تذكرة الفقهاء الجزء ١

تذكرة الفقهاء14%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: 403

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 403 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 246778 / تحميل: 9748
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ١

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٤-٥
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

الفصل الرابع

نقد وتمحيص

قد ذكرنا أهمّ ما ورد في كتب أهل السنّة ممّا هو نصّ أو ظاهر في نقص القرآن وتحريفه ثمّ عقبناه بما قاله أكابرهم في توجيهه وتأويله أو ردّه وتزييفه

لقد استمعنا القول من هؤلاء وهؤلاء فأيّهما الأحسن حتى نتّبعه؟

1 - في الآثار في خطأ القرآن

إنّ هذه الآثار تفيد أنّ اؤلئك الأصحاب نسبوا «اللحن» و «الخطأ» و «الغلط» إلى القرآن وهذه جرأة على الله تعالى، وإثبات نقص له ولكتابه، وفي ذلك خروج عن الإسلام بلا كلام.

أمّا ما كان من هذه الآثار في الصحاح فأصحابها والقائلون بصحّة جميع أحاديثها ملزمون بها، فإمّا الإلتزام بما دلّت عليه، وإمّا التأويل اللائق والحمل على بعض الوجوه المحتملة.

٢٤١

وكذا الكلام بالنسبة إلى ما روي من هذا القبيل بأسانيد صحاح عندهم في خارج الصحاح.

دليل الرادّين لهذه الآثار

وأمّا الّذين ردّوا هذه الأحاديث وهم كثيرون جدّاً، فقد اختلفت كلماتهم في كيفية الردّ، لأنّ منهم من يضعّف الرواية أو يستبعدها تنزيهاً للصحابي عن التفوّه بمثل الكلام، حتى أنّ بعضهم قال: «ومن روى عن ابن عبّاس فهو طاعن في الإسلام، ملحد في الدين، وابن عبّاس بريء من هذا القول»(1) . ومنهم من يقول: «هذا القول فيه نظر» أو: «لا يخفى ركاكة هذا القول» ونحو ذلك وظاهر هؤلاء تصحيح الحديث اعتماداً على رجاله، ثمّ الردّ على الصحابة أنفسهم.

وعلى كل حال فإنّ هذه الفئة من العلماء متّفقة على أنّ هذه الأحاديث لا يجوز تصديقها قال الزمخشري بتفسير:( أفلم ييئس الّذين آمنوا ... ) (2) : «ومعنى أفلم ييئس: أفلم يعلم ويدلّ عليه: أنّ علياً وابن عبّاس وجماعة من الصحابة والتابعين قرؤوا: أفلم يتبيّن، وهو تفسير أفلم ييئس. وقيل: إنّما كتبه الكاتب وهو ناعس مستوي السينات.

وهذا ونحوه ممّا لا يصدّق في كتاب الله، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وكيف يخفى مثل هذا حتى يبقى ثابتاً بين

__________________

(1) البحر المحيط 6: 445.

(2) سورة الرعد: 31.

٢٤٢

دفّتي الإمام، وكان متقلّباً في أيدي أولئك الأعلام المحتاطين في دين الله، المهيمنين عليه، لا يغفلون عن جلائله ودقائقه، خصوصاً عن القانون الذي إليه المرجع، والقاعدة التي عليها البناء؟!! وهذه - والله - فرية ما فيها مرية»(1) .

فهذا موقف القائلين ببطلان هذه الآثار.

أمّا الفئة الاولى الدائر أمرهم بين الالتزام بمداليل الآثار وبين التأويل المقبول لدى الأنظار، فقد اختار جمع منهم طريق التأويل:

طريق التأويل لها

قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: «الطعن في الروايات الصحيحة بغير مستند لا يقبل، بل الروايات صحيحة والتأويل محتمل»(2) وقال أيضاً في الآية:( أفلم ييأس ) :

«وروى الطبري وعبد بن حميد - بإسناده صحيح كلّهم من رجال البخاري - عن ابن عبّاس: أنّه كان يقرؤها: أفلم يتبيّن: ويقول: كتبها الكاتب وهو ناعس. ومن طريق ابن جريح، قال: زعم ابن كثير وغيره أنّها القراءة الاولى: وهذه القراءة جاءت عن علي وابن عبّاس وعكرمة وابن أبي مليكة وعلي بن بديمة وشهر بن حوشب وعلي بن الحسين وابنه زيد وحفيده جعفر بن محمد، في آخرين قرؤوا كلّهم: أفلم يتبيّن.

وأمّا ما أسنده الطبري عن ابن عبّاس فقد اشتدّ إنكار جماعة ممّن لا علم له بالرجال صحّته، وبالغ الزمخشري في ذلك كعادته - إلى أن

__________________

(1) الكشّاف 2: 531.

(2) فتح الباري وعنه في الإتقان 1: 270.

٢٤٣

قال: - وهي والله فرية مافيها مرية، وتبعه جماعة بعده والله المستعان، وقد جاء عن بن عبّاس نحو ذلك في قوله تعالى:( وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه ) قال: (ووصّى) التزقت الواو في الصاد. أخرجه سعيد بن منصور بإسناد جيّد عنه.

وهذه الإشياء - وإن كان غيرها المعتمد - لكن تكذيب المنقول بعد صحّته ليس من دأب أهل التحصيل، فلينظر في تأويله بما يليق به»(1) .

وظاهر كلمات ابن حجر في الموردين هو العجز عن الإتيان بتأويل،يساعده اللفظ ويرضاه «أهل التحصيل»

نعم ذكر في قوله تعالى:( يا أيّها الّذين آمنوا لا تدخلوا بيوتاً غير بيوتكم ... ) (2) : «أخرج سعيد بن منصور والطبري والبيهقي في الشعب بسند صحيح: أنّ ابن عبّاس كان يقرأ: (حتى تستأذنوا) ويقول: أخطأ الكاتب، وكان يقرأ على قراءة اُبيّ بن كعب، ومن طريق مغيرة بن مقسم، عن إبراهيم النخعي، قال: في مصحف ابن مسعود (حتى تستأذنوا). وأخرج سعيد بن منصور من طريق مغيرة، عن إبراهيم: في مصحف عبدالله: (حتى تسلّموا على أهلها وتستأذنوا). وأخرجه إسماعيل بن إسحاق في أحكام القرآن عن ابن عبّاس واستشكله. وكذا طعن في صحّته جماعة ممّن بعده.

وأجيب: بأنّ ابن عبّاس بناها على قراءته التي تلقّاها عن ابيّ بن كعب. وأمّا اتّفاق الناس على قراءتها بالسين فلموافقة خطّ المصحف

__________________

(1) فتح الباري 8: 301.

(2) سورة النور: 27.

٢٤٤

الذي وقع الاتّفاق على عدم الخروج عمّا يوافقه. وكان قراءة ابيّ من الأحرف التي تركت القراءة بها - كما تقدّم تقريره في فضائل القرآن -. وقال البيهقي: يحتمل أن يكون ذلك كان في القراءة الاول ثمّ نسخت تلاوته. يعني: ولم يطّلع ابن عبّاس على ذلك»(1) .

مناقشة هذا التأويل

أقول: وفي هذا الجواب نظر من وجوه:

أولاً: إنّ هذا الجواب - إن تمّ - فهو توجيه لقراءة ابن عبّاس، لا لقوله في كتابة المصحف: «أخطأ الكاتب».

وثانياً: كون هذه القراءة «من الأحرف التي تركت القراءة بها» يبتني على ما رووه من أنّه «نزل القرآن على سبعة أحرف» هذا المبنى الذي اختلفوا في معناه وتطبيقه اختلافاً شديداً، وذكروا له وجوهاً كثيرة جداً لا يرجع شيء منها الى محصّل(2) .

__________________

(1) فتح الباري: 11: 6.

(2) يمكن الاطلاّع على ما ذكروه بمراجعة مقدّمات التفاسير، وكتب علوم القرآن، وفتح الباري في شرح البخاري 9: 22 - 30 وغيرها. وقد وقع القوم بالتزامهم بصحّة أحاديث نزول القرآن على سبعة أحرف في مأزق كبير جدّاً، وكان عليهم الالتزام بلوازمه الفاسدة التي منها القول بتحريف القرآن وضياع حروف نزّل عليها من السماء ولو أردنا الدخول في هذا البحث لطال بنا المقام، وقد تقدّم بعض ما يتعلّق به فيما سبق، ويكفي أن نقول بأنّ المرويّ صحيحاً عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام : «إنّ القرآن واحد نزل من عند واحد، ولكنّ الاختلاف يجيء من قبل الرواة» وفي آخر: «كذبوا أعداء الله، ولكنّه نزل على حرف واحد من عند الواحد» [ الكافي 2: 461 باب النوادر | حديث 12 و 13 ].

٢٤٥

وثالثاً: ما احتمله البيهقي يبتني على القول بنسخ التلاوة، وسيأتي البحث عنه مفصّلاً.

ورابعاً: قول ابن حجر: «يعني: ولم يطّلع ابن عبّاس» غريب جدّاً، إذ كيف يخفى على مثل ابن عبّاس نسخ تلاوة شيء من القرآن وهو حبر هذه الأمّة وإمام الأئمة في علوم القرآن؟!.

هذا النسبة إلى ما رووه عن ابن عبّاس ونصّوا على صحّته، ثمّ عجزوا عن تأويله «التأويل اللائق».

تأويل «اللحن» و «الخطأ» وجوابه

وأجابوا عمّا رووه عن عثمان بجوابين، ذكر هما السيوطي - بعد أن قال: «هذا الآثار مشكلة جدّاً» - وقد نقلنا عبارته سابقاً.

وقال الشهاب الخفاجي - بعد كلام الكشّاف: «ولا يلتفت ...» -: «وقيل عليه: لا كلام في نقل النظم تواتراً، فلا يجوز اللحن فيه أصلاً، وهل يمكن أن يقع في الخطّ لحن بأن يكتب «المقيمون» بصورة «المقيمين» بناءً على عدم تواتر صورة الكتابة؟ وما روي عن عثمان وعائشة أنّهما قالا: إنّ في المصحف لحناً وستقيمه العرب بألسنتها - على تقدير صحّة الرواية - يحمل على اللحن في الخطّ. لكنّ الحقّ: ردّ هذه الرواية وإليه أشار - أي الكشّاف - بقوله: إنّ السابقين

(قال): أقول: هذا إشارة إلى ما نقله الشاطبي في الرائية وبيّنه شرّاحه وعلماء الرسم العثماني بسند متّصل إلى عثمان أنّه لمّا فرغ من المصحف قال السخاوي: وهو ضعيف والإسناد فيه اضطراب وانقطاع وتأوّل قوم (اللحن) في كلامه على تقدير صحّته عنه بأنّ المراد الرمز والإيماء.

٢٤٦

(قال): تنبيه: قد نخلنا القول وتتبّعنا كلامهم ما بين معسول ومغسول فآل ذلك إلى أنّ قول عثمان فيه مذهبا، أحدهما: أنّ المراد باللحن ما خالف الظاهر، وهو موافق له حقيقة ليشمل الوجوه تقديراً واحتمالاً. وهذا ما ذهب إليه الداني وتابعه كثيرون. والرواية فيه صحيحة.

والثاني: ما ذهب إليه ابن الأنباري من أنّ (اللحن) على ظاهره، وأنّ الرواية غير صحيحة»(1) .

أقول: وكأن المتأوّلين التفتوا إلى كون تأويلاتهم مزيّفة، فالتجؤوا إلى القول بأنّ تلك الآثار «محرّفة» فقد جاء في الإتقان عن ابن أشتة: أنّه روى الحديث بإسناده عن عثمان وليس فيه لفظ «اللحن» بل إنّه لمّا نظر في المصحف قال: «أحسنتم وأجملتم، أرى شيئاً سنقيمه بألسنتنا». قال: «فهذا الأثر لا إشكال فيه وبه يتّضح معنى ما تقدّم ولعلّ من روى تلك الآثار السابقة عنه حرّفها ولم يتقن اللفظ الذي صدر عن عثمان، فلزم ما لزم من الإشكال. فهذا أقوى ما يجاب عن ذلك».

قال السيوطي بعد إيراد الأجوبة عن حديث عثمان: «وبعد، فهذه الأجوبة لا يصحّ منها شيء من حديث عائشة. أمّا الجواب بالتضعيف فلأنّ إسناده صحيح كما ترى ...»(2) .

أقول: هذه عمدة ما ورد في هذا الباب ممّا التزموا بصحّته، وقد عرفت أن لا تأويل صحيح له عندهم، فهم متورّطون في أمر خطره عظيم،

__________________

(1) عناية القاضي 3: 201.

(2) الإتقان 2: 320 - 326.

٢٤٧

إمّا الطعن في القرآن، وإمّا الطعن في هؤلاء الصحابة الأعيان!!!

ولا ريب في أنّ نسبة «الخطأ» إلى «الصحابة» أولى منه إلى «القرآن» وسيأتي - في الفصل الخامس - بعض التحقيق في حال الصحابة علماً وعدالة، هذا أولاً.

وثانياً: إنّ القول بعدم جواز تكذيب المنقول بعد صحّته - كما هو مذهب الحافظ ابن حجر العسقلاني - غير صحيح، إذ الحديث إذا خالف الكتاب أو السنّة القطعية أو الضروري من الدين أو الجمع عليه بين المسلمين يطرح وإن كان في الكتب المسمّاة بالصحاح كما سيأتي - في الفصل الخامس - ذكر نماذج من ذلك

ترجمة عكرمة مولى ابن عباس

أقول: والذي يهوّن الخطب في هذا المقام: أنّ كثيراً من هذه الآثار في سندها «عكرمة مولى ابن عبّاس» وخاصّة الحديث عن عثمان: «إنّ المصاحف لمّا نسخت عرضت عليه فوجد فيها حروفاً من اللحن فقال: اتركوها ...» والحديث عن ابن عبّاس في الآية:( أفلم ييئس ... ) حيث قال: «أظنّ الكتاب كتبها وهو ناعس».

«وعكرمة» من أظهر مصاديق «الزنادقة» و «أعداء الإسلام» الّذين نسب إليهم اختلاق مثل هذه الآثار، في كلام جماعة من العلماء الكبار، كالحكيم الترمذي، وأبي حيّان الأندلسي، وصاحب «المنار» ...

1 - طعنه في الدين:

لقد كان هذا الرجل طاعناً في الإسلام، مستهتراً بالدين

٢٤٨

والمسلمين، من أعلام الضلالة ودعاة السوء:

فقد نقلوا عن قوله: إنّما أنزل الله متشابه القرآن ليضلّ به.

وأنّه قال في وقت الموسم: وددت أنّي اليوم بالموسم وبيدي حربة فأعترض بها من شهد الموسم يميناً وشمالاً.

وأنّه وقف على باب مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: ما فيه إلاّ كافر.

وأنّه قدم البصرة فأتاه أيّوب وسليمان التميمي ويونس، فبينما هو يحدّثهم سمع صوت غناء، فقال عكرمة: اسكتوا فنستمع. ثم قال: قاتله الله، لقد أجاد.

وعن أبي بكر بن أبي خيثمة: رأيت في كتاب علي بن المديني: سمعت يحيى ابن سعيد يقول: حدّثوني - والله - عن أيّوب أنّه ذكر: أنّ عكرمة لا يحسن الصلاة: قال أيّوب، أو كان يصلّي؟!

وعن سماك، قال: رأيت في يد عكرمة خاتماً من الذهب.

وعن رشدين بن كريب: رأيت عكرمة قد أقيم قائماً في لعب النرد.

2 - إنّه كان يرى رأي الخوارج:

وإنّما أخذ أهل إفريقية رأي الصفرية - وهم من غلاة الخوارج - من عكرمة وذكروا أنه نحل ذلك الرأي إلى ابن عبّاس.

وعن يحيى بن معين: إنّما لم يذكر مالك بن أنس عكرمة، لأنّ عكرمة كان ينتحل رأي الصفرية.

وقال الذهبي: قد تكلّم الناس في عكرمة، لأنّه كان يرى رأي الخوارج.

٢٤٩

ثمّ إنّه نسب تارة إلى «الإباضية» واخرى إلى «الصفرية» وثالثة إلى «نجدة الحروري» وكأنّه كان كلّما جاء فرقة جعل نفسه منهم طمعاً في دنياهم قالوا: وقد طلبه والي المدينة فتغيّب عند داود بن الحصين حتى مات عنده.

3 - إنّه كان كذّاباً:

كذب على ابن عبّاس، وقد أوثقه علي بن عبدالله بن العبّاس على باب كنيف الدار فقيل له: أتفعلون هذا بمولاكم؟ قال: إنّ هذا يكذب على أبي.

وعن سعيد بن المسيّب أنّه قال لمولاه: يا برد، إيّاك أن تكذب عليّ كما يكذب عكرمة على ابن عبّاس.

وعن القاسم: إنّ عكرمة كذّاب، يحدّث غدوة ويخالفة عشيّة.

وقال ابن عمر لنافع: إتّق الله - ويحك يا نافع - لا تكذب عليّ كما كذب عكرمة على ابن عبّاس.

وعن ابن سيرين ويحيى بن معين ومالك بن أنس: كذّاب.

وعن ابن ذويب: رأيت عكرمة مولى ابن عبّاس وكان غير ثقة.

وقال طاوس: لو أنّ عبد ابن عبّاس إتّقى الله وأمسك عن بعض حديثه لشدّت إليه المطايا.

وقد اشتهر تكذيب الناس إيّاه وطعنهم فيه حتى أنه كان يقول: «هؤلاء يكذّبون من خلفي، أفلا يكذّبوني في وجهي»(1) .

__________________

(1) حاول ابن حجر العسقلاني [ مقدّمة فتح الباري: 427 ] توجيه الكلام، ولكن لا ينفعه ذلك، فحال عكرمة تشبه حال أبي هريرة الذي قال للناس:

٢٥٠

4 - عكوفه على أبواب الامراء للدنيا:

قال موسى بن يسار: رأيت عكرمة جائياً من سمرقند وهو على حمار تحته جوالقان - أو خرجان - حرير أجازه بذلك عامل سمرقند ومعه غلام. قال: وسمعت عكرمة بسمرقند وقيل له: ما جاء بك إلى هذه البلاد؟ قال: الحاجة.

وقال عبد المؤمن بن خالد الحنفي: قدم علينا عكرمة خراسان فقلت له: ما أقدمك إلى بلادنا؟ قال: قدمت آخذ من دنانير ولاتكم ودراهمهم.

وقال عبدالعزيز بن أبي رواد: قلت لعكرمة: تركت الحرمين وجئت إلى خراسان! قال: أسعى على بناتي.

وقال أبو نعيم: قدم على الوالي بأصبهان فأجازه بثلاثة آلاف درهم.

وقال عمران بن حدير: رأيت عكرمة وعمامته منخرقة فقلت: ألا اعطيك عمامتي؟ فقال: إنّا لا نقبل إلاّ من الامراء.

أبو طالب: سمعت أحمد بن حنبل يقول: كان عكرمة من أعلم الناس ولكنّه كان يرى رأي الصفرية ولم يدع موضعاً إلاّ خرج إليه، خراسان والشام واليمن ومصر وإفريقية، كان يأتي الامراء فيطلب جوائزهم، وأتى الجند إلى طاووس فأعطاه ناقة.

ومن الطبيعي أن يستجيب هكذا رجل لرغبات الولاة والامراء

__________________

أتزعمون أنّي أكذب على الله ورسوله وأحرق نفسي بالنار ...؟!

٢٥١

فيضع كل ما تقتضيه السياسة ويدعم الحكومات الجائرة

5 - ترك الناس جنازته:

ومن الطبيعي أيضاً سقوط هكذا إنسان في المجتمع الإسلامي، فلا تبقى قيمة لا له ولا لأحاديثه حتى إذا مات فلا تشيّع جنازته ولا يصلّى عليه كما ذكر المؤرّخون في ترجمة عكرمة وأضافوا أنّه قد اتّفق موت عكرمة وكثير عزّة الشاعر الشيعي في يوم واحد فشهد الناس جنازة كثير وتركوا جنازة عكرمة. قيل: فما حلمه أحد واكتروا له أربعة رجال من السودان.

6 - قدح الأكابر فيه وتكذيبه:

ولهذه الأور وغيرها كذّب عكرمة كبار الأئمّة الأعلام - الّذين طالما اكتفى علماء الجرح والتعديل بطعن واحدٍ منهم - منهم: ابن عمر، ومجاهد، وعطاء، وابن سيرين، ومالك بن أنس، والشافعي - حيث حكى كلام مالك وقرّره - وسعيد بن المسيّب، والقاسم، ويحيى بن سعيد.

وحرّم مالك الرواية عنه، وأعرض عنه مسلم، وقال مسلم محمد بن سعد: ليس يحتجّ بحديثه، وقال غيره: غير ثقة(1) .

__________________

(1) المصادر المنقول ترجمة عنها عكرمة هي: تهذيب الكمال، تهذيب التهذيب 7: 273 - 263، طبقات ابن سعد 5: 287، وفيات الأعيان 1: 319 ميزان الاعتدال 3: 93، المغني في الضعفاء 2: 84، سير أعلام النبلاء 5: 9، الضعفاء الكبير 3: 373.

٢٥٢

ومع هذا كلّه فإنّ البخاري يروي عنه!! ولكن لا عجب إذ «كلّ يعمل على شاكلته» بل العجب من ابن حجر، حيث ينبري للدفاع عن «عكرمة البربري» والمقصود هو الدفاع عن «صحيح البخاري» فكيف يدافع عمّن تجرّأ على الله، واستهزأ بشعائره، واستخفّ بأحكامه، وطعن في القرآن، واستحلّ دماء المسلمين ...؟ وكيف يدافع عمّن كذّبه الأئمة الثقات حتى ضربوا بكذبه المثل لاشتهاره بهذه الصفة؟ وكيف يدافع عمّن امتنع الناس من حمل جنازته والصلاة عليها؟!

خلاصة البحث

ويتلخّص البحث في هذه الناحية في النقاط التالية:

1 - إنّ الآثار المشتملة على وقوع «الخطأ» في القرآن الكريم باطلة وإن كانت مخرّجة في الصحاح وفي غيرها بأسانيد صحيحة وفاقاً لمن قال بهذا من أعلام المحقّقين من أهل السنّة كما عرفت ووجود الأحاديث الباطلة في الصحاح الستّة أم ثابت، وعدد الاحاديث من هذا القبيل فيها ليس بقليل كما ستعرف.

2 - إنّ التأويلات التي ذكرت من قبل القائلين بصحّة هذه الآثار لا تحلّ المشكلة كما عرفت، ولذا اضطرّ بعضهم إلى القول بأنّها محرّمة، والتزم بالإشكال بعض آخر، ومنه قول ابن قتيبة: «ليست تخلو من أن تكون على مذهب من مذاهب أهل الإعراب أو تكون غلطاً من الكاتب كما ذكرت عائشة، فإن كانت على مذاهب النحو والنحويّين فليس ها هنا لحن والحمدالله، وإن كانت على خطأ في الكتاب فليس

٢٥٣

 على الله ولا على رسوله جنابة الكاتب في الخطّ»(1) .

3 - إنّ مصادرة كتاب «الفرقان» - إن كانت لأجل إثبات «اللحن» في الكتاب - لا تحلّ المشكلة بشكل من الأشكال، فإنّ صاحب هذا الكتاب ينقل الآثار المتضمّنة لهذا المعنى عن الكتب المعتبرة والتي اخرجت فيها تلك الآثار بأسانيد صحيحة على شرط الشيخين، ثمّ يؤكّدها بقوله: «ليس ما قدّمناه من لحن الكتاب في المصحف بضائرة أو بمشكّك في حفظ الله تعالى له، بل إنّ ما قاله ابن عبّاس وعائشة وغيرهما من فضلاء الصحابة وأجلاًء التابعين أدعى لحفظه وعدم تغييره وتبديله. وممّا لا شكّ فيه أنّ كتّاب المصحف من البشر يجوز عليهم ما يجوز على سائرهم من السهو والغفلة والنسيان. والعصمة لله وحده

ومثل لحن الكتّاب كلحن المطابع ...»(2) .

وعلى هذا الأساس يدعو هذا المؤلف إلى تغيير الرسم العثماني وجعل الألفاظ كما ينطق بها اللسان وتسمعها الآذان، بل ينقل عن العزّ ابن عبد السلام أنّه قال بعدم جواز كتابه المصحف بالرسم الأول(3) .

أقول: إنّ مسألة الرسم والخطّ هي أيضاً من المشاكل المترتّبة على القول بصحّة هذه الآثار عن الصحابة والالتزام بصدورها عنهم - فإن لم تكن مترتّبة عليه فلا أقلّ من أن يكون القول بصحّة تلك الآثار سنداً ومتناً مؤيّداً لمن يدعو إلى تغيير الرسم والكتابة - ونحن هنا لا نتعرّض لهذه المسألة، بل نقول بأنّ استدلال مؤلف كتاب «الفرقان» أو استشهاده

__________________

(1) مشكل القرآن: 40.

(2) الفرقان: 41 - 46.

(3) الفرقان: 58.

٢٥٤

بهذه الآثار تامّ، وأنّه لا يلام على إيراده تلك الآثار في كتابه، بل اللوم على من يرويها ويصحّح أسانيدها ويخرجها في كتابه وأنّ طريق الجواب هو ردّها وإبطالها على ما ذكرناه بالتفصيل ...

2 - في أحاديث جمع القرآن

لقد وعد الله سبحانه نبيّه بحفظ القرآن وبيانه، وضمن له عدم ضياعه ونسيانه.

وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كلّما نزل من القرآن شيء أمر بكتابته ويقول في مفرقات الآيات: ضعوا هذا في سورة كذا(1) .

وكانصلى‌الله‌عليه‌وآله يعرضه على جبرئيل في شهر رمضان في كل عام مرّة، وعرضه عليه عام وفاته مرّتين(2) .

وحفظه في حياته جماعة من أصحابه، وكل قطعة كان يحفظها جماعة كبيرة أقلّهم بالغون حدّ التواتر هذا هو الحقّ والأمر الواقع

وقد أوردنا أحاديث القوم في قضية جمع القرآن ووجدناها متناقضة وعقّبناها بذكر ما قيل أو يمكن أن يقال في معناها ووجه الجمع فيما بينها فهل ترتفع المشكلة بهذا الاسلوب؟

إعراض القوم عن علي في جمع القرآن

لابدّ قبل الورود في البحث من أن نقول:

لقد كان أمير المؤمنين عليعليه‌السلام أعلم الناس بكتاب الله

__________________

(1) مسند أحمد 1: 57، الترمذي 11: 225، أبو داود 1: 290، المستدرك 2: 230.

(2) صحيح البخاري 1: 101 وغيره.

٢٥٥

- عزّ وجلّ - عند المخالف والمؤالف، وهو القائل: «والله ما نزلت آية إلاّ وقد علمت فيما نزلت وأين نزلت»(1) والقائل: «سلوني عن كتاب الله، فإنّه ليس آية إلاّ وقد عرفت أبليل نزلت أن بنهار، في سهل أو جبل»(2) .

وهو الذي قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّه:

«علي أعلم الناس بالكتاب والسنّة»(3) .

وقال: «علي مع القرآن والقرآن مع علي»(4) .

وناهيك بحديث: «أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد المدينة فليأتها من بابها»(5) .

وعليعليه‌السلام استاذ ابن عبّاس في التفسير، وقد ذكر القوم أنّ «أعلم الناس بالتفسير أهل مكّة لأنّهم أصحاب ابن عبّاس»(6) .

فلماذا لم يعدّه أنس بن مالك - ولا غيره - من حفّاظ القرآن، ومن الّذين أم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بتعلّمه منهم والرجوع إليهم فيه، فيما رواه البخاري في صحيحه؟!

ثمّ إنّهعليه‌السلام رتّب القرآن الكريم ودوّنه بعيد وفاة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من القراطيس التي كان مكتوباً عليها،

__________________

(1) حلية الأولياء 1: 67، أنساب الأشراف 1: 99.

(2) أنساب الأشراف 1: 99، الاستيعاب 3: 1107.

(3) المعيار والموازنة: 102.

(4) المستدرك 3: 124، الصواعق: 76 و 77، كفاية الطاب: 254.

(5) من الأحاديث المتواترة بين المسلمين. بحثنا عنه سنداً ودلالةً في الجزء العاشر وتالييه من أجزاء كتابنا (نفحات الازهار في خلاصة عبقات الأنوار).

(6) الإتقان 2: 385.

٢٥٦

فكان له مصحف تامّ مرتّب يختصّ به كما لعدّة من الصحابة في الأيام اللاحقة، وهذا من الامور المسلّمة تاريخياً عند جميع المسلمين(1) ومن جلائل فضائل سيّدنا أمير المؤمنين فلما ذا لم يستفيدوا منه؟!

ولعلّ إعراض القوم عن مصحف علي هو السبب في قدح ابن حجر العسقلاني(2) ومن تبعه كالآلوسي(3) في الخبر الحاكي له مع أنّ هذا الأمر من الامور الثابتة الضرورية المستغنية عن أيّ خبر مسند لكنّ هؤلاء يحاولون توجيه ما فعله القوم أو تركوه كلّما وجدوا إلى ذلك سبيلاً ..!!

ثمّ إنّه لماذا لم يدعوا الإمامعليه‌السلام ولم يشركوه في جمع القرآن؟! فإنّا لا نجد ذكراً له فيمن عهد إليهم أمر جمع القرآن في شيء من أخبار القضية، لا في عهد أبي بكر ولا في عهد عثمان فلماذا؟! ألا، إنّ هذه امور توجب الحيرة وتستوقف الفكر!!

حصرهم الجامعين على عهد النبوة في عدد!!

وبعد فإنّ التحقيق - كما عليه أهله من عامّة المسلمين - أنّ القرآن قد كتب كلّه في عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بعده، وجمع في الصدور والسطور معاً من قبل جماعة من أصحابهصلى‌الله‌عليه‌وآله غير أنّ الجامعين له - أي: الحافظين في

__________________

(1) انظر: فتح الباري 9: 9، الاستيعاب - ترجمة أبي بكر -، الصواعق: 78، الإتقان 1: 99، حلية الأولياء 1: 67، التسهيل لعلوم التنزيل 1: 4 المصنّف لابن أبي شيب 1: 545، طبقات ابن سعد 2: 338.

(2) فتح الباري 9: 9.

(3) روح المعاني 1: 21.

٢٥٧

صدورهم - أكثر ممّن كتبه، كما أنّ من كتبه بتمامه فكان ذا مصحف يختصّ به أقلّ ممّن كان عنده سور من القرآن كتبها واحتفظ بها لنفسه فهل كان الجامعون له بتمامه أربعة كما عن أنس بن مالك(1) وعبدالله بن عمرو(2) أو خمسة كما عن محمد بن كعب القرظي(3) أو ستّه كما عن الشعبي(4) أو تسعة كما عن النديم(5) ؟!

إنّ الجامعين للقرآن أكثر من هذه الأعداد وأمّا حديث الحصر في الأربعة وأنّ كلّهم من الأنصار - كما عن أنس بن مالك - فنحن نستنكره تبعاً لجماعة من الأئمّة كما ذكر الحافظ السيوطي ولا نتكلّف تأويله ولا ننظر في سنده ..

كلمة حول أنس بن مالك

بل الكلام في أنس بن مالك نفسه لأنّا قد وجدناه رجلاً كاذباً كاتماً للحقّ، آبياً عن الشهادة به، في قضية مناشدة أمير المؤمنين بحديث الغدير فإنّ أنس بن مالك كان في الناس الّذين نشدهم أمير المؤمنينعليه‌السلام وطلب منهم الشهادة بما سمعوا من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم غدير خم فقام القوم فشهدوا إلاّ ثلاثة منهم لم يقوموا فدعا عليهم فأصابتهم دعوته، منهم أنس بن مالك إذا قال له الإمام: «يا أنس، ما يمنعك أن تقوم فتشهد ولقد حضرتها؟

__________________

(1) صحيح البخاري 6: 102.

(2) صحيح البخاري 6: 102، صحيح مسلم 7: 149.

(3) الإتقان 1: 72، منتخب كنز العمّال 2: 47.

(4) الإتقان 1: 72، البرهان 1: 241.

(5) الفهرست: 30.

٢٥٨

فقال: يا أمير المؤمنين كبرت ونسيت، فقال: اللّهم إن كان كاذباً فارمه بيضاء لا تواريها العمامة، فكان عليه البرص»(1) .

ووجدناه كاذباً في قضية حديث الطائر فإنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا اتي إليه طائر مشوي ليأكل منه وقال: «اللّهم ائتني بأحبّ خلقك إليك وإليّ يأكل معي من هذا الطائر» كان يترقّب دخول عليعليه‌السلام عليه، وكان أنس كلّما جاء علي ليدخل ردّه قائلاً: «إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على حاجة» حتى كانت المرة الأخيرة، فرفع علي يده فوكز في صدر أنس ثمّ دخل فلما نظر إليه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قام قائماً فضمّه إليه وقال: ما أبطأ بك يا علي؟! قال: يا رسول الله، قد جئت ثلاثاً كل ذلك يردّني أنس، قال أنس: فرأيت الغضب في وجه رسول الله وقال: يا أنس، ما حملك على ردّه؟! قلت: يا رسول الله سمعتك تدعو، فأحببت أن تكون الدعوة في الأنصار، قال: «لست بأوّل رجل أحبّ قومه، أبي الله يا أنس إلاّ أن يكون ابن أبي طالب»(2) .

إنّه يكذب غير مرّة، ويمنع أحبّ الناس إلى الله ورسوله من الدخول، ويتسبّب في تأخير استجابة دعوة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، و كما يحصر حفّاظ القرآن في أربعة من الأنصار حبّاً لهم ..!!.

إنّ الباعث له على ما فعل في قصّة الطائر ليس «حبّ الأنصار»

____________

(1) انظر: نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار | قسم حديث الغدير، والغدير 1: - 191: 195.

(2) حديث الطير من الأحاديث المتواترة، تجده في جلّ كتب الحديث والفضائل، وله طرق كثيرة جدّاً حتى أفرده بعضهم بالتأليف وكلّها تشتمل على صنيع أنس بن مالك وهذا الحديث أيضاً من الأحاديث المبحوث عنها بالتفصيل في كتابنا (نفحات الأزهار في خلاصة عبقات الأنوار) في الجزئين: 13 - 14.

٢٥٩

بل «بغض الأمير» هذه الحقيقة التي كشف عنها بكتمان الشهادة بحديث «الغدير» ...

رفض أحاديث جمع القرآن على عهدي أبي بكر وعمر

وعلى كلّ حال، فإن القرآن كان مجموعاً على عهد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وإنّ الجامعين له - حفظاً وكتابة - على عهده كثيرون

وإذا كان القرآن مكتوباً على عهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وكان الأصحاب يؤلّفونه بأمره - كما يقول زيد بن ثابت -(1) فلا وزن لما رووه عن زيد أنّه قال: قبض رسول الله ولم يكن القرآن جمع في شيء»(2) لأنّ «التأليف» هو «الجمع» قال ابن حجر: «تأليف القرآن: أي جمع آيات السورة الواحدة أو جمع السور مرتّبة في المصحف»(3) .

وعلى هذا الأساس، يجب رفض ما رووه من الأحاديث في أنّ «أوّل من جمع القرآن أبوبكر» أو «عمر» أو غيرهما من الأصحاب بأمرهما لأنّ الجمع في المصحف قد حصل قبل أبي بكر فلا وجه لقبول هذه الأحاديث - حتى لو كانت صحيحة سنداً - كي نلتجئ إلى حمل «فكان [ عمر ] أوّل من جمعه في المصحف»(1) مثلاً على أنّ المراد:

__________________

(1) المستدرك 2: 662.

(2) الإتقان 1: 202.

(3) فتح الباري 9: 8.

(4) الإتقان 1: 204.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

السلام : « يصبون عليها الماء صباً من وراء الثياب »(١) واستحبّه الشيخ في كتابي الأخبار جمعاً بينهما(٢) ، وروي أنهم يغسلون مواضع الوضوء(٣) .

مسألة ١٣٠ : لو كان مع الرجال الاجانب نساء كافرات ، قال علماؤنا : يأمر الرجال المسلمون امرأة من الكفار بالاغتسال ـ إمّا تعبدا ، أو لزوال النجاسة الطارئة ـ ثم يعلمها تغسيل المسلمات ، فتغسلها ، لقول الصادقعليه‌السلام عن المرأة المسلمة تموت وليس معها امرأة مسلمة ، ولا رجل مسلم من ذوي قرابتها ، ومعها نصرانية ورجال مسلمون ، قال : « تغتسل النصرانية ، ثم تغسلها »(٤) وبه قال مكحول مع ذوي أرحامها أيضاً(٥) ، وغسلت امرأة علقمة امرأة نصرانية(٦) ، ومنع أكثر الجمهور من ذلك ، لأنّه عبادة فلا تصح من الكافر ، بل ييممها الرجال(٧) .

مسألة ١٣١ : ولا يغسل الرجل إلّا رجل ، أو زوجته ، ذهب إليه العلماء كافة ـ إلّا رواية عن أحمد(٨) ـ قالت عائشة : لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرناه ما غسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير نسائه(٩) . ووصّى أبو

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٤٤٢ / ١٤٢٧ ، الاستبصار ١ : ٢٠٢ / ٧١٢.

٢ ـ التهذيب ١ : ٤٤٢ ذيل الحديث ١٤٢٧ ، الاستبصار ١ : ٢٠٢ ذيل الحديث ٧١٢.

٣ ـ التهذيب ١ : ٤٤٣ / ١٤٣٠ ، الاستبصار ١ : ٢٠٣ / ٧١٥.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٥٩ / ١٢ ، الفقيه ١ : ٩٥ / ٤٤٠ ، التهذيب ١ : ٣٤٠ ـ ٣٤١ / ٩٩٧.

٥ ـ المغني ٢ : ٣٩٧.

٦ ـ المغني ٢ : ٣٩٧.

٧ ـ المغني ٢ : ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٣ ، المجموع ٥ : ١٤١ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٦ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٧٢.

٨ ـ الشرح الكبير ٢ : ٣١١ ، المجموع ٥ : ١٣٢ و ١٤٩ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٤.

٩ ـ سنن البيهقي ٣ : ٣٨٧ ، سنن ابي داود ٣ : ١٩٧ / ٣١٤١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٠ / ١٤٦٤ ، مسند أحمد ٦ : ٢٦٧.

٣٦١

بكر أن تغسله زوجته أسماء بنت عميس(١) ، ولقول الصادقعليه‌السلام عن الرجل يصلح أن ينظر إلى امرأته حين تموت ، أو يغسلها إن لم يكن عندها من يغسلها ، وعن المرأة هل لها مثل ذلك من زوجها حين يموت : « لا بأس ، إنّما يفعل ذلك أهل المرأة ، كراهة أن ينظر زوجها إلى شيء يكرهونه »(٢) .

فروع :

أ ـ قال في النهاية : تغسله هي أو غيرها من محارمه مع عدم الرجال من وراء الثياب ولا يجردنه(٣) . وأطلق في غيرها(٤) ، وهو الوجه ، والروايات المانعة(٥) محمولة على الاستحباب ، وكذا ما روي من اشتراط تغسيلها إياه من وراء الثياب(٦) .

ب ـ لو طلق رجعيا ثم مات جاز لها أن تغسله ـ وروى المزني عن الشافعي المنع(٧) ـ ولو كان بائنا لم يجز.

ج ـ يجوز لام ولده أن تغسله ـ وهو أحد وجهي الشافعي(٨) ـ لأنّها لو ماتت غسلها فأشبهت الزوجين ، وأوصى زين العابدينعليه‌السلام أن تغسله

__________________

١ ـ مصنف ابن ابي شيء بة ٣ : ٢٤٩ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٩٧.

٢ ـ الكافي ٣ : ١٥٧ / ٢ ، الفقيه ١ : ٨٦ / ٤٠١ ، التهذيب ١ : ٤٣٩ / ١٤١٧ ، الاستبصار ١ : ١٩٨ / ٦٩٨.

٣ ـ النهاية : ٤٢.

٤ ـ الخلاف ١ : ٦٩٩ مسألة ٤٨٦.

٥ ـ التهذيب ١ : ٤٤٠ / ١٤٢١ ، الاستبصار ١ : ١٩٩ / ٧٠٢.

٦ ـ الكافي ٣ : ١٥٧ / ٤ ، التهذيب ٤٣٩ / ١٤١٦ ، الاستبصار ١ : ١٩٧ / ٦٩٥.

٧ ـ اُنظر مختصر المزني : ٣٦.

٨ ـ المجموع ٥ : ١٣٧ و ١٤٦ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٦.

٣٦٢

اُم ولد إذا مات ، فغسلته(١) .

وقال أبو حنيفة : لا يجوز ، وهو الوجه الآخر للشافعي ، لأنّها عتقت بموت فصارت كالأجنبية(٢) ، والعتق بالموت لا يمنع الغُسل كالفرقة به ، وقد ناقض أبو حنيفة بأنها معتدة منه(٣) كما أن الزوجة معتدة منه.

د ـ لو لم تكن الامة اُم ولد احتمل أنها كام الولد ، والمنع لانتقال الملك إلى غيره ، ولم يكن بينهما من الاستمتاع ما تصير به في معنى الزوجات ، وكذا لو طلقها قبل الدخول.

هـ ـ لو كانت الزوجة كافرة ، لم يكن لها غسل زوجها إلّا مع عدم المحارم ، ومنع بعض الجمهور مطلقاًً ، لوجوب النيّة ، وليس الكافر من أهلها(٤) .

و ـ لو تعذّر المسلم والزوجة ، جاز أن يغسله بعض محارمه من وراء الثياب ، لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا مات الرجل مع النساء ، غسلته امرأته ، فإن لم تكن امرأته ، غسلته أولاهن به وتلف على يدها خرقة »(٥) وقالعليه‌السلام في الرجل يموت وليس عنده من يغسله إلّا النساء ، هل تغسله النساء؟ قال : « تغسله امرأته أو ذات محرمه ، ويصب عليه الماء صبا من فوق الثياب »(٦) .

__________________

١ ـ التهذيب ١ : ٤٤٤ / ١٤٣٧ ، الاستبصار ١ : ٢٠٠ / ٧٠٤.

٢ ـ المبسوط للسرخسي ٢ : ٧٠ ، شرح فتح القدير ٢ : ٧٦ ، المجموع ٥ : ١٣٧ ـ ١٣٨ و ١٥٣ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٦ ، المغني ٢ : ٣٩٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٢.

٣ ـ اللباب ٣ : ٨٢ ، بدائع الصنائع ٣ : ٢٠١.

٤ ـ المجموع ٥ : ١٤٥ ، المغني ٢ : ٣٩٥.

٥ ـ التهذيب ١ : ٤٤٤ / ١٤٣٦ ، الاستبصار ١ : ١٩٨ / ٦٩٦.

٦ ـ الكافي ٣ : ١٥٧ / ٤ التهذيب ١ : ٤٣٩ / ١٤١٦ ، الاستبصار ١ : ١٩٧ ـ ١٩٨ / ٦٩٥.

٣٦٣

ز ـ لو مات ولا مسلم هناك ولا ذات رحم ، فإن كان هناك كافر ، أمر بعض النساء المسلمات رجلاً كافراً بالاغتسال ، وعلّمنه غسل أهل الإسلام ، ثم يغسله كذلك ، لقول الصادقعليه‌السلام في مسلم مات وليس معه رجل مسلم ، ولا امرأة مسلمة من ذوي قرابته ، ومعه رجال نصارى ونساء مسلمات ، قال : « يغتسل النصارى ثم يغسلونه فقد اضطر »(١) ومنع الجمهور من ذلك(٢) .

وإن لم يكن معه أحد من الكفار ، قال علماؤنا : يدفن من غير غسل ، ولا تيمم ، لأنّ النظر إليه حرام ، وبه قال الاوزاعي(٣) .

وللشافعي وجهان ، أحدهما : ييمَّم ولا يغسل ـ وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ـ لأنّ في غسله النظر إلى من ليس له بمحرم(٤) ، والثاني : يغسّل من فوق الثوب ويصب الماء من تحته ، ويمر الغاسل يده عليه وعلى يده خرقة ، وبه قال النخعي(٥) ، وعن أحمد روايتان كالوجهين(٦) .

ح ـ لو غسله الكافر لتعذر المسلم وذات الرحم ، أو غسلت الكافرة المسلمة ، ثم وجد مسلم أو مسلمة ، فالوجه إعادة الغُسل ما لم يدفن ، لأنّه ساغ للضرورة وقد زالت ، ولم تحصل الطهارة.

ط ـ لو كان الميت خنثى مشكلاً ، فإن كان صغيراً ، فللرجال والنساء

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ١٥٩ / ١٢ ، التهذيب ١ : ٣٤٠ / ٩٩٧.

٢ ـ المغني ٢ : ٣٩٧ ، فتح العزيز ٥ : ١١٤ ، بُلغة السالك ١ : ١٩٤.

٣ ـ المجموع ٥ : ١٥٢.

٤ ـ الشرح الصغير ١ : ١٩٤ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٧١ ، المجموع ٥ : ١٤١ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٦ ، المغني ٢ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٤.

٥ ـ المجموع ٥ : ١٤١ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٦.

٦ ـ المغني ٢ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٤.

٣٦٤

غسله ، وإن كان كبيراً ، فإن كان له ذو رحم محرم من الرجال أو النساء غسله ، وإن لم يكن فالوجه دفنه من غير غسل.

وللشافعي وجهان ، أحدهما : ييمَّم ـ وبه قال أبو حنيفة(١) ـ والثاني : يُغَسَّل(٢) . ومن يُغَسِّل؟ للشافعية وجوه :

أ ـ يشترى من تركته جارية تغسله ، فإن لم تكن تركة فمن بيت المال ، وهو خطأ لأنّتفاء الملك عنه ، إذ الميت لا يملك شيئاً ، ولا استصحاب هنا.

ب ـ هو في حق الرجال كالمرأة ، وفي حق النساء كالرجل.

ج ـ الأظهر أنّه يجوز للرجال والنساء غسله استصحاباً لما كان في الصغر ، وهو خطأ لأنّتفاء المقتضي في الصغر وهو انتفاء الشهوة(٣) .

مسألة ١٣٢ : إذا ازدحم جماعة يصلحون للغسل ، فإن كان الميت رجلاً فأولاهم به أولاهم بالميراث ، ولو كان هناك رجال أباعد ومحارم من النساء ، جاز لهن تولي غسله ـ قاله في المبسوط(٤) ـ فإن لم يكن محارم فكالأجنبيات.

وقال الشافعي : يترتبون في الغُسل كالصلاة ، الاب ثم الجد ، ثم الابن ، [ ثم ابن الابن )(٥) ثم الاخ ، ثم ابنه ، ثم العم ، ثم ابنه(٦) ، وهل تقدم زوجته على هؤلاء؟ له وجهان : التقدم لأنّ لها النظر إلى عورته

__________________

١ ـ المجموع ٥ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٦ ، المغني ٢ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٤.

٢ ـ المجموع ٥ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٦ ، الوجيز ١ : ٧٣.

٣ ـ المجموع ٥ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٧ ، الوجيز ١ : ٧٣.

٤ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٧٤ ـ ١٧٥.

٥ ـ الزيادة من المصدر.

٦ ـ المجموع ٥ : ١٣٠ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٨ ، الوجيز ١ : ٧٣.

٣٦٥

بخلاف القرابات ، فكانت أولى(١) .

وإن كان الميت امرأة ، فالزوج عندنا أولى من كلّ أحد في جميع أحكامها من الغُسل وغيره ، سواء كان الغير رجلاً أو امرأة قريباً أو بعيداً.

وللشافعي في أولوية الزوج على النساء والقرابات من الرجال وجهان : التقديم ، لأنّه ينظر إلى ما لا ينظرون إليه ، وأظهرهما : تقديمهن عليه ، لأنّ الاُنثى أليق بالأنّثى.

وتقديمه على الرجال الأقارب لأنّهم جميعاً ذكور ، وهو ينظر إلى ما لا ينظرون إليه ، ووجه تقديمهم أن النكاح ينتهي بالموت ، وسبب المحرمية باقٍ(٢) .

وإن لم يكن هناك زوجة ولا رجل ، فإن كان لها فيهن رحم محرم ـ بمعنى أنّه لو كان رجلاً لم يحل له نكاحها كأمها وجدتها وبنتها ـ فهي أولى من كلّ أحد ، ويترتبن ترتب الارث ، فإن كان فيهن ذات رحم لا محرم كبنت العمة فهي أولى من الاجنبيات.

وإن كان هناك رجال بلا نساء ، فإن كان لها فيهم محرم ، فهو أولى ، وإن لم يكن محرم فكالأجنبي ، فإن اجتمع رجال ونساء من القرابات فالنساء أولى ، لأنّهن أعرف وأوسع في باب النظر إليهن.

وجميع ما ذكرناه من التقديم مشروط بالاسلام ، فالكافر كالمعدوم ، حتى يقدم المسلم الأجنبي على القريب المشرك ، ولو سلم من له التقدمه الغُسل لغيره ، فله القيام به بشرط اتحاد الجنس.

مسألة ١٣٣ : لا يغسل الرجل أجنبية ، ولا المرأة أجنبياً ، وهو قول أكثر

__________________

١ ـ المجموع ٥ : ١٣٠ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٨.

٢ ـ المجموع ٥ : ١٣٥ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٨ ، الوجيز ١ : ٧٣.

٣٦٦

العلماء ـ وبه قال سعيد بن المسيب ، والنخعي ، وحماد ، ومالك ، وأصحاب الرأي ، وابن المنذر ، والشافعي في أحد الوجهين ، وأحمد في إحدى الروايتين لتحريم النظر ، وفي الاُخرى : يغسل من فوق القميص(١) ، وهو قول الحسن ، ومكحول ، والشافعي في الآخر(٢) وقد تقدم.

مسألة ١٣٤ : أجمع العلماء على أن للنساء غسل الطفل مجرداً من ثيابه وإن كان أجنبياً ، اختياراً واضطراراً ، لأنّ المرأة تربيه ولا تنفك عن الاطلاع على عورته لكن اختلفوا في تقديره ، فلعلمائنا قولان ، قال الشيخ : تغسل ابن ثلاث سنين(٣) ، وهو أولى ، لقول أبي عبد اللهعليه‌السلام وقد قيل له : حدثني عن الصبي إلى كم تغسله النساء؟ فقال : « إلى ثلاث سنين »(٤) ولأنّه وفاق.

وقال المفيد وسلار : يغسل ابن خمس سنين مجردا ، وإن كان أكبر صبت الماء عليه صبا(٥) .

وقال الحسن : إذا كان فطيماً أو فوقه. وقال الأوزاعي : ابن أربع أو خمس. وقال أصحاب الرأي : الذي لم يتكلم(٦) ، وقال أحمد : دون سبع سنين ، لأنّه لا عورة له(٧) .

__________________

١ ـ بُلغة السالك ١ : ١٩٤ ، المجموع ٥ : ١٥١ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٤ ، الإنصاف ٢ : ٤٨٣.

٢ ـ المجموع ٥ : ١٥١ ، فتح العزيز ٥ : ١٢٦ ، المغني ٢ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٤ ، الإنصاف ٢ : ٤٨٣.

٣ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٧٦.

٤ ـ الكافي ٣ : ١٦٠ / ١ ، الفقيه ١ : ٩٤ / ٤٣١ ، التهذيب ١ : ٣٤١ / ٩٩٨.

٥ ـ المقنعة : ١٣ ، المراسم : ٥٠.

٦ ـ المجموع ٥ : ١٥٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٣ ، المغني ٢ : ٣٩٦.

٧ ـ الإنصاف ٢ : ٤٨١ ، المغني ٢ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٣.

٣٦٧

مسألة ١٣٥ : وكذا للرجل غسل الصبية إجماعاً منّا ، لكن اختلف علماؤنا ، فالشيخان جوّزا بنت ثلاث سنين مجردة ، فإن كانت أكبر غسلوها في ثيابها(١) ، وقال الصدوق : إنّ كانت بنت خمس سنين تدفن ولا تغسل ، وإن كانت أقل غسلت(٢) ، لرواية محمد بن يحيى(٣) ، وهي مرسلة ، والأول أقرب كالصبي.

وقال الثوري : تغسل المرأة الصبي ، والرجل الصبية ، وغسل أبو قلابة بنتاً له ، وسوغه الحسن ، وكرهه أحمد ، والزهري(٤) .

مسألة ١٣٦ : الصبي إذا غسل الميت ، فإن كان مميزاً فالوجه الجواز ، لأنّه تصح طهارته ، فصح أن يطهر غيره كالكبير ، ويحتمل المنع ، لأنّه ليس من أهل التكليف ، ويصح أن يغسل المحرم الحلال وبالعكس ، لأنّ كلّ واحد منهما تصح طهارته وغسله ، فكان له أن يطهر غيره.

البحث الثالث : المحل.

مسألة ١٣٧ : يجب غسل كلّ مسلم للأمر به ، ولا يجب تغسيل الكافر ، ذمياً كان أو حربياً ، مرتداً كان أو أصلياً ، قريباً كان أو بعيداً ، ولا يجوز ذلك ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال مالك ، وأحمد في رواية(٥) ـ لأنّتفاء التطهير عنه ، ولأنّه لا يُصَلّى عليه ، ولا يدعى له ، فلم يكن له(٦) غسله.

__________________

١ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٧٦ ، المقنعة : ١٣.

٢ ـ المقنع : ١٩.

٣ ـ الفقيه ١ : ٩٤ / ٤٣٢.

٤ ـ المغني ٢ : ٣٧٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٤.

٥ ـ بُلغة السالك ١ : ١٩٤ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٧ ، المغني ٢ : ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٥ ، المجموع ٥ : ١٥٣.

٦ ـ الضمير في ( له ) يقصد به الغاسل.

٣٦٨

وقال الشافعي : يجوز له غسل قريبه الكافر ـ وهو رواية عن أحمد(١) ـ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمر علياًعليه‌السلام بمواراة أبيه(٢) ، ولأن غسله من المعروف ، فيدخل تحت قوله :( وصاحبهما في الدنيا معروف ) (٣) والجواب أن أبا طالب مات مسلماً ، وقد اشتهر النقل بذلك(٤) ، والغسل من اُمور الآخرة.

فروع :

أ ـ لو ماتت الذمّيّة تحت المسلم لن يغسلها ، وقال الشافعي : له أن يغسلها لأنّ النكاح كالقرابة(٥) .

ب ـ أولاد المشركين يجرون مجرى آبائهم في عدم التغسيل ، كما أن أولاد المسلمين كآبائهم في وجوبه.

ج ـ قال المفيد : لا يجوز لأحد من أهل الايمان أن يغسل مخالفاً في الولاية ، ولا يصلّي عليه ، إلّا أن تدعوه ضرورة فيغسله غسل أهل الخلاف(٦) .

د ـ ولد الزنا يغسل ، وبه قال الشيخ(٧) ، ومن قال من أصحابنا بكفره(٨)

__________________

١ ـ المجموع ٥ : ١٤٢ ، الاُم ١ : ٢٦٦ ، المهذب ١ : ١٣٥ ، المغني ٢ : ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٣١٥ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٧.

٢ ـ سنن النسائي ٤ : ٧٩ ، مسند أحمد ١ : ٩٧ و ١٠٣ و ١٣١ ، سنن ابي داود ٣ : ٢١٤ / ٣٢١٤ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٩٨ ، مصنف ابن ابي شيء بة ٣ : ٣٤٧.

٣ ـ سورة لقمان : ١٥.

٤ ـ شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ١٤ : ٧١ ، السيرة النبوية لزيني دحلأنّ ١ : ٤٣ ـ ٤٩ ، تاريخ ابن كثير ٢ : ١٢٣ ، خزانة الأدب للبغدادي ٢ : ٧٦.

٥ ـ المجموع ٥ : ١٤٤.

٦ ـ المقنعة : ١٣.

٧ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٨٢.

٨ ـ هو ابن إدريس في السرائر : ٨١ و ١٨٣ و ٢٤١ و ٢٨٧.

٣٦٩

منع من غسله.

مسألة ١٣٨ : ويجب تغسيل أموات المسلمين من الكبار والصغار ، حتى السقط إذا استكمل أربعة أشهر ـ وبه قال سعيد بن المسيب ، وابن سيرين ، واسحاق ، وأحمد(١) ـ لأنّه مات بعد حياته فيجب غسله ، لما روى الجمهور أن الملائكة غسلت آدمعليه‌السلام ، وقالوا لولده : هذه سنة موتاكم(٢) .

ومن طريق الخاصة ما رواه أحمد بن محمد عمن ذكره ، قال : إذا اتم للسقط أربعة أشهر غسل(٣) .

وقال أبو حنيفة ، ومالك : يدرج في خرقة ويدفن إلّا أن يستهل لأنّه لم يثبت له حكم الحياة ، ولا يرث ولا يورث ، والإرث منتف لعدم العلم بحياته حال موت مورثه(٤) ، وللشافعي كالمذهبين(٥) .

فروع :

أ ـ لو كان للسقط أقل من أربعة أشهر لم يغسل ولم يكفن ولم يصل عليه ، ولف في خرقة ودفن ، وهو مذهب العلماء كافة ، إلّا ابن سيرين فإنه قال : يُصَلّى عليه(٦) .

__________________

١ ـ المغني ٢ : ٣٩٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٣.

٢ ـ مسند أحمد ٥ : ١٣٦.

٣ ـ التهذيب ١ : ٣٢٨ / ٩٦٠.

٤ ـ المغني ٢ : ٣٩٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠٢ ، الشرح الصغير ١ : ١٩٣.

٥ ـ المجموع ٥ : ٢٥٥ ، المغني ٢ : ٣٩٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٣.

٦ ـ المغني ٢ : ٣٩٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٣.

٣٧٠

ب ـ لو وجد ميّت لا يعلم أمسلم هو أم كافر ، نظر إلى العلامات كالختان ، فإن لم تكن عليه علامة ، وكان في دار الإسلام غسل وصلي عليه ، وإلّا فلا.

ج ـ صدر الميت كالميت في أحكامه كلها ، وفي وجوب تحنيطه إشكال ينشأ من اختصاصه بالمساجد ، ومن الحكم بالمساواة.

وغير الصدر ، إن كان فيه عظم ، غسل ، ولف في خرقة ، ودفن ، قال سلار : ويحنط(١) ـ وهو حسن(٢) إن كان أحد المساجد وجوباً ، وإلّا فلا ـ وإلّا لفّ من غير غسل ودفن.

د ـ لو ابينت قطعة من حي وفيها عظم ، قيل : تدفن من غير غسل ، لأنّها من جملة لا تغسل(٣) ونمنع التعليل ، لأنّ القطعة ميتة ، وكل ميّت يغسل ، والجملة تغسل لو ماتت.

مسألة ١٣٩ : الشهيد إذا مات في المعركة لا يغسل ولا يكفن ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال أهل العلم إلّا الحسن ، وسعيد بن المسيب ، فإنهما أوجبا غسله ، لأنّه ما مات ميّت إلّا جنب(٤) . وفعل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحق بالاتباع ، وقد أمر بدفن شهداء احد ، وقال : ( زملوهم بدمائهم فإنهم يحشرون يوم القيمة وأوداجهم تشخب دما ، اللون لون الدم ، والريح ريح المسك )(٥) وقال الصادقعليه‌السلام : « الذي يقتل في سبيل الله يدفن في

__________________

١ ـ المراسم : ٤٦.

٢ ـ في نسخة ( ش ) : حق.

٣ ـ قال به المحقق في المعتبر : ٨٦.

٤ ـ المجموع ٥ : ٢٦٤ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٤٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٧ ، الكفاية ٢ : ١٠٤ ، المغني ٢ : ٣٩٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٢٨ ، سبل السلام ٢ : ٥٤٨.

٥ ـ مسند أحمد ٥ : ٤٣١ ، سنن النسائي ٤ : ٧٨ ، سنن البيهقي ٤ : ١١ و ٩ : ١٦٤ ـ ١٦٥ و ١٧٠ ، الجامع الصغير للسيوطي ٢ : ٣٠ / ٤٥٦٣.

٣٧١

ثيابه ولا يغسل إلّا أن يدركه المسلمون وبه رمق ، ثم يموت بعد ، فإنه يغسل ويكفن ويحنط ، إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كفن حمزة في ثيابه ولم يغسله ، ولكنه صلّى عليه »(١) .

فروع :

أ ـ لو كان الشهيد جنباً ، قال الشيخ : لم يغسل(٢) ، وبه قال مالك(٣) ، لعموم الخبر في الشهداء(٤) ، وقال ابن الجنيد والمرتضى : يغسل(٥) ، وبه قال أبو حنيفة وأحمد(٨) ، وللشافعي كالمذهبين(٧) ، لأنّ حنظلة بن الراهب قتل يوم احد(٨) ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( ما شأن حنظلة ، فإني رأيت الملائكة تغسله ) فقالوا : إنّه جامع ثم سمع الهيعة(٩) فخرج إلى القتال(١٠) .

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٢١٢ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٣٢ / ٩٧٣.

٢ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٨٢.

٣ ـ المغني ٢ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٢٩ ، بُلغة السالك ١ : ٢٠٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٧.

٤ ـ سنن النسائي ٤ : ٧٨ ، مسند أحمد ٥ : ٤٣١ ، الجامع الصغير ٢ : ٣٠ / ٤٥٦٣.

٥ ـ حكى قولهما المحقق في المعتبر : ٨٤.

٦ ـ المغني ٢ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٢٩ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٥٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٩٤ ، اللباب ١ : ١٣٤.

٧ ـ المجموع ٥ : ٢٦٣ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٧ ، الوجيز ١ : ٧٦ ، المغني ٢ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٢٩.

٨ ـ احد : جبل من جبال المدينة على بعد ميلين أو ثلاثة منها ، واتفقت غزوة احد فيها ، وذلك في سنة ثلاث من الهجرة لسبع خلون من شوال وقيل للنصف منه ، وكانت راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيد أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، واختص بحسن البلاء فيها والصبر وثبوت القدم ، عندما زلت من غيره الاقدام. راجع السيرة النبوية لابن هشام ٣ : ٦٤ ، السيرة الحلبية ٢ : ٢١٦ ، المغازي للواقدي ١ : ١٩٩ ، تاريخ الطبري ٢ : ٤٩٩ ، الإرشاد للمفيد : ٤٣.

٩ ـ الهيعة والهائعة : الصوت تفزع منه وتخافه من عدو. القاموس المحيط ٣ : ١٠١ « هيع ».

١٠ ـ المستدرك الحاكم ٣ : ٢٠٤ ، سنن البيهقي ٤ : ١٥ ، اسد الغابة ٢ : ٥٩ ، الاصابة ١ : ٣٦١ ، السيرة النبوية لابن هشام ٣ : ٧٩.

٣٧٢

ب ـ لو طهرت المرأة من حيض ، أو نفاس ، ثم استشهدت لم تغسل للعموم(١) . وقال أحمد : تغسل كالجنب ، ولو قتلت في الحيض ، أو النفاس ، سقط الغُسل عنده ، لأنّ الطُهر منهما شرط فيه(٢) .

ج‍ ـ المرأة كالرجل ، والعبد كالحر ، والصبي كالبالغ وإن كان رضيعا ـ وبه قال الشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وأحمد ، وأبو ثور ، وابن المنذر(٣) ـ لأنّه مسلم قتل في معركة والمشركين فكان كالبالغ ، ولأنّه كان في قتلى احد وبدر(٤) أطفال كحارثة بن النعمان ، وعمر بن أبي وقاص ، ولم ينقل أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غسلهم ، وفي يوم الطف(٥) قتل ولد رضيع للحسينعليه‌السلام ولم يغسله ، وقال أبو حنيفة : لا يثبت حكم الشهادة

__________________

١ ـ مسند أحمد ٥ : ٤٣١ ، سنن النسائي ٤ : ٧٨ ، سنن البيهقي ٤ : ١١ و ٩ : ١٦٤ ـ ١٦٥ و ١٧٠ ، الجامع الصغير ٢ : ٣٠ / ٤٥٦٣ ، الكافي ٣ : ٢١٠ ـ ٢١٢ / ١ ـ ٥ ، الفقيه ١ : ٩٧ / ٤٤٦ و ٤٤٧ ، التهذيب ١ : ٣٣٠ / ٩٦٧ ، الاستبصار ١ : ٢١٣ ـ ٢١٤ / ٧٥٣.

٢ ـ المغني ٢ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٢٩.

٣ ـ المجموع ٥ : ٢٦٦ ، المغني ٢ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٠ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٥٤ ، شرح العناية ٢ : ١٠٧.

٤ ـ بدر : اسم بئر كانت لرجل يدعى بدراً ، وفيها دارت رحى أول حرب خاضها المسلمون ، وذلك في شهر رمضان يوم تسعة عشر أو سبعة عشر منه ، على رأس تسعة عشر شهراً من هجرتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . السيرة النبوية لابن كثير ٢ : ٣٨٠ ، السيرة النبوية لابن هشام ٢ : ٢٥٧ ، تاريخ الطبري ٢ : ٤٢١ ، الإرشاد للمفيد : ٣٨.

٥ ـ يوم الطف : هو عاشر محرم الحرام من سنة احدى وستين يوم استشهاد سيد الشهداء الامام الحسينعليه‌السلام على يد الاراذل الامويين من الشجرة الملعونة. كشف الغمة ٢ : ٤٥ ، مناقب ابن شهر آشوب ٤ : ٨٤ ، ترجمة الامام الحسينعليه‌السلام من تاريخ ابن عساكر : ١٦٥ ، تاريخ الطبري ٥ : ٤٠٠ ، اعلام الورى : ٢٢٠ ، الكامل في التاريخ ٤ : ٤٦ ، الاحتجاج : ٣٠١ ، مقتل الحسين للخوارزمي ٢ : ٣٢.

٣٧٣

لغير البالغ ، لأنّه ليس من أهل القتال(١) . ويبطل بالمرأة.

د ـ شرط الشيخان في سقوط غسل الشهيد ، أن يقتل بين يدي إمام عادل في نصرته ، أو من نصبّه(٢) .

ويحتمل اشتراط تسويغ القتال ، فقد يجب القتال ، وإن لم يكن الامام موجودا ، لقولهمعليهم‌السلام : « إغسل كلّ الموتى إلّا من قتل بين الصفين »(٣) .

هـ ـ كلّ مقتول في غير المعركة يغسل ، ويكفن ، ويحنط ، ويُصلّى عليه ، وإن قتل ظلما ، أو دون ماله ، أو نفسه ، أو أهله ، ذهب إليه علماونا أجمع ـ وبه قال الحسن ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد في رواية(٤) ـ لقول الصادقعليه‌السلام : « إغسل كلّ الموتى ، إلّا من قتل بين الصفين »(٥) .

وقال الشعبي ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وأحمد في رواية : لا يغسل(٦) ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( من قتل دون ماله فهو شهيد )(٧) .

و ـ النفساء تغسل ، وتكفن ، ويُصلّى عليها ، وهو مذهب العلماء

__________________

١ ـ المبسوط للسرخسي ٢ : ٥٤ ، شرح العناية ٢ : ١٠٧ ، المجموع ٥ : ٢٦٦ ، المغني ٢ : ٤٠٠.

٢ ـ المقنعة : ١٢ ، المبسوط للطوسي ١ : ١٨١.

٣ ـ الكافي ٣ : ٢١٣ / ٧ ، التهذيب ١ : ٣٣٠ / ٩٦٧ ، الاستبصار ١ : ٢١٣ / ٧٥٣ ، والرواية فيها موقوفة.

٤ ـ المغني ٢ : ٤٠٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢ ، بُلغة السالك ١ : ٢٠٤ ، المجموع ٥ : ٣٦٨ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٤.

٥ ـ الكافي ٣ : ٢١٣ / ٧ ، التهذيب ١ : ٣٣٠ / ٩٦٧ ، الاستبصار ١ : ٢١٣ / ٧٥٣ والرواية فيها موقوفة.

٦ ـ المغني ٢ : ٤٠٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢.

٧ ـ صحيح البخاري ٣ : ١٧٩ ، صحيح مسلم ١ : ١٢٤ ـ ١٢٥ / ٢٢٦ ، سنن النسائي ٧ : ١١٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٨٦١ / ٢٥٨٠ ، سنن ابي داود ٤ : ٢٤٦ / ٤٧٧٢ ، سنن الترمذي ٤ : ٢٨ ـ ٣٠ / ١٤١٨ ـ ١٤٢١ ، مسند أحمد ١ : ١٨٧ و ١٨٩ و ١٩٠ ، الفقيه ٤ : ٢٧٢ / ٨٢٨.

٣٧٤

كافة ، إلّا الحسن قال : لا يُصَلّى عليها لأنّها شهيدة(١) ، وفعل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخلافه ، فإنه صلّى على امرأة ماتت في نفاسها(٢) وتسميتها شهيدة للمبالغة في عظم ثوابها.

ز ـ المطعون والمبطون والغريق ، والمهدوم عليه يغسلون بالإجماع ، وتسميتهم شهداء باعتبار الفضيلة.

ح ـ لا فرق في الشهيد بين من قتل بالحديد ، والخشب ، والصدم ، واللطم باليد أو الرجل ، عملاً بإطلاق اللفظ.

ط ـ لو عاد عليه سلاحه فقتله ، فهو كالمقتول بأيدي العدو ، لأنّه قتل بين الصفين ، وقال رجل من أصحاب النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أغرنا على حي من جهينة ، فطلب رجل من المسلمين رجلاً منهم فضربه فأخطأ فأصاب نفسه بالسيف ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( أخوكم يا معشر المسلمين ) فابتدر الناس ، فوجدوه قد مات ، فلفه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثيابه ، ودمائه ، وصلّى عليه ، فقالوا : يا رسول الله أشهيد هو؟ قال : ( نعم ، وأنا له شهيد )(٣) .

ي ـ لو وجد غريقاً أو محترقاً في حال القتال ، أو ميتاً لا أثر فيه ، قال الشيخ : لا يغسل(٤) ـ وبه قال الشافعي(٥) ـ لاحتمال أنّه مات بسبب من أسباب القتال.

__________________

١ ـ المغني ٢ : ٤٠٣.

٢ ـ صحيح البخاري ٢ : ١١١ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٦٤ / ٩٦٤ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٠٩ / ٣١٩٥ مسند أحمد ٥ : ١٩ ، سنن النسائي ٤ : ٧٢.

٣ ـ سنن ابي داود ٣ : ٢١ / ٢٥٣٩.

٤ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٨٢.

٥ ـ المجموع ٥ : ٢٦٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٢.

٣٧٥

وقال ابن الجنيد : يغسل(١) ـ وبه قال أبو حنيفة(٢) ـ لوجوب الغُسل في الأصل ، وقول الشيخ جيد.

يا ـ قال الشافعي : القتال الذي يثبت به حكم الشهادة هو أن يقتل المسلم في معترك المشركين بسبب من أسباب قتالهم ، مثل أن يقتله المشركون ، أو يحمل على قوم منهم فيتردى في بئر أو يقع من جبل ، أو يسقط من فرسه ، أو يرفسه فرس غيره ، أو يرجع سهم نفسه عليه فيقتله(٣) ، وهو جيد.

فإن انكشف الصف عن مقتول من المسلمين ، لم يغسل وإن لم يكن به أثر ، وقال أبو حنيفة وأحمد : إن لم يكن أثر غسل(٤) ، قال أبو حنيفة : فإن كان دمه يخرج من عينه أو اذنه لم يغسل ، وإن كان يخرج من أنفه أو ذكره أو دبره غسل(٥) .

يب ـ لو نقل من المعركة وبه رمق ، أو انقضى الحرب وبه رمق ، غسل ـ وبه قال الشافعي ، وأحمد(٦) ـ سواء أكل أو لا ، وصى أو لم يوص ، للأصل الدال على وجوب الغُسل ، وقال الصادقعليه‌السلام : « الشهيد

__________________

١ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٨٤.

٢ ـ المبسوط للسرخسي ٢ : ٥١.

٣ ـ الاُم ١ : ٢٦٨ ، مغني المحتاج ١ : ٣٥٠ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠١ ، المجموع ٥ : ٢٦١ و ٢٦٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٢ ، السراج الوهاج : ١١٠.

٤ ـ اللباب ١ : ١٣٣ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٥١ ، شرح فتح القدير ٢ : ١٠٤ ، المغني ٢ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٠ ، زاد المستقنع : ٢٢ ـ ٢٣ ، المجموع ٥ : ٢٦٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٢.

٥ ـ المبسوط للسرخسي ٢ : ٥١ ـ ٥٢ ، شرح فتح القدير ٢ : ١٠٤ ، اللباب ١ : ١٣٣ ، الجامع الصغير : ١١٩.

٦ ـ الاُم : ٢٦٨ ، المجموع ٥ : ٢٦١ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٤ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠١ ، مغني المحتاج ١ : ٣٥٠ ، الوجيز ١ : ٧٥ ، المغني ٢ : ٤٠٠.

٣٧٦

إذا كان به رمق غسل وكفن وحنط وصلي عليه ، وإن لم يكن به رمق دفن في أثوابه»(١) .

وقال مالك : لا اعتبار بتقضي الحرب ، بل بأن يأكل ، أو يشرب ، أو يبقى يومين أو ثلاثة ، فيغسل حينئذ(٢) .

وقال أصحاب أبي حنيفة : إذا خرج عن صفة القتل وصار إلى حال الدنيا نقص بذلك حكم الشهادة ، مثل أن يأكل أو يشرب ، أو يوصي ، فأما غير ذلك فلم يخرج بذلك عن صفة القتلى ، لأنّ القتيل قد يبقى فيه النفس ، ومعنى الشهادة حاصل في حقه(٣) ، وليس بجيد ، لأنّه مات بعد تقضي الحرب ، فلم يثبت له حكم الشهادة ، كما لو أوصى.

مسألة ١٤٠ : إذا قتل أهل البغي أحدا من أهل العدل ، فهو شهيد ، ذهب إليه علماؤنا ، وبه قال أبو حنيفة(٤) ، لأنّ علياًعليه‌السلام لم يغسل من قتل معه(٥) ، وأوصى عمار أن لا يغسل ، وقال : ادفنوني في ثيابي فإني مخاصم(٦) ، وأوصى أصحاب الجمل إنا مستشهدون غداً ، فلا تنزعوا عنا ثوباً ولا تغسلوا عنا دماً(٧) .

__________________

١ ـ الكافي ٣ : ٢١١ / ٣ ، الفقيه ١ : ٩٧ / ٤٤٦ ، التهذيب ١ : ٣٣١ / ٩٧١ ، الاستبصار ١ : ٢١٤ / ٧٥٧.

٢ ـ المدونة الكبرى ١ : ١٨٣ ، القوانين الفقهية : ٩٣ ، المغني ٢ : ٤٠١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣١ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٥.

٣ ـ المبسوط للسرخسي ٢ : ٥١ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٢١ ، اللباب ١ : ١٣٤ ، المغني ٢ : ٤٠١.

٤ ـ المبسوط للسرخسي ٢ : ٥٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٢٣ ، شرح فتح القدير ٢ : ١٠٣ ، المجموع ٥ : ٢٦٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٢ ـ ١٥٣ ، المغني ٢ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢.

٥ ـ المغني ٢ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢.

٦ ـ مصنف ابن ابي شيء بة ٣ : ٢٥٣ ، سنن البيهقي ٤ : ١٧ ، المغني ٢ : ٤٠٢ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٥٠.

٧ ـ مصنف ابن ابي شيء بة ٣ : ٢٥٢ ، سنن البيهقي ٤ : ١٧ ، المغني ٢ : ٤٠٢ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٥٠.

٣٧٧

وقال مالك : يغسل(١) ، وللشافعي كالقولين(٢) ، وعن أحمد روايتان(٣) ، لأنّ أسماء بنت أبي بكر غسلت ابنها عبد الله بن الزبير(٤) ، وليس بجيد ، لأنّه اخذ وصلب فهو كالمقتول ظلما ، وليس بشهيد في المعركة.

أما الباغي فللشيخ قولان ، في المبسوط والخلاف : لا يغسل ، ولا يكفن ، ولا يُصَلّى عليه ، سواء مات في المعركة أو لا ، واستدل بأنه كافر(٥) ـ وبه قال أبو حنيفة(٦) ـ لأنّهم جماعة ليس لهم منعة وقوة باينوا أهل الحق بدار وقتال ، فلا يغسلون ، ولا يُصَلّى عليهم كأهل دارالحرب.

وقال في سير الخلاف : يغسل ويُصلّى عليه(٧) ـ وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأحمد(٨) ـ لقولهعليه‌السلام : ( صلوا على من قال لا إله إلّا الله )(٩) ولأنّه مسلم قتل بحق ، فأشبه الزاني.

مسألة ١٤١ : أهل القافلة إذا قتلهم اللصوص غسلوا وكفنوا وصلي عليهم

__________________

١ ـ المدونة الكبرى ١ : ١٨٤ ، تفسير القرطبي ٤ : ٢٧٢ ، المجموع ٥ : ٢٦٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٣ ـ ١٥٤.

٢ ـ الوجيز ١ : ٧٥ ، المجموع ٥ : ٢٦١ و ٢٦٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٢ ، السراج الوهاج : ١١٠ ، مغني المحتاج ١ : ٣٥٠ ، المغني ٢ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢.

٣ ـ المغني ٢ : ٤٠٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢.

٤ ـ سنن البيهقي ٤ : ١٧.

٥ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٨٢ ، الخلاف ١ : ٧١٤ مسألة ٥٢٤.

٦ ـ اللباب ١ : ١٣٥ ، المجموع ٥ : ٢٦٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٤.

٧ ـ الخلاف : كتاب البغاة مسألة ١٣.

٨ ـ المجموع ٥ : ٢٦١ و ٢٦٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٤ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٩ ، المغني ٢ : ٤٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢.

٩ ـ سنن الدارقطني ٢ : ٥٦ / ٣ و ٤. مجمع الزوائد ٢ : ٦٧ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٨ / ٥٠٣٠.

٣٧٨

ودفنو ـ وبه قال مالك ، وأحمد ، وللشافعي قولان(١) ـ للعموم(٢) .

وقال أبو حنيفة : من قتل ظلماً بحديد فإنه لا يغسل كالشهيد ، ومن قتل بمثقل غسل(٣) . وهو خطأ لأنّ علياًعليه‌السلام قتل بحديد ، وكذا عمر ، وغسلاً(٤) .

ولو قتل اللص وقاطع الطريق ، غسل وكفن وصلي عليه ودفن ، لأنّ الفسق لا يمنع هذه الاحكام.

مسألة ١٤٢ : قال الشيخان : من وجب عليه القود أو الرجم ، امر بالاغتسال والتحنط ، ثم يقام عليه الحد ويدفن(٥) ، ووافقهما الصدوق ، وزاد تقديم الكفن أيضاً(٦) ، لأنّ الصادقعليه‌السلام قال : « المرجوم والمرجومة يغسلان ويحنطان ويلبسان الكفن قبل ذلك ، ويُصلّى عليهما ، والمقتص منه بمنزلة ذلك ، يغتسل ويتحنط ويلبس الكفن ويُصلّى عليه »(٧) .

وقال الشافعي : المقتول قصاصاً ، أو رجماً ، يغسل ويُصلّى عليه(٨) ، والظاهر أن مراده بعد موته.

__________________

١ ـ الاُم ١ : ٢٦٨ ، المجموع ٥ : ٢٦٢ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨٤ ، المغني ٢ : ٤٠٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢.

٢ ـ الكافي ٣ : ٢١٣ / ٧ ، التهذيب ١ : ٣٣٠ / ٩٦٧ ، الاستبصار ١ : ٢١٣ / ٧٥٣.

٣ ـ المبسوط للسرخسي ٢ : ٥٢ ، المجموع ٥ : ٢٦٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٥ ، الميزان ١ : ٢٠٩.

٤ ـ اُنظر المناقب لابن شهر آشوب ٣ : ٣١٢ ، كشف الغمة ١ : ٤٢٩ ، الكامل في التاريخ. ٣ : ٥٠ ، تاريخ الخميس ٢ : ٢٤٩ ، الطبقات الكبرى ٣ : ٣٣٧ ، تاريخ الطبري ٤ : ١٩١ ، سنن البيهقي ٤ : ١٦ و ١٧.

٥ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٨١ ، المقنعة : ١٣.

٦ ـ المقنع : ٢٠.

٧ ـ الكافي ٣ : ٢١٤ ـ ٢١٥ / ١ ، الفقيه ١ : ٩٦ / ٤٤٣ ، التهذيب ١ : ٣٣٤ / ٩٧٨.

٨ ـ الاُم ١ : ٢٦٨ ، الوجيز ١ : ٧٥ ، المجموع ٥ : ٢٦٢ و ٢٦٧.

٣٧٩

فروع :

أ ـ لا يجب غسله ثانياً ، ولكن يُصَلّى عليه إذا كان مسلماً.

ب ـ لو مسّه بعد القتل ، لم يجب عليه الغُسل ، لأنّه مغتسل وقد طهر به ، وإلّا انتفت فائدته ، وتقديم الغسل يمنع من تجدد النجاسة بالموت ، لتحقق الطهارة به.

ج ـ الشهيد لا يجب بمسه الغُسل ، لطهارته.

د ـ لو اغتسل المقتول قوداً ، فمات قبل القتل ، وجب الغُسل عليه وعلى لامسه.

مسألة ١٤٣ : المحرم كالمحل ، إلّا أنّه لا يقرب الكافور والطيب في غسل ولا حنوط ، ولا يمنع من المخيط ، ولا من تغطية الرأس والرجلين ، قاله الشيخان(١) وأكثر علمائنا(٢) لقولهعليه‌السلام : ( لا تقربوه طيباً ، فإنه يحشر يوم القيامة ملبيا )(٣)

ومن طريق الخاصة ، ما رواه محمد بن مسلم ، عن الباقر والصادقعليهما‌السلام ، قال : سألتهما عن المحرم كيف يصنع به إذا مات؟ قال : « يغطى وجهه ويصنع به كما يصنع بالحلال ، غير أنّه لا يقرب طيباً »(٤) .

__________________

١ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١٨٠ ، المقنعة : ١٢.

٢ ـ منهم : سلار في المراسم : ٥٠ ، وابن إدريس في السرائر ٣٣ ، والمحقق في المعتبر ٨٨ ـ ٨٩.

٣ ـ صحيح البخاي ٢ : ٩٦ ، مسند أحمد ١ : ٣٣٣ ، سنن النسائي ٥ : ١٩٥ و ١٩٦ ، سنن أبي داود ٣ : ٢١٩ / ٣٢٤١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٣٠ / ٣٠٨٤ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٩٢ ، سنن الدارقطني ٢ : ٢٩٥ / ٢٦٤.

٤ ـ التهذيب ١ : ٣٣٠ / ٩٦٥.

٣٨٠

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403