تذكرة الفقهاء الجزء ٣

تذكرة الفقهاء21%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: 380

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 310309 / تحميل: 8007
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٦-١
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

والتعلّم مع سعة الوقت.

يا - الأخرس يحرك لسانه بالقراءة ويعقد بها قلبه ؛ لأنهما واجبان على القادر(١) .

مسألة ٢٢٥ : ويجب أن يأتي بحروف الفاتحة أجمع‌ حتى التشديد وهو أربع عشرة شدة في الفاتحة إجماعاً ، فلو أخل بحرف منها عمداً قادراً بطلت صلاته - وبه قال الشافعي(٢) - لأنه مع إخلال حرف لم يأت بالفاتحة.

وكذا التشديد لأنّ المشدّد أقيم مقام حرفين فإن شدّة راء الرحمن ودال الدّين أقيمت مقام اللام ، فإذا أخلّ بها أخلّ بالحرف وما يقوم مقامه.

وقال بعض الجمهور : لا تبطل بترك الشدّة لعدم ثبوتها في المصحف ، وهي صفة الحرف ، ويسمى تاركها قارئاً(٣) . وليس بجيد.

ولو فك الإِدغام فهو لحن لا يغير المعنى ، ولا تستحب المبالغة في التشديد بحيث يزيد على قدر حرف ساكن لأنها في كل موضع اُقيمت مقام حرف ساكن.

تذنيب : يجب إخراج الحروف من مواضعها مع القدرة‌ فإن أخل بها وأمكنه التعلم أعاد الصلاة وإلّا فلا ، ولا يعذر بالجهل ، ولو أخرج الضاد من مخرج الظاء أو بالعكس أعاد مع إمكان التعلم ، وهو أحد وجهي الشافعي ، والآخر : لا يعيد لعسر التمييز بينهما(٤) .

____________________

(١) في نسخة م : الفاقد.

(٢) الوجيز ١ : ٤٢ ، فتح العزيز ٣ : ٣٢٦ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٦ ، السراج الوهاج : ٤٣ ، المغني ١ : ٥٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٢ - ٥٦٣.

(٣) المغني ١ : ٥٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٣.

(٤) المجموع ٣ : ٣٩٢ ، الوجيز ١ : ٤٢ ، فتح العزيز ٣ : ٣٢٦ ، السراج الوهاج : ٤٣.

١٤١

مسألة ٢٢٦ : الإِعراب شرط في القراءة‌ على أقوى القولين ، فلو لحن عمداً فالأقرب الإِعادة سواء كان عالماً ، أو جاهلاً ، وسواء غيّر المعنى مثل أن يكسر كاف إياك ، أو يضم تاء أنعمت ، أو لا مثل أن نصب الله ، أو رفعه ، وسواء كان خفياً ، أو لا.

وللشافعي فيما إذا لم يتغير المعنى وجهان(١) لقوله تعالى( بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ ) (٢) ولأنّهعليه‌السلام أعرب وقال : ( صلّوا كما رأيتموني اُصلي )(٣) .

مسألة ٢٢٧ : يجب أن يقرأ بالمتواتر من القراآت‌ وهي السبعة ، ولا يجوز أن يقرأ بالشواذ ، ولا بالعشرة ، وجوّز أحمد قراءة العشرة ، وكره قراءة حمزة والكسائي من السبعة ، لما فيها من الكسر والإِدغام(٤) .

ويجب أن يقرأ بالمتواتر من الآيات وهو ما تضمنه مصحف عليعليه‌السلام ؛ لأن أكثر الصحابة اتفقوا عليه ، وحرق عثمان ما عداه ، فلا يجوز أن يقرأ بمصحف ابن مسعود ، ولا اُبيّ ، ولا غيرهما ، وعن أحمد رواية بالجواز إذا اتصلت به الرواية(٥) ، وهو غلط لأن غير المتواتر ليس بقرآن.

والمعوذتان من القرآن يجوز أن يقرأ بهما ، ولا اعتبار بإنكار ابن مسعود(٦) للشبهة الداخلة عليه بأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعوّذ بهما الحسن والحسينعليهما‌السلام (٧) ، إذ لا منافاة بل القرآن صالح للتعوذ به‌

____________________

(١) المجموع ٣ : ٣٩٣.

(٢) الشعراء : ١٩٥.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٤٦ / ١٠.

(٤) المغني ١ : ٥٧٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧١.

(٥) المغني ١ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧١.

(٦) المجموع ٣ : ٣٩٦ ، الدر المنثور ٦ : ٤١٦ ، تفسير الآلوسي ٣٠ : ٢٧٩.

(٧) مسند أحمد ٥ : ١٣٠

١٤٢

لشرفه وبركته ، وقال الصادقعليه‌السلام : « اقرأ المعوذتين في المكتوبة »(١) وصلّىعليه‌السلام المغرب فقرأهما فيها(٢) .

مسألة ٢٢٨ : يجب أن يقرأ الفاتحة والسورة على ترتيبهما المخصوص ، فلو قدم آية على المتأخرة أعاد - وبه قال الشافعي(٣) - وكذا يجب أن يقدم الحمد على السورة فإن خالف أعاد الصلاة إن فعله عمداً ، وإلّا القراءة ؛ لأن الأمر ورد بالتلاوة على الترتيب فلا يكون المخلّ به آتياً بالمأمور به ، ويجب أن يأتي بالجزء الصوري ؛ لأنّ الإِعجاز فيه فلو قرأه مقطعاً كأسماء العدد لم يجزىء.

ولو سكت في أثناء القراءة بالخارج عن المعتاد إمّا بأن أُرتج عليه فطلب التذكر ، أو قرأ من غيرها سهواً لم تقطع القراءة وقرأ الباقي.

وإن سكت طويلاً عمداً لا لغرض حتى خرج عن كونه قارئاً استأنف القراءة ، وكذا لو قرأ في أثنائها ما ليس منها ولا تبطل صلاته.

ولو سكت بنية القطع بطلت قراءته ، ولو سكت لا بنية القطع أو نواه ولم يسكت صحت لأن الاعتبار بالفعل لا بالنيّة ، بخلاف ما لو نوى قطع الصلاة فإنها تبطل وإن لم يقطع الأفعال لأن الصلاة تحتاج الى نيّة فتبطل بتركها بخلاف القراءة.

ولو كرر آية من الفاتحة لم تبطل قراءته سواء أو صلها بما انتهى إليه أو ابتدأ من المنتهى ، خلافاً لبعض الشافعية في الأول(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٦ / ٣٥٦.

(٢) الكافي ٣ : ٣١٤ / ٨ و ٣١٧ / ٢٦ ، التهذيب ٢ : ٩٦ / ٣٥٧.

(٣) المجموع ٣ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٣ : ٣٢٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٦.

(٤) المجموع ٣ : ٣٥٨ ويستفاد منه أنّ خلاف بعض الشافعية في الثاني لا الأول. فلاحظ.

١٤٣

ولو كرر الحمد عمداً ففي إبطال الصلاة به إشكال ينشأ من مخالفة المأمور به ، ومن تسويغ تكرار الآية فكذا السورة.

ولو سأل الرحمة عند آيتها ، أو تعوّذ من النقمة عند آيتها كان مستحباً ولا تبطل بهما الموالاة ؛ لأنّه ندب إليهما ، قال حذيفة : صليت خلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات ليلة فقرأ سورة البقرة فكان إذا مرّ على آية فيها تسبيح سبح ، وإذا مرّ بسؤال سأل ، وإذا سرّ بتعوذ تعوذ(١) . وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الآخر : تبطل ، وكذا لو عطس فحمد الله(٢) .

ولو ترك الموالاة سهواً لم تبطل وبنى ، وهو قول أكثر الشافعية(٣) ، وقال إمام الحرمين : تبطل كما لو ترك الترتيب سهواً(٤) .

مسألة ٢٢٩ : قراءة الفاتحة متعينة في الاُوليين من كل صلاة ، ولا تجب عيناً في ثالثة المغرب ، والاُخريين من الرباعيات ، بل يتخير بينها وبين التسبيح عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة ، والنخعي ، والثوري ، وأحمد في رواية(٥) - لأن علياًعليه‌السلام قال : « اقرأ في الاُوليين وسبّح في الاُخريين »(٦) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام وقد سأله زرارة ما يجزئ من‌

____________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٥٣٦ / ٧٧٢ ، سنن النسائي ٣ : ٢٢٥.

(٢) المجموع ٣ : ٣٥٩ ، الوجيز ١ : ٤٢ - ٤٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٦ ، فتح العزيز ٣ : ٣٢٩ - ٣٣٠.

(٣) المجموع ٣ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٣ : ٣٣١.

(٤) المجموع ٣ : ٣٥٨ ، فتح العزيز ٣ : ٣٣١.

(٥) المبسوط للسرخسي ١ : ١٩ ، اللباب ١ : ٧٣ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، المجموع ٣ : ٣٦١.

(٦) مصنّف ابن أبي شيبة ١ : ٣٧٢.

١٤٤

القول في الركعتين الأخيرتين : « أن يقول : سبحان الله ، والحمد لله ولا إله إلّا الله ، والله أكبر ، ويكبر ويركع »(١) ولأنها لو وجبت في باقي الركعات لسنّ الجهر بها في بعض الصلوات كالاُوليين.

وقال الشافعي ، والأوزاعي ، وأحمد في رواية : تجب الفاتحة في كل ركعة من الأوائل والأواخر(٢) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ في الاُخريين من الظهر باُم الكتاب(٣) ، ونحن نقول بموجبه إذ هو واجب مخيّر.

فروع :

أ - تجب الفاتحة في الاُوليين خاصة ، وقال الحسن : تجب في ركعة واحدة أيّها شاء(٤) لقوله تعالى( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) (٥) وعن مالك أنه يجب أن يقرأ في معظم الصلاة ، ففي الثلاثية يقرأ الفاتحة في ركعتين ، وفي الرباعية تجب في ثلاث إقامة للأكثر مقام الجميع(٦) .

ب - قال أبو حنيفة : لا يجب التسبيح ولا القراءة في الأخيرتين‌ بل يجزئه السكوت ، ولو لم يقرأ في الاُوليين قرأ في الأخيرتين(٧) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٩ / ٢ ، التهذيب ٢ : ٩٨ / ٣٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ / ١١٩٨.

(٢) الاُم ١ : ١٠٧ ، المجموع ٣ : ٣٦١ ، فتح العزيز ٣ : ٣١٣ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٨ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٣٢.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٩٧ ، صحيح مسلم ١ : ٣٣٣ / ٤٥١ ، سنن أبي داود ١ : ٢١٢ / ٧٩٩ ، سنن النسائي ٢ : ١٦٥ ، سنن البيهقي ٢ : ٦٣.

(٤) المجموع ٣ : ٣٦١ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٨ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٦ ، نيل الاوطار ٢ : ٢٣٣.

(٥) المزمل : ٢٠.

(٦) بلغة السالك ١ : ١١٣ ، الشرح الصغير ١ : ١١٣ ، المجموع ٣ : ٣٦١ ، فتح العزيز ٣ : ٣١٣ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٨.

(٧) المبسوط للسرخسي ١ : ١٩ ، عمدة القارئ ٦ : ٨ ، المجموع ٣ : ٣٦١ ، فتح العزيز ٣ : ٣١٣ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٣٣.

١٤٥

ج - روي أن التسبيح أفضل من القراءة ، وروي العكس ، وروي استحباب القراءة للإِمام والتسبيح للمأموم ، وهو حسن ، وروي التساوي ، وقال سفيان : يكره القراءة في الأخيرتين(١) .

د - لو نسي القراءة في الاُوليين قيل : تجب في الأخيرتين‌ لئلّا تخلو الصلاة من قراءة ، وقيل : لا يسقط التخيير(٢) . وهو أقوى.

ه- لا يجب فيه ما يجب في الفاتحة من الإِخفات.

مسألة ٢٣٠ : واختلف في كيفية التسبيح‌ فالأقوى الاكتفاء بقوله : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر مرّة واحدة لحديث الباقرعليه‌السلام (٣) .

وللشيخ قولان : أحدهما : أن يكرر ذلك ثلاث مرات عدا التكبير فإنه يقول في آخره فيكون عشر مرات ، وبه قال ابن أبي عقيل ، والمرتضى(٤) . وقال حريز بن عبد الله السجستاني : تسع تسبيحات(٥) . فأسقط التكبير من الثالث ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « وإن كنت إماماً فقل : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ثلاث مرات ثم تكبر وتركع »(٦) وبه قال الصدوق(٧) .

____________________

(١) تفسير الرازي ١ : ٢١٦.

(٢) قال به الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٦ ، والمحقق في المعتبر : ١٧٢.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٩ / ٢ ، التهذيب ٢ : ٩٨ / ٣٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ / ١١٩٨.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٦ ، وحكى المحقق قول ابن أبي عقيل والمرتضى في المعتبر : ١٧٨.

(٥) حكاه المحقق في المعتبر : ١٧٨.

(٦) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٥٨.

(٧) الهداية : ٣١.

١٤٦

والثاني للشيخ : اثنتا عشرة مرة فيضيف الله أكبر في الثلاث(١) .

والأصل براءة الذمة من الوجوب ، فتحمل هذه الروايات على الاستحباب جمعاً بين الأدلة.

تذنيب : الأقرب وجوب هذا الترتيب عملاً بالمنقول‌ ، وقد روي عن الصادقعليه‌السلام : « فقل : الحمد لله ، وسبحان الله ، والله أكبر »(٢) والأولى الأول ؛ لحصول يقين البراءة به.

مسألة ٢٣١ : لا يجوز أن يقرأ في الفرائض شيئاً من العرائم الأربع‌ عند علمائنا أجمع - خلافاً للجمهور كافة - لقول الباقرعليه‌السلام أو الصادقعليه‌السلام : « لا يقرأ في المكتوبة بشي‌ء من العزائم ، فإن السجود زيادة في المكتوبة »(٣) .

ولأن سجود التلاوة واجب ، وزيادة السجود في الصلاة مبطل. وأطبق الجمهور على جوازه للأصل ، وإنما يكون حجة لو لم يطرأ المعارض.

فروع :

أ - لو قرأ عزيمة في فريضة عمداً بطلت صلاته ، ويجي‌ء على قول الشيخ(٤) أنه يسقط آية السجود ويجزئه.

ب - يجوز أن يقرأ في النافلة فيسجد واجباً‌ ، وكذا إن استمع ثم يقوم فيتم القراءة ، وإن كانت السجدة آخر السورة استحب له بعد القيام قراءة الحمد ليركع عن قراءة ، ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل الرجل يقرأ السجدة في‌

____________________

(١) النهاية : ٧٦.

(٢) التهذيب ٢ : ٩٩ / ٣٧٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٢ / ١٢٠٣.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٨ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٩٦ / ٣٦١.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٨.

١٤٧

آخر السورة : « يسجد ثم يقوم ويقرأ فاتحة الكتاب ، ثم يركع ويسجد »(١) .

وقال الشيخ : يقرأ الحمد وسورة ، أو آية منها(٢) .

ج - لو سهى في الفريضة فقرأ عزيمة رجع عنها‌ ما لم يتجاوز النصف وجوبا على إشكال ، فإن تجاوزه ففي جواز الرجوع عنها إشكال ، فإن منعناه قرأها كملا ثم أومى أو يقضيها بعد الفراغ بالسجدة ؛ لقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله عمار عن الرجل يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم فقال : « إذا بلغ موضع السجدة فلا يقرأها وإن أحب أن يرجع فيقرأ سورة غيرها ويدع التي فيها السجدة رجع الى غيرها »(٣) .

د - لو سمع في الفريضة‌ فإن أوجبناه بالسماع أو استمع أومأ أو قضى.

ه- لو نسي السجدة حتى ركع سجدها‌ إذا ذكر ؛ لأن محمد بن مسلم سأل أحدهماعليهما‌السلام عن الرجل يقرأ السجدة فينساها حتى يركع ويسجد قال : « يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم»(٤) .

و - لو كان مع إمام ولم يسجد الإِمام ولم يتمكن من السجود فليؤم إيماءً‌ لقول الصادقعليه‌السلام : « إن صليت مع قوم فقرأ الإِمام اقرأ باسم ربك الذي خلق ، أو شيئاً من العزائم ، وفرغ من قراءته ولم يسجد فأوم لها »(٥) .

مسألة ٢٣٢ : لا يجوز أن يقرأ ما يفوت الوقت بقراءته‌ لاستلزامه الإِخلال بالواجب ، وهل يجوز أن يقرن بين سورتين مع الحمد في ركعة؟ منعه‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٨ / ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ / ١١٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٩ / ١١٨٩.

(٢) النهاية : ٧٩ ، المبسوط للطوسي ١ : ١٠٨.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٩٣ / ١١٧٧.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٩٢ / ١١٧٦.

(٥) الكافي ٣ : ٣١٨ / ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ / ١١٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٢.

١٤٨

الشيخ(١) لقول أحدهماعليهما‌السلام وقد سأله محمد بن مسلم أيقرأ الرجل السورتين في ركعة قال : « لا لكل سورة ركعة »(٢) ولأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله كذا صلّى(٣) .

وقال المرتضى رحمهم‌الله: يكره(٤) لقول الباقرعليه‌السلام : « إنما يكره الجمع بين السورتين في الفريضة »(٥) ويحمل على التحريم لوروده فيه ، وجوزه الشافعي(٦) ، لأن ابن عمر فعله(٧) . وليس حجة.

فروع :

أ - قال في المبسوط : لو قرن ما بين سورتين بعد الحمد لم يحكم بالبطلان(٨) .

ب - لو قرأ السورة الواحدة مرتين فهو قارن‌ ، وكذا لو كرر الحمد ، ولا يجزئه تكريرها عن السورة الاُخرى ؛ لأن الفاتحة في الركعة مضيقة والشي‌ء الواحد لا يؤدى به المضيق والمخير في محل.

ج - يجوز أن يكرر السورة الواحدة في الركعتين‌ وأن يقرأ فيهما بسورتين‌

____________________

(١) النهاية : ٧٥ ، الخلاف ١ : ٣٣٦ مسألة ٨٧.

(٢) التهذيب ٢ : ٧٠ / ٢٥٤ ، الاستبصار ١ : ٣١٤ / ١١٦٨.

(٣) انظر على سبيل المثال الكافي ٣ : ٤٨٢ / ١ وصحيح البخاري ١ : ١٩٣.

(٤) صريح السيد المرتضى (قدس‌سره ) في الانتصار : ٤٤ وجوابات المسائل الموصليات الثالثة « ضمن رسائل الشريف المرتضى » ١ : ٢٢٠ هو عدم الجواز لا القول بالكراهة ليحمل على التحريم ، ولعل العلّامة نقله عن مصدر آخر لم نعثر عليه.

(٥) الكافي ٣ : ٣١٤ / ١٠ ، التهذيب ٢ : ٧٠ / ٢٥٨ و ٧٢ / ٢٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٧ / ١١٨٠.

(٦) المجموع ٣ : ٣٨٥ ، فتح الباري ٢ : ٢٠٢.

(٧) سنن البيهقي ٢ : ٦٤ ، الموطأ برواية الشيباني : ٦٤ / ١٣٣ ، وانظر المغني ١ : ٥٧٢.

(٨) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٧.

١٤٩

متساويتين أو متفاوتتين - وبه قال الشافعي(١) - لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سوّى بينهما(٢) .

وقال أبو حنيفة : يستحب في الفجر قراءة أطول السورتين في الاُولى وأقصرهما في الثانية - وبه قال الثوري(٣) - وهو مذهبنا على ما يأتي لفائدة تلاحق الناس.

د - يجوز أن يقرأ في الثانية السورة التالية‌ لما قرأه في الاُولى من غير استحباب - خلافاً للشافعي(٤) - للأصل ، ولو قرأ « الناس » في الاُولى قال : يقرأ في الثانية من البقرة(٥) .

مسألة ٢٣٣ : الضحى وألم نشرح سورة واحدة‌ لا تفرد إحداهما عن الاُخرى في الركعة الواحدة ، وكذا الفيل ولإِيلاف عند علمائنا ؛ لقول زيد الشحام في الصحيح : صلّى بنا الصادقعليه‌السلام الفجر فقرأ الضحى وألم نشرح في ركعة واحدة(٦) ، وقد بينا التحريم أو الكراهة فلا يقع من الإمامعليه‌السلام إلّا وهو واجب.

وسمع المفضل الصادقعليه‌السلام يقول : « لا يجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلّا الضحى وألم نشرح ، وسورة الفيل ولإِيلاف »(٧) .

____________________

(١) فتح العزيز ٣ : ٣٥٧ ، المجموع ٣ : ٣٨٧ ، حلية العلماء ٢ : ٩٤.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٣٤ / ٤٥٢ ، سنن أبي داود ١ : ٢١٣ / ٨٠٤ ، سنن النسائي ١ : ٢٣٧ ، مسند أحمد ٣ : ٢ ، سنن البيهقي ٢ : ٦٦.

(٣) عمدة القارئ ٦ : ٩ ، الجامع الصغير للشيباني : ٩٦ ، المجموع ٣ : ٣٨٧ ، فتح العزيز ٣ : ٣٥٧.

(٤و٥) المجموع ٣ : ٣٨٥.

(٦) التهذيب ٢ : ٧٢ / ٢٦٦ ، الاستبصار ١ : ٣١٧ / ١١٨٢.

(٧) المعتبر : ١٧٨ ، مجمع البيان ٥ : ٥٤٤.

١٥٠

وهل تعاد البسملة بينهما؟ الأقرب ذلك ؛ لأنّها ثابتة في المصحف ، وللإجماع على أنها آية من كل سورة ، والاستثناء في رواية المفضل يدل على الاثنينية.

وقال الشيخ في التبيان : لا تعاد ؛ لأنهما سورة واحدة(١) . والإِجماع على أنها ليست آيتين من سورة واحدة. والاُولى ممنوعة وإن وجبت قراءتهما.

مسألة ٢٣٤ : يجوز العدول من سورة إلى اُخرى‌ ما لم يتجاوز نصفها إلّا في سورة الجحد والإِخلاص فإنه لا ينتقل عنهما إلّا الى سورة الجمعة والمنافقين في الجمعة وظهريها ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « يرجع من كل سورة إلّا قل هو الله أحد ، وقل يا أيها الكافرون »(٢) .

فروع :

أ - قال المرتضى : يحرم الرجوع عن سورة التوحيد والجحد(٣) . ويحتمل الكراهة.

ب - لو وقفت عليه آية من السورة وجب العدول عنها إلى سورة اُخرى‌ وإن تجاوز النصف ، تحصيلاً لسورة كاملة.

ج - إذا رجع عن السورة إلى اُخرى وجب أن يعيد البسملة ؛ لأنها آية من كل سورة ، فالمتلوة آية من المرجوع عنها فلو لم يأت بها ثانياً لم تكمل السورة ، وكذا من سمى بعد الحمد من غير قصد سورة معيّنة يعيدها مع القصد ، ولو نسي آية ثم ذكرها بعد الانتقال إلى اُخرى قرأها وأعاد ما بعدها‌

____________________

(١) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ١٧٨ وانظر أيضاً تفسير التبيان ١٠ : ٣٧١.

(٢) الكافي ٣ : ٣١٧ / ٢٥ ، التهذيب ٢ : ١٩٠ / ٧٥٢ و ٢٩٠ / ١١٦٦.

(٣) الانتصار : ٤٤.

١٥١

و إن قرأ إلى آخر السورة.

مسألة ٢٣٥ : قد بيّنا جواز القراءة من المصحف - وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأبو يوسف ، ومحمد(١) - لأن من جاز له القراءة ظاهراً جاز باطناً(٢) كالآية القصيرة من المصحف.

وقال أبو حنيفة : تبطل صلاته إلّا أن يقرأ آية قصيرة ؛ لأنه عمل طويل(٣) .

وهو ضعيف ، لأن الفكر والنظر لا يبطل الصلاة كما لو أفكر في أشغاله ، ونظر الى المارة ، ولا فرق بين الحافظ وغيره.

مسألة ٢٣٦ : يجب الجهر بالقراءة خاصة‌ دون غيرها من الأذكار في صلاة الصبح وأولتي المغرب ، وأولتي العشاء ، والإِخفات في الظهرين ، وثالثة المغرب ، وآخرتي العشاء عند أكثر علمائنا(٤) - وبه قال ابن أبي ليلى(٥) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يفعل ذلك وقال : ( صلّوا كما رأيتموني أُصلّي )(٦) .

ولقول الباقرعليه‌السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه أو‌

____________________

(١) حلية العلماء ٢ : ٨٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٦ ، الميزان ١ : ١٤٣ ، الجامع الصغير للشيباني : ٩٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠١.

(٢) في « م » ناظراً. بدل باطناً.

(٣) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠١ ، الجامع الصغير للشيباني : ٩٧ ، المغني ١ : ٦٤٩ ، الشرح الكبير ١ : ٦٧٥ ، الميزان ١ : ١٤٣ ، حلية العلماء ٢ : ٨٩.

(٤) منهم : الشيخ المفيد في المقنعة : ٣٣ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٨ ، والمحقق في المعتبر : ١٧٥.

(٥) حكاه المحقق في المعتبر : ١٧٥.

(٦) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٤٦ / ١٠ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٤٥ ، ترتيب مسند الشافعي ١ : ١٠٨ / ٣١٩ ، مسند أحمد ٥ : ٥٣.

١٥٢

أخفى فيما لا ينبغي الإخفات فيه فقال : « إن فعل ذلك متعمداً فقد نقض صلاته وعليه الإِعادة ، وإن فعل ذلك ناسياً ، أو ساهياً ولا يدري فلا شي‌ء عليه وقد تمت صلاته »(١) .

وقال المرتضى(٢) ، وباقي الجمهور كافة : بالاستحباب عملاً بالأصل(٣) . وهو غلط للإِجماع على مداومة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجميع الصحابة ، والأئمةعليهم‌السلام فلو كان مسنوناً لأخلّوا به في بعض الأحيان.

مسألة ٢٣٧ : يجب الجهر بالبسملة في مواضع الجهر‌ ، ويستحب في مواضع الإِخفات في أول الحمد وأول السورة عند علمائنا ، لأنّها آية من السورة تتبعها في وجوب الجهر ، وأما استحبابه مع الإِخفات فلأن اُم سلمة قالت : إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم(٤) ، وهو إخبار عن السماع ولا نعني بالجهر إلّا سماع الغير.

ومن طريق الخاصة قول صفوان : صلّيت خلف الصادقعليه‌السلام أيّاماً وكان يقرأ في فاتحة الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وأخفى ما سوى ذلك(٥) .

وقال الشافعي : يستحب الجهر بها قبل الحمد ، والسورة في‌

____________________

(١) الفقيه ١ : ٢٢٧ / ١٠٠٣ ، التهذيب ٢ : ١٤٧ / ٥٧٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ / ١١٦٣.

(٢) حكاه المحقق في المعتبر : ١٧٥.

(٣) المجموع ٣ : ٣٨٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٢ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨١ ، الميزان ١ : ١٤٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٧ ، العدة شرح العمدة : ٧٥.

(٤) سنن البيهقي ٢ : ٤٤ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٣٢.

(٥) الكافي ٣ : ٣١٥ / ٢٠ ، التهذيب ٢ : ٦٨ / ٢٤٦ ، الاستبصار ١ : ٣١١ / ١١٥٤.

١٥٣

الجهرية ، والإِخفاتية - وبه قال عمر ، وابن الزبير ، وابن عباس ، وابن عمر ، وأبو هريرة ، وهو مذهب عطاء ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد(١) - وهو موافق لقولنا في الإِخفاتية ، وقد بيّنا وجوب الجهر في الجهرية.

وقال الثوري ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، وأبو عبيد : لا يجهر بها بحال. ونقله الجمهور عن عليعليه‌السلام ، وابن مسعود ، وعمار(٢) لأنّ أنساً قال : صليت خلف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم أسمعه يجهر بها(٣) . ولا حجة فيه لصغره أو بعده. وقال النخعي : جهر الإِمام بها بدعة(٤) . وقال مالك : المستحب أن لا يقرأها(٥) . وقال ابن أبي ليلى ، والحكم ، وإسحاق : إن جهرت فحسن وإن أخفيت فحسن(٦) .

فروع :

أ - أقلّ الجهر أن يسمع غيره القريب تحقيقاً ، أو تقديراً ، وحدّ‌

____________________

(١) الميزان للشعراني ١ : ١٤١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٥٣ ، حلية العلماء ٢ : ٨٦.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ١٥ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٥٤ ، اللباب ١ : ٦٨ ، المغني ١ : ٥٥٧ ، العدة شرح العمدة : ٧٤ ، المجموع ٣ : ٣٤٢ ، الميزان ١ : ١٤١ ، المنتقى للباجي ١ : ١٥٠ ، القوانين الفقهية : ٦٣ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٤ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٩٦ ، نيل الأوطار ٢ : ٢١٦ ، الشرح الكبير ١ : ٥٥٣.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٢٩٩ / ٣٩٩ ، سنن النسائي ٢ : ١٣٥ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٣١٤ / ١ ، سنن البيهقي ٢ : ٥٠ و ٥١.

(٤) الميزان ١ : ١٤١ ، نيل الاوطار ٢ : ٢١٧ ، حلية العلماء ٢ : ٨٧.

(٥) المدونة الكبرى ١ : ٦٤ ، المنتقى للباجي ١ : ١٥٠ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٤ ، الميزان ١ : ١٤١ ، المغني ١ : ٥٥٦ ، الشرح الكبير ١ : ٥٥٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٥ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٥٣ ، نيل الاوطار ٢ : ٢١٨.

(٦) المجموع ٣ : ٣٤٢ ، الميزان ١ : ١٤١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٧ ، نيل الاوطار ٢ : ٢١٨.

١٥٤

الإِخفات أن يسمع نفسه أو بحيث يسمع لو كان سميعاً بإجماع العلماء ، ولأنّ ما لا يسمع لا يعد كلاماً ولا قراءة ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « لا يكتب من القراءة والدعاء إلا ما أسمع نفسه »(١) .

ب - لا جهر على المرأة بإجماع العلماء ، ولأن صوتها عورة ، ولا تخافت دون إسماع نفسها.

ج - قال ابن إدريس : ما لا يتعين فيه بالقراءة لا يجهر فيه بالبسملة‌ لو قرأ(٢) . وهو تخصيص لعموم الروايات ، وتنصيص علمائنا.

د - كل صلاة تختص بالنهار ولا نظير لها ليلاً فالسنّة فيها الجهر‌ كالصبح ، وكل صلاة تختص بالليل ولا نظير لها نهاراً فالسنة فيها الجهر كالمغرب ، وكل صلاة تفعل نهاراً ولها نظير بالليل فما تفعل نهارا فالسنّة فيه الإِخفات كالظهرين ، وما تفعل ليلاً فالسنّة الجهر كالعشاء ، فصلاة الجمعة ، والعيد سنتهما الجهر ؛ لأنهما يفعلان نهاراً ولا نظير لهما ليلاً ، وأصله قولهعليه‌السلام : ( صلاة النهار عجماء )(٣) .

وكسوف الشمس يستحب فيها الإسرار ؛ لأنها تفعل نهارا ، ولها نظير بالليل وهي صلاة خسوف القمر ، ويجهر في الخسوف.

أما صلاة الاستسقاء فعندنا كصلاة العيد ، وقال الشافعي : إن فعلت نهاراً أسرّ بها ، وإن فعلت ليلاً جهر ، ونوافل النهار يسرّ فيها ، ونوافل الليل‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٣ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٩٧ / ٣٦٣ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٤.

(٢) السرائر : ٤٥.

(٣) عوالي اللآلي ١ : ٤٢١ / ٩٨ ونسبه الى الحسن البصري كل من الزمخشري في الفائق ٢ : ٣٩٥ ، والهروي في غريب الحديث ١ : ٢٨٢ ، وابن الأثير في النهاية ٣ : ١٨٧ « عجم ». وانظر كشف الخفاء ٢ : ٣٦ / ١٦٠٩ والتذكرة في الأحاديث المشتهرة : ٦٦ والمجموع ٣ : ٤٦.

١٥٥

تجهر(١) .

ولا قراءة في صلاة الجنائز عندنا ، أما الشافعي فاستحب الجهر ليلاً لا نهاراً(٢) .

ه- القضاء كالفوائت‌ فإن كان الفائت صلاة جهر جهر في قضائها وجوباً وإن فعلت نهاراً ، وإن كانت صلاة إخفات أسرّ فيها وإن فعلت ليلاً ، وبه قال بعض الشافعية(٣) ، وقال الباقون : الاعتبار بوقت القضاء(٤) . وليس بجيد لقولهعليه‌السلام : ( فليقضها كما فاتته )(٥) .

و - لا فرق بين الإِمام والمنفرد عندنا‌ - وبه قال الشافعي(٦) - لأن المنفرد ليس تابعاً لغيره فهو كالإِمام ، وقال أبو حنيفة : لا يسن الجهر للمنفرد(٧) .

ز - ليس للمأموم الجهر وإن سوّغنا له القراءة‌ ؛ لأنّ صحابياً جهر خلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلمـّا فرغ من الصلاة قال : ( ما لي اُنازَعُ القرآن؟ )(٨) ولما فيه من تشويش الإِمام.

____________________

(١) المجموع ٣ : ٣٩١ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٢.

(٢) اُنظر : المجموع ٥ : ٢٣٤ ، وحلية العلماء ٢ : ٢٩٥.

(٣) المجموع ٣ : ٣٩٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨١.

(٤) المجموع ٣ : ٣٩٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٠.

(٥) عوالي اللئالي ٣ : ١٠٧ - ١٥٠ و ٢ : ٥٤ - ١٤٣ والمهذب البارع ١ : ٤٦٠.

(٦) المجموع ٣ : ٣٨٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٠.

(٧) المجموع ٣ : ٣٨٩ ، شرح العناية ١ : ٢٨٣.

(٨) سنن ابي داود ١ : ٢١٨ / ٨٢٦ ، سنن النسائي ٢ : ١٤١ ، سنن الترمذي ٢ : ١١٨ / ٣١٢ ، الموطأ ١ : ٨٦ / ٤٤ ، موارد الظمآن : ١٢٦ / ٤٥٤.

١٥٦

ح - يستحب الجهر في صلاة الجمعة وظهرها‌ - خلافاً لابن إدريس(١) - وفي صلاة الليل.

مسألة ٢٣٨ : القراءة ليست ركناً عند أكثر علمائنا(٢) ‌فلو أخلّ بها سهواً لم تبطل صلاته - وبه قال الشافعي في القديم(٣) - لأنّ عمر صلّى المغرب فلم يقرأ فيها فقيل له في ذلك ، فقال : كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا : كان حسناً. قال : فلا بأس(٤) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله منصور بن حازم إنّي صلّيت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلّها ، فقال : « أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ » قلت : بلى ، فقال : « قد تمت صلاتك »(٥) .

وعند بعض علمائنا أنها ركن لو أخل بها سهواً بطلت صلاته(٦) ، وهو قول الشافعي في الجديد(٧) ، لقولهعليه‌السلام : ( لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب )(٨) ولا حجة فيه لافتقاره الى إضمار.

____________________

(١) السرائر : ٦٥.

(٢) منهم الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٥ ، وابن ادريس في السرائر : ٥٠ ، والمحقق في المعتبر : ١٧٢.

(٣) المجموع ٣ : ٣٣٢ ، عمدة القارئ ٦ : ٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٩.

(٤) مصنّف ابن أبي شيبة ١ : ٣٩٦.

(٥) الكافي ٣ : ٣٤٨ / ٣ ، التهذيب ٢ : ١٤٦ / ٥٧٠ ، الاستبصار ١ : ٣٥٣ / ١٣٣٦.

(٦) حكى ذلك الشيخ في المبسوط ١ : ١٠٥.

(٧) الاُم ١ : ١٠٧ ، المجموع ٣ : ٣٣٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٥ ، المغني ١ : ٥٥٥ ، الشرح الكبير ١ : ٥٥٦.

(٨) صحيح البخاري ١ : ١٩٢ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٥ / ٣٩٤ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٥ / ٢٤٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٥٩ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٣٩.

١٥٧

مسألة ٢٣٩ : يستحب له ترتيل القراءة ، والتسبيح ، والتشهد‌ ليلحقه من خلفه ممّن يثقل لسانه. قال الله تعالى( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) (١) وقال الصادقعليه‌السلام : « ينبغي للعبد إذا صلّى أن يرتل قراءته ، وإذا مرّ بآية فيها ذكر الجنّة أو النار سأل الله الجنّة وتعوّذ بالله من النار ، وإذا مرّ بيا أيّها الناس ويا أيها الذين آمنوا قال : لبيك ربّنا »(٢) .

ولو أطال الدعاء في خلال القراءة كره ، وربما أبطل إن خرج عن نظم القراءة المعتاد فيبين الحروف ولا يمده مدة يشبه الغناء ، ولو أدرج ولم يرتل وأتى بالحروف بكمالها صحت صلاته ، ويستحب تعمد الإِعراب والوقوف في مواضعه ، ولا يستحب له التطويل كثيراً فيشق على من خلفه ؛ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من أمّ الناس فليخفف )(٣) وللمنفرد الإِطالة.

ولو عرض عارض لبعض المأمومين يقتضي خروجه استحب للإِمام التخفيف ، قالعليه‌السلام : (إنّي لأقوم في الصلاة وأنا اُريد أن اُطوّل فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوّز فيها كراهية أن يشق على أبيه )(٤) .

مسألة ٢٤٠ : يستحب له أن يسكت قليلاً بعد الحمد وبعد السورة‌ - وبه قال عروة بن الزبير(٥) - لقول الباقرعليه‌السلام : « إن رجلين اختلفا في صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كم كان له من سكتة فكتبا الى أُبيّ بن كعب فقال : كان له سكتتان : إذا فرغ من أُم القرآن ، وإذا فرغ من‌

____________________

(١) المزمل : ٤.

(٢) التهذيب ٢ : ١٢٤ / ٤٧١.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٨٠ ، صحيح مسلم ١ : ٣٤١ / ٤٦٧ ، سنن الترمذي ١ : ٤٦١ / ٢٣٦ ، سنن النسائي ٢ : ٩٤ ، الموطأ ١ : ١٣٤ / ١٣ ، مسند أحمد ٢ : ٢٧١.

(٤) صحيح البخاري ١ : ١٨١ ، سنن ابي داود ١ : ٢٠٩ / ٧٨٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣١٧ / ٩٩١ ، سنن النسائي ٢ : ٩٥ ، سنن البيهقي ٣ : ١١٨ ، وفيها ( كراهية أن يشق على اُمّه ).

(٥) المغني ١ : ٥٦٧.

١٥٨

السورة »(١) ولأن المقتضي للسكوت عقيب الحمد مقتض له عقيب السورة.

وقال الشافعي ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق : يسكت بعد تكبيرة الافتتاح وبعد الفاتحة(٢) ، لأنّ سمرة بن جندب حدّث أنه حفظ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سكتتين : سكتة إذا كبّر ، وسكتة إذا فرغ من قراءة الفاتحة فأنكر عليه عمر(٣) فكتبا في ذلك الى أُبيّ بن كعب فكان في كتابه إليهما أن سمرة قد حفظ(٤) .

وحديثنا أولى ، لأنّ أهل البيتعليهم‌السلام أعرف ، وكره ذلك كله مالك ، وأصحاب الرأي(٥) .

مسألة ٢٤١ : يستحب أن يقرأ في الظهرين ، والمغرب بقصار المفصل‌ كالقدر والنصر ، وفي العشاء بمتوسطاته كالطارق والأعلى ، وفي الصبح بمطولاته كالمدثر والمزمل ، قاله الشيخ في المبسوط(٦) .

وروى محمد بن مسلم عن الصادقعليه‌السلام قلت : القراءة في الصلاة فيها شي‌ء موقت؟ قال : « لا ، إلاّ الجمعة تقرأ بالجمعة والمنافقين » قلت له : فأيّ السور أقرأ في الصلوات؟ قال : « أما الظهر والعشاء فتقرأ فيهما سواء ، والعصر والمغرب سواء ، وأما الغداة فأطول ، ففي الظهر‌

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٩٧ / ١١٩٦.

(٢) المجموع ٣ : ٣٩٥ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٣ ، المغني ١ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٨ ، العدة شرح العمدة : ٧٥ ، نيل الاوطار ٢ : ٢٦٥.

(٣) الصحيح عمران بن الحصين كما في المصادر التالية.

(٤) سنن الترمذي ٢ : ٣١ / ٢٥١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٧٥ / ٨٤٤ ، سنن أبي داود ١ : ٢٠٧ / ٧٧٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٠٩ / ٢٨.

(٥) المغني ١ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٨ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٦٥.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٨.

١٥٩

والعشاء بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها ونحوها ، والعصر والمغرب إذا جاء نصر الله وألهاكم التكاثر ، ونحوها ، والغداة بعم يتسائلون ، وهل أتاك ، ولا أقسم بيوم القيامة ، وهل أتى»(١) وقال الشافعي : يقرأ في الصبح كما قلناه(٢) لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ « ق » في الصبح(٣) .

ويقرأ في الظهر نصف ما يقرأ في الصبح ، ويقرأ في العصر بنحو ما يقرأ في العشاء سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون ، ويقرأ في المغرب بالعاديات وشبهها ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقرأ في المغرب بقصار المفصّل(٤) .

وقال أبو حنيفة : يقرأ في الاُولى من الصبح من ثلاثين آية إلى ستين آية ، وفي الثانية من عشرين الى ثلاثين ، وفي الظهر نصف ما قرأ في الصبح ، وفي العصر والعشاء عشرين آية في كل ركعة غير الفاتحة في الاُوليين(٥) . وقال أحمد : يقرأ في العشاء خمس عشرة آية(٦) .

ولو خالف ذلك كلّه جاز بإجماع العلماء فإن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ في المغرب بالأعراف ، وتارة بالمرسلات ، وتارة بالطور(٧) .

مسألة ٢٤٢ : يستحب أن يقرأ في ظهري يوم الجمعة الجمعة والمنافقين ،

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٥ / ٣٥٤.

(٢) المجموع ٣ : ٣٨٥ ، مختصر المزني : ١٨ ، السراج الوهاج : ٤٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٣.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٣٣٧ / ٤٥٨.

(٤) سنن البيهقي ٢ : ٣٩١.

(٥) بدائع الصنائع ١ : ٢٠٦.

(٦) المغني ١ : ٦٤٣ ، حلية العلماء ٢ : ٩٥.

(٧) سنن الترمذي ٢ : ١١٢ - ١١٣ / ٣٠٨ ، سنن أبي داود ١ : ٢١٤ / ٨١٠ و ٨١١ و ٢١٥ / ٨١٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٩٦ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٩٢.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

جالسا ذات يوم وعنده علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، إذ دخل الحسينعليه‌السلام فأخذه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجعله في حجره ، وقبّل بين عينيه ، وقبّل شفتيه ، وكان للحسينعليه‌السلام ست سنين. فقال عليعليه‌السلام : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتحبّ ولدي الحسين؟.قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كيف لا أحبه وهو عضو من أعضائي؟!. فقال : يا رسول الله ، أيّنا أحبّ إليك ، أنا أم الحسين؟. فقال الحسين : يا أبت ، من كان أعلى شرفا ، كان أحبّ إلى رسول الله وأقرب إليه منزلة. قال عليعليه‌السلام : أتفاخرني يا حسين؟.قال : نعم إن شئت يا أبتاه. فقالعليه‌السلام : أنا أمير المؤمنين ، أنا لسان الصادقين ، أنا وزير المصطفى حتّى عدّ من مناقبه نيّفا وسبعين منقبة ، ثم سكت. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسينعليه‌السلام : أسمعت يا أبا عبد الله ، وهو عشر ما قاله من فضائله ، ومن ألف ألف فضيلة ، وهو فوق ذلك وأعلى. فقال الحسينعليه‌السلام : الحمد لله الّذي فضّلنا على كثير من عباده المؤمنين ، وعلى جميع المخلوقين. ثم قال : أمّا ما ذكرت يا أمير المؤمنين ، فأنت فيه صادق أمين. فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أذكر أنت فضائلك يا ولدي. فقال الحسينعليه‌السلام : أنا الحسين ابن علي بن أبي طالب ، وأمي فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ، وجدي محمّد المصطفى سيد بني آدم أجمعين ، لا ريب فيه. يا أبت أمي أفضل من أمك عند الله وعند الناس أجمعين ، وجدي خير من جدك وأفضل عند الله وعند الناس أجمعين ، وأبي خير من أبيك عند الله وعند الناس أجمعين ، وأنا في المهد ناغاني جبرائيل وتلقّاني إسرافيل. يا أبت أنت عند الله أفضل مني ، وأنا أفخر منك بالآباء والأمهات والأجداد. ثم اعتنق أباه فقبّله ، وعليّعليه‌السلام أيضا يقبّله ، ويقول : زادك الله شرفا وتعظيما وفخرا وعلما وحلما ، ولعن الله قاتليك يا أبا عبد الله.

١٤٤ ـ قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : دعوا الحسنين يتمتعان بي وأتمتّع بهما :

روي أنه لما ثقل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مرضه ، والبيت غاصّ بمن فيه ، قال :ادعوا إليّ الحسن والحسينعليه‌السلام . قال : فجعل يلثمهما حتّى أغمي عليه. قال :فجعل عليعليه‌السلام يرفعهما عن وجه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . ففتح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عينيه وقال : دعهما يتمتّعان مني وأتمتّع منهما ، فإنهما سيصيبهما بعدي أثرة».

١٤٥ ـ جبرائيل يخبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(بحار الأنوار ، ج ٤٤ ص ٢٣٨ ط ٣)

في (كامل الزيارة) ص ٦٧ ، عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : بينا رسول

١٨١

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في منزل فاطمةعليها‌السلام ، والحسينعليه‌السلام في حجره ، إذ بكى وخرّ ساجدا ، ثم قال : يا فاطمة يا بنت محمّد ، إن العليّ الأعلى تراءى لي في بيتك هذا ، ساعتي هذه ، في أحسن صورة وأهيأ هيئة ، وقال لي : يا محمّد ، أتحبّ الحسينعليه‌السلام ؟. فقلت : نعم ، قرة عيني ، وريحانتي ، وثمرة فؤادي ، وجلدة ما بين عينيّ. فقال لي : يا محمّد ـ ووضع يده على رأس الحسين ـ بورك من مولود عليه بركاتي وصلواتي ورحمتي ورضواني ، ولعنتي وسخطي وعذابي وخزيي ونكالي على من قتله ، وناصبه وناواه ونازعه. أما إنه سيد الشهداء من الأولين والآخرين ، في الدنيا والآخرة ، وسيد شباب أهل الجنّة من الخلق أجمعين. وأبوه أفضل منه وخير ، فأقرئه السلام وبشّره بأنه راية الهدى ، ومنار أوليائي ، وحفيظي وشهيدي على خلقي ، وخازن علمي ، وحجتي على أهل السموات وأهل الأرضين ، والثقلين :الجن والإنس.

١٤٦ ـ محبة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للحسينعليه‌السلام :(معالي السبطين ، ج ١ ص ٥٢)

في (البحار) سئل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أي أهل بيتك أحب إليك؟. قال : الحسن والحسين ، من أحبهما أحببته ، ومن أحببته أحبّه الله ، ومن أحبه الله أدخله الجنّة. ومن أبغضهما أبغضته ، ومن أبغضته أبغضه الله ، ومن أبغضه الله خلّده النار.

أيها الناس ، من أحبني وأحبّ هذين وأباهما وأمهما ، كان معي في درجتي في الجنّة يوم القيامة».

ولنعم ما قال القائل :

أخذ النبي يد الحسين وصنوه

يوما ، وقال وصحبه في مجمع

من ودّني يا قوم أو هذين أو

أبويهما ، فالخلد مسكنه معي

وعن أسامة بن زيد ، قال : أتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم في بعض الحاجة ، فخرج إليّ وهو مشتمل على شيء ، ما أدري ما هو!. فلما فرغت من حاجتي ، قلت : ما هذا الّذي أنت مشتمل عليه؟. فكشف ، فإذا هو الحسن والحسينعليهما‌السلام على وركيه. فقال : هذان ابناي ، وابنا ابني. الله م إني أحبهما فأحبّهما ، وأحبّ من يحبّهما ، ألا فمن أحبّهما كان معي».

١٨٢

وفي (البحار) عن جابر بن عبد الله الأنصاري ، قال : خرج علينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم آخذا بيد الحسن والحسينعليهما‌السلام ، فقال : إن ابنيّ هذين ، ربّيتهما صغيرين ودعوت لهما كبيرين ، وسألت الله أن يجعلهما طاهرين مطهّرين زكيين ، فأجابني إلى ذلك.

وسألت أن يقيهما وشيعتهما من النار ، فأعطاني ذلك. وسألت الله أن يجمع الأمة على محبتهما ، فقال : يا محمّد ، إني قضيت قضاء وقدّرت قدرا ، وإن طائفة من أمتك ستفي لك بذمتك في اليهود والنصارى والمجوس ، وسيخفرون ذمتك في ولدك. وإني أوجبت على نفسي لمن فعل ذلك أن لا أحلّه محل كرامتي ولا أسكنه جنّتي ، ولا أنظر إليه بعين رحمتي إلى يوم القيامة.

١٤٧ ـ السيدة عائشة تستغرب :(البحار للمجلسي ج ٤٤ ص ٢٦٠)

عن الإمام الصادقعليه‌السلام قال : كان الحسين بن عليعليهما‌السلام ذات يوم في حجر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلاعبه ويضاحكه. فقالت عائشة : يا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما أشدّ إعجابك بهذا الصبي؟!. فقال لها : ويلك وكيف لا أحبه ولا أعجب به ، وهو ثمرة فؤادي وقرّة عيني؟. أما إن أمتي ستقتله ، فمن زاره بعد وفاته كتب الله له حجة من حججي».

١٤٨ ـ خبر فداء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحسينعليه‌السلام بابنه إبراهيمعليه‌السلام :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٣٤ ط نجف)

عن تفسير النقاس بإسناده عن سفيان الثوري ، عن قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه ، عن ابن عباس قال : كنت عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى فخذه الأيسر ابنه إبراهيم ، وعلى فخذه الأيمن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، وهو تارة يقبّل هذا وتارة يقبّل هذا ، إذ هبط جبرئيل بوحي من رب العالمين. فلما سرّي عنه قال : أتاني جبرئيل من ربي فقال : يا محمّد إن ربك يقرأ عليك السلام ، ويقول : لست أجمعهما ، فافد أحدهما بصاحبه. فنظر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى إبراهيم فبكى ، وقال : إن إبراهيم أمّه أمة ، ومتى مات لم يحزن عليه غيري ، وأمّ الحسين فاطمة ، وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي ، ومتى مات حزنت ابنتي وحزن ابن عمي وحزنت أنا عليه ، وأنا أؤثر حزني على حزنهما. يا جبرئيل اقبض إبراهيم فديته بالحسين.

قال : فقبض بعد ثلاث. فكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذا رأى الحسينعليه‌السلام مقبلا قبّله وضمّه إلى صدره ورشف ثناياه ، وقال : فديت من فديته با بني إبراهيم.

١٨٣

* وسوف ترد قصة حبات اللؤلؤ السبع ، وهي التي حكاها رسول ملك الروم ليزيد ، في آخر الجزء الثاني من الموسوعة ، ضمن الحوادث التي حدثت في مجلس يزيد.

١٤٩ ـ مجلس الحسينعليه‌السلام :(ريحانة الرسول لأحمد فهمي محمّد ، ص ٣٩)

قال أحمد فهمي محمّد يصف مجلس الحسينعليه‌السلام : وكان مجلس الحسينعليه‌السلام مجلس وقار وعلم ، والناس من حوله يتحلقون ، يأخذون عنه ما يلقيه عليهم ، وهم في خشوع كأن على رؤوسهم الطير.

١٥٠ ـ خطابة الحسينعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ٤٠)

وقد آتاه الله أعنّة الخطابة ، فكانعليه‌السلام طليق اللسان ، مشرق ديباجة البيان ، نديّ الصوت ، خلّاب المنطق. تتفجّر ينابيع الحكمة على لسانه ، وتتدفق سيول الموعظة حول بيانه. لا يتلكأ في منطقه ولا يتلجلج. إذا ما عنّ له أمر تدفّق تدفق اليعسوب ، وملأ الأسماع والقلوب.

١٥١ ـ عبادتهعليه‌السلام :(المجالس السنيّة للسيد الأمين ، ج ١ ص ٢٤)

روى ابن عساكر في (التاريخ الكبير) عن مصعب بن عبد الله ، قال : حج الحسينعليه‌السلام خمسا وعشرين حجة ماشيا ، وإنّ نجائبه تقاد معه.

وفي (تذكرة الخواص) قال علماء السير : أقام الحسينعليه‌السلام بعد وفاة أخيه الحسنعليه‌السلام يحج في كل عام من المدينة إلى مكة ماشيا [المسافة نحو ٥٠٠ كم] إلى أن توفي معاوية وقام يزيد سنة ستين.

وروى ابن عبد ربه في (العقد الفريد) أنه قيل لعلي بن الحسينعليه‌السلام : ما كان أقلّ ولد أبيك؟!. قال : العجب كيف ولدت أنا له ، ولقد كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة ، فمتى كان يتفرغ للنساء؟.

وكانعليه‌السلام إذا توضأ تغيّر لونه وارتعدت مفاصله ، فقيل له في ذلك ، فقال : حقّ لمن وقف بين يدي الجبار أن يصفرّ لونه وترتعد مفاصله.

وحسبهعليه‌السلام وقوفه للصلاة في يوم عاشوراء ، والسهام تخطر بين يديه ، وقد وقف أمامه سعيد بن عبد الله الحنفي وزهير بن القين البجلي يقيانه من النبل.

١٥٢ ـ كرم الحسينعليه‌السلام وحسن معاملته :

(الحسين إمام الشاهدين للدكتور علي شلق ، ص ٥٢)

قال الدكتور علي شلق : جاءت جارية تحمل في يدها زهيرات نضرات ، طفح

١٨٤

منها اللون الأخضر ، والعطر الأزهر. فقدّمتها إلى الحسينعليه‌السلام بعد أن سلّمت بخفر وحياء. فتناولهاعليه‌السلام بيده الكريمة ، وقال لها : أنت حرّة لوجه الله تعالى.

عند ذلك تحرك أنس بن مالك ، وكان في مجلسه قائلا : ألهذا الحدّ يابن الأكرمين؟. تعتق جارية على طاقة ريحان؟!. فأجاب الحسينعليه‌السلام : كذا أدّبنا ربّنا ، ألم تسمع قوله تعالى :( وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها ) [النساء :٨٦] وكان أحسن منها عتقها.

وفي (نور الأبصار للشبلنجي) ص ١٣٨ : قيل كان بين الحسينعليه‌السلام وبين أخيه الحسنعليه‌السلام كلام ووقفة ، فقيل له : اذهب إلى أخيك الحسن واسترضه وطيّب خاطره ، فإنه أكبر منك. فقالعليه‌السلام : سمعت جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : أيّما اثنين بينهما كلام فطلب أحدهما رضا الآخر ، كان السابق سابقه إلى الجنّة ، وأكره أن أسبق أخي الأكبر إلى الجنّة. فبلغ قوله الحسنعليه‌السلام فأتاه وترضّاه.

١٥٣ ـ سخاؤه وتواضعهعليه‌السلام :

مرّ الحسينعليه‌السلام بمساكين وهم يأكلون كسرا على كساء ، فسلّم عليهم. فدعوه إلى طعامهم ، فجلس معهم ، وقال : لو لا أنه صدقة لأكلت معكم. ثم قال : قوموا إلى منزلي ، فأطعمهم وكساهم وأمر لهم بدراهم.

١٥٤ ـ رأفته بالفقراء والمساكين وإحسانه إليهم :

ولقد وجد على ظهر الحسينعليه‌السلام يوم الطف أثر ، فسئل زين العابدينعليه‌السلام عن ذلك ، فقال : هذا مما كان ينقل الجراب على ظهره إلى منازل الأرامل واليتامى والمساكين.

١٥٥ ـ إباء الحسينعليه‌السلام للضيم :(أعيان الشيعة للسيد الأمين ، ج ٤ ص ١١٢)

أما إباؤهعليه‌السلام للضيم ومقاومته للظلم ، واستهانته القتل في سبيل الحق والعزّ ، فقد ضربت به الأمثال وسارت به الركبان.

فأول ذلك ما قاله الحسينعليه‌السلام حين دعاه والي المدينة إلى البيعة ليزيد ، وكان مروان بن الحكم حاضرا ، قال :

«إنا أهل بيت النبوّة ، ومعدن الرسالة ، ومختلف الملائكة ، ومهبط الرحمة. بنا فتح الله وبنا ختم ، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر ، قاتل النفس المحترمة ، معلن بالفسق ، ومثلي لا يبايع مثله».

١٨٥

فقد أبىعليه‌السلام أن يبايع يزيد بن معاوية ، السكّير الخمّير ، صاحب القيان والطنابير ، واللاعب بالقرود والفهود ، والمجاهر بالكفر والإلحاد ، والاستهانة بالدين. بل قال لمروان : وعلى الإسلام السلام ، إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد.

وحين دعا مروان الوالي إلى قتل الحسين ، قالعليه‌السلام : ويلي عليك يابن الزرقاء ، أتأمر بضرب عنقي ، كذبت والله ولؤمت. والله لو رام ذلك أحد لسقيت الأرض من دمه قبل ذلك.

ولما أحاط القوم بالحسينعليه‌السلام في كربلاء ، وقيل له : انزل على حكم بني عمك. قال : لا والله! لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل ، ولا أقرّ إقرار العبيد.

وقالعليه‌السلام : ألا وإن الدّعيّ ابن الدعي [يقصد عبيد الله بن زياد] قد ركز بين اثنتين : السّلّة (أي استلال السيوف) أو الذلةّ ، وهيهات منا الذلة ، يأبى الله ذلك لنا ، ورسوله والمؤمنون ، وجدود طابت ، وحجور طهرت ، وأنوف حميّة ، ونفوس أبيّة ، لا تؤثر طاعة اللئام على مصارع الكرام.

١٥٦ ـ شجاعتهعليه‌السلام :(المصدر السابق ، ص ١١٥)

أما شجاعة الحسينعليه‌السلام فقد أنست شجاعة الشجعان وبطولة الأقران وفروسية الفرسان ، من مضى ومن سيأتي إلى يوم القيامة. فهو الّذي دعا الناس إلى المبارزة يوم كربلاء ، فلم يزل يقتل كل من برز إليه ، حتّى قتل مقتلة عظيمة.

وما أصدق وصف أحد الرواة للحسينعليه‌السلام يوم كربلاء ، حيث قال : والله ما رأيت مكثورا قط ، قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه ، أربط جأشا ، ولا أمضى جنانا ، ولا أجرأ مقدما منه. والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله ، وإن كانت الرجّالة لتشدّ عليه ، فيشدّ عليها بسيفه ، فتنكشف عن يمينه وعن شماله ، انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب ، ولقد كان يحمل فيهم وقد تكمّلوا ثلاثين ألفا ، فينهزمون من بين يديه كأنهم الجراد المنتشر.

١٥٧ ـ شجاعة موروثة :(معالي السبطين ، ج ١ ص ٦٦)

قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لله درّ أبي طالب ، لو ولد الناس كلهم كانوا شجعانا». وقد ورث الحسينعليه‌السلام الشجاعة من أبيه عليعليه‌السلام وجده محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجده أبو طالبعليه‌السلام . وعليعليه‌السلام هو القائل : وأنا من رسول الله كالصّنو من الصنو ، والذراع من العضد. والله لو تظاهرت العرب على قتالي لما وليّت عنها ، ولو

١٨٦

أمكنت الفرص من رقابها لسارعت إليها. وهو القائل : جنونان لا أخلاني الله منهما : الشجاعة والكرم.

وقد ظهرت شجاعة الحسينعليه‌السلام يوم عاشوراء في أهل الكوفة ، بحيث ذكّرتهم بشجاعة أبيه أمير المؤمنينعليه‌السلام في غزواته وجولاته.

وما عسى أن يقول القائل فيمن جده محمّد المصطفى ، وأبوه علي المرتضى ، وأمه فاطمة الزهرا ، وجدته خديجة الكبرى ، وأخوه الحسن المجتبى ، مع ماله في نفسه من الفضائل التي لا تحصى!.

٦ ـ الذريّة والإمامة

إن من أكبر فضائل الإمام عليعليه‌السلام أن الله جعل ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صلبه من فاطمة الزهراءعليها‌السلام كما جاء في عدة أحاديث سوف نذكرها. وإن من أكبر الفضائل التي حباها الله تعالى للحسينعليه‌السلام أن جعل الأئمة من ذريته ، أولهم زين العابدين وآخرهم المهديعليه‌السلام .

قال النبي الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن الله تعالى جعل ذرية كل نبي من صلبه خاصة ، وجعل ذريتي من صلب علي بن أبي طالبعليه‌السلام ».

١٥٨ ـ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو عصبة الحسن والحسينعليهما‌السلام :

(إحياء الميت بفضائل أهل البيت للسيوطي ، ص ٢٥١)

أخرج الحاكم عن جابر (قال) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل بني أمّ ينتمون إلى عصبة ، إلا ولدي فاطمةعليهم‌السلام [أي الحسن والحسين] فأنا وليهما وعصبتهما».

وفي رواية الخوارزمي في مقتله ، ج ١ ص ٥ : «كل بني أمّ ينتمون إلى عصبتهم إلا ولد فاطمة ، فإني أنا أبوهم وعصبتهم».

ثم يقول الخوارزمي : والأخبار في أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يسمّي الحسن والحسينعليهما‌السلام ابنيه ، كالحصى لا تعدّ ولا تحصى.

وأخرج الطبراني عن فاطمة الزهراءعليها‌السلام قالت : قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لكل بني أنثى عصبة ينتمون إليه ، إلا ولد فاطمة ، فأنا وليهم وأنا عصبتهم».

وفي (إسعاف الراغبين لمحمد الصبان ، بهامش نور الأبصار للشبلنجي) ص ١٣٣ : وفي رواية صحيحة قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «كل بني أنثى عصبتهم لأبيهم ، ما خلا ولد فاطمة ، فإني أنا أبوهم وعصبتهم».

١٨٧

تعليق : هذه الخصوصية هي لأولاد مولاتنا فاطمة بنت محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقط ، دون أولاد بقية بناته ، فلا يطلق عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه أب لهم ، وأنهم بنوه ، بل يطلق عليهم أنهم من ذريته ونسله وعقبه. وقد خصّ أولاد فاطمةعليهم‌السلام بهذا الفضل دون غيرها من بقية بناته لسببين : لأنها أفضلهن ، ولأنها هي الوحيدة التي أعقبت ذكرا ، فانحصرت فيها ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمةعليهم‌السلام .

١٥٩ ـ الإمامة في الحسينعليه‌السلام وفي صلبه :

(مناقب آل أبي طالب لابن شهراشوب ، ج ٣ ص ٢٠٦ ط نجف)

روى الأعرج عن أبي هريرة ، قال : سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن قوله تعالى :( وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ ) [الزخرف : ٢٨]. قال : جعل الإمامة في عقب الحسينعليه‌السلام يخرج من صلبه تسعة من الأئمة ، منهم مهديّ هذه الأمة.

* الاحتجاج على الحجّاج :

وقد وردت في الكتب قصة مع الحجّاج فيها استدلال على أن الحسن والحسينعليهما‌السلام أبناء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وذريته ، وليس كما حاول الأمويون نفيه ، ومن بعدهم العباسيون ، وقالوا : إن أبناء البنت ليسوا من ذرية الرجل.

ولهذه القصة روايتان ؛ إحداهما تذكر أن الاستدلال كان من الشعبي وقد مرّت سابقا في الفقرة رقم ٣٤ ، والثانية أن الاستدلال كان من يحيى بن يعمر بحضور الشعبي ، وإليك الرواية الثانية بصيغتين.

يقول الخوارزمي في مقدمة مقتله :

ومن خذلان مبغضيهم المستحكم القواعد ، وإدبارهم المستحصف المقاعد ، وغوايتهم التي حشرتهم إلى دار البوار ، وشقاوتهم التي كبّتهم على مناخرهم في دركات النار ، أن حملهم بغض أحبّاء الله وأحباء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على أن أنكروا أولاد عليعليهم‌السلام من فاطمةعليهم‌السلام أنهم أولاد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

فمن أولئك الحجّاج المحجوج ، الحقود اللجوج. ثم ساق هذه القصة.

١٦٠ ـ قصة يحيى بن يعمر مع الحجّاج :

(مقتل الخوارزمي ، ج ١ ص ٥)

قال الخوارزمي : أخبرنا عاصم بن بهدلة عن يحيى بن يعمر العامري ، قال : بعث

١٨٨

إليّ الحجّاج ، فقال : يا يحيى أنت الّذي تزعم أن ولد علي من فاطمة ولد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قلت له : إن أمّنتني تكلمت. قال : فأنت آمن. قلت : أقرأ عليك كتاب اللهعزوجل ، إن الله يقول :( وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣)وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٨٥) [الأنعام : ٨٣ ـ ٨٥].

وعيسىعليه‌السلام كلمة الله وروحه ألقاها إلى البتول العذراء ، وقد نسبه الله تعالى إلى إبراهيمعليه‌السلام .

قال الحجاج : ما دعاك إلى نشر هذا وذكره؟. قال : ما أوجب الله تعالى على أهل العلم في علمهم( لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً ) [آل عمران : ١٨٧]. قال : صدقت ، ولا تعودنّ لذكر هذا ولا نشره.

ثم قال الخوارزمي : وقد ابتلي المكابر الحجّاج ، بالمحجاج يحيى بن يعمر ، المؤيّد من الله بالجواب الصواب ، الّذي أوتي عند سؤاله فصل الخطاب لعن الله الحجّاج وكل ملعون من نسله ، وكل من انضوى إلى حفله ، واحتطب في حبله ، من مبغضي أهل البيتعليهم‌السلام ، ولعن الله من لم يلعن مبغضيهم ، وقاتليهم وسافكي دمائهم ، والذين أعانوا على قتلهم ، وأشاروا إليه ودلّوا عليه. انتهى كلامه.

١٦١ ـ رواية أخرى للقصة :

(آثار البلاد وأخبار العباد للقزويني ، ص ٤٢١)

يروى أن الحجاج أحضر يحيى بن يعمر ، وقال : أنت الّذي تقول : الحسين ابن علي من ذرية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟. قال : نعم. قال : فوالله لتأتينّ بالمخرج عما قلت ، أو لأضربنّ عنقك!. فقال يحيى : إن جئت بالمخرج فأنا آمن؟. قال : نعم.قال : اقرأ( وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ ) [الأنعام : ٨٣] إلى قوله :( وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ ) [الأنعام : ٨٤] إلى قوله( وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى ) [الأنعام : ٨٥]. فمن يعدّ عيسىعليه‌السلام من ذرية إبراهيم لا يعدّ الحسينعليه‌السلام من ذرية محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؟!.

فقال الحجاج : والله كأني ما قرأت هذه الآية قط!. فولاه قضاء المدينة ، وكان قاضيها إلى أن مات.

١٨٩

١٦٢ ـ رواية أشمل وأوسع للقصة :

(المنتخب للطريحي ج ٢ ص ٤٩١)

حكي عن الشّعبي الحافظ لكتاب الله تعالى ، أنه قال : استدعاني الحجاج ابن يوسف [الثقفي] في يوم عيد الضحيّة ، فقال لي : أيها الشيخ أي يوم هذا؟. فقلت : هذا يوم الضّحيّة. قال : بم يتقرّب الناس في مثل هذا اليوم؟. فقلت : بالأضحية والصدقة وأفعال البرّ والتقوى. فقال : اعلم أني قد عزمت أن أضحي برجل حسيني.

قال الشعبي : فبينما هو يخاطبني إذ سمعت خلفي صوت سلسلة وحديد ، فخشيت أن ألتفت فيستخفّني. وإذا قد مثل بين يديه رجل علوي ، وفي عنقه سلسلة وفي رجليه قيد من حديد.

فقال له الحجاج : ألست فلان بن فلان العلوي؟. قال : نعم ، أنا ذلك الرجل.فقال له : أنت القائل : إن الحسن والحسين من ذرية رسول الله؟. قال : ما قلت ولا أقول ، ولكني أقول : إن الحسن والحسينعليه‌السلام ولدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنهما دخلا في ظهره وخرجا من صلبه ، على رغم أنفك يا حجّاج!.

قال : وكان الحجاج متكئا على مسنده ، فاستوى جالسا ، وقد اشتدّ غيظه وغضبه ، وانتفخت أوداجه ، حتّى تقطّعت أزرار بردته ، فدعا ببردة غيرها فلبسها.

ثم قال للرجل : يا ويلك إن تأتيني بدليل من القرآن يدلّ أن الحسن والحسين ولدا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دخلا في ظهره وخرجا من صلبه ، وإلا قتلتك في هذا الحين أشرّ قتلة. وإن أتيتني بما يدل على ذلك أعطيتك هذه البردة التي بيدي وخلّيت سبيلك!.

قال الشعبي : وكنت حافظا كتاب الله تعالى كله ، وأعرف وعده ووعيده ، وناسخه ومنسوخه ، فلم تخطر على بالي آية تدل على ذلك. فحزنت وقلت في نفسي : يعزّ والله عليّ ذهاب هذا الرجل العلوي. قال : فابتدأ الرجل يقرأ الآية ، فقال( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) (١) [الفاتحة : ١] ، فقطع عليه الحجاج قراءته وقال : لعلك تريد أن تحتجّ عليّ بآية المباهلة ، وهي قوله تعالى :( فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ) [آل عمران : ٦١]؟. فقال العلوي : هي والله حجّة مؤكدة معتمدة ، ولكني آتيك بغيرها. ثم ابتدأ يقرأ :( وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٨٤)وَزَكَرِيَّا وَيَحْيى وَعِيسى وَإِلْياسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ ) (٨٥) [الأنعام : ٨٤ ـ ٨٥] وسكت. فقال له الحجاج : فلم لا قلت( وَعِيسى ) [الأنعام : ٨٥] أنسيت عيسى؟. فقال : نعم صدقت يا حجاج. فبأي شيء دخل

١٩٠

عيسىعليه‌السلام في صلب نوحعليه‌السلام وليس له أب؟. فقال له الحجاج : إنه دخل في صلب نوح من حيث أمه مريم. فقال العلوي : وكذلك الحسن والحسينعليه‌السلام دخلا في صلب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأمهما فاطمة الزهراءعليه‌السلام .

قال : فبقي الحجاج كأنما ألقم حجرا. فقال له الحجاج : ما الدليل على أن الحسن والحسين إمامان؟. فقال العلوي : يا حجاج لقد ثبتت لهما الإمامة بشهادة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حقهما ، لأنه قال في حقهما : «ولداي هذان إمامان فاضلان ، إن قاما وإن قعدا ، تميل عليهما الأعداء فيسفكون دمهما ويسبون حرمهما». ولقد شهد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لهما بالإمامة أيضا حيث قال : «ابني هذا ـ يعني الحسين ـ إمام ابن إمام أبو أئمة تسعة».

فقال الحجاج : يا علوي والله لو لم تأتني بهذا الدليل من القرآن وبصحة إمامتهما ، لأخذت الّذي فيه عيناك ، ولقد نجّاك الله تعالى مما عزمت عليه من قتلك ، ولكن خذ هذه البردة لا بارك الله لك فيها. فأخذها العلوي وهو يقول : هذا من عطاء الله وفضله ، لا من عطائك يا حجّاج!.

وقد عمدنا في هذه الموسوعة على إدراج ترجمة لمن يرد ذكرهم من الأشخاص المشهورين ، نبدأ منهم بترجمة الحجّاج.

ترجمة الحجّاج

(سير أعلام النبلاء للذهبي ، ج ٤ ص ٣٤٣)

قال الذهبي : أهلك الله الحجاج في شهر رمضان سنة ٩٥ ه‍ كهلا. وكان ظلوما جارا ناصبيا خبيثا سفّاكا للدماء. وكان ذا شجاعة وإقدام ومكر ودهاء ، وفصاحة وبلاغة ، وتعظيم للقرآن.

قد سقت من سوء سيرته في تاريخي الكبير ، وحصاره لابن الزبير بالكعبة ، ورميه إياها بالمنجنيق ، وإذلاله لأهل الحرمين. ثم ولايته على العراق والمشرق كله عشرين سنة ، وحرب ابن الأشعث له ، وتأخيره للصلوات ، إلى أن استأصله الله. فنسبّه ولا نحبّه ، بل نبغضه في الله ، فإن ذلك من أوثق عرى الإيمان.

وله حسنات مغمورة في بحر ذنوبه ، وأمره إلى الله.

وفي (مروج الذهب) ج ٣ ص ١٧٥ ، قال المسعودي :

ومات الحجاج في سنة ٩٥ ه‍ وهو ابن ٥٤ سنة بواسط العراق ، وكان

١٩١

تأمّره على الناس عشرين سنة. وأحصي من قتله صبرا سوى من قتل في عساكره وحروبه فوجد مائة وعشرين ألفا ، ومات في حبسه خمسون ألف رجل ، وثلاثون ألف امرأة ، منهن ستة عشر ألفا مجرّدة. وكان يحبس النساء والرجال في موضع واحد ، ولم يكن للحبس ستر يستر الناس من الشمس في الصيف ، ولا من المطر والبرد في الشتاء.

* ملاحظة عامة : تسالمنا على وضع إطار حول ترجمة الأشخاص ، يختلف حسب نوع الشخص ؛ فإن كان عدوا للحسينعليه‌السلام يكون الإطار متصلا ، وإن كان حياديا يكون الإطار منقطّا ، وإن كان من أنصار الحسينعليه‌السلام يكون الإطار مرقطّا (نقطة شحطة).

* قصيدة حاقدة ومعارضتها :

والآن نستعرض قصيدة صفي الدين الحلي الشاعر الشيعي المعروف ، في الردّ على المتعصب اللدود عبد الله بن المعتز ، الّذي أنكر في قصيدته أن يكون نسل الإمام عليعليه‌السلام من فاطمة هم ذرية النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . وادعى أن العباسيين أقرب للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من العلويين. ولم يعد هذا الشاعر في تعصبه جده المتوكل العباسي الّذي حاول حرث قبر مولانا الحسينعليه‌السلام .

١٦٣ ـ قصيدة عبد الله بن المعتز بن المتوكل العباسي :

قال صاحب (روضات الجنات) : وكان عبد الله بن المعتز ذا نصب وعداوة شديدة لأهل البيتعليه‌السلام . ومن شعره قصيدته التي يهجو بها الطالبيين ويتحامل على العلويين ، منها :

ألا من لعين وتسكابها

تشكّى القذا وبكاها بها

ترامت بنا حادثات الزمان

ترامي القسيّ بنشّابها

ويا ربّ ألسنة كالسيوف

تقطّع أرقاب أصحابها

ويقول فيها :

ونحن ورثنا ثياب النّبيّ

فكم تجذبون بأهدابها

لكم رحم يا بني بنته

ولكن بنو العمّ أولى بها

إلى أن يقول :

١٩٢

قتلنا أميّة في دارها

ونحن أحقّ بأسلابها

إذا ما دنوتم تلقّيتم

زبونا(١) أقرّت بجلّابها

١٦٤ ـ قصيدة صفي الدين الحلي في الردّ عليها :

فردّ الشاعر الشيعي صفي الدين الحلي (٦٧٧ ـ ٧٥٢ ه‍) عليه بهذه القصيدة ، وهي من غرر الشعر ، يقول :

[القصيدة]

ألا قل لشرّ عبيد الإله

وطاغي قريش وكذّابها

وباغي العباد وباغي العناد

وهاجي الكرام ومغتابها

أأنت تفاخر آل النّبيّ

وتجحدها فضل أحسابها؟

بكم باهل المصطفى أم بهم

فردّ العداة بأوصابها؟

أعنكم نفي الرجس أم عنهم

لطهر النفوس وألبابها؟

أما الرجس والخمر من دأبكم

وفرط العبادة من دأبها؟

* * *

وقلت : ورثنا ثياب النّبيّ

فكم تجذبون بأهدابها؟

وعندك لا يورث الأنبياء

فكيف حظيتم بأثوابها؟

فكذّبت نفسك في الحالتين

ولم تعلم الشّهد من صابها(٢)

أجدّك(٣) يرضى بما قلته؟

وما كان يوما بمرتابها

وكان بصفين من حزبهم

لحرب الطغاة وأحزابها

وقد شمرّ الموت عن ساقه

وكشّرت الحرب عن نابها

فأقبل يدعو إلى «حيدر»

بإرغابها وبإرهابها

وآثر أن ترتضيه الأنام

من الحكمين لأسبابها

ليعطي الخلافة أهلا لها

فلم يرتضوه لإيجابها

وصليمع الناس طول الحياة

وحيدر في صدر محرابها

فهلا تقمّصها جدّكم

إذا كان إذ ذاك أحرى بها؟

إذا جعل الأمر شورى لهم

فهل كان من بعض أربابها؟

__________________

(١) الزّبون : الناقة التي تدفع ولدها عن ضرعها.

(٢) الصاب : شجر له عصارة بيضاء بالغة المرارة.

(٣) يقصد بجدهم : عبد الله بن عباس.

١٩٣

أخامسهم كان أم سادسا؟

وقد جلّيت بين خطّابها

وقولك : أنتم بنو بنته

ولكن بنو العم أولى بها

بنو البنت أيضا بنو عمّه

وذلك أدنى لأنسابها

فدع في الخلافة فصل الخلاف

فليست ذلولا لركّابها

وما أنت والفحص عن شأنها

وما قمصّوك بأثوابها

وما ساورتك سوى ساعة

فما كنت أهلا لأسبابها

وكيف يخصّوك يوما بها؟

ولم تتأدّب بآدابها

* * *

وقلت : بأنكم القاتلون

أسود أميّة في غابها

كذبت وأسرفت فيما ادّعيت

ولم تنه نفسك عن عابها

فكم حاولتها سراة لكم

فردّت على نكص أعقابها

ولو لا سيوف أبي مسلم(١)

لعزّت على جهد طلّابها

وذلك عبد لهم لا لكم

رعى فيكم قرب أنسابها

وكنتم أسارى ببطن الحبوس

وقد شفّكم لثم أعتابها

فأخرجكم وحباكم بها

وألبسكم فضل جلبابها

فجازيتموه بشرّ الجزاء

لطغوى النفوس وإعجابها

* * *

فدع ذكر قوم رضوا بالكفاف

وجاؤوا الخلافة من بابها

هم الزاهدون هم العابدون

هم الساجدون بمحرابها

هم الصائمون هم القائمون

هم العالمون بآدابها

هم قطب ملّة دين الإله

ودور الرحى حول أقطابها

عليك بلهوك بالغانيات

وخلّ المعالي لأصحابها

ووصف العذارى وذات الخمار

ونعت العقار(٢) بألقابها

وشعرك في مدح ترك الصلاة

وسعي السّقاة بأكوابها

فذلك شأنك لا شأنهم

وجري الجياد بأحسابها

(أدب الطف للسيد جواد شبّر ، ص ٣١٧)

__________________

(١) هو أبو مسلم الخراساني الّذي قاد الثورة ضد الأمويين.

(٢) العقار : الخمر.

١٩٤

الفصل الخامس

أنباء باستشهاد الحسينعليه‌السلام قبل وقوعه

١ ـ أنباء شهادة الحسينعليه‌السلام في الكتب السماوية السابقة :

التوراة ـ الإنجيل ـ كتاب إرميا

ـ إخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام

ـ تشابه محنة يحيىعليه‌السلام مع محنة الحسينعليه‌السلام

٢ ـ إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يجري على أهل بيتهعليه‌السلام من بعده

ـ علم أهل البيتعليه‌السلام بالمغيبات :

ـ علوم الجفر الخاصة بأهل البيتعليه‌السلام

ـ الوصية الإلهية التي نزلت على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

٣ ـ إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باستشهاد الحسينعليه‌السلام

ـ روايات الإمام عليعليه‌السلام

ـ روايات أم سلمة وعائشة

ـ روايات الحسينعليه‌السلام والأئمةعليه‌السلام

ـ روايات ابن عباس

١٩٥

ـ إخبار الإمام عليعليه‌السلام

ـ إخبار الحسنينعليه‌السلام

ـ إخبار سلمان الفارسي

ـ إخبار أبي ذر الغفاري

٤ ـ أخبار بمن يقتل الحسينعليه‌السلام

١٩٦

الفصل الخامس :

أنباء باستشهاد الحسينعليه‌السلام قبل وقوعه

تعريف بالفصل :

قبل وقوع حادثة كربلاء واستشهاد الحسينعليه‌السلام وأصحابه (رض) ، تواترت الأنباء باستشهاد الإمام الحسينعليه‌السلام . منها ما كان على لسان جبرائيلعليه‌السلام أو على لسان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وهذه الأخبار جاءت بروايات مختلفة ، بعضها عن الإمام علي أو الأئمةعليه‌السلام ومنها على لسان أم سلمة وابن عباس (رض) ، ومنها على لسان الصحابة (رض).

وكانت متعددة في الأمكنة ومختلفة في الأزمنة. فبعضها في بيت فاطمة أو أم سلمة أو عائشة ، وبعضها في المسجد وقد قام النبي خطيبا في أصحابه ، وبعضها في الإسراء. ومرة قبل ولادة الحسينعليه‌السلام ، ومرة عند ولادته ، وعند بلوغه السنة ثم السنتين وهكذا. وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في كل مرة منها يرى حزينا مغموما ويبكي عليه.

وفي بعض هذه الروايات إخبار مجمل بشهادتهعليه‌السلام ، وفي بعضها الآخر تفصيل لكيفية شهادته ، ومن الذي يتولى قتله ، من يزيد الشنار ، أو عمر بن سعد صاحب الخزي والعار. وفي بعضها الآخر تعيين لمكان استشهادهعليه‌السلام في كربلاء أو عمورا أو على شط الفرات.

وثمة روايات معينة صدرت عن الإمام عليعليه‌السلام حين وروده كربلاء في طريقه إلى صفين ، كما صدرت عن عدد كبير من الأنبياء حين مروا بكربلاء ، وحدثت معهم حوادث غريبة ملفتة للنظر.

وسوف نبدأ الفصل بأنباء شهادة الحسينعليه‌السلام في الكتب السماوية السابقة ، وإخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام . ثم إخبار القرآن في مطلع سورة مريم (كهيعص) عن استشهاد الحسينعليه‌السلام كما استشهد يحيى بن زكرياعليه‌السلام من قبله ، وإجراء مقارنة بينهما.

١٩٧

ثم إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما يجري على أهل بيته من بعده ، وأن ذلك كله مكتوب في الجفر ، الذي توارثه الأئمةعليهم‌السلام فكانوا يعلمون بما سيجزي عليهم. ثم إخبار الله تعالى للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بشهادة الحسينعليه‌السلام . ثم إخبار النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأصحابه باستشهاد الحسينعليه‌السلام . ثم إخبار الإمام عليعليه‌السلام وأم سلمة والأئمةعليهم‌السلام بذلك. ثم إخبار بقية الصحابة كسلمان المحمدي وأبي ذر الغفاري وغيرهم.

وينتهي الفصل بالأخبار التي حددت اسم قاتل الحسينعليه‌السلام .

١ ـ أنباء شهادة الحسينعليه‌السلام في الكتب السماوية السابقة :

١٦٥ ـ التوراة تخبر بمقتل الحسينعليه‌السلام ومنزلة أصحابه :

(أمالي الصدوق مجلس ٢٩ رقم ٤ ص ٢٢٤)

عن سالم بن أبي جعدة ، قال : سمعت كعب الأحبار (وكان يهوديا) يقول : إن في كتابنا أن رجلا من ولد محمد رسول الله يقتل ، ولا يجفّ عرق دواب أصحابه حتى يدخل الجنة ، فيعانقوا الحور العين.

فمر بنا الحسنعليه‌السلام فقلنا : هو هذا؟ قال : لا. فمرّ بنا الحسينعليه‌السلام فقلنا :هو هذا؟ قال : نعم.

١٦٦ ـ في الإنجيل خبر مقتل الحسينعليه‌السلام :

(الكامل في التاريخ لابن الأثير ، ج ٣ ص ٤٠٦)

قال رأس الجالوت (وهو من النصارى) ذلك الزمان : ما مررت بكربلاء إلا وأنا أركض دابتي ، حتى أخلف المكان ، لأنا كنا نتحدث أن ولد نبي يقتل بذلك المكان ، فكنت أخاف.

فلما قتل الحسينعليه‌السلام أمنت ، فكنت أسير ولا أركض.

١٦٧ ـ كتاب إرميا يخبر بمقتل الحسينعليه‌السلام :

(الخصائص الحسينية لجعفر التستري ، ص ١٣٧)

جاء في كتاب إرميا في (باسوق) من السيمان السادس والأربعين قوله : (كي ذبح لدوناي الوهيم صوا ووث بارض صافون ال نهر پرات). ويعني : يذبح ويضحى لرب العالمين شخص جليل في أرض الشمال بشاطىء الفرات.

١٩٨

١٦٨ ـ ما وجد منقوشا على بعض الأحجار :

(تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي ، ص ٢٨٣ ط ٢ نجف)

وقال ابن سيرين : وجد حجر قبل مبعث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بخمسمائة سنة مكتوب عليه بالسريانية ، فنقلوه إلى العربية ، فإذا هو :

أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب

وقال سليمان بن يسار : وجد حجر مكتوب عليه :

لا بد أن ترد القيامة فاطم

وقميصها بدم الحسين ملطخ

ويل لمن شفعاؤه خصماؤه

والصور في يوم القيامة ينفخ

وسيرد شبيه هذا في الجزء الثاني من الموسوعة ، أول مسير السبايا والرؤوس من الكوفة إلى الشام.

١٦٩ ـ ما وجد مكتوبا على جدار إحدى كنائس الروم :

(مثير الأحزان لابن نما ، ص ٧٦ ط نجف)

عن مشايخ بني سليم أنهم غزوا الروم ، فدخلوا بعض كنائسهم فإذا مكتوب هذا البيت :

أترجوا أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب!

قالوا : فسألنا منذ كم هذا مكتوب في كنيستكم؟ قالوا : قبل أن يبعث نبيكم بثلاثمائة عام.

وحدث عبد الرحمن بن مسلم عن أبيه ، أنه قال : غزونا بلاد الروم ، فأتينا كنيسة من كنائسهم قريبة من قسطنطينة ، وعليها شيء مكتوب. فسألنا أناسا من أهل الشام يقرؤون بالرومية ، فإذا هو مكتوب هذا البيت.

وفي رواية أخرى أن الروم كانوا يحفرون في بلادهم فوجدوا حجرا ، فقرؤوا عليه البيت السابق. (راجع مقتل العوالم ص ١١٠).

١٧٠ ـ لوح من ذهب يشهد بقتل الحسينعليه‌السلام :

(أسرار الشهادة للفاضل الدربندي ص ٩٣)

أخرج الحاكم عن أنس ، أن رجلا من أهل نجران ، حفر حفيرة فوجد لوحا من ذهب مكتوب فيه :

١٩٩

أترجو أمة قتلت حسينا

شفاعة جده يوم الحساب!

كتب إبراهيم خليل الله.

فجاء باللوح إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقرأه ثم بكى ، وقال : من آذاني وعترتي لم تنله شفاعتي.

١٧١ ـ القرآن يصف قتل الحسينعليه‌السلام بالفساد الكبير :

حتى إذا كان في أيام عمر بن الخطاب وأسلم كعب الأحبار ، وقدم المدينة ، جعل أهل المدينة يسألونه عن الملاحم التي تكون في آخر الزمان ، وكعب يحدثهم بأنواع الملاحم والفتن.

فقال كعب لهم : وأعظمها ملحمة هي الملحمة التي لا تنسى أبدا ، وهو الفساد الذي ذكره الله تعالى في الكتب ، وقد ذكره في كتابكم في قوله (ظهر الفساد في البر والبحر) وإنما فتح بقتل هابيل ويختم بقتل الحسين بن عليعليه‌السلام .

* * *

إخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام

١٧٣ ـ إخبار الله تعالى أنبياءه بشهادة الحسينعليه‌السلام حين مرّوا بكربلاء :

(مقتل العوالم للشيخ عبد الله البحراني ج ١٧ ص ١٠١)

جاء في الأخبار أن جملة من الأنبياءعليهم‌السلام من آدم إلى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد مروا بأرض كربلاء ، وكانت تحدث لهم متاعب ومصاعب ، فيناجون الله ، فيخبرهم بأن سبب ذلك أن في هذه الأرض سيقتل سبط محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحسين بن عليعليه‌السلام ويأمرهم بلعن قاتليه.

حصل ذلك لآدمعليه‌السلام وهو يبحث عن حواء فمر بكربلاء ، وكذلك حدث لنوحعليه‌السلام حين مرت سفينته فوق كربلاء ، وكذلك لابراهيم حين عثر به فرسه في كربلاء ، وكذلك لإسماعيل حين كان يرعى أغنامه بشط الفرات فحين وصلت إلى كربلاء امتنعت عن شرب الماء ، وكذلك لموسىعليه‌السلام حين انقطع شسع نعله هناك ، وكذلك لعيسىعليه‌السلام حين كان سائحا مع الحواريين فمروا بكربلاء حين رأوا أسدا كاسرا قابعا هناك.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380