الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء ١

الدروس الشرعية في فقه الامامية11%

الدروس الشرعية في فقه الامامية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 507

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 507 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 130792 / تحميل: 8507
الحجم الحجم الحجم
الدروس الشرعية في فقه الامامية

الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

كان الانتقال قبل الانتهاء وكان أولى ما لم يؤد إلى كثرة العمل فينفرد.

وتاسعها: إمكان مشاهدة المأموم الامام ولو بوسائط، ويجوز الحيلولة بين الرجال والنساء، وبالنهر وشبهه والمخرم والقصير المانع حينا، ولو صلى الامام في محراب داخل بطلت صلاة الجناحين من الصف الاول خاصة.

وعاشرها: توافق الصلاتين في النظم لا في النوع والشخص، فلا يقتدى في اليومية بالكسوف، ويجوز ارتباط الفرض بالنفل والظهر بالعصر وبالعكس، ومنع الصدوق(١) من صلاة العصر خلف الظهر إلا أن يتوهمها العصر، وهو نادر.

ويتخير المأموم مع نقص صلاته بين التسليم وانتظار الامام حتى يسلم، وهو أفضل.

ولو زادت صلاة المأموم فله الاقتداء في التتمة بآخر من المؤتمين، وفي جوازه بإمام آخر أو منفرد وجهان مبنيان على جواز تجديد نية الائتمام للمنفرد، وجوزها الشيخ(٢) .

(٥٨) درس

تجب متابعة الامام في الاقوال والافعال، ولو تقدم المأموم عمدا أثم واستمر، وفي المبسوط(٣) : لو فارق لا لعذر بطلت صلاته، ولو ركع أو سجد قبله سهوا رجع، ولو ترك الرجوع فهو متعمد، والظان كالساهي.ولو كان ركوع المتعمد قبل فراغ قراء‌ة الامام بطلت صلاته إن علم. ويتحمل الامام القراء‌ة في الجهرية والسرية، وفي التحريم أو الكراهية أو

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه: ج ١ ص ٣٥٨.

(٢) المبسوط: ج ١ ص ١٥٧.

(٣) المبسوط: ج ١ ص ١٥٧.

٢٢١

الاستحباب للمأموم أقوال، أشهرها الكراهية في السرية والجهرية المسموعة ولو همهمة، والاستحباب فيها لو لم يسمع. فلو نقصت قراء‌ته عن قراء‌ة الامام أبقى آية ليركع عنها، وكذا لو قرأ خلف غير المرضي. ويدرك المأموم الركعة بإدراك الامام راكعا، إذا ركع قبل رفع رأسه على الاصح وإن كان بعد الذكر الواجب، ولو شك هل أدرك أم لا أعاد، وفي تنزله منزلة من أدركه في السجود فيسجد معه ثم يستأنف النية نظر. ولو أدركه متشهدا كبر وجلس معه وأجزأه عن تكبير آخر، فيتبعه إن بقي من الصلاة شئ، ويتم لنفسه إن لم يبق. والاقرب إدراك فضيلة الجماعة في الموضعين، وكذا لو أدرك معه سجدة ويستأنف التكبير أيضا. ويراعي المسبوق نظم صلاته، فيقرأ في الاخيرتين بالحمد وحدها أو التسبيح وإن كان الامام قد سبح على الاصح. وفي كراهة الجماعة الثانية في مسجد قولان مع اتحاد الفريضة. ويجوز في السفينة والسفن مع مراعاة القرب.

ويستحب تسوية الصف باستواء المناكب، واختصاص الفضلاء بالاول ويمينه أفضل، ووقوف الامام وسطه.

ويكره تمكين العبيد والصبيان والمجانين منه.

وليقف المأموم الرجل عن يمين الامام، وكذا الصبي، وإن تعددوا فخلفه، والنساء صف، وكذا العراة، والمرأة الواحدة خلف الرجل، والمرأة عن يمين المرأة، ويقف النساء خلف الخناثى والخناثى خلف الرجال استحبابا على الاقوى، ولو جاء رجال تأخرن مع عدم الموقف أمامهن.

ولو أحرم الامام حال تلبس الغير بنافلة قطعها واستأنف معه، ولو كان في فريضة وأمكن نقلها إلى النفل فعل، وإن خاف الفوت(١) قطعها، ولو كان الامام الاعظم قطعها مطلقا مستحبا في الجميع، ولو جوزنا العدول إلى الائتمام

____________________

(١) في " م ": الفوات.

٢٢٢

من الانفراد، ولو كان ممن لا يقتدى به استمر مطلقا، فإن اتقاهم في تشهده فعله قائما، وكذا التسليم.

ويكره أن يصلي نافلة بعد الاقامة، ووقت القيام عند قد قامت، وقيل: عند فراغ الاذان.

ولو خاف الداخل فوت الركوع ركع مكانه، ويتخير بين السجود ثم اللحاق بالصف، وبين المشي في ركوعه إليه، فيستحب جر الرجلين بغير تخط، وليكن الذكر في حال قراره.

ويستحب للامام التطويل إذا استشعر بداخل بمقدار ركوعين، ولا يفرق بين الداخلين.

ويستحب للامام تخفيف الصلاة، ويكره التطويل خصوصا(١) لانتظار من يأتي، وأن يستناب المسبوق بل من شهد الاقامة فيومئ بالتسليم المسبوق، ويستحب للمأموم قول " الحمد لله رب العالمين " إذا فرغ الامام من الفاتحة.

(٥٩) درس

يكره وقوف المأموم وحده اختيارا، وجذبه آخر من الصف إليه على قول، وتخصيص الامام نفسه بالدعاء بل يعممه، ولا يكره إمامة الرجل النساء الاجانب.

ويستحب للمنفرد إعادة صلاته مع الجماعة، والاقرب الاستحباب للجامع أيضا إماما ومؤتما وينوي الندب، ولو نوى الفرض جاز لرواية هشام بن سالم(٢) ، ويختار الله أحبهما إليه.

ولو اقتدى المسبوق في الخامسة سهوا أجزأ، وإن ذكر في الاثناء انفرد.

ويتابع المأموم الامام في الاذكار المندوبة ندبا، وإن كان مسبوقا تابعه في القنوت والتشهد، ولا يجزئ عن وظيفته.

____________________

(١) في باقي النسخ: وخصوصا.

(٢) وسائل الشيعة: ب ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة ج ١ ص ١٥٥.

٢٢٣

ويجوز التسليم قبل الامام لعذر فينوي الانفراد، ولو سلم لا لعذر عمدا فهو مفارق، وإن نوى الانفراد حيث يمكن فلا إثم، ويومئ الامام المسبوق بالتسليم، وروي(١) أنه يقدم رجلا منهم فيسلم بهم.

ولو علم نجاسة على الامام، أو علمت المؤتمة عتق من أمتها مع كشف رأسها، ففي جواز الاقتداء نظر. ولو امتلات الصفوف جاز وقوف المأموم على(٢) جانبي الامام، واليمين أفضل.

ولا ينبغي ترك الجماعة إلا لعذر عام كالمطر أو خاص كالمرض، فيصلي في منزله جماعة إن أمكن، ولو رجا زوال العذر وإدراك الجماعة استحب التأخير، ويستحب للامام التعجيل في الحضور، وقيل: يتوسط، ولو علم تأخير المأمومين جاز التربص ما لم يخرج وقت الفضيلة، وكذا يتأخر المأموم لو تأخر الامام، ولا يجعلا ذلك عادة.

ويستحب حضور جماعة العامة كالخاصة بل أفضل، فقد روي(٣) من صلى معهم في الصف الاول كان كمن صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وآله، فيه ويتأكد مع المجاورة، ويقرأ في الجهرية سرا ولو مثل حديث النفس، ويسقط لو فجأه ركوعهم(٤) ، فيتم فيه إن أمكن وإلا سقط.

وحق الاستنابة للامام لو عرض له عارض، وللمأمومين لو مات أو جن أو ترك الاستنابة، ولو استناب في أثناء القراء‌ة جاز للنائب البناء، والاستئناف أفضل.

ويفتح المأموم على الامام لو ارتج عليه، وينبهه إذا أخطأ وجوبا، فلو ترك التنبيه(٥) فالاقرب صحة الصلاة، وإن تلفظ بالمتروك كان حسنا.

ولا تفوت القدوة بفوات أكثر من ركن، وإن نقص عدد المأموم فيتمه بعد

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٤٠ من أبواب صلاة الجماعة ح ٥ ج ٥ ص ٤٣٨.

(٢) في باقي النسخ: عن.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٥ من أبواب صلاة الجماعة ح ١ ج ٥ ص ٣٨١.

(٤) في " ز ": ركوعه.

(٥) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.

٢٢٤

تسليم الامام.

ويستحب قصد أكبر(١) المساجد جماعة، إلا أن يكون في جواره مسجد يتعطل عند غيبته فيصلي فيه، وملازمة(٢) الامام مجلسه حتى يتم المسبوق، ولا يصلي فيه نافلة بل يتحول إلى غيره.

____________________

(١) في باقي النسخ: أكثر.

(٢) في " م ": ويلازم.

٢٢٥

٢٢٦

كتاب الزكاة

٢٢٧

وهي الصدقة المقدرة بالاصالة ابتداء ولغة التطهير والنماء قال الله تعالى(١) : " وآتوا الزكاة " وقال رسول الله صلى الله عليه وآله(٢) : إن الله فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة زكوا أموالكم تقبل صلاتكم، وأخرج(٣) خمسة من المسجد وقال: لا تصلوا فيه وأنتم لا تزكون، وقال النبي(٤) صلى الله عليه وآله(٥) : ما من ذي زكاة مال نخل أو زرع أو كرم يمنع زكاة ماله إلا قلده الله بزنة أرضه يطوق به من سبع أرضين إلى يوم القيامة، وقال صلى الله عليه وآله(٦) : ملعون ملعون من لا يزكي، وقال الصادق عليه السلام(٧) : وضع رسول الله صلى الله عليه وآله الزكاة على تسعة أشياء: الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذهب والفضة والابل والبقر والغنم، وعليها الاجماع.

____________________

(١) سورة النور ٦ الآية ٥٦.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب ماتجب فيه الزكاة ح ١ ج ٦ ص ٣.

(٣) وسائل الشيعة ب ٣ من أبواب ماتجب فيه الزكاة ح ٧ ج ٦ ص ١٢.

(٤) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٣ من أبواب ماتجب فيه الزكاة ح ١٣ ج ٦ ص ١٤ وفيه: تربة بدل بزنة.

(٦) وسائل الشيعة: ب ٣ من أبواب ماتجب فيه الزكاة ح ١٤ ج ٦ ص ١٠ وفيه: مال بدل من.

(٧) وسائل الشيعة: ب ٨ من أبواب ماتجب فيه الزكاة ح ٣ ج ٦ ص ٣٣.

٢٢٨

وقول يونس(١) وابن الجنيد(٢) بوجوبها في جميع الحبوب شاذ، وكذا إيجاب ابن الجنيد(٣) الزكاة في الزيتون والزيت في الارض العشرية، وكذا العسل فيها لا في الخراجية، نعم يستحب فيما يكال أو يوزن عدا الخضر كالبطيخ والقضب، وروي(٤) سقوطها عن الغض كالفرسك وهو الخوخ وشبهه، وعن الاشنان والقطن والزعفران وجميع الثمار، والعلس حنطة والسلت شعير عند الشيخ(٥) .

ويكفر مستحل ترك الزكاة المجمع عليها، إلا أن يدعي الشبهة الممكنة، ويقاتل مانعها حتى يدفعها، ولا يكفر ولا تسبى أطفاله. وليس في المال حق واجب سوى الزكاة والخمس، وقيل: يجب إخراج الضغث عند الجذاذ والحفنة عند الحصاد.

ولا زكاة واجبة في المال الطفل وإن كان غلة أو ماشية على الاقرب، إلا أن يتجر له الولي فيستحب، والاقرب استحبابها في الغلة والماشية أيضا، ويتولى الاخراج الولي فيضمن لو أهمل مع القدرة، في ماله وجوبا أو ندبا لا في مال الطفل.

ويجوز للولي الملي اقتراض مال الطفل، فلو أتجر به استحبت الزكاة عليه، ولو انتفت الملاء‌ة فالربح لليتيم إن اشترى بالعين، والاقرب استحباب زكاة التجارة حينئذ.

وإن اشترى في الذمة فهو له ويضمن المال ويأثم، ولو انتفت الولاية واشترى في الذمة فهو له أيضا(٦) ، وإن اشترى بالعين وأجاز الولي فالربح لليتيم، وإلا فالبيع باطل.

وحكم المجنون حكم الطفل.

____________________

(١) الكافي: باب ماوضع رسول الله صلى الله عليه وآله ح ٢ ج ٣ ص ٥٠٩.

(٢) المختلف: ج ١ ص ١٨٠.

(٣) المختلف: ج ١ ص ١٨٠.

(٤) وسائل الشيعة: ب ١١ من أبواب ماتجب فيه الزكاة ح ٢ ج ٦ ص ٤٣.

(٥) الخلاف: ج ١ ص ٢٩٦.

(٦) هذه الكلمد غير موجودة في باقي النسخ.

٢٢٩

(٦٠) درس

يشترط أيضا في وجوبها الملك، فلا زكاة على العبد وإن قلنا بملكه، لعدم التمكن من التصرف، ولو صرفه مولاه فهو تصرف متزلزل، ولو تحرر بعضه وجب في نصيب الحرية.

ولا تجب في مال بيت المال ولا في الموهوب قبل القبض، ولا الوصية قبل الموت والقبول، ولا الغنيمة قبل القسمة والقبض وعزل الامام كاف فيه على قول.

وإمكان التصرف، فلا زكاة في الوقف وإن كان خاصا، والمبيع بخيار للبائع يجري في الحول من حين العقد على الاصح، والصداق من حين عقد النكاح، والخلع من حين البذل والقبول، والاجرة من حين العقد وإن كان ذلك في معرض الزوال، ولا في الرهن مع عدم التمكن من فكه إما لتأجيل الدين أو لعجزه، ولا يكفي في الرهن المستعار تمكن المستعير من الفك.

ولا يجب في المال المغصوب والضال والمجحود مع عدم الوصلة إليه، ولا في المال الغائب ما لم يكن في يد وكيله، ولو عادت هذه إليه استحبت زكاتها لسنة، ولا في النفقة المخلفة لعياله مع الغيبة ويجب مع الحضور، وقول ابن ادريس(١) بعدم الفرق مزيف.

ولا يمنع الدين من وجوبها ولو لم يملك سوى وفائه، ولا الكفر، نعم لو أسلم استأنف الحول، أما الردة فإن كانت عن فطرة انقطع الحول، وإلا فلا ما لم يقتل أو يمت، وفي المبسوط(٢) : أو ينتقل إلى دار الحرب.

وليس المنع من التصرف هنا مانعا كما لا يمنع حجر السفه والمرض، وقال الشيخ(٣) : يمنع حجر

____________________

(١) السرائر: ج ١ ص ٤٤٧.

(٢) المبسوط: ج ١ ص ٢٠٤.

(٣) المبسوط: ج ١ ص ٢٢٤.

٢٣٠

المفلس(١) .

وفي وجوبها في الدين مع استناد التأخير إلى المدين قولان: أقربهما السقوط، نعم يستحب زكاته لسنة بعد عوده. ولو شرط المقترض الزكاة على المقرض فالوجه بطلان الشرط، والاقرب إبطال الملك أيضا، ولو تبرع المقرض بالاخراج عن المديون فالوجه اشتراط إذنه في الاجزاء.

وإمكان الاداء شرط في الضمان لا الوجوب كالاسلام، فلو تلف النصاب قبل التمكن من الاداء فلا ضمان، ولو تلف البعض فبالنسبة، وكذا لو تلف قبل الاسلام أو بعده ولم يحل الحول.

ولا تسقط الزكاة بالموت بعد الحول، وفي سقوطها بأسباب الفرار قولان: أشبههما السقوط.

فروع:

في الصداق(٢) لو تشطر قبل الدخول وبعد الحول فالزكاة عليها، وفي جواز القسمة هنا نظر أقربه الجواز وضمانها، وبه قطع في المبسوط(٣) ، فلو تعذر أخذ الساعي من نصيب الزوج ورجع الزوج عليها، ولا يسقط وجوب الزكاة في النصف هنا لو طلق قبل إمكان الاداء، لرجوع العوض إليها.

الثاني: لو استرد المهر بردتها بعد الحول فالزكاة عليها، ويقدم حق الزكاة وتغرمه للزوج، ولو كان المهر حيوانا أو نقدا في الذمة فلا زكاة عليها في الموضعين على الاقرب.

الثالث: لو طلقها بعد الاخراج من العين غرمت له نصف المخرج، ولا ينحصر حقه في الباقي خلافا للمبسوط(٤) .

____________________

(١) في " م " الفلس.

(٢) في " ز " الاول: في الصداق.

(٣) المبسوط: ج ١ ص ٢٠٨.

(٤) المبسوط: ج ١ ص ٢٠٧ ٢٠٨.

٢٣١

(٦١) درس

يشترط في زكاة الانعام شروط: أحدها: الحول، وهو مضي أحد عشر شهرا كاملة، واحتساب الحول الثاني من آخر الشهر الثاني عشر، ويسقط باختلال بعض الشروط فيه كالمعاوضة ولو كان بالجنس.

ويصدق المالك بغير يمين في عدم الحول إلا مع قيام البينة.

ولو تعدد ولا إخراج سقط من المال في كل حول قدر المستحق وزكي الباقي حتى ينقص النصاب.

وللسخال حول بانفرادها بعد غنائها بالرعي قاله الحليان(١) ، واعتبر الشيخ(٢) وابن الجنيد(٣) الحول من حين النتاج وهو المروي(٤) .

فرع:

لو حال الحول عليها ولم يكن فيها الفريضة كست وعشرين فصيلا ليس فيها بنت مخاض أخرج منها، وحينئذ قد تتساوى النصب المختلفة في الفريضة، وكذا لو كانت بنات مخاض أو بنات لبون أو حقاقا أخرج منها وتساوت النصب، على إشكال في الجميع، ويحتمل اعتبار قيمة الصغار والكبار وينقص من الواجب بالنسبة، فلو ساوت قيمة ست وثلاثين صغارا مائتين وكبارا ضعفها، أخرج بنت لبون خسيسة بقيمة نصفها مجزئة.

ولو ملك مالا آخر في أثناء الحول من جنس ما عنده فإن كان نصابا

____________________

(١) الشرائع: ج ١ ص ١٠٩. المختلف: ج ١ ص ١٧٥.

(٢) المبسوط: ج ١ ص ٢٠٠.

(٣) المختلف: ج ١ ص ١٧٥.

(٤) وسائل الشيعة: ب ٩ من أبواب ماتجب فيه الزكاة وما لاتجب ح ١ ج ٦ ص ٨٣.

٢٣٢

مستقلا، كخمس من الابل بعد خمس، وكأربعين بقرة وعنده ثلاثون، أو مائة وإحدى وعشرين من الغنم وعنده أربعون، فلكل حول بانفراده، ولو كان غير مستقل كالاشناق استؤنف الحول للجميع عند تمام الحول(١) الاول على الاصح.

ولو ملك إحدى وعشرين بعد خمس فالشياه بحالها، وكذلك إلى خمس وعشرين، ولو ملك ستا وعشرين جديدة ففيها بنت مخاض عند تمام حولها، وفي أربعين من الغنم بعد أربعين وثلاثين من البقر بعد ثلاثين وجه بالوجوب، وقيل: لو ملك بعد الاربعين إحدى وثمانين فلكل حول، ورد بثلم النصاب بمستحق المساكين فاشترط زيادة واحدة، وهو سهو ولو قلنا بأن الزكاة في الذمة على القول النادر.

الثاني: السوم، فلا يجب في المعلوفة وإن كان لا مؤونة فيه أو بعض الحول، ولا عبرة باللحظة وفي اليوم في السنة، بل في الشهر تردد، أقربه بقاء السوم للعرف، والشيخ(٢) اعتبر الاغلب.

ولا فرق بين أن يكون العلف لعذر أو لا، و بين أن تعتلف بنفسها أو بالمالك أو بغيره، من دون إذن المالك أو بإذنه، من مال المالك أو غيره.

ولو اشترى مرعى فالظاهر أنه علف، أما استئجار الارض للرعي أو ما يأخذه الظالم على الكلاء فلا.

الثالث: أن لا تكون عوامل ولو في بعض الحول، فلا زكاة فيها وإن كانت سائمة، وشرط سلار(٣) كونها إناثا، وهو متروك.

الرابع: النصاب، ففي الابل اثنى عشر: خمسة كل واحد خمس وفيه شاة، ثم ست وعشرون ففيها(٤) بنت مخاض دخلت في الثانية، ثم ست وثلاثون

____________________

(١) في باقي النسخ: الحول.

(٣) المراسم: ص ١٢٩.

(٢) المبسوط: ج ١ ص ١٩٨.

(٤) في " ق ": وفيها.

٢٣٣

فبنت لبون دخلت في الثالثة، ثم ست وأربعون فحقة دخلت في الرابعة، ثم إحدى وستون فجذعة دخلت في الخامسة، ثم ست وسبعون فبنتا لبون، ثم إحدى وتسعون فحقتان، ثم مائة وإحدى وعشرون ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون، وقال الحسن(١) وابن الجنيد(٢) : في خمس وعشرين بنت مخاض، وقال ابنا بابويه(٣) : في إحدى وثمانين ثني، وقال المرتضى(٤) : لا يتغير الفرض من إحدى وتسعين إلا بمائة وثلاثين، وكل متروك. ويتخير المالك في مثل مأتين بين الحقاق وبنات اللبون، وفي الخلاف(٥) الساعي، ولا فرق بين العرابي والبخاتي، وفي الاخراج يقسط، وكذا في البقر والجاموس والمعز والضأن. والشنق ما بين النصب ولا زكاة فيه، ولو تلف بعد الحول لم يسقط من الفريضة شئ، وكذا الوقص في البقر والعفو في الغنم.

وللبقر نصابان: ثلاثون وفيه تبيع أو تبيعة دخل في الثانية، وأربعون وفيه مسنة دخلت في الثالثة.

وأوقاصها تسعة إلا ما بين أربعين إلى ستين فتسعة عشر.

وللغنم خمسة نصب على الاقوى: أربعون وفيه شاة، وقال ابنا بابويه(٦) : يشترط إحدى وأربعون، ثم مائة وإحدى وعشرون فشاتان، ثم مائتان وواحدة فثلاث، ثم ثلاثمائة وواحدة فأربع، ثم أربعمائة ففي كل مائة شاة، وقيل بسقوط الاعتبار من ثلاثمائة وواحدة، وعلى الاول لايتغير الفرض عن الرابع حتى يبلغ خمسمائة، وعلى الثاني لا يتغير عن الثالث حتى يبلغ أربعمائة، وإنما

____________________

(١) المختلف: ج ١ ص ١٧٥.

(٢) المختلف: ج ١ ص ١٧٥.

(٣) الهداية (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٥٤.

(٤) الانتصار: ص ٨١.

(٥) الخلاف ٦ ج ١ ص ٢٧٣.

(٦) المختلف ٦ ج ١ ص ١٧. الهداية (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٤.

٢٣٤

التغير معنوي، وتظهر الفائدة(١) في المحل، ويتفرع عليه الضمان، وقد بيناه في شرح الارشاد(٢) ، والشاة المأخوذة هنا وفي الابل أقلها الجذع من الضأن لسبعة أشهر، وقيل: ابن الهرمين لثمانية أشهر والثني من المعز بالدخول في الثانية.

فرع:

لو فقدا في غنمه دفع الاقل وأتم القيمة، أو الاكثر واسترد.

ولا تؤخذ الربى إلى خمسة عشر يوما لانها كالنفساء، ولا الماخض ولا الاكولة والفحل، وفي عدهما قولان، والمروي(٣) المنع، ولا ذات عوار أو مريضة أو مهزولة إلا من مثلهن، ولا الاردأ والاجود بل الاوسط، والخيار إلى المالك، وقال الشيخ(٤) : يقرع.

ويجبر السن الناقصة في الابل بشاتين أو عشرين درهما فتساوي تاليها، وقيل: الجبر بشاة، ويدفع الساعي ذلك في الزائدة، ولا جبر بتضاعف الدرج، ولا فيما زاد على الجذعة، ولا في غير الابل، بل القيمة، وتجزئ في الجميع والعين أفضل.

ويجزئ ابن اللبون عن بنت المخاض، وفرض كل نصاب أعلى عن(٥) الادنى، وفي إجزاء البعير عن الشاة فصاعدا لا بالقيمة وجهان.

ومنع المفيد(٦) من القيمة في الانعام، ويجزئ شياه الابل من غير غنم البلد، أما شياه الغنم فلا إلا

____________________

(١) في باقي النسخ: فائدته.

(٢) نقله عن غاية المراد السيد جواد العاملي في مفتاح الكرامة: كتاب الزكاة ج ٣ ص ٦٧.

(٣) وسائل الشيعة: ب ١٠ من أبواب زكاة الانعام ح ١ ج ٦ ص ٨٤.

(٤) المبسوط: ج ١ ص ١٩٥.

(٥) في " ق ": من.

(٦) المقنعة: ص ٢٥٣.

٢٣٥

أن يكون أجود أو بالقيمة، ويجزئ الذكر والانثى عن مثلهما ومخالفهما.

ولا يفرق بين مجتمع في الملك كما لا يجمع بين متفرق فيه، ولا عبرة بالخلطة سواء كانت خلطة أعيان كأربعين بين شريكين أو ثمانين بينهما مشاعة، أو خلطة أوصاف كالاتحاد في المرعى والمشرب والمراح مع تميز المالين، ولا يجبر جنس بآخر.

(٦٢) درس

يشترط في زكاة النقدين الحول، والسكة وإن هجرت، فلا زكاة في السبائك والنقار والحلي، وزكاته إعارته، والنصاب، فلا زكاة فيما دون عشرين مثقالا من الذهب، ولا فيما دون أربعه بعده، ولا فيما دون مائتي درهم من الفضة وأربعين بعدها، والمخرج ربع العشر عينا أو قيمة، والدرهم نصف المثقال وخمسه وزنا، أو ثمانية وأربعون حبة شعير هي ستة دوانيق.

والمغشوش يشترط بلوغ خالصه نصابا، فإن شك فيه فلا شئ، وإن علم وشك في قدر الغش صفي إن ماكس، ثم يخرج عن المغشوشة منها أو صافيه بحسابها، ولا عبرة بالرغبة، والاخراج بالقسط، وفي المبسوط(١) : يجزئ الادون مع تساوي العيار.

ويشترط في الغلات تملكها بالزراعة وانعقاد الحب وبدو الصلاح، ويكفي انتقالها قبلهما إلى ملكه، فلا زكاة في البلح، ويجب في البسر والحصرم على الاصح، ووقت الاخراج عند الجفاف والتصفية.

والنصاب، وهو ألفا رطل وسبعمائة رطل بالعراقي، هو(٢) ثلاثمائة صاع

____________________

(١) المبسوط: ج ١ ص ٢٠٩.

(٢) في " م " و " ز ": هي.

٢٣٦

هي خمسة أوسق، ويعتبر جافا مشمسا، فيخرج منه(١) العشر إن سقيت سيحا أو بعلا أو عذيا، ونصفه إن سقيت بالدوالي والغرب وما فيه مؤونة، ولو اجتمعا اعتبر الاغلب في عيش الزرع والشجر، فإن تساويا فثلاثة أرباع العشر، ويجب في الزائد وإن قل، كل ذلك بعد المؤونة وحصة السلطان ولو جائرا، وفي الخلاف(٢) والمبسوط(٣) : المؤونة على المالك. ولا يتكرر فيها الزكاة بعد وإن مضى عليها أحوال. ويضم الزروع والثمار المتباعدة في النصاب وإن اختلف في الاطلاع والادراك، وفيما يحمل مرتين قولان. ويجوز الخرص، فيضمن المالك الزكاة، أو الساعي للمالك، أو تبقى أمانة، واستقرار الضمان مشروط بالسلامة، ويصدق المالك في تلفها بظالم أو غيره بيمينه، ويجوز التخفيف للحاجة ويسقط بالحساب.

ويجوز دفع الثمرة على الشجرة(٤) ، والعنب الذي لا يصير زبيبا، والرطب الذي لا يصير تمرا، يخرص على تقدير الجفاف، وعلى الامام بعث خارص، ويكفى الواحد العدل، والعدلان أفضل.

والحنطة والشعير جنسان هنا.

ولو اختلف(٥) الثمار والزروع في الجودة قسط، ولو أخذ العنب عن الزبيب أو الرطب عن التمر رجع بالنقيصة عند الجفاف. ولا يكفي الخراج عن الزكاة.

فرع:

لو مات المديون قبل بدو الصلاح وزع الدين على التركة، فإن فضل نصاب

____________________

(١) في باقي النسخ: منها.

(٢) الخلاف ٦ ج ١ ص ٢٩٦.

(٣) المبسوط: ج ١ ص ٢١٧.

(٤) في باقي النسخ: الثمر على الشجر.

(٥) في باقي النسخ: اختلفت.

٢٣٧

لكل وارث ففي وجوب الزكاة عليه قولان.

ولو مات بعد بدو الصلاح وجبت، ولو ضاقت التركة قدمت، وفي المبسوط(١) : توزع.

وتجب الزكاة على عامل المزارعة والمساقاة بالشرائط خلافا لابن زهرة(٢) .

نعم لو آجر أرضا بطعام لم يزكه. وحكم ما يستحب فيه الزكاة من الغلات حكم الواجب.

ولو باع النصاب كان نصيب المستحق مراعى بالاخراج، لتعلق الزكاة بالعين ومن ثم لم يمنعها الدين.

(٦٣) درس

تستحب زكاة التجارة، وأوجبها ابنا بابويه(٣) ، وهي الاسترباح بالمال المنتقل بعقد المعاوضة، فلا زكاة في الميراث والموهوب ولا في القنية، ولو تجدد قصد الاكتسا ب كفى على الاقوى.

ويشترط فيها حول النقدين ونصاباهما، ولابد من بقاء النصاب وسلامة رأس المال طول الحول، ولو زاد اعتبر له حول من حين الزيادة.

ولا يشترط بقاء العين في الاصح فلو تبدلت زكيت، وفي بناء حول العروض(٤) على حول النقدين قولان، ولا إشكال في بناء حول النقد على حول العروض(٥) ما دامت التجارة.

وتتعلق بالقيمة لا بالعين فلو باع العين صحت، ولو ارتفعت قيمتها بعد الحول أخرج ربع عشر القيمة عند الحول، ولو نقصت بعده وقبل إمكان الاداء فلا ضمان، وإلا ضمن النقص سواء كان لعيب أو نقص سوق، وفي

____________________

(١) المبسوط: ج ١ ص ٢١٩.

(٢) الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٥٤٠.

(٣) المقنع (ضمن الجواع الفقهية): ص ١٤.

(٤) و(٥) في باقي النسخ: العرض.

٢٣٨

المعتبر(١) : الانسب تعلقها بالعين، فعلى هذا يثبت نقيض الاحكام، ولا يمنعها الدين، والاقرب أنه على القول بالقيمة لا يمنعها أيضا.

ولو اشترى نصابا زكويا وأسامه قدمت المالية ولو قلنا بوجوبها، ولا يجتمعان إجماعا، فلو(٢) زرع أرض التجارة أو استثمر نخلها فعشرهما لا يغني عن زكاة التجارة في الاصل خلافا للمبسوط(٣) ، ولا يمنع انعقاد الحول على الفرع.

وعامل المضاربة يخرجها إذا بلغ نصيبه نصابا، وفي تعجيل الاخراج قبل القسمة قولان، والجمع بين كون الربح وقاية وبين تعجيل الاخراج بتغريم العامل قول محدث، مع أن فيه تغريرا بمال المالك لو أعسر العامل، ونتاج مال التجارة منها، ويجبر منه نقصان الولادة.

والعبرة في التقويم بالنقد الذي اشتريت به لا بنقد البلد، فلو اشترى بدراهم وباعها بعد الحول بدنانير قومت السلعة دراهم، ولو باعها قبل الحول قومت الدنانير دراهم عند الحول، وقيل: لو بلغت بأحد النقدين النصاب استحبت، وهو حسن إن كان رأس المال عرضا.

ولو مضى عليه سنون ناقصا عن رأس المال استحب زكاة سنة.

وتستحب في الخيل بشرط الانوثة والسوم والحول، ففي العتيق ديناران وفي البرذون دينار، والاقرب أنه لا زكاة في المشترك حتى يكون لكل واحد فرس، وفي اشتراط كونها غير عاملة نظر، أقربه نعم لرواية زرارة(٤) .

ولا زكاة في البغال والحمير والرقيق إلا في التجارة.

والعقار المتخذ للنماء تستحب الزكاة في حاصله، قيل: ولا يشترط فيه

____________________

(١) المعتبر: ص ٢٧٣.

(٢) في باقي النسخ: ولو.

(٣) المبسوط: ج ١ ص ٢٢٢.

(٤) وسائل الشيعة: ب ١٦ من أبواب ماتجب فيه الزكاة ح ١ و ٣ ج ٦ ص ٥١.

٢٣٩

النصاب ولا الحول، والمخرج ربع العشر.

ولا زكاة في الفرش والآنية والاقمشة للقنية، وروى شعيب(١) عن الصادق عليه السلام: كل شئ جر عليك المال فزكه وما ورثته أو اتهبته فاستقبل به، وروى عبدالحميد(٢) عنه عليه السلام إذا ملك مالا آخر في أثناء حول الاول زكاهما عند حول الاول.

وفيهما دلالة على أن حول الاصل يستتبع الزائد في التجارة وغيرها، إلا السخال، ففي رواية زرارة(٣) عنه عليه السلام حتى يحول عليها الحول من يوم تنتج، وروى رفاعة(٤) عنه لا عشر في الخراجية.

وفي إجزاء ما يأخذه الظالم زكاة قولان أحوطهما الاعادة.

(٦٤) درس

أصناف المستحقين للزكاة ثمانية: الفقراء والمساكين، ويشملهما من لا يملك مؤونة سنة له ولعياله، وقيل: من لا يملك نصابا ولا قيمته، والمروي(٥) أن المسكين أسوأ حالا.

ويعطى ذو الدار والخادم والدابة مع الحاجة أو اعتياده لذلك، ويمنع من يكتفي بكسبه ولو ملك خمسين، كما لا يمنع من لا يكتفي به ولو ملك سبعمائة درهم، وكذا ذو الصنعة والضيعة، ولو كان أصلها يقوم به دون النماء استحق، وهل يأخذ تتمة السنة أو يسترسل الاخذ؟ قولان.

ولو اشتغل بالفقه ومحصلاته عن التكسب جاز الاخذ.

ولو تعفف المستحق ففي رواية(٦)

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ١٦ من أبواب زكاة الذهب والفضة ح ١ ص ١١٦.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١٦ من أبواب زكاة الذهب والفضة ح ٢ ج ٦ ص ١١٦.

(٣) وسائل الشيعة: ب ٩ من أبواب زكاة الانعام ح ٢ ج ٦ ص ٨٣.

(٤) وسائل الشيعة: ب ١٠ من أبواب زكاة الغلات ح ٢ ج ٦ ص ١٣٢.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١ من أبواب المستحقين للزكاة ح ٢ ج ٦ ص ١٤٤.

(٦) وسائل الشيعة: ب ٥٧ من أبواب المستحقين للزكاة ح ٢ ج ٦ ص ٢٨١.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

في المسجد الحرام ولواء منها على طور سيناء، ولا يدع مؤمن ولا مؤمنة إلاّ ويسلّم عليه، إلاّ مدمن خمرٍ، وآكل لحم خنزير، والمتضمّخ بالزعفران) (1) . ونظيره ما روي في كتاب جعفر بن محمد الدورستري.

ومنها: يفرق فيها كلّ أمر حكيم، وأنّها مباركة ببركة خاصّة مضاعفة مُمتازة عن بركة شهر رمضان كلّه، حيث قال تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (2) ، وقوله تعالى: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) (3) .

ومنها: أنّها موصوفة بالسلامة، حيث قال تعالى: ( سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) (4) ، مع أنّ شهر رمضان - كما تقدّم - تُصفد فيه الشياطين وتُفتح فيه أبواب السماء وأبواب الجنان وتُغلق أبواب النيران، إلاّ أنّ في ليلة القدر يزداد هذا الفتح لأبواب والغلق لأبواب أُخرى.

ومنها: يُضاعف العمل ثلاثين ألف ضعف، كما قال تعالى: ( خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) إلى غير ذلك من الخصائص التي امتازت بها ليلة القدر، إلاّ أنّ كلّ ذلك هو تمهيد وتوطئة وإعداد لأكبر امتياز وخاصّية امتازت بها ليلة القدر، وهو نزول القرآن والروح والملائكة فيها في كلّ عام.

وروي في مجمع البيان عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله قال: (إنّ الشيطان لا يخرج في هذه الليلة حتّى يضي‏ء فجرُها، ولا يستطيع فيها أن ينال أحداً بِخَبَل أو داء أو ضرب من ضروب الفساد، ولا ينفذ فيه سحر ساحر) (5) .

____________________

1) مجمع البيان، ج10، ص409، في ذيل سورة الفجر. وتأويل الآيات، ج2، ص816.

2) سورة الدخان: 3 - 4.

3) سورة القدر: 2 - 6.

4) سورة القدر: 7.

5) تفسير مجمع البيان، ج10، ص409.

٣٢١

ليلة القَدْر بيئةٌ لنزول القرآن كلّ عام:

فكلّ الإعداد السابق للمسلم والمؤمن في بيئة شهر رمضان المباركة، ومحيط أجواء النور في ليلة القدر وعبادة المؤمن وأعماله في هذه الليلة المتضاعفة أضعافاً، تبلغ أجر العمل في هذه الليلة من كلّ عام ما يزيد على عمر الإنسان لو قدّر تطاوله إلى ما يزيد على ثلاث وثمانين عاماً.

كلّ هذا الإعداد والرقي الروحي للمؤمن يُكتب له لأجل أن يدرك ليلة القدر، وإدراكها بدراية (ما ليلة القدر؟) حيث قال تعالى: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) (1) ، وهو تحضيض وترغيب، وحثّ على دراية ومعرفة ليلة القدر؛ فـ ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) ، أي: ما أعلمك بليلة القدر، فإدراكُها بدرايتِها؟

وليست درايتها ومعرفتها هي بمعرفة وقتها الزماني ليتخيّل أنّ إدراكها هو بتحديد أي ليلة هي من الليالي لتوقع الأعمال العبادية فيها، بل هذا أدنى درجات الإدراك، ومُعدّ إلى درجات أُخرى لإدراكها بدرايتها ومعرفة الإرهاصات التي تقع فيها، ومن ثمّ قال تعالى عقيب قوله: ( وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) ، بقوله تعالى بخيرّيتها من ألف شهر، وأوج معرفتها بتنزّل الملائكة والروح فيها من كلّ أمر، فالعمدة في درك ودراية هذه الليلة بمعرفة نزول الروح والملائكة فيها من كلّ عام.

ويواجه الباحث هنا عدّة تساؤلات:

الأوّل: ما هي العلاقة بين نزول القرآن في ليلة القدر ونزول الروح؟ وما هذه الصلة التي يجدها ملحوظة في سورة القدر؟ حيث إنّ الضمير في: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) يعود إلى القرآن، كما أنّ الضمير في سورة الدخان: ( حم * وَالْكِتَابِ

____________________

1) سورة القدر: 2.

٣٢٢

الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) يعود إلى الكتاب المبين، وقوله تعالى: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) (1) .

الثاني: هل النزول للقرآن يستمرّ باستمرار نزول الروح في ليلة القدر من كلّ عام؟

الثالث: ما هي الصلة بين الكتاب المبين والقرآن الذي أُنزل في الليلة المباركة ليلة القدر؟ كما في سورة الدخان التي تقدّمت، وفي سورة الزخرف من قوله تعالى: ( حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ) (2) .

وقد وصفت الآيات المحكمات بأنّهن أُمّ الكتاب في سورة آل عمران في قوله تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ ) (3) .

الرابع: ما هي الصلة بين نزول القرآن ونزول الروح والملائكة، وتقدير كلّ أمر من الحوادث والآجال والأرزاق، وكلّ صغيرة وكبيرة تقع على كلّ شخص وكلّ مجتمع، بل كلّ نبات وحيوان وجماد، وكون ومكان، ودول وجماعات وأحزاب ومنظمات إقليمية وقطرية، ومذاهب وطوائف، وحرب وسلم، وغلاء ورخص، وأمن وخوف، ومواليد وأموات؟

وتدبير كلّ شي‏ء من عظائم الأُمور وصغائرها، وأحلاف سياسية وعسكرية وأمنية، ومخطّطات ومشاريع، وظواهر اجتماعية واقتصادية، وظواهر فكرية اعتقادية، وانتشار الأمراض والأوبئة المهدّدة للصحّة العالمية البشرية، والسياسات المتبنّاة في كلّ إقليم، وتوازن القوى الاجتماعية والإقليمية والدولية،

____________________

1) سورة البقرة: 185.

2) سورة الزخرف: 1 - 4.

3) سورة آل عمران: 7.

٣٢٣

وسقوط دول وبروز أُخرى، وتبدّل أعراف ونشوء أُخرى قانونية واجتماعية وأخلاقية، وما سيدور في الدوائر الأمنية والسياسية والمخابراتية الدولية والقطرية من خلف الكواليس؟ حيث قال تعالى في سورة الدخان: ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) (1) .

وقال في سورة القدر: ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) (2) ، وقوله تعالى: ( يَمْحُواْ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ) (3) ، وقوله تعالى: ( يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ) (4) ، وقوله تعالى: ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً ) (5) .

وروى الكُليني عن أبي عبد اللَّه عليه‌السلام قال: (كان عليّ عليه‌السلام كثيراً ما يقول: ما اجتمع التيمي والعدوي عند رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقرأ: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ ) بتخشّع وبكاء، فيقولان: ما أشدّ رقّتك لهذه السورة؟ فيقول رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله : لِما رأت عيني وَوَعى قلبي، ولِما يرى قلبُ هذا من بعدي.

فيقولان فما الذي رأيت وما الذي يرى؟ قال: فيكتب صلى‌الله‌عليه‌وآله لهما في التراب: ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ ) . قال: ثمّ يقول: هل بقي شي‏ء بعد قوله عزّ وجلّ: ( كُلِّ أَمْرٍ ) فيقولان: لا...) الحديث (6) .

وروى الكُليني صحيح محمّد بن مسلم، عن أحدهما، قال: (... وسُئل عن ليلة القدر فقال: تنزّل فيها الملائكة والكتبة إلى السماء الدنيا، فيكتبون ما يكون في أمر السنة وما يصيب العباد، وأمره عنده موقوف له وفيه المشيئة، فيقدّم منه ما يشاء ويؤخّر منه ما يشاء) (7) .

وروى في صحيح الفضلاء في حديث، في قوله عزّ وجلّ: ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْر

____________________

1) سورة الدخان: 4 - 5.

2) سورة القدر: 4.

3) سورة الرعد: 39.

4) سورة النحل: 2.

5) سورة النحل: 89.

6) الكافي، ج1، ص249.

7) الكافي، ج4، ص157.

٣٢٤

ٍ حَكِيمٍ ) قال: يقدّر في ليلة القدر كلّ شي‏ء يكون في تلك السنة إلى مثلها من قابل، خيرٌ وشرٌ، وطاعة ومعصية، ومولود وأجل أو رزق، فما قدّر في تلك السنة وقضي فهو المحتوم وللَّه عزّ وجلّ فيه المشيّة (1) .

الخامس: من هو الذي ينزل عليه الروح والملائكة بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في هذه الأُمّة إلى يوم القيامة؟ حيث إنّ نزول الملائكة والروح، بحسب سورة القدر وسورة الدخان، كان قطعاً على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث إنّ نزول الروح والملائكة كان إنزالاً للقرآن على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلم يكن نزولاً بلا مقصد ينتهي إليه النزول، وكذا قوله في سورة الدخان:

( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ ) (2) ، فالآية تصرّح أنّ مورد النزول هو من يشاء اللَّه من عباده، أي يصطفيهم لذلك ليكونوا منذرين، وكذلك سورة غافر في قوله تعالى: ( يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) (3) .

السادس: هل هذا المتنزّل من الكمّ الهائل من المعلومات عن كلّ ما يحدث في الأرض، والذي ينزل على من اصطفاه اللَّه لذلك وشاء له ذلك بنصّ سورة النحل وغافر، والتي هي نظم ومنظومات معلوماتية بالغة الخطورة عن المستقبل في كلّ الحقول ونظم الاجتماع السياسي، والاقتصادي، والأمني، فهل نزولها للترف العلمي ومجرّد اطّلاع من يشاء اللَّه من عباده، أم أنّ ذلك ليقوم بمهام وأدوار خطيرة في البشرية في كافّة أرجاء الأرض؟

وعلى كلّ تقدير، فإنّ ظاهر سورة القدر: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) هو نزول القرآن في ليلة القدر، كما هو ظاهر قوله تعالى: ( شَهْرُ رَمَضَانَ

____________________

1) الكافي، ج4، ص156.

2) سورة الدخان: 3 - 5.

3) سورة غافر: 15.

٣٢٥

الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) (1) ، فإنّ مفادهما كما اعترف بذلك جملة كثيرة من المفسّرين من الفريقين، هو نزول القرآن جملة واحدة في شهر رمضان، وظاهر الضمير في سورة القدر عائد إلى القرآن، كما أنّ لفظ الآية في سورة البقرة كذلك: ( الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ ) ، حيث إنّ ظاهر (الـ) في المجموع، وكذلك هو مفاد قوله تعالى في سورة الدخان: ( حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) ، فإنّ الضمير عائد إلى الكتاب المبين برمّته.

هذا مضافاً إلى أنّ بعثة الرسالة النبويّة هي في شهر رجب وهو مبدأ نزول القرآن نجوماً، وأنّ أوّل سورة نزلت هي سورة العلق وغيرها من السور، فمن ثمّ حُمل ذلك على استظهار أنّ للقرآن نزولان:

النزول الأوّل: بجملة القرآن.

والنزول الثاني: هو نزول مفصّل تدريجي نجومي بحسب الوقائع والأحداث.

وقد تفطّن إلى ذلك في دلالة الآيات ببركة ما ورد من روايات أهل البيت عليهم‌السلام وانتشر من حديثهم، فتبنّاها جملة من طبقات التابعين أخذاً عنهم وإن لم يسندوها إليهم، فقد ورد عنهم عليهم‌السلام كما في صحيحة حَمران أنّه سأل أبا جعفر عليه‌السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) ؟ قال: (نعم، ليلة القدر، وهي في كلّ سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن إلاّ في ليلة القدر...) (2) .

وقال علي بن إبراهيم في تفسيره في معنى ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) : فهو القرآن نزل إلى البيت المعمور في ليلة القدر جملة واحدة، وعلى رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله في طول ثلاث وعشرين سنة: ( وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ ) . ومعنى ليلة القدر أنّ اللَّه

____________________

1) سورة البقرة: 185.

2) الكافي، ج4، ص157.

٣٢٦

تعالى يقدّر فيها الآجال والأرزاق، وكلّ أمر يحدث من موت أو حياة، أو خصب أو جدب، أو خير أو شرّ، كما قال اللَّه تعالى: ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (1) ، إلى سنة، قوله: ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) قال: تنزّل الملائكة وروح القدس على إمام الزمان، ويدفعون إليه ما قد كتبوه من هذه الأُمور) (2) .

وروى الكُليني بسنده عن الحسن بن عبّاس بن جريش، عن أبي جعفر الثاني عليه‌السلام ، قال: (قال اللَّه عزّ وجلّ في ليلة القدر: ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) يقول: ينزل فيها كلّ أمر حكيم، والمحكم ليس بشيئين إنّما هو شي‏ء واحد، فمن حكم بما ليس فيه اختلاف فحكمه من حكم اللَّه عزّ وجلّ) (3) . الحديث.

وروى الكُليني بسنده إلى أبي عبد اللَّه عليه‌السلام ، قال: (نزل القرآن جملةً واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور، ثمّ نزل في طول عشرين سنة. ثمّ قال، قال النبيّ عليه‌السلام : أُنزل القرآن في ثلاث وعشرين من شهر رمضان) (4) .

وروى الكُليني بسنده عن أبي بصير عن أبي عبد اللَّه عليه‌السلام ، قال: (نزلت التوراة في ستّ مضت في شهر رمضان، ونزل الإنجيل في اثنتي عشرة ليلة مضت من شهر رمضان، ونزل الزبور ثماني عشرة من شهر رمضان، ونزل القرآن في ليلة القدر) (5) .

مكان نزول القرآن:

ومن ثمّ كان للقرآن نزولان، وكان ما يتلقّاه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في النزول الأوّل هو حقيقة القرآن التكوينية، وفي النزول الثاني هو معاني القرآن وألفاظه.

فالنزول الأوّل: هو نزول جملة القرآن وحقيقته التي في نشأة الملكوت

____________________

1) سورة الدخان: 4.

2) تفسير القمّي، ج2، ص431.

3) الكافي، ج1، ص247، ح 3.

4) الكافي، ج2، ص629، ح 6.

5) الكافي، ج4، ص157، ح 5.

٣٢٧

التي هي الكتاب المبين، وقد أطلق عليها الروح في القرآن الكريم، أي أنّه وجود حيّ شاعر عاقل أعظم خلقاً من الملائكة، كما أشارت إليه الآيات والروايات.

والنزول الثاني: هو نزول معاني وألفاظ القرآن، وهو نزول القرآن نجوماً على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، والذي سُمّي القرآن فرقاناً بلِحاظه.

وقد ذهب إلى تنوّع النزول أكثر المفسّرين والمحدّثين، ويشير إلى النمط الأوّل من النزول قوله تعالى: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء ) (1) ، وقوله تعالى: ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ ) (2) ، وقوله تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) (3) ، وقوله تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) (4) ، وقوله تعالى: ( شَهْرُ رَمَضانُ الَّذي اُنْزِلَ فيهِ الْقُرْآنُ ) (5) . ومن ثمّ اختلف توقيته، توقيت النزول الجملي للقرآن عن بدء البعثة في رجب، التي هي مبدأ لأوّل ما نزل بنحوٍ نجومي متفرّق فُرقاني، أو الذي هو من النمط الثاني.

ويشير أيضاً إلى النمط الأوّل من النزول جملة من الروايات:

منها: ما رواه العياشي عن إبراهيم، عن أبي عبد اللَّه عليه‌السلام ، قال: (سألته عن قوله تبارك وتعالى: ( شَهْرُ رَمَضانُ الَّذي اُنْزِلَ فيهِ الْقُرْآنُ ) (6) ، كيف أُنزل فيه القرآن وإنّما أُنزل القرآن في عشرين سنة من أوّله إلى آخره، فقال عليه‌السلام : نزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور، ثمّ أُنزل من البيت المعمور في طول عشرين سنة) (7) .

وفي اعتقادات الصدوق، قال في نزول القرآن: اعتقادنا في ذلك أنّ القرآن نزل

____________________

1) سورة الشورى: 52.

2) سورة الشعراء: 193 - 194.

3) سورة الدخان: 3.

4) سورة القدر: 1.

5) سورة البقرة: 185.

6) سورة البقرة: 185.

7) تفسير العيّاشي، ج1، ص80، والكافي، ج2، ص629.

٣٢٨

في شهر رمضان في ليلة القدر جملة واحدة إلى البيت المعمور، ثمّ نزل من البيت المعمور في مدّة عشرين سنة، وأنّ اللَّه تبارك وتعالى أعطى نبيّه العلم جملة واحدة، ثمّ قال له: ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) (1) وقال عزّ وجلّ: ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) (2) (3) .

وما ذكره مضمون جملة من الأخبار والروايات، وفي بعض الزيارات تضمّن الخطاب (أيها البيت المعمور) (4) .

وفي تفسير القمّي: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ ) يعني القرآن، ( فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) وهي ليلة القدر أنزل اللَّه القرآن فيها إلى البيت المعمور جملة واحدة، ثمّ نزل من البيت المعمور على رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله في طول عشرين سنة... الحديث (5) . وبنفس هذه الرواية والألفاظ رواها عن الإمام الصادق عليه‌السلام في تفسير سورة القدر.

في دلائل الإمامة للطبري بسنده إلى الإمام الصادق عليه‌السلام في حديث أنّه قال عليه‌السلام : (ونحن البيت المعمور الذي من دخله كان آمن) (6) .

وروى الصدوق في الأمالي صحيحة حفص، قال، قلت للصادق عليه‌السلام : (أخبرني عن قول اللَّه عزّ وجلّ: ( شَهْرُ رَمَضانُ الَّذي اُنْزِلَ فيهِ الْقُرْآنُ ) كيف أُنزل القرآن في شهر رمضان وإنّما أُنزل القرأن في مدّة عشرين سنة أوّله وآخره؟ فقال عليه‌السلام : أُنزل القرآن جملة واحدة في شهر رمضان إلى البيت المعمور، ثم أُنزل من البيت

____________________

1) سورة طه: 114.

2) سورة القيامة: 16 - 19.

3) الاعتقادات، ص 83.

4) مقدمة تفسير البرهان، مادة المعمور.

5) تفسير القمّي في ذيل سورة الدخان.

6) البحار، ج56، ص197، ودلائل الإمامة للطبري، ص126.

٣٢٩

المعمور في مدّة عشرين سنة)، وروى مثله في كتاب فضائل الأشهر الثلاثة (1) .

وفي دلائل الإمامة للطبري بسنده عن الصادق عليه‌السلام في حديث، قلت: (والبيت المعمور أهو رسول اللَّه؟ قال: نعم، المُمْلي رسول اللَّه والكاتب عليّ) (2) .

وغيرها من الآيات والروايات التي تشير إلى النمط الأوّل من النزول، الذي هو عبارة عن نزول حقيقة القرآن الملكوتية لا المعاني والألفاظ، والتي تقدم أنّها روح القدس، وهي خلق أعظم من جبرئيل وميكائيل.

الروح النازل في ليلة القدر هو القرآن:

وفي جملة من الروايات المتضمّنة لنزول القرآن في ليلة القدر الظاهر منها أنّ القرآن النازل في ليلة القدر هو الروح الأعظم الذي ينزل في ليلة القدر ويُنزّل به الملائكة.

فقد روي في الكافي والفقيه بإسنادهما، عن حَمران أنّه سأل أبا جعفر عليه‌السلام عن قول اللَّه تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) ؟ قال: (هي ليلة القدر، وهي في كلّ سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، ولم ينزّل القرآن إلاّ في ليلة القدر، قال تعالى: ( فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) (3) ...) الحديث (4) .

وبإسنادهما عن يعقوب قال: (سمعت رجلاً يسأل أبا عبد اللَّه عليه‌السلام عن ليلة القدر، فقال: أخبرني عن ليلة القدر كانت أو تكون في كلّ عام؟ فقال أبا عبد اللَّه عليه‌السلام : لو رُفعت ليلة القدر لرُفع القرآن) (5) .

وبهذا المضمون جملة مستفيضة من الروايات في ذيل سورة القدر وسورة

____________________

1) البحار، ج94، ص11، والأمالي، ص62.

2) دلائل الإمامة، ص 478.

3) سورة الدخان: 3.

4) الكافي، ج4، ص157، ح 6.

5) الكافي، ج4، ص158.

٣٣٠

الدخان، ومقتضاها: أنّ قوله تعالى: ( تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا ) عطف بيان أو بدل عن الضمير في قوله تعالى: ( أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) ، أو أنّ الفعل (تَنَزَّلُ) الملائكة والروح بدل عن فعل (أنزلناه)، والنتيجة متّحدة مع الاحتمال السابق.

ثمّ إنّ تفسير البيت المعمور بقلب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما أشارت إليه الروايات السابقة، لا ينافي تفسير البيت المعمور في جملة أُخرى من الروايات بالبيت الضراح المبني في السماء الرابعة التي تطوف به الملائكة كلّ يوم، فإنّه من تعدّد معاني التأويل، وقد أطلق البيت في التعبير القرآني بهذا المعنى، كما في قوله تعالى: ( فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ ) (1) ، فرجال عطف بدل على بيوت.

أمّا النمط الثاني من النزول: وهو النزول التدريجي والنجومي، أي نزول المعاني والألفاظ، فيشير إليه جملة من الآيات والروايات، كما في قوله تعالى: ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) (2) ، وقوله تعالى: ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) (3) .

وكذا الآيات التي تشير إلى حدث زماني بخصوصه، نظير قوله تعالى: ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ) (4) ، ومثلها: قوله تعالى: ( وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ) (5) ، وغيرها من الآيات والسور النازلة بحسب أسباب النزول الحادثة حالاً بحال، فضلاً عن تدريجية نزول الآيات والسور كما في أوّل ما نزل من السور، كما في قوله تعالى:

____________________

1) سورة النور: 36 - 37.

2) سورة القيامة: 16 - 19.

3) سورة طه: 114.

4) سورة المجادلة: 1.

5) سورة الجمعة: 11.

٣٣١

( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِْنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ ) (1) ، وغيرها من السور النازلة بحسب سنوات البعثة وسنوات الهجرة الذي عُرف بآخر السور نزولاً.

وبعبارة أُخرى: أنّ ظاهر قوله تعالى: ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ) (2) ، وقوله تعالى: ( حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ ) (3) ، وقوله تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ) (4) ، هو نزول القرآن جملة واحدة، أي نزول جملي لحقيقة واحدة غير مفصّل، ثمّ فُصّل تنزيله بحسب موارد نزول السور والآيات المختلفة، ولذلك كان نزول القرآن بنحو مفصّل في بداية البعثة النبويّة الشريفة في آخر شهر رجب بقوله تعالى: ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ... ) ، وكذا بقية السور الأوائل نزولاً، وليس المراد من نزوله في ليلة القدر من شهر رمضان هو ابتداء نزوله.

ممّا يشير إلى وجود نمطين من النزول للقرآن الكريم - نزول جملي لحقيقة واحدة، ونزول مفصّل - قال تعالى: ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) (5) ، وظاهر مفاد الآية يقتضي أنّ مرحلة جمع مفصّل القرآن وتفصيله غير مرحلة الوحي والقرآن جملة، فهو صلى‌الله‌عليه‌وآله كان عالماً بالقرآن إلاّ أنّه نُهي عن الاستعجال به قبل تنزيل قرآنه ونزول الوحي به، ويشير إلى ذلك قوله تعالى: ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ) (6) ، حيث ( يُقْضَى ) إمّا بمعنى يتمّ أو بمعنى يصل، وعلى كلا التقديرين فظاهر الآية دالّ على علمه بالقرآن قبل إنزاله بالوحي

____________________

1) سورة العلق: 1 - 3.

2) سورة البقرة: 185.

3) سورة الدخان: 1.

4) سورة القدر: 1.

5) سورة القيامة: 16 - 19.

6) سورة طه: 114.

٣٣٢

بنحو التفصيل نجوماً، أمّا على كون (يُقْضَى) بمعنى (يصل) فملائمته ظاهرة للمفاد المزبور، وأمّا على كونها بمعنى يتمّ فقيل إنّه بمعنى قراءته للقرآن قبل أن ينتهي جبرئيل من الوحي بتحريك لسانه، ولكنّه خلاف الظاهر؛ حيث إنّه يستلزم الاستخدام في الضمير، ويكون المعنى على هذا التقدير لا تعجل ببعض القرآن من قبل أن يتمّ إليك وحي الباقي منه.

وحمل الكلام على الاستخدام يتوقّف على القرينة الخاصّة، بخلاف الحال ما لو جعلنا مرجع الضمير متّحد بلا استخدام، فإنّ تقدير المعنى يكون حينئذٍ: لا تعجل بالقرآن من قبل أن يُقضى إليك وحيه مرّة أُخرى، أي وحي الإنزال والتنزيل من النمط الثاني وهو نزول القرآن تفصيلاً ونجوماً، فيدلّ على علمه صلى‌الله‌عليه‌وآله به من قبل أن يتمّ الوحي من النمط الثاني.

وممّا يدلّ على تعدّد نزول القرآن أيضاً قوله تعالى: ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلاّ الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) (1) ، فإنّ المطهّرون وهم النبيّ وأهل بيته عليهم‌السلام عالمون بالكتاب المكنون بمسّ وصول يختلف عن تنزيل القرآن المفصّل، فالكتاب المكنون قد تقدّم أنّه الوجود المجموعي للقرآن بنحو الإحكام والوجود الجملي، وهو الحقيقة الواحدة وهي الروح الأمري الذي يتجدّد نزوله في كلّ ليلة قدر في كلّ عام، وتتنزّل الملائكة به وهو روح أعظم من جبرئيل وميكائيل.

وممّا يشير إلى اختلاف النزولين أيضاً قوله تعالى: ( كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ ) (2) ، وقد ثبت في تفسير الآية بحسب نزولها المكّي وبحسب وحدة سياق السورة مع الآيات السابقة عليها وبحسب توسّم

____________________

1) سورة الواقعة 80 - 77: 56.

2) سورة الرعد 43: 13.

٣٣٣

قريش في‏بني هاشم جملة من الصفات والحالات غير المعتادة لدى قدرات البشر وبحسب نصوص الفريقين وبحسب النصوص الواردة في ذيلها، أنّ المراد بمن عنده علم الكتاب هو عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام .

والآية مع كونها مكّية - ولمّا يَستتم نزول القرآن التفصيلي المكّي فضلاً عن المدني - تدلّ على علم الوصيّ فضلاً عن علم النبيّ بالكتاب كلّه؛ إذ هذا التعبير يفترق عن قوله تعالى: ( قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ ) (1) ، بأنّ التعبير الأوّل يدلّ على العلم المحيط بكلّ الكتاب، فالآية ظاهرة بوضوح في حصول العلم بجملة الكتاب لدى المطهّرين، وهم النبيّ ووصيه عليهم‌السلام منذ البداية، وذلك بتوسّط نزول حقيقة القرآن جملة في الوحي من النمط الأوّل.

وممّا يدلّ على ذلك قوله تعالى: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ) (2) ، فتدلّ الآية على درايته صلى‌الله‌عليه‌وآله بالكتاب كلّه، مع أنّ سورة الشورى مكّية.

وكذا، قوله تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ ) (3) ، وقوله تعالى: ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) (4) ، وجملة من الآيات التي تضمّنت إنزال الكتاب عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله بناءً على ظهور (أل) في الاستغراق أو الجنسية، لجملة الحقيقة بجملة الآيات السابقة الدالّة على علمه صلى‌الله‌عليه‌وآله بجملة الكتاب المبين والمكنون وأُمّ الكتاب واللوح المحفوظ، وكذلك الأئمّة من أهل بيته تلقّوا ذلك عنه، إلاّ أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله كان مأموراً باتّباع ما ينزل عليه من الوحي التفصيلي والتنزيل النجومي فيتّبع قرآنه.

____________________

1) سورة النمل 40: 27.

2) سورة الشورى 52: 42.

3) سورة النساء 105: 4.

4) سورة المائدة 48: 5.

٣٣٤

وأمّا اشتمال القرآن الكريم على قوله تعالى: ( الآنَ خَفَّفَ الله عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً ) (1) ، وقوله تعالى: ( عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ) (2) ، وقوله تعالى: ( قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ) (3) ، وغيره كثير ممّا يشير إلى تدريجية نزول القرآن حسب سلسلة أحداث زمانية ومكانية طوال البعثة والرسالة الشريفة، فلا يتنافى مع نزول الكتاب جملةً على الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله قبل ذلك.

اختلاف صفات القرآن في النزولَين:

لأنّ الكتاب بعد تنزيله بالنمط التدريجي تطرأ عليه أوصاف أُخرى أشار إليها القرآن الكريم، كقوله تعالى: ( إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (4) ، وقوله تعالى: ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ) (5) ، وقوله تعالى: ( وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ ) (6) ، وقوله تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ) (7) ، وقوله تعالى: ( مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ) (8) ، وغيرها من الآيات التي تشير إلى اتّصاف القرآن بأوصاف طرأت عليه عند نزوله، كالتفصيل، والعربية، وكونه تصديق الذي بين يديه، وتشابه بعض آياته، والناسخ والمنسوخ، والظاهر والباطن، والتنزيل والتأويل، والجمع والتفريق، وغيرها من الأوصاف الطارئة، فإنّها أوصاف له بعد نزوله نجوماً.

____________________

1) سورة الأنفال: 66.

2) سورة التوبة: 43.

3) سورة المجادلة: 1.

4) سورة الزخرف: 3.

5) سورة هود: 1.

6) سورة يونس: 37.

7) سورة آل عمران: 7.

8) سورة البقرة: 106.

٣٣٥

وليست أوصافاً له بحسب موقعه في الكتاب المكنون واللوح المحفوظ والكتاب المبين، وكذلك الحال بالنسبة إلى صورة الألفاظ وما يتبع ذلك من أوصاف، وهي: العربية، والخطابية، والإنشاء، والإخبار، والبلاغة، والفصاحة، وغيرها، فهذه ليست أوصافاً له بحسب موقعه المكنون باللوح المحفوظ، وأنّما هي حادثة له بعد النزول، أمّا جملة معارفه وحقائقه وأحكامه فلا يطرأ عليها مثل تلك الأوصاف.

وبكلمة جامعة: إنّ القرآن بمجموع وجوداته اللفظية وتراكيب جمله، والمعاني ‏المدلول عليها في الظهور الأوّلي في ظاهر الكتاب، هي من نزول القرآن من النمط الثاني؛ إذ النمط الأوّل - كما تقدّم - هو من سنخ الحقائق التكوينية والوجودات العينية، وإن لم ينحصر النمط الأوّل بذلك بل يشمل ما يكون من سنخ معاني التأويل.

النمط الثالث للنزول:

وقد تُعدّ درجات بطون القرآن ومعانيه التأويلية من سنخ ونمط تنزّل ثالث سيأتي بسط الحديث عنه في مقالات لاحقة.

هذا مضافاً إلى متواتر الروايات المتضمّنة للإشارة إلى موارد النزول وتأليف آيات وسور القرآن بوجوده اللفظي. ثمّ إنّ المعاني المتنزّلة من حقيقة القرآن الكلّية وحقائقه الجملية ليست محيطة بها؛ فإنّ المعاني والمفاهيم مهما كانت في السعة والشمول ليست إلاّ لَمَعَات يسيرة من أنواع تلك الحقائق، هذا فضلاً عن الألفاظ المشيرة إلى تلك المعاني التي هي تنزّل لفظي لها؛ فإنّ الألفاظ ليست إلاّ علامات ودوالّ إشارية على مجمل بحور المعاني، وليست بتلك التي تحيط بها، والنسبة بين الألفاظ والمعاني كالنسبة بين المعاني والحقائق.

٣٣٦

فالألفاظ مفتاح وأبواب للمعاني، والمعاني لا تتناهى درجاتها وبطونها، وهي بوابات لشعب الحقائق من دون أن تُكتَنَه المعاني؛ فما يحمله صلى‌الله‌عليه‌وآله من حقائق، وحقيقة القرآن، لا يمكن أن تسعه المعاني، كما أنّ المعاني التي تنزّلت من تلك الحقائق لا يمكن أن تسعها الألفاظ.

حقيقة وراثة الأوصياء للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله :

ومن ثمّ ورد أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكلّم أحداً بكنه عقله قطّ، وكذلك الحال فيما تحمّله الوصيّ عليه‌السلام ووُلده الأوصياء عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، عُمْدَتُه ليس من الألفاظ والمعاني من قبيل: الحديث والرواية، بل عمدة ما تحمّله عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله هو حقيقة القرآن التي هي الروح الأعظم، وهو أعظم أنماط التحمّل؛ لأنّه اكتناه حضوري للحقائق لا يغيب عنه شي‏ء منها، بخلاف تحمّل المعاني فضلاً عن تحمّل الألفاظ.

ففرق بين الوصاية والفَقَاهة والرواية، حيث دلّت سورة القدر ونحوها من السور على بقاء تنزّل ذلك الروح كلّ عام على من يشاء من عباده، قال تعالى: ( إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ) (1) ، وقال تعالى: ( يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) (2) ، وقال تعالى: ( يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) (3) ، فكما أنّ تنزّل الروح الأعظم في ليلة القدر دائم دائب في كلّ سنة بالضرورة، فكذلك ليلة القدر تعني وراثة وليّ اللَّه تعالى لمقام النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في تنزّل الروح عليه.

____________________

1) سورة القدر: 1 - 5.

2) سورة النحل: 2.

3) سورة غافر: 15.

٣٣٧

وقد تقدم في هذه المقالة أنّ ذلك الروح هو حقيقة القرآن، وأنّه عطف بيان وبدل على الضمير في (أنزلناه) ولو من باب بدل الجملة من جملة، ومن ثمّ قال تعالى: ( إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لا يَمَسُّهُ إِلاّ الْمُطَهَّرُونَ ) (1) ، والمطهّرون بصيغة الجمع، وهم أهل آية التطهير، حيث قال تعالى: ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرُكُمْ تَطْهِيراً ) (2) .

وتقدّم أنّ الكتاب المكنون ليس لوحاً ونقش صور الألفاظ، بل هو الروح (الذي هو حقيقة القرآن التكوينية)، كما أشار إلى ذلك قوله تعالى: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا ) (3) ، فالروح الأمري هو الكتاب، والذي يمسّ الكتاب هو الذي يتلقّى تنزّل الروح الأمري كلّ عام في ليلة القدر، والمطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون هم الأئمّة عليهم‌السلام الذين يتوارثون الكتاب وهو الروح الأمري، حيث قال تعالى: ( وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا ) (4) ، فالهداية الأمرية هي بالروح الأمري.

وكذلك في قوله تعالى: ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ) (5) ، والذين اصطفاهم وأصفاههم أهل آية التطهير، فهذه الآيات تتشاهد لبعضها البعض؛ لتدلّ على أنّ الأئمّة المطهّرون المصفّون الذين يمسّون الكتاب ويرثوه يتلقّون حقيقة الكتاب، وهو الروح الأمري والذي يتنزّل في ليلة القدر في كلّ عام على من يشاء اللَّه من عباده، وقد ذُكر عنوان ورثة الكتاب والذين يمسّونه بصيغة

____________________

1) سورة الواقعة: 77 - 80.

2) سورة الأحزاب: 33.

3) سورة الشورى: 52.

4) سورة الأنبياء: 73.

5) سورة فاطر: 32.

٣٣٨

الجمع؛ للتدليل على أنّهم مجموعة ممتدّة طوال عمر هذا الدين وما بقي القرآن.

قراءة جديدة في حديث الثقلين وأنّ الأئمّة عليهم‌السلام هم الثقل الأكبر:

ولكي نبرهن على ذلك لابدّ من توضيح جملة من الأُمور:

الأوّل: إنّهم عين حقيقة القرآن، وهذا معنى عدم افتراق القرآن عن العِترة، أي عدم افتراق حقيقة القرآن التكوينية - وهو الكتاب المكنون وهو الروح الأعظم - عن ذوات العترة المطهّرة، بل هو أحد أرواحهم الذي يسدّدهم.

قراءة جديدة في آية ( وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ) :

وهذا معنى تنزيل نفس عليّ عليه‌السلام منزلة نفس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله في قوله تعالى: ( فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ) (1) ، كيف لا؟! والروح الأمري - الذي هو الروح الأعظم والذي هو حقيقة القرآن وهو الكتاب المبين الذي نُزّل على قلب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله وأُوحي إليه - قد ورثه الوصيّ ويتنزّل عليه وعلى ذرّيته الأوصياء عليهم‌السلام .

وفي صحيح أبي بصير قال: (سألت أبا عبد اللَّه عليه‌السلام عن قول اللَّه تبارك وتعالى: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الإِيمَانُ ) (2) ؟ قال: خَلْق من خَلْق اللَّه عزّ وجلّ أعظم من جبرئيل وميكائيل كان مع رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله يخبره ويسدّده، وهو مع الأئمّة من بعده) (3) .

وفي صحيحه الآخر قال: (سألت أبا عبد اللَّه عليه‌السلام عن قول اللَّه عزّ وجلّ: ( وَيَسْأَلُونَكَ

____________________

1) سورة آل عمران: 61.

2) سورة الشورى: 52.

3) الكافي، ج1، ص273، ح1.

٣٣٩

عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي ) (1) ؟ قال: خَلْق أعظم من جبرئيل وميكائيل، كان مع رسول اللَّه صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو مع الأئمّة، وهو من الملكوت) (2) .

وفي صحيح ثالث لأبي بصير - بعد وَصْفه للروح بما تقدّم -: (لم يكن مع أحد ممّن مضى غير محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو مع الأئمّة يسدّدهم) (3) .

وفي موثّق علي بن أسباط، عن أبيه أسباط بن سالم، زيادة قوله عليه‌السلام : (منذ أنزل اللَّه عزّ وجلّ ذلك الروح على محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله ما صعد إلى السماء، وإنّه لفينا) (4) .

وفي رواية أبي حمزة، قال: (سألت أبا عبد اللَّه عليه‌السلام عن العلم، أهو علم يتعلّمه العالم من أفواه الرجال، أم في الكتاب عندكم تقرؤونه فتعلمون منه؟ قال: الأمر أعظم من ذلك ٍ وأوجب، أما سمعت قول اللَّه عزّ وجلّ: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ... ) (5) ..) الحديث (6) . وهذا المعنى الذي يشير إليه عليه‌السلام هو ما تقدّم ذكره من أنّ الأوصياء في تحمّلهم عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ليس هو تحمّل رواية ألفاظ، ولا مجرّد فهم معاني، بل حقيقة تحمّلهم وعمدته هو تحمّل حقيقة القرآن التي هي روح القدس.

فعمدة ما يتلقّونه بقلوبهم وأرواحهم عليهم‌السلام هو عن قلب وروح النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وليس العمدة هو عن مجرّد لسانه الشريف وآذانهم الطاهرة، ولا عمدته من كتب يقرؤونها كالجامعة ونحوها، فهم بدورهم فيما يبلغونه من ألفاظ مؤدّية إلى طبقات المعاني الموصلة إلى بعض الحقائق التي تلقّوها.

____________________

1) سورة الإسراء: 85.

2) الكافي، ج1، ص273، ح3.

3) الكافي، ج1، ص273، ح 4.

4) الكافي، ج1، ص273، ح2.

5) سورة الشورى 52.

6) الكافي، ج1، ص273، ح5.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507