ ـ المجموع ١ : ٤١٠ ، فتح العزيز ١ : ٣٥٦ ، مغني المحتاج ١ : ٥٣ ، كفاية الأخيار ١ : ١٣.

١٦٧

أحمد وجهان(١) .

ز ـ لو مسح على حائل غير مانع من إيصال الرطوبة إلى محل الفرض لم يجز ، لأنّ الباء كما اقتضت التبعيض اقتضت الالصاق.

البحث الخامس : في مسح الرجلين

مسألة ٥٠ : ذهبت الامامية كافة إلى وجوب المسح على الرجلين ، وإبطال الوضوء بغسلهما اختياراً ، وبه قال عليعليه‌السلام ، وابن عباس ، وأنس بن مالك ، والشعبي ، وأبو العالية ، وعكرمة(٢) ، لقوله تعالى :( وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) (٣) .

والنصب لا ينافيه للعطف على الموضع ، ولا يجوز عطفه على الأيدي لئلا تتناقض القراء‌تان ، وللفصل ، ولاشتماله مع مخالفة الفصاحة بالانتقال عن جملة قبل استيفاء الغرض منها إلى ما لا تعلق لها به ، والجر بالمجاورة من رديء الكلام ، ولم يرد في كتاب الله تعالى ، ولا مع الواو.

وروى أوس بن أبي أوس الثقفي أنّه رأى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى كظامة قوم بالطائف ، فتوضأ ومسح على قدميه(٤) ، وعن عليعليه‌السلام أنه

__________________

١ ـ المغني ١ : ١٤٨ ، الشرح الكبير ١ : ١٧٠.

٢ ـ المجموع ١ : ٤١٨ ، المغني ١ : ١٥٠ ـ ١٥١ ، الشرح الكبير ١ : ١٤٦ ـ ١٤٧ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٨ ، فتح الباري ١ : ٢١٣ ، تفسير الطبري ٦ : ٨٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٨ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤٥ ، المحلى ٢ : ٥٦ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٧٧ ، تفسير القرطبي ٦ : ٩٢.

٣ ـ المائدة : ٦.

٤ ـ سنن أبي داود ١ : ٤١ / ١٦٠ ، سنن البيهقي ١ : ٢٨٦ ، الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار : ٦٣.

١٦٨

مسح على نعليه وقدميه ، ثم دخل المسجد فخلع نعليه وصلّى(١) ، وعن ابن عباس أنّه قال : ما اجد في كتاب الله إلّا غسلتين ومسحتين(٢) .

وذكر لأنس بن مالك قول الحجاج : إغسلوا القدمين ظاهرهما وباطنهما ، وخللوا ما بين الاصابع ، فقال أنس : صدق الله وكذب الحجاج(٣) ، قال الله تعالى :( فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ، وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ) (٤) .

وقال الشعبي : الوضوء مغسولان وممسوحان(٥) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام وقد سئل عن المسح على الرجلين ، فقال : « هو الذي نزل به جبرئيلعليه‌السلام »(٦) ، ولمّا وصف الباقر والصادقعليهما‌السلام وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالا : « ثم مسح رأسه وقدميه »(٧) .

وقال بعض أهل الظاهر : يجب الجمع بين الغسل والمسح(٨) ، وقال ابن جرير الطبري بالتخيير بينهما(٩) ، وقال باقي الجمهور بوجوب الغسل(١٠) ،

__________________

١ ـ كنز العمال ٩ : ٤٣٥ / ٢٦٨٥٦.

٢ ـ سنن البيهقي ١ : ٧٢ ، سنن الدارقطني ١ : ٩٦ / ٥.

٣ ـ المغني ١ : ١٥٠ ـ ١٥١ ، الشرح الكبير ١ : ١٤٧ ، تفسير القرطبي ٦ : ٩٢ ، تفسير الطبري ٦ : ٨٢ ، الدر المنثور للسيوطي ٢ : ٢٦٢ ، سنن البيهقي ١ : ٧١.

٤ ـ المائدة : ٦.

٥ ـ المغني ١ : ١٥١ ، الشرح الكبير ١ : ١٤٧.

٦ ـ التهذيب ١ : ٦٣ / ١٧٧ ، الاستبصار ١ : ٦٤ / ١٨٩.

٧ ـ الكافي ٣ : ٢٦ / ٥ ، التهذيب ١ : ٥٦ / ١٥٨ ، الاستبصار ١ : ٥٧ / ١٦٨.

٨ ـ المجموع ١ : ٤١٧ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٨ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦١.

٩ ـ المجموع ١ : ٤١٧ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦١ ، تفسير الطبري ٦ : ٨٤ ، بداية المجتهد ١ : ١٥ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٧٧ ، تفسير القرطبي ٦ : ٩٢ ، المغني ١ : ١٥١ ، الشرح الكبير ١ : ١٤٧ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٨.

١٠ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٨ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤٥ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٣٦ و ٢٣٨ ،

١٦٩

لأنّ عثمان لما وصف وضوء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : ثم غسل رجليه(١) ، وعن عبد الله بن عمرو أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى قوما يتوضؤون وأعقابهم تلوح ، فقال : ( ويل للأعقاب من النار )(٢) .

ورواية عثمان معارضة بما تقدم من الروايات ، مع أنّ أهل البيتعليهم‌السلام أعرف منه لملازمتهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولاحتمال أنّه غسلهما للتنظيف فتوهم الجزئية ، بخلاف المسح ، وتهديد الاعقاب لا يدل على وجوب غسلهما في الوضوء على أنّه جزء منه.

مسألة ٥١ : ومحل المسح ظهر القدمين من رؤوس الأصابع إلى الكعبين ، وهما العظمان الناتئان في وسط القدم ، وهما معقد الشراك أعني مجمع الساق والقدم ـ ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال محمد بن الحسن الشيباني(٣) ـ لأنّه مأخوذ من كَعِبَ ثدي المرأة اي ارتفع. ولقول الباقرعليه‌السلام وقد سئل فأين الكعبان؟ : « ها هنا »(٤) يعني المفصل دون عظم الساق.

وقال الجمهور كافة : الكعب ، هو العظم الناتي عن يمين الرجل وشمالها(٥) . لأنّ قريشا كانت ترمي كعبي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من

__________________

بدائع الصنائع ١ : ٥ ، مغني المحتاج ١ : ٥٣ ، المجموع ١ : ٤١٧ ، الوجيز ١ : ١٣ ، الاُم ١ : ٢٧ التفسير الكبير ١١ : ١٦١ ، المغني ١ : ١٥٠ ، الشرح الكبير ١ : ١٤٦.

١ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٠٤ ـ ٢٠٥ / ٢٢٦ ، سنن أبي داود ١ : ٢٦ ـ ٢٧ / ١٠٧ ـ ١٠٩ ، سنن الدارمي ١ : ١٧٦ ، مسند أحمد ١ : ٦٨.

٢ ـ وردت في نسخة ( م ) والمعتبر : ٣٩ ، بدل ( عمرو ) عمر ، وبدل ( النار ) البول ، وما أثبتناه من المصادر ، اُنظر حيح مسلم ١ : ٢١٤ / ٢٤١ ، سنن ابي داود ١ : ٢٤ / ٩٧ ، سن النسائي ١ : ٧٨ ، مسند أحمد ٢ : ١٩٣.

٣ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٩ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤٧ ، بدائع الصنائع ١ : ٧ ، شرح فتح القدير ١ : ١٥ ، شرح الأزهار ١ : ٨٩.

٤ ـ التهذيب ١ : ٧٦ / ١٩١ ، الكافي ٣ : ٢٦ / ٥.

٥ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٩ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٤٧ ، الاُم ١ : ٢٧ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٧٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٧ ، مغني المحتاج ١ : ٥٣ ـ ٥٤ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٢ ، المجموع ١ : ٤٢٢ ، المغني ١ : ١٥٥.

١٧٠

ورائه(١) ، ولنص أهل اللغة عليه(٢) .

ولا حجة في الأول على المطلوب ، والنص لا يدل على التخصيص.

مسألة ٥٢ : لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح ، بل يكفي المسح من رؤوس الاصابع إلى الكعبين ، ولو بإصبع واحدة عند فقهاء أهل البيتعليهم‌السلام لوجوب تقدير العامل الدال على التبعيض ، ولقول الباقرعليه‌السلام : « إذا مسحت بشيء من رأسك أو بشيء من قدميك ، ما بين كعبيك إلى أطراف الاصابع فقد أجزأك »(٣) .

ويجب استيعاب طول القدم من رؤوس الاصابع إلى الكعبين ، لأنّهما غاية فيجب الانتهاء إليها ، فيجب الأبتداء من رؤوس الأصابع لعدم الفارق.

ويجب المسح بباقي نداوة الوضوء ، فلو استأنف له بطل ـ والبحث فيه كما في الرأس ـ ويستحب أن يكون بثلاث أصابع مضمومة ، وقال بعض علمائنا : يجب(٤) .

فروع :

أ ـ يجوز المسح منكوسا ، بأن يبتدئ من الكعبين ـ لما تقدم في الرأس ـ ومنعه بعض علمائنا(٥) .

ب ـ لا يجب الترتيب بينهما ، لكن يستحب البدأة باليمنى.

ج ـ لو كان على الرجلين أو الرأس رطوبة ، ففي جواز المسح عليها

__________________

١ ـ سنن البيهقي ١ : ٧٦ واُنظر المغني ١ : ١٥٥.

٢ ـ اُنظر القاموس المحيط ١ : ١٢٤ ، والصحاح ١ : ٢١٣ « كعب ».

٣ ـ التهذيب ١ : ٩٠ / ٢٣٧ ، الاستبصار ١ : ٦١ / ١٨٢.

٤ ـ هو الصدوق في الفقيه ١ : ٢٨ ، والسيد المرتضى في مسائل خلافه كما حكاه المحقق في المعتبر : ٣٨.

٥ ـ هو ابن ادريس كما في السرائر : ١٧.

١٧١

قبل تنشيفها إشكال.

د ـ لو قطع بعض موضع المسح وجب المسح على الباقي ، ولو استوعب سقط.

هـ ـ لو كان له رجل ثالثة ، فإن اشتبهت بالأصلية وجب مسحها ، وإلّا فإشكال ينشأ من العموم ، ومن صرف اللفظ إلى الظاهر.

و ـ لو غسل عوض المسح لم يجزئه لما تقدم ، إلّا أن يكون للتقية فيصح ، وهل يجب عليه الإعادة مع زوالها؟ الأقرب لا.

ولو أراد غسلهما للتنظيف قدّم غسل الطهارة أو أخره.

ولو كان محل الفرض في المسح نجساً ، وجب تقديم غسله على المسح ، وكذا أعضاء الغسل ، وفي الاكتفاء به عن غسل الوضوء نظر ، أقربه الصحة مع طهارة المنفصل كالكثير.

ز ـ يجوز المسح على النعل العربية ، وإن لم يدخل يده تحت الشراك ، وهل يجزي لو تخلف ما تحته أو بعضه؟ إشكال أقربه ذلك ، وهل ينسحب إلى ما يشبهه كالسير في الخشب؟ إشكال ، وكذا لو ربط رجله بسير للحاجة وفي العبث إشكال.

مسألة ٥٣ : لا يجوز المسح على الخفّين ، ولا على ساتر إلّا للضرورة أو التقية ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال أبوبكر بن داود والخوارج(١) ـ لقوله تعالى :( وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم ) (٢) والباء للالصاق ، ولأن أبا مسعود البدري لما روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح

__________________

١ ـ المجموع ١ : ٤٧٦ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٩ ، تفسير القرطبي ٦ : ١٠٠ ، عمدة القارئ ٣ : ٩٨ ، فتح الباري ١ : ٢٤٤ ، تفسير الرازي ١١ : ١٦٣ ، جامع الجواهر ٢ : ٢٨٣.

٢ ـ المائدة : ٦.

١٧٢

على الخفّين ، قال له عليعليه‌السلام : قبل نزول المائدة أو بعده؟ فسكت أبو مسعود(١) ، وهذا إنكار منهعليه‌السلام لهذه المقالة ، واعتقاد وجوب المسح على البشرة ، ولقول عليعليه‌السلام : « ما اُبالي أمسح على الخفّين ، أو على ظهر عير بالفلاة »(٢) .

ومن طريق الخاصة ، قول الصادقعليه‌السلام : « سبق الكتاب الخفّين » وسئل عن المسح على الخفّين ، فقالعليه‌السلام : ( لا تمسحه )(٣) .

وذهب الجمهور كافة إلى جوازه(٤) ، لأنّ سعد بن أبي وقاص روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فعله(٥) .

ومتابعة الكتاب العزيز أولى من رواية سعد ، مع معارضتها لروايات أهل البيتعليهم‌السلام (٦) ، وهم أعرف بكيفيات الشريعة لملازمتهم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسماعهم الوحي ، مع أنّ عائشة وأبا هريرة أنكرا المسح على الخفّين(٧) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « جمع عمر بن الخطاب أصحاب رسول الله

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٣٦١ / ١٠٩١ وفيه المغيرة بن شعبة بدل أبي مسعود.

٢ ـ نقله في المعتبر : ٤٠ ، وروي نحوه عن ابن عباس كما في مسند أحمد ١ : ٣٢٣ ، وعن عائشة كما في الفقيه ١ : ٣٠ / ٩٧.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٦١ / ١٠٨٨.

٤ ـ التفسير الكبير ١١ : ١٦٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٩٧ ، بدائع الصنائع ١ : ٧ ، بداية المجتهد ١ : ١٨ ، بُلغة السالك ١ : ٥٨ ، الشرح الصغير ١ : ٥٨ ، المغني ١ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ١ : ١٧٩.

٥ ـ صحيح البخاري ١ : ٦٢ ، مسند أحمد ١ : ١٥ ، سنن البيهقي ١ : ٢٦٩.

٦ ـ التهذيب ١ : ٣٦١ / ١٠٨٧ ـ ١٠٩١.

٧ ـ المجموع ١ : ٤٧٨ ، عمدة القارئ ٣ : ٩٧ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٣ ، شرح فتح القدير ١ : ١٢٧ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٢.

١٧٣

صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفيهم عليعليه‌السلام ، وقال : ما تقولون في المسح على الخفّين؟ فقال المغيرة بن شعبة : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمسح على الخفين. فقال عليعليه‌السلام : « قبل المائدة أو بعدها؟ » فقال : لا أدري. فقال عليعليه‌السلام : « سبق الكتاب الخفّين ، إنّما نزلت المائدة قبل أن يقبض بشهرين أو ثلاثة »(١) .

ومن أغرب الاشياء تسويغ المسح على الخف ، لرفع الحدث عن الرجلين ، ومنعه عن البشرة.

فروع :

أ ـ إنّما يجوز المسح على الخفّين عند الضرورة ، كالبرد وشبهه ، أو التقية ، دفعاً للحرج ، ولقول الباقرعليه‌السلام وقد سئل هل فيهما رخصة : « لا ، إلّا من عدو تتقيه ، أو ثلج تخاف على رجلك »(٢) .

ب ـ لو مسح على الحائل للضرورة أو التقية ، ثم زالتا أو نزع الخف فالأقرب الاستئناف ، لأنّها مشروطة بالضرورة وقد زالت فيزول لزوال شرطها ، ولا بعد في العدم ، لارتفاع الحدث.

ج‍ ـ الضابط في تسويغ المسح على الخفّين وغيرهما حصول الضرورة ، فلا شرط سواه ، ولا يتقدر بمدة غيرها.

ولا فرق بين اللبس على طهارة أو حدث ، ولا بين أن يكونا خفين أو جوربين أو جرموقين اللذان فوق الخف ، ولا بين أن يكونا صحيحين أو لا ، بل المعتبر إمكان المسح على البشرة ، فإن أمكن وجب ، وإلّا جاز المسح

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٣٦١ / ١٠٩١.

٢ ـ التهذيب ١ : ٣٦٢ / ١٠٩٢ ، الاستبصار ١ : ٧٦ / ٢٣٦.

١٧٤

على ذلك كله من الضرورد وإن زالت.

د ـ لو دارت التقية بين المسح على الخفّين وغسل الرجلين فالغسل أولى. وقال الشافعي ، وأحمد ، والحكم ، وإسحاق : المسح على الخفّين أولى من الغسل ، لما فيه من مخالفة الشيعة(١) .

ولنذكر بعض أحكام المسح على الخفّين على رإي المخالفين ، اقتداءً بالشيخ(٢) .

مسألة ٥٤ : شرط الشافعي للمسح على الخف أمرين :

الأول : أن يلبس الخف على طهارة تامة قوية ، فلو غسل إحدى رجليه وأدخل الخف لم يصح حتى يغسل الثانية ، ثم يبتدئ باللبس ، وبه قال مالك ، وأحمد ، وإسحاق(٣) ، وكذا لو صب الماء في الخف بعد لبسه على الحدث.

والمستحاضة إذا لبست على وضوء لم تمسح على أحد الوجهين لضعف طهارتها(٤) .

وقال أبو حنيفة : والمزني ، وأبو ثور ، وداود ، وابن المنذر : لا يشترط أن يكون اللبس على طهارة ، فلو لبس خفه قبل كمال الطهارة ثم كمّل

__________________

١ ـ المجموع ١ : ٤٧٨ ، كافية الاخبار ١ : ٢٩ ، المغني ١ : ٣١٦ ، الشرح الكبير ١ : ١٧٩ ، عمدة القارئ ٣ : ٩٧.

٢ ـ اُنظر الخلاف ١ : ٢٠٤ ـ ٢١٧ مسالة ١٦٨ ـ ١٨٥.

٣ ـ الاُم ١ : ٣٣ ، المجموع ١ : ٥١٢ ، مختصر المزني : ٩ ـ ١٠ ، فتح العزيز ٢ : ٣٦٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٩ ، مغني المحتاج ١ : ٦٥ ، الوجيز ١ : ٢٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢ ، الشرح الصغير ، ١ : ٥٩ ، المغني ١ : ٣١٧ ـ ٣١٨ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٩٩ ـ ١٠٠ ، شرح فتح القدير ١ : ١٣٠ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٥٠ ، عمدة القارئ ٣ : ١٠٢.

٤ ـ فتح العزيز ٢ : ٣٦٨ ، الوجيز ١ : ٢٣.

١٧٥

طهارته ، ثم أحدث جاز له المسح ، وإنّما المعتبر أن يطرأ الحدث بعد اللبس على كمال الطهارة(١) .

الثاني : أن يكون الملبوس ساتراً قوياً حلالاً ، فإن تخرق ، أو كان دون الكعبين ، أو لم يكن قوياً ـ وهو الذي يتردد عليه في المنازل ، لا كالجورب واللفافة ـ أو كان مغصوبا ، لم يجز المسح ، وفي المغصوب عنده وجه بالجواز(٢) .

ولا يجوز أن يمسح على خف يظهر عليه شيء من القدم ، في الجديد ، وبه قال الحسن بن صالح(٣) .

وقال في القديم : يمكن المسح عليه إذا أمكن متابعة المشي عليه ، وبه قال أبو إسحاق ، وأبو ثور ، وداود(٤) .

وقال ملك ، والليث : إنّ كثر الخرق وتفاحش لم يجز(٥) .

وقال أبو حنيفة : إنّ تخرق أكثر من ثلاثة أصابع لم يجز ، وإن كان أقل جاز(٦) .

__________________

١ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٩٩ ـ ١٠٠ ، شرح فتح القدير ١ : ١٣٠ ، عمدة القارئ ٣ : ١٠٢ ، مختصر المزني : ١٠ ، المجموع ١ : ٥١٢ ، فتح العزيز ٢ : ٣٦٦ ، المغني ١ : ٣١٨ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، المحلى ٢ : ١٠٠.

٢ ـ المجموع ١ : ٥١٠ ، مغني المحتاج ١ : ٦٥ ـ ٦٦ ، السراج الوهاج : ١٩ ، الوجيز ١ : ٢٤.

٣ ـ الاُم ١ : ٣٣ ، المجموع ١ : ٤٩٦ ، فتح العزيز ٢ : ٣٧٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٩ ـ ٣٠ ، الوجيز ١ : ٢٤ ، المغني ١ : ٣٣٤ ، الشرح الكبير ١ : ١٩٣ ، شرح العناية ١ : ١٣٣ ، تفسير القرطبى ٦ : ١٠٢ ، المحلى ٢ : ١٠١.

٤ ـ المجموع ١ : ٤٧٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٠ ، المغني ١ : ٣٣٤ ، الشرح الكبير ١ : ١٩٣ ، بداية المجتهد ٢٠ : ١ ، المحلي ٢ : ١٠٠.

٥ ـ المدونة الكبرى ١ : ٤٠ ، بداية المجتهد ١ : ٢٠ تفسير القرطبي ٦ : ١٠١ ، المجموع ١ : ٤٩٧ ، المغني ١ : ٣٣٤ ، الشرح الكبير ١ : ١٩٣ ، المحلى ٢ : ١٠١.

٦ ـ المبسوط السرخسي ١ : ١٠٠ ، شرح فتح القدير ١ : ١٣٢ ـ ١٣٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢٨ ـ ٢٩ ، ١ : ١٣٢ ، المجموع ١ : ٤٩٧ ، المغني ١ : ٣٣٤ ، الشرح الكبير ١ : ١٩٣ ، المحلى ٢ : ١٠١.

١٧٦

ولو كان الخرق فوق الكعبين لم يضر عند الجماعة.

وعند الشافعي يجوز المسح على الجوربين بشرطين : أن يكون صفيقاً وأن يكون له نعل. وليس تجليد قدميه(١) شرطاً إلّا أن يكون الجورب رقيقا ، فيقوم تجليده مقام صفاقته وقوته ، وبه قال أبو حنيفة ، ومالك ، والثوري ، لأنّ العادة عدم إمكان متابعة المشي في الجوربين إذا لم ينعّل(٢) .

وقال أحمد : يجوز المسح على الجورب الصفيق ، وإن لم يكن له نعل(٣) . ورواه الجمهور عن عليعليه‌السلام ، وعمر(٤) ، وبه قال أبو يوسف ، ومحمد ، وداود(٥) لأنّ المغيرة روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح على الجوربين(٦) .

قال الشافعي : ولوكان الخف من خشب رقيق ، يمكن متابعة المشي فيه جاز المسح عليه ، وإلّا فلا(٧) .

ولو لبس جرموقا فوق خف أو خفاً فوق خف ، فإن كان الأسفل مخرّقاً والاعلى صحيحاً ، جاز المسح على الاعلى. وإن كان الأعلى مخرّقاً أو كانا

__________________

١ ـ في المخطوطة للتوضيح تحتها : الجوربين ومعناه قدمي الجوربين.

٢ ـ المجموع ١ : ٤٩٩ ، بداية المجتهد ١ : ١٩ ـ ٢٠ ، تفسير القربطي ٦ : ١٠٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٣٠ ، المغني ١ : ٣٣٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٠ ، المحلى ٢ : ٨٦.

٣ ـ المغني ١ : ٣٣١ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٠ ، المجموع ١ : ٥٠٠ ، المحلى ٢ : ٨٦.

٤ ـ سنن ابي داود ١ : ٤١ / ١٥٩ ، المجموع ١ : ٥٠٠ ، تفسير القرطبي ٦ : ١٠٢ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٦ ، المحلى ٢ : ٨٤ ـ ٨٥.

٥ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ١٠٢ ، المجموع ١ : ٥٠٠ ، بداية المجتهد ١ : ١٩ ، تفسير القرطبي ٦ : ١٠٢ ، المحلى ٢ : ٨٦.

٦ ـ سنن ابي داود ١ : ٤١ / ١٥٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٥ / ٥٥٩ ، مسند أحمد ٤ : ٢٥٢ ، سنن البيهقي ١ : ٢٨٣ / ٢٨٤.

٧ ـ الاُم ١ : ٣٤ ، المجموع ١ : ٤٩٦ ، فتح العزيز ٢ : ٣٧٤.

١٧٧

صحيحين ، لم يجز المسح عليه في أحد القولين(١) لأنّ الأعلى ليس بدلاً عن الأسفل ـ إذ ليس المبدل في الطهارة بدلاً ـ ولا عن الرجل ، وإلّا لكان اذا نزعه لا يبطل المسح لعدم ظهور الرجل ، وهو إحدى الروايتين عن مالك(٢) .

وفي القديم : يجوز ، وبه قال أبو حنيفة ، والثوري ، وأحمد ، والأوزاعي ، وإسحاق(٣) ، لما روي ان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح على الموق(٤) ، وهو الجرموق(٥) .

قال الشافعي : ويجزي في المسح على الخفّين أقل اسمه كالرأس ، سواء مسح بكل اليد أو بعضها أو بخشبة أو خرقة أو غير ذلك(٦) .

وقال أبو حنيفة : لا يجزئه إلّا أن يمسح بأصابعه الثلاث(٧) ـ وقال زفر : إنّ مسح بإصبع واحدة قدر ثلاث أصابع أجزأه(٨) ، وقال أحمد : لا يجزئه إلّا مسح أكثر القدم ـ لأنّ الحسن البصري قال : سنة المسح خطط بالأصابع(٩) .

قال الشافعي : ولابد أن يكون محل المسح موازياً لمحل الغسل من

__________________

١ ـ المجموع ١ : ٥٠٥ ، فتح العزيز ٢ : ٣٧٨ ـ ٣٧٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٠ ، مغني المحتاج ١ : ٦٦ ـ ٦٧.

٢ ـ المجموع ١ : ٥٠٨ ، فتح العزيز ٢ : ٣٧٩ ، المنتقى ١ : ٨٢.

٣ ـ المجموع ١ : ٥٠٨ ، فتح العزيز ٢ : ٣٧٨ ، شرح فتح القدير ١ : ١٣٧ ، شرح العناية ١ : ١٣٧ ، المغني ١ : ٣١٩ ـ ٣٢٠ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٠.

٤ ـ سنن ابي داود ١ : ٣٩ / ١٥٣ ، سنن البيهقي ١ : ٢٨٨ ـ ٢٨٩ ، مسند أحمد ٥ : ٢٦٤.

٥ ـ اُنظر الصحاح ٤ : ١٥٥٧ ، والنهاية ٤ : ٣٧٢ « موق »

٦ ـ المجموع ١ : ٥٢٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٣١ ـ ٣٢ ، مغني المحتاج ١ : ٦٧.

٧ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ١٠٠ ، شرح فتح القدير ١ : ١٣٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢٨ ، المحلى ٢ : ١١٢.

٨ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ١٠٠ ، المحلى ٢ : ١١٢.

٩ ـ المغني ١ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ١ : ١٩٨ ، مصنف ابن أبي شيبه ١ : ١٨٥.

١٧٨

الرجل فيجزي غير الأخمصين والعقبين ، وفيما يحاذي الاخمصين ـ وهو أسفل الخف ـ وجهان : عدم جواز الاقتصار عليه ، لأنّ الرخص يجب فيها الاتّباع ولن ينقل الاقتصار على الأسفل ، والجواز لمحاذاته محل الفرض(١) .

قال : ويستحب مسح أعلى الخف وأسفله ، وبه قال عبد الله بن عمر ، وعمر بن عبد العزيز ، والزهري ، ومالك ، وابن المبارك ، وإسحاق(٢) ، لأنّ المغيرة روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسح أعلى الخف وأسلفه(٣) .

وقال أبو حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وداود : المسح على ظاهر القدم لا مدخل لأسلفه فيه(٤) ، لأنّ علياًعليه‌السلام قال : « لو كان الدين بالرأي لكان مسح باطن الخف أولى بالمسح من ظاهرة »(٥) .

قال الشافعي : يكره الغسل والتكرار للمسح لما فيه إفساد الخف(٦) . قال : وتباح الصلاة للماسح على الخف بوضوء إلى انقضاء مدته ، أو نزع الخف. ومدته للمقيم يوم وليلة ، وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن(٧) ، وبه قال أبو حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي ، والحسن بن

__________________

١ ـ فتح العزيز ٢ : ٣٨٩.

٢ ـ بداية المجتهد ١ : ١٩ ، المجموع ١ : ٥١٨ و ٥٢١ ، فتح العزيز ٢ : ٣٩٢ ، مغني المحتاج ١ : ٦٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٢ ، المغني ١ : ٣٣٥ ، المحلى ٢ : ١١٣.

٣ ـ سنن ابي داود ١ : ٤٢ / ١٦٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٣ / ٥٥٠ ، سنن الترمذي ١ : ١٦٢ / ٩٧ ، مسند أحمد ٤ : ٢٥١ ، سنن البيهقي ١ : ٢٩٠.

٤ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ١٠١ ، اللباب ١ : ٣٧ ، المغني ١ : ٣٣٥ ، المجموع ١ : ٥٢١ ، بداية المجتهد ١ : ١٩ ، تفسير القرطبي ٦ : ١٠٣ ، المحلى ٢ : ١١١.

٥ ـ سنن ابي داود ١ : ٤٢ / ١٦٢ ، سنن البيهقي ١ : ٢٩٢ ، سنن الدارقطني ١ : ١٩٩ / ٢٣.

٦ ـ المجموع ١ : ٥٢ ، فتح العزيز ٢ : ٣٩٢ ـ ٣٩٣ ، الوجيز ١ : ٢٤.

٧ ـ الاُم ١ : ٣٤ ، المجموع ١ : ٤٨٣ ، فتح العزيز ٢ : ٣٩٥ و ٣٩٧ ، الوجيز ١ : ٢٤ ، مغني المحتاج ١ : ٦٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٣١ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٩.

١٧٩

صالح ، وأحمد ، وإسحاق(١) ، لأنّ مسلم بن الحجاج روى في صحيحه عن عليعليه‌السلام أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جعل ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ، ويوما وليلة للمقيم(٢) .

وقال مالك : يمسح المسافر بلا توقيت ، وكذا المقيم في إحدى الروايتين ، وفي الاُخرى : لا يمسح(٣) .

وعن الشافعي رواية أنّه يمسح بلا توقيت ، إلّا أن يجب عليه غسل الجنابة(٤) .

وقال الليث بن سعد ، وربيعة : يمسح على الخفّين ألى أن ينزعهما(٥) ، ولم يفرقا بين المسافر والحاضر ، ورواه ابن المنذر عن أبي سلمة بن عبدالرحمن والشعبي(٦) .

وقال داود : يمسح المسافر بخمس عشرة صلاة ، والمقيم بخمس(٧) ، لأنّ ابي بن عمارة كان قد صلّى مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى القبلتين ، وقال له : يا رسول الله أمسح على الخفّين؟ قال : ( نعم ) قلت : يوما؟

__________________

١ ـ شرح فتح القدير ١ : ١٣٠ ، المغني ١ : ٣٢٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٧ ـ ١٨٨ ، مسائل أحمد : ١٠ ، المجموع ١ : ٤٨٣ ـ ٤٨٤ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٩.

٢ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٣٢ / ٨٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٣ / ٥٥٢ ، مسند أحمد ١ : ٩٦ و ١٠٠ و ١١٣ ، سنن الدارمي ١ : ١٨١ ، نيل الأوطار ١ : ٢٣٠.

٣ ـ بداية المجتهد ١ : ٢٠ ، تفسير القرطبي ٦ : ١٠١ ، الشرح الصغير ، ١ : ٥٨ ، المجموع ١ : ٤٨٤ ، المغني ١ : ٣٣٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٨ ، عمدة القارئ ٣ : ٩٧ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٩ ، حلية لعلماء ١ : ١٣١.

٤ ـ المجموع ١ : ٤٨٢ ، فتح العزيز ٢ : ٣٩٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٣١.

٥ ـ المجموع ١ : ٤٨٤ ، المغني ١ : ٣٢٢ ، الشرح الكبير ١ : ١٨٨ ، نيل الأوطار ١ : ٢٢٩.

٦ ـ المجموع ١ : ٤٨٤.

٧ ـ المجموع ١ : ٤٨٣.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403