تذكرة الفقهاء الجزء ٤

تذكرة الفقهاء4%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: 473

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 473 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 230532 / تحميل: 7346
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٤

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٤٤-٢
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

تذكرة الفقهاء الجزء الرابع

العلامة الحلي

٢

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

٤

٥

المقصد الثالث : في باقي الصلوات‌

وفيه فصول :

الأول : في الجمعة‌

وفيه مطالب‌

٦

٧

الأول : الشرائط‌

مسألة ٣٧٢ : الجمعة واجبة بالنص والإجماع.

قال الله تعالى( فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ) (١) والأمر للوجوب ، والنهي للتحريم ، وإنما يجب السعي ويحرم البيع لأجل الواجب ، وتوبيخهم بتركه قائما إنما يكون لو وجب ، وليس المراد من السعي الإسراع بل الذهاب إليها.

وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في خطبته : ( اعلموا أن الله قد افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا ، في يومي هذا ، في شهري هذا ، من عامي هذا ، فمن تركها في حياتي ، أو بعد موتي وله إمام عادل استخفافاً بها أو جحوداً لها فلا جمع الله له شمله ، ولا بارك له في أمره ، ألا ولا صلاة له ، ألا ولا زكاة له ، ألا ولا حج له ، ألا ولا صوم له ، ألا ولا برّ له حتى يتوب ، فإن تاب تاب الله عليه )(٢) .

____________________

(١) الجمعة : ٩.

(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٣٤٣ / ١٠٨١ ، سنن البيهقي ٣ : ١٧١ ، الترغيب والترهيب ١ : ٥١٠ - ٥١١ / ٩ ، مجمع الزوائد ٢ : ١٦٩ ، مسند أبي يعلى ٣ : ٣٨١ - ٣٨٢ / ١٨٥٦ ، وانظر رسالة صلاة الجمعة للشهيد الثاني : ٦١.

٨

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « فرض الله على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمساً وثلاثين صلاة ، منها صلاة واحدة فرضها الله عز وجل في جماعة وهي الجمعة ، ووضعها عن تسعة »(١) الحديث.

وأجمع المسلمون كافة على وجوب الجمعة.

مسألة ٣٧٣ : ووجوبها على الأعيان بالإجماع‌ ، إلّا ما حكي عن الشافعي أنها فرض كفاية(٢) ونُسبت الحكاية إلى الغلط ، لأن الأمر عام ، وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الجمعة حق واجب على كل مسلم ، إلّا أربعة : عبد مملوك ، أو امرأة ، أو صبيّ ، أو مريض )(٣) .

إذا عرفت هذا فيشترط للجمعة أمور ستة زائدة على الشرائط اليومية :

أ : الوقت. ب : السلطان. ج : العدد. د : الخطبتان. ه‍ : الجماعة. و: الوحدة.

فهنا مباحث :

الأول : الوقت‌

مسألة ٣٧٤ : أول وقت الجمعة زوال الشمس يوم الجمعة‌ عند علمائنا - إلّا المرتضى فإنه قال : يجوز أن يصلّي الفرض عند قيام الشمس يوم الجمعة خاصة(٤) - وبما اخترناه قال الشافعي ، ومالك ، وأصحاب الرأي(٥) ، لأن أنس‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٤١٩ / ٦ ، التهذيب ٣ : ٢١ / ٧٧ ، الفقيه ١ : ٢٦٦ / ١٢١٧ ، أمالي الصدوق : ٣١٩ / ١٧ ، الخصال : ٥٣٣ / ١١.

(٢) المجموع ٤ : ٤٨٣ ، فتح العزيز ٤ : ٤٨٤ ، الميزان ١ : ١٨٥‌

(٣) سنن أبي داود ١ : ٢٨٠ / ١٠٦٧ ، سنن البيهقي ٣ : ١٧٢ ، الجامع الصغير للسيوطي ١ : ٥٦١ / ٣٦٣٠.

(٤) حكاه الشيخ في الخلاف ١ : ٦٢٠ ، المسألة ٣٩٠ ، وقال ابن إدريس في السرائر : ٦٤ : لم أجد للسيد المرتضى تصنيفاً ولا مسطوراً بما حكاه شيخنا عنه ، بل بخلافه ولعلّ شيخنا أبا جعفر سمعه من المرتضى في الدرس وعرفه منه مشافهةً دون المسطور.

(٥) المجموع ٤ : ٥١١ ، بداية المجتهد ١ : ١٥٧.

٩

ابن مالك قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي الجمعة إذا زالت الشمس(١) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك ويخطب في الظل الأول »(٢) الحديث.

ولأنها بدل عن عبادة ، فلا تجب قبل وقتها كالتيمم. ولأن آخر وقتهما واحد فكذا الأول.

وقال أحمد بن حنبل : يجوز فعل الجمعة قبل زوال الشمس(٣) . فمن أصحابه من قال : أول وقتها وقت صلاة العيد. ومنهم من قال : تجوز في الساعة السادسة(٤) .

لأنّ [ وكيعاً روى عن عبد الله السلمي ](٥) قال : شهدت الجمعة مع أبي بكر فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار(٦) .

ولا حجة فيه ، مع مخالفته لفعل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله .

مسألة ٣٧٥ : آخر وقت الجمعة هو آخر وقت الظهر‌ عند الأكثر ، إلّا أن عندنا آخر وقت الظهر للإِجزاء الغروب ، وآخر وقت الفضيلة إذا صار ظلّ‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٨ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٧٧ / ٥٠٣ ، سنن أبي داود ١ : ٢٨٤ / ١٠٨٤ ، مسند أحمد ٣ : ١٥٠ ، سنن البيهقي ٣ : ١٩٠‌

(٢) التهذيب ٣ : ١٢ / ٤٢‌

(٣) المغني ٢ : ٢٠٩ ، الشرح الكبير ٢ : ١٦٣ ، المجموع ٤ : ٥١١ ، فتح العزيز ٤ : ٤٨٦ ، بداية المجتهد ١ : ١٥٧‌

(٤) المغني ٢ : ٢٠٩ ، الشرح الكبير ٢ : ١٦٣ ، المجموع ٤ : ٥١١‌

(٥) ورد في نسختي « م » و « ش » : وكيع الأسلمي. وصحّح الى ما تراه ، وما بين المعقوفتين أثبتناه من مصادر الحديث والتراجم في الهامش التالي.

(٦) سنن الدار قطني ٢ : ١٧ / ١ ، وانظر أيضاً : تهذيب التهذيب ١١ : ١٠٩ رقم ٢١١ ، وأُسد الغابة ٣ : ١٨٢ ، والإصابة ٢ : ٣٢٣ رقم ٤٧٣٩.

١٠

كل شي‌ء مثله ، والمراد هنا هذا الأخير فلا تجوز الجمعة بعده. وكذا يقول الشافعي(١) .

وأبو حنيفة جعل آخر وقت الظهر إذا صار ظل كل شي‌ء مثليه(٢) ، فتجوز الجمعة عنده إلى ذلك.

والوجه الأول ، لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يصلّي دائماً بعد الزوال بلا فصل ، فلو جاز التأخير عمّا حدّدناه ، لأخّرها في بعض الأوقات.

إذا عرفت هذا ، فاعلم أنّ أبا الصلاح منّا قال : إذا مضى مقدار الأذان والخطبة وركعتي الجمعة فقد فاتت ، ولزم أداؤها ظهراً(٣) .

ويدفعه قول الباقرعليه‌السلام : « وقت الجمعة إذا زالت الشمس وبعده بساعة »(٤) .

واحتجاجه : بقول الباقرعليه‌السلام : « إنّ من الأمور أموراً مضيّقة ، وأموراً موسّعة ، وإنّ صلاة الجمعة من الأمر المضيّق ، إنّما لها وقت واحد حين تزول الشمس ، ووقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر الأيام »(٥) متأول بالمبالغة في استحباب التقديم.

مسألة ٣٧٦ : بقاء الوقت ليس شرطاً‌ ، فلو انعقدت الجمعة وتلبّس بالصلاة - ولو بالتكبير - فخرج الوقت قبل إكمالها أتمها جمعةً ، إماماً كان أو مأموماً - وبه قال أحمد ومالك(٦) - لأنه دخل فيها في وقتها فوجب إتمامها كسائر الصلوات. ولأن الوجوب يتحقق باستكمال الشرائط فلا يسقط مع التلبس‌

____________________

(١) المجموع ٣ : ٢١ ، فتح العزيز ٣ : ٧ - ٨.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ١٤٢ ، المجموع ٣ : ٢١.

(٣) الكافي في الفقه : ١٥٣.

(٤) الفقيه ١ : ٢٦٧ / ١٢٢٣ نقلاً بالمعنى.

(٥) التهذيب ٣ : ١٣ / ٤٦.

(٦) المغني ٢ : ١٦٣ ، المجموع ٤ : ٥١٣ ، فتح العزيز ٤ : ٤٨٨.

١١

بفوات البعض كالجماعة.

وقال الشافعي : تفوت الجمعة ، حتى لو وقعت تسليمة الإِمام في وقت العصر فاتت الجمعة ، لكنه يُتمها ظهراً ، لأن ما كان شرطاً في ابتداء الجمعة كان شرطا في جميعها كسائر الشرائط(١) . وينتقض بالجماعة.

وقال أبو حنيفة : لا يبنى عليها ، ويستأنف الظهر ، لأنهما صلاتان مختلفتان فلا تبنى إحداهما على الْاُخرى(٢) . ويرد على الشافعي لا علينا.

وقال بعض الجمهور : إن أدرك ركعة في الوقت أدرك الجمعة ، وإلّا فلا(٣) . ولا بأس به.

فروع :

أ : لو شك في خروج الوقت أتمها جمعةً إجماعاً ، لأن الأصل بقاء الوقت.

ب : لو أدرك المسبوق ركعة مع الإِمام صحت له الجمعة‌ إن كانت المدركة في الوقت ثم يقوم لتدارك الثانية ، فلو خرج الوقت قبل إكمالها صحت عندنا ، لما تقدم(٤) .

وللشافعية وجهان : الفوات كغيره ، والإِدراك ، لأن جمعتهم صحيحة فيتبعهم فيها كما يتبعهم في الوقت والقدوة(٥) .

ج : لو تشاغلوا عن الصلاة حتى ضاق الوقت فإن علم الإِمام أن الوقت يتسع لخطبتين خفيفتين وركعتين كذلك وجبت الجمعة ، وإلّا جاز أن يصلّوها‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ٥١٠ و ٥١٣ ، الوجيز ١ : ٦١ ، المغني ٢ : ١٦٤.

(٢) المجموع ٤ : ٥١٣ ، المغني ٢ : ١٦٤‌

(٣) المغني ٢ : ١٦٣.

(٤) تقدّم في أول المسألة.

(٥) المجموع ٤ : ٥١٠ ، الوجيز ١ : ٦١ ، فتح العزيز ٤ : ٤٩٠.

١٢

ظهراً قبل خروج وقت الجمعة ، وبه قال الشافعي(١) . ولا تكفي الركعة الواحدة هنا ، خلافاً لأحمد(٢) .

د : يُستحب تعجيل الجمعة‌ كغيرها من الصلوات.

مسألة ٣٧٧ : الفرض في الوقت هو الجمعة‌ ، وهي صلاة قائمة بنفسها ليست ظُهرا مقصورة - وهو أحد قولي الشافعي(٣) - فليس له إسقاط الجمعة بالظهر ، لأنه مأمور بالجمعة ، فيكون منهيا عن الظهر ، فلا يكون المنهي عنه فرضاً.

وقالعليه‌السلام : ( كتب عليكم الجمعة فريضة واجبة إلى يوم القيامة )(٤) وهو يدل على الوجوب على التعيين.

وقال أبو حنيفة : فرض الوقت الظهر ، ويسقط بالجمعة ، وهي ظهر مقصورة(٥) ، لقولهعليه‌السلام : ( أول وقت الظهر حين تزول الشمس )(٦) وهو عام فيتناول يوم الجمعة كغيره.

ونحن نقول بموجبه ، ولا دلالة فيه على أن الفرض الظهر.

وقال محمد بن الحسن الشيباني : الفرض الجمعة ، وله إسقاطه بالظهر.

وهو قول للشافعي(٧) .

إذا عرفت هذا فإذا فاتت الجمعة صلّى أربعاً ظهراً بنية الأداء إن كان وقت الظهر باقياً ، وإن خرج الوقت صلّى أربعاً بنية قضاء الظهر لا الجمعة ، لأن مع‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١١٨ ، المجموع ٤ : ٥٠٩ - ٥١٠ ، فتح العزيز ٤ : ٤٨٧ - ٤٨٨.

(٢) المغني ٢ : ١٦٤ ، الشرح الكبير ٢ : ١٦٩.

(٣) المجموع ٤ : ٥٣١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١٧.

(٤) أورده في المعتبر : ٢٠١‌

(٥) بدائع الصنائع ١ : ٢٥٦ ، الاختيار ١ : ١٠٩ ، تحفة الفقهاء ١ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٧.

(٦) سنن الدار قطني ١ : ٢٦٢ / ٢٢.

(٧) الاختيار ١ : ١٠٩ ، تحفة الفقهاء ١ : ١٥٩ ، المجموع ٤ : ٥٣١.

١٣

الفوات تسقط الجمعة وتجب الظهر أداءً لسعة وقت الظهر ، وإمكان فوات الجمعة مع بقائه ، فيكون الفائت بعد فوات الجمعة هو الظهر ، لانتقال الوجوب إليه.

ولو فاتته الجمعة بعد انعقادها بأن زوحم وخرج الوقت قبل إدراك ركعة مع الإِمام ، استأنف الظهر ، لتغاير الفرضين.

ومن جعلها ظهراً مقصورة جوّز نقل النية إلى الظهر كالمسافر إذا نوى الإِقامة في الأثناء فإنه يُتم أربعا.

مسألة ٣٧٨ : لو صلّى المكلّف بها الظهر قبل أن يصلّي الإِمام الجمعة ، لم تصح صلاته‌ ، ويلزمه السعي إلى الجمعة ، فإن صلّاها سقط عنه الفرض ، وإن لم يُصلّها حتى فاتت وجب عليه إعادة الظهر ، لما تقدّم(١) من أنهما فرضان متغايران ، فلا يجزي أحدهما عن الآخر عند علمائنا أجمع ، وبه قال مالك وأحمد والثوري في الجديد ، وإسحاق(٢) .

وقال أبو حنيفة : تصح ظهره قبل فوات الجمعة ، ويلزمه السعي إلى الجمعة ، فإذا سعى بطلت ، وإن لم يسع أجزأته(٣) .

وقال أبو يوسف ، ومحمد : تصح(٤) .

وقال الشافعي في القديم : تصح الظهر ، ويجب عليه السعي ، فإن صلّى الجمعة احتسب الله تعالى له بأيتهما شاء أو آجر كلتيهما ، وإن فاتته‌

____________________

(١) تقدّم في المسألة ٣٧٧.

(٢) المغني ٢ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ١٥٦ ، المجموع ٤ : ٤٩٦ - ٤٩٧ ، فتح العزيز ٤ : ٦١٢ و ٦١٣ ، القوانين الفقهية : ٧٩.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ٣٣ ، اللباب ١ : ١١٢ ، المجموع ٤ : ٤٩٧ ، المغني ٢ : ١٩٧ ، الشرح الكبير ٢ : ١٥٦ و ١٥٧.

(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٣٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٥٧ ، المجموع ٤ : ٤٩٧.

١٤

الجمعة أجزأته الظهر التي صلّاها(١) .

وليس بجيّد ، لأن الظهر الواقعة إن كانت صحيحةً أسقطت الفرض ، إذ لا تجبان عليه في وقت واحد إجماعاً ، وإلّا أعادها.

ولأنه يأثم بترك الجمعة وإن صلّى الظهر ، ولا يأثم بفعل الجمعة وترك الظهر إجماعاً ، والواجب هو الذي يأثم بتركه دون ما لا يأثم به.

فروع :

أ : فوات الجمعة برفع الإِمام رأسه من ركوع الثانية. وسيأتي في الجماعة.

ب : لو صلّى الظهر ثم شك هل صلّى قبل صلاة الإِمام أو بعدها ، لزمه الإِعادة‌ ، لأن الأصل البقاء‌

ج : لو صلّى الظهر مع صلاة الإِمام الجمعة لم تصح‌ - إن كان يمكنه إدراكها - ظهره لأنه يمكنه الجمعة ، أمّا لو صلّاها قبل فراغ الإِمام من الجمعة - إذا فاته إدراكها - فإنه يجوز - وبه قال بعض الشافعيّة(٢) - لأن الجمعة فاتت فتجب الظهر ، إذ لا يمكن سقوط الصلاتين.

وظاهر كلام الشافعي أنه لا يجوز أن يصلّيها إلّا بعد فراغ الإِمام(٣) .

مسألة ٣٧٩ : من لا تجب عليه الجمعة كالمسافر والعبد ، له أن يصلّي الظهر قبل صلاة الإِمام‌ ومعه وبعده - وإن جاز أن يصلّي جمعة - في قول أكثر العلماء(٤) ، لأنه لم يخاطب بالجمعة ، فتصح منه الظهر ، كالبعيد من موضع الجمعة.

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١١٧ ، المجموع ٤ : ٤٩٦ و ٤٩٧ ، الوجيز ١ : ٦٥ ، فتح العزيز ٤ : ٦١٢ و ٦١٣.

(٢) حلية العلماء ٢ : ٢٢٨.

(٣) حلية العلماء ٢ : ٢٢٨.

(٤) المغني ٢ : ١٩٨ ، الشرح الكبير ٢ : ١٥٩‌

١٥

وقال بعض الجمهور : لا تصح صلاته قبل الإِمام ، لأنه لا يتيقن بقاء العذر ، فلم تصح صلاته ، كغير المعذور(١) .

والظاهر البقاء والاستمرار كالمريض يصلّي جالساً.

فروع :

أ : لا يستحب للمعذور تأخير الظهر حتى يفرغ الإِمام‌ ، لأن فرضه الظهر فيستحب تقديمها.

ب : أصحاب الأعذار المكلَّفون إذا حضروا الجامع ، وجبت عليهم الجمعة ، وسقط عنهم فرض الوقت ، لأنها سقطت عنهم لعذر تخفيفا عنهم ، ووجبت على أهل الكمال ، لانتفاء المشقة في حقهم ، فإذا حضروا الجامع سقطت المشقة المبيحة للترك.

ج : لو صلّوا الظهر في منازلهم ثم سعوا إلى الجمعة ، لم تبطل ظهرهم‌ سواء زال عذرهم أوّلا - وبه قال أحمد والشافعي(٢) - لأنها صلاة صحيحة أسقطت الفرض فلا تبطل بعده.

وقال أبو حنيفة : تبطل ظهرهم بالسعي إلى الجمعة كغير المعذور(٣) والفرق ظاهر.

وقال أبو يوسف ومحمد : تبطل إذا أحرموا بالجمعة(٤) .

د : لا يكره لمن فاتته الجمعة أو لم يكن من أهلها أن يصلّي الظهر‌

____________________

(١) المغني ٢ : ١٩٨ ، الشرح الكبير ٢ : ١٥٩ ، الإِنصاف ٢ : ٣٧٢.

(٢) المغني ٢ : ١٩٨ ، الشرح الكبير ٢ : ١٥٩ ، كشاف القناع ٢ : ٢٥ ، المجموع ٤ : ٤٩٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٧.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ٣٢ و ٣٣ ، اللباب ١ : ١١٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٥٧ ، المغني ٢ : ١٩٨ ، الشرح الكبير ٢ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٧.

(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٣٣ ، اللباب ١ : ١١٢.

١٦

جماعة - وبه قال أحمد والأعمش والشافعي وإسحاق(١) - لعموم قولهعليه‌السلام : ( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة )(٢) .

وصلّى ابن مسعود بعلقمة والأسود لمـّا فاتته الجمعة(٣) .

وقال أبو حنيفة ومالك : يكره - وهو قول الحسن وأبي قلابة - لأنه لم ينقل في زمن النبيعليه‌السلام من صلّى جماعة من المعذورين(٤) .

وهو ممنوع ، لما تقدّم.

إذا ثبت هذا فالأقرب استحباب إعادتها جماعة في مسجد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وغيره من المساجد ، لعموم استحباب طلب الجماعة.

ولا تكره أيضاً في المسجد الذي أُقيمت الجمعة فيه.

وكره أحمد ذلك كله(٥) ، وليس بجيّد.

نعم لو نسب إلى الرغبة عن الجمعة ، أو أنه لا يرى الصلاة خلف الإِمام ، أو خيف فتنة ، ولحوق ضرر به وبغيره كره ذلك.

ه- : الأقرب لمن صلّى الظهر من أصحاب الأعذار السعي إلى الجمعة‌ استحباباً ، طلباً لفضيلة الجماعة ، لأنها تنوب مناب الظهر فأشبهت المنوب ، والأول هو الفرض.

وقال أبو إسحاق : قال الشافعي في القديم : يحتسب الله تعالى له بأيتهما شاء(٦) ، لأنه كان في الابتداء مخيراً بين الظهر والجمعة ، فإذا فعلها‌

____________________

(١) المغني ٢ : ١٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ١٦٠ ، الإِنصاف ٢ : ٣٧٣ ، كشاف القناع ٢ : ٢٥ ، المجموع ٤ : ٤٩٣ - ٤٩٤.

(٢) صحيح البخاري ١ : ١٦٦ ، سنن الترمذي ١ : ٤٢٠ - ٤٢١ / ٢١٥ ، سنن البيهقي ٣ : ٦٠.

(٣) المغني ٢ : ١٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ١٦١.

(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٣٥ - ٣٦ ، اللباب ١ : ١١٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٧٠ ، بلغة السالك ١ : ١٨٢ ، المغني ٢ : ١٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ١٦٠ ، المجموع ٤ : ٤٩٤.

(٥) المغني ٢ : ١٩٩ ، الشرح الكبير ٢ : ١٦١.

(٦) المهذب للشيرازي ١ : ١١٧ ، المجموع ٤ : ٤٩٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٧.

١٧

لم يتعين واحد منهما.

وهو غلط ، لسقوط فرضه مما فعله أولاً ، فإذا فعل الجمعة كان متطوعاً بها ، وما ذكره إنّما يتحقق قبل الفعل.

مسألة ٣٨٠ : لا يجوز إنشاء السفر لمن وجبت عليه الجمعة ، واستكمال الشرائط(١) ، بعد الزوال قبل أن يصلّيها عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأحمد(٢) - لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من سافر من دار إقامة(٣) يوم الجمعة دعت عليه الملائكة ، لا يصحب في سفره ، ولا يعان على حاجته )(٤) ، والوعيد لا يلحق المباح.

ولأن ذمته مشتغلة فلا يجوز له الاشتغال بما يمنع عنها كاللهو والتجارة.

وقال أبو حنيفة والأوزاعي : يجوز(٥) ، لقول عمر : الجمعة لا تحبس عن سفر(٦) ، ولأنّ الصلاة تجب بآخر الوقت ، ولأنّ كلّ صلاة يجوز السفر بعدها يجوز قبلها كسائر الصلوات.

والفرق أنّ السفر يُسقط الجمعة دون غيرها ، وقول عمر ليس حجة خصوصاً مع مخالفته(٧) القرآن ، وقد بيَّنا وجوب الصلاة بأول الوقت.

فروع :

أ : لا يجوز السفر بعد الزوال لأجل الجهاد‌ إلّا مع الضرورة.

____________________

(١) كذا ، والمناسب للعبارة : واستكملت الشرائط فيه.

(٢) المجموع ٤ : ٤٩٩ ، الوجيز ١ : ٦٥ ، مغني المحتاج ١ : ٢٧٨ ، الميزان ١ : ١٨٧ ، بلغة السالك ١ : ١٨٣ ، المنتقى للباجي ١ : ١٩٩ ، المغني ٢ : ٢١٧ ، الشرح الكبير ٢ : ١٦١.

(٣) في « م » : إقامته.

(٤) كنز العمال ٦ : ٧١٥ / ١٧٥٤٠.

(٥) المجموع ٤ : ٤٩٩ ، المغني ٢ : ٢١٧ ، الشرح الكبير ٢ : ١٦١‌

(٦) سنن البيهقي ٣ : ١٨٧ ، وانظر : الاُم ١ : ١٨٩ ، والمغني ٢ : ٢١٧ ، والشرح الكبير ٢ : ١٦١.

(٧) في « م » والطبعة الحجرية : مخالفة.

١٨

ونقل عن أحمد الجواز(١) ، لأنّهعليه‌السلام لمـّا وجّه زيد بن حارثة ، وجعفر بن أبي طالب ، وعبد الله بن رواحة في جيش مؤتة فتخلّف عبد الله ، فرآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ( ما خلّفك؟ ) فقال : الجمعة ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لروحة في سبيل الله أو غدوة خير من الدنيا وما فيها ) فراح منطلقاً(٢) .

والذي نقله أصحابه إنّ ذلك كان قبل الزوال(٣) .

ب : يجوز السفر بعد الزوال لأصحاب الأعذار المتجددة‌ بعد الوجوب ، كمريد الصحبة إذا خاف فوتها مع ضرورته إليها ، لأنها تسقط الوجوب ، وبالجملة كلّ ما يخاف معه على نفسه أو ماله فهو عذر ، وكذا لو ضلّ له ولد أو رقيق أو حيوان.

ج : يجوز السفر قبل الزوال بعد الفجر‌ ، لكنّه مكروه عند علمائنا - وبه قال مالك وأحمد - والحسن وابن سيرين - في رواية ، والشافعي في القديم ، وأصحاب الرأي(٤) - لحديث عبد الله بن رواحة(٥) . ولأنّ ذمته خالية من وجوب فلا يمنعه إمكان وجوبها.

وقال الشافعي في الجديد : لا يجوز - وبه قال ابن عمر وأحمد - إلّا في الجهاد ، لأنّه وقت الرواح إلى الجمعة ، وقد يجب فيه السعي على من بعد طريقه ، فلا يجوز له ترك الجمعة بالسفر فيه كما بعد الزوال(٦) .

____________________

(١) الشرح الكبير ٢ : ١٦٢.

(٢) مسند أحمد ١ : ٢٥٦ ، سنن البيهقي ٣ : ١٨٧ ، وانظر : المغني ٢ : ٢١٨.

(٣) المغني ٢ : ٢١٨.

(٤) المغني ٢ : ٢١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ١٦٢ ، المجموع ٤ : ٤٩٩ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٨ ، الوجيز ١ : ٦٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١٧ ، الميزان ١ : ١٨٧ ، مغني المحتاج ١ : ٢٧٨ ، المنتقى للباجي ١ : ١٩٩.

(٥) مسند أحمد ١ : ٢٥٦ ، سنن البيهقي ٣ : ١٨٧.

(٦) المجموع ٤ : ٤٩٩ ، الوجيز ١ : ٦٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١٧ ، الميزان ١ : ١٨٧ ، =

١٩

والفرق شغل الذمة في الأول دون الثاني ، والسعي يجب فيه على من تجب عليه وهو بسفره خرج عن ذلك.

واستثناء الشافعي الجهاد ، لحديث ابن رواحة.

د : لا يكره السفر ليلة الجمعة‌ إجماعاً.

البحث الثاني : السلطان‌

مسألة ٣٨١ : يُشترط في وجوب الجمعة السلطان أو نائبه‌ عند علمائنا أجمع - وبه قال أبو حنيفة(١) - للإِجماع على أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعيّن لإِمامة الجماعة - وكذا الخلفاء بعده - كما يعيّن للقضاء.

وكما لا يصح أن ينصب الإِنسان نفسه قاضياً من دون إذن الإِمام كذا إمامة الجمعة.

ولرواية محمد بن مسلم قال : « لا تجب الجمعة على أقل من سبعة : الإِمام ، وقاضيه ، ومُدّعٍ حقاً ، ومدّعى عليه ، وشاهدان ، ومن يضرب الحدود بين يدي الإِمام »(٢) .

ولأنّه إجماع أهل الأعصار ، فإنه لا يقيم الجمعة في كلّ عصر إلّا الأئمة.

وقال الشافعي ومالك وأحمد : ليس السلطان شرطاً ولا إذنه(٣) ، لأنّ علياً‌

____________________

= ، المغني ٢ : ٢١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ١٦٢ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢٧٨.

(١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٢٣ و ٢٥ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٥٩ ، ٢٦١ ، اللباب ١ : ١١٠ ، المجموع ٤ : ٥٨٣ ، المغني ٢ : ١٧٣ - ١٧٤ ، الشرح الكبير ٢ : ١٨٨ ، بداية المجتهد ١ : ١٥٩ ، الميزان ١ : ١٨٨.

(٢) الفقيه ١ : ٢٦٧ / ١٢٢٢ ، التهذيب ٣ : ٢٠ / ٧٥ ، الاستبصار ١ : ٤١٨ / ١٦٠٨.

(٣) الاُم ١ : ١٩٢ ، المجموع ٤ : ٥٠٩ و ٥٨٣ ، مختصر المزني : ٢٨ ، الوجيز ١ : ٦٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٢٤ ، بداية المجتهد ١ : ١٦٠ ، المغني ٢ : ١٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ١٨٨.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473