تذكرة الفقهاء الجزء ٣

تذكرة الفقهاء10%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: 380

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 310697 / تحميل: 8014
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٦-١
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

أقوى لما يأتي ، والثاني : المنع عملاً بالبراءة.

مسألة ٣٤٥ : لو نسي الجهر والإِخفات حتى فرغ من القراءة مضى في صلاته‌ ولا يستأنف القراءة وإن كان لم يركع لأنه فعل المأمور به وهو القراءة ، والكيفية لا تجب مع النسيان لأنه عذر ، ولقول الباقرعليه‌السلام وقد سأله زرارة عن رجل جهر بالقراءة فيما لا ينبغي أن يجهر فيه وأخفى فيما لا ينبغي الإِخفات فيه وترك القراءة فيما ينبغي القراءة فيه وقرأ فيما لا ينبغي القراءة فيه فقال : « إن فعل ذلك ناسياً أو ساهياً فلا شي‌ء عليه »(١) ولأنه لو ترك أصل القراءة ناسياً صحت صلاته فالكيفية أولى.

وهل يسجد له؟ لعلمائنا قولان : أحدهما : الوجوب بناءً على أن كل سهو يلحق الإِنسان يجب فيه السجدتان على ما يأتي.

والثاني : المنع لأن قول الباقرعليه‌السلام : « لا شي‌ء عليه »(٢) يقتضي نفي السجود.

وبالأول قال مالك(٣) لقولهعليه‌السلام : ( لكل سهو سجدتان )(٤) وبالثاني قال الشافعي ، والأوزاعي(٥) لأن أنساً جهر في العصر فلم يسجد له(٦) ، ولأنها هيئة مسنونة فلم يسجد لتركها كرفع اليدين.

ولا حجة في فعل أنس مع أنها شهادة نفي ، ونمنع الجامع لأنه عندنا‌

____________________

(١و٢) التهذيب ٢ : ١٤٧ - ٥٧٧.

(٣) المدونة الكبرى ١ : ١٤٠ ، القوانين الفقهية : ٧٧ ، المجموع ٤ : ١٢٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٣٩ ، الميزان ١ : ١٦٣ ، المغني ١ : ٧٢٠.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٣٨٥ / ١٢١٩ ، مسند أحمد ٥ : ٢٨٠.

(٥) المجموع ٤ : ١٢٦ و ١٢٨ ، مختصر المزني : ١٧ ، الميزان ١ : ١٦٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨ ، المغني ١ : ٧٢٠.

(٦) المغني ١ : ٧٢٠ ، فتح العزيز ٤ : ١٤٠.

٣٢١

واجب ، وعن أحمد روايتان كهذين(١) .

وقال أبو حنيفة : إن كان إماماً سجد(٢) . ونقل عنه إن أسرّ المصلي بما يجهر فلا سجود عليه وإن جهر بما يسرّ فعليه سجود السهو(٣) . ثم اختلفوا في قدره فمنهم من اعتبر أن يجهر بقدر ثلاث آيات ، ومنهم من اعتبر الجهر بآية(٤) ، ونقل أبو إسحاق عن الشافعي أنه يسجد لكل مسنون تركه في الصلاة سواء كان ذِكراً أو عملاً(٥) .

مسألة ٣٤٦ : لو سها عن الذكر في الركوع أو السجود فإن كان بعد لم يرفع رأسه سبّح ، وإن كان قد رفع مضى في صلاته‌ لما تقدم ، ولقول عليعليه‌السلام وقد سئل عن رجل ركع ولم يسبح ناسياً ، قال : « تمت صلاته »(٦) وسئل الكاظمعليه‌السلام عن رجل نسي تسبيحة في ركوعه وسجوده قال : « لا بأس بذلك »(٧) .

وهل يسجد للسهو؟ لعلمائنا قولان ، وقال الشافعي : لا يسجد فيها للسهو لأنها ليست أركانا مقصودة بل هيئات لها ؛ وبه قال أبو حنيفة أيضا(٨) .

مسألة ٣٤٧ : لو ترك الطمأنينة في الركوع ، أو الرفع منه ، أو في إحدى السجدتين ، أو في الرفع من الاُولى ، أو في إكماله ، أو في الرفع من الركوع ، أو في الجلوس للتشهد ، أو ترك عضواً من السبعة لم يسجد عليه فما زاد‌

____________________

(١) المغني ١ : ٧١٩ - ٧٢٠ ، المجموع ٤ : ١٢٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٤٠.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٢٢ ، اللباب ١ : ٩٥ ، الكفاية ١ : ٤٤٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٧٤ ، الميزان ١ : ١٦٣ ، المغني ١ : ٧٢٠.

(٣) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٢٢.

(٤) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٢٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٧٥.

(٥) حكاه الرافعي في فتح العزيز ٤ : ١٤٠.

(٦) التهذيب ٢ : ١٥٧ / ٦١٣.

(٧) التهذيب ٢ : ١٥٧ / ٦١٤.

(٨) الأم ١ : ١١٥ ، المجموع ٤ : ١٢٦ و ١٢٨ ، مختصر المزني : ١٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٣٩ ، بدائع الصنائع ١ : ١٦٦.

٣٢٢

سهوا ، فإن كان في محله أتى به ، وإن انتقل لم يلتفت لأنه عذر في الأفعال فكذا في كيفياتها.

مسألة ٣٤٨ : لا حكم للسهو في السهو‌ لأنه لو تداركه أمكن أن يسهو ثانياً ، فلا ينفك عن التدارك وهو حرج فيكون منفياً ، ولأنه شرّع لإِزالة حكم السهو فلا يكون سبباً لزيادته ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « ليس على السهو سهو ، ولا على الإِعادة إعادة »(١) .

إذا عرفت هذا فاعلم أن الشافعي قال : إن استيقن أنه سها وشك هل سجد للسهو أم لا ، يسجد لأن الأصل أنه لم يسجد ، وكذا إذا سجد وشك هل سجد واحدة أو اثنتين فإنه يأتي بسجدة اُخرى ، والنفل أولى(٢) .

أما لو شك هل سها أم لا فإنه لا يلتفت ولا شي‌ء عليه لأن الأصل عدم السهو سواء كان في الزيادة أو النقصان.

وقال الشافعي : إن كان في الزيادة مثل أن شك هل زاد في الصلاة سهواً أم لا ، أو هل جرى في صلاته ما يقتضي سجوداً أم لا فإنه لا سهو فيه ولا سجود عليه. وإن كان في النقصان فإن كان قد شك في نقصان فعل واجب كسجود وغيره أتى به وسجد للسهو. وإن كان في مسنون يسجد له كالتشهد الأول أو القنوت فإنه يسجد له لأن الأصل عدمه(٣) .

مسألة ٣٤٩ : ولا سهو على من كثر سهوه وتواتر‌ بل يبني على وقوع ما شك فيه ، ولا يسجد للسهو فيه لما في وجوب تداركه من الحرج ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك »(٤) وقول الباقر عليه‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٩ / ٧ ، التهذيب ٢ : ٣٤٤ / ١٤٢٨.

(٢) الأم ١ : ١٣١ ، المجموع ٤ : ١٢٨ ، مختصر المزني : ١٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢٠٩.

(٣) المجموع ٤ : ١٢٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٧ - ١٦٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٤٣ / ١٤٢٣.

٣٢٣

السلام : إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك فإنه يوشك أن يدعك فإنما هو الشيطان »(١) .

إذا عرفت هذا فالمرجع إلى العرف في حدّ الكثرة إذ عادة الشرع ردّ الناس إلى عرفهم فيما لم ينص عليه.

وقال بعض علمائنا : حدُّه أن يسهو في شي‌ء واحد ، أو فريضة واحدة ثلاث مرات ، أو يسهو في أكثر الصلوات الخمس كالثلاث فيسقط بعد ذلك حكم السهو في الرابعة(٢) .

قال الشيخ في المبسوط : قيل : إنّ حدّ ذلك أن يسهو ثلاث مرات متوالية(٣) .

مسألة ٣٥٠ : ولا سهو على المأموم إذا حفظ عليه الإِمام ، وبالعكس‌ عملاً بأصالة البراءة ، ولقولهعليه‌السلام : ( ليس على من خلف الإِمام سهو )(٤) .

ومن طريق الخاصة قول الرضاعليه‌السلام : « الإِمام يحمل أوهام من خلفه إلّا تكبيرة الافتتاح »(٥) وقول الصادقعليه‌السلام : « ليس على من خلف الإِمام سهو »(٦) .

ولو اختص المأموم بالسهو فإن كان بالزيادة مثل أن يتكلم ناسياً أو يقوم في موضع قعود الإِمام ناسياً أو بالعكس كان وجود سهوه كعدمه ، ولا شي‌ء‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٩ / ٨ ، الفقيه ١ : ٢٢٤ / ٩٨٩ ، التهذيب ٢ : ٣٤٣ / ١٤٢٤.

(٢) هو ابن إدريس في السرائر : ٥٢.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١٢٢.

(٤) سنن الدارقطني ١ : ٣٧٧ / ١.

(٥) الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٥ ، التهذيب ٢ : ١٤٤ / ٥٦٣.

(٦) الكافي ٣ : ٣٥٩ / ٧ ، التهذيب ٢ : ٣٤٤ / ١٤٢٨.

٣٢٤

عليه عملاً بالأحاديث السابقة - وهو قول الجمهور كافة(١) - لأن معاوية بن الحكم تكلم خلف النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم يأمره بالسجود(٢) ، إلّا ما نقل عن مكحول : أنه قام مع قعود إمامه فسجد للسهو(٣) . ولا عبرة بخلافه مع انقراضه.

وإن كان بالنقصان فإن كان في محلّه أتى به لأنه مخاطب بفعله ولم يحصل فيبقى في العهدة ، وإن تجاوز المحل فإن كان ركناً بطلت صلاته كما لو سها عن الركوع وذكر بعد سجوده مع الإِمام ، وإن لم يكن ركناً كالسجدة قضاها بعد التسليم.

ولو كان مما لا يقضى كالذكر في السجود ، أو الركوع فلا سجود للسهو فيه عملاً بما تقدم من الأخبار ، ولو قيل : بوجوب السجود في كلّ موضع يسجد للسهو فيه كان وجهاً لقول أحدهماعليهما‌السلام : « ليس على الإِمام ضمان »(٤) .

مسألة ٣٥١ : لو انفرد الإِمام بالسهو لم يجب على المأموم متابعته‌ لأن المقتضي للسجود - وهو السهو - منتف عنه فينتفي معلوله.

وقال الشيخ : يجب على المأموم(٥) - وهو قول الجمهور كافة - لقوله‌

____________________

(١) الاُم ١ : ١٣١ ، المجموع ٤ : ١٤٣ ، الوجيز ١ : ٥٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٤ ، المغني ١ : ٧٣١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٠ ، الميزان ١ : ١٦١ ، بداية المجتهد ١ : ١٩٧.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٨١ / ٥٣٧ ، سنن النسائي ٣ : ١٤ - ١٧ ، سنن أبي داود ١ : ٢٤٤ / ٩٣٠ و ٢٤٥ / ٩٣١ ، سنن الدارمي ١ : ٣٥٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٤٩ ، مسند الطيالسي : ١٥٠ / ١١٠٥.

(٣) المغني ١ : ٧٣١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٠.

(٤) الكافي ٣ : ٣٧٨ / ٣ ، الفقيه ١ : ٢٦٤ / ١٢٠٧ ، التهذيب ٣ : ٢٦٩ / ٧٧٢ ، الاستبصار ١ : ٤٤٠ / ١٦٩٥.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ١٢٣ - ١٢٤.

٣٢٥

عليه‌السلام : ( ليس على من خلف الإِمام سهو ، فإن سها الإِمام فعليه وعلى من خلفه )(١) ولأن صلاة المأموم تابعه لصلاة الإِمام ، وإنما يتم صلاة الإِمام بالسجود للسهو ، ونمنع الحديث ، ونمنع التبعية كما لو انفرد بما يوجب الإِعادة.

أما لو اشترك السهو بين الإِمام والمأموم فإنهما يشتركان في موجبه قطعاً لوجود المقتضي في حق كل منهما.

فروع :

أ - لو اختص الإِمام بالسهو فلم يسجد له لم يسجد له المأموم‌ - وبه قال أبو حنيفة ، وإبراهيم النخعي ، وحماد ، والمزني ، وأحمد في رواية(٢) - لأنه لم يسه ولم يسجد إمامه فيتابعه.

وقال الشافعي : يسجد المأموم - وبه قال مالك ، والأوزاعي ، والليث بن سعد ، وأبو ثور ، وأحمد في رواية(٣) - لأن صلاة المأموم تنقص بنقصان صلاة الإِمام كما تكمل بكمالها فإذا لم يجبرها الإِمام جبرها المأموم. ونمنع المقدمة الاُولى.

ب - لو اشترك السهو بينهما فإن سجد الإِمام تبعه المأموم‌ بنية الائتمام أو الانفراد إن شاء ، ولو لم يسجد الإمام سجد المأموم وبالعكس.

ج - لو سها الإِمام لم يجب على المسبوق بعده متابعته في سجود‌

____________________

(١) سنن الدارقطني ١ : ٣٧٧ / ١.

(٢) الهداية للمرغيناني ١ : ٧٥ ، الكفاية ١ : ٤٤٢ ، شرح العناية ١ : ٤٤٢ ، اللباب ١ : ٩٦ ، المغني ١ : ٧٣٢ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣١ ، المجموع ٤ : ١٤٥ و ١٤٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٧.

(٣) المجموع ٤ : ١٤٥ و ١٤٦ - ١٤٧ ، الوجيز ١ : ٥٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٧ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٢ ، الشرح الصغير ١ : ١٣٩ ، أقرب المسالك : ٢١ ، المغني ١ : ٧٣٢ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣١.

٣٢٦

السهو لعدم الموجب في حقه سواء قلنا : إنَّ السجود قبل التسليم ، أو بعده بل ينوي المأموم الانفراد ويسلم ، وإن شاء انتظر إمامه ليسلم معه - وبه قال ابن سيرين(١) - لأن هذا ليس موضع سجود السهو في حق المأموم.

وقال الجمهور كافة : يتابعه المأموم(٢) لقولهعليه‌السلام : ( إنما جعل الإِمام إماماً ليؤتم به فإذا سجد فاسجدوا )(٣) ويحمل على سجود الصلاة.

فإن سلم الإِمام ثم سجد لم يتابعه المأموم بل قام فأتم صلاته - وبه قال الشافعي(٤) - خلافاً لأبي حنيفة لأن عنده الإِمام يسجد بعد السلام ويعود إلى حكم صلاته فيتابعه فيه(٥) .

إذا عرفت هذا فإذا قضى المسبوق ما بقي عليه لم يسجد للسهو عندنا لاختصاص الإِمام بموجبه - وهو القديم للشافعي(٦) - لأن سجود الإِمام قد كملت به الصلاة في حق الإِمام والمأموم فلا حاجة به إلى السجود كما لو سها المأموم فإنه لا يسجد لأن كمال صلاة الإمام أغناه عن تكميل صلاته بالسجود.

وفي الجديد : أنه يسجد في آخر صلاته لأنه قد لزمه حكم سهو الإِمام‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ١٤٦ ، المغني ١ : ٧٣١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٠.

(٢) المجموع ٤ : ١٤٦ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٢ ، المغني ١ : ٧٣١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٠ ، بدائع الصنائع ١ : ١٧٥ - ١٧٦ ، بداية المجتهد ١ : ١٩٧.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٠٦ ، صحيح مسلم ١ : ٣٠٨ / ٤١١ و ٣٠٩ / ٤١٤ ، سنن أبي داود ١ : ١٦٤ / ٦٠٣ ، سنن الترمذي ٢ : ١٩٤ / ٣٦١ ، سنن النسائي ٢ : ٨٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٧٦ / ٨٤٦ و ٣٩٢ / ١٢٣٨ ، سنن الدارمي ١ : ٣٠٠ ، مسند أحمد ٢ : ٣١٤.

(٤) حلية العلماء ٢ : ١٤٨.

(٥) بدائع الصنائع ١ : ١٧٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٤٨.

(٦) المجموع ٤ : ١٤٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٤٨.

٣٢٧

فيسجد له موضع السجود ، وما فعله مع الإِمام كان متابعاً له(١) .

إذا ثبت هذا فلو سها هذا المسبوق فيما انفرد به سجد له.

وقال الشافعي : إن كان قد سجد مع إمامه وقلنا : لا يلزمه إعادة السجود سجد لسهوه الذي انفرد به سجدتين ، وإن قلنا : يعيد أو لم يكن سجد مع إمامه سجد سجدتين ، وكفاه عن سهو الإِمام وسهو نفسه. ومن الشافعية من قال : يسجد أربع سجدات لاختلاف السهوين(٢) .

د - لو سها الإِمام فيما سبق به المأموم لم يلزمه حكم سهو الإِمام‌ لأنه لا يلزمه فيما يتابعه فغيره أولى - وهو قول لبعض الشافعية(٣) - لأنه كان ، منفرداً عنه.

وقال الشافعي ، ومالك : يلزمه حكم سهو الإِمام لدخول النقص فيها فيسجد لو سجد إمامه(٤) .

وعلى القول الأول لو سجد إمامه ، قال الشافعي : يتبعه وإذا أتم صلاته لا يعيد ، وكذلك إن لم يسجد إمامه لا يلزمه أن يسجد إذا تمم صلاته(٥) .

ه- لو قام الإِمام إلى الخامسة ساهياً فسبح به المأموم فلم يرجع جاز أن ينوي الانفراد‌ ، والبقاء على الائتمام ، فلا يجوز له متابعة الإِمام في الأفعال لأنها زيادة في الصلاة إلا أن صلاة الإِمام لا تبطل بها لسهوه ، بل ينتظر قاعداً حتى يفرغ من الركعة ويعود إلى التشهد ويتشهد معه.

فإن سجد الإِمام للسهو لم يسجد المأموم ، وقال الشافعي :

____________________

(١) المجموع ٤ : ١٤٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٢.

(٢) المجموع ٤ : ١٤٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨ ، حلية العلماء ٢ : ١٤٨.

(٣) المجموع ٤ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٩ ، حلية العلماء ٢ : ١٤٩.

(٤) المجموع ٤ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨ - ٩٩ ، المغني ١ : ٧٣١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٠ ، حلية العلماء ٢ : ١٤٨.

(٥) المجموع ٤ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٨.

٣٢٨

يسجد(١) . وإن لم يسجد الإِمام لم يسجد المأموم أيضاً ، وقال الشافعي : يسجد(٢) .

فلو كان المأموم مسبوقاً بركعة وقام الإِمام إلى الخامسة فإن علم المأموم أنها خامسة لم يكن له المتابعة ، وإن لم يعلم وتابعه احتسب له الركعة.

و - لو صلى ركعة فأحرم إمام بالصلاة فنوى الاقتداء به احتمل البطلان والصحة ، والقولان للشافعي(٣) ، وسيأتي ، فإن سوغناه وكان قد سها المأموم فيما انفرد به ثم سها إمامه فيما يتبعه فيه فلما فارق الإِمام وأراد السلام وجب عليه أربع سجدات إن قلنا بالمتابعة وإلّا فسجدتان عما اختص به.

ز - لو ترك الإِمام سجدة وقام سبح به المأموم فإن رجع ، وإلّا فللمأموم متابعته بعد أن يسجد لأن صلاة الإِمام صحيحة.

وقال الشافعي : لا يجوز له متابعته لأن فعل الإِمام بعد ذلك غير معتد به(٤) . وهو ممنوع.

فإن أخرج نفسه عن متابعة الإِمام جاز سواء كان قبل أن يبلغ الإِمام حد الراكعين أو زاد عليه ولا يسجد المأموم.

وقال الشافعي : إن أخرج قبل أن يبلغ الإِمام حد الراكعين أو زاد عليه لزمه أن يسجد للسهو لأنه فارق إمامه بعد استقرار حكم السهو في صلاته(٥) .

____________________

(١و٢) حلية العلماء ٢ : ١٤٤.

(٣) المجموع ٤ : ٢٠٨ و ٢٠٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٠١ ، مغني المحتاج ١ : ٢٦٠.

(٤) المجموع ٤ : ٢٤٠ ، فتح العزيز ٤ : ٣٧٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٠٣ ، حلية العلماء ٢ : ١٤٤.

(٥) اُنظر المجموع ٤ : ١٤٦.

٣٢٩

فإن أراد أن ينتظره فإن كان المأموم قد رفع رأسه من السجدة الاُولى فإن أراد أن ينتظره في الجلسة لم يجز لأن الجلسة ركن قصير فلا يجوز تطويلها ، فلو أراد أن يسجد السجدة الثانية وينتظره فيها كره له ذلك لأنه يكره للمأموم أن يسجد قبل إمامه إلَّا أنه لو فعل ذلك لم تبطل صلاته.

ثم إذا سجد الإِمام فيصبر المأموم ساجداً إلى أن يرفع الإِمام رأسه من السجدتين جميعاً إن أراد ، وإن أراد أن يرفع رأسه من السجود بعد ما رفع الإِمام رأسه من السجدة الاُولى جاز لأن المحسوب للإِمام السجدة الاُولى على ظاهر المذهب.

ولو رفع رأسه من السجود قبل أن يسجد الإِمام بطلت صلاته ، لأن الإِمام ما شرع في السجدة الثانية وهو قد فرغ منها ، والمأموم إذا سبق الإِمام بركن كامل بطلت صلاته.

ثم إذا رفع الإِمام رأسه وكان قد ترك السجود من الركعة الأولى فأراد الإِمام أن يجلس للتشهد الأول فالمأموم لا يتابعه في التشهد ولكن ينتظره قائما فإذا صلّى ركعة أخرى فقد تمت للمأموم ركعتان وهو موضع التشهد إلّا أن الإِمام يعتقد ذلك ثالثة فلا يقعد للتشهد ويترك المأموم التشهد أيضاً متابعة له.

فإذا صلّى ركعة اُخرى فاعتقاد الإِمام أن صلاته قد تمت فيقعد للتشهد والمأموم لا يتابعه بعد ذلك ، فإن تابعه بطلت صلاته ، فإن أحسّ بقيامه وبعد لم يرفع رأسه من السجدة الاُولى ، فأراد أن ينتظره فيها جاز ؛ لأن السجود ركن ممتد.

ثم إذا أراد الإِمام أن يسجد فعلى المأموم أن يرفع رأسه ثم يسجد معه لأن الإِمام قد فرغ من سجدة فالمحسوب له السجدة الاُولى ، فلو لم يرفع رأسه حتى زاد الإِمام ولكن سجد معه السجدة الثانية لم يجز لأن الثانية زائدة ولو فعل بطلت صلاته. وهذا كله ساقط عندنا.

ح - لو ظن المأموم أن الإِمام قد سلم فسلم ثم بان له أنه لم يسلم‌ بعد‌

٣٣٠

احتمل خروجه عن الصلاة باستيفاء أفعاله وسلامه ، وخطؤه ليس بمفسد لشي‌ء من أفعاله ، وأن يسلم مع الإِمام فيسجد إن قلنا به فيما ينفرد به وإلّا فلا ، لأنه سهو في حالة الاقتداء ، وبه قال الشافعي(١) .

ولو ذكر في التشهّد أنه ترك الفاتحة لم يلتفت عندنا ، وقال الشافعي : إذا سلّم الإِمام قام إلى ركعة اُخرى ولا يسجد للسهو ، لأن سهوه كان خلف الإِمام وكذا لو ذكر أنه ترك ركوعاً(٢) وعندنا تبطل صلاته لأنه ركن.

ولو سلّم الإمام فسلم المسبوق ناسياً ثم تذكّر بنى على صلاته وسجد للسهو - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ سلامه وقع بعد انفراده ، ولو ظنّ المسبوق أن الإِمام سلم لصوت سمع فقام ليتدارك ما عليه وفعله وجلس ، ثم علم أن الإِمام لم يسلم احتسب ما فعله لأنه بقيامه نوى الانفراد وله ذلك.

وقال الشافعي : لا يحسب ما فعله لأن وقت انقطاع القدوة إما بخروج الإِمام عن الصلاة أو بقطع القدوة حيث يجوز ذلك ولم يوجد واحد منهما ، فلا يسجد للسهو بما أتى به لبقاء حكم الاقتداء(٤) .

ولو تبين له في القيام أن الإِمام لم يسلّم فإن أراد أن يستمر على التدارك وقصد الانفراد فهو مبني على أن المقتدي هل له قطع القدوة؟ فإن منعناه رجع ، وإن جوّزناه فوجهان :

أحدهما : ذلك لأن نهوضه غير معتد به ثم ليقطع القدوة إن شاء.

____________________

(١و٢) المجموع ٤ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٧٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢١١.

(٣) المجموع ٤ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٥ ، مغني المحتاج ١ : ٢١١.

(٤) المجموع ٤ : ١٤٣ - ١٤٤ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٧٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢١١.

٣٣١

والثاني : لا يجب لأن الانتهاض ليس متعيناً لعينه ، وإنما المقصود القيام وما بعده فصار كما لو قصد القطع في ابتداء النهوض.

وإن لم يقطع القدوة تخير بين أن يرجع أو ينتظر قائماً سلام الإِمام ، فإذا سلم اشتغل بتدارك ما عليه.

ط - إن قلنا بالتحمل - كما هو قول الشيخ(١) والشافعي(٢) - فإنما يكون لو كانت صلاة الإِمام صحيحة‌ فلو تبيّن كون الإِمام جنباً لم يسجد لسهوه ولا يتحمل هو عن المأموم ، ولو عرف أن الإِمام مخطىء فيما ظنه من السهو فلا يوافقه إذا سجد.

ي - كل موضع يلحقه سهو الإِمام فإنه يوافقه‌ ، فإن ترك عمداً ففي إبطال الصلاة نظر - وجزم به الشافعي(٣) - ولو رأى الإِمام يسجد في آخر صلاته سجدتين فعلى المأموم أن يتابعه حملاً على أنه قد سها ، وإن لم يعرف سهوه.

يا - لو اعتقد الإِمام سبق التسليم على سجدتي السهو فسلم واعتقد المأموم خلافه لم يسلّم‌ بل يسجد ولا ينتظر سجود الإِمام لأنه فارقه بالسلام ، وهو وجه للشافعي ، وله اثنان : أن يسلم معه ويسجد معه ، وأنه لا يسلم ، فإذا سجد سجد معه ثم يجلس معه ، فإذا فرغ من تشهده سلّم معه(٤) .

يب - لو سجد الإمام آخر صلاته عن سهو اختص به بعد اقتداء المسبوق لم يتبعه على الأقوى‌ ، وعلى الآخر : يتبعه - وبه قال الشافعي - لأن عليه متابعته

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ١٢٣ - ١٢٤.

(٢) المجموع ٤ : ١٤٤ و ١٤٦ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٧ ، مغني المحتاج ١ : ٢١١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨.

(٣) المجموع ٤ : ١٤٤ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٧.

(٤) المجموع ٤ : ١٤٦ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٨.

٣٣٢

وفيه وجه آخر : أنه لا يسجد معه لأن موضعه آخر الصلاة(١) .

وإذا سجد معه فهل يعيد في آخر صلاته؟ له قولان :

أصحهما : الإِعادة ، لأن المأتي به كان للمتابعة وقد تعدى الخلل إلى صلاته بسهو الإِمام ومحل الجبر بالسجود آخر الصلاة.

والعدم ؛ لأنه لم يسه ، والمأتي به سببه المتابعة وقد ارتفعت بسلام الإِمام(٢) .

يج - لو اشترك الإِمام والمأموم في نسيان التشهّد أو سجدة رجعوا ما لم يركعوا فإن رجع الإِمام بعد ركوعه لم يتبعه المأموم لأنه خطأ ، فلا يتبعه فيه وينوي الانفراد ، ولو ركع المأموم أوّلاً قبل الذكر رجع الإِمام وتبعه المأموم إن نسي سبق ركوعه ، وإن تعمد استمر على ركوعه وقضى السجدة وسجد للسهو.

يد - المسبوق إذا قضى ما فاته مع الإِمام لا يسجد للسهو‌ إذ المقتضي وهو السهو منفي هنا - وبه قال الشافعي(٣) - لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما أدركتم فصلّوا وما فاتكم فأتموا )(٤) ولم يأمر بالسجود.

وحكي عن ابن عمر ، وابن الزبير ، وأبي سعيد الخدري أنهم قالوا : يسجد للسهو ثم يسلّم لأنه زاد في الصلاة ما ليس من صلاته مع إمامه(٥) ،

____________________

(١) المجموع ٤ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٢ ، السراج الوهاج : ٦١.

(٢) فتح العزيز ٤ : ١٧٨ ، المجموع ٤ : ١٤٨.

(٣) المجموع ٤ : ١٦٣.

(٤) صحيح البخاري ١ : ١٦٣ و ١٦٤ و ٢ : ٩ ، صحيح مسلم ١ : ٤٢٠ و ٤٢١ / ٦٠٢ ، سنن الترمذي ٢ : ١٤٩ / ٣٢٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٥٥ / ٧٧٥ ، سنن الدارمي ١ : ٢٩٤ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٧ و ٢٣٩ و ٢٧٠ و ٤٥٢.

(٥) المجموع ٤ : ١٦٣ ، المغني ١ : ٧٣٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٢ ، سنن أبي داود ١ : ٣٩ ذيل الحديث ١٥٢.

٣٣٣

وهو غلط لأن الزيادة إنما تفتقر إلى الجبران لو نقصت صلاته ، وهذه الزيادة واجبة فلا يجبرها إذا فعلها.

مسألة ٣٥٢ : لا حكم للسهو في النافلة‌ فلو شك في عددها بنى على الأقل استحباباً ، وإن بنى على الأكثر جاز ، ولا يجبر سهوه بركعة ، ولا سجود عند علمائنا أجمع لأن النافلة لا تجب بالشروع فيقتصر على ما أراد ، وبه قال ابن سيرين(١) .

وقال الشافعي : يسجد للنافلة كالفريضة لأن السجود لترك ما اقتضاه الإحرام ، أو لفعل شي‌ء يمنع منه الإِحرام وهو موجود في النفل كالفرض(٢) ، ونمنع اقتضاء مطلق الإِحرام بل الواجب.

البحث الثالث : فيما يوجب التلافي.

كلّ ساهٍ أو شاكٍ في شي‌ءٍ وإن كان ركناً وهو في محله فإنه يأتي به على ما تقدم ، وإن تجاوز المحل فمنه ما يجب معه سجدتا السهو إجماعاً منّا ، وهو نسيان السجدة أو السجدتين وتذكر قبل الركوع ، ونسيان التشهد كذلك ، ومنه ما لا يجب على خلاف ، ونحن نذكر ذلك كلّه إن شاء الله تعالى.

مسألة ٣٥٣ : لو ترك سجدة في الاُولى ساهياً ثم ذكر قبل الركوع في الثانية رجع فسجد ثم قام فاستقبل الثانية‌ - وبالرجوع قال العلماء - ولأن القيام ليس ركناً يمنع عن العود إلى السجود ، ولقول الصادقعليه‌السلام في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتى قام ، قال : « فليسجد ما لم يركع »(٣) .

وكذا لو ترك سجدة في الثانية فذكر قبل أن يركع في الثالثة ، أو في الثالثة فذكر قبل أن يركع في الرابعة ، ويجب عليه بعد ذلك سجدتا السهو‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ١٦١ ، المغني ١ : ٧٣٤.

(٢) الاُم ١ : ١٣٢ ، المجموع ٤ : ١٦١ ، مغني المحتاج ١ : ٢٠٤.

(٣) التهذيب ٢ : ١٥٣ / ٦٠٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٩ / ١٣٦١.

٣٣٤

لقول الكاظمعليه‌السلام في الرجل ينسى السجدة من صلاته ، قال : « إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ، ثم سجد سجدتي السهو بعد انصرافه »(١) .

وهل تجب جلسة الفصل قبل السجود إن لم يكن قد جلس ، أو كان نيته جلسة الاستراحة؟ إشكال ينشأ من عدم النص ، وقيام القيام مقامه في الفصل ، وأصالة البراءة ، ومن أنها واجبة فيأتي بها.

وكذا لو نسي السجدتين معاً وذكر قبل الركوع فإنه يرجع ويسجدهما ثم يقوم لأن محل السجود قبل الركوع باق وإلّا لما صح الرجوع إلى السجدة الواحدة ، ويسجد أيضاً سجدتي السهو.

أما لو ذكر بعد الركوع أنه نسي سجدة واحدة من السابقة فإنه يتم الصلاة ويقضيها بعد التسليم ، ويسجد سجدتي السهو ، ولا يرجع إلى السجود لما فيه من تغيير هيئة الصلاة ، وزيادة الركن ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا ذكر بعد ركوعه أنه لم يسجد فليمض في صلاته حتى يسلّم ثم يسجدها ، فإنها قضاء »(٢) .

ولو ذكر بعد الركوع ترك سجدتين من السابقة بطلت صلاته لأنّه أخلّ بركن.

وقال الشافعي : إذا ذكر وهو قائم في الثانية أو بعد ركوعها قبل أن يسجد للثانية نسيان سجدة من الاُولى أتى بها كما يذكر.

ثم إن لم يجلس عقيب السجدة المأتي بها فيكفيه أن يسجد عن قيام ، أو يجلس مطمئناً ثم يسجد؟ وجهان :

أحدهما : أن القيام كالجلسة لأن الغرض الفصل بين السجدتين.

____________________

(١) التهذيب ٢ : ١٥٤ / ٦٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٥٩ / ١٣٦٣.

(٢) التهذيب ٢ : ١٥٣ / ٦٠٢ ، الاستبصار ١ : ٣٥٩ / ١٣٦١.

٣٣٥

وأصحهما عنده : أنه يجلس مطمئناً ثم يسجد ، لأن مقصود الجلسة وإن كان هو الفصل فالواجب الفصل بهيئة الجلوس.

وإن كان قد جلس ، إن جلس على قصد الجلسة بين السجدتين ، فإن اكتفينا في الصورة السابقة بأن يسجد عن قيام فهنا أولى ، وإن قلنا : يجلس ثم يسجد فقد قيل بمثله هنا لينتقل من الجلوس إلى السجود ، والأصح : أنه يكفيه أن يسجد عن قيامه فإنه الذي تركه.

وإن قصد بتلك الجلسة الاستراحة فوجهان : من حيث ان السنة لا تقوم مقام الفرض ، وأن ظن الاستراحة بتلك الجلسة لا يقدح.

وإن ذكر بعد أن سجد للثانية فإن السجدة التي سجدها تقع عن الاُولى ويبطل عمله في الثانية وتحصل له ركعة ملفقة.

وإن ذكر بعد فراغه من الثانية فإن لم يقيّد سجوده في الثانية بنيّة تمت الاُولى بسجود الثانية ولغت أعماله في الثانية ، وإن نوى أنها للثانية فأكثرهم على تمام الاُولى بسجوده لأن نية الصلاة تشتمل على جميع أفعالها وقد فعل السجود حال توجه الخطاب عليه بفعله(١) .

وقال ابن سريج : لا يتم الاُولى بهذه السجدة لأن نية الصلاة يجب استدامتها حكماً وقد وجدت نية حقيقية تخالفها فكانت الحقيقية أغلب.

وقال أبو حنيفة : إن ذكر نسيان السجدة الاُولى قبل ركوعه في الثانية عاد إليها كما قلناه نحن، وإن كان بعد ركوعه أو سجوده في الثانية سجد ثلاث سجدات متواليات فتلتحق سجدة بالأولى واثنتان عن الركعة الثانية وتتم له الركعتان ، وإن ذكر بعد اشتغاله بالتشهد سجد سجدة كما تذكر وتلتحق بالركعة الاُولى(٢) .

____________________

(١) مختصر المزني : ١٧ ، المجموع ٤ : ١١٨ - ١١٩ ، فتح العزيز ٤ : ١٤٩ - ١٥١ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧.

(٢) المبسوط للسرخسي ٢ : ١١٣ - ١١٤ ، بدائع الصنائع ١ : ١٦٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٠ - ١٥١.

٣٣٦

وقال مالك : إن لم يكن قد ركع عاد إلى السجود - كما قلناه - وإن كان قد ركع لغت الاُولى وصار الحكم للثانية فيتمها بسجدتين(١) .

فروع :

أ - إذا ذكر نسيان سجدة بعد سجدتي الثانية فقد بيّنا أنه يستمر ويقضي المنسية‌ ، وعند الشافعي يلفق فيجعل سجدة منهما للاُولى ويبطل المتخلل بينهما ، وأيّ السجدتين تحتسب له بها؟ أكثر أصحابه على أنها تتم بالاُولى وتلغو السجدة الثانية سواء كان قد جلس أولاً للفصل أو لا(٢) ، وعلى قول أبي إسحاق : يتم ركعته بالسجدة الثانية لأن عليه أن ينتقل إليهما من القعود(٣) .

ب - لو ترك أربع سجدات من أربع ركعات ، فإن ذكر قبل التسليم سجد واحدة عن الركعة الأخيرة‌ لأنّ المحل باق ثم يعيد التشهد ويسلم ويقضي السجدات الثلاث لفوات محلّها ، ويسجد سجدتي السهو لكلّ سهو ، وإن ذكر بعد التسليم قضى السجدات الأربع ولاءً ، ويسجد السهو أربع مرات لفوات المحل.

وقال الشافعي : يتم الأولى بما في الثانية ، والثانية بما في الثالثة ، والثالثة بما في الرابعة فتصح له ركعتان لأن السجود الأول من الثانية يحسب عن الاُولى ، ويبطل المتخلل بينهما ، والثالثة تحسب ثانية ، وسجود الرابعة يكمل الثالثة ثانية ، هذا إن كان قد جلس للفصل.

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ١٣٤ - ١٣٥ ، الشرح الصغير ١ : ١٤١ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٩ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٠.

(٢) المجموع ٤ : ١١٩ ، فتح العزيز ٤ : ١٥١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٩.

(٣) حلية العلماء ٢ : ١٣٩.

٣٣٧

وإن ترك الجلسة أيضاً فإن كان جلس للتشهد الاُول صحت له ركعتان إلّا سجدة لأن التشهد الأول قام مقام جلسة الفصل للركعة الاُولى ووقعت السجدة الاُولى في الركعة الثالثة تمامها فصحت له ركعة بالثالثة ، وصحت له الرابعة بسجدة واحدة فيبني على ذلك.

وإن لم يجلس للتشهّد الأول صحّت له ركعة إلا سجدة إن كان جلس في الرابعة فيسجد أخرى ويتم له ركعة ويبني عليها ، ومن اجتزأ بالقيام في الفصل حصل له ركعتان ، وإن ذكر بعد التسليم ولم يطل الفصل فكما لو ذكر قبله ، وإن طال وجب الاستئناف(١) .

وقال مالك : تصح الرابعة إلّا سجدة ويبطل ما قبلها(٢) . وعن أحمد روايتان ، إحداهما : كقول مالك ، والاُخرى : بطلان الصلاة(٣) .

وقال أبو حنيفة : يأتي في آخر صلاته بأربع سجدات ويتم صلاته. وبه قال الثوري ، والأوزاعي ، وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري(٤) وحكى الطحاوي عن الحسن بن صالح بن حي : أنّه لو نسي ثمان سجدات أتى بهن متواليات لأن الركعة إذا سجد فيها فقد أتى بأكثرها ، والحكم يتعلق بالأكثر في صحة البناء كما إذا أدرك الركوع مع الإِمام ، والسجود متكرر فلا يعتبر فيه الترتيب كأيام رمضان(٥) .

ج - لو صلّى الظهر فنسي سجدة وذكر أنّها من الاُولى أتم صلاته وقضاها بعد التسليم وسجد للسهو ، وقال الشافعي : تمت الاُولى بالثانية‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ١١٩ و ١٢٠ و ١٢١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥١ - ١٥٢ ، الوجيز ١ : ٥٠ ، المغني ١ : ٧٢٧ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٢ ، القوانين الفقهية : ٧٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٧ و ١٣٩.

(٢) المجموع ٤ : ١٢٢ ، القوانين الفقهية : ٧٦ ، المغني ١ : ٧٢٦ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٩.

(٣) المجموع ٤ : ١٢٢ ، المغني ١ : ٧٢٦ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٥.

(٤) المجموع ٤ : ١٢١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٤ ، المغني ١ : ٧٢٧ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٣ ، القوانين الفقهية : ٧٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٩.

(٥) المغني ١ : ٧٢٧ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٩.

٣٣٨

وتصير الثالثة ثانية(١) والرابعة ثالثة(٢) ، وتبقى عليه ركعة ، وكذا لو كانت من الثانية أو الثالثة(٣) .

ولو لم يعلم من أي ركعة هي حمل على أحسن الأحوال عنده ، وهو أنه تركها من ركعة قبل الرابعة ، فلا تصح الركعة التي بعدها فيأتي بركعة لتتم الصلاة بيقين.

ولو نسي سجدتين من الرباعية ولا يدري كيف تركهما أخذ بأسوإ الأحوال ويجعل كأنه ترك من الاُولى سجدة ، ومن الثالثة سجدة فيتم الاُولى بالثانية ، والثالثة بالرابعة وتحصل له ركعتان.

ولو نسي ثلاث سجدات جعل كأنه ترك من الاُولى سجدة ولم يترك من الثانية شيئاً فتمت الاُولى بالثانية ، وترك من الثالثة سجدة ، ومن الرابعة سجدة فتحصل من مجموعها ركعتان.

ولو نسي أربع سجدات قدر كأنه ترك من الاُولى سجدة ، ومن الثانية لم يترك شيئاً ومن الثالثة ترك سجدة ، وما سجد شيئاً من الرابعة فتحصل له ركعتان إلّا سجدة.

ولو ترك خمس سجدات جعل كأنه ترك من الاُولى سجدة ، ومن الثانية سجدتين ، ومن الثالثة سجدتين ، ولم يترك من الرابعة شيئاً فتمت الاُولى بالرابعة وحصل له ركعة(٤) .

وعلى مذهبنا أنه إذا ترك سجدتين من ركعة واحدة بطلت صلاته على ما تقدم ، وإن لم يعلم أهُما من ركعة أو ركعتين؟ رجحنا جانب الاحتياط ، وأبطلنا الصلاة ، لاحتمال أن يكونا من ركعة فتبطل الصلاة لفوات ركن فيها ، وكذا لو علم أنهما من ركعة ولم يعلم أهما من الرابعة أو مما سبق؟

____________________

(١) في نسخة ( ش ) : ثانيته.

(٢) في نسخة ( ش ) : ثالثته.

(٣) المجموع ٤ : ١٢٠ - ١٣١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧.

(٤) المجموع ٤ : ١٢٠ - ١٢١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٣ - ١٥٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧.

٣٣٩

د - لو نسي جميع السجود بطلت صلاته عندنا ، وقال الشافعي : صح له القيام ، والقراءة ، والركوع الأول(١) . وقال بعض أصحابه : بل الركوع الأخير.

مسألة ٣٥٤ : لو نسي التشهّد الأول ، ثم ذكر قبل الركوع رجع إليه وتشهد ، ثم قام فاستقبل الثالثة ، وفي سجود السهو قولان ، ولو لم يذكر حتى ركع مضى في صلاته ، وقضاه بعد التسليم ، وسجد للسهو - وبه قال الحسن البصري(٢) - لقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله سليمان بن خالد عن رجل نسي أن يجلس في الركعتين الأولتين ، فقال : « إن ذكر قبل أن يركع فليجلس ، وإن لم يذكر حتى يركع فليتم الصلاة حتى إذا فرغ فليسلّم ويسجد سجدتي السهو »(٣) ولأنه قبل الركوع في محل التشهد كالسجود.

وقال الشافعي : إن ذكر قبل انتصابه عاد إليه ، وإن ذكر بعد انتصابه لم يعد(٤) لقولهعليه‌السلام : ( إذا قام أحدكم في الركعتين فلم يستتم قائماً فليجلس ، وإذا استتم قائماً فلا يجلس ويسجد سجدتي السهو )(٥) .

وقال مالك : إن فارقت أليتاه الأرض مضى ولا يرجع(٦) . وقال‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ١٢١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧.

(٢) المجموع ٤ : ١٤٠ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨ ، المغني ١ : ٧١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٤.

(٣) التهذيب ٢ : ١٥٨ - ٦١٨ ، الاستبصار ١ : ٣٦٢ - ٣٦٣ - ١٣٧٤.

(٤) المجموع ٤ : ١٢٢ و ١٣٠ و ١٤٠ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٦ و ١٥٨ ، الوجيز ١ : ٥٠ و ٥١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧ ، السراج الوهاج : ٥٩ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨ ، المغني ١ : ٧١٢ و ٧١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٤.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٣٨١ / ١٢٠٨ ، مسند أحمد ٤ : ٢٥٤.

(٦) المنتقى للباجي ١ : ١٧٨ ، الشرح الصغير ١ : ١٤٢ ، المجموع ٤ : ١٤٠ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٨ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، المغني ١ : ٧١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٤.

٣٤٠

النخعي : يرجع ما لم يستفتح القراءة(١) . وقال أحمد : إن ذكر قبل أن يستوي قائماً وجب أن يرجع ، وإن ذكر بعد أن يستوي قائماً وقبل القراءة تخيّر والأولى أن لا يرجع(٢) .

فروع :

أ - إذا ذكر قبل انتصابه رجع إلى التشهّد عندنا‌ وعند الشافعي(٣) ، وكذا يرجع عندنا قبل الركوع وإن أنهى القراءة.

وهل يسجد للسهو؟ قولان :

أحدهما : الوجوب لما تقدم من وجوبهما لكل زيادة ونقصان - وبه قال أحمد ، والشافعي في أحد القولين(٤) - لأنه زاد في الصلاة من جنسها على وجه السهو فأشبه زيادة سجود.

والثاني : عدمه - وبه قال الشافعي أيضاً ، والأوزاعي ، وعلقمة ، والأسود(٥) - لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن الرجل يسهو في الصلاة فينسى التشهد : « يرجع فيتشهد » قلت : أيسجد سجدتي السهو؟ فقال : « ليس في هذا سجدتا السهو »(٦) .

____________________

(١) المجموع ٤ : ١٤٠ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨ ، المغني ١ : ٧١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٤.

(٢) المغني ١ : ٧١٢ و ٧١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٤ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨.

(٣) المجموع ٤ : ١٤٠ ، الوجيز ١ : ٥١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨ ، المغني ١ : ٧١٢ و ٧١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٤.

(٤) المجموع ٤ : ١٢٧ و ١٣٠ ، الوجيز ١ : ٥١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨ ، المغني ١ : ٧١٣ و ٧١٤ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٥ ، حلية العلماء ٢ : ١٤١.

(٥) المجموع ٤ : ١٢٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨ ، حلية العلماء ٢ : ١٤١.

(٦) التهذيب ٢ : ١٥٨ / ٦٢٢ ، الاستبصار ١ : ٣٦٣ / ١٣٧٦.

٣٤١

ب - لو ذكر قبل الركوع بعد الانتصاب فقد قلنا : إنه يجب عليه الرجوع ، خلافاً للشافعي فإنه يمنع منه لأن القيام فرض والتشهّد سنة عنده والفرض لا يقطع بالسنة(١) ، وقد بيّنا وجوبه.

فلو خالف وعاد عامداً عالماً بأنه لا يجوز على مذهبه بطلت صلاته عنده(٢) ، وإن كان ناسياً لم تبطل ويقوم كما يذكر ، وإن عاد جاهلاً بأنه لا يجوز فوجهان : البطلان لتقصيره بترك العلم وأصحهما : الصحة لأنه قد يخفى فيعذر(٣) .

هذا في المنفرد ، وكذا الإِمام لا يرجع بعد الانتصاب عنده والمأموم يوافقه ، فإن نوى مفارقته ليتشهد جاز ، وإن نهض المأموم ناسياً فأصح الوجهين عنده : العود لوجوب متابعة الإِمام ، والآخر : الصبر إلى أن يلحقه الإِمام لأنه ليس فيما فعله إلا التقدم على الإِمام بركن وهو غير مبطل ، وإن كان عمداً فلا حاجة إلى الرجوع(٤) ، وهذا كلّه عندنا باطل لوجوب الرجوع قبل الركوع.

ج - المراد بالانتصاب الاعتدال قائماً‌ ، وهو أحد وجهي الشافعية والآخر : أن يصير أرفع من حدّ أقل الركوع(٥) ، وعند أبي حنيفة ، ومالك : إن صار أقرب إلى القيام لم يعد(٦) .

____________________

(١) المجموع ٤ : ١٤٠ ، الوجيز ١ : ٥٠ - ٥١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨.

(٢) المجموع ٤ : ١٢٣ و ١٣٠ ، الوجيز ١ : ٥١ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٦ ، كفاية الأخيار ١ : ٧٩.

(٣) المجموع ٤ : ١٣٠ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٦ و ١٥٧.

(٤) المجموع ٤ : ١٣١ و ١٣٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٧ ، الوجيز ١ : ٥١ ، كفاية الأخيار ١ : ٧٩ ، السراج الوهاج : ٥٩.

(٥) المجموع ٤ : ١٣٤ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٧٩.

(٦) اللباب ١ : ٩٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٧٥ ، شرح العناية ١ : ٤٤٣ ، المجموع ٤ : ١٤٠ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٨.

٣٤٢

د - إذا عاد قبل الانتصاب فالأقرب وجوب سجدتي السهو‌ لزيادة بعض القيام ، وهو أحد قولي الشافعي(١) ، وقال بعض علمائنا : لا يجب(٢) . وهو ثاني الشافعي(٣) .

وقال بعض الشافعية : إن عاد قبل أن ينتهي إلى حدّ الراكعين لم يسجد ، وإن عاد بعد الانتهاء إليه سجد لأنه زاد ركوعاً سهواً(٤) .

ه- لا فرق بين نسيان التشهد ونسيان بعض الواجب فيه‌ ، وكذا لو نسي الصلاة على النبي وآلهعليهم‌السلام ، ولو لم يذكر إلّا بعد الركوع قضى الصلاة عليهم دون التشهد لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن رجل ينسى من صلاته ركعة ، أو سجدة ، أو الشي‌ء منها ، ثم يذكر بعد ذلك ، فقال : « يقضي ذلك بعينه » فقلت : يعيد الصلاة؟ قال : « لا »(٥) .

و - لو أخلّ بالتشهد الأخير حتى سلم قضاه وسجد للسهو‌ ، ولو أحدث قبل قضائه ، قال بعض أصحابنا : يعيد الصلاة لأنه أحدث فيها ووقع التسليم في غير موضعه(٦) . وليس بجيّد لأن التسليم وقع موقعه مع السهو فحينئذ يتطهر ، ويقضي التشهد ، ويسجد للسهو إن لم يبطل الحدث المتخلل بين الصلاة والجزء المنسي الصلاة.

مسألة ٣٥٥ : لو ذكر - وهو في السورة - نسيان قراءة الحمد استأنف الحمد وأعاد السورة‌ أو غيرها ، لأن محل القراءة باق ، وكذا لو نسي الركوع ثم ذكر قبل السجود قام وركع ، ثم سجد ، وكذا لو نسي سجدة أو سجدتين وذكر قبل‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ١٣٤ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٨ و ١٥٩ ، السراج الوهاج : ٦٠.

(٢) قاله المحقق في المعتبر : ٢٣٠.

(٣) المجموع ٤ : ١٣٤ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٧٩.

(٤) المجموع ٤ : ١٣٤ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٩.

(٥) التهذيب ٢ : ١٥٠ / ٥٨٨ ، الإستبصار ١ : ٣٥٧ / ١٣٥٠.

(٦) حكاه عن بعض الأصحاب أيضاً المحقق في المعتبر : ٢٣٠.

٣٤٣

الركوع قعد وفعل ما نسيه ، ثم قام فقرأ.

وهل تجب السجدتان للسهو في هذه الأماكن؟ قولان وقد سلف البحث في ذلك كله.

البحث الرابع : فيما يوجب الاحتياط :

مسألة ٣٥٦ : قد بيّنا أن الشك في عدد الثنائية ، أو الثلاثية ، أو الاُوليين من الرباعية مبطل‌ ، خلافاً للجمهور(١) .

أما لو شك في الزائد على الاثنتين في الرباعية مثل أن يشك بين الاثنتين والثلاث ، أو بين الثلاث والأربع ، أو بين الاثنتين والأربع ، أو بين الاثنتين والثلاث والأربع ، فإنه يبني على الأكثر ويسلم بعد إكمال الصلاة ، ويأتي بالفائت ، أو مساوية احتياطاً ، فيبني في الأول على الثلاث ، ثم يتمم صلاته ويسلم ، ثم يصلي ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس ، وفي الثانية يبني على الأربع ويفعل ما تقدم ، وفي الثالثة يبني على الأربع ويسلّم ، ثم يصلّي ركعتين من قيام ، وفي الرابعة يبني على الأربع ويصلي ركعتين من قيام وركعتين من جلوس فإن كان قد صلّى اثنتين كانت الركعتان من قيام تمام الصلاة والركعتان من جلوس نافلة وإن كان قد صلّى ثلاثاً فبالعكس.

وإن كان قد صلّى أربعاً فالجميع نفل لأن البناء على الأقل يحتمل زيادة الركعة وهي مبطلة عمداً وسهواً ، والقول بإعادة الصلاة باطل هنا إجماعاً فتعين العمل بما قلناه ، ولأن التسليم في غير موضعه لا يبطل الصلاة سهواً فكذا هنا لأنه يجري مجرى السهو.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا سهوت فابن على الأكثر ، فإذا فرغت وسلّمت فقم فصلّ ما ظننت أنك نقصت ، فإن كنت أتممت لم يكن‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ١٠٦ و ١٠٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٥ ، الوجيز ١ : ٥١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٦ ، المغني ١ : ٧١١ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٧ ، الشرح الصغير ١ : ١٣٧ ، شرح العناية ١ : ٤٥٢ و ٤٥٣.

٣٤٤

عليك في هذا شي‌ء ، وإن ذكرت أنك نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت »(١) .

هذا عند أكثر علمائنا(٢) ، وقال الصدوق : يتخير بين ذلك وبين البناء على الأقل(٣) لقول الرضاعليه‌السلام : « يبني على يقينه ويسجد سجدتي السهو »(٤) والمشهور الأول ، فيتعين المصير إليه ، وتحمل الرواية على الظن.

وقال الشافعي : يبني على الأقل ويأتي بالتمام - وبه قال مالك ، وإسحاق ، وأبو ثور(٥) - لقولهعليه‌السلام : ( إذا شك أحدكم في صلاته فليلغ الشك وليبن على اليقين ، وإذا استيقن التمام سجد سجدتين ، فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة له والسجدتان ، وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماماً لصلاته وكانت السجدتان مرغمتي الشيطان )(٦) وفيما قلناه إلغاء للشك وأخذ باليقين أيضاً.

وقال أبو حنيفة : إن كان أول ما أصابه أعاد الصلاة(٧) لقوله عليه‌

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٤٩ / ١٤٤٨.

(٢) منهم : أبو الصلاح الحلبي في الكافي في الفقه : ١٤٨ ، والقاضي ابن البراج في المهذب ١ : ١٥٥ ، وابن إدريس في السرائر : ٥٤ ، والمحقق في المعتبر : ٢٣١ و ٢٣٢.

(٣) اُنظر : الفقيه ١ : ٢٣٠ - ٢٣١.

(٤) الفقيه ١ : ٢٣٠ / ١٠٢٣.

(٥) المجموع ٤ : ١١١ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٥ ، الوجيز ١ : ٥١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٦ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨ ، القوانين الفقهية : ٧٨ ، الشرح الصغير ١ : ١٣٧ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٧ ، عمدة القارئ ٧ : ٣١٢ - ٣١٣ ، وفيها الثوري بدل « أبو ثور ».

(٦) سنن أبي داود ١ : ٢٦٩ / ١٠٢٤.

(٧) المبسوط للسرخسي ١ : ٢١٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٧٦ ، شرح العناية ١ : ٤٥٢ ، عمدة القارئ ٧ : ٣١٣ ، اللباب ١ : ٩٨ ، المجموع ٤ : ١١١ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٨.

٣٤٥

السلام : ( لا غرار في الصلاة )(١) وإن تكرر تحرى وعمل على ما يؤديه تحريه إليه لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب ، وليبن عليه ، ويسلم ، ويسجد سجدتين )(٢) ونحن نقول بموجبه ، فإن تحري الصواب هو ما قلناه لما تقدم.

وعن أحمد في المنفرد كالشافعي ، وفي الإِمام روايتان : إحداهما : ذلك ، والثانية : يبني على غالب ظنه(٣) ، وعن الثوري روايتان : إحداهما : يتحرى ، والثانية : يبني على اليقين(٤) .

وقال الحسن البصري : يسجد سجدتي السهو ويجزيه(٥) لقولهعليه‌السلام : ( يأتي الشيطان أحدكم فيلبس عليه صلاته فلا يدري أزاد أم نقص فإذا وجد أحدكم ذلك فليسجد سجدتين وهو جالس)(٦) وحديثنا أولى لأنه مبين.

فروع :

أ - لو غلب على ظنه أحد طرفي ما شك فيه بنى على ظنه‌ ولا شي‌ء عليه لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا لم تدر ثلاثاً صليت أم أربعاً ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث ، وإن وقع رأيك على الأربع فسلّم‌

____________________

(١) سنن أبي داود ١ : ٢٤٤ / ٩٢٩ ، مسند أحمد ٢ : ٤٦١ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٦٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٢٦٠ و ٢٦١. والغِرار في الصلاة : هو نقصان هيآتها وأركانها - النهاية ٣ : ٣٥٦ « غرر ».

(٢)صحيح البخاري ١ : ١١١ ، صحيح مسلم ١ : ٤٠٠ / ٥٧٢ ، سنن النسائي ٣ : ٢٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٨٢ / ١٢١١ ، سنن أبي داود ١ : ٢٦٨ / ١٠٢٠.

(٣) المغني ١ : ٧٠٢ و ٧٠٣ ، كشاف القناع ١ : ٤٠٦ ، عمدة القارئ ٧ : ٣١٢ و ٣١٣ ، القواعد فيالفقه الإسلامي : ٣٤٤ و ٣٤٥ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٦ - ١٣٧.

(٤) المجموع ٤ : ١١١ ، المغني ١ : ٧٠٣.

(٥) الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨ ، عمدة القارئ ٧ : ٣١٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٣٧.

(٦)صحيح مسلم ١ : ٣٩٨ / ٣٨٩ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٤٤ / ٣٩٧ ، الموطأ ١ : ١٠٠ / ١ ، سنن النسائي ٣ : ٣١.

٣٤٦

وانصرف ، وإن اعتدل وهمك فانصرف وصلّ ركعتين وأنت جالس »(١) .

ويدل على التخيير بين الركعة من قيام والركعتين من جلوس قول الصادقعليه‌السلام : « إذا اعتدل الوهم في الثلاث والأربع فهو بالخيار إن شاء صلى ركعة وهو قائم ، وإن شاء صلى ركعتين وأربع سجدات »(٢) .

ب - يتخير الشاك بين الاثنتين والثلاث والأربع بين صلاة ركعتين من قيام وركعتين من جلوس ، وبين ركعتين من قيام ويسلّم وركعة أخرى من قيام‌ إذ الركعة قائماً تعدل الركعتين جالساً وهي إلى الفائت المعوض عنه أقرب فكان أولى ، وكذا يتخير بين أن يفعل الركعتين من قيام أولا ، أو الركعتين من جلوس ، أو الركعة من قيام.

وقول الصادقعليه‌السلام : « يقوم فيصلّي ركعتين ويسلم ، ثم يصلّي ركعتين من جلوس ويسلّم ، فإن كان قد صلّى أربعاً كانت الركعات نافلة وإلّا تمت الأربع »(٣) الظاهر أنه لا يراد فيه الترتيب وهذه الصورة لا تنفك من وجوب نافلة ، وليس له أن يصلي ركعتين قائماً يفصل بينهما بالتسليم ، ولا ست ركعات من جلوس ، ولا ركعة من قيام وأربعاً من جلوس.

ج - لو شك بين الأربع والخمس بنى على الأربع وتشهد وسلم وسجد سجدتي السهو‌ - وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأحمد(٤) - لقولهعليه‌السلام : ( إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر صلّى خمساً أو أربعاً فليطرح الشك وليبن على اليقين ثم يسجد سجدتين )(٥) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٣ / ٧ ، التهذيب ٢ : ١٨٤ / ٧٣٣.

(٢) الكافي ٣ : ٣٥٣ / ٩ ، التهذيب ٢ : ١٨٤ / ٧٣٤.

(٣) الكافي ٣ : ٣٥٣ / ٦ ، التهذيب ٢ : ١٨٧ / ٧٤٢.

(٤) المجموع ٤ : ١١١ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٥ ، الوجيز ١ : ٥١ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، رحمة الأمة ١ : ٥٨ ، اللباب ١ : ٩٩ ، المغني ١ : ٧٠٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٢٧.

(٥) سنن أبي داود ١ : ٢٦٩ / ١٠١٤ باختصار ، وأورده نصّاً في المعتبر : ٢٣٣.

٣٤٧

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إذا كنت لا تدري أربعاً صليت أم خمساً فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلّم بعدهما »(١) ولأن الشك هنا لا يوجب تلافياً ولا إعادة فيجبر بسجدتي السهو.

مسألة ٣٥٧ : المراد بقولنا : بين كذا وكذا ، الشك في الزائد على العدد الأول بعد إكماله.

فلو قال : لا أدري قيامي لثانية أو لثالثة بطلت صلاته لأنه في الحقيقة شك بين الاُولى والثانية.

ولو قال : لثالثة أو رابعة فهو شك في الاثنتين والثلاث ، فيكمل الرابعة ويتشهد ويسلم ويصلي ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس.

ولو قال : لرابعة أو خامسة فهو شك بين الثلاث والأربع فيقعد ويتشهد ويسلم ثم يصلي ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس لاحتمال أن يكون القيام إلى رابعة ، ويسجد للسهو إن قلنا بوجوبه على من قام في حال قعود.

ولو قال : لثالثة أو خامسة قعد وسلّم وصلى ركعتين من قيام وسجد للسهو ، ولو قام من الركوع فقال قبل السجود : لا أدري قيامي لثانية أو ثالثة فالأقرب البطلان لأنه لم يحرز الأولتين ، ويحتمل الصحة تنزيلاً للأكثر منزلة الجميع وبركوعه حصل أكثر الثانية.

ولو قال : لرابعة أو خامسة بطلت صلاته ، إذ مع الأمر بالإِتمام يحتمل الزيادة المبطلة ، وبعدمه يحتمل النقصان المبطل ، وإنما تصح الصلاة لو صحت قطعاً على أحد التقديرين وكذا تبطل لو قال : لثالثة أو خامسة.

أما لو قال : لثالثة أو رابعة فإنه يتم الركعة ويتشهد ويسلم ويصلي ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس لاحتمال أن تكون ثالثة فيجبرها الاحتياط ورابعة فتكون الركعة نفلاً.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٥٥ / ٣.

٣٤٨

مسألة ٣٥٨ : لا بدّ في الاحتياط من النية وتكبيرة الافتتاح ، لأنها صلاة فعلت بعد تسليم فيجب فيها ذلك كغيرها ، وهل تجب الفاتحة عيناً أم يتخير بينها وبين التسبيح؟

قال بعض علمائنا : بالأول ، لأنها صلاة منفردة فتجب الفاتحة(١) لقولهعليه‌السلام : ( لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب )(٢) وقال آخرون : بالثاني لأنها بدل عن الثالثة أو الرابعة فيثبت فيها ما ثبت في حكم المبدل(٣) . ونمنع المقدمتين ، ولا خلاف في إجزاء الفاتحة وعدم الزيادة عليها.

مسألة ٣٥٩ : لو أحدث قبل الاحتياط ، قال بعض علمائنا : تبطل الصلاة‌ ويسقط الاحتياط لأنه في معرض التمامية للصلاة ، وكما تبطل الصلاة بتخلل الحدث بين أجزائها كذا تبطل بتخلله بين ما يقوم مقام الأجزاء ، ويحتمل أن يكون جزءاً ، وقال بعضهم : لا تبطل لأنها صلاة منفردة ، ولا يلزم من كونها بدلاً مساواتها للمبدل في كل حكم(٤) والأول أحوط.

أما السجدة المنسية ، أو التشهد المنسي ، أو الصلاة على النبي وآلهعليهم‌السلام فالوجه اشتراط عدم تخلل الحدث بين الصلاة وبينها ، وكذا الركعة المنسيّة.

ويشترط في السجدة المنسيّة الطهارة لأنها جزء من الصلاة التي تجب الطهارة في جميع أجزائها ، وكذا الاستقبال ، والأداء في الوقت ، فإن خرج الوقت قبل فعلها عمداً بطلت صلاته ، وإن خرج سهواً قضاها ، ويتأخر حينئذٍ عن الفائتة السابقة.

____________________

(١) منهم : الصدوق في المقنع : ٣١ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ٩٠ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١٠٢ ، والمحقق في شرائع الإِسلام ١ : ١١٨.

(٢)صحيح البخاري ١ : ١٩٢ ،صحيح مسلم ١ : ٢٩٥ / ٣٩٤ ، سنن أبي داود ١ : ٢١٦ / ٨٢٠ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٢١ / ١٦ و ١٧ ، عوالي الآلي ١ : ١٩٦ / ٢.

(٣) منهم : الشيخ المفيد في المقنعة : ٢٤ ، وابن إدريس في السرائر : ٥٤.

(٤) حكى القولين ، المحقق في شرائع الإِسلام ١ : ١١٨.

٣٤٩

البحث الخامس : في سجدتي السهو وباقي مسائله.

مسألة ٣٦٠ : قال الشيخ في الخلاف : لا تجب سجدتا السهو إلّا في أربعة مواضع : من تكلم في الصلاة ناسياً ، أو سلّم في غير موضعه ناسياً أو نسي سجدة ولم يذكر حتى يركع ، أو التشهد ولا يذكر حتى يركع في الثالثة ، ولا يجب في غير ذلك فعلاً كان أو قولاً ، زيادة كان أو نقصاناً ، متحققة كانت أو متوهمة ، وعلى كل حال.

وفي أصحابنا من قال : تجب سجدتا السهو في كل زيادة ونقصان(١) . وزاد في المبسوط : من شك بين الأربع والخمس(٢) ، وقال المرتضى : من قعد في حال قيام فتلافاه وبالعكس سجد للسهو(٣) .

والوجه وجوبهما في كل زيادة ونقصان لقول الصادقعليه‌السلام « يسجد للسهو في كل زيادة ونقصان »(٤) .

وقال الشافعي : يجب سجود السهو لأمرين : إما لزيادة أو نقصان ، فالزيادة إما قول أو فعل ، فالقول مثل أن يسلّم ساهياً في غير موضعه ، أو يتكلم ساهياً ، أو يقرأ في غير موضع القراءة كالركوع والسجود.

والفعل إما زيادة متحققة كأن يقعد في موضع قيامه عقيب الاُولى والثالثة أكثر من جلسة الاستراحة ، أو يقوم في موضع قعوده وهو أن يقوم عن الثانية ثم يعود للقعود ، أو يقوم بعد الرابعة إلى الخامسة يعتقدها رابعة.

وإما زيادة متوهمة وهو البناء على اليقين في الشك مثل أن يشك هل‌

____________________

(١) الخلاف ١ : ٤٥٩ مسألة ٢٠٢ ، وانظر أيضاً : أمالي الصدوق : ١٥٣ المجلس ٩٣ ، والفقيه ١ : ٢٢٥ / ٩٩٣.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ١٢٣.

(٣) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٣٧.

(٤) التهذيب ٢ : ١٥٥ / ٦٠٨ ، الاستبصار ١ : ٣٦١ / ١٣٦٧.

٣٥٠

صلّى ثلاثاً أو أربعاً فإنه يضيف إليها اُخرى ، وضابط ذلك أن كلّ ما إذا فعله عامداً بطلت صلاته لو فعله ساهيا جبره بسجود السهو.

وأما النقصان فأن يترك التشهد الأول أو الجلوس له ، وكذلك القنوت في الفجر وفي النصف الأخير من شهر رمضان من صلاة الوتر ، وأما الصلاة على النبي في التشهد الأول ففي الجديد على قولين : أحدهما : أنه سنة فيجبره بالسجود ، والثاني ، أنه ليس بسنة فلا يجبره.

وأما ما لا يجبر به فأركان الصلاة وهيآتها فإن ترك ركناً لم يجبر بسهو لكن إن ذكره قريباً أتى به وسجد للسهو لأجل ما زاد من الفعل بتركه ، وإن ذكره بعيداً بطلت صلاته.

وأما الهيئات فأن ترك دعاء الافتتاح ، والتعوّذ ، والجهر فيما يسر به وبالعكس ، وترك القراءة بعد الفاتحة ، والتكبيرات بعد الإِحرام ، والتسبيحات في الركوع والسجود.

وأما الأفعال فترك رفع اليدين مع الافتتاح ، وعند الركوع والرفع منه ، ووضع اليمين على الشمال حال القيام ، وترك وضعهما على الركبتين حال الركوع ، وعلى الفخذين حال الجلوس ، وترك جلسة الاستراحة عقيب الاُولى والثالثة ، وترك هيئة ركن من الأفعال كالافتراش في موضع التورك ، والتورك في موضع الافتراش ، وكذلك إذا خطا خطوة أو خطوتين ، أو التفت ، أو لفّ عمامته لفّة أو لفّتين كل هذا ترك هيئات الأركان فلا يَجبره بسجود السهو.

والحاصل أن الصلاة تشتمل على أركان فلا تجبر بالسهو ، وعلى هيآت فكذلك ، وعلى مسنونات تجبر بسجدتي السهو(١) .

ووافقه أبو حنيفة على ذلك وزاد عليه في خمس مسائل ، فقال : إن جهر‌

____________________

(١) الاُم ١ : ١٣٠ - ١٣٢ ، المجموع ٤ : ١٢٥ - ١٢٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٣٨ - ١٤٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٧ - ٩٨.

٣٥١

فيما يسر ، أو أسر فيما يجهر به - يعني الإِمام - فإن المأموم عنده لا يجهر ، أو ترك فاتحة الكتاب ، أو قرأ سورة قبل الفاتحة ، أو أخر القراءة عن الأولتين إلى الأُخريين ، أو ترك التكبيرات المتوالية في العيدين ، أو تورك في موضع الافتراش سجد للجميع(١) .

وقال مالك : متى ترك الهيآت سجد ، ودعاء الافتتاح والتعوذ عنده في الصلاة لكن بتكبيرات الصلاة غير الافتتاح ، وترك التسبيح في الركوع والسجود ، وترك الإِسرار أو الجهر فمذهبه أنه يجبر كل سهو يقع في الصلاة(٢) .

وقال ابن أبي ليلى : إن أسر فيما يجهر فيه ، أو جهر فيما يسر فيه بطلت صلاته(٣) كقولنا ، وقد ذكرنا أكثر هذه المسائل على سبيل التفصيل.

مسألة ٣٦١ : لو جلس في الأُولى أو الثالثة للتشهد وتشهد ، ثم ذكر قام وصلّى وتشهّد‌ ، ويسجد سجدتي السهو عند بعض علمائنا على ما تقدم وبه قال الشافعي(٤) لما تقدم.

وحكي عن علقمة والأسود أنهما قالا : لا يسجد لأن الجبران إنما يكون للنقصان لا للزيادة(٥) وهو ممنوع.

ولأن الزيادة تؤثر نقصاناً ، ولهذا إذا كانت عمداً أبطلتها ، وإن ذكر قبل أن يتشهد ، فإن كان قد جلس قدر جلسة الاستراحة لم يسجد ، وإن زاد‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٢٠ و ٢٢١ و ٢٢٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٧٤ - ٧٥ ، اللباب ١ : ٩٥ - ٩٦ ، المجموع ٤ : ١٢٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٣٩ ، الميزان ١ : ١٦٣ ، رحمة الأمة ١ : ٥٩.

(٢) المدونة الكبرى ١ : ١٤٠ ، القوانين الفقهية : ٧٧ ، المجموع ٤ : ١٢٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٣٩ - ١٤٠.

(٣) المجموع ٤ : ١٢٨.

(٤) المجموع ٤ : ١٣٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٠ ، مغني المحتاج ١ : ٢٠٨.

(٥) المجموع ٤ : ١٢٧ ، المغني ١ : ٧١٢ ، شرح الأزهار ١ : ٣١٥.

٣٥٢

سجد ، وبه قال الشافعي(١) .

مسألة ٣٦٢ : لا سجود لترك المندوب‌ لجواز تركه مطلقاً فلا يستعقب تركه نسياناً تكليفاً ، فلو ترك القنوت في صلاة الصبح أعاده بعد الركوع استحباباً ولا يسجد للسهو ، وقال الشافعي : يسجد(٢) .

ولو ذكر بعد الانحطاط إلى السجود لم يعد لفوات محله ، وقال الشافعي : إن سجد لم يجز أن يرجع لأنه تلبس بالفرض فلا يعود إلى السنّة وإن لم يكن وضع جبهته على الأرض عاد إليه ، ويسجد للسهو إن كان قد بلغ حد الراكعين أو زاد ، وإلّا فلا(٣) .

ولو ترك الإِمام القنوت لاعتقاده لم يسجد المأموم لأجله - وبه قال القفال(٤) - إذ لا خلل في صلاة الإِمام ، وقال بعض الشافعية : يسجد المأموم لأنه اعتقد أن إمامه ترك مأموراً فاختلت صلاته فعليه جبرها بالسجود(٥) .

فروع :

أ - ترك التكبيرات المستحبة لا يقتضي سجود السهو ، وبه قال الشافعي(٦) . وقال أبو حنيفة : إذا ترك تكبيرات العيدين خاصة سجد لها لأنه‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ١٣٨ - ١٣٩ ، الوجيز ١ : ٥١ ، فتح العزيز ٤ : ١٦٠ ، مغني المحتاج ١ : ٢٠٨.

(٢) المجموع ٤ : ١٢٥ ، مغني المحتاج ١ : ٢٠٥ ، الميزان ١ : ١٦٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٧٩.

(٣) المجموع ٤ : ١٣٦ ، فتح العزيز ٤ : ١٥٩ - ١٦٠ ، مغني المحتاج ١ : ٢٠٨ ، السراج الوهاج : ٦٠.

(٤ و ٥) حلية العلماء ٢ : ١٧١.

(٦) الاُم ١ : ١٣٠ ، مختصر المزني : ١٧ ، المجموع ٤ : ١٢٦ ، فتح العزيز ٤ : ١٣٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٨٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨.

٣٥٣

ذكر في محل واحد ، فإذا تركه سجد له كالتشهد والقنوت(١) وينتقض بدعاء الاستفتاح.

ب - لو زاد فعلاً مندوباً أو واجباً في غير موضعه سجد للسهو‌ ، فلو قنت في الركعة الاُولى ساهياً سجد للسهو - وبه قال الشافعي - لما تقدم ، واختلف أصحابه في العلّة.

فقيل : إنه نقل ذكراً مقصوداً من محله إلى غير محله فيجعل كتركه في محله.

وقيل : إن قيام الاعتدال ركن قصير وقد طوّله بالقنوت(٢) .

وتظهر الفائدة فيما لو قنت في الاُولى من الصبح عامداً هل تبطل صلاته أم لا؟

أما عندنا فإنها تبطل لأنه زاد ذكراً غير مشروع فيكون حكمه حكم ما لو تكلم في الصلاة بما ليس منها عامداً.

وأما الشافعية فمن علل بالأول لم يبطل ، لأن الصلاة محل الذكر ، وفي سجود السهو قولان.

ومن علل بالثاني أبطلها ، لأن تطويل الركن القصير كزيادة ركن في الصلاة(٣) .

ولو قنت قبل الركوع لم يسجد عندنا لأنه المأمور به ، والشافعية قالوا : إنه بعده فهل يسجد؟ إن علل بالأول سجد ، وإلّا فلا لأن القيام ركن ممتد(٤) .

____________________

(١) الهداية للمرغيناني ١ : ٧٤ ، شرح العناية ١ : ٤٣٩ ، اللباب ١ : ٩٥ ، المجموع ٤ : ١٢٨ ، فتح العزيز ٤ : ١٣٩ ، رحمة الأمة ١ : ٥٩.

(٢) اُنظر المجموع ٤ : ١٢٦ - ١٢٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٤٤ - ١٤٥.

(٣) اُنظر المجموع ٤ : ١٢٦ - ١٢٧ ، فتح العزيز ٤ : ١٤٤ - ١٤٥.

(٤) المجموع ٣ : ٤٩٤ و ٤٩٥.

٣٥٤

ولو تشهد قائماً متعمداً بطلت صلاته ، لأن التشهد عندنا فرض في محله وقد أخلّ به عمداً ، وعند الشافعية أنّه مستحب(١) فلا تبطل لأن الذكر في الصلاة لا يبطلها نقله.

والقيام والقعود ركن ممتد ، ولو فعله ساهياً سجد عندنا وتداركه ، ومن علّل من الشافعية بالأول سجد لأنه نقل الذكر ، ومن علّل بالثاني لم يسجد لأن الركن طويل في نفسه.

ج - لو عزم أن يفعل فعلاً مخالفاً للصلاة أو أن يتكلم عامداً ولم يفعل لم يلزمه سجود السهو‌ لأن حديث النفس مرفوع عن هذه الأمة(٢) ، ولا سجود إلّا في عمل البدن.

د - لو سها في صلاة النفل بنى على الأقل‌ استحباباً ، ويجوز البناء على الأكثر ، وبه قال ابن سيرين ، وهو قول الشافعي ، وعنه السجود لترك ما اقتضت التحريمة فعله(٣) .

ه - لو سها في سجود السهو‌ بأن ظن ترك سجدة وقلنا بفعله في الصلاة فسجد ، ثم ذكر أنه لم يتركها وأن سجوده للسهو كان سهواً في الصلاة لم يسجد له لما تقدم من أنه لا سهو في سهو ، وعند الشافعية يسجد لوجود السبب وهو السهو(٤) .

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤٥٠ ، فتح العزيز ٣ : ٤٩٣ و ٤٩٤ ، حلية العلماء ٢ : ١٠٤.

(٢)صحيح البخاري ٣ : ١٩٠ و ٧ : ٥٩ و ٨ : ١٦٨ ،صحيح مسلم ١ : ١١٦ / ٢٠١ و ٢٠٢ ، سنن النسائي ٦ : ١٥٦ - ١٥٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٦٥٨ / ٢٠٤٠ و ٦٥٩ / ٢٠٤٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٤٨٩ / ١١٨٣.

(٣) المجموع ٤ : ١٦١.

(٤) فتح العزيز ٤ : ١٧٣ - ١٧٤.

٣٥٥

و - لو سها بعد سجود السهو‌ إذا جعلناه في الصلاة بأن فرغ من السجود وقبل أن يسلّم تكلم ناسياً ، أو قام على ظن أنه رفع رأسه من سجدات الصلوات سجد ثانياً لوجود السبب ، وسجود السهو يجبر ما قبله لا ما بعده ، وبه قال بعض الشافعية(١) ، وظاهر مذهبهم : أنه لا يسجد ثانياً لأنه ربما ( يسهو )(٢) فيحتاج إلى سجود آخر فيؤدي إلى ما لا يتناهى(٣) .

ز - المسبوق إذا أدرك الإِمام بعد السجود تابعه‌ ولا سجود عليه ، ولو أدركه بعد الرفع من الركوع فإن سوغنا الدخول معه والاعتداد بهذه النية والتكبير لم يسجد للسهو ، وبه قال الشافعي(٤) .

وقال عبد الله بن عمر ، وعبد الله بن الزبير : يسجد لوجود زيادة في صلاته لا يعتد بها(٥) . ويبطله قولهعليه‌السلام : ( ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا )(٦) ولم يأمر بسجود.

مسألة ٣٦٣ : سجدتا السهو بعد التسليم‌ مطلقاً عند أكثر علمائنا(٧) - وبه قال عليعليه‌السلام ، وابن مسعود ، وعمار ، وسعد بن أبي وقاص ، والنخعي ، وابن أبي ليلى ، والثوري ، وأصحاب الرأي ، وهو قول‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ١٤١ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨.

(٢) بدل ما بين القوسين في « م ، ش » والطبع الحجري تشهد. والأنسب بالعبارة ما أثبتناه.

(٣) المجموع ٤ : ١٤١ ، فتح العزيز ٤ : ١٧٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٣.

(٤) المجموع ٤ : ١٦٣.

(٥) المجموع ٤ : ١٦٣ ، المغني ١ : ٧٣٣ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٢.

(٦)صحيح البخاري ١ : ١٦٣ و ٢ : ٩ ، سنن أبي داود ١ : ١٥٦ / ٥٧٢ ، سنن الترمذي ٢ : ١٤٩ / ٣٢٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٥٥ / ٧٧٥ ، سنن الدارمي ١ : ٢٩٤ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٨ و ٢٧٠ و ٣١٨ و ٤٨٩ و ٥٣٣ ،صحيح مسلم ١ : ٤٢٠ / ٦٠٢ ، مسند أبي عوانة ١ : ٤١٣ ، الموطأ ١ : ٦٨ / ٤.

(٧) منهم : السيد المرتضى في جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٣٧ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٢٥ ، والمحقق في المعتبر : ٢٣٣.

٣٥٦

الشافعي(١) - لقولهعليه‌السلام : ( إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب وليبن عليه ويسلم ويسجد سجدتين )(٢) وقولهعليه‌السلام : ( لكل سهو سجدتان بعد أن يسلم )(٣) .

ومن طريق الخاصة قول عليعليه‌السلام : « سجدتا السهو بعد السلام وقبل الكلام »(٤) ولأنه زيادة في الصلاة وفعل كثير ليس منها فيكون مبطلاً ، ولأن فيه تغييراً لهيئة الصلاة إذ السجود لا يتبع التشهد في شي‌ء من صور الصلاة.

وقال بعض علمائنا : إنّهما قبل التسليم سواء زاد في الصلاة أو نقص(٥) - وهو قول أبي هريرة ، وأبي سعيد الخدري ، والزهري ، وسعيد بن المسيب ، وربيعة ، والأوزاعي ، والليث بن سعد(٦) - لما رووه عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه صلّى صلاة العشاء فقام في ركعتين فقام الناس معه فلما انتظروا تسليمه كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلّم(٧) .

____________________

(١) المجموع ٤ : ١٥٤ و ١٥٥ ، فتح العزيز ٤ : ١٨٠ و ١٨١ ، فتح الباري ٣ : ٧٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢١٩ ، عمدة القارئ ٧ : ٣٠١ ، المغني ١ : ٧١٠ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٤ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٣٧.

(٢)صحيح البخاري ١ : ١١١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٨٢ / ١٢١١ ، سنن أبي داود ١ : ٢٦٨ / ١٠٢٠ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٣٥ و ٣٣٦ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٧٥ / ١.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٣٨٥ / ١٢١٩ ، مسند أحمد ٥ : ٢٨٠ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٣٧.

(٤) الفقيه ١ : ٢٢٥ / ٩٩٤ ، التهذيب ٢ : ١٩٥ / ٧٦٨ ، الاستبصار ١ : ٣٨٠ / ١٤٣٨.

(٥) هو المحقق في شرائع الاسلام ١ : ١١٩.

(٦) المجموع ٤ : ١٥٥ ، المغني ١ : ٧١٠ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٤ ، عمدة القاري ٧ : ٣٠١ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٣٧.

(٧)صحيح البخاري ٢ : ٨٥ ،صحيح مسلم ١ : ٣٩٩ / ٥٧٠ ، الموطأ ١ : ٩٦ / ٦٥ ، سنن الدارمي ١ : ٣٥٣ ، سنن النسائي ٣ : ١٩ و ٢٠ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٣٤.

٣٥٧

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إنّهما قبل التسليم فإذا سلمت ذهبت حرمة صلاتك »(١) .

والحديث الأول ممنوع لمنافاته الأصول الدالة على عصمة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن السهو. والثاني ضعيف السند.

وقال بعض علمائنا بالتفصيل فإن كان للنقصان ففي الصلاة وإن كان للزيادة فبعد التسليم(٢) - وبه قال مالك ، والمزني ، وإسحاق ، وأبو ثور ، والشافعي في القديم -(٣) لأن خبر ذي اليدين(٤) ذكر السجود بعد السلام لأن السهو في الزيادة ، والخبر السابق ذكر السجود في الصلاة لأنه للنقصان.

ومن طريق الخاصة قول الرضاعليه‌السلام : « إذا نقصت فقبل التسليم وإذا زدت فبعده »(٥) والأولان بيّنا ضعفهما ، والثالث معارض بالأخبار الكثيرة فتكون أرجح.

وقال أحمد : السجود قبل السلام إلّا في موضع ورد فيه الأثر خاصة ، واختاره ابن المنذر(٦) .

____________________

(١)التهذيب ٢ : ١٩٥ / ٧٧٠ ، الاستبصار ١ : ٣٨٠ / ١٤٤٠ ، وفيها عن الامام الباقرعليه‌السلام ، وأورده عن الامام الصادقعليه‌السلام في المعتبر : ٢٣٣ - ٢٣٤.

(٢) اُنظر المبسوط للطوسي ١ : ١٢٥ ، والمعتبر : ٢٣٣.

(٣) المجموع ٤ : ١٥٥ ، فتح العزيز ٤ : ١٨٠ ، السراج الوهاج : ٦١ ، الميزان ١ : ١٦٢ ، القوانين الفقهية : ٧٣ ، بداية المجتهد ١ : ١٩٣ ، المغني ١ : ٧١٠ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٤ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٢٠ ، عمدة القارئ ٧ : ٣٠٢ ، المحلى ٤ : ١٧١ ، الموطأ ١ : ٩٥ ذيل الحديث ٦١ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٣٧ و ٢٣٨.

(٤)صحيح البخاري ٩ : ١٠٨ ،صحيح مسلم ١ : ٤٠٣ / ٥٧٣ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٤٧ / ٣٩٩ ، سنن النسائي ٣ : ٢٠ ، الموطأ ١ : ٩٣ / ٥٨.

(٥) التهذيب ٢ : ١٩٥ / ٧٦٩ ، الاستبصار ١ : ٣٨٠ / ١٤٣٩.

(٦) المغني ١ : ٧٠٩ و ٧١٠ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٣ و ٧٣٤ ، العدة شرح العمدة : ٨٦ ، فتح العزيز ٤ : ١٨١ ، عمدة القارئ ٧ : ٣٠٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٥١.

٣٥٨

فروع :

أ - لو تعدد الموجب - وقلنا بالاتحاد وقبل التسليم إن كان للنقصان وبعده إن كان للزيادة - واختلف ، قالت الشافعية : يسجد قبله‌(١) لأن القائل بأن السجود بعده يسوغه قبله ، ولأنها حالة متقدمة فاعتبارها أولى.

ب - إذا قلنا بأنه قبل التسليم فإذا فرغ من التشهد سجدهما ثم سلم بعد الرفع‌ ولا يحتاج إلى إعادة التشهد عند الشافعي(٢) ، والوجه عندنا وجوبه - وبه قال أبو حنيفة(٣) - لأنهما مستقلان بوجوبه فالتشهد لهما.

ج - لو نسي السجود فسلم ثم ذكر سجد‌ لوجود المقتضي ، وقال الشافعي : إن كان الفصل قصيراً سجد وإن طال فقولان(٤) .

مسألة ٣٦٤ : لا سجود فيما يترك عمداً‌ لأنه إن كان واجباً أبطل الصلاة ، وإن كان مندوباً لم يشرع له السجود كما تقدم - وبه قال أبو حنيفة(٥) - لأنه سجود يضاف إلى السهو فيختص به كسجود التلاوة.

وقال الشافعي : يسجد لو ترك التشهد والقنوت عمداً لأنه يسجد لهما‌

____________________

(١) الاُم ١ : ١٣٠ ، المجموع ٤ : ١٦٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٩ ، السراج الوهاج : ٦١ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٢ و ٢١٣.

(٢) الأم ١ : ١٣٠ ، مختصر المزني : ١٧ ، فتح الباري ٣ : ٧٦ ، عمدة القارئ ٧ : ٣٠٣.

(٣) عمدة القارئ ٧ : ٣٠٣ و ٣٠٩ ، الجامع الصغير للشيباني : ١٠٤ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٢٢٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٧٤.

(٤) الاُم ١ : ١٣١ ، المجموع ٤ : ١٥٦ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٩.

(٥) المغني ١ : ٧٣٤ ، الشرح الكبير ١ : ٧٠٠.

٣٥٩

للسهو فالعمد أولى(١) .

والمقدمتان ممنوعتان.

مسألة ٣٦٥ : سجود السهو واجب. قال الشيخ في الخلاف : وشرط في صحة الصلاة(٢) - وبه قال مالك(٣) - لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمةعليهم‌السلام أمروا به(٤) والأمر للوجوب ، ولأنه جبران يفعل في العبادة فكان واجباً كجبران الحج.

وقال أحمد : إنه واجب(٥) . وحكى أبو الحسن الكرخي عن أبي حنيفة : أنه واجب وليس بشرط في الصلاة(٦) ، وحكى أصحاب مالك عنه : أنه واجب في النقصان(٧) .

وقال الشافعي : إنه ليس بواجب مطلقاً(٨) لقولهعليه‌السلام في حديث‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ١٢٥ ، فتح العزيز ٤ : ١٣٨ و ١٣٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٨ ، المغني ١ : ٧٣٤ ، الشرح الكبير ١ : ٧٠٠.

(٢) الخلاف ١ : ٤٦٢ مسألة ٢٠٣.

(٣) بداية المجتهد ١ : ١٩١ ، القوانين الفقهية : ٧٣ ، المجموع ٤ : ١٥٢.

(٤) انظر على سبيل المثال الفقيه ١ : ٢٣٠ / ١٠١٨ ، التهذيب ٢ : ١٩٦ / ٧٧٢ ، الاستبصار ١ : ٣٨٠ / ١٤٤١ ،صحيح البخاري ٢ : ٨٧ ، صحيح مسلم ١ : ٣٩٨ / ٥٦٩ و ٤٠٠ / ٥٧٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٨٠ / ١٢٠٣ و ١٢٠٤ ، سنن النسائي ٣ : ٢٧ ، و ٢٨ ، و ٣٠ و ٣١ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٥٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٧٤ - ٣٧٥ / ١‌

(٥) المغني ١ : ٧٢٥ ، الشرح الكبير ١ : ٧٣٣ ، المجموع ٤ : ١٥٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٣٨ ، الميزان ١ : ١٦١ ، رحمة الأمة ١ : ٥٧.

(٦) المجموع ٤ : ١٥٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٥٠.

(٧) بداية المجتهد ١ : ١٩١ ، المجموع ٤ : ١٥٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٣٨ ، فتح الباري ٣ : ٧١ ، الميزان ١ : ١٦١ ، رحمة الأمة ١ : ٥٧.

(٨) المجموع ٤ : ١٥٢ ، فتح العزيز ٤ : ١٣٨ ، الوجيز ١ : ٥٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٩ ، فتح الباري ٣ : ٧١ ، رحمة الأمة ١ : ٥٧ ، الميزان ١ : ١٦١ ، بداية المجتهد ١ : ١٩١.

٣٦٠

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380