تذكرة الفقهاء الجزء ٢

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: 512

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: 512
المشاهدات: 34322
تحميل: 8007


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 512 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 34322 / تحميل: 8007
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 2

مؤلف:
ISBN: 964-5503-35-3
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وروي عن ابن عباس في مسافر صلّى الظهر قبل الزوال يجزيه ، ونحوه قال الحسن ، والشعبي(1) .

وعن مالك فيمن صلّى العشاء قبل مغيب الشفق جاهلا أو ناسيا : يعيد ما كان في الوقت فإذا ذهب الوقت قبل علمه أو ذكره فلا شي‌ء عليه(2) .

مسألة 76 : لا يجوز التعويل في دخول الوقت على الظن مع القدرة على العلم‌ ، لقضاء العقل بقبح سلوك طريق لا يؤمن معه الضرر مع التمكن من سلوك ما يتيقن معه الأمن ، فإن تعذّر العلم اكتفى بالظن المبني على الاجتهاد لوجود التكليف بالفعل ، وتعذر العلم بوقته ، فإن ظن دخول الوقت صلى ، فإن استمر على ظنه ، أو ظهرت صحته أجزأ ، وإن انكشف فساده قبل دخول الوقت استأنف بعد الوقت.

وإن دخل الوقت وهو متلبس ولو قبل التسليم أجزأ على الأقوى ـ واختاره الشيخ في المبسوط(3) ـ لأنه فعل المأمور به فخرج عن العهدة ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا صلّيت وأنت ترى أنك في وقت ولم يدخل الوقت فدخل وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك »(4) .

وقال المرتضى ، وابن الجنيد : يعيد على كل حال ، لأنه أدى غير المأمور به فلا يجزي عن المأمور به(5) ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « من صلى في غير وقت فلا صلاة له »(6) .

والجواب : المنع من كون المأتي به غير مأمور به ، ومن دخول صورة‌

__________________

(1) المغني 1 : 441 ، الشرح الكبير 1 : 480.

(2) المغني 1 : 441 ، الشرح الكبير 1 : 480.

(3) المبسوط للطوسي 1 : 74.

(4) الكافي 3 : 286 ـ 11 ، الفقيه 1 : 143 ـ 666 ، التهذيب 2 : 35 ـ 110.

(5) رسائل الشريف المرتضى 2 : 350 ، وحكاه المحقق في المعتبر : 143.

(6) الكافي 3 : 285 ـ 6 ، التهذيب 2 : 140 ـ 547 ، الاستبصار 1 : 244 ـ 868.

٣٨١

النزاع تحت العموم لأنّا نقول : إنّه وقت الصلاة.

وللشيخ قول آخر في النهاية ضعيف ، وهو : أن من دخل قبل الوقت في الصلاة عامدا ، أو ناسيا ، فإن دخل ولم يفرغ منها فقد أجزأته(1) .

فروع :

أ ـ لو شك في الوقت لم تجز الصلاة حتى يتيقن ، أو يظن دخوله إن لم يتمكن من العلم لأصالة البقاء فيكون الدخول مرجوحا.

ب ـ لو فقد العلم بالدخول والظن كالأعمى والمحبوس في موضع مظلم يجوز له التقليد ، لتعذر علم الوقت وظنّه ، وهو أحد وجهي الشافعي(2) ، وحكى أبو حامد عنه المنع لأن من كان من أهل الاجتهاد في شي‌ء لا يجوز له التقليد فيه كالعالم لا يقلد في الحوادث(3) ، ولو تمكن من الاجتهاد بعمل راتب له ، أو درس مثلا عمل عليه ولم يجز له التقليد.

ج ـ لو أخبره العدل بدخول الوقت عن علم ولا طريق سواه بنى عليه ، ولو كان له طريق لم يعول على قوله لأن الظن بدل عن العلم فيشترط عدم الطريق إليه كالمبدل.

د ـ لو سمع الأذان من ثقة عارف جاز أن يقلده في موضع جوازه لقولهعليه‌السلام : ( المؤذن مؤتمن )(4) ، ولا يجوز التعويل على أصوات الديكة. وقالت الشافعية : يجوز إذا عرف أن عادتها الصياح بعد الوقت(5) .

__________________

(1) النهاية : 62.

(2) المجموع 3 : 72 ، فتح العزيز 3 : 58 ، مغني المحتاج 1 : 127.

(3) فتح العزيز 3 : 59 ، المجموع 3 : 72 ، حلية العلماء 2 : 18.

(4) التهذيب 2 : 282 ـ 1121 وانظر سنن أبي داود 1 : 143 ـ 517 ، سنن الترمذي 1 : 402 ـ 207 ، مسند أحمد 2 : 232 ، مسند الطيالسي : 316 ـ 2404.

(5) المجموع 3 : 74 ، فتح العزيز 3 : 58 ، مغني المحتاج 1 : 127.

٣٨٢

هـ ـ التعويل على المؤذن الثقة إنما هو للأعمى غير المتمكن من الاجتهاد ، أو البصير كذلك.

وقال بعض الشافعية : يجوز تقليد المؤذن مطلقا لأن الأذان بمنزلة الإخبار بالوقت فيجب قبوله(1) ، وقال بعضهم : يجوز في الصحو دون الغيم لأنه في الصحو إنما يؤذن عن مشاهدة وعلم ، وفي الغيم عن اجتهاد فيقلد في الأول دون الثاني(2) .

و ـ لو صلى المحبوس أو الأعمى من غير اجتهاد ولا تقليد أعادا الصلاة وإن وافقا الوقت ، وبه قال الشافعي(3) .

ز ـ لو صلى قبل الوقت فقد بيّنا عدم صحتها ، وهل نقع نفلا؟ الوجه : المنع لأنه لم يقصده ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر : تقع نفلا لئلاّ يضيع عمله(4) ، وليس بجيد.

ح ـ معرفة الوقت واجبة لأن الامتثال إنما يحصل معها.

مسألة 77 : لا فرق في المنع من التقديم على الوقت بين الفرائض ، والنوافل إلا في موضعين : أحدهما : نوافل الظهرين يوم الجمعة فإنه يجوز تقديمها على الزوال للحاجة الداعية ، وهي الشروع في الخطبة ، والاستماع لها ، ولأنّه زمان شريف فتساوت أجزاؤه في إيقاع النوافل على ما يأتي.

والثاني : صلاة الليل لشاب يمنعه من القيام بالليل رطوبة رأسه ، أو‌

__________________

(1) المجموع 3 : 74 ، فتح العزيز 3 : 59 ، مغني المحتاج 1 : 127.

(2) المجموع 3 : 74 ، فتح العزيز 3 : 59 ، مغني المحتاج 1 : 127.

(3) الام 1 : 72 ، المجموع 3 : 72 ، فتح العزيز 3 : 60 ، مغني المحتاج 1 : 127.

(4) الوجيز 1 : 40 ، فتح العزيز 3 : 264 ، حلية العلماء 2 : 88.

٣٨٣

مسافر يصدّه سيره عن التنفل ليلا فإنه يجوز لهما تقديم نافلة الليل بعد العشاء ، اختاره الشيخ(1) ( لأنهما معذوران فجاز لهما التقديم محافظة على السنن )(2) .

ومنعه آخرون(3) وهو الوجه عندي لأنّها عبادة موقتة فلا تفعل قبل وقتها كغيرها ( من العبادات )(4) ، ولأن معاوية بن وهب قال للصادقعليه‌السلام : رجل من مواليك يريد القيام لصلاة الليل فيغلبه النوم فربما قضى الشهر والشهرين. قال : « قرّة عين له » ولم يرخص له في أول الليل ، وقال : « القضاء بالنهار أفضل »(5) .

فروع :

أ ـ قضاء صلاة الليل بالنهار أفضل من تقديمها في أوله.

ب ـ لو طلع الفجر وقد صلى أربعا من صلاة الليل أتمها ، وزاحم بها الفريضة ، لرواية محمد بن النعمان عن الصادقعليه‌السلام قال : « إذا صلّيت أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع الفجر فأتم الصلاة طلع الفجر أو لم يطلع »(6) .

أما نوافل الظهرين فإن خرج الوقت وقد صلى ركعة أتمها ، وزاحم بها الفرضين ، لقول الصادقعليه‌السلام : « فإن مضى قدمان قبل أن يصلي‌

__________________

(1) النهاية : 61.

(2) ما بين القوسين لم يرد في نسخة ( م ).

(3) منهم ابن إدريس في السرائر : 67.

(4) ما بين القوسين لم يرد في نسخة ( ش ).

(5) الكافي 3 : 447 ـ 20 ، الفقيه 1 : 302 ـ 1381 ، التهذيب 2 : 119 ـ 447 ، الاستبصار 1 : 279 ـ 1015.

(6) التهذيب 2 : 125 ـ 475 ، الإستبصار 1 : 282 ـ 1025.

٣٨٤

ركعة بدأ بالأولى »(1) .

ونوافل المغرب إن خرج وقتها ولم يكملها ، صلّى العشاء وقضاها بعدها.

ج ـ لو نسي ركعتين من صلاة الليل وأوتر ثم ذكرهما ، قضاهما وأعاد الوتر.

مسألة 78 : وقت الوتر بعد صلاة الليل‌ عند علمائنا لقولهعليه‌السلام : ( الوتر ركعة من آخر الليل )(2) وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوتر آخر الليل(3) .

وقال الجمهور : وقته ما بين العشاء وطلوع الفجر الثاني(4) لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الوتر جعله الله لكم ما بين صلاة العشاء الى طلوع الفجر )(5) ونحن نقول بموجبه ، فإنّ آخر وقت العشاء نصف الليل.

فروع :

أ ـ يجوز تقديمه على الانتصاف إذا قدم صلاة الليل للسفر ، أو تعذر الانتباه ، وقضاؤه من الغد أفضل.

ب ـ لا خلاف في أنّ تأخيره عن صلاة الليل أفضل إلاّ أن الشافعي قال : إن لم تكن له عادة بالتهجد فإنه يصلي الوتر عقيب العشاء ، وإن كان له عادة بذلك فالأولى أن يؤخر الوتر حتى يصلّي التهجد ، فإن أوتر في أول الليل‌

__________________

(1) التهذيب 2 : 273 ـ 1086.

(2) صحيح مسلم 1 : 518 ـ 752 ومسند أحمد 2 : 33 و 51.

(3) صحيح مسلم 1 : 512 ـ 745.

(4) المجموع 4 : 13 و 14 ، المغني 1 : 829 ، الشرح الكبير 1 : 746 ، مغني المحتاج 1 : 221 ، المبسوط للسرخسي 1 : 150 ، أقرب المسالك : 23.

(5) سنن ابن ماجة 1 : 369 ـ 1168 ، سنن أبي داود 2 : 61 ـ 418 ، سنن الدارمي 1 : 370.

٣٨٥

ثم قام للتهجد صلى مثنى مثنى ولا يعيد الوتر ، وعنه قول آخر : إن التعجيل مطلقا أفضل(1) . وما ذهبنا نحن إليه أولى.

ج ـ لو اعتقد أنه صلى العشاء فأوتر ، ثم ذكر ، لم يعتد بالوتر عندنا ـ وبه قال الشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد(2) ـ لأنه فعله قبل وقته وإن كان مخطئا ، كما لو ظن دخول الوقت فصلى قبله.

وقال أبو حنيفة : يعتد به ، لأنّ الوقت لهما وإنما بينهما ترتيب فإذا نسيه سقط بالنسيان كترتيب الفوائت(3) .

د ـ آخر وقت الوتر طلوع الفجر لأنه آخر صلاة الليل ، وهو أحد قولي الشافعي ، والآخر : يمتد وقته الى أن يشتغل بفريضة الصبح(4) .

مسألة 79 : صلاة الصبح من صلوات النهار‌ لأن أول النهار طلوع الفجر الثاني عند عامة أهل العلم لأن الإجماع على أن الصوم إنما يجب بالنهار ، والنص دلّ على تحريم الأكل والشرب بعد طلوع الفجر(5) .

وحكي عن الأعمش أنها من صلاة الليل ، وأن ما قبل طلوع الشمس من الليل يحل فيه الطعام والشراب(6) لقوله تعالى‌( فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا

__________________

(1) المجموع 4 : 14 ، فتح العزيز 4 : 237 ـ 238.

(2) المجموع 4 : 13 ، فتح العزيز 4 : 231 و 232 ، بدائع الصنائع 1 : 272 ، المغني 1 : 829 ، الشرح الكبير 1 : 746.

(3) المبسوط للسرخسي 1 : 150 ، بدائع الصنائع 1 : 272 ، فتح العزيز 4 : 232 ، المغني 1 : 829 ، الشرح الكبير 1 : 746.

(4) المجموع 4 : 14.

(5) إشارة إلى قوله تعالى( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) . البقرة : 187.

(6) المجموع 3 : 45.

٣٨٦

 آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ) (1) وآية النهار الشمس ، وقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( صلاة النهار عجماء )(2) ، وقول أمية بن أبي الصلت :

و الشمس تطلع كل آخر ليلة

حمراء يبصر لونها يتوقد(3)

ولا دلالة في الآية ، لأن الآية قد تتأخر إذ لا دلالة فيها على حصر الآية فيها ، ويقال : الفجر صاحب الشمس ، والحديث نسبه الدار قطني إلى الفقهاء(4) ويحتمل إرادة الأكثر.

وأما الشعر فحكى الخليل أنّ النهار هو الضياء الذي بين طلوع الفجر وغروب الشمس(5) ، وسمي طلوع الشمس في آخر كل ليلة لمقارنتها(6) لذلك.

مسألة 80 : قال الشيخ في الخلاف : الصلاة الوسطى هي الظهر‌(7) . وبه قالت عائشة ، وزيد بن ثابت ، وحكي عن أبي حنيفة وأصحابه(8) ـ لأنها وسط صلوات النهار وهي مشقة لكونها في شدة الحر ، ووقت القيلولة ، وقد روي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصلي الظهر بالهاجرة فاشتد ذلك على‌

__________________

(1) الاسراء : 12.

(2) عوالي اللئالي 1 : 421 ـ 98 ونسبه الى الحسن البصري كل من الزمخشري في الفائق 2 : 395 والهروي في غريب الحديث 1 : 282 وابن الأثير في النهاية 3 : 187 « عجم ».

(3) خزانة الأدب 1 : 280.

(4) حكاه النووي في المجموع 3 : 46 ، والزركشي في التذكرة في الأحاديث المشتهرة : 66 والعجلوني في كشف الخفاء 2 : 36 ـ 1609.

(5) العين 4 : 44.

(6) في نسخة ( ش ) : لمقاربتها.

(7) الخلاف 1 : 294 مسألة 40.

(8) أحكام القرآن للجصاص 1 : 442 ، المغني 1 : 421 ، الشرح الكبير 1 : 468 ، احكام القرآن لابن العربي 1 : 225 ، المجموع 3 : 61.

٣٨٧

أصحابه فنزلت( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) (1) (2) وعن عائشة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر(3) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) هي صلاة الظهر ، وهي أول صلاة صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي وسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة والعصر »(4) .

وقال السيد المرتضى : إنها العصر(5) ، وحكاه ابن المنذر عن عليعليه‌السلام ، وأبي هريرة ، وأبي أيوب ، وأبي سعيد ، وهو قول أبي حنيفة ، وابن المنذر(6) لأن علياعليه‌السلام قال : « لمّا كان يوم الأحزاب صلّينا العصر بين المغرب والعشاء ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله قلوبهم وأجوافهم نارا »(7) .

وقال قبيصة بن ذويب : إنّها المغرب ، لأنها أوسط أعداد الصلوات ،

__________________

(1) البقرة : 238.

(2) سنن أبي داود 1 : 112 ـ 411.

(3) سنن أبي داود 1 : 112 ـ 410 ، الموطأ 1 : 138 ـ 25.

(4) الكافي 3 : 271 ـ 1 ، الفقيه 1 : 125 ـ 600 ، التهذيب 2 : 241 ـ 954 ، علل الشرائع : 355 باب 67 حديث 1 ، معاني الأخبار : 332 ـ 5.

(5) رسائل الشريف المرتضى 1 : 275.

(6) عمدة القارئ 18 : 124 ، المجموع 3 : 61 ، فتح الباري 8 : 158 ، إرشاد الساري 7 : 40 ، المغني 1 : 421.

(7) سنن أبي داود 1 : 112 ـ 409 ، سنن ابن ماجة 1 : 224 ـ 684 ، سنن الدارمي 1 : 280 ، مسند أحمد 1 : 81 ـ 82 بتفاوت فيها.

٣٨٨

ووقتها ضيّق فنهي عن تأخيرها(1) .

وقال الشافعي : صلاة الصبح ، وبه قال مالك ، وحكاه الشافعي في البويطي عن عليعليه‌السلام ، وعبد الله بن عباس ، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر أيضا(2) لقوله تعالى( وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ ) (3) عقيب الوسطى ، والقنوت مسنون في الصبح ، وهو ممنوع ، ولأن الفجر لا تجمع الى ما قبلها ولا الى ما بعدها فهي منفردة ، قبلها صلاة الليل ، وبعدها صلاة النهار.

مسألة 81 : قال الشيخ : يكره تسمية العشاء بالعتمة‌(4) ، ولعلّه استند في ذلك الى ما روي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( لا تغلبنكم الأعراب عل اسم صلاتكم فإنها العشاء فإنهم يعتمون بالإبل )(5) فإنهم كانوا يؤخرون الحلب الى أن يعتم الليل ، ويسمون الحلبة العتمة ، وبه قال الشافعي(6) .

قال الشيخ : وكذا يكره تسمية الصبح بالفجر ، بل يسمى بما سماه الله تعالى في قوله( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) (7) (8) .

وقال الشافعي : يستحب أن تسمى بأحد اسمين إما الفجر ، أو الصبح‌

__________________

(1) المجموع 3 : 61 ، فتح الباري 8 : 158 ، عمدة القارئ 18 : 124 ، أحكام القرآن للجصاص 1 : 443.

(2) المجموع 3 : 60 ، المغني 1 : 421 ، الشرح الكبير 1 : 468 ، الموطأ 1 : 139 ـ 28 ، احكام القرآن لابن العربي 1 : 224 ـ 225.

(3) البقرة 238.

(4) المبسوط للطوسي 1 : 75.

(5) صحيح مسلم 1 : 445 ـ 644 ، سنن أبي داود 4 : 296 ـ 4984 ، سنن ابن ماجة 1 : 230 ـ 704 ، سنن النسائي 1 : 270 ، مسند أحمد 2 : 10.

(6) الام 1 : 74 ، المجموع 3 : 41 ، المهذب للشيرازي 1 : 59 ، السراج الوهاج : 35.

(7) الروم : 17.

(8) المبسوط للطوسي 1 : 75.

٣٨٩

لأن الله تعالى سماها فجرا ، وسماها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صبحا ، ولا يستحب أن تسمى الغداة(1) ، والأشبه انتفاء الكراهة ، وروى البخاري أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم إنّها المغرب ، والعرب يسمونها العشاء )(2) .

مسألة 82 : الصلاة تجب بأول الوقت وجوبا موسعا‌ ، وتستقر بإمكان الأداء ، وهو اختيار أكثر علمائنا كالشيخ ، وابن أبي عقيل(3) وبه قال الشافعي(4) لقوله تعالى( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (5) .

ولقول محمد بن مسلم قال : دخلت على الباقرعليه‌السلام وقد صليت الظهر والعصر ، فيقول : « صليت الظهر » فأقول : نعم والعصر ، فيقول : « ما صليت الظهر » فيقوم مسترسلا غير مستعجل ، فيغتسل أو يتوضأ ، ثم يصلي الظهر ، ثم يصلي العصر(6) .

ومن علمائنا من قال : تجب بأول الوقت وجوبا مضيّقا إلاّ أنّه متى لم يفعلها لم يؤاخذ به عفوا من الله تعالى(7) .

وقال أبو حنيفة وأصحابه : يجب بآخر الوقت(8) . وقد مضى تفصيل مذاهبهم(9) .

__________________

(1) الام 1 : 74 ، المهذب للشيرازي 1 : 60 ، المجموع 3 : 46.

(2) صحيح البخاري 1 : 147.

(3) المبسوط للطوسي 1 : 77 ، الخلاف 1 : 276 18 ، وحكى قول ابن أبي عقيل المحقق في المعتبر : 134.

(4) المجموع 3 : 47 ، فتح العزيز 3 : 41 ، الوجيز 1 : 33.

(5) الاسراء : 78.

(6) التهذيب 2 : 252 ـ 999 ، الاستبصار 1 : 256 ـ 920.

(7) الشيخ المفيد في المقنعة : 14.

(8) المجموع 3 : 47 ، فتح العزيز 3 : 41.

(9) تقدم في المسألة 73.

٣٩٠

فروع :

أ ـ لو أخّر حتى مضى إمكان الأداء ومات لم يكن عاصيا ، ويقضي الولي لأن التقدير أنه موسع يجوز له تركه فلا يعاقب على فعل الجائز ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والآخر : يعصي كالحج(1) ، والفرق تضييق الحج عندنا ، وعنده : أن آخر وقت الصلاة معلوم ، فلم يكن في التأخير عذر ، وآخر زمان يؤدي فيه الحج غير معلوم فكان جواز التأخير بشرط السلامة.

ب ـ لو ظنّ التضييق عصى لو أخر إن استمر الظن ، وإن انكشف بطلانه فالوجه عدم العصيان.

ج ـ لو ظن الخروج صارت قضاء ، فإن كذب الظن فالأداء باق.

د ـ لو صلّى عند الاشتباه من غير اجتهاد لم يعتد بصلاته وإن وقعت في الوقت.

هـ ـ لو كان يقدر على درك اليقين بالصبر احتمل جواز المبادرة بالاجتهاد لأنّه لا يقدر على اليقين حالة الاشتباه ، وعدمه ، وللشافعي كالوجهين(2) .

خاتمة : تارك الصلاة الواجبة مستحلا يقتل إجماعا إن كان مسلما ولد على الفطرة من غير استتابة ، لأنه جحد ما هو معلوم من دين الإسلام ضرورة فيكون مرتدا ، ولو تاب لم يسقط عنه القتل ، وإن لم يكن مسلما لم يقتل إن كان من أهل الذمة.

ولو كان مسلما عن كفر فهو مرتد لا عن فطرة يستتاب ، فإن تاب قبلت توبته ، وإلاّ قتل.

ولو كان قريب العهد بالإسلام ، أو نشأ في بادية وزعم أنّه لا يعرف‌

__________________

(1) المجموع 3 : 50 ، فتح العزيز 3 : 41.

(2) المجموع 3 : 73 ، الوجيز 1 : 34 ، مغني المحتاج 1 : 127 ، السراج الوهاج : 35.

٣٩١

وجوبها عليه قبل منه ومنع من العود ، وعرّف الوجوب.

ولو كان غير مستحل لم يكن مرتدا بل يعزر على تركها ، فإن امتنع عزّر ثانيا ، فإن امتنع عزّر ثالثا ، فإن امتنع قتل في الرابعة ، وقال بعض علمائنا : قتل في الثالثة(1) .

فروع :

أ ـ إذا ترك محرّما طولب بها الى أن يخرج الوقت ، فإذا خرج أنكر عليه وأمر بقضائها ، فإن لم يفعل عزر ، فإن انتهى وصلى برئت ذمته ، وإن أقام على ذلك حتى ترك ثلاث صلوات وعزّر فيها ثلاث مرات قتل في الرابعة ، ولا يقتل حتى يستتاب ، ويكفن ، ويصلّى عليه ، ويدفن في مقابر المسلمين ، وميراثه لورثته المسلمين.

ب ـ لو اعتذر عن الترك بالمرض أو الكسل لم يقبل عذره وطولب المريض بالصلاة على حسب حاله ومكنته قائما ، أو جالسا ، أو مضطجعا ، أو مستلقيا فإن الصلاة لا تسقط عنه بحال ، وإن كان لكسل الزم بها ولم يقبل منه فإن صلى وإلاّ عزّر ثلاثا ، ويقتل في الرابعة على ما قلناه لقولهمعليهم‌السلام : « أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة »(2) .

وقال مالك : لا يقتل حتى يحبس ثلاثا ويضيّق عليه فيها ، ويدعى في وقت كلّ صلاة إلى فعلها ، ويخوف بالقتل ، فإن صلّى وإلاّ قتل بالسيف ـ وبه قال حماد بن زيد ، ووكيع ، والشافعي(3) ـ لقوله تعالى( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ )

__________________

(1) قاله الشيخ الطوسي في الخلاف 1 : 689 ، المسألة 465 ( صلاة الاستسقاء ) وابن إدريس في السرائر : 467.

(2) أورده نصّا في المبسوط 1 : 129 و 7 : 284 ، والذي عثرنا عليه في المصادر التالية « يقتلون في الثالثة » انظر : الكافي 7 : 191 ـ 2 ، الفقيه 4 : 51 ـ 182 ، التهذيب 10 : 62 ـ 228 و 95 ـ 96 ـ 369 ، الاستبصار 4 : 212 ـ 791.

(3) الام 1 : 255 ، المجموع 3 : 15 ، المهذب للشيرازي 1 : 58 ، المغني 2 : 297.

٣٩٢

ـ إلى قوله : ـ( فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ) (1) شرط في التخلية إقامة الصلاة فإذا لم يقم الصلاة بقي على وجوب القتل ، وقالعليه‌السلام : ( من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه الذمة )(2) .

وقال الزهري : يضرب ، ويسجن ، ولا يقتل ـ وبه قال أبو حنيفة(3) ـ لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( لا يحل دم امرئ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير حق )(4) ولا حجة فيه لأنّ ترك العموم لدليل مخصص واجب ، وحكي عن بعضهم ترك التعرض له(5) لأن الصلاة أمانة بينه وبين الله تعالى. وهو مدفوع بالإجماع.

ج ـ لا يسوغ قتله مع اعتقاده التحريم بالمرة الواحدة ولا بما زاد ما لم يتخلل التعزير ثلاثا لأنّ الأصل حفظ النفس ، وظاهر كلام الشافعي أنه يقتل بصلاة واحدة ـ وهو رواية عن أحمد(6) ـ لأنه تارك للصلاة فيقتل كتارك الثلاث ، والفرق ظاهر.

د ـ الظاهر من قول علمائنا أنّه بعد التعزير ثلاثا عند ترك الفرائض الثلاث يقتل بالسيف إذا ترك الرابعة ، وهو ظاهر مذهب الشافعي(7) لشبهه بالمرتد ، وقال بعض الشافعية : يضرب حتى يصلّي أو يموت(8) .

__________________

(1) التوبة : 5.

(2) سنن ابن ماجة 2 : 1339 ـ 4034 ، مسند أحمد 5 : 238.

(3) المغني 2 : 297 ، القوانين الفقهية : 50 ، مقدمات ابن رشد : 102.

(4) سنن الترمذي 4 : 460 ـ 2158.

(5) الام 1 : 255 ، فتح العزيز 5 : 290.

(6) المجموع 3 : 14 ، المهذب للشيرازي 1 : 58 ، الانصاف 1 : 401 ، مقدمات ابن رشد : 100 ، المغني 2 : 298.

(7) المهذب للشيرازي 1 : 58 ، المغني 2 : 297.

(8) المجموع 3 : 15 ، المهذب للشيرازي 1 : 58 ، السراج الوهاج : 102.

٣٩٣

هـ ـ يقتل حدّا ولا يكفر بذلك ـ وبه قال الشافعي ، ومالك(1) ـ لقولهعليه‌السلام : ( خمس كتبهن الله على عباده في اليوم والليلة فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنّة ، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذّبه وإن شاء أدخله الجنّة )(2) .

وقال أحمد : يكفر بتركها ، وإسلامه أن يصلي ، ولو أتى بالشهادتين لم يحكم بإسلامه إلاّ بالصلاة ـ وبه قال الحسن ، والشعبي ، والنخعي ، وأبو أيوب السجستاني ، والأوزاعي ، وابن المبارك ، وحماد بن زيد ، وإسحاق ، ومحمد بن الحسن(3) ـ لقولهعليه‌السلام : ( بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة )(4) وهو محمول على التارك مستحلا.

و ـ صلاة الكافر ليست إسلاما عندنا مطلقا ، لأنه عبارة عن الشهادتين.

وقال أبو حنيفة : إنّها إسلام في دار الحرب ودار الإسلام معا(5) ، وقال الشافعي : أنّها إسلام في دار الحرب خاصة(6) ، وسيأتي.

ز ـ قال في المبسوط : إذا امتنع من الصلاة حتى خرج وقتها وهو قادر أنكر عليه ، وأمر بأن يصلّيها قضاء ، فإن لم يفعل عزّر ، فإن انتهى وصلّى برئت ذمته ، وإن أقام على ذلك حتى ترك ثلاث صلوات وعزّر فيها ثلاث‌

__________________

(1) المجموع 3 : 16 ، السراج الوهاج : 101 ، مغني المحتاج 1 : 327 ، بداية المجتهد 1 : 90 ، المغني 2 : 299 ، مقدمات ابن رشد : 101 ، القوانين الفقهية : 50.

(2) الموطأ 1 : 123 ـ 14 ، سنن النسائي 1 : 230 ، سنن ابن ماجة 1 : 449 ـ 1401 ، سنن أبي داود 2 : 62 ـ 1420.

(3) المغني 2 : 299 ، مقدمات ابن رشد : 101 ، بداية المجتهد 1 : 90 ، كشاف القناع 1 : 228.

(4) سنن ابن ماجة 1 : 342 ـ 1078 ، سنن الدارمي 1 : 280 ، سنن الدار قطني 2 : 53 ـ 4 وانظر المغني 2 : 299.

(5) بدائع الصنائع 7 : 103 ، المجموع 4 : 252.

(6) المجموع 4 : 251 ، حلية العلماء 2 : 169.

٣٩٤

مرات قتل في الرابعة ، لما روي عنهمعليهم‌السلام : « إن أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة »(1) وهو يقتضي أنه لا يقتل حتى يترك أربع صلوات ويعزّر ثلاثا.

وظاهر مذهب الشافعي أنه يستحق القتل بترك الواحدة فإذا ضاق وقتها يقال له : إن صلّيت قبل خروج الوقت وإلا قتلناك بعد خروج الوقت(2) .

واختلف أصحابه فقال بعضهم : إذا خرج وقتها المختص وجب القتل(3) ، وقال القفال : لا يقتل حتى يخرج الوقت ، فتارك الظهر لا يقتل حتى تغرب الشمس(4) .

وهل يقتل في الحال؟ قولان : أحدهما : يمهل ثلاثة أيام رجاء لتوبته.

والثاني : يقتل معجلا(5) .

ح ـ إذا اعتذر عن ترك الصلاة بالنسيان ، أو بعدم المطهر قبل عذره إجماعا ، ويؤمر بالقضاء فإن صلّى فلا بحث ، وإن امتنع لم يقتل ، لأن القضاء ليس على الفور ، وهو ظاهر مذهب الشافعي ، وله وجه أنّه يقتل ، لامتناعه عن الإبان بها مع التمكن منها(6) .

ط ـ لا فرق بين تارك الصلاة وتارك شرط مجمع عليه كالطهارة ، أو جزء منها كذلك كالركوع ، أما المختلف فيه كإزالة النجاسة ، وقراءة الفاتحة ، والطمأنينة فلا شي‌ء عليه ، ولو تركه معتقدا تحريمه لزمه إعادة الصلاة ، ولا يقتل بذلك لأنه مختلف فيه.

__________________

(1) لقد أشرنا إلى مصادر الحديث في فرع « ب ».

(2) المجموع 3 : 14 ، السراج الوهاج : 101.

(3) المجموع 3 : 14 ـ 15 ، فتح العزيز 5 : 294 ـ 295.

(4) المجموع 3 : 15. لم ينص فيه على اسم القفال ، بل نسبه الى الأصحاب وهكذا في فتح العزيز 5 : 303 ـ 305.

(5) المجموع 3 : 15 ، الام 1 : 255 ، مختصر المزني : 34 ، المهذب للشيرازي 1 : 58.

(6) حلية العلماء 2 : 11 ـ 12.

٣٩٥

٣٩٦

الفصل الثالث : في المكان

ومباحثه ثلاثة :

الأول : في ما يصلّى فيه‌

مسألة 83 : تصح الصلاة في كلّ مكان مملوك ، أو في حكمه ، خال من نجاسة‌ بغير خلاف بين العلماء.

واختلف في المغصوب فذهب علماؤنا إلى بطلان الصلاة فيه اختيارا مع العلم بالغصبية ، وهو قول الجبّائيين ، والشافعي في أحد القولين ، وأحمد في إحدى الروايتين(1) ، لأنه فعل منهي عنه ، إذ القيام والقعود ، والركوع ، والسجود التي هي أجزاء الصلاة تصرّف في مال الغير بغير إذنه فيكون قبيحا ، والنهي يدل على الفساد في العبادات.

وقال أبو حنيفة ، ومالك : تصح ، وهو القول الثاني للشافعي ، والرواية الثانية عن أحمد ، لأنّ النهي لا يعود إلى الصلاة فلم يمنع صحتها كما لو صلّى وهو يرى غريقا يمكن إنقاذه فلم ينقذه(2) . وليس بجيد ، إذ النهي وقع عن‌

__________________

(1) المغني 1 : 758 ، الشرح الكبير 1 : 513 ، كشاف القناع 1 : 295 ، المجموع 3 : 164 ، وحكى قول الجبّائيين المحقق في المعتبر : 156.

(2) المجموع 3 : 164 ، المهذب للشيرازي 1 : 71 ، المغني 1 : 758 ، الشرح الكبير 1 : 513.

٣٩٧

هذه التصرفات التي هي أجزاء من حقيقة الصلاة فبطلت ، والصلاة حال الغرق مأمور بها ، وإنقاذ الغريق مأمور به لكنه آكد فافترقا ، على أنّا نمنع حكم الأصل.

فروع :

أ ـ لا فرق بين غصب رقبة الأرض بأخذها ، أو دعواه ملكيتها ، وبين غصب المنافع بادعاء الإجارة ظلما ، أو يضع يده عليها مدة ، أو يخرج روشنا ، أو ساباطا في موضع لا يحل له ، أو يغصب راحلة فيصلّي عليها ، أو سفينة ، أو لوحا فيجعله في سفينة ويصلّي عليه.

ب ـ لا فرق بين الجمعة وغيرها عند علمائنا لما تقدم. وقال أحمد : يصلّى الجمعة في موضع الغصب ، وكذا العيد ، والجنازة ، لأن الإمام إذا صلّى في موضع مغصوب فامتنع الناس فاتتهم الجمعة ، ولهذا أبيحت الجمعة خلف الخوارج ، والمبتدعة(1) .

وهو غلط ، لأن صلاة الإمام مع علمه باطلة فلا تفوت الجمعة بفعلها في غير الموضع ، ونمنع من جواز الصلاة خلف الخوارج ، والمبتدعة على ما يأتي.

ج ـ لا فرق بين الغاصب وغيره في بطلان الصلاة سواء أذن له الغاصب أو لا ، وتصح للمالك الصلاة فيه ، ولا أعلم فيها خلافا إلاّ من الزيدية ، فإنهم أبطلوا صلاته فيه للعموم. وهو خطأ.

د ـ لو أذن المالك اختص المأذون وإن كان الغاصب ، ولو أطلق الإذن‌

__________________

(1) المغني 1 : 758 و 759 ، الشرح الكبير 1 : 514 ، كشاف القناع 1 : 296.

٣٩٨

انصرف الإطلاق عرفا الى غير الغاصب.

هـ ـ لو أذن له في الدخول الى داره والتصرف جاز له أن يصلّي ، لأنه من جملة التصرف ، وكذا لو علم بشاهد الحال.

و ـ تجوز الصلاة في البساتين ، والصحاري وإن لم يحصل الإذن ما لم يكره المالك ، لأن الإذن معلوم بالعادة ، ولو كانت مغصوبة لم تصح إلا مع صريح الإذن.

ز ـ جاهل الحكم غير معذور ، وفي الناسي إشكال ينشأ من التفريط ومن سقوط القلم عنه.

ح ـ لو أمره بعد الإذن بالخروج تشاغل به فإن ضاق الوقت خرج مصلّيا ، ولو صلّى من غير خروج لم يصح ، وكذا الغاصب.

ط ـ لو أمره بالكون فتلبس بالصلاة فأمره بالخروج مع الاتّساع احتمل الإتمام لمشروعية الدخول ، والقطع لأنه غير مأذون له في الصلاة صريحا وقد وجد المنع صريحا ، والخروج مصلّيا كما في حالة التضيق ( للمنع من قطع عبادة مشروعة فأشبهت المضيق )(1) ، ولو أذن في الصلاة فالإتمام.

ى ـ لا فرق بين النوافل والفرائض في ذلك كله بخلاف الصوم الواجب في المكان المغصوب فإنه سائغ ، أما لو نذر قراءة القرآن فالوجه عدم الإجزاء في المكان المغصوب ، وكذا أداء الزكاة ، ويجزي أداء الدين ، والطهارة كالصلاة في المنع ، والمشتبه بالمغصوب كالمغصوب في الحكم.

مسألة 84 : يشترط طهارة المكان من النجاسات المتعدية إليه مما لم يعف‌

__________________

(1) ما بين القوسين لم يرد في نسخة ( م ).

٣٩٩

عنها إجماعا منّا ـ وبه قال أكثر العلماء(1) ـ لقوله تعالى( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) (2) ، ولقولهعليه‌السلام : ( أكثر عذاب القبر من البول )(3) وروي عن ابن عباس ، وابن مسعود ، وسعيد بن جبير ، وأبي مجلز عدم اشتراط الطهارة(4) عملا بالأصل. وهو غلط.

أما ما لا يتعدى كالنجاسات اليابسة فلا يشترط طهارة المكان عنها إلاّ موضع جبهة السجود خاصة عند أكثر علمائنا(5) ، وقد أجمع كل من اشترط الطهارة على اعتبار طهارة موضع الجبهة ، وهو حجة.

وأما عدم اشتراط غيرها فهو الأشهر عندنا للأصل ، ولأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة ، ولقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا )(6) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن الشاذكونة(7) يصلّي عليها وقد أصابتها الجنابة : « لا بأس »(8) .

وقال أبو الصلاح منّا : يشترط طهارة مساقط أعضاء السجود(9) كالجبهة.

ونمنع القياس.

__________________

(1) الشرح الكبير 1 : 509.

(2) المدثر : 4.

(3) سنن ابن ماجة 1 : 125 ـ 348 ، مسند أحمد 2 : 326 و 388.

(4) انظر : الشرح الكبير 1 : 509.

(5) منهم : المفيد في المقنعة : 10 ، والشيخ الطوسي في المبسوط 1 : 87 ، والمحقق في المختصر النافع : 26‌

(6) صحيح البخاري 1 : 91 ، سنن الترمذي 2 : 131 ـ 317 ، سنن أبي داود 1 : 132 ـ 489 ، سنن ابن ماجة 1 : 188 ـ 567 ، مسند أحمد 5 : 145.

(7) الشاذكونة : هي بفتح الذال ثياب غلاظ مضرّبة تعمل باليمن ، وقيل : انها حصير صغير يتخذ للافتراش. مجمع البحرين 5 : 273 « شذك ».

(8) التهذيب 1 : 274 ـ 806 ، الإستبصار 1 : 393 ـ 1500.

(9) الكافي في الفقه : 140.

٤٠٠