تذكرة الفقهاء الجزء ٣

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: 380

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 310022 / تحميل: 7979
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٦-١
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

هكذا كانت الصورة ، وهي لا تحتاج إلى مزيد من الإيضاح والتعليق ؛ معاول الفتنة والهدم تضرب جسد الأُمّة من كلّ جانب

الأمراض الفكرية والأخلاقية تنهش فيها ، وقد اجتمع الدعاة إلى دولة القردة والخنازير على كلمة سواء ، هي هدم دولة أئمّة الحق من آل محمد بكلّ ما لديهم من وسائل الإقناع والتشويه والتمويه والإغراء والاغتيال والفساد

والآن لا مفرّ من هدنة ، والصراع سيمتد قروناً وقروناً ، ولم يأتِ بعد أوان حسم الصراع ، والمهمّة العاجلة أمام أئمّة الحق من آل محمد في هذه اللحظة هي إمامة الخط الإلهي الرباني داخل جسد الأُمّة ، والحفاظ على مَنْ يمثّلون هذه الرؤية لينقلوها إلى مَنْ بعدهم ، لا إهلاكهم في جولة صراع معلومة النتائج سلفاً

ــــــــــــــــــــــــــ

١ ـ تفسير الطبري ‏٩ / ١١٣ ، دار الفكر ، بيروت ، ١٩٨٨

٢ ـ الدرّ المنثور ـ للسيوطي‏ ٥ / ٣٠٩ طبع دار الفكر ، بيروت ، ‏١٩٩٣م

٣ ـ المصدر نفسه

٤ ـ المصدر نفسه

٥ ـ ينابيع المودّة ‏٢ / ١٤٢ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت

٦ ـ الإصابة في تمييز الصحابة ـ للحافظ بن حجر العسقلاني ١ / ١٧٠ ـ ٢٧١ ، رقم ٢٦٦ (أنس بن الحارث) مطبعه دار الكتب العلمية بيروت ، ط‏١ ، سنة ١٩٩٥

٧ ـ الصواعق المحرقة ـ لابن حجر / ٢٩٢ ، ح‏٢٨ ، طبعة دار الكتب العلمية ، بيروت ، ط‏٣ / ١٤١٤ هـ ـ ١٩٩٣ م

٨ ـ المصدر نفسه / ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ، ح‏٣٠

٩ ـ تفسير ابن كثير ٢ / ٤٥٣ ـ ٤٥٤ ، دار الفكر ، بيروت ، ١٤١٤ هـ ـ ١٩٩٤ م

١٠ ـ المصدر نفسه ٢ / ٤٥٤

١١ ـ المصدر نفسه

٤١

ــــــــــــــــــــــــــ

١٢ ـ تاريخ الأمم والملوك ـ للطبري ٣ / ٥٦١ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت

١٣ ـ المصدر نفسه ٣ / ٥٥٩ ـ ٥٦٠

١٤ ـ مقاتل الطالبيين / ٧٦ ـ ٧٧ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت ، ١٤٠٨ هـ ـ ١٩٨٧ م

١٥ ـ تاريخ الطبري ٣ / ٥٥٢ ، مؤسسة الأعلمي ، بيروت

١٦ ـ المصدر نفسه ٣ / ٥٥٢ ـ ٥٥٣

١٧ ـ المصدر نفسه ٣ / ٥٥٤

١٨ ـ المصدر نفسه

١٩ ـ المصدر نفسه ٤ / ١٠٣

٢٠ ـ المصدر نفسه

٢١ ـ تاريخ الأمم والملوك ـ لابن جرير الطبري ٤ / ١٠٤

٢٢ ـ المصدر نفسه ٤ / ١٠٧

٢٣ ـ شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ٥ / ١٨١ ، الطبعة الأولى ، دار الجيل ، بيروت ، ‏١٤٠٧ هـ ـ ١٩٨٧ م

٢٤ ـ المصدر نفسه ٥ / ١٨٩ ـ ١٩٠

٢٥ ـ المصدر نفسه ٥ / ١٩٠

٢٦ ـ المصدر نفسه ٥ / ٢٥٦ ـ ٢٥٨

٢٧ ـ تاريخ الأمم والملوك ـ للطبري ٤ / ٣٤

٢٨ ـ المصدر نفسه

٢٩ ـ شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ٢ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨ ، ط‏١ ، دار الجيل ، بيروت ، ‏١٤٠٧ هـ ـ ١٩٨٧ م

٣٠ ـ المصدر نفسه

٣١ المصدر نفسه ‏٢ / ٢١٧ ـ ٢٢٠

٣٢ ـ علي وبنوه ـ لطه حسين / ٨٠ ـ ٨١ ، طبع دار المعارف ، مصر

٣٣ ـ شرح نهج البلاغة ‏٢ / ١٨٣ ، دار الهدى الوطنية ، بيروت

٣٤ ـ المصدر نفسه ‏٤ / ١٤ نقلاً عن أبي الفرج

٣٥ ـ شرح نهج البلاغة ـ لابن أبي الحديد ، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ١٦ / ٤٠ ـ ٤٢ ، دار الجيل ، بيروت

٤٢

والأهم من هذا أنّ أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) لا ينطلقون في قراراتهم من رؤية آنية ، وإنّما من رؤية كونية تحدّد مهامّهم بدءاً من بعثة محمد (صلّى اللّه عليه وآله) إلى ظهور المهدي المنتظر (جعلنا اللّه من أنصاره وجنده)

هؤلاء ، أي الرسول والأئمّة (عليه السّلام) لم تحمّلهم الأُمّة المسؤولية ، وإنّما حملوها بأمر من اللّه (عزّ وجلّ) ، فكان إمداد السماء لهم بالتسديد والتأييد والتعزية والتسلية أمراً ضرورياً

من هنا كانت رؤية رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) لأولئك القردة الذين كانوا ينزون على منبره ، ونزول قوله تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ )(سورة الإسراء / ٦٠) ، ثمّ تعزيته من قبل جبرائيل (عليه السّلام) بمقتل الحسين (عليه السّلام) في كربلاء ، ولم يكن شيئاً من هذه السياقات محجوباً لا عن الإمام علي (عليه السّلام) الذي ما فتى‏ء يتعجّل أشقاها أن يأتي ليضربه على رأسه فيستريح من هذه الأُمّة التعسة ، ولا كانت غائبة عن الإمام الحسن (عليه السّلام) حين عقد صلحاً مع إمام البغاة وهادنه(١)

ولكن هذا لا يغني عن إيراد شروط الصلح والمهادنة ، فهي كما أوردها الشيخ الصدوق في كتاب (علل الشرائع) قال : بايع الحسن بن علي (صلوات اللّه عليه) معاوية على ألاّ يسمّيه أمير المؤمنين ، ولا يقيم عنده شهادة ، وعلى ألاّ يتعقّب على شيعة علي شيئاً ، وعلى أن يفرّق في أولاد مَنْ قُتل مع أبيه يوم الجمل وأولاد مَنْ قُتل مع أبيه بصفين ألف ألف درهم ، وعلى أن يجعل ذلك من خراج دار أبجرد

٤٣

لم يكن ذلك الصلح شيئاً سارّاً لخواص أصحاب الإمام علي الذي أمضّهم هذا فدخل أحدهم على الإمام الحسن (عليه السّلام) قائلاً : السلام عليك يا مذلّ المؤمنين

فقال الحسن : (( اجلس يرحمك اللّه ! إنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) رُفع له ملك بني أُميّة فنظر إليهم يعلون منبره واحداً واحداً فشقّ ذلك عليه ؛ فأنزل اللّه في ذلك قرآناً قال له : ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) ، وسمعت أبي علياً (رحمه اللّه) يقول : سيلي أمر هذه الأُمّة رجل واسع البلعوم ، كبير البطن ، فسألته : مَنْ هو ؟ فقال : معاوية ، وقال لي : إنّ القرآن قد نطق بملك بني أُميّة ومدّتهم ، قال تعالى : ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ )(سورة القدر / ٣) ، قال أبي : هذا ملك بني أُميّة ))(٢)

٤٤

الفصل الثاني

تحقّق

الرؤيا وقيام مُلْك أرباب السوء

١ ـ مسؤولية مَنْ أرادها أمويّة وكرهها إسلامية

قام مُلْك (بني فلان) الذين رأى النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّهم ينزون على منبره نزو القردة

ولا نعفي أحداً من المسؤولية ، لا الذين أضعفوا سلطان آل محمد على قلوب الناس وجعلوا منهم مستشارين عند الضرورة ، ولا الذين جعلوا الإمام علياً سادساً في ما أسموه بالشورى ، وقد قال (عليه السّلام) في ذلك : (( متى اعترض الريب فيّ مع الأوّل منهم حتى صرت أُقرن إلى هذه النظائر ؟! ))

ولا الذين مهّدوا لمعاوية سلطانه في الشام ، ولمّا رأوا ما هو فيه من الأُبّهة والسلطان قالوا : (لا نأمرك ولا ننهاك)

كان ابن آكلة الأكباد استثناءً ، ولا الذين حرصوا على سلب أهل البيت أموالهم التي أُعطيت لهم من قبل السماء ، فأخذوا فدكاً من الزهراء ، وحرموا آل محمد حقّهم في الخمس ، ولا الذين حرصوا على إعطاء بني أُميّة ما يتقوون به لإقامة دولتهم ، فأعطوا مروان بن الحكم وابن أبي سرح خمس غنائم أفريقيا ، ولا الذين أشعلوا نار الفتنة في موقعة الجمل الخ

كلّهم مسؤولون وشركاء في هذه الكارثة : ( وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ * مَا لَكُمْ لاَ َتَنَاصَرُونَ * بَلْ هُمْ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ )(سورة الصافات / ٢٤ ـ ٢٦) ، كلّهم أرادوها أمويّة وكرهوها إسلامية خالصة للّه

٤٥

٢ ـ خطبة الافتتاح وشريعة ملوك السوء

ولنسمع خطبة الافتتاح من ابن آكلة الأكباد : ما قاتلتكم لتصلّوا ، ولا لتصوموا ، ولا لتحجّوا ، ولا لتزكّوا ، إنّكم لتفعلون ذلك ، وإنّما قاتلتكم لأتأمّر عليكم وقد أعطاني اللّه ذلك وأنتم كارهون

كلّ شي‏ء أعطيته الحسن بن علي تحت قدمي هاتين ، لا أفي به(٣)

ولا بأس بأن نورد نماذج من تطبيق الشريعة الإسلامية على الطريقة الأُمويّة ، وهو ما يتمنّاه بعض المخدوعين في هذا الزمان :

أوّلاً : النهج الأُموي يُبيح شرب الخمور

روى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد اللّه بن بريدة قال : دخلت أنا وأبي على معاوية فأجلسنا على الفرش ، ثمّ أُتينا بالطعام فأكلنا ، ثمّ أُتينا بالشراب فشرب معاوية ، ثمّ ناول أبي ، ثمّ قال : ما شربته منذ حرّمه رسول اللّه(٤)

ثانياً : النهج الأُموي يُبيح الربا

أخرج مالك والنسائي وغيرهما من طريق عطاء بن يسار أنّ معاوية باع سقاية من ذهب ، أو ورق بأكثر من وزنها ، فقال له أبو الدرداء (رضى اللّه عنه) : سمعت رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) ينهى عن مثل هذا إلاّ مثلاً بمثل

٤٦

فقال له معاوية : ما أرى بمثل هذا بأساً(٥)

ثالثاً : استلحاق زياد

وصّى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) : (( أنّ الولد للفراش ، وللعاهر الحجر )) متّفق عليه

وقال (صلّى اللّه عليه وآله) : (( مَنْ ادّعى إلى غير أبيه ، وهو يعلم أنّه غير أبيه ، فالجنة عليه حرام ))

رواه البخاري ومسلم وأبو داود

أمّا ابن آكلة الأكباد فجاء بزياد ، وكان يُدعى زياد ابن أبيه ، وتارة زياد ابن أُمّه ، وتارة زياد بن سُميّة ، وأقام الشهادة أنّ أباه أبا سفيان قد وضعه في رحم سُميّة ، وكانت بغياً ، وسمّاه زياد بن أبي سفيان ؛ ليستخدمه في قمع المسلمين الشيعة وقتلهم

رابعاً : قتل الأحرار من أصحاب محمد (صلّى اللّه عليه وآله)

قال تعالى : (مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً )(سورة المائده / ٣٢)

روى الطبري في تاريخه : استعمل معاوية المغيرة بن شعبة على الكوفة وأوصاه : لا تتحمَ عن شتم علي وذمّه ، والترحّم على عثمان والاستغفار له ، والعيب على أصحاب علي والإقصاء لهم ، وترك الاستماع منهم ، وبإطراء شيعة عثمان (رضوان اللّه عليه) والإدناء لهم والاستماع منهم

٤٧

وأقام المغيرة على الكوفة عاملاً لمعاوية سبع سنين وأشهراً ، وهو من أحسن شي‏ء سيرة ، وأشدّه حبّاً للعافية غير أنّه لا يدع ذمّ علي والوقوع فيه ، والعيب لقتلة عثمان واللعن لهم ، والدعاء لعثمان بالرحمة والاستغفار له والتزكية لأصحابه ، فكان حجر بن عدي إذا سمع ذلك قال : بل إيّاكم فذمم اللّه ولعن

ثمّ قام فقال : إنّ اللّه (عزّ وجلّ) يقول : ( كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ )(سورة النساء / ١٣٥) ، وأنا أشهد أنّ مَنْ تذمّون وتعيّرون لاحق بالفضل ، وأنّ مَنْ تزكّون وتطرون أولى بالذم(٦)

واستمرت هذه الحال حتى ولي زياد الكوفة فقال مثلما كان يقول المغيرة ، وردّ عليه حجر (رضوان اللّه عليه) بمثل ما كان يردّ على المغيرة ، فأرسل زياد إلى أميره معاوية فأمر باعتقاله (وفقاً لقانون طوارئ بني أُميّة) ، وأُرسل إلى ابن آكلة الأكباد مشدوداً في الحديد فأمر بقتله

فقال حجر للذين يلون أمره : دعوني حتى أُصلّي ركعتين

فقالوا : صلِّ فصلّى ركعتين خفّف فيهما ، ثمّ قال : لولا أن تظنّوا بي غير الذي أنا عليه لأحببت أن تكونا أطول ممّا كانتا

ثمّ قال لمَنْ حضره من أهله : لا تطلقوا عنّي حديداً ، ولا تغسلوا عنّي دماً ؛ فإنّي أُلاقي معاوية غداً على الجادة ثمّ قُدّم فضُربت عنقه

لم يكن حجر بن عدى النموذج الوحيد الدالّ على ظلم هذه الدولة الجائرة التي يزعم جاهلو أمرها وحدهم أنّها كانت تحكم ، أو تحكم بشريعة الإسلام

٤٨

لقد كان بنو أُميّة يدأبون ليل نهار لإطفاء نور اللّه ، وفي الوقت نفسه كان خطّ الأئمّة (عليهم السّلام) قد تحوّل إلى مشروع تأسيس لإقامة دولة المهدي المنتظر وإن تأخّر ذلك قروناً وقروناً

أمّا بنو أُميّة فيجهدون لإحداث أكبر قدر من الدمار بالأُمّة الإسلامية وبرجالاتها وبقيمها

وفي الوقت نفسه كان خطّ آل بيت محمد حريصاً على إبقاء قيم الإسلام الرسالي الأصيل حيّة ومتوهجة ، والتأكيد على أنّ مرحلة التمهيد وتأسيس دولة الإمام المهدي ليست مرحلة هدنة سلبية ، وليست إيثاراً للإبقاء على حياة مجموعة من البشر ، وإنّما إبقاء للقيم وإمدادها بكلّ ما يبقيها متألّقة وحيّة حتى زمن الظهور

٣ ـ مواجهة التزييف ، وإحياء قيم الإسلام

لم تتوقّف المواجهة بين أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) وبين بني أُميّة خلال هذه المرحلة ، وإن ابتعدت عن المعارك العسكرية الكبرى ، فقد سال الكثير من الدماء في هذه المرحلة ، ومنها دماء حجر بن عدي وأصحابه ، وعمرو بن الحمق الخزاعى وغيرهم من خواص أصحاب الإمام علي (عليه السّلام)

وفي مواضع أُخرى كان الأئمّة (عليهم السّلام) يتصدّون لعمليات التزييف التي تمارسها الدعاية الأُمويّة ، ويدعون الناس إلى الحقّ وتغيير الباطل وعدم السكوت عليه

ولنأخذ بعض الأمثلة على ذلك من تاريخ الإمام الحسن (عليه السّلام) قبيل استشهاده ، ثمّ من تاريخ الإمام الحسين (عليه السّلام)

٤٩

يروى أبو الفرج قال : خطب معاوية بالكوفة حين دخلها والحسن والحسين (عليهما السّلام) جالسان تحت المنبر ، فذكر علياً (عليه السّلام) فنال منه ، ثمّ نال من الحسن

فقام الحسين ليردّ عليه ، فأخذه الحسن بيده فأجلسه ، ثمّ قام فقال : (( أيّها الذاكر عليّاً ، أنا الحسن ، وأبي علي ، وأنت معاوية وأبوك صخر ، وأُمّي فاطمة وأُمّك هند ، وجدّي رسول اللّه وجدّك عتبة بن ربيعة ، وجدّتي خديجة وجدّتك قتيلة ، فلعن اللّه أخملنا ذكراً ، وألأمنا حسباً وشرّنا قديماً وحديثاً ، وأقدمنا كفراً ونفاقاً ))

فقال طوائف من أهل المسجد : آمين(٧)

روى أبو الحسن المدائني قال : سأل معاوية الحسن بن علي بعد الصلح أن يخطب الناس فامتنع ، فناشده أن يفعل ، فوضع له كرسي فجلس عليه ، ثمّ قال : (( الحمد للّه الذي توحّد في ملكه ، وتفرّد في ربوبيته ، يؤتي الملك مَنْ يشاء ، وينزعه عمّن يشاء ، والحمد للّه الذي أكرم بنا مؤمنكم ، وأخرج من الشرك أوّلكم ، وحقن دماء آخركم ، فبلاؤنا عندكم قديماً وحديثاً أحسن البلاء ، إن شكرتم أو كفرتم

أيّها الناس ، إنّ ربّ علي كان أعلم بعلي حين قبضه إليه ، وقد اختصه بفضل لم تعتادوا مثله ، ولم تجدوا سابقته ، فهيهات هيهات ! طالما قلبتم له الأمور حتى أعلاه اللّه عليكم وهو صاحبكم ، وعدوّكم في بدر وأخواتها ، جرّعكم رنقاً ، وسقاكم علقاً ، وأذلّ رقابكم ، وأشرقكم بريقكم ، فلستم بملومين على بغضه ، وأيم اللّه لا ترى أُمّة محمد خفضاً ما كان سادتهم وقادتهم في بني أُميّة ، ولقد وجّه اللّه إليكم فتنة لن تصدروا عنها حتى تهلكوا ؛ لطاعتكم طواغيتكم ، وانضوائكم إلى شياطينكم ، فعند اللّه احتسب ما مضى وما يُنتظر من سوء دعتكم ، وحيف حكمكم ))(٨)

٥٠

يقول أبو الفرج : لمّا أراد معاوية البيعة لابنه يزيد فلم يكن عليه شي‏ء أثقل من أمر الحسن بن علي وسعد بن أبي وقّاص فدسّ إليهما سمّاً فماتا

استشهد الإمام الحسن (عليه السّلام) في ربيع الأوّل عام تسعة وأربعين ، وحمل الإمام الحسين (عليه السّلام) عب‏ء مواجهة الأمويين طوال هذه المرحلة حتى استشهاده(عليه السّلام) في واقعة كربلاء

وكما أسلفنا كانت هذه المرحلة مرحلة مواجهة (غير مسلحة) ، وهي كلمة غير دقيقة ، وإلاّ فبماذا نصف قتل حجر بن عدي وعمرو بن الحمق الخزاعي وأصحابهما ، ومئات غيرهم ممّن لم تشتهر أسماؤهم على يد شرطة معاوية وزياد وابن زياد وسمرة بن جندب وغيرهم

وإذا قلنا غير مسلحة فإنّنا نعني عدم حدوث معارك كبرى فقط

كانت هذه المرحلة التي امتدّت من عام تسع وأربعين حتى هلاك الطاغية مرحلة تسابق

إنّ الطاغية يحاول تكريس نهج الدولة الأُموية وتحويله إلى قدر أبدي (وهو ما نجح في بعضه) ، والإمام الحسين (عليه السّلام) يحاول إحياء موات هذه الأُمّة وردّهم إلى الدين الصحيح ، دين محمد وعلي

٤ ـ محاولة تحويل (النهج الأُموي) إلى قدر أبدي

نفّذ معاوية سياسة واضحة المعالم ، من أبرز معالمها :

٥١

ا ـ لعن آل البيت (عليهم السّلام) ، وخاصة إمام الأئمّة علي بن أبي طالب (عليه السّلام) على منابر الأُمّة ، صباح مساء

ب ـ العمل على رفع مكانة مناوئي أهل البيت ومنافسيهم باختلاق الروايات المنسوبة إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله)

ج ـ القضاء على خطوط الدفاع بقتل رجال الشيعة واغتيالهم ، مثل حجر وعمرو بن الحمق كما أسلفنا ، بل وحتى قتل أيّ معارض آخر له وزن وإن لم يكن من شيعة أهل البيت (عليهم السّلام) ، ومثال ذلك : سعد بن أبي وقّاص وعبد الرحمن بن خالد بن الوليد

د ـ استعمال سياسة الرشوة وإفساد الذمم لاستماله مَنْ تبقّى

وهذه السياسات نفسها هي التي بدا بها تمدّده السرطاني في جسد الأُمّة

٥ ـ امتداد المُلك يزيد ولّي عهد

أراد ابن آكلة الأكباد أن يمهّد الأمر ليزيد ابنه ؛ ليمتدّ المُلك في عقبه حتى قيام الساعة

ومَنْ يتتبّع أخبار الرواة في هذا الصدد يجد تبايناً ، فمن قائل يقول : إنّ هذا الأمر كان بمبادرة من المغيرة بن شعبة ليمدّ له معاوية في ولايته على الكوفة ، ومن قائل يقول : إنّ هذا كان بأمر من معاوية ، واتفاق مع الضحّاك بن قيس

وما أعتقده أنّ هذه أمور واحدة ؛ كلّ المنافقين يعلمون رغبة سيّدهم ، والكلّ يتبارى في اختيار الأُسلوب الملائم للتنفيذ ، ولا بأس بإيراد بعض النماذج التي توضّح طبيعة المُلك الأُموي وسياسته :

٥٢

أوفد المغيرة بن شعبة عشرة من شيعة بني أُميّة إلى معاوية ليطالبوا ببيعة يزيد ، وعليهم موسى بن المغيرة ، فقال معاوية : لا تعجلوا بإظهار هذا ، وكونوا على رأيكم

ثمّ قال لموسى : بكم اشترى أبوك هؤلاء من دينهم ؟

قال : بثلاثين ألفاً

قال : لقد هان عليهم دينهم

لمّا اجتمعت عند معاوية وفود الأمصار بدمشق بإحضار منه ، دعا الضحّاك بن قيس ، فقال له : إذا جلست على المنبر ، وفرغت من بعض موعظتي وكلامي فاستأذنّي للقيام ، فإذا أذنت لك فاحمد اللّه تعالى ، واذكر يزيد ، وقل فيه الذي يحقّ له عليك من حسن الثناء عليه ، ثمّ ادعني إلى توليته من بعدي ؛ فإنّي قد رأيت وأجمعت على توليته ، فأسأل اللّه في ذلك وفي غيره الخيرة وحسن القضاء

ثمّ دعا عدّة رجال فأمرهم أن يقوموا إذا فرغ الضحّاك ، وأن يصدّقوا قوله ، ويدعو إلى يزيد

ثمّ خطب معاوية فتكلّم القوم بعده على ما يروقه من الدعوة إلى يزيد ، فقال معاوية : أين الأحنف ؟ فأجابه ، قال : ألا تتكلّم ؟

٥٣

فقام الأحنف ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وقال بعد مقدّمة : إنّ أهل الحجاز وأهل العراق لا يرضون بهذا ، ولا يبايعون ليزيد ما كان الحسن حيّاً

فغضب الضحّاك وردّ غاضباً : ما للحسن وذوي الحسن في سلطان اللّه الذي استخلف به معاوية في أرضه ؟ هيهات ! ولا تورث الخلافة عن كلالة ولا يحجب غير الذكر العصبة ، فوطّنوا أنفسكم يا أهل العراق على المناصحة لإمامكم وكاتب نبيّكم وصهره ، يسلم لكم العاجل وتربحوا من الآجل

ثمّ قام الأحنف بن قيس فحمد اللّه وأثنى عليه فقال : قد علمت أنّك لم تفتح العراق عنوة ، ولم تظهر عليها قصعاً ، ولكنّك أعطيت الحسن بن علي من عهود اللّه ما قد علمت ليكون له الأمر بعدك(٩)

أمّا عبد الرحمن بن خالد بن الوليد ، وكان من خواص أصحاب معاوية فقد لقى حتفه مسموماً حيث حدّثته نفسه بالسلطة والإمارة بدلاً من يزيد

جاء في تاريخ الطبري : إنّ عبد الرحمن بن خالد بن الوليد كان قد عظم شأنه بالشام ، أو مال إليه أهلها لِما كان عندهم من آثار أبيه خالد بن الوليد ، ولغنائه عن المسلمين في أرض الروم وبأسه حتى خافه معاوية وخشي على نفسه منه ؛ لميل الناس إليه ، فأمر ابن آثال أن يحتال في قتله وضمن له إن هو فعل ذلك أن يضع عنه خراجه ما عاش ، وأن يولّيه جباية خراج حمص

فلمّا قدم عبد الرحمن بن خالد لحمص منصرفاً من بلاد الروم دسّ إليه ابن آثال شربة مسمومة مع بعض مماليكه فشربها فمات بحمص(١٠)

٥٤

ويحكي لنا التاريخ صورة أُخرى من مشاورات معاوية في خلافة يزيد ، ومن بينها كلمات ذلك الأحمق الذي قام فقال : هذا أمير المؤمنين ـ وأشار إلى معاوية ـ فإن هلك فهذا ـ وأشار إلى يزيد ـ ومَنْ أبى فهذا ـ وأشار إلى سيفه ـ قال معاوية : اجلس فأنت سيّد الخطباء(١١)

لم يكن عبد الرحمن بن خالد وحده هو الذي طمع في الخلافة بعد معاوية ، فهناك سعيد بن عثمان بن عفان الذي وجد له أنصاراً من أهل المدينة يقولون : واللّه لا ينالها يزيد حتى يعضّ هامة الحديد ، إنّ الأمير بعده سعيد ، ولكن كان أمره هيّناً ؛ حيث خرج من حلبة المنافسة راضياً بولاية خراسان(١٢)

من الواضح أنّ الصراع السياسي كان دائراً على أشدّه حول قضية خلافة معاوية ، وقد هدّدت هذه القضية الصف الأُموي بالتفكّك والانهيار ، وإنّ الخلافة اليزيدية لم تكن أمراً مستقراً حتى في داخل البيت الأُموي نفسه ؛ حتى إنّ معاوية اضطر لتأجيل إعلان هذا الأمر إلى ما بعد هلاك زياد ، وإنّ مروان بن الحكم والي معاوية على المدينة عارض هذا الأمر بشدّة ؛ ممّا اضطر معاوية إلى إعفائه من منصبه

ويمكننا أن نرجع هذه المعارضة الداخلية لعدّة أسباب منها :

أ ـ إنّ انتقال السلطة إلى يزيد من طريق ولاية العهد كان اقتباساً من النظام السياسي البيزنط‏ي الذي لم يعرفه العرب في سابق تاريخهم ، ولعلّ قرب موقع معاوية من دولة الروم كان مصدر معرفته بهذا النظام الملكي الإمبراطوري الذي صار هو النظام السياسي في الأُمّة الإسلامية في ما بعد

ب ـ إنّ هذا الأسلوب كان إهداراً لنظام الشورى الذي توهّم المسلمون أنّه القانون الأساسي للمسلمين

٥٥

والواقع أنّ الشورى لم تكن قد مورست بصورة جيّدة في الحقب السابقة ممّا يسمح باستقرار معالمها وأساليب ممارستها

فإن يأتي معاوية لينقل المداراة إلى ديكتاتورية صريحة كان هذا أمراً ثقيلاً على كثيرين ، وخاصّة على أولئك الذين توهّموا أنّهم أهل الحل والعقد ، ولم يكن معاوية ليبقى على نفوذهم ولا على وجودهم نفسه إذا تعارض ذلك مع رغباته السلطوية الجامحة

ج ـ صفات يزيد الشخصية وافتقاده الحدّ الأدنى من المقوّمات جعلت زياداً ـ وهو مَنْ هو في بغيه وعدوانه ونسبه ـ كارهاً لبيعته وإمارته قائلاً : ويزيد صاحب رسلة وتهاون مع ما قد أولع به من الصيد(١٣) ، وكتب إلى معاوية يأمره بالتؤدة(١٤) وألاّ يعجل

لم تستعصِ الأغلبية على معاوية ولا على أساليبه ؛ فهناك المتطوّعون السابقون إلى مرضاة الطواغيت ، مثل الضحّاك بن قيس ، والمغيرة بن شعبة ، وسمرة بن جندب ، ولا بأس هنا بأن نورد بعضاً من منجزات سمرة ، هذا (الصحابي) الذي استخلفه زياد على الكوفة ثمّ عاد إليه فوجده قد قتل ثمانية آلاف من الناس ، فقال له : هل تخاف أن تكون قد قتلت أحداً بريئاً ؟

قال : لو قتلت إليهم مثلهم ما خشيت

أو كما قال ، وعن أبي سوار العدوي قال : قتل سمرة من قومي في غداة سبعة وأربعين رجلاً كلّهم قد جمع القرآن(١٥)

ثمّ عزله معاوية فقال سمرة : لعن اللّه معاوية ؛ واللّه لو أطعت اللّه كما أطعت معاوية ما عذّبني أبداً(١٦)

٥٦

لقد أجاد معاوية سياسة (فرّق تسد) ، فلمّا أحسّ أنّ رجالات المدينة يمتنعون من بيعة يزيد راسلهم أوّلاً ، ثمّ ذهب إليهم بنفسه في عام خمسين للهجرة ، مستخدماً سياسة المخادعة ، عازفاً على أوتار النفوس ومكامن الأهواء ، عالماً أنّ الأُمّة التي أسلمت علياً والحسن لن تجتمع كلمتها خلف الحسين (عليه السّلام) ، ومن ثمّ فإنّ المطلوب هو كسب الوقت وتفتيت المعارضة ، وضرب الناس بعضهم ببعض ؛ حتى يصل المُلك إلى يزيد غنيمة باردة

٥٧

الفصل الثالث

الثورة الحسينية : النهوض بمهمّة حفظ الدين

كانت للحسين بن علي (عليه السّلام) وهو الإمام المنصوب من السماء خطّته ، وهي خطّة تهدف إلى انتصار الحقّ وإبقائه حيّاً متوهّجاً

كان الحسين (عليه السّلام) عالماً بأنّ شجرة الحق لكي تنبت أغصاناً تبقى مدى القرون ، ولكي تضرب جذورها في عمق الأرض فتقضى على جذور الشجرة الخبيثة ، لا بدّ لها من أن تُروّى بدماء الحسين وعترته الطاهرة ؛ كي يعلم الجميع إلى قيام الساعة أنّ أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) هم قادة السيف والعلم والزهد ، وأنّ دماءهم رخيصة في مرضاة اللّه ، والإمام الحسين (عليه السّلام) هو القاتل : ( إذا كان دين جدّي لا يستقيم إلاّ بقتلي فيا سيوف خذيني )

لم يكن بنو أُميّة يفهمون هذا ، ولا يملكون القدرة حتى على الاقتراب من فهمه ؛ الحياة عندهم متعة وخداع وقتل وسفك دماء ، وصولاً إلى أهداف حيوانية يتمّ تغليفها بعد هذا بشعارات دينية ، ولا مانع لديهم أن يصعد إلى المنبر مَنْ يحدّث الناس عن الدين والزهد ، ويفاخر بصحبته لرسول اللّه (صلّى اللّه عليه وآله) طالما أنّه ينهي الخطبة بلعن إمام الهدى علي بن أبي طالب ، فأيّ دين هذا ؟!

وقد أسلفنا في قصّة حجر بن عدي وأسباب مقتله ، وقد امتلأت كتب الروايات بهذه القصّة الفاجرة : (ما لكَ ألاّ تسبّ أبا تراب؟) ، ولمّا أُبطل السبّ يوماً قال قائلهم : (لا صلاة إلاّ بلعن أبي تراب)

٥٨

لم يكن هناك نفوذ غربي ولا شرقي آنئذٍ ، ولا كانت القارة الأمريكية قد اكتُشفت يومها حتى تبرّر لنا هذه الحالة المزرية بالقول بأنّ معاوية كان عميلاً أمريكياً ، أو أنّ هذا مخطّط صهيوني

إنّهم يقولون عنه : إنّه كاتب الوحي ، وخال المؤمنين ، ومؤسس الدولة الإسلامية يقولون أيّ شي‏ء إلاّ الحقيقة التي قلنا طرفاً منها هنا ، وسنقولها يوماً ما إن شاء اللّه بمزيد من التفصيل

١ـ نهج الثورة الحسينية ‏والقول الفصل

الآن وفي هذه اللحظات ، وعلى وجه التحديد ، ومنذ استشهاد الإمام الحسن (عليه السّلام) ، ومحاولة أخذ البيعة ليزيد ، بدأت الثورة الحسينية واستمرت حتى كان عرس الدم في كربلاء عام واحد وستين

أيضاً لا بدّ أن نؤكّد على حقيقة أنّ أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) لم تكن ميزتهم الوحيدة أنّهم أقدر من غيرهم على فهم حقائق الإسلام والنطق بها ، وإنّما كانوا هم الأقدر من غيرهم على تجسيد هذه المفاهيم وتحويلها إلى واقع وإلى تطبيق ونموذج في وقت كثر فيه المتكلّمون وقلّ فيه الفاعلون

ولنتأمّل هذه الرواية التي أوردها أصحاب الصحاح ، وننقلها عن النسائي في كتابه (خصائص الإمام علي) : (( إنّ منكم مَنْ يُقاتل على تأويل القرآن كما قاتلت أنا على تنزيله ))

قالوا : مَنْ يا رسول اللّه ؟

قال : (( هذا ـ وأشار إلى علي عليه السّلام ـ ))

نعم ، لقد نزل القرآن على رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) ، وبلّغه للأُمّة كاملاً غير منقوص ، مشفوعاً بسنته (صلّى الله عليه وآله) ، وبقي باب التطبيق مفتوحاً بتطوّر الحوادث والأيام من خلال إقامة المجتمع المسلم ومعايشته لكثير من المستجدّات

٥٩

فقط أئمّة أهل البيت (عليهم السّلام) كانوا وحدهم قادرين على الفعل الصحيح في كلّ موقف ، لا في موقف دون موقف ، كما قال عنهم رسولنا الأكرم (صلّى الله عليه وآله) ورواه أصحاب الصحاح : (( إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به بعدي لن تضلّوا أبداً ؛ كتاب اللّه وعترتي أهل بيتي ))

إنّهم حملة النصّ الصحيح والتطبيق الصحيح ، وما أحوجنا إليهم وإلى نهجهم (سلام اللّه عليهم)

وما أحوج الأُمّة وسط هذا الظلام الأُموي ، وهذه الفتنة العمياء إلى موقف حسيني يبدّد الظلمات موقف حسيني لا يتحدّث عن الحقّ وإنّما يفعله ، ولا يفعله فعلاً يراه بعض الناس ويغفل عنه بعضهم الآخر ، وإنّما يفعله فعلاً يبقى مسطوراً ومحفوراً في عمق الأرض وفي عمق الوجدان البشري

ما أحوج الأُمّة الإسلامية والبشرية كلّها إلى هذا النور المتوهّج لتبقى شمس الحسين تهدي الحائرين ، وتدلّ السائلين على الحدود الفاصلة بين الحقّ والباطل ، بين مرضاة اللّه وسخطه

هكذا كانت ثورة الحسين (عليه السّلام)

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وكذا في الجمعة سواء الجامع والمنفرد ، والمسافر والحاضر ؛ لأن الباقرعليه‌السلام قال : « إن الله أكرم بالجمعة المؤمنين فسنّها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بشارة لهم ، والمنافقين توبيخاً للمنافقين فلا ينبغي تركهما ، ومن تركهما متعمداً فلا صلاة له »(١) .

وليستا واجبتين في الجمعة أيضاً ، خلافاً لبعض علمائنا(٢) ، والمراد نفي الكمال ؛ لقول الكاظمعليه‌السلام في الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمداً ، فقال : « لا بأس »(٣) .

ويستحب أن يقرأ في غداة يوم الجمعة ، الجمعة والتوحيد ، وروي المنافقين(٤) ، وفي مغرب ليلة الجمعة وعشائها بالجمعة والأعلى ، وفي رواية عن الصادقعليه‌السلام قراءة الجمعة ، والتوحيد في المغرب ، وفي العشاء بالجمعة وسبح اسم(٥) .

ويستحب لمن قرأ غير الجمعة والمنافقين في الجمعة ، والظهرين الرجوع إليهما إن كان ناسياً ولم يتجاوز النصف ، فإن تجاوز فليتمها ركعتين نافلة ، ويصلّي الفريضة بهما.

وقال المرتضى : إذا دخل الإِمام في صلاة الجمعة وجب أن يقرأ في الاُولى بالجمعة ، وفي الثانية بالمنافقين يجهر بهما لا يجزئه غيرهما(٦) ، لقول الصادقعليه‌السلام : « من صلّى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٤٢٥ / ٤ ، التهذيب ٣ : ٦ / ١٦ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٣.

(٢) هو أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٥٢ - ١٥٣.

(٣) التهذيب ٣ : ٧ / ١٩ و ٢٠ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٦.

(٤) التهذيب ٣ : ٧ / ١٨ ، الاستبصار ١ : ٤١٤ / ١٥٨٥.

(٥) التهذيب ٣ : ٥ / ١٣.

(٦) جمل العلم والعمل « ضمن رسائل الشريف المرتضى » ٣ : ٤٢.

١٦١

الصلاة »(١) والمراد الاستحباب ؛ لقول الرضاعليه‌السلام وقد سأله علي بن يقطين عن الجمعة ما أقرأ فيهما؟ قال : « إقرأهما بقل هو الله أحد »(٢) .

مسألة ٢٤٣ : يستحب أن يقرأ في غداة الاثنين والخميس هل أتى ، وأن يقرأ الجحد في سبعة مواضع : في أول ركعة من ركعتي الزوال ، وأول ركعة من نوافل المغرب ، وأول ركعة من صلاة الليل ، وأول ركعة من ركعتي الإِحرام ، وركعتي الفجر والغداة إذا أصبح بها ، وركعتي الطواف ، لقول الصادقعليه‌السلام : « لا تدع أن تقرأ قل هو الله أحد ، وقل يا أيها الكافرون في سبعة مواطن : في الركعتين قبل الفجر ، وركعتي الزوال ، وركعتين بعد المغرب ، وركعتين في أول صلاة الليل ، وركعتي الإحرام والفجر إذا أصبحت بهما ، وركعتي الطواف »(٣) .

قال الشيخ : وفي رواية اُخرى أنه : « يقرأ في هذا كلّه بقل هو الله أحد ، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون »(٤) .

ويستحب أن يقرأ في الركعتين الاُوليين من صلاة الليل ثلاثين مرّة قل هو الله أحد في كل ركعة ، وفي باقي صلاة الليل بالسور الطوال كالأنعام والكهف مع السعة فإن تضيق الوقت خفف القراءة.

مسألة ٢٤٤ : لو أراد المصلي التقدم خطوة ، أو خطوتين ، أو التأخر كذلك سكت عن القراءة‌ حالة التخطي لأنها ليست حالة القيام بل حالة المشي ، وهل ذلك على سبيل الوجوب؟ يحتمل ذلك إن سلبنا القيام عنه وإلّا مستحباً.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٤٢٦ / ٧ ، التهذيب ٣ : ٧ / ٢١ ، الاستبصار ١ : ٤١٥ / ١٥٨٨.

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٨ / ١٢٢٤ ، التهذيب ٣ : ٨ / ٢٣ ، الاستبصار ١ : ٤١٥ / ١٥٩٠.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٦ / ٢٢ ، الفقيه ١ : ٣١٤ / ١٤٢٧ ، التهذيب ٢ : ٧٤ / ٢٧٣.

(٤) التهذيب ٢ : ٧٤ / ٢٧٤.

١٦٢

مسألة ٢٤٥ : يحرم قول آمين آخر الحمد عند الإِمامية ، وتبطل الصلاة بقولها‌ سواء كان منفرداً ، أو إماماً ، أو مأموماً ، لقولهعليه‌السلام : ( إنّ هذه الصلاة لا يصلح فيها شي‌ء من كلام الآدميين )(١) والتأمين من كلامهم.

وقالعليه‌السلام : ( إنما هي التسبيح ، والتكبير ، وقراءة القرآن )(٢) و « إنما » للحصر.

ولأن جماعة من الصحابة نقلوا صفة صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله منهم أبو حميد الساعدي قال : أنا أعلمكم بصلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قالوا : أعرض علينا ، ثم وصف الى أن قال : ثم يقرأ ثم يكبر(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام لجميل في الصحيح : « إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قراءتها فقل أنت : الحمد لله رب العالمين ، ولا تقل آمين »(٤) وسأل الحلبي الصادقعليه‌السلام أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب : آمين؟ قال : « لا »(٥) .

ولأن معناه اللّهم استجب ، ولو نطق به أبطل صلاته ، فكذا ما قام مقامه ، ولأنّه يستدعي سبق دعاء ولا يتحقق إلّا مع قصده فعلى تقدير عدمه يخرج التأمين عن حقيقته فيلغو ، ولأنّ التأمين لا يجوز إلّا مع قصد الدعاء وليس ذلك شرطاً إجماعاً أمّا عندنا فللمنع مطلقاً ، وأمّا عند الجمهور‌

____________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ / ٣٨٢ / ٥٣٧ ، سنن النسائي ٣ : ١٧ ، مسند أحمد ٥ : ٤٤٧ و ٤٤٨ ، سنن أبي داود ١ : ٢٤٤ / ٩٣٠.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ / ٣٨٢ / ٥٣٧ ، سنن النسائي ٣ : ١٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢٤٤ / ٩٣٠ ، مسند أحمد ٥ : ٤٤٧ و ٤٤٨.

(٣) سنن ابي داود ١ : ١٩٤ / ٧٣٠ ، سنن البيهقي ٢ : ٧٢.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٣ / ٥ ، التهذيب ٢ : ٧٤ / ٢٧٥ ، الاستبصار ١ : ٣١٨ / ١١٨٥.

(٥) التهذيب ٢ : ٧٤ / ٢٧٦ ، الاستبصار ١ : ٣١٨ / ١١٨٦.

١٦٣

فللاستحباب مطلقاً.

وأطبق الجمهور على الاستحباب(١) لقول أبي هريرة : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إذا قال الإِمام : غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقولوا آمين )(٢) ونمنع صحة الرواية فإنّ عمر شهد عليه بأنه عدوّ الله وعدوّ المسلمين ، وحكم عليه بالخيانة ، وأوجب عليه عشرة آلاف دينار ألزمه بها بعد ولايته البحرين(٣) ، ومثل هذا لا يسكن الى روايته ، ولأن ذلك من القضايا الشهيرة التي يعمّ بها البلوى فيستحيل انفراد أبي هريرة بنقلها.

فروع :

أ - قال الشيخ : آمين تبطل الصلاة‌ سواء وقعت بعد الحمد ، أو بعد السورة ، أو في أثنائهما(٤) . وهو جيد ؛ للنهي عن قولها مطلقاً.

ب - لو كانت حال تقية جاز له أن يقولها‌ ، ولهذا عدل الصادقعليه‌السلام عن الجواب وقد سأله معاوية بن وهب أقول : آمين إذا قال الإِمام : غير المغضوب عليهم ولا الضالين؟ قال : « هم اليهود ، والنصارى »(٥) ولم يجب فيه بشي‌ء كراهة لهذه اللفظة ، ولم يمكنهعليه‌السلام التصريح بها ، وعليه يحمل قولهعليه‌السلام وقد سأله جميل عنها : « ما أحسنها ، وأخفض الصوت بها »(٦) .

____________________

(١) المجموع ٣ : ٣٧١ و ٣٧٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٩ ، السراج الوهاج : ٤٤ ، كفاية الاخيار ١ : ٧٢ ، المغني ١ : ٥٦٤ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٣٢ ، المحرر في الفقه ١ : ٥٤ ، اللباب ١ : ٦٩.

(٢) سنن الدارمي ١ : ٢٨٤ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٢٩ / ١٢.

(٣) طبقات ابن سعد ٤ : ٣٣٥ ، الفائق للزمخشري ١ : ١٠٢.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٦ ، الخلاف ١ : ٣٣٢ مسألة ٨٤ وفيهما : سواء كان في خلال الحمد أو بعده.

(٥) التهذيب ٢ : ٧٥ / ٢٧٨ ، الاستبصار ١ : ٣١٩ / ١١٨٨.

(٦) التهذيب ٢ : ٧٥ / ٢٧٧ ، الاستبصار ١ : ٣١٨ / ١١٨٧.

١٦٤

ج - اختلف الجمهور فقال الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود : يجهر الإِمام بها‌ ، لأنه تابع للفاتحة(١) . وقال أبو حنيفة ، والثوري : لا يجهر بها ؛ لأنه دعاء مشروع في الصلاة فاستحب إخفاؤه كالدعاء في التشهد(٢) .

وعن مالك روايتان : هذا إحداهما ، والثانية : لا يقولها الإِمام(٣) ، لأنهعليه‌السلام قال : ( إذا قال الإِمام : ولا الضالين فقولوا : آمين )(٤) فدل على أن الإِمام لا يقولها.

أما المأموم فللشافعي قولان : الجديد : الإِخفاء - وبه قال الثوري ، وأبو حنيفة(٥) - والقديم : الجهر. وبه قال أحمد ، وأبو ثور ، وإسحاق ، وعطاء من التابعين(٦) .

وإذا أسرَّ بالقراءة أسرَّ به اتفاقاً منهم ، واستحبت الشافعية التأمين عقيب قراءة الحمد مطلقاً للمصلّي وغيره(١) . وفيه لغتان : المدّ مع التخفيف ، والقصر ، ولو شدّد عمداً بطلت صلاته إجماعاً.

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤١٠ ، حلية العلماء ٢ : ٩٨ - ٩٠.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ٣٢ ، اللباب ١ : ٦٩ ، عمدة القارئ ٦ : ٥٠ ، الميزان ١ : ١٤٣ ، رحمة الامة ١ : ٤٤ ، المحلى ٣ : ٢٦٤ ، حلية العلماء ٢ : ٩٠.

(٣) شرح الزرقاني على موطّإ مالك ١ : ١٧٩ - ١٨٠ ، حلية العلماء ٢ : ٩٠ ، عمدة القارئ ٦ : ٥٠ و ٥٢.

(٤) صحيح البخاري ١ : ١٩٨ و ٦ : ٢١ ، سنن ابي داود ١ : ٢٤٦ / ٩٣٥ ، سنن النسائي ٢ : ٩٧ ، صحيح مسلم ١ : ٣١٠ / ٤١٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٧٦ / ٨٤٦ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٤ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٢٩ / ١٢.

(٥) الاُم ١ : ١٠٩ ، فتح العزيز ٣ : ٣٤٨ ، الميزان ١ : ١٤٣ ، رحمة الاُمة ١ : ٤٤ ، حلية العلماء ٢ : ٩٠ ، اللباب ١ : ٦٩ ، عمدة القارئ ٦ : ٥٠.

(٦) المجموع ٣ : ٣٧١ ، فتح العزيز ٣ : ٣٤٨ ، الميزان ١ : ١٤٣ ، رحمة الاُمة ١ : ٤٤ ، السراج الوهاج : ٤٤ ، المغني ١ : ٥٦٥ ، الشرح الكبير ١ : ٥٦٥ ، عمدة القارئ ٦ : ٥٠.

١٦٥

البحث الخامس : الركوع‌

مسألة ٢٤٦ : الركوع واجب في الصلاة في كلّ ركعة مرّة‌ بإجماع علماء الإِسلام إلّا في الكسوف ، والآيات على ما يأتي(١) . قال الله تعالى :( وَارْكَعُوا ) (٢) . وعلّمه الأعرابي لمـّا علّمه الصلاة(٣) . وهو ركن في الصلاة إجماعاً لو أخلّ به سهواً مع القدرة عليه ، أو عمداً بطلت صلاته ؛ لأنه لم يأت بالمأمور به على وجهه فيبقى في عهدة التكليف.

ولقول الصادقعليه‌السلام في الرجل ينسى الركوع حتى يسجد ويقوم ، قال : « يستقبل »(٤) ، وسئل الكاظمعليه‌السلام عن الرجل ينسى أن يركع قال : « يستقبل حتى يضع كل شي‌ء من ذلك موضعه »(٥) ، ولم يجعله الشيخ ركناً في أواخر الرباعيات في بعض أقواله(٦) ، وسيأتي تحقيقه إن شاء الله.

مسألة ٢٤٧ : ويجب فيه الانحناء إلى أن تبلغ راحتاه إلى ركبتيه‌ إجماعاً إلّا من أبي حنيفة فإنه اكتفى بأصل الانحناء ، لأنه لا يخرج عن حد القيام إلّا

____________________

(١) فتح العزيز ٣ : ٣٤٧ ، السراج الوهاج : ٤٤ ، فتح الوهاب ١ : ٤١.

(٢) الحج : ٧٧.

(٣) المشهور انه حديث المسي‌ء في صلاته انظر : صحيح البخاري ١ : ١٩٢ - ١٩٣ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٨ / ٣٩٧ ، سنن ابي داود ١ : ٢٢٦ / ٨٥٦ ، سنن النسائي ٢ : ١٢٤ سنن الترمذي ٢ : ١٠٣ - ١٠٤ / ٣٠٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧٢.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٨ / ٢ ، التهذيب ٢ : ١٤٨ / ٥٨١ و ٥٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٥ / ١٣٤٤ و ١٣٤٥.

(٥) التهذيب ٢ : ١٤٩ / ٥٨٣ ، الاستبصار ١ : ٣٥٦ / ١٣٤٧.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ١٠٩.

١٦٦

بذلك(١) ، ولقولهعليه‌السلام : ( إذا ركعت فضع كفّيك على ركبتيك )(٢) وهو يستلزم الانحناء المذكور.

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « وتمكّن راحتيك من ركبتيك »(٣) وسنبين أن الوضع غير واجب فتعين الانحناء بقدره.

والعاجز يأتي بالممكن لأنّ الزيادة تكليف بما لا يطاق ، ولو تعذر أومأ لأنه القدر الممكن فيقتصر عليه ، ولأنّ ابراهيم الكرخي سأل الصادقعليه‌السلام عن رجل شيخ لا يستطيع القيام إلى الخلاء ولا يمكنه الركوع والسجود فقال : « ليؤم برأسه إيماء ، وإن كان له من يرفع الخمرة إليه فليسجد ، فإن لم يمكنه ذلك فليوم برأسه نحو القبلة »(٤) .

والراكع خلقة يزيد يسير انحناءٍ ليفرق بين القيام والركوع وإن لم يفعل لم يلزمه لأنه حدّ الركوع فلا يلزمه الزيادة عليه.

ولو انخنس(٥) وأخرج ركبتيه وصار بحيث لو مدّ يديه نالتا ركبتيه لم يكن ركوعاً ، لأنّ هذا التمكن لم يحصل بالانحناء ، وطويل اليدين ينحني كالمستوي ، وكذا قصيرهما.

مسألة ٢٤٨ : ويجب فيه بعد الانحناء الطمأنينة‌ ومعناها السكون بحيث تستقرّ أعضاؤه في هيئة الركوع وينفصل هويه عن ارتفاعه منه عند علمائنا‌

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤١٠ ، حلية العلماء ٢ : ٩٧ ، بدائع الصنائع ١ : ١٦٢.

(٢) سنن ابي داود ١ : ٢٢٧ / ٨٥٩.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٩ / ٣٢٠ / ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ - ٧٨ / ٢٨٩ و ٨٣ / ٣٠٨.

(٤) الفقيه ١ : ٢٣٨ / ١٠٥٢ ، التهذيب ٣ : ٣٠٧ / ٩٥١.

(٥) الخنس : الانقباض. لسان العرب ٦ : ٧٢.

١٦٧

أجمع - وبه قال الشافعي ، وأحمد(١) - لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال للمسي‌ء في صلاته : ( ثم اركع حتى تطمئن راكعاً )(٢) ومن طريق الخاصة رواية حماد - الطويلة - قال : « ثم ركع وملأ كفيه من ركبتيه مفرجات »(٣) ولأنه فعل مفروض في الصلاة فوجبت فيه الطمأنينة كالقيام.

وقال أبو حنيفة : لا تجب الطمأنينة(٤) لقوله تعالى( وَارْكَعُوا ) (٥) وقد حصل مع عدمها فيخرج عن العهدة. والآية بيّنها النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بفعله.

فروع :

أ - الطمأنينة ليست ركناً لأنّا سنبيّن أن الصلاة لا تبطل بالإِخلال بها سهواً وإن بطلت عمداً.

وقال الشيخ في الخلاف : إنّها ركن. وبه قال الشافعي(٦) .

ب - حدّ زمانها قدر الذكر الواجب‌ لوجوب الذكر فيه على ما يأتي فلا بدَّ من السكون بقدر أداء الواجب.

ج - لو زاد في الهويّ ثم ارتفع والحركات متواصلة لم تقم زيادة الهويّ مقام الطمأنينة.

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤١٠ ، مختصر المزني : ١٧ ، الوجيز ١ : ٤٣ ، كفاية الاخيار ١ : ٦٧ ، السراج الوهاج : ٤٥ ، المغني ١ : ٥٧٧.

(٢) صحيح البخاري ١ : ١٩٣ و ٢٠١ ، سنن النسائي ٢ : ١٢٤.

(٣) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

(٤) بدائع الصنائع ١ : ١٦٢ ، المجموع ٣ : ٤١٠ ، المغني ١ : ٥٧٧.

(٥) البقرة : ٤٣.

(٦) الخلاف ١ : ٣٤٨ ، المسألة ٩٨ ، وراجع المجموع ٣ : ٤١٠ ، وحلية العلماء ٢ : ٩٧ ، والمغني ١ : ٥٧٧.

١٦٨

د - يجب أن لا يقصد بهويّه غير الركوعٍ‌ فلو قرأ آية سجدة فهوى ليسجد ثم لمـّا بلغ حدّ الراكعين أراد أن يجعله ركوعاً لم يجز بل يعود إلى القيام ثم يركع لأن الركوع الانحناء ولم يقصده.

ه- لو عجز عن الركوع إلّا بما يعتمد عليه وجب ، ولو عجز وتمكن من الانحناء على أحد جانبيه وجب ، ولو عجز عن الطمأنينة سقطت ، وكذا الرفع.

و - لو لم يضع راحتيه فشك بعد القيام هل بلغ بالركوع قدر الإِجزاء احتمل العود‌ عملاً بالأصل - وبه قال الشافعي(١) - وعدمه لأنه شك بعد انتقاله.

مسألة ٢٤٩ : ويجب فيه الذكر‌ عند علمائنا أجمع ، وبه قال أحمد ، وإسحاق ، وداود إلّا أنه قال : إذا تركه عمداً لم تبطل صلاته(٢) لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله لما نزل( فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ) (٣) قال : ( ضعوها في ركوعكم )(٤) والأمر للوجوب.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله هشام بن سالم عن التسبيح في الركوع والسجود فقال : « تقول في الركوع : سبحان ربي العظيم ، وفي السجود : سبحان ربي الأعلى. الفريضة من ذلك تسبيحة ،

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤١٠.

(٢) المغني ١ : ٥٧٩ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٨ ، المجموع ٣ : ٤١٤ ، الميزان ١ : ١٤٨ ، رحمة الامة ١ : ٤٥ ، سبل السلام ١ : ٣٠٠ ، نيل الاوطار ٢ : ٢٧١ ، المحلى ٣ : ٢٥٥ ، حلية العلماء ٢ : ٩٧.

(٣) الواقعة : ٧٤.

(٤) الفقيه ١ : ٢٠٧ / ٩٣٢ ، التهذيب ٢ : ٣١٣ / ١٢٧٣ ، علل الشرائع : ٣٣٣ باب ٣٠ حديث ٦ وانظر مسند أحمد ٤ : ١٥٥ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٢٥ و ٢ : ٤٧٧ ، سنن البيهقي ٢ : ٨٦ ، مسند الطيالسي : ١٣٥ / ١٠٠٠.

١٦٩

والسنّة ثلاث ، والفضل في سبع »(١) ، ولأنّه هيئة في كونٍ فيجب فيه الذكر كالقيام.

وقال الشافعي ، وأبو حنيفة ، ومالك : بعدم الوجوب(٢) لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يعلمه الأعرابي(٣) . وهو ممنوع لقولهعليه‌السلام : ( إذا ركع أحدكم وقال : سبحان ربي العظيم وبحمده ؛ فقد تم ركوعه ، وذلك أدناه )(٤) وهو يدل على عدم تمام الركوع لو لم يذكر.

فروع :

أ - الأقوى أنّ مطلق الذكر واجب ، ولا يتعين التسبيح ؛ لأنّ هشام بن الحكم ، وهشام بن سالم سألا الصادقعليه‌السلام يجزي أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود : لا إله إلّا الله والله أكبر؟ فقال : « نعم كلّ هذا ذكر »(٥) علل بالذكر.

وقال بعض علمائنا : يتعين التسبيح ، وهو سبحان ربي العظيم وبحمده ، ثلاثاً(٦) . وبعضهم مرّة ، أو ثلاث مرات سبحان الله(٧) - وأحمد‌

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٧٦ / ٢٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٣ / ١٢٠٤.

(٢) المجموع ٣ : ٤١٤ ، الوجيز ١ : ٤٣ ، السراج الوهاج : ٤٥ ، كفاية الاخيار ١ : ٧٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢١ - ٢٢.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٩٢ - ١٩٣ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٨ / ٣٩٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢٢٦ / ٨٥٦ ، سنن الترمذي ٢ : ١٠٣ - ١٠٤ / ٣٠٣ ، سنن النسائي ٢ : ١٢٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧١ - ٣٧٢.

(٤) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٥٠ - ٢٥١.

(٥) الكافي ٣ : ٣٢٩ - ٥ و ٣٢١ - ٨ ، التهذيب ٢ : ٣٠٢ - ١٢١٧ و ١٢١٨.

(٦) أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١١٨.

(٧) كالشيخ الطوسي في النهاية : ٨١ والمحقق في المعتبر : ١٨٠.

١٧٠

أوجب التسبيح أيضاً(١) - لما تقدم في حديث الصادقعليه‌السلام : « يقول في الركوع : سبحان ربي العظيم »(٢) .

وسأل معاوية بن عمار الصادقعليه‌السلام أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة ، قال : « ثلاث تسبيحات مترسلاً ، يقول : سبحان الله ، سبحان الله ، سبحان الله »(٣) ولا حجة فيهما ؛ لأن السؤال وقع أولاً عن التسبيح ، وثانياً عن أخفه.

ب - إذا قال : سبحان ربي العظيم ، أو سبحان ربّي الأعلى استحب أن يقول : وبحمده‌ - وبه قال الشافعي(٤) - لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يقول في ركوعه : ( سبحان ربي العظيم وبحمده ) ثلاثاً(٥) ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « تقول : سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثاً »(٦) وقال ابن المنذر : قيل لأحمد : تقول : سبحان ربي العظيم وبحمده؟ قال : أمّا أنا فلا أقول : وبحمده(٧) .

ج - يجب أن يأتي بالذكر حال الطمأنينة‌ ، فلو شرع فيه قبل انتهائه في الهويّ الواجب ، أو شرع في الرفع قبل إكماله بطلت صلاته.

د - يستحب أن يقول(٨) ثلاث مرات : سبحان ربي العظيم وبحمده‌

____________________

(١) المغني ١ : ٥٧٨ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٨ ، الانصاف ٢ : ٦٠ ، المجموع ٣ : ٤١٤.

(٢) التهذيب ٢ : ٧٦ / ٢٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٣ / ١٢٠٤.

(٣) التهذيب ٢ : ٧٧ / ٢٨٨ ، الاستبصار ١ : ٣٢٤ / ١٢١٢.

(٤) المجموع ٣ : ٤١٢ ، فتح العزيز ٣ : ٣٩٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٧٣.

(٥) مصنّف ابن أبي شيبة ١ : ٢٤٨ ، سنن أبي داود ١ : ٢٣٠ / ٨٧٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٤١ / ١.

(٦) الكافي ٣ : ٣٢٩ / ١ ، التهذيب ٢ : ٨٠ / ٣٠٠ ، الاستبصار ١ : ٣٢٤ / ١٢١٣.

(٧) المغني ١ : ٥٧٩ ، الشرح الكبير ١ : ٥٨١.

(٨) في نسخة ش : يقرأ.

١٧١

إجماعاً ؛ لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا ركع قال : سبحان ربي العظيم ثلاث مرات(١) ، وأفضل منه خمساً والأكمل سبعاً ، وإن زاد فهو أفضل. قال أبان بن تغلب : دخلت على الصادقعليه‌السلام وهو يصلّي فعددت له في الركوع والسجود ستين تسبيحة(٢) .

وحكى الطحاوي عن الثوري أنه كان يقول : ينبغي للإِمام أن يقول : سبحان ربي العظيم ، خمساً حتى يدرك الذي خلفه ثلاثا(٣) ، وأنكره الشافعي(٤) لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قاله ثلاثاً(٥) ، ولأن المأموم يركع مع الإِمام فما أمكن الإمام أمكن المأموم.

ه- ينبغي للإِمام التخفيف ، قال سماعة : سألته عن الركوع والسجود هل نزل في القرآن؟ قال : « نعم » قول الله عزّ وجلّ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا ) (٦) فقلت : كيف حدّ الركوع والسجود؟ فقال : « أمّا ما يجزيك من الركوع فثلاث تسبيحات تقول : سبحان الله ، سبحان الله ثلاثاً »(٧) .

ومن كان يقوى على أن يطول الركوع والسجود فليطول ما استطاع يكون‌

____________________

(١) مصنّف ابن أبي شيبة ١ : ٢٤٨ ، سنن أبي داود ١ : ٢٣٠ / ٨٧٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٤١ / ١.

(٢) الكافي ٣ : ٣٢٩ / ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٩٩ / ١٢٠٥.

(٣) الميزان ١ : ١٤٩ ، رحمة الامة ١ : ٤٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٢ ، بداية المجتهد ١ : ١٢٩ ، حلية العلماء ٢ : ٩٨.

(٤) المجموع ٣ : ٤١٢ ، فتح العزيز ٣ : ٣٩٧.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٤٨ ، سنن أبي داود ١ : ٢٣٠ / ٨٧٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٤١ / ١.

(٦) الحج : ٧٧.

(٧) التهذيب ٢ : ٧٧ / ٢٨٧ ، الاستبصار ١ : ٣٢٤ / ١٢١١.

١٧٢

ذلك في تسبيح الله ، وتحميده ، والتمجيد ، والدعاء ، والتضرع فإن أقرب ما يكون العبد إلى ربّه وهو ساجد(١) .

فأما الإِمام فإنه إذا قام بالناس فلا ينبغي أن يطوّل بهم فإن في الناس الضعيف ومن له الحاجة ، فإن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ( كان إذا صلّى بالناس )(٢) خف بهم(٣) .

مسألة ٢٥٠ : ويجب بعد انتهاء الذكر الرفع من الركوع والاعتدال ، والطمأنينة قائماً حتى يرجع كل عضو إلى موضعه عند علمائنا أجمع ، وبه قال الشافعي ، وأحمد(٤) لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله للمسي‌ء في صلاته : ( ثم ارفع حتى تعتدل قائماً )(٥) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إذا رفعت رأسك من الركوع فأقم صلبك فإنّه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه »(٦) ولأنّه ركن هو خفض فالرفع منه فرض كالسجود.

وقال أبو حنيفة : لا يجب الرفع ، ولا الاعتدال ، ولا الطمأنينة بل ينحط من ركوعه ساجداً(٧) .

____________________

(١) اشارة الى الحديث المروي في الكافي ٣ : ٣٢٣ و ٣٢٤ / ٧ و ١١ وصحيح مسلم ١ : ٣٥٠ / ٤٨٢ وسنن ابي داود ١ : ٢٣١ / ٨٧٥ وسنن النسائي ٢ : ٢٢٦ وسنن البيهقي ٢ : ١١٠.

(٢) ما بين القوسين لم يرد في نسخة ( م ).

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٨١ ، صحيح مسلم ١ : ٣٤٢ / ٤٦٩.

(٤) المجموع ٣ : ٤١٦ - ٤١٧ و ٤١٩ ، فتح العزيز ٣ : ٣٩٩ ، الوجيز ١ : ٤٣ ، السراج الوهاج : ٤٥ ، كفاية الاخيار ١ : ٦٧ ، المغني ١ : ٥٨٢ و ٥٨٣ ، الشرح الكبير ١ : ٥٨٢ و ٥٨٣ ، بداية المجتهد ١ : ١٣٥.

(٥) سنن البيهقي ٢ : ٩٧.

(٦) الكافي ٣ : ٣٢٠ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٧٨ / ٢٩٠.

(٧) المجموع ٣ : ٤١٩ ، حلية العلماء ٢ : ٩٩ ، فتح العزيز ٣ : ٤٠١ ، المغني ١ : ٥٨٣ ، الشرح الكبير ١ : ٥٨٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤٩ ، شرح العناية ١ : ٢٦١.

١٧٣

واختلف أصحاب مالك في مذهبه على القولين ؛ لأنّ القيام لو وجب لتضمن ذكراً واجباً كالقيام الأول ، فلمـّا لم يتضمن ذكراً واجباً لم يجب كقيام القنوت(١) .

وينتقض بالركوع ، والسجود ، والرفع من السجود ، فإن الذكر عنده ليس بواجب في شي‌ء منها(٢) .

مسألة ٢٥١ : والسنة في الركوع أن يكبر له قائماً ثم يركع ، والمشهور بين العلماء مشروعية التكبير لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يكبر في كل رفع ، وخفض ، وقيام ، وقعود(٣) .

ومن طريق الخاصة قول حماد في صفة صلاة الصادقعليه‌السلام : ثم رفع يديه حيال وجهه وقال : ألله أكبر وهو قائم ثم ركع(٤) . ولأنه شروع في ركن فشرع فيه التكبير كحالة ابتداء الصلاة.

وقال سعيد بن جبير ، وعمر بن عبد العزيز ، وسالم ، والقاسم : لا يكبر إلّا عند افتتاح الصلاة(٥) لقولهعليه‌السلام : ( مفتاح الصلاة الطهور ، وتحريمها التكبير )(٦) فدلَّ على أنّه لا يكون في غير التكبير. ولا حجة فيه فإنه لا يدل على أن التكبير لا يكون في غير التحريم.

____________________

(١) بداية المجتهد ١ : ١٣٥ ، المجموع ٢ : ٤١٩ ، حلية العلماء ٢ : ٩٩.

(٢) المجموع ٣ : ٤١٤.

(٣) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٣٩ ، سنن النسائي ٢ : ٢٣٠ و ٣ : ٦٢ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٤ / ٢٥٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٦٧ - ٦٨ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٥.

(٤) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

(٥) المجموع ٣ : ٣٩٧ ، المغني ١ : ٥٧٣ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٥ ، مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٤٢.

(٦) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٢٩ ، سنن البيهقي ٢ : ١٥ - ١٦ ، سنن الترمذي ٢ : ٣ / ٢٣٨ ، كنز العمال ٧ : ٤٢٨ / ١٩٦٣٢.

١٧٤

فروع :

أ - هذا التكبير ليس بواجب عند أكثر علمائنا‌(١) ، وأكثر أهل العلم(٢) عملاً بالأصل ، ولقولهعليه‌السلام للمسي‌ء : ( ثم اقرأ ما تيسر من القرآن ثم اركع )(٣) ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله أبو بصير عن أدنى ما يجزئ من التكبير في الصلاة ، قال : « تكبيرة واحدة »(٤) .

وقال بعض علمائنا بالوجوب(٥) - وبه قال إسحاق ، وداود ، وعن أحمد روايتان(٦) - لقولهعليه‌السلام : ( لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يكبر ثم يركع حتى يطمئن )(٧) ونفي التمام لا يدل على نفي الصحة.

ب - يستحب أن يكبّر قائماً ثم يركع - وبه قال أبو حنيفة(٨) - لأن أبا حميد الساعدي وصف صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( يقرأ ثم يرفع يديه حتى يحاذي منكبيه ثم يركع )(٩) ومن طريق الخاصة رواية حماد في صفة صلاة الصادقعليه‌السلام : ثم رفع يديه حيال وجهه وقال : الله أكبر‌

____________________

(١) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١١٠ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذب ١ : ٩٨ ، والمحقّق في المعتبر : ١٨٠.

(٢) المجموع ٣ : ٣٩٧ ، المغني ١ : ٥٧٩.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٩٢ - ١٩٣ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٨ / ٣٩٧ ، سنن ابي داود ١ : ٢٢٦ / ٨٥٦ ، سنن الترمذي ٢ : ١٠٣ - ١٠٤ / ٣٠٣ ، سنن النسائي ٢ : ١٢٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧٢.

(٤) التهذيب ٢ : ٦٦ / ٢٣٨.

(٥) المراسم : ٦٩.

(٦) المغني ١ : ٥٧٩ ، العدة شرح العمدة : ٨٢ ، المحرر في الفقه ١ : ٧٠ - ٧١ ، المجموع ٣ : ٣٩٧ ، عمدة القارئ ٦ : ٥٨.

(٧) سنن ابي داود ١ : ٢٢٦ / ٨٥٧ ، جامع الاصول ٥ : ٤٢٠ / ٣٥٧٧.

(٨) الهداية للمرغيناني ١ : ٤٩ ، اللباب ١ : ٦٩.

(٩) سنن أبي داود ١ : ١٩٤ / ٧٣٠ ، سنن الدارمي ١ : ٣١٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٧٢.

١٧٥

وهو قائم ثم ركع(١) . وقال الشافعي : يهوي بالتكبير(٢) .

ج - لا ينبغي المد في التكبير بل يوقعه جزما‌ً - وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي في القديم(٣) - لقوله : ( التكبير جزم )(٤) أي لا يمد فيه ، ولأنّه ربما غيّر المعنى ، وفي الجديد للشافعي : يمد إلى تمام الهوي لئلّا يخلو جزء من صلاته عن الذكر(٥) .

د - يستحب رفع اليدين بالتكبير‌ في كل مواضعه عند أكثر علمائنا(٦) لأن الجمهور رووا أن المشروع أوّلاً رفع اليدين ، ثم ادّعوا النسخ(٧) ولم يثبت وروى سالم عن أبيه قال : رأيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا أراد أن يركع وبعد ما يرفع رأسه من الركوع ، ولا يرفع بين السجدتين(٨) . ومن طريق الخاصة رواية حماد(٩) ، وقد سلفت. وقال‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

(٢) المجموع ٣ : ٣٩٦ ، السراج الوهاج : ٤٥ ، الوجيز ١ : ٤٣ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٤.

(٣) المجموع ٣ : ٢٩٩ ، فتح العزيز ٣ : ٣٨٨ ، الوجيز ١ : ٤٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٣ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٥٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤٩ ، الكفاية ١ : ٢٥٨ ، شرح العناية ١ : ٢٥٨ ، اللباب ١ : ٦٩.

(٤) قال ابن حجر في التلخيص الحبير ٣ : ٢٨٣ : هذا الحديث لا أصل له بهذا اللفظ وانما هو قول إبراهيم النخعي ، وقال : قال الدارقطني في العلل : الصواب موقوف وهو من رواية قرة بن عبد الرحمن وهو ضعيف اختلف فيه. انتهى وانظر سنن الترمذي ٢ : ٩٥.

(٥) الاُم ١ : ١١٠ ، المجموع ٣ : ٢٩٩ ، فتح العزيز ٣ : ٣٨٩ ، الوجيز ١ : ٤٣ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٤.

(٦) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٠٧ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٢٢ ، والمحقّق في المعتبر : ١٨١.

(٧) انظر اختلاف الحديث : ١٢٦ - ١٣٠ باب رفع الأيدي في الصلاة.

(٨) صحيح البخاري ١ : ١٨٧ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٢ / ٣٩٠ ، سنن أبي داود ١ : ١٩١ - ١٩٢ / ٧٢١.

(٩) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

١٧٦

بعض علمائنا بوجوب الرفع في التكبير كلّه للأمر(١) . وقد بيّنا أن التكبير مستحب فكيفيته أولى.

وقال الشافعي : يرفع في تكبير الركوع والرفع منه ، ولا يرفع بين السجدتين(٢) لحديث سالم(٣) . ونفي الرؤية لا يدل على نفيه لإِمكان غفلته ، وبه قال الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وروي عن مالك(٤) .

وقال أبو حنيفة ، والثوري ، وابن أبي ليلى : لا يرفع إلّا في تكبير الافتتاح(٥) .

والصحيح ما قلناه ؛ لأن الأئمةعليهم‌السلام أعرف ، قال الباقرعليه‌السلام : « فإذا أردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير وخرّ ساجداً »(٦) ولأنّه تكبير فاستحب فيه الرفع كالافتتاح.

ه- لو صلى قاعداً ، أو مضطجعاً رفع يديه‌ - وبه قال الشافعي(٧) - لأن القعود ناب مناب القيام.

____________________

(١) الانتصار : ٤٤.

(٢) المجموع ٣ : ٣٩٩ ، فتح العزيز ٣ : ٣٩٠ و ٤٧٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٤ و ١٦٥ و ١٧١.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٨٧ ، صحيح مسلم ١ : ٢٩٢ / ٣٩٠ ، سنن أبي داود ١ : ١٩١ - ١٩٢ / ٧٢١.

(٤) المغني ١ : ٥٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٤ ، العدة شرح العمدة : ٧٦ ، الانصاف ٢ : ٥٩ و ٦١ ، بداية المجتهد ١ : ١٣٣ ، المجموع ٣ : ٣٩٩ ، عمدة القارئ ٥ : ٢٧٢ ، المحلى ٤ : ٨٧ و ٩٠.

(٥) المبسوط للسرخسي ١ : ١٤ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٥٢ ، عمدة القارئ ٥ : ٢٧٢ ، ارشاد الساري ٢ : ٧٣ ، اللباب ١ : ٧١ ، المجموع ٣ : ٤٠٠ ، المغني ١ : ٥٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٤ ، حلية العلماء ٢ : ٩٦.

(٦) الكافي ٣ : ٣٣٥ / ١ ، التهذيب ٢ : ٨٤ / ٣٠٨.

(٧) السراج الوهاج : ٤٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٢ ، المجموع ٣ : ٣٩٨.

١٧٧

و - لو نسي الرفع لم يعد التكبير‌ لأنه هيئة له فسقط بفوات محلّه.

ز - يرفع يديه حذاء وجهه ، وفي رواية إلى اُذنيه(١) ، وقال الشافعي : إلى منكبيه(٢) . والأشهر رواية حماد : ثم رفع يديه حيال وجهه(٣) .

ح - ينبغي أن يبتدىء برفع يديه عند ابتداء التكبير‌ ، وينتهي الرفع عند انتهاء التكبير ، ويرسلهما بعد ذلك ؛ لأنه لا يتحقق رفعهما بالتكبير إلّا كذلك.

مسألة ٢٥٢ : يستحب أن يضع يديه على عيني ركبتيه مفرّجات الأصابع‌ بإجماع العلماء إلّا عبد الله بن مسعود ، وصاحبيه : الأسود بن يزيد ، وعبد الرحمن بن الأسود فإنهم قالوا : إذا ركع طبق يديه وجعلهما بين ركبتيه(٤) لأن ابن مسعود رواه عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) . وهو مدفوع بالنقل عنهعليه‌السلام : إنه كان إذا ركع وضع راحتيه على ركبتيه وفرّج بين أصابعه(٦) .

ومن طريق الخاصة رواية حماد عن الصادقعليه‌السلام : ثم ركع وملأ كفّيه من ركبتيه مفرجات(٧) . وبأنه منسوخ.

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٦٥ / ٢٣٣.

(٢) الاُم ١ : ١٠٤ ، مختصر المزني : ١٤ ، المجموع ٣ : ٣٩٨ و ٤١٧ ، السراج الوهاج : ٤٢ و ٤٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧٨ ، الوجيز ١ : ٤١.

(٣) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

(٤) المجموع ٣ : ٤١١ ، المغني ١ : ٥٧٧ ، الشرح الكبير ١ : ٥٧٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٩ و ٢٠ ، عمدة القارئ ٦ : ٦٤ ، رحمة الاُمة ١ : ٤٥ ، إرشاد الساري ٢ : ١٠٥ ، حلية العلماء ٢ : ٩٧.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٣٧٨ و ٣٧٩ / ٥٣٤ ، سنن النسائي ٢ : ١٨٤ - ١٨٥ ، سنن أبي داود ١ : ٢٢٩ / ٨٦٨ ، سنن البيهقي ٢ : ٨٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٣٩ / ١.

(٦) سنن ابن ماجة ١ : ٢٨٣ / ٨٧٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٨٥.

(٧) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

١٧٨

قال مصعب بن سعد بن أبي وقاص : صلّيت إلى جنب أبي فطبقت يدي وجعلتهما بين ركبتي فضرب في يدي وقال لي : يا بني إنا كنّا نفعل ذلك فأمرنا أن نضرب بالأكف على الركب(١) .

ولو كانتا عليلتين أو إحداهما انحنى كمال الركوع وأرسلهما.

مسألة ٢٥٣ : ويستحب أن يسوي ظهره‌ ولا يتبازخ به بأن يخرج صدره ويطأ من ظهره فيكون كالسرج ، ولا يحدودب فيعلي وسط ظهره ، ويجعل رأسه وعنقه حيال ظهره ، ويمد عنقه محاذيا ظهره لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا ركع لم يرفع رأسه ولم يصوّبه ولكن بين ذلك(٢) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « وأقم صلبك ومدّ عنقك »(٣) .

ويستحب أيضاً ردّ ركبتيه إلى خلفه عند علمائنا أجمع لقول حماد عن الصادقعليه‌السلام : ورد ركبتيه إلى خلفه(٤) .

وقال الشافعي : بنصب ركبتيه وأن يجافي الرجل مرفقيه عن جنبيه ، ولا يجاوز في الانحناء استواء الظهر والرقبة(٥) .

مسألة ٢٥٤ : يستحب الدعاء أمام التسبيح‌ لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أما الركوع فعظّموا الرب فيه ، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء‌

____________________

(١) صحيح البخاري ١ : ٢٠٠ ، صحيح مسلم ١ : ٣٨٠ / ٥٣٥ ، سنن ابي داود ١ : ٢٢٩ / ٨٦٧ ، سنن النسائي ٢ : ١٨٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٨٣ - ٨٧٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٨٣.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٥٧ / ٤٩٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٨٢ / ٨٦٩ ، سنن البيهقي ٢ : ٨٥.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٩ - ٣٢٠ / ١ ، التهذيب ٢ : ٧٨ / ٢٨٩.

(٤) الكافي ٣ : ٣١١ / ٨ ، الفقيه ١ : ١٩٦ / ٩١٦ ، التهذيب ٢ : ٨١ / ٣٠١.

(٥) الاُم ١ : ١١١ - ١١٢ ، المجموع ٣ : ٤٠٩ ، فتح العزيز ٣ : ٣٧٥ و ٣٧٨ و ٣٨٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٢.

١٧٩

فقَمنٌ(١) أن يستجاب لكم )(٢) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « فاركع وقل : رب لك ركعت ، ولك أسلمت ، وبك آمنت ، وعليك توكلت ، فأنت ربي خشع لك سمعي ، وبصري ، وشعري ، وبشري ، ولحمي ، ودمي ، ومخي ، وعصبي ، وما أقلت قدماي ، غير مستنكف ، ولا مستكبر ، ولا مستحسر ، سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثاً »(٣) وبنحوه قال الشافعي إلّا أنه قدّم التسبيح(٤) .

ولا يستحب أن يقرأ في ركوعه ، وسجوده ، وتشهده ، بل يكره ، قاله الشيخ في المبسوط(٥) - وبه قال الشافعي ، وأحمد(٦) - لأنّ علياًعليه‌السلام قال : « إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ألا إني نهيت أن أقرأ راكعاً أو ساجداً ، أما الركوع فعظّموا فيه الرب ، وأما السجود فأكثروا فيه من الدعاء فإنه قَمِنٌ أن يستجاب لكم »(٧) .

ويكره أن تكون يداه تحت ثيابه حالة الركوع بل يستحب أن تكون بارزة أو في كُمّه ، ولو خالف لم تبطل صلاته.

____________________

(١) قمن : بفتح الميم وكسرها لغتان مشهورتان ، ومعناه جدير وحقيق. انظر النهاية ٤ : ١١١ ومجمع البحرين ٦ : ٣٠١ « قمن ».

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٤٨ / ٤٧٩ ، سنن ابي داود ١ : ٢٣٢ / ٨٧٦ ، سنن النسائي ٢ : ٢١٨.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٩ / ١ ، التهذيب ٢ : ٧٧ / ٢٨٩.

(٤) الاُم ١ : ١١١ ، المجموع ٣ : ٤١١ و ٤١٢ ، فتح العزيز ٣ : ٣٩٠ و ٣٩٤ ، السراج الوهاج : ٤٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٢.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ١١١.

(٦) الاُم ١ : ١١١ ، المجموع ٣ : ٤١٤ ، فتح العزيز ٣ : ٣٩٩ ، المغني ١ : ٥٨٠ ، الشرح الكبير ١ : ٥٨١.

(٧) مسند أحمد ١ : ١٥٥.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380