تذكرة الفقهاء الجزء ٣

تذكرة الفقهاء10%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: 380

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 310413 / تحميل: 8014
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٦-١
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

والتعلّم مع سعة الوقت.

يا - الأخرس يحرك لسانه بالقراءة ويعقد بها قلبه ؛ لأنهما واجبان على القادر(١) .

مسألة ٢٢٥ : ويجب أن يأتي بحروف الفاتحة أجمع‌ حتى التشديد وهو أربع عشرة شدة في الفاتحة إجماعاً ، فلو أخل بحرف منها عمداً قادراً بطلت صلاته - وبه قال الشافعي(٢) - لأنه مع إخلال حرف لم يأت بالفاتحة.

وكذا التشديد لأنّ المشدّد أقيم مقام حرفين فإن شدّة راء الرحمن ودال الدّين أقيمت مقام اللام ، فإذا أخلّ بها أخلّ بالحرف وما يقوم مقامه.

وقال بعض الجمهور : لا تبطل بترك الشدّة لعدم ثبوتها في المصحف ، وهي صفة الحرف ، ويسمى تاركها قارئاً(٣) . وليس بجيد.

ولو فك الإِدغام فهو لحن لا يغير المعنى ، ولا تستحب المبالغة في التشديد بحيث يزيد على قدر حرف ساكن لأنها في كل موضع اُقيمت مقام حرف ساكن.

تذنيب : يجب إخراج الحروف من مواضعها مع القدرة‌ فإن أخل بها وأمكنه التعلم أعاد الصلاة وإلّا فلا ، ولا يعذر بالجهل ، ولو أخرج الضاد من مخرج الظاء أو بالعكس أعاد مع إمكان التعلم ، وهو أحد وجهي الشافعي ، والآخر : لا يعيد لعسر التمييز بينهما(٤) .

____________________

(١) في نسخة م : الفاقد.

(٢) الوجيز ١ : ٤٢ ، فتح العزيز ٣ : ٣٢٦ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٦ ، السراج الوهاج : ٤٣ ، المغني ١ : ٥٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٢ - ٥٦٣.

(٣) المغني ١ : ٥٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٣.

(٤) المجموع ٣ : ٣٩٢ ، الوجيز ١ : ٤٢ ، فتح العزيز ٣ : ٣٢٦ ، السراج الوهاج : ٤٣.

١٤١

مسألة ٢٢٦ : الإِعراب شرط في القراءة‌ على أقوى القولين ، فلو لحن عمداً فالأقرب الإِعادة سواء كان عالماً ، أو جاهلاً ، وسواء غيّر المعنى مثل أن يكسر كاف إياك ، أو يضم تاء أنعمت ، أو لا مثل أن نصب الله ، أو رفعه ، وسواء كان خفياً ، أو لا.

وللشافعي فيما إذا لم يتغير المعنى وجهان(١) لقوله تعالى( بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ ) (٢) ولأنّهعليه‌السلام أعرب وقال : ( صلّوا كما رأيتموني اُصلي )(٣) .

مسألة ٢٢٧ : يجب أن يقرأ بالمتواتر من القراآت‌ وهي السبعة ، ولا يجوز أن يقرأ بالشواذ ، ولا بالعشرة ، وجوّز أحمد قراءة العشرة ، وكره قراءة حمزة والكسائي من السبعة ، لما فيها من الكسر والإِدغام(٤) .

ويجب أن يقرأ بالمتواتر من الآيات وهو ما تضمنه مصحف عليعليه‌السلام ؛ لأن أكثر الصحابة اتفقوا عليه ، وحرق عثمان ما عداه ، فلا يجوز أن يقرأ بمصحف ابن مسعود ، ولا اُبيّ ، ولا غيرهما ، وعن أحمد رواية بالجواز إذا اتصلت به الرواية(٥) ، وهو غلط لأن غير المتواتر ليس بقرآن.

والمعوذتان من القرآن يجوز أن يقرأ بهما ، ولا اعتبار بإنكار ابن مسعود(٦) للشبهة الداخلة عليه بأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعوّذ بهما الحسن والحسينعليهما‌السلام (٧) ، إذ لا منافاة بل القرآن صالح للتعوذ به‌

____________________

(١) المجموع ٣ : ٣٩٣.

(٢) الشعراء : ١٩٥.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٤٦ / ١٠.

(٤) المغني ١ : ٥٧٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧١.

(٥) المغني ١ : ٥٧١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧١.

(٦) المجموع ٣ : ٣٩٦ ، الدر المنثور ٦ : ٤١٦ ، تفسير الآلوسي ٣٠ : ٢٧٩.

(٧) مسند أحمد ٥ : ١٣٠

١٤٢

لشرفه وبركته ، وقال الصادقعليه‌السلام : « اقرأ المعوذتين في المكتوبة »(١) وصلّىعليه‌السلام المغرب فقرأهما فيها(٢) .

مسألة ٢٢٨ : يجب أن يقرأ الفاتحة والسورة على ترتيبهما المخصوص ، فلو قدم آية على المتأخرة أعاد - وبه قال الشافعي(٣) - وكذا يجب أن يقدم الحمد على السورة فإن خالف أعاد الصلاة إن فعله عمداً ، وإلّا القراءة ؛ لأن الأمر ورد بالتلاوة على الترتيب فلا يكون المخلّ به آتياً بالمأمور به ، ويجب أن يأتي بالجزء الصوري ؛ لأنّ الإِعجاز فيه فلو قرأه مقطعاً كأسماء العدد لم يجزىء.

ولو سكت في أثناء القراءة بالخارج عن المعتاد إمّا بأن أُرتج عليه فطلب التذكر ، أو قرأ من غيرها سهواً لم تقطع القراءة وقرأ الباقي.

وإن سكت طويلاً عمداً لا لغرض حتى خرج عن كونه قارئاً استأنف القراءة ، وكذا لو قرأ في أثنائها ما ليس منها ولا تبطل صلاته.

ولو سكت بنية القطع بطلت قراءته ، ولو سكت لا بنية القطع أو نواه ولم يسكت صحت لأن الاعتبار بالفعل لا بالنيّة ، بخلاف ما لو نوى قطع الصلاة فإنها تبطل وإن لم يقطع الأفعال لأن الصلاة تحتاج الى نيّة فتبطل بتركها بخلاف القراءة.

ولو كرر آية من الفاتحة لم تبطل قراءته سواء أو صلها بما انتهى إليه أو ابتدأ من المنتهى ، خلافاً لبعض الشافعية في الأول(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٦ / ٣٥٦.

(٢) الكافي ٣ : ٣١٤ / ٨ و ٣١٧ / ٢٦ ، التهذيب ٢ : ٩٦ / ٣٥٧.

(٣) المجموع ٣ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٣ : ٣٢٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٦.

(٤) المجموع ٣ : ٣٥٨ ويستفاد منه أنّ خلاف بعض الشافعية في الثاني لا الأول. فلاحظ.

١٤٣

ولو كرر الحمد عمداً ففي إبطال الصلاة به إشكال ينشأ من مخالفة المأمور به ، ومن تسويغ تكرار الآية فكذا السورة.

ولو سأل الرحمة عند آيتها ، أو تعوّذ من النقمة عند آيتها كان مستحباً ولا تبطل بهما الموالاة ؛ لأنّه ندب إليهما ، قال حذيفة : صليت خلف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذات ليلة فقرأ سورة البقرة فكان إذا مرّ على آية فيها تسبيح سبح ، وإذا مرّ بسؤال سأل ، وإذا سرّ بتعوذ تعوذ(١) . وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الآخر : تبطل ، وكذا لو عطس فحمد الله(٢) .

ولو ترك الموالاة سهواً لم تبطل وبنى ، وهو قول أكثر الشافعية(٣) ، وقال إمام الحرمين : تبطل كما لو ترك الترتيب سهواً(٤) .

مسألة ٢٢٩ : قراءة الفاتحة متعينة في الاُوليين من كل صلاة ، ولا تجب عيناً في ثالثة المغرب ، والاُخريين من الرباعيات ، بل يتخير بينها وبين التسبيح عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة ، والنخعي ، والثوري ، وأحمد في رواية(٥) - لأن علياًعليه‌السلام قال : « اقرأ في الاُوليين وسبّح في الاُخريين »(٦) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام وقد سأله زرارة ما يجزئ من‌

____________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٥٣٦ / ٧٧٢ ، سنن النسائي ٣ : ٢٢٥.

(٢) المجموع ٣ : ٣٥٩ ، الوجيز ١ : ٤٢ - ٤٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٦ ، فتح العزيز ٣ : ٣٢٩ - ٣٣٠.

(٣) المجموع ٣ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٣ : ٣٣١.

(٤) المجموع ٣ : ٣٥٨ ، فتح العزيز ٣ : ٣٣١.

(٥) المبسوط للسرخسي ١ : ١٩ ، اللباب ١ : ٧٣ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، المجموع ٣ : ٣٦١.

(٦) مصنّف ابن أبي شيبة ١ : ٣٧٢.

١٤٤

القول في الركعتين الأخيرتين : « أن يقول : سبحان الله ، والحمد لله ولا إله إلّا الله ، والله أكبر ، ويكبر ويركع »(١) ولأنها لو وجبت في باقي الركعات لسنّ الجهر بها في بعض الصلوات كالاُوليين.

وقال الشافعي ، والأوزاعي ، وأحمد في رواية : تجب الفاتحة في كل ركعة من الأوائل والأواخر(٢) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ في الاُخريين من الظهر باُم الكتاب(٣) ، ونحن نقول بموجبه إذ هو واجب مخيّر.

فروع :

أ - تجب الفاتحة في الاُوليين خاصة ، وقال الحسن : تجب في ركعة واحدة أيّها شاء(٤) لقوله تعالى( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) (٥) وعن مالك أنه يجب أن يقرأ في معظم الصلاة ، ففي الثلاثية يقرأ الفاتحة في ركعتين ، وفي الرباعية تجب في ثلاث إقامة للأكثر مقام الجميع(٦) .

ب - قال أبو حنيفة : لا يجب التسبيح ولا القراءة في الأخيرتين‌ بل يجزئه السكوت ، ولو لم يقرأ في الاُوليين قرأ في الأخيرتين(٧) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٩ / ٢ ، التهذيب ٢ : ٩٨ / ٣٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ / ١١٩٨.

(٢) الاُم ١ : ١٠٧ ، المجموع ٣ : ٣٦١ ، فتح العزيز ٣ : ٣١٣ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٨ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٣٢.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٩٧ ، صحيح مسلم ١ : ٣٣٣ / ٤٥١ ، سنن أبي داود ١ : ٢١٢ / ٧٩٩ ، سنن النسائي ٢ : ١٦٥ ، سنن البيهقي ٢ : ٦٣.

(٤) المجموع ٣ : ٣٦١ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٨ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٦ ، نيل الاوطار ٢ : ٢٣٣.

(٥) المزمل : ٢٠.

(٦) بلغة السالك ١ : ١١٣ ، الشرح الصغير ١ : ١١٣ ، المجموع ٣ : ٣٦١ ، فتح العزيز ٣ : ٣١٣ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٨.

(٧) المبسوط للسرخسي ١ : ١٩ ، عمدة القارئ ٦ : ٨ ، المجموع ٣ : ٣٦١ ، فتح العزيز ٣ : ٣١٣ ، المغني ١ : ٥٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٠ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٣٣.

١٤٥

ج - روي أن التسبيح أفضل من القراءة ، وروي العكس ، وروي استحباب القراءة للإِمام والتسبيح للمأموم ، وهو حسن ، وروي التساوي ، وقال سفيان : يكره القراءة في الأخيرتين(١) .

د - لو نسي القراءة في الاُوليين قيل : تجب في الأخيرتين‌ لئلّا تخلو الصلاة من قراءة ، وقيل : لا يسقط التخيير(٢) . وهو أقوى.

ه- لا يجب فيه ما يجب في الفاتحة من الإِخفات.

مسألة ٢٣٠ : واختلف في كيفية التسبيح‌ فالأقوى الاكتفاء بقوله : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ، والله أكبر مرّة واحدة لحديث الباقرعليه‌السلام (٣) .

وللشيخ قولان : أحدهما : أن يكرر ذلك ثلاث مرات عدا التكبير فإنه يقول في آخره فيكون عشر مرات ، وبه قال ابن أبي عقيل ، والمرتضى(٤) . وقال حريز بن عبد الله السجستاني : تسع تسبيحات(٥) . فأسقط التكبير من الثالث ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « وإن كنت إماماً فقل : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلّا الله ثلاث مرات ثم تكبر وتركع »(٦) وبه قال الصدوق(٧) .

____________________

(١) تفسير الرازي ١ : ٢١٦.

(٢) قال به الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٦ ، والمحقق في المعتبر : ١٧٢.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٩ / ٢ ، التهذيب ٢ : ٩٨ / ٣٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣٢١ / ١١٩٨.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٦ ، وحكى المحقق قول ابن أبي عقيل والمرتضى في المعتبر : ١٧٨.

(٥) حكاه المحقق في المعتبر : ١٧٨.

(٦) الفقيه ١ : ٢٥٦ / ١١٥٨.

(٧) الهداية : ٣١.

١٤٦

والثاني للشيخ : اثنتا عشرة مرة فيضيف الله أكبر في الثلاث(١) .

والأصل براءة الذمة من الوجوب ، فتحمل هذه الروايات على الاستحباب جمعاً بين الأدلة.

تذنيب : الأقرب وجوب هذا الترتيب عملاً بالمنقول‌ ، وقد روي عن الصادقعليه‌السلام : « فقل : الحمد لله ، وسبحان الله ، والله أكبر »(٢) والأولى الأول ؛ لحصول يقين البراءة به.

مسألة ٢٣١ : لا يجوز أن يقرأ في الفرائض شيئاً من العرائم الأربع‌ عند علمائنا أجمع - خلافاً للجمهور كافة - لقول الباقرعليه‌السلام أو الصادقعليه‌السلام : « لا يقرأ في المكتوبة بشي‌ء من العزائم ، فإن السجود زيادة في المكتوبة »(٣) .

ولأن سجود التلاوة واجب ، وزيادة السجود في الصلاة مبطل. وأطبق الجمهور على جوازه للأصل ، وإنما يكون حجة لو لم يطرأ المعارض.

فروع :

أ - لو قرأ عزيمة في فريضة عمداً بطلت صلاته ، ويجي‌ء على قول الشيخ(٤) أنه يسقط آية السجود ويجزئه.

ب - يجوز أن يقرأ في النافلة فيسجد واجباً‌ ، وكذا إن استمع ثم يقوم فيتم القراءة ، وإن كانت السجدة آخر السورة استحب له بعد القيام قراءة الحمد ليركع عن قراءة ، ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل الرجل يقرأ السجدة في‌

____________________

(١) النهاية : ٧٦.

(٢) التهذيب ٢ : ٩٩ / ٣٧٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٢ / ١٢٠٣.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٨ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٩٦ / ٣٦١.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٨.

١٤٧

آخر السورة : « يسجد ثم يقوم ويقرأ فاتحة الكتاب ، ثم يركع ويسجد »(١) .

وقال الشيخ : يقرأ الحمد وسورة ، أو آية منها(٢) .

ج - لو سهى في الفريضة فقرأ عزيمة رجع عنها‌ ما لم يتجاوز النصف وجوبا على إشكال ، فإن تجاوزه ففي جواز الرجوع عنها إشكال ، فإن منعناه قرأها كملا ثم أومى أو يقضيها بعد الفراغ بالسجدة ؛ لقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله عمار عن الرجل يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزائم فقال : « إذا بلغ موضع السجدة فلا يقرأها وإن أحب أن يرجع فيقرأ سورة غيرها ويدع التي فيها السجدة رجع الى غيرها »(٣) .

د - لو سمع في الفريضة‌ فإن أوجبناه بالسماع أو استمع أومأ أو قضى.

ه- لو نسي السجدة حتى ركع سجدها‌ إذا ذكر ؛ لأن محمد بن مسلم سأل أحدهماعليهما‌السلام عن الرجل يقرأ السجدة فينساها حتى يركع ويسجد قال : « يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم»(٤) .

و - لو كان مع إمام ولم يسجد الإِمام ولم يتمكن من السجود فليؤم إيماءً‌ لقول الصادقعليه‌السلام : « إن صليت مع قوم فقرأ الإِمام اقرأ باسم ربك الذي خلق ، أو شيئاً من العزائم ، وفرغ من قراءته ولم يسجد فأوم لها »(٥) .

مسألة ٢٣٢ : لا يجوز أن يقرأ ما يفوت الوقت بقراءته‌ لاستلزامه الإِخلال بالواجب ، وهل يجوز أن يقرن بين سورتين مع الحمد في ركعة؟ منعه‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٨ / ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ / ١١٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٩ / ١١٨٩.

(٢) النهاية : ٧٩ ، المبسوط للطوسي ١ : ١٠٨.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٩٣ / ١١٧٧.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٩٢ / ١١٧٦.

(٥) الكافي ٣ : ٣١٨ / ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ / ١١٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٢.

١٤٨

الشيخ(١) لقول أحدهماعليهما‌السلام وقد سأله محمد بن مسلم أيقرأ الرجل السورتين في ركعة قال : « لا لكل سورة ركعة »(٢) ولأنّهصلى‌الله‌عليه‌وآله كذا صلّى(٣) .

وقال المرتضى رحمهم‌الله: يكره(٤) لقول الباقرعليه‌السلام : « إنما يكره الجمع بين السورتين في الفريضة »(٥) ويحمل على التحريم لوروده فيه ، وجوزه الشافعي(٦) ، لأن ابن عمر فعله(٧) . وليس حجة.

فروع :

أ - قال في المبسوط : لو قرن ما بين سورتين بعد الحمد لم يحكم بالبطلان(٨) .

ب - لو قرأ السورة الواحدة مرتين فهو قارن‌ ، وكذا لو كرر الحمد ، ولا يجزئه تكريرها عن السورة الاُخرى ؛ لأن الفاتحة في الركعة مضيقة والشي‌ء الواحد لا يؤدى به المضيق والمخير في محل.

ج - يجوز أن يكرر السورة الواحدة في الركعتين‌ وأن يقرأ فيهما بسورتين‌

____________________

(١) النهاية : ٧٥ ، الخلاف ١ : ٣٣٦ مسألة ٨٧.

(٢) التهذيب ٢ : ٧٠ / ٢٥٤ ، الاستبصار ١ : ٣١٤ / ١١٦٨.

(٣) انظر على سبيل المثال الكافي ٣ : ٤٨٢ / ١ وصحيح البخاري ١ : ١٩٣.

(٤) صريح السيد المرتضى (قدس‌سره ) في الانتصار : ٤٤ وجوابات المسائل الموصليات الثالثة « ضمن رسائل الشريف المرتضى » ١ : ٢٢٠ هو عدم الجواز لا القول بالكراهة ليحمل على التحريم ، ولعل العلّامة نقله عن مصدر آخر لم نعثر عليه.

(٥) الكافي ٣ : ٣١٤ / ١٠ ، التهذيب ٢ : ٧٠ / ٢٥٨ و ٧٢ / ٢٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٧ / ١١٨٠.

(٦) المجموع ٣ : ٣٨٥ ، فتح الباري ٢ : ٢٠٢.

(٧) سنن البيهقي ٢ : ٦٤ ، الموطأ برواية الشيباني : ٦٤ / ١٣٣ ، وانظر المغني ١ : ٥٧٢.

(٨) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٧.

١٤٩

متساويتين أو متفاوتتين - وبه قال الشافعي(١) - لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سوّى بينهما(٢) .

وقال أبو حنيفة : يستحب في الفجر قراءة أطول السورتين في الاُولى وأقصرهما في الثانية - وبه قال الثوري(٣) - وهو مذهبنا على ما يأتي لفائدة تلاحق الناس.

د - يجوز أن يقرأ في الثانية السورة التالية‌ لما قرأه في الاُولى من غير استحباب - خلافاً للشافعي(٤) - للأصل ، ولو قرأ « الناس » في الاُولى قال : يقرأ في الثانية من البقرة(٥) .

مسألة ٢٣٣ : الضحى وألم نشرح سورة واحدة‌ لا تفرد إحداهما عن الاُخرى في الركعة الواحدة ، وكذا الفيل ولإِيلاف عند علمائنا ؛ لقول زيد الشحام في الصحيح : صلّى بنا الصادقعليه‌السلام الفجر فقرأ الضحى وألم نشرح في ركعة واحدة(٦) ، وقد بينا التحريم أو الكراهة فلا يقع من الإمامعليه‌السلام إلّا وهو واجب.

وسمع المفضل الصادقعليه‌السلام يقول : « لا يجمع بين سورتين في ركعة واحدة إلّا الضحى وألم نشرح ، وسورة الفيل ولإِيلاف »(٧) .

____________________

(١) فتح العزيز ٣ : ٣٥٧ ، المجموع ٣ : ٣٨٧ ، حلية العلماء ٢ : ٩٤.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٣٤ / ٤٥٢ ، سنن أبي داود ١ : ٢١٣ / ٨٠٤ ، سنن النسائي ١ : ٢٣٧ ، مسند أحمد ٣ : ٢ ، سنن البيهقي ٢ : ٦٦.

(٣) عمدة القارئ ٦ : ٩ ، الجامع الصغير للشيباني : ٩٦ ، المجموع ٣ : ٣٨٧ ، فتح العزيز ٣ : ٣٥٧.

(٤و٥) المجموع ٣ : ٣٨٥.

(٦) التهذيب ٢ : ٧٢ / ٢٦٦ ، الاستبصار ١ : ٣١٧ / ١١٨٢.

(٧) المعتبر : ١٧٨ ، مجمع البيان ٥ : ٥٤٤.

١٥٠

وهل تعاد البسملة بينهما؟ الأقرب ذلك ؛ لأنّها ثابتة في المصحف ، وللإجماع على أنها آية من كل سورة ، والاستثناء في رواية المفضل يدل على الاثنينية.

وقال الشيخ في التبيان : لا تعاد ؛ لأنهما سورة واحدة(١) . والإِجماع على أنها ليست آيتين من سورة واحدة. والاُولى ممنوعة وإن وجبت قراءتهما.

مسألة ٢٣٤ : يجوز العدول من سورة إلى اُخرى‌ ما لم يتجاوز نصفها إلّا في سورة الجحد والإِخلاص فإنه لا ينتقل عنهما إلّا الى سورة الجمعة والمنافقين في الجمعة وظهريها ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « يرجع من كل سورة إلّا قل هو الله أحد ، وقل يا أيها الكافرون »(٢) .

فروع :

أ - قال المرتضى : يحرم الرجوع عن سورة التوحيد والجحد(٣) . ويحتمل الكراهة.

ب - لو وقفت عليه آية من السورة وجب العدول عنها إلى سورة اُخرى‌ وإن تجاوز النصف ، تحصيلاً لسورة كاملة.

ج - إذا رجع عن السورة إلى اُخرى وجب أن يعيد البسملة ؛ لأنها آية من كل سورة ، فالمتلوة آية من المرجوع عنها فلو لم يأت بها ثانياً لم تكمل السورة ، وكذا من سمى بعد الحمد من غير قصد سورة معيّنة يعيدها مع القصد ، ولو نسي آية ثم ذكرها بعد الانتقال إلى اُخرى قرأها وأعاد ما بعدها‌

____________________

(١) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ١٧٨ وانظر أيضاً تفسير التبيان ١٠ : ٣٧١.

(٢) الكافي ٣ : ٣١٧ / ٢٥ ، التهذيب ٢ : ١٩٠ / ٧٥٢ و ٢٩٠ / ١١٦٦.

(٣) الانتصار : ٤٤.

١٥١

و إن قرأ إلى آخر السورة.

مسألة ٢٣٥ : قد بيّنا جواز القراءة من المصحف - وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأبو يوسف ، ومحمد(١) - لأن من جاز له القراءة ظاهراً جاز باطناً(٢) كالآية القصيرة من المصحف.

وقال أبو حنيفة : تبطل صلاته إلّا أن يقرأ آية قصيرة ؛ لأنه عمل طويل(٣) .

وهو ضعيف ، لأن الفكر والنظر لا يبطل الصلاة كما لو أفكر في أشغاله ، ونظر الى المارة ، ولا فرق بين الحافظ وغيره.

مسألة ٢٣٦ : يجب الجهر بالقراءة خاصة‌ دون غيرها من الأذكار في صلاة الصبح وأولتي المغرب ، وأولتي العشاء ، والإِخفات في الظهرين ، وثالثة المغرب ، وآخرتي العشاء عند أكثر علمائنا(٤) - وبه قال ابن أبي ليلى(٥) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يفعل ذلك وقال : ( صلّوا كما رأيتموني أُصلّي )(٦) .

ولقول الباقرعليه‌السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه أو‌

____________________

(١) حلية العلماء ٢ : ٨٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٦ ، الميزان ١ : ١٤٣ ، الجامع الصغير للشيباني : ٩٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠١.

(٢) في « م » ناظراً. بدل باطناً.

(٣) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٠١ ، الجامع الصغير للشيباني : ٩٧ ، المغني ١ : ٦٤٩ ، الشرح الكبير ١ : ٦٧٥ ، الميزان ١ : ١٤٣ ، حلية العلماء ٢ : ٨٩.

(٤) منهم : الشيخ المفيد في المقنعة : ٣٣ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٨ ، والمحقق في المعتبر : ١٧٥.

(٥) حكاه المحقق في المعتبر : ١٧٥.

(٦) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٤٦ / ١٠ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٤٥ ، ترتيب مسند الشافعي ١ : ١٠٨ / ٣١٩ ، مسند أحمد ٥ : ٥٣.

١٥٢

أخفى فيما لا ينبغي الإخفات فيه فقال : « إن فعل ذلك متعمداً فقد نقض صلاته وعليه الإِعادة ، وإن فعل ذلك ناسياً ، أو ساهياً ولا يدري فلا شي‌ء عليه وقد تمت صلاته »(١) .

وقال المرتضى(٢) ، وباقي الجمهور كافة : بالاستحباب عملاً بالأصل(٣) . وهو غلط للإِجماع على مداومة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وجميع الصحابة ، والأئمةعليهم‌السلام فلو كان مسنوناً لأخلّوا به في بعض الأحيان.

مسألة ٢٣٧ : يجب الجهر بالبسملة في مواضع الجهر‌ ، ويستحب في مواضع الإِخفات في أول الحمد وأول السورة عند علمائنا ، لأنّها آية من السورة تتبعها في وجوب الجهر ، وأما استحبابه مع الإِخفات فلأن اُم سلمة قالت : إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم(٤) ، وهو إخبار عن السماع ولا نعني بالجهر إلّا سماع الغير.

ومن طريق الخاصة قول صفوان : صلّيت خلف الصادقعليه‌السلام أيّاماً وكان يقرأ في فاتحة الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم ، فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم الله الرحمن الرحيم ، وأخفى ما سوى ذلك(٥) .

وقال الشافعي : يستحب الجهر بها قبل الحمد ، والسورة في‌

____________________

(١) الفقيه ١ : ٢٢٧ / ١٠٠٣ ، التهذيب ٢ : ١٤٧ / ٥٧٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٣ / ١١٦٣.

(٢) حكاه المحقق في المعتبر : ١٧٥.

(٣) المجموع ٣ : ٣٨٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٢ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨١ ، الميزان ١ : ١٤٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٧ ، العدة شرح العمدة : ٧٥.

(٤) سنن البيهقي ٢ : ٤٤ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٣٢.

(٥) الكافي ٣ : ٣١٥ / ٢٠ ، التهذيب ٢ : ٦٨ / ٢٤٦ ، الاستبصار ١ : ٣١١ / ١١٥٤.

١٥٣

الجهرية ، والإِخفاتية - وبه قال عمر ، وابن الزبير ، وابن عباس ، وابن عمر ، وأبو هريرة ، وهو مذهب عطاء ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد(١) - وهو موافق لقولنا في الإِخفاتية ، وقد بيّنا وجوب الجهر في الجهرية.

وقال الثوري ، والأوزاعي ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، وأبو عبيد : لا يجهر بها بحال. ونقله الجمهور عن عليعليه‌السلام ، وابن مسعود ، وعمار(٢) لأنّ أنساً قال : صليت خلف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم أسمعه يجهر بها(٣) . ولا حجة فيه لصغره أو بعده. وقال النخعي : جهر الإِمام بها بدعة(٤) . وقال مالك : المستحب أن لا يقرأها(٥) . وقال ابن أبي ليلى ، والحكم ، وإسحاق : إن جهرت فحسن وإن أخفيت فحسن(٦) .

فروع :

أ - أقلّ الجهر أن يسمع غيره القريب تحقيقاً ، أو تقديراً ، وحدّ‌

____________________

(١) الميزان للشعراني ١ : ١٤١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٥٣ ، حلية العلماء ٢ : ٨٦.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ١٥ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٥٤ ، اللباب ١ : ٦٨ ، المغني ١ : ٥٥٧ ، العدة شرح العمدة : ٧٤ ، المجموع ٣ : ٣٤٢ ، الميزان ١ : ١٤١ ، المنتقى للباجي ١ : ١٥٠ ، القوانين الفقهية : ٦٣ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٤ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٩٦ ، نيل الأوطار ٢ : ٢١٦ ، الشرح الكبير ١ : ٥٥٣.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٢٩٩ / ٣٩٩ ، سنن النسائي ٢ : ١٣٥ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٣١٤ / ١ ، سنن البيهقي ٢ : ٥٠ و ٥١.

(٤) الميزان ١ : ١٤١ ، نيل الاوطار ٢ : ٢١٧ ، حلية العلماء ٢ : ٨٧.

(٥) المدونة الكبرى ١ : ٦٤ ، المنتقى للباجي ١ : ١٥٠ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٤ ، الميزان ١ : ١٤١ ، المغني ١ : ٥٥٦ ، الشرح الكبير ١ : ٥٥٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٥ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٥٣ ، نيل الاوطار ٢ : ٢١٨.

(٦) المجموع ٣ : ٣٤٢ ، الميزان ١ : ١٤١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٧ ، نيل الاوطار ٢ : ٢١٨.

١٥٤

الإِخفات أن يسمع نفسه أو بحيث يسمع لو كان سميعاً بإجماع العلماء ، ولأنّ ما لا يسمع لا يعد كلاماً ولا قراءة ؛ لقول الباقرعليه‌السلام : « لا يكتب من القراءة والدعاء إلا ما أسمع نفسه »(١) .

ب - لا جهر على المرأة بإجماع العلماء ، ولأن صوتها عورة ، ولا تخافت دون إسماع نفسها.

ج - قال ابن إدريس : ما لا يتعين فيه بالقراءة لا يجهر فيه بالبسملة‌ لو قرأ(٢) . وهو تخصيص لعموم الروايات ، وتنصيص علمائنا.

د - كل صلاة تختص بالنهار ولا نظير لها ليلاً فالسنّة فيها الجهر‌ كالصبح ، وكل صلاة تختص بالليل ولا نظير لها نهاراً فالسنة فيها الجهر كالمغرب ، وكل صلاة تفعل نهاراً ولها نظير بالليل فما تفعل نهارا فالسنّة فيه الإِخفات كالظهرين ، وما تفعل ليلاً فالسنّة الجهر كالعشاء ، فصلاة الجمعة ، والعيد سنتهما الجهر ؛ لأنهما يفعلان نهاراً ولا نظير لهما ليلاً ، وأصله قولهعليه‌السلام : ( صلاة النهار عجماء )(٣) .

وكسوف الشمس يستحب فيها الإسرار ؛ لأنها تفعل نهارا ، ولها نظير بالليل وهي صلاة خسوف القمر ، ويجهر في الخسوف.

أما صلاة الاستسقاء فعندنا كصلاة العيد ، وقال الشافعي : إن فعلت نهاراً أسرّ بها ، وإن فعلت ليلاً جهر ، ونوافل النهار يسرّ فيها ، ونوافل الليل‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣١٣ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٩٧ / ٣٦٣ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٤.

(٢) السرائر : ٤٥.

(٣) عوالي اللآلي ١ : ٤٢١ / ٩٨ ونسبه الى الحسن البصري كل من الزمخشري في الفائق ٢ : ٣٩٥ ، والهروي في غريب الحديث ١ : ٢٨٢ ، وابن الأثير في النهاية ٣ : ١٨٧ « عجم ». وانظر كشف الخفاء ٢ : ٣٦ / ١٦٠٩ والتذكرة في الأحاديث المشتهرة : ٦٦ والمجموع ٣ : ٤٦.

١٥٥

تجهر(١) .

ولا قراءة في صلاة الجنائز عندنا ، أما الشافعي فاستحب الجهر ليلاً لا نهاراً(٢) .

ه- القضاء كالفوائت‌ فإن كان الفائت صلاة جهر جهر في قضائها وجوباً وإن فعلت نهاراً ، وإن كانت صلاة إخفات أسرّ فيها وإن فعلت ليلاً ، وبه قال بعض الشافعية(٣) ، وقال الباقون : الاعتبار بوقت القضاء(٤) . وليس بجيد لقولهعليه‌السلام : ( فليقضها كما فاتته )(٥) .

و - لا فرق بين الإِمام والمنفرد عندنا‌ - وبه قال الشافعي(٦) - لأن المنفرد ليس تابعاً لغيره فهو كالإِمام ، وقال أبو حنيفة : لا يسن الجهر للمنفرد(٧) .

ز - ليس للمأموم الجهر وإن سوّغنا له القراءة‌ ؛ لأنّ صحابياً جهر خلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلمـّا فرغ من الصلاة قال : ( ما لي اُنازَعُ القرآن؟ )(٨) ولما فيه من تشويش الإِمام.

____________________

(١) المجموع ٣ : ٣٩١ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٢.

(٢) اُنظر : المجموع ٥ : ٢٣٤ ، وحلية العلماء ٢ : ٢٩٥.

(٣) المجموع ٣ : ٣٩٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨١.

(٤) المجموع ٣ : ٣٩٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٠.

(٥) عوالي اللئالي ٣ : ١٠٧ - ١٥٠ و ٢ : ٥٤ - ١٤٣ والمهذب البارع ١ : ٤٦٠.

(٦) المجموع ٣ : ٣٨٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٠.

(٧) المجموع ٣ : ٣٨٩ ، شرح العناية ١ : ٢٨٣.

(٨) سنن ابي داود ١ : ٢١٨ / ٨٢٦ ، سنن النسائي ٢ : ١٤١ ، سنن الترمذي ٢ : ١١٨ / ٣١٢ ، الموطأ ١ : ٨٦ / ٤٤ ، موارد الظمآن : ١٢٦ / ٤٥٤.

١٥٦

ح - يستحب الجهر في صلاة الجمعة وظهرها‌ - خلافاً لابن إدريس(١) - وفي صلاة الليل.

مسألة ٢٣٨ : القراءة ليست ركناً عند أكثر علمائنا(٢) ‌فلو أخلّ بها سهواً لم تبطل صلاته - وبه قال الشافعي في القديم(٣) - لأنّ عمر صلّى المغرب فلم يقرأ فيها فقيل له في ذلك ، فقال : كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا : كان حسناً. قال : فلا بأس(٤) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله منصور بن حازم إنّي صلّيت المكتوبة فنسيت أن أقرأ في صلاتي كلّها ، فقال : « أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ » قلت : بلى ، فقال : « قد تمت صلاتك »(٥) .

وعند بعض علمائنا أنها ركن لو أخل بها سهواً بطلت صلاته(٦) ، وهو قول الشافعي في الجديد(٧) ، لقولهعليه‌السلام : ( لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب )(٨) ولا حجة فيه لافتقاره الى إضمار.

____________________

(١) السرائر : ٦٥.

(٢) منهم الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٥ ، وابن ادريس في السرائر : ٥٠ ، والمحقق في المعتبر : ١٧٢.

(٣) المجموع ٣ : ٣٣٢ ، عمدة القارئ ٦ : ٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٩.

(٤) مصنّف ابن أبي شيبة ١ : ٣٩٦.

(٥) الكافي ٣ : ٣٤٨ / ٣ ، التهذيب ٢ : ١٤٦ / ٥٧٠ ، الاستبصار ١ : ٣٥٣ / ١٣٣٦.

(٦) حكى ذلك الشيخ في المبسوط ١ : ١٠٥.

(٧) الاُم ١ : ١٠٧ ، المجموع ٣ : ٣٣٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٥ ، المغني ١ : ٥٥٥ ، الشرح الكبير ١ : ٥٥٦.

(٨) صحيح البخاري ١ : ١٩٢ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٥ / ٣٩٤ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٥ / ٢٤٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٥٩ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٣٩.

١٥٧

مسألة ٢٣٩ : يستحب له ترتيل القراءة ، والتسبيح ، والتشهد‌ ليلحقه من خلفه ممّن يثقل لسانه. قال الله تعالى( وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً ) (١) وقال الصادقعليه‌السلام : « ينبغي للعبد إذا صلّى أن يرتل قراءته ، وإذا مرّ بآية فيها ذكر الجنّة أو النار سأل الله الجنّة وتعوّذ بالله من النار ، وإذا مرّ بيا أيّها الناس ويا أيها الذين آمنوا قال : لبيك ربّنا »(٢) .

ولو أطال الدعاء في خلال القراءة كره ، وربما أبطل إن خرج عن نظم القراءة المعتاد فيبين الحروف ولا يمده مدة يشبه الغناء ، ولو أدرج ولم يرتل وأتى بالحروف بكمالها صحت صلاته ، ويستحب تعمد الإِعراب والوقوف في مواضعه ، ولا يستحب له التطويل كثيراً فيشق على من خلفه ؛ لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من أمّ الناس فليخفف )(٣) وللمنفرد الإِطالة.

ولو عرض عارض لبعض المأمومين يقتضي خروجه استحب للإِمام التخفيف ، قالعليه‌السلام : (إنّي لأقوم في الصلاة وأنا اُريد أن اُطوّل فيها فأسمع بكاء الصبي فأتجوّز فيها كراهية أن يشق على أبيه )(٤) .

مسألة ٢٤٠ : يستحب له أن يسكت قليلاً بعد الحمد وبعد السورة‌ - وبه قال عروة بن الزبير(٥) - لقول الباقرعليه‌السلام : « إن رجلين اختلفا في صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كم كان له من سكتة فكتبا الى أُبيّ بن كعب فقال : كان له سكتتان : إذا فرغ من أُم القرآن ، وإذا فرغ من‌

____________________

(١) المزمل : ٤.

(٢) التهذيب ٢ : ١٢٤ / ٤٧١.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٨٠ ، صحيح مسلم ١ : ٣٤١ / ٤٦٧ ، سنن الترمذي ١ : ٤٦١ / ٢٣٦ ، سنن النسائي ٢ : ٩٤ ، الموطأ ١ : ١٣٤ / ١٣ ، مسند أحمد ٢ : ٢٧١.

(٤) صحيح البخاري ١ : ١٨١ ، سنن ابي داود ١ : ٢٠٩ / ٧٨٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣١٧ / ٩٩١ ، سنن النسائي ٢ : ٩٥ ، سنن البيهقي ٣ : ١١٨ ، وفيها ( كراهية أن يشق على اُمّه ).

(٥) المغني ١ : ٥٦٧.

١٥٨

السورة »(١) ولأن المقتضي للسكوت عقيب الحمد مقتض له عقيب السورة.

وقال الشافعي ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق : يسكت بعد تكبيرة الافتتاح وبعد الفاتحة(٢) ، لأنّ سمرة بن جندب حدّث أنه حفظ عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سكتتين : سكتة إذا كبّر ، وسكتة إذا فرغ من قراءة الفاتحة فأنكر عليه عمر(٣) فكتبا في ذلك الى أُبيّ بن كعب فكان في كتابه إليهما أن سمرة قد حفظ(٤) .

وحديثنا أولى ، لأنّ أهل البيتعليهم‌السلام أعرف ، وكره ذلك كله مالك ، وأصحاب الرأي(٥) .

مسألة ٢٤١ : يستحب أن يقرأ في الظهرين ، والمغرب بقصار المفصل‌ كالقدر والنصر ، وفي العشاء بمتوسطاته كالطارق والأعلى ، وفي الصبح بمطولاته كالمدثر والمزمل ، قاله الشيخ في المبسوط(٦) .

وروى محمد بن مسلم عن الصادقعليه‌السلام قلت : القراءة في الصلاة فيها شي‌ء موقت؟ قال : « لا ، إلاّ الجمعة تقرأ بالجمعة والمنافقين » قلت له : فأيّ السور أقرأ في الصلوات؟ قال : « أما الظهر والعشاء فتقرأ فيهما سواء ، والعصر والمغرب سواء ، وأما الغداة فأطول ، ففي الظهر‌

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٩٧ / ١١٩٦.

(٢) المجموع ٣ : ٣٩٥ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٣ ، المغني ١ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٨ ، العدة شرح العمدة : ٧٥ ، نيل الاوطار ٢ : ٢٦٥.

(٣) الصحيح عمران بن الحصين كما في المصادر التالية.

(٤) سنن الترمذي ٢ : ٣١ / ٢٥١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٧٥ / ٨٤٤ ، سنن أبي داود ١ : ٢٠٧ / ٧٧٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٠٩ / ٢٨.

(٥) المغني ١ : ٥٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٨ ، نيل الأوطار ٢ : ٢٦٥.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٨.

١٥٩

والعشاء بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها ونحوها ، والعصر والمغرب إذا جاء نصر الله وألهاكم التكاثر ، ونحوها ، والغداة بعم يتسائلون ، وهل أتاك ، ولا أقسم بيوم القيامة ، وهل أتى»(١) وقال الشافعي : يقرأ في الصبح كما قلناه(٢) لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ « ق » في الصبح(٣) .

ويقرأ في الظهر نصف ما يقرأ في الصبح ، ويقرأ في العصر بنحو ما يقرأ في العشاء سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون ، ويقرأ في المغرب بالعاديات وشبهها ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقرأ في المغرب بقصار المفصّل(٤) .

وقال أبو حنيفة : يقرأ في الاُولى من الصبح من ثلاثين آية إلى ستين آية ، وفي الثانية من عشرين الى ثلاثين ، وفي الظهر نصف ما قرأ في الصبح ، وفي العصر والعشاء عشرين آية في كل ركعة غير الفاتحة في الاُوليين(٥) . وقال أحمد : يقرأ في العشاء خمس عشرة آية(٦) .

ولو خالف ذلك كلّه جاز بإجماع العلماء فإن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ في المغرب بالأعراف ، وتارة بالمرسلات ، وتارة بالطور(٧) .

مسألة ٢٤٢ : يستحب أن يقرأ في ظهري يوم الجمعة الجمعة والمنافقين ،

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٥ / ٣٥٤.

(٢) المجموع ٣ : ٣٨٥ ، مختصر المزني : ١٨ ، السراج الوهاج : ٤٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٣.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٣٣٧ / ٤٥٨.

(٤) سنن البيهقي ٢ : ٣٩١.

(٥) بدائع الصنائع ١ : ٢٠٦.

(٦) المغني ١ : ٦٤٣ ، حلية العلماء ٢ : ٩٥.

(٧) سنن الترمذي ٢ : ١١٢ - ١١٣ / ٣٠٨ ، سنن أبي داود ١ : ٢١٤ / ٨١٠ و ٨١١ و ٢١٥ / ٨١٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٩٦ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٩٢.

١٦٠

وكذا في الجمعة سواء الجامع والمنفرد ، والمسافر والحاضر ؛ لأن الباقرعليه‌السلام قال : « إن الله أكرم بالجمعة المؤمنين فسنّها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بشارة لهم ، والمنافقين توبيخاً للمنافقين فلا ينبغي تركهما ، ومن تركهما متعمداً فلا صلاة له »(١) .

وليستا واجبتين في الجمعة أيضاً ، خلافاً لبعض علمائنا(٢) ، والمراد نفي الكمال ؛ لقول الكاظمعليه‌السلام في الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمداً ، فقال : « لا بأس »(٣) .

ويستحب أن يقرأ في غداة يوم الجمعة ، الجمعة والتوحيد ، وروي المنافقين(٤) ، وفي مغرب ليلة الجمعة وعشائها بالجمعة والأعلى ، وفي رواية عن الصادقعليه‌السلام قراءة الجمعة ، والتوحيد في المغرب ، وفي العشاء بالجمعة وسبح اسم(٥) .

ويستحب لمن قرأ غير الجمعة والمنافقين في الجمعة ، والظهرين الرجوع إليهما إن كان ناسياً ولم يتجاوز النصف ، فإن تجاوز فليتمها ركعتين نافلة ، ويصلّي الفريضة بهما.

وقال المرتضى : إذا دخل الإِمام في صلاة الجمعة وجب أن يقرأ في الاُولى بالجمعة ، وفي الثانية بالمنافقين يجهر بهما لا يجزئه غيرهما(٦) ، لقول الصادقعليه‌السلام : « من صلّى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٤٢٥ / ٤ ، التهذيب ٣ : ٦ / ١٦ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٣.

(٢) هو أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥٢ - ١٥٣.

(٣) التهذيب ٣ : ٧ / ١٩ و ٢٠ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٦.

(٤) التهذيب ٣ : ٧ / ١٨ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٥.

(٥) التهذيب ٣ : ٥ / ١٣.

(٦) جمل العلم والعمل « ضمن رسائل الشريف المرتضى » ٣ : ٤٢.

١٦١

الصلاة »(١) والمراد الاستحباب ؛ لقول الرضاعليه‌السلام وقد سأله علي بن يقطين عن الجمعة ما أقرأ فيهما؟ قال : « إقرأهما بقل هو الله أحد »(٢) .

مسألة ٢٤٣ : يستحب أن يقرأ في غداة الاثنين والخميس هل أتى ، وأن يقرأ الجحد في سبعة مواضع : في أول ركعة من ركعتي الزوال ، وأول ركعة من نوافل المغرب ، وأول ركعة من صلاة الليل ، وأول ركعة من ركعتي الإِحرام ، وركعتي الفجر والغداة إذا أصبح بها ، وركعتي الطواف ، لقول الصادقعليه‌السلام : « لا تدع أن تقرأ قل هو الله أحد ، وقل يا أيها الكافرون في سبعة مواطن : في الركعتين قبل الفجر ، وركعتي الزوال ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين في أول صلاة الليل ، وركعتي الإحرام والفجر إذا أصبحت بهما ، وركعتي الطواف »(٣) .

قال الشيخ : وفي رواية اُخرى أنه : « يقرأ في هذا كلّه بقل هو الله أحد ، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون »(٤) .

ويستحب أن يقرأ في الركعتين الاُوليين من صلاة الليل ثلاثين مرّة قل هو الله أحد في كل ركعة ، وفي باقي صلاة الليل بالسور الطوال كالأنعام والكهف مع السعة فإن تضيق الوقت خفف القراءة.

مسألة ٢٤٤ : لو أراد المصلي التقدم خطوة ، أو خطوتين ، أو التأخر كذلك سكت عن القراءة‌ حالة التخطي لأنها ليست حالة القيام بل حالة المشي ، وهل ذلك على سبيل الوجوب؟ يحتمل ذلك إن سلبنا القيام عنه وإلّا مستحباً.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٤٢٦ / ٧ ، التهذيب ٣ : ٧ / ٢١ ، الاستبصار ١ : ٤١٥ / ١٥٨٨.

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٨ / ١٢٢٤ ، التهذيب ٣ : ٨ / ٢٣ ، الاستبصار ١ : ٤١٥ / ١٥٩٠.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٦ / ٢٢ ، الفقيه ١ : ٣١٤ / ١٤٢٧ ، التهذيب ٢ : ٧٤ / ٢٧٣.

(٤) التهذيب ٢ : ٧٤ / ٢٧٤.

١٦٢

مسألة ٢٤٥ : يحرم قول آمين آخر الحمد عند الإِمامية ، وتبطل الصلاة بقولها‌ سواء كان منفرداً ، أو إماماً ، أو مأموماً ، لقولهعليه‌السلام : ( إنّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شي‌ء من كلام الآدميين )(١) والتأمين من كلامهم.

وقالعليه‌السلام : ( إنما هي التسبيح ، والتكبير ، وقراءة القرآن )(٢) و « إنما » للحصر.

ولأن جماعة من الصحابة نقلوا صفة صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منهم أبو حميد الساعدي قال : أنا أعلمكم بصلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا : أعرض علينا ، ثم وصف الى أن قال : ثم يقرأ ثم يكبر(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام لجميل في الصحيح : « إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قراءتها فقل أنت : الحمد لله رب العالمين ، ولا تقل آمين »(٤) وسأل الحلبي الصادقعليه‌السلام أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب : آمين؟ قال : « لا »(٥) .

ولأن معناه اللّهم استجب ، ولو نطق به أبطل صلاته ، فكذا ما قام مقامه ، ولأنّه يستدعي سبق دعاء ولا يتحقق إلّا مع قصده فعلى تقدير عدمه يخرج التأمين عن حقيقته فيلغو ، ولأنّ التأمين لا يجوز إلّا مع قصد الدعاء وليس ذلك شرطاً إجماعاً أمّا عندنا فللمنع مطلقاً ، وأمّا عند الجمهور‌

____________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ / ٣٨٢ / ٥٣٧ ، سنن النسائي ٣ : ١٧ ، مسند أحمد ٥ : ٤٤٧ و ٤٤٨ ، سنن أبي داود ١ : ٢٤٤ / ٩٣٠.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ / ٣٨٢ / ٥٣٧ ، سنن النسائي ٣ : ١٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢٤٤ / ٩٣٠ ، مسند أحمد ٥ : ٤٤٧ و ٤٤٨.

(٣) سنن ابي داود ١ : ١٩٤ / ٧٣٠ ، سنن البيهقي ٢ : ٧٢.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٣ / ٥ ، التهذيب ٢ : ٧٤ / ٢٧٥ ، الاستبصار ١ : ٣١٨ / ١١٨٥.

(٥) التهذيب ٢ : ٧٤ / ٢٧٦ ، الاستبصار ١ : ٣١٨ / ١١٨٦.

١٦٣

فللاستحباب مطلقاً.

وأطبق الجمهور على الاستحباب(١) لقول أبي هريرة : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إذا قال الإِمام : غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين )(٢) ونمنع صحة الرواية فإنّ عمر شهد عليه بأنه عدوّ الله وعدوّ المسلمين ، وحكم عليه بالخيانة ، وأوجب عليه عشرة آلاف دينار ألزمه بها بعد ولايته البحرين(٣) ، ومثل هذا لا يسكن الى روايته ، ولأن ذلك من القضايا الشهيرة التي يعمّ بها البلوى فيستحيل انفراد أبي هريرة بنقلها.

فروع :

أ - قال الشيخ : آمين تبطل الصلاة‌ سواء وقعت بعد الحمد ، أو بعد السورة ، أو في أثنائهما(٤) . وهو جيد ؛ للنهي عن قولها مطلقاً.

ب - لو كانت حال تقية جاز له أن يقولها‌ ، ولهذا عدل الصادقعليه‌السلام عن الجواب وقد سأله معاوية بن وهب أقول : آمين إذا قال الإِمام : غير المغضوب عليهم ولا الضالين؟ قال : « هم اليهود ، والنصارى »(٥) ولم يجب فيه بشي‌ء كراهة لهذه اللفظة ، ولم يمكنهعليه‌السلام التصريح بها ، وعليه يحمل قولهعليه‌السلام وقد سأله جميل عنها : « ما أحسنها ، وأخفض الصوت بها »(٦) .

____________________

(١) المجموع ٣ : ٣٧١ و ٣٧٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٩ ، السراج الوهاج : ٤٤ ، كفاية الاخيار ١ : ٧٢ ، المغني ١ : ٥٦٤ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٣٢ ، المحرر في الفقه ١ : ٥٤ ، اللباب ١ : ٦٩.

(٢) سنن الدارمي ١ : ٢٨٤ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٢٩ / ١٢.

(٣) طبقات ابن سعد ٤ : ٣٣٥ ، الفائق للزمخشري ١ : ١٠٢.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٦ ، الخلاف ١ : ٣٣٢ مسألة ٨٤ وفيهما : سواء كان في خلال الحمد أو بعده.

(٥) التهذيب ٢ : ٧٥ / ٢٧٨ ، الاستبصار ١ : ٣١٩ / ١١٨٨.

(٦) التهذيب ٢ : ٧٥ / ٢٧٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٨ / ١١٨٧.

١٦٤

ج - اختلف الجمهور فقال الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود : يجهر الإِمام بها‌ ، لأنه تابع للفاتحة(١) . وقال أبو حنيفة ، والثوري : لا يجهر بها ؛ لأنه دعاء مشروع في الصلاة فاستحب إخفاؤه كالدعاء في التشهد(٢) .

وعن مالك روايتان : هذا إحداهما ، والثانية : لا يقولها الإِمام(٣) ، لأنهعليه‌السلام قال : ( إذا قال الإِمام : ولا الضالين فقولوا : آمين )(٤) فدل على أن الإِمام لا يقولها.

أما المأموم فللشافعي قولان : الجديد : الإِخفاء - وبه قال الثوري ، وأبو حنيفة(٥) - والقديم : الجهر. وبه قال أحمد ، وأبو ثور ، وإسحاق ، وعطاء من التابعين(٦) .

وإذا أسرَّ بالقراءة أسرَّ به اتفاقاً منهم ، واستحبت الشافعية التأمين عقيب قراءة الحمد مطلقاً للمصلّي وغيره(١) . وفيه لغتان : المدّ مع التخفيف ، والقصر ، ولو شدّد عمداً بطلت صلاته إجماعاً.

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤١٠ ، حلية العلماء ٢ : ٩٨ - ٩٠.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ٣٢ ، اللباب ١ : ٦٩ ، عمدة القارئ ٦ : ٥٠ ، الميزان ١ : ١٤٣ ، رحمة الامة ١ : ٤٤ ، المحلى ٣ : ٢٦٤ ، حلية العلماء ٢ : ٩٠.

(٣) شرح الزرقاني على موطّإ مالك ١ : ١٧٩ - ١٨٠ ، حلية العلماء ٢ : ٩٠ ، عمدة القارئ ٦ : ٥٠ و ٥٢.

(٤) صحيح البخاري ١ : ١٩٨ و ٦ : ٢١ ، سنن ابي داود ١ : ٢٤٦ / ٩٣٥ ، سنن النسائي ٢ : ٩٧ ، صحيح مسلم ١ : ٣١٠ / ٤١٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٧٦ / ٨٤٦ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٤ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٢٩ / ١٢.

(٥) الاُم ١ : ١٠٩ ، فتح العزيز ٣ : ٣٤٨ ، الميزان ١ : ١٤٣ ، رحمة الاُمة ١ : ٤٤ ، حلية العلماء ٢ : ٩٠ ، اللباب ١ : ٦٩ ، عمدة القارئ ٦ : ٥٠.

(٦) المجموع ٣ : ٣٧١ ، فتح العزيز ٣ : ٣٤٨ ، الميزان ١ : ١٤٣ ، رحمة الاُمة ١ : ٤٤ ، السراج الوهاج : ٤٤ ، المغني ١ : ٥٦٥ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٥ ، عمدة القارئ ٦ : ٥٠.

١٦٥

البحث الخامس : الركوع‌

مسألة ٢٤٦ : الركوع واجب في الصلاة في كلّ ركعة مرّة‌ بإجماع علماء الإِسلام إلّا في الكسوف ، والآيات على ما يأتي(١) . قال الله تعالى :( وَارْكَعُوا ) (٢) . وعلّمه الأعرابي لمـّا علّمه الصلاة(٣) . وهو ركن في الصلاة إجماعاً لو أخلّ به سهواً مع القدرة عليه ، أو عمداً بطلت صلاته ؛ لأنه لم يأت بالمأمور به على وجهه فيبقى في عهدة التكليف.

ولقول الصادقعليه‌السلام في الرجل ينسى الركوع حتى يسجد ويقوم ، قال : « يستقبل »(٤) ، وسئل الكاظمعليه‌السلام عن الرجل ينسى أن يركع قال : « يستقبل حتى يضع كل شي‌ء من ذلك موضعه »(٥) ، ولم يجعله الشيخ ركناً في أواخر الرباعيات في بعض أقواله(٦) ، وسيأتي تحقيقه إن شاء الله.

مسألة ٢٤٧ : ويجب فيه الانحناء إلى أن تبلغ راحتاه إلى ركبتيه‌ إجماعاً إلّا من أبي حنيفة فإنه اكتفى بأصل الانحناء ، لأنه لا يخرج عن حد القيام إلّا

____________________

(١) فتح العزيز ٣ : ٣٤٧ ، السراج الوهاج : ٤٤ ، فتح الوهاب ١ : ٤١.

(٢) الحج : ٧٧.

(٣) المشهور انه حديث المسي‌ء في صلاته انظر : صحيح البخاري ١ : ١٩٢ - ١٩٣ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٨ / ٣٩٧ ، سنن ابي داود ١ : ٢٢٦ / ٨٥٦ ، سنن النسائي ٢ : ١٢٤ سنن الترمذي ٢ : ١٠٣ - ١٠٤ / ٣٠٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧٢.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٨ / ٢ ، التهذيب ٢ : ١٤٨ / ٥٨١ و ٥٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٥ / ١٣٤٤ و ١٣٤٥.

(٥) التهذيب ٢ : ١٤٩ / ٥٨٣ ، الاستبصار ١ : ٣٥٦ / ١٣٤٧.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٩.

١٦٦

بذلك(١) ، ولقولهعليه‌السلام : ( إذا ركعت فضع كفّيك على ركبتيك )(٢) وهو يستلزم الانحناء المذكور.

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « وتمكّن راحتيك من ركبتيك »(٣) وسنبين أن الوضع غير واجب فتعين الانحناء بقدره.

والعاجز يأتي بالممكن لأنّ الزيادة تكليف بما لا يطاق ، ولو تعذر أومأ لأنه القدر الممكن فيقتصر عليه ، ولأنّ ابراهيم الكرخي سأل الصادقعليه‌السلام عن رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء ولا يمكنه الركوع والسجود فقال : « ليؤم برأسه إيماء ، وإن كان له من يرفع الخمرة إليه فليسجد ، فإن لم يمكنه ذلك فليوم برأسه نحو القبلة »(٤) .

والراكع خلقة يزيد يسير انحناءٍ ليفرق بين القيام والركوع وإن لم يفعل لم يلزمه لأنه حدّ الركوع فلا يلزمه الزيادة عليه.

ولو انخنس(٥) وأخرج ركبتيه وصار بحيث لو مدّ يديه نالتا ركبتيه لم يكن ركوعاً ، لأنّ هذا التمكن لم يحصل بالانحناء ، وطويل اليدين ينحني كالمستوي ، وكذا قصيرهما.

مسألة ٢٤٨ : ويجب فيه بعد الانحناء الطمأنينة‌ ومعناها السكون بحيث تستقرّ أعضاؤه في هيئة الركوع وينفصل هويه عن ارتفاعه منه عند علمائنا‌

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤١٠ ، حلية العلماء ٢ : ٩٧ ، بدائع الصنائع ١ : ١٦٢.

(٢) سنن ابي داود ١ : ٢٢٧ / ٨٥٩.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٩ / ٣٢٠ / ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ - ٧٨ / ٢٨٩ و ٨٣ / ٣٠٨.

(٤) الفقيه ١ : ٢٣٨ / ١٠٥٢ ، التهذيب ٣ : ٣٠٧ / ٩٥١.

(٥) الخنس : الانقباض. لسان العرب ٦ : ٧٢.

١٦٧

أجمع - وبه قال الشافعي ، وأحمد(١) - لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال للمسي‌ء في صلاته : ( ثم اركع حتى تطمئن راكعاً )(٢) ومن طريق الخاصة رواية حماد - الطويلة - قال : « ثم ركع وملأ كفيه من ركبتيه مفرجات »(٣) ولأنه فعل مفروض في الصلاة فوجبت فيه الطمأنينة كالقيام.

وقال أبو حنيفة : لا تجب الطمأنينة(٤) لقوله تعالى( وَارْكَعُوا ) (٥) وقد حصل مع عدمها فيخرج عن العهدة. والآية بيّنها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بفعله.

فروع :

أ - الطمأنينة ليست ركناً لأنّا سنبيّن أن الصلاة لا تبطل بالإِخلال بها سهواً وإن بطلت عمداً.

وقال الشيخ في الخلاف : إنّها ركن. وبه قال الشافعي(٦) .

ب - حدّ زمانها قدر الذكر الواجب‌ لوجوب الذكر فيه على ما يأتي فلا بدَّ من السكون بقدر أداء الواجب.

ج - لو زاد في الهويّ ثم ارتفع والحركات متواصلة لم تقم زيادة الهويّ مقام الطمأنينة.

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤١٠ ، مختصر المزني : ١٧ ، الوجيز ١ : ٤٣ ، كفاية الاخيار ١ : ٦٧ ، السراج الوهاج : ٤٥ ، المغني ١ : ٥٧٧.

(٢) صحيح البخاري ١ : ١٩٣ و ٢٠١ ، سنن النسائي ٢ : ١٢٤.

(٣) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

(٤) بدائع الصنائع ١ : ١٦٢ ، المجموع ٣ : ٤١٠ ، المغني ١ : ٥٧٧.

(٥) البقرة : ٤٣.

(٦) الخلاف ١ : ٣٤٨ ، المسألة ٩٨ ، وراجع المجموع ٣ : ٤١٠ ، وحلية العلماء ٢ : ٩٧ ، والمغني ١ : ٥٧٧.

١٦٨

د - يجب أن لا يقصد بهويّه غير الركوعٍ‌ فلو قرأ آية سجدة فهوى ليسجد ثم لمـّا بلغ حدّ الراكعين أراد أن يجعله ركوعاً لم يجز بل يعود إلى القيام ثم يركع لأن الركوع الانحناء ولم يقصده.

ه- لو عجز عن الركوع إلّا بما يعتمد عليه وجب ، ولو عجز وتمكن من الانحناء على أحد جانبيه وجب ، ولو عجز عن الطمأنينة سقطت ، وكذا الرفع.

و - لو لم يضع راحتيه فشك بعد القيام هل بلغ بالركوع قدر الإِجزاء احتمل العود‌ عملاً بالأصل - وبه قال الشافعي(١) - وعدمه لأنه شك بعد انتقاله.

مسألة ٢٤٩ : ويجب فيه الذكر‌ عند علمائنا أجمع ، وبه قال أحمد ، وإسحاق ، وداود إلّا أنه قال : إذا تركه عمداً لم تبطل صلاته(٢) لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزل( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) (٣) قال : ( ضعوها في ركوعكم )(٤) والأمر للوجوب.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله هشام بن سالم عن التسبيح في الركوع والسجود فقال : « تقول في الركوع : سبحان ربي العظيم ، وفي السجود : سبحان ربي الأعلى. الفريضة من ذلك تسبيحة ،

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤١٠.

(٢) المغني ١ : ٥٧٩ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٨ ، المجموع ٣ : ٤١٤ ، الميزان ١ : ١٤٨ ، رحمة الامة ١ : ٤٥ ، سبل السلام ١ : ٣٠٠ ، نيل الاوطار ٢ : ٢٧١ ، المحلى ٣ : ٢٥٥ ، حلية العلماء ٢ : ٩٧.

(٣) الواقعة : ٧٤.

(٤) الفقيه ١ : ٢٠٧ / ٩٣٢ ، التهذيب ٢ : ٣١٣ / ١٢٧٣ ، علل الشرائع : ٣٣٣ باب ٣٠ حديث ٦ وانظر مسند أحمد ٤ : ١٥٥ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٢٥ و ٢ : ٤٧٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٨٦ ، مسند الطيالسي : ١٣٥ / ١٠٠٠.

١٦٩

والسنّة ثلاث ، والفضل في سبع »(١) ، ولأنّه هيئة في كونٍ فيجب فيه الذكر كالقيام.

وقال الشافعي ، وأبو حنيفة ، ومالك : بعدم الوجوب(٢) لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يعلمه الأعرابي(٣) . وهو ممنوع لقولهعليه‌السلام : ( إذا ركع أحدكم وقال : سبحان ربي العظيم وبحمده ؛ فقد تم ركوعه ، وذلك أدناه )(٤) وهو يدل على عدم تمام الركوع لو لم يذكر.

فروع :

أ - الأقوى أنّ مطلق الذكر واجب ، ولا يتعين التسبيح ؛ لأنّ هشام بن الحكم ، وهشام بن سالم سألا الصادقعليه‌السلام يجزي أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود : لا إله إلّا الله والله أكبر؟ فقال : « نعم كلّ هذا ذكر »(٥) علل بالذكر.

وقال بعض علمائنا : يتعين التسبيح ، وهو سبحان ربي العظيم وبحمده ، ثلاثاً(٦) . وبعضهم مرّة ، أو ثلاث مرات سبحان الله(٧) - وأحمد‌

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٧٦ / ٢٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٣ / ١٢٠٤.

(٢) المجموع ٣ : ٤١٤ ، الوجيز ١ : ٤٣ ، السراج الوهاج : ٤٥ ، كفاية الاخيار ١ : ٧٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢١ - ٢٢.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٩٢ - ١٩٣ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٨ / ٣٩٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢٢٦ / ٨٥٦ ، سنن الترمذي ٢ : ١٠٣ - ١٠٤ / ٣٠٣ ، سنن النسائي ٢ : ١٢٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧١ - ٣٧٢.

(٤) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٥٠ - ٢٥١.

(٥) الكافي ٣ : ٣٢٩ - ٥ و ٣٢١ - ٨ ، التهذيب ٢ : ٣٠٢ - ١٢١٧ و ١٢١٨.

(٦) أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١١٨.

(٧) كالشيخ الطوسي في النهاية : ٨١ والمحقق في المعتبر : ١٨٠.

١٧٠

أوجب التسبيح أيضاً(١) - لما تقدم في حديث الصادقعليه‌السلام : « يقول في الركوع : سبحان ربي العظيم »(٢) .

وسأل معاوية بن عمار الصادقعليه‌السلام أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة ، قال : « ثلاث تسبيحات مترسلاً ، يقول : سبحان الله ، سبحان الله ، سبحان الله »(٣) ولا حجة فيهما ؛ لأن السؤال وقع أولاً عن التسبيح ، وثانياً عن أخفه.

ب - إذا قال : سبحان ربي العظيم ، أو سبحان ربّي الأعلى استحب أن يقول : وبحمده‌ - وبه قال الشافعي(٤) - لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول في ركوعه : ( سبحان ربي العظيم وبحمده ) ثلاثاً(٥) ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « تقول : سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثاً »(٦) وقال ابن المنذر : قيل لأحمد : تقول : سبحان ربي العظيم وبحمده؟ قال : أمّا أنا فلا أقول : وبحمده(٧) .

ج - يجب أن يأتي بالذكر حال الطمأنينة‌ ، فلو شرع فيه قبل انتهائه في الهويّ الواجب ، أو شرع في الرفع قبل إكماله بطلت صلاته.

د - يستحب أن يقول(٨) ثلاث مرات : سبحان ربي العظيم وبحمده‌

____________________

(١) المغني ١ : ٥٧٨ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٨ ، الانصاف ٢ : ٦٠ ، المجموع ٣ : ٤١٤.

(٢) التهذيب ٢ : ٧٦ / ٢٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٣ / ١٢٠٤.

(٣) التهذيب ٢ : ٧٧ / ٢٨٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢٤ / ١٢١٢.

(٤) المجموع ٣ : ٤١٢ ، فتح العزيز ٣ : ٣٩٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٧٣.

(٥) مصنّف ابن أبي شيبة ١ : ٢٤٨ ، سنن أبي داود ١ : ٢٣٠ / ٨٧٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٤١ / ١.

(٦) الكافي ٣ : ٣٢٩ / ١ ، التهذيب ٢ : ٨٠ / ٣٠٠ ، الاستبصار ١ : ٣٢٤ / ١٢١٣.

(٧) المغني ١ : ٥٧٩ ، الشرح الكبير ١ : ٥٨١.

(٨) في نسخة ش : يقرأ.

١٧١

إجماعاً ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا ركع قال : سبحان ربي العظيم ثلاث مرات(١) ، وأفضل منه خمساً والأكمل سبعاً ، وإن زاد فهو أفضل. قال أبان بن تغلب : دخلت على الصادقعليه‌السلام وهو يصلّي فعددت له في الركوع والسجود ستين تسبيحة(٢) .

وحكى الطحاوي عن الثوري أنه كان يقول : ينبغي للإِمام أن يقول : سبحان ربي العظيم ، خمساً حتى يدرك الذي خلفه ثلاثا(٣) ، وأنكره الشافعي(٤) لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قاله ثلاثاً(٥) ، ولأن المأموم يركع مع الإِمام فما أمكن الإمام أمكن المأموم.

ه- ينبغي للإِمام التخفيف ، قال سماعة : سألته عن الركوع والسجود هل نزل في القرآن؟ قال : « نعم » قول الله عزّ وجلّ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا ) (٦) فقلت : كيف حدّ الركوع والسجود؟ فقال : « أمّا ما يجزيك من الركوع فثلاث تسبيحات تقول : سبحان الله ، سبحان الله ثلاثاً »(٧) .

ومن كان يقوى على أن يطول الركوع والسجود فليطول ما استطاع يكون‌

____________________

(١) مصنّف ابن أبي شيبة ١ : ٢٤٨ ، سنن أبي داود ١ : ٢٣٠ / ٨٧٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٤١ / ١.

(٢) الكافي ٣ : ٣٢٩ / ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٩٩ / ١٢٠٥.

(٣) الميزان ١ : ١٤٩ ، رحمة الامة ١ : ٤٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٢ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٩ ، حلية العلماء ٢ : ٩٨.

(٤) المجموع ٣ : ٤١٢ ، فتح العزيز ٣ : ٣٩٧.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٤٨ ، سنن أبي داود ١ : ٢٣٠ / ٨٧٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٤١ / ١.

(٦) الحج : ٧٧.

(٧) التهذيب ٢ : ٧٧ / ٢٨٧ ، الاستبصار ١ : ٣٢٤ / ١٢١١.

١٧٢

ذلك في تسبيح الله ، وتحميده ، والتمجيد ، والدعاء ، والتضرع فإن أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد(١) .

فأما الإِمام فإنه إذا قام بالناس فلا ينبغي أن يطوّل بهم فإن في الناس الضعيف ومن له الحاجة ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( كان إذا صلّى بالناس )(٢) خف بهم(٣) .

مسألة ٢٥٠ : ويجب بعد انتهاء الذكر الرفع من الركوع والاعتدال ، والطمأنينة قائماً حتى يرجع كل عضو إلى موضعه عند علمائنا أجمع ، وبه قال الشافعي ، وأحمد(٤) لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للمسي‌ء في صلاته : ( ثم ارفع حتى تعتدل قائماً )(٥) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك فإنّه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه »(٦) ولأنّه ركن هو خفض فالرفع منه فرض كالسجود.

وقال أبو حنيفة : لا يجب الرفع ، ولا الاعتدال ، ولا الطمأنينة بل ينحط من ركوعه ساجداً(٧) .

____________________

(١) اشارة الى الحديث المروي في الكافي ٣ : ٣٢٣ و ٣٢٤ / ٧ و ١١ وصحيح مسلم ١ : ٣٥٠ / ٤٨٢ وسنن ابي داود ١ : ٢٣١ / ٨٧٥ وسنن النسائي ٢ : ٢٢٦ وسنن البيهقي ٢ : ١١٠.

(٢) ما بين القوسين لم يرد في نسخة ( م ).

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٨١ ، صحيح مسلم ١ : ٣٤٢ / ٤٦٩.

(٤) المجموع ٣ : ٤١٦ - ٤١٧ و ٤١٩ ، فتح العزيز ٣ : ٣٩٩ ، الوجيز ١ : ٤٣ ، السراج الوهاج : ٤٥ ، كفاية الاخيار ١ : ٦٧ ، المغني ١ : ٥٨٢ و ٥٨٣ ، الشرح الكبير ١ : ٥٨٢ و ٥٨٣ ، بداية المجتهد ١ : ١٣٥.

(٥) سنن البيهقي ٢ : ٩٧.

(٦) الكافي ٣ : ٣٢٠ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٧٨ / ٢٩٠.

(٧) المجموع ٣ : ٤١٩ ، حلية العلماء ٢ : ٩٩ ، فتح العزيز ٣ : ٤٠١ ، المغني ١ : ٥٨٣ ، الشرح الكبير ١ : ٥٨٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤٩ ، شرح العناية ١ : ٢٦١.

١٧٣

واختلف أصحاب مالك في مذهبه على القولين ؛ لأنّ القيام لو وجب لتضمن ذكراً واجباً كالقيام الأول ، فلمـّا لم يتضمن ذكراً واجباً لم يجب كقيام القنوت(١) .

وينتقض بالركوع ، والسجود ، والرفع من السجود ، فإن الذكر عنده ليس بواجب في شي‌ء منها(٢) .

مسألة ٢٥١ : والسنة في الركوع أن يكبر له قائماً ثم يركع ، والمشهور بين العلماء مشروعية التكبير لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكبر في كل رفع ، وخفض ، وقيام ، وقعود(٣) .

ومن طريق الخاصة قول حماد في صفة صلاة الصادقعليه‌السلام : ثم رفع يديه حيال وجهه وقال : ألله أكبر وهو قائم ثم ركع(٤) . ولأنه شروع في ركن فشرع فيه التكبير كحالة ابتداء الصلاة.

وقال سعيد بن جبير ، وعمر بن عبد العزيز ، وسالم ، والقاسم : لا يكبر إلّا عند افتتاح الصلاة(٥) لقولهعليه‌السلام : ( مفتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير )(٦) فدلَّ على أنّه لا يكون في غير التكبير. ولا حجة فيه فإنه لا يدل على أن التكبير لا يكون في غير التحريم.

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ١٣٥ ، المجموع ٢ : ٤١٩ ، حلية العلماء ٢ : ٩٩.

(٢) المجموع ٣ : ٤١٤.

(٣) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٣٩ ، سنن النسائي ٢ : ٢٣٠ و ٣ : ٦٢ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٤ / ٢٥٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٦٧ - ٦٨ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٥.

(٤) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

(٥) المجموع ٣ : ٣٩٧ ، المغني ١ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٥ ، مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٤٢.

(٦) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٢٩ ، سنن البيهقي ٢ : ١٥ - ١٦ ، سنن الترمذي ٢ : ٣ / ٢٣٨ ، كنز العمال ٧ : ٤٢٨ / ١٩٦٣٢.

١٧٤

فروع :

أ - هذا التكبير ليس بواجب عند أكثر علمائنا‌(١) ، وأكثر أهل العلم(٢) عملاً بالأصل ، ولقولهعليه‌السلام للمسي‌ء : ( ثم اقرأ ما تيسر من القرآن ثم اركع )(٣) ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله أبو بصير عن أدنى ما يجزئ من التكبير في الصلاة ، قال : « تكبيرة واحدة »(٤) .

وقال بعض علمائنا بالوجوب(٥) - وبه قال إسحاق ، وداود ، وعن أحمد روايتان(٦) - لقولهعليه‌السلام : ( لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يكبر ثم يركع حتى يطمئن )(٧) ونفي التمام لا يدل على نفي الصحة.

ب - يستحب أن يكبّر قائماً ثم يركع - وبه قال أبو حنيفة(٨) - لأن أبا حميد الساعدي وصف صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( يقرأ ثم يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه ثم يركع )(٩) ومن طريق الخاصة رواية حماد في صفة صلاة الصادقعليه‌السلام : ثم رفع يديه حيال وجهه وقال : الله أكبر‌

____________________

(١) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١١٠ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذب ١ : ٩٨ ، والمحقّق في المعتبر : ١٨٠.

(٢) المجموع ٣ : ٣٩٧ ، المغني ١ : ٥٧٩.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٩٢ - ١٩٣ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٨ / ٣٩٧ ، سنن ابي داود ١ : ٢٢٦ / ٨٥٦ ، سنن الترمذي ٢ : ١٠٣ - ١٠٤ / ٣٠٣ ، سنن النسائي ٢ : ١٢٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧٢.

(٤) التهذيب ٢ : ٦٦ / ٢٣٨.

(٥) المراسم : ٦٩.

(٦) المغني ١ : ٥٧٩ ، العدة شرح العمدة : ٨٢ ، المحرر في الفقه ١ : ٧٠ - ٧١ ، المجموع ٣ : ٣٩٧ ، عمدة القارئ ٦ : ٥٨.

(٧) سنن ابي داود ١ : ٢٢٦ / ٨٥٧ ، جامع الاصول ٥ : ٤٢٠ / ٣٥٧٧.

(٨) الهداية للمرغيناني ١ : ٤٩ ، اللباب ١ : ٦٩.

(٩) سنن أبي داود ١ : ١٩٤ / ٧٣٠ ، سنن الدارمي ١ : ٣١٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٧٢.

١٧٥

وهو قائم ثم ركع(١) . وقال الشافعي : يهوي بالتكبير(٢) .

ج - لا ينبغي المد في التكبير بل يوقعه جزما‌ً - وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي في القديم(٣) - لقوله : ( التكبير جزم )(٤) أي لا يمد فيه ، ولأنّه ربما غيّر المعنى ، وفي الجديد للشافعي : يمد إلى تمام الهوي لئلّا يخلو جزء من صلاته عن الذكر(٥) .

د - يستحب رفع اليدين بالتكبير‌ في كل مواضعه عند أكثر علمائنا(٦) لأن الجمهور رووا أن المشروع أوّلاً رفع اليدين ، ثم ادّعوا النسخ(٧) ولم يثبت وروى سالم عن أبيه قال : رأيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع رأسه من الركوع ، ولا يرفع بين السجدتين(٨) . ومن طريق الخاصة رواية حماد(٩) ، وقد سلفت. وقال‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

(٢) المجموع ٣ : ٣٩٦ ، السراج الوهاج : ٤٥ ، الوجيز ١ : ٤٣ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٤.

(٣) المجموع ٣ : ٢٩٩ ، فتح العزيز ٣ : ٣٨٨ ، الوجيز ١ : ٤٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٣ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٥٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤٩ ، الكفاية ١ : ٢٥٨ ، شرح العناية ١ : ٢٥٨ ، اللباب ١ : ٦٩.

(٤) قال ابن حجر في التلخيص الحبير ٣ : ٢٨٣ : هذا الحديث لا أصل له بهذا اللفظ وانما هو قول إبراهيم النخعي ، وقال : قال الدارقطني في العلل : الصواب موقوف وهو من رواية قرة بن عبد الرحمن وهو ضعيف اختلف فيه. انتهى وانظر سنن الترمذي ٢ : ٩٥.

(٥) الاُم ١ : ١١٠ ، المجموع ٣ : ٢٩٩ ، فتح العزيز ٣ : ٣٨٩ ، الوجيز ١ : ٤٣ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٤.

(٦) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٧ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٢٢ ، والمحقّق في المعتبر : ١٨١.

(٧) انظر اختلاف الحديث : ١٢٦ - ١٣٠ باب رفع الأيدي في الصلاة.

(٨) صحيح البخاري ١ : ١٨٧ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٢ / ٣٩٠ ، سنن أبي داود ١ : ١٩١ - ١٩٢ / ٧٢١.

(٩) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

١٧٦

بعض علمائنا بوجوب الرفع في التكبير كلّه للأمر(١) . وقد بيّنا أن التكبير مستحب فكيفيته أولى.

وقال الشافعي : يرفع في تكبير الركوع والرفع منه ، ولا يرفع بين السجدتين(٢) لحديث سالم(٣) . ونفي الرؤية لا يدل على نفيه لإِمكان غفلته ، وبه قال الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وروي عن مالك(٤) .

وقال أبو حنيفة ، والثوري ، وابن أبي ليلى : لا يرفع إلّا في تكبير الافتتاح(٥) .

والصحيح ما قلناه ؛ لأن الأئمةعليهم‌السلام أعرف ، قال الباقرعليه‌السلام : « فإذا أردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير وخرّ ساجداً »(٦) ولأنّه تكبير فاستحب فيه الرفع كالافتتاح.

ه- لو صلى قاعداً ، أو مضطجعاً رفع يديه‌ - وبه قال الشافعي(٧) - لأن القعود ناب مناب القيام.

____________________

(١) الانتصار : ٤٤.

(٢) المجموع ٣ : ٣٩٩ ، فتح العزيز ٣ : ٣٩٠ و ٤٧٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٤ و ١٦٥ و ١٧١.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٨٧ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٢ / ٣٩٠ ، سنن أبي داود ١ : ١٩١ - ١٩٢ / ٧٢١.

(٤) المغني ١ : ٥٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٤ ، العدة شرح العمدة : ٧٦ ، الانصاف ٢ : ٥٩ و ٦١ ، بداية المجتهد ١ : ١٣٣ ، المجموع ٣ : ٣٩٩ ، عمدة القارئ ٥ : ٢٧٢ ، المحلى ٤ : ٨٧ و ٩٠.

(٥) المبسوط للسرخسي ١ : ١٤ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٥٢ ، عمدة القارئ ٥ : ٢٧٢ ، ارشاد الساري ٢ : ٧٣ ، اللباب ١ : ٧١ ، المجموع ٣ : ٤٠٠ ، المغني ١ : ٥٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٤ ، حلية العلماء ٢ : ٩٦.

(٦) الكافي ٣ : ٣٣٥ / ١ ، التهذيب ٢ : ٨٤ / ٣٠٨.

(٧) السراج الوهاج : ٤٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٢ ، المجموع ٣ : ٣٩٨.

١٧٧

و - لو نسي الرفع لم يعد التكبير‌ لأنه هيئة له فسقط بفوات محلّه.

ز - يرفع يديه حذاء وجهه ، وفي رواية إلى اُذنيه(١) ، وقال الشافعي : إلى منكبيه(٢) . والأشهر رواية حماد : ثم رفع يديه حيال وجهه(٣) .

ح - ينبغي أن يبتدىء برفع يديه عند ابتداء التكبير‌ ، وينتهي الرفع عند انتهاء التكبير ، ويرسلهما بعد ذلك ؛ لأنه لا يتحقق رفعهما بالتكبير إلّا كذلك.

مسألة ٢٥٢ : يستحب أن يضع يديه على عيني ركبتيه مفرّجات الأصابع‌ بإجماع العلماء إلّا عبد الله بن مسعود ، وصاحبيه : الأسود بن يزيد ، وعبد الرحمن بن الأسود فإنهم قالوا : إذا ركع طبق يديه وجعلهما بين ركبتيه(٤) لأن ابن مسعود رواه عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) . وهو مدفوع بالنقل عنهعليه‌السلام : إنه كان إذا ركع وضع راحتيه على ركبتيه وفرّج بين أصابعه(٦) .

ومن طريق الخاصة رواية حماد عن الصادقعليه‌السلام : ثم ركع وملأ كفّيه من ركبتيه مفرجات(٧) . وبأنه منسوخ.

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٦٥ / ٢٣٣.

(٢) الاُم ١ : ١٠٤ ، مختصر المزني : ١٤ ، المجموع ٣ : ٣٩٨ و ٤١٧ ، السراج الوهاج : ٤٢ و ٤٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٨ ، الوجيز ١ : ٤١.

(٣) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

(٤) المجموع ٣ : ٤١١ ، المغني ١ : ٥٧٧ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٩ و ٢٠ ، عمدة القارئ ٦ : ٦٤ ، رحمة الاُمة ١ : ٤٥ ، إرشاد الساري ٢ : ١٠٥ ، حلية العلماء ٢ : ٩٧.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٣٧٨ و ٣٧٩ / ٥٣٤ ، سنن النسائي ٢ : ١٨٤ - ١٨٥ ، سنن أبي داود ١ : ٢٢٩ / ٨٦٨ ، سنن البيهقي ٢ : ٨٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٣٩ / ١.

(٦) سنن ابن ماجة ١ : ٢٨٣ / ٨٧٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٨٥.

(٧) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

١٧٨

قال مصعب بن سعد بن أبي وقاص : صلّيت إلى جنب أبي فطبقت يدي وجعلتهما بين ركبتي فضرب في يدي وقال لي : يا بني إنا كنّا نفعل ذلك فأمرنا أن نضرب بالأكف على الركب(١) .

ولو كانتا عليلتين أو إحداهما انحنى كمال الركوع وأرسلهما.

مسألة ٢٥٣ : ويستحب أن يسوي ظهره‌ ولا يتبازخ به بأن يخرج صدره ويطأ من ظهره فيكون كالسرج ، ولا يحدودب فيعلي وسط ظهره ، ويجعل رأسه وعنقه حيال ظهره ، ويمد عنقه محاذيا ظهره لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا ركع لم يرفع رأسه ولم يصوّبه ولكن بين ذلك(٢) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « وأقم صلبك ومدّ عنقك »(٣) .

ويستحب أيضاً ردّ ركبتيه إلى خلفه عند علمائنا أجمع لقول حماد عن الصادقعليه‌السلام : ورد ركبتيه إلى خلفه(٤) .

وقال الشافعي : بنصب ركبتيه وأن يجافي الرجل مرفقيه عن جنبيه ، ولا يجاوز في الانحناء استواء الظهر والرقبة(٥) .

مسألة ٢٥٤ : يستحب الدعاء أمام التسبيح‌ لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أما الركوع فعظّموا الرب فيه ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء‌

____________________

(١) صحيح البخاري ١ : ٢٠٠ ، صحيح مسلم ١ : ٣٨٠ / ٥٣٥ ، سنن ابي داود ١ : ٢٢٩ / ٨٦٧ ، سنن النسائي ٢ : ١٨٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٨٣ - ٨٧٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٨٣.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٥٧ / ٤٩٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٨٢ / ٨٦٩ ، سنن البيهقي ٢ : ٨٥.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٩ - ٣٢٠ / ١ ، التهذيب ٢ : ٧٨ / ٢٨٩.

(٤) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

(٥) الاُم ١ : ١١١ - ١١٢ ، المجموع ٣ : ٤٠٩ ، فتح العزيز ٣ : ٣٧٥ و ٣٧٨ و ٣٨٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٢.

١٧٩

فقَمنٌ(١) أن يستجاب لكم )(٢) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « فاركع وقل : رب لك ركعت ، ولك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، فأنت ربي خشع لك سمعي ، وبصري ، وشعري ، وبشري ، ولحمي ، ودمي ، ومخي ، وعصبي ، وما أقلت قدماي ، غير مستنكف ، ولا مستكبر ، ولا مستحسر ، سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثاً »(٣) وبنحوه قال الشافعي إلّا أنه قدّم التسبيح(٤) .

ولا يستحب أن يقرأ في ركوعه ، وسجوده ، وتشهده ، بل يكره ، قاله الشيخ في المبسوط(٥) - وبه قال الشافعي ، وأحمد(٦) - لأنّ علياًعليه‌السلام قال : « إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ألا إني نهيت أن أقرأ راكعاً أو ساجداً ، أما الركوع فعظّموا فيه الرب ، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فإنه قَمِنٌ أن يستجاب لكم »(٧) .

ويكره أن تكون يداه تحت ثيابه حالة الركوع بل يستحب أن تكون بارزة أو في كُمّه ، ولو خالف لم تبطل صلاته.

____________________

(١) قمن : بفتح الميم وكسرها لغتان مشهورتان ، ومعناه جدير وحقيق. انظر النهاية ٤ : ١١١ ومجمع البحرين ٦ : ٣٠١ « قمن ».

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٤٨ / ٤٧٩ ، سنن ابي داود ١ : ٢٣٢ / ٨٧٦ ، سنن النسائي ٢ : ٢١٨.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٩ / ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ / ٢٨٩.

(٤) الاُم ١ : ١١١ ، المجموع ٣ : ٤١١ و ٤١٢ ، فتح العزيز ٣ : ٣٩٠ و ٣٩٤ ، السراج الوهاج : ٤٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٢.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ١١١.

(٦) الاُم ١ : ١١١ ، المجموع ٣ : ٤١٤ ، فتح العزيز ٣ : ٣٩٩ ، المغني ١ : ٥٨٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٨١.

(٧) مسند أحمد ١ : ١٥٥.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380