الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء ١

الدروس الشرعية في فقه الامامية11%

الدروس الشرعية في فقه الامامية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 507

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 507 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 131091 / تحميل: 8516
الحجم الحجم الحجم
الدروس الشرعية في فقه الامامية

الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

الإيمان ، وهذا حكم عامّ لا استثناء فيه حتّى في تلك الموارد التي رخّص الله تعالى لرسوله الكريم مشورة الناس فيها.

قال تعالى :( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ) (١) .

فمدار القرار ومحوره عزم الرسول وإقدامه في تحديد أيّ موقف ، ولا رأي للناس في ذلك ، ولم تكن مشورتهم إلاّ لتطيب خواطرهم ، وإشعارهم بشخصيتهم في ميدان العمل والتطبيق ، مضافاً إلى ما للمشورة من تأثير على تمسّكهم بأوامر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والتزامهم بما ألزموا به أنفسهم ، خصوصاً في مواطن الشدّة كالحرب.

هذا ، وإنّ الشورى لم تتحقّق بعد وفاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في سقيفة بني ساعدة ، فقد حضرها مجموعة قليلة من الأنصار والمهاجرين ، ولم يكونوا يمثّلون جميع أهل الحلّ والعقد ، خصوصاً وأنّ علياً ‎عليه‌السلام قد أبدى اعتراضه على ما جرى في السقيفة ورفض البيعة ، كما اعترض كبار الصحابة : كالمقداد ، وسلمان ، والزبير ، وعمّار ، وعبد الله بن مسعود ، وسعد بن عبادة ، والعباس ابن عبد المطلب ، وأُسامة بن زيد ، وأُبي بن كعب ، وعثمان بن حنيف.

ولو تنزّلنا وقلنا : حصلت الشورى في انتخاب الخليفة الأوّل ، لكنّها لم تحصل في الخليفة الثاني ، حيث تمّ تعيينه مباشرة ومن دون مشورة أحد.

وهكذا لم تحصل في الخليفة الثالث ، حيث إنّ عمر رشّح ستة أشخاص ، ووضع لهم طريقة خاصّة في انتخاب الخليفة ، كما ورد في كتب التاريخ(٢) .

ثمّ لو كانت الشورى مشروعة في تعيين الخليفة لبيّنها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ورفع الغموض عنها ، مع أنّه لم يؤثر عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله شيء في هذا المجال.

____________

١ ـ آل عمران : ١٥٩.

٢ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٣ / ٢٩٥ ، تاريخ المدينة ٣ / ٩٢٤.

٦١

وهل يعقل أنّ النبيّ ‎صلى‌الله‌عليه‌وآله لم يهتمّ في مسألة الحاكم الذي يليه ، بينما يكون غيره ـ كأبي بكر وعمر ـ أكثر حرصاً منهصلى‌الله‌عليه‌وآله فيقدما على الوصاية من بعدهما ، ولا يقدم نبي الرحمة على ذلك؟

والخلاصة : حيث إنّه لم يؤثر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه تحدّث عن الشورى كأسلوب في تعيين الخليفة من بعده ، فلابدّ من الرجوع إلى النصوص المأثورة عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله والدالّة على تنصيب الإمام عليعليه‌السلام كخليفة المسلمين.

( ـ السعودية ـ )

ليست أساس الحكم والخلافة :

س : حاول المتجدّدون من متكلّمي أهل السنّة ، صب صيغة الحكومة الإسلامية على أساس المشورة بجعله بمنزلة الاستفتاء الشعبي ، واستدلّوا على ذلك بقوله تعالى : ( وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) (١) ، فما هو ردّكم؟

ج : إنّ الآية الشريفة حثّت على الشورى فيما يمت إلى شؤون المؤمنين بصلة ، لا فيما هو خارج عن حوزة أُمورهم ، وكون تعيين الإمام داخلاً في أُمورهم فهو أوّل الكلام ، إذ لا ندري ـ على الفرض ـ هل هو من شؤونهم أو من شؤون الله سبحانه؟ ولا ندري ، هل هي إمرة وولاية إلهية تتمّ بنصبه سبحانه وتعيينه ، أو إمرة وولاية شعبية يجوز للناس التدخّل فيها؟ فما لم يحرز تعيين الإمام أمر مربوط بالمؤمنين لم يجز التمسّك بعموم الآية في أنّها تشمل تعيين الإمام.

____________

١ ـ الشورى : ٣٨.

٦٢

الشيعة :

( فاطمة السنّية ـ سنّية ـ ٢٥ سنة ـ طالبة )

دفع تهم عنهم :

س : أرجو منكم الردّ عليّ فوراً يا شيعة : سئل الإمام مالك عن الشيعة ، فقال : لا تكلّمهم ، ولا ترو عنهم ، فإنّهم يكذبون.

وقال الشافعي : ما رأيت أهل الأهواء قوم أشهد بالزور من الرافضة.

وقال شيخ الإسلام : لا توجد فرقة تقدّس الكذب سوى الرافضة.

ج : إنّ البحث عن الحقائق لا يُؤخذ هكذا ، ولا يكون بالحكم على الأشياء سلفاً دون الاعتماد على تقصّي الوقائع ، ودون اللجوء إلى استماع الأقاويل ، وتقليد الآخرين في حكمهم ، فإنّ الله غداً سائلنا عن كُلّ ما نقوله ، فماذا نعتذر غداً إذا لم نملك حجّة نعتذر بها عند الله تعالى؟

قال تعالى :( إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ) (١) ، نحن مسؤولون عن كُلّ صغيرة وكبيرة ، عن ظلمنا لشخص واحد ، فكيف بظلمنا لطائفةٍ من المسلمين؟

علينا أن نبحث أوّلاً عن نشوء مصطلح الرافضة ، ومن هم؟ فاصطلاح الرافضة ليس من الضروري أن يطلق على الشيعة ، إلاّ أنّ الأنظمة السياسية عزّزت من

____________

١ ـ الإسراء : ٣٦.

٦٣

فكرة استخدام هذا المصطلح على الشيعة ، وقلّدهم الآخرون في ذلك ، فأطلقوا هذا المصطلح على كُلّ شيعي ، من هنا نشكّك في دعوى انتساب هذا المصطلح إلى التشيّع ، ومنه يمكننا إلغاء كُلّ ما تدّعينه في حقّ شيعة أهل البيتعليهم‌السلام ، وتنسبين أقوال هؤلاء العلماء في حقّهم ، وهذا الكلام يؤيّده ما قاله إمام الشافعية :

إذا نحن فضّلنا علياً فإنّنا

روافضُ بالتفضيل عند ذوي الجهلِ

وقال كذلك :

إذا في مجلس ذكروا علياً

وسبطيه فاطمة الزكية

يقال تجاوزوا يا قوم هـذا

فهذا من حديث الرافضية

برئت إلى المهيمن من أُناسٍ

يرون الرفض حبّ الفاطمية

وقال كذلك :

قالوا ترفّضت قلت كلاّ

ما الرفض ديني ولا اعتقادي

لكن تولّيت غير شكّ

خير إمامٍ وخير هادي

إن كان حبّ الولي رفضاً

فإنّني أرفض العبادِ(١)

وهكذا فرّق الشافعي بين مصطلح التشيّع الذي هو ولاء علي وأولادهعليهم‌السلام وبين مصطلح الرافضة الذي أطلقه النظام السياسي الحاكم على معارضيه ، ومن هنا فإنّ الذي تذكرينه عن الشافعي لا يستقيم.

أمّا ما تذكرينه عن مالك في حقّ الشيعة ، فلم يثبت في مصدر يعوّل عليه ، ولم تذكرين لنا المصدر الذي تأخذين هذا القول عنه ، ويستحيل أن ينسب مالك هذا الكلام لشيعة أهل البيتعليهم‌السلام .

____________

١ ـ نظم درر السمطين : ١١١.

٦٤

واعلمي أنّ الشيعة لم يضعوا الحديث ، ولم يكذّبوا فيه ، فإنّهم كانوا تحت رقابةٍ مشدّدة من التعديلات الرجالية ، بحيث كان الرجاليون يترقّبون كُلّ من وضع الحديث ، أو كذّب فيه ، فيسقطونه عن الاعتبار ، وكانوا يتحرّجون في ذلك أشدّ التحرّج ، ولو كان قد صدر منهم كذب في حديث لوجدتِ أنّ الأنظمة الحاكمة قد جعلت ذلك ذريعة للتشهير بهم ، ومحاربتهم بحجّة وضع الحديث وكذبهم فيه.

إلاّ أنّنا نعلمك : أنّ آفة وضع الحديث قد امتاز بها غير الشيعة ، وشهد لذلك ابن حجر الهيثمي وغيره لهذه المشكلة فقال : « وقد اغتر قوم من الجهلة ، فوضعوا أحاديث الترغيب والترهيب وقالوا : نحن لم نكذب عليه ـ أي على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ـ بل فعلنا ذلك لتأييد شريعته »(١) .

وأخرج البخاري في تاريخه عن عمر بن صبح ـ وهو من رواة أهل السنّة ـ يقول : أنا وضعت خطبة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) .

قيل لأبي عصمة : من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس في فضل سور القرآن سورة سورة؟ فقال : إنّي رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن ، واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ، ومغازي ابن إسحاق ، فوصفت هذا الحديث حسبة(٣) .

وهكذا ، فإنّ الوضع لم يكن عند الشيعة كما تذكرين ، بل هؤلاء علماء أهل السنّة يعترفون بمشكلة الوضع عند رواة أهل السنّة ، وهي مشكلة تعمّ الكثير من الأحاديث ، وعليكِ متابعة الموضوع من مصادره ، ليتبيّن لكِ الحقّ والواقع.

نسأل الله تعالى أن يكشف لكِ الكثير من الحقائق لتقفين بنفسكِ على كثيرٍ من الأُمور.

____________

١ ـ فتح الباري ١ / ١٧٨.

٢ ـ التاريخ الصغير ٢ / ١٩٢.

٣ ـ الجامع لأحكام القرآن ١ / ٧٨ ، البرهان في علوم القرآن ١ / ٤٣٢.

٦٥

( خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي )

تعقيب على الجواب السابق :

لقد قرأت سؤال الأُخت فاطمة السنّية ، حيث نقلت عن بعض النواصب : إنّ الشيعة يكذبون ، وأردت أن أبيّن الحقيقة لكُلّ من يطلبها ، وأبيّن من هم الكذّابين؟ وأرجو منكم أن تنشروا هذه الفقرات تبياناً للحقيقة ، وخدمة لأهل البيت عليهم‌السلام .

فأقول بعد الصلاة على محمّد وآل محمّد :

١ ـ قال ابن الأثير في تاريخه : « فلمّا مات زياد عزم معاوية على البيعة لابنه يزيد ، ثمّ كتب معاوية بعد ذلك إلى مروان بن الحكم ، فقام مروان فيهم وقال : إنّ أمير المؤمنين قد اختار لكم فلم يألُ ، وقد استخلف ابنه يزيد بعده.

فقام عبد الرحمن بن أبي بكر فقال : كذبت والله يا مروان وكذب معاوية! ما الخيار أردتما لأُمّة محمّد ، ولكنّكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كلّما مات هرقل قام هرقل

فسمعت عائشة مقالته فقامت من وراء الحجاب وقالت : يا مروان كذبت! ولكنّك أنت فضض من لعنه نبي الله »(١) .

لكن البخاري ذكر الحديث في باب : « والذي قال لوالديه أُفّ لكما ، فقال : كان مروان على الحجاز استعمله معاوية ، فخطب وجعل يذكر يزيد لكي يبايع له بعد أبيه ، فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً ، فقال : خذوه ، فدخل بيت عائشة فلم يقدروا عليه ، فقال مروان : إنّ هذا الذي أنزل الله فيه : والذي قال لوالديه أُفّ لكما أتعدانني ، فقالت عائشة من وراء الحجاب : ما أنزل الله فينا شيئاً من القرآن إلاّ أنّ الله أنزل عذري »(٢) .

لاحظوا جيّداً كيف حذف الشيخ البخاري كلام عبد الرحمن عندما قال : كذبت والله يا مروان وكذب معاوية! ما الخيار أردتما لأُمّة محمّد ،

____________

١ ـ الكامل في التاريخ ٣ / ٥٠٦.

٢ ـ صحيح البخاري ٦ / ٤٢.

٦٦

ولكنّكم تريدون أن تجعلوها هرقلية كُلّما مات هرقل قام هرقل ، وأبدله بعبارة : فقال له عبد الرحمن بن أبي بكر شيئاً ، وحذف قول عائشة لمروان : يا مروان كذبت! ولكنّك أنت فضض من لعنه نبي الله .

٢ ـ روى الطبري في تاريخه في وصف مرض النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : « عن عائشة قالت : فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين رجلين من أهله ، أحدهما الفضل بن العباس ورجل آخر ، قال عبيد الله : فحدّثت هذا الحديث عنها عبد الله بن عباس فقال : هل تدري من الرجل؟ قلت : لا ، قال : علي بن أبي طالب ، ولكنّها كانت لا تقدر على أن تذكره بخير وهي تستطيع »(١) .

ورواه أيضاً ابن سعد في طبقاته(٢) .

٣ ـ أخذ ابن هشام من سيرة ابن إسحاق برواية البكائي ، وقال في ذكر منهجه في أوّل الكتاب ، وتارك بعض ما أورده ابن إسحاق في هذا الكتاب ، وأشياء يشنع الحديث به ويسوء الناس ذكره ، وكان ممّا يسوء الناس ذكره ممّا حذف : خبر دعوة النبيّ بني عبد المطلب حينما نزلت( وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ ) (٣) .

فقد روى الطبري في تاريخه : أنّه بعد نزول هذه الآية دعا النبيّ بني عبد المطلب وقال لعلي : «إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا »(٤) ، وقد تدارك الطبري أهمّية هذا الحديث ، فتدارك في تفسيره ما غفل عنه في تاريخه ، فلمّا أورد الحديث بنفس الإسناد في تفسير الآية قال : فقال النبيّ لعلي : «إنّ هذا أخي وكذا وكذا ، فاسمعوا له وأطيعوا »(٥) .

____________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٤٣٣.

٢ ـ الطبقات الكبرى ٢ / ٢١٨.

٣ ـ الشعراء : ٢١٣.

٤ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٢ / ٦٣.

٥ ـ جامع البيان ١٩ / ١٤٩.

٦٧

وكذلك فعل ابن كثير في تاريخه وتفسيره ، حيث حذف كلمة : أخي ووصيي ، وأبدلها بعبارة : كذا وكذا ، وكذلك محمّد حسين هيكل حيث ذكر الحديث بتمامه في الطبعة الأُولى من كتابه حياة محمّد ، لكنّه حذفه في الطبعة الثانية.

٤ ـ أورد الطبري وابن الأثير في تاريخهما خطبة الإمام الحسينعليه‌السلام فقالوا : قال الحسين : « أمّا بعد ، فانسبوني فانظروا من أنا ، ثمّ ارجعوا إلى أنفسكم وعاتبوها ، فانظروا هل يحلّ لكم قتلي وانتهاك حرمتي؟! ألست ابن بنت نبيّكم ، وابن وصيّه ، وابن عمّه »؟!(١) .

لكن ابن كثير ذكر الخبر وحذف عبارة : وابن وصيه وابن عمّه!(٢) .

٥ ـ ابن تيمية الذي يتهمّ الشيعة بالكذب ، فحسبنا أنّه أنكر حديث من كنت مولاه فعلي مولاه(٣) .

ويقول الشيخ الألباني : « فزعم ـ ابن تيمية ـ أنّه كذب! وهذا من مبالغاته الناتجة في تقديري من تسرّعه في تضعيف الأحاديث قبل أن يجمع طرقها ويدقّق النظر فيها »(٤) .

وبهذه الأمثلة من كتب أهل السنّة يتبيّن للأخوة القرّاء عامّة ، وللأخت فاطمة خاصّة ، من هم الكذّابين الحقّيقيين؟!

وإنّ ما نسب للشيعة وعلمائنا الكبار أنّه محض افتراء ، وفي هذا بيان كافّ إن شاء الله تعالى.

____________

١ ـ تاريخ الأُمم والملوك ٤ / ٣٢٢ ، الكامل في التاريخ ٤ / ٦١.

٢ ـ البداية والنهاية ٨ / ١٩٣.

٣ ـ منهاج السنّة ٧ / ٣١٩.

٤ ـ سلسلة الأحاديث الصحيحة ٤ / ٣٤٤.

٦٨

( خالد ـ الجزائر ـ ٢٧ سنة ـ التاسعة أساسي )

تعقيب ثاني على الجواب السابق :

إتماماً للفقرة الأُولى التي ذكر فيها بعض الأمثلة على كذب علماء العامّة ، أرجو منكم أن تضيفوا هذه الفقرات نظراً لأهمّيتها ، وخدمة للقرّاء الكرام.

١ ـ نقل الذهبي في ترجمة الإمام النسائي قال : « سئل النسائي عن فضائل معاوية : ألا تخرج فضائل معاوية؟ فقال : أيّ شيء أخرج؟ حديث : « اللهم لا تشبع بطنه » ، فسكت السائل ».

قال الذهبي : لعل هذه منقبة لمعاوية لقول النبيّ : « اللهم من لعنته أو شتمته فاجعل ذلك له زكاة ورحمة »!(١) .

وجاء ابن كثير من بعده فقال : « لقد انتفع معاوية بهذه الدعوة »(٢) .

وقد روى مسلم في صحيحه حديث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله الذي يذمّ فيه معاوية : « لا اشبع الله بطنه » (٣) .

وعندما وقع أهل السنّة في حيرة من هذا الحديث ـ وقد روته صحاحهم ـ نسبوا للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « اللهم من لعنته أو شتمته فجعل ذلك له زكاة ورحمة » فربطوا بين الحديثين ، وجعلوا منهما منقبة لمعاوية.

سبحان الله ، هل يعقل أنّ سيّد الخلق يسبّ ويشتم المؤمنين! وهل يعقل أنّ النبيّ الذي خاطبه الله تعالى بقوله :( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) (٤) ، وبقوله : ( وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ ) (٥) ،هل يعقل أن يتحوّل هذا النبيّ الكريم من الرسول القدوة إلى من يسبّ ويلعن المؤمنين؟

____________

١ ـ تذكرة الحفّاظ ٢ / ٦٩٩.

٢ ـ البداية والنهاية ٨ / ١٢٨.

٣ ـ صحيح مسلم ٨ / ٢٧.

٤ ـ صحيح مسلم ٨ / ٢٧.

٥ ـ آل عمران : ١٥٩.

٦٩

٢ ـ ما فعله الطبراني بالحديث الآتي عن سلمان الفارسيرضی‌الله‌عنه قال : قلت يا رسول الله لكُلّ نبي وصي فمن وصيّك؟ فسكت عنّي ، فلمّا كان بعد رآني فقال : « يا سلمان » ، فأسرعت إليه قلت : لبيك ، قال : « تعلم من وصي موسى »؟ قلت : نعم يوشع بن نون ، قال : « لِمَ »؟ قلت : لأنّه كان أعلمهم يومئذ ، قال : « فإنّ وصيي وموضع سرّي وخير من اترك بعدي ، وينجز عدّتي ، ويقضي ديني علي بن أبي طالب ».

فبعد روايته للحديث قال الطبراني : « قوله وصيي يعني أنّه أوصاه بأهله لا بالخلافة »(١) .

سبحان الله ، انظروا كيف أوّل الطبراني هذا الحديث حسب هواه ، والحديث واضح ، وهو يؤكّد أنّ علياًعليه‌السلام وصي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصدق الله العظيم حين يقول في كتابه :( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) (٢) ، فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

٣ ـ قال الذهبي في ترجمة الحاكم النيسابوري : « فسئل أبو عبد الله الحاكم عن حديث الطير فقال : لا يصحّ ، ولو صحّ لما كان أحد أفضل من علي بعد النبيّ.

قلت : ثمّ تغيّر رأي الحاكم ، وأخرج حديث الطير في مستدركه ، ولا ريب أنّ في المستدرك أحاديث كثيرة ليست على شرط الصحّة ، بل فيه أحاديث موضوعة شأن المستدرك بإخراجها فيه.

وأمّا حديث الطير فله طرق كثيرة جدّاً ، قد أفردتها بمصنّف ومجموعها هو يوجب أن يكون الحديث له أصل ، وأمّا حديث : « من كنت مولاه » ، فله طرق جيّدة ، وقد أفردت ذلك أيضاً »(٣) .

____________

١ ـ المعجم الكبير ٦ / ٢٢١.

٢ ـ الجاثية : ٢٣.

٣ ـ تذكرة الحفّاظ ٣ / ١٠٤٢.

٧٠

فالذهبي ينقل فضل الحاكم ، وبما أنّ الحاكم نقل في مستدركه أحاديث في فضائل علي ، وما فيه انتقاص لمعاوية ، طعنوا فيه وقالوا : ثقة في الحديث رافضي خبيث.

قال الذهبي : « أمّا انحرافه عن خصوم علي فظاهر ، وأمّا أمر الشيخين فمعظّم لهما بكُلّ حال ، فهو شيعي لا رافضي ، وليته لم يصنّف المستدرك على الصحيحين ، فإنّه غضّ من فضائله بسوء تصرّفه »(١) .

ومن العجيب أنّ ابن كثير بعدما نقل في أربع صفحات من تاريخه ، ملئها بطرق حديث الطير وأسانيده ورواته ، ونحو أكثر من مائة ممّن رووا عن أنس هذا الحديث قال : « وبالجملة ففي القلب من صحّة هذا الحديث نظر ، وإن كثرت طرقه » (٢) .

انظروا إلى هذا التعصّب الأعمى ، كيف جعلهم يتّهمون عالماً من علمائهم بالتشيّع والرفض ، بسبب روايته أحاديث لا تعجبهم ، والأعجب بعد هذا أن يقول ابن كثير بعد روايته للحديث : في القلب من صحّة هذا الحديث نظر!

والجدير بالذكر : أنّ حديث الطير رواه الترمذي في سننه ، والطبراني في المعجم الأوسط ، وغيرهما من أعلام السنّة(٣) ، وممّا لاشكّ فيه ، أنّه لو كان الحديث يخصّ أحد الصحابة ـ خاصّة الخلفاء الأوائل ـ لدقّوا عليه الطبول.

ومن أمثلة الأحاديث التي رواها الحاكم :

١ ـ عن علي عليه‌السلام قال : « اخبرني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أوّل من يدخل الجنّة أنا وفاطمة والحسن والحسين ، قلت : يا رسول الله فمحبّونا ، قال : من ورائكم ».

____________

١ ـ المصدر السابق ٣ / ١٠٤٥.

٢ ـ البداية والنهاية ٧ / ٣٩٠.

٣ ـ الجامع الكبير ٥ / ٣٠٠ ، طبقات المحدّثين بأصبهان ٣ / ٤٥٤ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٩٠ ، المناقب : ١٠٨ ، سبل الهدى والرشاد ٧ / ١٩١ ، ينابيع المودّة ٢ / ١٥٠ ، المستدرك ٣ / ١٣٠ ، أُسد الغابة ٤ / ٣٠ ، المعجم الأوسط ٢ / ٢٠٧ و ٦ / ٩٠ و ٧ / ٢٦٧ و ٩ / ١٤٦ ، تاريخ بغداد ٩ / ٣٧٩ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٥٠ و ٢٥٧.

٧١

قال الحاكم : « صحيح الإسناد ولم يخرجاه »(١) ، وقال الذهبي في تلخيصه : « الحديث منكر من القول ، يشهد القلب بوضعه ».

٢ ـ عن عليعليه‌السلام قال : « سمعت النبيّ يقول : إذا كان يوم القيامة نادى مناد من وراء الحجاب : غضّوا أبصاركم عن فاطمة بنت محمّد حتّى تمر » (٢) .

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه »(٣) ، وقال الذهبي في تلخيصه : « لا والله بل موضوع ».

وأخرج الحاكم بإسناده إلى عليعليه‌السلام في تفسير قوله تعالى : ( إِنَّمَا أَنتَ مُنذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ) (٤) ، قال علي : « رسول الله المنذر وأنا الهادي ».

قال الحاكم : « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه »(٥) ، وقال الذهبي : « بل كذب قبّح الله واضعه ».

وسئل أحمد بن حنبل عن حديث : « أنا مدينة العلم وعلي بابها » فقال : « قبّح الله أبا الصلت »(٦) .

لاحظوا كيف استدلّوا على وضع الأحاديث التي لم تعجبهم : فتارة يستشهدون بالقلب ، وتارة باليمين ، وتارة بالسبّ ، وهل يعقل أن نستشهد على وضع الحديث بالقلب أو اليمين بلا دليل؟ فلا حول ولا قوّة إلاّ بالله.

٤ ـ نقل ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى :( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) (٧) ، قال

____________

١ ـ المستدرك ٣ / ١٥١.

٢ ـ ذخائر العقبى : ٤٨ ، نظم درر السمطين : ١٨٢ ، الجامع الصغير ١ / ١٢٧ ، كنز العمّال ١٢ / ١٠٨ ، فيض القدير ١ / ٥٤٩ ، كشف الخفاء ١ / ٩٦ ، أُسد الغابة ٥ / ٥٢٣ ، ينابيع المودّة ٢ / ٨٨ و ١٣٧.

٣ ـ المستدرك ٣ / ١٥٣.

٤ ـ الرعد : ٧.

٥ ـ المستدرك ٣ / ١٣٠.

٦ ـ الموضوعات ١ / ٣٥٤.

٧ ـ النساء : ٦٤.

٧٢

ابن كثير : وقد ذكر جماعة ، منهم الشيخ أبو منصور بن الصبّاغ في كتابه الشامل الحكاية المشهورة عن العتبي قال : كنت جالساً عند قبر النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فجاء إعرابي فقال : السلام عليك يا رسول الله ، سمعت الله يقول : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللهَ تَوَّابًا رَّحِيمًا ) ، وقد جئتك مستغفراً لذنبي مستشفعاً بك إلى ربّي ، ثمّ انشأ يقول :

يا خير من دفنت بالقاع أعظمه

فطاب من طيبهن القاع والاكم

نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه

فيه العفاف وفيه الجود والكرم

ثمّ انصرف الأعرابي فغلبتني عيني فرأيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله في النوم فقال : « يا عتبي الحق الإعرابي فبشّره أنّ الله قد غفر له »(١) .

وذكر هذه القصّة النووي الشافعي في كتابه « الأذكار » ، ولكن عندما طبع الكتاب سنة ١٤٠٩ هجري في دار الهدى في الرياض ، حذفت قصّة العتبي ، وحذف قول النووي : « اعلم أنّ على كُلّ من حجّ أن يتوجّه إلى زيارة النبيّ ، فإنّ زيارته من أهمّ القربات ».

لماذا حذفت قصّة العتبي وحذف قول النووي؟ بالطبع لأنّ الوهّابية تحرّم الاستشفاع والتوسّل بالنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبما أنّ قصّة العتبي رواها كبار علماء السنّة ، فلم يجدوا المخرج إلاّ بتحريف الكتاب ، فحذفوا ما لا يروقهم ، فهل من الأمانة العلمية أن تحرّف الكتب؟! هذا سؤال يبقى مطروح على علماء الوهّابية.

ويشبه هذا ما يفعله علماء الوهّابية حالياً بكتاب الرحّالة ابن بطّوطة ، إذ إنّ ابن بطوطة عندما يصف رحلته إلى الشام يذكر ابن تيمية ، ويقول عنه : أنّه إنسان مجنون ، ونقل عن ابن تيمية أنّه كان ينزل من أعلى المنبر إلى أسفله ، ثمّ يقول : إنّ الله ينزل إلى سماء الدنيا كنزولي هذا ، ونزل درجة من المنبر(٢) .

____________

١ ـ تفسير القرآن العظيم ١ / ٥٣٢.

٢ ـ رحلة ابن بطّوطة : ٩٥.

٧٣

لكن الكتب التي تطبع حالياً ـ خاصّة في الأوساط الوهّابية ـ تنزع منها هذه العبارة ، ولكن في النسخ القديمة ما زالت موجودة ، والحمد لله.

يقول الشيخ محمّد إبراهيم شقرة في شريط اسمه لا دفاعاً عن ابن تيمية ، ولكن إظهاراً للحقّ : إنّ ابن بطّوطة كان ينقل عن العوام ، وما نقله عن ابن تيمية سمعه ولم يره ، ولهذا فكتب ابن بطّوطة تحذف منها هذه العبارة الآن!

سبحان الله ، كيف يجوّزون لأنفسهم حذف الأخبار والأحاديث ـ التي لا تعجبهم ـ ثمّ يتّهمون الشيعة بالكذب ، وهل يقبل إنسان عاقل هذه التبريرات منهم؟ وهل اصبحوا كاليهود حيث يقول الله تعالى عنهم :( يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ) (١) .

هذه بعض الأمثلة سقناها للقرّاء الكرام حول كيفية تحريف علماء العامّة عامّة والوهّابية خاصّة للأخبار والأحاديث التي لا تعجبهم.

والآن نأتي بأمثلة أُخرى من كتبهم حول تركهم للسنّة بدعاوى مختلفة :

١ ـ قال ابن حزم : « وأمّا قولنا في الرجلين فإنّ القرآن نزل بالمسح ، وقد قال بالمسح على الرجلين جماعة من السلف ، منهم علي بن أبي طالب ، وابن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، والشعبي ، وجماعة غيرهم ، وهو قول الطبري »(٢) .

قال ابن الجوزي في المنتظم : « كان ابن جرير ـ أي الطبري ـ يرى المسح على القدمين ، ولا يوجب غسلهما ، فلهذا نسب إلى الرفض » (٣) .

لاحظوا كيف ينسبون علماءهم ويتهمونهم بالرفض والتشيّع إذا اقرّوا بالحقيقة ، ومعروف في التاريخ : أنّ الطبري حاصره الحنابلة ـ أجداد الوهّابية والسلفية ـ في داره ، ومنعوا من دفنه ، وادعوا عليه الإلحاد حتّى دفن ليلاً.

____________

١ ـ النساء : ٤٦.

٢ ـ المحلّى ٢ / ٥٦.

٣ ـ المنتظم ١٣ / ٢١٧.

٧٤

وذكر ثابت بن سنان في تاريخه : « أنّه إنّما أخفيت حاله ، لأنّ العامّة اجتمعوا ومنعوا من دفنه بالنهار ، وادعوا عليه الرفض ثمّ ادعوا عليه الإلحاد »(١) .

٢ ـ قال أبو حنيفة ومالك وأحمد : « التسنيم أولى ، لأنّ التسطيح صار شعاراً للشيعة » (٥) .

وقال الغزّالي : « ثمّ التسنيم أفضل من التسطيح مخالفة لشعار الروافض » !(٢) .

٣ ـ ذكر الزرقاني في شرح المواهب اللدنية في صفة عِمّة النبيّ على رواية علي في إسدالها على منكبه حين عمّمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمّ ذكر قول الحافظ العراقي : « كما يفعله بعضهم ، إلاّ أنّه صار شعار الإمامية فينبغي تجنّبه ، لترك التشبه بهما » (٣) .

٤ ـ قال الزمخشري في كيفية الصلاة على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : « وأمّا إذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة كما يفرد هو فمكروه ، لأنّ ذلك شعاراً لذكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولأنّه يؤدّي إلى الاتهام بالرفض » (٤) .

قال ابن تيمية عند بيان التشبّه بالشيعة : « ومن هنا ذهب من ذهب من الفقهاء إلى ترك بعض المستحبّات إذ صارت شعاراً لهم » (٤) .

سبحان الله ، هل يعقل أن يترك من يدّعي أنّه يتبع السنّة ، السنّة الصحيحة ، بدعوى أنّ من يسمّوهم الرافضة تتبع هذه السنن.

فهل أمر الله تعالى أو نبيّه الكريمصلى‌الله‌عليه‌وآله بمخالفة الشيعة؟! وإذا وجب مخالفة الشيعة ، فلماذا لا يفتي علماؤهم لاتباعهم بترك الصلاة والحجّ ، لأنّ الشيعة

____________

١ ـ نفس المصدر السابق.

٢ ـ رحمة الأُمّة : ١٠٢.

٣ ـ الوجيز ١ / ٧٨.

٤ ـ شرح المواهب اللدنية ٥ / ١٣.

٥ ـ الكشّاف ٥ / ٩٦.

٦ ـ منهاج السنّة ٤ / ١٥٤.

٧٥

يصومون ويحجّون؟! وهل يعقل أن يخالف المرء السنّة بحجّة أنّ الشيعة يعملون بها؟!

ومن هم الرافضة؟! أهم الذين رفضوا الإسلام كما يروّجه الوهّابية؟ أم من رفضوا البدع ، وحكّام الجور ، وتمسكوا بالسنّة؟! هذه أسئلة نطرحها على كُلّ إنسان له ضمير حيّ ، وعلى كُلّ إنسان جرّد نفسه من التعصّب الأعمى.

وممّا يجدر بالذكر أنّ كُلّ الأمثلة التي ذكرت هي من أُمّهات كتب السنّة ، ولا يوجد حديث أو رواية واحدة من كتب الشيعة حتّى تكون الحجّة عليهم ، وكما قيل : ألزموهم بما ألزموا به أنفسهم.

والحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على سيّدنا محمّد وآله المعصومين.

( عاشق التوحيد ـ السعودية ـ سنّي )

الأئمّة لم يذمّوا شيعتهم :

س : إنّ علياًرضی‌الله‌عنه وأولاده ، كانوا يبغضون الشيعة المنتسبين إليهم ـ المدّعين حبّهم واتباعهم ـ وكانوا يذمّونهم على رؤوس الإشهاد.

فهذا علي يذمّ شيعته ، ويدعو عليهم فيقول : « لقد ملأتم قلبي قيحاً ، وشحنتم صدري غيظا ، وأفسدتم عليّ رأيي بالعصيان والخذلان »(١) .

ويروي الكليني عن أبي الحسن أنّه قال : « لو ميّزت شيعتي ما أجدهم إلاّ واصفة ، ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلاّ مرتدّين »(٢) .

وقال الحسين بن علي مخاطباً الرافضة : « تبّاً لكم أيّتها الجماعة وترحاً ، وبؤساً لكم؟ حين استصرختمونا ولهين ، فأصرخناكم موجفين ، فشحذتم علينا سيفاً كان في أيدينا ، وحمشتم علينا ناراً أضرمناها على عدوّكم

____________

١ ـ شرح نهج البلاغة ٢ / ٧٥.

٢ ـ الكافي ٨ / ٢٢٨.

٧٦

وعدوّنا ، فأصبحتم ألباً على أوليائكم ، ويداً على أعدائكم ، من غير عدل أفشوه فيكم ، ولا أمل أصبح لكم فيهم ، ولا ذنب كان منّا إليكم » (١) .

ج : إنّ البحث عن الحقائق لا تأتي هكذا اعتباطاً ، ما لم يعزّز البحث عنها بالدليل والبرهان ، وإلاّ ستكون محاولات يائسة تجرّ صاحبها إلى سخط الله تعالى ، وتحيله إلى مقلّدٍ أعمى لا يعي ما يقول ، فالغيور على دينه ، ينبغي عليه أن يتحرّى الأُمور بحقائقها ، ويتابع الأشياء بوقائعها ، وأن لا يقلّد كُلّ ما سمعه وردّده الآخرون.

إنّ ما ذكرته : إنّ علياًعليه‌السلام قد ذمّ شيعته ، فهذا ما لا ينبغي أن يصدر منك ، فإنّ شيعة عليعليه‌السلام هم خير من عرفهم التاريخ ، واعتزّ بذكرهم بكُلّ إجلال ، منهم سلمان الفارسي وعمّار وأبو ذر ومحمّد بن أبي بكر وعبد الله بن مسعود وأبو الهيثم بن التيّهان وأمثالهم ، فهم خيرة من عرفت وأحصيت ، فكيف فات عليك ذكر هؤلاء؟ وكيف أنّ علياًعليه‌السلام قد ذمّ أمثال هؤلاء ووبّخهم؟!

وعليك أن ترجع إلى تاريخ ما حدث أيّام خلافة عليعليه‌السلام ، وتابع بنفسك ما أحدثه المنشقوّن على طاعته ، والخارجون على إمامته ، فأشعلوا حروب صفّين والجمل والنهروان ، فقد كانت مجموعة من رعية الإمام وقت ذاك أناس مخالفون لطاعته ، لا ينصاعون لأوامره ، يثبّطون قومه على الخروج معه ، وكان أشهرهم أبو موسى الأشعري ، الذي تخاذل حين استخلفه الإمامعليه‌السلام على الكوفة ، وثبّط الناس عن الخروج ، فوبّخه وكتب إليه في أمر الحكمين وخيانته قائلاً : «فإنّ شرار الناس طائرون إليك بأقاويل السوء »(٢) ، ممّا يعني أنّ هناك عصابة من المنافقين قد تألبوا عليه.

وعبّرعليه‌السلام عن سخطه من طلحة والزبير ، ومن كان معهما في حرب الجمل ، التي تسبّبت في إزهاق آلاف من نفوس المسلمين فقالعليه‌السلام : « فخرجوا يجرّون

____________

١ ـ الاحتجاج ٢ / ٢٤.

٢ ـ شرح نهج البلاغة ١٨ / ٧٤.

٧٧

حرمة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كما تجرّ الأمة عند شرائها ، متوجّهين بها إلى البصرة ، فحبسا نساءهما في بيوتهما ، وأبرز حبيس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لهما ولغيرهما ، في جيش ما منهم رجل إلاّ وقد أعطاني الطاعة ، وسمح لي بالبيعة »(١) .

فقد أنّب الإمام عليعليه‌السلام كُلّ من خرج في حرب الجمل دون استثناء ، وحمّلهم مسؤولية الخروج على طاعته ، وهؤلاء ـ كما تعلم ـ كانوا يشكّلون الغالبية العظمى من رعايا الإمام ، فكان الإمامعليه‌السلام يوجّه لومه إلى مثل هؤلاء ، هذا من جهة.

ومن جهة أُخرى كان رعايا الإمام ممّن انخرطوا في صفٍ معارضٍ خطير ، وهم الخوارج الذين آل الأمر إليهم بالخروج عليه في حرب النهروان ، وأدّى بعد ذلك انحرافهم وخبثهم ، أن سخّروا عبد الرحمن بن ملجم المرادي ـ الذي هو أحد رؤوس الخوارج ـ إلى اغتيال الإمامعليه‌السلام في فاجعة الاعتداء الغشيمة ، وقتله في مسجد الكوفة.

هؤلاء الخوارج ، ومثلهم أصحاب الجمل ، أضف إليهم المتقاعسون القاعدون عن القتال أتباع أبي موسى الأشعري ، إذ كانوا يشكّلون نسبة كبيرة من أتباعه ، وكان الأشعث بن قيس ـ رأس المنافقين ـ طابور خيانة داخل دولة الإمامعليه‌السلام ، فيشعلون الفتن ، ويطعنون بالإمام من خلفه ، كُلّ هؤلاء كان الإمامعليه‌السلام قد خاطبهم بالخطب التي ذكرتها ، وليس كما عبّرت من كون المخاطبين كانوا شيعة الإمام.

كيف يصف الإمام شيعته ومحبّيه بهذه الأوصاف؟ التي لا تنم إلاّ عن أوصاف أعدائه ومخالفيه ، وعليك فيما بعد أن تتابع الأحداث التي عاشها الإمام مع هؤلاء ، فحينئذ تجد قد شكّلوا نسبة كبرى من المنافقين الذين خرجوا على الإمام ، وخرقوا طاعته ومعصيته.

____________

١ ـ المصدر السابق ٩ / ٣٠٨.

٧٨

أمّا ما ذكرته عن خطبة الإمام الحسينعليه‌السلام ، فإنّك خلطت في كثير من القضايا ، فالخطبة كانت للإمام الحسينعليه‌السلام يوم الطفّ ، وكان يخاطب بها الجيش الأموي ، ومن الخطأ الكبير أن تنسب هؤلاء إلى شيعة الإمام ، إذ إنّ شيعة الإمام هم الذين شكّلوا جيش الإمام ، وقد فدوا نفوسهم دونه ، وكانوا من خيرة الشيعة الذين يعتزّ بهم التاريخ ، بل يذكرهم العالم ـ المسلم وغير المسلم ـ بكُلّ إجلال وإكبار ، لتضحيتهم ووفائهم أمثال : حبيب بن مظاهر الأسدي ، ومسلم بن عوسجة ، وبرير بن خضير ، وأمثالهم الذين ضحّوا بنفوسهم الزكية ، هؤلاء هم شيعة الحسينعليه‌السلام .

فكيف تنسب أعداء الحسين ـ الذين خرجوا لحربه ـ إلى كونهم شيعته؟ فهل هذا إلاّ تناقض وخلط للحقائق؟ أرجو أن تكون دقيقاً في متابعتك للأُمور ، لا أن يغلبك القيل والقال دون تروٍ وتحقيق.

ونفس الكلام سيكون في ما ذكرته من قول الإمام أبي الحسن موسىعليه‌السلام ، فإنّ الشيعة الذين يقصدهم الإمام لم يكونوا شيعته حقيقة ، بل أنّ ظاهر ما اشتهر عن هؤلاء أنّهم شيعة ، فيظنّ الظانّ أنّ هؤلاء يحسبون من اتباع الإمام اشتباهاً ، وهم ليسوا من أتباعه حقيقة ، فأرادعليه‌السلام أن يرفع شبهة من نسب هؤلاء إلى الإمام بأنّهم من خيرة شيعته ومريديه.

هذا ، وفي الختام نذكّرك بأنّ لفظ الشيعة له معنى خاصّ ، ومعنى عام ، فالمعنى الخاصّ : من اعتقد بالإمامة وأنّها من الله تعالى وبالنصّ ، وذلك يستلزم اعتقاد عصمة الإمام ومقاماته.

والشيعة بالمعنى العام : هو من أحبّ الإمام واتبعه بصفة أنّه خليفة ، أو من أهل البيتعليهم‌السلام ، ولم يعتقد بإمامته الإلهية ولا بعصمته ، فهذا يعبّر عنه بالشيعة بالمعنى العام ، وفي كلمات الأئمّةعليهم‌السلام إن ورد ذمّ الشيعة فمحمول على معناه العام لا الخاصّ.

٧٩

( أبو أحمد ـ مصر ـ )

موقفهم من أهل السنّة :

س : لماذا هذا العداء بين الشيعة والسنّة؟ مع العلم أنّ العداء من الطرفين.

ج : عليك بالتأمّل في كتب التاريخ لترى بوضوح : إنّ العداء لم يشرع من الشيعة في مقابل إخوانهم السنّة ، ولا أيضاً استمرّ من قبلهم ، فالشيعة وعلى مرّ العصور في موقف دفاع ، فهم دائماً يعانون أنواع الظلم الذي يجري عليهم ، وحتّى يومنا الحاضر ، فالشيعة دائماً في موقف دفاع ، وأكثر ما استعمله الشيعة في موقف الدفاع هو الردّ بالدليل وتأليف الكتب ، حتّى وإن كان ما واجهوه من الظلم بالاعتداء على النفوس المحترمة والأموال ، فالشيعة دائماً في موقف دفاع بالطريق العلمي المستدلّ.

( عبد الأمير ـ البحرين ـ ١٩ سنة ـ طالب جامعة )

كيفية انتشارها في إيران :

س : كيف انتشر التشيّع في إيران؟ هل صحيح أنّ أحد حكّام الدولة الصفوية قديماً قام بفرضه على الناس؟ حيث كان وزيره شيعياً ، وذهب معه إلى النجف ، ثمّ اقتنع بالتشيّع ، أو هناك روايات أُخرى؟

ج : إنّ كيفية انتشار التشيّع هي حديث التاريخ لا المذهب والعقيدة ؛ ولكن باختصار نقول :

أوّلاً : إنّ العلّة الأساسية لبسط نفوذ الشيعة في أي منطقة ـ ومنها إيران ـ تكمن وراء ثلاث نقاط :

١ ـ عدالة قضيّتهم وحقّانيتهم المدعومة بالأدلّة الواضحة والمبرهنة.

٢ ـ مظلوميّتهم لما يرونه من السلطات وتحدّيهم لهؤلاء حكّام الجور.

٣ ـ نشاطات علمائهم ومبلّغيهم لنشر أفكارهم.

٨٠

٨١

٨٢

الدروس الشرعية في فقه الامامية ـ الجزء الاول

تأليف

الشيخ شمس الدين محمد بن مكي العاملي سنة ٧٨٦ ه‍

(الشهيد الاول)

٨٣

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أنطق ألسنتنا بحمده، وألهم قلوبنا شكر رفده، وأطلق جوارحنا للقيام بورده، والصلاة على محمد نبيه وعبده وآله وعترته وجنده صلاة دائمة بدوام مجده.

أما بعد، فإن علم الفقه لايخفى شرفه وعلوه ومقداره وسموه، وعموم حاجة المكلفين إليه، وإقبال الخلائق عليه، وقد صنف علماء الاصحاب رضي الله عنهم فيه الكثير، وخرج عنهم الجم الغفير المتصل بأصحاب آية التطهير، قصدا لعظيم الثواب في الآجل وجسيم الثناء في العاجل، فلما انتهت النوبة إلينا أحببنا أن ننسج على منوالهم، ونقتدي بهم في أقوالهم وأفعالهم، فكتبنا في ذلك ما تيسر من الذكرى والبيان، وعززناهما بهذا المختصر للتبيان، لاقتضاء الولدين الموفقين إن شاء الله(١) أبي طالب محمد وأبي القاسم علي، دفع الله عنهما الضير ووفقهما والمؤمنين للخير، وسميناه بالدروس الشرعية في فقه الامامية، والله نسأل أن يلهمنا فيه الصواب ويجنبنا الخلل والاضطراب، إنه هو الكريم الوهاب.

____________________

(١) في " م " و " ق ": للخير.

٨٤

كتاب الطهارة

٨٥

وهي لغة النزاهة من الادناس، وشرعا استعمال طهور مشروط بالنية لاباحة الصلاة، وهي وضوء وغسل وتيمم.

وكل منها واجب وندب، فالواجب منها بحسب وجوب غايته التي هي الصلاة والطواف ومس خط المصحف، ويختص الغسل والتيمم بدخول مسجدي مكة والمدينة، واللبث في باقي المساجد، وقراء‌ة العزائم، وصوم الحائض والنفساء والمستحاضة والجنب إذا صادف الليل، على تفصيل يأتي إن شاء الله، ويختص التيمم بخروج المجنب(١) من المسجدين، وكذا الحائض على(٢) الاقرب، ولو أمكن الغسل فيهما وساوى زمان التيمم قدم الغسل، ويجب الخروج بأقرب الطرق للمتيمم، ويجب الثلاثة أيضا بالنذر وشبهه، ولا يجب شئ منها وجوبا مطلقا في الاصح.

ويستحب الوضوء لندبي الصلاة والطواف، وحمل المصحف، وأفعال الحج الباقية، وصلاة الجنازة وطلب الحاجة، وزيارة القبور، وتلاوة القرآن، والتأهب(٣) للفرض قبل وقته، والكون على طهارة، وكل هذه ترفع الحدث وتبيح الصلوة، ونوم الجنب، وجماع المحتلم، وغاسل الميت، وذكر الحائض، والتجديد، وهذه لا ترفع ولا تبيح، وفي المجدد قول قوي بالرفع.

____________________

(١) في " م " و " ز ": الجنب.

(٢) في باقي النسخ: في.

(٣) في " م ": والتهيؤ.

٨٦

ويستحب الغسل للجمعة أداء ما بين طلوع الفجر إلى الزوال، وتعجيلا يوم الخميس لخائف تعذره يوم الجمعة، وآخر الوقتين أفضل، وقضاء إلى آخر السبت وأوله أفضل، وفرادى شهر رمضان، وآكده نصفه وسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين وثلث وعشرين، وليلة الفطر، ويومي العيدين، وليلتي نصف رجب وشعبان، ويوم المبعث والمولد والغدير والتروية وعرفة والدحو والمباهلة والنيروز لخبر المعلى(١) ، والاحرام، والطواف، ورمي الجمار، والسعي إلى المصلوب بعد ثلاثة عمدا، وزيارة النبي أو أحد الائمة عليهم الصلاة والسلام، والاستسقاء، ودخول الكعبة ومكة والحرم والمدينة ومسجديهما، ولصلاة الحاجة والاستخارة، والمولود حين يولد، والكسوف المستوعب مع تعمد الترك، والتوبة، وقتل الوزغ، وتقضى غسل ليالي الافراد الثلاث بعد الفجر. لرواية ابن بكير(٢) عن الصادق عليه السلام. ولا يرفع الغسل المندوب الحدث خلافا للمرتضى(٣) رحمه الله، ويقدم ما للفعل إلا التوبة والسعي إلى المصلوب وما للزمان فيه، وإن فات أمكن استحباب القضاء مطلقا. ويستحب التيمم بدلا عن الوضوء المستحب الرافع، وللنوم، ولصلاة الجنازة إذا خاف الفوت بالوضوء وتجديده بحسب الصلوات على رواية(٤) .

(١) درس

يجب الوضوء بالبول والغائط والريح من المعتاد طبيعيا أو عرضيا، والنوم

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٢٤ من أبواب الاغسال المسنونة ح ١ ص ٩٦٠.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١١ من أبواب الاغسال المسنونة ح ٤ ج ٢ ص ٩٥١.

(٣) جمل العلم والعمل " رسائل المرتضى المجموعة الثالثة ": ص ٢٤.

(٤) الاستبصار: ج ١ ص ١٦٤.

٨٧

الغالب على الحاستين ولو تقديرا، ومزيل العقل، وبعض الاستحاضة، والخارج من السبيلين إذا استصحب ناقضا.

وألحق بعض خروج الريح من الذكر، وابن الجنيد(١) الحقنة والمذي عن شهوة والتقبيل عنها ومس الرجل فرجها، والصدوق(٢) مس باطن الدبر والاحليل أو فتحه، وكله لم يثبت.

ولا ينقض بمس(٣) المرأة وقلم(٤) الظفر وجز الشارب ونتف الابط وأكل لحم الابل والارتداد.

ويجب الغسل بالجنابة، والدماء الثلاثة، والموت، ومس ميت الآدمي النجس.

ويجب التيمم بموجباتهما عند تعذرهما.

وموجبات الوضوء تتداخل، وكذا موجبات الغسل على الاقوى، والاجتزاء بغسل الجنابة دون غيره تحكم، وفي تداخل أسباب الاغتسال المندوبة إذا كان معها واجب قول مروي(٥) .

ويجب معها الوضوء إلا في غسل الجنابة وغسل الميت، ويستحب في غسل الميت، وفي التهذيب(٦) : يستحب مع غسل الجنابة.

(٢) (درس)

يجب على المتخلي ستر العورة عن الناظر، ويحرم استقبال القبلة واستدبارها ولو في الابنية، خلافا لابن الجنيد مطلقا(٧) ، وللمفيد في الابنية(٨) . ويجب

____________________

(١) المختلف: ج ١ ص ١٧ ١٨.

(٢) من لايحضره الفقيه: ج ١ ص ٦٥.

(٣) في " م " و " ز ": لمس.

(٤) في " م " و " ز ": ولا قلم.

(٥) وسائل الشيعة: ب ٤٣ من أبواب الجنابة ج ١ ص ٥٢٥.

(٦) التهذيب: ج ١ ص ١٤٠.

(٧) المختلف: ج ١ ص ١٩.

(٨) المقنعة: ص ٤١.

٨٨

غسل موضع البول بالماء المزيل للعين الوارد بعد الزوال، وغسل مخرج الغائط مع التعدي حتى تزول العين والاثر، ولو لم يتعد أجزأ ثلاث مسحات بجسم طاهر مزيل للعين لا الاثر، ولا اعتبار بالريح فيهما، ويجزئ ذو الجهات الثلاث، ويجزئه المسح، ولو لم ينق بالثلاثة وجب الزائد، ولو نقي بالاقل وجب الاكمال على الاقوى، وكذا لو شك في النقاء، ولايجزئ النجس ولا الصقيل والرخو(١) كالفحم، ويجزئ الروث والعظم والمطعوم والمحترم وإن حرمت.

ويستحب ستر البدن، والبعد، وإعداد النبل، والاعتماد على اليسرى، والدعاء داخلا باليسرى وخارجا باليمنى، وعند الاستنجاء والفراغ، والصبر هنيئة، والاستبراء بأن يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب، ثم إلى رأسه، ثم عصر الحشفة ثلاثا ثلاثا، والتنحنح ثلاثا، والجمع بين الحجارة والماء، واختيار الماء حيث يجزئ الاستجمار، والاستنجاء باليسار، وتقديم الدبر.

ويكره استقبال قرص الشمس والقمر في البول والغائط لا جهتهما، واستقبال الريح واستدبارها، والبول في الصلبة، والجحرة، والافنية، والشوارع، والمشارع، والنادي، والملعن، وتحت المثمرة، وفئ النزال، وفي الماء، والجاري أخف كراهة، والاستنجاء باليمين، وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله أو نبي أو إمام أو فصه(٢) حجر زمزم، والكلام بغير ذكر الله أو آية الكرسي أو حكاية الاذان على قول، والبول قائما ومطمحا، وطول الجلوس، استصحاب ما عليه اسم الله، واستصحاب دراهم بيض غير مصرورة.

وليس الاستنجاء شرطا في صحة الوضوء والتيمم وإن روعي في التيمم التضيق، ويصح الاستنجاء في غير المخرج إذا اعتيد، ولو لم يعتد فهو إزالة

____________________

(١) في باقي النسخ: ولا الرخو.

(٢) في " م " و " ق ": فصه من.

٨٩

نجاسة، ولو استعمل نجسا وجب الماء وإن كانت نجاسته مماثلة للخارج، ولو تعذر الاستنجاء صلى بحاله مع الجفاف بحسب الامكان ثم يستنجي عند المكنة، ولو نسيه وصلى أعاد في الوقت وخارجه، ولو جهله فلا، وجاهل الحكم لايعذر.

(٣) (درس):

يجب في الوضوء النية المشتملة على القربة، وهي موافقة إرادة الله تعالى والوجوب والرفع أو الاستباحة، والمبطون والسلس والمستحاضة ينوون الاستباحة أو رفع مامضى، ولا يشترط قصد الطاعة لله خلافا لابن زهرة(١) ، والمقارنة لابتداء غسل الوجه، ويجوز تقديمها عند غسل اليدين مستحبا وعند المضمضة والاستنشاق، ولو وجب غسل اليدين لنجاسة أو استحب لا للوضوء أو ابيح فلا نية عنده، واستدامة حكمها إلى آخره.

ولو نوى رفع حدث بعينه أو استباحة صلاة بعينها فلا حرج، ولو نفى غيرهما بطل، ولو نوى استباحة ما يكمل بالطهارة كالتلاوة أجزأ، ولو ضم المنافي بطل، ولو ضم التبرد وغيره من اللوازم فوجهان.

ولا يصح الطهارة وغيرها من العبادات من الكافر، ولو نوى قطع الطهارة أو ارتد بطل فيما بقي، فيبني مع العود والبلل، ويستأنف مع الجفاف، ولا يضر عزوبها إلا مع نية المنافي أو اللازم، ولو أمكن استحضارها فعلا في جميع الوضوء أو بعضه لم يجب، والخالي من موجب الوضوء ينوي الندب، فلو نوى الوجوب أو نوى من وجب عليه الندب بطل في الاقوى.

ولو نوى لكل عضونية تامة بطل، وأولى منه لو نوى(٢) رفع الحدث عنه

____________________

(١) الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٤٩١.

(٢) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.

٩٠

لا غير، ولو غسلت اللمعة بقصد الندب جهلا بها فوجهان، وفي التجديد أبعد، وفي الغسلة الثانية منه أشد بعدا، وأبعد من الجميع لو انغسلت في الثالثة. وطهارة الصبي تمرينية فينوي الوجوب، فلو بلغ في الوقت استأنف إن بقي قدر الطهارة وركعة وإلا فلا. وغسل الوجه وهو ركن، وكذا باقي الاعضاء، وهو من القصاص إلى المحادر طولا وما دار عليه الابهام والوسطى عرضا، والانزع والاغم وقصير الاصابع وطويلها يغسلون ما يغسله المستوي. وليس الصدغ والعذاران منه وإن غسلهما كان أحوط، والعذار ما حاذى الاذن بين الصدغ والعارض، والعارضان من الوجه قطعا، وهما الشعر المنحط عن القدر المحاذي للاذن إلى الذقن وهو مجمع اللحيين. ولا يجب غسل النزعتين وهما البياضان المكتنفان للناصية في أعلى الجبينين، ولا غسل مسترسل اللحية. ويجب البدأة من الاعلى على الاصح، وتخليل ما يمنع وصول الماء إذا خف احتياطا، والمشهور عدم الوجوب، نعم يستحب وإن كثف كما يستحب إفاضة الماء على ظاهر اللحية. وغسل الاذنين ومسحهما بدعة ولا يبطل.

ويجزئ في الغسل مسماه ولو كالدهن مع الجريان، ولا يجب الدلك، فلو غمس العضو أجزأ.

ثم غسل اليدين من المرفقين مبتدئا بهما إلى أطراف الاصابع، فلو(١) نكس بطل على(٢) الاصح.

ويجب تخليل شعر اليد وإن كثف وغسله أيضا وغسل الظفر وإن طال، والسلعة تحت المرفق واليد الزائدة كذلك، ولو كانت فوق المرفق غسلت مع الاشتباه وإلا الاصلية.

والاقطع يغسل ما بقي، ولو استوعب

____________________

(١) في باقي النسخ: ولو.

(٢) في باقي النسخ: في.

٩١

سقط واستحب غسل العضد نصا(١) .

ولو افتقر إلى معين باجرة وجبت من رأس ماله ولو كان مريضا وإن زادت عن أجرة المثل ما لم يجحف، ولو تعذرت الاجرة قضى مع الامكان. ويجب تقديم اليمنى على اليسرى.

ثم مسح مقدم الرأس بمسماه ولا يحصل بأقل من اصبع، وقيل: ثلاثة(٢) مضمومة للمختار، ولا يجوز استقبال المشعر فيه على المشهور، ولا المسح على حائل، ويجب كونه بنداوة الوضوء، وتجويز ابن الجنيد(٣) غيرها عند عدمها شاذ، ولو جف كفاه ما على اللحية والحاجب والاشفار فإن فقد استأنف الوضوء، ولا يجزئ الغسل عنه ولا المسح بآلة غير اليد. ويكره مسح جميع الرأس وحرمه ابن حمزة(٤) ، وفي الخلاف(٥) : بدعة إجماعا، والزائد عن اصبع من الثلاث مستحب.

ثم مسح بشرة الرجلين من رؤوس الاصابع إلى الكعبين وهما أعلى القدمين بالبلة الغالبة على رطوبتهما إن كانت، ولا يجزئ النكس على الاولى ولا تقديم اليسرى على اليمنى ولا مسحهما معا احتياطا، والمقطوع يمسح على ما بقي ولو أوعب سقط، واستحب المسح على موضع القطع.

ولا يجزئ المسح على حائل من خف أو غيره إلا لتقية أو ضرورة، ولو زال السبب فالاقرب بقاء الطهارة، وقيل: ينتقض.

فرع:

لو عاد السبب فإن كان قبل التمكن من الاعادة فلا إعادة، وإلا فالاقرب

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٤٩ من أبواب الوضوء ح ٢ ج ٢ ص ٣٣٧.

(٢) في باقي النسخ: ثلاث.

(٣) المختلف: ج ١ ص ٢٤.

(٤) الوسيلة: ص ٥٠.

(٥) الخلاف: ج ١ ص ١٢.

٩٢

الاعادة، وإن كان كالوضوء الاول.

ويجوز المسح على العربي وإن لم يدخل يده تحت شراكه والترتيب كما ذكر ركن أيضا.

والموالاة والاقرب أنها مراعاة الجفاف، وقد حققناه في الذكرى(١) ، فلو والى وجف بطل إلا مع إفراط الحر وشبهه، ولو فرق ولم يجف فلا إثم ولا إبطال، إلا أن يفحش التراخي فيأثم مع الاختيار.

ويصح نذر الولاء فيلزم ويبطل للاخلال به الوضوء إن جف، وإلا ففيه وجهان، ويكفر إن تعين.

والمباشرة بنفسه مع الاختيار، وعد ابن الجنيد(٢) ذلك ندبا باطل.

(٤) درس

سنن الوضوء: وضع الاناء على اليمين، والاغتراف بها، والتسمية، والدعاء، والسواك، والمضمضة والاستنشاق ثلاثا ثلاثا، والدعاء فيهما، وتثنية الغسل لا المسح فيكره، وتحرم الثالثة، وتبطل إن مسح بمائها، وإنكار ابن بابويه(٣) التثنية ضعيف، كما ضعف قول ابن أبي عقيل(٤) بعدم تحريم الثالثة، وقول أبي الصلاح(٥) بإبطالها الوضوء ولم يقيده بالمسح بمائها، وبدأة الرجل بظاهر ذراعه في الاولى وبباطنه في الثانية عكس المرأة، ويتخير الخنثى وأكثر الاصحاب أطلقوا بدأة الرجل بالظهر(٦) والمرأة بالبطن(٧) ، والدعاء عند الغسل والمسح وبعد الفراغ، وفتح العينين عند الوضوء قاله ابن بابوية(٨) ، والوضوء بمد.

ويكره الاستعانة والتمندل في المشهور، وقيل: لا يكره، والوضوء في المسجد

____________________

(١) الذكرى: ص ٩١.

(٢) المختلف: ج ١ ص ٢٥.

(٣) كتاب الهداية (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٤٩.

(٤) المختلف: ج ١ ص ٢٢.

(٥) الكافي في الفقه: ص ١٣٣.

(٦) في " ق ": بالظاهر.

(٧) في " ق ": بالباطن.

(٨) المقنع (ضمن الجوامع الفقهية): ص ٣.

٩٣

من البول والغايط، وتقديم المضمضة على الاستنشاق مستحب وفي المبسوط(١) : لا يجوز العكس.

ولو شك في عدد الغسل بنى على الاقل، ولو شك في فعل أو في النية وهو بحاله أتى به ولوجف البلل استأنف، ولو انتقل عن محله ولو تقديرا لم يلتفت، ولو تيقن أتى به مطلقا.

ولو شك في الحديث أو في(٢) الطهارة بنى على المتيقن ولو تيقنهما لا ترتيبهما تطهر ولو أفاد التعاقب استصحابا بنى عليه، ولو ذكر بعد الصلوة ترك واجب أعادهما، فإن تعدد الوضوء ولم يعلم محل المتروك أجزء الواجبان و(٣) النفلان دون الواجب والنفل في الاقوى، ولو تعدد بالنسبة إلى بعض الصلوات أعاد الاخرى، ولو علمه في صلاة يوم تام بخمس صلى ثلاثا وفي القصر اثنتين، ولو فسدت الطهارتان صلى المتم(٤) أربعا والمقصر ثلاثا والمشتبه خمسا مراعين للترتيب.

والجبائر تنزع أو تخلل، فإن تعذرا مسح عليها ولو في موضع الغسل، وكذا حكم الطلاء واللصوق، ويجب استيعاب ذلك بالمسح ولا يجب إجراء الماء، والمجروح يغسل ما حوله، ولو أمكن المسح عليه وجب في الاقرب، ولو أمكن بلصوق وجب، ولو زال العذر فكوضوء التقية، والسلس والمبطون يتوضآن لكل صلاة خلافا للمبسوط(٥) ، ولو فجأه في الصلاة توضأ المبطون وبنى في المشهور(٦) بخلاف السلس، إلا أن يكون له

____________________

(١) المبسوط: ج ١ ص ٢٠.

(٢) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.

(٣) في " ق ": أو.

(٤) في باقي النسخ: المتمم.

(٥) المبسوط: ج ١ ص ٦٨.

(٦) في باقي النسخ: الاشهر.

٩٤

فترات فيساوي المبطون.

(٥) درس الجنابة

تحصل للرجل والمرأة بإنزال المني مطلقا، ومع الاشتباه يعتبر برائحة الطلع والعجين رطبا وبياض البيض جافا، ويقارنه الشهوة وفتور الجسد والدفق غالبا، إلا في المريض فيكفي الشهوة، والتقاء الختانين بمعنى التحاذي، ويحصل بمواراة الحشفة أو قدرها من المقطوع والدبر كالقبل مطلقا والقابل كالفاعل والحي كالميت وفي البهيمة قولان أحوطهما الوجوب.

وواجد المني على جسده أو ثوبه المختص به(١) يغتسل ويعيد كل صلاة لا يمكن سبقها، وفي المبسوط(٢) يعيد ما صلاه بعد آخر غسل رافع، وهو احتياط حسن.

ولو اشترك الثوب أو والفراش فلا غسل، نعم يستحب، ولو قيل بأن الاشتراك إن كان معا سقط عنهما، وإن تعاقب وجب على صاحب النوبة كان وجها، ولو لم يعلم صاحب النوبة فكالمعية، وباجتماعهما يقطع بجنب على الاقرب.

ولو خرج المني من المرأة بعد الغسل أجنبت إن علمت إختلاطهما أو شكت في الاقرب، وإلا فلا.

ولا يجب ببعض الحشفة، ولا بإيلاج الخنثى فرجه في امرأة أو خنثى، ولا بإيلاج الرجل(٣) في قبله على الاقوى، ويجب لو أولج الرجل في دبره، أو أولج الرجل في قبله وأولج الخنثى في فرج امرأة وأما الرجل والمرأة فأحدهما جنب لا بعينه، والاقرب تعلق الاحكام بإيلاج الصبي والصبية والملفوف،

____________________

(١) هذه الكلمة غير موجودة في " م " و " ق ".

(٢) المبسوط: ج ١ ص ٢٨.

(٣) في " م " و " ق ": الرجل فرجه.

٩٥

وفي المقطوع وآلة البهيمة نظر، ويجب على الكافر ولا يجبه الاسلام.

ويتعلق بالجنابة حرمة الصلاة، والطواف ومس خط المصحف وما عليه اسم الله تعالى أو أسماء الانبياء والائمة عليهم السلام، وقراء‌ة العزائم وأبعاضها ولو اشتركت الآية ونواها حرمت، ودخول المساجد إلا إجتيازا إلا المسجدين، ووضع شئ، فيها ويجوز الاخذ منها.

ويكره قراء‌ة ما زاد على سبع آيات(١) ، ولم يجوز الزيادة ابن البراج(٢) ، وعن سلار(٣) تحريم القراء‌ة مطلقا، ومس المصحف وحمله، ويجوز مس الكتب المنسوخة وما نسخ تلاوته، والاكل والشرب والنوم ما لم يتوضأ، ويكفي في الاكل والشرب المضمضة والاستنشاق، والخضاب والادهان.

وكيفية الغسل النية مقارنة كما(٤) سلف في الوضوء أو لغسل الرأس مستدامة الحكم، والبدأة بغسل الرأس والعنق ثم الجانب الايمن ثم الايسر، وتخليل ما يمنع وصول الماء، والترتيب كما قلناه إلا في المرتمس، والحق به المطر والمجرى وليس بذلك، ولا يجب غسل الشعر بل إيصال الماء إلى ما تحته وإن كثف، والمباشرة.

وفي الاستبراء قولان أحوطهما الوجوب على المنزل بالبول ثم الاجتهاد، فلو وجد بللا مشتبها بعده لم يتلفت، ولو كان بعد البول خاصة توضأ، ولو كان بعد الاجتهاد لتعذر البول فلا شئ، ولو لم يستبرئ فهو جنب من حين الرؤية لاقبله.

ويستحب غسل اليدين ثلاثا، والمضمضة، والاستنشاق، وإمرار اليد على الجسد، وتخليل ما يصل إليه الماء، والدعاء، والولاء، والغسل بصاع،

____________________

(١) هذه الكلمة غير موجودة في " م " و " ق ".

(٢) المهذب: ج ١ ص ٣٤.

(٣) نقل صاحب مفتاح الكرامة عنه في كتابه " الابواب والفصول " ولم نعثر عليه.

(٤) كذا في اغلب النسخ، والظاهر: " لما " كما في نسخة " م ".

٩٦

وتكره الاستعانة. ولو وجد لمعة غسلها وما بعدها، لو كان مرتمسا أعاد. ولو أحدث في أثنائه أعاد على الاقوى. وفي وجوب ثمن الماء على الزوج نظر، نيجب تمكينها منه. ولو قام على مكان نجس غسل ما نجس ثم أفاض عليه الماء للغسل، ولا يجزئ غسل النجاسة عن رفع الحدث على الاصح، ولا يجب غسل باطن الفم والانف.

(٦) درس

غسل الحيض كغسل الجنابة إلا أنها تتوضأ قبله أو بعده، والحيض الدم المتعلق بالعدة أسود حار عبيطا غالبا لتربية الولد، ومحله البالغة تسعا غير مكملة ستين سنة قرشية أو نبطية، أو خمسين لغيرهما.

وتتميز عن العذرة بتلوث القطنة فيه لا بتطوقها، وعن القرح بالجانب الايمن وقال الصدوق(١) : من الايسر، والرواية(٢) مضطربة وفي الحامل خلاف أقربه حيضها.

وأقله ثلاثة أيام متوالية على الاصح، وأكثره عشرة وهي أقل الطهر، ولا حد لاكثره، وتحديد أبي الصلاح(٤) الاكثر بثلاثة أشهر تغليب.

وتثبت العادة بمرتين متساويتين وبالتميز مرتين، وقد تتعدد العادة، ومهما أمكن الحيض حكم به فالمعتادة برؤيته في عادتها والمبتدإة والمضطربة بمضي ثلاثة على الاقرب، إلا أن تظن المضطربة الحيض فتعمل عليه.

وما بين ثلاثة إلى العشر تحيض وإن انقطع أو اختلف لونه إذا انقطع عليها، وتستبرئ نفسها عند الانقطاع بقطنة وجوبا فتغتسل(٥) بنقائها، وإلا

____________________

(١) من لا يحضره الفقيه: ج ١ ص ٩٧.

(٢) وسائل الشيعة: ب ١٦ من أبواب الحيض ح ٢ ج ٢ ص ٥٦١.

(٣) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.

(٤) الكافي في الفقه: ص ١٢٨.

(٥) في باقي النسخ: فتغتسل.

٩٧

فالمعتادة تتخير بين الاستظهار بيوم أو أزيد إلى العشرة ثم تغتسل وتفعل فعل المستحاضة، فإن طابق الطهر وإلا قضت الصوم وتقضي ما تركته من الصلاة والصيام في الاستظهار إذا ظهر أنه استحاضة، ولا استظهار مع النقاء إلا أن تظن المعاودة.

أما المبتدأة فظاهر الاصحاب أنها تمكث في الدور الاول إلى العشرة، فإذا تجاوز اعتبرت التمييز فيما مضى، وشروطه اختلاف لون الدم، وأن لا ينقص القوي عن ثلاثة ولا يزيد عن عشرة، وأن يتجاوز الدم العشرة، فإن كان قضت صومه خاصة، وقضت الصوم والصلاة فيما عداه، وإن فقد التمييز جعلت عادة نسائها إن اتفقن أو أقرانها من بلدها حيضا، وفعلت كما قلناه في التمييز، فإن فقدن رجعت إلى الروايات، وأشهرها ستة أو سبعة من كل شهر، أو ثلاثة من شهر وعشرة من آخر، فإذا جاء الدور الثاني اعتبرت التمييز وعادة النساء والروايات في نفس العشرة، وتعبدت في الزائد على ذلك.

أما المضطربة فإنها تعتبر التمييز والروايات في جميع أدوارها.

وهل تستظهران إذا رجعتا إلى ذلك بما تستظهر به المعتادة؟ الظاهر نعم، وروي(١) في المبتدأة الاستظهار بعد عادة أهلها بيوم.

ولو عارض التمييز العادة رجحت عليه، ولو رأت قبلها أو بعدها وتجاوز العشرة فالحيض العادة وإلا فالجميع، وكذا حكم رؤيتها الطرفين.

(٧) درس

الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض، كما أن السواد في أيامالطهر

____________________

(١) وسائل الشيعة: ب ٨ من أبواب الحيض ح ١ ج ٢ ص ٥٤٦.

٩٨

استحاضة، وإن كان الاغلب العكس.

ويجب اعتبار دمها فما لا يثقب الكرسف يوجب إبداله والوضوء لكل صلاة، وجعله الحسن(١) غير ناقض، وإن ثقبه ولم يسل وجب مع ذلك تغيير الخرقة والغسل للغداة، وإن سال فمع ذلك غسلان يجمع في أحدهما بين الظهرين وفي الآخر بين العشاء‌ين، والحسن(٢) أوجب الاغسال الثلاثة في هذين ولم يذكر الوضوء، وفي المعتبر(٣) : إن ظهر على الكرسف فثلاثة اغسال وإلا فالوضوء‌ات.

ويجوز لها دخول المساجد(٤) إذا أمنت التلويث، لرواية(٥) زرارة عن الباقر عليه السلام، واستثنى ابن حمزة(٦) الكعبة، وأوجب الشيخ(٧) وابن ادريس(٨) معاقبة الصلاة للطهارة وهو حسن، ولا يضر الاشتغال بمقدمات الصلاة وانتظار الجماعة، ولها الجمع بين الليلية والصبح بغسل قبل الصبح بما يسع الليلية، ولو لم تتنفل اغتسلت بعد الفجر إلا أن تريد الصوم فتقدمه.

ومع الافعال هي طاهرة وبترك بعضها تبطل صلاتها، وبترك الغسل يبطل صومها.

والاقرب كراهة الوطئ وإن لم تأت بالافعال، وقال الثلاثة(٩) : لا يجوز بدونها.

وإذا برئت وجب ما كان قبله من وضوء أو غسل على الاقرب، وتنوي فيه رفع الحدث، إلا أن يصادف الوضوء أو الغسل الانقطاع المستمر فلا شئ، ولو انقطع في أثناء الصلاة فالاقرب البطلان، والاعتبار في كميته

____________________

(١) المختلف: ج ١ ص ٤٠.

(٢) نفس المصدر السابق.

(٣) المعتبر: ص ٦٥.

(٤) في " م " و " ق ": المسجد.

(٥) وسائل الشيعة: ب ١٥ من أبواب الجنابة ح ١٠ ج ١ ص ٤٨٦.

(٦) الوسيلة: ص ٦١.

(٧) المبسوط: ج ١ ص ٦٨.

(٨) السرائر: ج ١ ص ١٥٢.

(٩) المراد من الثلاثة: المفيد والمرتضى والطوسي رحمهم الله. أ المقنعة ص ٥٧.

ب المعتبر: ص ٦٦ نقلا عن مصباح السيد.

ج النهاية: ص ٢٩.

٩٩

بأوقات الصلوات في ظاهر خبر الصحاف(١) عن الصادق عليه السلام.

ولو نسيت عادتها ووقتها واستمر الدم فالروايات، والاحتياط في الجمع بين التكليفين ضعيف.

ولو ذكرت العدد فقط تخيرت في تخصيصه ثم هي طاهر، ولو كان في زمان يقصر نصفه عنه خصصت ما زاد على اليقين(٢) ، ولو ذكرت أوله فقط أكملته ثلاثة ولها العود إلى السبعة أو الستة(٣) ، ولو ذكرت آخره فكذلك. ويجب عليها الاستظهار بالتلجم والاستثفار إن احتيج إليهما، وكذا السلس والمبطون، فلو سبق الدم أو الحدث لتقصير اعيدت الطهارة وإلا فلا.

(٨) درس

النفاس دم الولادة معها أو بعدها، ودم الطلق استحاضة، إلا أن يتخلل بينه وبين الولادة عشرة فيكون حيضا بشرائطه، ويكفي المضغة لا العلقة إلا أن تشهد أربع نساء عدول بأنها مبدأ الولد.

ولو لم تر دما فلا نفاس.

ولا حد لاقله غير مسماه، وأكثره عشرة، ولو زاد فالاقرب رجوع المعتادة إلى العادة، والمبتدأة والمضطربة إلى العشرة، ولو رأته ثم انقطع ثم رأته في العشرة فهما وما بينهما نفاس.

والتوأمان نفاسان، أما الولد الواحد لو تقطع ففي تعدد النفاس نظر.

وتفارق الحائض في الاقل، والدلالة على البلوغ، وقضاء العدة إلا في المطلقة حاملا من الزنا.

وتشتركان في تحريم الصلاة والطواف والصوم فرضا كانت أو نفلا، ومس كتابة القرآن وما عليه اسم الله تعالى أو اسم نبي أو

____________________

(١) الكافي: ب الحبلى ترى الدم ح ١ ج ٣ ص ٩٥.

(٢) في " ق ": المتيقن.

(٣) في باقي النسخ: والستة.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507