المذاهب الإسلامية

المذاهب الإسلامية15%

المذاهب الإسلامية مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 377

المذاهب الإسلامية
  • البداية
  • السابق
  • 377 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 210534 / تحميل: 9255
الحجم الحجم الحجم
المذاهب الإسلامية

المذاهب الإسلامية

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المذاهب الإسلاميّة

جعفر السبحاني

١

٢

بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ

قال تعالى:

( إِنّ الدّينَ عِندَ اللّهِ الْإِسْلاَمُ )

آل عمران: ١٩

وقال تعالى:

( وَالّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنّهُمْ سُبُلَنَا )

العنكبوت: ٦٩

٣

٤

بِسْمِ اللّهِ الرّحْمنِ الرّحِيمِ

الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على خير خلقه وأفضل بريته محمد وآله الطيّبين الطاهرين، ومن اهتدى بهداهم من الأوّلين والآخرين، سلاماً ما دامت السماء ذات أبراج والأرض ذات فجاج.

أمّا بعد؛ فهذه وجيزة في المِلل والنِّحل، لخّصتها من موسوعتنا الكبيرة (بحوث في المِلل والنِّحل)، لِمَا وجدتُ من أنّ الجيل الحاضر إلى الإيجاز أميل وعن الإسهاب أعرض، واستعرضت فيها الملل والفرق بما لها من أُصول وعقائد، وتركتُ التعرُّض لما يتفرّع عنها، كما تركتُ التعرّض إلى التحليل والنقد، إلاّ شيئاً يسيراً يقتضيه الحال. واقتصرت على دراسة المذاهب الموجودة، وأعرضتُ عن ذكر الفِرَقِ البائدة الّتي أكل عليها الدهر وشرب، ومن ابتغى التحليل والنقد لهذه الفرق، فليرجع إلى موسوعتنا المذكورة.

وقبل الخوض في البحث، نقدِّم بحوثاً تمهيديّة تُنير السبيل لهذا العلم.

المؤلف

٥

٦

بحوث تمهيديَّة

وقبل الخوض في صلب الموضوع، نقدّم أُموراً تمهيديّة تنير السبيل لروّاد هذا العلم:

١. الملّة والنحلة في اللغة:

الملّة بمعنى: الطريقة المقتبسة من الغير، يقول سبحانه: ( بَلْ مِلّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً ) (١) .

وأمّا النحلة، فهي بمعنى: الدعوى والدِّين، ولكن تستعمل كثيراً في الباطل، يقال: انتحال المبطلين. وفي المصطلح: المناهج العقائدية لأُمّة خاصّة أو جميع الأُمم، سواء كانت حقّاً أم باطلاً.

٢. الصلة بين علم العقائد وعلم الملل والنحل:

إنّ علم الكلام يبحث عن المسائل العقائدية الّتي ترجع إلى المبدأ والمعاد، ويوجِّه عنايته إلى إثبات فكرة خاصة في موضوع معيّن، ولكن علم الملل والنحل يسرد المناهج الكلاميّة وعقائد الأقوام، دون أن يتحيّز إلى منهج دون منهج، وهمّه عرض هذه الأُسس الفكرية على روّاد الفكر والمعرفة؛ فنسبة هذا العلم إلى علم العقائد نسبة تاريخ العلم إلى نفسه.

____________________

(١) البقرة: ١٣٥.

٧

٣. تعريفه، موضوعه، مسائله، غايته:

إنّ علم الملل والنحل كسائر العلوم، له: تعريفه، وموضوعه، ومسائله، وغايته.

أمّا تعريفه: فهو العلم بتاريخ نشوء المذاهب والديانات عبر القرون، ومقارنتها مع بعض.

وأمّا موضوعه: فهو عقائد الأُمم الّذي يعبَّر عنه بالملل والنحل.

وأمّا مسائله: فهي الاطّلاع على آراء أصحاب الديانات.

وأمّا غايته: فتتَّحد غايته مع تاريخ العلوم على وجه الإطلاق، وهي إعطاء البصيرة للمحقّق الكلامي في نشوء العقائد واشتقاق بعضها من بعض.

٤. المصنّفات في الملل والنحل:

إنّ ما كُتب في هذا المجال على قسمين: قسم منه: يتناول جميع أديان البشر أو أكثرها. وقسم منه: يختصّ بالفرق الإسلامية.

أمّا القسم الأوّل، فهو:

١. (الآراء والديانات): تأليف حسن بن موسى النوبختي (المتوفّى ٢٩٨هـ).

٢. (المقالات): تأليف محمد بن هارون الورّاق البغدادي (المتوفّى سنة ٣٤٧هـ).

يصفه النجاشي بقوله: كتاب كبير، حسن، يحتوي على علوم كثيرة، قرأت هذا الكتاب على شيخنا أبي عبد الله (١) .

٣. (أُصول الديانات): لأبي الحسن علي بن الحسين المسعودي (المتوفّى عام ٣٤٥هـ) صاحب مروج الذّهب، يذكر فيه كتابه هذا.

٤.(الملل والنحل): لابن حزم الظاهري (المتوفّى عام ٤٥٦هـ).

____________________

(١) رجال النجاشي: برقم ١٤٦.

٨

٥. (الملل والنحل): لأبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني (٤٧٩ - ٥٤٨هـ).

وأمّا القسم الثاني، فنظير:

١. (مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين): لشيخ الأشاعرة: أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (٢٦٠ - ٣٢٤هـ).

٢. (التنبيه والرد): لأبي الحسين الملطي (المتوفّى عام ٣٧٧هـ).

٣. (الفرق بين الفرق): تأليف الشيخ عبد القاهر البغدادي التميمي (المتوفّى عام ٤٢٩هـ).

٤. (التبصير في الدين): الطاهر بن محمد الاسفرايني (المتوفّى عام ٤٧١هـ).

٥. (فرق الشيعة): الشيخ أبي القاسم سعد بن عبد الله القمي (المتوفّى ٢٩٩هـ). وربّما يُنسب هذا الكتاب إلى حسن بن موسى النوبختي.

وكتابنا هذا يركّز البحث على الفرق الإسلامية وما يمت إليها بصلة، وإن لم يكن في الحقيقة منها.

٥. علل تكوّن الفرق الإسلامية:

لبّى النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) دعوة ربّه وانتقل إلى جواره وترك لأُمتّه ديناً قيِّماً، عليه سمات من أبرزها بساطة العقيدة ويسر التكليف. كما ترك للاهتداء بعده: كتاب الله لعزيز الّذي فيه ( تِبْيَاناً لِكُلّ شَيْ‏ءٍ ) (١) ، وسنّته الوضّاءة المقتبسة من الوحي (٢) السليم من الخطأ، وعترته الطاهرة قرناء الكتاب (٣) .

وكان الجدير بالمسلمين التمسّك بالعروة الوثقى وتوحيد الكلمة في عامّة

____________________

(١) النحل: ٨٩.

(٢) النجم: ٤.

(٣) حديث الثقلين.

٩

المواقف، إلاّ فيما كان الاختلاف فيه أمراً ضرورياً لا يُجتنب، ولكن مع الأسف، نجم بينهم فرق ومذاهب يختلف بعضها عن بعض في جوهر الإسلام وأُصوله.

وأمّا ما هو العامل أو العوامل لتكوِّن الفِرَق؟ ؛ نشير إليها إجمالاً:

العامل الأوّل: الاتجاهات الحزبية والتعصّبات القبلية:

إنّ أعظم خلاف بين الأُمّة هو الخلاف في قضيّة الإمامة، وما سلّ سيف في الإسلام وفي كلّ الأزمنة على قاعدة دينية مثلما سلّ على الإمامة.

ومع أنّ الرسول لم يترك الأُمّة سدى؛ بل نصب خليفة للمسلمين ومن يقوم بوظائف النبوّة بعده، وإن لم يكن نبيّاً بل إماماً منصوصاً،لكن مع الأسف، اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة - قبل تجهيز النبيّ ومواراته - ثمّ التحق بهم نفر من المهاجرين؛ لا يتجاوز عددهم الخمسة، فكثُر الاختلاف والنزاع بينهم، فكلُّ طائفة كانت تحاول جرّ النّار إلى قُرصها؛ فيقول مندوب الأنصار رافعاً عقيرته: يا معشر الأنصار لكم سابقة في الدين وفضيلة في الإسلام ليست في العرب، إلى أن قال: استبدّوا بهذا الأمر دون الناس.

وقال نفر من المهاجرين: من ذا الّذي ينازع المهاجرين في سلطان محمّد وإمارته، وهم أولياؤه وعشيرته.

فصارت المناشدة في السقيفة، الحجر الأساس للتفرق وانثلام الكلمة ونسيان الوصية الّتي أدلى بها النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في غير واحد من المواقف، منها يوم الغدير.

العامل الثاني: سوء الفهم واللجاج في تحديد الحقائق:

ثار أهل العراق والحجاز ومصر على عثمان نتيجة الأحداث المؤلمة الّتي ارتكبها عُمّاله في هذه البلاد، وانتهى الأمر إلى قتله وتنصيب عليّ مكانه، وقد

١٠

قام عليّ (عليه السّلام) بعزل الولاة آنذاك، عملاً بواجبه أمام الله سبحانه وأمام المُبايعين له، غير أنّ معاوية قد عرف موقف عليّ بالنسبة إلى عمال الخليفة، فرفض بيعة الإمام، ونجم عن ذلك حرب صفّين، بين جيش عليّ وجيش معاوية، فلمّا ظهرت بوادر الفتح لصالح عليّ (عليه السّلام)، التجأ معاوية وحزبه إلى خديعة رفع المصاحف والدعوة إلى تحكيم القرآن بين الطرفين، فصار ذلك نواة لحدوث الاختلاف في جبهة عليّ (عليه السّلام)، وقد أمر الإمام بمواصلة الحرب، وقام بتبيين الخدعة، غير أنّ الظروف الحاكمة على جيش الإمام، ألجأته إلى وقف الحرب وإدلاء الأمر إلى الحَكَمين وإعلان الهدنة.

ومن عجيب الأمر أنّ الّذين كانوا يُصرّون على إيقاف الحرب، ندموا على ما فعلوا، فجاءوا إلى الإمام يُصرّون على نقض العهد، غير أنّ الإمام وقف في وجههم؛ لِمَا يتضمّن اقتراحهم من نقض العهد، وعند ذلك ظهرت فرقة باسم المحكِّمة؛ حيث زعموا أنّ مسألة التحكيم تخالف قوله سبحانه: ( إِنِ الْحُكْمُ إِلّا للّهِ ) ؛ وما هذا إلاّ نتيجة سوء الفهم واعوجاج السليقة، لأنّ الإمام أرجأ المسألة إلى حكم الحَكَمين على ضوء القرآن والسنّة، فكيف يكون ذلك مخالفاً لقوله سبحانه: ( إِنِ الْحُكْمُ إِلّا للّهِ ) ، فإنّ الحكم على وفقها حكم لله سبحانه، وقد صار هذا الاعوجاج مبدأً لظهور الخوارج بفرقها المختلفة على ساحة التاريخ.

العامل الثالث: المنع عن كتابة الحديث:

قد منع الخلفاء بعد رحيل الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عن كتابة الحديث وتدوينه، بل التحديث عنه، إلى أواخر القرن الأوّل، بل إلى عهد المنصور العباسي، مع أنّ حديث الرسول عِدْل القرآن الكريم؛ فالقرآن وحي بلفظه ومعناه، وسنته

١١

وحي بمعناه لا بلفظه. وقد اعتمدوا في منع كتابة السنّة ونشرها على روايات مزوّرة؛ مخالفة للكتاب والسنّة الثابتة.

وقد ترك هذا المنع آثاراً سلبية؛ أقلّها حرمان الأُمّة من السنّة النبويّة الصحيحة قرابة قرن ونصف، فظهر الوضّاعون والكذّابون بين المسلمين، فرووا عن لسان الرسول ما شاءوا وما أرادوا، وصارت هذه الحيلولة سبباً لازدياد الحديث؛ حتّى أخرج محمد بن إسماعيل البخاري صحيحه عن ستمائة ألف حديث. وأين حياة الرسول، المليئة بالأحداث، من التحديث بهذا العدد الهائل من الأحاديث؟!، ولذلك غربلها البخاري، فأخرج منها ما يقارب ألفين وسبعمائة وواحداً وستين حديثاً، ولا يقلّ عنه صحيح مسلم وكُتب السُّنن.

العامل الرابع: فسح المجال للأحبار والرهبان:

إنّ الفراغ الّذي خلّفه المنع عن نقل أحاديث الرسول، أوجد أرضيّة مناسبة لتحديث الأحبار والرهبان عن العهدين، فصاروا يحدّثون عن الأنبياء والمرسلين بما سمعوه من مشايخهم أو قرأوه في كتبهم.

يقول الشهرستاني: وضع كثير من اليهود الذين اعتنقوا الإسلام أحاديث متعددة في مسائل التجسيم والتشبيه، وكلّها مستمدة من التوراة (١) .

ويقول الكوثري: إنّ عدّة أحبار اليهود ورهبان النصارى ومؤابذة المجوس أظهروا الإسلام في عهد الراشدين، ثم أخذوا بعدهم في بثِّ ما عندهم من الأساطير (٢) .

____________________

(١) الملل والنحل: ١/١٦.

(٢) مقدّمة تبيين المفتري: ٣٠.

١٢

ولو كان نشر الحديث وتدوينه وتحديثه أمراً مسموحاً، لما وجد الأحبار والرهبان مجالاً للتحديث عن كتبهم المنحرفة، ولانشغل المسلمون عن سماع ما يبثّون من الخرافات بالقرآن والسنّة، ولكنّ الفراغ الّذي خلّفه المنع أعان على تحديثهم واجتماع الناس حولهم، ومن قرأ سيرة كعب الأحبار، ووهب بن منبه اليماني، وتميم بن أوس الداري وغيرهم، يقف على دورهم في نشر الأساطير وإغواء الخلفاء بها.

العامل الخامس: الاحتكاك الثقافي:

التحق النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بالرفيق الأعلى، وقام المسلمون بفتح البلدان والسيطرة عليها، وكانت الأُمم المغلوبة ذات حضارة وثقافة في المعارف والعلوم والآداب.

وكان بين المسلمين رجال ذوو دراية ورغبة في كسب العلوم وتعلُّم ما في هذه البلاد من آداب وفنون، فأدّت هذه الرغبة إلى المذاكرة والمحاورة أوّلاً، ونَقْل كتبهم إلى اللغة العربية ثانياً، حتّى انتقل كثير من آداب الرومان والفرس إلى المجتمع الإسلامي، ولا شكَّ أنّ من تلك المعارف ما يُضَاد مبادئ الإسلام، وكان بين المسلمين من لم يتدرّع في مقابلها، ومنهم من لم يتورّع عن أخذ الفاسد منها، فصار ذلك مبدأً لظهور ديانات وعقائد على الصعيد الإسلامي، عندما صبغوا ما أخذوه من الكتب بصبغة الإسلام.

العامل السادس: الاجتهاد في مقابل النص:

إذا كانت العوامل الخمسة سبباً لنشوء المذاهب الكلامية، فهناك

١٣

عامل سادس صار مبدأً لتكوّن المذهب الكلامي والمذهب الفقهي، وهو تقديم الاجتهاد - لمصلحة مزعومة - على النّص.

إنّ الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قد أوصى المسلمين بعترته وشبّههم بسفينة نوح، وقال في محتشد عظيم: (يا أيّها النّاس إنّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي) (١) . ومع ذلك استأثر القوم بالأمر يوم السقيفة، وقضوا أُمورهم من دون مشورة أو حوار مع أهل البيت، فصار ذلك سبباً لظهور مذاهب فقهيّة مبنيّة على تقديم المصلحة المزعومة على نص النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وعلى هذا الأساس منعوا من متعة الحج ومتعة النساء وتوريث الأنبياء إلى غير ذلك من المذاهب الفقهيّة، كما حدثت مذاهب كلاميّة، لأجل الاستبداد بفكرهم، من دون عرضها على الكتاب والسنّة.

هذه هي العوامل الستة الّتي صارت سبباً لظهور المذاهب بين الإسلاميين. ومن حسن الحظ أنّ أغلب الطوائف تشترك في الأُمور الّتي بها يناط الإسلام والإيمان، وإن كانوا يختلفون في مباحث كلاميّة أو مسائل فقهيّة.

إلى هنا تمّت البحوث التمهيديّة، وسنشرع في سرد المذاهب.

____________________

(١) كنز العمال: ١/٤٤، باب الاعتصام بالكتاب والسنّة.

١٤

١

أهل الحديث والحشويّة

إنّ للحديث النّبويّ من علو الشأن وجلالة القدر ما لا يختلف فيه اثنان، ولا يحتاج في إثباته إلى برهان، إذ هو الدعامة الثانية - بعد الذكر الحكيم - للدين والشريعة والحكم والأخلاق.

وهذه المنزلة الرفيعة تقتضي المزيد من الاهتمام بالمنقول عنه، ودراسته وتمحيصه بأفضل نحو حتّى يتميّز الصحيح عن السقيم، والمعقول عن غيره، وموافق الكتاب عن مخالفه.

وذلك لِما دقَّ رسول الله جرس الإنذار وقال: (من كذب عليَّ متعمِّداً، فليتبوّأ مقعده من النار). وذلك يعرب عن أنّ الرسول كان يعلم بإذن الله أنّ أعداء دين الإسلام وسماسرة الحديث سيكذبون عليه، ويضعون الحديث على لسانه.

وقد صدق الخُبر الخبرَ؛ حيث وضع الوضّاعون أحاديث على لسانه، وبثّوها بين صفوف المسلمين بأساليب مختلفة، فصار تمييز الصحيح عن غيره أمراً بعيد المنال.

وقد كان لمنع كتابة الحديث وتحديثه ما يزيد على قرن، مضاعفات جمّة؛

١٥

أهمّها انتهاز الوضّاعين لوضع الحديث وجعله ونشره بين المسلمين، فلمّا وقف المحدّثون على مدى الخسارة الّتي مُني بها الحديث، أخذوا بتقييد وضبط كلِّ ما دبّ وهبّ بحرص شديد، سواء وافق العقل أم خالفه، وافق الكتاب أم خالفه، إلى حد تجاوزت منزلة الحديث، الكتاب العزيز، ويُعلم ذلك من الأُصول الّتي اتّخذها أهل الحديث مقياساً لأخذ الحديث وجمعه، فقالوا:

١. إنّ السنّة لا تُنسخ بالقرآن، ولكن السنّة تَنسخ القرآن وتقضي عليه، والقرآن لا ينسخ السنّة ولا يقضي عليها. (١)

٢. إنّ القرآن أحوج إلى السنّة، من السنّة إلى القرآن. (٢)

٣. إنّ القول بعرض الأحاديث على الكتاب، قول وضعه الزنادقة. (٣)

والّذي يُعرب عن كثرة الموضوعات، اختيار أئمة الحديث أخبار تآليفهم الصحاح والمسانيد من أحاديث كثيرة هائلة، والصفح عن ذلك الهوش الهائش. قد أتى أبو داود في سننه بأربعة آلاف وثمانمائة حديث، وقال: انتخبته من خمسمائة ألف حديث.

ويحتوي صحيح البخاري من الخالص بلا تكرار ألفي حديث وسبعمائة وواحداً وستين حديثاً، اختارها من زهاء ستمائة ألف حديث.

وفي صحيح مسلم أربعة الآف حديث أُصول، دون المكرَّرات، صنّفها من ثلاثمائة ألف.

____________________

(١) مقالات الإسلاميين: ٢/٢٥١.

(٢) جامع بيان العلم: ٢/ ٢٣٤.

(٣) عون المعبود في شرح سنن أبي داود: ٤/٤٢٩.

١٦

وذكر أحمد بن حنبل في مسنده ثلاثين ألف حديث، وقد أنتخبها من أكثر من سبعمائة وخمسين ألف حديث، وكان يحفظ ألف ألف حديث، وكتب أحمد بن الفرات (المتوفّى ٢٥٨هـ) ألف ألف وخمسمائة ألف حديث، فأخذ من ذلك ثلاثمائة ألف في التفسير والأحكام والفوائد وغيرها. (١)

ثم إنّ الإمام أحمد بن حنبل (١٦٤ - ٢٤١هـ) قد كتب رسالة بيّن فيها عقائد أهل الحديث تحت بنود خاصة.

قال في مقدّمته: هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر، وأهل السنّة المتمسّكين بعروقها، المعروفين بها، المقتدى بهم فيها من لدن أصحاب النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إلى يومنا هذا، وأدركتُ من أدركت من علماء الحجاز والشام عليها؛ فمن خالف شيئاً من هذه المذاهب أو طغى فيها أو عاب قائلها، فهو مخالف مبتدع وخارج عن الجماعة وزائل عن مذهب السنّة وسبيل الحق.

ثم شرع في بيان الأُصول. (٢)

كما كتب أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن الملطي الشافعي (المتوفّى٣٧٧هـ) عقائد أهل الحديث في كتابه المعروف بـ (التنبيه والرَّد) (٣)

وقد سرد الإمام الأشعري عقيدة أهل الحديث في كتابيه: الإبانة ومقالات الإسلاميّين، ولعلّ ما كتبه أحسن تناولاً ممّا كُتب قبلَه، ونحن نستعرض جملة من أقواله المبيّنة لعقائد أهل الحديث حيث يقول:

____________________

(١) خلاصة التهذيب: ٩، الغدير: ٥/٢٩٢ - ٢٩٣.

(٢) السنّة: أحمد بن حنبل، ٤٤ - ٥٠.

(٣) التنبيه والرد: ١٤ - ١٥.

١٧

وجملة قولنا:

١. إنّا نُقرّ بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، وما جاء من عند الله، وما رواه الثقات عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، لا نُرِدُّ من ذلك شيئاً.

٢. وإنّ الله عزّ وجلّ إله واحد لا إله إلاّ هو، فرد صمد لم يتَّخذ صاحبة ولا ولداً.

٣. وإنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحقّ.

٤. وإنّ الجنّة والنار حقّ.

٥. وإنّ الساعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث مَن في القبور.

٦. وأنّ الله استوى على عرشه؛ كما قال: ( الرّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ) . (١)

٧. وإنّ له وجهاً بلا كيف؛ كما قال: ( وَيَبْقَى‏ وَجْهُ رَبّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالْإِكْرَامِ ) . (٢)

٨. وإنّ له يدين بلا كيف؛ كما قال: ( خَلَقْتُ بِيَدَيّ ) . (٣) ، وكما قال: ( بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ ) . (٤)

٩. وإنّ له عيناً بلا كيف؛ كما قال: ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا ) . (٥)

١٠. وإنّ من زعم أنّ أسماء الله غيره، كان ضالاً.

____________________

(١) طه: ٥.

(٢) الرحمن: ٢٧.

(٣) ص: ٧٥.

(٤) المائدة: ٦٤.

(٥) القمر: ١٤.

١٨

١١. وإنّ لله علماً؛ كما قال: ( أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ ) . (١) ، وكما قال: ( وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنثَى‏ وَلاَ تَضَعُ إِلّا بِعِلْمِهِ ) . (٢)

١٢. ونُثبت لله السمع والبصر، ولا ننفي ذلك، كما نفته المعتزلة والجهميّة والخوارج.

١٣. وثبت أنّ لله قوّة؛ كما قال: ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنّ اللّهَ الّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدّ مِنْهُمْ قُوّةً ) . (٣)

١٤. ونقول: إنّ كلام الله غير مخلوق، وإنّه لم يخلق شيئاً إلاّ وقد قال له: كن فيكون؛ كما قال: ( إِنّمَا قَوْلُنَا لِشَيْ‏ءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَن نّقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ) . (٤)

١٥. وإنّه لا يكون في الأرض شيء من خير وشر إلاّ ما شاء الله، وإنّ الأشياء تكون بمشيئة الله عزّ وجلّ. وإنّ أحداً لا يستطيع أن يفعل شيئاً قبل أن يفعله الله.

١٦. ولا نستغني عن الله، ولا نقدر على الخروج من علم الله عزّ وجلّ.

١٧. وإنّه لا خالق إلاّ الله، وإنّ أعمال العبد مخلوقة لله مقدورة؛ كما قال: ( وَاللّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ) . (٥)

وإنّ العباد لا يقدرون أن يخلقوا شيئاً، وهم يخلقون؛ كما قال: ( هَلْ منْ خَالِقٍ غَيْرُ اللّهِ ) . (٦) ، وكما قال: ( لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) . (٧) ، وكما قال:

____________________

(١) النساء: ١٦٦.

(٢) فاطر: ١١.

(٣) فصلت: ١٥.

(٤) النحل: ٤٠.

(٥) الصافات: ٩٦.

(٦) فاطر: ٣.

(٧) النحل: ٢٠.

١٩

( أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاّ يَخْلُقُ ) . (١) ، وكما قال: ( أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْ‏ءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ) (٢) ، وهذا في كتاب الله كثير.

١٨. وإنّ الله وفَّق المؤمنين لطاعته، ولطف بهم، ونظر إليهم، وأصلحهم وهداهم، وأضلَّ الكافرين ولم يهدهم، ولم يلطف بهم بالإيمان، كما زعم أهل الزيغ والطغيان، ولو لطف بهم وأصلحهم لكانوا صالحين، ولو هداهم لكانوا مهتدين، كما قال تبارك وتعالى: ( مَن يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَن يُضْلِلْ فَأُولئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) . (٣)

وإنّ الله يقدر أن يصلح الكافرين ويلطف بهم، حتّى يكونوا مؤمنين، ولكنّه أراد أن يكونوا كافرين كما علم، وإنّه خذلهم وطبع على قلوبهم.

١٩. وإنّ الخير والشر بقضاء الله وقدره. وإنّا نؤمن بقضاء الله وقدره، خيره وشرّه، حلوه ومرّه، ونعلم أنّ ما أخطأنا لم يكن ليصيبنا، وأنّ ما أصابنا لم يكن ليخطئنا، وأنّ العباد لا يملكون لأنفسهم ضرّاً ولا نفعاً، إلاّ ما شاء الله، كما قال عزّ وجلّ: ( قُل لاَ أَمْلِكُ لِنَفْسِي ضَرّاً وَلاَ نَفْعاً إِلّا مَا شَاءَ اللّهُ ) (٤) ، وإنّا نلجأ في أُمورنا إلى الله، ونثبت الحاجة والفقر في كلّ وقت إليه.

٢٠. ونقول: إنّ القرآن كلام الله غير مخلوق، وإنّ من قال بخلق القرآن فهو كافر.

٢١. وندين بأنّ الله تعالى يُرى في الآخرة بالأبصار كما يُرى القمر ليلة البدر، يراه المؤمنون كما جاءت الروايات عن رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

____________________

(١) النحل: ١٧.

(٢) الطور: ٣٥.

(٣) الأعراف: ١٧٨.

(٤) الأعراف: ١٨٨.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

شهوة ، وبه قال الأوزاعي(1) .

وقال مالك : لا غسل عليه ، سواء خرج بعد البول أو قبله ، لأنّه قد اغتسل منه فلا يجب عليه أن يغتسل منه مرّة اُخرى(2) ـ وعنه في الوضوء روايتان(3) ـ وهو مذهب أبي يوسف ومحمد وإسحاق(4) . وهو غلط لما بيّنا من عدم اعتبار الشهوة ، ولو تقطّر من بوله قطرة أعاد الوضوء.

وأما إن لم يعلم أنّه مني ، فإن خرج بعد البول لم يجب الغُسل ، ووجب الوضوء ، لأنّ الظاهر أنّه من بقايا البول ، وإن كان قد استبرأ بالبول بعده ، أو اجتهد قبل البول ، واستبرأ فلا شيء ولا وضوء ولا غسل.

ب ـ لو شك في أنّه أنزل أم لا فلا غسل عليه ، ولو شك في أن الخارج مني اعتبره بالصفات ، واللذة ، وفتور الجسد ، لأنّها من الصفات اللازمة في الغالب ، فمع الاشتباه يستند إليها لقول الكاظمعليه‌السلام : « وإن لم يجد شهوة ولا فترة به فلا بأس »(5) .

ج ـ لا يشترط في المريض الدفق ، وتكفي الشهوة وفتور الجسد ،

__________________

الدارمي 1 : 194 ، سنن الترمذي 1 : 186 ، ذيل الحديث 112 ، سنن ابن ماجة 1 : 199/ 607 ، سنن أبي داود 1 : 56 / 217.

1 ـ اللباب 1 : 16 ، المبسوط للسرخسي 1 : 67 ، شرح فتح القدير 1 : 54 ، المجموع 2 : 139 ، فتح العزيز 2 : 126 ، المغني 1 : 233 ، الشرح الكبير 1 : 234.

2 ـ المغني 1 : 233 ، الشرح الكبير 1 : 234 ، الشرح الصغير 1 : 61 ، الجموع 2 : 139 ، فتح العزيز 2 : 125 ، المحلى 2 : 7.

3 ـ حلية العلماء 1 : 172.

4 ـ المغني 1 : 233 ، الشرح الكبير 1 : 234 ، المجموع 2 : 139 ، حلية العلماء 1 : 171.

5 ـ التهذيب 1 : 120 / 317 ، الاستبصار 1 : 104 / 342.

٢٢١

لقصور قوته لقول الصادقعليه‌السلام : « لأنّ الرجل إذا كان صحيحاً جاء الماء بدفقة قوية ، وإن كان مريضاً لم يجئ إلّا بعد »(1) .

د ـ لو شك هل أنزل أم لا لم يجب عليه الغسل.

هـ ـ إذا انتقل الماء إلى الذكر ولم يظهر ، لم يجب الغُسل حتى يظهر ـ وبه قال الشافعي(2) ـ لقولهعليه‌السلام لعليعليه‌السلام : ( إذا فضخت الماء فاغتسل )(3) ، والفضخ : الظهور(4) ، ولأن ما يتعلق به الطهارة يعتبر ظهوره كسائر الأحداث.

وقال أحمد : يجب قبل الظهور لأنّ المعتبر الشهوة وقد حصلت بانتقاله(5) ، والمقدمتان ممنوعتان ، فإن كمالها بظهوره.

و ـ إذا أنزلت المرأة وجب عليها الغُسل ، لأنّ ام سليم امرأة أبي طلحة قالت : يا رسول الله إنّ الله لا يستحي من الحق ، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال : ( نعم إذا رأت الماء )(6) .

ز ـ لو خرج المني من ثقبة في الذكر أو الانثيين أو الصلب وجب الغسل.

ح ـ لو استدخلت المرأة منيّ الرجل ثم خرج لم يجب عليها الغُسل ، لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن المرأة تغتسل من الجنابة ثم ترى نطفة

__________________

1 ـ التهذيب : 369 / 1124 ، الاستبصار 1 : 110 / 365 ، الكافي 3 : 48 / 4.

2 ـ المجموع 2 : 140 ، مغني المحتاج 1 : 70 ، كفاية الأخيار 1 : 24.

3 ـ مسند أحمد 1 : 109 ، سنن النسائي 1 : 111 ، سن ابي داود 1 : 53 / 206.

4 ـ اُنظر الفائق 3 : 124 ، النهاية لابن الاثير 3 : 453 ، مادة « فضخ ».

5 ـ المغني 1 : 231 ، الشرح الكبير 1 : 233 ، المجموع 2 : 140.

6 ـ صحيح مسلم 1 : 251 / 313 ، صحيح البخاري 1 : 44 ، سنن النسائي 1 : 114 ، سنن الترمذي 1 : 209 / 122 ، الموطأ 1 : 51 / 85.

٢٢٢

الرجل بعد ذلك هل عليها غسل؟ قال : « لا »(1) .

ولا يجب أيضاً الوضوء عند علمائنا ، خلافاً للشافعي(2) .

وكذا لو وطأها فيما دون الفرج فدب ماؤه إلى فرجها ثم خرج بعد أن اغتسلت ، أو وطأها في الفرج ثم خرج بعد غسلها ، وبه قال قتادة والأوزاعي وإسحاق والشافعي وأحمد(3) .

وقال الحسن : تغتسل ، لأنّه مني خارج فأشبه ماء‌ها(4) .

مسألة 65 : لو احتلم أنّه جامع وأمنى ، ثم استيقظ ولم ير شئيا لم يجب الغُسل إجماعاً ، لأنّ الصادقعليه‌السلام سئل عنه فقال : « ليس عليه الغُسل »(5) .

ولو رأى المني على جسده أو ثوبه وجب الغُسل إجماعاً لأنّه منه ، وإن لم يذكر الاحتلام ، لأنّ الصادقعليه‌السلام سئل عن الرجل يرى في ثوبه المني بعدما يصبح ، ولم يكن رأى في منامه أنّه قد احتلم ، قال : « فليغتسل وليغسل ثوبه ويعيد صلاته »(6) .

فروع :

أ ـ لو استيقظ فرأى بللاً لا يعلم أنّه مني ، فلا غسل ، وإن احتلم بالجماع على إشكال ، لأنّ الطهارة متيقنة والحدث مشكوك.

__________________

1 ـ الكافي 3 : 49 / 3 ، التهذيب 1 : 146 / 413.

2 ـ المجموع 2 : 151.

3 ـ المحلى 2 : 7 ، المجموع 2 : 151 ، المغني 1 : 235 ، الشرح الكبير 1 : 232.

4 ـ المحلى 2 : 7 ، المجموع 2 : 151 ، المغني 1 : 235 ، الشرح الكبير 1 : 232.

5 ـ الكافي 3 : 48 / 1 ، التهذيب 1 : 120 / 316 ، الاستبصار 1 : 109 / 362.

6 ـ التهذيب 1 : 368 / 1118 ، الاستبصار 1 : 111 / 367.

٢٢٣

ب ـ لو رأى في ثوبه المختص منياً وجب عليه الغُسل ، وإن كان قد نزعه ، ما لم يشك في أنّه منيّ آدمي ، ويعيد من آخر نومة فيه إلّا مع ظن السبق ، وقال الشيخ : من آخر غسل رفع به الحدث(1) ، والوجه استحبابه من الوقت الذي يتيقن أنّه لم يكن منه.

ج ـ لو كان مشتركا لم يجب على أحدهما الغُسل ، بل يستحب ، ولا يحرم على أحدهما ما يحرم على الجنب ، ولاحدهما أن يأتم بصاحبه لأنّها جنابة سقط اعتبارها في نظر الشرع ، وقيل : تبطل صلاة المؤتم ، لأنّ الجنابة لا تعدوهما(2) .

السبب الثاني : الجماع ، ويجب به الغُسل بالإجماع ، بشرط التقاءالختانين إن كان في القبل ، بمعنى المحاذاة ، إلّا ما روي عن داود أنّه قال : لا يجب(3) ، لأنّ أبا سعيد الخدري روى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( من جامع ولم يمن فلا غسل عليه )(4) ، وفي بعض الالفاظ : ( من أقحط فلم يكمل فلا غسل عليه )(5) . وأقحط معناه : لم ينزل الماء : مأخوذ من القحط ، وهو انقطاع القطر(6) ، وهو محكي عن أبي ، وزيد ، ومعاذ بن جبل ، وأبي سعيد الخدري ، ثم رجعوا(7) .

والحديث منسوخ ، فإن أبي بن كعب قال : إنّ ذلك رخصة رخص فيها

____________

1 ـ المبسوط للطوسي 1 : 28.

2 ـ القائل هو المحقق في المعتبر : 47.

3 ـ المجموع 2 : 136 ، المغني 1 : 236 ، الشرح الكبير 1 : 235 ، شرح الأزهار 1 : 106.

4 ـ صحيح مسلم 1 : 269 / 343 ، مسند أبي يعلى 2 : 432 / 262 ، ورد مؤداه فيهما.

5 ـ صحيح مسلم 1 : 270 / 345 ، سنن ابن ماجة 1 : 199 / 606 ، مسند أحمد 3 : 21 ، 26 ، 94 ، سنن البيهقي 1 : 165 ، مصنف ابن أبي شيء بة 1 : 89 ، ورد مؤداه في المصادر المذكورة.

6 ـ النهاية لابن الاثير 4 : 17 « قحط ».

7 ـ الكفاية 1 : 56 ، المجموع 2 : 136 ، المبسوط للسرخسي 1 : 68 ، عمدة القارئ 3 : 247 ، المحلى 2 : 4.

٢٢٤

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أول الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد(1) ، وقالعليه‌السلام : ( إذا قعد بين شعبها الأربع وألصق الختان بالختان فقد وجب الغُسل )(2) ، أراد شعبتي رجليها وشعبتي شفريها ، والإلصاق : المقاربة.

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام قال : « قال عليعليه‌السلام : أتوجبون الجلد والرجم ، ولا توجبون صاعا من ماء؟! إذا التقى الختانان وجب الغُسل »(3) .

مسألة 66 : ودبر المرأة كالقبل ، وقاله السيد المرتضى(4) وجماعة من علمائنا(5) ، والجمهور(6) ، لقوله تعالى :( أو لمستُم النساء ) (7) ، ووجوب البدل يستلزم وجوب المبدل ، ولأنّه فرج ومحل الشهوة ، ولقول عليعليه‌السلام : « أتوجبون الجلد والرجم ولا توجبون صاعاً من ماءً »(8) ووجود العلة يستلزم المعلول.

وعن أحدهماعليهما‌السلام : « إذا أدخله فقد وجب الغُسل والمهر والرجم »(9) وادعى المرتضى الاجماع(10) .

__________________

1 ـ سنن أبي داود 1 : 55 / 214 ، 215 ، سنن ابن ماجة 1 : 200 / 609.

2 ـ سنن أبي داود 1 : 56 / 216 ، صحيح البخاري 1 : 80 ، سنن النسائي 1 : 110 ، سنن ابن ماجة 1 : 200 / 610.

3 ـ التهذيب 1 : 119 / 314.

4 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 48.

5 ـ منهم ابن ادريس في السرائر : 19 ، وابن حمزة في الوسيلة : 55 ، والمحقق في المعتبر : 48.

6 ـ المجموع 2 : 132 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235 ، الهداية للمرغيناني 1 : 17 ، الكفاية 1 : 56 ، شرح العناية 1 : 56 ، شرح فتح القدير 1 : 56 ، الهداية للأنصاري : 38.

7 ـ المائدة : 6.

8 ـ التهذيب 1 : 119 / 314.

9 ـ التهذيب 1 : 118 / 310 ، الاستبصار 1 : 108 / 358.

10 ـ حكاه عنه المصنف ايضاً في المختلف 1 : 31.

٢٢٥

وقال الشيخ : لا يجب ، ما لم ينزل(1) عملاً بالأصل ، ولأن المقتضي التقاء الختانين ، أو الإنزال ، وهما منفيّان.

والأصل يترك للمعارض ، وحصر السبب ممنوع.

مسألة 67 : وفي دبر الغلام قولان ، أحدهما : الوجوب ـ وهو قول الشافعي وأحمد(2) ـ قاله المرتضى(3) ، لقول عليعليه‌السلام : « أتوجبون عليه الجلد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من ماء؟! »(4) والمعلول تابع ، ولأن الدليل قائم في دبر المرأة ، فكذا الغلام لعدم الفارق.

والثاني : العدم إلّا مع الإنزال ، والمعتمد الاول.

أما فرج البهيمة فقال الشيخ : لا نصّ فيه فلا غسل لعدم الدليل(5) ، وبه قال أبو حنيفة(6) ، لأنّه غير مقصود فأشبه إيلاج الاصبع.

وقال الشافعي وأحمد : يجب الغُسل(7) ، لقولهعليه‌السلام : ( إذا قعد بين شعبها الأربع )(8) ولأنّه مكلف أولج الحشفة منه في الفرج ، فوجب

____________

1 ـ الاستبصار 1 : 112 ذيل الحديث 373.

2 ـ المجموع 2 : 132 ، مغني المحتاج 1 : 69 ، كفاية الأخيار 1 : 23 ، السراج الوهاج : 20 ، المغني 1 : 235 ، الشرح الكبير 1 : 235.

3 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 48.

4 ـ التهذيب 1 : 119 / 314.

5 ـ المبسوط للطوسي 1 : 28 ، الخلاف 1 : 117 مسألة 59.

6 ـ الهداية للمرغيناني 1 : 17 ، شرح العناية 1 : 56 ، عمدة القارئ 3 : 252 ـ 253 ، شرح الأزهار 1 : 106 ، المجموع 2 : 136 ، فتح العزيز 2 : 117 ، الوجيز 1 : 17 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235.

7 ـ المجموع 2 : 136 ، فتح العزيز 2 : 117 ، مغني المحتاج 1 : 69 ، كفاية الأخيار 1 : 23 ، الوجيز 1 : 17 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235 ، الاُم 1 : 37.

8 ـ سنن أبي داود 1 : 56 / 216 ، سنن النسائي 1 : 110 ـ 111 ، سنن ابن ماجة 1 : 200 / 610 ، مسند أحمد 2 : 520 ، صحيح البخاري 1 : 80 ، صحيح مسلم 1 : 271 / 348.

٢٢٦

الغسل كقُبل المرأة.

فروع :

أ ـ لا يعتبر في الإيلاج الشهوة ولا الإنزال بالإجماع ، فلو أولج في فرج العجوز الشوهاء وجب الغسل.

ب ـ لا فرق بين الفاعل والمفعول في وجوب الغُسل ، سواء كان الموطوء ذكراً أو أنثى.

ج ـ لو أولج في فرج الميت وجب الغُسل ، وبه قال الشافعي وأحمد(1) للعموم.

وقال أبو حنيفة : لا يجب لأنّه غير مقصود(2) ، وينتقض بالعجوزة الشوهاء.

د ـ لو أولج بعض الحشفة لم يجب شيء حتى يولج جميعها.

هـ ـ كيف حصل الإيلاج وجب الغُسل ، فلو أدخلت فرجه في فرجها وهو نائم لا يعلم وجب عليهما الغُسل ، وبالعكس.

و ـ لو أولج فيما دون القُبل والدبر لم يجب الغُسل إلّا مع الإنزال ، كالسرة وشبهها إجماعا.

ز ـ لو أولج رجل في فرج خنثى مشكل ، فإن أولج في دبره وجب الغُسل ، وإن أولج في قبله ، قال بعض علمائنا : لم يجب(3) ـ وبه قال

__________________

1 ـ المجموع 2 : 132 ، فتح العزيز 2 : 117 ، الوجيز 1 : 17 ، كفاية الأخيار 1 : 23 ، الاُم 1 : 37 ، مغني المحتاج 1 : 69 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235.

2 ـ شرح فتح القدير 1 : 56 ، عمدة القارئ 3 : 253 ، 254 ، الوجيز 1 : 17 ، المجموع 2 : 136 ، فتح العزيز 2 : 117 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235.

3 ـ منهم المحقق الحلّي في المعتبر : 48.

٢٢٧

الشافعي(1) ـ لجواز أن يكون رجلاً ويكون ذلك عضواً زائداً من البدن ، ولو قيل بالوجوب كان وجهاً لقولهعليه‌السلام : ( إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسل )(2) ، ولوجوب الحد به.

فلو أولجت هذه الخنثى في فرج امرأة ، قال بعض علمائنا والشافعي : وجب الغُسل على الخنثى خاصة(3) ، لأنّه إن كان رجلاً فقد أولج في فرج امرأة ، وإن كان امرأة فقد أولج الرجل في فرجها.

ولو أولج الخنثى في فرج امرأة فلا شيء على الخنثى لاحتمال أن يكون زائدا ، ويحتمل الوجوب للعموم(4) .

وقال الشافعي : يجب على المرأة الوضوء لخروج خارج من فرجها(5) ، ويحتمل عندي الغسل.

ولو أولج الخنثى في دبر الغلام فالأقرب عندي الغُسل عليهما ، وقيل : لاشئ على الخنثى لاحتمال أن يكون امرأة(6) ، وقال الشافعي : يجب على الغلام الوضوء بخروج شيء من دبره(7) .

ولو أولج خنثى في فرج خنثى فعلى ما قيل لا شيء عليهما ، لاحتمال ان يكونا رجلين.

ح ـ ولو أولج الصبي في الصبية تعلق بهما حكم الجنابة على إشكال

__________________

1 ـ المجموع 2 : 51 ، فتح العزيز 2 : 121 ، المهذب للشيرازي 1 : 36.

2 ـ مسند أحمد 6 : 239 ، سنن البيهقي 1 : 163.

3 ـ المجموع 2 : 51 ، فتح العزيز 2 : 121.

4 ـ اشار بذلك إلى حديث : إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسل ، راجع مسند أحمد 6 : 239 ، وسنن البيهقي 1 : 163.

5 ـ فتح العزيز 2 : 121.

6 ـ القائل هو المحقق في المعتبر : 48.

7 ـ المجموع 2 : 51 ، فتح العزيز 2 : 121 ، مغني المحتاج 1 : 69.

٢٢٨

فيمنعان من المساجد ، وقراء‌ة العزائم ، ومس كتابة القرآن ، ويجب عليهما الغُسل بعد البلوغ ، وفي الاكتفاء بالغسل الأول عنه إشكال ، أقربه ذلك.

ولو أولج الصبي في البالغة ، أو البالغ في الصبية تعلق الحكم بالبالغ قطعاً ، وبالصبي على إشكال.

ط ـ لو أولج مقطوع الحشفة فأقوى الاحتمالات الوجوب لو غيب قدرها أو جميع الباقي ، وبهما قال الشافعي(1) ، والسقوط.

ي ـ لو لفّ خرقة على ذكره وأولج وجب الغُسل للعموم(2) ، وهو أحد وجوه الشافعية ، والعدم ، والفرق بين اللينة والخشنة(3) .

يا ـ لو استدخلت ذكراً مقطوعاً فوجهان كالشافعية(4) ، وكذا ذكر الميت والبهم.

ولو استدخلت ماءً الرجل فلا غسل ولا وضوء وإن خرج ، وعند الشافعية يجب الوضوء لو خرج(5) .

المطلب الثاني : في الغسل

و فيه بحثان :

الأول : في واجباته : وهي أربعة :

الأول : النيّة ، وقد تقدمت وهي شرط ، ويستحب إيقاعها عند غسل

__________________

1 ـ المجموع 2 : 133 ـ 134 ، فتح العزيز 2 : 116 ـ 117.

2 ـ أشار إلى عموم حديث : إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسل ، راجع مسند أحمد 6 : 239 ، سنن البيهقي 1 : 163.

3 ـ المجموع 2 : 134 ، فتح العزيز 2 : 118 ـ 119 ، مغني المحتاج 1 : 69.

4 ـ المجموع 2 : 133 ، مغني المحتاج 1 : 71.

5 ـ المجموع 2 : 151.

٢٢٩

الكفين لأنّه أول أفعال الطهارة ، وتتضيق عند غسل الرأس ، فلو شرع فيه قبل فعلها وجب الاستئناف بعده ، ويجب استدامتها حكماً دفعا لمشقة الاستحضار دائما.

و لا بدّ من نيّة غسل الجنابة ، أو رفع الحدث وإن أطلق ، لأنّ الحدث هو المانع من الصلاة ، وهو أظهر وجهي الشافعي(1) ، فإن نوى رفع الاصغر متعمّداً لم يصح غسله ، وهو أظهر وجهي الشافعي(2) ، وكذا إنّ سهى ، وللشافعي في رفع الحدث عن أعضاء الوضوء وجهان(3) .

و لو نوت الحائض استباحة الوطء صحّ الغُسل ، وللشافعي وجهان(4) .

الثاني : غسل البشرة بما يسمى غسلاً بالإجماع والنص(5) ، فالدهن إنّ تحقق معه الجريان أجزأ وإلّا فلا ، لأنّ علياًعليه‌السلام كان يقول : « الغُسل من الجنابة والوضوء يجزي منه ما أجزأ مثل الدهن الذي يبل الجسد »(6) فشرط الجريان.

الثالث : إجراء الماء على جميع ظاهر البدن والرأس واصول الشعر كلّه ، خف أو كثف ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( تحت كلّ شعرة جنابة ، فبلّوا الشعر وأنقوا البشرة )(7) ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه

____________

1 ـ المجموع 1 : 322 ، كفاية الأخيار 1 : 24 ، مغني المحتاج 1 : 72 ، فتح العزيز 2 : 163.

2 ـ كفاية الأخيار 1 : 24 ، المجموع 1 : 332 ، فتح العزيز 2 : 163 ، مغني المحتاج 1 : 72.

3 ـ المجموع 1 : 322 ، فتح العزيز 2 : 163 ، كفاية الأخيار 1 : 24.

4 ـ المجموع 1 : 323 ، فتح العزيز 2 : 163 ـ 164.

5 ـ اُنظر على سبيل المثال : التهذيب 1 : 131 / 362 وما بعدها ، والاستبصار 1 : 118 / 398 و 123 / 419.

6 ـ التهذيب 1 : 138 / 385 ، الاستبصار 1 : 122 / 414.

7 ـ سنن أبي داود 1 : 65 / 248 ، سنن الترمذي 1 : 178 / 106 ، سنن ابن ماجة 1 : 196 / 597.

٢٣٠

السلام : من ترك شعرة من الجنابة متعمّداً فهو في النار(1) .

و لو لم يصل إلّا بالتخليل وجب ، ومن عليه خاتم ضيّق ، أو دملج ، أو سير وجب إيصال الماء إلى ما تحته ، إمّا بالتحريك أو النزع ، ولو كان يصل الماء استحب تحريكه والتخليل ، ويغسل ظاهر اذنيه وباطنهما ، ولا يدخل الماء فيما بطن من صماخه ، ولا يجب غسل باطن الفم والانف ، ولا غيرهما.

الرابع : الترتيب ، يبدأ برأسه ، ثم جانبه الأيمن ، ثم الأيسر ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، إلّا المرتمس وشبهه لأنّ عائشة قالت : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخلّل شعره ، فإذا ظن أنّه أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ، ثم غسل سائر جسده(2) ، وعن ميمونة ، وساقت الحديث حتى أفاضعليه‌السلام على رأسه ثم غسل جسده(3) . فيجب اتّباعه.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله زرارة كيف يغتسل الجنب؟ إلى أن قال : « ثم صب على رأسه ثلاث أكف ، ثم صب على منكبه الأيمن مرتين ، وعلى منكبه الأيسر مرتين »(4) وتقديم الرأس يوجب تقديم الأيمن لعدم الفارق ، ولأن المأتي به بياناً إن كان غير مرتب وجب ، وليس كذلك بالإجماع فتعين الترتيب ، وقال الجمهور : لا يجب(5) بالأصل.

____________

1 ـ التهذيب 1 : 135 / 373.

2 ـ صحيح البخاري 1 : 76 ، سنن النسائي 1 : 205 ، سنن البيهقي 1 : 175.

3 ـ صحيح البخاري 1 : 77 ، سنن الترمذي 1 : 174 / 103 ، سنن البيهقي 1 : 177 ، سنن النسائي 1 : 137.

4 ـ الكافي 3 : 43 / 3.

5 ـ المجموع 2 : 197 ، المغني 1 : 252 ـ 253 ، الشرح الكبير 1 : 249 ، الشرح الصغير 1 : 65 ، بدائع الصنائع 1 : 17 ـ 18 و 34.

٢٣١

فروع :

الأول : يسقط الترتيب عن المرتمس دفعة واحدة ، لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك عن غسله »(1) .

وقال بعض علمائنا : يرتّب حكماً(2) .

الثاني : قال المفيد : لا ينبغي أن يرتمس في الراكد ، فإنه إن كان قليلاً أفسده(3) . وليس بجيد لما بيّنا من بقاء الطهورية بعد الاستعمال.

الثالث : لو وقف تحت الغيث حتى بل جسده طهر مع الجريان وإن لم يرتّب ـ خلافاً لبعض علمائنا(4) ـ لقول الكاظمعليه‌السلام وقد سئل أيجزي الجنب أن يقوم في القطر حتى يغسل رأسه وجسده ، وهو يقدر على ما سوى ذلك؟ : « إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك »(5) وكذا البحث في الميزاب وشبهه.

البحث الثاني : في مسنوناته

وهي :

الأول : الاستبراء بالبول للمنزل الذكر ، فإن تعذر مسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثاً ، ومنه إلى رأسه ثلاثاً ، وينتره ثلاثاً ، وعصر رأس

__________________

1 ـ الكافي 3 : 43 / 5 ، التهذيب 1 ، 149 / 423 ، الاستبصار 1 : 125 / 424.

2 ـ وهو سلار كما في المراسم : 42 ، وهذا اختيار الشيخ في الاستبصار 1 : 125 ذيل الحديث 424 ، والمصنف في المختلف : 32.

3 ـ المقنعة : 6.

4 ـ منهم المحقق الحلّي في المعتبر : 49.

5 ـ التهذيب 1 : 149 / 424 ، الاستبصار 1 : 125 / 425 ، الفقيه 1 : 14 / 27 ، قرب الاسناد : 85.

٢٣٢

الحشفة ، وليس واجباً عند أكثر علمائنا(1) ، للأصل ، ولقوله تعالى :( فاطّهّروا ) (2) عقَّبَ به القيام ، وأذن في الدخول بعد الاغتسال ، وقال الشيخ بالوجوب(3) .

فروع :

أ ـ لا استبراء بالجماع من غير إنزال ، ولا على المرأة لاختلاف المخرجين.

ب ـ لو أخل بالاستبراء ، فإن لم يجد بللاً صحّ غسله ولا شيء ، وإن وجد بللاً فإن علمه منيا ، أو اشتبه وجب إعادة الغُسل دون الصلاة السابقة على الوجدان ، وإن علمه غير مني فلا شيء.

ج‍ ـ لو استبرأ بالبول ولم يستبرئ منه ثم وجد البلل ، فإن علمه منيا أعاد الغُسل خاصة ، وإن اشتبه فالوضوء ، وكذا إنّ اشتبه بالبول.

ولو استبرأ منهما ثم وجد المشتبه ، فلا غسل ، ولا وضوء لقول الصادقعليه‌السلام : « إنّه من الحبائل »(4) .

الثاني : غسل اليدين ثلاثاً قبل إدخالهما الإناء.

الثالث : المضمضة والاستنشاق ثلاثاً ثلاثا ، وقد تقدم.

الرابع : إمرار اليد على الجسد ، وليس واجباً ، ذهب إليه علماؤنا

__________________

1 ـ منهم السيد المرتضى في الناصريات : 224 المسألة 39 ، والمحقق الحلّي في المعتبر : 49 وابن إدريس في السرائر : 21.

2 ـ المائدة : 6.

3 ـ المبسوط للطوسي 1 : 29.

4 ـ الفقيه 1 : 47 / 10.

٢٣٣

أجمع ، والشافعي وأكثر العلماء(1) ، للأصل ، ولقولهعليه‌السلام لام سلمة وقد سألته عن غسل الجنابة : ( إنّما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماءً ثم تفيضي الماء على سائر جسدك ، فإذا أنت قد طهرت )(2) .

وقال مالك والمزني : إمرار اليد إلى حيث تنال واجب(3) ، لقوله تعالى :( حتى تغتسلوا ) (4) ولا يقال : اغتسل إلّا من دلك جسده ، ولأن ّالتيمم يجب فيه إمرار اليد ، فكذا الغسل.

ويبطل بقولهم : غسل الإناء وإن لم يمرّ اليد ، وكذا غسل يده ، والتراب يتعذر إمراره إلّا باليد ، ولأنّ المسح يتوقف عليه ، نعم لو لم يصل الماء إلا بالامرار وجب.

وكذا تخليل الاُذنين إن لم يصبهما الماء.

الخامس : الغُسل بصاع ، وليس واجباً للامتثال لو حصل بدونه ، ولقول الباقرعليه‌السلام : « الجنب ما جرى عليه الماء من جسده »(5) وقال أبو حنيفة : يجب(6) وقد تقدم.

السادس : لا يجب غسل المسترسل من الشعر ، ويستحب عملاً بالأصل ، ويجب غسل اصوله في جميع الرأس والبدن.

__________________

1 ـ المغني 1 : 251 ، الشرح الكبير 1 : 247 ، المجموع 2 : 185 ، فتح العزيز 2 : 185 ، كفايةالاخيار 1 : 26 ، مغني المحتاج 1 : 74 ، عمدة القارئ 3 : 192 ، المحلى 2 : 30.

2 ـ سنن أبي داود 1 : 65 / 251 ، سنن إبن ماجة 1 : 198 / 603 ، سنن الترمذي 1 : 176 / 105.

3 ـ بداية المجتهد 1 : 44 ، المدونة الكبرى 1 : 27 ، المبسوط للسرخسي 1 : 45 ، عمدة القارئ 3 : 192 ، المجموع 2 : 185 ، فتح العزيز 2 : 185 ، بُلغة السالك 1 : 43 ، والشرح الصغير 1 : 43.

4 ـ النساء : 43.

5 ـ الكافي 3 : 21 / 4 ، التهذيب 1 : 137 / 380 ، الاستبصار 1 : 123 / 416.

6 ـ المبسوط للطوسي 1 : 45 ، بدائع الصنائع 1 : 35 ، فتح العزيز 2 : 191 ، المغني 1 : 256 ، الشرح الكبير 1 : 256.

٢٣٤

وقال الشافعي : يجب غسل المسترسل(1) .

السابع : ينبغي أن يبدأ أولاً بغسل النجاسة عن بدنه ، فلو غسل رأسه قبله صحّ ، وهل يكفي غسلها عن غسل محلّها؟ إشكال ، وللشافعي فيه وجهان(2) .

المطلب الثالث : في الاحكام

مسألة 68 : يحرم على الجنب قراء‌ة الغزائم ، وهي أربع سور : سجدة لقمان ، وحم السجدة ، والنجم ، واقرأ باسم ربك ، دون ما عداها ، ويكره ما زاد على سبع آيات من غيرها ، ويتأكد ما زاد على سبعين.

أما تحريم العزائم فإجماع أهل البيتعليهم‌السلام عليه ، ولقول الباقرعليه‌السلام : « الجنب والحائض يفتحان المصحف من وراء الثياب ويقرآن من القرآن ما شاء‌آ إلّا السجدة »(3) .

و أما تسويغ غيرها فلقوله تعالى :( فاقرؤا ما تيسر منه ) (4) ، وللأصل ، ولقول الصادقعليه‌السلام ، وقد سئل أتقرأ النفساء والجنب والحائض شيئا من القرآن؟ : « يقرؤون ما شاؤا »(5) .

والجمهور لم يفرقوا بين العزائم وغيرها ، ثم اختلفوا ، فقال الشافعي :

__________________

1 ـ المجموع 2 : 184 ، كفاية الأخيار 1 : 25 ، مغني المحتاج 1 : 73 ، الاُم 1 : 40 ، السراج الوهاج : 21.

2 ـ المجموع 2 : 199 ، مغني المحتاج 1 : 75 ، كفاية الأخيار 1 : 25 ، السراج الوهاج 1 : 22 ، فتح العزيز 2 : 171.

3 ـ التهذيب 1 : 371 / 1132.

4 ـ المزمل : 20.

5 ـ التهذيب 1 : 128 / 348.

٢٣٥

الجنب والحائض لا يجوز لهما قراء‌ة شيء من القرآن(1) ، لأنّ علياًعليه‌السلام قال : « إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن يحجبه عن قراء‌ة القرآن شيء إلّا الجنابة »(2) وحكى ابن المنذر عن أبي ثور أنّه حكى عن الشافعي جواز أن تقرأ الحائض(3) .

وروي كراهة القراء‌ة عن عليعليه‌السلام ، وعمر ، والحسن البصري ، والنخعي ، والزهري ، وقتادة(4) ، لأنّ عبد الله بن رواحة رأته امرأته مع جاريته فذهبت لتأخذ سكيناً ، فقال : ما رأيتني أليس نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقرأ أحدنا وهو جنب؟ فقالت : إقرأ ، فقال :

شهدت بأنّ وعد الله حق

وأنّ النار مثوى الكافرينا

وأنّ العرش فوق الماء طاف

وفوق العرش ربّ العالمينا

تحمله ملائكة شداد

ملائكة الاله مسومينا

فقالت : صدق الله وكذب بصري ، فجاء إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبر فضحك حتى بدت نواجذه(5) ، وهذا يدل على اشتهار النهي بين الرجال والنساء.

وقال عبد الله بن عباس : يقرأ ورده وهو جنب(6) . وقيل لسعيد بن المسيب : أيقرأ الجنب؟ فقال : نعم ، أليس هو في جوفه ، وبه قال داود ،

__________________

1 ـ المجموع 2 : 156 و 158 ، فتح العزيز 2 : 133 ـ 134 ، مغني المحتاج 1 : 72.

2 ـ سنن ابن ماجة 1 : 195 / 594 ، سنن النسائي 1 : 144 ، سنن أبي داود 1 : 59 / 229 ، مسند أحمد 1 : 124.

3 ـ المجموع 2 : 356 ، فتح العزيز 2 : 143.

4 ـ المغني 1 : 165.

5 ـ المجموع 2 : 159.

6 ـ المغني 1 : 165 ، المجموع 2 : 158 ، شرح الأزهار 1 : 107 ، الشرح الكبير 1 : 240.

٢٣٦

وابن المنذر(1) ، لأنّ عائشة قالت : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن يترك ذكر الله على كلّ أحيانه(2) ، ولا دلالة فيه.

وقال أبو حنيفة ، وأحمد : يقرأ دون الآية ، لعدم إجزائها في الصلاة فصارت كالاذكار(3) .

وقال مالك : الحائض تقرأ القرآن ، والجنب يقرأ آيات يسيرة ، لأنّ الحائض يطول أيامها ويكثر ، فلو منعناها من القرآن نسيت(4) .

وقال الأوزاعي : لا يقرأ الجنب إلّا آية الركوب والنزول والصعود(5) ( سبحان الذي سخر لنا هذا ) (6) ( رب أنزلني منزلاً مباركاً ) (7) .

فروع :

الأول : لو تيمم لضرورة ففي جواز قراء‌ة العزائم إشكال.

الثاني : أبعاض العزائم كهي في التحريم ، حتى البسملة إذا نواها منها.

الثالث : إذا لم يجد ماء‌اً ولا تراباً صلّى مع حدثه ، وقرأ ما لا بدّ له من

__________________

1 ـ المغني 1 : 165 ، المجموع 2 : 158 ، شرح الأزهار 1 : 107 ، الشرح الكبير 1 : 240 ، المحلى 1 : 79 و 80.

2 ـ صحيح مسلم 1 : 282 / 373 ، سنن أبي داود 1 : 5 / 18 ، سنن ابن ماجة 1 : 110 / 302.

3 ـ المغني 1 : 165 ـ 166 ، الشرح الكبير 1 : 240 ـ 241 ، شرح الأزهار 1 : 107 ، المحلى 1 : 78 ، شرح فتح القدير 1 : 148 ، نيل الأوطار 1 : 284 ، المجموع 2 : 158 ، الوجيز 1 : 18 ، فتح العزيز 2 : 134.

4 ـ المحلى 1 : 78 ، شرح الأزهار 1 : 107 ، المغني 1 : 165 ، الشرح الكبير 1 : 240 ، بداية المجتهد 1 : 49 ، المجموع 2 : 158 ، الوجيز 1 : 18 ، فتح العزيز 2 : 134 ، بُلغة السالك 1 : 67 ، الشرح الصغير 1 : 67 و 81.

5 ـ المغني 1 : 165 ، الشرح الكبير 1 : 240.

6 ـ الزخرف : 13.

7 ـ المؤمنون : 29.

٢٣٧

قراء‌ته عند الشافعي(1) للضرورة.

الرابع : لا يمنع من شيء من الأذكار حتى اسمه تعالى.

مسألة 69 : ويحرم عليه مسّ كتابة القرآن ، وعليه إجماع العلماء(2) ـ إلّا داود(3) ـ لقوله تعالى :( لا يمسه الا المطهرون ) (4) وقد تقدم ، ويحرم عليه أيضاً مسّ اسمه تعالى في أي شيء كان ، لما فيه من التعظيم لشعائر الله ، وقول الصادقعليه‌السلام : « لا يمس الجنب درهماً ولا ديناراً عليه اسم الله تعالى »(5) .

قال الشيخان : ويحرم أيضاً مسّ أسماء أنبياء الله ، والائمةعليهم‌السلام تعظيماً لهم(6) .

مسألة 70 : الاشهر بين علمائنا تحريم الاستيطان في المساجد ، وبه قال الشافعي ، وسعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، وعطاء ، ومالك ، وأبو حنيفة(7) ، لقوله تعالى :( ولا جنباً إلّا عابري سبيل ) (8) ، وقوله عليه

__________________

1 ـ المجموع 2 : 163 ، فتح العزيز 2 : 142 ، مغني المحتاج 1 : 72.

2 ـ المغني 1 : 168 ، الشرح الكبير 1 : 228 ، المجموع 2 : 72 ، فتح العزيز 2 : 97 ، تفسير القرطبي 17 : 226 ، عمدة القارئ 3 : 63 ، شرح فتح القدير 1 : 149 ، بدائع الصنائع 1 : 33 ، بداية المجتهد 1 : 49 ، بُلغة السالك 1 : 57 ، الشرح الصغير 1 : 57 ، شرح الأزهار 1 : 107.

3 ـ المغني 1 : 168 ، الشرح الكبير 1 : 228 ، المجموع 2 : 72.

4 ـ الواقعة : 79.

5 ـ التهذيب 1 : 126 / 340 ، الاستبصار 1 : 113 / 374.

6 ـ المبسوط للطوسي 1 : 29 ، وحكى قول الشيخ المفيد المحقق في المعتبر : 50.

7 ـ المجموع 2 : 160 ، فتح العزيز 2 : 144 و 146 ، بداية المجتهد 1 : 48 ، مغني المحتاج 1 : 71 ، كفاية الأخيار 1 : 49 ، بُلغة السالك 1 : 67 ، الشرح الصغير 1 : 67 ، الهداية للمرغيناني 1 : 31 ، شرح العناية 1 : 146.

8 ـ النساء : 43.

٢٣٨

السلام : ( لا اُحل المسجد لحائض ولا جنب )(1) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام عن الجنب يجلس في المسجد ، قال : « لا ، ولكن يمرّ فيها كلها إلّا المسجد الحرام ، ومسجدالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(2) .

وقال أحمد وإسحاق : إذا توضأ جاز له اللبث فيه ، لأنّ الصحابة إذا كان أحدهم جنباً توضأ ودخل المسجد ، وتحدّث(3) ، ويحمل على العبور أو الغسل.

وقال المزني ، وداود ، وابن المنذر : يجوز اللبث وإن لم يتوضأ ، لأنّ الكافر يجوز له الدخول ولا يخلو من الجنابة ، فالمسلم أولى(4) . ونمنع الاصل.

فروع :

الأول : لا بأس بالاجتياز من غير لبث ـ وبه قال ابن عباس ، وابن مسعود ، وابن جبير ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، وعطاء ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود ، والمزني ، وابن المنذر(5) ـ لقوله تعالى :( إلا عابري سبيل ) (6) .

__________________

1 ـ سنن أبي داود 1 : 60 / 232.

2 ـ الكافي 3 : 50 / 4 ، التهذيب 1 : 125 / 338.

3 ـ المغني 1 : 168 ، الشرح الكبير 1 : 242 ، المجموع 2 : 160 ، فتح العزيز 2 : 148 ، تفسير القرطبي 5 : 206 ، نيل الأوطار 1 : 288.

4 ـ المجموع 2 : 160 ، فتح العزيز 2 : 148 ، تفسير القرطبي 5 : 206 ، نيل الأوطار 1 : 288.

5 ـ المجموع 2 : 160 ، المغني 1 : 166 ، الشرح الكبير 1 : 241 ، السراج الوهاج : 21 ، تفسير القرطبي 5 : 206 : التفسير الكبير 10 : 108 ، نيل الأوطار 1 : 287 ، كفاية الأخيار 1 : 50 ، واُنظر سنن البيهقي 2 : 443 ، مصنف ابن ابي شيء بة 1 : 146.

6 ـ النساء : 43.

٢٣٩

وقال جابر : كان أحدنا يمّر في المسجد وهو جنب مجتاز(1) ، والظاهرأنهم لم يفعلوا ذلك في زمانهعليه‌السلام إلّا بإذنه.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « لكن يمرّ فيها »(2) .

وقال مالك : لا يجوز له العبور بحال ـ وهو قول أصحاب الرأي(3) ـ لقولهعليه‌السلام : ( لا اُحل المسجد لجنب ولا حائض )(4) ولأن من لا يجوز له اللبث لا يجوز له العبور ، كالغاصب ، ونحن نقول بالحديث إذ المراد مسجدهعليه‌السلام ، ونمنع القياس ، لأنّ التصرف في الأصل ممنوع مطلقاً.

الثاني : لا يحل للجنب ولا للحائض الاجتياز في مسجد مكة ، ومسجد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمدينة ، ذهب إليه علماؤنا ـ ولم يفرق الجمهور(5) ـ لقولهعليه‌السلام : ( لا اُحل المسجد لجنب ولا حائض )(6) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إلّا المسجد الحرام ، ومسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(7) .

الثالث : لو أجنب في أحد المسجدين تيمم واجباً وخرج للاغتسال ،

__________________

1 ـ المجموع 2 : 160 ، المغني 1 : 166 ، أحكام القرآن لابن العربي 1 : 436 ، نيل الاوطار 1 : 287 ، واُنظر سنن البيهقي 2 : 443 ، مصنف ابن أبي شيء بة 1 : 146.

2 ـ الكافي 3 : 50 / 4 ، التهذيب 1 : 125 / 338.

3 ـ بداية المجتهد 1 : 48 ، بُلغة السالك 1 : 67 ، الشرح الصغير 1 : 67 ، فتح العزيز 2 : 148 ، نيل الأوطار 1 : 287 ، اللباب 1 : 43 ، المجموع 2 : 160 ، المغني 1 : 166 ، الشرح الكبير 1 : 241 ، شرح فتح القدير 1 : 146 ، الهداية للمرغيناني 1 : 631 الكفاية 1 : 146 ، شرح العناية 1 : 146.

4 ـ سنن أبي داود 1 : 60 / 232 وورد نحوه في سنن ابن ماجة 1 : 212 / 645.

5 ـ المجموع 2 : 160 و 172 ، فتح العزيز 2 : 148 ، المغني 1 : 166 ، الشرح الكبير 1 : 241 ، بداية المجتهد 1 : 48 ، شرح فتح القدير 1 : 146 ، اللباب 1 : 43 ، بُلغة السالك 1 : 67 ، نيل الأوطار 1 : 287.

6 ـ سنن ابي داود 1 : 60 / 232 ، وورد نحوه في سنن ابن ماجة 1 : 212 / 645.

7 ـ الكافي 3 : 50 / 4 ، التهذيب 1 : 125 / 338.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377