الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء ١

الدروس الشرعية في فقه الامامية11%

الدروس الشرعية في فقه الامامية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 507

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 507 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 130785 / تحميل: 8505
الحجم الحجم الحجم
الدروس الشرعية في فقه الامامية

الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

من أعلى(١) فالاولى عدم التطهير، لعدم الاتحاد في المسمى فلا يطهر بإجرائها، ولا بزوال تغيرها من نفسها، ولا بتصفيق الرياح، ولا بالعلاج بأجسام طاهرة، وكذا حكم باقي المياه النجسة، ويلزم من قال بالطهارة بإتمامها كرا طهارتها بذلك كله. ولا يعتبر في المزيل للتغير دلو حيث لا مقدر، وفي المعدود نظر أقربه اعتبارها، وقيل: يجزئ آلة تسع العدد، والدلو هي المعتادة، وقيل: هجرية ثلاثون رطلا، وقيل: أربعون. ولو تضاعف المنجس تضاعف النزح، تخالف أو تماثل في الاسم أو في المقدر، ويعفى عن المتساقط من الدلو وعن جوانبها وحمأتها، ولو غارت ثم عادت فلا نزح، وبطهرها يطهر المباشر والدلو والرشا. ولو شك في تقدم الجيفة فالاصل عدمه.

ولا يلحق بول المرأة ببول الرجل خلافا لابن ادريس(٢) ، والنزح بعد إخراج النجاسة أو عدمها.

ولو تمعط الشعر فيها كفى غلبة الظن بخروجه وإن كان شعرا نجسا، ولو استمر خروجه استوعبت، فإن تعذر واستمر عطلت حتى يظن خروجه أو استحالته.

ولا ينجس بالبالوعة القريبة إلا أن يغلب الظن بالاتصال فينجس عند من اعتبر الظن، والاقوى العدم، ويستحب تباعدهما خمس أذرع مع فوقية البئر أو صلابة الارض، وإلا فسبع، وفي رواية(٣) إن كان الكنيف فوقها فاثنتا عشرة ذراعا.

(١٨) درس

المستعمل في الوضوء طهور وكذا في الاغسال المسنونة، وفي رفع الحدث

____________________

(١) في باقي النسخ: علو.

(٢) السرائر: ج ١ ص ٧٨.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٢٤ من أبواب الماء المطلق ح ٦ ج ١ ص ١٤٥، مع اختلاف.

١٢١

الاكبر طاهر، وفي طهوريته قولان أقربهما الكراهية، واستحب المفيد(١) التنزه عن مستعمل الوضوء.

والمستعمل في الاستنجاء طاهر ما لم يتغير أو تلاقه نجاسة اخرى، وقيل: هو عفو، ولا فرق بين المخرجين ولا بين المتعدي وغيره، وفي إزالة النجاسة نجس إن تغير وإلا فنجس في الاولى على قول، ومطلقا على قول، وكرافع الاكبر على قول، وطاهر إذا ورد على النجاسة على قول، والاولى أن ماء الغسلة كمغسولها قبلها، وفي الخلاف(٢) : طهارة غسلتي الولوغ، والاخبار غير مصرحة بنجاسته.

والمضاف ما لا يتناوله إطلاق الماء كماء الورد والممزوج بما يسلبه الاطلاق طاهر، وينجس بالملاقاة وإن كثر، ويطهر بصيرورته مطلقا، وقيل: باختلاطه بالكثير وإن بقي الاسم.

ولا يرفع حدثا خلافا لابن بابويه(٣) ، ولو اضطر إليه تيمم ولو لم يستعمله خلافا لابن أبي عقيل(٤) ، ولا يزيل الخبثخلافا للمرتضى(٥) ، ولو مزج المضاف(٦) بالمطلق موافقا له في الصفات اعتبرت المخالفة المقدرة، والشيخ(٧) يعتبر حكم الاكثر فإن تساويا استعمل، وابن البراج(٨) يطرح.

ويطهر الخمر بالخلية وإن عولج إذا كان بطاهر، والعصير المشتد بها وبذهاب ثلثيه بالغليان، والمرق المنجس بقليل الدم يطهر بالغليان في المشهور، واجتنابه أحوط.

ولو اشتبه المطلق بالمضاف وفقد غيرهما تطهر بكل منهما، بخلاف المشتبه بالنجس أو المغصوب، ويمزج المطلق بالمضاف غير السالب وجوبا عند عدم ماء

____________________

(١) المقنعة: ص ٦٤.

(٢) الخلاف: ج ١ ص ٤٤.

(٣) كتاب الهداية (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٤٨.

(٤) المختلف: ج ١ ص ١٠.

(٥) المختلف: ج ١ ص ١٠.

(٦) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.

(٧) المبسوط: ج ١ ص ٩.

(٨) المهذب: ج ١ ص ٢٤.

١٢٢

مطلق، ويتخير بينهما عند وجودهما.

والسؤر يتبع الحيوان طهارة ونجاسة وكراهة، ويكره سؤر الجلال، وآكل الجيف مع الخلو عن النجاسة، والحائض المتهمة، والدجاج، وسؤر غير مأكول اللحم على الاقرب، ومنه الفأرة والوزعة والحية والثعلب والارنب والمسوخ ونجسها الشيخ(١) ، وولد الزنا، وما مات فيه العقرب.

ويحرم استعمال الماء النجس والمشتبه به في الطهارة، فلو صلى به أعاد في الوقت وخارجه على الاقوى، وفي إزالة الخبث، فيعيد إن علم قبله ويقضي، وإن جهل فلا، ويجوز شربه للضرورة، ولا يشترط في التيمم عند اشتباه الآنية إهراقها على الاقرب.

(١٩) درس

النجاسات عشر: البول والغائط من غير المأكول وإن عرض تحريمه، أو كان طيرا على الاقوى، أو بول رضيع لم يأكل اللحم خلافا لابن الجنيد(٢) ، وفي بول الدابة والبغل والحمار قولان أقربهما الكراهية. والمني والدم من ذي النفس وإن كان بحريا كالتمساح، أو كان علقة في البيضة أو غيرها، أما الدم المتخلف في اللحم بعد الذبح والقذف فطاهر، وكذا دم البراغيث، وقيل: عفو. والميتة من ذي النفس حل أو حرم، وكذا ما قطع من الحيوان مما تحله الحياة، ولا ينجس ميتة ما لا نفس له ولا دمه ولا منيه.

والكلب والخنزير ولعابهما وفروعهما، وإن كان كلب الصيد(٣) لم يكف

____________________

(١) الخلاف: ج ٣ ص ٢٦٤.

(٢) المختلف: ج ١ ٥٦.

(٣) في باقي النسخ: كلب صيد.

١٢٣

الرش خلافا لابن بابويه(١) ، وينجس منهما ما لا تحله الحياة كالعظم والشعر خلافا للمرتضى(٢) .

والمسكرات خلافا لابن بابويه(٣) والحسن(٤) والجعفي(٥) . والفقاع، والكافر أصليا، أو مرتدا، أو منتحلا الاسلام(٦) جاحدا بعض ضرورياته كالخارجي والناصبي والغالي والمجسمي. والانفحة طاهرة ولو من الميت، وكذا اللبن من الميتة في الاصح.

ولو اشتبه الدم الطاهر بغيره فالاصل الطهارة، وكذا كل مشتبه بطاهر، ومنه آنية المشرك، ولو اشتبه الدم المعفو عنه بغيره كدم الفصد بدم الحيض فالاقرب العفو.

ولا ينجس لبن البنت، ولا القئ، والقيح، والصديد الخالي عن الدم، والمسك، وذرق الدجاج غير الجلال، وعرق الجنب حراما والابل جلالة، والمذي وإن كان عقيب شهوة خلافا لابن الجنيد(٧) ، والودي بالدال المهملة وهو الخارج عقيب البول، والوذي بالذال المعجمة(٨) عقيب المني.

ويجب إزالة النجاسة للصلاة، والطواف، ودخول المسجد مع التعدي، والاكل، والشرب، وعن المصحف، والمساجد، والضرائح المقدسة.

والواجب زوال العين، ولا عبرة بالرائحة واللون إذا شق زواله، ويستحب صبغ الدم بالمشق.

والعصر في غير الكثير، ولو لم يمكن نزع الماء عن المغسول لم يطهر(٩) إلا الماء، وفي المائعات إذا إختلطت بالكثير وجه بالطهارة، ولا يجب العصر في الحشايا والجلود ويكفي التغميز، وفي طهارة الحديد المشرب بالنجس إذا شرب بكثير احتمال، وتطهر الحبوب المبتلة والخبز إذا علم الوصول في

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه: ج ١ ص ٧٣.

(٢) الناصريات (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٢١٨.

(٣) و(٤) المختلف: ج ١ ص ٥٨.

(٥) لاتجوجد كتبه لدينا.

(٦) في " م " و " ز ": للاسلام.

(٧) المختلف: ج ١ ص ٥٧.

(٨) في باقي النسخ: بالمعجمة.

(٩) في " م " و " ز ": يطهره.

١٢٤

الكثير، ويكفي المرة بعد زوال العين، وروي(١) في البول مرتين فيحمل غيره عليه.

وفي إناء ولوغ الكلب المرتان بعد تعفيره بتراب طاهر مزج بالماء أولا، فإن فقد التراب فمناسبه، فإن فقد فالاقرب إجزاء الماء مع زوال اللعاب، ولا تراب في باقي أعضائه خلافا للمفيد(٢) ، ولا في الخنزير خلافا للخلاف(٣) ، والاقرب السبع فيه بالماء وفي الفأرة والخمر.

ويغسل الاناء من غير ذلك ثلاثا يصب فيه الماء ثم يحرك ويفرغ وهكذا، وإن كان إناء الخمر غير مغضور ولا مقير في الاقوى، وقيل: يكفي المرة، ويسقط العدد في الكثير، ولا يكفي عن التعفير مع القدرة عليه على قول.

(٢٠) درس

المطهرات عشرة: الماء كما مر، والشمس إذا جففت الارض والحصر والبواري وما لا ينقل، وزالت العين لا بتجفيف الريح خلافا للمبسوط(٤) ، وتطهر الارض والحجر النعل والقدم إذا زالت العين بمشي أو غيره، وفي رواية(٥) بمشي خمس عشرة ذراعا، والنار ما أحالته رمادا أو دخانا أو آجرا أو خزفا عند الشيخ(٦) ، والاستحالة في النطفة والعلقة حيوانا، وفي النجس إذا استحال ملحا أو ترابا، وأدوات الاستنجاء، وإسلام الكافر، واستبراء

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٢ من أبواب النجاسات ح ١ ص ١٠٠٢.

(٢) المختلف: ج ١ ص ٢.

(٣) الخلاف: ج ١ ص ٤٦.

(٤) المبسوط: ج ١ ص ٣٨.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٣٢ من أبواب النجاسات ح ١ ص ٤٦.

(٦) الخلاف: ج ١ ص ١٧٢.

١٢٥

الحيوان، ونقص العصير وانقلابه، وانقلاب الخمر خلا، وتطهر الارض بكثير الماء بالذنوب في قول مشهور إذا القي على البول، ويشترط ورود الماء حيث يمكن.

ويطهر الدم بانتقاله إلى البعوض والبرغوث، والبواطن بزوال العين، ولا يطهر الدم بالبصاق خلافا لابن الجنيد(١) ، والرواية(٢) ضعيفة، ولا الجسم الصقيل كالسيف بالمسح خلافا للمرتضى(٣) ، ولا يتعدى النجاسة مع اليبوسة، وفي الميت رواية(٤) يفهم منها النجاسة مطلقا، ويعارضها غيرها.

والدباغ غير مطهر، وقول ابن الجنيد(٥) شاذ، وأشذ منه قول ابن بابويه(٦) بالوضوء والشرب من جلد الميتة.

وعفي عما نقص عن سعة الدرهم البغلي بإسكان الغين من الدم غير الثلاثة ونجس العين، وقدره الحسن(٧) بسعة الدينار، وابن الجنيد(٨) بعقد الابهام الاعلى، وطرد العفو عن هذا القدر في سائر النجاسات. وعن دم القروح والجروح الذي لا يرقأ.

وعن نجاسة ما لايتم فيه الصلاة فيه وحده وإن غلظت نجاسته، وعد ابنا بابويه(٩) منه العمامة، واشترط بعضهم كونها في محالها، وآخرون كونها ملابس، والخبر(١٠) عام في كل ما على الانسان أو معه. وعن

____________________

(١) المختلف: ج ١ ص ٦٣.

(٢) وسائل الشعية: ب ٤ من أبواب الماء المضاف ح ٢ ج ١ ص ١٤٩.

(٣) المختلف: ج ١ ص ٦٣.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٣ من أبواب غسل المس ح ٣ ج ٢ ص ٩٣٢.

(٥) المختلف: ج ١ ص ٦٤.

(٦) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٣.

(٧) المختلف: ج ١ ص ٦٠.

(٨) المختلف: ج ١ ص ٥٩.

(٩) المختلف: ج ١ ص ٦١ والمقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٣.

(١٠) وسائل الشيعة: ب ٣١ من أبواب النجاسات ح ٥ ج ٢ ص ١٠٤٦.

١٢٦

نجاسة ثوب المربية للصبي ذات ثوب واحد إذا غسلته كل يوم وليلة مرة، ويلحق به الصبية والمربي والولد لمتعدد وعن خصي يتواتر بوله إذا غسل ثوبه مرة في النهار، وعن النجاسة مطلقا مع تعذر الازالة.

(٢١) درس

إذا صلى مع نجاسة بدنه أو ثوبه عالما عامدا مختارا بطلت، ولو جهلت(١) النجاسة فالاقوى الصحة، وقيل: يعيد في الوقت، وحملناه في الذكرى(٢) على من لم يستبرئ بدنه وثوبه عند المظنة للرواية(٣) ، ولو جهل الحكم لم يعذر، ولو نسي فالاقوى الاعادة مطلقا.

ولو علم في أثناء الصلاة أزالها وأتم، وإن افتقر إلى فعل كثير بطلت، وعلى القول بإعادة الجاهل في الوقت تبطل وإن تمكن من الازالة، أما لو شك في حدوثها وتقدمها أزالها ولا إعادة، ولو اضطر إلى الصلاة فيه لبرد وشبهه وليس غيره فلا إعادة على الاصح، ولو لم يكن ضرورة فالاقرب تخيره بين الصلاة فيه وعاريا، وقيل: يتعين الثاني وهو أشهر.

ولو اشتبه الطاهر بالنجس وفقد غيرهما صلى فيهما، ولو تعددت زاد على عدد النجس واحدا، ولو جهل العدد صلى في الجميع، ولو ضاق الوقت فالاقرب الصلاة فيما يحتمله(٤) الوقت، والمشهور أنه يصلي عاريا، وعلى ما قلناه من التخيير هناك فهنا أولى.

ولو عدم أحد الثوبين المشتبهين صلى في الباقي، قيل: عاريا، وقول ابن ادريس(٥) بالصلاة مع الاشتباه عاريا مدخول.

ولو صلى حاملا لحيوان طاهر صح، وفي القارورة المصمومة النجسة

____________________

(١) في باقي النسخ: جهل.

(٢) الذكرى: ص ١٧.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٤١ من أبواب النجاسات ح ٣ ج ٢ ص ١٠٦١.

(٤) في باقي النسخ: يحتمل.

(٥) السرائر: ج ١ ص ١٨٤.١٨٥.

١٢٧

خلاف، مبناه المساواة للحيوان أو كونها مما لا يتم فيه الصلاة أو عدم الامرين. ولو جبر بعظم نجس وجب قلعه إجماعا ما لم يخف التلف أو المشقة الشديدة، ويجبره الامام، ولو مات لم يقلع.

ولو شرب خمرا أو منجسا أو أكل ميتة أو احتقن تحت جلده دم نجس احتمل وجوب الازالة مع إمكانها، ولو عللت القارورة بأنها من باب العفو احتمل ضعيفا اطراده هنا، ولانه التحق بالباطن.

ويحرم اتخاذ الآنية من الذهب والفضة للاستعمال والتزيين على الاقوى للرجل والمرأة، وفي المفضض رواياتان(١) والكراهية أشبه، نعم يجب تجنب موضع الفضة على الاقرب، ولا بأس بقبيعة السيف ونعله من الفضة وضبة الاناء وحلقة القصعة وتحلية المرآة بها وروي(٢) جواز تحلية السيف والمصحف بالذهب والفضة، والاقرب تحريم المكحلة منهما وظرف الغالية أما الميل فلا.

ولا يحرم المأكول ولا المشروب في الاناء المحرم ولا بيعه، نعم يجب سبكه على المشتري، ولا تبطل الطهارة منه أو فيه، ولا يحرم غيرهما من الجواهر.

ويجوز الاناء من العظام مع طهارة أصلها إلا الآدمي، وكذا مما لا تحله الحياة ولو من الميتة، ويشترط في إناء الجلد مع طهارة الاصل التذكية والدبغ إن كان غير مأكول اللحم في قول.

(٢٢) درس

يستحب الاستحمام غبا ويوم الاربعاء والجمعة أفضل، ودخوله بمئزر، والدعاء عند نزع الثياب وعند الدخول، ووضع الماء الحار على الهامة والرجلين،

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٦٦ من أبواب النجاسات ح ٥ و ٢ ج ٢ ص ١٠٨٥.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٦٤ من أبواب أحكام الملابس ح ٣ ج ٣ ص ٤١٣.

١٢٨

وابتلاع جرعة منه، وسؤال الجنة والاستعاذة من النار، والاطلاء، والخضاب، والتعمم عند الخروج شتاء وصيفا، وأن يقال له: طاب ما طهر منك وطهر ما طاب منك.

ويكره الاتكاء فيه، وغسل الرأس بالطين، ومسح الوجه بالازار، والسواك فيه، ودخوله على الريق وبغير مئزر. ويحرم إبراز العورة حيث الناظر.

ويستحب التنور قائما وفي كل خمسة عشر يوما، ونهي(١) عن ترك العانة أربعين يوما، وحلق الابط أفضل من نتفه وطليه أفضل من حلقه، ويستحب القلم والاخذ من الشارب يوم الجمعة، وقول بسم الله وبالله وعلى سنة محمد وآل محمد عليهم السلام فيهما، وحلق الرأس، وغسل الرأس بالسدر والخطمي، وتسريح اللحية سبعين مرة، وجز ما فضل عن القبضة منها، والتمشط بالعاج وخدمة الشعر لمن اتخذه وفرقه، ويكره نتف الشيب ولا بأس بجزه، ويكره للمرأة ترك الحلي.

والسنن الحنيفية خمس في الرأس: المضمضة، والاستنشاق، والسواك، وفرق الشعر، وقص الشارب.

وخمس في البدن: قص الاظفار، وحلق العانة والابطين، والختان، والاستنجاء.

ويتأكد السواك عند الوضوء، والصلاة، والسحر، وقراء‌ة القرآن، وتغير النكهة، ويكره تركه أزيد من ثلاثة أيام.

وفيه اثنتا عشرة خصلة: هو من السنة، ومطهرة للفم، ومجلاة للبصر، ويرضي الرحمن، ويبيض الاسنان، ويذهب بالحفر، ويشد اللثة، ويشهي الطعام، ويذهب بالبلغم، ويزيد في الحفظ، ويضاعف الحسنات، وتفرح به الملائكة.

ويستحب الاكتحال بالاثمد عند النوم وترا(٢) ، وفراهة الدابة، وحسن

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٨٦ من أبواب آداب الحمام ح ١ ج ١ ص ٤٣٩.

(٢) في باقي النسخ: وترا وترا.

١٢٩

وجه المملوك، وإظهار النعمة، وروي(١) أن النبي صلى الله عليه وآله لعن الواصلة والمستوصلة أي في الشعر والواشمة والمستوشمة والواشرة والمستوشرة أي في الاسنان بالترقيق.

(٢٣) درس

من لم يجد الماء تيمم بالصعيد وهو التراب بأي لون اتفق أو المدر أو الحجر، دون المتصل بالارض من النبات الطاهر، والمشوب بغيره مجزئ إذا لم يخرجه عن الاسم، والرخام والبرام وأرض النورة وأرض الجص قبل الاحراق، وجوز المرتضى(٢) بالنورة والجص، ومنع ابن الجنيد(٣) والمحقق(٤) من الخزف. ولا يجوز بالمعدن والنجس والمغصوب والرماد، ويجوز بتراب القبر إلا أن يعلم إختلاطه بالصديد ولما يستحل ترابا. ويجزئ المستعمل وهو المنفوض أو الممسوح به لا المضروب عليه.

ومع فقد الصعيد غبار ثوبه ولبد سرجه وعرف دابته ثم الوحل، ويستحب من العوالي ويكره من الطريق. ويجب شراء التراب أو استئجاره.

وجوز المرتضى(٥) التيمم بنداوة الثلج، والشيخان(٦) قدما التراب عليه فإن فقد أدهن به، ويظهر من المبسوط(٧) اعتبار الغسل به وإلا فالتيمم بالتراب.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ١٩ من أبواب مايكتسب به ح ٧ ج ١٢ ص ٩٥.

(٢) رسائل المرتضى: المجموعة الثالثة ص ٢٦.

(٣) المختلف: ج ١ ص ٤٨.

(٤) المعتبر: ص ١٠٣.

(٥) المعتبر: ص ١٠٤ نقلا عن مصباح السيد المرتضى.

(٦) المقنعة: ص ٥٩، النهاية: ص ٤٧.

(٧) المبسوط: ج ١ ص ٣١.

١٣٠

ويجب الطلب في الجهات الاربع غلوة غلوة في حزن الارض وإلا فغلوتين، إلا مع يقين العدم، وقيل: يطلب ما دام في الوقت، وروي(١) لا طلب، ولو وهب الماء أو أراقه في الوقت أو ترك الطلب وصلى أعاد، وأولى بالاعادة ما لو وجد الماء في موضع الطلب، ولو نسي الماء فالاقرب الاعادة، ويجوز التيمم سفرا وحضرا، ولا يعيد الحاضر خلافا للمرتضى(٢) .

ويجب شراء الماء ولو بلغ ألف درهم مع القدرة وعدم الضرر الحالي، ولو وهب الماء أو اعير الآلة أو بيع بثمن مؤجل يقدر عليه عند الاجل وجب، بخلاف ما إذا وهب الثمن أو الآلة وإزالة النجاسة عن الثوب أو البدن، والشرب أولى من الطهارة إذا كان الشارب حيوانا له حرمة، ولو تعذر مايتيمم عليه فالطهارة أولى من إزالة النجاسة، وكذا لو كانت النجاسة معفوا عنها.

ولو وجد مايكفي بعض أعضائه تركه وتيمم، ولو تضرر بالماء في بعض الاعضاء تيمم، وفي المبسوط(٣) : يغسل الصحيح ويتيمم. ولا تيمم عن نجاسة البدن إجماعا.

ولو خاف من لص أو سبع على نفسه أو ماله، أو خافت المرأة على بضعها، أو خيف التلف باستعماله أو الشين، تيمم وإن أجنب عمدا على لاشبه، وأوجب المفيد(٤) على العامد الغسل وإن خاف على نفسه، وفي النهاية(٥) : إذا خاف التلف تيمم وصلى وأعاد، وهو ضعيف.

وكذا لا يعيد المتيمم لزحام عرفة أو الجمعة أو مع نجاسة ثوبه على الاقوى.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٢ من أبواب التيمم ح ٣ ج ٢ ص ٩٦٤.

(٢) المعتبر: ص ١٠٠ نقلا عن شرح الرسالة للسيد المرتضى.

(٣) المبسوط: ج ١ ص ٣٥، وعبارته هكذا: وإن غسلها وتيمم كان أحوط.

(٤) المقنعة: ص ٦٠.

(٥) النهاية: ص ٤٦.

١٣١

والجنب أولى من الميت والمحدث بالماء المبذول للاحوج، وكذا يقدم الجنب على باقي المحدثين، ومزيل النجاسة أولى من الجميع، وفاقد الطهورين الاشبه قضاؤه.

(٢٤) درس

لا يجوز تقديم التيمم على الوقت إجماعا، ووقت الفائتة ذكرها والاستسقاء الاجتماع في الصحراء، وفي صحته مع السعة خلاف أشهره وجوب التأخير إلى الضيق(١) ، إلا مع الضرورة نحو ارتحال القافلة وغيره وخصوصا مع الطمع في الماء، ولو ظن ضيق الوقت فتيمم فظهر خلافه فالاقرب الاجزاء، ولو دخل الوقت عليه متيمما فوجوب تأخير الصلاة أضعف، وقطع في المبسوط(٢) بصحتها في أول الوقت. ويجب فيه نية الاستباحة لا رفع الحدث إلا أن يقصد رفع الماضي، والقربة، والبدلية، ومقارنتها للضرب على الارض، واستدامتها حكما، ومباشرة الارض بيديه معا، ولا يكفي التعرض لمهب الريح ولا تمعيك الاعضاء في التراب.

والاقرب أنه لا يشترط الاعتماد على اليدين بل يكفي وضعهما على الارض.

والاشهر في عدد الضرب اثنتان للغسل وواحدة للوضوء، ويتكرر التيمم في الغسل المكمل بالوضوء.

ولا يشترط علوق الغبار باليدين خلافا لابن الجنيد(٣) .

ويجب مسح الجبهة من قصاص الشعر إلى طرف الانف الاعلى، بادئا

____________________

(١) وفي " ق ": التضيق.

(٢) المبسوط: ج ١ ص ٣٤.

(٣) المختلف: ج ١ ص ٥٠.

١٣٢

بأعلاها ملصقا باطن كفيه بها، ولا يجزئ الواحدة اختيارا وإن كانت يمنى خلافا لابن الجنيد(١) ، ثم مسح ظهر الكف اليمنى ببطن اليسرى من الزند إلى أطراف الاصابع، ثم مسح اليسرى ببطن اليمنى، وأوجب ابن بابويه(٢) استيعاب الوجه والذراعين والموالاة وإن كان بدلا عن غسل يجوز تفريقه، ولا يضر الفصل بما لا يعد تفريقا. والمباشرة بنفسه إلا مع العذر.

وطهارة موضع المسح، ولو تعذر فالاقرب الصحة مع عدم تعدي النجاسة إلى التراب.

ولا يشترط خلو غير الاعضاء عن النجاسة في أقوى الوجهين، وتقدم الاستنجاء وإزالة النجاسة عليه إن اعتبرنا ضيق الوقت. ويستحب السواك، والتسمية، وتفريج الاصابع عند الضرب، ونفض اليدين، ومسح الاقطع مستوعبا ما بقي، وأن لا يرفع يده عن العضو حتى يكمل مسحه.

ولا يستحب تخليل الاصابع في المسح، ولا التكرار في المسح.

ويستباح به كل ما يستباح بالمائية حتى الطواف.

ولا يبطل بالردة، ولا بنزع العمامة والخف ولا بظن الماء أو شكه.

ويبطل بالتمكن من استعمال الماء، فلو وجده قبل الصلاة تطهر، وبعدها لا إعادة، وفي أثنائها روايات(٣) أقواها البناء ولو على التكبير، وجوز بعضهم العدول إلى النفل، وهو ضعيف.

ولو فقد الماء بعدها قبل التمكن من استعماله لم تجب إعادة التيمم، سواء كان في فرض أو نفل على الاقوى، نعم لو وجده في صلاة غير مغنية عن القضاء عند من قال به فالاقرب انقطاع الصلاة، وكذا لو وجد التراب في أثناء الصلاة لحرمة الوقت.

____________________

(١) المختلف: ج ١ ص ٥٠.

(٢) المختلف: ج ١ ص ٥٠.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٢١ من أبواب التيمم ج ٢ ص ٩٩١.

١٣٣

ولو أحدث المتيمم في الصلاة ووجد الماء تطهر وبنى إن كان الحدث نسيانا عند الشيخين(١) ، والرواية(٢) الصحيحة مطلقة وعليها الحسن(٣) .

ولا يرفع التيمم الحدث، فلو تيمم المجنب ثم وجد ماء يكفيه للوضوء فلا وضوء خلافا للمرتضى(٤) ، ويعيد التيمم بدلا من الغسل وعنده بدلا من الوضوء.

ويجوز المسح على الجبائر مع تعذر نزعها، فلو زال العذر بعد التيمم فالاقوى بقاء التيمم، ولو وجد الماء بعد تيمم الميت وجب تغسيله وإعادة الصلاة ولو سبقت، نعم لا يعاد ولو دفن إلا أن يقلع.

____________________

(١) المقنعة: ص ٦١، النهاية: ص ٤٨.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب الصلاة ح ١٠ ج ٤ ص ١٢٤٢.

(٣) المختلف: ج ١، ص ٥٤.

(٤) المختلف: ج ١ ص ٥٥.

١٣٤

كتاب الصلاة

١٣٥

وهي إما واجبة وهي سبع: اليومية، والجمعة، والعيدية(١) ، والآيات، والطواف، والجنائز، والملتزم بنذر وشبهه. أو مندوبة وهي ما عداها.

فاليومية خمس: الظهر والعصر والعشاء كل واحدة أربع ركعات، والمغرب ثلاث، والصبح ركعتان، والوسطى هي الظهر عند الشيخ(٢) ، والعصر عند المرتضى(٣) ، ولا يجب الوتر.

ونوافلها أربع وثلاثون ركعة في فتوى الاصحاب وهو أشهر رواية(٤) ، وفي رواية يحيى بن حبيب(٥) عن الرضا عليه السلام وأبي بصير(٦) عن الصادق عليه السلام تسع وعشرون بنقيصة أربع من سنة العصر، والوتيرة وهي ركعتان بعد العشاء تعدان بركعة تصليان من جلوس ويجوز القيام فيهما، وروى زرارة(٧)

____________________

(١) في " ق ": والعيدين.

(٢) المبسوط: ج ١ ص ٧٥.

(٣) رسائل الشريف المرتضى: المجموعة الاولى: ص ٢٧٥.

(٤) وسائل الشيعة: ب ١٣ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح ٣ ج ٣ ص ٣٢.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١٤ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح ٥ ج ٣ ص ٣٢.

(٦) وسائل الشيعة: ب ١٤ من أبواب الفرائض ونوافلها ح ٢ ج ٣ ص ٤٢.

(٧) وسائل الشيعة: ب ١٤ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح ١ ج ٣ ص ٤٢.

١٣٦

عن الصادق عليه السلام سبعا وعشرين، فاقتصر من سنة المغرب على ركعتين مع سقوط ما مر.

وأفضلها ركعتا الفجر، ثم ركعة الوتر، ثم ركعتا الزوال، ثم أربع المغرب بعدها، ثم تمام صلاة الليل وهي ثمان، مع الشفع وهي ركعتان، ثم تمام نوافل النهار، وهي ثمان للظهر قبلها وثمان للعصر قبلها، وقال الحسن(١) : آكدها الليلية.

وفي السفر والخوف تتنصف الرباعيات، وتسقط نوافلها سفرا، وفي الخوف نظر.

ويكره الكلام بين المغرب ونافلتها، ويجوز السجود بينهما، والافضل بعد النافلة.

وكل النوافل تصلى ركعتين بتشهد وتسليم، إلا الوتر وصلاة الاعرابي.

وهي عشر ركعات كالصبح والظهرين كيفية وترتيبا، ولم أستثبت طريقها في أخبارنا، ووقتها عند ارتفاع نهار الجمعة، والاقرب عدم شرعية الركعة الواحدة في غير الوتر.

ويستحب الضجعة بعد نافلة الفجر على الجانب الايمن، وقراء‌ة الخمس من آخر آل عمران إلى الميعاد والدعاء فيها.

والشفع مفصول عن الوتر في أشهر الروايات(٢) ، ويستحب الاستغفار في قنوت الوتر سبعين مرة، والدعاء فيه للاخوان وأقلهم أربعون، ويجوز الدعاء فيه على العدو.

ويستحب ركعتا الغفيلة(٣) بين المغرب والعشاء، ويقرء في الاولى بعد الحمد وذا النون الآيتين، وفي الثانية بعد الحمد وعنده مفاتح الغيب الآية، ويسأل حاجته.

ومن قام قبل الفجر فصلى الشفع والوتر وسنة الفجر كتبت له صلاة الليل، ويستحب الدعاء المأثور(٤) في النوافل، وتجوز من جلوس اختيارا

____________________

(١) المختلف: ج ١ ص ١٢٤.

(٤) في باقي النسخ: بالمأثور.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١٥ من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ج ٣ ص ٤٥.

(٣) في باقي النسخ: الغفله.

١٣٧

والافضل القيام، ثم احتساب كل ركعتي جلوس بركعة(١) .

ويستحب تمرين الصبي على الصلاة لست، ويضرب عليها لعشر، ويتخير بين نية الوجوب والندب.

ورخص للصبيان الجمع(٢) بين العشائين والظهرين، ويستحب تفريقهم في صلاة الجماعة.

والبلوغ بالانبات والاحتلام في الرجل والمرأة، وبالحيض فيها، وبلوغ خمس عشرة(٣) في الذكر، وتسع فيها وقيل: عشر، وروي(٤) فيهما ثلاث عشرة، وهو شاذ.

(٢٥) درس

لا يجوز تقديم الصلاة على وقتها ولا تأخيرها عنه، ورواية الحلبي(٥) بجوازها للمسافر في غير وقتها محمولة على التأخير عن وقت الفضيلة. وتجب بأول الوقت موسعا، وقال المفيد(٦) : لو مات قبل أدائها في الوقت كان مضيعا، وإن بقي فأداها عفي عنه.

فوقت الظهر زوال الشمس، ويعلم بزيادة الظل بعد نقصه، أو حدوثه بعد عدمه كما في مكة وصنعاء في أطول الايام، أو بميل الشمس إلى الحاجب الايمن لمستقبل قبلة العراق.

ويختص بقدر أدائها ثم يدخل وقت العصر، فلو ظن فعل الظهر فصلى العصر أو قدمها ناسيا عدل، وإن فرغ صحت العصر وأتى بالظهر إن صادفت المشترك، وإلا أعادهما.

____________________

(١) في " ز ": بركعة من قيام.

(٢) في " م " و " ق ": في الجمع.

(٣) في " م " و " ز ": سنة.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٤ من أبواب مقدمة العبادات ح ١٢ ج ١ ص ٣٢.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب المواقيت ح ٢٧ ج ٣ ص ٨٣.

(٦) المقنعة: ص ٩٤.

١٣٨

فرع:

لو صلى الظهر أول الوقت فنسي بعض الافعال كالقراء‌ة والاذكار، لم يجب تأخير العصر عن الفراغ منهما بقدر الاذكار المنسية على الاقرب، ولو كانت مما يتلافى وجب فعله قبل العصر، وكذا الاحتياط، وكذا سجدتا السهو على الاحوط.

ويمتد وقت الفضيلة إلى أن يصير ظل الشخص الحادث بعد الزوال مثله، لا مثل المتخلف قبل الزوال، وروي(١) أربعة أقدام، وروي(٢) ذراع أو قدمان، واختلاف الرواية بحسب حال المتنفلين في السرعة والبطئ والفراغ والشغل، أو بحسب الافضلية في الوقت، ووقت الاجزاء إلى أن يبقى من الغروب قدر أدائها ثم العصر.

وفضيلة العصر إلى المثلين أو الذراعين، وإجزاؤها إلى أن يبقى للغروب قدرها.

ويستحب تأخير العصر إلى آخر وقت فضيلة الظهر، إلا مع العذر أو في يوم الجمعة أو ظهري عرفة، ورواية عباس الناقد(٣) عن الصادق عليه السلام باستحباب الجمع غير صريحة، مع معارضتها بأشهر(٤) منها.

وأول وقت المغرب غروب الشمس، ويعلم بذهاب الحمرة المشرقية على الاقوى لا باستتار القرص، ويختص بقدر أدائها ثم يدخل وقت العشاء الآخرة.

وفضيلة المغرب إلى ذهاب المغربية، وإجزاؤها إلى أن يبقى لانتصاف الليل قدر إجزاء العشاء، وفضيلة العشاء إلى ربع الليل، وإجزاؤها إلى أن يبقى للنصف

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٨ من أبواب المواقيت ح ٣٢ ج ٣ ص ١٠٩.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٨ من أبواب المواقيت ح ٢٠ ج ٣ ص ١٠٦ وح ٣٤ ص ١١٠.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٣٢ من أبواب المواقيت ح ٩ ج ٣ ص ١٦٣.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٣٢ من أبواب المواقيت ح ٨ ج ٣ ص ١٦٢.

١٣٩

قدرها، وفي المعتبر(١) آخر وقتها طلوع الفجر وهو مروي(٢) ، لكن الانتصاف أشهر.

وأول وقت الصبح طلوع الفجر الثاني المستطير في الافق، وفضيلته إلى التنوير و يعبر عنه بالاسفار وبطلوع الحمرة، وإجزاؤها إلى طلوع الشمس.

(٢٦) درس

وقت نافلة الزوال منه إلى أن يصير الفئ الحادث على قدمين، ونافلة العصر إلى أربعة أقدام، ويسمى الاولى صلاة الاوابين، والثانية السبحة، وقيل: يمتدان بامتداد وقت الاختيار وله شواهد من الاخبار(٣) ، وحينئذ الاقرب استئثار النافلتين بجميع وقت الاختيار، وظاهر المبسوط(٤) استثناء قدر إيقاع الفريضتين من المثل أو المثلين، وروي(٥) جواز النافلتين في كل النهار، وحملت على الضرورة.

نعم في يوم الجمعة تزيد أربعا، ويفرق سداس عند انبساط الشمس ثم ارتفاعها ثم قيامها وركعتان عند الزوال، ويجوز تأخيرها عن العصر وصلاة ست بين الفريضتين، والتقديم على الزوال أفضل على الاشهر.

ولو خرج وقت نافلتي الزوال وقد تلبس بركعة أتمها في غير يوم الجمعة، وفيه لا مزاحمة بعد الزوال، وكذا لا مزاحمة لو قلنا بامتدادها طول النهار، إذ يستثنى منه قدر الفرضين، فلو بقي مقدار الفرضين لا غير قطع النافلة مطلقا،

____________________

(١) المعتبر: ص ١٣٨.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١٠ من أبواب المواقيت ح ٩ ج ٣ ص ١١٦.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٨ من أبواب المواقيت ح ١ و ٢ وج ٣ ص ١٠٢.

(٤) المبسوط: ج ١ ص ٧٢.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٣٧ من أبواب المواقيت ج ٣ ص ١٦٨.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

(17)

واستقلال الخير وإن كثر من قولي وفعلي

واستكثار الشرّ وإن قلّ من قولي وفعلي

  استقلال الخير: عدّة قليلاً، واعتبار ما صدر من الإنسان من الخيرات شيئاً يسيراً، وإن كان في الواقع كثيراً، سواء الخير من أقواله أم أفعاله.

  واستكثار الشرّ: عدّة كثيراً، وإن كان في الواقع قليلاً نادراً، سواء في قول الشرّ أم عمله.

وهذه من الخصال المحمودة التي هي حيلةٌ وزينة.

ليس فقط لا يحدّث الإنسان الناس بخيراته وأعماله الخيّرة، بل يعدّها عنه نفسه نزراً يسيراً.

وفي مقابله إن صدر منه شيرٌ قليل، ليس فحسب لا يتهاون به، بل يعدّه عند نفسه كثيراً.

وهذا الاستقلال والاستكثار مفيدان غاية الفائدة في تهذيب النفس، وتزكية الروح، وذلك:

  أمّا استقلال الخير من نفسه، ففائدته عدم استيلاء العُجب عليه.

٢٢١

والعجب هو: استعظام العمل الصالح واستكثاره، والإدلال به، وأن يرى الإنسان نفسه خارجاً عن حدّ التقصير.

وهو يوجب سقوط العمل عن القبول، وهو مذموم، كما تلاحظ ذمّه في الأحاديث الشريفة، ومنها: ـ

1 ـ حديث الإمام الصادق عليه السلام قال: ـ

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ـ بينما موسى عليه السلام جالساً، إذ أقبل إبليس وعليه برنس ذو ألوان، فلمّا دنى من موسى عليه السلام خلع البرنس، وقام إلى موسى فسلّم عليه.

فقال له موسى: مَن أنت؟

فقال: أنا إبليس.

فقال له: أنت، فلا قرّب الله دارك.

قال: إنّي جئت لاُسلّم عليك كلمكانك من الله.

فقال له موسى عليه السلام: فما هذا البُرنس؟

قال: به أختطفُ قلوب بني آدم.

فقال موسى: فأخبرني بالذنب الذي إذا أذنبه ابن آدم استحوذتَ عليه؟

قال: إذا أعجبته نفسه، واستكثر عمله، وصغر في عينه ذنبه (1).

2 ـ حديث الإمام الصادق عليه السلام قال:

قال داود النبيّ عليه السلام: لأعبدنَّ الله عبادة، ولأقرأنَّ قراءةً لم أفعل مثلها قطّ، فدخل في محرابه، ففعل.

فلمّا فرغ من صلاته، إذا هو بضفدع في المحراب، فقال لداود: ـ أعجبَكَ اليوم ما فعلت من عبادتك وقراءتك؟

__________________

(1) اُصول الكافي / ج 2 / ص 237 / ح 8.

٢٢٢

فقال: نعم.

فقال: لا يعجبنّك، فإنّي اُسبّح لله في كلّ ليلةٍ ألف تسبيحة، يتشعّب لي مع كلّ تسبيحة ثلاثة آلاف تحميدة، وأنّي لأكون في قعر الماء فيصوّت الطير في الهواء، فأحسبه جائعاً، فأطفوا له على الماء ليأكلني وما لي من ذنب (1) .

3 ـ حديث رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: ـ

تصعد الحفَظَة بعملِ العبد يزهر كالكوكب الدرّيّ في السماء، له دويٌّ بالتسبيح، والصوم، والحجّ، فيمرّ به إلى ملك السماء الرابعة فيقول له: قِف، فاضرب بهذا العمل وجة صاحِبه وبطنَه، أنا مَلَك العُجب، إنّه كان يعجبُ بنفسه، وأنّه عمل وأدخل نفسه العُجب، أمرني ربّي أن لا أدع عملَه يتجاوزني إلى غيري، فاضرب به وجه صاحبه (2) .

فاستقلال الإنسان الخير من نفسه يفيد الإنسان التحذّر عن هذا العجب المفسد لذلك العمل الخيّر.

  وأمّا استكثار الشرّ من نفسه، ففائدته عدم التهاون بالمعصية.

والتهاون بالمعصية هو جعلها هيّنةً، وعدم الاهتمام بها، وهو يوجب الجرأة على عصيان الله العظيم، عصيان جبّار السماء والأرض، وهو مذموم ممقوت كما تلاحظه في الأحاديث الشريفة منها: ـ

1 ـ حديث الإمام الصادق عليه السلام قال: ـ

إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله نزل بأرضٍ قرعاء ـ أي لا نبات ولا شجر فيها ـ فقال لأصحابه: ائتوا بحطب.

__________________

(1) بحار الأنوار / ج 71 / ص 230 / ح 7.

(2) مستدرك الوسائل / ج 1 / ص 141 / ح 17، ولاحظ قضيّة ابن الماوردي في كون العجب مقروناً بالجهل، في سفينة البحار / ج 6 / ص 156.

٢٢٣

فقالوا: يا رسول الله، نحن بأرضٍ قرعاء، ما بها من حطب.

قال: فليأت كلّ إنسن بما قدر عليه.

فجاؤوا به، حتّى رَمَوا بين يديه بعضه على بعض.

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: هكذا تجتمع الذنوب.

ثمّ قال: إيّاكم والمحقّرات من الذنوب... (1).

2 ـ حديث أمير المؤمنين عليه السلام: ـ

(أشدّ الذنوب ما استهان به صاحبه) (2) .

3 ـ حديث وصيّة النبيّ صلى الله عليه وآله لأبي ذرّ الغفاري رضوان الله عليه: ـ

يا أبا ذرّ.. إنّ المؤمن ليرى ذنبه كأنّه تحت صخرة، يخاف أن يقع عليه، وإنّ الكافر ليرى ذنبه كأنّه ذباباٌ مرَّ على أنفه.

يا أبا ذرّ، إنّ الله تعالى إذا أراد بعبدٍ خيراً جعل ذنوبه بين عينيه ممثّلة، والإثم عليه ثقيلاً وبيلاً، وإذا أراد بعبدٍ شرّاً أنساه ذنوبه.

يا أبا ذرّ، إنّ نفس المؤمن ارتكاضاً ـ أي اضطراباً ـ من ال خطيئة من العصفور حين يقذف في شَرَكه (3) .

فإذا استكثر الإنسان الشرّ من نفسه، لم يتهاون به، بل اشتدّ اجتنابه عنه.

فاللّازم علنيا في مكارم أخلاقنا أن نستقلّ الخير من أنفسنا في أقوالنا وأفعالنا وإن كثرت.

وأن نستكثر الشرّ من أنفسنا في أقوالنا وأفعالنا وإن قلّت.

__________________

(1) اُصول الكافي / ج 2 / ص 218 / ح 3.

(2) غرر الحكم ودرر الكلم / ج 1 / ص 192 / ح 318.

(3) بحار الأنوار / ج 77 / ص 79.

٢٢٤

وفي حديث الإمام الكاظم عليه السلام: ـ

(لا تستكثروا كثير الخير، ولا تستقلّوا قليل الذنوب، فإنّ قليل الذنوب يجتمع حتّى يكون كثيراً) (1) .

فالمفروض علينا أن نهذّب أنفسنا ونروّضها على هاتين الخصلتين، فنفكّر في خيرات وعبادات ومواعظ أولياء الله تعالى، فتصغر في أعيننا خيرنا وعبادتنا وأقوالنا.

ونفكّر في نزاهة أولياء الله من الشرور والذنوب في قولٍ أو فعلٍ منهم، فتكثر في أعيينا شرورنا ومعاصينا.

وأهل البيت عليهم السلام لم يكن لهم شرٌّ في الحياة في آنٍ من الآنات، وكانت حياتهم مليئة بالخيرات والطيّبات من أقوالهم وأفعالهم، وبالرغم من ذلك كانوا يستقلّون خير أنفهسم، كما مرّ عليك في حديث الأعرابي الذي وفدَ على الإمام الحسين عليه السلام حين أغناه بأربعة آلاف دينار، ومع ذلك كان يعتذر إليه بقلّة النفقة منه (2) .

__________________

(1) بحار الأنوار / ج 73 / ص 346.

(2) بحار الأنوار / ج 44 / ص 190.

٢٢٥

٢٢٦

(18)

وأكمِلْ ذلكَ لي بدوام الطاعة

الطاعة هي: موافقة الأمر، وامتثاله والانقياد له.

كامتثال أوامر الله تعالى ونواهيه، فإنّه طاعةٌ لله تعالى.

ودوام الطاعة: استمرارها، مضافاً إلى إيجادها وتحقّقها.

والسعادة العظمى في الدُّنيا والآخرة هي إطاعة الله تعالى، وإطاعة من أمرنا الله تعالى بإطاعتهم.

وهم الرسول الأعظم وأهل بيته الكرام عليهم السلام فو قوله عزّ اسمه: ـ

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّـهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ) (1) .

وقد تظافرت الأحاديث من الفريقين في تفسير اُولي الأمر بأهل البيت الطيّبين، الأئمّة المعصومين عليهم السلام (2) .

وهذه الإطاعة فوز الدُّنيا والآخرة، وسعادة الدارين الاُولى والاُخرى.

__________________

(1) سورة النساء: الآية 59.

(2) لاحظ تفسير البرهان / ج / ص /. وإحقاق الحقّ / ج 3 / ص 424.

٢٢٧

قال تعالى: ( يُطِعِ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ) (1) .

وقال عزّ اسمه: ـ ( وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا ) (2) .

وذكرت الأحاديث الشريفة فضلها وفضيلتها في جملة منها مثل: ـ

1 ـ حديث رسول الله صلى الله عليه وآله: ـ

(... إنّ طاعة الله نجاحُ كلّ خيرٍ يُبتغى، ونجاةٌ من كلّ شرٍّ يُتّقى، وإنّ الله العظيم يعصم من أطاعه، ولا يعتصم منه من عصاه) (3) .

2 ـ حديث الإمام الرضا عليه السلام في قوله تعالى: ( يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ ) (4) قال عليه السلام: ـ (لقد كان ابنه، ولكن لمّا عصى الله عزّوجلّ نفاه الله عن أبيه.

كذا من كان منّا لم يطع الله فليس منّا.

وأنت إذا أطعت الله فأنت منّا أهل البيت) (5) .

فإطاعة الله تعالى هو الإكسير الأعظم، والفوز الأتمّ، بخير الدارين، وسعادة النشأتين والاستمرار عليها.

وإطاعة الإنسان لربّه، وللرسول صلى الله عليه وآله، ولأهل البيت عليهم السلام، عجيبة في النتيجة، من حيث إنّها توجب أن يكون الإنسان من أولياء الله المقرّبين، ومن مظاهر قدرة ربّ العالمين، حتّى أنّها توجب نيل الكرامات وإطاعة المخلوقات للإنسان كما تلاحظه في مثل: ـ

1 ـ الصاحبي الجليل سلمان المحمّدي رضوان الله تعالى عليه، وقضاياه التي

__________________

(1) سورة الأحزاب: الآية 71.

(2) سورة النساء: الآية 69.

(3) بحار الأنوار / ج 77 / ص 69.

(4) سورة هود: الآية 46.

(5) بحار الأنوار / ج 43 / ص 230.

٢٢٨

تلاحظها في مثل حديث القدر المغلي (1) ، وحديث طينته (2) .

2 ـ جابر الجُعفي رضوان الله تعالى عليه، وقضاياه التي تجدها في مثل طيّ الأرض له، وسفره إلى أرض السواد (3) .

وهذه الفقرة من الدّعاء الشريف يُطلب فيها من الله تعالى تكميل تلك المكارم الأخلاقيّة المتقدّمة: بسط العدل، وكظم الغيظ.. إلخ، بدوام طاعة الله تعالى، وعدم عصيانه.

فإنّ ترك الطاعة وارتكاب المعصية، نقضٌ لتلك المكارم الأخلاقيّة، بل موجبٌ لارتكاب الاُمور المذمومة، والأفعال المحرّمة.

فيُطلب دوام الطاعة في الأوامر والنواهي الإلهيّة، وفي الصفات المرغوبة الأخلاقيّة.

وهذا يحتاج إلى الطلب من الله تعالى؛ لأنّ البقاء على العمل أصعب من نفس إتيان العمل، ومستلزمٌ للصبر وتحمّل المشقّة.

  والمثل الأعلى في دوام الطاعة، وعدم الخروج عنها طرفة عين هم أهل البيت عليهم السلام الذين لم يعصوا ولا يعصون الله تعالى فيما أمرهم، ولا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون.

لم يخالفوا الله تعالى في صفيرةٍ ولا كبيرة، في شدّةٍ ولا رخاء، حتّى أنّهم لم يفعلوا ما كان الأولى تركه، ولم يتركوا ما كان الأولى فعله.

فاتّصفوا بالعصمة الكبرى والطهارة العظمى، كما تدلّ عليه أدلّة الكتاب والسنّة مثل: آية التطهير، وأحاديث العصمة المرويّة من طرق الفريقين (4).

__________________

(1) رجال الكشّي / ص 19.

(2) الاختصاص / ص 221.

(3) رجال الكشّي / ص 172.

(4) لاحظ تحقيقه ومصادره في كتاب العقائد الحقّة / ص 349 / مبحث العصمة.

٢٢٩

فيلزم علينا الاقتداء بأهل البيت عليهم السلام، وتكميلاً للصفات الحسنة التي هي حلية الصالحين وزينة المتّقين، وترويض النفس على الصبر عليها، وعدم إبداء السخط منها، لكي يحصل لنا الكمال بتلك الصفات، والأجر بالصبر عليها، وعدم الندامة من تركها.

فإنّ تركها يوجب الندم، وإظهار السخط منها يوجب الخجل، كما في قضيّة ذلك العالم المحقّق الذي أبدى السخط، ولم يصبر عند تأخير حاجته، فحصلت له الندامة.

فقد حكى بعض السادة الأجلّاء الثقات عن أحد العلماء المحقّقين الذي كان يؤلّف كتاباً في الدفاع عن أهل البيت عليهم السلام الذي هو من أهمّ الوظائف الشرعيّة على علماء الدِّين، وأصحاب القلم من المحقّقين.

فاحتاج هذا العالم في مصادر كتابه إلى كتاب كان نادر الوجود، وكلّما بحث عنه في النجف الأشرف لم يعثر عليه، وكان يعلم أنّه موجود في النجف، لكن لم يعرف أنّه عندَ مَن.

فتوسّل بالإمام أمير الؤمنين عليه السلام أن يهيّئ له ذلك الكتاب، حتّى يستعيره ويستفيد منه وينقل عنه.

ودام التوسّل بالإمام عليه السلام ستّة أشهر متواصلة، لكن لم تحصل له النتيجة.

وبعد هذه المدّة الكثيرة، وبينما هو أمام الضريح المقدّس، وملتصقٌ به، ويتوسّل بالإمام ويطلب منه الكتاب ويقول:

(أنت مولاي، وتعلم بإذن الله تعالى أين يوجد الكتاب، وأنا محتاج إليه، فارشدني إلى موضعه).

بينما هو يقول هذا، إذ سمع من الطرف الآخر من الضريح لمقدّس، شخصاّ

٢٣٠

آخر يطلب من الإمام عليه السلام حاجته، ويبدو من لسانه أنّه شخصٌ قرويّ، ويقول بلهجةٍ حادّة للإمام عليه السلام: ـ

(لو لم تعطني حاجتي لا أزورك بعد هذا أبداً).

ومرّت سبعة أيّام على هذه القضيّة، وبينا أنا أيضاً مقابل للضريح الشريف أطلب حاجتي، إذ سمعت ذلك القروي يقول للأمير عليه السلام بلهجته الخاصّة: ـ

(أروح لك فدوه يا علي، أعطيتني حاجتي، كفو، كفو، كفو).

قال ذلك العالم: لمّا رأيت أنا ذلك هاجت نفسي، وخرجتُ عن الطبيعة، ونفذ صبري، وصرتُ أقول للإمام عليه السلام بخشونة شديدة.

(شنو حاجة هذا المعيدي غير الدُّنيا، تعطيه سريعاً، ولا تعطيني حاجتي وهي للدفاع عنكم وكتابة فضائلكم).

وخرجت من الحرم الشريف شبه الزعلان، وبحالة الغضب ـ وهذا هو محلّ الصبر على الطاعة وعلى تلك المكارم الأخلاقيّة، وامتحان من يدوم له لين العريكة ومن لا يدوم ـ.

ولمّا وصلت إلى داري ندمتُ كثيراً على أنّه لماذا تجاسرت بخدمة الإمام عليه السلام وهو خلاف الأدب.

وخصوصاً وبيما أنا كذلك، إذ طرق باب الدار جارٌ لنا، فذهب ولدي وفتح الباب، ودخل عَليَّ جارنا، فرحّبت به، وجلس عندي، ودار الكلام عندنا فقال الجار: نحن في حالة انتقال إلى دارٍ جديد، وقد نظّفنا دارنا الفعلي لنحوّله إلى المشتري، وفي أثناء تنظيف رفوف الدار عثرتُ في الرفّ الأعلى على كتابٍ أنا لا أستفيد منه لأنّي لا أعرف القراءة والكتابة..

فقلتُ لابني: ـ إذهب بهذا الكتاب، واجعله في المسجد.

فقال ابني: ـ لا يا أبه، لا تجعله في المسجد، بل أعطه لجارنا العالم ـ حتّى

٢٣١

يستفيد منه، وهو هذا الكتاب، جئت به إليك هديّة لك.

قال ذلك العالم: فأخذتُ منه الكتاب، فإذا هو نفس الكتاب الذي طلبته من أمير المؤمنين عليه السلام، طلبتُ منه أن يرشدني إليه لأستعيره، لكن ذلك الكريم صلوات الله عليه أهداه لي، وملّكه بدل الاستعارة.

فذهبت واعتذرت من أمير المؤمنين عليه السلام على سوء أدبي، وعدم صبري، وتشكّرت منه على لطفه وإحسانه.

وعليه فالمطلوب تكميل مكارم الأخلاق بدوام الطاعة واستمرارها، وعدم النقض بالمعاصي والمحرّمات، أما بما يخالف الأخلاقيّات.

فيُستدام على الطاعات بصبر، ويستمرّ على المكارم والأخلاقيّات بتحمّل، فيحصل بذلك الكمال الكامل، والفضل الشامل.

٢٣٢

(19)

ولزوم الجماعة

اللّزوم هو: الملازمة، وعدم المفارقة.

والجماعة هي: جماعة الناس..

والمراد بها جماعة المؤمنين المتّفقين على المذهب الحقّ، لا كلّ جماعةٍ وإن كانت باطلة.

و «أل» فيها عهديّة، والمعهود في الدّعاء جماعة أهل الحقّ..

نظير «أل» العهديّة في القرآن الكريم في قوله تعالى: ( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) (1) حيث إنّ المعهود فيها نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله.

وقوله عليه السالم: (ولزوم الجماعة) معطوف على قوله: (بدوام الطاعة) أي واكمل لي ذلك بلزوم الجماعة.

فتكمل المكارم الأخلاقيّة المتقدّمة بدوام طاعة الله تعالى والاستمرار عليها، وملازمة جماعة أهل الحقّ وعدم مفارقتهم.

بل عدم مفارقتهم ولو لحظةً واحدة حتّى يدصق التلازم وعدم الافتراق، كما

__________________

(1) سورة الأحزاب: الآية 6.

٢٣٣

تلاحظه في الملازمة بين طلوع الشمس ووجود النهار، فإنّهما لا يفترقان أبداً.

حيث إنّ المفارقة عن الحقّ لا يعني إلّا الدخول في الباطل، فإنّه ليس بعد الحقّ إلّا الضلال.

ويدلّ على كون المراد بالجماعة جماعة أهل الحقّ، الحديث الصادقي الشريف:

(سُئل رسول الله صلى الله عليه وآله: ما جماعة اُمّتك؟

فقال: ـ جماعةُ اُمّتي أهل الحقّ، وإن قلّوا).

وفي حديثٍ آخر: (فقال: من كان على الحقّ، وإن كانوا عشرة) (1) .

فمفاد الدعاء الشريف طلب ملازمة جماعة أهل الحقّ التي هي الفضائل المكمّلة لمكارم الأخلاق، ومعالي الصفات.

فهي التي تكون حلية الصالحين، وزينة المتّقين، وإلّا فملازمة أهل الباطل رذيلة ومعيبة، وليست حلية وزيزنة.

والجدير بالبيان هو معرفة أنّه:

مَن هم جماعة أهل الحقّ الذين يلزم متابعتهم وملازمتهم؟

الجواب: هم الذين بيّنهم الرسول الأعظم، ونصّ عليهم صاحب هذا الدِّين، النبيّ الأمين صلى الله عليه وآله، فقال في الأحاديث المتظافرة المتّفق عليها بين الفريقين: ـ

(عليٌّ مع الحقّ والحقّ معه، يدور حيثما دار) (2) .

(أهل بيتي مع الحقّ، والحقّ معهم، لا يفارقهم ولا يفارقوه) (3) .

فمحور الحقّ هم عليٌّ وأهل البيت عليهم السلام، فإذا أردنا أن نعرف أنّه هل هذا الشخص على الحقّ أو على الباطل؟

__________________

(1) رياض السالكين / ص 224.

(2) غاية المرام / ص 539.

(3) إحقاق الحقّ / ج 9 / ص 479.

٢٣٤

يكون المحك هو عليّ عليه السلام.. فإن كان الشخص مع عليّ عليه السلام فهو على حقّ، وإلّا فهو على باطل.

فأمير المؤمنين عليه السلام (هو فارق بين الحقّ والباطل) كما نصّ عليه رسول الله صلى الله عليه وآله (1) .

ولذلك عبّر عنه الرسول في واقعة الخندق بالإيمان كلّه، ومنحه أعظم وسام بقوله صلوات الله عليه وآله: ـ (برز الإيمان كلّه).

فكلّه حقّ لأنّ كلّه إيمان، فمن كان معه كان مع الحقّ ومن أهل الإيمان، ومن لم يكن معه فهو على باطل وعلى غير إيمان.

فيتّضح جيّداً أنّ المراد بالجماعة في الدعاء الشريف هم جماعة عليّ وأهل البيت عليهم السلام فهم جماعة أهل الحقّ الذي تكون ملازمتهم فضيلة وحلية.

وقد عقد العلّامة المجلسي أعلى الله مقامه باباً في البحار في لزوم الجماعة بأحاديث شريفة منها: ـ

حديث علي بن جعفر عن أخيه الإمام موسى بن جعفر عن آبائه عليهم السلام قال: ـ

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ـ

من فارق جماعة المسلمين فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه.

قيل: يا رسول الله وما جماعة المسلمين؟

قال: جماعة أهل الحقّ وإن قلّوا (2) .

وفائدة ملازمة أهل البيت عليهم السلام هي سعادة الدُّنيا والآخرة.

ففي حديث رسول الله صلى الله عليه وآله: ـ

(إلزموا عليّ بن أبي طالب، فاز من لزمه) (3) .

__________________

(1) إحقاق الحقّ / ج 4 / ص 26.

(2) بحار الأنوار / ج 29 / ص 68 / ب 3 / ح 1.

(3) إحقاق الحقّ / ج 4 / ص 26، و ص 149.

٢٣٥

وفي حديث الإمام الرضا عليه السلام: ـ

(مَن لزمنا لزمناه، ومن فارقَنا فارقناه) (1) .

وفي حديث الزيارة الجامعة المباركة: ـ

(فاز مَن تمسّك بكم، وأمِنَ مَن لجأ إليكم، وسَلِم مَن صدّقكم، وهُدي من اعتصم بكم) (2) .

فنسأل الله تعالى أن يرزقنا ملازمتهم، ويديم لنا موالاتهم، ويمنّ علينا بالجنّة معهم كما في بشارة رسول الله صلى الله عليه وآله: ـ

(من أحبَّ أن يحيى حياتي، ويموت مماتي، ويدخل الجنّة التي وعدني ربّي، فليتولّ عليّاً بعدي، فإنّه لن يخرجكم من هدى، ولن يدخلكم في ردى) (3) .

__________________

(1) وسائل الشيعة / ج 18 / ص / ب / ح.

(2) عيون الأخبار / ج 2 / ص 277.

(3) أمالي الشيخ الطوسي / ج 2 / ص 107.

٢٣٦

(20)

ورفضِ أهلِ البِدَع ومستعملي الرأي المخترَع

الرفض هو الترك، والردّ، وعدم القبول.

والبدَع: جمع بدعة، وهي اسمٌ من الابتداع بمعنى الإحداث والإختراع.

قال في المجمع: ـ (البدعة: بالكسر فالسكون: الحدثُ في الدِّين وما ليس له أصلٌ في كتابٍ ولا سنّة.

وإنّما سمّيت بدعة لأنّ قائلها ابتدعها من نفسه) (1) .

وقال في المرآة: ـ (البدعة في عرف الشرع ما حدث بعد الرسول صلى الله عليه وآله، ولم يَرد فيه نصٌّ على الخصوص، ولا كيون داخلاً في بعض المعلومات، أو ورد فيه نهيٌ عنه خصوصاً أو عموماً) (2) .

ويؤيّده الحديث الشريف: ـ السُنّة ما سنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله، والبدعة ما اُحدث من بعده) (3) .

__________________

(1) مجمع البحرين / ص 370.

(2) مرآة الأنوار / ص 78.

(3) بحار الأنوار / ج 2 / ص 266.

٢٣٧

وعُرّفت في الاصطلاح الفقهي بأنّها هي: ـ

(إدخال ما ليس من الدِّين في الدِّين، نظير إدخال التكتّف في الصلاة.

ومثله إخراج ما ثبت في الدٍّين من الدِّين، نظير إسقاط حيَّ على خير العمل من الأذان).

وقد حدثت هذه البِدَع المذمومة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله بواسطة الغاصبين والظالمين والمنحرفين.

وقد ذكر السيّد الجليل شرف الدِّين أعلى الله مقامه في كتابه الخاصّ بذلك (النصّ والاجتهاد) 71 مورداً من بدع الغاصبين، منها: ـ

1 ـ غصب نحلة الزهراء عليها السلام، وبدعتهم أنّ الرسول لم يورّث، وهذه بدعة الأوّل والثاني.

2 ـ قتل مانعي الزكاة بما جناه خالد بن الوليد في مالك بن نويرة، وهذه بدعة الأوّل.

3 ـ تحريم متعة الحجّ، ومتعة النساء، وهذه كانت من قِبَل الثاني.

4 ـ إسقاط طواف النساء من الحجّ.

5 ـ إسقاط (حيّ على خير العمل) من الأذان.

6 ـ إدخال الصلاة خيرٌ من النوم في أذان الصبح.

7 ـ تشريع الطلاق ثلاثاً مؤبّداً في مجلسٍ واحد.

8 ـ تشريع صلاة التراويح.

9 ـ حكم الثاني بسقوط الصلاة عند فقدان الماء.

10 ـ تقديم الثالث رأيه على نصوص الكتاب والسنّة، كإتمامه الصلاة في السفر، وإعطاءه الخمس لغير بني هاشم، بل للطريد مروان بن الحكم (1) .

__________________

(1) لاحظ للاستقصاء كتاب الغدير / ج 6 / فصل نوادر الأثر، خصوصاً الصفحات: ـ 83، 108، 187، 282، 294.

٢٣٨

هذه هي البدع المبتدعة التي يأتي بيان فسادها وذمّها في الأحاديث الشريفة.

وفي هذا الدعاء الشريف يُطلب من الله تعالى التكميل برفض أهل البدع، وتركهم، وعدم القبول منهم.

أي واكمل لي ذلك برفض أهل البدع.

  قوله عليه السلام: ـ (ومستعملي الرأي المخترع) عطفٌ على أهل البدَع، أي واكمل لي ذلك برفض مستعملي الرأي المخترع.

ومستعملي الرأي المخترع هم الذين اخترعوا رأياً من عند أنفسهم، وبناقص عقولهم، ثمّ عملوا به وأفتوا على طبقه، كاختراع القياس في الدِّين.

والرأي المخترع قسمٌ من البدعة، لأنّه إدخال ما ليس من الدِّين في الدِّين، خصّص بالذمّ، وأكّد بالردع.

ومذموميّة البدعة واختراع الرأي ممّا تظافرت به الأدلّة المعتبرة، والأحاديث الشريفة.

فتكون صفةً مذمومة منافية للتقوى والصلاح، فيلزم تركها، والابتعاد عنها في سبيل تحصيل التقوى، وتزيين الصالحين.

وممّا ورد في ذمّ البدعة والرأي المخترّع: ـ

1 / حديث الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما السلام قالا: ـ

(كلّ بدعة ضلال، وكلّ ضلالة سبيلها إلى النار) (1).

2 / حديث الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: ـ

(لا تصحبوا أهل البدع، ولا تجالسوهم، فتصيروا عند الناس كواحدٍ منهم، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: المرء على دين خليله) (2) .

__________________

(1) اُصول الكافي / ج 1 / ص 45.

(2) اُصول الكافي / ج 2 / ص 278.

٢٣٩

3 / حديث أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: ـ

(من مشى إلى صاحب بدعةٍ فوقّره، فقد مشى في هدم الإسلام) (1) .

4 / حديث رسول الله صلى الله عليه وآله أنّه قال: ـ

(من أحدث في الإسلام، أو آوى مُحدِثاً، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) (2) .

5 / حديث الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال: ـ

(إنّ أصحاب المقاييس طلبوا العلم بالمقاييس، فلم تزدهم المقاييس من الحقّ إلّا بُعداً، وإنّ دين الله لا يُصاب بالعقول) (3) .

وعليه فالبدعة وإحداث الرأي المخترَع من الضلال والباطل، وقد ارتكب أشنعه أهل الخلاف كما ذكر شيٌ منها في الفصل الثالث من كتابنا: شيعة أهل البيت عليهم السلام.

فقد حكى الزمخشري عن يوسف بن أسباط أنّه قال: ردّ أبو حنيفة على النبيّ أربعمائة حديث...

قيل: مثل ماذا؟

قال: مثل هذا: ـ

قال رسول الله صلى الله عليه وآله: «للفرس سهمان».

وقال أبو حنيفة: لا أجعل سهم بهيمة أكثر من سهم المؤمن (4) .

وأشعر رسول الله صلى الله عليه وآله البُدن.

__________________

(1) عقاب الأعمال / ص 307.

(2) مستدرك الوسائل / ج 12 / ص 322.

(3) اُصول الكافي / ج 1 / ص 56 / ح 7. وفي الحديث 20 (أوّل من قاس إبليس).

(4) يردّه أنّ سهمي الفرس من غنائم الحرب يكون لنفس الفارس، لعنائه، وتكلّفه مؤونة فرسه، ومأكله واصطبله، لا لنفس الفرس حتّى يكون سهماً للبهيمة كما توهّم.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507