المذاهب الإسلامية

المذاهب الإسلامية21%

المذاهب الإسلامية مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 377

المذاهب الإسلامية
  • البداية
  • السابق
  • 377 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 210634 / تحميل: 9270
الحجم الحجم الحجم
المذاهب الإسلامية

المذاهب الإسلامية

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

فقال: خلّوا له نهجاً ولا تجدوا

بأساً بتمكينه قصدي وإتياني

فجاء حتّى رقى أعواد منبره

مهمهماً بلسان الخاضع الجاني

مَن غيره بطن العلم الخفيّ؟ ومَن

سواه قال: اسألوني قبل فقداني؟

ومَن وقت نفسه نفس الرَّسول وقد

وافى الفراش ذوو كفر وطغيانِ؟

ومَن تصدَّق في حال الرّكوع ولم

يسجد كما سجدت قومٌ لأوثانِ؟

مَن كان في حرم الرَّحمن مولده

وحاطه الله من باسٍ وعدوانِ؟

مَن غيره خاطب الرَّحمن واعتضدت

به النبوَّة في سرٍّ وإعلانِ؟

مَن أُعطي الراية الغرّاء إذ ربدت

نار الوغا فتحاماها الخميسانِ؟

مَن ردّت الكفُّ إذ بانت بدعوته؟

والعين بعد ذهاب المنظر الفاني؟

مَن أنزل الوحي في أن لا يُسدّ له

بابٌ وقد سُدَّ أبوابٌ لإخوانِ؟

ومَن به بُلغت من بعد أوبتها

براءةٌ لأولي شرك وكفرانِ؟

ومَن تظلّم طفلاً وارتقى كتف

المختار خير ذوي شيب وشبّانِ؟

ومَن يقول: خذي يا نار ذا وذري

هذا وبالكأس يسقي كلَّ ظمآنِ؟

مَن غسَّل المصطفى؟ من سال في يده

أجلُّ نفس نأت عن خير جثمانِ؟

ومَن تورَّك متن الرِّيح طائعة

تجري بأمر مليك الخلق رحمانِ؟

حتّى أتى فتية الكهف الذين جرت

على مراقدهم أعصار أزمانِ

فاستيقظوا ثمَّ قالوا بعد يقظتهم

: أنت الوصيُّ على علمٍ وإيقانِ

﴿ما يتبع الشعر﴾

في هذه القصيدة إشارةٌ إلى لمة من فضائل مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه وقد بسطنا القول في جملة مهمَّة منها في الأجزاء السابقة ونذكر هنا ما أشار إليه شاعرنا بقوله:

من كان في حرم الرَّحمن مولده

وحاطه الله من باسٍ وعدوانِ؟

يريد به قصَّة ولادته صلوات الله عليه في الكعبة المعظَّمة، وقد انشقَّ جدار البيت لأُمِّه فاطمة بنت أسد فدخلته ثمَّ التأمت الفتحة، فلم تزل في البيت العتيق حتّى ولدت مشرِّف البيت بذلك الهبوط الميمون، وأكلت من ثمار الجنَّة، ولم ينفلق

٢١

صدف الكعبة عن درِّه الدريِّ إلّا وأضاء الكون بنور محيّاه الأبلج، وفاح في الأجواء شذى عنصره الأقدس، وهذه حقيقةٌ ناصعةٌ أصفق على إثباتها الفريقان، وتضافرت بها الأحاديث، وطفحت بها الكتب، فلا نعبأ بجلبة رماة القول على عواهنه بعد نصِّ جمع من أعلام الفريقين على تواتر حديث هذه الأثارة.

قال الحاكم في «المستدرك» ٣: ٤٨٣: وقد تواترت الأخبار أنّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليَّ بن أبي طالب كرَّم الله وجهه في جوف الكعبة.

وحكى الحافظ الكنجي الشافعي في (الكفاية) من طريق إبن النجّار عن الحاكم النيسابوري أنَّه قال: وُلد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بمكّة في بيت الله الحرام ليلة الجمعة لثلث عشرة ليلة خلت من رجب سنة ثلثين من عام الفيل ولم يولد قبله ولا بعده مولودٌ في بيت الله الحرام سواه إكراماً له بذلك، وإجلالاً لمحلّه في التعظيم.

وتبعه أحمد بن عبد الرَّحيم الدهلوي الشهير بشاه وليّ الله والد عبد العزيز الدهلوي مصنِّف (التحفة الإثنى عشريَّة في الردِّ على الشيعة) فقال في كتابه [إزالة الخفاء]: تواترت الأخبار إنَّ فاطمة بنت أسد ولدت أمير المؤمنين عليّاً في جوف الكعبة فإنَّه وُلد في يوم الجمعة ثالث عشر من شهر رجب بعد عام الفيل بثلثين سنة في الكعبة ولم يولد فيها أحدٌ سواه قبله ولا بعده.

قال شهاب الدين السيِّد محمود الآلوسي صاحب التفسير الكبير في [سرح الخريدة الغيبيَّة في شرح القصيدة العينيَّة] لعبد الباقي أفندي العمري ص ١٥ عند قول الناظم:

أنت العليُّ الذي فوق العلى رفعا

ببطن مكّة عند البيت إذ وضعا

وكون الأمير كرَّم الله وجهه وُلد في البيت أمرٌ مشهورٌ في الدنيا وذكر في كتب الفريقين السنَّة والشيعة - إلى أن قال -: ولم يشتهر وضع غيره كرَّم الله وجهه كما اشتهر وضعه بل لم تتَّفق الكلمة عليه، وما أحرى بإمام الأئمَّة أن يكون وضعه فيما هو قبلةٌ للمؤمنين؟ وسبحان من يضع الأشياء في مواضعها وهو أحكم الحاكمين.

وقال في ص ٧٥ عند قول العمري:

وأنت أنت الذي حطّت له قدمٌ

في موضع يده الرَّحمن قد وضعا

وقيل: أحبّ عليه الصَّلاة والسلام (يعني عليّاً) أن يكافئ الكعبة حيث وُلد

٢٢

في بطنها بوضع الصنم عن ظهرها فإنَّها كما ورد في بعض الآثار كانت تشتكي إلى الله تعالى عبادة الأصنام حولها وتقول: أي ربّ حتّى متى تُعبد هذه الأصنام حولي؟ والله تعالى يعدها بتطهيرها من ذلك. ا ه‍.

وإلى هذا المعنى أشار العلّامة السيِّد رضا الهندي بقوله:

لما دعاك الله قِدماً لأن

تولد في البيت فلبَّيته

شكرته بين قريش بأن

طهَّرتَ من أصنامهم بيته

ويجدها القارئ من المتسالم عليه من فضائل مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه في غير واحد من مصادر القوم منها:

١ - مروج الذهب ٢ ص ٢ تأليف أبي الحسن المسعودي الهذلي

٢ - تذكرة خواصّ الأُمَّة ص ٧ تأليف سبط إبن الجوزي الحنفي

٣ - الفصول المهمَّة ص ١٤ تأليف إبن الصبّاغ المالكي

٤ - السيرة النبويَّة ١ ص ١٥٠ تأليف نور الدين علي الحلبي الشافعي

٥ - شرح الشفا ج ١ ص ١٥١ تأليف الشيخ علي القاري الحنفي

٦ - مطالب السئول ص ١١ تأليف أبي سالم محمّد بن طلحة الشافعي

٧ - محاضرة الأوائل ص ١٢٠ تأليف الشيخ علاء الدين السكتواري

٨ - مفتاح النجا في مناقب آل العبا تأليف ميرزا محمّد البدخشي

٩ - المناقب تأليف الأمير محمّد صالح الترمذي

١٠ - مدارج النبوَّة تأليف الشيخ عبد الحقِّ الدهلوي

١١ - نزهة المجالس ٢ ص ٢٠٤ تأليف عبد الرَّحمن الصفوري الشافعي

١٢ - آيينه تصوّف ط ص ١٣١١ تأليف شاه محمّد حسن الجشتي

١٣ - روائح المصطفى ص ١٠ تأليف صدر الدين أحمد البردواني

١٤ - كتاب الحسين ١ ص ١٦ تأليف السيِّد علي جلال الدين

١٥ - نور الأبصار ص ٧٦ تأليف السيِّد محمّد مؤمن الشبلنجي

١٦ - كفاية الطالب ص ٣٧ تأليف الشيخ حبيب الله الشنقيطي

وأما أعلام الشيعة فقد ذكرت منهم هذه الأثارة أُمَّةٌ كبيرةٌ منها:

٢٣

١ - الحسن بن محمّد بن الحسن القمي في تاريخ قم الذي ألَّفه وقدَّمه إلى الصّاحب ابن عباد سنة ٣٧٨، وترجمه إلى الفارسيَّة الشيخ الحسن بن علي بن الحسن القمي سنة ٨٦٥، راجع ص ١٩١ من الترجمة.

٢ - الشريف الرَّضي المتوفّى ٤٠٦ [المترجم في ج ٤ ص ١٨١ – ٢٢١] ذكرها في خصائص الأئمَّة وقال: لم نعلم مولوداً في الكعبة غيره.

٣ - شيخ الأُمّة معلّم البشر أبو عبد الله المفيد المتوفّى ٤١٣ في المقنع، ومسار الشيعة ص ٥١ مصر، والإرشاد ص ٣ وقال: لم يولد قبله ولا بعده مولودٌ في بيت الله سواه، إكراماً من الله جلَّ اسمه بذلك، وإجلالاً لمحلّه في التعظيم.

٤ - الشَّريف المرتضى المتوفّى ٤٣٦ [مرّت ترجمته في ج ٤ ص ٢٦٤ – ٢٩٩] ذكرها في شرح القصيدة البائيّة للحميري ص ٥١ ط مصر وقال: لا نظير له في هذه الفضيلة.

٥ - نجم الدِّين الشريف أبو الحسن عليُّ بن أبي الغنائم محمّد المعروف بابن الصّوفي ذكرها في كتابه (المجدي) المخطوط.

٦ - الشيخ أبو الفتح الكراجكي المتوفّى ٤٤٩ في «كنز الفوائد» ص ١١٥.

٧ - الشيخ حسين بن عبد الوهّاب معاصر الشَّريف المرتضى في (عيون المعجزات).

٨ - شيخ الطائفة محمّد بن الحسن الطوسي المتوفّى ٤٦٠ في التهذيب ج ٢، ومصباح المتهجِّد ص ٥٦٠، والأمالي ص ٨٠ - ٨٢.

٩ - أمين الإسلام الفضل بن الحسن الطبرسي المتوفّى ٥٤٨ صاحب «مجمع البيان» في (إعلام الورى) ص ٩٣ وقال: لم يولد قطُّ في بيت الله تعالى مولودٌ سواه لا قبله ولا بعده.

١٠ - إبن شهر آشوب السَّروي المتوفّى ٥٨٨ في (المناقب) ١ ص ٣٥٩، و ج ٢ ص ٥.

١١ - إبن البطريق شمس الدين أبو الحسين يحيى بن الحسن الحلّي المتوفّى ٦٠٠ في كتابه (العمدة) وقال: لم يولد قبله ولا بعده مولودٌ في بيت الله سواه.

١٢ - رضيُّ الدِّين عليُّ بن طاوس المتوفّى ٦٦٤ في كتابه «الإقبال» ص ١٤١.

٢٤

١٣ - عماد الدين الحسن الطبري الآملي صاحب «الكامل» المؤلَّف سنة ٦٧٥ في كتابه (تحفة الأبرار) في الفصل الثامن من الباب الرابع.

١٤ - بهاء الدين الأربلي المتوفّى ٦٩٢ [مرّت ترجمته في ج ٥ ص ٤٤٥] في كتابه [كشف الغمَّة] ص ١٩ وقال: لم يولد في البيت أحدٌ سواه قبله ولا بعده، وهي فضيلةٌ خصّه الله بها إجلالاً له، وإعلاءً لرتبته، وإظهاراً لتكرمته.

١٥ - أبو علي ابن الفتّال النيسابوري المترجم في كتابنا «شهداء الفضيلة» ص ٣٧ ذكرها في [روضة الواعظين] ص ٦٧.

١٦ - هندوشاه بن عبد الله الصّاحبي النخجواني في [تجارب السّلف] ص ٣٧.

١٧ - العلّامة الحسن بن يوسف الحلّي المتوفّى ٧٢٦ في كتابيه: كشف الحقّ، وكشف اليقين ص ٥ ونصَّ على أنّه لم يولد أحدٌ سواه فيها لا قبله ولا بعده.

١٨ - جمال الدِّين ابن عنبة المتوفّى ٨٢٨ في «عمدة الطالب» ص ٤١.

١٩ - الشيخ عليُّ بن يونس العاملي البياضي المتوفّى ٨٧٧ في «الصِّراط المستقيم».

٢٠ - السيِّد محمّد بن أحمد بن عميد الدِّين علي الحسيني، في «المشجَّر الكشّاف للسّادة الأشراف» ص ٢٣٠ ط مصر.

٢١ - الشيخ تقيُّ الدين الكفعمي الآتي ترجمته في هذا الجزء إنشاء الله، في المصباح ص ٥١٢.

٢٢ - أحمد بن محمّد بن عبد الغفّار الغفاري القزويني في «تاريخ نكارستان» المؤلَّف سنة ٩٤٩ ص ١٠ ط سنة ١٢٤٥.

٢٣ - القاضي نور الله المرعشي المستشهد ١٠١٩، المترجم في كتابنا «شهداء الفضيلة» ص ١٧١ في كتابه: إحقاق الحقِّ.

٢٤ - الشيخ عبد النبيِّ الجزائري المتوفّى ١٠٢١ في «حاوي الأقوال».

٢٥ - الشيخ محمّد بن الشيخ علي اللاهيجي في «محبوب القلوب».

٢٦ - المولى المحسن الكاشاني المتوفّى ١٠٩١ في كتابه «تقويم المحسنين»

٢٧ - الشيخ نظام الدين محمّد بن الحسين التفرشي السَّاوجي تلميذ شيخنا البهائي في تأليفه «تكملة الجامع العبّاسي» لشيخه المذكور.

٢٥

٢٨ - الشيخ أبو الحسن الشّريف المتوفّى ١١٠٠ في كتابه الضخم الفخم القيِّم «ضياء العالمين» وقال: كانت مشهورةً في الصّدر الأوَّل.

٢٩ - السيِّد هاشم التوبلي البحراني صاحب التآليف القيِّمة المتوفّى ١١٠٧ في «غاية المرام» وقال: بلغت حدَّ التواتر معلومة في كتب العامّة والخاصّة.

٣٠ - العلّامة المجلسي المتوفّى ١١١٠/١١ في جلاء العيون ص ٨٠ فقال ما معناه: مشهورٌ بين المحدِّثين والمؤرِّخين من الخاصّة والعامّة.

٣١ - السيِّد نعمة الله الجزائري المتوفّى ١١١٢ في «الأنوار النعمانيّة».

٣٢ - السيِّد علي خان الشيرازي ١١١٨/٢٠ في «الحدائق النديّة في شرح الفوائد الصمديّة».

٣٣ - السيِّد محمّد الطباطبائي جدّ آية الله بحر العلوم الفارغ عن بعض تآليفه سنة ١١٢٦ في رسالته الموضوعة لتواريخ مواليد الأئمّة ووفياتهم.

٣٤ - السيِّد عبّاس بن عليّ بن نور الدين الموسوي الحسيني المكّي المتوفّى ١١٧٩ في كتابه «نزهة الجليس» ج ١ ص ٦٨.

٣٥ - أبو علي الحائري المتوفّى ١٢١٥ في رجاله الدائر «منتهى المقال» ص ٤٦.

٣٦ - السيِّد محسن الأعرجي المتوفّى ١٢٢٧ في «عمدة الرجال».

٣٧ - الشيخ خضر بن شلّال العفكاوي النجفي المتوفّى ١٢٥٥ في مزاره المسمّى بأبواب الجنان وبشائر الرِّضوان.

٣٨ - السيِّد حيدر الحسني الحسيني الكاظمي المتوفّى ١٢٦٥ في «عمدة الزائر» ص ٥٤.

٣٩ - السيِّد مهدي القزويني المتوفّى ١٣٠٠ في «فلك النجاة» ص ٣٢٦.

٤٠ - المولى السيِّد محمود بن محمّد علي بن محمّد باقر في «تحفة السّلاطين» ج ٢ فقال ما معناه: مشهورٌ كالشمس في رائعة النهار.

٤١ - المولى السلطان محمّد بن تاج الدين حسن في «تحفة المجالس» ص ٨٨ ط سنة ١٢٧٤.

٤٢ - السيِّد ميرزا حسن الزنوزي نزيل خوي في كتابه الضخم «بحر العلوم».

٢٦

٤٣ - الحاج المولى شريف الشرواني من تلمذة السيِّد العظيم صاحب الرِّياض في كتابه: الشهاب الثاقب في مناقب عليّ بن أبي طالب.

٤٤ - المولى علي أصغر البروجردي في عقائد الشيعة ص ٣١ ط سنة ١٢٦٣.

٤٥ - الحاج ميرزا حبيب الخوئي في كتابه الكبير: شرح نهج البلاغة ج ١ ص ٧١.

٤٦ - أبو عبد الله جعفر بن محمّد بن جعفر الحسيني الأعرجي في «مناهل الضرب في أنساب العرب».

٤٧ - الحاج الشيخ عبّاس القمّي المتوفّى ١٣٥٩ في [سفينة البحار] ج ٢ ص ٢٢٩.

٤٨ - السيِّد محسن الأمين الحسيني العاملي في [أعيان الشيعة] ج ٣: ٣.

٤٩ - الشيخ جعفر نقدي في كتابه [نزهة المحبّين في فضائل أمير المؤمنين عليه السلام] ص ٢ - ٨.

٥٠ - شيخنا الأوردبادي ألَّف في الموضوع كتاباً فخما، وقد أغرق نزعاً في التحقيق ولم يبق في القوس منزعاً، وإليك فهرست عناوينه.

١ - حديث المولد الشريف وتواتره.

٢ - حديث الولادة الشريفة مشهورٌ بين الأُمَّة.

٣ - نبأ الولادة والمحدِّثون.

٤ - حديث الولادة والنسّابون.

٥ - حديث الولادة والمؤرِّخون.

٦ - حديث الولادة والشَّعراء.

٧ - حديث الولادة والإجماع عليه.

ألَّف القاضي أبو البحتري كتاباً في مولد أمير المؤمنين عليه السلام كما ذكره النجاشي و شيخ الطايفة، ورواه أبو محمّد العلوي الحسن بن محمّد عن حجر بن محمّد السّامي عن رجاء بن سهل الصنعاني عن أبي البحتري كما في تاريخ الخطيب البغدادي ٧ ص ٤١٩.

وذكر النجاشي في فهرسته ص ٢٧٩ كتاب مولد أمير المؤمنين لشيخنا إبن بابويه الصَّدوق].

وقد نظم هذه الأثارة كثيرون من أعلام الشيعة الفطاحل وشعرائها الأفذاذ نظراء:

٢٧

١ - السيِّد الحميري المتوفّى ١٧٣، وقد مرَّت ترجمته في ج ٢ ص ٢٣١ - ٢٧٨ قال:

ولدته في حرم الإله وأمنه

والبيت حيث فناؤه والمسجد

بيضاء طاهرة الثياب كريمة

طابت وطاب وليدها والمولد

في ليلة غابت نحوس نجومها

وبدت مع القمر المنير الأسعد

ما لُفَّ في خرق القوابل مثله

إلّا ابن آمنة النبيِّ «محمّد»

٢ - محمّد بن منصور السَّرخسي، ذكرها في أبيات توجد في مناقب ابن شهر آشوب ج ١ ص ٣٦٠.

٣ - خواجه معين الدين الجشتي الأجميري المتوفّى ٦٣٢.

٤ - المولي الرومي العارف الشهير المتوفّى ٦٧٢.

٥ - المولى محمّد بن عبد الله الكاتبي النيسابوري المتوفّى ٨٨٩، المترجم في مجالس المؤمنين.

٦ - المولى أهلي الشيرازي المتوفّى ٩٤٢.

٧ - ميرزا محمّد علي التبريزي المتخلّص في شعره ب‍ «صائب» من شعراء عهد السّلطان سليمان المتوفّى ٩٧٤ له قصيدةٌ يمدح بها الكعبة المشرَّفة ويذكر مزاياها و عدَّ منها ولادة أمير المؤمنين بها توجد في كتاب [الخزانة العامرة] صحيفة ٢٩١.

٨ - السيِّد محمّد باقر بن محمّد الحسيني الأسترابادي الشهير بداماد المتوفّى ١٠٤١.

٩ - المولى محمّد مسيح المعروف بمسيحا الفسوي الشيرازي المتوفّى ١١٢٧ الآتي شعره وترجمته في شعراء القرن الثاني عشر.

١٠ - السيِّد نصر الله المدرِّس الحائري الشهيد سنة ١١٦٠، أحد شعراء الغدير يأتي في شعراء القرن الثاني عشر.

١١ - المولى رضا الرَّشتي المتخلّص في شعره ب‍ «المحزون» في مثنوىٍّ له.

١٢ - ميرزا نصر الله المتخلّص ب‍ «شهاب».

١٣ - الشَّريف محمّد بن فلاح الكاظمي أحد شعراء الغدير يأتي شعره وترجمته في محلّهما، ذكرها في قصيدته الكرّاريَّة.

١٤ - الشيخ محمّد رضا النحوي المتوفّى ١٢٢٦، أحد شعراء الغدير تأتي ترجمته

٢٨

في محلّها.

١٥ - الشيخ حسين نجف المتوفّى ١٢٥٢، أحد شعراء الغدير يأتي شعره وترجمته في شعراء القرن الثالث عشر قال في قصيدته الكبيرة.

جعل الله بيته لعليّ

مولداً ياله علاً لا يُضاهى

لم يشاركه في الولادة فيه

سيّد الرُّسل لا ولا أنبياها

علم الله شوقها لعليٍّ

علمه بالذي به من هواها

إذ تمنّت لقاءه وتمنّى

فأراها حبيبه ورآها

ما ادَّعى مدَّعٍ لذلك كلّا

من ترى في الورى يروم ادَّعاها؟

فاكتست مكّة بذاك افتخاراً

وكذا المشعران بعد مناها

بل به الأرض قد علت إذ حوته

فغدت أرضها مَطاف سماها؟

أوَ ما تنظر الكواكب ليلاً

ونهاراً تطوف حول حماها؟

وإلى الحشر في الطَّواف عليه

وبذاك الطَّواف دام بقاها

١٦ - ميرزا عبّاس الدامغاني المتخلص ب‍ «نشاط» الهزار جريبي المتوفّى ١٢٦٢.

١٧ السيِّد محمّد تقي القزويني المتوفّى ١٢٧٠، أحد شعراء الغدير تأتي ترجمته في شعراء القرن الثالث عشر.

١٨ - الشيخ حسين بن علي الفتوني الهمداني العاملي الحائري، من شعراء الغدير يأتي ذكره في القرن الثالث عشر.

١٩ - الحاج محمّد خان المولود سنة ١٢٤٦ المتخلّص ب‍ «دشتي» في ديوانه المطبوع.

٢٠ - الحاج ميرزا إسماعيل الشيرازي المتوفّى ١٣٠٥، أحد شعراء الغدير من حجج الطائفة يأتي ذكره في شعراء القرن الرّابع عشر له قصيدةٌ موشّحةٌ في المولود المقدَّس ألا وهي:

رغد العيش فزده رغدا

بسلافٍ منه تشفي سقمي

طرب الصبُّ على وصل الحبيبْ

وهنى العيش على بُعد الرقيبْ

وفّني من أكؤس الراح النصيبْ

وائتني توماً بها لا مفردا

فالهنا كلّ الهنا في التّوئمِ

٢٩

آتني الصهباء ناراً ذائبه

كلّلتها قبساتٌ لاهبه

واسقنيها والنّدامى قاطبه

فلعمري إنَّها ريُّ الصَّدى

لفؤادٍ بالتصابي مضرمِ

ما أحيلي الراح من كفِّ الملاح

هي روح هي رَوح هي راحْ

فأدرها في غدوٍّ ورواحْ

كذكاءٍ تتجلّى صرخدا

رصّعتها حببٌ كالأنجمِ

حبّذا آناء أُنس أقبلتْ

أدركت نفسي بهاما أمّلتْ

وضعت أُمُّ العُلى ما حُملتْ

طاب أصلاً وتعالى محتدا

مالكاً ثقل ولاء الأُممِ

آنست نفسي من الكعبة نورْ

مثل ما آنس موسى نار طورْ

يوم غشّي الملأ الأعلى سرورْ

قرع السّمع نداءٌ كندا

شاطئ الوادي طوى من حرمِ

ولدت شمس الضحى بدر التمامْ

فانجلت عنّاديا جير الظّلامْ

نادِ: يا بشراكمُ هذا غلامْ

وجهه فلقة بدرٍ يهتدى

بسنا أنواره في الظّلمِ

هذه فاطمةُ بنت أسدْ

أقبلت تحملُ لاهوت الأبدْ

فاسجدواُ ذّلاً له فيمن سجدْ

فله الأملاك خرّت سُجّدا

إذ تجلّى نوره في آدمِ

كُشف الستر عن الحقِّ المبين

وتجلّى وجه ربِّ العالمينْ

وبدا مصباح مشكاة اليقينْ

وبدت مشرقةً شمس الهدى

فانجلى ليل الضّلال المظلمِ

نُسخ التأبد من نفي ترى

فأرانا وجهه ربُّ الورى

ليت موسى كان فينا فيرى

ما تمنّاه بطورٍ مُجهدا

فانثني عنه بكفِّي مُعدمِ

هل درت أُمّ العلى ما وضعتْ؟

أم درت ثدي الهدى ما أرضعتْ؟

٣٠

أم درت كفُّ النّهي ما رفعتْ؟

أم درى ربُّ الحجى ما ولدا؟

جلَّ معناه فلمّا يُعلمِ

سيِّدٌ فاق عُلاً كلّ الأنامْ

كان إذ لا كائنٌ وهو إمامْ

شرَّف الله به البيت الحرامْ

حين أضحى لعُلاه مولدا

فوطا تربته بالقدمِ

إن يكن يُجعل لله البنونْ

وتعالى الله عمّا يصفونْ

فوليد البيت أحرى أن يكونْ

لوليِّ البيت حقّاً ولدا

لا عزيزٌ لا ولا ابن مريمِ

هو بعد المصطفى خير الورى

من ذرى العرش إلى تحت الثرى

قد كست عليائه أُمّ القرى

غرَّةً تحمي حماها أبدا

حيث لا يدنوه من لم يحرمِ

سبق الكون جميعاً في الوجودْ

وطوى عالم غيبٍ وشهودْ

كلّما في الكون من يمناه جودْ

إذ هو الكائن لله يدا

ويد الله مدرُّ الأنعمِ

سيِّدٌ حازت به الفضل مضرْ

بفخارٍ فسما كلّ البشرْ

وجهه في فلك العليا قمرْ

فبه لا بالنجوم يُهتدى

نحو مغناه لنيل المغنمِ

هو بدرٌ وذراريه بدورْ

عقمت عن مثلهم أُمُّ الدُّهور

كعبة الوفّاد في كلِّ الشّهورْ

فاز من نحو فناها وفدا

بمطافٍ منه أو مُستلمِ

ورثوا العلياء قدماً من قُصيّْ

ونزار ثمَّ فهرٍ ولويّْ

لا يباري حيّهم قطُّ بحيّْ

وهمُ أزكى البرايا محتدا

وإليهم كلُّ فخر ينتمي

أيّها المرجى لقاهُ في المماتْ

كلُّ موت فيه لقياك حياةْ

ليتما عجّل بي ما هو آتْ

علّني ألقى حياتي في الرَّدى

٣١

فايزاً منه بأوفى النِّعمِ

٢١ - ميرزا أبو القاسم الحسيني الشيرازي.

٢٢ - سراج الدِّين محمّد بن الحسن القرشي التميمي العدويّ الأمويّ المعروف بفدا حسين الهندي، نظم مكرمة الولادة الشريفة في قصيدته العلويَّة الكبيرة المطبوعة البالغة ١٤١١ بيتاً المسمّاة بالنفحة القدسيَّة ص ٦٨، ١٧٨.

٢٣ - ميرزا محمّد تقي الشهير بحجَّة الإسلام المتوفّى ١٣١٢، في ديوانه المطبوع ص ١٩٦، ٢٠٠.

٢٤ - الشاعر المفلق محمّد اليزدي المتخلّص في شعره ب‍ (جيحون) المتوفّى حدود ١٣١٨ في ديوانه المطبوع.

٢٥ - السيِّد مصطفى بن الحسين الكاشاني النجفي دفين الكاظميَّة المتوفّى ١٣٣٦ أحد شعراء الغدير، يأتي شعره وترجمته في شعراء القرن الرّابع عشر.

٢٦ - الحاج ميرزا حبيب الخراساني المترجم في كتابنا (شهداء الفضيلة) ص ٢٨٢.

٢٧ - الشيخ علي الملقَّب بالشيخ الرئيس الخراساني المتوفّى حدود ١٣٢٠ في منظومته المسمَّاة ب‍ [تنبيه الخاطر في أحوال المسافر] ص ٤.

٢٨ - الشيخ محمود عبّاس العاملي المتوفّى ١٣٥٣، أحد شعراء الغدير يأتي.

٢٩ - السيِّد حسن آل بحر العلوم المتوفّى ١٣٥٥، من شعراء الغدير يأتي ذكره في شعراء القرن الرّابع عشر.

٣٠ - الحاج الشيخ محمّد الحسين الإصبهاني المتوفّى ١٣٦١، أحد شعراء الغدير الآتي ذكره في شعراء القرن الرّابع عشر.

٣١ - السيِّد مير علي أبو طبيخ النجفي المتوفّى ١٣٦١، أحد شعراء الغدير يأتي شعره وترجمته.

٣٢ - السيِّد رضا الهندي النجفي المتوفّى ١٣٦٢، من شعراء الغدير يأتي ذكره في شعراء القرن الرّابع عشر.

٣٣ - السيِّد المحسن الأمين العاملي، أحد شعراء الغدير يأتي ذكره.

٣٤ - الشيخ محمّد صالح المازندراني، أحد شعراء الغدير يأتي ذكره.

٣٢

٣٥ - الشيخ ميرزا محمّد علي الأوردبادي، أحد شعراء الغدير يأتي ذكره، نظمها في غير واحدة من قصائده، وممّا قال فيها قوله يمدح به أمير المؤمنين عليه السلام:

سبق الكرام فها همُ لم يلحقوا

في حلبة العلياء شأو كميتهِ

إذ خصَّه المولى بفضل باهرٍ

فيه يميّز حيّه من ميتهِ

لم يتَّخذ ولداً وما إن يتَّخذ

إلّا وكان ولاده في بيتهِ

في البيت مولده يحقِّق إنَّه

دون الأنام ذبالة في زيتهِ

خمَّسها النطاسيُّ المحنَّك ميرزا محمّد الخليلي صاحب [معجم أُدباء الأطبّاء].

٣٦ - الشيخ محمّد السَّماوي النجفي، أحد شعراء الغدير يأتي ذكره.

٣٧ - الشيخ محمّد علي يعقوب النجفي، أحد شعراء الغدير يأتي ذكره.

٣٨ - الشيخ جعفر نقدي، أحد شعراء الغدير يأتي ذكره.

٣٩ - ميرزا محمّد الخليلي النجفي، أحد شعراء الغدير يأتي ذكره.

٤٠ - السيِّد علي النقي اللكهنوي الهندي، أحد شعراء الغدير يأتي ذكره، له موشّحةٌ في الميلاد الشريف يهنِّي بها سيِّدنا الحجَّة السيِّد ميرزا علي آغا الشيرازي وهي:

من بدا فاز دهر البيت الحرامْ

وزهت منه ليالي رجبِ؟

طرب الكون لبشر وهنا

إذ بدا الفخر بنور وسنا

وأتى الوحي ينادي معلناً

: قد أتاكم حجَّة الله الإمام

وأبو الغرِّ الهُداة النّجبِ

خصَّه الرَّحمن بالفضل الصّراحْ

ومزايا أشرقت غرّاً وضاحْ

وسما منزله هام الضّراحْ

فغدا مولده خير مقامْ

طأطأت فيه رؤس الشّهبِ

إنَّه أوَّل بيت وُضعا

للورى طرّاً فأضحوا خضَّعا

وعلى الحاضر والبادي معا

حجَّةٌ أصبح فرضاً ولزامْ

طاعةٌ تتبع أقصى القربِ

وهو القبلة في كلِّ صلاةْ

وملاذٌ يُرتجى فيه النَّجاةْ

وقد استخلصه الله حماهْ

فلأن يأت إليه مستهامْ

٣٣

في ملمّ داعياً يُستجبِ

تلكمُ فاطمة بنت أسدْ

أمَّت البيت بكرب وكمدْ

ودعت خالقها الباري الصّمدْ

بحشاً فيه من الوجد الضّرامْ

قد علته قبسات اللّهبِ

نادت: اللهمّ ربَّ العالمينْ

قاضي الحاجات للمستصرخينْ

كاشف الكرب مجيب السائلينْ

إنّني جئتك من دون الأنامْ

أبتغي عندك كشف الكربِ

بينما كانت تناجي ربَّها

وإلى الرَّحمن تشكوا كربها

وإذا بالبشر غشّى قلبها

من جدار البيت إذ لاح ابتسامْ

عن سنا ثغرٍ له ذي شنبِ

فتق الزّهر؟ أم انشقَّ القمرْ؟

أم عمود الصّبح بالليل انفجرْ؟

أم أضاء البرق فالكون ازدهر؟

أم بدا في الأُفق خرقُ والتئامْ؟

فغدا برهان معراج النبي

أم أشار البيت بالكفّ ادخلي؟

واطمئنّي بالإله المفضلِ

فهنا يولد ذو العليا «علي»

من به يحظى حطيمي والمقامْ

وينال الرُّكن أعلا الرُّتبِ

دخلت فاطم فارتدّ الجدارْ

مثلما كان ولم يكشف ستارْ

إذ تجلّى النور وانجاب السرارْ

عن سنا بدرٍ به يجلو الظلامْ

والورى ينجو به من عطبِ

وُلد الطاهر ذاك ابن جَلا

من سما العرش جلالاً وعُلا

فله الأملاك يعنو ذلّلا

وبه قد بشَّر الرُّسل العظامْ

قومهم فيها خلا من حُقبِ

عرف الله ولا أرضٌ ولا

رفعت سبع طباق ظللا

فلذا خرَّ سجوداً وتلا

كلّما جاء إلى الرُّسل الكرامْ

قبله من صحفٍ أو كتبِ

٣٤

إن يك البيت مطافاً للأنامْ

فعليٌّ قد رقى أعلا سنامْ

إذ به يطَّوف البيت الحرامْ

وسعى الرُّكن إليه لاستلامْ

فغدا يزهو به من طربِ

لم يكن في البيت مولودٌ سواهْ

إذ تعالى عن مثيل في علاهْ

أوتي العلم بتعليم الإله

فغذاه درّه قبل الفطامْ

يرتوي منه بأهنى مشربِ

صغر الكون على سوددهِ

وانتمى الوحي إلى محتدهِ

بشِّر الشيعة في مولدهِ

واقصدوا العلّامة الحَبر الإمام

منبع العلم مناط الأدبِ

(القصيدة)

وله قصيدة أخرى ميلاديّة بارى بها قصيدة [إيليا أبي ماضي] الإلحاديّة المقفّاة ب‍ «لست أدري» وهي:

طرب الكون من البشر وقد عمَّ السّرورْ

وغدا القمريُّ يشدو في ابتسام للزُّهورْ

وتهانت ساجعات في ذرى الأيك الطيورْ

لِمَ ذا البشرْ؟ وما هذا التهاني؟ لستُ أدري

تلعب الرِّيح وفيها الدَّوح قامت راقصاتْ

وبها الأُوراق تزهو بالأكفِّ الصّافقاتْ

ضارباً سجع هزار الغصن أوتار الحياةْ

مِمَ هذي الدوح أضحت راقصات؟ لستُ أدري

قد كسى وجه الثرى من سندس وشي الرَّبيعْ

فتهادى مائساً في حُلل الخصب المريعْ

وغدا يختال بالأرياش والشأن البديعْ

قائلاً: هل أحدٌ يوجد مثلي؟ لستُ أدري

والنّسيم الغضّ قد تهمس في سمع الاقاحْ

فترى باسمه الثّغر نشاطاً وارتياحْ

٣٥

وهزيز الغصن يُبدي شان زهوٍ ومراحْ

ما الذي قالت فردّت بابتسام؟ لستُ أدري

طبّق الأرض لهيباً نار محمرِّ الشقيقْ

فغدا البلبل مرتاع الحشا خوف الحريقْ

صارخاً: هل لنجاتي عن لظاها من طريقْ؟

هذه النّار أتتني كيف أُطفي؟ لستُ أدري

أشرقت طلعة نور عمّت الكون ضياءا

لا أرى بدراً على الأُفق ولم أبصر ذكاءا

وتفحَّصت فلم أدرك هناك الكهرباءا

فبماذا ضاء هذا الكون نوراً؟ لستُ أدري

كان هذا الرَّوض قبل اليوم رهناً للذّبولْ

ساحبات فوقها الأرواح قدماً للذّيولْ

تعصف النكباء فيها دون أنفاس البليلْ

كيف عاد اليوم يزهو في شذاه؟ لستُ أدري

قمت أستكشف عنه سائلاً هذا وذاكْ

فرأيت الكلَّ مثلي في اضطرابٍ وارتباكْ

وإذا الآراء طرّاً في اصطدامٍ واصطكاكْ

وأخيراً عمّها العجز فقالت: لستُ أدري

وإذا نبّهني عاطفة الحبِّ الدفينْ

وتظنَّنت وظنُّ الألمعي عين اليقينْ

إنّه ميلاد مولانا أمير المؤمنينْ

فدع الجاهل والقول: بأنِّي لستُ أدري

لم يكن في كعبة الرَّحمن مولودٌ سواهْ

إذ تعالى في البرايا عن مثيل في عُلاه

وتولّى ذكره في محكم الذكر الإلهْ

٣٦

أيقول الغرُّ فيه بعد هذا: لستُ أدري

أقبلتْ فاطمة حاملة خير جنينْ

جاءَ مخلوقاً بنور القدس لا الماء المهينْ

وتردّى منظر اللّاهوت بين العالمينْ

كيف قد أودع في جنبٍ وصدرٍ؟ لستُ أدري

أقبلت تدعو وقد جاء بها داءُ المخاضْ

نحو جذع النخل من ألطاف ذي اللطف المفاضْ

فدعت خالقها الباري بأحشاءٍ مراضْ

كيف ضجّت؟ كيف عجّت؟ كيف ناحت؟ لستُ أدري

لستُ أدري غير أنَّ البيت قد ردَّ الجوابْ

بابتسامٍ في جدار البيت أضحى منه بابْ

دخلت فانجاب فيه البشر عن محض اللبابْ

إنَّما أدري بهذا غير هذا لستُ أدري

كيف أدري وهو سرٌّ فيه قد حار العقولْ

حادثٌ في اليوم لكن لم يزل أصل الأُصولْ

مظهرٌ لله لكن لا اتّحاد لا حلولْ

غاية الإدارك أن أدري بأنّي لستُ أدري

وُلد الطّهر «عليٌّ» من تسامى في عُلاهْ؟

فاهتدى فيه فريقٌ وفريقٌ فيه تاهْ

ضلَّ أقوامٌ فظنّوا: إنَّه حقّاً إلهْ

أم جنون العشق هذا لا يجازى؟ لستُ أدري

ونظمها الشاعر المفلق الأستاذ المسيحي «بولس سلامة» في أوّل ملحمته العربيَّة «عيد الغدير» فقال في ص ٥٦:

سمع الليل في الظلام المديد

همسة مثل أنَّه المفقودِ

من خفيِّ الآلام والكبت فيها

ومن البشر والرَّجاء السعيدِ

٣٧

حرَّة لزّها المخاض فلاذت

بستار البيت العتيق الوطيدِ

كعبة الله في الشدائد تُرجى

فهي جسر العبيد للمعبودِ

لا نساءٌ ولا قوابل حفَّت

بابنة المجد والعُلى والجودِ

يذر الفقر أشرف الناس فرداً

والغنيُّ الخليج غير فريدِ

أينما سار واكبته جباهٌ

وظهورٌ مخلوقةٌ للسّجودِ

* * *

صبرت فاطم على الضيم حتّى

لهث الليل لهثة المكدودِ

وإذا نجمةٌ من الأُفق خفَّت

تطعن الليل بالشعاع الجديدِ

وتدانت من الحطيم وقرَّت

وتدلّت تدلّيَ العنقودِ

تسكب الضوء في الأثير دفيقا

فعلى الأرض وابلٌ من سعودِ

واستفاق الحمام يسجع سجعاً

فتهشُّ الأركان للتغريدِ

بسم المسجد الحرام حبوراً

وتنادت حجاره للنَّشيدِ

كان فجران ذلك اليوم فجرٌ

لنهارٍ وآخرٌ للوليدِ

هالت الأُمّ صرخةٌ جال فيها

بعض شئ من همهمات الأُسودِ

دعت الشبل حيدراً وتمنَّت

وأكبَّت على الرَّجاء المديدِ

- أسداً - سمّت ابنها كأبيها

لبدة الجدّ اُهديت للحفيدِ

بل - عليّاً - ندعوه قال أبوه

فاستقزَّ السّماء للتأكيدِ

ذلك اسمٌ تناقلته الفيافي

ورواه الجلمود للجلمودِ

يهرم الدَّهر وهو كالصّبح باقٍ

كلُّ يومٍ يأتي بفجرٍ جديدِ

﴿الشاعر﴾

السيّد عبد العزيز بن محمّد بن الحسن بن أبي نصر الحسيني السّريجي الأوالي. ترجمة العلّامة السّماوي في [الطليعة من شعراء الشيعة] فقال: كان فاضلاً أديباً جامعاً، وشاعراً ظريفاً بارعاً، توفّي في البصرة سنة ٧٥٠ تقريباً.

٣٨

القرن الثامن

٦٨

صفي الدين الحلي

المولود: ٦٧٧

المتوفى: ٧٥٢

خمدت لفضل ولادك النيرانُ

وانشقَّ من فرحٍ بك الايوانُ

وتزلزل النادي وأوجس خيفةً

من هول رؤياه أنو شروانُ

فتأوَّل الرؤيا سطيح(١) وبشّرت

بظهورك الرّهبان والكهّانُ

وعليك رميّا وشعيا أثنيا

وهما وحزقيلٌ لفضلك دانوا(٢)

بفضائل شهدت بهنَّ الصحف والـ

ـتوراة والإنجيل والفرقانُ

فوضعت لله المهيمن ساجداً

واستبشرت بظهورك الأكوانُ

متكمِّلاً لم تنقطع لك سرَّةٌ

شرفاً ولم يطلق عليك ختانُ(٣)

فرأت قصور الشام آمنةٌ وقد

وضعتك لا تخفى لها أركانُ(٤)

وأتت حليمة وهي تنظر في ابنها(٥)

سرّاً تحار لوصفه الأذهانُ

____________________

١ - توجد قصة الرؤيا وتأويل سطيح إيّاها في كتب السير النبويّة ودلائلها ومعاجم التاريخ، وسطيح هو ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن غسان.

٢ - أرميا بن حلقيا من سبط لاوي بن يعقوب من أنبياء بني إسرائيل، شعيا بن امصيا ممّن بشر بالنبي الأعظم من أنبياء بني إسرائيل، حزقيل بن بوذي ابن العجوز، الذي دعا الله فأحيا الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله: موتورا.

٣ - أشار إلى ما أخرجه الحفاظ البيهقي والحاكم وابن عساكر وغيرهم من أنه صلّى الله عليه وآله ولد مختوناً مسروراً.

٤ - يوجد حديث رؤية آمنة أم النبي الأعظم قصور النام حين وضعته صلّى الله عليه وآله في تاريخ ابن كثير ٢ ص ٢٦٤.

٥ - حليمة بنت أبي ذؤيب السعدية مرضعة رسول الله أقام صلّى الله عليه وآله عندها نحواً من أربع سنين «إمتاع الأسماع ص ٢٧».

٣٩

وغدا ابن ذي يزن ببعثك مؤمناً(١)

سرّاً ليشهد جدّك الديّانُ

شرح الإله الصَّدر منك لأربع(٢)

فرأى الملائك حولك الأخوانُ

وحييت في خمس بظلّ غمامة

لك في الهواجر جرمها صيوانُ

ومررت في سبع بدير فانحنى

منه الجدار وأسلم المطرانُ

وكذاك في خمس وعشرين انثنى

نسطور منك وقلبه ملآنُ

حتّى كملت الأربعين وأشرقت

شمس النبوَّة وانجلى التبيانُ

فرمت رجوم النيِّرات رجيمها

وتساقطت من خوفك الأوثانُ

والأرض فاحت بالسَّلام عليك

والأشجارُ والأحجارُ والكثبانُ

وأتت مفاتيح الكنوز بأسرها

فنهاك عنها الزهد والعرفانُ

ونظرت خلفك كالإمام بخاتمٍ

أضحى لديه الشكّ وهو عيانُ

وغدت لك الأرض البسيطة مسجداً

فالكلُّ منها للصَّلاة مكانُ

ونصرت بالرّعب الشَّديد على العدى

ولك الملائك في الوغى أعوانُ

وسعى إليك فتى(٣) سلامٍ مسلماً

طوعاً وجاء مسلِّماً سلمانُ

وغدت تكلِّمك الأباعر والظبى

والضبُّ والثعبانُ والسرحانُ

والجزع حنَّ إلى علاك مسلِّماً

وببطن كفّك سبَّح الصوَّانُ(٤)

وهوى إليك العذق ثمَّ رددته

في نخلة تزهى به وتزانُ

والدوحتان وقد دعوت فاقبلا

حتّى تلاقت منهما الأغصانُ

وشكا إليك الجيش من ظمأ به

فتفجّرت بالماء منك بنانُ

ورددت عين قتادةِ من بعد ما

ذهبت فلم ينظر بها إنسانُ

وحكى ذراع الشاة مودع سمِّه

حتّى كأنَّ العضو منه لسانُ

____________________

١ - سيف بن ذي يزن الحميري له بشارة بالنبي الأعظم أخرج حديثها الحافظ أبو بكر الخرائطي في كتابه «هواتف الجان» وحكى عنه جمع من الحفاظ والمؤرخين في تآليفهم.

٢ - في هذا البيت وما يليه من الأبيات إشارة إلى قضايا من دلائل النبوة توجد جمعاء في كتب الدلائل والسيرة النبوية ومعاجم التاريخ.

٣ - هو عبد الله بن سلام يوجد حديث إسلامه في سيرة ابن هشام ٢ ص ١٣٨.

٤ - الصوّان جمع الصوانة: حجر شديد يقدح به.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

الحركات الرجعيّة

١

٧

الجهميّة

قد عرفت أنّ المتّهمين بالقدرية كانوا دعاة الحرّية، لا نُفاة القضاء والقدر، بل كانوا قائلين بأنّه سبحانه تبارك وتعالى قدّر وقضى، ومع ذلك، لم يسلب الاختيار عن الإنسان، فخيّره بين الإيمان والكفر، بين الخير والشّر، فلو قدّر الخير فلعلم منه بأنّه يختار الخير عن اختيار، أو قدّر الشر فلعلم منه أنّ الفاعل يختار الشر كذلك، وهو نفس صميم الإسلام ولبّه، قال سبحانه: ( فَمَن شَاءَ فَلْيُوْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكُفُرْ ) (١) .

لكن ظهرت في القرن الثاني والثالث حركات رجعيّة استهدفت أركان الإسلام والعودة بالأُمّة إلى الأفكار الجاهلية الّتي سادت قبل الإسلام، من القول بالجبر والتجسيم، وإليك أبرز ممثّلي هذه الحركات الرجعية.

____________________

(١) الكهف: ٢٩.

٨١

الجهميّة:

إنّ سمات الجهميّة، هي: القول بالجبر والتعطيل، أسّسها جهم بن صفوان السمرقندي (المتوفّى ١٢٨هـ).

قال الذهبي: جهم بن صفوان أبو محرز السمرقندي الضال المبتدع، رأس الجهميّة في زمان صغار التابعين، وما علِمْته روى شيئاً، لكنّه زرع شرّاً عظيماً.

وقال المقريزي: الجهميّة،أتباع جهم بن صفوان الترمذي، مولى راسب، وقُتل في آخر دولة بني أُميّة، وتتلخّص عقائده في الأُمور التالية:

١ - ينفي الصفات الإلهيّة كلّها، ويقول: لا يجوز أن يوصف الباري بصفة يوصف بها خَلْقه.

٢ - إنّ الإنسان لا يقدر على شيء، ولا يوصف بالقدرة ولا بالاستطاعة.

٣ - إنّ الجنّة والنّار يفنيان، وتنقطع حركات أهلهما.

٤ - إنّ من عرف الله ولم ينطق بالإيمان لم يكفر؛ لأنّ العلم لا يزول بالصمت، وهو مؤمن مع ذلك.

وقد كفّره المعتزلة في نفي الاستطاعة، وكفّره أهل السنّة بنفي الصفات وخلق القرآن ونفي الرؤية.

٥ - وانفرد بجواز الخروج على السلطان الجائر.

٦ - وزعم أنّ علم الله حادث لا بصفة يوصف بها غيره. (١)

____________________

(١). الخطط المقريزيّة: ٣/٣٤٩، ولاحظ: ص٣٥١.

٨٢

أقول: الظاهر أنّ قاعدة مذهبه أمران:

الأوّل: الجبر ونفي الاستطاعة، فجهم بن صفوان رأس الجبر وأساسه، ويُطْلق على أتباعه الجبريّة الخالصة، في مقابل غير الخالص منها.

الثاني: تعطيل ذاته سبحانه، عن التوصيف بصفات الجلال والجمال، ومن هنا نجمت المعطّلة.

وأمّا غير هذين الأمرين فمشكوك جداً.

التطورات الّتي مرّ بها مفهوم الجهمي:

لمّا كان نفي الصفات عن الله والقول بخلق القرآن ونفي الرؤية ممّا نسب إلى منهج الجهم، صار لفظ الجهمي رمزاً لكلِّ من قال بأحد هذه الأُمور، وإن كان غير قائل بالجبر ونفي القدر؛ ولأجل ذلك ربّما تطلق الجهميّة ويراد بها المعتزلة أو القدريّة، يقول أحد بن حنبل:

والقرآن كلام الله ليس بمخلوق، فمن زعم أنّ القرآن مخلوق فهو جهمي كافر، ومن زعم أنّ القرآن كلام الله ووقف، ولم يقل مخلوق ولا غير مخلوق، فهو أخبث من الأوّل، ومن زعم أنّ ألفاظنا بالقرآن وتلاوتنا له مخلوقة، والقرآن كلام الله، فهو جهمي، ومن لم يكفّر هؤلاء القوم كلّهم فهو مثلهم. (١)

____________________

(١) السنّة: ٤٩.

٨٣

الحركات الرجعيّة

٢

٨

المجسّمة

إنّ إقصاء العقل عن ساحة العقائد، والبرهان عن التفكير، ألحق أضراراً جسيمة بالمجتمع الإسلامي، حيث ظهرت فيه حركات هدّامة ترمي إلى تقويض الأُسس الدينية والأخلاقيّة.

ومن تلك الحركات المجسّمة؛ الّتي رفع لواءها مقاتل بن سليمان المجسم (١) (المتوفّى عام ١٥٠هـ)، ونشر أقاصيص الأحبار والرهبان في القرن الثالث، فهو وجهم بن صفوان، مع تشاطرهما في دفع الأُمّة الإسلامية إلى حافة الجاهلية،على طرفي نقيض في مسألة التنزيه والتشبيه.

____________________

(١) مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي بالولاء، البلخي، أبو الحسن، من المفسرين، أصله من بلخ، انتقل إلى البصرة ودخل بغداد وحدّث بها، وتوفّي بالبصرة، كان متروك الحديث، من كتبه (التفسير الكبير)، و(نوادر التفسير)، و(الرّد على القدريّة)، و(متشابه القرآن)، و(الناسخ والمنسوخ)، و(القراءات)، و(الوجوه والنظائر)، [الأعلام: ٧/٢٨١].

٨٤

أمّا صفوان، فقد بالغ في التنزيه حتّى عطّل وصف ذاته بالصفات.

وأمّا مقاتل، فقد أفرط في التشبيه فصار مجسّماً، وقد نقل المفسرون آراء مقاتل في كتب التفاسير.

فليعرف القارئ مكانه في الوثاقة وتنزيه الربّ عن صفات الخلق.

قال ابن حبّان: كان يأخذ من اليهود والنصارى - في علم القرآن - الّذي يوافق كتبهم، وكان يشبّه الربّ بالمخلوقات، وكان يكذب في الحديث.

وقال أبو حنيفة: أفرط جهم في نفي التشبيه، حتّى قال إنّه تعالى ليس بشيء، وأفرط مقاتل في الإثبات حتى جعله مثل خلقه. (١)

____________________

(١) لاحظ: ميزان الاعتدال، ٤/١٧٣. وراجع تاريخ بغداد، ١٣/١٦٦.

٨٥

الحركات الرجعية

٣

٩

الكرّاميّة

وهذه الفرقة منسوبة إلى محمد بن كرام السجستاني (المتوفّى عام ٢٥٥هـ) شيخ الكرامية.

قال الذهبي: ساقط الحديث على بدعته، أكَثَر عن أحمد الجويباري، ومحمد بن تميم السعدي؛ وكانا كذّابين.

وقال ابن حبّان: خذل، حتّى التقط من المذاهب أردأها، ومن الأحاديث أوهاها... وجعل الإيمان قولاً بلا معرفة.

وقال ابن حزم: قال ابن كرام: الإيمان قول باللسان، وإن اعتقد الكفر بقلبه، فهو مؤمن. ومن بِدَع الكرّاميّة قولهم في المعبود تعالى إنّه جسم لا كالأجسام، وقد سقت أخبار ابن كرّام في تاريخي الكبير، وله أتباع ومؤيّدون، وقد سجن في نيسابور لأجل بدعته ثمانية أعوام، ثُمَّ أُخرج وسار

٨٦

إلى بيت المقدس، ومات بالشام سنة ٢٥٥هـ. (١)

إنّ للكرّامية نظريات في موضوعات أُخر، ذكرها البغدادي، وقد بلغت جُرأتهم في باب النبوّة حتّى قال بعضهم: إنّ النبي أخطأ في تبليغ قوله[ تعالى]: ( وَمَنَاةَ الثّالِثَةَ الْأُخْرَى ) ، حتّى قال بعده: (تلك الغرانيق العلى، وان شفاعتها لترتجى). (٢)

مع أنّ قصة الغرانيق أُقصوصة ابتدعها قوم من أهل الضلالة، وقد أوضحنا حالها في كتابنا (سيد المرسلين (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم».

ونكتفي بهذا النزر في بيان عقائدهم، وكلّها وليد إقصاء العقل والمنطق عن ساحة العقائد، والاكتفاء بالروايات مع ما فيها من أباطيل وترّهات وضعها الأعداء واختلقتها الأهواء، فهي من أسوأ الحركات الرجعيّة الظاهرة في أواسط القرن الثالث.

____________________

(١) ميزان الاعتدال: ٤/٢١.

(٢) الفرق بين الفِرق: ٢٢٢.

٨٧

الحركات الرّجعيّة

٤

١٠

الظاهرية

وهذا المذهب منسوب إلى داود بن علي الأصفهاني الظاهري (٢٠٠ - ٢٧٠هـ).

وقد أسّس مذهباً في الفروع، فالمصدر الأصلي في الفقه عنده هو النصوص، بلا رأي في حكم من أحكام الشرع، فهم يأخذون بالنصوص وحدها، فإذا لم يكن بالنص، أخذوا بالإباحة الأصليّة.

ما هو السبب لظهور هذا المذهب؟

إنّ إقصاء العقل عن ساحة العقائد يستلزم طرده عن ساحة الفقه بوجه أولى، لأنّ أساسه هو التعبُّد بالنصوص، وعدم الإفتاء بشيء لا يوجد له أصل في الكتاب والسنّة، لكن الجمود على حرفيّة النصوص شيء، والتعبّد بالنصوص وعدم الإفتاء في مورد لا يوجد فيه أصل ودلالة في المصدرين الرئيسيّين شيء آخر،

٨٨

فالظاهرية على الأوّل، والفقهاء على الثاني، ولأجل إيضاح الحال نأتي بمثالين:

١ - إنّ الشكّل الأوّل من الأشكال الأربعة ضروري الإنتاج، من غير فرق بين الأُمور التكوينيّة أو الأحكام الشرعيّة؛ فكما أنّ الحكم بحدوث العالم نتيجة حتمية لقولنا: العالم متغيّر وكلّ متغيّر حادث، فهكذا الحكم بحرمة كلّ مسكر، نتيجة قطعيّة لقولنا: الفقاع مسكر، وكل مسكر حرام، فالفقاع حرام؛ لكنّ الظاهري يقبل المقدّمتين، ولكن لا يفتي بالنتيجة؛ بحجة أنّها غير مذكورة في النصوص.

٢ - ما يسمّيه الفقهاء بلحن الخطاب، وإن كان شيئاً غير مذكور في نفس الخطاب، لكنّه من اللوازم البيّنة له، بحيث يتبادر إلى الذّهن من سماعه، فإذا خاطبنا سبحانه بقوله: ( فَلَا تَقُل لَهُمَا أُفٍ ) (١) ، يتوجّه الذهن إلى حرمة ضربهما وشتمهما بطريق أولى، ولكن الفقيه الظاهري يأبى عن الأخذ به بحجّة كونه غير منصوص.

قال سبحانه: ( قُل لِلّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنّتُ الْأَوّلِينَ ) (٢) .

فالموضوع للحكم (مغفرة ما سلف عند الانتهاء)؛ وإن كان هو الكافر، لكن الذهن السليم يتبادر إلى فهم شيء آخر، لازم لهذا الحكم بالضرورة، وهو تعميم الحكم إلى المسلم أيضاً بوجه آكد، ولكنّ الظاهري يتركه؛ بحجة أنّه غير مذكور في النص.

____________________

(١) الإسراء: ٢٣.

(٢) الأنفال: ٣٨.

٨٩

وهذا النوع من الجمود يجعل النصوص غير كافلة لاستخراج الفروع الكثيرة، وتصبح الشريعة ناقصة من حيث التشريع والتقنين، وغير صالحة لجميع الأجيال والعصور، وفاقدة للمرونة اللازمة الّتي عليها أساس خاتميّة نبوّة نبيّناً محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وكتابه وسنّته.

ثمَّ إنّ الاكتفاء بظاهر الشريعة؛ وأخذ الأحكام من ظواهر النصوص؛ له تفسيران: أحدهما صحيح جداً، والآخر باطل، فإن أُريد منه نفي الظنون؛ الّتي لم يدلّ على صحة الاحتجاج بها دليل، فهو نفس نص الكتاب العزيز، قال سبحانه: ( قُلْ آللّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللّهِ تَفْتَرُونَ ) (١) ، فالشيعة الإماميّة، وبفضل النصوص الوافرة عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) المتّصلة اسنادها إلى الرسول الأكرم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، استطاعت أن تستخرج أحكام الحوادث والموضوعات الكثيرة منها، وامتنعت عن العمل بالقياس والاستحسان وغيرهما من الأدلّة الظنية؛ الّتي لم يقم الدليل القطعي على صحّة الاحتجاج بها، بل قام الدليل على حرمة العمل على بعضها، كالقياس، وقد ورد في نصوص أئمتهم (عليهم السلام): «إنّ السنّة إذا قيست مُحق الدين» (٢) .

وإن أُريد بها لوازم الخطاب؛ أي ما يكون في نظر العقلاء، كالمذكور أخذاً بقولهم: (الكناية أبلغ من التصريح)، ويكون التفكيك بينهما أمراً غير صحيح، فليس ذلك عملاً بغير المنصوص. نعم ليس عملاً بالظاهر الحرفي، ولكنّه عمل بها بما يفهمه المخاطبون بها.

____________________

(١) يونس: ٥٩.

(٢) الوسائل: ١٨، الباب ٦ من أبواب صفات القاضي، الحديث ١٠.

٩٠

أُفول نجمه:

إنّ هذا المذهب لأجل حرفيته قد أفل نجمه بسرعة.

نعم قد تبعه فقيه آخر باسم ابن حزم (٣٨٤ - ٤٥٨هـ)، وأعاد هذا المذهب إلى الساحة، وألّف حوله كتباً ورسائل، وخدمه بالتآليف التالية:

١ - الإحكام في أُصول الأحكام: بيّن فيه أُصول المذهب الظاهري.

٢ - النُّبَذ: وهو خلاصة ذلك الكتاب.

٣ - المحلّى: وهو كتاب كبير نشر في عشرة أجزاء، جمع أحاديث الأحكام وفقه علماء الأمصار، طبع في بيروت بتحقيق أحمد محمد شاكر، وله آراء شاذة - كبطلان الاجتهاد في استخراج الأحكام الفقهية، وجواز مس المصحف للمجنب، وقاتل الإمام عليّ كان مجتهداً - ذكرناها في موسوعتنا. (١)

وقد ذكرنا هذا المذهب، مع أنّه فقهي؛ لأجل اشتراكه مع ما سبق في الرجعيّة، وإقصاء العقل عن ساحة الاجتهاد الفقهي.

____________________

(١) بحوث في الملل والنحل: ٣/١٤١ - ١٤٦.

٩١

١١

المعتزلة

المعتزلة بين المدارس الكلاميّة المختلفة؛ مدرسة فكريّة عقليّة أعطت للعقل القسط الأوفر، ومن المؤسف أنّ هوى العصبية، بل يد الخيانة، لعبت بكثير من مخلّفاتهم الفكريّة، فأطاحت به فأضاعتها بالخرق والتمزيق، فلم يبق فيما بأيدينا من آثارهم إلاّ الشيء القليل، وأكثرها يرجع إلى كتب عبد الجبار المعتزلي (المتوفّى عام ٤١٥هـ)، ولأجل ذلك فقد اعتمد في تحرير هذا المذهب غير واحد من الباحثين على كتب خصومهم كالأشاعرة، ومن المعلوم أنّ الاعتماد على كتاب الخصم لا يُورث يقيناً.

وقد اهتمّ المستشرقون في العصور الأخيرة بدراسة مذهب الاعتزال، ولقد أُعجبوا بمنهج الاعتزال في حرّية الإنسان وأفعاله، وصار ذلك سبباً لرجوع المعتزلة إلى الساحة من قبل المفكّرين الإسلاميّين، ولذلك نُشرت في هذه الآونة الأخيرة كتباً حول المعتزلة.

ومؤسّس المذهب هو واصل بن عطاء تلميذ الحسن البصري، نقل الشهرستاني أنّه دخل شخص على الحسن البصري، فقال: يا إمام الدين!، لقد ظهرت في زماننا جماعة يكفّرون أصحاب الكبائر، والكبيرة عندهم تُخرج به

٩٢

عن الملّة، وهم وعيديّة الخوارج، وجماعة يُرجئون أصحاب الكبائر، ويقولون لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الكفر طاعة، وهم مرجئة الأُمّة، فكيف تحكم لنا في ذلك اعتقاداً؟

فتفكّر الحسن في ذلك، وقبل أن يجيب، قال واصل بن عطاء: أنا لا أقول إنّ صاحب الكبيرة مؤمن مطلقاً، ولا كافر مطلقاً، بل هو في منزلة بين المنزلتين، لا مؤمن ولا كافر، ثُمّ قام واعتزل إلى اسطوانة المسجد؛ يقرّر ما أجاب به على جماعة من أصحاب الحسن، فقال الحسن: اعتزل عنّا واصل، فسمّي هو وأصحابه: معتزلة. (١)

سائر ألقاب المعتزلة:

إنّ للمعتزلة ألقاباً أُخر:

١ - العدليّة: لقولهم بعدل الله سبحانه وحكمته.

٢ - الموحّدة: لقولهم لا قديم مع الله، وينفون قدم القرآن.

٣ - أهل الحق: لأنّهم يعتبرون أنفسهم أهل الحق.

٤ - القدريّة: يُعبَّر عن المعتزلة في الكتب الكلاميّة بالقدريّة، والمعتزلة يطلقونها على خصومهم، وذلك لما رُوي عن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «أنّ القدريّة مجوس هذه الأُمّة». فلو قلنا بأنّ القدريّة منسوبة إلى القدر؛ عِدْل القضاء، فتنطبق على

____________________

(١) الملل والنحل: ١/٦٢.

٩٣

خُصَماء المعتزلة؛ القائلين بالقدر السالب للاختيار. ولو قلنا بأنّها منسوبة إلى القدرة؛ أي القائلين بتأثير قدرة الإنسان في فعله واختياره وتمكّنه في إيجاده، فتنطبق - على زعم الخُصَماء - على المعتزلة؛ لقولهم بتأثير قدرة الإنسان في فعله. وقد طال الكلام بين المتكلّمين في تفسير الحديث وذِكْر كلِّ طائفة وجهاً لانطباقه على خصمها. (١)

٥ - الثنويّة: ولعلّ وجهه ما يتراءى من بعضهم من نسبة الخير إلى الله والشر إلى العبد.

٦ - الوعيدية: لقولهم إنّ الله صادق في وعده، كما هو صادق في وعيده، وإنّه لا يغفر الذنوب إلاّ بعد التوبة، فلو مات بدونها يكون معذّباً قطعاً ويخلَّد في النار.

٧ - المعطّلة: لتعطيل ذاته سبحانه عن الصفات الذاتية، ولكن هذا اللقب أُلصق بالجهميّة، وأمّا المعتزلة فلهم في الصفات مذهبان:

أ - القول بالنيابة، أي خلو الذات عن الصفات، ولكن تنوب الذّات مكان الصفات في الآثار المطلوبة منها، وقد اشتهر قولهم: (خُذ الغايات واترك المبادئ)، وهذا مخالف لكتاب الله والسنّة والعقل. فإنّ النقل يدلّ بوضوح على اتّصافه سبحانه بالصفات الكماليّة، وأمّا العقل، فحدِّث عنه ولا حرج؛ لأنّ الكمال يساوق الوجود، وكلّما كان الوجود أعلى وأشرف، تكون الكمالات فيه آكد.

____________________

(١) كشف المراد: ١٩٥، شرح المقاصد للتفتازاني: ٢/١٤٣.

٩٤

ب - عينيّة الصفات مع الذّات واشتمالها على حقائقها، من دون أن يكون ذات وصفة، بل الذّات بلغت في الكمال إلى درجة صار نفس العلم قدرة.

٨ - الجهميّة، وهذا اللّقب منحه أحمد بن حنبل لهم، فكل ما يقول: قالت الجهميّة، أو يصف القائل بأنّه جهميّ؛ يُريد به المعتزلة، لِمَا وجد من موافقتهم الجهميّة في بعض المسائل.

٩ - المفنية.

١٠ - اللّفظيّة.

وهذان اللّقبان ذكرهما المقريزي وقال: إنّهم يوصفون بالمفنية، لما نسب إلى أبي الهذيل من فناء حركات أهل الجنة والنار؛ واللفظية لقولهم: ألفاظ القرآن مخلوقة. (١)

الأُصول الخمسة عند المعتزلة:

اشتهرت المعتزلة بأُصول خمسة، فمن دان بها فهو معتزلي، ومن نقص منها أو زاد عليها فليس منهم، وتلك الأُصول المرتبة حسب أهميتها عبارة عن: التوحيد، العدل، الوعد والوعيد، المنزلة بين المنزلتين، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

فمن دان بها، ثُمَّ خالف بقية المعتزلة في تفاصيلها، لم يخرج بذلك عنهم.

وإليك تفصيل هذه الأُصول بنحو موجز:

____________________

(١) الخطط المقريزيّة: ٤/١٦٩.

٩٥

إيعاز إلى الأُصول الخمسة

وقبل كلّ شيء نطرح هذه الأُصول على وجه الإجمال، حتّى يُعلم ماذا يريد منها المعتزلة، ثُمَّ نأخذ بشرحها واحداً بعد احد؛ فنقول:

١ - التوحيد: ويراد منه العلم بأنّ الله واحد، لا يشاركه غيره فيما يستحقُّ من الصفات نفياً وإثباتاً على الحدّ الّذي يستحقّه. والتوحيد عندهم رمز لتنزيهه سبحانه عن شوائب الإمكان ووهم المثليّة وغيرهما ممّا يجب تنزيه ساحته عنه، كالتجسيم والتشبيه وإمكان الرؤية وطروء الحوادث عليه. غير أنّ المهمّ في هذا الأصل؛ هو الوقوف على كيفيّة جريان صفاته عليه سبحانه، ونفي الرؤية، وغيرهما يقع في الدّرجة الثانية من الأهمية في هذا الأصل؛ لأنّ كثيراً منها لم يختلف المسلمون فيه، إلاّ القليل منهم.

٢ - العدل: إذا قيل إنّه تعالى عادل، فالمراد أنّ أفعاله كلّها حسنة، وأنّه لا يفعل القبيح، وأنّه لا يَخِلّ بما هو واجب عليه. وعلى ضوء هذا: لا يكذب في خبره، ولا يجور في حكمه، ولا يعذِّب أطفال المشركين بذنوب آبائهم، ولا يُظهر المعجزة على أيدي الكذّابين، ولا يكلِّف العباد وما لا يطيقون، وما لا يعلمون، بل يُقْدِرهم على ما كلّفهم، ويعلِّمهم صفة ما كلّفهم، ويدلّهم على ذلك، ويبيّن لهم ( لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيّنَةٍ وَيَحْيَى‏ مَنْ حَيّ عَنْ بَيّنَةٍ ) (١) ، وأنّه إذا كلّف المكلّف وأتى بما كلّف على الوجه الّذي كُلِّف، فإنّه يثيبه لا محالة، وأنّه سبحانه إذا آلم وأسقم، فإنّما فعله لصلاحه ومنافعه، وإلاّ كان مخلاًّ بواجب...

٣ - الوعد والوعيد: والمراد منه أنّ الله وعد المطيعين بالثواب، وتوعّد

____________________

(١) الأنفال: ٤٢.

٩٦

العصاة بالعقاب، وأنّه يفعل ما وعد به وتوعّد عليه لا محالة. ولا يجوز الخُلف، لأنّه يستلزم الكذب. فإذا أخبر عن الفعل، ثُمَّ تركه، يكون كذباً. ولو أخبر عن العزم، فبما أنّه محال عليه، كان معناه الإخبار عن نفس الفعل، فيكون الخُلف كذباً. وعلى ضوء هذا الأصل، حكموا بتخليد مرتكب الكبائر في النار؛ إذا مات بلا توبة.

٤ - المنزلة بين المنزلتين: وتلقّب بمسألة الأسماء والأحكام؛ وهي أنّ صاحب الكبيرة ليس بكافر كما عليه الخوارج، ولا منافق كما عليه الحسن البصري، ولا مؤمن كما عليه بعضهم، بل فاسق لا يحكم عليه بالكفر ولا بالإيمان.

٥ - الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: والمعروف: كلّ فعل عرف فاعله حسنه أو دلّ عليه، والمنكر: كلّ فعل عرف فاعله قبحه أو دلّ عليه. ولا خلاف بين المسلمين في وجوبهما؛ إنّما الخلاف في أنّه هل يُعلم عقلاً أو لا يُعلم إلاّ سمعاً؟، ذهب أبو عليّ (المتوفّى ٣٠٣هـ) إلى أنّه يُعلم عقلاً وسمعاً، وأبو هاشم (المتوفّى ٣٢١هـ) إلى أنّه يُعلم سمعاً، ولوجوبه شروط تُذكر في محلّها، ومنها أن لا يؤدّي إلى مضرّة في ماله أو نفسه، إلاّ أن يكون في تحمّله لتلك المذلّة إعزاز للدّين.

قال القاضي: وعلى هذا يحمل ما كان من الحسين بن عليّ (عليهما السّلام)؛ لِمَا كان في صبره على ما صبر، إعزاز لدين الله عزّ وجلّ، ولهذا نباهي به سائر الأُمم، فنقول: لم يبق من ولْد الرّسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) إلاّ سبط واحد، فلم يترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتّى قتل دون ذلك. (١)

____________________

(١) الأُصول الخمسة: ١٤٢، نقلاً عن، بحوث في الملل والنحل: ٣/٢٥٤ - ٢٥٥.

٩٧

سبب الاقتصار على هذه الأُصول الخمسة:

هناك سؤال يطرح نفسه، وهو:

لماذا اقتصروا على هذه الأُصول، مع أنّ أمر النبوّة والمعاد أولى بأن يُعدَّ من الأُصول؟

وقد ذكروا في وجه ذلك أُموراً لا يُعتمد عليها، والحق أن يقال: إنّ الأُصول الخمسة الّتي يتبنّاها المعتزلة، مؤلّفة من أُمور تعدُّ من أُصول الدين كالتوحيد والعدل على وجه، ومن أُصول كلاميّة أنتجوها من البحث والنقاش، وأقحموها في الأُصول لغاية ردِّ الفرق المخالفة؛ الّتي لا توافقهم في هذه المسائل الكلامية.

وعند ذلك يستنتج القارئ أنّ ما اتّخذته المعتزلة من الأُصول، وجعلته في صدر آرائها، ليست إلاّ آراء كلاميّة لهذه الفرقة، تظاهروا بها للردّ على المجبّرة والمشبّهة والمرجئة والإماميّة وغيرهم من الفرق، على نحو لو لا تلكم الفِرَق لما سمعت من هذه الأُصول ذكراً.

أئمة المعتزلة:

المراد بأئمتهم؛ مشايخهم الكبار؛ الّذين نضج المذهب بأفكارهم وآرائهم، ووصل إلى القمة في الكمال.

نعم، في مقابل أئمة المذهب، أعلامهم الّذين كان لهم دور في تبيين هذا المنهج من دون أن يتركوا أثراً يستحق الذكر في الأُصول الخمسة، وها نحن نذكر من الطائفيتن نماذج:

٩٨

١. واصل بن عطاء (٨٠ - ١٣١هـ):

أبو حذيفة واصل بن عطاء، مؤسّس الاعتزال، المعروف بالغزّال، يقول ابن خلّكان: كان واصل أحد الأعاجيب، وذلك أنّه كان ألثغ، قبيح اللثغة في الرّاء، فكان يُخلِّص كلامه من الرّاء ولا يُفطن لذلك، لاقتداره على الكلام وسهولة ألفاظه، ففي ذلك يقول أبو الطروق؛ يمدحه بإطالة الخطب واجتنابه الراء على كثرة تردّدها في الكلام، حتّى كأنّها ليست فيه.

عـليم بـإبدال الحروف وقامع

لـكلّ خطيب يغلب الحقَّ باطلُه

وقال الآخر:

ويـجعل البرّ قمحاً في تصرّفه

وخالف الرّاء حتّى احتال للشعر

ولـم يطق مطراً والقول يعجله

فـعاذ بالغيث اشفاقاً من المطر

من آرائه ومصنّفاته:

إنّ واصل هو أوّل من أظهر المنزلة بين المنزلتين؛ لأنّ الناس كانوا في أسماء أهل الكبائر من أهل الصلاة على أقوال: كانت الخوارج تسمّيهم بالكفر والشرك، والمرجئة تسمّيهم بالإيمان، وكان الحسن وأصحابه يسمّونهم بالنفاق.

مؤلّفاته:

ذكر ابن النديم في (الفهرست)، وتبعه ابن خلّكان: إنّ لواصل التصانيف التالية:

٩٩

١ - كتاب أصناف المرجئة.

٢ - كتاب التوبة.

٣ - كتاب المنزلة المنزلتين.

٤ - كتاب خطبه الّتي أخرج منها الرّاء.

٥ - كتاب معاني القرآن.

٦ - كتاب الخُطب في التوحيد والعدل.

ومن المحتمل أنّه قام بجمع خطب الإمام عليّ (عليه السّلام) في التوحيد والعدل فأفرده تأليفاً.

٧ - كتاب ما جرى بينه وبين عمرو بن عبيد.

٨ - كتاب السبيل إلى معرفة الحق.

٩ - كتاب في الدعوة.

١٠ - كتاب طبقات أهل العلم والجهل. (١)

٢. عمرو بن عبيد (٨٠ - ١٤٣هـ):

وهو الإمام الثاني للمعتزلة بعد واصل بن عطاء، وكان من أعضاء حلقة الحسن البصري، مثل واصل، لكن التحق به بعد مناظرة جرت بينهما في مرتكب الكبيرة.

روى ابن المرتضى، عن الجاحظ، أنّه قال: صلَّى عمرو أربعين عاماً صلاة

____________________

(١) فهرست ابن النديم: ٢٠٣، الفن الأوّل من المقالة الخامسة.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377