الإمامة الإلهية الجزء ٢

الإمامة الإلهية10%

الإمامة الإلهية مؤلف:
المحقق: محمد بحر العلوم
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 592

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٤
  • البداية
  • السابق
  • 592 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 146885 / تحميل: 9462
الحجم الحجم الحجم
الإمامة الإلهية

الإمامة الإلهية الجزء ٢

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

الله أحد ) ، فقال النّبيُّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أحببتها حتّى أحبّك الله عزَّوجل »(١) .

٣٤ ـ الجعفريات : أخبرنا محمّد ، حدّثني موسى ، قال : حدّثني أبي ، عن أبيه ، عن جدّه جعفر بن محمّد ، عن أبيه ، عن جدّه علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن عليعليهم‌السلام : « أنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى بالناس الظهر ، فلمّا انصرف قال : أيّكم كان ينازعني سورتي التي كنت أقرأها ؟ فقام رجل فقال : يا رسول الله أنا كنت أقرأ خلفك( سبح اسم ربّك الأعلى ) فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هي سورتي التي كنت أقرأها »(٢) .

٣٥ ـ محمّد بن الحسن في التهذيب : بإسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن أبي طالب عبدالله بن الصلت ، عن ابن أبي عمير ، قال : كان أبو عبداللهعليه‌السلام يقرأ في الركعتين بعد العتمة( الواقعة ) و( قل هو الله أحد ) (٣) .

وعنه : عن إسماعيل بن عبدالخالق ، عن محمّد بن أبي طلحة ، عن عبدالخالق ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله(٤) .

٣٦ ـ وعنه : بإسناده ، عن الحسين بن سعيد ، عن النَّضْر بن سُويد ، عن الحلبي ، عن الحارث بن المُغيرة ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : « كان أبيعليه‌السلام يقول :( قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ) تَعدِل ثُلث القرآن ، وكان يُحِبّ أن يجمَعها في الوتر ليكون

__________________

(١) التوحيد : ٩٤ / ١١ ، وعنه في البحار ٨٥ : ٣٦ / ٢٦ و ٩٢ : ٣٤٨ / ١٢ ، وورد أيضاً في مجمع البيان ٥ : ٥٦٧.

(٢) الجعفريات : ٣٨ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢١٦ / ٤٥٢٧.

(٣) التهذيب ٢ : ١١٦ / ٤٣٣ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١١٢ / ٧٤٨٠.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٩٥ / ١١٩٠ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١١٢ / ٧٤٨١.

٢١

القُرآن كلّه »(١) .

٣٧ ـ سبط الشيخ الطبرسي في مشكاة الأنوار : عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، قال : « لو مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت ، لو كان القرآن معي ».

وكان إذا قرأ من القرآن( مالك يوم الدين ) كرّرها وكاد أن يموت ممّا دخل عليه من الخوف(٢) .

العياشي فيتفسيره : عن الزهري ، عنهعليه‌السلام ، مثله(٣) .

٣٨ ـ الشيخ إبراهيم الكفعمي في الجنّة الواقية : عن السيد ابن طاووس في تتمّات المصباح قال : روى عبدالرحمن بن كثير ، عن الصادقعليه‌السلام ، قال : « كان أبي يقرأ في الشفع والوتر بالتوحيد »(٤) .

٣٩ ـ الشهيد الثاني في أسرار الصلاة : قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لابن مسعود : « اقرأ عليّ » قال : ففتحت سورة النساء ؟ فلمّا بلغت( فكيف إذا جئنا من كلّ اُمّة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً ) (٥) رأيت عينيه تذرفان من الدمع ، فقال لي : « حسبك الآن »(٦) .

٤٠ ـ ورواه الشيخ أبو الفتوح في تفسيره : مع زيادة ، قال : فلمّا بلغت هذه الآية بكى وقال : « اقرأها من أولها » فقرأتها ثانياً ، فلمّا بلغت الآية بكى أكثر ممّا

__________________

(١) التهذيب ٢ : ١٢٧ / ٤٨٢ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٣١ / ٧٥٣٤.

(٢) مشكاة الأنوار : ١٢٠ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٢١ / ٤٥٤٢.

(٣) تفسير العياشي ١ : ٢٣ / ٢٣.

(٤) الجنّة الواقية : ٥٢ ( حاشية مصباح الكفعمي ) ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢١٢ / ٤٥١٦.

(٥) سورة النساء ٤ : ٤١.

(٦) أسرار الصلاة : ١٣٩ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٧٦ / ٤٦٩١.

٢٢

بكى في المرّة الاُولى ، ثمّ قال : « حسبي »(١) .

٤١ ـ الطبرسي في مجمع البيان : عن الإمام عليعليه‌السلام قال : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحبُّ هذه السورة( سبح اسم ربّك الأعلى ) (٢) .

٤٢ ـ وعنه : عن البرّاء بن عازب ، قال : سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، يقرأ في المغرب( والتين والزيتون ) فما رأيت إنساناً أحسن قراءة منه(٣) .

٤٣ ـ البحار عن مصباح الانوار : بسنده عن زرّ بن حبيش قال : قرأت القرآن من أوله إلى آخره في المسجد الجامع بالكوفة على أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ إلى أن قال ـ فلمّا بلغت رأس العشرين من حمعسق( والذين آمنوا وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاؤون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير ) (٤) بكى أمير المؤمنينعليه‌السلام حتى علا نحيبه(٥) . الخبر.

٤٤ ـ ابن أبي الجمهور في درر اللئالي : عن جابر قال : كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لا ينام حتى يقرأ( تبارك ، وألم التنزيل ) (٦) .

__________________

(١) تفسير أبي الفتوح ١ : ٧٦٨ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٧٦ / ذيل ح ٤٦٩١.

(٢) مجمع البيان ٥ : ٤٧٢ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٣٥٨ / ٤٩٢٥ ، وورد أيضاً في الدرّ المنثور ٨ : ٤٨٠ ، وعنه في البحار ٩٢ : ٣٢٢ / ٢ ، والمستدرك ٤ : ٣٨٨ / ٤٩٩٣.

(٣) مجمع البيان ٥ : ٥١٠ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢١٧ / ٤٥٢٩.

(٤) سورة الشورى ٤٢ : ٢٢.

(٥) البحار ٩٢ : ٢٠٦ / ٢ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٧٧ / ٤٦٩٣.

(٦) درر اللئالي ١ : ٣٥ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٣٠٦ / ٤٧٥٣.

٢٣

تعلّم القرآن وتعليمه

٤٥ ـ الكليني في الكافي : عن عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد ، عن سليم الفرّاء ، عن رجل ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « ينبغي للمؤمن أن لا يموت حتّى يتعلّم القرآن أو يكون في تعليمه »(١) .

٤٦ ـ وعنه : عن عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد وسهل بن زياد ، جميعاً ، عن ابن محبوب ، عن جميل بن صالح ، عن الفضيل بن يسار ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : تعلّموا القرآن ، فإنّه يأتي يوم القيامة صاحبه في صورة شاب جميل شاحب اللون ، فيقول له القرآن : إنّ الّذي كنت أسهرت ليلك وأظمأت هواجرك وأجففت ريقك وأسلت دمعتك أؤول معك حيثما اُلت.

وكلُّ تاجر من وراء تجارته ، وأنا اليوم لك من وراء تجارة كلّ تاجر ، وستأتيك كرامة الله عزَّوجلَّ فأبشر ، فيؤتى بتاج فيوضع على رأسه ويعطى الأمان بيمينه والخلد في الجنان بيساره ويكسى حلّتين ، ثمَّ يقال له : اقرأ وارقه فكلّما قرأ

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٠٧ / ٣ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٦٧ / ٧٦٣٩ و ١٧ : ٣٢٧ / ٢٢٦٧٩ ، وورد أيضاً في عدّة الداعي : ٣٢٩ / ٧.

٢٤

آية صعد درجة ، ويكسى أبواه حلّتين إن كانا مؤمنين ، ثمَّ يقال لهما : هذا لما علّمتماه القرآن »(١) .

٤٧ ـ ابن الشيخ الطوسي في الأمالي : عن أبيه ، عن محمّد بن القاسم الأنباري ، عن محمّد بن علي بن عمر ، عن داود بن رشيد ، عن الوليد بن مسلم ، عن عبدالله بن لهيعة ، عن المسرج ، عن عقبة بن عمّار قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا يعذّب الله قلباً وعى القرآن »(٢) .

٤٨ ـ وعنه : عن أبيه ، عن الحفّار ، عن ابن السمّاك ، عن أبي قلابة ، عن أبيه ومعلّى بن راشد ، عن عبدالواحد بن زياد ، عن عبدالرحمن بن إسحاق ، عن النعمان بن سعد ، عن عليعليه‌السلام أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « خياركم من تعلّم القرآن وعلّمه »(٣) .

٤٩ ـ الشريف الرضي في نهج البلاغة : عن أمير المؤمنينعليه‌السلام أنّه قال في خطبة له : « وتعلّموا القرآن فإنّه ربيع القلوب ، واستشفوا بنوره فإنّه شفاء الصدور ، وأحسنوا تلاوته فإنّه أنفع القصص ، فإنّ العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق من جهله ، بل الحجّة عليه أعظم ، والحسرة له ألزم ، وهو عند الله ألوم »(٤) .

٥٠ ـ الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان : عن معاذ قال : سمعت

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦٠٣ / ٣ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٧٩ / ٧٦٧٤.

(٢) أمالي الطوسي : ٦ / ٧ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٦٧ / ٧٦٤٠.

(٣) نفس المصدر : ٣٥٧ / ٧٣٩ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٦٧ / ٧٦٤١.

(٤) نهج البلاغة ١ : ٢١٥ / ١٠٥ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٦٧ / ٧٦٤٢.

٢٥

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « ما من رجل علّم ولده القرآن إلاّ توّج الله أبويه يوم القيامة تاج الملك ، وكسيا حلّتين لم ير الناس مثلهما »(١) .

٥١ ـ وعنه : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إنّ هذا القرآن مأدبة الله فتعلّموا مأدبته ما استطعتم ، إنّ هذا القرآن حبل الله وهو النور البيّن ، والشفاء النافع ، عصمة لمن تمسّك به ، ونجاة لمن تبعه »(٢) الحديث.

٥٢ ـ جامع الأخبار : عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : « اقرؤا القرآن واستظهروه ، فإنّ الله تعالى لا يعذّب قلباً وعى القرآن »(٣) .

٥٣ ـ وعنه : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من استظهر القرآن وحفظه وأحلّ حلاله ، وحرّم حرامه ، أدخله الله به الجنة ، وشفّعه في عشرة من أهل بيته ، كلّهم قد وجب له النار »(٤) .

٥٤ ـ وعنه : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إن أردتم عيش السعداء ، وموت الشهداء ، والنجاة يوم الحسرة ، والظل يوم الحرور ، والهدى يوم الضلالة ، فادرسوا القرآن ، فإنّه كلام الرحمن ، وحرز من الشيطان ، ورجحان في الميزان »(٥) .

٥٥ ـ وعنه : قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من علّم ولده القرآن ، فكأنّما حجّ البيت عشرة آلاف حجّة ، واعتمر عشرة آلاف عمرة ، وأعتق عشرة آلاف رقبة من ولد

__________________

(١) مجمع البيان ١ : ٩ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٦٨ / ٧٦٤٣.

(٢) مجمع البيان ١ : ١٦ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٦٨ / ٧٦٤٨.

(٣) جامع الأخبار : ١١٥ / ٢٠٥ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٤٥ / ٤٦٠٨.

(٤) جامع الأخبار : ١١٦ / ١١٦ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٤٥ / ٤٦٠٩.

(٥) جامع الأخبار : ١١٥ / ٢٠٣ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٣٢ / ٤٥٧٠ ، والبحار ٩٢ : ١٩ / قطعة من حديث ١٨.

٢٦

اسماعيل ، وغزا عشرة آلاف غزوة ، وأطعم عشرة آلاف مسكين مسلم جائع ، وكأنّما كسا عشرة آلاف عار مسلم ، ويكتب له بكلّ حرف عشرة حسنات ، ويمحو الله عنه عشر سيّئات ، ويكون معه في قبره حتى يبعث ، ويثقّل ميزانه ، ويجاوز به على الصراط كالبرق الخاطف ، ولم يفارقه القرآن حتى ينزل به من الكرامة افضل ما يتمنّى »(١) .

٥٦ ـ وعنه : عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : « إذا قال المعلّم للصبي : قل( بسم الله الرحمن الرحيم ) فقال الصبي :( بسم الله الرحمن الرحيم ) كتب الله براءة للصبي وبراءة لأبويه وبراءة للمعلّم »(٢) .

٥٧ ـ ابن أبي الجمهور في درر اللئالي : عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « تعلّموا القرآن ، فإنّ مثل حامل القرآن ، كمثل رجل حمل جراباً مملوّاً مسكاً ، إن فتحه فتح طيباً ، وإن أوعاه أوعاه طيباً »(٣) .

٥٨ ـ وعنه : عن ابن عباس قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « معلّم القرآن ومتعلّمه يستغفر له كلّ شيء ، حتى الحوت في البحر »(٤) .

__________________

(١) جامع الأخبار : ١٣٢ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٤٧ / ٤٦١٤.

(٢) جامع الأخبار : ١١٩ / ٢١٤ ، وعنه في البحار ٩٢ : ٢٥٧ / ٥٢ ، وورد أيضاً في مجمع البيان ١ : ١٨ ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٦٩ / ٧٦٥١.

(٣) درر اللئالي ١ : ٣٣ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٤٦ / ٤٦١٠.

(٤) درر اللئالى ١ : ١٠ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٣٥ / ٤٥٨٠.

٢٧

قراءة القرآن في البيت

٥٩ ـ الكليني في الكافي : عن عدَّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن عليّ بن الحكم ، عن الفضيل بن عثمان ، عن ليث بن أبي سليم ، رفعه قال : قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « نوّروا بيوتكم بتلاوة القرآن ولا تتّخذوها قبوراً كما فعلت اليهود والنصارى ، صلّوا في الكنائس والبيع وعطّلوا بيوتهم ، فإنَّ البيت إذا كثر فيه تلاوة القرآن كثر خيره واتّسع أهله وأضاء لأهل السّماء كما تضيء نجوم السّماء لأهل الدُّنيا »(١) .

٦٠ ـ وعنه : عن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن خالد ، والحسين بن سعيد جميعاً ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى بن عمران الحلبي ، عن عبدالأعلى مولى آل سام ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « إنَّ البيت إذا كان فيه المرء المسلم يتلو القرآن يتراءاه أهل السّماء ، كما يتراءى أهل الدنيا الكوكب الدُّرِّي في السّماء »(٢) .

٦١ ـ وعنه : عن محمّد ، عن أحمد وعدَّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ،

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦١٠ / ١ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٢٠٠ / ٧٧٢٧.

(٢) الكافي ٢ : ٦١٠ / ٢ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٩٩ / ٧٧٢٤.

٢٨

جميعاً ، عن جعفر بن محمّد بن عبيدالله ، عن ابن القدَّاح ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : البيت الّذي يقرأ فيه القرآن ويذكر الله عزَّوجلَّ فيه تكثر بركته وتحضره الملائكة وتهجره الشياطين ، ويضيء لأهل السماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض ، وأنَّ البيت الذي لا يقرأ فيه القرآن ولا يذكر الله عزَّوجل فيه تقلّ بركته وتهجره الملائكة وتحضره الشياطين »(١) .

٦٢ ـ محمّد بن علي بن الحسين في الخصال : عن حمزة بن محمّد العلوي ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن عبدالله بن المغيرة ، عن السكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه ، عن عليعليهم‌السلام قال : « سبعة لا يقرؤون القرآن : الراكع ، والساجد ، وفي الكنيف ، وفي الحمّام ، والجنب والنفساء والحائض »(٢) .

قال الصدوق رضوان الله عليه : هذا على الكراهة لا على النهي ، وذلك أنَّ الجنب والحائض مطلق لهما قراءة القرآن إلاّ العزائم الأربع وهي : سجدة لقمان وحم السّجدة ، والنجم إذا هوى ، وسورة اقرأ باسم ربّك ، وقد جاء الاطلاق للرَّجل في قراءة القرآن في الحمّام ما لم يرد به الصوت ، إذا كان عليه مئزر ، وأمّا الرّكوع والسّجود فلا يقرأ فيهما ; لأنَّ الموظّف فيهما التسبيح إلاّ ما ورد في صلاة الحاجة ، وأمّا الكنيف فيجب أن يصان القرآن عن أن يقرأ فيه ، وأمّا النفساء فتجري مجرى الحائض في ذلك(٣) .

__________________

(١) الكافي ٢ : ٦١٠ / ٣ ، وعنه في الوسائل ٧ : ١٦٠ / ٩٠٠٤.

(٢) الخصال : ٣٥٧ / ٤٢ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٢٤٦ / ٧٨٥٤.

(٣) نفس المصدر : ٣٥٨.

٢٩

التعوّذ من الشيطان عند قراءة القرآن

٦٣ ـ قال الإمام أبو محمّد الحسن العسكريعليه‌السلام : « أما قوله الذي ندبك الله إليه وأمرك به عند قراءة القرآن أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، فإنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام قال : إن قوله : أعوذ بالله أي أمتنع بالله ـ إلى أن قال ـ والإستعاذة هي ما قد أمر الله به عباده عند قراءتهم القرآن بقوله( وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) (١) ، ومن تأدّب بأدب الله أدّاه إلى الفلاح الدائم »(٢) .

٦٤ ـ محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره : عن سماعة ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، في قول الله تعالى( وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ) قلت : كيف أقول ؟ قال : « تقول استعيذ بالله السميع العليم ، من الشيطان الرجيم ، وقال : إنّ الرجيم أخبث الشياطين »(٣) ، الخبر.

٦٥ ـ وعنه : عن الحلبيّ ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : سألته عن التعوُّذ من

__________________

(١) سورة النحل ١٦ : ٩٨.

(٢) تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام : ١٦ / ٣ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٩٧ / ٧٧١٩.

(٣) تفسير العياشي ٢ : ٢٧٠ / ٦٧ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٦٤ / ٤٦٥٥.

٣٠

الشيطان عند كلِّ سورة نفتحها ؟ فقال : « نعم ، فتعوَّذ بالله من الشيطان الرجيم ، وذكر أنَّ الرجيم أخبث الشياطين » فقلت : لم سمّي الرجيم ؟ قال : « لأنّه يرجم » فقلنا : هل ينقلب شيئاً إذا رجم ؟ قال : « لا ، ولكن يكون في العلم أنّه رجيم »(١) .

٦٦ ـ الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره : عن عبدالله بن عباس قال : أول آية نزلت ، أو أول ما قاله جبرئيل لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أمر القرآن ، أن قال له : يامحمّد ، قل : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم ، ثمّ قال : قل :( بسم الله الرحمن الرحيم *اقرأ باسم ربك الذي خلق ) (٢) .

٦٧ ـ ابن أبي الجمهور في عوالي اللئالي : عن عبدالله بن مسعود قال : قرأت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلت : وأعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فقال لي : « يابن اُمّ عبد ، قل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، هكذا اقرأنيه جبرئيل »(٣) .

٦٨ ـ القطب الراوندي في الدعوات : قال الصّادقعليه‌السلام : « اغلقوا أبواب المعصية بالاستعاذة ، وافتحوا أبواب الطاعة بالتسمية »(٤) .

__________________

(١) تفسير العياشي ٢ : ٢٧٠ / ٦٨ ، وعنه في الوسائل ٦ : ١٩٧ / ٧٧٢٠.

(٢) تفسير أبي الفتوح ١ : ١٠ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٦٤ / ٤٦٥٧.

(٣) عوالي اللئالي ٢ : ٤٧ / ١٢٤ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٦٥ / ٤٦٥٨.

(٤) دعوات الراوندي : ٥٢ / ١٣٠ ، وعنه في المستدرك ٥ : ٣٠٤ / ٥٩٢٨.

٣١

فضل الإستماع للقرآن

الأعراف( وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون ) .

٦٩ ـ تفسير العياشي : عن زرارة ، قال : قال أبو جعفرعليه‌السلام : «( وإذا قرئ القرآن ـ في الفريضة خلف الإمام ـفاستمعوا له وأنصتوا لعلّكم ترحمون ) (١) »(٢) .

٧٠ ـ وعنه : عن زرارة ، قال : سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول : « يجب الإنصات للقرآن في الصلاة وفي غيرها ، وإذا قرئ عندك القرآن وجب عليك الإنصات والإستماع »(٣) .

٧١ ـ كتاب العلاء : عن محمّد بن مسلم ، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال : قالعليه‌السلام : « يستحبّ الإنصات والإستماع في الصلاة وغيرها للقرآن »(٤) .

٧٢ ـ جامع الأخبار : قالعليه‌السلام : « من استمع آية من القرآن خير له من ثبير

__________________

(١) سورة الاعراف ٧ : ٢٠٤.

(٢) تفسير العياشي ٢ : ٤٤ / ١٣١ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٢١٤ / ٧٧٦٦ ، وورد أيضاً في السرائر : ٤٧١.

(٣) نفس المصدر ٢ : ٤٤ / ١٣٢ ، وعنه في البحار ٩٢ : ٢٢١ / ٥ ، وورد أيضاً في السرائر : ٤٦٩.

(٤) كتاب العلاء : ١٥٣ ( ضمن الاصول الستة عشر ) ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٧٦ / ٤٦٩٠.

٣٢

ذهب » والثبير اسم جبل عظيم باليمن(١) .

٧٣ ـ تفسير أبي الفتوح : عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال في حديث : « يدفع عن مستمع القرآن شرّ الدنيا ، ويدفع عن تالي القرآن بلوى الآخرة ، والمستمع آية من كتاب الله خير من بثير ذهباً ، ولتالي آية من كتاب الله خير ممّا تحت العرش إلى تخوم الأرض السفلى »(٢) .

__________________

(١) جامع الأخبار : ١١٦ / ٢٠٧ ، وعنه في البحار ٩٢ : ٢٠ / ذيل حديث ١٨.

(٢) تفسير أبي الفتوح ١ : ٨ ، وعنه في المستدرك ٤ : ٢٦٢ / ٤٦٥٠.

٣٣

ما ينبغي أن يقال عند قراءة بعض الآيات

٧٤ ـ ابن بابويه في عيون الأخبار : عن تميم بن عبدالله بن تميم ، عن أبيه ، عن أحمد بن علي الأنصاري ، عن رجاء بن أبي الضحّاك ، عن الرضاعليه‌السلام ـ في حديث ـ أنّه كان إذا قرأ( قل هو الله أحد ) قال سرّاً : « هو الله أحد » فإذا فرغ منها قال : « كذلك الله ربّنا » ثلاثاً.

وكان إذا قرأ سورة الجحد قال في نفسه سرّاً :( يا أيّها الكافرون ) فإذا فرغ منها قال : « الله ربّي وديني الإسلام » ثلاثاً.

وكان إذا قرأ( والتين والزيتون ) قال عند الفراغ منها : « بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ».

وكان إذا قرأ( لا اُقسم بيوم القيامة ) قال عند الفراغ منها : « سبحانك اللهمّ وبلى » ـ إلى أن قال : ـ.

وكان إذا فرغ من( الفاتحة ) قال : « الحمد لله ربّ العالمين ».

وإذا قرأ( سبّح اسم ربّك الأعلى ) قال سرّاً : « سبحان ربّي الأعلى ».

وإذا قرأ( يا أيّها الذين آمنوا ) قال : « لبّيك اللهمّ لبّيك » سرّاً(١) .

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢ : ١٨٣ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٧٣ / ٧٣٨٠.

٣٤

٧٥ ـ وفي الخصال : بإسناده عن عليّعليه‌السلام ـ في حديث الأربعمائة ـ قال : « إذا قرأتم من المسبّحات(١) الأخيرة فقولوا : سبحان الله الأعلى.

وإذا قرأتم( إنّ الله وملائكته يصلّون على النبيّ ) (٢) فصلّوا عليه ، في الصلاة كنتم أو في غيرها.

وإذا قرأتم( والتين ) فقولوا في آخرها : ونحن على ذلك من الشاهدين.

وإذا قرأتم( قولوا آمنّا بالله ) (٣) فقولوا : آمنّا بالله ، حتّى تبلغوا إلى قوله :( مسلمون ) »(٤) .

٧٦ ـ وعنه : عن أبيه ، عن محمّد بن يحيى ، عن محمّد بن أحمد ، عن محمّد بن حسّان ، عن إسماعيل بن مهران ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن علي بن شجرة ، عن بعض أصحابه ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « إذا قرأتم( تبّت يدا أبي لهب ) فادعوا على أبي لهب فإنّه كان من المكذّبين الذين يكذّبون بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبما جاء به من عند الله »(٥) .

٧٧ ـ الحميري في قرب الاسناد : عن ابن سعد ، عن الأزدى ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام يقول في( قل يا أيّها الكافرون ) : « يا أيّها الكافرون » وفي( لا أعبد ما تعبدون ) : « أعبد ربّي » وفي( ولي دين ) : « ديني الإسلام ، عليه أحيى وعليه

__________________

(١) المسبّحات هنّ : سورة الحديد والحشر والصف والجمعة والتغابن.

(٢) سورة الأحزاب ٣٣ : ٥٦.

(٣) سورة البقرة ٢ : ١٣٦.

(٤) الخصال : ٦٢٩ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٧٢ / ٧٣٧٧.

(٥) ثواب الأعمال : ١٥٥ / ١ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٧٢ / ٧٣٧٩.

٣٥

أموت إن شاء الله »(١) .

٧٨ ـ محمّد بن الحسن في التهذيب : بإسناده عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان ، عن عبدالرحمن بن الحجّاج ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ـ في حديث ـ أنّ أبا جعفرعليه‌السلام كان يقرأ( قل هو الله أحد ) فإذا فرغ منها قال : « كذلك الله ، أو كذلك الله ربي »(٢) .

٧٩ ـ وعنه : بإسناده عن محمّد بن أحمد بن يحيى ، عن أحمد بن الحسين ، عن عمرو بن سعيد ، عن مصدّق ، عن عمّار بن موسى ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ـ في حديث ـ قال : « الرجل إذا قرأ( والشمس وضحيها ) فيختمها يقول : صدق الله وصدق رسوله.

والرجل إذا قرأ( ءالله خير أمّا يشركون ) (٣) يقول : الله خير ، الله خير ، الله أكبر.

وإذا قرأ( ثمّ الذين كفروا بربّهم يعدلون ) (٤) أن يقول : كذب العادلون بالله.

والرجل إذا قرأ( الحمد لله الذي لم يتّخذ ولداً ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له وليّ من الذلّ وكبّره تكبيرا ) (٥) أن يقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر ، قلت : فإن لم يقل الرجل شيئاً من هذا إذا قرأ ؟ قال : ليس عليه شيء »(٦) .

__________________

(١) قرب الإسناد : ٤٤ / ١٤٤ ، وعنه في البحار ٩٢ : ٣٣٩ / ١.

(٢) التهذيب ٢ : ١٢٦ / ٤٨١ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٧١ / ٧٣٧٤.

(٣) سورة النمل ٢٧ : ٥٩.

(٤) سورة الأنعام ٦ : ١.

(٥) سورة الاسراء ١٧ : ١١١.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٩٧ / ١١٩٥ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٧١ / ٧٣٧٥.

٣٦

٨٠ ـ وعنه : بإسناده عن علي بن مهزيار ، عن محمّد بن يحيى الخزّاز ، عن حمّاد بن عثمان ، قال : سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول : « يستحبّ أن يقرأ في دبر الغداة يوم الجمعة ، الرحمن ، ثمّ تقول كلّما قلت( فبأيّ آلا ربّكما تكذّبان ) قلت : لا بشيء من آلائك ربّ اُكذّب »(١) .

٨١ ـ الفضل بن الحسن الطبرسي في مجمع البيان : عن الفضيل بن يسار قال : أمرني أبو جعفرعليه‌السلام أن أقرأ( قل هو الله أحد ) وأقول إذا فرغت منها : كذلك الله ربّي ثلاثاً(٢) .

٨٢ ـ وعنه : عن داود بن الحصين ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « إذا قرأت( قل يا أيّها الكافرون ) فقل : يا أيّها الكافرون ، وإذا قلت :( لا أعبد ما تعبدون ) فقل : أعبد الله وحده ، وإذا قلت :( لكم دينكم ولي دين ) فقل : ربّي الله وديني الإسلام »(٣) .

٨٣ ـ وعنه : عن البرّاء بن عازب قال : لمّا نزلت هذه الآية( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « سبحانك اللهمّ وبلى ».

وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبداللهعليهما‌السلام (٤) .

٨٤ ـ السيّاري في التنزيل والتحريف ( القراءات ) : عن صفوان ، عن معاوية ابن عمّار ، قال : قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « إذا قرأت( قل هو الله أحد ) إلى آخرها ،

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٨ / ٢٥ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٧٢ / ٧٣٧٦ ، وورد في الكافي ٣ : ٤٢٩ / ٦.

(٢) مجمع البيان ٥ : ٥٦٧ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٧٣ / ٧٣٨١.

(٣) نفس المصدر ٥ : ٥٥٣ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٧٣ / ٧٣٨٢.

(٤) نفس المصدر ٥ : ٤٠٢ ، وعنه في الوسائل ٦ : ٧٤ / ٧٣٨٣.

٣٧

فقل : أشهد أنّ الله ربّنا كذلك » ، قلت : في مكتوبة وغيرها ؟ قال : « نعم »(١) .

٨٥ ـ وعنه : عن حمّاد ، عن حريز ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنّه قرأ الجحد إلى آخرها ، وقال( لكم دينكم ولي دين ) (٢) : « ديني الإسلام » ثلاثاً(٣) .

٨٦ ـ وعنه : عن يونس ، عن بكّار بن أبي بكر الحضرمي ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : « كان أبو جعفرعليه‌السلام يقرأ( قل يا أيها الكافرون ) إلى آخره( لكم دينكم ولي دين ) ويقول : ديني الإسلام ثلاثاً »(٤) .

٨٧ ـ وعنه : عن ابن فضّال ، عن بكير ، عن زرارة ، عن عبدالقاهر ، قال : قال أبو عبداللهعليه‌السلام : « إذا قرأت( لكم دينكم ولي دين ) فقل : ديني الإسلام ثلاثاً »(٥) .

٨٨ ـ وعنه : عن محمّد بن علي ، عن الحكم بن مسكين ، عن عامر بن جذاعة ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : « إذا قرأت القرآن( قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ) فقل : أعبد الله وحده ، فإذا فرغت فقل : ديني الإسلام كذلك أموت وأنا من المسلمين ، وعليه أموت ، وعليه أُبعث إن شاء الله تعالى وتقدّس »(٦) .

٨٩ ـ وعنه : عن البرقي ، عن بكر بن محمّد ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : « إذا بلغت( لا أعبد ما تعبدون ) فقل : أعبد الله ربي ، وإذا فرغت منها ، فقل : ديني

__________________

(١) القراءات : ٧٣ ـ مخطوطة مصوّرة من مكتبة السيد المرعشي ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٧٩ / ٤٤٢٧.

(٢) سورة الجحد ١٠٩ : ٦.

(٣) القراءات : ٧١ ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٧٩ / ٤٤٢٨.

(٤) القراءات : ٧٢ ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٧٩ / ٤٤٢٩.

(٥) القراءات : ٧٢ ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٧٩ / ٤٤٣٠.

(٦) القراءات : ٧٢ ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٧٩ / ٤٤٣١.

٣٨

الإسلام ، عليه أحيى وعليه أموت ان شاء الله »(١) .

٩٠ ـ وعنه : عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن سالم ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : « اذا قرأت( لا أعبد ما تعبدون ) فقل : لكن اعبد الله مخلصاً له ديني ، فإذا فرغت منها فقل : ربي الله ، ديني الإسلام » ثلاثاً. قال : ورواه بعض أصحابنا ، انهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان إذا قرأها قال : « أعبد الله وحده » مرتين(٢) .

٩١ ـ وعنه : عن حمّاد ، عن ربعي ، عن فضيل ، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال : « إذا قرأت( سبّح اسم ربّك الأعلى ) فقل في نفسك : سبحان ربي الأعلى »(٣) .

٩٢ ـ وعنه : عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، في قوله عزّوجلّ( أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى ) (٤) قال : « كذلك اللهم وبلى »(٥) .

٩٣ ـ وعنه : عن ابن أبي عمير ، عن سيف ، عمّن ذكره ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام قال : « من قرأ الرحمن فليقل عند( فبأي آلاء ربّكما تكذبان ) : لا بشيء من آلائك ربّ أُكذّب »(٦) .

٩٤ ـ وعنه : عن محمّد بن علي ، عن حمّاد بن عثمان ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : سمعته يقول : « يستحب أن يقرأ الرحمن يوم الجمعة ، فكلّما قرأ( فبأي آلاء

__________________

(١) القراءات : ٧٢ ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٨٠ / ٤٤٣٢.

(٢) القراءات : ٧٢ ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٨٠ / ٤٤٣٣.

(٣) القراءات : ٧٢ ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٨٠ / ٤٤٣٤.

(٤) سورة القيامة ٧٥ : ٤٠.

(٥) القراءات : ٦٤ ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٨٠ / ٤٤٣٥.

(٦) القراءات : ٥٩ ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٨١ / ٤٤٣٦.

٣٩

ربّكما تكذّبان ) قال : لا بشيء من آلائك ربّ أُكذّب »(١) .

٩٥ ـ الشيخ أبو محمّد جعفر بن أحمد بن علي القمي ، في كتاب العروس : عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال : « يستحب أن تقرأ في دبر الغداة يوم الجمعة( الرحمن ) ثمّ تقول كلّما قلت( فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان ) قلت : لا بشيء من آلائك ربّ اُكذّب »(٢) .

__________________

(١) القراءات : ٥٩ ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٨١ / ٤٤٣٧.

(٢) كتاب العروس : ١٥٥ ـ ضمن جامع الأحاديث ، وعنه في المستدرك ٤ : ١٨١ / ٤٤٣٨.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

خَلِيفَةً ) (١) ، من لدن آدم وفي أوصياء كلّ نبيّ حتّى أوصياء النبيّ الخاتم، وأنّ هذه السفارة الإلهية لم تزل متّصلة ما استمرّ بنو آدم في العيش على الأرض.

استمرار نزول باطن القرآن في ليلة القدر إلى يوم القيامة:

١٢ - وروى الطبراني في المعجم الكبير بسنده: (حدّثنا أحمد بن رشدين، ثنا أبو صالح الحرّاني، سنة ثلاثة وعشرين ومائتين، حدّثنا حيان بن عبيد اللَّه بن زهير المصري أبو زهير منذ ستّين سنة، قال: سألت الضحّاك بن مزاحم عن قوله: ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) (٢) ، وعن قوله: ( إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) (٣) ، وعن قوله: ( إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ ) (٤) ، فقال:

قال ابن عبّاس: إنّ اللَّه عزّ وجلّ خلق العرش فاستوى عليه، ثُمَّ خَلَقَ الْقَلَمَ فَأَمَرَهُ لِيَجْرِيَ بِإِذْنِهِ، وَعَظَّمَ الْقَلَمَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَقَالَ الْقَلَمُ : بِمَ يَا رَبِّ أَجْرِي ؟ قَالَ : بِمَا أَنَا خَالِقٌ وَكَانَ فِي خَلْقِي مِنْ قَطْرٍ، أَوْ نَبَاتٍ، أَوْ نَفْسٍ، أَوْ أَثَرٍ، يعني به: العمل أو الرزق أو الأجل، فجرى القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة، فأثبته اللَّه في الكتاب المكنون عنده تحت العرش. وأمّا قوله: ( إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ، فإنّ اللَّه وكّل ملائكته يستنسخون من ذلك الكتاب كلّ عام في رمضان ليلة القدر ما يكون في الأرض من حدث إلى مثلها من السنة المقبلة، فيعارضون به حفظة اللَّه على العباد كلّ عشية خميس، فيجدون ما رفع الحفظة موافق لما في كتابهم ذلك، ليس فيه زيادة ولا نقصان) (٥) .

____________________

١) سورة البقرة: ٣٠.

٢) سورة الحديد: ٢٢.

٣) سورة الجاثية: ٢٩.

٤) سورة القمر: ٤٩.

٥) المعجم الكبير للطبراني، ج١٠، ص٢٤٧، ح ١٠٥٩٥.

٣٠١

أقول: في تفسير ابن عبّاس لهذه الآيات عدّة أُمور:

الأوّل: كلّ ما كان وما يكون وما هو كائن فهو مستطرّ مكتوب في الكتاب المكنون، الذي هو الوجود الغيبي للقرآن الكريم.

والثاني: إنّه يتنزّل منه ليلة القدر ما يتعلّق بكلّ سنة، وهذا يقتضي احتواء القرآن الكريم، وكذا ما ينزل منه ليلة القدر لكلّ تقدير في الخلق، وقدر كلّ كائن وتكوين.

والثالث: إنّ ما يتنزّل ليلة في كلّ عام هو ما وراء لفظ التنزيل، فلا تقتصر حقيقة القرآن وباطنه وتأويله على ظاهر لفظ المصحف.

والرابع: إنّ عشية كلّ خميس - أي ليلة الجمعة - هناك معارضة الكتبة الحفظة على العباد من أعمال، وبين ما نزل من الكتاب المكنون من القرآن في ليلة القدر.

وهذه الأُمور الأربعة أُشير إليها بنحوٍ مستفيض في روايات أهل البيت عليهم‌السلام كما سيأتي، ولا غرو في ذلك؛ لأنّ ابن عبّاس قد نهل من أمير المؤمنين والحسنين عليهم‌السلام ، فعرف منهم هذا المقدار، وإن خفي عليه ما هو أعظم.

فيتحصّل من كلامه:

أوّلاً: اشتمال القرآن لكلّ علم وجميع العلوم.

ثانياً: إنّ ما ينزل في ليلة القدر من كلّ عام إلى يوم القيامة هو من باطن القرآن.

ثالثاً: فباطن القرآن لا زال يتنزّل في كلّ عام إلى يوم القيامة، وقد ذُكر كلّ ذلك في روايات أهل البيت عليهم‌السلام .

رابعاً: إنّه يتمّ معارضة أي مطابقة ما ينزل منه ليلة القدر في كلّ أُسبوع، كما قد حصل للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله معارضة ظاهرة التنزيل كلّ عام مع جبرئيل عليه‌السلام .

١٣ - وروى البيهقي في فضائل الأوقات بسند متّصل إلى أبي نظير، قال: يفرّق

٣٠٢

أمر السنة كلّها في ليلة القدر، بلائها ورخائها ومعاشها إلى مثلها من السنة (١) .

تباين حقيقة النازل من القرآن في المرتين

تكرّر نزول جملة القرآن مرّتين بل أكثر إلى يوم القيامة:

١٤ - روى الطبراني في المعجم الكبير، بسند متّصل إلى ابن عبّاس في قوله تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، قال: أُنزل القرآن جملة واحدة حتّى وضع في بيت العزّة في السماء الدنيا، ونزّله جبرئيل على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله بجواب كلام العباد وأعمالهم (٢) .

١٥ - وروى ابن أبي شيبة الكوفي في المصنّف، في باب القرآن متى نزل، بسند متّصل عن ابن عبّاس، في قوله [ تعالى ]: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، قال: رفع إلى جبرئيل في ليلة القدر جملة، فرفع إلى بيت العزّة، جعل ينزل تنزيلاً (٣) .

١٦ - وروى النسائي في السنن الكبرى بسند متّصل عن ابن عبّاس، قال: نزل القرآن في رمضان في ليلة القدر إلى السماء الدنيا، فكان إذا أراد اللَّه أن يحدث شيئاً نزل، فكان بين أوّله إلى آخره عشرين.

وروى مثله بخمسة طرق أُخرى كلّها عن ابن عبّاس، وزاد في بعضها، قال: ( وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلاّ جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً ) (٤) ، وقرأ: ( وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً ) (٥) .

وفي طريق آخر منها زاد، وذلك ( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) (٦) (٧) .

____________________

١) فضائل الأوقات للبيهقي، ص ٢١٩.

٢) المعجم الكبير، ج١٢، ص٢٦.

٣) المصنّف لأبي شيبة الكوفي، ج٧٥، ص١٩١، ح٤، الباب ٤٦.

٤) سورة الفرقان: ٣٣.

٥) سورة الإسراء: ١٠٦.

٦) سورة الواقعة: ٧٥.

٣٠٣

١٧ - وروى الطبراني في المعجم الأوسط، قال: روي نزول القرآن في ليلة القدر في شهر رمضان إلى السماء الدنيا جملة ثمّ أُنزل نجوماً، ورواه بطرق أُخرى متعدّدة (١) .

ومقتضى هذه الروايات، أنّ الذي نزل به جبرئيل على النبيّ من القرآن أنّما هو النزول الثاني، أي النزول نجوماً من السماء الدنيا من بيت العزّة إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، دون النزول الأوّل الذي هو جملة واحدة، ودون النزول المستمرّ في كلّ عام في ليلة القدر، ويقتضيه ظاهر آية سورة الشورى، وسورة القدر، كما سيأتي بيانه مفصّلاً، وأنّ النازل بجملة القرآن وفي ليلة القدر من كلّ عام إلى يوم القيامة هو روح القدس، والذي أُطلق عليه في القرآن ( رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ) ، وجُعل في سورة القدر مقابل للملائكة ( يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ ) (٢) .

ومن ذلك يُعلم الاختلاف النوعي في حقيقة التنزيلَين، وأنّ النوعية الأُولى من النزول - وهي نزول القرآن جملة - هو المستمرّ في ليلة القدر إلى يوم القيامة، وهو يرتبط بتأويل الكتاب، وتقدير كلّ شي‏ء يقع من المقادير في الخلق.

نزول القرآن ليلة القدر على آل محمّد عوض غصب الخلافة:

١٨ - وروى البيهقي في كتاب فضائل الأوقات بسند متّصل إلى يوسف بن مازن، قال: (قام رجل إلى الحسن بن عليّ (رضيَّ الله عنه)، فقال: يا مسوّد وجه المؤمنين. قال الحسن بن عليّ (رضيَّ الله عنه): لا تؤنّبني رحمك اللَّه؛ فإنّ رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله قد رأى بني أُميّة يخطبون على

____________________

١) السنن الكبرى للنسائي، ج٥، ص٦،ح٧٩٨٩، و: ح٧٩٩٠، و: ح٧٩٩١، و: ح١١٣٧٢، و: ح١١٥٦٥، و: ح١١٦٨٩.

٢) المعجم الأوسط للطبراني، ج٢، ص٢٣١، وفي المعجم الكبير، ج١١، ص٢٤٧، و: ٣١، و: ج١٢، ص٢٦.

٣) سورة النحل: ٢.

٣٠٤

منبره رجلاً فرجلاً فساءه ذلك، فنزلت ( إنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ) (١) نهر في الجنّة، ونزلت ( إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) (٢) تملكه بنو أُمية، فحسبنا ذلك.. فإذا هو لا يزيد ولا ينقص) (٣) .

١٩ - وروى ابن أبي الحديد، قال: (وقد جاء في الأخبار الشائعة المستفيضة في كتب المحدّثين، أنّ رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أُخبر: أنّ بني أُمية تملك الخلافة بعده مع ذمّ منه صلى‌الله‌عليه‌وآله لهم. نحو ما روي عنه في تفسير قوله تعالى: ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (٤) ، فإنّ المفسّرين قالوا، إنّه رأى: بني أُمية ينزون على منبره نزو القردة، هذا لفظ رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي فسّر لهم الآية به، فساءه ذلك، ثمّ قال: الشجرة الملعونة بني أُمية وبني المغيرة. ونحوه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا بلغ بنو العاص ثلاثون رجلاً اتّخذوا مال اللَّه دُوَلاً وعباده خولاً. ونحوه قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله في تفسير قوله تعالى: ( لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) (٥) قال: ألف شهر يملك بها بنو أُمية). وورد عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله في ذمّهم الكثير المشهور نحوه.. وروى المدائني عن دخول سفيان بن أبي ليلى النهدي، رواية عن الحسن بن عليّ عليه‌السلام في تفسير الآية، وهي التي قد تقدّم ذكرها (٦) .

٢٠ - وروى الطبري في سورة القدر بسنده المتّصل عن عيسى بن مازن، قال: (قلت للحسن بن عليّ (رضيَّ الله عنه): يا مسوّد وجوه المؤمنين، عمدت إلى هذا الرجل فبايعت له - يعني معاوية بن أبي سفيان - فقال: إنّ رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله أُري في منامه بني أُمية يعلون منبره خليفة خليفة، فشقّ ذلك عليه، فأنزل اللَّه: ( إنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ) ، و ( إنّا أنْزَلْناهُ

____________________

١) سورة الكوثر: ١.

٢) سورة القدر: ٣.

٣) كتاب فضائل الأوقات: ٢١١.

٤) سورة الإسراء: ٦٠.

٥) سورة القدر: ٣.

٦) شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد المعتزلي، ج٩، ص ٢١٩.

٣٠٥

في لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) ، يعني ملك بني أُمية. قال القاسم: حسبنا ملك بني أُمية فإذا هو ألف شهر).

٢١ - وروى الترمذي في سننه، والحاكم بسند متّصل إلى الحسن بن عليّ عليه‌السلام : (إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أُري بني أُمية على منبره فساءه ذلك، فنزلت ( إنّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ ) ، ونزلت ( إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) .. الحديث) (١) .

ورواه السيوطي في الدرّ المنثور عن جرير، والطبراني، وابن مردويه، والبيهقي في الدلائل من رواية يوسف بن سعد، وأخرج الخطيب عن ابن عبّاس نحوه، وكذا عن ابن نسيب، عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله : (أُريت بني أُمية يصعدون منبري فشقّ ذلك عليّ، فاُنزلت ( إنّا أنْزَلْناهُ في لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ).

أقول: ومقتضى هذه الروايات أنّ اللَّه تعالى قد عوّض النبيّ وأهل بيته عن غصب الخلافة الظاهرية بإعطائهم ليلة القدر، أن تكون معهم كما كانت مع الأنبياء السابقين؛ إذ مقتضى جواب الإمام الحسن بن عليّ عليه‌السلام عن غصب معاوية الخلافة منه، هو أنّ اللَّه تعالى قد عوّض النبيّ وأهل بيته، أصحاب الكساء والأئمّة الاثني عشر (سلام اللَّه عليهم)، بنزول الروح عليهم والملائكة في ليلة القدر ينبّئونهم بكلّ أمر، وإلاّ لما صحّ جواب الإمام الحسن بن علي عليه‌السلام في قِبال اعتراض السائل.

بل ولمَا كان تعويض للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ فإنّ مساءة النبيّ من نزو بني أُمية على خلافته وغصبهم لها ليس في زمانه، وإنّما بعد رحيله صلى‌الله‌عليه‌وآله حيث وقعت الفتنة بنصّ الآية الكريمة: ( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ ) (٢) ، وبنصّ الروايات الواردة في ذيل الآية عن النبيّ من طريقهم فضلاً من طرقنا، فهذه الروايات المستفيضة عندهم وعندنا في ذيل الآية مع نفس

____________________

١) سنن الترمذي، مستدرك الحاكم.

٢) سورة الإسراء: ٦٠.

٣٠٦

مضمون الآية هي أحد ملامح الأدلّة على إمامة أهل البيت عليهم‌السلام وغصب أهل السقيفة وبنو أُمية للخلافة.

كما أنّها دالّة على أنّ ليلة القدر وما يتنزّل فيها والروح النازل، كلّ ذلك يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحقيقة إمامتهم التكوينية الإلهية.

وسيأتي - لاحقاً - في هذا الفصل، والذي يُعدّ أيضاً ارتباط حقيقةِ ليلة القدر بحكومتهم السياسية الخفية في النظام الاجتماعي السياسي، ولكن بنمو تكويني منظومي.

وهذا النازل في ليلة القدر ليس وحي شريعة، وإنّما هو علم في الإدارة والتدبير، والقيادة والإمامة الإلهية، ومحلّ تقدير وتدبير لكلّ شي‏ء في القضاء والقدر الإلهي إلى السنة المقبلة.

حقيقة القرآن هي الروح النازل ليلة القدر:

٢٢ - وروى السيوطي في ذيل سورة النحل قوله تعالى: ( يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ ) (١) ، قال: أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم، عن ابن عبّاس في قوله تعالى: ( يُنَزِّلُ الْمَلاَئِكَةَ بِالرُّوحِ ) ، قال: بالوحي.

٢٣ - وكذلك روى السيوطي في الموضع السابق عن جملة من المصادر، عن قتادة في قوله: ( يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ) ، قال: بالوحي والرحمة. وأخرج عن جملة، عن الضحّاك في قوله تعالى: ( يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ ) ، قال: القرآن (٢) . وروى الطبري بسنده عن قتادة مثله.

____________________

١) سورة النحل: ٢.

٢) الدرّ المنثور في ذيل آية: ( يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ ) من سورة النحل.

٣٠٧

٢٤ - وروى السيوطي في الدرّ المنثور في سورة الشورى في ذيل قوله تعالى: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ ) (١) ، قال: أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عبّاس (رضي اللَّه عنهما) في قوله: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا ) ، قال: القرآن (٢) .

حقيقة الوحي هو نزول الروح كما في ليلة القدر، وهو مستمرّ إلى يوم القيامة:

أقول: ويُستفاد من مجموع هذه الطائفة من الروايات: أنّ حقيقة القرآن هي الروح الذي يتنزّل في كلّ ليلة قدر، وأنّ نزوله في كلّ ليلة قدر نزول للوحي الإلهي، بل إنّ الوحي ليس إلاّ نزول الروح والملائكة على من يشاء من العباد المصطفون، من الأنبياء والأوصياء، ومن ثمّ عبّر في سورة الشورى، في قوله تعالى: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ ) عن إرسال الروح الأمري بأنّه وحيٌ.

فالوحي هو: إنزال الروح، وإنزال الروح هو وحي، فتصريح القرآن الكريم في سورة القدر بتنزيل الروح كلّ عام، هو تصريح باستمرار الوحي بعد سيد الأنبياء، غاية الأمر الذي يتنزّل هو من غيب القرآن الذي قد ورّثه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله لأوصيائه.

عقيدة البَدَاء وحقيقة ليلة القدر:

٢٥ - وروى الطبري في سورة الرعد في ذيل قوله تعالى: ( يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (٣) بسنده المتّصل عن مجاهد، قول اللَّه: ( يَمْحُواْ اللَّهُ مَا

____________________

١) سورة الشورى: ٥٢.

٢) الدرّ المنثور في ذيل الآية المتقدّمة.

٣) سورة الرعد: ٣٩.

٣٠٨

يَشَاءُ وَيُثْبِتُ ) ، قالت قريش حين أُنزل: ( وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللَّهِ ) : ما نراك يا محمّد تملك من شي‏ء، ولقد فُرغ من الأمر، فأُنزلت هذه الآية تخويفاً ووعيداً لهم: أنّا إن شئنا أحدثنا من أمرنا ما شئنا، ونُحدث في كلّ رمضان، فنمحو ونثبت ما نشاء من أرزاق الناس ومصائبهم، وما نعطيهم وما نقسّم لهم (١) .

أقول: وفي هذه الرواية، والروايات التي رويت في ذيل الآية، والتي رواها أهل سنّة جماعة الخلافة والسلطان، دالّة على عقيدة البَدَاء التي هي نوع من النسخ التكويني الواردة في روايات أهل البيت، كما تدلّ هذه الروايات على أنّ ما في أمّ الكتاب، الذي هو أصل القرآن وحقيقته العلوية الغيبية، متضمّن لكلّ قضاء وقدر، وليس هو مجرّد ظاهر التنزيل.

وهذه الحقيقة للقرآن لا ينالها إلاّ المعصوم الذي ينزّل عليه الروح في ليلة القدر، ولا يطمع في نيلها غير المعصوم؛ إذ ليس الأمر بالأماني والتمنّي، هيهات. وما سيأتي ومضى من رواياتهم لا يخفي تضمّنه لمعنى النسخ والبَدَاء.

٢٦ - وروى الطبري في سورة الدخان، بسنده عن ابن زيد في قوله عزّ وجلّ: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ) (٢) ، قال: تلك الليلة ليلة القدر، أنزل اللَّه هذا القرآن من أُمّ الكتاب في ليلة القدر، ثمّ أنزله على الأنبياء في الليالي والأيام، وفي غير ليلة القدر (٣) .

أقول: هذه الرواية دالّة على أنّ الذي يتنزّل من أُمّ الكتاب الذي هو أصل القرآن وحقيقته الغيبية العلوية، والذي يتنزّل منه، ليس ظاهر التنزيل، بل كلّ المقادير وقضاء الحوادث الكونية وأنّ ذلك التنزّل مستمرّ ليس في خصوص ليلة القدر

____________________

١) جامع البيان، في سورة الرعد، ذيل قوله تعالى: ( يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَاءُ ) .

٢) سورة الدخان: ٣.

٣) جامع البيان، ج٢٥، ص٦٤.

٣٠٩

بل على مرّ الليالي والأيام والآناء واللحظات، وأنّه لا زال يتنزّل بعد ذهاب الأنبياء، يتنزّل على الأوصياء - خلفاء النبيّ - الاثني عشر من قريش (سلام اللَّه عليهم)، وهذا المضمون قد ورد في روايات أهل البيت عليهم‌السلام .

٢٧ - وروى الطبري في سورة الرعد، بسند متّصل عن قتادة قوله تعالى: ( وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) ، قال: جملة الكتاب وأصله.

٢٨ - وروى الطبري في الموضع المذكور بسنده إلى الضحّاك في قوله: ( وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) ، قال: كتاب عند ربّ العالمين.

٢٩ - وروى الطبري عن الضحّاك أيضاً في الموضع المزبور، ( وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) قال: جملة الكتاب وعلمه، يعني بذلك ما ينسخ منه وما يثبت. وروى نظيره بسند متّصل عن ابن عبّاس ( كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ) (١) .

أقول: مقتضى التعبير بلفظ جملة الكتاب عنده تعالى، أنّ ظاهر التنزيل ليس كلّ درجات حقيقة الكتاب، وأنّ جملته مجموع ما فيه من التأويل والحقائق وكلّ قضاء وقدر، وكلّ ما كان ويكون فهو في أُمّ الكتاب، وهو الذي ينزل منه كلّ عام في ليلة القدر بتوسّط الروح، وأنّه لازال ينزل من باطن الكتاب وتأويل كلّ عام في ليلة القدر إلى يوم القيامة، بل في كلّ ليلة، وأنّه كما مرّ في بعض الروايات المتقدّمة.

وكلّ هذا المضمون قد ورد في روايات أهل البيت كما ستأتي الإشارة إليه، فللكتاب جملة يستطرّ فيها كلّ شي‏ء، ما من غائبة في السماء والأرض، ولا رطْب ولا يابس إلاّ في كتاب مبين، فظاهر التنزيل الذي بين الدفّتين وهو المصحف الشريف، لا يحيط ولا يحتوي بما في أُمّ الكتاب، وإنّما هو ظهر يوقف عليه

____________________

١) سورة الأحزاب: ٦.

٣١٠

للوصول إلى البطون والتأويلات والحقائق، بهداية الراسخين في العلم الذين هم أهل آية التطهير الذين يمسّون الكتاب المكنون، كما دلّت على ذلك الآيات الكريمة في السور المختلفة.

بل، إنّ من تصريح الآيات بأنّ أهل البيت المطهّرين الذين يمسّون الكتاب المكنون، يُعلم بالتلازم أنّ أهل البيت هم الذين يتنزّل عليهم روح القدس في ليلة القدر، بما في أُمّ الكتاب من القضاء والقدر لكلّ سنة، كما أنّ من التلازم في حديث الثقلين من العِترة والكتاب وعدم افتراقهما، يُعلم تلازمهما في كلّ ما ينزل من الكتاب في كلّ سنة.

كما أنّ من التعبير بأنّ عنده أُمّ الكتاب الذي هو جملة مجموعة، وأصله وحقيقته التعبير بأنّ هذه الجملة والحقيقة عند اللَّه للدلالة على القرب المعنوي بحسب نشأة عوالم الخِلقة، فمكانته الوجودية غيبية مكنونة في لوح محفوظ ذات مجد كوني وتكويني، وهي الروح الأعظم كما سيأتي في الروايات.

٣٠ - وروى بسنده عن ابن عبّاس أنّه سأل كعب عن أُمّ الكتاب، قال: علم اللَّه ما هو خالق وما خلقه عاملون، فقال لعلمه: كن كتاباً فكان كتاباً... وقال الطبري بعد ذلك: وأولى الأقوال - في ذلك - بالصواب قول من قال: وعنده أصل الكتاب وجملته؛ وذلك أنّه - تعالى ذِكره - أخبر أنّه يمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء، ثم عقّب بذلك بقوله: ( وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) ، فكان بيّناً أنّ معناه عنده أصل المثبت منه والمحو، وجملته في كتاب لديه.

٣١ - وروى الطبري في سورة الدخان، بسند متّصل عن ابن زيد في قوله عزّ وجلّ: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ ) (١) ، قال: تلك الليلة ليلة القدر،

____________________

١) سورة الدخان: ٣.

٣١١

وأنزل اللَّه هذا القرآن من أُمّ الكتاب في ليلة القدر، ثمّ أنزله على الأنبياء في الليالي والأيام وفي غير ليلة القدر.

٣٢ - وروى الطبري في ذيل سورة الدخان بسنده، عن عمر مولى غفرة، قال، يقال: يُنسخ لملك الموت من يموت في ليلة القدر إلى مثلها؛ وذلك لأنّ اللَّه عزّ وجلّ يقول: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) ، وقال: ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (١) ، قال: فتجد الرجل ينكح النساء ويغرس الغرس واسمه في الأموات.

أقول: ومقتضى هاتين الروايتين أنّ القرآن النازل في ليلة القدر - وهي الليلة المباركة - يُسمّى بحسب حقيقته الغيبية بعدّة أسماء، وهي بحسب مراتبه الغيبية: الكتاب المبين، وأُمّ الكتاب، والكتاب المكنون.

كما أنّ مقتضى الرواية الأخيرة هيمنة القرآن والروح النازل في ليلة القدر على وظائف ملك الموت، وأنّه تابع منقاد للروح، وكذلك ميكائيل الموكّل بالأرزاق، وإسرافيل الموكّل بالأحياء، وجبرئيل الموكّل بالعلم والبطش.

وقال الطبري في ذيل سورة الدخان: وقوله ( إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) (٢) ، يقول تعالى ذكره: ( إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) رسولنا محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى عبادنا ( رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ) (٣) .

وقال: وقوله ( أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) (٤) ، يقول تعالى ذكره: في هذه الليلة المباركة يُفرق كلّ أمر حكيم أمراً من عندنا.

أقول: إنّ الإرسال في الآيات الكريمة في سورة الدخان مرتبط بإنزال الروح

____________________

١) سورة الدخان: ٤.

٢) سورة الدخان: ٥.

٣) سورة الدخان: ٦.

٤) سورة الدخان: ٥.

٣١٢

ليلةَ القدر بتقادير الحوادث كلّها، وهذا الإرسال في كلّ ليلة قدر من كلّ عام إلى يوم القيامة وإن لم يكن إرسال نبوّة ورسالة، بل هو تزويد لخليفة اللَّه في الأرض، واطّلاعه بإرادات اللَّه ومشيئاته؛ للقيام بالمسؤوليات الإلهية الخطيرة التي تُعهد إليه من الباري تعالى، والتي تتوقّف على هذا الكمّ الهائل من العلم بالمقدّرات الإلهية المستقبلية.

دوام ليلة القدر من الروايات الحاثّة على فضيلتها في الصحاح:

قد عقد البخاري ومسلم كلّ منهما باباً بعد كتاب الصوم أُدرج فيه خمسة أبواب:

الأوّل: في فضل ليلة القدر.

الثاني: التماس ليلة القدر في السبع الأواخر.

الثالث: تحرّي ليلة القدر في الوتر من العشر. وأورد فيها البخاري روايات عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله كلّها آمرة بالتماس وتحرّي ليلة القدر، أي طلبها كلّ عام، ممّا يقضي بدوام ليلة القدر إلى يوم القيامة.

وممّا أورده في تلك الروايات بسنده، عن ابن عمر: أنّ رجالاً من أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر، فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله : أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر، فمن كان متحرّيها فليتحرّها في السبع الأواخر.

أقول: مقتضى هذه الرواية أنّ ليلة القدر حقيقة قد يرى بعضُ آياتها، وبعض لمعانها وأنوارها بعضُ البشر. ومثله في صحيح مسلم.

٣١٣

٣١٤

شهر رَمَضَان إعداد لليلة القَدْر

وهي باب عظيم لمعرفة الإمام عليه‌السلام

فكما أنّ هناك صلة بين شهر رمضان وليلة القدر، فهناك صلة وثيقة بينهما وبين حقيقة الإمام عليه‌السلام ، وكما أنّ شهر رجب وشهر شعبان يوطّئان ويمهّدان لشهر رمضان، فكذلك شهر رمضان يوطئ لليلة القَدْر، وليلة القدر بدورها توطئ لنزول الروح والملائكة الذي هو نزول لحقيقة القرآن.

والروح إنّما ينزل بكلّ أمر على من يصطفيه اللَّه من عباده في كلّ عام وهو الإمام، وتعظيم شهر رمضان إنّما هو لِما فيه من ليلة القدر، وعظمة ليلة القدر إنّما هي لِما فيها من نزول الروح ونزول القرآن، وهو إنما ينزل على من يشاء من عباد اللَّه، مَنْ اصطُفي لذلك.

فشهر رمضان بيئة نورية لليلة القدر، وليلة القدر بيئة أشدّ نوراً لنزول الروح، ونزول الروح أشدّ نوراً بأضعاف عند من يتنزّل عليه الروح.

فالانشداد إلى شهر رمضان انشداد إلى ليلة القدر، والانشداد إلى ليلة القدر انشداد إلى الإمام الذي يتنزّل عليه الروح. وإدراك ليلة القدر هو بمعرفة حقيقة القدر وهي نزول الروح على من يشاء اللَّه من عباده المصطفين بكلّ أمر يقدّره من حوادث السنةّ، فمعرفة ليلة القدر معرفة لحقيقة النبوّة والإمامة وإدراكها هو بهذه المعرفة.

روى الكُليني عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال: (... فضل إيمان المؤمن بجملة ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ ) وتفسيرها على من ليس مثله في الإيمان بها، كفضل الإنسان على البهائم،

٣١٥

وإنّ اللَّه عزّ وجلّ ليدفع بالمؤمنين بها عن الجاحدين لها في الدنيا - لكمال عذاب الآخرة لمن علم أنّه لا يتوب منهم - ما يدفع بالمجاهدين عن القاعدين)، الحديث (١) .

بِيئة ليلة القدر شهر رمضان:

إنّ الناظر في خصائص شهر رمضان وما أحيط به من هالة معنوية، وزخمٍ روحيٍّ كبير، وتركيز مكثّف، هو تمهيد لليلة القدر، وإنّ ذلك لا يقتصر على شهر رمضان بل يبدأ من شهر رجب ومن بعده شهر شعبان إلى أن يصل شهر رمضان، شهر اللَّه الذي عُظّم من اللَّه عزّ وجلّ، حيث نُسب إليه تعالى وجُعلت فيه ليلة القدر. وكذلك كونه شهر ضيافة اللَّه عزّ وجلّ وأنّه أُنزل فيه القرآن العظيم، حيث قال تعالى: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) (٢) .

وكلّ هذا التعظيم حلقات مترابطة لتصل إلى ما في شهر رمضان من أوج العظمة وهي ليلة القدر، حيث إنّ فضائل شهر رمضان في جانب وفضائل ليلة القدر في جانب آخر، فإنّ كلّ ما حفّ به شهر رجب الأصبّ الذي تصبّ فيه الرحمة صبّاً، وشهر شعبان الذي تتشعّب فيه طرق الخير، كلّ ذلك قد تضاعف أضعافاً في خصائص شهر رمضان، وتضاعف ما في شهر رمضان من خصائص إلى ثلاثين ألف ضعف في ليلة القدر.

فليلةُ القدر هي أوج عظمة الضيافة الإلهية والحفاوة الربّانية، فأوج نصيب حظّ العباد إدراك ليلة القدر، إلاّ أنّ هذا الإدراك للّيلة العظيمة ليس بمجرّد الكمّ الكبير من العبادات والأدعية والابتهال والتنفّل؛ فإنّ كلّ ذلك إعداد ضروري لِما وراءه من

____________________

١) الكافي، ج١، ص٢٥٠، ح ٧.

٢) سورة البقرة: ١٨٥.

٣١٦

إدراك آخر لحقيقة ليلة القدر وهو معرفة هذه الليلة، ومعرفتها هو بمعرفة حقيقتها المتّصلة بحقيقة الإمام والإمامة.

فمن ثمّ كان شهر رمضان شهر اللَّه الأغرّ وشهر معرفة الإمام خليفة اللَّه في أرضه، فكما أنّ شهر رمضان نفخ بالحياة للدين القويم، فإنّ ليلة القدر هي القلب النابض في هذا الشهر؛ لِما لها من صلة بالإمام وتنزّل الروح الأعظم عليه.

فشهر رمضان بوابة لمعرفة ليلة القدر، وليلة القدر بوابة لمعرفة الإمام والارتباط به والانشداد إليه، فجُعل شهر رمضان سيد الشهور كما جاء في روايات الفريقين، وجُعلت ليلة القدر قلب شهر رمضان كما ورد في الحديث.

وقد جُعل شهر رمضان أعظم حرمة من الأشهر الحُرُم الأربعة، وهذه العظمة لشهر رمضان أنّما هو لِما فيه من تلك الليلة العظيمة، فهو كالجسم وهي كالروح له، مع أنّ شهر رمضان هو كالروح للأشهر الحُرُم الأربعة التي منها شهر رجب. وكلّ ذلك يرسم مدى العظمة التي تحتلّها ليلة القدر، وقد بيّن الغاية من الصيام في شهر رمضان في قوله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) (١) .

والصيام على درجات كما كان في الشرائع السابقة، فلا يقتصر على الإمساك البدني بل يرتبط بالدرجات الاعتقادية كالإمساك عن الكذب على اللَّه ورسوله، فصيام على مستوى الجانب البدني وصيام الجوانح، وصيام على مستوى الحالات النفسية والخواطر، وهناك صيام على مستوى الحالات القلبية وحالاته وخواطره.

وأعظم المراتب على مستوى الاعتقاد، كما يشير إليه قول الإمام الصادق عليه‌السلام

____________________

١) سورة البقرة: ١٨٣.

٣١٧

في رواية جراح المدائني (١) ، فبيّن عليه‌السلام صوم الصمت كما هو صوم زكريا ومريم، وعُرف بصوم الصمت الداخل، أي الإمساك بحسب كلّ مراتب النفس الباطنية.

فشهر رمضان بيئة عظيمة لليلة القدر، وقد وصف هذا الشهر كما في خطبة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله التي رواها الصدوق بسند معتبر عن الرضا عليه‌السلام ، عن أمير المؤمنين عليه‌السلام :

(شهر اللَّه ذي البركة والرحمة والمغفرة، شهر هو عند اللَّه أفضل الشهور، وأيامه أفضل الأيام، ولياليه أفضل الليالي، وساعاته أفضل الساعات. هو شهرٌ دُعيتم به إلى ضيافة اللَّه، وجُعلتم به من أهل كرامة اللَّه، أنفاسكم فيه تسبيح، ونومكم فيه عبادة، وعملكم فيه مقبول، ودعاؤكم فيه مستجاب... فإنّ الشقي من حرم غفران الله في هذا الشهر العظيم... ومن تَلى فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور.

أيّها الناس، إنّ أبواب الجنان في هذا الشهر مفتّحة فسلوا ربّكم أن لا يغلقها عليكم، وأبواب النيران مغلّقة فسلوا ربّكم أن لا يفتحها عليكم، والشياطين مغلولة فسلوا ربّكم أن لا يسلّطها عليكم).

فهذا الشهر قد عظّمه الباري وكرّمه وشرّفه وفضّله على الشهور، وافترض صيامه على العباد، وأنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان، وجعل فيه ليلة القدر وجعلها خيراً من ألف شهر.

أوصاف ليلة القدر:

إلاّ أنّ كلّ هذه الأوصاف لشهر رمضان - بالقياس إلى أوصاف ليلة القدر منه - هي دون الأوصاف التي وصفت بها تلك الليلة؛ فإنّ تلك الأوصاف قد ذكرت لليلة

____________________

١) أبواب آداب الصائم، باب ١٢، أنّه يكره للصائم الجدال، والجهل، والحلف، الحديث ١٣.

مصباح المتهجّد للطوسي، ص٦٢٥، حيث يقول الصادق عليه‌السلام : (إنّ الصيام ليس من الطعام والشّراب وحده... قالت مريم عليها‌السلام : (إنّي نذرت للرّحمن صوماً) أي صمتاً، فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم...).

٣١٨

القدر بنحو مضاعف أضعافاً، وكأنّ الشهر توطئة وإعداد للولوج في تلك الليلة، حتّى أنّ أغلب أدعية ذلك الشهر المأثورة تركّز على الدعاء والطلب لإدراك تلك الليلة، ولطلب حسن ما يقضي ويقدّر من الأمر المحتوم، وما يفرق من الأمر الحكيم في تلك الليلة من القضاء الذي لا يردّ ولا يبدّل.

ومن تلك الأوصاف، أنّها أوّل السنة المعنوية بلِحاظ لوح القضاء والقدر. فقد روى الكُليني عن رفاعة عن أبي عبد اللَّه عليه‌السلام قال: (ليلة القدر هي أوّل السنة وهي آخره) (١) .

وروى الشيخ في التهذيب بعدّة أسانيد إلى مولانا الصادق‏ عليه‌السلام أنّه قال: (إذا سلم شهر رمضان سلمت السنة، وقال: رأس السنة شهر رمضان) (٢) .

وروى الكُليني بسنده إلى أبي عبد اللَّه عليه‌السلام ، قال: (الشهور عند اللَّه اثنا عشر شهراً في كتاب اللَّه يوم خلق السماوات والأرض، فغرّة الشهور شهر اللَّه عزّ وجلّ وهو شهر رمضان، وقلب شهر رمضان ليلة القدر) (٣) .

وروى ابن طاووس في الإقبال بإسناده إلى علي بن فضّال من كتاب الصيام، بإسناده إلى ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عبد اللَّه عليه‌السلام ، قال: (شهر رمضان رأس السنة) (٤) .

وقال أيضاً في كتاب إقبال الأعمال بعد ذكر جملة للروايات المتضمّنة لهذا المضمون: (واعلم أنّني وجدت الروايات مختلفات، هل أنّ أوّل السنة محرّم أو شهر رمضان؟ لكنّني رأيت من عمل من أدركته من علماء أصحابنا المعتبرين

____________________

١) الكافي، ج٤، ص١٦٠.

٢) التهذيب، ج٤، ص٣٣٣.

٣) الكافي، ج٤، ص٦٧.

٤) إقبال الأعمال، ج١، ص٣٢، الباب الثاني.

٣١٩

وكثيراً من تصانيف علمائهم الماضين، أنّ أوّل السنة شهر رمضان على التعيين، ولعلّ شهر الصيام أوّل العام في عبادات الإسلام، والمحرّم أوّل السنة في غير ذلك من التواريخ ومهام الأنام؛ لأنّه جلّ جلاله عظّم شهر رمضان، فقال جلّ جلاله: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) (١) ، فلسان حال هذا التعظيم كالشاهد لشهر رمضان بالتقديم؛ ولأنّه لم يجر لشهر من شهور السنة ذكر باسمه في القرآن وتعظيم أمره إلاّ لهذا الشهر شهر الصيام، وهذا الاختصاص بذكره كأنه ينبّه - واللَّه أعلم - على تقديم أمره.

ولأنّه إذا كان أوّل السنة شهر الصيام وفيه ما قد اختصّ به من العبادات التي ليست في غيره من الشهور والأيام، فكأنّ الإنسان قد استقبل أوّل السنة؛ ولأنّ فيه ليلة القدر التي يُكتب فيها مقدار الآجال وإطلاق الآمال، وذلك منبّه على أنّ شهر الصيام أوّل السنة) (٢) .

قال المجلسي (قدس سره)، قال الوالد العلاّمة: (الظاهر أنّ الأوّلية باعتبار التقدير، أي أوّل السنة التي تقدّر فيها الأُمور لليلة القدر، والآخرية باعتبار المجاورة، فإنّ ما قدّر في السنة الماضية انتهى إليها، كما ورد أنّ أوّل السنة التي يحلّ فيها الأكل والشرب يوم الفطر، أو أنّ عملها يُكتب في آخر السنة الأُولى وأوّل السنة الثانية، كصلاة الصبح في أوّل الوقت. أو يكون أوّل السنة باعتبار تقدير ما يكون في السنة الآتية وآخر سنة المقدّر فيها الأُمور) (٣) .

ومنها: ما رواه الطبرسي في مجمع البيان، والاستربادي في تأويل الآيات. عن ابن عبّاس عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: (إذا كانت ليلة القدر تنزّل الملائكة الذين هم سكان سِدرة المنتهى وفيهم جبرئيل، ومعهم ألوية فينصب لواء منها على قبري ولواء منها

____________________

١) سورة البقرة: ١٨٥.

٢) إقبال الأعمال، ج١، ص٣٢ - ٣٣، الباب الثاني.

٣) الكافي، ج١، ص١٦٠.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592