تذكرة الفقهاء الجزء ٣

تذكرة الفقهاء15%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: 380

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 310036 / تحميل: 7981
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٣

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٦-١
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

مسألة ١٥٤ : والأذان من وكيد السنن إجماعاً‌ ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ثلاثة على كثبان المسك يوم القيامة يغبطهم الأولون والآخرون : رجل ينادي بالصلوات الخمس في كلّ يوم وليلة ، ورجل يؤم قوماً وهم به راضون ، وعبد أدّى حقّ الله وحقّ مواليه )(١) .

وقالعليه‌السلام : ( من أذّن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة ، وكتب له بكل أذان ستون حسنة ، وبكلّ إقامة ثلاثون حسنة )(٢) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أذّن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنّة »(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « ثلاثة في الجنّة على المسك الأذفر : مؤذن أذن احتساباً ، وإمام أمّ قوماً وهم به راضون ، ومملوك يطيع الله ويطيع مواليه »(٤) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « من أذّن سبع سنين احتساباً جاء يوم القيامة ولا ذنب له »(٥) .

مسألة ١٥٥ : الإمامة أفضل من الأذان‌ وهو أحد قولي الشافعي(٦) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فعل الإِمامة ولم يشتغل بالاذان والإِقامة بل قام بهما غيره ، ولا يجوز أن يترك الأفضل لغيره ، ولأن الإِمام يحتاج الى معرفة أحوال الصلاة‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٠٧ / ٢٧ ، عوالي اللآلي ٤ : ١٦ / ٤١ ، سنن الترمذي ٤ : ٦٩٧ / ٢٥٦٦ ، مسند أحمد ٢ : ٢٦.

(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٢٤١ / ٧٢٨ ، مستدرك الحاكم ١ : ٢٠٥.

(٣) الفقيه ١ : ١٨٥ / ٨٨١ ، التهذيب ٢ : ٢٨٣ / ١١٢٦ ، ثواب الاعمال : ٥٢ / ١.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٨٣ - ١١٢٧.

(٥) الفقيه ١ : ١٨٦ / ٨٨٣ ، التهذيب ٢ : ٢٨٣ / ١١٢٨ ، ثواب الاعمال : ٥٢ / ١.

(٦) المجموع ٣ : ٧٨ - ٧٩ ، فتح العزيز ٣ : ١٩٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦١ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٨ ، كفاية الاخيار ١ : ٧٠ ، السراج الوهاج : ٣٨.

٤١

والقيام بما تحتاج إليه الإِمامة ، وتحصيل الفضيلة ، ولهذا نقل أنّه ضامن والمؤذن أمين(١) ، والضامن أكثر عملاً من الأمين فثوابه أكثر ، وفي الآخر : الأذان أفضل(٢) لقولهعليه‌السلام : ( الأئمة ضمناء والمؤذنون أمناء ، فأرشد الله الأئمة ، وغفر للمؤذّنين )(٣) [ وبه ](٤) قال الشيخ(٥) .

والإِقامة أفضل من الأذان. ويؤيّده : شدّة تأكيد الطهارة والاستقبال والقيام وترك الكلام وغير ذلك في الإقامة على الأذان.

مسألة ١٥٦ : وعدد فصول الاذان ثمانية عشر فصلاً عند علمائنا : التكبير أربع مرات ، وكلٌّ من الشهادتين ، والدعاء إلى الصلاة ، والى الفلاح ، والى خير العمل ، والتكبير ، والتهليل مرتان مرتان ؛ لأن الصادقعليه‌السلام حكى الأذان فقال : « الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) أشهد أن محمداً رسول الله (صلى‌الله‌عليه‌وآله ) ، حي على الصلاة حي على الصلاة ، حي على الفلاح حي على الفلاح ، حي على خير العمل حي على خير العمل ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلّا الله ، لا إله إلّا الله»(٦) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « الاذان والإِقامة خمسة وثلاثون حرفاً ، الأذان ثمانية عشر حرفاً. والإِقامة سبعة عشر حرفاً »(٧) ‌وخالف الجمهور في‌

____________________

(١) اُنظر : الهامش (٣) من هذه الصفحة : والتهذيب ٢ : ٢٨٢ / ١١٢١.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ٦١ ، المجموع ٣ : ٨٧ - ٧٩ ، فتح العزيز ٣ : ١٩٣.

(٣) سنن أبي داود ١ : ١٤٣ / ٥١٧ ، سنن الترمذي ١ : ٤٠٢ / ٢٠٧ ، مسند أحمد ٢ : ٣٨٢ ، سنن البيهقي ١ : ٤٣٠.

(٤) زيادة يقتضيها السياق ، والضمير راجع الى عنوان المسألة.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ٩٨.

(٦) التهذيب ٢ : ٦٠ / ٢١١ ، الاستبصار ١ : ٣٠٦ / ١١٣٥.

(٧) الكافي ٣ : ٣٠٢ / ٣ ، التهذيب ٢ : ٥٩ / ٢٠٨ ، الاستبصار ١ : ٣٠٥ / ١١٣٢.

٤٢

مواضع :

أ - قال مالك ، وأبو يوسف : التكبير في أوله مرّتان(١) - ووافقنا الشافعي ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، والثوري(٢) - لأن عبد الله بن زيد قال له الرجل في المنام : الله أكبر مرتين(٣) .

وهو غلط ، لما بيّنا من أن الأذان بوحي إلهي ، وقد روى محمد بن عبد الملك بن أبي محذورة عن أبيه عن جده قال ، قلت : يا رسول الله علّمني سنة الأذان. فمسح مقدم رأسه ، وقال : ( تقول : الله أكبر ) فذكر أربع مرات(٤) .

ب - منع الجمهور من قول : حيّ على خير العمل(٥) ، وأطبقت الإِمامية على استحبابه لتواتر النقل به عن الأئمةعليهم‌السلام (٦) ، والحجة في قولهم.

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ٥٧ ، بلغة السالك ١ : ٩١ ، بداية المجتهد ١ : ١٠٥ ، القوانين الفقهية : ٥٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٩ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٧ ، المجموع ٣ : ٩٣ ، فتح العزيز ٣ : ١٦٠ ، سبل السلام ١ : ٢٠٠.

(٢) الاُم ١ : ٨٤ - ٨٥ ، المجموع ٣ : ٩٣ ، فتح العزيز ٣ : ١٦٠ ، مختصر المزني : ١٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٥ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٩ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٧ ، اللباب ١ : ٥٩ ، المغني ١ : ٤٥٠ ، المحرر في الفقه ١ : ٣٦ ، العدة شرح العمدة : ٦٠ ، بداية المجتهد ١ : ١٠٥ ، القوانين الفقهية : ٥٣ - ٥٤.

(٣) سنن الدارقطني ١ : ٢٤١ - ٢٩ ، وانظر أيضاً سنن الترمذي ١ : ٣٦٠ ذيل الحديث ١٨٩.

(٤) سنن أبي داود ١ : ١٣٦ - ٥٠٠ ، سنن البيهقي ١ : ٣٩٤.

(٥) المجموع ٣ : ٩٨ ، المغني ١ : ٤٥٠ ، المحلى ٣ : ١٤٩.

(٦) انظر على سبيل المثال : التهذيب ٢ : ٦٠ - ٢١٠ ، الاستبصار ١ : ٣٠٥ - ١١٣٣.

٤٣

ج - أطبقت الإِمامية على استحباب التهليل مرتين في آخر الأذان ، وخالف فيه الجمهور كافة واقتصروا على المرة ،(١) وهو مدفوع بأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بلالاً أن يشفع الأذان ويوتر الإِقامة ، رواه أنس(٢) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام لـمّا وصف الأذان : « لا إله إلّا الله لا إله إلّا الله »(٣) .

وكذا في حديث الباقرعليه‌السلام لـمّا وصف أذان جبرئيل لـمّا اُسري بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

مسألة ١٥٧ : الإِقامة عندنا سبعة عشر فصلاً‌ كالاذان إلّا أنه ينقص التكبير من أولها مرتين والتهليل من آخرها مرة ويزيد : ( قد قامت الصلاة ) بعد ( حيّ على خير العمل ) مرتين - وبه قال أبو حنيفة(٥) - لما رواه أبو محذورة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله علّمه الإقامة سبع عشر كلمة(٦) ، ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « والإِقامة مثنى مثنى »(٧) .

____________________

(١) مختصر المزني : ١٢ ، المغني ١ : ٤٥٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٣ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٥ ، الشرح الصغير ١ : ٩٢ ، المدونة الكبرى ١ : ٥٧ ، العدة شرح العمدة : ٦١ ، القوانين الفقهية : ٥٤ ، المحلى ٣ : ١٥٠.

(٢) صحيح البخاري ١ : ١٥٧ ، صحيح مسلم ١ : ٢٨٦ - ٣٧٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤١ - ٧٢٩ ، سنن الترمذي ١ : ٣٦٩ - ٣٧٠ - ١٩٣ ، سنن الدارمي ١ : ٢٧٠ ، سنن أبي داود ١ : ١٤١ - ٥٠٨ ، سنن النسائي ٢ : ٣.

(٣) التهذيب ٢ : ٥٩ - ٢٠٩ ، الاستبصار ١ : ٣٠٥ - ١١٣٣.

(٤) التهذيب ٢ : ٦٠ - ٢١٠ ، الاستبصار ١ : ٣٠٥ - ١١٣٤.

(٥) المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٩ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٨ ، اللباب ١ : ٥٩ ، المجموع ٣ : ٩٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٥٨ ، ، المغني ١ : ٤٥١ ، بداية المجتهد ١ : ١١٠ ، القوانين الفقهية : ٥٥.

(٦) سنن الترمذي ١ : ٣٦٧ - ١٩٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٥ - ٧٠٩ ، سنن النسائي ٢ : ٤ ، سنن الدارمي ١ : ٢٧١.

(٧) الكافي ٣ : ٣٠٣ - ٤ ، التهذيب ٢ : ٦٢ - ٢١٧ ، الاستبصار ١ : ٣٠٧ - ١١٤١.

٤٤

وقال الشافعي : الإِقامة أحد عشر كلمة ، التكبير مرتان ، والشهادتان مرتان ، والدعاء إلى الصلاة مرة ، والدعاء الى الفلاح مرة ، والإِقامة مرتان ، والتكبير مرتان ، والتهليل مرة. وبه قال الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور(١) .

قال ابن المنذر : وهو مذهب عروة بن الزبير ، والحسن البصري ، وعمر بن عبد العزيز ، ومكحول ، والزهري(٢) ، لأنّ أنساً روى أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر أن يوتر الإِقامة(٣) ، وهو استناد الى المنام الذي ضعفناه.

وللشافعي في القديم : أنها عشر كلمات. فجعل الإِقامة مرة. وبه قال مالك ، وداود(٤) للحديث(٥) وقد بينا ضعفه.

مسألة ١٥٨ : قد ورد عندنا استحباب التكبير في آخر الأذان أربع مرات‌

____________________

(١) المغني ١ : ٤٥١ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣١ - ٤٣٢ ، مسائل أحمد : ٢٧ ، العدة شرح العمدة : ٦٠ ، الأم ١ : ٨٥ ، المجموع ٣ : ٩٢ ، فتح العزيز ٣ : ١٦١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٤ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٦ ، بداية المجتهد ١ : ١١٠ ، القوانين الفقهية : ٥٥.

(٢) المجموع ٣ : ٩٤ وفيه : البيهقي بدل ابن المنذر فلاحظ.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٥٧ ، صحيح مسلم ١ : ٢٨٦ - ٣٧٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤١ - ٧٢٩ ، سنن الترمذي ١ : ٣٦٩ - ٣٧٠ - ١٩٣ ، سنن الدارمي ١ : ٢٧٠ ، سنن أبي داود ١ : ١٤١ - ٥٠٨ ، سنن النسائي ٢ : ٣.

(٤) المجموع ٣ : ٩٢ و ٩٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٦١ و ١٦٢ ، المدونة الكبرى ١ : ٥٨ ، بداية المجتهد ١ : ١١٠ ، القوانين الفقهية : ٥٥ ، المغني ١ : ٤٥٢ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٩ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٨ ، نيل الأوطار ٢ : ٢١.

(٥) صحيح البخاري ١ : ١٥٧ ، صحيح مسلم ١ : ٢٨٦/ ٣٧٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤١ / ٧٢٩ ، سنن الدارمي ١ : ٢٧٠. سنن الترمذي ١ : ٣٦٩ - ٣٧٠ / ١٩٣ ، سنن أبي داود ١ : ١٤١ / ٥٠٨ ، سنن النسائي ٢ : ٣.

٤٥

كأوله ، والباقي كما تقدم(١) ، وروي أيضا استحباب التكبير في أول الإقامة أربعا ، وفي آخرها أربعاً ، والتهليل في آخرها مرتين(٢) ، قال الشيخ : ولو عمل عامل بذلك لم يكن مأثوما ، فأمّا ما روي في شواذ الأخبار من قول : « أن علياً ولي الله ، وآل محمد خير البرية » فممّا لا يعمل عليه في الأذان فمن عمل به كان مخطئاً(٣) .

ويجوز في حال الاستعجال ، والسفر إفراد الفصول ، جمعاً بين فضيلة الأذان وإزالة المشقة عن المسافر والمستعجل ، لما رواه أبو عبيدة الحذاء في الصحيح قال : رأيت الباقرعليه‌السلام يكبّر واحدة واحدة في الأذان ، فقلت له : لم تكبّر واحدة؟ فقال : « لا بأس به إذا كنت مستعجلاً »(٤) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « الأذان يقصر في السفر كما تقصر الصلاة ، الأذان واحداً واحداً ، والإِقامة واحدة »(٥) .

تذنيب : تثنية الإِقامة أفضل من إفراد الاذان والإِقامة ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « لأن أقيم مثنى مثنى أحب إليّ من أن اُؤذّن واُقيم واحداً واحداً »(٦) .

مسألة ١٥٩ : يكره الترجيع عند علمائنا‌ - وهو تكرار الشهادتين مرتين في‌

____________________

(١) مصباح المتهجد : ٢٦.

(٢) مصباح المتهجد : ٢٦.

(٣) النهاية : ٦٩. وقال في المبسوط ١.

(٤) التهذيب ٢ : ٦٢ / ٢١٦ ، الاستبصار ١ : ٣٠٧ / ١١٤٠.

(٥) التهذيب ٢ : ٦٢ / ٢١٩ ، الاستبصار ١ : ٣٠٨ / ١١٤٣.

(٦) التهذيب ٢ : ٦٢ / ٢١٨ ، الإستبصار ١ : ٣٠٨ / ١١٤٢.

٤٦

الأذان ، وبه قال الثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي(١) .

وربما قال أبو حنيفة : إنّه بدعة(٢) . وهو جيد عندي ؛ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( الأذان مثنى )(٣) ولم يذكر الترجيع عبد الله بن زيد الذي أسندوا الأذان إليه(٤) .

ومن طريق الخاصة حكاية الباقر والصادقعليهما‌السلام صفة الأذان ولم يذكرا الترجيع(٥) .

وقال الشافعي ، ومالك : باستحبابه(٦) ، وروى ابن المنذر عن أحمد أنه قال : إن رجع فلا بأس وإن ترك فلا بأس(٧) ، حتى أن للشافعي قولين في الاعتداد بالأذان مع تركه(٨) لأنّ أبا محذورة قال : علّمني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سنّة الأذان ثم تقول : أشهد أن لا إله إلا الله. فذكر مرتين ، أشهد أن محمداً رسول الله فذكر مرتين ، تخفض بها صوتك ، ثم‌

____________________

(١) المغني ١ : ٤٥٠ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٠ ، العدة شرح العمدة : ٦٠ ، المحرر في الفقه ١ : ٣٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٨.

(٢) لم نعثر عليه بحدود المصادر المتوفرة لدينا.

(٣) اُنظر سنن النسائي ٢ : ٣.

(٤) سنن ابي داود ١ : ١٣٥ / ٤٩٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٢ / ٧٠٦ ، سنن الدارمي ١ : ٢٦٨ ، سنن الترمذي ١ : ٣٥٩ / ١٨٩ ، سنن البيهقي ١ : ٣٩٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٤١ / ٢٩.

(٥) التهذيب ٢ : ٦٠ / ٢١٠ و ٢١١ و ٦١ / ٢١٢ ، الاستبصار ١ : ٣٠٥ / ١١٣٣ و ١١٣٤.

(٦) مختصر المزني : ١٢ ، المجموع ٣ : ٩١ ، فتح العزيز ٣ : ١٦٥ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٦ ، السراج الوهاج : ٣٧ ، الميزان ١ : ١٣٣ ، بداية المجتهد ١ : ١٠٥ ، بلغة السالك ١ : ٩٢ ، المنتقى ١ : ١٣٥ ، القوانين الفقهية : ٥٣ ، المغني ١ : ٤٥٠ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٨.

(٧) مسائل أحمد : ٢٧ ، العدة شرح العمدة : ٦١ ، الانصاف ١ : ٤١٣.

(٨) المجموع ٣ : ٩١ - ٩٢ ، فتح العزيز ٣ : ١٦٨.

٤٧

ترفع صوتك بالشهادة أشهد أن لا إله إلا الله. فذكر مرتين ، أشهد أن محمداً رسول الله. فذكر مرتين(١) .

وليس حجة ؛ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فعل به ذلك ليقر بالشهادتين لأنه كان يحكي أذان مؤذن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مستهزئاً فسمع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صوته فدعاه فأمره بالأذان قال : ولا شي‌ء عندي ولا أنقص من النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولا مما يأمرني به(٢) فقصد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نطقه بالشهادتين سراً ليسلم بذلك ، ولم يوجد هذا في أمر بلال ولا غيره ممن كان ثابت الإِسلام.

تذنيب : قال الشيخ : لو أراد المؤذن تنبيه غيره جاز له تكرار الشهادتين مرتين(٣) لقول الصادقعليه‌السلام : « لو أن مؤذنا أعاد في الشهادة أو في حي على الصلاة ، أو حي على الفلاح المرتين والثلاث وأكثر من ذلك إذا كان إماماً يريد القوم ليجمعهم لم يكن به بأس »(٤) .

مسألة ١٦٠ : التثويب عندنا بدعة ، وهو قول الصلاة خير من النوم ، في شي‌ء من الصلوات - وبه قال الشافعي في الجديد(٥) - لأن عبد الله بن زيد لم‌

____________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٢٨٧ / ٣٧٩ ، سنن ابي داود ١ : ١٣٦ / ٥٠٠ ، سنن النسائي ٢ : ٦ ، مسند احمد ٣ : ٤٠٨ - ٤٠٩ ، سنن البيهقي ١ : ٣٩٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٣٣ / ١.

(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٤ / ٧٠٨ ، مسند احمد ٣ : ٤٠٩ ، سنن البيهقي ١ : ٣٩٣ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٣٣ / ١.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٩٥.

(٤) الكافي ٣ : ٣٠٨ / ٣٤ ، التهذيب ٢ : ٦٣ / ٢٢٥ ، الاستبصار ١ : ٣٠٩ / ١١٤٩.

(٥) الاُم ١ : ٨٥ ، المجموع ٣ : ٩٢ ، فتح العزيز ٣ : ١٦٩ ، مختصر المزني : ١٢ ، بداية المجتهد ١ : ١٠٦ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٨.

٤٨

يحكه في أذانه(١) ، وأهل البيتعليهم‌السلام لمـّا حكوا أذان الملك لم يذكروه(٢) .

وقال الشافعي في القديم : باستحباب التثويب بعد الحيعلتين في الصبح خاصة. وبه قال مالك ، والأوزاعي ، والثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور(٣) لأنّ أبا محذورة قال : لما علمني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال بعد قوله حي على الفلاح : فإن كانت صلاة الصبح قلت : الصلاة خير من النوم ، الصلاة خير من النوم(٤) .

وهو معارض بإنكار الشافعي - في كتاب استقبال القبلة - للتثويب وقال : إنّ أبا محذورة لم يحكه(٥) . قال أبو بكر بن المنذر : هذا القول سهو من الشافعي ونسيان حين سطر هذه المسألة فإنه حكى ذلك في الكتاب العراقي عن أبي محذورة.

وعن أبي حنيفة روايات : إحداها كقول الشافعي في القديم(٦) ، والثانية : أنه يقول بين الأذان والإقامة : حي على الصلاة حي على‌

____________________

(١) سنن ابي داود ١ : ١٣٥ / ٤٩٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٢ / ٧٠٦ ، سنن الدارمي ١ : ٢٦٨ ، مسند احمد ٤ : ٤٣.

(٢) التهذيب ٢ : ٦٠ / ٢١٠.

(٣) مختصر المزني : ١٢ ، المجموع ٣ : ٩٢ و ٩٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٦٩ ، الوجيز ١ : ٣٦ ، المدونة الكبرى ١ : ٥٧ ، المنتقى ١ : ١٣٥ ، الشرح الصغير ١ : ٩١ ، القوانين الفقهية : ٥٤ ، المغني ١ : ٤٥٣ - ٤٥٤ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٣ ، مسائل أحمد : ٢٧ ، العدة شرح العمدة : ٦٢ ، المحرر في الفقه ١ : ٣٦.

(٤) مسند احمد ٣ : ٤٠٨ ، سنن أبي داود ١ : ١٣٦ / ٥٠٠ ، سنن النسائي ٢ : ٧ ، سنن الدارقطني ١ : ٢٣٤ / ٣ و ٢٣٥ / ٤.

(٥) فتح العزيز ٣ : ١٧٠.

(٦) فتح العزيز ٣ : ١٧٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٠ ، اللباب ١ : ٥٩ ، شرح فتح القدير ١ : ٢١٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤١.

٤٩

الفلاح(١) ، والثالثة : أن الاُولى في نفس الأذان ، والثانية بعده(٢) ، والرابعة : أنه يقول : الصلاة خير من النوم بين الأذان والإِقامة(٣) ، لأن بلالاً كان إذا أذن أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فسلّم عليه ، ثم قال : حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، يرحمك الله(٤) .

وأذن بلال يوماً ، فتأخر خروج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء الى باب الحجرة ، فقيل : إنّه نائم فنادى بلال الصلاة خير من النوم مرتين فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأقرّه عليه(٥) .

وهذا كلّه باطل عندنا ؛ لأنه ليس للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يجتهد في الأحكام ، بل يأخذها بالوحي لا بالاستحسان.

فروع :

أ - كما أنّه لا تثويب في الصبح عندنا فكذا في غيره‌ ، وبنفي غيره ذهب أكثر العلماء(٦) ، لأن ابن عمر دخل مسجداً يصلّي فسمع رجلاً يثوّب في أذان الظهر فخرج عنه فقيل له : إلى أين تخرج؟ فقال : أخرجتني البدعة(٧) .

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٠ و ١٣١ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٨ ، فتح العزيز ٣ : ١٧٢ ، المغني ١ : ٤٥٤ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٣.

(٢) لم نعثر عليه بحدود المصادر المتوفرة لدينا.

(٣) المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٠ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٨ ، رحمة الاُمة ١ : ٣٦.

(٤) الطبقات الكبرى لابن سعد ٣ : ٢٣٤.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٠٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٧ / ٧١٦ ، سنن الدارمي ١ : ٢٧٠ ، سنن البيهقي ١ : ٤٢٢ ، المحرر في الحديث ١ : ١٦٥ ذيل الحديث ١٧٨.

(٦) منهم : ابنا قدامة في المغني ١ : ٤٥٤ ، والشرح الكبير ١ : ٤٣٣.

(٧) أورده ابنا قدامة في المغني ١ : ٤٥٤ ، والشرح الكبير ١ : ٤٣٣.

٥٠

وحكي عن الحسن بن صالح بن حي استحبابه في العشاء ؛ لأنه وقت ينام فيه الناس فصار كالغداة(١) .

وقال النخعي : إنه مستحب في جميع الصلوات ؛ لأن ما يسن في الأذان لصلاة يسن لجميع الصلوات كسائر الألفاظ(٢) .

والأصل في الأول ، والعلة في الثاني ممنوعان.

ب - لا يستحب أن يقول بين الأذان والإِقامة : حي على الصلاة حي على الفلاح‌ - وبه قال الشافعي(٣) - لأن عمر قدم مكة فأتاه أبو محذورة وقد أذن فقال : الصلاة يا أمير المؤمنين حي على الصلاة ، حي على الفلاح فقال : ويحك أمجنون أنت؟ ما كان في دعائك الذي دعوت ما نأتيك حتى تأتينا(٤) .

وحكى ابن المنذر عن الأوزاعي أنه سئل عن التسليم على الاُمراء فقال : أول من أحدثه معاوية وأقره عمر بن عبد العزيز(٥) ، وقال النخعي : إن الناس أحدثوا حي على الصلاة حي على الفلاح وليس بسنّة(٦) ، وقالعليه‌السلام : ( كل محدث بدعة )(٧) .

ج - التثويب : الرجوع‌ ، فالمؤذن يقول : حي على الصلاة ، ثم عاد بقوله : الصلاة خير من النوم ، إلى الدعاء إلى الصلاة ، وحيّ معناه : هلمّ ، ويقرن‌

____________________

(١) المجموع ٣ : ٩٨ ، الميزان ١ : ١٣٣ ، رحمة الاُمة ١ : ٣٦ ، المحلى ٣ : ١٦١.

(٢) المجموع ٣ : ٩٨ ، الميزان ١ : ١٣٣ ، رحمة الاُمة ١ : ٣٦.

(٣) حكاه الشيخ الطوسي عنه في الخلاف ١ : ٢٨٩ مسألة ٣٣.

(٤) كنز العمال ٨ : ٣٤٠ - ٢٣١٦٨.

(٥) انظر كتاب الأوائل لأبي هلال العسكري : ١٦٤.

(٦) لم نعثر عليه بحدود المصادر المتوفرة لدينا.

(٧) سنن ابن ماجة ١ : ١٨ / ٤٦ ، سنن النسائي ٣ : ١٨٨ - ١٨٩ ، سنن البيهقي ٣ : ٢١٤.

٥١

بـ ( على ) و ( الى ) معاً ، والفلاح : البقاء والدوام وهو ثواب الصلاة.

مسألة ١٦١ : الترتيب شرط في الاذان والإِقامة‌ لأنّهما أمران شرعيان فيقفان على مورده ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « من سهى في الاذان فقدم أو أخر أعاد على الأول الذي أخّره حتى يمضي على آخره »(١) ولأنّ الاذان يتميز بترتيبه عن جميع الأذكار فإذا لم يرتبه لم يعلم أنه أذان ولم تحصل الفائدة ؛ وبه قال الشافعي(٢) .

مسألة ١٦٢ : يكره الكلام خلال الاذان والإِقامة‌ لئلا ينقطع توالي ألفاظه ، فإن تكلّم في الأذان لم يُعده ، عامداً كان أو ساهياً - وبه قال الشافعي - لأنّ الكلام لا يقطع الخطبة وهي آكد من الاذان(٣) ، وحكي عن سليمان بن صرد أنّه كان يأمر بحاجته في أذانه وكان له صحبة(٤) . وللشافعي قول باستحباب إعادة الأذان(٥) .

فروع :

أ - لو طال الكلام‌ حتى خرج عن نظام الموالاة أعاد.

ب - لو كان الكلام لمصلحة الصلاة لم يكره‌ إجماعاً لأنّه سائغ في الإِقامة ففي الأذان أولى.

ج - لو سكت طويلاً يخرج به في العادة عن الأذان أعاد‌ وإلّا فلا لعدم الانفكاك من القليل كالتنفس والاستراحة ، وبه قال الشافعي(٦) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٠٥ / ١٥ ، التهذيب ٢ : ٢٨٠ - ١١١٥.

(٢) المجموع ٣ : ١١٣ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٣ ، الوجيز ١ : ٣٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٥ ، السراج الوهاج : ٣٧ - ٣٨.

(٣) المجموع ٣ : ١١٣ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٥ - ١٨٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٥.

(٤) فتح الباري ٢ : ٧٧ ، المغني ١ : ٤٧١ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٠.

(٥) المجموع ٣ : ١١٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٥.

(٦) المجموع ٣ : ١١٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٥ - ١٨٦ ، الوجيز ١ : ٣٦.

٥٢

د - لو اُغمي عليه. أو جُنّ ، أو نام في خلاله استحب له الاستئناف‌ لخروجه عن التكليف ، ولو تمم غيره ثم أفاق جاز البناء عليه قاله الشيخ(١) .

ه - لو ارتد في أثنائه ثم رجع الى الإِسلام استأنف ، وهل يبنى عليه؟ للشافعي وجهان : المنع - وهو الأقوى عندي - لبطلانه بالردة ، والجواز ؛ لأنّ الردة لا تحبط العمل إلّا اذا اتصل بها الموت فصار كاعتراض الجنون والإِغماء لو بنى عليه جاز(٢) .

ولو ارتد بعد فراغه من الأذان ، قال الشيخ : جاز أن يعتد به ، ويُقيم غيره ، لأنّه أذّن أذاناً مشروعاً محكوماً بصحته فلا يؤثر فيه الارتداد المتعقب(٣) .

وقال الشافعي : لا يعتد بأذانه(٤) .

و - لو تكلّم خلال الإِقامة أعادها‌ - وبه قال الزهري(٥) - لوقوع الصلاة عقيبها بلا فصل فكان لها حكمها ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا تتكلم إذا أقمت الصلاة فإنك إذا تكلمت أعدت الإِقامة »(٦) .

وقال الشافعي : لا يعيد لأنّها دعاء الى الصلاة فلم يقطعها الكلام كالأذان(٧) ، والفرق ما تقدم.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٩٦.

(٢) المجموع ٣ : ١١٥ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٥ ، الوجيز ١ : ٣٦.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٩٦.

(٤) المجموع ٣ : ٩٩ و ١١٥ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٦ - ١٨٧.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢١٣ ، حلية العلماء ٢ : ٣٨.

(٦) التهذيب ٢ : ٥٥ / ١٩١ ، الاستبصار ١ : ٣٠١ - ١١١٢.

(٧) الاُم ١ : ٨٥.

٥٣

ز - الكلام وإن كره في الأذان فإنه في الإِقامة آكد‌ ، وقال الشيخان ، والمرتضى : إذا قال المؤذن : قد قامت الصلاة حرم الكلام على الحاضرين إلّا بما يتعلق بالصلاة من تقديم إمام ، أو تسوية صف(١) ، لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا أقام المؤذن الصلاة فقد حرم الكلام إلّا أن يكون القوم ليس يعرف لهم إمام »(٢) وهو محمول على شدة الكراهة ، وفي الطريق ضعف.

مسألة ١٦٣ : يستحب ترك الإِعراب في أواخر فصول الأذان والإِقامة‌ عند علمائنا أجمع - وبه قال أحمد(٣) - وحكاه ابن الأنباري عن أهل اللغة(٤) ، لأن إبراهيم النخعي قال : شيئان مجزومان كانوا لا يعربونهما : الأذان والإِقامة(٥) . وهذا إشارة إلى جماعتهم.

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء ، والإِقامة حدر »(٦) ونحوه عن الصادقعليه‌السلام (٧) .

وقال الباقون : يستحب الإِعراب فيهما.

مسألة ١٦٤ : يستحب أن يترسل في أذانه‌ بأن يتمهل فيه مأخوذ من قولهم جاء فلان على رسله أي على هنيئة من غير عجل ولا متعب نفسه ، وأن يحدر الإِقامة ويدرجها إدراجاً مبيناً لألفاظها مع الإدراج - ولا نعلم فيه خلافاً - لقول‌

____________________

(١) المقنعة : ١٥ ، النهاية : ٦٦ - ٦٧ ، المبسوط للطوسي ١ : ٩٩ ، ونقل المحقق قول المرتضى في المعتبر : ١٦٥.

(٢) التهذيب ٢ : ٥٥ - ١٩٠ ، الاستبصار ١ : ٣٠٢ / ١١١٧.

(٣) المغني ١ : ٤٥٣ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٤ ، الإِنصاف ١ : ٤١٤ ، كشاف القناع ١ : ٢٣٨.

(٤) عمدة القاري ٥ : ١٠٨ ، المغني ١ : ٤٥٣ ، الإِنصاف ١ : ٤١٤.

(٥) المغني ١ : ٤٥٣ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٤ ، الإِنصاف ١ : ٤١٤.

(٦) التهذيب ٢ : ٥٨ / ٢٠٣.

(٧) الفقيه ١ : ١٨٤ / ٨٧١ ، التهذيب ٢ : ٥٨ / ٢٠٤.

٥٤

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لبلال : ( إذا أذّنت فرتّل ، وإذا أقمت فاحدر )(١) (٢) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « الأذان جزم بإفصاح الألف والهاء ، والإِقامة حدر»(٣) .

ولأن القصد من الأذان إعلام الغائبين ، والتثبت فيه أبلغ للإِعلام ، والإِقامة لإِعلام الحاضرين ، وافتتاح الصلاة فلا فائدة للتطويل فيها ، ولو أخلّ بهذه الهيئة أجزأه لأنّها مستحبة فيه ولا يخلّ تركها به.

مسألة ١٦٥ : يستحب رفع الصوت بالأذان‌ ، وعليه إجماع العلماء ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( يغفر للمؤذن مدى صوته ، ويشهد له كل رطب ويابس )(٤) .

وقال أبو سعيد الخدري لرجل : إذا كنت في غنمك أو باديتك فأذّنت بالصلاة فارفع صوتك فإنه لا يسمع صوتك جن ولا إنس إلّا شهد لك يوم القيامة ، سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٥) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إذا أذّنت فلا تخفين صوتك فإن الله يأجرك مدّ صوتك فيه »(٦) ، ولأن القصد به الإِعلام وهو يكثر برفع الصوت فيكون النفع به أتم.

____________________

(١) فاحدر : أي أسرع. لسان العرب ٤ : ١٧٢ مادة حدر.

(٢) سنن الترمذي ١ : ٣٧٣ / ١٩٥ ، سنن البيهقي ١ : ٤٢٨.

(٣) التهذيب ٢ : ٥٨ / ٢٠٣.

(٤) المقنعة : ١٥ ، سنن ابي داود ١ : ١٤٢ / ٥١٥ ، سنن النسائي ٢ : ١٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٠ / ٧٢٤.

(٥) صحيح البخاري ١ : ١٥٨ ، سنن النسائي ٢ : ١٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٩ / ٧٢٣ ، الموطأ ١ : ٦٩ / ٥ ، مسند أحمد ٣ : ٤٣.

(٦) التهذيب ٢ : ٥٨ / ٢٠٥.

٥٥

وقد روي أن رفع الصوت بالاذان في المنزل يزيل العلل والأسقام ويكثر النسل ، فإن هشام بن إبراهيم شكى الى الرضاعليه‌السلام سقمه وأنه لا يولد له فأمره أن يرفع صوته بالأذان في منزله قال : ففعلت ، فأذهب الله عني سقمي ، وكثر ولدي.

قال محمد بن راشد : وكنت دائم العلّة ما انفك منها في نفسي وجماعة خدمي فلما سمعت كلام هشام عملت به فأذهب الله عني وعن عيالي العلل(١) .

ولا يجهد نفسه في رفع صوته زيادة على طاقته لئلّا يضر بنفسه وينقطع صوته ، فإن أذّن لعامة الناس جهر بجميع الأذان ، ولا يجهر ببعض ، ويخافت ببعض لئلا يفوت مقصود الأذان وهو الإِعلام ، وإن أذّن لنفسه أو لجماعة حاضرين جاز أن يخافت ويجهر ، ويخافت ببعض ويجهر ببعض.

مسألة ١٦٦ : يستحب الفصل بين الأذان والإِقامة‌ بجلسة ، أو سجدة ، أو سكتة ، أو خطوة ، أو صلاة ركعتين في الظهرين إلّا المغرب فإنه لا يفصل بينهما إلّا بخطوة ، أو سكتة أو تسبيحة عند علمائنا - وبه قال أحمد(٢) - لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لبلال : ( اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله ، والشارب من شربه ، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته )(٣) .

ومن طريق الخاصة ما رواه سليمان بن جعفر قال : سمعته يقول : « افرق بين الأذان والإِقامة بجلوس أو ركعتين »(٤) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٠٨ / ٣٣ ، الفقيه ١ : ١٨٩ / ٩٠٣ ، التهذيب ٢ : ٥٩ / ٢٠٧.

(٢) المغني ١ : ٤٥٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٤ ، الإِنصاف ١ : ٤٢١.

(٣) سنن الترمذي ١ : ٣٧٣ / ١٩٥ ، المستدرك للحاكم ١ : ٢٠٤.

(٤) التهذيب ٢ : ٦٤ / ٢٢٧.

٥٦

وقال الصادقعليه‌السلام : « بين كل أذانين قعدة إلّا المغرب فإن بينهما نفساً »(١) .

وقال الصادقعليه‌السلام أو الكاظمعليه‌السلام : « يؤذن للظهر على ست ركعات ، ويؤذن للعصر على ست ركعات بعد الظهر(٢) .

وروي عن الصادقعليه‌السلام « من جلس بين أذان المغرب والإِقامة كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله »(٣) ولأنّ الاذان للإِعلام فيسن الإِنتظار ليدرك الناس الصلاة.

إذا عرفت هذا فقد قال أحمد باستحباب الفصل في المغرب بجلسة خفيفة(٤) . وحكي عن أبي حنيفة ، والشافعي أنه لا يسن في المغرب(٥) .

وسئل الصادقعليه‌السلام ما الذي يجزي من التسبيح بين الاذان والإِقامة ، قال : « يقول : الحمد لله »(٦) .

وقد روي أنه يقول إذا جلس بعد الأذان : « اللهم اجعل قلبي باراً ، ورزقي داراً ، واجعل لي عند قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قراراً ومستقراً »(٧) .

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٦٤ / ٢٢٩ ، الإِستبصار ١ : ٣٠٩ / ١١٥٠.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٨٦ / ١١٤٤.

(٣) التهذيب ٢ : ٦٥ / ٢٣١ ، الاستبصار ١ : ٣٠٩ / ١١٥١ ، المحاسن : ٥٠ / ٧٠.

(٤) المغني ١ : ٤٥٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٤ ، المجموع ٣ : ١٢١.

(٥) المجموع ٣ : ١٢١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤٢ ، بدائع الصنائع ١ : ١٥٠ ، عمدة القارئ ٥ : ١٣٨ ، المغني ١ : ٤٥٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٤.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٨٠ / ١١١٤.

(٧) الكافي ٣ : ٣٠٨ / ٣٢ ، التهذيب ٢ : ٦٤ / ٢٣٠.

٥٧

البحث الثاني : المحلّ‌

مسألة ١٦٧ : لا يسن الأذان لشي‌ء من النوافل‌ ، ولا لشي‌ء من الفرائض - عدا الخمس اليومية - كالعيدين ، والكسوف ، والأموات ، بل يقول المؤذن في الكسوف والعيدين : الصلاة ثلاثاً ، وكذا في الاستسقاء ، وفي الجنازة إشكال ينشأ من العموم ، ومن انتفاء الحاجة لحضور المشيعين - وللشافعي وجهان(١) - وعليه إجماع علماء الأمصار ، وفعل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله هذه الصلوات من غير أذان(٢) .

ويستحب في الفرائض الخمس اليومية ، ويتأكد الاستحباب فيما يجهر فيه بالقراءة ، وآكده الغداة ، والمغرب ؛ لأنّ في الجهر دلالة على طلب الإِعلام فيها ؛ والتنبيه بالأذان زيادة في المطلوب شرعاً ، وشدّة تأكيده في الصبح والمغرب لعدم التقصير فيهما فلا يقصر مندوباتهما ، وليكون افتتاح النهار والليل بذكر الله تعالى.

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا تدع الأذان في الصلوات كلّها ، فإن تركته فلا تتركه في المغرب والفجر ، فإنه ليس فيهما تقصير »(٣) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « إنّ أدنى ما يجزي من الأذان أن يفتتح الليل بأذان وإقامة ، ويفتتح النهار بأذان وإقامة ، ويجزيك في سائر الصلوات إقامة بغير أذان »(٤) .

مسألة ١٦٨ : يستحب الأذان والإِقامة للفوائت من الخمس‌ كما يستحب‌

____________________

(١) الاُم ١ : ٨٣ ، المجموع ٣ : ٧٧ ، فتح العزيز ٣ : ١٤٨.

(٢) انظر على سبيل المثال : صحيح مسلم ٢ : ٦٠٤ / ٨٨٧.

(٣) التهذيب ٢ : ٤٩ / ١٦١ ، الاستبصار ١ : ٢٩٩ / ١١٠٤.

(٤) الفقيه ١ : ١٨٦ / ٨٨٥.

٥٨

للحاضرة عند علمائنا - وبه قال أبو حنيفة(١) - لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته )(٢) ولأنّ ما يسنّ للصلاة في أدائها يسنّ في قضائها كسائر الأذكار.

وقال الشافعي : يقيم لكلّ صلاة ، وفي الأذان له ثلاثة أقوال ، أحدها : لا يستحب الأذان - وبه قال مالك ، والأوزاعي ، وإسحاق(٣) - لرواية أبي سعيد الخدري قال : حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب بهويّ(٤) من الليل فدعا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بلالاً فأمره فأقام الظهر فصلّاها ثم أقام العصر فصلّاها(٥) ، ولأنّ الأذان وضع للإِعلام بدخول الوقت وهو منتف هنا.

ويحمل على العذر بالسفر ، والخوف ، وضيق وقت المغرب حينئذ ، مع أنه روي أنه أمر بلالاً فأذّن ثم أقام فصلّى الظهر ثم أقام فصلّى العصر(٦) ، ونفي المظنة لا يوجب نفي السبب كالمشقة ، وينتقض بالإِقامة ، ونمنع العلية.

الثاني : يؤذن للاُولى خاصة - وبه قال أحمد ، وأبو ثور ، وابن المنذر(٧) - لأن عمران بن حصين قال : سرنا مع رسول الله صلّى الله عليه‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٦ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٤٢ ، شرح فتح القدير ١ : ٢١٩ ، اللباب ١ : ٦٠ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٧ ، المغني ١ : ٤٦٣.

(٢) عوالي اللئالي ٢ : ٥٤ / ١٤٣ و ٣ : ١٠٧ / ١٥٠.

(٣) المجموع ٣ : ٨٤ و ٨٥ ، الوجيز ١ : ٣٦ ، فتح العزيز ٣ : ١٤٩ ، المدونة الكبرى ١ : ٦١ - ٦٢ ، الشرح الصغير ١ : ٩١ ، المغني ١ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٦.

(٤) الهوي : الساعة الممتدة من الليل. لسان العرب ١٥ : ٣٧٢ مادة هوا.

(٥) سنن النسائي ٢ : ١٧ ، مسند احمد ٣ : ٤٩ ، سنن البيهقي ١ : ٤٠٢.

(٦) سنن البيهقي ١ : ٤٠٣.

(٧) المجموع ٣ : ٨٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٥٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٢ ، السراج الوهاج : ٣٧ ، المغني ١ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٦.

٥٩

وآله في غزاة أو سرية فلما كان آخر السحر عرسنا فما أيقظنا إلّا حرّ الشمس فأمرنا فارتحلنا ثم سرنا حتى ارتفعت الشمس ونزلنا فقضى القوم حوائجهم ، وأمر بلالاً فأذّن فصلّينا ركعتين ، ثم أمره فأقام فصلّى الغداة(١) . ولا حجة فيه.

الثالث : إن كان يرجو اجتماع الناس أذّن(٢) لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يؤذن بعرفات للعصر ، ولا بمزدلفة للعشاء(٣) لاجتماع الناس. ولا حجة فيه لسقوطه هناك للاشتغال بالعبادة.

فروع :

أ - الأذان وإن استحب‌ لكنّه في الأداء أفضل إجماعا.

ب - يجزيه مع التعدد الأذان لأول ورده ، ثم الإقامة للبواقي‌ ، وإن اقتصر على الإقامة في الجميع أجزأه.

ج - إذا جمع بين صلاتين أذّن للاُولى منهما وأقام ، ويقيم للثانية‌ خاصة سواء كان في وقت الاُولى أو الثانية وفي أي موضع كان ؛ لأنّ الصادقعليه‌السلام روى عن أبيه عن جابر : « أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة بأذان واحد وإقامتين »(٤) .

وقال أبو حنيفة : لا يقيم ولا يؤذّن للعشاء بمزدلفة(٥) لأنّ ابن عمر صلّى‌

____________________

(١) مسند احمد ٤ : ٤٤١ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٨٥ - ١١.

(٢) المجموع ٣ : ٨٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٥٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٢ ، المغني ١ : ٤٦٣ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٧.

(٣) سنن النسائي ٢ : ١٥ و ١٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٠٥ / ٣٠٢١.

(٤) سنن النسائي ٢ : ١٦.

(٥) المبسوط للسرخسي ٤ : ١٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٤٥ ، عمدة القارئ ١٠ : ١٢ فتح العزيز ٣ : ١٥٦ ، الموطأ برواية الشيباني : ١٦٥ ذيل الحديث ٤٩٠.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

ترجمته:

والهجروي من كبار فقهاء أهل السنة وعرفائهم، وقد وصفه شهاب الدين المذكور في كتابه بـ « الامام الشيخ العالم العارف الرباني، الملقب لوفور علمه ومعرفته بالغزالي الثاني، مرشد الخلائق الفقيه إمام الدين محمد الهجروي الإيجيقدس‌سره » ونحو ذلك.

(٧٧)

إثبات يوسف الأعور الواسطي

ولم يجترئ يوسف الأعور الواسطي في رسالته المشهورة في رد الامامية على جحد أصل حديث مدينة العلم، فأخذ يتنكب في تأويله يميناً وشمالاً، فذكر وجوها في الجواب عنه سنجيب عنها في ما بعد إن شاء الله تعالى، وهذا نص كلامه:

« الثاني من وجوه حجج الرافضة بالعلم حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها.

والجواب عنه أيضاً من وجوه: أحدها - إن هذا الحديث يتضمن العلم لعلي، ولا شك أنه بحر علم زاخر لا يدرك قعره، إلّا أنه لا يتضمن ثبوت الرجحان على غيره، بدليل ثبوت العلم لغيره على وجه المساواة بقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مجموع الأصحاب: أصحابي كالنجوم بأيديهم اقتديتم اهتديتم. فثبت العلم لكلهم.

ثانيها: إن بعض أهل السنة ينقل زيادة على هذا القدر، وذلك قولهم: ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها وأبوبكر وعمر وعثمان حيطانها وأركانها والباب فضاء فارغ والحيطان والأركان ظرف محيط، فرجحانهنّ

٢٠١

على الباب ظاهر.

ثالثها: دفع في تأويل علي بابها، أي مرتفع. وعلى هذا يبطل الاحتجاج به للرافضة ».

فالعجب كل العجب من ( الدهلوي ) كيف جمع بين الطعن في سنده والنكول عن معناه ومدلوله، حتى فاق بصنيعه أهل النصب والانحراف؟

(٧٨)

رواية شمس الدين ابن الجزري

لقد روى حديث مدينة العلم حيث قال: « أخبرنا الحسن بن أحمد بن هلال قراءة عليه عن علي بن أحمد بن عبد الواحد، أخبرنا أحمد بن محمد بن محمد في كتابه من أصبهان، أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسين المقري، أخبرنا أحمد بن عبد الله بن أحمد الحافظ، أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني، أخبرنا الجرجاني، أخبرنا الحسن بن سفيان، أخبرنا عبد الحميد بن بحر، أخبرنا شريك عن سلمة بن كهيل عن الصنابحي عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا دار الحكمة وعلي بابها.

ورواه الترمذي في جامعه عن إسماعيل بن موسى، حدثنا محمد بن عمر الرومي، حدثنا شريك عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن الصنابحي عن علي وقال: حديث غريب. ورواه بعضهم عن شريك ولم يذكروا فيه الصنابحي قال: ولا يعرف هذا الحديث عن واحد من الثقات غير شريك، وفي الباب عن ابن عباس. انتهى.

قلت: ورواه بعضهم عن شريك عن سلمة ولم يذكر فيه عن سويد، ورواه الأصبغ بن نباتة والحارث عن علي نحوه.

٢٠٢

ورواه الحاكم من طريق مجاهد عن ابن عباس عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولفظه: أنا مدينة العلم وعلي بابها. فمن أراد العلم فليأتها من بابها. وقال الحاكم: صحيح الاسناد ولم يخرجاه.

ورواه أيضاً من حديث جابر بن عبد الله ولفظه: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأت الباب »(١) .

اعتبار احاديث اسنى المطالب

ولا يخفى أن ابن الجزري يصرّح في خطبة هذا الكتاب باعتبار الأحاديث التي حواها، وهذا نص كلامه: « وبعد، فهذه أحاديث مسندة مما تواتر وصح وحسن من أسنى مناقب الأسد الغالب، مفرّق الكتائب، ومظهر العجائب، ليث بني غالب أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب كرّم الله وجهه ورضي الله عنه وأرضاه، أردفتها بمسلسلات من حديثه وبمتصلات من روايته وتحديثه، وبأعلى إسناد صحيح إليه من القرآن والصحبة والخرقة التي اعتمد فيها أهل الولاية عليه، نسأل الله تعالى أن يثيبنا على ذلك ويقربنا لديه ».

وقال في خاتمته: « فهذا نزر من بحر وقل من كثر، بالنسبة إلى مناقبه الجليلة ومحاسنه الجميلة، ولو ذهبنا لاستقصاء ذلك بحقه لطال الكلام بالنسبة إلى هذا المقام، ولكن نرجو من الله تعالى أن ييسر افراد ذلك بكتاب نستوعب فيه ما بلغنا من ذلك، والله الموفق للصواب ».

ترجمته:

ترجم له ووصف بالأوصاف الجليلة في جميع المعاجم الرجالية وكتب الحديث وغيرها، ومن ذلك:

١ - معجم الشيوخ لنجم الدين ابن فهد المكي.

____________________

(١). أسنى المطالب في مناقب علي بن أبي طالب: ٦٩.

٢٠٣

٢ - أنباء الغمر لابن حجر العسقلاني.

٣ - الدرر الفريدة للمقريزي.

٤ - الضوء اللامع للسخاوي.

٥ - الانس الجليل للعليمي.

٦ - الحبل المتين في إجازات الأمين لابن روزبهان.

٧ - شرح الشمائل له.

٨ - طبقات الحفاظ للسيوطي.

٩ - حسن المقصد له.

١٠ - ميزان المعدلة له.

١١ - الاتقان له.

١٢ - الصواعق لابن حجر المكي.

١٣ - مقاليد الأسانيد للثعالبي.

١٤ - الشقائق النعمانية لطاش كبرى زاده.

١٥ - النواقض للبرزنجي.

١٦ - كفاية المتطلع للدهان.

١٧ - مدارج الاسناد لأبي علي الصفوي.

١٨ - حصر الشارد لمحمد عابد السندي.

١٩ - المرافض للسهارنفوري.

٢٠ - الصواقع للكابلي.

٢١ - الانتباه في سلاسل أولياء لشاه ولي الله الدهلوي.

٢٢ - البدر الطالع للشوكاني.

٢٣ - بستان المحدثين ( للدهلوي ).

٢٤ - التحفة له.

٢٥ - إشباع الكلام لشاه سلامة الله.

٢٠٤

٢٦ - التاج المكلل لصديق حسن خان.

وقد ذكرنا ترجمته بالتفصيل في مجلّد ( حديث الغدير ) وهذا بعض مصادرها: الضوء اللامع ٩ / ٢٥٥، الانس الجليل ٢ / ١٠٩، الشقائق النعمانية ١ / ٩٨ طبقات الحفاظ ٥٤٣، البدر الطالع ٢ / ٢٥٧، التاج المكلل ٤٦٣.

(٧٩)

إثبات زين الدين الخوافي

لقد أثبت الشيخ زين الدين أبوبكر محمد بن محمد بن علي الخوافي حديث مدينة العلم جازماً به، على ما نقل عنه شهاب الدين أحمد في ( توضيح الدلائل ) حيث قال بعد ذكر نزول قوله تعالى:( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) في شأن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: « قال شيخ المشايخ في زمانه وواحد الأقران في علومه وعرفانه: الشيخ زين الدين أبوبكر محمد بن علي الخوافي قدس الله تعالى سره: فلذا اختص علي كرّم الله وجهه بمزيد العلم والحكمة، حتى قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبارك وسلّم: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وقال عمر: لولا علي لهلك عمر ».

ترجمته:

١ - عبد الرحمن الجامي في ( نفحات الانس ٤٩٢ ).

٢ - عبد الحق الدهلوي في ( أخبار الأخيار ٤٨ ).

٣ - القشاشي في ( السمط المجيد ٧٧ ).

وقد أثنوا عليه الثناء البالغ ووصفوه بالأوصاف الجميلة، وعن الخواجا محمد بارسا - وهو شيخ الخوافي - وصف الخوافي بقوله: « ذو العلم النافع والعمل الرافع، ملاذ الجمهور شفاء الصدور، وصفوة العلماء والعرفاء والفقهاء، رافع أعلام السنة

٢٠٥

وقامع أضاليل البدعة، ناهج مناهج الحقيقة سالك مسالك الشريعة والطريقة الداعي إلى الله سبحانه على طريق اليقين: سيّدنا ومولانا زين الملة والدين ».

(٨٠)

إثبات ملك العلماء الدولت آبادي

وقد أثبته ملك العلماء شهاب الدين ابن شمس الدين الزاولي الدولت آبادي وأرسله إرسال المسلَّم في ( هداية السعداء ). وذكره من جملة الأدلة على أن علياًعليه‌السلام هو وارث النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، دون عمه العباس.

ترجمته:

وترجم له كبار العلماء في كتبهم، وقد أوردنا ترجمته في مجلد ( حديث النور ) ونقتصر هنا على ترجمة غلام على آزاد له وهي هذه: « مولانا القاضي شهاب الدين ابن شمس الدين الزاولي الدولت آبادي نوّر الله ضريحه، ولد القاضي بدولت آباد دهلي وتلمذ على القاضي عبد المقتدر الدهلي ومولانا خواجكي الدهلوي وهو من تلامذة مولانا معين الدين العمراني رحمهم ‌الله تعالى، ففاق أقرانه وسبق إخوانه، وكان القاضي عبد المقتدر يقول في حقه يأتيني من الطلبة من جلده علم ولحمه علم وعظمه علم، ولمـّا توجّه الموكب التيموري إلى الهند، وخرج مولانا خواجكي قبل وصوله إلى دهلي منها إلى بكالبي، وذهب القاضي شهاب الدين صحبة أستاذه إلى كالبي فاقام مولانا خواجكي بكالبي، وذهب القاضي إلى دار الخيورجونفور - بفتح الجيم وسكون الواو والنون وضم الفاء وسكون الواو وآخرها راء، بلدة عظيمة من صوبة آله آباد، كانت دار الخلافة للسلاطين الشرقية، وذكر طبقتهم مسطور في تواريخ الهند، نشأ بها كثير من المشايخ والعلماء - فاغتنم السلطان

٢٠٦

ابراهيم الشرقي والي جونفور وروده ونضر سقاه الله تعالى سحائب الاحسان وروده، عظمه بين الكبراء ولقبه بملك العلماء، فزين القاضي مسند الافادة، وفاق البرجيس في افاضة السعادة، وألّف كتباً سارت بها ركبان العرب والعجم، وأذكى سراجاً أهدى من النار الموقدة علم العلم

توفي لخمس بقين من رجب المرجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة »(١) .

(٨١)

إثبات ابن حجر العسقلاني

ولقد أثبت شهاب الدين أبو الفضل ابن حجر العسقلاني حديث مدينة العلم، وأورده في فضائل أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وحكم ببطلان القول بوضعه، ونصّ على كثرة طرقه في كتبه المختلفة:

فقال بترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام في جملة من فضائله: « وروى أنه عليه الصلاة والسلام قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها.

وقال عمر: علي أقضانا وأبي أقرؤنا.

وقال يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب: كان عمر يتعوّذ من معضلة ليس لها أبو الحسن.

وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: كنا إذا أتانا الثبت عن علي لم نعدل به.

وقال معمر عن وهب بن عبد الله عن أبي الطفيل شهدت علياً يخطب وهو يقول: سلوني فو الله لا تسألوني عن شيء إلّا أخبرتكم به، وسلوني عن كتاب الله

____________________

(١). سبحة المرجان في آثار هندوستان: ٣٩.

٢٠٧

فو الله ما من آية إلّا وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار أم في سهل أم في جبل »(١) .

وقال السيوطي في ( قوت المغتذي ): « وقال الحافظ ابن حجر في أجوبته: حديث ابن عباس أخرجه ابن عبد البر في كتاب الصحابة المسمى بالاستيعاب ولفظه: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه، وصحّحه الحاكم، وأخرجه الطبراني من حديث ابن عباس بهذا اللفظ، ورجاله رجال الصحيح إلّا عبد السلام الهروي، فإنّه ضعيف.

قاله في جواب فتيا رفعت إليه في هذا الحديث ».

وقد أورد هذه الفتوى عنه ابن حجر المكي في ( المنح المكية ) كما سيأتي.

وصرّح في فتوى أخرى له بحسن حديث مدينة العلم وبطلان القول بوضعه، جاء ذلك في ( اللآلي المصنوعة ) حيث قال: « وسئل شيخ الاسلام أبو الفضل ابن حجر عن هذا الحديث في فتيا فقال: هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك وقال: إنه صحيح، وخالفه أبو الفرج ابن الجوزي فذكره في الموضوعات وقال: إنه كذب. والصواب خلاف قوليهما معاً، وأن الحديث من قسم الحسن لا يرتقى إلى الصحة ولا ينحط إلى كذب، وبيان ذلك يستدعي طولاً، ولكن هذا هو المعتمد في ذلك، انتهى ومن خطه نقلت »(٢) .

وقد ذكرت فتواه هذه في ( جمع الجوامع ) و ( النكت البديعات ) و ( الدرر المنتثرة ) و ( جواهر العقدين ).

كما ذكر حكمه بحسن الحديث في ( السيرة الشامية ) و ( تنزيه الشريعة ) و ( تذكرة الموضوعات ) و ( المرقاة ) و ( فيض القدير ) و ( رجال المشكاة ) و ( حاشية المواهب اللدنية ) و ( شرح المواهب اللدنية ) و ( نزل الأبرار ) و ( تحفة المحبين ) و ( الروضة الندية ) و ( وسيلة النجاة ) و ( السيف المسلول ) و ( الفوائد المجموعة ) و ( مرآة المؤمنين ) و ( القول المستحسن).

____________________

(١). تهذيب التهذيب ٧ / ٣٣٧.

(٢). اللئالي المصنوعة ١ / ٣٣٤.

٢٠٨

وقد حكم بحسنه في أجوبته عن الأحاديث التي انتقدها السراج القزويني على المصابيح، وزاد أن له شاهداً جاء ذلك في ( اللآلي المصنوعة ) بعد العبارة السابقة، حيث قال: « وذكر في أجوبته عن الأحاديث التي انتقدها السراج القزويني على المصابيح نحو ذلك. وزاد أن الحاكم روى له شاهداً من حديث جابر قال: حدثني أبوبكر محمد بن علي الفقيه الشاشي القفال حدثني النعمان بن هارون البلدي، ثنا أحمد بن عبد الله بن يزيد الحراني، ثنا عبد الرزاق، ثنا سفيان الثوري عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي عن جابر مرفوعاً به ».

وقد صرح العسقلاني في ( لسان الميزان ) بكثرة طرقه، وهذا نص كلامه كما في ( اللآلي المصنوعة ) بعد العبارة السابقة: « وقال في لسان الميزان - عقب إيراد الذهبي رواية جعفر بن محمد عن أبي معاوية وقوله: هذا موضوع - ما نصه: وهذا الحديث له طرق كثيرة في مستدرك الحاكم أقل أحوالها أن يكون للحديث أصل، فلا ينبغي أن يطلق القول عليه بالوضع »(١) .

ترجمته:

١ - البدر البشتكي في ( الطبقات ).

٢ - الفاسي في ( ذيل التقييد ).

٣ - ابن ناصر الدين في ( توضيح المشتبه ).

٤ - ابن خطيب الناصرية في ( الدر المنتخب ).

٥ - المقريزي في ( العقود الفريدة ).

٦ - ابن قاضي شهبة الأسدي في ( الأعلام ).

٧ - التقي ابن فهد المكي في ( ذيل طبقات الحفاظ ).

٨ - النجم ابن فهد المكي في ( معجم الشيوخ ).

____________________

(١). اللئالي المصنوعة ١ / ٣٣٤، وانظر لسان الميزان ٢ / ١٢٢.

٢٠٩

٩ - القطب الخيضري في ( طبقات الشافعية ).

١٠ - السخاوي في ( الضوء اللامع ).

١١ - السيوطي في ( طبقات الحفاظ ).

١٢ - السيوطي أيضاً في ( نظم العقيان ).

١٣ - السيوطي أيضاً في ( حسن المحاضرة ).

١٤ - الشوكاني في ( البدر الطالع ).

١٥ - شاه ولي الله في ( قرة العينين ).

١٦ - ( الدهلوي ) في ( بستان المحدثين ).

١٧ - صديق حسن خان في ( التاج المكلل ).

توجد ترجمته والنقل عنه والاعتماد عليه في هذه الكتب وغيرها، وقد أوردنا طرفاً من كلمات القوم في التعظيم له والثناء عليه في بعض مجلدات الكتاب، ومن مصادر ترجمته: ذيل طبقات الحفاظ لابن فهد ٣٨٠، الضوء اللامع ٢ / ٣٦ شذرات الذهب ٧ / ٢٧٠، نظم العقيان ٤٥، البدر الطالع ١ / ٨٧ - ٩٢ طبقات الحفاظ ٥٤٧، حسن المحاضرة ١ / ٣٦٣. وللسخاوي: الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الاسلام ابن حجر.

(٨٢)

رواية شهاب الدين أحمد

وعقد شهاب الدين أحمد في ( توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل ) باباً خاصاً برواية حديث مدينة العلم وحديث أنا دار الحكمة، وتحقيق أعلمية سيدنا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: « الباب الخامس عشر في أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبارك وسلم دار حكمة ومدينة علم وعلي لهما باب، وأنه أعلم الناس بالله

٢١٠

تعالى وأحكامه وآياته، وكلامه بلا ارتياب:

عن مولانا أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلم: يا علي إن الله أمرني أن أدنيك فأعلمك لتعي، وأنزلت هذه الآية( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) وأنت أذن واعية لعلمي. رواه الحافظ الامام أبو نعيم في الحلية ، و رواه سلطان الطريقة وبرهان الحقيقة الشيخ شهاب الدين أبو جعفر عمر السهروردي في العوارف بأسناده إلى عبد الله بن الحسن رضي الله تعالى عنهما ولفظه قال: حين نزلت هذه الآية:( وَتَعِيَها أُذُنٌ واعِيَةٌ ) قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم لعلي رضي الله تعالى عنه: سألت الله أن يجعلها أذنك يا علي. قال علي كرّم الله تعالى وجهه: فما نسيت شيئاً بعده وما كان لي أن أنسى. قال شيخ المشايخ في زمانه وواحد الأقران في علومه وعرفانه الشيخ زين الدين أبوبكر محمد بن محمد بن علي الخوافي قدس الله تعالى سره: فلذا اختص علي كرّم الله وجهه بمزيد العلم والحكمة حتى قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم: أنا مدينة العلم وعلي بابها، وقال عمر: لولا علي لهلك عمر.

وعن علي رضي الله تعالى عنه: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبارك وسلّم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، رواه في جامع الأصول وقال: أخرجه الترمذي.

وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما إن رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم وبارك وسلّم قال: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد بابها فليأت علياً. رواه الزرندي وقال: هذه فضيلة اعترف بها الأصحاب وابتهجوا، وسلكوا طريق الوفاق وانتهجوا. رواه الطبري وقال: أخرجه أبو عمر ولفظه: أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه ».

وقال في ذكر أسماء أمير المؤمنينعليه‌السلام : « ومنها: ( باب مدينة العلم ). عن عليرضي‌الله‌عنه قال قال رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وبارك وسلّم:

٢١١

أنا مدينة العلم وعلي بابها، فمن أراد العلم فليأته من بابه، رواه الطبري من تخريج أبي عمر، وأورده الامام الفقيه المذكور وقال كما في الحديث: واعلم أن الباب سبب لزوال الحائل والمانع من الدخول إلى البيت، فمن أراد الدخول وأتى البيوت من غير أبوابها شق وعسر عليه دخول البيت، فهكذا من طلب العلم ولم يطلب ذلك من عليرضي‌الله‌عنه وبيانه، فإنه لا يدرك المقصود، فإنهرضي‌الله‌عنه كان صاحب علم وعقل وبيان، ورب من كان عالماً ولا يقدر على البيان والافصاح، وكان عليرضي‌الله‌عنه مشهوراً من بين الصحابة بذلك، فباب العلم وروايته واستنباطه من عليرضي‌الله‌عنه ، وهو كان باجماع الصحابة مرجوعاً إليه في علمه موثوقاً بفتواه وحكمه، والصحابة كلّهم يراجعونه مهما أشكل عليهم ولا يسبقونه، ومن هذا المعنى قال عمر: لو لا علي لهلك عمر. رضي الله تعالى عنهم ».

وقال: « ومنها ( الفاروق ) وقد تقدّم حديثه قبل ذلك، وإني قد وجدت بخط بعض سادة العلماء والأكابر ما هذه صورته بتحبير المحابر مما قال أمير المؤمنين وإمام المتقين علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه على المنبر:

أنا النون والقلم، وأنا النور ومصباح الظلم، أنا الطريق الأقوم، أنا الفاروق الأعظم، أنا عيبة العلم، أنا أوبة الحلم، أنا النبأ العظيم، أنا الصراط المستقيم، أنا وارث العلوم، أنا هيولى النجوم، أنا عمود الاسلام، أنا مكسر الاصنام، أنا ليث الزحام، أنا أنيس الهوام، أنا الفخار الأفخر، أنا الصديق الأكبر، أنا إمام المحشر، أنا ساقي الكوثر، أنا صاحب الرايات، أنا سريرة الخفيات، أنا جامع الآيات، أنا مؤلف الشتات، أنا مفرّج الكربات، أنا دافع الشقاة، أنا حافظ الكلمات، أنا مخاطب الأموات، أنا حلال المشكلات، أنا مزيل الشبهات، أنا صنيعة الغزوات، أنا صاحب المعجزات، أنا الزمام الأطول، أنا محكم المفصل، أنا حافظ القرآن، أنا تبيان الايمان، أنا قسيم الجنان، أنا شاطر النيران، أنا مكلم الثعبان، أنا حاطم الأوثان، أنا حقيقة الأديان، أنا عين الأعيان، أنا قرن الأقران، أنا مذل الشجعان، أنا فارس الفرسان، أنا سؤال

٢١٢

متى، أنا الممدوح بهل أتى، أنا شديد القوى، أنا حامل اللوا، أنا كاشف الردى، أنا بعيد المدى، أنا عصمة الورى، أنا ذكى الوغى، أنا قاتل من بغى، أنا موهوب الشذا، أنا أئمة القذى، أنا صفوة الصفا، أنا كفو الوفا، أنا موضح القضايا، أنا مستودع الوصايا، أنا معدن الإنصاف، أنا محض العفاف، أنا صواب الخلاف، أنا رجل الأعراف، أنا سور المعارف، أنا معارف العوارف، أنا صاحب الاذن، أنا قاتل الجن، أنا يعسوب الدين وصالح المؤمنين وإمام المتقين، أنا أول الصديقين، أنا الحبل المتين، أنا دعامة الدين، أنا صحيفة المؤمن، أنا ذخيرة المهيمن، أنا الحبل المتين، أنا دعامة الدين، أنا صحيفة المؤمن، أنا ذخيرة المهيمن، أنا الامام الامين، أنا الدرع الحصين، أنا الضارب بالسيفين، أنا الطاعن بالرمحين، أنا صاحب بدر وحنين، أنا شقيق الرسول، أنا بعل البتول، أنا سيف الله المسلول، أنا أوام الغليل، أنا شفاء العليل، أنا سؤال المسائل، أنا نجحة الوسائل، أنا قالع الباب، أنا مفرق الاحزاب، أنا سيد العرب، أنا كاشف الكرب، أنا ساقي العطاش، أنا النائم على الفراش، أنا الجوهرة الثمينة، أنا باب المدينة، أنا حكمة الحكمة، أنا واضع الشريعة، أنا حافظ الطريقة، أنا موضح الحقيقة، أنا مطية الوديعة، أنا مبيد الكفرة، أنا أبو الأئمة، أنا الدوحة الأصلية، أنا مفضال الفضيلة، أنا خليفة الرسالة، أنا سميدع البسالة، أنا وارث المختار، أنا ظهير الاطهار، أنا عقاب الكفور، أنا مشكاة النور، أنا جملة الأمور، أنا زهرة النور، أنا بصيرة البصائر، أنا ذخيرة الذخائر، أنا بشارة البشر، أنا الشفيع المشفّع في المحشر، أنا ابن عم البشير النذير، أنا طود الأطواد، أنا جود الأجواد، أنا حلية الخلد، أنا بيضة البلد، أنا صمصام الجهاد، أنا جلسة الآساد، أنا الشاهد المشهود، أنا العهد المعهود، أنا منحة المنائح، أنا صلاح المصالح، أنا غمضة الغوامض، أنا لحظة اللواحظ، أنا عذوبة اللفظ، أنا أعجوبة الحفظ، أنا نفيس النفائس، أنا غياث الضنك، أنا سريع الفتك، أنا رحيب الباع، أنا وقر الأسماع، أنا ارث الوارث، أنا نفثة النافث، أنا جنب الله، أنا وجه الله ».

٢١٣

وقال: « قال الامام الهمام المتفق على علوّ شأنه في العلوم والأعمال، المتسق له دراري الفضل في سلك النظم بألسنة أهل الكمال، الحافظ الورع البارع العالم العامل العارف الكامل بلا شك ومرية، أبو نعيم أحمد بن عبد الله الاصفهاني في كتابه الفائق اللائق المسمى بالحلية:

وسيد القوم، محب الشهود ومحبوب المعبود، باب مدينة الحكم والعلوم ورأس المخاطبات ومستنبط الاشارات، راية المهتدين ونور المطيعين وولي المتقين وامام العادلين، أقدمهم إجابة وإيماناً، وأقومهم قضية وإيقانا، وأعظمهم حلماً وأوفرهم علماً: علي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليه، قدوة المتقين وزينة العارفين المنبئ عن حقائق التوحيد والمشير إلى لوامع علم التفريد، صاحب القلب العقول، واللسان السئول، والاذن الواعي والعهد الوافي، فقأعيون الفتن، ووقى من فنون المحن، فدفع الناكثين ووضع القاسطين ودمغ المارقين ».

كما أورد كلام العز ابن عبد السلام عن لسان حال أمير المؤمنينعليه‌السلام وشعر أبي زكريا النووي، وكلام الزرندي في نظم درر السمطين وقد تقدم كلّ واحد في محله.

(٨٣)

إثبات ابن الصباغ

وقد أرسله نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي المكي إرسال المسلَّم بعد ذكر حكم الامامعليه‌السلام في قضية الخنثى، قال: « فانظر رحمك الله إلى استخراج أمير المؤمنين عليرضي‌الله‌عنه بنور علمه وثاقب فهمه ما أوضح به سبيل السداد وبيّن به طريق الرشاد، وأظهر به جانب الذكورة على الأنوثة من مادة الايجاد وحصلت له هذه المنة الكاملة والنعمة الشاملة بملاحظة النبي عليه

٢١٤

السلام وتربيته إياه وحنّوه عليه وشفقته، فاستعد لقبول الأنوار وتهيّأ لفيض العلوم والأسرار، فصارت الحكمة من ألفاظه ملتقطة والعلوم الظاهرة والباطنة بفؤاده مرتبطة، لم تزل بحار العلوم تتفجر من صدره ويطفو عبابها، حتّى قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها »(١) .

ترجمته:

ترجم له نجم الدين عمر بن فهد المكي وعدّه من علماء مكة المكرمة، وأرخ وفاته سنة ٨٥٥، وكذا تلميذه السخاوي(٢) .

وقد وصفه أحمد بن عبد القادر العجيلي في ( ذخيرة المآل ) بأوصاف جليلة مثل « الشيخ » و « الامام » وصرّح بكونه من علماء المالكيّة، ونقل كلماته واعتمد عليها في مواضع من كتابه.

وكذا عبد الله بن محمد المطيري في كتابه ( الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي وعترته الطاهرة ) وهكذا اعتمد على كتابه ( الفصول المهمة ) ونقل عنه كل من: المولوي إكرام الدين الدهلوي في ( سعادة الكونين ) والبلخي القندوزي في ( ينابيع المودة ) والسمهودي في ( جواهر العقدين ) والحلبي في ( إنسان العيون ) والشيخاني القادري في ( الصراط السوي ) والصفوري في ( نزهة المجالس ) ومحبوب عالم في ( تفسيره ) والصبان في ( إسعاف الراغبين ) والعدوي الحمزاوي في ( مشارق الأنوار ) والشبلنجي في ( نور الأبصار ).

هذا وقد عدّه رشيد الدين خان - تلميذ ( الدهلوي ) - في ( إيضاح لطافة المقال ) في علماء أهل السنة المؤلفين في فضائل أهل البيت عليهم الصلاة والسلام، إذ ذكره واصفاً إياه بـ « الشيخ الجليل » وذكر كتابه ( الفصول المهمة ). وكفى بذلك حجة قاهرة على ثقته واعتباره، وبيّنة زاهرة على جلالته واشتهاره.

____________________

(١). الفصول المهمة في معرفة الأئمة: ١٩.

(٢). الضوء اللامع ٥ / ٢٨٤.

٢١٥

(٨٤)

إثبات البسطامي الحنفي

وقد أثبت عبد الرحمن بن محمد بن علي بن أحمد البسطامي الحنفي حديث مدينة العلم في كتابه ( درة المعارف الإِلهية في الأسرار الحرفية ) على ما نقل عنه البلخي حيث قال: « ثم إن الامام علياً كرّم الله وجهه ورث علم الأسرار والحروف من سيدنا ومولانا محمد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإليه الإِشارة بقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أنا مدينة العلم وعلي بابها »(١) .

ترجمته:

ترجم له السخاوي بقوله: « عبد الرحمن بن محمد بن علي بن أحمد، أو أحمد ابن علي البسطامي الحنفي، ممن أخذ عن العزّ محمد بن جماعة في سنة بضع وثماني مائة، وتميز في علم الحروف، وله فيه شمس الآفاق في علم الحروف والأوفاق، وكان حيّاً سنة إحدى وأربعين »(٢) .

(٨٥)

إثبات الشّمس الجيلاني

أثبت شمس الدين محمد بن يحيى بن علي الجيلاني اللاهجي النوربخشي

____________________

(١). ينابيع المودة: ٤٠٠.

(٢). الضوء اللامع ٤ / ٢٨٤.

٢١٦

حديث مدينة العلم، ضمن فضائل لأمير المؤمنينعليه‌السلام في ( مفاتيح الإِعجاز في شرح گلشن راز) بشرح قوله:

« زهر ساية كه اول گشت حاصل

در آخر شد يكى ديگر مقابل »

مفاتيح الاعجاز

وقد ذكر حاجي خليفة كتابه المذكور في شروح « گلشن راز » حيث قال « وشرحه مظفر الدين علي الشيرازي، والشيخ شمس الدين محمد بن يحيى بن علي اللاهجي الجيلاني النوربخشي شرحاً فارسيّاً ممزوجاً سمّاه مفاتيح الاعجاز، بيّضه في ذي الحجة سنة ٨٧٧ »(١) .

(٨٦)

إثبات شمس الدين السخاوي

وقد أثبت شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن السخاوي المصري وحقّق حديث مدينة العلم في كتابه ( المقاصد الحسنة ) حيث قال:

« حديث أنا مدينة العلم وعلي بابها، الحاكم في المناقب من مستدركه، والطبراني في معجمه الكبير، وأبو الشيخ ابن حيان في السنة له، وغيرهم، كلّهم من حديث أبي معاوية الضرير عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس مرفوعا به بزيادة فمن أراد العلم فليأت الباب.

ورواه الترمذي في المناقب من جامعه، وأبو نعيم في الحلية وغيرهما من حديث عليرضي‌الله‌عنه : إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال: أنا دار الحكمة وعلي بابها.

____________________

(١). كشف الظنون ٢ / ١٥٠٥.

٢١٧

قال الدارقطني في العلل عقب ثانيهما: إنه حديث مضطرب غير ثابت. وقال الترمذي: إنه منكر. وكذا قال شيخه البخاري وقال: إنه ليس له وجه صحيح. وقال يحيى بن معين - فيما حكاه الخطيب في تاريخ بغداد -: إنه كذب لا أصل له. وقال الحاكم - عقب أولهما -: إنه صحيح الاسناد. وأورده ابن الجوزي من هذين الوجهين في الموضوعات، ووافقه الذهبي وغيره على ذلك، وأشار إلى هذا ابن دقيق العيد بقوله: هذا الحديث لم يثبتوه وقيل إنه باطل، وهو مشعر بتوقفه فيما ذهبوا إليه من الحكم بكذبه، بل صرّح العلائي بالتوقّف في الحكم عليه بذلك فقال: وعندي فيه نظر، ثمّ بيّن ما يشهد بصحته، لكون أبي معاوية راوي حديث ابن عباس حدّث به، فزال المحذور ممن هو دونه، قال: وأبو معاوية ثقة حافظ يحتج بافراده كابن عيينة وغيره، فمن حكم على الحديث بالوضع مع ذلك فقد أخطأ، قال: وليس هو من الألفاظ المنكرة التي تأباها العقول، بل هو كحديث أرحم أمتي بأمتي - يعني الماضي -.

وهو صنيع معتمد، فليس هذا الحديث بكذب.

خصوصاً و قد أخرج الديلمي في مسنده بسندٍ ضعيف جدّاً عن ابن عمر مرفوعاً: علي بن أبي طالب باب حطة فمن دخل فيه كان مؤمناً ومن خرج منه كان كافراً.

ومن حديث أبي ذر رفعه: علي باب علمي ومبيّن لأمتي ما أرسلت به من بعدي حبه إيمان وبغضه نفاق والنظر إليه عبادة.

ومن حديث ابن عباس رفعه: أنا ميزان العلم وعلي كفّتاه والحسن والحسين خيوطه. الحديث.

وأورد صاحب الفردوس - وتبعه ابنه المذكور بلا اسناد - عن ابن عباس رفعه: أنا مدينة العلم وأبوبكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها وعلي بابها.

وعن أنس مرفوعاً: أنا مدينة العلم وعلي بابها ومعاوية حلقتها.

وبالجملة، فكلها ضعيفة، وألفاظ أكثرها ركيكة، وأحسنها حديث ابن عباس بل هو حسن.

٢١٨

و قد روى الترمذي أيضاً والنسائي وابن ماجة وغيرهم من حديث حبشي بن جنادة مرفوعاً: علي مني وأنا من علي لا يؤدّي عني إلّا أنا أو علي »(١) .

ترجمته:

١ - عبد القادر العيدروس اليمني ترجمة مفصلة ذكر فيها شيوخه وتصانيفه وما قيل في حقه من سائر العلماء، وقد وصفه في أول الترجمة بـ « الشيخ العلامة الرحلة الحافظ » وقال: « لم يخلف بعده مثله في مجموع فنونه وأما مقرواته ومسموعاته فكثيرة جدّاً لا تكاد تنحصر، وأخذ عن جماعة لا يحصون، حتى بلغت عدة من أخذ عنه زيادة عن أربعمائة نفس، وأذن له غير واحد بالإفتاء والتدريس والاملاء

وكان شيخه شيخ الاسلام ابن حجر يحبه ويثني عليه وينّوه بذكره ويعرّف بعلوّ فخره، ويرجّحه على سائر جماعته المنسوبين إلى الحديث وصناعته ومما وصفه به بعض الحفاظ: هو والله بقية من رأيت من المشايخ، وأنا وجميع طلبة الحديث بالبلاد الشامية والبلاد المصرية وسائر بلاد الإسلام عيال عليه، والله ما أعلم في الوجود له نظيرا. وقال غيره: هو الآن من الأفراد في علم الحديث الذي اشتهر فيه فضله وليس بعد شيخ الاسلام ابن حجر فيه مثله وقال آخر: هو الذي انعقد على تفرده بالحديث النبوي الاجماع، وانه في كثرة اطلاعه وتحقيقه لفنونه بلغ ما لا يستطاع، ودوّنت تصانيفه واشتهرت، وثبت سيادته في هذا الفن النفيس وتقررت، ولم يخالف أحد من العقلاء في جلالته ووفور ثقته وديانته وأمانته، بل صرحوا بأجمعهم بأنه هو المرجوع إليه في التعديل والتجريح والتحسين والتصحيح، بعد شيخه شيخ الاسلام ابن حجر حامل راية العلوم والأثر ...»(٢) .

____________________

(١). المقاصد الحسنة: ٩٧.

(٢). النور السافر: ١٦.

٢١٩

٢ - فضل الله بن روزبهان في ( شرح الشمائل ) إذ وصفه بـ « الشيخ الامام الرحلة، حافظ العصر مسند مصر، الذي تفرّد في زمانه بعلوّ الإِسناد ورفعة الشأن، حتى أذعن لجلالة قدره أجلة أئمة الدوران ».

٣ - عبد الغفار العدثاني في ( عجالة المراكب وبغية الطالب ) بقوله: « الحافظ الكبير العلم الشهير خاتمة الحفاظ بلا نزاع، ولد بربيع الأول سنة ٨٢١ بالقاهرة إمام جليل القدر وخاتم حفاظ العصر. توفي سنة ٩٠١ بالمدينة الشريفة ».

٤ - الشوكاني ترجمة مفصلة كذلك(١) .

(٨٧)

اثبات الكاشفي الواعظ

ولقد أثبته حسين بن علي الكاشفي المعروف بالواعظ البيهقي في ذكر مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام وبيان فضائله ومناقبه من كتابه الشهير ( روضة الشهداء ).

روضة الشهداء

وغير خفي أن كتاب ( روضة الشهداء ) من الكتب المعروفة التي اعتنى بها العلماء قال في ( كشف الظنون ) « روضة الشهداء فارسي لحسين بن علي الكاشفي المعروف بالواعظ البيهقي المتوفى سنة ٩١٠، وترجمه الفضولي محمد بن سليمان البغدادي المتوفى سنة ٩٧٠ وسمّاه حديقة السعداء قال فيه: اقتديت بروضة الشهداء في أصل التأليف وألحقت الفوائد من الكتب، فكان كتاباً مستقلاً كما مر في الحاء، وترجمه أيضاً الجامي المصري المتوفى سنة، وسمّاه سعادت نامه، قال:

____________________

(١). البدر الطالع ٢ / ١٨٤.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380