أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة0%

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: كتب متنوعة
الصفحات: 480

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: الشيخ حكمت الرحمة
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
تصنيف: الصفحات: 480
المشاهدات: 72701
تحميل: 8502

توضيحات:

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 480 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 72701 / تحميل: 8502
الحجم الحجم الحجم
أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

أئمة أهل البيت عليهم السلام في كتب أهل السنة

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الكوثر للمعارف الإسلاميّة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

سلام على سيّد العابدين

علي بن الحسين المجتبى

سلام على الباقر المهتدي

سلام على الصادق المقتدى

سلام على الكاظم الممتحَن

رضي السجايا إمامِ التُقى

سلام على الثامن المؤتَمَن

علي الرضا سيّد الأصفيا

سلام على المتّقي التقي

محمّد الطيّب المرتجى

سلام على الاريحي النقي

علي المكرّم هادي الورى

سلام على السيّد العسكري

إمام يجهز جيش الصفا

سلام على القائم المنتظر

أبي القاسم القرم نور الهدى

سيطلع كالشمس في غاسق

ينجيه من سيفه المنتقى

ترى يملأ الأرض من عدله

كما مُلئت جور أهل الهوى

سلام عليه وآبائه

وأنصاره ما تدوم السما (1)

فنصّ من غير تردّد على أنّ المهدي الموعود القائم المنتظر هو الثاني عشر من هؤلاء الأئمّة الغُرّ الميامين الدُرَر ( عليهم السلام ).

23 - الشيخ حسن العراقي (ت: بعد 958 هـ):

المدفون قرب كوم الريش بمصر، الذي التقى بالإمام المهدي - حسب ما صرّح بذلك - كما في ( اليواقيت والجواهر ) للشعراني (2) ، و ( الطبقات الكبرى )

____________________

(1) نقله الشهيد نور الله التستري في ( إحقاق الحقّ ): 209، وصاحب ( كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار ): 73 - 75، إصدار مكتبة نينوى الحديثة.

(2) ذكر عبارة الشيخ الشعراني، الشيخ الصّبان في كتاب ( إسعاف الراغبين )، المطبوع بهامش ( نور الأبصار ): 154، طبعة دار الفكر المصوّرة على طبعة القاهرة، سنة: 1948م، وسيأتي منّا ذكر نصّ العبارة عند ذكر الشيخ الشعراني إنْ شاء الله.

٤٠١

المسمّاة بـ ( لواقح الأنوار )، للشعراني أيضاً (1) .

24 - الشيخ علي الخواص أستاذ الشيخ الشعراني (ت: بعد 958 هـ):

على ما في ( اليواقيت والجواهر ) للشيخ الشعراني (2) .

25 - أحمد الرملي (ت: 971 هـ):

على ما ذكره مفتي الديار الحضرميّة في كتابه ( بغية المسترشدين )، حيث قال: ( وذكر أحمد الرملي أنّ المهدي موجود وكذلك الشعراني ) (3) .

26 - عبد الوهاب بن أحمد الشعراني الشافعي (ت: 973 هـ):

قال في ( اليواقيت والجواهر ) في المبحث الخامس والستّين، في بيان أنّ جميع أشراط الساعة التي أخبرنا بها الشارع حقّ لا بدّ أنْ تقع كلّها قبل قيام الساعة: ( وذلك كخروج المهدي ثمّ الدجال... قال الشيخ تقي الدين بن أبي منصور في عقيدته، وكلّ هذهِ الآيات تقع في المئة الأخيرة من اليوم الذي وَعَدَ به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمّته بقوله: ( إنّ صلحت أمّتي فلها يوم وإنْ فسدت فلها نصف يوم )، يعني من أيّام الرب المشار إليها بقوله تعالى: ( وإِنَّ يَوْمَاً عِنْدَ رَبِّكّ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمّا تَعُدُّونَ ) ، قال بعض العارفين وأوّل الألف محسوب من وفاة علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه... ثمّ تأخذ

____________________

(1) الطبقات الكبرى المسمّاة بـ ( لواقح الأنوار ): 2/190، دار الفكر.

(2) ذكر عبارة الشيخ الشعراني الشيخُ الصّبان في كتاب ( إسعاف الراغبين )، المطبوع بهامش ( نور الأبصار ): 154، طبعة دار الفكر المصوّرة على طبعة القاهرة، سنة: 1948م، وسيأتي منّا ذكر نصّ العبارة عند ذكر الشيخ الشعراني إنْ شاء الله.

(3) نقل كلامه الشيخ أبو طالب التجليل التبريزي في كتابه ( مَن هو المهدي ): 440 - 441، مؤسّسة النشر الإسلامي.

٤٠٢

في ابتداء الاضمحلال إلى أنْ يصير الدين غريباً كما بدأ، وذلك الاضمحلال يكون بدايته من مضي ثلاثين سنة في القرن الحادي عشر، فهناك يُتَرقّب خروج المهدي ( عليه السلام ) وهو من أولاد الإمام حسن العسكري، ومولده ( عليه السلام ) ليلة النصف من شعبان سنة: خمس وخمسين ومئتين، وهو باقٍ إلى أنْ يجتمع بعيسى بن مريم ( عليه السلام )، فيكون عمره إلى وقتنا هذا وهو سنة: ثمان وخمسين وتسعمئة. سبعمئة سنة وستّ سنين، هكذا أخبرني الشيخ حسن العراقي، المدفون فوق كوم الريش المطلّ على بركة الرطل بمصر المحروسة، عن الإمام المهدي حين اجتمع به ووافقه على ذلك سيّدي علي الخواص رحمهما الله تعالى.

وعبارة الشيخ محيي الدين في الباب السادس والستّين والثلاثمئة من الفتوحات: واعلموا أنّه لا بدّ من خروج المهدي.... ) (1) . وقد تقدّم منّا ذكر كلام الشيخ محيي الدين في الرقم (8) حسب هذا التسلسل، فراجع.

27 - السيّد جمال الدين عطاء الله بن السيّد غياث الدين فضل الله الشيرازي النيشابوري (ت: 1000هـ) (2) :

____________________

(1) اليواقيت والجواهر: الجزء الثاني، دار المعرفة للطباعة والنشر، وقد نقل الشيخ مهدي فقيه إيماني نسخة مصوّرة من الفصل المتعلّق بالموضوع من هذهِ الطبعة في كتابه ( المهدي عند أهل السنّة ): (1/410 - 411). كما نقل موضع الشاهد أعلاه الشيخ الصبّان في كتابه ( إسعاف الراغبين ) المطبوع بهامش ( نور الأبصار ): ص154، طبعة دار الفكر المصوّرة على طبعة القاهرة 1948، حيث قال: ( قال سيّدي عبد الوهاب الشعراني في كتابه اليواقيت والجواهر: المهدي مِن وُلد الإمام حسن العسكري... ).

(2) سنة وفاته على ما في ( كشف الظنون ) للحاجي خليفة هي ما أثبتناه، ذكره في ج1، ص923، دار إحياء التراث، لكن في ( معجم المؤلّفين ) لـ (عمر رضا كحالة ) أنّ سنة وفاته: (803هـ)، انظر: ج6، ص285، دار إحياء التراث العربي.

٤٠٣

قال في كتابه ( روضة الأحباب ) (1) : ( كلام في بيان الإمام الثاني عشر المؤتمَن محمّد بن الحسن عليهما السلام، كانت ولادته المباركة في دَرَج الولاية، وجوهر معدن الهداية، بقول أكثر الروايات في منتصف شعبان سنة: ثمان وخمسين ومئتين، وكانت أمّه الجليلة أمّ ولد، وتُسمّى بصيقل، أو سوسن، وقيل: نرجس، وقيل: حكيمة.

وهذا الإمام ذو الإكرام يواطئ في كنيته واسمه خير الأنام عليه وآله تحف الصلاة والسلام، وقد انتظم في ألقابه: المهدي المنتظر، والخَلَف الصالح، وصاحب الزمان ( عليه السلام )، وكان له في حياة أبيه ( عليه السلام ) بالرواية الأولى: - وهي أقرب إلى الصحّة - خمس سنوات، وبالقول الثاني: سنتان، وقد كرّم واهب العطايا ذلك النور الأبهج مثل يحيى بن زكريّا سلام الله عليهما في حالة الطفولة، وقد

____________________

(1) النص الفارسي لكلامه هو:

( كلام در بيان إمام دوازدهم م ح م د ابن الحسن عليهما السلام، تولّد همايون آن در درج ولايت وجوهر معدن هدايت، يقول أكثر أهل روايت در منتصف شعبان سنة: دويست وبنجاه وبنج در سامرة اتفاق افتاد وگفتة شده در بيست وسيم از شهر رمضان دويست وبنجاه وهشت، ومادر آن عالي گهر أم ولد بود، ومسمّاة بصيقل، يا سوسن، وقيل: نرجس، وقيل: حكيمة.

وآن إمام ذوي الاحترام در كنيت ونام با حضرت خير الأنام عليه وآله تحفّ الصلاة والسلام موافقت دارد، ومهدي منتظر، والخلف الصالح، وصاحب الزمان، در ألقاب أو منتظم است، در وقت بدر برزگوار بروايت كه بصحّت أقربست: بنج ساله بود، وبقول ثاني: دو ساله، وحضرت واهب العطايا آن شكوفه گلزار را مانند يحيى زكريا سلام الله عليهما در حالت طفوليّت حكمت كرامت فرموده، ودر وقت صبا بمرتبة بلند امامت رسانيده، وصاحب الزمان يعني مهدي دوران در زمان معتمد خليفة در سنة: دويست وشصت وبنج يا شصت وشش على اختلاف القولين در سردابه سرّ مَن رأى از نظر فرق برايا غايب شد... ) ( نقله صاحب كشف الأستار: ص64 - 65 ).

٤٠٤

وصل في وقت الصبا إلى مرتبة الإمامة الرفيعة. وقد غاب صاحب الزمان - يعني المهدي - في عصر المعتمد الخليفة في سنة: خمس أو ست وستّين ومئتين على اختلاف القولين في السرداب في سرّ من رأى عن خرق (1) البرايا... ) (2) .

28 - العارف عبد الرحمان الجشتي من مشايخ الصوفية (ت: 1045 هـ):

قال في كتابه ( مرآة الأسرار ) ما ترجمته (3) : ( ذكر شمس الدين والدولة هادي الملّة والدولة: مَن هو القائم في المقام المطهّري الأحمدي الإمام بالحقّ أبو القاسم محمّد بن الحسن المهدي رضي الله عنه، وهو الإمام الثاني عشر من أئمّة أهل البيت، أمّه كانت أُمّ ولد، اسمها نرجس، ولادته ليلة الجمعة

____________________

(1) هكذا في المتن المطبوع ولعلّ الصحيح: ( فرق )، والمقصود هم الخلق.

(2) نقلاً عن النجم الثاقب في أحوال الحجّة الغائب: (1/398)، ترجمة وتحقيق السيّد ياسين الموسوي.

(3) وأمّا النص الفارسي فهو:

(ذكر آن آفتاب دين ودولت آن هادي جميع ملّت ودولت آن قائم مقام باك أحمدي إمام بر حقّ أبو القاسم م ح م د بن الحسن المهدي رضي الله عنه، وي امام دوازدهم است أز أئمّة أهل بيت، مادرش أُمّ لد بود، نرجس نام داشت، ولادتش شب جمعه بانزدهم ماه رمضان سنة: خمس وخمسين ومئتين وبرواية ( شواهد النبوّة ) بتاريخ ثلاث وعشرين من شهر رمضان سنة: ثمان وخمسين در سرّ مَن رأى عرف سامرّه واقع شد، وامام دوازدهم در كنيت ونام حضرت رسالت بناهي ( عليه السلام ) موافقت دارد، ألقاب شريفش: مهدي، وحجّت، وقائم، ومنتظر، وصاحب الزمان ( عليه السلام ).

در وقت وفاة بدر خود إمام حسن عسكري ( عليه السلام ) بنج ساله بود كه بر مسند امامت نشست، چنانچه حق تعالى حضرت يحيى بن زكريا عليهما السلام را در حال طفوليّت حكمت كرامت فرمود، وعيسى بن مريم ( عليه السلام ) را وقت صبا بمرتبه بلند رسانيد، وهمچنين أو را در اين صغر سن إمام گردانيد وخوارق عادات أو نه چندانست كه در اين مختصر گنجايش دارد.)

٤٠٥

خامس عشر شهر شعبان سنة: خمس وخمسين ومئتين، وعلى رواية ( شواهد النبوّة ) أنّها في ثلاث وعشرين من شهر رمضان سنة: ثمان وخمسين في سرّ مَن رأى المعروفة بسامرّاء، وافق رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في الاسم والكنية، وألقابه: المهدي، الحجّة، والقائم، والمنتظر، وصاحب الزمان.

كان عمره عند وفاة أبيه خمس سنين وجلس على مسند الإمامة، ومثله مثل يحيى بن زكريّا حيث أعطاه الله في الطفولة الحكمة والكرامة، ومثل عيسى بن مريم حيث أعطاه الله النبوّة في صغر سنّه، كذلك المهدي جعله الله إماماً في صغر سنه، وما ظهر له من خوارق العادات كثير لا يسعها هذا المختصر ) (1) .

29 - المولوي علي أكبر بن أسد الله المؤودي (ت: 1210 هـ):

في كتابه ( المكاشفات ) الذي جعله كالحواشي على كتاب النفحات للمولى عبد الرحمان الجامي، ذكر ذلك ضمن الكلام عن علي بن سهل بن الأزهر الإصبهاني والبحث في عصمة الأنبياء، وقد جاء في جملة كلامه: (... فبهذا صحّ مذهب مَن ذهب إلى كون غير النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) معصوماً، ومَن قيّد العصمة في زمرة معدودة ونفاها عن غير تلك الزمرة فقد سلك مسلكاً آخر. وله أيضاً وجه يعلمه من علمه، فإنّ الحكم بكون المهدي الموعود رضي الله عنه موجوداً وهو كان قطباً بعد أبيه الحسن العسكري - كما كان هو قطباً بعد أبيه إلى الإمام علي بن أبي طالب كرّمنا الله بوجوههم - يُشير إلى صحّة حصر تلك الرتبة في وجوداتهم من حين كان القطبيّة في وجود جدّه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) إلى أنْ تتمّ فيه لا قبل ذلك. فكلّ قطب فرد يكون على تلك الرتبة

____________________

(1) ذكر كلامه بالفارسيّة صاحب ( كشف الأستار ): 81ـ 82، إصدار مكتبة نينوى الحديثة.

٤٠٦

نيابة عنه لغيبوبته من أعين العوام والخواص لا عن أعين أخصّ الخواص. وقد ذكر ذلك عن الشيخ صاحب اليواقيت وعن غيره أيضاً رضي الله عنه وعنهم. فلا بدّ أنْ يكون لكلّ إمام من الأئمّة الاثني عشر عصمة، خذ هذهِ الفائدة.

قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني، في المبحث الخامس والستّين: قال الشيخ تقي الدين بن أبي المنصور في عقيدته بعد ذكر تعيين السَنَة للقيامة: فهناك يُتَرقّب خروج المهدي ( عليه السلام )، وهو من أولاد الإمام حسن العسكري ( عليه السلام )... ) (1) .

30 - القاضي جواد بن إبراهيم بن محمّد ساباط القاضي الحنفي (ت: 1250 هـ):

في كتابه ( البراهين الساباطيّة ) فيما تستقيم به دعائم الملّة المحمّدية، حيث نقل من كتاب ( شعيا ) ما ترجمته: ( وستخرج من قِنْسِ الأسى ينبت من عروقه غصن، وستستقرّ عليه روح الربّ أعني: روح الحكمة والمعرفة، وروح الشورى والعدل، وروح العلم وخشية الله، ويجعله ذا فكرة وقّادة، مستقيماً في خشية الربّ، فلا يُقضى كذا بلجامات الوجوه ولا يدين بالسمع ).

ثمّ ذكر تأويل اليهود والنصارى هذا الكلام، ورده وقال: فيكون المنصوص عليه هو المهدي رضي الله عنه بعينه بصريح قوله ولا يدين بمجرّد السمع؛ لأنّ المسلمين أجمعوا على أنّه - رضي الله عنه - لا يحكم بمجرّد السمع والحاضر، بل لا يلاحظ إلاّ الباطن، ولم يتّفق ذلك لأحد من الأنبياء والأوصياء ).

____________________

(1) نقل كلامه بنحو من التفصيل صاحب ( كشف الأستار ): 79 - 81..

٤٠٧

إلى أنْ قال: ( وقد اختلف المسلمون في المهدي رضي الله عنه، فقال أصحابنا من أهل السُنّة والجماعة: إنّه رجل من أولاد فاطمة يكون اسمه محمّداً، واسم أبيه عبد الله، وأُمّه آمنة، وقال الإماميّون: بل، إنّه هو محمّد بن الحسن العسكري رضي الله عنهما، وكان قد تولّد سنة: 255 مِن فتاةٍ للحسن العسكري رضي الله عنه اسمها نرجس، في سرّ مَن رأى بزمن المعتمد، ثمّ غاب سنة، ثمّ ظهر، ثمّ غاب وهي الغيبة الكبرى، ولا يؤوب بعدها إلاّ إذا شاء الله. ولمّا كان قولهم أقرب لتناول هذا النص، وكان غرضي الذبّ عن ملة محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) مع قطع النظر عن التعصّب في المذهب ذكرتُ لك مطابقة ما يدّعيه الإماميّون ) (1) .

31 - عبد الرحمان بن محمّد بن حسين بن عمر باعلوي مفتي الديار الحضرميّة (ت: بعد 1251 هـ):

قال في كتابه ( بغية المسترشدين ) طبع مصر، ص296: ( نقل السيوطي عن شيخه العراقي أنّ المهدي وُلِدَ سنة: 255، قال: ووافقه الشيخ علي الخواص، فيكون عمره - في وقتنا - سنة: 958: 703 سنة.

وذكر أحمد الرملي أنّ المهدي موجود، وكذلك الشعراني أ هـ، من خط الحبيب علوي بن أحمد الحدّاد، وعلى هذا يكون عمره في سنة: 1301: 1046 سنة ) (2) .

____________________

(1) نقل كلامه صاحب ( كشف الأستار ): 84 - 85، إصدار مكتبة نينوى الحديثة.

(2) نقل كلامه الشيخ أبو طالب التجليل التبريزي في كتابه ( مَن هو المهدي ): 440 - 441، مؤسّسة النشر الإسلامي.

٤٠٨

32 - سليمان بن إبراهيم المعروف بالقندوزي الحنفي (ت: 1294 هـ):

قال في كتابه ( ينابيع المودّة ): ( فالخبر المعلوم المحقّق عند الثقات أنّ ولادة القائم ( عليه السلام ) كانت ليلة الخامس عشر من شعبان سنة: خمس وخمسين ومئتين في بلدة سامرّاء ) (1) .

كما أنّ الذي يُراجِع الباب: (79) و (80) و (82) و (83) و (84) و (85) و (86)، وغيرها من الأبواب المختصّة بأمر المهدي في كتاب ( ينابيع المودّة ) يجد الأمر جليّاً واضحاً.

33 - الشيخ نجم الدين الشافعي:

قال في كتاب ( منال الطالب ) ( مخطوط ): ( القسم الثاني في ذكر المعاني التي ذكر اختصاصهم بها وهي الإمامة الثابتة لكلّ واحد منهم، وكون عددهم مختصراً في اثني عشر إماماً، فأمّا ثبوت الإمامة لكلّ واحد منهم فإنّه حصل ذلك لكلّ واحد مِن قَبله، فحصلتْ للحسن التقي ( عليه السلام ) من أبيه علي بن أبي طالب ( عليه السلام )، وحصلتْ بعده لأخيه الحسين الزكي منه، وحصلتْ بعد الحسين لابنه علي زين العابدين منه، وحصلتْ بعد زين العابدين لولده محمّد الباقر، وحصلتْ بعد الباقر لولده جعفر الصادق منه، وحصلتْ بعد الصادق لولده موسى الكاظم منه، وحصلت بعد الكاظم لولده علي الرضا منه، وحصلت بعد الرضا لولده محمّد القانع منه، وحصلت بعد القانع لولده علي المتوكّل منه، وحصلتْ بعد المتوكّل لولده الحسن الخالص منه، وحصلت بعد الخالص

____________________

(1) ينابيع المودّة: 2/ 543، آخر الباب: (79)، منشورات الشريف الرضي المصوّرة على منشورات المطبعة الحيدريّة 1965م.

٤٠٩

لولده محمّد الحجّة المهدي ) (1) .

34 - شمس الدين التبريزي، على ما في ينابيع المودّة (2) .

35 - السيّد نعمة الله الولي، على ما في ينابيع المودّة (3) .

36 - عبد الله بن محمّد المطيري الشافعي:

قال في كتابه ( الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي وعترته الطاهرة صلوات الله عليهم ) على ما نقله المحدّث النوري في ( كشف الأستار )، حيث ذكر أنّ المؤلّف ( صدّر كتابه هذا بذكر تمام رسالة: إحياء الميت بفضائل أهل البيت عليهم السلام للإمام جلال الدين السيوطي، وهي تشتمل على ستّين حديثاً، فتمّمها وأنهاها إلى مئة وواحد وخمسين، ورُوى في الحديث الأخير: أنّ من ذرِّيَّة الحسين بن علي - رضي الله عنه - المهدي المبعوث في آخر الزمان ).

إلى أنْ قال: ( وجميع نسل الحسين وذرِّيَّته يعودون إلى إمام الأئمّة المحقّق المُجْمَع على جلالته وغزارة علمه وزهده، وورعه وكماله، سلالة الأنبياء والمرسلين، وسلالة خير المخلوقين زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه وأرضاه ).

ثمّ ذكر بعض فضائله وجماعة مِن ذرِّيَّته وجملة من المنامات في فضيلتهم، إلى أنْ قال: ( فالإمام الأوّل علي بن أبي طالب رضي الله عنه ).

____________________

(1) نقل كلامه الشيخ أبو طالب التجليل التبريزي في كتابه ( مَن هو المهدي ): 442 - 443، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين.

(2) تقدّم نقل عبارة صاحب الينابيع في الصفحات: 338، 391.

(3) تقدّم نقل عبارة صاحب الينابيع في الصفحات: 338، 391.

٤١٠

وساق أسامي الأئمة ثمّ قال: ( الحادي عشر: ابنه الحسن العسكري رضي الله عنه، الثاني عشر: ابنه محمّد القائم المهدي رضي الله عنه، وقد سبق النص عليه في ملّة الإسلام من النبي محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وكذا مِن جدّه علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومن بقيّة آبائه أهل الشرف والمراتب، وهو صاحب السيف القائم المنتظر كما ورد ذلك في صحيح الخبر، وله قبل قيامه غيبتان - إلى آخر ما قال ).

ثمّ أضاف المحدث النوري: ( والنسخة التي عثرت عليها عتيقة وكانت لمؤلّفها وبخطّه وعلى ظهرها: ( كتاب الرياض الزاهرة في فضل آل بيت النبي وعترته الطاهرة، تأليف الفقير إلى الله تعالى عبد الله محمّد المطيري شهرة: المدني حالاً، الشافعي مذهباً، الأشعري اعتقاداً، والنقشبندي طريقةً، نفعنا الله من بركاتهم، آمين ) (1) .

37 - الدكتور عبد السلام الترمانيني:

قال في ( أحداث التاريخ الإسلامي ): ( الحسن العسكري... أبو محمّد الإمام الحادي عشر مِن أئمّة الشيعة الإماميّة، وهو والد محمّد ( المهدي ) الإمام المنتظر الذي دخل السرداب في سامرّاء واختفى ) (2) .

38 - يونس أحمد السامرائي:

قال في كتابه ( سامراء في أدب القرن الثالث ) الذي طُبع بمساعدة جامعة بغداد، وهو يتكلّم عن نسبة العسكري إلى سامراء: ( فالعسكري نسبة إلى

____________________

(1) كشف الأستار عن وجه الغائب عن الأبصار: 93 - 94، إصدار مكتبة نينوى الحديثة.

(2) أحداث التاريخ الإسلامي: ج2، مجلّد1، ص171، تلاسدار دمشق.

٤١١

العسكر وهو كما مرّ بنا من أسماء سامرّاء... إلى أنْ قال: وقد حمل هذهِ النسبة جماعة من الأجلاّء منهم أبو الحسن علي الهادي بن محمّد الجواد العسكري وابنه الحسن العسكري وأبو القاسم محمّد بن الحسن العسكري وهو المهدي المنتظر (1) .

وقال في موضع آخر: كما تُوفِّي فيها ودُفن عدد غير قليل من الأفاضل والعلماء المحدّثين والقضاة واللغويّين و... منهم أبو الحسن علي بن محمّد العسكري وابنه أبو محمّد الحسن بن علي العسكري والد المنتظر (2) .

وإلى هنا نُوقِف الركب ولا نثقل على القارئ أكثر من هذا، فإن ما ذكرناه فيه غنىً وكفايةً لردّ كلّ التقوّلات والتخرّصات التي أرادتْ إطفاء نور الله وزعمتْ أنّ الحسن العسكري مات مِن غير عقب.

فها أنت - قارئي الكريم - قد عرفت عبارات المؤرّخين وأهل الفن والمعرفة، وكلّها صراحة ووضوح بولادة محمّد بن الحسن، ورأيتُ أنّهم ما بين قائل بمهدويّته، وما بين قائل بولادته من دون إشارة إلى وفاته، عدا بعض التخرّصات المشيرة إلى وفاته رجماً بالغيب، وهذا يؤيّد صراحة قول الشيعة بأنّ الإمام الحجّة حي غائب عن الأبصار.

إذن، فلتخرس كلّ الألسن التي نطقتْ زوراً وباطلاً...

ولتفض كلّ الأفواه التي حرِّفتْ مسار التاريخ ودُسَّتْ فيه زيفاً وبهتاناً...

فقد أشرقت الشمس وبزغ القمر وعلا نور الحقيقة يصدح بنور الإمامة...

____________________

(1) سامراء في أدب القرن الثالث الهجري: 46، مطبعة الإرشاد، بغداد.

(2) المصدر نفسه: 70.

٤١٢

ووُلِدَ مهديُّ آل محمّد ليحطّم أنوف الجبابرة، ويهشّم كبرياء وغرور الظالمين؛ ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد ما مُلِئضتْ ظلماً وجوراً.

والحمد الله ربّ العالمين.

٤١٣

٤١٤

خاتمة الكتاب

وفيها أمران:

اتّضح من البحوث السابقة أنّ الأمّة الإسلاميّة أجمعتْ بأسرها على جلالة وعظمة أهل البيت ( عليهم السلام )، وقد عرفنا أنّ الآيات والروايات دلّت على وجوب اتّباعهم والتمسّك بمنهجهم والانتهال من معين نبْعهم الثَر، كما عرفنا أنّ كتب أهل السُنّة قد تناولتْهم بالمدح والثناء، بل قرأنا أنّ جملة من علماء أهل السُنّة - فضلاً عن عوامّهم - كانوا يزورون مراقد أئمّة أهل البيت ويتوسّلون بهم إلى الله في قضاء حوائجهم (1) ، ومن هنا يتبيّن أنّ لأهل هذا البيت عليهم السلام محوريّة مميّزة في حياة الأمّة الإسلاميّة، وأنّ لهم دوراً مركزيّاً في إحياء شرعة الحقّ التي جاء بها النبي محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )؛ ولذا يجدر بنا التنبيه إلى أمرين:

* الأمر الأوّل:

عند مراجعة ما تقدّم يتّضح جلياً أنّ لأهل البيت ( عليهم السلام ) تراثاً علميّاً ضخماً ملأ آفاق الدنيا، فقد عرفنا أنّ عليّاً ( عليه السلام ) كان باب مدينة علم رسول الله، ووارث علمه (2) .

ولا يخفى على القارئ مكانة علي ( عليه السلام ) العلميّة بين الصحابة:

قال ابن عبّاس: ( قال عمر: عليٌ أقضانا ).

وقال ابن مسعود: ( كنّا نتحدّث أنّ أقضى أهل المدينة علي ).

وقال ابن المسيّب: ( قال عمر: أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن ).

وقال ابن عبّاس: ( إذا حدّثنا ثقة بفتيا عن علي لم نتجاوزه ) (3) .

____________________

(1) انظر مثلاً ما تقدّم من: قول الشافعي: ص271، وأبي علي الخلال: ص271، والسمعاني: ص273، وابن حِبَّان: ص293، والذهبي: ص299.

(2) انظر: آخر الفصل الأوّل.

(3) هذهِ الأقوال أرسلها الذهبي إرسال المسلّمات في ( تاريخ الإسلام ): وفيات: (11 - 40هـ)، ص 638.

٤١٥

فعليّ ( عليه السلام ) كان مرجعاً في الفتيا والقضاء وكلّ ما يتعلّق بأمور الدين والدنيا، حتّى أنّ سعيد بن المسيّب قال: ( لم يكن أحدٌ من الصحابة يقول: ( سلوني ) إلاّ علي ) (1) .

لذا، فإنّ الصحابة نهلوا منه الكثير الكثير، قال ابن الأثير - بعد أنْ تحدّث عن علم علي ( عليه السلام ) -: ( ولو ذكرنا ما سأله الصحابة - مثل عمر وغيره رضي الله عنهم - لأطلنا ) (2) .

إذن، فعلم علي ( عليه السلام ): لا يخفى على أحد، وكذا أولاده الطاهرين من أهل البيت، كلّهم كانوا من أكابر العلماء وأجلّتهم، كما عرفت من الكلمات السابقة في حقّهم ( عليهم السلام ).

أمّا الحسن والحسين: فلا يخفى جلالة قدرهما وعظيم علمهما عند كافّة المسلمين.

وزين العابدين: كان أفضل وأفقه أهل المدينة.

والباقر: سُمّي بذلك؛ لأنّه بقر العلم بقراً.

والصادق: كان من أعاظم العلماء، حتّى أنّ أبا حنيفة لم يرَ مَن هو أفقه منه، وقد نُقل عنه من العلوم ما سارتْ به الركبان وانتشر صيته في جميع البلدان.

وهكذا الكاظم، والرضا، والجواد، والهادي، والعسكري : كلّهم كانوا من أجلّة العلماء وأكابرهم، وكان بعضهم يفتي في مسجد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ).

وأمّا المهدي المنتظر: فهو وارث علم النبي والذي سيحكم ويُقيم العدل في الأرض، بعد ما ملأها الظلم والجور.

إذن، فأينما تضع يدك فإنّك تضعها على كنز من كنوز العلم والمعرفة، فأهل البيت ( عليهم السلام ) كانوا يحملون العلوم المحمّدية المباركة ويفيضون بها على الملأ الإسلامي.

____________________

(1) المصدر نفسه: 638.

(2) أُسدُ الغابة: 4/110، دار إحياء التراث العربي.

٤١٦

والتساؤل الذي يتأرجح في ذهن كلّ قارئ هو:

- أينَ تراث أهل البيت في كتب أهل السُنّة؟!

- وأينَ فقههم بالذات؟!

- وهل عملوا به وأخذوا منه؟!

إنّ مراجعة بسيطة لكتبهم الحديثيّة والفقهيّة وغيرها تعطيك جواباً جليّاً واضحاً، وهو:

إنّ الأخوة من أهل السُنّة لم ينهلوا من هذا المنبع العذب الذي أمرنا الرسول بالتمسّك به، فلا تجد في طيّات كتبهم إلاّ النَزْر اليسير ممّا نسبوه إلى أهل البيت ( عليهم السلام )، بل تجد في كلمات بعض علمائهم تحاملاً واضحاً على أهل هذا البيت المبارك، وكأنّ الرسول الأعظم محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لم يوصِ الأمّة بهم خيراً.

فها هو القاضي المعروف بابن خلدون المالكي صاحب كتاب التاريخ المعروف بـ ( تاريخ ابن خلدون ) يتهجّم على هذا المذهب المحمّدي الأصيل ويصفه بالشذوذ، فيقول في تاريخه: ( وشذّ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها وفقهٍ انفردوا به... ) (1) .

فما أمر به الرسول يكون شذوذاً عند ابن خلدون؟!!

وما ورثه علي من النبي يكون بدعة؟!!

وفي نفس المضمار تجد ابن تيمية ( شيخ الإسلام ) يُجْهِد نفسه في سبيل إثبات أنّ الأئمّة الأربعة، وسائر فقهاء أهل السُنّة لم يأخذوا من علي ( عليه السلام )، ولا مِن أولاده الطاهرين، فيقول: ( فليس في الأئمّة الأربعة - ولا غيرهم مِن أئمّة الفقهاء - مَن يرجع إليه [ إلى علي ] في فقهه:

أمّا مالك: فإنّ علمه عن أهل المدينة، وأهل المدينة لا يكادون يأخذون بقول علي، بل أخذوا فقههم عن

____________________

(1) تاريخ ابن خلدون: 1/446.

٤١٧

الفقهاء السبعة، عن: زيد، وعمر، وابن عمر ونحوهم.

أمّا الشافعي: فإنّه تفقّه أوّلاً على المكِّيِّين، أصحاب ابن جريج كسعيد بن سالم القدّاح، ومسلم بن خالد الزنجي، وابن جريج أخذ ذلك عن أصحاب ابن عبّاس، كعطاء وغيره، وابن عبّاس كان مجتهداً مستقلاًّ، وكان إذا أفتى بقول الصحابة أفتى بقول أبي بكر وعمر، لا بقول علي، وكان يُنْكِر على علي أشياء.

ثمّ، إنّ الشافعي أخذ عن مالك، ثمّ كتب كُتب أهل العراق، وأخذ مذاهب أهل الحديث، واختار لنفسه.

وأمّا أبو حنيفة: فشيخه الذي اختص به حمّاد بن أبي سليمان، وحمّاد عن إبراهيم، وإبراهيم عن علقمة، وعلقمة عن ابن مسعود، وقد أخذ أبو حنيفة عن عطاء وغيره.

وأمّا الإمام أحمد: فكان على مذهب أهل الحديث، أخذ عن ابن عُيَيْنَة، وابن عيينة عن عمرو بن دينار عن ابن عبّاس وابن عمر، وأخذ عن هشام بن بشير، وهشام عن أصحاب الحسن وإبراهيم النخعي، وأخذ عن عبد الرحمان بن مهدي ووكيع بن الجراح وأمثالهما، وجالس الشافعي، وأخذ عن أبي يوسف واختار لنفسه قولاً، وكذلك إسحاق بن راهويه، وأبو عبيد ونحوهم، والأوزاعي والليث أكثر فقههما عن أهل المدينة وأمثالهم، لا عن الكوفيّين ).

وأضاف بعد أسطر قليلة: ( فهذا موطّأ مالك ليس فيه عنه ولا عن أحد أولاده إلاّ قليل جدّاً، وجمهور ما فيه عن غيرهم، فيه عن جعفر تسعة أحاديث، ولم يروِ مالك عن أحد من ذرِّيَّته إلاّ عن جعفر، وكذلك الأحاديث التي في الصِحَاح والسنن والمسانيد، منها قليل عن ولده وجمهور ما فيها عن

٤١٨

غيرهم ) (1) .

هكذا أنهك شيخ الإسلام نفسَه في إثبات أنّ أهل السُنّة لم يأخذوا مِن أئمّة أهل البيت، وغفل ابن تيمية عن أنّ ذاك لا يُعدّ منقصة على أهل البيت، بل هو منقصة عظيمة على أولئك الفقهاء الذين خلّفوا وصيّة رسول الله وراء ظهورهم، فإنّ كلام ابن تيمية يعني أنّ جمهرة الفقهاء خالفوا وصيّة الرسول الأكرم في التمسّك بالثقلين: الكتاب والعترة، ولم يدخلوا إلى مدينة علم النبي من بابها الذي وضعه الله لها، ولم يرتضعوا علماً ورثه علي ( عليه السلام ) من الرسول الأكرم محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ).

إذن، فعلماء أهل السُنّة لم يتمسّكوا بأهلِ البيت ( عليهم السلام )، ولم يضمّوا بين دفات كتبهم إلاّ النَزْر اليسير من تراثهم!!

بل إنّ الإمام البخاري احتجّ في كتبه بالخوارج والنواصب المبغضين لعلي بن أبي طالب؛ أمثال: عمران بن حطان السدوسي ، الذي كان من رؤوس الخوارج (2) ، وهو المادح عبد الرحمان بن ملجم قاتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) بقوله:

يا ضربةً مِن تقيٍّ مَا أَرَادَ بِهَا

إِلاَّ لِيَبْلُغَ مِنْ ذِيْ العَرْشِ رِضْوَانَا

إِنِّي لأَذْكُرهُ حِيْنَاً فَأَحْسُبُهُ

أَوْفَى البَرِيَّة عِنْدَ الله مِيْزَانَا (3)

____________________

(1) منهاج السنّة: 7/529 - 531، بتحقيق الدكتور محمّد رشاد سالم، الطبعة الأ ُ ولى.

(2) سير أعلام النبلاء: 4/214، مؤسّسة الرسالة.

(3) المصدر نفسه: 4/215.

٤١٩

وأمثال: حريز بن عثمان الرحبي الناصبي (1) ، المشهور الذي كان يَلعن عليَّ بن أبي طالب بالغداة سبعين مرّة وبالعشيّ سبعين مرّة، كما نقل ذلك ابن حِبَّان (2) .

وهكذا فالبخاري يروي عن الكثير من أمثال هؤلاء، لكنّه أبى أنْ يُخرّج عن الإمام الصادق في صحيحه (3) ، مع أنّ الصادق من أكابر علماء أهل البيت، ومجمع على جلالة قدره!!!

هذا هو التنبيه الأوّل الذي أحببنا التنويه إليه، فعلى كلّ طالب للحقيقة الالتفات إلى هذا الأمر المهم، والنظر إليه بعين الإنصاف، بعيداً عن قيود الموروث الذي كبّل الأفكار عن الانطلاق في عالم النور.

* الأمر الثاني:

إنّ السيرة العمليّة للكثير من علماء أهل السُنّة تَتَّسِم بالابتعاد عن أهل البيت ( عليهم السلام )، فمضافاً إلى أنّهم لم ينهلوا من علوم أهل البيت عليهم السلام تلاحظهم ينأَون بأنفسهم بعيداً عنهم، حتّى ولو استلزم ذلك مخالفة النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم )!!!

فقد صحّت الروايات في كتبهم الحديثيّة أنّ كيفيّة الصلاة الصحيحة على النبي التي علّمها النبيُّ أصحابَه هي بضميمة الصلاة على الآل (4) ، لكنّك ترى

____________________

(1) الناصبي: هو المبغض والمعادي لعلي، وأهل البيت ( عليهم السلام )، وهو منافق بنص قول النبي ( صلّى الله عليه وآله ) المتّفق على صحّته بين الشيعة والسنّة، وهو: ( يا علي لا يحبّك إلاّ مؤمن، ولا يبغضك إلاّ منافق )، وقد تقدّم ذكره، انظر للاطّلاع: ( صحيح مسلم ): 1/61، دار الفكر.

(2) انظر: ( تهذيب التهذيب ): 2/222، دار الفكر.

(3) انظر: ( سير أعلام النبلاء ): 6/269، مؤسّسة الرسالة.

(4) انظر: ( صحيح مسلم ): 1/305، دار الفكر، وقد تقدّم ذكر بعض مصادر الحديث في الفصل الأوّل عند ذكر فضائل علي الخاصّة ( الحديث السادس ).

٤٢٠