تذكرة الفقهاء الجزء ٣

تذكرة الفقهاء10%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: 380

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 310740 / تحميل: 8015
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٦-١
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

الناس إن هذا من توقير الصلاة »(١) .

وقال المرتضى بالوجوب لأنه مأمور به ، والأمر للوجوب(٢) . ونمنع الكبرى ؛ لأنّ زرارة قال : رأيت الباقرعليه‌السلام ، والصادقعليه‌السلام إذا رفعا رؤوسهما من الثانية نهضا ولم يجلسا(٣) .

وقال مالك ، والثوري ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي ، والشافعي في القول الآخر ، وأحمد في الرواية الاُخرى : يقوم ولا يجلس(٤) . ورووه عن عليعليه‌السلام ، وعمر ، وابن مسعود ، وابن عمر ، وابن عباس(٥) لأن وائل ابن حجر روى أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا رفع رأسه من السجود استوى قائماً بتكبيرة(٦) . ولا حجة فيه ؛ لأنه مندوب فجاز له تركه ليعلم ندبيته ، وللشافعية قول باستحبابها للضعيف لا القويّ(٧) .

فروع :

أ - يستحب الدعاء‌ ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا قمت من السجود قلت : اللهم رب بحولك وقوتك ، أقوم وأقعد ، وإن شئت قلت : وأركع وأسجد »(٨) .

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٣١٤ / ١٢٧٧.

(٢) الانتصار : ٤٦.

(٣) التهذيب ٢ : ٨٣ / ٣٠٥ ، الاستبصار ١ : ٣٢٨ / ١٢٣١.

(٤) المجموع ٣ : ٤٤٣ ، فتح العزيز ٣ : ٤٨٦ ، رحمة الامة ١ : ٤٧ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٤ ، الميزان ١ : ١٥٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٢١١ ، المغني ١ : ٦٠٢ ، الشرح الكبير ١ : ٦٠٥ ، الانصاف ٢ : ٧١.

(٥) المجموع ٣ : ٤٤٣ ، المغني ١ : ٦٠٢ - ٦٠٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٠٥.

(٦) تلخيص الحبير ٣ : ٤٨٦.

(٧) المجموع ٣ : ٤٤١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٤ ، حلية العلماء ٢ : ١٠٢.

(٨) التهذيب ٢ : ٨٦ / ٣٢٠.

٢٠١

ب - يستحب الجلوس متوركاً كما تقدم‌ ، وقال الشافعي : يجلس مفترشاً كما بين السجدتين(١) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ثنّى رجليه وقعد واعتدل حتى يرجع كل عضو إلى موضعه(٢) . وأحمد وافقنا(٣) ليفرّق بينه وبين الجلوس بين السجدتين فيأمن الشك ، هل جلس عن الاُولى ، أو الثانية؟.

ج - قالت الشافعية : إن قلنا بالجلوس أنهى التكبير حالة الجلوس ، ويقوم بغير تكبير ، وإن قلنا لا يجلس أنهاه مع انتهاء الرفع وذلك عند ابتداء القيام. وقال بعضهم : يتم التكبير عند انتهاء القيام فيمدّه(٤) . وقد بينا أنه يكبر عند انتهاء الجلوس.

مسألة ٢٧٢ : يستحب الاعتماد على يديه‌ سابقاً برفع ركبتيه عند القيام من السجدة الثانية ، أو من جلسة الاستراحة عند علمائنا أجمع - وبه قال ابن عمر ، وعمر بن عبد العزيز ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق(٥) - لأن مالك بن الحويرث لما وصف صلاة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : فلمـّا رفع رأسه من السجدة الأخيرة في الركعة الاُولى واستوى قاعداً ، قام واعتمد على الأرض بيديه(٦) .

ومن طريق الخاصة قول محمد بن مسلم : رأيت الصادقعليه‌السلام

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤٤٢ ، الوجيز ١ : ٤٤ ، كفاية الاخيار ١ : ٧٤ ، المغني ١ : ٦٠٣.

(٢) سنن الدارمي ١ : ٣١٤ ، سنن البيهقي ٢ : ١٢٣.

(٣) المغني ١ : ٦٠٢ ، الشرح الكبير ١ : ٦٠٥.

(٤) المجموع ٣ : ٤٤١ و ٤٤٢ ، فتح العزيز ٣ : ٤٨٩.

(٥) الاُم ١ : ١١٧ ، المجموع ٣ : ٤٤٤ ، السراج الوهاج : ٥١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٦ ، المنتقى للباجي ١ : ١٦٦ ، المغني ١ : ٦٠٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٠٣ ، المحرر في الفقه ١ : ٦٤ ، الجوهر النقي ٢ : ١٢٥.

(٦) سنن النسائي ٢ : ٢٣٤ ، صحيح البخاري ١ : ٢٠٩ ، سنن البيهقي ٢ : ١٢٤.

٢٠٢

إذا سجد وأراد القيام ، رفع ركبتيه قبل يديه(١) ، ولأنه أشبه بالتواضع وأعون للمصلي.

وقال أبو حنيفة ، والثوري : لا يعتمد على يديه بل يرفعهما أولاً ويقوم على صدور قدميه معتمداً على ركبتيه. وهو رواية عن أحمد ، ورواه الجمهور عن عليعليه‌السلام ، وابن مسعود(٢) لقول أبي هريرة : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ينهض من الصلاة معتمداً على صدور قدميه(٣) ، وخبرنا زائد والزائد أولى.

مسألة ٢٧٣ : يكره الإِقعاء بين السجدتين ، وهو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض‌ ويجلس على عقبيه ، وقال بعض أهل اللغة : هو أن يجلس على ألييه ناصباً فخذيه مثل إقعاء الكلب(٤) . وتفسير الفقهاء أولى لأن البحث على تقديره.

وبالكراهة قال عليعليه‌السلام ، وأبو هريرة ، ومالك ، وقتادة ، والشافعي ، وأحمد ، وأصحاب الرأي ، وعليه العمل عند أكثر أهل العلم(٥) - وفعله ابن عمرو قال : لا تفتدوا بي فإني قد كبرت(٦) - لأن علياًعليه‌السلام

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٧٨ / ٢٩١.

(٢) شرح فتح القدير ١ : ٢٦٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٥١ ، شرح العناية ١ : ٢٦٨ ، عمدة القاري ٦ : ٩٩ ، اللباب ١ : ٧١ ، المغني ١ : ٦٠٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٠٣ ، سنن البيهقي ٢ : ١٢٥ ، المجموع ٣ : ٤٤٤.

(٣) سنن البيهقي ٢ : ١٢٤.

(٤) الصحاح ٦ : ٢٤٦٥ ، مجمع البحرين ١ : ٣٤٨.

(٥) المجموع ٣ : ٤٣٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٤ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٤ ، السراج الوهاج : ٤٢ ، المدونة الكبرى ١ : ٧٣ ، المنتقى للباجي ١ : ١٦٦ ، بداية المجتهد ١ : ١٣٩ - ١٤٠ ، المغني ١ : ٥٩٩ ، الانصاف ٢ : ٩١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٦.

(٦) سنن البيهقي ٢ : ١٢٤.

٢٠٣

قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا تقع بين السجدتين ) »(١) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « لا تقع بين السجدتين »(٢) والنهي للكراهة لا التحريم ، لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بالإِقعاء في الصلاة بين السجدتين »(٣) .

وللشافعي قول آخر باستحبابه(٤) لأنّ طاوسا قال لابن عباس في الإِقعاء على القدمين فقال : هي السنّة(٥) . قال طاوس : رأيت العبادلة - ابن عمر ، وابن الزبير ، وابن العباس - يقعون بين السجدتين(٦) .

والأصح الأول ؛ لأنّ أبا حميد الساعدي لمـّا وصف جلوسهعليه‌السلام في ( عشرة )(٧) من الصحابة قال : ثم ثنى رجله اليسرى فقعد عليها ثم هوى ساجداً ، فصدقه كلهم(٨) .

مسألة ٢٧٤ : يستحب له رفع اليدين بالتكبير عند القيام من السجود ، وبالجملة عند كل تكبير ، وبه قال ابن المنذر(٩) ، قال : وهذا باب ( أغفله )(١٠) كثير من أصحابنا قد ثبت فيه حديث أبي حميد‌

____________________

(١) سنن الترمذي ٢ : ٧٢ - ٢٨٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٨٩ - ٨٩٤ ، سنن البيهقي ٢ : ١٢٠.

(٢) الكافي ٣ : ٣٣٦ / ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٠١ / ١٢١٣ ، الاستبصار ١ : ٣٢٧ / ١٢٢٥.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٠١ / ١٢١٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٧ / ١٢٢٦.

(٤) المجموع ٣ : ٤٣٨ - ٤٣٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٥٤.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٣٨٠ - ٣٨١ / ٥٣٦ ، سنن الترمذي ٢ : ٧٣ / ٢٨٣ ، سنن ابي داود ١ : ٢٢٣ / ٨٤٥.

(٦) المجموع ٣ : ٤٣٨ ، المغني ١ : ٥٩٩.

(٧) في نسخة ( ش ) : غيره.

(٨) سنن الترمذي ٢ : ١٠٥ - ١٠٧ / ٣٠٤ ، سنن الدارمي ١ : ٣١٣ - ٣١٤ ، مسند أحمد ٥ : ٤٢٤ ، سنن البيهقي ٢ : ١١٨.

(٩) المجموع ٣ : ٤٤٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٤ - ٨٥.

(١٠) وفي نسخة ( م ) : أغلقه.

٢٠٤

الساعدي(١) ، وروي في حديث عليعليه‌السلام أيضاً(٢) ، ولأنه ابتداء ركعة فكان بمنزلة تكبيرة الافتتاح.

وقال الشافعي : لا يستحب الرفع(٣) ، لأن ابن عمر قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه ، وإذا أراد أن يركع ، وبعد ما رفع ، ولا يرفع بين السجدتين(٤) ، ولأنها تكبيرة يتصل طرفها بسجود أو قعود فلا يرفع يديه فيها كتكبيرة السجود من القيام. ولا تقبل رواية النفي مع الإثبات ، والحكم في الأصل ممنوع.

مسألة ٢٧٥ : قد بينا وجوب وضع الجبهة على الأرض ، فإن كان عليها دمل حفر حفيرة ليقع الدمل فيها ، والصحيح على الأرض لأن مصادفاً قال : خرج بي دمل فكنت أسجد على جانب ، فرآني الصادقعليه‌السلام فقال : « ما هذا؟ » فقلت : لا استطيع أن أسجد لمكان الدمل. فقال : « احفر حفيرة واجعل الدمل في الحفيرة حتى تقع جبهتك على الأرض »(٥) .

فإن كانت مستوعبة سجد على أحد اللحيين ؛ لأنه أشبه بالسجود على الجبهة من الإيماء ، والإيماء سجود مع تعذر الجبهة فالجبين أولى.

فإن تعذّر سجد على ذقنه وهو مجمع اللحيين ؛ لقوله تعالى( يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً ) (٦) وإذا صدق عليه اسم السجود وجب أن يكون مجزئاً ، وقد سئل الصادقعليه‌السلام عمّن بجبهته علّة لا يقدر على السجود عليها ،

____________________

(١) سنن الترمذي ٢ : ١٠٥ - ١٠٧ / ٣٠٤ ، سنن أبي داود ١ : ١٩٤ / ٧٣٠ ، مسند أحمد ٥ : ٤٢٤.

(٢) سنن ابي داود ١ : ١٩٨ / ٧٤٤.

(٣) المجموع ٣ : ٤٤٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٤.

(٤) سنن البيهقي ٢ : ٢٣.

(٥) الكافي ٣ : ٣٣٣ / ٥ ، التهذيب ٢ : ٨٦ / ٣١٧.

(٦) الاسراء : ١٠٧.

٢٠٥

فقال : « يضع ذقنه على الأرض ، إن الله سبحانه يقول( يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً ) (١) »(٢) فإن تعذّر أومأ.

مسألة ٢٧٦ : لو عجز عن التنكيس - وهو الانحناء إلى أن تستعلي الأسافل - لمرض ، وجب وضع وسادة ليضع الجبهة عليها‌ أو رفع ما يسجد عليه عند علمائنا - وبه قال أحمد(٣) - لأن السجود فرض فيجب أن يؤدّى على القدر الممكن ، ولأنه أشبه بالسجود من الإيماء ، وقول الصادقعليه‌السلام : « وإن كان له من يرفع الخمرة إليه فليسجد »(٤) ، ولأن على الساجد هيئة التنكس ووضع الجبهة فلا يسقط الثاني بتعذر الأول.

وقال أبو حنيفة : لا يجب(٥) . وللشافعي قولان : أحدهما : وجوبه ، والآخر : وجوب الهوي بقدر الإِمكان لأن هيئة السجود فاتته ، وإن وضع الجبهة فيكتفي بالانحناء المقدور عليه(٦) ، ولو تعذر رفع شي‌ء أجزأه الإِيماء إجماعاً ، ولو عجز عن الطمأنينة سقطت.

مسألة ٢٧٧ : يجب أن لا يقصد بهويّه غير السجود‌ ، فلو سقط لا للسجود لم يجزئه ، والأقرب بطلان الصلاة لوجود ما ينافيها ، ولأنه تغيير لهيئة الصلاة ، ولو أراد السجود فسقط من غير قصد أجزأته إرادته السابقة ، إذ لا يجب في كل فعل تجديد قصد مقارن على التفصيل ، ولو لم تسبق منه نيّة السجود ففي الإِجزاء إشكال أقربه ذلك ، لأنه لم يخرج بذلك عن هيئة الصلاة ونيّتها.

____________________

(١) الاسراء : ١٠٧.

(٢) الكافي ٣ : ٣٣٤ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٨٦ / ٣١٨.

(٣) المغني ١ : ٥٩١ ، الشرح الكبير ١ : ٥٩٢.

(٤) الفقيه ١ : ٢٣٨ / ١٠٥٢ ، التهذيب ٣ : ٣٠٧ / ٩٥١.

(٥) بدائع الصنائع ١ : ١٠٥.

(٦) المجموع ٣ : ٤٣٦ ، الوجيز ١ : ٤٤ ، فتح العزيز ٣ : ٤٦٧ - ٤٦٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٨.

٢٠٦

ولو هوى ليسجد فسقط على بعض جسده ثم انقلب على وجهه فماست جبهته الأرض ، قال الشافعي : لا يعتد بهذا السجود لأنه لم يرده بانقلابه وإنما أراد انقلابه فقطع بذلك نية السجود كما لو نوى الطهارة ثم نوى بغسل بعض الأعضاء التبرد ، وقطع بذلك نيّة الطهارة(١) .

ولو انقلب يريده أجزأه فلو سجد فعرض له ألم ألقاه على جنبه ثم عاد للسجود ، فإن تطاول انقلابه لم يجزئه ، وإلّا أجزأه لبقائه على النيّة.

مسألة ٢٧٨ : ويجب الاعتماد على موضع السجود‌ فلا يتحامل عنه بثقل رأسه وعنقه ، ولو كان يسجد على قطن ، أو حشيش ثقّل عليه حتى ينكبس وتمكن جبهته عليه. ويجب أن يجافي بطنه عن الأرض فلو أكب على وجهه ومدّ يديه ورجليه ووضع جبهته على الأرض منبطحاً لم يجزئه ؛ لأن ذلك لا يسمّى سجوداً. ولو كان به مرض ولا يتمكن من السجود إلّا على هذا الوجه أجزأه. وهل يجب أن يلقى الأرض ببطون راحتيه ، أو يجزئه إلقاء زنديه؟ ظاهر كلام الأصحاب الأول ، وكلام المرتضى(٢) الثاني.

ولو ضم أصابعه إلى كفه ، وسجد عليها ، ففي الإِجزاء إشكال أقربه المنع ؛ لأنهعليه‌السلام جعل يديه مبسوطتين حالة السجود(٣) . ولو قلب يديه وسجد على ظهر راحتيه لم يجزئه - وبه قال الشافعي(٤) - لأنّه مناف لفعلهعليه‌السلام .

ويستحب أن يفرج بين رجليه في السجود ؛ لأنهعليه‌السلام صلّى‌

____________________

(١) الاُم ١ : ١١٤ ، المجموع ٣ : ٤٣٤ - ٤٣٥ ، فتح العزيز ٣ : ٤٧١ ، مغني المحتاج ١ : ١٦٩.

(٢) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٣٢.

(٣) سنن البيهقي ٢ : ١١٣.

(٤) الاُم ١ : ١١٤ ، المجموع ٣ : ٤٢٩ ، كفاية الاخيار ١ : ٦٨.

٢٠٧

كذلك(١) - وبه قال الشافعي(٢) - وهل يجزئه وضع الأصابع دون الكف وبالعكس؟ الأقرب ذلك ، وبه قال الشافعي(٣) .

مسألة ٢٧٩ : المريض الذي يصلي مضطجعا يومئ برأسه بالركوع والسجود‌ ، ويجعل إشارته بالسجود أخفض من إشارته بالركوع ، فإن عجز عن الإِشارة بالرأس أومأ بطرفه ، فإن عجز عن ذلك تفكَّر بقلبه.

ولا يسقط فرض الصلاة ما دام عقله تاما(٤) - وبه قال الشافعي(٥) - للعموم(٦) ، ولما رووه عن عليعليه‌السلام : « فإن لم يستطع صلّى مستلقياً على قفاه ورجلاه إلى القبلة وأومى بطرفه »(٧) .

وقال أبو حنيفة : إذا عجز عن الإِشارة بالرأس سقط عنه فرض الصلاة(٨) . وقد تقدم.

خاتمة : السجدات الخارجة عن الصلاة ثلاث :

الاُولى : سجدة التلاوة وهي في خمسة عشر موضعاً : في الأعراف ، والرعد ، والنحل ، وبني اسرائيل ، ومريم ، والحج في موضعين ،

____________________

(١) مصنف ابن ابي شيبة ١ : ٢٥٧ ، سنن البيهقي ٢ : ١١٥.

(٢) مختصر المزني : ١٤ ، المجموع ٣ : ٤٣١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٣ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٠.

(٣) الاُم ١ : ١١٤ ، المجموع ٣ : ٤٢٩.

(٤) في نسخة ( م ) : ثابتا.

(٥) فتح العزيز ٣ : ٢٩١ ، الوجيز ١ : ٤١ - ٤٢ ، كفاية الاخيار ١ : ٦٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٠٨ ، الميزان ١ : ١٣٨.

(٦) انظر الآية ١١٤ من سورة هود.

(٧) سنن الدارقطني ٢ : ٤٢ / ١ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٠٧.

(٨) المبسوط للسرخسي ١ : ٢١٦ - ٢١٧ ، بدائع الصنائع ١ : ١٠٧ ، فتح العزيز ٣ : ٢٩١ ، الوجيز ١ : ٤٢ ، المغني ١ : ٨١٨ ، الميزان ١ : ١٣٨.

٢٠٨

والفرقان ، والنمل ، والم تنزيل وهي سجدة لقمان ، وص ، وحم السجدة ، والنجم ، والانشقاق ، واقرأ باسم ربّك ، ثلاث منها في المفصل وهي النجم ، والانشقاق ، وإقرأ عند علمائنا ، لأن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : أقرأني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خمس عشرة سجدة ثلاث في المفصل ، وسجدتان في الحج(١) .

والخلاف مع الجمهور في المـُفَصَّل(٢) ، والثانية في الحج ، و « ص » ، فأما المـُفَصَّل فقال الشافعي في القديم : ليس فيه سجود - وبه قال مالك في المشهور عنه(٣) - لان ابن عباس روى أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يسجد في شي‌ء من المفصل منذ تحول إلى المدينة(٤) .

وقال في الجديد : فيه سجود - وبه قال أبو حنيفة ، وأحمد ، وإسحاق(٥) - كما قلناه نحن ، لأن أبا رافع صلّى خلف أبي هريرة العتمة فقرأ إذا السماء انشقت وسجد ، فقلت : ما هذه السجدة؟ فقال : سجدت‌

____________________

(١) سنن ابي داود ٢ : ٥٨ / ١٤٠١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٣٥ / ١٠٥٧ ، سنن الدارقطني ١ : ٤٠٨ / ٨ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٢٣ ، وفيها : عبد الله بن منين عن عمرو بن العاص. فلاحظ.

(٢) قيل : سُمي به لكثرة ما يقع فيه من فصول التسمية بين السور ، وقيل : لقصر سوره. واختلف في أوله فقيل : من سورة محمَّدصلى‌الله‌عليه‌وآله وقيل : من سورة ق وقيل : غير ذلك. أنظر مجمع البحرين ٥ : ٤٤١ ومفردات ألفاظ القرآن للراغب : ٣٨١ « فصل ».

(٣) مختصر المزني : ١٦ ، المجموع ٤ : ٦٠ و ٦٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٨٥ ، الميزان ١ : ١٦٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٢ ، بلغة السالك ١ : ١٥٠ ، الشرح الصغير ١ : ١٥٠ ، المنتقى للباجي ١ : ٣٤٩ و ٣٥١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٣ ، الموطأ ١ : ٢٠٧ ، المغني ١ : ٦٨٣ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٠ ، بدائع الصنائع ١ : ١٩٣.

(٤) سنن أبي داود ٢ : ٥٨ / ١٤٠٣.

(٥) الاُم ١ : ١٣٧ و ١٣٨ ، مختصر المزني : ١٦ ، المجموع ٤ : ٦٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٢ ، الميزان ١ : ١٦٥ ، بدائع الصنائع ١ : ١٩٣ ، اللباب ١ : ١٠٢ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ١٠٩ ، المغني ١ : ٦٨٣ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٠ ، المنتقى للباجي ١ : ٣٤٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٣ ، سبل السلام ١ : ٣٥٣.

٢٠٩

فيها خلف أبي القاسمصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا أزال أسجدها حتى ألقاه(١) . وأبو هريرة متأخر أسلم بالمدينة(٢) ، وهو مثبت فيقدم على النافي.

وقال أبو ثور : ليس في النجم خاصة سجدة(٣) . ويدفعه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص(٤) .

وأما الحج فقال الشافعي كقولنا بالسجدتين فيها - وبه قال أحمد وإسحاق ، وأبو ثور(٥) - لأن عقبة بن عامر قال : قلت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : في سورة الحج سجدتان؟ فقال : ( نعم من لم يسجدهما فلا يقرأهما )(٦) وسجدهما عليعليه‌السلام ، وعمر ، وابن عباس ، وأبو الدرداء ، وأبو موسى الأشعري ، وابن عمر(٧) . قال أبو إسحاق : أدركت الناس منذ سبعين سنة يسجدون في الحج سجدتين(٨) ، وهذا إجماع.

وقال أبو حنيفة ، ومالك : الثانية ليست سجدة ؛ لأنه جمع فيها بين‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٥٢ ، صحيح مسلم ١ : ٤٠٧ - ١١٠ ، سنن أبي داود ٢ : ٥٩ - ١٤٠٨ ، سنن النسائي ٢ : ١٦٢.

(٢) أسد الغابة ٥ : ٣١٦ ، الاستيعاب بهامش الاصابة ٤ : ٢٠٨.

(٣) نيل الاوطار ٣ : ١٢٤.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٣٣٥ / ١٠٥٧ ، جامع الاصول ٥ : ٥٥٤ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٢٣.

(٥) الاُم ١ : ١٣٣ ، المجموع ٤ : ٦٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٨٧ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، مختصر المزني : ١٦ ، السراج الوهاج : ٦١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٢ ، الميزان ١ : ١٦٥ ، المغني ١ : ٦٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٣ ، بدائع الصنائع ١ : ١٩٣ ، المنتقى للباجي ١ : ٣٤٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٤.

(٦) سنن أبي داود ٢ : ٥٨ - ١٤٠٢ ، سنن الترمذي ٢ : ٤٧٠ - ٤٧١ - ٥٧٨ ، مسند أحمد ٤ : ١٥١ ، سنن الدارقطني ١ : ٤٠٨ / ٩ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٢١.

(٧) الاُم ١ : ١٣٣ ، المجموع ٤ : ٦٢ ، المغني ١ : ٦٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٣ ، المنتقى للباجي ١ : ٣٤٩ ، سبل السلام ١ : ٣٥٦.

(٨) المجموع ٤ : ٦٢ ، المغني ١ : ٦٨٥ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٣.

٢١٠

الركوع والسجود(١) فقال( ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا ) (٢) كقوله لمريم :( وَاسْجُدِي وَارْكَعِي ) (٣) ولا حجة فيه.

وأما ( ص ) ، فعند الشافعي أنها سجدة شكر ليست من سجود التلاوة - وبه قال أحمد في إحدى الروايتين(٤) - لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ على المنبر ( ص ) فلمـّا بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه فلمـّا كان يوم آخر قرأها فلمـّا بلغ السجود ( تشزن )(٥) الناس للسجود ، فقال : ( إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تشزنتم للسجود فنزلت وسجدت )(٦) فبيّن أنها توبة وليست سجدة.

وقال أبو حنيفة ، ومالك ، وأبو ثور ، وإسحاق ، وأحمد في الرواية الاُخرى : إنها من عزائم السجود(٧) لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص(٨) ، وعن ابن عباس أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله سجدها(٩) ،

____________________

(١) اللباب ١ : ١٠٢ ، بدائع الصنائع ١ : ١٩٣ ، المنتقى للباجي ١ : ٣٤٩ ، بلغة السالك ١ : ١٥٠ ، الشرح الصغير ١ : ١٥٠ ، المغني ١ : ٦٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٣ ، الميزان ١ : ١٦٥ ، المجموع ٤ : ٦٢.

(٢) الحج : ٧٧.

(٣) آل عمران : ٤٣.

(٤) المجموع ٤ : ٦٢ ، مختصر المزني : ١٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٢ ، السراج الوهاج : ٦٢ ، الميزان ١ : ١٦٥ ، المغني ١ : ٦٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٣ ، القوانين الفقهية : ٨٧ - ٨٨ ، بدائع الصنائع ١ : ١٩٣.

(٥) التشزن : التأهب والتهيؤ للشي‌ء والاستعداد له لسان العرب ١٣ : ٢٣٧.

(٦) سنن ابي داود ٢ : ٥٩ / ١٤١٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٤٠٨ / ٧.

(٧) اللباب ١ : ١٠٢ ، بدائع الصنائع ١ : ١٩٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٣ ، القوانين الفقهية : ٨٧ ، المغني ١ : ٦٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢١ - ٨٢٢ ، المجموع ٤ : ٦٢ ، الميزان ١ : ١٦٥ ، سبل السلام ١ : ٣٥٣.

(٨) سنن ابي داود ٢ : ٥٨ / ١٤٠١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٣٥ / ١٠٥٧.

(٩) صحيح البخاري ٢ : ٥٠ ، سنن ابي داود ٢ : ٥٩ / ١٤٠٩ ، سنن النسائي ٢ : ١٥٩ ، سنن الترمذي ٢ : ٤٦٩ / ٥٧٧.

٢١١

وروى غيره أنه سجدها وقرأ( أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ ) (١) (٢) .

مسألة ٢٨٠ : موضع السجود في ( حم ) عند قوله تعالى( وَاسْجُدُوا لِلّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيّاهُ تَعْبُدُونَ ) (٣) ‌- وبه قال ابن عمر ، والحسن البصري ، ومالك ، وحكاه مسروق عن أصحاب ابن مسعود(٤) - لأن الأمر بالسجود فيها فيجب عندها.

وقال الشافعي : في الآية الثانية عند قوله( وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ ) (٥) - وبه قال سعيد بن المسيب ، والنخعي ، والثوري ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، وهو مروي عن ابن عباس(٦) - لأن تمام الكلام في الثانية فكان السجود عقيبها ، وأولوية السجود عند الذكر راجحة عليه عند التتمة.

أما الأعراف فآخرها( وَلَهُ يَسْجُدُونَ ) (٧) والرعد( وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ ) (٨) والنحل( وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ) (٩) وبني إسرائيل :( وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ) (١٠) ومريم( خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا ) (١١) والحج :( يَفْعَلُ

____________________

(١) الانعام : ٩٠.

(٢) سنن الدارمي ١ : ٣٤٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٥٩ / ١٤١٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٤٠٨ / ٧.

(٣) فصلت : ٣٧.

(٤) الشرح الصغير ١ : ١٥٠ ، المنتقى للباجي ١ : ٣٥٢ ، المجموع ٤ : ٦٠ ، المغني ١ : ٦٨٥ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٤.

(٥) فصلت : ٣٨.

(٦) المجموع ٤ : ٦٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٢ ، بدائع الصنائع ١ : ١٩٤ ، المغني ١ : ٦٨٥ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٤.

(٧) الأعراف : ٢٠٦.

(٨) الرعد : ١٥.

(٩) النحل : ٥٠.

(١٠) الاسراء : ١٠٩.

(١١) مريم : ٥٨.

٢١٢

ما يَشاءُ ) (١) ( وَافْعَلُوا الْخَيْرَ ) (٢) والفرقان( وَزادَهُمْ نُفُوراً ) (٣) والنمل :( رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) (٤) والم تنزيل( وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ) (٥) والنجم :( فَاسْجُدُوا لِلّهِ ) (٦) والانشقاق( وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ ) (٧) والقلم( وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ) (٨) .

مسألة ٢٨١ : سجود التلاوة واجب في العزائم الأربع : سجدة لقمان ، وحم ، والنجم ، والقلم. ومستحب في البواقي عند علمائنا أجمع ؛ لأنّ علياًعليه‌السلام قال : « عزائم السجود أربع »(٩) وقال الصادقعليه‌السلام : « إذا قرئ شي‌ء من العزائم الأربع فسمعتها فاسجد ، وان كنت على غير وضوء ، وان كنت جنباً ، وان كانت المرأة لا تصلي ، وسائر القرآن أنت فيه بالخيار »(١٠) ولأنها تتضمن الأمر بالسجود فتكون واجبة ؛ لأن الأمر للوجوب ، وغير الأربع ليس بصريح في الأمر فيكون ندباً.

وقال أبو حنيفة ، وأصحابه : السجود واجب في الجميع(١١) ولم يفصل لقوله تعالى( وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ ) (١٢) وهذا ذم ، ولأنه‌

____________________

(١) الحج : ١٨.

(٢) الحج : ٧٧.

(٣) الفرقان : ٦٠.

(٤) النمل : ٢٦.

(٥) السجدة : ١٥.

(٦) النجم : ٦٢.

(٧) الانشقاق : ٢١.

(٨) العلق : ١٩.

(٩) سنن البيهقي ٢ : ٣١٥.

(١٠) الكافي ٣ : ٣١٨ - ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ - ١١٧١.

(١١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٤ ، اللباب ١ : ١٠٣ ، المغني ١ : ٦٨٧ ، الميزان ١ : ١٦٤ ، المنتقى للباجي ١ : ٣٥١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٢ ، القوانين الفقهية : ٨٧.

(١٢) الانشقاق : ٢١.

٢١٣

سجود يفعل في الصلاة فكان واجباً كسجودها ، والذم على ترك السجود الواجب وهي العزائم الأربع ، أو غير معتقد فضله ولا مشروعيته. ونمنع المشترك ، وينتقض بسجود السهو فإنه ليس بواجب عندهم.

وقال مالك ، والأوزاعي ، والليث ، والشافعي ، وأحمد : الكل مستحب ، لأن عمر خطب يوم الجمعة ولم يسجد في النحل(١) . ونقول بموجبه فإنه ليس بواجب عندنا.

مسألة ٢٨٢ : وتجب الأربع على القاري والمستمع بلا خلاف عندنا‌ وعند الموجبين ، ومستحب في الباقي عندنا لهما وعند الباقين لأن ابن عمر قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقرأ علينا السورة في غير الصلاة فيسجد ونسجد معه حتى لا يجد أحدنا مكانا لموضع جبهته(٢) .

أما السامع غير القاصد للسماع فيستحب في حقه في الجميع عندنا عملاً بالأصل ، ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله عبد الله بن سنان عن رجل يسمع السجدة تقرأ قال : « لا يسجد إلّا أن يكون منصتاً ، مستمعاً لها ، أو يصلّي بصلاته ، فأما أن يكون يصلّي في ناحية وأنت في ناحية فلا تسجد لما سمعت »(٣) .

وقال أبو حنيفة : يجب على السامع أيضاً. ونحوه عن ابن عمر ،

____________________

(١) الاُم ١ : ١٣٦ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، الميزان ١ : ١٦٤ ، بلغة السالك ١ : ١٤٩ ، الشرح الصغير ١ : ١٤٩ ، المنتقى للباجي ١ : ٣٥٠ و ٣٥١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٢ ، المغني ١ : ٦٨٧ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٤ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٤.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ٥١ و ٥٢ ، صحيح مسلم ١ : ٤٠٥ / ٥٧٥ ، سنن ابي داود ٢ : ٦٠ / ١٤١٢.

(٣) الكافي ٣ : ٣١٨ / ٣ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ / ١١٦٩.

٢١٤

والنخعي ، وسعيد بن جبير ، ونافع ، وإسحاق(١) ، لأنه سامع للسجدة فأشبه المستمع.

وقال الشافعي : لا اُؤكد عليه السجود ، وإن سجد فحسن(٢) .

وقال مالك ، وأحمد : لا يستحب للسامع ، وهو مروي عن عثمان ، وابن عباس وعمران بن الحصين(٣) ، لأن عثمان مرَّ بقاص فقرأ القاص سجدة ليسجد عثمان معه فلم يسجد وقال : إنما السجدة على من استمع(٤) .

مسألة ٢٨٣ : هذا السجود ليس بصلاة ، ولا بجزء منها فلا يشترط فيه ما يشترط في الصلاة عند علمائنا - وبه قال عثمان ، وسعيد بن المسيب ، والشعبي(٥) - عملاً بالأصل ، وقول الصادقعليه‌السلام : « فاسجد وإن كنت على غير وضوء ، وإن كنت جنباً ، وإن كانت المرأة لا تصلّي »(٦) .

وقال الشافعي ، وأحمد ، وأبو حنيفة ، ومالك : تشترط الطهارة من الحدث والخبث ، وستر العورة ، والاستقبال(٧) لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٤ ، شرح فتح القدير ١ : ٤٦٦ ، الكفاية ١ : ٤٦٦ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٧٨ ، المجموع ٤ : ٦١ ، المغني ١ : ٦٨٨ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٥ - ٨١٦ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٥ ، اللباب ١ : ١٠٣.

(٢) المجموع ٤ : ٥٨ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، السراج الوهاج : ٦٢ ، المغني ١ : ٦٨٨ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٦.

(٣) المغني ١ : ٦٨٨ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٤ و ٨١٥ و ٨١٦ ، المجموع ٤ : ٥٨ ، العدة شرح العمدة : ٩٢.

(٤) المغني ١ : ٦٨٨ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٦.

(٥) المغني ١ : ٦٨٥ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٣ ، سبل السلام ١ : ٣٥٤.

(٦) الكافي ٣ : ٣١٨ / ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ / ١١٧١.

(٧) المجموع ٤ : ٦٣ ، السراج الوهاج : ٦٢ ، المغني ١ : ٦٨٥ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٣ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٤ ، شرح العناية ١ : ٤٦٤ ، المنتقى للباجي ١ : ٣٥٢ ، بلغة السالك ١ : ١٥٠ ، الشرح الصغير ١ : ١٤٩.

٢١٥

( لا يقبل الله صلاة بغير طهور )(١) فيدخل في عمومه السجود ، ولأنّ ما نافى الصلاة نافى السجود كالكفر.

ولا دلالة في الخبر ؛ لأنها ليست صلاة ، والكفر مناف للعبادات الواجبة والمندوبة المشروطة فيها الطهارة وغير المشروطة بها.

أما النية فلا بدَّ منها ؛ لأنه فعل مشترك فيفتقر التخصيص إلى نيته.

فروع :

أ - لو سمع السجود وهو على غير طهارة لم يلزمه الوضوء‌ ولا التيمم - وبه قال أحمد(٢) - لأنها تتعلق بسبب فإذا فات لم يسجد كما لو قرأ سجدة في الصلاة فلم يسجد لم يسجد بعدها ، ونحن نوجب السجود ، أو نستحبه وإن لم يتطهر ؛ لعدم اشتراط الطهارة كما تقدم.

وقال النخعي : يتيمم ويسجد ، وعنه : يتوضأ ويسجد ، وبه قال الثوري وأصحاب الرأي(٣) .

ب - لو توضأ سجد ، وقال أحمد : لا يسجد ؛ لفوات سببها ، ولا يتيمم لها مع وجود الماء(٤) .

ج - لو عدم الماء فتيمم سجد عندنا‌ ، وبه قال أحمد إذا لم يطل ؛ لعدم بعد سببها ، بخلاف الوضوء عنده(٥) .

مسألة ٢٨٤ : ولا تكبير فيها للسجود‌ عندنا - وبه قال أبو حنيفة في رواية ،

____________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٢٠٤ / ٢٢٤ ، سنن الترمذي ١ : ٥ - ١.

(٢) المغني ١ : ٦٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٣.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ٤ ، المغني ١ : ٦٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٣.

(٤) المغني ١ : ٦٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٤.

(٥) الشرح الكبير ١ : ٨١٤.

٢١٦

وابن أبي هريرة(١) - عملاً بالأصل ، قال الشيخ : ويكبّر للرفع منه(٢) لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا قرأت السجدة فاسجد ، ولا تكبّر حتى ترفع رأسك »(٣) وقالعليه‌السلام فيمن يقرأ السجدة من القرآن من العزائم : « فلا يكبّر حين يسجد ولكن يكبّر حين يرفع رأسه »(٤) .

وقال الشافعي : إن كان في غير صلاة نوى الساجد ، وكبّر للافتتاح ، ورفع يديه حذو منكبيه كما في افتتاح الصلاة(٥) - خلافاً لأبي حنيفة في الرفع(٦) - ثم يكبّر تكبيرة اُخرى للهويّ من غير رفع ، فإذا رفع رأسه كبّر.

وفي وجه : لا يكبّر للافتتاح.

ثم هو مستحب أو شرط؟ وجهان.

وإن كان في الصلاة فلا يكبّر للافتتاح ، ويكبّر للهوي من غير رفع اليدين ثم يكبّر عند رفع الرأس(٧) .

وقال ابن أبي هريرة : لا يكبّر للسجود ، ولا للرفع في غير الصلاة(٨) .

وقال النخعي ، وأحمد ، وأصحاب الرأي - كقول الشافعي - : باستحباب التكبير للسجود ، والرفع منه ؛ لأنها صلاة ذات سجود فوجب أن‌

____________________

(١) بدائع الصنائع ١ : ١٩٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٢٤.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ١١٤.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٩٢ / ١١٧٥.

(٤) الكافي ٣ : ٣١٧ / ١ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ / ١١٧٠.

(٥) المجموع ٤ : ٦٤ - ٦٥ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٩٢ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٣ ، السراج الوهاج : ٦٢ ، المغني ١ : ٦٨٦.

(٦) شرح فتح القدير ١ : ٤٧٦ ، اللباب ١ : ١٠٤ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٨٠ ، شرح العناية ١ : ٤٧٦.

(٧) المجموع ٤ : ٦٣.

(٨) المجموع ٤ : ٦٣.

٢١٧

تفتقر إلى تكبيرة الإِحرام كسائر الصلوات(١) . والصغرى ممنوعة.

فروع :

أ - منع أحمد من تثنية التكبير في الابتداء‌ وإن كان خارجاً من الصلاة(٢) ، وقال الشافعي : إذا سجد خارجاً من الصلاة كبّر واحدة للافتتاح ، واُخرى للسجود ؛ لأنها صلاة فيكبّر للافتتاح غير تكبيرة السجود(٣) . والصغرى ممنوعة.

ب - قال الشافعي ، وأحمد : يرفع يديه عند تكبيرة الابتداء‌ إن كان في غير الصلاة ؛ لأنها تكبيرة إحرام(٤) . وإن سجد في الصلاة ، قال أحمد : يرفع(٥) ، خلافا للشافعي(٦) .

ج - ليس فيها ذكر موظف ؛ لأصالة براءة الذمة فإن الأمر تعلق بالسجود خاصة ، وقال أحمد : يقول ما يقول في سجود صلب صلاته(٧) . وهو ممنوع ، نعم يستحب الذكر.

مسألة ٢٨٥ : وليس في سجود التلاوة تشهد ، ولا تسليم‌ عند علمائنا أجمع - وهو قول أبي حنيفة ، وأحد قولي الشافعي(٨) - لأن الأمر بالسجود‌

____________________

(١) المغني ١ : ٦٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٤ ، العدة شرح العمدة : ٩٣ ، المحرر في الفقه ١ : ٨٠ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٠ ، الميزان ١ : ١٦٦.

(٢) المغني ١ : ٦٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٥.

(٣) المجموع ٤ : ٦٤ - ٦٥ ، السراج الوهاج : ٦٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٣.

(٤) المجموع ٤ : ٦٤ - ٦٥ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٩٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٣ ، السراج الوهاج : ٦٢ ، المغني ١ : ٦٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٧.

(٥) المغني ١ : ٦٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٧.

(٦) الوجيز ١ : ٥٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٩٥.

(٧) المغني ١ : ٦٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٦.

(٨) المجموع ٤ : ٦٥ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٣ ، السراج الوهاج : ٦٢ ، الميزان ١ : ١٦٦ ، اللباب ١ : ١٠٤ ، المغني ١ : ٦٨٧.

٢١٨

لا يتناول غيره فيكون منفياً بالأصل ، ولأنه لم ينقل عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا عن أحد من الأئمةعليهم‌السلام تشهد ولا تسليم ، ولأن التشهد في مقابلة القيام ولا قيام ، ولأنه لا تشهد فيه عند أحمد فلا يستحب له التسليم كغير الصلاة ، وبه قال النخعي ، والحسن ، وسعيد بن جبير(١) .

وقال بعض الشافعية : يتشهد ؛ لأنه سجود يحتاج إلى الإِحرام والسلام فيكون كسجود الصلاة(٢) . والصغرى ممنوعة ، وهو خلاف نص الشافعي(٣) .

والقول الثاني للشافعي : أنه يسلّم من غير تشهد - وبه قال أحمد(٤) - لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( تحريمها التكبير وتحليلها التسليم )(٥) ولأنّها ذات تكبيرة إحرام فافتقرت إلى التسليم. والصغرى ممنوعة ، وضمير الحديث راجع إلى الصلاة.

إذا ثبت هذا فاختلفت الرواية عن أحمد فروي إيجاب تسليمتين ، وروي واحدة(٦)

مسألة ٢٨٦ : لا يقوم الركوع مقام السجود‌ عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي ، وأحمد(٧) - لأنه سجود مشروع فلا يقوم الركوع مقامه كسجود الصلاة ، ولأن الأمر ورد بالسجود والركوع مغاير.

____________________

(١) المغني ١ : ٦٨٧ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٥ - ٨٢٦.

(٢) المجموع ٤ : ٦٦ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٩٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٣.

(٣) المجموع ٤ : ٦٥ - ٦٦ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٣.

(٤) المجموع ٤ : ٦٦ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، الميزان ١ : ١٦٦ ، المغني ١ : ٦٨٧ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٥.

(٥) سنن ابي داود ١ : ١٦ / ٦١ ، سنن الدارمي ١ : ١٧٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٠١ / ٢٧٥ و ٢٧٦ ، سنن الترمذي ١ : ٨ / ٣ ، مسند أحمد ١ : ١٢٣.

(٦) المغني ١ : ٦٨٧ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٦.

(٧) المجموع ٤ : ٧٢ ، المغني ١ : ٦٨٩ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٨.

٢١٩

وقال أبو حنيفة : يقوم مقامه استحساناً(١) ؛ لقوله تعالى( وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ ) (٢) وإنما يقال : خرّ ساجداً لا راكعاً فعبّر بالركوع عن السجود مجازاً ، ولأن المروي عن داود [عليه‌السلام ] السجود(٣) .

مسألة ٢٨٧ : يجوز السجود في الأوقات المكروهة‌ عند علمائنا - وبه قال الحسن ، والشعبي ، وسالم ، وعطاء ، وعكرمة ، والشافعي ، وأحمد في رواية(٤) - لإِطلاق الأمر بالسجود فيتناول بإطلاقه جميع الأوقات ، ولأنها ذات سبب.

وقال أبو ثور ، وابن عمر ، وسعيد بن المسيب ، وأحمد في رواية ، وإسحاق : إنّه لا يسجد(٥) لقولهعليه‌السلام : ( لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ، ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس )(٦) ونحن نقول بموجبه فإنها ليست صلاة ، وكره مالك قراءة السجدة في وقت النهي(٧) .

مسألة ٢٨٨ : لا يشترط لسجود المستمع سوى الاستماع‌ لعموم الأمر ، وقال مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وقتادة : يشترط كون التالي ممّن يصلح أن يكون إماماً للمستمع ، فإن كان التالي امرأة أو خنثى مشكلاً لم يسجد الرجل باستماعه منهما ، ولو كان التالي اُمّياً سجد القارئ المستمع‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٨ - ٩ ، المجموع ٤ : ٧٢ ، المغني ١ : ٦٨٩ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٨.

(٢) ص : ٢٤.

(٣) سنن النسائي ٢ : ١٥٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٤٠٧ / ٣ و ٤.

(٤) المجموع ٤ : ١٧٠ ، فتح العزيز ٣ : ١١٠ ، الوجيز ١ : ٣٥ ، الميزان ١ : ١٧١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٩ ، المغني ١ : ٦٨٧.

(٥) المغني ١ : ٦٨٧ ، الشرح الكبير ١ : ٨٤٠.

(٦) الكامل لابن عدي ٣ : ١٢٢٥ ونحوه في صحيح البخاري ١ : ١٥٢ ، صحيح مسلم ١ : ٥٦٧ / ٨٢٧ ، تاريخ بغداد ٥ : ٣٦.

(٧) المغني ١ : ٦٨٧.

٢٢٠

لسجوده ؛ لأن القراءة ليست بركن في السجود ، وإن كان صبياً ففي سجود الرجل بسجوده عند أحمد وجهان بناءً على صحة إمامته(١) ، والكل عندنا باطل ؛ لما تقدم.

ولو لم يسجد التالي سجد المستمع عند علمائنا - وبه قال الشافعي(٢) - لأن السبب وهو الاستماع موجود.

وقال أحمد : لا يسجد ؛ لأنه تابع له فإنّ الاستماع إنما يحصل بالقراءة ، ولا يسجد بدون سجوده(٣) . وهو ممنوع.

ولا فرق بين أن يكون التالي إماماً ، أو لا.

وقال الشافعي : إن كان التالي إماماً ولم يسجد تبعه في تركها كما يتبعه في ترك سائر المسنونات(٤) .

وتحقيق مذهبنا أن الإِمام إن كان ممّن يقتدى به وقرأ العزيمة في فرض ناسياً أومأ بالسجود عند آيته ، وكذا المأموم ، وإن كان في نافلة تسوغ فيها الجماعة فإن سجد الإِمام سجد المأموم ، وكذا إن لم يسجد إن كانت السجدة عزيمة ، وإلّا فلا ، وإن كان ممّن لا يقتدى به وقرأ في فرض لم يتابعه المأموم في سجوده بل يومئ ، وإن لم يسجد الإِمام تابعه في الترك وأومى.

ولو كان التالي في غير الصلاة والمستمع في الصلاة حرم عليه الاستماع فإن فعله احتمل السجود إذا فرغ - وبه قال أبو حنيفة(٥) - لوجود سبب‌

____________________

(١) الشرح الصغير ١ : ١٤٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٥ ، المغني ١ : ٦٨٨ - ٦٨٩ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٦ - ٨١٧.

(٢) المجموع ٤ : ٥٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٢.

(٣) المغني ١ : ٦٨٩ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٧.

(٤) فتح العزيز ٤ : ١٩٠ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، السراج الوهاج : ٦٣ ، المجموع ٤ : ٥٩.

(٥) اللباب ١ : ١٠٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٧٩ ، شرح العناية ١ : ٤٦٨ ، حلية العلماء ٢ : ١٢٣.

٢٢١

( السجود )(١) وامتنع منه لعارض فإذا زال سجد ، والإِيماء.

وقال الشافعي ، وأحمد : لا يسجد ؛ لأن سببها لم يوجد في صلاته ، ولا يسجد إذا فرغ(٢) وإن كان التالي في صلاة والمستمع في غير الصلاة سجد.

مسألة ٢٨٩ : لو قرأ السجدة ماشياً سجد‌ فإن لم يتمكن أومى - وبه قال أبو العالية ، وأبو زرعة ، وأحمد ، وأصحاب الرأي(٣) - وقال عطاء ، ومجاهد : يؤمي(٤) .

وإن كان راكباً سجد على راحلته إن تمكن ، وإلّا نزل ، وفعله عليعليه‌السلام ، وابن عمر ، وابن الزبير ، والنخعي ، وعطاء ، وبه قال مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأصحاب الرأي(٥) ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ عام الفتح سجدة فسجد الناس كلهم منهم الراكب والساجد في الأرض ، حتى أن الراكب يسجد على يده(٦) .

قيل : يكره اختصار السجود وهو أن ينتزع الآيات التي فيها السجود فيقرأها ويسجد فيها. وبه قال الشعبي ، والنخعي ، والحسن ، وإسحاق(٧) ، ورخص فيه أبو حنيفة ، ومحمد ، وأبو ثور(٨) ، وقيل : اختصار السجود أن‌

____________________

(١) في نسخة ( م ) : الوجوب.

(٢) المجموع ٤ : ٥٩ ، المغني ١ : ٦٨٩.

(٣) المغني ١ : ٦٨٩ - ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٠.

(٤) المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٠.

(٥) المجموع ٤ : ٦٨ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٧ - ٢٠٨ ، المغني ١ : ٦٨٩ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٧.

(٦) سنن ابي داود ٢ : ٦٠ / ١٤١١ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٢٥.

(٧) المجموع ٤ : ٧٣ ، المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٧.

(٨) المبسوط للسرخسي ٢ : ٤ ، المجموع ٤ : ٧٣ ، المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٧.

٢٢٢

يقرأ القرآن ويحذف آيات السجود(١) . والأخير عندي أولى.

مسألة ٢٩٠ : لو فاتت ، قال في المبسوط : يجب قضاء العزائم‌ ، وفي الندب هو بالخيار(٢) ، وقال في الخلاف : تعلّقت ذمته بفرض أو سنة ولا تبرأ إلّا بقضائه(٣) . ويحتمل أن يقال بالأداء لعدم التوقيت.

وقال الشافعي : إذا لم يسجد في موضع السجود لم يسجد بعد ذلك ، لأنها تتعلق بسبب فإذا فات سقطت ، ولأنه لا يتقرب إلى الله تعالى بسجدة ابتداءً كصلاة الاستسقاء(٤) . والكبرى ممنوعة في الأول ، والصغرى في الثاني ؛ لأنها عندهم صلاة ، وتارك الصلاة يجب عليه قضاؤها ، وله قول : بالقضاء(٥) .

ولو كرر آية السجدة في مجلس واحد ولم يسجد للمرة الاُولى احتمل الاكتفاء بسجدة واحدة - وبه قال الشافعي(٦) - ووجوبهما معاً. ولو سجد للاُولى سجد للثانية أيضاً لوجود السبب. وقال أبو حنيفة : تكفيه الاُولى(٧) . وللشافعي قولان : أظهرهما الأول(٨) .

أما لو طال الفصل فإنه يسجد مرة اُخرى ، والركعة الواحدة في الصلاة كالمجلس الواحد عند الشافعي ، والركعتان كالمجلسين(٩) .

____________________

(١) حكاه ابن قدامة في الشرح الكبير ١ : ٨٢٧.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ١١٤.

(٣) الخلاف ١ : ٤٣٣ مسألة ١٨١.

(٤) المجموع ٤ : ٧١ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، السراج الوهاج : ٦٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٩٩.

(٥) المجموع ٤ : ٧١ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٠.

(٦) المجموع ٤ : ٧١ ، فتح العزيز ٤ : ١٩١ ، السراج الوهاج : ٦٣.

(٧) المبسوط للسرخسي ٢ : ٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٧٩ ، بدائع الصنائع ١ : ١٨١ ، اللباب ١ : ١٠٤ ، المجموع ٤ : ٧١ ، الميزان ١ : ١٦٧.

(٨) المجموع ٤ : ٧١ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٩١.

(٩) المجموع ٤ : ٧١ ، فتح العزيز ٤ : ١٩٢.

٢٢٣

الثانية : سجدة الشكر ، وهي مستحبة عقيب الفرائض ، وعند تجدد النعم ، ودفع النقم عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي ، وأحمد(١) - لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا جاءه شي‌ء يسره خرّ ساجداً(٢) .

وقال عبد الرحمن بن عوف : سجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأطال فسألناه فقال : ( أتاني جبرئيل فقال : من صلّى عليك مرّة صلّى الله تعالى عليه عشراً فخررت شكراً لله )(٣) .

وسجد عليعليه‌السلام شكراً يوم النهروان لـمّا وجدوا ذا الثدية(٤) وسجد أبوبكر لـمّا بلغه فتح اليمامة ، وقتل مسيلمة(٥) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « سجدة الشكر واجبة على كل مسلم تتم بها صلاتك ، وترضي بها ربك ، وتعجب الملائكة منك ، وأن العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر فتح الرب تعالى الحجاب بين الملائكة وبين العبد »(٦) .

وقال مالك : إنه مكروه(٧) . وقال الطحاوي : وأبو حنيفة لا يرى‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ٦٨ و ٧٠ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٣ ، الميزان ١ : ١٦٧ ، المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٨.

(٢) سنن ابي داود ٣ : ٨٩ / ٢٧٧٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٤٦ / ١٣٩٤ ، سنن الترمذي ٤ : ١٤١ / ١٥٧٨.

(٣) مسند أحمد ١ : ١٩١ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧٠ - ٣٧١ باختصار. وانظر أيضاً : التلخيص الحبير بهامش المجموع ٤ : ٢٠٤ ، والضعفاء الكبير - للعقيلي - ٣ : ٤٦٨ / ١٥٢٣.

(٤) مصنّف ابن أبي شيبة ٢ : ٤٨٣ و ٤٨٤ ، مصنّف عبد الرزّاق ٣ : ٣٥٨ / ٥٩٦٢ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧١.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٤٨٣ ، مصنّف عبد الرزاق ٣ : ٣٥٨ / ٥٩٦٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧١.

(٦) الفقيه ١ : ٢٢٠ / ٩٧٨ ، التهذيب ٢ : ١١٠ / ٤١٥.

(٧) بلغة السالك ١ : ١٥١ ، الشرح الصغير ١ : ١٥١ ، المدونة الكبرى ١ : ١٠٨ ، المجموع ٤ : ٧٠ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٣ ، الميزان ١ : ١٨٧ ، المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٨.

٢٢٤

سجود الشكر شيئاً(١) ، وروى محمد عن أبي حنيفة الكراهة(٢) ، ومحمد لا يكرهه(٣)

واحتجوا بأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد كانت في أيامه الفتوح واستسقى على المنبر وسقي ولم ينقل أنه سجد(٤) . وتركه أحياناً لا ينفي الاستحباب.

فروع :

أ - يستحب عقيب الصلوات على ما بينا‌ - خلافاً للجمهور(٥) - لأنها مظنَّة التعبد ، وموضع الخضوع ، والشكر على التوفيق لأداء العبادة ، وحديث الصادقعليه‌السلام (٦) يدل عليه.

ب - يستحب فيها التعفير عند علمائنا‌ - ولم يعتبره الجمهور - لأنها وضعت للتذلل والخضوع بين يدي الرب ، والتعفير أبلغ في الخضوع والذل ، وقال إسحاق بن عمار : سمعت الصادقعليه‌السلام يقول : « كان موسى بن عمرانعليه‌السلام إذا صلّى لم ينفتل حتى يلصق خده الأيمن بالأرض ، وخده الأيسر بالأرض » قال إسحاق : رأيت من يصنع ذلك ، قال محمد بن سنان : يعني موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، في الحجر في جوف الليل(٧) .

____________________

(١) حلية العلماء ٢ : ١٢٦ ، الميزان للشعراني ١ : ١٦٧.

(٢) الميزان ١ : ١٦٧ ، حلية العلماء ٢ : ١٢٦.

(٣) حلية العلماء ٢ : ١٢٦.

(٤) المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٨.

(٥) انظر على سبيل المثال المجموع ٤ : ٦٨ ، المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٨.

(٦) الفقيه ١ : ٢٢٠ / ٩٧٨ ، التهذيب ٢ : ١١٠ / ٤١٥.

(٧) روى الصدوق صدر الرواية في الفقيه ١ : ٢١٩ / ٩٧٣ ، وأوردها الشيخ في التهذيب ٢ : ١٠٩ / ٤١٤ وذيَّلها بقوله : قال : وقال اسحاق : رأيت من آبائي من يصنع ذلك. قال محمد بن‌ =

٢٢٥

ج - يستحب الدعاء بما روي ، أو بما يتخيره الإِنسان من الأدعية ، ويستحب أن يقول : شكراً شكراً مائة مرّة ، وإن قال : عفوا عفوا جاز.

د - روى هارون بن خارجة عن الصادقعليه‌السلام قال : « إذا أنعم الله عزّ وجلّ عليك بنعمة فصلّ ركعتين‌ تقرأ في الاُولى بفاتحة الكتاب ، وقل هو الله أحد ، وتقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب ، وقل يا أيها الكافرون ، وتقول في الركعة الاُولى في ركوعك وسجودك : الحمد لله شكراً شكراً وحمداً ، وتقول في الركعة الثانية في ركوعك وسجودك : الحمد لله الذي استجاب دعائي ، وأعطاني مسألتي »(١) .

ه- الأقرب استحباب السجدة عند تذكر ( النعمة )(٢) ‌وإن لم تكن متجددة - خلافاً للجمهور(٣) - لأن دوام النعمة نعمة ، وعن إسحاق بن عمار قال : « إذا ذكرت نعمة الله عليك وكنت في موضع لا يراك أحد فألصق خدك بالأرض ، وإذا كنت في مل‌ء من الناس فضع يدك على أسفل بطنك ، وأحن ظهرك ، وليكن تواضعاً لله ، فان ذلك أحب »(٤) .

____________________

= سنان : يعني موسى في الحجر في جوف الليل. انتهى وفي الخلاف ١ : ٤٣٧ مسألة ١٨٣ حيث أوردها كما في المتن. وقد وقع الخلاف بين الاعلام في ذلك : فمن ذاهب الى أن موسى في آخر الحديث هو الإِمام موسى بن جعفرعليه‌السلام ، وعليه فاسحاق يكون ولده وقد اتقى في عدم ذكر نسبه ، ومن ذاهب إلى أنه الساباطي ، وعليه فالتحية في غير موردها.

للتوسعة انظر : الوافي للفيض الكاشاني ٢ : ١٢٣ ، وملاذ الأخيار ٣ : ٦٢١ - ٦٢٢ ، وتنقيح المقال ١ : ١١٨ وغيرها.

(١) الكافي ٣ : ٤٨١ / ١ ، التهذيب ٣ : ١٨٤ / ٤١٨.

(٢) في نسخة ( م ) : النعم.

(٣) المجموع ٤ : ٦٨ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٥ ، المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٨ ، الانصاف ٢ : ٢٠٠ ، الميزان ١ : ١٦٧.

(٤) التهذيب ٢ : ١١٢ / ٤٢١.

٢٢٦

و - يستحب السجود إذا رأى مبتلى ببليّة أو فاسقاً‌ شكراً لله وستره عن المبتلى لئلّا يتأذى به ، ويظهره للفاسق ليرجع عن فسقه.

ز - ليس في سجود الشكر تكبير الافتتاح‌ ، ولا تكبير السجود ، ولا تشهد ، ولا تسليم.

وقال في المبسوط : يستحب التكبير لرفع رأسه من السجود(١) . وقال الشافعي : إنه كسجود التلاوة(٢) . والمعتمد ما قلناه للامتثال بإيقاعه كيف كان.

ح - هل يجب وضع الأعضاء السبعة في السجود الواجب في التلاوة ، ويستحب في مندوبها ، والشكر؟ إشكال ينشأ من أصالة البراءة وصرف السجود إلى وضع الجبهة ، ومن صرف السجود في الصلاة إلى ما وضع فيه الأعضاء.

ط - يجوز أن يؤدي هذا السجود ، وسجود التلاوة أيضاً على الراحلة‌ عندنا - خلافا للشافعي(٣) - لحصول المسمى.

ي - لو تجددت عليه نعمة وهو في الصلاة فإنه لا يسجد فيها‌ ؛ لأن سبب السجدة ليس منها ، وبه قال الشافعي(٤) . لكن لو قرأ ( ص ) فإن سجدتها عنده للشكر فهل يسجد؟ وجهان : السجود ؛ لأن سببه وجد في الصلاة ، والعدم ؛ لأنها سجدة شكر ، وليست متعلقة بالتلاوة(٥) .

الثالثة : سجدة السهو‌ ، وسيأتي البحث فيها إن شاء الله تعالى.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ١١٤.

(٢) المجموع ٤ : ٦٨ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٥ - ٢٠٦.

(٣) الوجيز ١ : ٥٣ ، المجموع ٤ : ٦٨ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٦.

(٤) المجموع ٤ : ٦٨ ، فتح الوهاب ١ : ٥٦ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٦.

(٥) المجموع ٤ : ٦١ ، فتح العزيز ٤ : ١٨٦ - ١٨٧.

٢٢٧

البحث السابع : في التشهد‌

التشهد واجب في كل ثنائية مرّة في آخرها ، ومرتين في الثلاثية بعد الثانية والثالثة ، والرباعية بعد الثانية والرابعة ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الليث بن سعد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وداود ، وأحمد في رواية(١) - لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فعل ذلك وداوم عليه ، وكذا الصحابة والأئمةعليهم‌السلام ، وأمر به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث ابن عباس(٢) ، والأمر للوجوب ، وسجد ابن عباس لما نسيه(٣) ، وعن ابن مسعود : علَّمني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله التشهد في وسط الصلاة وآخرها(٤) . ومن طريق الخاصة ما رواه البزنطي : « التشهد تشهدان في الثانية ، والرابعة »(٥) .

وقال الشافعي : الأول سنة ، وكذا الجلوس فيه - وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ، وأحمد في رواية - لأنه يسقط بالسهو فأشبه السنن(٦) . وهو ممنوع‌

____________________

(١) المغني ١ : ٦٠٦ ، المجموع ٣ : ٤٥٠ و ٤٦٢ ، عمدة القارئ ٦ : ١٠٧ و ١١٥ ، نيل الأوطار ٢ : ٣٠٤.

(٢) سنن البيهقي ٢ : ١٤٠ ، صحيح مسلم ١ : ٣٠٢ / ٤٠٣.

(٣) حكاه المحقق في المعتبر : ١٨٧ ، وانظر أيضاً المغني ١ : ٦٠٧.

(٤) مسند أحمد ١ : ٤٥٩.

(٥) أوردها عن الجامع البزنطي المحقق في المعتبر : ١٨٧.

(٦) المجموع ٣ : ٤٤٩ و ٤٥٠ ، فتح العزيز ٣ : ٤٩٣ - ٤٩٤ ، المنتقى للباجي ١ : ١٦٨ ، عمدة القارئ ٦ : ١٠٦ ، المغني ١ : ٦٠٦.

٢٢٨

لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن الرجل ينسى التشهد ، قال : « يرجع فيتشهد »(١) .

وأوجب الشافعي التشهد الأخير ، وهو الذي يتعقبه التسليم ، سواء كانت الصلاة ثنائية ، أو ثلاثية ، أو رباعية - وبه قال عمر ، وابنه ، وأبو مسعود البدري ، والحسن البصري ، وأحمد كما قلناه(٢) - لأن ابن مسعود قال : كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد : السلام على الله قبل عباده ، السلام على جبرئيل وميكائيل ، السلام على فلان ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا تقولوا : السلام على الله فإن الله هو السلام ، ولكن قولوا : التحيات لله ، إلى آخره )(٣) ولأنه ذكر قدّر به ركن من أركان الصلاة فكان واجبا كالقراءة.

وقال مالك ، وأبو حنيفة ، والثوري : إنه غير واجب كالأول(٤) ، إلّا أنّ أبا حنيفة يقول : الجلوس في الثاني قدر التشهد واجب(٥) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يعلّمه الأعرابي(٦) ، ولأنه أحد التشهدين فلم يكن واجباً كالأول. ونمنع عدم تعليم التشهد ، أو أنه كان يعرفه ، أو كان قبل فرضه. ونمنع عدم وجوب الأول ، وقد سبق ، وأيضاً الفرق : أن محله غير واجب عندهم ، والثاني قدّر به ركن.

____________________

(١) التهذيب ٢ : ١٥٨ / ٦٢٢ ، الاستبصار ١ : ٣٦٣ / ١٣٧٦.

(٢) المجموع ٣ : ٤٦٢ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٣ ، المغني ١ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٣٤ ، نيل الأوطار ٢ : ٣١٤.

(٣) صحيح البخاري ١ : ٢١٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٩٠ / ٨٩٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥٠ - ٤ ، سنن البيهقي ٢ : ١٣٨.

(٤) المغني ١ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٣٤ ، حلية العلماء ٢ : ١٠٧ ، الشرح الصغير ١ : ١١٦ ، المنتقى للباجي ١ : ١٦٨ ، نيل الأوطار ٢ : ٣١٤.

(٥) الهداية للمرغيناني ١ : ٤٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٠٧ ، المغني ١ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٣٤.

(٦) اُنظر : سنن الترمذي ٢ : ١٠٠ - ١٠٢ / ٣٠٢ ، سنن النسائي ٣ : ٥٩ - ٦٠.

٢٢٩

مسألة ٢٩١ : يجب فيه الجلوس بقدره مطمئناً‌ في الأول والثاني ، فلو شرع فيه قبل انتهاء رفعه من السجدة أو شرع في النهوض قبل إكماله متعمداً ، بطلت صلاته عند علمائنا - وبه قال في الثاني أبو حنيفة ، والشافعي ، وأحمد(١) - لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله داوم عليه ، وكذا الصحابة والتابعون ، وهو يعطي الوجوب ، ولأنهعليه‌السلام فعله بيانا.

إذا ثبت هذا فعلى أي هيئة جلس أجزأه للامتثال بأيّ نوع ، إلّا أن الأفضل التورك فيهما - وبه قال مالك(٢) - لقول ابن مسعود : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يجلس وسط الصلاة وآخرها متوركاً(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر ، والصادقعليهما‌السلام : « إذا قعدت في تشهدك فألصق ركبتيك بالأرض ، وفرّج بينهما ، وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض ، وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى ، وأليتاك على الأرض وطرف إبهام اليمنى على الأرض ، وإياك والقعود على قدميك فلا تصبر للتشهد والدعاء »(٤) .

وقال الشافعي : الجلسات في الصلاة أربع : الجلسة بين السجدتين ، والتشهّد الأخير ، وهما واجبتان ، وجلسة التشهد الأول ، وجلسة الاستراحة وهما مستحبتان.

ويستحب في جميع الجلسات الافتراش بأن يفرش رجله اليسرى‌

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤٦٢ ، المغني ١ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٣٤ ، حلية العلماء ٢ : ١٠٧.

(٢) المنتقى للباجي ١ : ١٦٥ - ١٦٦ ، المغني ١ : ٦٠٧ و ٦١٢ ، الشرح الكبير ١ : ٦٠٧ و ٦٣٣.

(٣) مسند أحمد ١ : ٤٥٩ ، نيل الأوطار ٢ : ٣٠٥.

(٤) الكافي ٣ : ٣٣٤ - ٣٣٥ / ١ ، التهذيب ٢ : ٨٣ - ٨٤ - ٣٠٨ وفيهما عن الامام الباقرعليه‌السلام ، وأمّا عن الصادقعليه‌السلام فيدلّ عليه حديث حماد بن عيسى في صفة صلاتهعليه‌السلام . اُنظر : الكافي ٣ : ٣١١ - ٣١٢ / ٨ والتهذيب ٢ : ٨١ - ٨٢ / ٣٠١.

٢٣٠

ويجلس عليها ، وينصب اليمنى إلّا التشهد الأخير الذي يتعقبه التسليم وإن كان واحداً فإنه يستحب فيه التورك(١) لحديث أبي حميد الساعدي : فلما جلس بين السجدتين ثنّى رجله اليسرى فجلس عليها ، ونصب قدمه اليمنى ، وإذا جلس في الأربع أماط رجليه عن وركه وأفضى بمقعدته إلى الأرض ونصب وركه اليمنى(٢) ، وقد ضعّفه الطحاوي فلا حجة فيه(٣) .

وقال أبو حنيفة والثوري : يجلس في جميعها مفترشاً(٤) لقولهعليه‌السلام : ( إذا جلست فاجعل عقبك تحت أليتيك )(٥) قال الشافعي : لو أدرك من الصبح ركعة مع الإِمام قعد معه مفترشاً ويتورك في الثاني ، ولو أدرك الثانية من المغرب جلس أربع مرات يفترش في ثلاثة ويتورك في الأخير(٦) .

مسألة ٢٩٢ : ويجب فيه الشهادتان بالتوحيد ، والرسالة‌ في الأول والثاني عند علمائنا أجمع - وبه قال كل من أوجبه - قال محمد بن مسلم للصادقعليه‌السلام : التشهد في الصلاة قال : « مرتان » قلت : وكيف مرتان؟ قال : « إذا استويت جالسا فقل : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله »(٧) .

وأقل الواجب فيه الشهادتان ؛ لقول سورة بن كليب ، قلت : أدنى ما يجزي من التشهد؟ قال : « الشهادتان ».(٨) وقول الباقرعليه‌السلام وقد سأله زرارة ما يجزي من التشهد في الاُخريين؟ قال : « الشهادتان »(٩) .

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤٤٩.

(٢) الاُم ١ : ١١٦.

(٣) شرح معاني الآثار ١ : ٢٥٩ وانظر عمدة القارئ ٦ : ١٠٥ والمجموع ٣ : ٤٤٣.

(٤) بدائع الصنائع ١ : ٢١١ ، عمدة القارئ ٦ : ١٠٥ ، المجموع ٣ : ٤٥٠.

(٥) لم نعثر عليه فيما بأيدينا من المصادر المتوفرة.

(٦) المجموع ٣ : ٤٥١ و ٤٥٢ ، فتح العزيز ٣ : ٤٩٥.

(٧) التهذيب ٢ : ١٠١ / ٣٧٩ ، الاستبصار ١ : ٣٤٢ / ١٢٨٩.

(٨) الكافي ٣ : ٣٣٧ / ٣ ، التهذيب ٢ : ١٠١ / ٣٧٥ ، الاستبصار ١ : ٣٤١ / ١٢٨٥.

(٩) التهذيب ٢ : ١٠٠ / ٣٧٤ ، الاستبصار ١ : ٣٤١ / ١٢٨٤.

٢٣١

وقال الشافعي : يجب خمس كلمات ، أن يقول : التحيات الله ، السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأن محمداً رسول الله ؛ لاختلاف ورود الأخبار وسقوط ما سوى هذا في بعضها(١) .

ونحن لا نوجب التحيات ؛ للأصل ، وقول محمد بن مسلم للصادقعليه‌السلام قلت : قول العبد : التحيات لله والصلوات الطيبات ، قال : « ذلك اللطف يلطف العبد ربه »(٢) وأيضاً لو وجب لَتواتَر ؛ لأنه ممّا تعم به البلوى ، ولأن الواجب التشهد وهو مأخوذ من الشهادة ولفظ التحيات ليس منها.

ونمنع من تقديم : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، وتبطل به الصلاة ؛ لأن التسليم مخرج عن الصلاة لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( تحليلها التسليم )(٣) .

لا يقال : المخرج قوله : السلام عليكم. لأنا نقول : إنه تحكم لتناول إطلاق التسليم ذلك ، ولأن قوله : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين يتناول الحاضرين والغائبين من الصلحاء ، وقوله : السلام عليكم يختص الحاضرين فإذا كان السلام على الحاضرين مخرجاً كان السلام على‌

____________________

(١) الاُم ١ : ١١٨ ، المجموع ٣ : ٤٥٨ - ٤٥٩ ، الوجيز ١ : ٤٥ ، السراج الوهاج : ٤٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٨ ، فتح العزيز ٣ : ٥١٢.

(٢) التهذيب ٢ : ١٠١ / ٣٧٩ ، الاستبصار ١ : ٣٤٢ / ١٢٨٩.

(٣) سنن الترمذي ٢ : ٣ / ٢٣٨ ، مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٢٩ ، سنن البيهقي ٢ : ١٥ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥٩ / ١ سنن ابن ماجة ١ : ١٠١ / ٢٧٥ و ٢٧٦ ، سنن أبي داود ١ : ١٦ / ٦١ ، مسند أحمد ١ : ١٢٣ ونحوه في الكافي ٣ : ٦٩ / ٢ والفقيه ١ : ٢٣ / ٦٨.

٢٣٢

الحاضرين والغُيّاب أولى.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « كلّما ذكرت الله والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فهو من الصلاة ، فإذا قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت »(١) وسأله أبو كهمش عن الركعتين الاُوليين إذا جلست فيهما ، فقلت وأنا جالس : السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته انصراف هو؟ قالعليه‌السلام : « لا ، ولكن إذا قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف »(٢) .

مسألة ٢٩٣ : ويجب الصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في التشهدين‌ عند علمائنا أجمع لقوله تعالى( صَلُّوا عَلَيْهِ ) (٣) والأمر للوجوب ، ولا يجب في غير الصلاة إجماعاً فيجب فيها ، ولأن عائشة قالت : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ( لا يقبل صلاة إلّا بطهور ، وبالصلاة عليّ )(٤) ولقول الصادقعليه‌السلام : « من صلّى ولم يصلّ على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتركه عامداً فلا صلاة له »(٥) .

وقال الشافعي : إنها واجبة في التشهد الأخير خاصة. وبه قال أحمد في إحدى الروايتين ، وإسحاق ، وأبو مسعود الأنصاري(٦) ، وفي مشروعيتها في الأول للشافعي قولان(٧) ، لأن العبادة إذا شرط فيها ذكر الله تعالى بالشهادة‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣٧ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٣١٦ / ١٢٩٣.

(٢) التهذيب ٢ : ٣١٦ / ١٢٩٢.

(٣) الأحزاب : ٥٦.

(٤) سنن الدارقطني ١ : ٣٥٥ / ٤.

(٥) التهذيب ٤ : ١٠٩ / ٣١٤ ، الاستبصار ١ : ٣٤٣ / ١٢٩٢ ونحوه في الفقيه ٢ : ١١٩ / ٥١٥.

(٦) المجموع ٣ : ٤٦٥ و ٤٦٧ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٣ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٣ ، المغني ١ ٦١٤ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٣ و ٦١٤.

(٧) المجموع ٣ : ٤٦٠ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٥.

٢٣٣

شرط فيها ذكر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كالأذان ، ولحديث عائشة(١) .

وقال أبو حنيفة ، ومالك ، والثوري ، والأوزاعي : لا يجب(٢) لأن ابن مسعود علّمه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله التشهد ، ثم قال : ( إذا قلت هذا تمت صلاتك )(٣) ويحمل على قرب التمام ، أو على سبق المشروعية بالصلاة.

مسألة ٢٩٤ : وتجب الصلاة على آلهعليهم‌السلام ‌ عند علمائنا أجمع ، وأحمد في إحدى الروايتين ، وبعض الشافعية(٤) - وللشافعية وجهان ، وقيل : قولان(٥) - لأن كعب بن عجرة قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في صلاته : ( اللهم صلّ على محمد وآل محمد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد )(٦) فتجب متابعته ؛ لقولهعليه‌السلام : ( صلّوا كما رأيتموني أصلي )(٧) .

وعن أبي مسعود الأنصاري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من صلّى صلاة ولم يصلّ فيها عليّ وعلى أهل بيتي لم تقبل منه )(٨) وقال الشافعي : بالاستحباب للأصل(٩) . وهو ممنوع لثبوت المخرج منه.

____________________

(١) سنن الدارقطني ١ : ٣٥٥ - ٤.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٩ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٧٥ ، شرح العناية ١ : ٢٧٥ ، بدائع الصنائع ١ : ٢١٣ ، بلغة السالك ١ : ١١٧ ، المجموع ٣ : ٤٦٧ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٣ ، المغني ١ : ٦١٤ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٤.

(٣) سنن ابي داود ١ : ٢٥٥ / ٩٧٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥٣ / ١٣ و ٣٥٤ / ١٤.

(٤) المجموع ٣ : ٤٦٥ ، المغني ١ : ٦١٦ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٦.

(٥) المجموع ٣ : ٤٦٥ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٣ و ٥٠٤ ، المغني ١ : ٦١٦ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٦.

(٦) صحيح مسلم ١ : ٣٠٥ / ٤٠٦ ، سنن أبي داود ١ : ٢٥٧ / ٩٧٦ ، سنن الدارمي ١ : ٣٠٩ ، سنن البيهقي ٢ : ١٤٧.

(٧) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦.

(٨) سنن الدارقطني ١ : ٣٥٥ / ٦.

(٩) المجموع ٣ : ٤٦٦.

٢٣٤

فروع :

أ - قال بعض الناس : آل محمد هم بنو هاشم وبنو المطلب‌ ؛ لأنهم أهل النبيّ ، وآل منقلب عن أهل(١) . فلو قال : وعلى أهل محمد أجزأه عند بعض الجمهور ، وكذا لو صغّر فقال : اُهيل(٢) والحق عدم الإِجزاء ؛ لأنه أمر مشروع فيتبع فيه النقل.

وقيل : آل محمد من كان على دينه(٣) ، لأنه سئلعليه‌السلام من آل محمد؟ فقال : ( كل تقي )(٤) ولقوله تعالى( أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ) (٥) والوجه : أن الآل هنا المعصومون من أهل بيته إذ لا تجب الصلاة على غيرهم.

ب - من لا يحسن التشهد والصلاة وجب عليه التعلّم‌ ، فإن ضاق الوقت أو عجز أتى بالممكن ، ولو عجز سقط.

ج - لا يجزئ بغير العربية ولو لم يقدر وجب التعلم‌ ، فإن ضاق الوقت أو عجز أجزأت الترجمة ، وكذا الأذكار الواجبة ، أما الدعاء بغير العربية فإنه جائز.

د - يجب الترتيب فيبدأ بالشهادة بالتوحيد ، ثم بالنبوة ، ثم بالصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم على آله ، ولو عكس لم يجزئه وقوفاً على المأخوذ عن صاحب الشرع.

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤٦٦ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٨ ، نيل الأوطار ٢ : ٣٢٧.

(٢) المغني ١ : ٦١٧ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٦.

(٣) سنن البيهقي ٢ : ١٥١ ، المجموع ٣ : ٤٦٦ ، المغني ١ : ٦١٧ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٦ ، نيل الأوطار ٢ : ٣٢٨.

(٤) سنن البيهقي ٢ : ١٥٢ ، كشف الخفاء ١ : ١٧ / ١٧ ، الفردوس ١ : ٤١٨ / ١٦٩٢.

(٥) المؤمن : ٤٦.

٢٣٥

وقال الشافعي : يجزئه لحصول المعنى فيكفي(١) . وهو ممنوع.

ه- يجب فيه التتابع فلو تركه لم يجزئه ، وبه قال الشافعي(٢) .

و - يجب في الصلاة ذكر اسم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ‌ ، فلو قال : اللهم صلّ على الرسول لم يجزئه ؛ لأنهعليه‌السلام سئل كيف يصلّى عليك؟ فقال : ( قولوا : اللّهم صلّ على محمد وآل محمد )(٣) .

مسألة ٢٩٥ : قد بينا أن الواجب الشهادتان ، والصلاتان‌ ، وأقلّه : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، اللهم صلّ على محمد وآل محمد.

وفي وجوب ( وحده لا شريك له ) عقيب الشهادة بالتوحيد إشكال ينشأ من حديث محمد بن مسلم عن الصادقعليه‌السلام (٤) وقد سلف ، ومن أصالة البراءة.

ولو أسقط الواو في الثاني ، أو اكتفى به ، أو أضاف الآل إلى المضمر ، فالوجه : الإِجزاء للامتثال ، أما لو حذف لفظة الشهادة ثانياً والواو فإنه لا يجزئه قطعاً.

ولا بُدَّ من الإِتيان بصيغة الشهادة ، فلو قال : أعلم أو اُخبر عن علم لم يجزئ ؛ وكذا لو قال : أشهد أن الله واحد ، ولو أتى عوض حرف الاستثناء بغيره مما يدل عليه ك‍ « غير » و « سوى » فالوجه : عدم الإِجزاء ؛ لأنه خلاف المنقول.

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤٦٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٦ ، المغني ١ : ٦١٨ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٨.

(٢) مغني المحتاج ١ : ١٧٥.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٢٩٣ / ٩٠٤ ، سنن الدارمي ١ : ٣٠٩ ، سنن أبي داود ١ : ٢٥٧ / ٩٧٦ ، سنن البيهقي ٢ : ١٤٦ و ١٤٧.

(٤) التهذيب ٢ : ١٠١ / ٣٧٩ ، الاستبصار ١ : ٣٤٢ / ١٢٨٩.

٢٣٦

مسألة ٢٩٦ : ويستحب الزيادة في التشهد بالأذكار المنقولة‌ عن أهل البيتعليهم‌السلام ، لأنهم أعرف بمواقع الشرع وكيفيته لأنهم مهبط الوحي ، قال الصادقعليه‌السلام : « إذا جلست في الثانية ، فقل : بسم الله وبالله ، والحمد لله ، وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ، وأشهد أن ربّي نعم الرب ، وأن محمداً نعم الرسول ، اللهم صلّ على محمد وآل محمد ، وتقبّل شفاعته في اُمته وارفع درجته ، ثم تحمد الله مرتين ، أو ثلاثاً ، ثم تقوم.

فإذا جلست في الرابعة قلت : بسم الله وبالله ، والحمد لله ، وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ، أشهد أنك نعم الرب ، وأن محمدا نعم الرسول ، التحيات لله الصلوات الطاهرات ، الطيبات ، الزاكيات ، الغاديات ، الرائحات ، السابغات ، الناعمات لله ، ما طاب ، وزكى ، وطهر وخلص ، وصفى فللّه ، أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ، أشهد أن ربي نعم الرب ، وأن محمداً نعم الرسول ، وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، الحمد لله رب العالمين ، اللهم صلى على محمد وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد ، وسلّم على محمد وآل محمد ، وترحم على محمد وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وامنن عليَّ بالجنّة وعافني من النار »(١) وقد روي زيادة على ذلك.

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٩ / ٣٧٣.

٢٣٧

أما الجمهور فالمشهور عندهم ثلاث روايات :

إحداها : ما رواه ابن عباس : التحيات المباركات ، الصلوات الطيبات لله ، سلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله(١) .

الثانية : عن ابن مسعود : التحيات لله ، والصلوات ، والطيبات ، السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وهي مذكورة في الصحيحين(٢) .

الثالثة : عن عمر بن الخطاب : التحيات لله ، الزاكيات لله ، الطيبات لله ، الصلوات لله ، السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله(٣) .

واختار الشافعي الأول(٤) ، وأبو حنيفة الثاني ، وبه قال الثوري ،

____________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٣٠٢ / ٤٠٣ ، سنن النسائي ٢ : ٢٤٢ ، سنن الترمذي ٢ : ٨٣ / ٢٩٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥٠ / ٢ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧٧.

(٢) صحيح البخاري ١ : ٢١١ - ٢١٢ ، صحيح مسلم ١ : ٣٠١ / ٤٠٢ ، سنن النسائي ٢ : ٢٣٨ ، سنن الترمذي ٢ : ٨١ / ٢٨٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥٠ / ٤ و ٣٥٢ / ١٠ و ٣٥٣ / ١٢ و ١٣ و ٣٥٤ / ١٤.

(٣) الموطأ ١ : ٩٠ / ٥٣ ، سنن البيهقي ٢ : ١٤٤.

(٤) المجموع ٣ : ٤٥٧ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٤ ، شرح العناية ١ : ٢٧٢ ، عمدة القارئ ٦ : ١١٥ ، المغني ١ : ٦٠٩ ، الشرح الكبير ١ : ٦٠٩ ، بداية المجتهد ١ : ١٣٠ ، نيل الأوطار ٢ : ٣١٥ ، سبل السلام ١ : ٣٢٣.

٢٣٨

وأحمد ، وإسحاق ، وابن المنذر(١) ، واختار مالك الثالث(٢) .

والكل عندنا باطل ، لأن التسليم مخرج عن الصلاة.

إذا ثبت هذا ، فإنه يستحب عندنا تقديم التسمية ؛ لما تقدم في الأحاديث عن أهل البيتعليهم‌السلام (٣) ، ورواه الجمهور عن جابر(٤) ، وأنكره الشافعي ، وابن المنذر(٥) ، لأن ابن عباس سمع رجلاً يقول : بسم الله ، فانتهره(٦) .

تنبيه : قال ابن عباس : التحيات لله يعني العظمة لله ، الصلوات يريد الصلوات الخمس ، الطيبات الأعمال الصالحة(٧) .

وقال أبو عمرو : التحيات لله ، معناه الملك لله ، وقيل : الطيبات هو الثناء على الله(٨) .

وفي السلام قولان : أحدهما : أن معناه اسم السلام ، والسلام هو الله‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٧ ، اللباب ١ : ٧٢ - ٧٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٢١١ ، المغني ١ : ٦٠٨ ، الشرح الكبير ١ : ٦٠٩ ، العدة شرح العمدة : ٧٩ ، المجموع ٣ : ٤٥٧ ، فتح العزيز ٣ : ٥١٠ ، بداية المجتهد ١ : ١٣٠ ، نيل الأوطار ٢ : ٣١٥.

(٢) المدونة الكبرى ١ : ١٤٣ ، المنتقى للباجي ١ : ١٦٧ ، بداية المجتهد ١ : ١٣٠ ، المجموع ٣ : ٤٥٧ ، فتح العزيز ٣ : ٥١٠ ، المغني ١ : ٦٠٨ ، الشرح الكبير ١ : ٦٠٩ ، عمدة القارئ ٦ : ١١٥ ، نيل الأوطار ٢ : ٣١٥.

(٣) انظر على سبيل المثال التهذيب ٢ : ٩٩ / ٣٧٣.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٢٩٢ - ٩٠٢ ، سنن النسائي ٢ : ٢٤٣.

(٥) المجموع ٣ : ٤٥٨ ، فتح العزيز ٣ : ٥١١ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٥ ، المغني ١ : ٦١١ ، الشرح الكبير ١ : ٦١١.

(٦) المغني ١ : ٦١١ ، الشرح الكبير ١ : ٦١١.

(٧و٨) المغني ١ : ٦١٧ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٧.

٢٣٩

كما يقال : اسم الله عليك ، والثاني : سلام الله عليك تسليماً وسلاماً.

مسألة ٢٩٧ : يستحب للإِمام أن يسمع من خلفه الشهادتين ، وليس على المأموم ذلك ، قال أبو بصير : صليت خلف الصادقعليه‌السلام ، فلمـّا كان في آخر تشهده رفع صوته حتى أسمعنا ، فلمّا انصرف قلت : كذا ينبغي للإمام أن يسمع تشهده من خلفه؟ قال : « نعم »(١) وقال الصادقعليه‌السلام : « ينبغي للإِمام أن يسمع من خلفه التشهد ولا يسمعونه شيئاً »(٢)

وليس على الوجوب إجماعاً ، ولأن علي بن يقطين سأل أبا الحسن الماضيعليه‌السلام عن الرجل هل يصلح أن يجهر بالتشهد ، وبالقول في الركوع والسجود والقنوت؟ قال : « إن شاء جهر وإن شاء لم يجهر »(٣) .

وقال أحمد : يستحب إخفاء التشهد ؛ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن يجهر به(٤) . وهو ممنوع ؛ لأن عدم السماع لا يدل على العدم ، ولأنه مندوب فجاز تركه أحيانا.

مسألة ٢٩٨ : يجوز الدعاء في التشهد‌ ، وفي جميع أحوال الصلاة كالقنوت ، والركوع ، والسجود ، والقيام قبل القراءة ، وبعدها بالمباح من أمر الدين والدنيا عند علمائنا أجمع ، سواء كان مما ورد به الشرع ، أو لا - وبه قال الشافعي(٥) - لأن أبا هريرة روى أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إذا تشهد أحدكم فليتعوذ من أربع : من عذاب النار ، وعذاب القبر ، وفتنة المحيى وفتنة الممات ، وفتنة المسيح الدجال ، ثم يدعو لنفسه ما بدا‌

____________________

(١) التهذيب ٢ : ١٠٢ / ٣٨٢.

(٢) الكافي ٣ : ٣٣٧ / ٥ ، الفقيه ١ : ٢٦٠ / ١١٨٩ ، التهذيب ٢ : ١٠٢ / ٣٨٤.

(٣) التهذيب ٢ : ١٠٢ / ٣٨٥.

(٤) المغني ١ : ٦١٧ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٨.

(٥) المجموع ٣ : ٤٦٩ و ٤٧١ ، فتح العزيز ٣ : ٥١٦ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٦ ، المغني ١ : ٦٢٠ - ٦٢١ ، الشرح الكبير ١ : ٦٢٠ ، عمدة القارئ ٦ : ١١٨.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380