الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء ١

الدروس الشرعية في فقه الامامية11%

الدروس الشرعية في فقه الامامية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 507

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 507 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 130811 / تحميل: 8509
الحجم الحجم الحجم
الدروس الشرعية في فقه الامامية

الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

فروع:

لو انحنى لا للسجود لم يجزئ وعليه العود له، ولو وضع الجبهة والاعضاء بقصد غير السجود احتمل البطلان، نعم لو صار ساجدا بغير قصد السجود ولا ضده فالاقرب الاجزاء، وأولى منه ما إذا قصد السجود فسقط على مساجده اتفاقا، ولو زال ألم الساجد على أحد الجبينين أو على الذقن، فإن كان بعد الذكر أجزأ وإلا استدرك.

وسننه التكبير له قائما رافعا يديه، ثم الهوي متخويا سابقا بيديه معا، وروي(١) البدأة باليمنى، وروي(٢) التخيير بين البدأة باليدين والركبتين، وجعل يديه بحذاء اذنيه مضمومتي الاصابع ورؤوسهما إلى القبلة، والتجنيح، ورفع الذراعين عن الارض، والتجافي، ومساواة مواضع الاعضاء، ويجوز التفاوت بلبنة لا أزيد(٣) ، وزيادة التمكن في السجود ليحصل(٤) السيماء، والارغام بالانف ولا يتعين طرفه الاعلى خلافا للمرتضى(٥) ، ونظره إلى طرفه، وبين السجدتين إلى حجره، والذكر أمام التسبيح، وتكراره كما سبق في الركوع، والدعاء فيهما وبينهما، والتكبير للرفع من الاولى معتدلا، ثم للهوي إلى الثانية، ثم للرفع منها معتدلا، ولو فعله في الهوي والارتفاع كان أدون فضلا، والتورك بين السجدتين، ويكره الاقعاء على الاقوى، وقيل: لا.

وجلسة الاستراحة متوركا، وهي عقيب الثانية حيث لا تشهد، وأوجبها المرتضى(٦) ، قيل: ويقول فيها: " بحول الله وقوته أقوم وأقعد "، والاشهر أن يقال هذا في

(١) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب السجود ح ١ و ٢ و ٤ و ٦ ج ٤ ص ٩٥٠.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب السجود ح ٣ ج ٤ ص ٩٥٠.

(٣) في " ق ": لا أزيد منه.

(٤) في " ق ": لتحصيل.

(٥) رسائل الشريف المرتضى: المجموعة الثالثة ص ٣٢.

(٦) الانتصار: ٤٦.

١٨١

قيامه، وفي رواية عبدالله بن سنان(١) عن الصادق عليه السلام " ربي(٢) بحولك وقوتك أقوم وأقعد "، وإن شئت وأركع وأسجد، وإذا قام اعتمد على يديه مبسوطتين سابقا برفع ركبتيه.

ويكره نفخ موضع السجود بما لا يؤدي إلى حرفين، وترك قصة المرأة على الجبهة بل يستحب لها كشفها، ويستحب للرجل كشف باقي الاعضاء، وأما كشف قدر مسجد الجبهة فواجب عليهما.

(٤٤) درس

وسابعها وثامنها: التشهد والتسليم، ويجب التشهد في الثنائية مرة وفي الثلاثية والرباعية مرتين، وليس ركنا، وفي الخلاف(٣) : الصلاة على النبي وآله ركن.

وصورته: " أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وآل محمد ".

ويجب الاتيان بلفظه ومعناه، ومع التعذر تجزئ الترجمة، ويجب التعلم، ومع ضيق الوقت يجزئ الحمد لله بقدره، لفحوى رواية بكير بن حبيب(٤) عن الباقر عليه السلام، والجلوس بقدره مطمئنا.

ويستحب التورك، ووضع اليدين على الفخذين مبسوطتين مضمومتي الاصابع، والنظر إلى حجره، وسبق " باسم الله وبالله والحمد لله وخير الاسماء لله "، وزيادة الثناء والتحيات في التشهد الذي يسلم فيه لا في الاول، والزيادة في الصلاة على النبي وآله، والدعاء، وإسماع الامام من خلفه، ويكره الاقعاء فيه كراهة مغلظة، وقال الصدوق(٥) والشيخ(٦) : لا يجوز.

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ١٣ من أبواب السجود ح ١ ج ٤ ص ٩٦٦ وفيه: اللهم ربي.

(٢) في باقي النسخ: اللهم ربي.

(٣) الخلاف: ج ١ ص ١١٨.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٥ من أبواب التشهد ح ٣ ج ٤ ص ٩٩٣. وفيه بكر بدل بكير.

(٥) المختلف: ج ١ ص ١٠٠.

(٦) النهاية: ص ٧٢.

١٨٢

ثم يجب التسليم آخر الصلاة، وصورته: " السلام عليكم "، وعليه الموجبون، وبعضهم أضاف " ورحمة الله وبركاته "، وهو أولى لرواية ابن اذينة(١) عن الصادق عليه السلام في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وآله في السماء وأكثر القدماء على الخروج بقوله: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وعليها معظم الروايات(٢) ، مع فتواهم بندبيتها، ومنهم من قال: يخرج بالصلاة على النبي وآله صلى الله عليهم في التشهد، وخير بعض المتأخرين بين الصيغتين، ولا بأس به.

ويجب الجلوس بقدره، والطمأنينة فيه، ومراعاة لفظه، ولا يجب نية الخروج به.

وسننه تقديم السلام على النبي وسائر الانبياء والملائكة والائمة، وإتباعه بالسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، كل ذلك وهو لازم سمت القبلة منفردا كان أو غيره، فإذا تلفظ بالسلام عليكم أومأ الامام بها عن يمينه بصفحة وجهه، والمنفرد بمؤخر عينه، والمأموم يسلم مرتين عن جانبيه، وإن لم يكن على يساره أحد ولو حائط اجتزأ بيمينه، وفي رواية علي بن جعفر(٣) عن أخيه عليهما السلام التسليم على الجانبين مرتين مطلقا، ويقصد المصلي الانبياء والملائكة والحفظة والائمة عليهم السلام، والمؤتم ينوي بالاولى الرد على الامام ويقصد بالثانية المأمومين.

(٤٥) درس

المرأة كالرجل في جميع الافعال إلا ما سبق، وأنها تجمع بين قدميها قائمة، وتضم بيديها ثدييها، وتضع يديها في الركوع فوق ركبتيها، وتبدأ في الهوي بالركبتين قبل اليدين، وبالجلوس قبل السجود، وتسجد لاطئة بالارض

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب أفعال الصلاة ح ١٠ ج ٤ ص ٦٧٩.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٤ من أبواب التسليم ج ٤ ص ١٠١٢.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٢ من أبواب التسليم ح ٢ ج ٤ ص ١٠٠٧.

١٨٣

متضممة من غير تجاف، وإذا جلست بين السجدتين أو في التشهد ضمت فخذيها ورفعت ركبيها من الارض، وإذا نهضت لم ترفع عجيزتها أولا بل تعتمد على جنبيها بيديها وتنسل انسلالا، والخنثى يتخير بين هيئة الرجل والمرأة، وكل ذلك ندب.

ويستحب الدعاء عند إرادة الصلاة بالمأثور، والذهاب إلى المسجد بالسكينة والوقار، وحفظ القلب في الصلاة وعلم ما يقول، وأن يخطر بباله أنها صلاة مودع.

ويكره الالتفات يمينا وشمالا، والتثاؤب، والتمطي، والعبث، والتنخم، والامتخاط، والبصاق، وفرقعة الاصابع، والتورك حال القيام وهو أن يعتمد بيديه على وركيه، وكذا يكره التراوح بين القدمين في القيام، ومسح وجهه من أثر السجود قبل الفراغ وتركه بعده، والتأوه بحرف، ومدافعة الحدث خبثا كان أو ريحا أو نوما، ولبس الخف الضيق، والايماء والاشارة إلا لضرورة، فيومئ برأسه أو بيده أو يضرب إحدى يديه على الاخرى، والتنبيه بالتسبيح والتكبير والقرآن أولى، وفي رواية الحلبي(١) عن الصادق عليه السلام الرجل يومئ بيديه ويشير برأسه والمرأة تصفق بيدها، وكره أبوالصلاح(٢) التجشي.

ويستحب التعقيب مؤكدا، وليبدأ بالتكبير ثلاثا رافعا بكل واحدة يديه إلى اذنيه، ثم التهليل، والدعاء بالمأثور، وتسبيح الزهراء عليها السلام من أفضله، وهو التكبير أربع وثلاثون ثم كل من التسبيح والتحميد(٣) ثلاث وثلاثون، والدعاء رافعا يديه لنفسه ولوالديه ولاخوانه وللمؤمنين، وسؤال الجنة

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٩ من أبواب قواطع الصلاة ح ٢ ج ٤ ص ١٢٥٦.

(٢) الكافي في الفقه: ص ١٢٥.

(٣) في باقي النسخ: التحميد والتسبيح.

١٨٤

والاستعاذة من النار، ومسح وجهه بهما عند الفراغ وصدره، وقول: " سبحان ربك رب العزة عما يصفون " الآيتين، وافتتاح الدعاء واختتامه بالصلاة على النبي وآله، والاقبال بالقلب وتيقن الاجابة.

وسجدتا الشكر، والتعفير بينهما، وسؤال الحاجة فيهما، وقول: " شكرا " مائة مرة، أو " عفوا "، ويجزئ ثلاث فما فوقها ورفع يديه فوق رأسه، والانصراف عن اليمين.

وتجب سجدة التلاوة في العزائم الاربع على التالي والمستمع، وفي السامع قولان: أحوطهما الوجوب، ويستحب في باقي السجدات مطلقا، ولا يشترط الطهارة ولا استقبال القبلة على الاصح، وتقضى لو فاتت، ووجوبها أو ندبها فوري، ويستحب الذكر فيها، والتكبير للرفع منها خاصة.

ويبطل الصلاة مبطل الطهارة وإن كان سهوا على الاصح، والردة، والالتفات دبرا، والكلام بحرفين عمدا ولو من النفخ والانين والتأوه، وفي الاكراه عليه وإشارة الاخرس والحرف المفهم نظر، ولو تكلم بظن(١) الخروج بعد أن سلم عامدا فالاقرب أنه كالناسي، وفي النهاية(٢) : يعيد الصلاة بالكلام، أما لو أحدث أو استدبر فالاشبه الاعادة، وكذا لو فعل فعلا كثيرا، والمشهور أنهما لا يبطلان سهوا.

والقهقهة لا التبسم، والبكاء للدنيا لا للآخرة، والفعل الكثير عادة لا القليل كقتل الحية، والكتف إلا لتقية، وكرهه أبوالصلاح(٣) والمحقق(٤) ، واستحب تركه ابن الجنيد(٥) ، وقد سبقهم الاجماع.

والاكل والشرب إذا كثرا أو أديا(٦)

____________________

(١) في باقي النسخ: لظن.

(٢) النهاية: ص ٩٣.

(٣) الكافي في الفقه: ص ١٢٥.

(٤) المعتبر: ص ١٩٦.

(٥) المختلف: ج ١ ص ١٠٠.

(٦) في باقي النسخ: آذنا.

١٨٥

بالاعراض عن الصلاة، لا بابتلاع ما يخرج من بقايا الغذاء وشبهه، وجوز الشيخ(١) الشرب في النافلة، ورواية سعيد الاعرج(٢) مخصوصة بالوتر لمريد الصيام وهو عطشان خائف فجأه الصبح.

والاقرب كراهة عقص الشعر، ورواية مصادف(٣) عن الصادق عليه السلام بإعادة الصلاة منه تحمل على الندب.

ويجوز تسميت العاطس، والحمد عند العاطس(٤) ، والرد على المسمت، ورد السلام بغير عليكم السلام، ويجوز بصيغتي القرآن وبقوله: السلام عليك، لرواية محمد بن مسلم(٥) عن الباقر عليه السلام، ولو حيا بغير السلام جاز الدعاء، ولو ترك إجابة السلام فعل حراما ولا تبطل الصلاة.

ويحرم قطع الصلاة إلا لضرورة كفوات مال أو تردي طفل.

(٤٦) درس

تجب صلاة الجمعة ركعتين بدلا من الظهر بشرط الامام أو نائبه، وفي الغيبة تجمع الفقهاء مع الامن.

وتجزئ عن الظهر على الاصح مع البلوغ، والعقل، والحضر والحرية، والذكورة، والصحة من العمى والمرض والاقعاد والشيخوخة المانعة، وعدم البعد بأزيد من فرسخين، وعدم اشتغاله بجهاز ميت أو مريض، أو حبس بباطل أو حق عجز عنه، أو خوف على نفسه ظلما أو ماله، أو مطر أو وحل شديد، ولو حضروا وجبت عليهم وانعقدت بهم، إلا غير

____________________

(١) المبسوط: ج ١ ص ١١٨.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٢٣ من أبواب قواطع الصلاة ح ١ و ٢ ج ٤ ص ١٢٧٣.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٣٦ من أبواب لباس المصلى ح ١ ج ٣ ص ٣٠٨.

(٤) في باقي النسخ: العطاس.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١٦ من أبواب قواطع الصلاة ح ١ ج ٤ ص ١٢٦٥.

١٨٦

المكلف والمرأة على الاصح. ويجب الحضور على من بعد بفرسخين(١) فناقصا أو صلاها(٢) في منزله إن اجتمعت الشرائط وبعد بفرسخ، وإلا تعين الحضور.

والاسلام شرط في الصحة لا الوجو ب، والعقل شرط فيهما، ويصح من المميز.

واجتماع خمسة أحدهم الامام في الاصح، واتحاد الجمعة في فرسخ، فلو تعددتا واقترنتا بطلتا، وإن سبقت وتعينت صحت، وصلت اللاحقة الظهر، ولو لم يتعين صليا الظهر، ولو اشتبه السبق والاقتران أعاد الجمعة على الاصح مع بقاء الوقت والظهر مع الخروج.

ونية الاقتداء فلا يقع فرادى، والاقرب وجوب نية الامامة هنا وفي كل ما يجب الاجتماع فيه، وتقديم الخطبتين فلا تنعقد بغيرهما ولا تكفي الواحدة، ويجب قيام الخطيب مع القدرة، وحمد الله والثناء عليه والصلاة على النبي وآله والوعظ وقراء‌ة سورة خفيفة في الاولى، وفي الثانية كذلك، ويصلي على أئمة المسلمين، ويستغفر فيهما(٣) للمؤمنين والمؤمنات.

ويجب الجلوس بينهما على الاقوى، وإيقاعهما بعد الزوال، والمروي(٤) جوازهما قبله، والطهارة من الخبث(٥) فيهما على الاقوى، وفي المعتبر(٦) : لا يشترط الطهارة من الخبث ولا من الحدث الاصغر.

والاولى وجوب الاصغاء، ويحرم الكلام في أثنائهما إلا بعدهما، وحرم المرتضى(٧) فيهما كل ما يحرم في الصلاة.

____________________

(١) في " ق ": فرسخين.

(٢) في باقي النسخ: صلاتها.

(٣) في " م " و " ق ": فيها.

(٤) وسائل الشيعة: ب ١٥ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ج ٥ ص ٣٠.

(٥) في باقي النسخ: الحدث.

(٦) المعتبر: ص ٢٠٤.

(٧) نقل المحقق هذا القول عن مصباح السيد في المعتبر: ص ٢٠٦.

١٨٧

ويستحب بلاغة الخطيب وفصاحته، واتصافه بما يأمر به وانتهاؤه عما نهى(١) عنه، ومحافظته على أول أوقات الصلوات، والتعمم ولو يفا(٢) ، والارتداء ببرد يمنية(٣) ، وصعوده على عال، والاعتماد على قوس أو سيف أو قضيب، والتسليم على الناس قبل جلوسه فيجب عليهم الرد، واستقبالهم، وجلوسه حتى يفرغ المؤذنون(٤) ، وقال أبوالصلاح(٥) : يؤذنون قبل صعوده، وبه رواية(٦) مقطوعة، ورفع صوته.

والاقرب عدم تحريم الكلام عليه في الاثناء، ووجوب إسماع العدد، وجواز مغايرة الخطيب للامام خلافا للراوندي(٧) ، واشتراط عدالته كالامام، أما(٨) البلوغ والعقل وطهارة المولد والايمان فشرط فيهما، والاقرب واز إمامة العبد والمسافر والاعمى والاجذم والابرص وإن كره ذلك.

ووقت الجمعة وقت الظهر بأسره، وقيل: يختص وقت الاختيار، وقدره أبوالصلاح(٩) بالاذان والخطبتين والركعتين من الزوال، فلو خرج وقد تلبس بركعة أتمها، وقيل: يجزئ التحريم(١٠) ويجب الدخول فيها إذا علم أو ظن أو شك في سعة الوقت للخطبتين وركعة، والمشهور اعتبار ركعتين مع الخطبتين.

ويجب على البعيد السعي قبل الزوال ليدركها.

والمأموم يدركها بإدراك الامام راكعا ولو(١١) في الثانية، ولا يضره فوات

____________________

(١) في باقي النسخ: ينهى.

(٢) في باقي النسخ: قيضا.

(٣) في " ق " يمانية.

(٤) في " ق ": المؤذن.

(٥) الكافي في الفقه: ص ١٥١.

(٦) وسائل الشيعة: ب ٢٥ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح ٣ ج ٥ ص ٣٨.

(٧) فقه قرآن للراوندي: ج ١ ص ١٣٥.

(٨) في " ق ": وأما.

(٩) الكافي في الفقه: ص ١٥٣.

(١٠) في " ق ": التحريمية.

(١١) أثبتنا هذه الكلمة من باقي النسخ.

١٨٨

الخطبتين، وشرط الشيخ(١) إدراك تكبيرة الركوع، ولو فاته الركوع في الثانية صلى ظهرا.

وعلى ما قلناه لا يتحقق فوات الجمعة مع الشرائط إلا أن بخروج وقت الظهر، وعلى القولين الاخيرين تفوت وتبقى الظهر.

ولو صلى الظهر المكلف بها بطلت ووجب عليه السعي، فإن أدركها وإلا أعاد، بخلاف غير المكلف بها، أما الصبي لو بلغ بعد فعل الظهر لم تجزئه ووجبت الجمعة، ولا يستحب لغير المكلف بها تأخير الظهر إلى فراغ الجمعة.

(٤٧) درس

يستحب حضور من لم تجب عليه إذا كان يصح منه كالبعيد والمسافر، والغسل، والمباكرة إلى المسجد متطيبا لابسا أفضل ثيابه متعمما مرتديا، قد حلق رأسه، وقلم أظفاره بادئا بخنصر اليسرى خاتما بخنصر اليمنى، قائلا: بسم الله وبالله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وآله، وجز شاربه قائلا ذلك، واستاك، ودعا قبل خروجه بالمأثور، والتنفل بما مر، والمشي بالسكينة والوقار، والجلوس حيث ينتهي به المكان، ولا يتخطى الصف إلا أن يكون فرجة أمامه، وليس له إقامة غيره من مجلسه، ولا يصير أولى بفراشه، واستقبال الخطيب، وقراء‌ة الجمعة والمنافقين، والجهر بالقراء‌ة، وإخراج المسجونين لصلاة الجمعة.

ويستحب يوم الجمعة الاكثار من الصلاة على النبي وآله إلى ألف مرة، وفي غيره مائة مرة، والاكثار من الصدقة والعمل الصالح، وقراء‌ة النساء وهود والكهف والصافات والرحمن، وزيارة النبي صلى الله عليه وآله والائمة عليهم السلام، وخصوصا مولانا الحسين عليه السلام، وقراء‌ة الاخلاص بعد الصبح مائة مرة، والاستغفار مائة مرة، وإيقاع الظهر في المسجد الاعظم، وتقديمها على

____________________

(١) المبسوط: ج ١ ص ١٤٨.

١٨٩

جمعة غير المقتدى به، ولو صلى معه ركعتين وأتمها بعد فراغه جاز.

ويكره فيه الحجامة وإنشاد الشعر.

مسائل

لو انفض العدد في أثناء الخطبة أو بعدها قبل التحريم سقطت، وبعده يتمها ولو بقي وحده، ولو مات الامام أو عرض له عارض قدموا من يتم بهم، وإمام الاصل يتعين عليه الحضور إلا مع العذر.

والمعتبر في سبق الجمعة بالتكبير لا بالتسليم ولا بجمعة الامام الاعظم، ولو علم في الاثناء سبق غيره استأنف الظهر إن لم يسع الوقت السعي إليهم، ولا يجزئ العدول.

ويسقط عن المدبر والمكاتب ولو تحرر بعضه أو هاياه مولاه واتفقت في نوبته على الاقرب، ويستحب للمولى الاذن لعبده في الحضور.

ويجب على من بعد بفرسخين على الاقرب، خلافا للصدوق(١) ، لرواية زرارة(٢) الصحيحة عن الباقر عليه السلام، وتعارض بعموم الآية(٣) وحسنة محمد بن مسلم(٤) عن الصادق عليه السلام.

ولو نوى المسافر الاقامة عشرا وجبت، ولا يكفي الخمسة خلافا لابن الجنيد(٥) ، ويكفي ثلاثون يوما للمتردد، ويتخير من كان في الاماكن الاربعة، ولا يشترط المصر ولا القرية خلافا للحسن(٦) فيما يلوح من كلامه، وتردد فيه

____________________

(١) كتاب الهداية (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٥٢.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح ١ و ٦ ج ٥ ص ٢.

(٣) سورة الجمعة: الآية ٩.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٤ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح ٦ ج ٥ ص ١٢.

(٥) المختلف: ج ١ ص ١٠٧.

(٦) المختلف: ج ١ ص ١٠٦.

١٩٠

الشيخ في المبسوط(١) .

ويحرم البيع بعد الاذان على المخاطب بالجمعة، ولا يحرم على غيره، ولو عقد معه كره في حقه عند الشيخ(٢) ، والاقرب التحريم، وكذا ما يشبه البيع من العقود، والاقرب انعقادها.

ويحرم الاذان الثاني بالزمان سواء كان بين يدي الخطيب او لا، ويحتمل أن يحرم غيره وأن تقدم عليه، تأسيا بالاذان بين يدي رسول الله(٣) صلى الله عليه وآله، والكراهية أقوى، وفسره ابن ادريس(٤) بالاذان بعد فراغ الخطيب.

والمزاحم عن السجود ولا يسجد على ظهر غيره بل يسجد بعد قيامهم ويلحق، ولو تعذر وركع الامام في الثانية لم يتابعه، ويسجد معه بنية أنهما للاولى، والاقرب الاكتفاء بعدم نية أنهما للثانية، فلو نواهما للثانية بطلت، وفي رواية حفص(٥) عن الصادق عليه السلام يسجد اخرى(٦) للاولى، ولو تعذر السجود في الثانية فاتت الجمعة، واستأنف الظهر ولا يجوز العدول.

ولو زوحم عن ركوع الاولى أتى به ولو في ركوع الثانية، ثم يتم بعد فراغ الامام، ولو زوحم في ركوع الاولى وسجودها تلافاهما في الثانية.

ولو شك المأموم هل دخل قبل رفع الامام من الركوع أو بعده رجحنا الاحتياط على أصل البقاء.

ويحرم السفر بعد الزوال على المخاطب بها، ويكره بعد طلوع الفجر.

____________________

(١) المبسوط: ج ١ ص ١٤٤.

(٢) المبسوط: ج ١ ص ١٥٠.

(٣) في باقي النسخ: النبي.

(٤) السرائر: ج ١ ص ٢٩٥.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١٧ من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح ٢ ج ٥ ص ٣٣.

(٦) في " م " و " ز ": سجد اخريين.

١٩١

فرع: لو سافر بعد الزوال لم يقصر في الزمان الذي يمكنه العود إليها، فإذا مضى اعتبر المسافة بعده.

(٤٨) درس

تجب صلاة العيدين بشرائط الجمعة، إلا أنها مع اختلالها تصلى ندبا جماعة وفرادى، (ومنع أبوالصلاح(١) من الجماعة مع فقد شرائط الوجوب)(٢) وكذا لو فاتت مع الامام، وظاهر الحسن(٣) والصدوق(٤) سقوطها بفوات الامام، لصحيحة(٥) محمد بن مسلم(٦) عن أحدهما عليه السلام، وقال علي بن بابويه(٧) وابن الجنيد(٨) : يصلي مع الشرائط ركعتين ومع اختلالهما أربعا، لما روي(٩) عن علي عليه السلام من فاتته فليصل أربعا، ثم ابن بابويه(١٠) يجعلها بتسليمة، وابن الجنيد(١١) بتسليمتين. ويشترط فيها الاتحاد كالجمعة إذا كانتا واجبتين، فينعقد في الفرسخ الواجبة مع المندوبة والمندوبتان فصاعدا. ولا تقضى مع الفوات وجوبا، وجوزه الشيخ(١٢)، واستحبه ابن ادريس(١٣)، وفصل ابن حمزة(١٤) بقضاء مستمع

____________________

(١) الكافي في الفقه: ص ١٥٤.

(٢) مابين المعقوفتين غير موجود في باقي النسخ.

(٣) المختلف: ج ١ ص ١١٣.

(٤) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص ١٣.

(٥) في باقي النسخ: لصحيح.

(١٤) الوسيلة: ص ١١١.

(٦) وسائل الشيعة: ب ٢ من أبواب صلاة العيد ح ٤ ج ٥ ص ٩٦.

(٧) المختلف: ج ١ ص ١١٤.

(٨) المختلف: ج ١ ص ١١٤.

(٩) وسائل الشيعة: ب ٥ من أبواب العيد ح ٢ ج ٥ ص ٩٩.

(١٠) المختلف: ج ١ ص ١١٤.

(١١) المختلف: ج ١ ص ١٤٤.

(١٢) المبسوط: ج ١ ص ١٦٩.

(١٣) السرائر: ج ١ ص ٣١٨.

١٩٢

الخطبة دون غيره، لصحيحة زرارة(١) عن الصادق عليه السلام، ومنع الحلبي(٢) من القضاء مطلقا.

والعدد كالجمعة، وقال الحسن(٣) : سبعة هنا.

والخطبتان بعدها، وتقديمهما بدعة غير مجزئة، وهما سنة في المشهور، وصفتهما كما مر.

ويستحب ذكر الفطرة وأحكامها في عيد الفطر، والاضحية وأحكامها في الاضحى، والحث عليهما، وإمام الحاج يذكر المناسك. ولو قلنا بوجوبهما لم نوجب القيام. ووقتها ما بين طلوع الشمس إلى الزوال. ويستحب تأخير صلاة الفطر عن الاضحى، وأن يطعم قبل خروجه فيه، وبعد عوده في الاضحى من اضحيته. ويحرم السفر بعد طلوع الشمس على المخاطب بها، ويكره بعد طلوع(٤) الفجر. والاقرب تحريم البيع وشبهه إذا قال المؤذن: الصلاة.

وكيفيتها أنها تصلى ركعتين كسائر الصلوات، ويزيد تسع تكبيرات وجوبا في الاقوى، خمس للركعة(٥) الاولى وأربع للثانية(٦) ، وتسع قنتات وجوبا بما سنح، والمرسوم أفضل.

وسننها الاصحار بها إلا بمكة، قيل: والمدينة(٧) ، ويسقط الاصحار بالمطر وشبهه، وخروج الامام حافيا ماشيا بالسكينة والوقار ذاكرا لله تعالى موصوفا بما ذكرناه في الجمعة، وكذلك المأموم، والجهر بالقراء‌ة والقنوت، وقراء‌ة الاعلى في الاولى والشمس في الثانية، أو يقرأ الشمس في الاولى والغاشية في الثانية، أو

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٤ من أبواب صلاة العيد ح ١ ج ٥ ص ٩٩.

(٢) الكافي في الفقه: ص ١٥٤.

(٣) المختلف: ج ١ ص ١١١.

(٤) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.

(٥) في " م " و " ق ": في الركعة.

(٦) في " ق ": في الثانية.

(٧) في باقي النسخ: وبالمدينة.

١٩٣

بالعكس، أو يقرأ(١) في الاولى الغاشية وفي الثانية الاعلى، ورفع اليدين بالتكبير.

ويكره الخروج بالسلاح إلا لضرورة، والتنفل قبلها وبعدها إلا بمسجد النبي صلى الله عليه وآله، وألحق ابن الجنيد(٢) مسجد مكة وكل مكان شريف يجتاز به فإنه يصلي ركعتين فيه قبل خروجه، ومنع الحلبي(٣) من الصلاة تطوعا(٤) والقضاء قبلها وبعدها إلى الزوال إلا بمسجد النبي صلى الله عليه وآله، ولم يثبت، ويعمل منبرا(٥) في الصحراء ولا ينقل منبر الجامع.

ولو قدم التكبير على القراء‌ة ناسيا أعاده، ولو نسيه حتى ركع قيل: يقضيه بعد التسليم.

ولو سبق المأموم والى بين التكبير، فإن تعذر قضاه، وتجب سجدتا السهو لنسيانه.

ولو وافق العيد الجمعة تخير مصلي العيد في صلاة الجمعة وإن كان من أهل البلد.

ويجب الحضور على الامام، وأوجب الحضور الحلبي(٦) والقاضي(٧) مطلقا، وابن الجنيد(٨) على غير قاصي المنزل. ويستحب التكبير في الفطر عقيب أربع صلوات، أولها المغرب ليلته وآخرها صلاة العيد، وأضاف ابن بابويه(٩) الظهرين.

وفي الاضحى عقيب خمس عشرة للناسك بمنى، أولها ظهر العيد، وفي الامصار عقيب عشر، وأوجبه المرتضى(١٠) وابن الجنيد(١١)، وهو " الله أكبر " ثلاثا " لا إله إلا الله والله أكبر

____________________

(١) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النيخ.

(٢) المختلف: ج ١ ص ١١٥.

(٣) الكافي في الفقه: ص ١٥٥.

(٤) في باقي النسخ: الصلاة من التطوع.

(٥) في باقي النسخ: منبر.

(٦) الكافي في الفقه: ص ١٥٥.

(٧) المهذب: ج ١ ص ١٢٣.

(٨) المختلف: ج ١ ص ١١٣.

(٩) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص ١٣.

(١٠) الانتصار: ص ٥٧.

(١١) المختلف: ج ١ ص ١٥٥.

١٩٤

الحمد لله على ما هدانا وله الشكر على ما أولانا "، ويزيد في الاضحى ورزقمن بهيمة الانعام.

(٤٩) درس

تجب صلاة الآيات بكسوف الشمس والقمر والزلزلة وكل مخوف سماوي، ولا يجب بكسوف الكواكب ولا بكسوف النيرين بها. ووقتها في الكسوف من الاحتراق إلى تمام الانجلاء، وفي غيرها عند حصول السبب، فإن قصر الوقت سقطت في الكسوف، ووجبت أداء في غيره، وتقضى مع الفوات عمدا أو نسيانا لا جهلا إلا مع إيعاب النيرين. ولو اتفقت مع الحاضرة واتسع الوقتان تخير، ويقدم المضيق منهما، ولو تضيقا قدم الحاضرة، ولو كان في الكسوف فتضيق وقت الحاضرة قطعها ثم بنى في الكسوف، على الرواية(١) الصحيحة والمشهور بين الاصحاب.

وكيفيتها كاليومية فيما يجب ويستحب ويترك، إلا في الركوع فإنه خمسة في كل ركعة، وفي جواز التبعيض في السورة فلا تكرر الفاتحة، ولو أكمل السورة وجبت الفاتحة، وقال ابن ادريس(٢) : يستحب، وأقل المجزئ في الخمسة الفاتحة وسورة، وأكثره الحمد خمسا والسورة خمسا.

ويستحب الجماعة وخصوصا مع الايعاب، والصدوقان(٣) نفيا الجماعة في غير الموعب، والجهر بها ليلا ونهارا، وقراء‌ة الطوال كالكهف، والقنوت على كل مزدوج من القراء‌ة، وأقله على الخامس والعاشر، ومساواة الركوع والسجود

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٥ من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح ٢ ج ٥ ص ١٤٧.

(٢) السرائر: ج ١ ص ٣٢٤.

(٣) المختلف: ج ١ ص ١١٨ والمقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص ١٢.

١٩٥

والقنوت للقراء‌ة، والتكبير عند كل رفع، وفي الخامس والعاشر " سمع الله لمن حمده "، والبروز تحت السماء، والاعادة لو فرغ قبل الانجلاء، ونفاها ابن ادريس(١) ، وأوجبها المرتضى(٢) وأبوالصلاح(٣) .

(٥٠) درس

تستحب صلاة الاستسقاء كالعيد، والقنوت بالاستغفار وسؤال الرحمة وتوفير الماء(٤) ، وأفضله المرسوم، ويستحب أمر الامام الناس في خطبة الجمعة بالخروج من(٥) المظالم والتوبة وصوم الثلاثة التي تليها، فإن لم يكن فالتي ثالثها الجمعة، والخروج في الثالث حفاة بالسكينة والوقار، وفيهم أهل الصلاح والشيوخ والشيخات والاطفال مفرقا بينهم وبين الامهات، ولا يكون معهم كافر.

ويقول المؤذن: الصلاة ثلاثا، وتصلى جماعة، ويجوز فرادى ولو في الاوقات الخمسة، ويجهر فيها بالقراء‌ة، فإذا فرغ منها حول الامام رداء‌ه من اليمين إلى اليسار وبالعكس، قيل: ولا يستحب لغيره، ثم يستقبل القبلة ويكبر مائة، ثم يسبح عن يمينه مائة، ويهلل عن يساره مائة، ويحمد مستقبل الناس مائة، رافعا صوته بالجميع، ويتابعونه على ذلك، ثم يخطب خطبتين، ويجزئ الدعاء والذكر بدلهما إن لم يحسنهما، وتكرار(٦) الخروج لو تأخرت الاجابة، وليكن في

____________________

(١) السرائر: ج ١ ص ٣٢٤.

(٢) رسائل الشريف المرتضى: المجموعة الثالثة ص ٤٦.

(٣) هذه الكلمة: غير موجودة في باقي النسخ. الكافي في الفقه: ص ١٥٦.

(٤) في " ق ": المياه.

(٥) في " ز " و " ق " ٦ من.

(٦) في باقي النسخ: ويكرر.

١٩٦

الصحراء، ويستحب دعاء أهل الخصب لاهل الجدب.

ولو نذر صلاة الاستسقاء وجبت في وقته وهو فتور الامطار وجفاف الآبار، ولا يلزم غيره الخروج معه، (ويجب عليه وإن انفرد، وكذلك في الاتمام وإذا نزل الغيث قبل الفراغ، إلا مع العذر فيتم ولو ماشيا مخففا)(١) ، ويستحب له الخروج فيمن يطيعه. ولو سقوا في أثناء الخطبة صلوا شكرا، ولو سقوا في أثناء الصلاة أتموها، ولو كثر الغيث وخيف منه استحب الدعاء بإزالته. ويكره نسبة المطر إلى الانواء، ويحرم اعتقاده. ويستحب نافلة شهر رمضان خلافا للصدوق(٢) ، وهي ألف ركعة، خمسمائة في العشرين الاولين، لكل ليلة عشرون، ثمان بين العشاء‌ين واثنتا عشرة بعدهما، ومائة في ليلة تسع عشرة، وخمسمائة في العشر الاخير، في كل ليلة ثلاثون، ثمان بين العشاء‌ين (واثنان وعشرون بعدهما)(٣) ، ومائتان في ليلتي إحدى وثلاث.

ويجوز الاقتصار في الليالي الثلاث على المائة، فيصلي في الجمع الاربع أربعون بالسوية، بصلاة علي وفاطمة وجعفر عليهم السلام، وفي آخر جمعة عشرون بصلاة علي عليه السلام، وفي ليلة السبت عشرون بصلاة فاطمة عليها السلام.

ويستحب زيادة مائة ليلة النصف، وقراء‌ة التوحيد في الليالي الثلاث في كل ركعة عشرا، والدعاء بين كل ركعتين بالمرسوم.

ويستحب صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الجمعة، وهي ركعتان يقرأ في كل ركعة منهما الحمد مرة والقدر خمس عشرة مرة، ثم يركع ويقرأها كذلك،

____________________

(١) مابين العقوفتين غير موجود في " م " و " ق ".

(٢) من لايحضره الفقيه: ح ١٥٦٤ ج ١ ص ٥٦٦.

(٣) مابين المعقوفتين غير موجود في باقي النسخ.

١٩٧

ثم في رفعه، ثم في سجوديه ورفعيه(١) .

وصلاة علي عليه السلام ركعتان، يقرأ في الاولى الحمد مرة والقدر مائة مرة، وفي الثانية الحمد مرة والتوحيد مائة مرة(٢) .

وصلاة فاطمة عليها السلام أربع ركعات، في كل ركعة الحمد مرة والتوحيد خمسون مرة، وقيل: هذه صلاة علي عليه السلام والاولى صلاة فاطمة عليها السلام.

وصلاة الحبوة لجعفر عليه السلام أربع ركعات بتسليمتين يقرأ في الاولى الزلزلة، وفي الثانية والعاديات، وفي الثالثة النصر، وفي الرابعة الاخلاص، كل ذلك مع الحمد، ثم يقول: " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر " خمس عشرة مرة، ثم يقولها في ركوعه وسجوده والرفع من كل منهما عشرا، فذلك ثلاثمائة، ويجوز تجريدها عنه(٣) وقضاؤه عند العجلة.

وصلاة ليلة الفطر ركعتان، يقرأ في الاولى الحمد مرة والاخلاص ألف مرة، وفي الثانية الحمد مرة(٤) والاخلاص مرة.

والصلاة الكاملة يوم الجمعة، وصلاة ليلة النصف من شعبان، وصلاة الغدير، وليلة المبعث ويومه، والحاجة، والشكر، والاستخارة، والتوبة، والاستطعام ركعتان، يقول بعدهما: " يا رب إني جائع فأطعمني " فإنه يطعمه، وللعافية، والغنى، ودفع الخوف.

وللحبل ركعتان بعد الجمعة يطول(٥) فيهما الركوع والسجود، ثم يقول:

____________________

(١) في " ق ": في سجوده ورفعه.

(٢) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.

(٣) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.

(٤) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.

(٥) في بعض النسخ: باقي.

١٩٨

" اللهم إني أسألك بما سألك(١) زكريا إذ قال: رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين، اللهم هب لي ذرية طيبة إنك سميع الدعاء، اللهم باسمك استحللتها وفي أمانتك أخذتها، فإن قضيت لي في رحمها ولدا فاجعله غلاما صالحا(٢) ، ولا تجعل فيه للشيطان فيه نصيبا ولا شركا ".

(٥١) درس كل من أخل بركن أو شرط أبطل صلاته وإن كان سهوا، وكذا بواجب عمدا وإن كان جاهلا(٣) إلا في الجهر والسر، وكذا لو فعل ما يجب تركه، ويتحقق الفوات بالدخول في آخر، فلو لم يدخل تلافاه، ركنا كان أو غيره في الاولتين أو غيرهما.

ويقضي بعد التسليم التشهد والسجدة والصلاة على النبي وآله عليهم السلام، إذا ذكر ذلك بعد الركوع أو بعد التسليم، بنية الاداء ما دام في الوقت، وروي قضاء كل فائت وإن كان ركوعا أو سجودا أو تكبيرا، بطريق عبدالله ابن سنان(٤) الصحيح عن الصادق عليه السلام.

ولو ترك سجدتين وشك(٥) أنهما من ركعة أو ركعتين أعاد، وكذا يعيد لو شك في عدد الثنائية والثلاثية أو في الاولتين من الرباعية أو لم يحرزهما.

ولو شك في فعل أتى به في محله، وبعده لا حكم له، ولو تبين فعله بطلت إن كان ركنا إلا الركوع إذا لم يرفع رأسه على قول قوي، ولا تبطل لو تبين زيادة

____________________

(١) في " ز " و " ق ": سالك به.

(٢) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.

(٣) في " ق ": جهلا.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٢٦ من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح ١ ص ٣٤١.

(٥) في باقي النسخ: فشك.

١٩٩

غير الركن أو زاده سهوا، بخلاف زيادة الركن فإنها تبطل عمدا وسهوا.

ولا تبطل بنسيان غير الركن كالقراء‌ة والجهر والاخفات والتسبيح في الركوع والسجود والطمأنينة فيهما والرفع منهما والطمأنينة فيه ونسيان بعض الاعضاء.

ولا حكم للشك مع الكثرة، ويحصل بالتوالي ثلاثا وإن كان في ثلاث فرائض، فيبني على وقوع ما شك(١) فيه، فلو فعله فالاقرب البطلان. ولا لشك الامام وحفظ المأموم وبالعكس.

ولا للسهو في السهو كالشك في أثناء سجدتي السهو في عددهما أو بعض أفعالهما، فيبني على فعل ما شك فيه، أما الشك في عدد الاحتياط أو أفعاله فظاهر المذهب عدم الالتفات، ولو تلافى السجدة المنسية فشك في أثنائها فكذلك، ولو سهى عن تسبيحها أو عن بعض الاعضاء لم يسجد لها سجدتي السهو، ولو شك في الركوع أو السجود فأتى به ثم شك في أثنائه في ذكر أو طمأنينة فالاقرب التدارك، ولو سها عن واجب في سجدتي السهو كذكر أو طمأنينة لم يسجد له، ولو شك هل وقع منه سهوا أو في كون الواقع له حكم فلا شئ، ومأخذ هذه التفسيرات استعمال السهو في معناه وفي الشك.

ولو شك في الفاتحة وهو في السورة أعادهما، وقال ابن ادريس(٢) : لا يلتفت، ونقله عن المفيد(٣) ، ومن هذا لو شك في آية سابقة وهو في لاحقة.

ولو شك في السجدتين أو إحداهما وقد قام لم يلتفت، وأوجب في النهاية(٤) التدارك ما لم يركع وكذا التشهد.

____________________

(١) في " م " و " ق ": مايشك.

(٢) السرائر: ج ١ ص ٢٤٨.

(٣) نفس المصدر السابق.

(٤) النهاية: ص ٨٨.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

أقول : تخيّلوا معي ، لو أنّ المسلمين اليوم تسابقوا مع زوجاتهم ، تأسّياً بما رواه أئمّتهم عن الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي بعث ليتمم مكارم الأخلاق؟ أين آداب الطريق يا رسول الله؟ أين هي الغيرة؟ وهل من الخُلق العظيم أن يتسابق الرجل مع زوجته؟ وهل يبقى لرسول الله ولأُمّ المؤمنين عائشة هيبة إذا رآهما أحد؟!

وعن أبي سلمة قال : دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة ، فسألها أخوها عن غسل النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فدعت بإناء نحو من صاع فاغتسلت ، وافاضت على رأسها ، وبيننا وبينها حجاب(١) .

سؤال : هل يعقل أن يصدر هذا الفعل من امرأة ، يفترض أن تكون عنواناً للعفّة والأخلاق ، وقدوة حسنة للمؤمنات ، بحكم كونها أُمّهم؟! فماذا ترون يا سادة يا كرام ، فيمن يرمي نبيّكم بهذا الكلام؟

( غانم النصار ـ الكويت ـ )

حكمها في الدنيا الإسلام :

س : هل يقول كبار علماء الشيعة بأنّ عائشة كافرة؟ جزاكم الله خيراً.

ج : إنّ حكمها في هذه الدنيا الإسلام ، وكونها مسلمة ، وما ارتكبته من مخالفات لله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله فإنّ هذا متعلّق بيوم القيامة.

( جعفر صادق ـ البحرين ـ )

خلاصة حرب الجمل :

س : ما هي خلاصة حرب الجمل؟

ج : بعد مقتل عثمان بن عفّان ، بايع الناس الإمام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن بين المبايعين طلحة بن عبيد الله ، والزبير بن العوام ، وطلباً منهعليه‌السلام أن يولّيهما بعض ولاياته ، ولكن الإمامعليه‌السلام قال لهما : «واعلما إنّي لا أشرك في

____________

١ ـ صحيح البخاري ١ / ٦٨.

٢٤١

أمانتي إلاّ من أرضى بدينه وأمانته من أصحابي ، ومن عرفت دخيلته »(١) ، فداخلهما اليأس من المنصب ، فاستأذناه للعمرة ، وخرجا من المدينة إلى مكّة ناكثين بيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

ولمّا وصلا إلى مكّة دخلا على عائشة ، وأخذا يحرّضانها على الخروج ، فخرجت عائشة معهما على جمل ـ مطالبة بدم عثمان ـ قاصدين الشام ، فصادفهم في إثناء الطريق عبد الله بن عامر ـ عامل عثمان على البصرة ـ قد صرفه أمير المؤمنينعليه‌السلام بحارثة بن قدامة السعدي ، فرجّح لهم البصرة ، لما فيها من كثرة الضيع والعدّة ، فتوجّهوا نحوها ، فمانع عنها عثمان بن حنيف ، والخزّان والموكلون ، فوقع بينهم القتال ، ثمّ اسروا عثمان وضربوه ونتفوا لحيته.

ولمّا سمع أمير المؤمنينعليه‌السلام بوصولهم ، جهّز جيشاً وخرج إلى البصرة ، ولمّا وصلها بعث إليهم يناشدهم ، فأبوا إلاّ الحرب لقتاله.

ثمّ أخذ الإمامعليه‌السلام يناشد طلحة والزبير فلم تنفع معهما ، عند ذلك نشبت الحرب بينهما ، وأسفرت عن قتل ستة عشر ألف وسبعمائة وسبعون رجلاً من أصحاب الجمل ، وأربعة آلاف رجلاً من أصحاب أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وانكسار جيش أصحاب الجمل.

ثمّ إنّ الإمامعليه‌السلام أمر محمّد بن أبي بكر ، أن ينزل عائشة في دار آمنة بنت الحارث ، ثمّ أمر بإرجاعها إلى المدينة ، ورجع هوعليه‌السلام إلى الكوفة.

هذا ، ومع العلم بأنّ أكثر المؤرّخين ذكروا : أنّ عائشة كانت من أوائل المحرّضين على قتل عثمان ، وعباراتها مشهورة ومعروفة : « اقتلوا نعثلاً لعن الله نعثلاً فقد كفر» !!(٢) .

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٢٣١.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٢١٥ و ٢٠ / ١٧ ، تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٧٧ ، الإمامة والسياسة ١ / ٧٢.

٢٤٢

( أبو الزين ـ الأردن ـ )

تفسير القمّي في قوله تعالى :( فَخَانَتَاهُمَا )

س : أيّها الأحبّة ، جاء في تفسير القمّي في قوله تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً فَخَانَتَاهُمَا ) (١) : « والله ما عنى بقوله :( فَخَانَتَاهُمَا ) إلاّ الفاحشة ، وليقيمن الحدّ على فلانة فيما أتت في طريق ، وكان فلان يحبّها ، فلمّا أرادت أن تخرج إلى »(٢) .

فكيف بعد ذلك تنفون الموضوع بشدّة وتقولون : الشيعة قاطبة على القول بأنّ الآية نازلة في حقّ مارية ، مع أنّ طائفة قليلة من علمائهم فقط أشارت لذلك.

ثمّ أودّ أن أسألكم : هل أنّ زوجات الأنبياء متّفق عند الإمامية على منع وقوع الفاحشة منهن شرعاً تكريماً للنبي؟ أم أنّ في المسألة خلاف؟ وشكراً.

ج : بالنسبة للرواية المنقولة من تفسير القمّي فيلاحظ :

أوّلاً : إنّ الأدلّة العقلية والنقلية ـ ومنها إجماع الإمامية ـ قائمة على تنزيه زوجات الأنبياءعليهم‌السلام من الفواحش ، احترازاً من مسّ حياة الأنبياءعليهم‌السلام بالدنس ، وعليه فما يوهم أن يكون خلاف ذلك فهو مردود أساساً.

ثانياً : لا يوجد هناك تفسير شيعي يشير إلى أنّ الآية المذكورة قد نزلت في حقّ مارية ، وأغلب الظنّ أنّ الذين أسندوا هذا القول للشيعة خلطوا بين هذه الآية وبين شأن نزول الآيات الأوّل من السورة ، التي وردت روايات كثيرة بأنّها نزلت في حقّ مارية ، عندما أفشى بعض زوجات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله سرّها.

ثالثاً : إنّ الرواية المذكورة ليست تامّة السند ، فللبحث السندي فيها مجال ، فمثلاً : أنّ الروايات الموجودة في نفس الصفحة كُلّها مسندة إلى المعصومعليه‌السلام ، ولكن هذه الرواية بظاهرها هي مقول قول علي بن إبراهيم ، ولم يسندها إلى الإمامعليه‌السلام .

____________

١ ـ التحريم : ١٠.

٢ ـ تفسير القمّي ٢ / ٣٧٧.

٢٤٣

مضافاً إلى أنّ إسناد تفسير القمّي ليست كُلّها معتبرة ، ففيها الصحيح وفيها غيره ، فلابدّ من ملاحظة السند في كُلّ مورد ، وهو كما ترى في المقام.

رابعاً : إنّ الرواية لم تصرّح باسم الشخص ، ولا يمكننا الجزم بنية القائل في استعمال فلان وفلانة ، وتمييزهما دعوى بدون دليل.

خامساً : من المسلّم القطعي بإجماع المسلمين ، حرمة نكاح زوجات النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بصراحة :( وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ) (١) ، فكيف يحتمل مخالفة هذا الحكم القطعي بمرأى ومسمع من المسلمين؟!

وبالجملة : فالاستدلال المذكور مفنّد من أساسه عقلاً ونقلاً.

( أبو توفيق ـ السعودية ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

القمّي والبرسي والمجلسي واتهامهم لها بالفاحشة :

س : أمّا بعد ، هل قال أحد من علماء الإمامية : بأنّ عائشة قد زنت؟ علماً بأنّ عثمان الخميس في مناظرته على قناة المستقلّة ذكر : أنّ القمّي والمجلسي ورجب البرسي قد ذكروا هذا الفعل من عائشة ، ولم يرد السيّد محمّد الموسوي كلامه.

أفيدونا جزاكم الله خيراً.

ج : إنّ الأدلّة العقلية والنقلية ـ ومنها إجماع الإمامية ـ قائمة على تنزيه زوجات الأنبياءعليهم‌السلام من الفاحشة ـ أي الزنا ـ ، احترازاً من مسّ حياة الأنبياءعليهم‌السلام بالدنس ، وعليه فما يوهم أن يكون خلاف ذلك فهو مردود أساساً.

وعليه فما ادّعاه عثمان الخميس ـ من أنّ المجلسي والقمّي والبرسي ذكروا في كتبهم زنا عائشة ـ فهو كذب وافتراء عليهم ، ولا صحّة له من الواقع ، فهذه كتبهم ومؤلّفاتهم مطبوعة ، وفي متناول أيدي الناس.

____________

١ ـ الأحزاب : ٦.

٢٤٤

نعم ، قال القمّي عند تفسير قوله تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ) (١) ما نصّه : « والله ما عنى بقوله فخانتاهما إلاّ الفاحشة ، وليقيمن الحدّ على فلانة فيما أتت في طريق ، وكان فلان يحبّها ، فلمّا أرادت أن تخرج إلى قال لها فلان : لا يحلّ لك أن تخرجي من غير محرم ، فزوّجت نفسها من فلان »(٢) .

وقد نقل العلاّمة المجلسي هذا عن القمّي وقال عنه ما نصّه : « فيه شناعة شديدة ، وغرابة عجيبة ، نستبعد صدور مثله عن شيخنا علي بن إبراهيم ، بل نظنّ قريباً أنّه من زيادات غيره ، لأنّ التفسير الموجود ليس بتمامه منهقدس‌سره ، بل فيه زيادات كثيرة من غيره ، فعلى أيّ هذه مقالة يخالفها المسلمون بأجمعهم ـ من الخاصّة والعامّة ـ وكُلّهم يقرّون بقداسة أذيال أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ممّا ذكر ، نعم بعضهم يعتقدون عصيان بعضهنّ لمخالفتها أمير المؤمنين عليعليه‌السلام »(٣) .

وجاء في البحار بعد نقله قول القمّي ما نصّه :

« بيان : المراد بفلان طلحة ، وهذا إن كان رواية فهي شاذة مخالفة لبعض الأُصول ، وإن كان قد يبدو من طلحة ما يدلّ على أنّه كان في ضميره الخبيث مثل ذلك ، لكن وقوع أمثال ذلك بعيد عقلاً ونقلاً وعرفاً وعادةً ، وترك التعرّض لأمثاله أولى »(٤) .

ومن هذا يتّضح أنّ العلاّمة المجلسي مجرد ناقل قول القمّي ، ورادّ عليه ، فكيف يتّهمه الخميس بأنّه قائل بذلك.

وأمّا الحافظ البرسي ، فعلى فرض أنّه نقل شيئاً من ذلك ، فعلماؤنا لا يأخذون بما تفرّد بنقله.

____________

١ ـ التحريم : ١٠.

٢ ـ تفسير القمّي ٢ / ٣٧٧.

٣ ـ بحار الأنوار ٢٢ / ٢٤٠.

٤ ـ المصدر السابق ٣٢ / ١٠٧.

٢٤٥

وقال العلاّمة المجلسي حول كتب البرسي : « ولا اعتمد على ما يتفرّد بنقله ، لاشتمال كتابيه على ما يوهم الخبط والخلط والارتفاع »(١) .

( المنصور ـ البحرين ـ )

زواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله منها كان بأمر الله :

س : هل زواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله من عائشة بأمر من الله تعالى؟

ج : إنّ زواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من عائشة كان بأمر من الله تعالى ، ومن ضمن الأهداف التي تحصّلت من هذا الزواج وغيره ارتباط النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بجميع قبائل العرب ، فهناك حكمة إلهية وتدبير منه تعالى ، وتمييز من يطيعه عمّن يعصيه ، ولا ينفعها ذلك إن كانت خانت الله والرسول ، بخروجها على إمام زمانها

قال تعالى :( ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ ) (٢) .

( ألياس ـ السعودية ـ ٢٤ سنة ـ طالب جامعة )

موقفها من دفن الحسن :

س : هل توجد أدلّة في كتب التاريخ عن ما جرى في دفن الإمام الحسن المجتبى عليه‌السلام ، من منع دخول الإمام الحسين عليه‌السلام بجثمان أخيه من قبل عائشة وقولها : أتدخلون بيتي من لا أحبّ؟

ج : نعم ، ذكرت كتب التاريخ والسير موقف عائشة من دفن الإمام الحسنعليه‌السلام ، وإليك بعضها :

____________

١ ـ المصدر السابق ١ / ١٠.

٢ ـ التحريم : ١٠.

٢٤٦

١ ـ روى الشيخ الكلينيقدس‌سره بسنده عن محمّد بن مسلم قال : سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول : « لمّا احتضر الحسن بن عليعليهما‌السلام قال للحسين : يا أخي إنّي أُوصيك بوصية فاحفظها ، فإذا أنا متّ فهيّئني ، ثمّ وجّهني إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لأحدث به عهداً ، ثمّ اصرفني إلى أُمّي فاطمةعليها‌السلام ، ثمّ ردّني فادفنّي بالبقيع.

واعلم أنّه سيصيبني من الحميراء ما يعلم الناس من صنيعها وعداوتها لله ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعداوتها لنا أهل البيت.

فلمّا قُبض الحسنعليه‌السلام وضع على سريره ، فانطلقوا به إلى مصلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، الذي كان يصلّي فيه على الجنائز ، فصلّى على الحسنعليه‌السلام ، فلمّا أن صلّي عليه حمل فادخل المسجد ، فلمّا أوقف على قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بلغ عائشة الخبر ، وقيل لها : إنّهم قد أقبلوا بالحسن بن علي ليدفن مع رسول الله ، فخرجت مبادرة على بغل بسرج ـ فكانت أوّل امرأة ركبت في الإسلام سرجاً ـ فوقفت وقالت : نحّوا ابنكم عن بيتي ، فإنّه لا يدفن فيه شيء ، ولا يهتك على رسول الله حجابه.

فقال لها الحسين بن عليعليهما‌السلام : قديماً هتكت أنت وأبوك حجاب رسول الله ، وأدخلت بيته من لا يحبّ رسول الله قربه ، وإنّ الله سائلك عن ذلك يا عائشة ، إنّ أخي أمرني أن أقرّبه من أبيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ليحدث به عهداً.

واعلمي أنّ أخي أعلم الناس بالله ورسوله ، وأعلم بتأويل كتابه من أن يهتك على رسول الله ستره ، لأنّ الله تبارك وتعالى يقول :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ) (١) ، وقد أدخلت أنت بيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الرجال بغير أذنه ، وقد قال الله عزّ وجلّ :( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ) (٢) ولعمري لقد ضربت أنت لأبيك وفاروقه عند

____________

١ ـ الأحزاب : ٣٥.

٢ ـ الحجرات : ٢.

٢٤٧

إذن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المعاول ، وقال الله عزّ وجلّ :( إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى ) (١) ، ولعمري لقد أدخل أبوك وفاروقه على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقربهما منه الأذى ، وما رعيا من حقّه ما أمرهما الله به على لسان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، إنّ الله حرّم من المؤمنين أمواتاً ما حرّم منهم أحياء ، وتالله يا عائشة ، لو كان هذا الذي كرهتيه من دفن الحسن عند أبيه رسول اللهعليهما‌السلام جائزاً فيما بيننا وبين الله ، لعلمت أنّه سيدفن ، وإن رغم معطسك ».

قال : ثمّ تكلّم محمّد بن الحنفية وقال : يا عائشة يوماً على بغل ، ويوماً على جمل ، فما تملكين نفسك ، ولا تملكين الأرض عداوة لبني هاشم.

قال : فأقبلت عليه فقالت : يا بن الحنفية هؤلاء الفواطم يتكلّمون فما كلامك؟ فقال لها الحسينعليه‌السلام : « وأنى تبعدين محمّداً من الفواطم ، فو الله لقد ولدته ثلاث فواطم : فاطمة بنت عمران بن عائذ بن عمرو بن مخزوم ، وفاطمة بنت أسد بن هاشم ، وفاطمة بنت زائدة بن الأصم ابن رواحة بن حجر بن عبد معيص بن عامر ».

قال : فقالت عائشة للحسينعليه‌السلام : نحّوا ابنكم ، واذهبوا به فإنّكم قوم خصمون.

قال : فمضى الحسينعليه‌السلام إلى قبر أُمّه ، ثمّ أخرجه فدفنه بالبقيع »(٢) .

٢ ـ قال الشيخ الحرّ العامليقدس‌سره : لمّا توفّي الحسنعليه‌السلام مسموماً ، وخرج به أخوه الحسينعليه‌السلام ليجدد به العهد بقبر جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، خرجت عائشة على بغلة شهباء ، يحف بها بنو أُمية وهي تصيح : لا تدخلوا بيتي من لا أحبّ ، إنّ دفن الحسن في بيتي لتجز هذه ، وأومأت إلى ناصيتها.

____________

١ ـ الحجرات : ٣.

٢ ـ الكافي ١ / ٣٠٢.

٢٤٨

وليت شعري ألم تسمع أُمّ المؤمنين قول جدّه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حقّه : « اللهم إنّي أحبّه فاحبّه ، وأحبّ من يحبّه »(١) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهم إنّ هذا ابني وأنا أحبّه ، فأحبّه وأحبّ من يحبّه »(٢) .

وقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « من سرّه أن ينظر إلى سيّد شباب أهل الجنّة ، فلينظر إلى الحسن »(٣) (٤) .

٣ ـ روى ابن عساكر بسنده عن أبي عتيق قال : « سمعت جابر بن عبد الله يقول : شهدنا حسن بن علي يوم مات ، فكادت الفتنة أن تقع بين حسين بن علي ومروان بن الحكم ، وكان الحسن قد عهد إلى أخيه أن يدفن مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإن خاف أن يكون في ذلك قتال فليدفن بالبقيع ، فأبى مروان أن يدعه ، ومروان يومئذ معزول ، يريد أن يرضي معاوية بذلك ، فلم يزل مروان عدوّاً لبني هاشم حتّى مات.

قال جابر : فكلّمت يومئذ حسين بن علي فقلت : يا أبا عبد الله اتق الله ، فإنّ أخاك كان لا يحبّ ما ترى ، فادفنه بالبقيع مع أُمّه ففعل »(٥) .

____________

١ ـ مسند أحمد ٢ / ٢٤٩ و ٣٣١ و ٥٣٢ ، صحيح البخاري ٣ / ٢٠ و ٧ / ٥٥ ، سنن ابن ماجة ١ / ٥١ ، مجمع الزوائد ٩ / ١٧٦ ، مسند الحميدي ٢ / ٤٥١ ، مسند ابن الجعد : ٢٩٥ ، السنن الكبرى للنسائي ٥ / ٤٩ ، مسند أبي يعلى ١١ / ٢٧٩ ، صحيح ابن حبّان ١٥ / ٤١٧ ، المعجم الكبير ٣ / ٣٢ ، نظم درر السمطين : ١٩٨ ، تاريخ بغداد ١٢ / ٩ ، تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ١٧٦ و ١٨٦ و ١٩٢ و ٢٨٨ ، تهذيب الكمال ٦ / ٢٢٦ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٢٥٠ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢٥٨ ، البداية والنهاية ٨ / ٣٨ ، سبل الهدى والرشاد ٩ / ٣٦٩ و ١١ / ٦٤ ، ينابيع المودّة ٢ / ٤٤ ، ذخائر العقبى : ١٢٢.

٢ ـ كنز العمّال ١٣ / ٦٥٢ ، تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ١٩٧.

٣ ـ الجامع الصغير ٢ / ٦٠٩ ، موارد الظمآن : ٥٥٣ ، كنز العمّال ١٢ / ١١٦ ، تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ٢٠٩ ، الأنساب ٣ / ٤٧٦ ، البداية والنهاية ٨ / ٣٩ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٠٢.

٤ ـ وسائل الشيعة ١ / ٣٥.

٥ ـ تاريخ مدينة دمشق ١٣ / ٢٨٧.

٢٤٩

وعن ابن عمر قال : « حضرت موت حسن بن علي ، فقلت للحسين : اتق الله ولا تثر فتنة ، ولا تسفك الدماء ، وادفن أخاك إلى جنب أُمّه ، فإنّ أخاك قد عهد بذلك إليك ، فأخذ بذلك الحسين »(١) .

٤ ـ جاء في تاريخ اليعقوبي : « وقيل : إنّ عائشة ركبت بغلة شهباء وقالت : بيتي لا آذن فيه لأحد ، فأتاها القاسم بن محمّد بن أبي بكر فقال لها : يا عمّة! ما غسلنا رؤوسنا من يوم الجمل الأحمر ، أتريدين أن يقال يوم البغلة الشهباء؟ فرجعت »(٢) .

( ـ ـ سنّي )

كانت مخطئة ومخالفة لأمر الله ورسوله :

س : أتمنّى أن تعينوني على فهم بعض الأُمور التي مرّت عليّ ، وأُريد التأكّد منها ، هل ما سمعت عن كره الشيعة للسيّدة عائشة صحيح؟ جزاكم الله كُلّ خير.

ج : إنّ مسألة الحبّ والبغض من المسائل المتّفق عليها بين المسلمين كافّة ، وهي الحبّ في الله ، والبغض في الله ، وكذلك الموالاة لأولياء الله والمعاداة لأعدائه.

قال تعالى :( لاَ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ باللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ الله وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُوْلَئِكَ حِزْبُ اللهِ أَلاَ إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (٣) .

____________

١ ـ المصدر السابق ١٣ / ٢٨٨.

٢ ـ تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢٢٥.

٣ ـ المجادلة : ٢٢.

٢٥٠

ولا عداء شخصي للشيعة مع أحد أبداً ، وإنّك ترى أنّ أهل البيتعليهم‌السلام يرحمون حتّى أعداءهم وقاتليهم ، ويبكون عليهم ويوصون بهم.

وترى أنّ الشيعة يتعاملون مع المسلمين كافّة كُلّ بحسبه ، فالمؤمن الصادق موقّر لديهم ، وإن كان ابن كافر ، والمنحرف مذموم لديهم ، وإن كان ابن أو أخ إمام.

فهذا عمّار وسلمان وأبو ذر والمقداد وأُمّ سلمة وعبد الله بن عباس ومحمّد بن أبي بكر ، وغيرهم من المؤمنين الملتزمين الممدوحين في الأحاديث الشريفة الصحيحة.

وها هو عبيد الله بن العباس وجعفر الكذّاب ، وغيرهم من السادة الهاشميين ، ولكنّهم يتبرّأون منهم ، ويبغضون أعمالهم.

فنحن لدينا موازين شرعية نضع الناس بحسبها لا بأهوائنا ولا بالنسب ، وإنّما بالتقوى والسيرة الحسنة ، أو العكس لأيّ شخص كائناً من كان.

وأمّا بخصوص عائشة ، فقد ثبت أنّها آذت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في كثير من المواقف ، كما في قصّة المغافير ، وتهديد الله تعالى لها أشدّ تهديد في القرآن لأحد من العالمين ، قال تعالى :( وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ الله هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلاَئِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ ) (١) ، وكذلك في الكثير من أقوالها وأفعالها معهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وكذلك موقفها من الإمام عليعليه‌السلام بعد تحذير النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إيّاها من ذلك الخروج ، وحرب أمير المؤمنين والخروج على إمام زمانها.

وأيضاً موقفها من دفن الإمام الحسن المجتبىعليه‌السلام مع جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعدم إذنها بذلك ، وغير ذلك ممّا هو معلوم لدى الجميع.

فموقفنا ليس شخصياً وعداءً لذاتها ، بل هو موقف من أعمالها ، وعدم كونها بمستوى المسؤولية والموقع الرفيع ، بكونها زوجة خاتم النبيينصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

____________

١ ـ التحريم : ٤.

٢٥١

وقد قال تعالى :( يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرًا وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) (١) ، وكان عمر في زمن خلافته يمنعهن حتّى من الخروج للحجّ ، حتّى أذن لهن في آخر خلافته ، فكيف بالخروج على إمام زمانها ومحاربته.

فإنا نعتقد أنّها كانت مخطئة ومخالفة لأمر الله ورسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى هذا فالدليل يسوقنا إلى عدم موالاتها ، ولا غرابة ، فالقرآن يعلّمنا البراءة من زوجة نوح ولوط ، وموالاة آسية امرأة فرعون.

( عيسى الشيباني ـ الإمارات ـ ٢٦ سنة ـ طالب ثانوية عامّة )

كانت تعلم بمبايعة الناس لعليعليه‌السلام :

س : وفّقكم الله لخدمة الإسلام والمسلمين ، وأظهر الحقّ على لسانكم وفي كتبكم المقدّسة ، يدّعي البعض بأنّ خروج عائشة في معركة الجمل عن عدم درايتها بأنّ علي بن أبي طالبعليه‌السلام قد تمّت له البيعة ، واستلام الخلافة له , وبالتالي هي معذورة في خروجها على الإمام في تلك الحرب ، حيث أنّها لو علمت لما خرجت على رأس الجيش؟

الرجاء توضيح هذه الشبهة ، ولكم فائق الاحترام والتقدير.

ج : المعروف أنّ واقعة الجمل كان سببها خروج عائشة مع طلحة والزبير للمطالبة بدم عثمان ، إلاّ أنّ الثابت تاريخياً أنّ عائشة هي التي حرّضت الناس على قتل عثمان بن عفّان ، وأصدرت فتوى بقتله بعد نعته بنعثل اليهودي ، وقالت : « اقتلوا نعثلاً فقد كفر »(٢) ، تعني عثمان ، وفي رواية أُخرى : « اقتلوا نعثلاً قتل الله نعثلاً »(٣) تعني عثمان ، ونعثل هو رجل يهودي كان يعيش في

____________

١ ـ الأحزاب : ٣٠ ـ ٣٣.

٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٧٧ ، شيخ المضيرة أبو هريرة : ١٧١.

٣ ـ تاج العروس ٨ / ١٤١ ، لسان العرب ١١ / ٦٧٠ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٢١٥ و ٢٠ / ٢٢.

٢٥٢

المدينة طويل اللحية ، بل ورد أنّ حفصة وعائشة قالتا لعثمان : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله سمّاك نعثلاً تشبيها بنعثل اليهودي »(١) ، وقيل : « إنّ نعثل هو الشيخ الأحمق ، وهو رجل من أهل مصر كان طويل اللحية وكان يشبه عثمان »(٢) .

وقال ابن أبي الحديد : « قال كُلّ من صنّف في السير والأخبار : إنّ عائشة كانت من أشدّ الناس على عثمان ، حتّى أنّها أخرجت ثوباً من ثياب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنصبته في منزلها ، وكانت تقول للداخلين إليها : هذا ثوب رسول الله لم يبل ، وعثمان قد أبلى سنّته»(٣) .

وقد صدّق المسلمون ـ وعلى رأسهم الصحابة ـ دعوى عائشة ، واستجابوا لتحريضها ، فشاركوا في قتله ، ودفنوه في مقبرة اليهود(٤) .

ولكن السؤال المثير هو : لماذا خرجت عائشة للمطالبة بدم عثمان؟ وتجييش الجيوش من أجل ذلك؟

قال الطبري عن تلك الأحداث : « أنّ عائشة لما انتهت إلى سرف ـ موضع ستة أميال من مكّة ـ راجعة في طريقها إلى مكّة ، لقيها عبد ابن أُمّ كلاب ، وهو عبد ابن أبي سلمة ينسب إلى أُمّه ، فقالت له : مهيم؟

قال : قتلوا عثمان ، فمكثوا ثمانياً ، قالت : ثمّ صنعوا ماذا؟

قال : أخذها أهل المدينة بالاجتماع ، فجازت بهم الأُمور إلى خير مجاز ، اجتمعوا على علي بن أبي طالب ، فقالت : والله ليتَ إنّ هذه انطبقت على هذه إن تمّ الأمر لصاحبك ، ردّوني ردّوني ، فانصرفت إلى مكّة وهي تقول : قتل والله عثمان مظلوماً ، والله لأطلبن بدمه ، فقال لها ابن أُمّ كلاب : ولم؟ فو الله أنّ أوّل من أمال حرفه لأنتِ ، ولقد كنتِ تقولين : اقتلوا نعثلاً فقد كفر.

____________

١ ـ كشف الغمّة ٢ / ١٠٨.

٢ ـ لسان العرب ١١ / ٦٩٩.

٣ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٢١٥.

٤ ـ أُنظر : الطبقات الكبرى ٣ / ٧٨.

٢٥٣

قالت : إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه ، وقد قلت وقالوا ، وقولي الأخير خير من قولي الأوّل ، فقال ابن أُمّ كلاب :

منكِ البداء ومنكِ الغير

ومنكِ الرياح ومنكِ المطر

وأنتِ أمرتِ بقتل الإمام

وقلتِ لنا أنّه قد كفر

فهبنا أطعناكِ في قتله

وقاتله عندنا من أمر

إلى آخر الأبيات.

فانصرفت إلى مكّة ، فنزلت على باب المسجد ، فقصدت الحجر ، فسترت واجتمع إليها الناس ، فقالت : يا أيّها الناس ، إنّ عثمان قُتل مظلوماً ، ووالله لأطلبن بدمه »(١) .

والحاصل : إنّ عائشة كانت تعلم بمبايعة الناس لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، ومن هنا كانت نقطة الانقلاب في موقفها ، وبمراجعة يسيرة إلى المصادر التاريخية تجد أنّ عائشة حتّى عند إخبارها بمقتل عثمان قبل علمها بمبايعة عليعليه‌السلام كانت تسمّيه نعثلاً وتتشفّى بمقتله ، ولكن علمها بمبايعة الإمامعليه‌السلام قلب موقفها تماماً ، وقادها إلى القيام بتلك الفتنة الكبيرة التي راح ضحيّتها عشرات الآلاف من المسلمين ، فكيف لا تعلم عائشة بمبايعة الناس لأمير المؤمنين عليعليه‌السلام ، وهي عندما قدمت إلى البصرة وجدت عليها عثمان بن حنيف عامل أمير المؤمنينعليه‌السلام عليها ، وقد أرسل أليها أبو الأسود الدؤلي يسألها عن خبرها ، وعن علّة مجيئها إلى البصرة ، فقالت له : أطلب بدم عثمان ، قال : إنّه ليس في البصرة من قتلة عثمان أحد ، قالت : صدقت ولكنّهم مع علي بن أبي طالب بالمدينة(٢) .

____________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٧٦.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٢٦.

٢٥٤

وعندما لم تجد عائشة آذاناً صاغية من عثمان بن حنيف وأصحابه في البصرة في مطالبها ، اشتد النزاع بين الفريقين حتّى حصلت تلك الواقعة المسمّاة بـ « واقعة الجمل الأصغر » ، والتي كان من آثارها أن قتل أربعون رجلاً من شيعة عليعليه‌السلام في المسجد ، وسبعون آخرون في مكان آخر ، وأسروا عثمان بن حنيف ، وكان من فضلاء الصحابة ، فأرادوا قتله ، ثمّ خافوا أن يثأر له أخوه سهل والأنصار ، فنتفوا لحيته وشاربيه وحاجبيه ورأسه وضربوه وحبسوه ، ثمّ طردوه من البصرة(١) .

وكان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد أخبر عائشة عن خروجها هذا وحذّرها منه ، وقال لها : «لا تكوني التي تنبحك كلاب الحوأب » ، والحوأب هو وادي كثير الماء نبحت كلابه عند مسير عائشة إلى البصرة ، وعندما سألت عنه أخبروها أنّ هذا المكان يسمّى بماء الحوأب.

فقالت : ردّوني ، ردّوني ، وذكرت التحذير الذي سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولكن وبمحضر من طلحة والزبير أحسّ بجسامة الموقف ، فاحضر خمسين رجلاً ، وشهدوا بأنّ هذا المكان لا يسمّى بماء الحوأب ، وكانت تلك أوّل شهادة زور في الإسلام كما يذكره المؤرّخون(٢) .

وخلاصة القول في مسير عائشة هو قول أمير المؤمنينعليه‌السلام في خطبة له : « أيّها الناس ، إنّ عائشة سارت إلى البصرة ومعها طلحة والزبير ، وكُلّ منهما يرى الأمر له دون صاحبه ، أمّا طلحة فابن عمّها ، وأما الزبير فختنها ، والله لو ظفروا بما أرادوا ـ ولن ينالوا ذلك أبداً ـ ليضربن أحدهما عنق صاحبه بعد تنازع

____________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٤٨٥ ، انساب الأشراف : ٢٢٥ ، أُسد الغابة ٢ / ٤٠ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٢٦.

٢ ـ أُنظر : مسند أبي يعلى ٨ / ٢٨٢ ، شرح نهج البلاغة ٦ / ٢٢٥ و ٩ / ٣١٠ ، انساب الأشراف : ٢٢٤ ، تاريخ اليعقوبي ٢ / ١٨١ ، البداية والنهاية ٧ / ٢٥٨ ، المناقب : ١٨١.

٢٥٥

منهما شديد ، والله إنّ راكبة الجمل الأحمر ما تقطع عقبة ، ولا تحل عقدة إلاّ في معصية الله وسخطه ، حتّى تورد نفسها ومن معها موارد الهلكة »(١) .

وقد حذّر الله سبحانه قبل هذا نساء النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من الخروج من بيوتهنّ وأمرهنّ بالقرار فيها بقوله :( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) (٢) ، ولذا نقول : ما حكم من خرجت من بيتها ومدينتها بل وكُلّ بلادها ، وذهبت إلى بلاد أُخرى تبعد عنها آلاف الأميال ، وأشعلت كُلّ هذه الفتنة التي يراها البعض بداية لفتن صفّين والنهروان ، وثمّ تولّي معاوية على رقاب المسلمين ، ثمّ واقعة كربلاء ، وما جرى على المسلمين إلى يومنا هذا؟ التي يعدّها البعض نتيجة حتمية لضعف العرب والمسلمين بسبب الفتن التي أشعلها الأوائل بوجه الخلافة العلوية.

ولا نريد أن نشير هنا إلى قول النبيّ الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله الذي رواه مسلم عن ابن عمر قال : خرج رسول الله من بيت عائشة فقال : «رأس الكفر من هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان »(٣) ، بل جاء في صحيح البخاري عن عبد الله قال : قام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خطيباً ، فأشار نحو مسكن عائشة فقال : «هاهنا الفتنة ، هاهنا الفتنة ، هاهنا الفتنة ، من حيث يطلع قرن الشيطان »(٤) .

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ١ / ٢٣٣.

٢ ـ الأحزاب : ٣٣.

٣ ـ صحيح مسلم ٨ / ١٨١.

٤ ـ صحيح البخاري ٤ / ٤٦.

٢٥٦

عالم الذرّ :

( ميسون رضا ـ لبنان ـ ٢٣ سنة ـ دراسة ماجستير في العلوم الإلهية )

بحث مفصّل للعلاّمة الطباطبائي حوله :

س : فكرة موجزة عن عالم الذرّ : أهم العلماء الذين يؤيّدون هذه النظرية ، بعض المصادر التي تناولت هذا الأمر من خلال أحاديث أهل البيت عليهم‌السلام .

ج : ننقل لك ما قاله العلاّمة الطباطبائيقدس‌سره حول الموضوع :

قوله تعالى :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ) (١) .

أخذ الشيء من الشيء يوجب انفصال المأخوذ من المأخوذ منه ، واستقلاله دونه بنحو من الأنحاء ، وهو يختلف باختلاف العنايات المتعلّقة بها ، والاعتبارات المأخوذة فيها ، كأخذ اللقمة من الطعام ، وأخذ الجرعة من ماء القدح ، وهو نوع من الأخذ ، وأخذ المال والأثاث من زيد الغاصب ، أو الجواد أو البائع أو المعير ، وهو نوع آخر ، أو أنواع مختلفة أُخرى ، وكأخذ العلم من العالم ، وأخذ الأهبة من المجلس ، وأخذ الحظّ من لقاء الصديق وهو نوع ، وأخذ الولد من والده للتربية ، وهو نوع إلى غير ذلك.

فمجرد ذكر الأخذ من الشيء لا يوضّح نوعه إلاّ ببيان زائد ، ولذلك أضاف الله سبحانه إلى قوله :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) الدال على تفريقهم وتفصيل بعضهم من بعض.

____________

١ ـ الأعراف : ١٧٢.

٢٥٧

قوله :( مِن ظُهُورِهِمْ ) ليدلّ على نوع الفصل والأخذ ، وهو أخذ بعض المادّة منها ، بحيث لا تنقص المادّة المأخوذ منها بحسب صورتها ، ولا تنقلب عن تمامها واستقلالها ، ثمّ تكميل الجزء المأخوذ شيئاً تامّاً مستقلاً من نوع المأخوذ منه ، فيؤخذ الولد من ظهر من يلده ويولده ، وقد كان جزء ، ثمّ يجعل بعد الأخذ والفصل إنساناً تامّاً مستقلاً من والديه ، بعدما كان جزء منهما.

ثمّ يؤخذ من ظهر هذا المأخوذ مأخوذ آخر ، وعلى هذه الوتيرة حتّى يتمّ الأخذ ، وينفصل كُلّ جزء عمّا كان جزء منه ، ويتفرّق الأناسي وينتشر الأفراد ، وقد استقلّ كُلّ منهم عمّن سواه ، ويكون لكُلّ واحد منهم نفس مستقلة لها ما لها ، وعليها ما عليها ، فهذا مفاد قوله :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) ، ولو قال : أخذ ربّك من بني آدم ذرّيتهم أو نشرهم ونحو ذلك ، بقي المعنى على إبهامه.

وقوله :( وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) ينبأ عن فعل آخر إلهي تعلّق بهم ، بعد ما أخذ بعضهم من بعض ، وفصل بين كُلّ واحد منهم وغيره ، وهو إشهادهم على أنفسهم ، والإشهاد على الشيء هو إحضار الشاهد عنده ، وإراءته حقيقته ، ليتحمّله علماً تحمّلاً شهودياً ، فإشهادهم على أنفسهم ، هو إراءتهم حقيقة أنفسهم ، ليتحمّلوا ما أُريد تحمّلهم من أمرها ، ثمّ يؤدّوا ما تحمّلوه إذا سئلوا.

وللنفس في كُلّ ذي نفس جهات من التعلّق والارتباط بغيرها ، يمكن أن يستشهد الإنسان على بعضها دون بعض ، غير أنّ قوله :( أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) يوضّح ما أشهدوا لأجله ، وأُريد شهادتهم عليه ، وهو أن يشهدوا ربوبيته سبحانه لهم ، فيؤدّوها عند المسألة.

فالإنسان وإن بلغ من الكبر والخيلاء ما بلغ ، وغرّته مساعدة الأسباب ما غرّته ، واستهوته لا يسعه أن ينكر أنّه لا يملك وجود نفسه ، ولا يستقلّ بتدبير أمره ، ولو ملك نفسه لوقّاها ممّا يكرهه من الموت ، وسائر آلام الحياة

٢٥٨

ومصائبها ، ولو استقلّ بتدبير أمره لم يفتقر إلى الخضوع قبال الأسباب الكونية ، والوسائل التي يرى لنفسه أنّه يسودها ويحكم فيها ، ثمّ هي كالإنسان في الحاجة إلى ما وراءها ، والانقياد إلى حاكم غائب عنها ، يحكم فيها لها أو عليها ، وليس إلى الإنسان أن يسدّ خلّتها ويرفع حاجتها.

فالحاجة إلى ربّ ـ مالك مدبّر ـ حقيقة الإنسان ، والفقر مكتوب على نفسه ، والضعف مطبوع على ناصيته ، لا يخفى ذلك على إنسان له أدنى الشعور الإنساني ، والعالم والجاهل ، والصغير والكبير ، والشريف والوضيع في ذلك سواء.

فالإنسان في أيّ منزل من منازل الإنسانية نزل ، يشاهد من نفسه أنّ له ربّاً يملكه ويدبّر أمره ، وكيف لا يشاهد ربّه وهو يشاهد حاجته الذاتية؟ وكيف يتصوّر وقوع الشعور بالحاجة من غير شعور بالذي يحتاج إليه؟

فقوله :( أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) بيان ما أشهد عليه ، وقوله :( قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ) اعتراف منهم بوقوع الشهادة وما شهدوه ، ولذا قيل : إنّ الآية تشير إلى ما يشاهده الإنسان في حياته الدنيا ، أنّه محتاج في جميع جهات حياته من وجوده ، وما يتعلّق به وجوده من اللوازم والأحكام ، ومعنى الآية إنّا خلقنا بني آدم في الأرض ، وفرّقناهم وميّزنا بعضهم من بعض بالتناسل والتوالد ، وأوفقناهم على احتياجهم ، ومربوبيتهم لنا ، فاعترفوا بذلك قائلين : بلى شهدنا أنّك ربّنا.

وعلى هذا يكون قولهم :( بَلَى شَهِدْنَا ) من قبيل القول بلسان الحال ، أو إسناد اللازم القول إلى القائل بالملزوم ، حيث اعترفوا بحاجاتهم ، ولزمه الاعتراف بمن يحتاجون إليه ، والفرق بين لسان الحال ، والقول بلازم القول :

أنّ الأوّل انكشاف المعنى عن الشيء لدلالة صفة من صفاته ، وحال من أحواله عليه ، سواء شعر به أم لا ، كما تفصح آثار الديار الخربة عن حال ساكنيها ، وكيف لعب الدهر بهم؟ وعدت عادية الأيّام عليهم؟ فأسكنت

٢٥٩

أجراسهم وأخمدت أنفاسهم ، وكما يتكلّم سيماء البائس المسكين عن فقره ومسكنته وسوء حاله.

والثاني انكشاف المعنى عن القائل ، لقوله بما يستلزمه أو تكلّمه بما يدلّ عليه بالالتزام.

فعلى أحد هذين النوعين من القول ، أعني القول بلسان الحال ، والقول بالاستلزام يحمل اعترافهم المحكي بقوله تعالى :( قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا ) ، والأوّل أقرب وأنسب ، فإنّه لا يكتفي في مقام الشهادة إلاّ بالصريح منها المدلول عليه بالمطابقة دون الالتزام.

ومن المعلوم : أنّ هذه الشهادة على أيّ نحو تحقّقت فهي من سنخ الاستشهاد المذكور في قوله :( أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) ، فالظاهر أنّه قد استوفى الجواب بعين اللسان الذي سألهم به ، ولذلك كان هناك نحو ثالث يمكن أن يحمل عليه هذه المساءلة والمجاوبة ، فإنّ الكلام الإلهي يكشف به عن المقاصد الإلهية بالفعل ، والإيجاد كلام حقيقي ـ وإن كان بنحو التحليل ـ كما تقدّم مراراً في مباحثنا السابقة ، فليكن هنا قوله :( أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ ) وقولهم :( بَلَى شَهِدْنَا ) من ذاك القبيل ، وسيجيء للكلام تتمّة.

وكيف كان فقوله :( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ ) الآية ، يدلّ على تفصيل بني آدم بعضهم من بعض ، وإشهاد كُلّ واحد منهم على نفسه ، وأخذ الاعتراف على الربوبية منه ، ويدلّ ذيل الآية وما يتلوه أعنّي قوله :( أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ ) (١) على الغرض من هذا الأخذ والإشهاد.

وهو على ما يفيده السياق إبطال حجّتين للعباد على الله ، وبيان أنّه لولا هذا الأخذ والإشهاد ، وأخذ الميثاق على انحصار الربوبية ، كان للعباد أن يتمسّكوا

____________

١ ـ الأعراف : ١٧٢ ـ ١٧٣.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507