تذكرة الفقهاء الجزء ٣

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: 380

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 310017 / تحميل: 7978
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٦-١
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

بخلاف صورة النزاع.

مسألة ٤٦٦ : يستحب أن يقرأ في الاُولى بعد الحمد : التوحيد ، وفي الثانية : الجحد‌ - وروي العكس(١) - رواه العامّة عن النبي(٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والخاصّة عن الصادق(٣) عليه‌السلام .

وأن يدعو عقيب الركعتين بالمنقول.

ولو نسي الركعتين حتى مات ، قضى عنه وليّه واجباً إن كان الطواف واجباً ، وإلّا ندباً ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « مَنْ نسي أن يصلّي ركعتي طواف الفريضة حتى يخرج من مكة فعليه أن يقضي ، أو يقضي عنه وليّه ، أو رجل من المسلمين »(٤) .

ولو نسيهما حتى شرع في السعي ، قطع السعي ، وعاد إلى المقام ، فصلّى الركعتين ، ثم عاد فتمّم السعي ؛ لما رواه محمد بن مسلم - في الصحيح - عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن رجل يطوف بالبيت ثم ينسى أن يصلّي الركعتين حتى يسعى بين الصفا والمروة خمسة أشواط أو أقلّ من ذلك ، قال : « ينصرف حتى يصلّي الركعتين ثم يأتي مكانه الذي كان فيه فيتمّ سعيه»(٥) .

ويستحب أن يدعو عقيب الركعتين بالمنقول.

مسألة ٤٦٧ : يستحب للحاج والمعتمر إذا دخل المسجد للطواف‌ أن‌

____________________

(١) سنن الترمذي ٣ : ٢٢١ / ٨٦٩ ، سنن النسائي ٥ : ٢٣٦ ، سنن البيهقي ٥ : ٩١.

(٢) سنن الترمذي ٣ : ٢٢١ / ٨٧٠ ، سنن البيهقي ٥ : ٩١.

(٣) الكافي ٤ : ٤٢٣ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٣٦ / ٤٥٠ ، و ٢٨٦ / ٩٧٣.

(٤) التهذيب ٥ : ١٤٣ / ٤٧٣.

(٥) التهذيب ٥ : ١٤٣ / ٤٧٤.

١٠١

لا يتشاغل بشي‌ء حتى يطوف ؛ لقوله تعالى :( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ ) (١) .

ولأنّ الطواف تحيّة المسجد ، فاستحبّ التبادر إليه.

وروى جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دخل مكة ارتفاع الضحى ، فأناخ راحلته عند باب بني شيبة ، ودخل إلى المسجد ، واستلم الحجر وطاف(٢) .

ولو دخل المسجد والإمام مشتغل بالفريضة ، صلّى معه المكتوبة ، ولا يشتغل بالطواف ، فإذا فرغ من الصلاة ، طاف حينئذٍ ، تحصيلاً لفضيلة الجماعة ، وتقديماً للفائت وقته ، وهو الجماعة ، دون ما لا يفوت ، وهو الطواف ، وكذا لو قربت إقامة الصلاة.

مسألة ٤٦٨ : ولا يستحب رفع اليدين عند مشاهدة البيت.

قال الشيخ : إنّه لا يعرفه أصحابنا(٣) .

وأنكر مالك استحبابه(٤) .

وقال الشافعي : لا أكرهه ولا أستحبّه(٥) .

وقال أحمد : إنّه مستحب. وهو مروي عن ابن عباس وابن عمر والثوري وابن المبارك(٦) .

لما رواه العامّة عن المهاجر المكّي ، قال : سُئل جابر بن عبد الله : عن الرجل يرى البيت أيرفع يديه؟ قال : ما كنت أظنّ أنّ أحداً يفعل هذا‌

____________________

(١) البقرة : ١٤٨ ، المائدة : ٤٨.

(٢) المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٥٤ - ٤٥٥ ، سنن البيهقي ٥ : ٧٤.

(٣) الخلاف ٢ : ٣٢٠ ، المسألة ١٢٣.

(٤) حلية العلماء ٣ : ٣٢٥ ، المجموع ٨ : ٩ ، المغني ٣ : ٣٨٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨٩.

(٥) المجموع ٨ : ٨.

(٦) المغني ٣ : ٣٨٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٨٩ ، المجموع ٨ : ٩.

١٠٢

إلّا اليهود ، حججنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يكن يفعله(١) .

احتجّ : بما روي عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( لا ترفع الأيدي إلّا في سبع مواطن : افتتاح الصلاة واستقبال البيت ، وعلى الصفا والمروة ، وعلى الموقفين والجمرتين )(٢) .

وهو محمول على الرفع عند الدعاء.

مسألة ٤٦٩ : يستحب أن يقف عند الحجر الأسود ويدعو ويكبّر عند محاذاة الحجر‌ ويرفع يديه ويحمد الله ويثني عليه ؛ لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، استقبل الحجر واستلمه وكبَّر(٣) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك واحمد الله وأثن عليه »(٤) الحديث.

ويستحب له أن يستلم الحجر ويُقبّله إجماعاً ؛ لما رواه العامّة : أنّ عمر بن الخطّاب انكبّ على الحجر وقال : أما إنّي أعلم أنّك حجر لا تضرّ ولا تنفع ، ولو لا أنّي رأيت رسول الله يُقبّلك لما قبّلتك(٥) .

ومن طريق الخاصّة : قول الصادقعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : استلموا الركن ، فإنّه يمين الله في خلقه يصافح بها خلقه مصافحة العبد أو الدخيل ، ويشهد لمن استلمه بالموافاة »(٦) .

إذا عرفت هذا ، فإن لم يتمكّن من الاستلام ، استلمه بيده وقبّل يده ،

____________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ١٧٥ / ١٨٧٠ ، وسنن النسائي ٥ : ٢١٢ ، وفيه : فلم نكن نفعله.

(٢) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٨٨ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٨٩.

(٣) المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٥٤ ، وليس فيه تكبير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

(٤) الكافي ٤ : ٤٠٢ - ٤٠٣ / ١ ، التهذيب ٥ : ١٠١ / ٣٢٩.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٩٢٥ / ٢٥٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٨١ / ٢٩٤٣ ، سنن البيهقي ٥ : ٧٤.

(٦) التهذيب ٥ : ١٠٢ / ٣٣١ ، وبتفاوت يسير في الكافي ٤ : ٤٠٦ / ٩.

١٠٣

فإن لم يتمكّن من ذلك ، أشار إليه بيده - وبه قال الشافعي(١) - لقول الصادقعليه‌السلام : « فإن وجدته خالياً وإلّا فسلّم من بعيد »(٢) .

وسُئل الرضاعليه‌السلام : عن الحجر الأسود أيقاتل عليه الناس إذا كثروا؟ قال : « إذا كان كذلك فأوم بيدك »(٣) .

وليس الاستلام واجباً ؛ لأصالة البراءة.

ولأنّ معاوية بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام - في الصحيح - عن رجل حجّ فلم يستلم الحجر ولم يدخل الكعبة ، قال : « هو من السنّة ، فإن لم يقدر فالله أولى بالعذر »(٤) .

ومقطوع اليد يستلم الحجر بموضع القطع ، ولو قُطعت من المرفق ، استلم بشماله ؛ لقول عليعليه‌السلام وقد سُئل عن الأقطع كيف يستلم؟ : « يستلم الحجر من حيث القطع ، فإن كانت مقطوعةً من المرفق استلم الحجر بشماله »(٥) .

مسألة ٤٧٠ : ويستحب أن يستلم الركن اليماني‌ ويُقبّله ، فإن لم يتمكّن ، استلمه بيده وقبّل يده - وبه قال أحمد(٦) - لما رواه العامّة عن ابن عباس ، قال : رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا استلم الركن ، قبَّله ، ووضع خدّه الأيمن عليه(٧) .

وقال ابن عمر : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان لا يستلم إلّا الحجر والركن‌

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٣١٨ - ٣١٩ ، المهذّب - للشيرازي - ١ : ٢٢٩ ، المجموع ٨ : ٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٩.

(٢) الكافي ٤ : ٤٠٥ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١٠٣ / ٣٣٣.

(٣) التهذيب ٥ : ١٠٣ / ٣٣٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٠٥ / ٤ ، التهذيب ٥ : ١٠٣ / ٣٣٤.

(٥) الكافي ٤ : ٤١٠ / ١٨ ، التهذيب ٥ : ١٠٦ - ١٠٧ / ٣٤٥.

(٦) المغني ٣ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠.

(٧) المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥ ، وبتفاوت يسير في المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٥٦ ، وسنن البيهقي ٥ : ٧٦.

١٠٤

اليماني(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم [ عن جعفر ](٢) عن أبيه [عليهما‌السلام ](٣) قال : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يستلم الركن إلّا الركن الأسود واليماني ، ويُقبّلهما ، ويضع خدّه عليهما »(٤) .

وقال الشافعي : يستحب أن يستلمه بيده ويُقبّل يده ولا يُقبّله(٥) .

وقال أبو حنيفة : لا يستلمه(٦) .

وقال مالك : يستلمه ولا يُقبّل يده ، وإنّما يضعها على فيه(٧) .

قال ابن عبد البرّ : أجمع أهل العلم على استلام الركنين ، وإنّما اختلفوا في التقبيل ، فشرّكه قوم بينهما وخصّ قوم الحجر به(٨) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يستحب استلام الأركان كلّها ، وآكدها ركن الحجر واليماني ، ذهب إليه علماؤنا - وبه قال ابن عباس وجابر وابن الزبير(٩) - لما رواه العامّة أنّه لمـّا قدم معاوية مكة وابن عباس بها ، فاستلم‌

____________________

(١) صحيح مسلم ٢ : ٩٢٤ / ٢٤٤ ، سنن النسائي ٥ : ٢٣١ ، سنن البيهقي ٥ : ٧٦ ، المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥.

(٢ و ٣ ) أضفناها من المصدر.

(٤) التهذيب ٥ : ١٠٥ - ١٠٦ / ٣٤١ ، الاستبصار ٢ : ٢١٦ - ٢١٧ / ٧٧٤.

(٥) الاُم ٢ : ١٧٠ ، المجموع ٨ : ٣٥ و ٥٨ ، فتح العزيز ٧ : ٣١٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ ، المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٩.

(٦) فتح العزيز ٧ : ٣١٩ ، المجموع ٨ : ٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ ، المغني ٣ : ٣٩٩ - ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٤ - ٣٩٥.

(٧) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٦٣ - ٣٦٤ ، المنتقى - للباجي - ٢ : ٢٨٧ - ٢٨٨ ، فتح العزيز ٧ : ٣٢٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ ، المجموع ٨ : ٥٨.

(٨) المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥.

(٩) المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥ ، المجموع ٨ : ٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ - ٣٣١.

١٠٥

ابن عباس الأركان كلّها ، فقال معاوية : ما كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يستلم إلّا الركنين اليمانيّين ، فقال ابن عباس : ليس من البيت شي‌ء مهجور(١) .

ومن طريق الخاصّة : ما رواه إبراهيم بن أبي محمود ، قال : قلت للرضاعليه‌السلام : أستلم اليماني والشامي والغربي؟ قال : « نعم »(٢) .

ولأنّهما ركنان ، فاستحبّ استلامهما ، كاليمانيّين.

وأنكر الفقهاء الأربعة ذلك(٣) ؛ لقول ابن عمر : أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يستلم الركن اليماني والأسود في كلّ طوفة ، ولا يستلم الركنين اللذين يليان الحجر(٤) .

قال ابن عمر : ما أراه لم يستلم الركنين اللذين يليان الحجر إلّا لأنّ البيت لم يتمّ على قواعد إبراهيمعليه‌السلام (٥) .

والجواب : رواية الإثبات مقدَّمة.

ويحتمل : أنّه كان يقف عند اليمانيّين أكثر.

تنبيه : في الاستلام لغتان : الهمز وعدمه.

____________________

(١) مسند أحمد ٤ : ٩٤ - ٩٥ بتفاوت ، وفي ذيله ما يشعر باختلاف الناس في هذه الرواية ، فمنهم من قال بأنّ المجيب هو معاوية. وانظر : صحيح البخاري ٢ : ١٨٦ ، وسنن الترمذي ٣ : ٢١٣ / ٨٥٨ ، وسنن البيهقي ٥ : ٧٧ ، ومسند أحمد ١ : ٢١٧.

(٢) التهذيب ٥ : ١٠٦ / ٣٤٣ ، الاستبصار ٢ : ٢١٦ / ٧٤٣.

(٣) المدوّنة الكبرى ١ : ٣٦٣ ، المجموع ٨ : ٥٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٠ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٤٨ ، المغني ٣ : ٣٩٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥.

(٤) فتح العزيز ٧ : ٣١٩ ، وبتفاوت في صحيح البخاري ٢ : ١٨٦ ، وصحيح مسلم ٢ : ٩٢٤ - ٢٤٤ ، ومسند أحمد ٢ : ١٨.

(٥) المغني ٣ : ٤٠٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٥ ، وبتفاوت في صحيح مسلم ٢ : ٩٦٩ / ٣٩٩ ، وصحيح البخاري ٢ : ١٧٩ ، وسنن البيهقي ٥ : ٧٧.

١٠٦

فعلى الثاني قال السيّد المرتضى : إنّه افتعال من السِّلام ، وهي الحجارة(١) .

فإذا مسّ الحجر بيده ومسحه بها ، قيل : استلم ، أي مسّ السِّلام بيده.

وقيل : إنّه مأخوذ من السَّلام(٢) ، أي أنّه يُحيّي نفسه عن الحجر ؛ إذ ليس الحجر ممّن يحيّيه ، وهذا كما يقال : اختدم : إذا لم يكن له خادم سوى نفسه.

وحكى ثعلب : الهمز ، وفسّره بأنّه اتّخذه جُنّةً وسلاحاً من اللأمة(٣) ، وهي الدرع(٤) . وهو حسن.

مسألة ٤٧١ : يستحب الاستلام في كلّ شوط‌ ، لأنّ النبيعليه‌السلام كان يستلم الركن اليماني والأسود في كلّ طوفة(٥) .

ويستحب الدعاء في الطواف بالمنقول ، والوقوف عند اليماني والدعاء عنده.

ويستحب له أن يلتزم المستجار في الشوط السابع ، ويبسط يديه على حائطه ، ويلصق به بطنه وخدّه ، ويدعو بالمأثور ، ويعترف بذنوبه.

قال الصادقعليه‌السلام : « ثم أقرّ لربّك بما عملت من الذنوب فإنّه ليس عبد مؤمن يقرّ لربّه بذنوبه في هذا المكان إلّا غفر له »(٦) .

ولو نسي الالتزام حتى جاز موضعه في مؤخّر الكعبة مقابل الباب‌

____________________

(١) رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٢٧٥.

(٢) تهذيب اللغة ١٢ : ٤٥١.

(٣) اللامة : الهول. لسان العرب ١٢ : ٥٥٧ « لوم ».

(٤) كما في رسائل الشريف المرتضى ٣ : ٢٧٥.

(٥) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ١٠٥ ، الهامش (٤).

(٦) الكافي ٤ : ٤١١ / ٥ ، التهذيب ٥ : ١٠٧ - ١٠٨ / ٣٤٩.

١٠٧

دون الركن اليماني بقليل ، فلا إعادة عليه.

ولو ترك الاستلام ، لم يكن عليه شي‌ء ، وبه قال عامّة الفقهاء ؛ لأنّه مستحب ، فلا يتعقّب بتركه جناية.

وحكي عن الحسن البصري والثوري وعبد الملك بن الماجشون أنّ عليه دماً(١) ؛ لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( مَنْ ترك نسكاً فعليه دم )(٢) .

وليس حجّةً ؛ لأنّه مخصوص بالواجب.

قال الشيخ في المبسوط : قد روي أنّه يستحب الاضطباع ، وهو أن يدخل إزاره تحت منكبه الأيمن ويجعله على منكبه الأيسر(٣) .

وهو مأخوذ من الضَّبْع ، وهو عضد الإنسان ، وأصله التاء قلبوها طاءً ؛ لأنّ التاء متى وقعت بعد صاد أو ضاد أو طاء ساكنة قلبت طاء.

إذا ثبت هذا ، فأكثر العلماء على استحبابه(٤) ، لقول ابن عباس : لمـّا دخل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله على قريش ، فاجتمعت نحو الحجر ، اضطبع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) .

قال الشافعي : ويبقى مضطبعاً حتى يتمّ السعي بين الصفا والمروة ويتركه عند الصلاة للطواف(٦) .

____________________

(١) اُنظر : المجموع ٨ : ٥٩ ، وفي حلية العلماء ٣ : ٣٣١ ، والمغني ٣ : ٣٩٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٩٨ حكاية القول بذلك عنهم في ترك الرمل لا ترك الاستلام ، فلاحظ.

(٢) أورده الرافعي في فتح العزيز ٧ : ٣٦٤ ، والشيرازي في المهذّب ١ : ٢٣٣ ، والماوردي في الحاوي الكبير ٤ : ١٧٤ وابنا قدامه في المغني ٣ : ٣٩٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٩٨.

(٣) المبسوط ١ : ٣٥٦.

(٤) المغني ٣ : ٣٩١ - ٣٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩١.

(٥) مسند أحمد ١ : ٣٠٥.

(٦) فتح العزيز ٧ : ٣٣٨ - ٣٣٩ ، المجموع ٨ : ٢٠.

١٠٨

وقال أحمد : لا يضطبع في السعي(١) .

وقال مالك : إنّه ليس بمستحب. قال : ولم أسمع أحداً من أهل العلم ببلدنا يذكر أنّ الاضطباع سنّة(٢) .

مسألة ٤٧٢ : يستحب له أن يقصد في مشيه بأن يمشي مستوياً بين السَّرَع والإبطاء ، قاله الشيخ –رحمه‌الله - في بعض كتبه(٣) .

وقال في المبسوط : يستحب أن يرمل ثلاثاً ، ويمشي أربعاً في طواف القدوم خاصّة ؛ اقتداءً برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

واتّفقت العامّة على استحباب الرمل في الأشواط الثلاثة الأُوَل ، والمشي في الأربعة في طواف القدوم ؛ لما رواه الصادقعليه‌السلام عن جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رمل ثلاثاً ومشى أربعاً(٥) .

والسبب فيه قول ابن عباس : قدم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مكة ، فقال المشركون : إنّه يقدم عليكم قوم تنهكهم(٦) الحمّى ولقوا منها شرّاً ، فأمرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يرملوا الأشواط الثلاثة ، وأن يمشوا بين الركنين ، فلمـّا رأوهم قالوا : ما نراهم إلّا كالغزلان(٧) .

ولو ترك الرمل ، لم يكن عليه شي‌ء ؛ لأنّه مستحب ، وهو قول عامّة‌

____________________

(١) المغني والشرح الكبير ٣ : ٣٩٢ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٢.

(٢) المغني ٣ : ٣٩٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩١ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣١ ، المجموع ٨ : ٢١.

(٣) النهاية : ٢٣٧.

(٤) المبسوط ١ : ٣٥٦.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٧ / ١٢١٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٣ / ١٩٥ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١٢ / ٨٥٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٨٣ / ٢٩٥١ و ١٠٢٣ / ٣٠٧٤.

(٦) نهكته الحُمّى : جهدته وأضْنَتْه ونقصت لحمه. لسان العرب ١٠ : ٤٩٩ « نهك ».

(٧) اُنظر : سنن أبي داود ٢ : ١٧٨ / ١٨٨٦ و ١٧٩ / ١٨٨٩.

١٠٩

الفقهاء(١) .

وقال الحسن البصري : إنّ عليه دماً. وهو محكي عن الثوري وعبد الملك بن الماجشون(٢) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( مَنْ ترك نسكاً فعليه دم )(٣) .

وجوابه : المراد من النسك الواجبُ.

ويعارضه ما رواه العامّة عن ابن عباس أنّه قال : ليس على من ترك الرمل شي‌ء(٤) .

ومن طريق الخاصّة : رواية سعيد الأعرج ، أنّه سأل الصادقَعليه‌السلام عن المسرع والمبطئ في الطواف ، فقال : « كُلٌّ واسع ما لم يؤذ أحداً »(٥) .

ولو تركه في الثلاثة الأُول ، لم يقض في الأربع الباقية ؛ لأنّها هيئة في الأُول ، فإذا فات موضعها ، سقطت ، ولزم سقوط هيئة البواقي.

وإذا قلنا باستحباب الرمل في الثلاثة الأُول ، استحبّ من الحِجْر إليه - وهو قول أكثر العلماء(٦) - لما رواه العامّة : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله رمل من الحِجْر إلى الحِجْر(٧) .

وقال طاوُس وعطاء والحسن وسعيد بن جبير : يمشي ما بين الركنين ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أصحابه بأن يرملوا الأشواط الثلاثة ويمشوا ما‌

____________________

(١ و ٢ ) المغني ٣ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٨ ، المجموع ٨ : ٥٩ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣١.

(٣) أورده الرافعي في فتح العزيز ٧ : ٣٦٤ ، والشيرازي في المهذّب ١ : ٢٣٣ ، والماوردي في الحاوي الكبير ٤ : ١٧٤ وابنا قدامة في المغني ٣ : ٣٩٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٩٨.

(٤) المغني ٣ : ٣٩٦ - ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٨.

(٥) الفقيه ٢ : ٢٥٥ / ١٢٣٨.

(٦) المغني ٣ : ٣٩٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٦ - ٣٩٧ ، المجموع ٨ : ٩٨.

(٧) صحيح مسلم ٢ : ٩٢١ / ٢٣٣ - ٢٣٦ ، سنن الترمذي ٣ : ٢١٢ / ٨٥٧ ، سنن أبي داود ٢ : ١٧٩ / ١٨٩١.

١١٠

بين الركنين ليرى المشركون جَلَدَهُمْ(١) لمـّا وَهَنَتْهم(٢) الحُمّى حتى قال المشركون : هؤلاء أجلد منّا(٣) .

ولو ترك الرمل في أوّل شوط ، رمل في الاثنين ، وإن تركه في الاثنين ، رمل في الثالث خاصّةً.

ولو تركه في طواف القدوم ، لم يستحب قضاؤه في طواف الحجّ ؛ لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّما رمل في طواف القدوم(٤) ، خلافاً لبعض العامّة(٥) .

وقال بعض العامّة : ليس على أهل مكّة رمل - وقاله ابن عباس وابن عمر - لأنّه شُرّع في الأصل لإظهار الجلد والقوّة لأهل البلد(٦) .

ولا يستحب للنساء الرمل ولا الاضطباع.

ويرمل الحامل للمريض والصبي ، والراكب يحثّ دابّته.

وللشافعي قول آخر في أنّ الحامل للمريض لا يرمل به(٧) .

مسألة ٤٧٣ : يستحب التداني من البيت في الطواف ؛ لأنّه المقصود ، فالدنوّ منه أولى ولو كان بالقرب زحام لا يمكنه أن يرمل فيه ، فإن كان يعلم أنّه إن وقف وجد فرجةً ، وقف ، فإذا وجد فرجةً ، رمل ، وإن كان يعلم أنّه لا يجد فرجةً لكثرة الزحام وعلم أنّه إن خرج إلى حاشية الناس‌

____________________

(١) الجَلَد : القوّة والصبر. النهاية - لابن الأثير - ١ : ٢٨٤ « جلد ».

(٢) أي : أضعفتهم. النهاية - لابن الأثير - ٥ : ٢٣٤ « وهن ».

(٣) المغني ٣ : ٣٩٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٩٧ ، المجموع ٨ : ٥٨.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٨٧ / ١٢١٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٢٣ / ٣٠٧٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٨٣ / ١٩٠٥ ، سنن الدارمي ٢ : ٤٦.

(٥) المغني ٣ : ٣٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٣.

(٦) المغني ٣ : ٣٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٢.

(٧) المجموع ٨ : ٤٤.

١١١

يمكن الرمل ، خرج ورمل ، وكان أفضل من التداني ، وإن لم يتمكّن من الخروج ، طاف من غير رمل ، ولو تباعد حتى طاف بالسقاية وزمزم ، لم يجزئ - خلافاً للشافعي(١) - لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كذا فَعل ، وقال : ( خُذوا عنّي مناسككم )(٢) .

مسألة ٤٧٤ : يستحب أن يطوف ماشياً مع القدرة ، ولو ركب معها ، أجزأه ، ولا يلزمه دم - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ جابراً قال : طاف رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرفَ عليهم ليسألوه ، فإنّ الناس غشوه(٤) .

وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد : إن طاف راكباً لعذر ، فلا شي‌ء عليه ، وإن كان لغير عذر ، فعليه دم ؛ لأنّها عبادة واجبة تتعلّق بالبيت ، فلا يجوز فعلها لغير عذر راكباً ، كالصلاة(٥) .

والفرق : أنّ الصلاة لا تصحّ راكباً وهنا تصحّ.

مسألة ٤٧٥ : يستحب طواف ثلاثمائة وستّين طوافاً‌ ، فإن لم يتمكّن فثلاثمائة وستّين شوطاً ، ويلحق الزيادة بالطواف الأخير بأن يطوف اُسبوعاً ، ثم يصلّي ركعتين ، وهكذا.

ويجوز القرآن في النوافل على ما يأتي ، فيؤخّر الصلاة فيها إلى حين‌

____________________

(١) الاُم ٢ : ١٧٧ ، فتح العزيز ٧ : ٣٠١ ، المجموع ٨ : ٣٩.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ١٢٥.

(٣) فتح العزيز ٧ : ٣١٥ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، المجموع ٨ : ٢٧ ، المغني ٣ : ٤٢٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٤.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٩٢٧ / ٢٥٥ ، سنن البيهقي ٥ : ١٠٠.

(٥) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٤ - ٤٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٣٠ ، المغني ٣ : ٤٢٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٢٨ ، المجموع ٨ : ٢٧.

١١٢

الفراغ.

وإن لم يستطع ، طاف ما يمكن منه.

قال الصادقعليه‌السلام : « يستحب أن تطوف ثلاثمائة وستّين اُسبوعاً عدد أيّام السنة ، فإن لم تستطع فثلاثمائة وستّين شوطاً ، فإن لم تستطع فما قدرت عليه من الطواف »(١) .

البحث الثالث : في الأحكام.

مسألة ٤٧٦ : قد بيّنّا وجوب الطهارة من الحدث والخبث في الثوب والبدن ، ووجوب الستر ، فلو طاف جنباً أو محدثاً أو عارياً ، أو طافت المرأة حائضاً أو نفساء ، أو طاف وعلى ثوبه أو بدنه نجاسة عالماً أو ناسياً في طواف الفريضة ، لم يعتد بذلك الطواف ، وكذا لو كان يطأ في مطافه النجاسات المتعدّية إلى بدنه أو ثوبه.

ولو أحدث في خلال الطواف ، فإن كان بعد طواف أربعة أشواط ، تطهّر وأتمّ طوافه ، وإن كان قبل ذلك ، تطهّر واستأنف الطواف من أوّله ؛ لقول أحدهماعليهما‌السلام : في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه ، قال : « يخرج ويتوضّأ ، فإن كان جاز النصف بنى على طوافه ، وإن كان أقلّ من النصف أعاد الطواف »(٢) .

ولم يفصّل العامّة ذلك ، بل قالوا : إن تعمّد الحدث ، فللشافعي قولان : أحدهما : أنّه يستأنف ، كالصلاة. وأصحّهما : البناء. ويحتمل فيه ما لا يحتمل في الصلاة ، كالفعل الكثير والكلام.

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤٢٩ / ١٤ ، الفقيه ٢ : ٢٥٥ / ١٢٣٦ ، التهذيب ٥ : ١٣٥ / ٤٤٥.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٤ / ٢ ، التهذيب ٥ : ١١٨ / ٣٨٤.

١١٣

وإن سبقه الحدث ، فإن قلنا : يبني في العمد ، فهنا أولى ، وإن قلنا : يستأنف ، فقولان : أصحّهما : البناء.

هذا إذا لم يَطُل الفصل ، وإن طال ، بنى(١) .

ولو كان الطواف نفلاً ، لم يجب عليه الاستئناف ولا إتمامه بطهارة.

ولو ذكر أنّه طاف محدثاً ، فإن كان طواف فريضة ، استأنف الطواف والصلاة إن كان قد صلّى بحدثه.

ولو كان الطواف نفلاً وصلّى ، أعاد الصلاة خاصّةً بعد الطهارة ؛ لرواية حريز - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : في رجل طاف تطوّعاً وصلّى ركعتين وهو على غير وضوء ، فقال : « يُعيد الركعتين ولا يعيد الطواف »(٢) .

ولو شكّ في الطهارة ، فإن كان في أثناء الطواف ، تطهّر واستأنف ؛ لأنّه شكّ في العبادة قبل فراغها ، فيعيد ، كالصلاة ، ولو شكّ بعد الفراغ ، لم يستأنف.

مسألة ٤٧٧ : لو طاف ستّة أشواط ناسياً وانصرف ثم ذكر ، فليضف إليها شوطاً آخر ، ولا شي‌ء عليه ، وإن لم يذكر حتى يرجع إلى أهله ، أَمَر مَنْ يطوف عنه.

وقال أبو حنيفة : يجبره بدم(٣) .

لنا : أصالة البراءة من الدم ، وبقاء عهدة التكليف في الشوط المنسي إلى أن يأتي به.

____________________

(١) فتح العزيز ٧ : ٢٨٧ ، المجموع ٨ : ٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٣٣.

(٢) التهذيب ٥ : ١١٨ / ٣٨٥.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ٤ : ٤٦ ، المغني ٣ : ٤٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٥١١ ، المجموع ٨ : ٢٢.

١١٤

ولرواية الحلبي - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام ، قال : قلت : رجل طاف بالبيت فاختصر شوطاً واحداً في الحِجْر ، قال : « يعيد ذلك الشوط »(١) .

وسأل سليمانُ بن خالد الصادقَعليه‌السلام : عمّن فاته شوط واحد حتى أتى أهله ، قال : « يأمر مَنْ يطوف عنه »(٢) .

ولو ذكر أنّه طاف أقلّ من سبعة أشواط وهو في السعي ، قطع السعي ، وتمّم الطواف ، ثم رجع فتمّم السعي ؛ لأنّ السعي تابع ، فلا يُفعل قبل تحقّق متبوعه ، وإنّما يتحقّق بأجزائه.

ولأنّ إسحاق بن عمّار سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل طاف بالبيت ثم خرج إلى الصفا فطاف بين الصفا والمروة ، فبينا هو يطوف إذ ذكر أنّه قد نقص من طوافه بالبيت ، قال : « يرجع إلى البيت فيُتمّ طوافه ثم يرجع إلى الصفا والمروة فيُتمّ ما بقي »(٣) .

مسألة ٤٧٨ : لو قطع طوافه بدخول البيت أو بالسعي في حاجة له أو لغيره في الفريضة ، فإن كان قد جاز النصف ، بنى ، وإن لم يكن جازه ، أعاد.

وإن كان طواف نافلة ، بنى عليه مطلقاً ؛ لأنّه مع تجاوز النصف يكون قد فَعَل الأكثر ، فيبني عليه ، كالجميع.

ولرواية الحلبي - في الصحيح - قال : سألتُ الصادقَعليه‌السلام : عن رجل طاف بالبيت ثلاثة أشواط ثم وجد من البيت خلوةً فدخله ، كيف يصنع؟ قال : « يعيد طوافه ، وخالف السنّة »(٤) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٠٩ / ٣٥٣.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٨ / ٩ ، الفقيه ٢ : ٢٤٨ - ٢٤٩ / ١١٩٤ ، التهذيب ٥ : ١٠٩ / ٣٥٤.

(٣) الكافي ٤ : ٤١٨ / ٨ ، الفقيه ٢ : ٢٤٨ / ١١٩٠ ، التهذيب ٥ : ١٠٩ - ١١٠ / ٣٥٥.

(٤) التهذيب ٥ : ١١٨ / ٣٨٦ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٣ / ٧٦٨.

١١٥

وعن أبي الفرج قال : طفت مع الصادقعليه‌السلام خمسة أشواط ثم قلت : إنّي اُريد أن أعود مريضاً ، فقال : « احفظ مكانك ثم اذهب فعُدْه ثم ارجع فأتمّ طوافك »(١) .

ولأنّ الصادقعليه‌السلام أمر أبان بن تغلب ، فقال : « اقطع طوافك وانطلق معه في حاجته » فقلت : وإن كان فريضةً؟ قال : « نعم وإن كان فريضةً »(٢) .

وفي حديث آخر : جواز القعود والاستراحة ثم يبني(٣) .

ولو دخل عليه وقت فريضة ، قطع الطواف ، وصلّى الفريضة ، ثم عاد فتمّم طوافه من حيث قطع ، وهو قول العامّة ، إلّا مالكاً ؛ فإنّه قال : يمضي في طوافه إلّا أن يخاف فوات الفريضة(٤) .

وهو باطل ؛ لما رواه العامّة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال : ( إذا اُقيمت الصلاة فلا صلاة إلّا المكتوبة)(٥) والطواف صلاة.

ولأنّ وقت الحاضرة أضيق من وقت الطواف ، فكانت أولى.

ولأنّ عبد الله بن سنان سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل كان في طواف النساء واُقيمت الصلاة ، قال : « يصلّي - يعني الفريضة - فإذا فرغ بنى من حيث قطع »(٦) .

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١١٩ / ٣٩٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٣ - ٢٢٤ / ٧٧٢.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٠ / ٣٩٢.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٤٧ / ١١٨٥ ، التهذيب ٥ : ١٢٠ - ١٢١ / ٣٩٤ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٤ - ٢٢٥ / ٧٧٤.

(٤) المغني ٣ : ٤١٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٣.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٤٩٣ / ٧١٠ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٢ / ١٢٦٦ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٨٢ / ٤٢١ ، سنن النسائي ٢ : ١١٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٦٤ / ١١٥١ ، سنن البيهقي ٢ : ٤٨٢ ، مسند أحمد ٢ : ٤٥٥.

(٦) التهذيب ٥ : ١٢١ / ٣٩٦.

١١٦

إذا عرفت هذا ، فإنّه يبني بعد فراغه من الفريضة ، ويُتمّ طوافه ، وهو قول العلماء إلّا الحسن البصري ؛ فإنّه قال : يستأنف(١) .

والأصل خلافه.

وكذا البحث في صلاة الجنازة ، فإنّها تُقدّم.

وهل يبني من حيث قطع أو من الحجر؟ دلالة ظاهر الحديث على الأوّل.

ولو خاف فوات الوتر ، قطع الطواف وأوتر ثم بنى على ما مضى من طوافه ؛ لأنّها نافلة متعلّقة بوقت ، فتكون أولى من فعل ما لا يفوت وقته.

ولقول الكاظمعليه‌السلام - في الصحيح - : « ابدأ بالوتر واقطع الطواف »(٢) .

مسألة ٤٧٩ : لو حاضت المرأة وقد طافت أربعة أشواط ، قطعت الطواف وسعت ، فإذا فرغت من المناسك ، أتمّت الطواف بعد طُهْرها ، ولو كان دون أربعة ، أبطلت الطواف وانتظرت عرفة ، فإن طهرت وتمكّنت من باقي أفعال العمرة والخروج إلى الموقف ، فَعَلت ، وإلّا صارت حجّتها مفردةً ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام سُئل عن امرأة طافت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت ، قال : « تُتمّ طوافها ، وليس عليها غيره ، ومتعتها تامّة ، ولها أن تطوف بين الصفا والمروة ، لأنّها زادت على النصف وقد قضت متعتها ، ولتستأنف بعدُ الحجَّ ، وإن هي لم تطف إلّا ثلاثة أشواط فلتستأنف الحجَّ ، فإن أقام بها جمّالها بعد الحجّ لتخرج إلى الجعرانة أو إلى التنعيم فلتعتمر »(٣) .

____________________

(١) المغني ٣ : ٤١٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤١٣.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٥ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٤٧ / ١١٨٦ ، التهذيب ٥ : ١٢٢ / ٣٩٧.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٤١ - ٢٤٢ / ١١٥٥ ، وفي التهذيب ٥ : ٣٩٣ / ١٣٧١ ، والاستبصار ٢ : ٣١٣ / ١١١٢ إلى قولهعليه‌السلام : « ولتستأنف بعدُ الحجَّ ».

١١٧

مسألة ٤٨٠ : الطواف ركن مَنْ تركه عامداً بطل حجّه ، ولو تركه ناسياً ، قضاه ولو بعد المناسك ، فإن تعذّر العود ، استناب فيه.

روى علي بن جعفر - في الصحيح - عن أخيه الكاظمعليه‌السلام ، قال : سألته عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع النساء كيف يصنع؟ قال : « يبعث بهدي إن كان تركه في حجّ بعثه في حجّ ، وإن تركه في عمرة بعثه في عمرة ، ووكّل مَنْ يطوف عنه ما ترك من طوافه »(١) .

قال الشيخ : هذا محمول على طواف النساء ؛ لأنّ مَنْ ترك طواف النساء ناسياً جاز له أن يستنيب غيره مقامه في طوافه ، ولا يجوز له ذلك في طواف الحجّ ، بل يجب عليه إعادة الحجّ وبدنة(٢) ؛ لما رواه علي بن جعفر - في الصحيح - أنّه سأل الكاظمَعليه‌السلام : عن رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة ، قال : « إن كان على وجه جهالة في الحجّ أعاد وعليه بدنة »(٣) .

واستدلّ الشيخ على الجميع برواية معاوية بن عمّار ، قال : قلت للصادقعليه‌السلام : رجل نسي طواف النساء حتى دخل أهله ، قال : « لا تحلّ له النساء حتى يزور البيت ». وقال : « يأمر أن يقضى عنه إن لم يحج ، فإن توفّي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليّه »(٤) .

مسألة ٤٨١ : لو شكّ في عدد الطواف ، فإن كان بعد فراغه ، لم يلتفت ، وإن كان في أثنائه ، فإن كان شكّه في الزيادة ، قطع ولا شي‌ء‌

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١٢٨ / ٤٢١ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ٧٨٨.

(٢) التهذيب ٥ : ١٢٨ ذيل الحديث ٤٢١ ، والاستبصار ٢ : ٢٢٨ ذيل الحديث ٧٨٨.

(٣) التهذيب ٥ : ١٢٧ - ١٢٨ / ٤٢٠ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ٧٨٧ وفيه عن علي بن يقطين.

(٤) التهذيب ٥ : ١٢٨ / ٤٢٢ ، الاستبصار ٢ : ٢٢٨ / ٧٨٩.

١١٨

عليه ، وإن كان في النقصان ، مثل : أن يشكّ بين الستّة والسبعة أو الخمسة والستّة ، فان كان طواف الفريضة ، أعاده من أوّله ؛ لأنّ الزيادة والنقصان محظوران.

ولرواية معاوية بن عمّار - في الصحيح - عن الصادقعليه‌السلام : في رجل لم يدر ستّة طاف أم سبعة ، قال : « يستقبل »(١) .

وسأل حنّان بن سدير الصادقَعليه‌السلام : في رجل طاف فأوهم قال : طفت أربعة وقال : طفت ثلاثة ، فقال الصادقعليه‌السلام : « أيّ الطوافين : طواف نافلة أو طواف فريضة؟ » ثم قال : « إن كان طواف فريضة فليلق ما في يديه وليستأنف ، وإن كان طواف نافلة واستيقن الثلاث وهو في شكّ من الرابع أنّه طاف فليبن على الثالث فإنّه يجوز له »(٢) .

ويجوز البناء على الأكثر في النافلة ، لما رواه رفاعة عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال في رجل لا يدري ثلاثة طاف أو أربعة ، قال : « طواف نافلة أو فريضة؟ » قال : أجبني فيهما ، قال : « إن كان طواف نافلة فابن على ما شئت ، وإن كان طواف فريضة فأعد الطواف »(٣) .

ويجوز التعويل على غيره في عدد الطواف ، كالصلاة ؛ لأنّ سعيد الأعرج سأل الصادقعليه‌السلام : عن الطواف أيكتفي الرجل بإحصاء صاحبه؟ قال : « نعم »(٤) .

مسألة ٤٨٢ : لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط في طواف الفريضة ، فلو طاف ثمانية ، أعاد ، ولو كان سهواً ، استحبّ له أن يُتمّم أربعة عشر‌

____________________

(١) الكافي ٤ : ٤١٧ / ٣ ، التهذيب ٥ : ١١٠ / ٣٥٧.

(٢) الكافي ٤ : ٤١٧ - ٤١٨ - ٧ ، التهذيب ٥ : ١١١ - ٣٦٠.

(٣) الفقيه ٢ : ٢٤٩ / ١١٩٦.

(٤) الكافي ٤ : ٤٢٧ / ٢ ، الفقيه ٢ : ٢٥٥ / ١٢٣٤ ، التهذيب ٥ : ١٣٤ / ٤٤٠.

١١٩

شوطا ؛ لأنّها فريضة ذات عدد فتبطلها الزيادة مع العمد كالصلاة.

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله أبو بصير : عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط المفروض ، قال : « يعيد حتى يستتمّه »(١) .

وفي الصحيح عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « مَنْ طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن فليتمّ أربعة عشر شوطا ثم ليصلّ ركعتين »(٢) .

وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال : سألته عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية ، قال : « يضيف اليها ستّة »(٣) .

إذا عرفت هذا ، فإذا كمّل أربعة عشر شوطاً ، صلّى ركعتي طواف الفريضة وسعى ثم عاد إلى المقام وصلّى ركعتي النفل.

ولو ذكر في الشوط الثامن قبل أن يبلغ الركن أنّه قد طاف سبعاً ، فليقطع الطواف ، ولا شي‌ء عليه ؛ لأنّه أتى بالواجب ، وإن لم يذكر حتى يجوزه ، تمّم أربعة عشر شوطاً ، لأنّ أبا كهمس سأل الصادقَعليه‌السلام : عن رجل نسي فطاف ثمانية أشواط ، قال : « إن كان ذكر قبل أن يأتي الركن فليقطعه وقد أجزأ عنه ، وإن لم يذكر حتى يبلغه فليتمّ أربعة عشر شوطا وليصلّ أربع ركعات »(٤) .

مسألة ٤٨٣ : لا يجوز القرآن في طواف الفريضة عند أكثر علمائنا(٥)

____________________

(١) التهذيب ٥ : ١١١ / ٣٦١ ، الاستبصار ٢ : ٢١٧ / ٧٤٦.

(٢) التهذيب ٥ : ١١٢ / ٣٦٤ ، الاستبصار ٢ : ٢١٨ / ٧٥٠.

(٣) التهذيب ٥ : ١١١ - ١١٢ / ٣٦٢ ، الاستبصار ٢ : ٢١٨ / ٧٤٨.

(٤) التهذيب ٥ : ١١٣ / ٣٦٧ ، الاستبصار ٢ : ٢١٩ / ٧٥٣ وفيه وفي نسخة « ن » : أبا كهمش.

(٥) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية : ٢٣٨ ، والمبسوط ١ : ٣٥٧ ، والقاضي ابن البرّاج في المهذّب ١ : ٢٣٢ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٣٧٣.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

يصيب منها ( عنتاً )(١) ؟ قال : « لا بأس أن يقطع صلاته »(٢) .

مسألة ٣٣٢ : لا يقطع الصلاة ما يمر بين يدي المصلي‌ حيواناً كان أو إنساناً ، ذكراً كان أو أنثى ، ذهب إليه علماؤنا أجمع - وبه قال عروة ، والشعبي ، والثوري ، ومالك ، والشافعي ، وأصحاب الرأي(٣) - لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « لا يقطع الصلاة شي‌ء »(٤) .

وقال الفضل بن عباس : أتانا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن في بادية فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة ، وحمارة لنا وكلبة تعبثان بين يديه ، فما بالي ذلك(٥) ، وقالت عائشة : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي صلاته من الليل كلها وأنا معترضة بينه وبين القبلة(٦) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « لا يقطع الصلاة شي‌ء كلب ، ولا حمار ، ولا امرأة ، ولكن استتروا بشي‌ء »(٧) وسأل ابن أبي يعفور الصادقعليه‌السلام عن الرجل هل يقطع صلاته شي‌ء مما يمر به؟ قال : « لا يقطع صلاة المسلم شي‌ء ، ولكن ادرءوا ما استطعتم »(٨) .

____________________

(١) في نسخة ( م ) وبعض نسخ الكافي : عيباً.

(٢) الكافي ٣ : ٣٦٧ / ٣ ، الفقيه ١ : ٢٤١ / ١٠٧١ ، التهذيب ٢ : ٣٣٠ / ١٣٦٠.

(٣) المجموع ٣ : ٢٥٠ ، الميزان ١ : ١٦٠ ، مغني المحتاج ١ : ٢٠١ ، المدونة الكبرى ١ : ١١٤ ، القوانين الفقهية : ٦١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٩١ ، بدائع الصنائع ١ : ٢١٧ ، شرح فتح القدير ١ : ٣٥٢ ، المغني ٢ : ٨٢ ، المحلى ٤ : ١٢.

(٤) سنن أبي داود ١ : ١٩١ / ٧١٩ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٧٨ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٦٧ - ٣ و ٣٦٨ / ٥ و ٦.

(٥) سنن أبي داود ١ : ١٩١ / ٧١٨ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٧٨ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٦٩ / ١١.

(٦) صحيح مسلم ١ : ٣٦٦ / ٢٦٨ ، سنن أبي داود ١ : ١٨٩ / ٧١١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٠٧ / ٩٥٦ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٧٥.

(٧) الكافي ٣ : ٢٩٧ ذيل الحديث ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٢٣ / ١٣١٩ ، الاستبصار ١ : ٤٠٦ / ١٥٥١.

(٨) الكافي ٣ : ٢٩٧ / ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٢٢ / ١٣١٨ ، الاستبصار ١ : ٤٠٦ / ١٥٥٢.

٣٠١

وقال أحمد : يقطعها الكلب الأسود ، والمرأة ، والحمار(١) لأن أبا هريرة قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( يقطع الصلاة المرأة ، والحمار ، والكلب )(٢) وهو منسوخ بما تقدم من الأحاديث للإِجماع على نسخ حكم المرأة.

فروع :

أ - لو جعل بينه وبين ما يمر به حاجزاً زالت الكراهة‌ ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصلّ ، ولا يبالي ما وراء ذلك )(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام « كان رحل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ذراعاً ، وكان إذا صلى وضعه بين يديه يستتر به ممن يمرّ بين يديه »(٤) .

ب - لو لم يتفق له سترة استحب له دفع المار بين يديه‌ لقولهعليه‌السلام : ( لا يقطع الصلاة شي‌ء ، فادرؤا ما استطعتم )(٥) ، وكذا قول الصادقعليه‌السلام (٦) .

ج - لا فرق بين فرض الصلاة ونفلها إجماعاً.

د - لو كان الكلب واقفاً بين يديه لم تبطل صلاته‌ على قولنا ، وعن‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٨١ ، الانصاف ٢ : ١٠٦ - ١٠٧ ، المحرر في الفقه ١ : ٧٦ ، مسائل أحمد : ٤٤ ، المجموع ٣ : ٢٥٠.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٦٥ - ٣٦٦ / ٥١١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٠٥ / ٩٥٠ ، مسند أحمد ٢ : ٤٢٥ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٧٤.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٣٥٨ / ٤٩٩ ، سنن الترمذي ٢ : ١٥٦ / ٣٣٥.

(٤) الكافي ٣ : ٢٩٦ / ٢ ، التهذيب ٢ : ٣٢٢ / ١٣١٧ ، الاستبصار ١ : ٤٠٦ / ١٥٤٩.

(٥) سنن أبي داود ١ : ١٩١ / ٧١٩ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٧٨.

(٦) الكافي ٣ : ٢٩٧ / ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٢٢ / ١٣١٨ ، الاستبصار ١ : ٤٠٦ / ١٥٥٢.

٣٠٢

أحمد روايتان : إحداهما : البطلان لشبهه بالمارّ(١) .

مسألة ٣٣٣ : لا يقطع الصلاة رعاف ، ولا قي‌ء ، ولو عرض الرعاف في الصلاة أزاله وأتم الصلاة ما لم يحتج إلى فعل كثير ، أو كلام ، أو استدبار لأن ذلك ليس بناقض للطهارة ، وهو إجماع منّا ، والأصل يعطيه.

مسألة ٣٣٤ : حكم المرأة حكم الرجل في جميع الأحكام‌ لكن لا جهر عليها ، ولا أذان ، ولا إقامة ، فإن أذنت وأقامت خافتت فيهما.

ويستحب لها اعتماد ما رواه زرارة ، قال : « إذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين قدميها ، ولا تفرج بينهما ، وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها ، فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها لئلا تتطأطأ كثيرا ، فإذا جلست فعلى أليتيها كما يقعد الرجل ، فإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود وبالركبتين قبل اليدين ، ثم تسجد لاطئة بالأرض ، وإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها ورفعت ركبتيها ، فإذا نهضت انسلّت انسلالا لا ترفع عجيزتها أوّلا »(٢) .

وفي رواية ابن أبي يعفور عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « إذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها »(٣) وبهذا قال الشافعي أيضاً(٤) ، وقال أبو حنيفة : تجلس كأستر ما يكون(٥) . وقال الشعبي : تجلس كما يتيسر عليها(٦) . وكان ابن عمر يأمر نساءه أن يجلسن متربعات(٧) .

____________________

(١) المغني ٢ : ٨٤ ، الانصاف ٢ : ١٠٨.

(٢) الكافي ٣ : ٣٣٥ / ٢ ، الفقيه ١ : ٢٤٣ ، التهذيب ٢ : ٩٤ / ٣٥٠.

(٣) الكافي ٣ : ٣٣٦ - ٤ ، التهذيب ٢ : ٩٤ - ٣٥١.

(٤) حلية العلماء ٢ : ١١٣.

(٥) انظر : المبسوط للسرخسي ١ : ٢٥.

(٦) حلية العلماء ٢ : ١١٣ ، المغني ١ : ٦٣٦.

(٧) حلية العلماء ٢ : ١١٣ ، المغني ١ : ٦٣٦ ، الشرح الكبير ١ : ٦٣٦.

٣٠٣

الفصل الرابع :

في أحكام السهو ،

وفيه مباحث :

الأول : فيما يوجب الإعادة :

مسألة ٣٣٥ : من أخل بشي‌ء من واجبات الصلاة عمداً بطلت صلاته‌ سواء كان شرطاً كالطهارة ، والاستقبال ، وستر العورة ، أو جزءاً منها ، سواء كان ركناً كالركوع ، أو غيره كالتسبيح فيه ، أو كيفية كالطمأنينة. وسواء كان عالماً ، أو جاهلاً لأن الإِخلال بالشرط يستلزم الإِخلال بالمشروط ، فلو صحت بدونه لم يكن ما فرضناه شرطاً بشرط ، هذا خلف.

والإِخلال بجزء من الماهية يستلزم الإِخلال بها لتوقف وجود المركب على وجود أجزائه فلا يكون المخلّ ببعض الأجزاء آتياً بالصلاة المأمور بها شرعاً ، فيبقى في عهدة التكليف عدا الجهر والإِخفات ، فقد عذر الجاهل فيهما بالإِخلال بهما باتفاق الموجبين له لقول الباقرعليه‌السلام في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه ، أو أخفى فيما لا ينبغي الإِخفاء فيه ، فقال : « إن فعل ذلك متعمداً فقد نقض صلاته ، وعليه الإِعادة ، فإن فعل ذلك ناسياً ، أو ساهياً ولا يدري فلا شي‌ء عليه »(١) وكذا لو فعل شيئاً لا يجوز فعله في الصلاة عمداً بطلت صلاته كالكلام وشبهه وقد تقدم.

ولو جهل غصبية الثوب الذي يصلّي فيه ، أو المكان ، أو نجاسة‌

____________________

(١) الفقيه ١ : ٢٢٧ / ١٠٠٣ ، التهذيب ٢ : ١٤٧ / ٥٧٧.

٣٠٤

الثوب ، أو البدن ، أو موضع السجود فلا إعادة ، ولو توضأ بماء مغصوب مع علم الغصبية وصلّى أعاد الطهارة والصلاة ، ولو جهل الغصبية لم يعد إحداهما ، ولا يعذر جاهل الحكم ، ولا الناسي على إشكال ينشأ من إلحاقه بالعامد ، وبالنجس إن قلنا بالعذر فيه.

ولو لم يعلم أن الجلد ميتة وصلى فيه ثم علم لم يعد إذا كان في يد مسلم غير مستحل ، أو شراه من سوق المسلمين ، فإن أخذه من غير مسلم أو منه وكان مستحلاً ، أو وجده مطروحاً أعاد لأصالة الموت ، ولو لم يعلم أنه من جنس ما يصلّى فيه أعاد لتفريطه.

مسألة ٣٣٦ : وتبطل الصلاة لو أخل بركن سهواً أو عمداً‌ ، وقد عرفت أن الركن هو ما تبطل بتركه الصلاة عمداً وسهواً.

واختلف علماؤنا في عدد الأركان فالمشهور أنها خمسة : النية ، والقيام ، وتكبيرة الافتتاح ، والركوع ، ومجموع السجدتين في ركعة ، وأسقط بعضهم القيام(١) ، وأثبت آخرون مع الخمسة القراءة(٢) .

وفي كون النيّة من الأركان أو الشروط احتمال من حيث انها تتعلق بالصلاة فتكون خارجة عنها وإلّا لتعلقت بنفسها ، ومن إمكان تعلقها بسائر الأركان وهي من الصلاة.

هذا إذا تجاوز المحل كما لو سها عن القيام حتى نوى ، أو عن النيّة حتى كبّر للإِحرام ، أو عن تكبيرة الإِحرام حتى قرأ ، أو عن الركوع حتى سجد ، أو عن السجدتين حتى ركع ؛ لقول الكاظمعليه‌السلام : « يعيد الصلاة » لما سئل عن الرجل ينسى التكبيرة حتى قرأ(٣) .

____________________

(١) هو ابن أبي عقيل كما في المختلف - للمصنّف - : ٩١ ، ومفتاح الكرامة ٢ : ٣٠٢.

(٢) هو ابن حمزة كما نسبه اليه الفاضل السيوري في التنقيح الرائع ١ : ١٩٧ ، وليس في الوسيلة لذلك ذكر ، وإنّما عدّ الاستقبال فيها ركناً. اُنظر : الوسيلة : ٩٣.

(٣) المعتبر : ٢٢٨ ، وفي التهذيب ٢ : ١٤٣ / ٥٦٠ ، والاستبصار ١ : ٣٥١ - ٣٥٢ / ١٣٢٩ : ينسى أن يفتتح الصلاة حتى يركع.

٣٠٥

أما لو كان في محله فإنه يأتي به لإمكانه على وجه لا يخل بهيئة الصلاة ، ولقول الصادقعليه‌السلام لمـّا سأله أبو بصير عن رجل يشك وهو قائم فلا يدري ركع أم لم يركع ، قال : « يركع ويسجد»(١) .

وعند الشافعية أن الصلاة تشتمل على أركان وأبعاض وهيئات ، فالركن ما إذا تركه عمداً بطلت صلاته ، وإن تركه سهواً لزمه العود إليه ولا يجبر بالسجود ، وهي خمسة عشر :

النية ، والتكبير ، والقيام ، والقراءة ، والركوع والاعتدال عنه ، والرفع والاعتدال عنه ، والسجود والاعتدال عنه ، والجلسة بين السجدتين ، والقعود للتشهد الأخير ، وقراءة التشهد الأخير ، والصلاة على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله في الأخير ، والتسليم الأول ، ومراعاة الترتيب بين الأركان ، والموالاة بين الأفعال حتى لو فرقها لم تصح صلاته.

وزاد بعضهم : الطمأنينة في الركوع والسجود ، والصلاة على الآلعليهم‌السلام ، ونيّة الخروج عن الصلاة.

وأما الأبعاض فهي التي لا تبطل الصلاة بتركها ولكنها تقتضي السجود ، وهي القنوت في صلاة الصبح ، والقعود في التشهّد الأول ، وقراءة التشهد الأول ، والصلاة على النبيّ في التشهّد الأول على قول ، والصلاة على آله في الأخير في وجه.

وأما الهيئات فما عدا ذلك ، ولا يقتضي تركها بطلان الصلاة ، ولا سجود السهو(٢) .

مسألة ٣٣٧ : ولا فرق بين الأولتين والآخرتين في الإِبطال بترك الركن‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٤٨ / ١ ، التهذيب ٢ : ١٥٠ / ٥٩٠ ، الاستبصار ١ : ٣٥٧ / ١٣٥٢.

(٢) المجموع ٣ : ٥١٢ - ٥١٧ ، فتح العزيز ٣ : ٢٥٣ - ٢٥٧ ، الوجيز ١ : ٣٩ و ٤٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٣ - ٦٩ و ٧١ - ٧٤ و ٨٠ ، السراج الوهاج : ٤١ وما بعدها ، مغني المحتاج ١ : ١٤٨ وما بعدها ، فتح الوهاب ١ : ٣٨ وما بعدها باختلاف في كميّة الأركان في جميعها.

٣٠٦

سهواً عند أكثر علمائنا(١) فلو نسي ركوع الاُولى ، أو الثانية ، أو الثالثة ، أو الرابعة بطلت صلاته ، وكذا لو ترك سجدتين من ركعة واحدة أيها كانت لأنه أخلّ بركن من الصلاة حتى دخل في آخر فسقط الثاني ، فلو أعاد الأول لزاد ركناً ، ولو لم يأت به نقص ركناً ، وكلاهما مبطل ، ولأن الزائد لا يكون من الصلاة وهو فعل كثير فيكون مبطلاً.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا أيقن الرجل أنه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين ، وترك الركوع استأنف الصلاة »(٢) وسئلعليه‌السلام عن الرجل ينسى الركوع حتى يسجد ، ويقوم ، قال : « يستقبل »(٣) .

وقال الشيخ : إن كان في الأولتين أبطل الصلاة ، وإن كان في الأخيرتين حذف الزائد وأتى بالفائت فيلفّق فلو ترك الركوع في الثالثة حتى سجد سجدتيها أسقطهما وركع وأعاد السجدتين ، وكذا لو ترك سجدتيها حتى ركع في الرابعة أسقط الركوع وسجد للثالثة ، ثم أتى بالرابعة(٤) لقول الباقرعليه‌السلام في رجل شك بعد ما سجد أنه لم يركع ، قال : « إذا استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة فيهما ، ويبني على صلاته ، وإن لم يستيقن إلّا بعد ما فرغ وانصرف فليصل ركعة ويسجد سجدتين ولا شي‌ء عليه »(٥) .

وهو معارض بالأحاديث الكثيرة ، ويحمل على النافلة جمعاً بين الأدلة ، وبعض علمائنا(٦) يلفق مطلقاً لا يعتد بالزيادة.

____________________

(١) منهم : السيد المرتضى في جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٣٥ ، وسلّار في المراسم : ٨٨ - ٨٩ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١١٨ ، وابن البراج في المهذب ١ : ١٥٣ ، وابن إدريس في السرائر : ٥١ - ٥٢.

(٢) التهذيب ٢ : ١٤٨ / ٥٨٠ و ١٤٩ / ٥٨٧ ، الاستبصار ١ : ٣٥٥ / ١٣٤٣ و ٣٥٦ / ١٣٤٩.

(٣) التهذيب ٢ : ١٤٨ / ٥٨١ ، الاستبصار ١ : ٣٥٥ / ١٣٤٤.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١١٩.

(٥) الفقيه ١ : ٢٢٨ / ١٠٠٦ ، التهذيب ٢ : ١٤٩ / ٥٨٥ ، الاستبصار ١ : ٣٥٦ / ١٣٤٨.

(٦) هو أبو علي ابن الجنيد وعلي بن بابويه كما في المختلف : ١٢٩.

٣٠٧

تذنيب : لو ترك ركوعاً من رباعية ولم يدر من أي الركعات أعاد على ما اخترناه‌ - وعلى مذهب الشيخ أيضاً(١) - لاحتمال أن يكون من الأوّلتين ، ولو تيقن سلامتهما أضاف إليهما ركعة ، وعلى مذهب من يلفق مطلقاً يضيف إليها ركعة.

ولو ترك سجدتين ولم يدر من أي الأربع أعاد على ما اخترناه مطلقاً ، وكذا على قول الشيخ(٢) ، إلّا أن يتحقق سلامة الأولتين فتصير الرابعة ثالثة ويتمم بركعة ويسقط حكم الركوع المتخلل لأنه وقع سهواً ، وعلى المذهب الآخر يتم له ثلاث ركعات ويضيف إليها ركعة.

ولو لم يعلم هل هما من ركعة أو ركعتين أعاد مراعاةً للاحتياط.

مسألة ٣٣٨ : زيادة الركن عمداً وسهواً مبطلة كنقصانه‌ لما فيه من تغيير هيئة الصلاة إلا زيادة القيام سهواً ، فلو زاد ركوعاً أو سجدتين دفعة أعاد ، ولأنه فعل كثير فتبطل الصلاة ، ولقول الصادقعليه‌السلام في رجل صلّى وذكر أنه زاد سجدة : « لا يعيد الصلاة من سجدة ويعيدها من ركعة »(٣) .

وقال الشافعي ، وأحمد ، وأبو حنيفة : لا يعيد لو زاد سهواً بل يسجد للسهو(٤) لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الظهر خمساً ، فلمـّا قيل له سجد للسهو(٥) .

ونمنع تطرق السهو إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سلّمنا لكن جاز أن‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ١١٩.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ١٢٠.

(٣) الفقيه ١ : ٢٢٨ / ١٠٠٩ ، التهذيب ٢ : ١٥٦ / ٦١٠.

(٤) المجموع ٤ : ٩١ ، المغني ١ : ٧١٨ ، الشرح الكبير ١ : ٧٠١ ، بدائع الصنائع ١ : ١٦٤.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٣٨٠ / ١٢٠٥ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٤١.

٣٠٨

يكون قعد بعد الرابعة ، سلّمنا لكن يحتمل أنه لم يكن يظن قولهم بل حدث عنده شك ، والشك في الزيادة لا يبطل بل يسجد للسهو.

مسألة ٣٣٩ : لو زاد على الرباعية خامسة سهواً فإن لم يكن قد جلس عقيب الرابعة وجب عليه إعادة الصلاة‌ عند علمائنا أجمع.

وإن كان قد جلس عقيب الرابعة بقدر التشهّد صحّت صلاته وتشهّد ، وسلّم ، وسجد للسهو عند بعض علمائنا(١) - وبه قال أبو حنيفة(٢) - لأن أبا سعيد الخدري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إذا شك أحدكم في صلاته فليلغ الشك ، وليبن على اليقين ، وإذا استيقن التمام سجد سجدتين فإن كانت الصلاة تامة كانت الركعة نافلة له والسجدتان ، وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماما لصلاته وكانت السجدتان مُرغمتي الشيطان )(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام في رجل استيقن أنه صلّى الظهر خمساً فقال : « إن كان علم أنه جلس في الرابعة فصلاته الظهر تامة ويضيف إلى الخامسة ركعة ويسجد سجدتين فيكونان نافلة ولا شي‌ء عليه »(٤) . ولأن نسيان التشهّد غير مبطل ، فإذا جلس قدر التشهد يكون قد فصل بين الفرض والزيادة.

أما إذا لم يجلس عقيب الرابعة فإن النافلة قد اختلطت بالفرض فصار جميعه نفلاً ، ومع الجلوس يكون قد خرج من الصلاة لأن التشهد ليس بركن‌

____________________

(١) نسب هذا القول المصنّف في المختلف : ١٣٥ الى ابن الجنيد.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٢٨ ، اللباب ١ : ٩٨ ، كتاب الحجة ١ : ٢٤٠ ، المجموع ٤ : ١٦٣ ، المغني ١ : ٧٢١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٠٢.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٣٨٢ / ١٢١٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٧٢ / ٢١ ، مستدرك الحاكم ١ : ٣٢٢.

(٤) التهذيب ٢ : ١٩٤ / ٧٦٥ ، الاستبصار ١ : ٣٧٧ / ١٤٣٠.

٣٠٩

والتسليم ليس بواجب ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « من زاد في صلاته فعليه الإِعادة »(١) ولأنها زيادة مغيّرة لهيئة الصلاة فتكون مبطلة.

وقال الشافعي : يسجد للسهو وتصح صلاته مطلقاً - وبه قال الحسن البصري ، وعطاء ، والزهري ، ومالك ، والليث بن سعد ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور(٢) - لأن عبد الله بن مسعود قال : صلّى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خمساً فلمـّا انفتل تشوش القوم بينهم فقال : ( ما شأنكم؟ ) قالوا : يا رسول الله هل زيد في الصلاة؟ قال : ( لا ) قالوا : فإنك قد صليت خمساً ، فانفتل فسجد سجدتين ثم سلّم ثم قال : ( إنّما أنا بشر أنسى كما تنسون )(٣) وهذا لا يصح على ما بيّناه في علم الكلام من عصمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن السهو(٤) .

فروع :

أ - لو ذكر الزيادة قبل الركوع جلس ، وتشهد ، وسلم ، وسجد للسهو‌ - وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة ، ومالك ، وأحمد(٥) - لأنه لم يأت بركن يغيّر هيئة الصلاة.

ب - لو ذكر الزيادة بعد السجود‌ وكان قد جلس بعد الرابعة احتمل أن يضيف إلى الخامسة ركعة ويسجد سجدتين وتكون نافلة ، لقول الباقرعليه‌السلام : « ويضيف إلى الخامسة ركعة ، ويسجد سجدتين فتكونان نافلة(٦) ،

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٥ / ٥ ، التهذيب ٢ : ١٩٤ / ٧٦٤ ، الاستبصار ١ : ٣٧٦ / ١٤٢٩.

(٢) المجموع ٤ : ١٣٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧ ، الأم ١ : ١٣١ ، مختصر المزني : ١٧ ، المدونة الكبرى ١ : ١٣٥ ، القوانين الفقهية : ٧٥ ، المغني ١ : ٧٢٠ - ٧٢١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٠٢.

(٣) سنن البيهقي ٢ : ٣٤٢.

(٤) أنظر الباب الحادي عشر مع شرحيه : ٣٧.

(٥) المجموع ٤ : ١٣٩ ، حلية العلماء ٢ : ١٤١ المغني ١ : ٧٢٠ - ٧٢١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٠٢.

(٦) التهذيب ٢ : ١٩٤ / ٧٦٥ ، الاستبصار ١ : ٣٧٧ / ١٤٣٠.

٣١٠

وبه قال أبو حنيفة(١) ، ويحتمل التسليم ويسجد للسهو ويلغي الركعة إذا لم يقصد النفل بها.

ج - لو ذكر الزيادة بعد الركوع قبل السجود احتمل الجلوس ، والتشهد ، والتسليم ، ويسجد للسهو‌ لأنه لو أكمل الركعة فعل ذلك ففي بعضها أولى ، والبطلان لأنّا إن أمرناه بالسجود زاد ركناً آخر ، وإن لم نأمره زاد ركوعاً غير معتد به بخلاف الركعة لصلاحيتها للنفل ، ويحتمل إتمامها وإضافة أخرى ، ويسجد للسهو كما لو كان بعد السجدة.

أما الشافعي فقال : إن ذكر في الخامسة فإن كان بعد ما جلس وتشهد فإنه يسجد للسهو ويسلّم ، وإن ذكر بعد ما سلّم فكذلك ، وإن ذكر قبل أن يجلس بأن يذكر في القيام إليها ، أو الركوع ، أو السجود ، فإن كان لم يتشهد في الرابعة جلس وتشهد وسجد للسهو وسلّم ، وإن كان تشهد في الرابعة جلس وسجد للسهو وسلم(٢) ، وفي إعادة التشهد قولان(٣) .

د - لو ذكر الزيادة بعد السجود فقد بيّنا أنها تبطل‌ إن لم يكن جلس عقيب الرابعة بقدر التشهد ، وبه قال أبو حنيفة إلّا أن أبا حنيفة قال : تبطل فرضاً وتكون نافلة فيضيف إليها سادسة(٤) ، وهو ممنوع إذا لم يقصد النفل.

مسألة ٣٤٠ : لو نقص من عدد صلاته ناسياً وسلّم ثم ذكر‌ بعد فعل المبطل عمداً وسهواً ، كالحدث إجماعاً ، والاستدبار خلافاً للشافعي(٥) بطلت‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٢٨ ، اللباب ١ : ٩٨ ، المجموع ٤ : ١٦٢ - ١٦٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٣ ، المغني ١ : ٧٢١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٠٢.

(٢) الاُم ١ : ١٣١ ، مختصر المزني : ١٧ ، المجموع ٤ : ١٣٩ و ١٦٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٢ ، المغني ١ : ٧٢٠ - ٧٢١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٠٢ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٤١.

(٣) المجموع ٤ : ١٣٩ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٣ ، حلية العلماء ٢ : ١٤١.

(٤) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٢٧ ، اللباب ١ : ٩٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٣ ، المغني ١ : ٧٢١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٠٢.

(٥) المجموع ٤ : ١١٥ ، فتح العزيز ٣ : ٢١٥.

٣١١

صلاته ، كما لو سلّم في الأولتين من الرباعية ، أو الثلاثية ، أو تشهد في الاُولى من الثنائية وسلّم ناسياً ، ثم أحدث أو استدبر ، لأن ذلك يبطل صلاة المصلّي حقيقة فكيف من هو في حكمه؟! ولأنه لا يمكن الإِتيان بالفائت من غير خلل في هيئة الصلاة ، ولأنه قد فعل المنافي للصلاة فلا يصح معه الإِتمام.

ولقول أحدهماعليهما‌السلام : « إذا حوّل وجهه عن القبلة استقبل الصلاة استقبالاً »(١) ولقول الصادقعليه‌السلام : « إن كنت انصرفت فعليك الإِعادة »(٢) .

وإن كان بعد فعل المبطل عمداً كالكلام فللشيخ قولان : أحدهما : الإِتمام ويسجد للسهو(٣) - وبه قال الشافعي ، ومالك ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور(٤) - لحديث ذي اليدين(٥) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام في الرجل يتكلم ثم يذكر أنه لم يتم صلاته ، قال : « يتم ما بقي من صلاته ، ولا شي‌ء عليه »(٦) .

وقال أبو حنيفة : يعيد مع الكلام(٧) وهو الثاني للشيخ(٨) لقوله عليه‌

____________________

(١) التهذيب ٢ : ١٨٤ / ٧٣٢ ، الإستبصار ١ : ٣٦٧ - ٣٦٨ / ١٤٠١.

(٢) الكافي ٣ : ٣٨٣ / ١١ ، التهذيب ٢ : ١٨٣ / ٧٣١ ، الاستبصار ١ : ٣٦٨ / ١٤٠٠.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١١٨.

(٤) الأم ١ : ١٢٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧ - ٩٨ ، المغني ١ : ٧٣٨ ، الشرح الكبير ١ : ٧١٠ ، وانظر المدونة الكبرى ١ : ١٣٣.

(٥) صحيح البخاري ٢ : ٨٦ ، صحيح مسلم ١ : ٤٠٤ / ٥٧٣ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٤٧ / ٣٩٩ ، سنن النسائي ٣ : ٢٢ ، الموطأ ١ : ٩٣ / ٥٨.

(٦) التهذيب ٢ : ١٩١ / ٧٥٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٩ / ١٤٣٦.

(٧) بدائع الصنائع ١ : ٢٣٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٧٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٦١ ، اللباب ١ : ٨٥ ، المغني ١ : ٧٣٨ ، سبل السلام ١ : ٣٤٤.

(٨) المبسوط للطوسي ١ : ١١٨.

٣١٢

السلام : « إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شي‌ء من كلام الآدميين »(١) ونحن نقول بموجبه إذ الظاهر حمله على العمد.

فروع :

أ - لو فعل المبطل عمداً على وجه السهو وتطاول الفصل ، ظاهر كلام علمائنا : عدم البطلان‌ - وبه قال الأوزاعي ، والليث ، ويحيى الأنصاري(٢) - لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل الحجرة فقام رجل بسيط اليدين فقال : أقُصِرَت الصلاة يا رسول الله؟ فخرج مغضباً فصلّى الركعة التي كان ترك ، ثم سلّم ، ثم سجد سجدتي السهو ، ثم سلّم(٣) وهو عندنا ممنوع.

وقال الشافعي : إن طال الفصل استأنف الصلاة - وبه قال مالك ، وأحمد - لأنها صلاة واحدة فلم يجز بناء بعضها على بعض في طول الفصل كما لو انتقض الوضوء(٤) ولا بأس عندي بهذا القول لخروجه عن كونه مصلياً.

ب - إن قلنا بالأخير رجع في حد التطاول إلى العرف‌ - وهو ظاهر كلام الشافعي في الأم -(٥) واختلفت الشافعية ، فقال بعضهم : حدّه ما زاد على فعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٦) فإنه بعد ما سلم قام ومشى إلى مقدم المسجد وجلس وراجعه ذو اليدين فسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الصحابة عن الحال فأخبروه فعاد إلى الصلاة(٧) .

____________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ / ٥٣٧ ، سنن النسائي ٣ : ١٧ ، مسند أحمد ٥ : ٤٤٨.

(٢) المغني ١ : ٧٠١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٠٩.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٣٨٤ / ١٢٥١ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٥٩.

(٤) المجموع ٤ : ١١٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٧٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٦ ، المغني ١ : ٧٠١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٠٩.

(٥) حكاه النووي نقلا عن الام في المجموع ٤ : ١١٤ ، وأيضا الرافعي في فتح العزيز ٤ : ١٦٦.

(٦) المجموع ٤ : ١١٥ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٦.

(٧) صحيح مسلم ١ : ٤٠٣ / ٩٨ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٥٧.

٣١٣

وقال آخرون : أن يمضي مقدار ركعة تامة ، وهو قول الشافعي في البويطي(١) ، وقال آخرون : مقدار الصلاة التي هو فيها(٢) وهو غلط لأدائه إلى اختلاف التطاول باختلاف عدد الصلوات.

ج – لو ذكر بعد أن شرع في صلاة أخرى فإن طال الفصل بطلت الاُولى وصحت الثانية ، وإن لم يطل الفصل عاد إلى الاُولى فأتمها ، وبه قال الشافعي(٣) ويحتمل البطلان لأنه زاد ركناً هو النية ، والتكبير وهو مبطل ، وإن كان سهواً ، ويمكن الجواب بأنه ليس ركناً في تلك الصلاة فلا يبطلها.

وهل تبنى الثانية على الاُولى؟ يحتمل ذلك فيجعل ما شرع فيه من الصلاة الثانية تمام الاُولى فيكون وجود السلام كعدمه لأنه سهو معذور فيه ، ويحتمل بطلان الثانية ، لأنها لم تقع بنيّة الاُولى فلا تصير بعد عدمه منها ، فحينئذ لا فرق بين أن يكون ما شرع فيه ثانياً فرضاً أو نفلاً ، أما على احتمال البناء ، فقال بعض الشافعية : إن كان فرضاً صح له البناء بخلاف النافلة لأنه لا يتأدى الفرض بنية النفل.

ولو نوى المسافر القصر فصلى أربعاً ناسياً ثم نوى الإِقامة لم يحتسب له بالركعتين ، وعليه أن يصلي ركعتين بعد نية الإِتمام ، لأن وجوب الركعتين بعد الفراغ من الزائدتين ، فلم يعتد بهما ، وعلى ما اخترناه نحن إن كان جلس عقيب الركعتين صحت صلاته وإلّا فلا.

د - إذا أراد أن يبني على صلاته لم يحتج إلى النية ، ولا إلى التكبير لأن التحريمة الاُولى باقية فلو كبر ونوى الافتتاح بطلت صلاته.

____________________

(١) المجموع ٤ : ١١٥ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٦ - ٩٧ ، المغني ١ : ٧٠٢.

(٢) المجموع ٤ : ١١٤ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧ ، المغني ١ : ٧٠٢.

(٣) مغني المحتاج ١ : ٢١٤ ، المغني ١ : ٧٠٢ ، الشرح الكبير ١ : ٧٠٩.

٣١٤

ه- لو كان قد قام عن موضعه لم يعد إليه‌ بل يبني على الصلاة في الموضع الذي ذكر فيه ، لأن عوده إلى مكان الصلاة ليس من مصلحتها.

و - لو شك بعد أن سلم هل ترك بعض الركعات أم لا؟ لم يلتفت إليه‌ لأنه قد شك في شي‌ء بعد انتقاله عنه فلا يؤثر فيه ، وإلّا لزم الحرج لتطرق الشك دائماً في الصلوات الماضية ، والأصل صحة الصلاة ، وهو قول الشافعي في القديم ، وفي الجديد : يلزمه إتمام الصلاة لأنها في الذمة بيقين فلا يبرأ بدونه ، فإن كان الفصل قريباً بنى ، وإن طال استأنف(١) .

ز - لو سلّم عن ركعتين ، فقال له إنسان : سلّمت عن ركعتين فإن تداخله شك احتمل عدم الالتفات‌ عملاً بالأصل ، والإِتمام ، لأن إخبار المسلم على أصل الصحة.

ولو اشتغل بجوابه فلم يذكر فأراد العود إلى صلاته جاز لأن الكلام وقع ناسياً ، ومنعت الشافعية منه ، أما لو لم يتداخله شك فأجابه ، وقال : بل أتممت ، ثم ذكر النقصان فإنه يبني عندهم أيضاً لخبر ذي اليدين(٢) .

مسألة ٣٤١ : لو شك في عدد الركعات‌ فإن كان في الثنائية كالصبح ، وصلاة المسافر ، والجمعة ، والعيدين ، والكسوف ، أو في الثلاثية كالمغرب ، أو في الاُوليين من الرباعية أعاد عند علمائنا.

وإن كان في الأخيرتين من الرباعية احتاط بما يأتي.

____________________

(١) المجموع ٤ : ١١٦ ، الوجيز ١ : ٥١ ، السراج الوهاج : ٦٠ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٥ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ٨٦ ، صحيح مسلم ١ : ٤٠٤ / ٥٧٣ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٤٧ / ٣٩٩ ، سنن النسائي ٣ : ٢٢ ، الموطأ ١ : ٩٣ / ٥٨.

٣١٥

ولم يفرق أحد من الجمهور بين الصلوات بل سَوّوا بينها في الحكم(١) - وهو قول الصدوق منا(٢) - والحق ما قلناه ، لأنّ الصلاة في الذمة بيقين فلا يخرج عن العهدة بدونه ، ولأنّه إن اُمر بالانفصال احتمل النقصان وهو مبطل قطعاً ، وإن أُمر بالإِتمام احتملت الزيادة وهي مبطلة قطعاً فيكون المأتي به متردداً بين الصحة والبطلان فلا يبرأ عن عهدة التكليف.

ولا ينتقض بالأخيرتين لأن عناية الشارع بالأولتين أتم ، ولهذا سقطت الأخيرتان في السفر ، ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله العلاء عن الشك في الغداة : « إذا لم تدر واحدة صليت أم اثنتين فأعد الصلاة من أولها »(٣) ، وسأل محمد بن مسلم أحدهماعليهما‌السلام عن السهو في المغرب ، قال : « يعيد حتى يحفظ أنها ليست مثل الشفع »(٤) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « إذا لم تحفظ الركعتين الأولتين فأعد صلاتك »(٥) وسأله العلا عن الرجل يشك في الفجر فقالعليه‌السلام : « يعيد » قلت : والمغرب ، قال : « نعم ، والوتر والجمعة » من غير أن أسأله(٦) .

واحتجاج الصدوق بقول الكاظمعليه‌السلام في الرجل لا يدري صلّى‌

____________________

(١) مغني المحتاج ١ : ٢٠٩ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، المغني ١ : ٧١١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٧ ، المجموع ٤ : ١٠٦.

(٢) لم نعثر على قوله ، ونسبه المصنّف في المختلف : ١٣٢ الى علي بن بابويه. فلاحظ.

(٣) التهذيب ٢ : ١٧٩ / ٧٢٠ ، الاستبصار ١ : ٣٦٦ / ١٣٩٤ ، والحديث مضمر مروي عن سماعة ، وأورده عن العلاء في المعتبر : ٢٣٠.

(٤) التهذيب ٢ : ١٧٩ / ٧١٧ ، الاستبصار ١ : ٣٧٠ / ١٤٠٦.

(٥) التهذيب ٢ : ١٧٧ / ٧٠٧ ، الاستبصار ١ : ٣٦٤ / ١٣٨٤.

(٦) التهذيب ٢ : ١٨٠ / ٧٢٢ ، الاستبصار ١ : ٣٦٦ / ١٣٩٥.

٣١٦

ركعة أو ركعتين؟ : « يبني على الركعة »(١) محمول على النوافل لأنها مطلقة ، وما قلناه مقيد.

فروع :

أ - لو شك في جزء منهما لا في عدد كالركوع ، أو السجود ، أو الذكر فيهما ، أو الطمأنينة ، أو القراءة كان حكمه حكم الشك في غيرهما‌ - وسيأتي - عند أكثر علمائنا(٢) لأصالة البراءة ، وقال الشيخان : يعيد(٣) لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا لم تحفظ الأولتين فأعد صلاتك »(٤) والمشهور الأول ، وتحمل الرواية على العدد.

ب - لا فرق عند علمائنا بين الركن وغيره‌ من الواجبات بل أوجب الشيخان الإِعادة بالشك في الجزء من الأولتين مطلقاً(٥) والباقون على الصحة مطلقاً(٦) وليس بعيداً من الصواب الفرق بين الركن وغيره ، لأن ترك الركن سهواً مبطل كعمده فالشك فيه في الحقيقة شك في الركعة إذ لا فرق بين الشك في فعلها وعدمه ، وبين الشك في فعلها على وجه الصحة والبطلان.

ج - هل الشك في أجزاء ثالثة المغرب وكيفياتها الواجبة كالشك في الأولتين أو في الأخيرتين؟ لم ينص علماؤنا على شي‌ء منهما وكلاهما يحتمل لإِجراء الثالثة مجرى الثانية في الشك عدداً فكذا كيفيةً للمساواة في طلب المحافظة عليها ، وعدم التنصيص الثابت في الأولتين.

____________________

(١) التهذيب ٢ : ١٧٧ - ١٧٨ / ٧١١ ، الاستبصار ١ : ٣٦٥ / ١٣٨٨.

(٢) منهم : المحقق في المعتبر ٢٣٠ - ٢٣١.

(٣) المقنعة : ٢٤ ، النهاية : ٩٢ ، وانظر المبسوط ١ : ١٢٠.

(٤) التهذيب ٢ : ١٧٧ / ٧٠٧ ، الاستبصار ١ : ٣٦٤ / ١٣٨٤.

(٥) المقنعة : ٢٤ وانظر النهاية : ٩٢ ، والمبسوط ١ : ١٢٠.

(٦) منهم : المحقق في المعتبر : ٢٣٠ - ٢٣١.

٣١٧

د - لو شك في ركعات الكسوف أعاد‌ على قول الشيخ ، وعلى ما اخترناه من الفرق بين الركن وغيره ، أما على قول الباقين فإنه يأتي به لأنه لم يتجاوز محله إن شك في العدد مطلقاً أو في الأخير ، أما لو شك في سابق كما لو شك هل ركع عقيب قراءة التوحيد - مثلاً وكان قد قرأها - أو لا فإنه لا يلتفت لانتقاله عن محله.

ه- لو شك في عدد الثنائية ثم ذكر قبل فعل المبطل أتم صلاته‌ على ما ذكره وإلّا بطلت.

مسألة ٣٤٢ : لو شك فلا يدري كم صلّى أعاد‌ إذ لا طريق له إلى براءة ذمته إلّا ذلك ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا لم تدر في ثلاث أنت أم في اثنتين ، أم في واحدة ، أو أربع فأعد ، ولا تمض على الشك »(١) وقول الكاظمعليه‌السلام : « إذا لم تدر كم صليت ولم يقع وهمك على شي‌ء فأعد الصلاة »(٢) .

مسألة ٣٤٣ : لو شك في الإِتيان بركن أو غيره من الواجبات فإن كان قد تجاوز المحل لم يلتفت‌ مثل أن يشك في النيّة وقد كبّر ، أو في تكبيرة الافتتاح وقد قرأ ، أو في القراءة وقد ركع ، أو في الركوع وقد سجد ، أو في السجود ، أو التشهد وقد قام - وإن كان في محلّه لم يتجاوز عنه فإنّه يأتي به - لأنّ الأصل - بعد التجاوز - الفعل ؛ إذ العادة قاضية بأن الإِنسان لا ينتقل عن فعل إلّا بعد إكماله. ولأنّ اعتبار الشك بعد الانتقال حرج ؛ لعروضه غالباً.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا خرجت من شي‌ء ودخلت في غيره فشكّك ليس بشي‌ء »(٣) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٨ / ٣ ، التهذيب ٢ : ١٨٧ / ٧٤٣ ، الإستبصار ١ : ٣٧٣ / ١٤١٨.

(٢) الكافي ٣ : ٣٥٨ / ١ ، التهذيب ٢ : ١٨٧ / ٧٤٤ ، الإستبصار ١ : ٣٧٣ / ١٤١٩.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٥٢ / ١٤٥٩.

٣١٨

أما في المحل فإن الأصل عدم الفعل ، والإِتيان به ممكن من غير خلل ولا تغيير لهيئة الصلاة ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « يركع ويسجد » لـمّا سأله أبو بصير عن رجل شك وهو قائم فلا يدري ركع أم لم يركع(١) .

وقال الشافعي : لو شك الراكع في ترك القراءة ، أو الساجد في ترك الركوع فعليه أن يعود في الوقت إلى ما شك في فعله لأنّ الفرض قد توجه عليه فلا يسقط إلّا بيقين(٢) . ونمنع التوجه مطلقاً.

إذا ثبت هذا فإن ذكر أنه كان قد فعله قبل أعاد الصلاة إن كان ركناً كالركوع والسجدتين لأن زيادته مطلقاً مبطلة ، وإن لم يكن ركناً كالسجدة الواحدة ، والتشهد ، والقراءة لم يعد لعدم الإِبطال بسهوه ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا يعيد الصلاة من سجدة ، ويعيدها من ركعة »(٣) .

فروع :

أ - لو شك في الركوع وهو قائم فأتى به ثم ذكر أنه كان قد ركع قبل أن ينتصب أعاد‌ - وبه قال ابن أبي عقيل منّا(٤) - لأن الركوع الانحناء وقد وجد فيكون قد زاد ركناً وصار كما لو ذكر بعد الانتصاب.

وقال الشيخ ، والمرتضى : يهوي للسجود ولا يرفع رأسه لأن ركوعه مع هويه لازم فلا يُعد زيادة(٥) . وهو ممنوع لأن مسمّى الركوع وهو الإِنحناء قد حصل ، والرفع ليس جزءاً منه بل انفصال عنه وقد قصد الركوع.

ب - لو شك في قراءة الفاتحة وهو في السورة قرأ الفاتحة وأعاد السورة‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٤٨ / ١ ، التهذيب ٢ : ١٥٠ / ٥٩٠ ، الإستبصار ١ : ٣٥٧ / ١٣٥٢.

(٢) فتح العزيز ٣ : ٣٣١ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٩ ، السراج الوهاج : ٥٠ ، حاشية إعانة الطالبين ١ : ١٧٩.

(٣) الفقيه ١ : ٢٢٨ / ١٠٠٩ ، التهذيب ٢ : ١٥٦ / ٦١٠.

(٤) حكاه المحقق في المعتبر : ٢٣١ عنه.

(٥) النهاية : ٩٢ ، المبسوط للطوسي ١ : ١٢٢ ، جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٣٦.

٣١٩

لأن محل القراءتين واحد.

ج - لو شك في السجود وهو قائم ، أو في التشهد ، قال الشيخ : يرجع ويسجد أو يتشهد ثم يقوم‌(١) لأن القيام والقراءة ليسا ركنين فيكون في حكم ركن السجود ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « يسجد » في رجل نهض من سجوده فشك قبل أن يستوي قائماً فلم يدر سجد أم لم يسجد(٢) . وقد بيّنا أن القيام ركن وقبل الاستواء مغاير للاستواء ، والنزاع في الثاني ، والوجه عدم الالتفات لقول الصادقعليه‌السلام : « إن شك في الركوع بعد ما سجد فليمض ، وإن شك في السجود بعد ما قام فليمض ، كل شي‌ء شك فيه وقد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه »(٣) .

د - لو سهى عن ركن ولم يذكر إلّا بعد انتقاله أعاد الصلاة‌ لأن ترك الركن مبطل سواء كان عن عمد أو سهو.

البحث الثاني : فيما لا حكم له‌

مسألة ٣٤٤ : لو نسي القراءة حتى ركع مضى في صلاته‌ ولم يجب عليه تدارك القراءة ، وكذا لو نسي الحمد أو السورة لأنه عذر فيسقط معه الوجوب ، ولأن الأصل براءة الذمة ، ولقول الصادقعليه‌السلام وقد قال له منصور بن حازم : صليت المكتوبة ونسيت أن أقرأ في صلاتي كلها : « أليس قد أتممت الركوع والسجود؟ » قلت : بلى ، قال : « تمت صلاتك »(٤) .

وقال الشافعي : يتدارك القراءة ثم يأتي بما بعدها(٥) .

وهل تجب سجدتا السهو؟ لعلمائنا قولان : أحدهما : الوجوب وهو‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ١٢٢.

(٢) التهذيب ٢ : ١٥٣ / ٦٠٣ ، الاستبصار ١ : ٣٦٢ / ١٣٧١.

(٣) التهذيب ٢ : ١٥٣ / ٦٠٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٨ / ١٣٥٩ ، وفيه عن الامام الباقرعليه‌السلام .

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٨ / ٣ ، التهذيب ٢ : ١٤٦ / ٥٧٠ ، الاستبصار ١ : ٣٥٣ / ١٣٣٦.

(٥) المجموع ٣ : ٣٣٢.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380