الإمامة في أهم الكتب الكلامية

الإمامة في أهم الكتب الكلامية11%

الإمامة في أهم الكتب الكلامية مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 527

الإمامة في أهم الكتب الكلامية
  • البداية
  • السابق
  • 527 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 276746 / تحميل: 9012
الحجم الحجم الحجم
الإمامة في أهم الكتب الكلامية

الإمامة في أهم الكتب الكلامية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260


أقول :

إنّ الذين لا يخافون الله والدّار الآخرة فيضعون على رسول الله عليه وآله وسلّم ما لم يقله ، لا وازع لهم عن الوضع على علي أمير المؤمنينعليه‌السلام وليس الذي وضعوه على لسانه ما ذكره السّعد فقط ، بل الموضوعات عليه في هذا الباب يبلغ العشرات ، بل وضعوا على لسان أئمّة العترة ورجالات أهل البيت ما لا يعدّ ولا يحصى

قال(٢٩٤) :

( وأمّا الأمارات ).

أقول :

وإذْ لا دليل من الكتاب والسنّة ولا اجماع فما فائدة الأمارات؟

قال(٢٩٤) :

( وتشرّفه بقوله عليه‌السلام : عثمان أخي ورفيقي في الجنة ) .

أقول :

وهذا الحديث نظير ما وضعوه وافتروه في حق اللذين من قبله فقد أخرجه ابن ماجة عن : أبي مروان محمد بن عثمان الأموي العثماني عن أبيه عثمان ابن خالد حفيد عثمان بن عفان عن عبدالرحمن بن أبي الزنادعن أبيه ـ وهو مولى لعائشة بنت عثمان ـ عن الأعرج عن أبي هريرة : إن رسول الله قال : لكلّ نبي رفيق في الجنة ورفيقي فيها عثمان بن عفان(١) .

فهو حديث لآل عثمان عن أبي هريرة؟!

وقد قال شارحه السندي : « اسناده ضعيف. فيه : عثمان بن خالد وهو ضعيف باتفاقهم »(٢) .

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١/٤٠.

(٢) سنن ابن ماجة ١/٤٠.


٢٦١


مضافاً إلى أن أبا مروان مقدوح وقال بعض أئمّة القوم : يروي عن ابيه المناكير(١) . وهذا منها

وأبوه عثمان بن خالد قال البخاري : عنده مناكير. وقال النسائي : ليس بثقة. وقال العقيلي : الغالب على حديثه الوهم. وقال أبو أحمد : منكر الحديث. وقال ابن عدي : أحاديثه كلّها غير محفوظة. وقال الساجي : عنده مناكير غير معروفة. وقال الحاكم وأبو نعيم : حدّث عن مالك وغيره بأحاديث موضوعة إلى غير ذلك من الكلمات(٢) فهو ضعيف باتفاقهم كما ذكر شارح ابن ماجة ، بل قال ابن الجوزي : نسب إلى الوضع(٣) .

وعبد الرحمن بن أبي الزّناد قال ابن معين : ليس ممّن يحتج به أصحاب الحديث ، ليس بشيء. وقال ابن صالح وغيره عن ابن معين : ضعيف : وقال الدوري عن ابن معين : لا يحتج بحديثه. وقال صالح بن أحمد عن أبيه : مضطرب الحديث. وعن ابن المديني : كان عند أصحابنا ضعيفاً. وقال النسائي : لا يحتج بحديثه. وقال ابن سعد : كان كثير الحديث وكان يضعّف لروايته عن أبيه(٤) .

وأمّا الحديث الآخر في حياء عثمان ، فهو من جملة عدّة أحاديث موضوعة في هذا الباب ، يكفي متنها دليلاً على وضعها فلا حاجة إلى النظر في أسانيدها

على أن هذا الحديث بالخصوص يشتمل على إهانة كبيرة للنبي الأقدسصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث نسب واضعه إليه الكشف عن أفخاده بحضور أصحابه فهو أراد صنع فضيلة لعثمان ـ وهي الحياء ـ ونسب إلى الرّسول عدم الحياء! مع كونه كما وصفه أبو سعيد الخدري « أشدّ حياء من العذراء في خدرها »(٥)

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٩/٣٣٦.

(٢) تهذيب التهذيب ٧/١١٤.

(٣) العلل المتناهية ١/٢٠٦.

(٤) تهذيب التهذيب ٦/١٧١.

(٥) تجده في البخاري في باب صفة النبي ، وفي غيره من الصحاح.


٢٦٢


لا سيّما وأن جمهور فقهائهم على أن الفخذ عورة

وأيضاً : يدل الحديث على أفضلية عثمان من أبي بكر وعمر ، فإنهما قد دخلا على النبي في تلك الحال فلم يغطّ فخذيه ، فلمّا دخل عثمان سترهما وقال هذه الكلمة؟!

قال(٢٩٥) :

( القائلون بأفضليّة علي تمسّكوا بالكتاب والسنة والمعقول ).

أقول :

الوجوه التي ذكرها أقلّ قليل من الأدلة التي يقيمها أصحابنا على أفضليّة أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من جميع الخلائق.

قال(٢٩٩) :

( والجواب : إنّه لا كلام في عموم مناقبه إلاّ أنه لا دليل على الأفضلية بعدما ثبت من الاتفاق والاعتراف من علي بذلك ).

أقول :

كيف لا تكون هذه الأدّلة دالّة على الأفضلية ، وهو غير منكر لنزول الآيات التي ذكرها في شأن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ولاعتبار الأحاديث المستدل بها ، ولا لشيء من صفات الامام وكمالاته؟

إنه لا وجه لقوله : « لا يدلّ على الأفضلية » إلاّ التعصّب ، وإلاّ لأتى بالردّ. وأمّا رفع اليد عن الدلالة بالاتفاق والاعتراف فهو يعلم بأن لا اتّفاق فضلاً عن الاجماع على أفضلية أبي بكر ، ولا اعتراف من أمير المؤمنينعليه‌السلام بذلك وإنّه ليكفي ردّاً على دعوى الاتفاق والاعتراف ذهاب جماعة كبيرة من أعيان الصّحابة من بني هاشم وغيرهم إلى أفضلية علي ، ذكر بعضهم ابن عبدالبرّ حيث قال : « وروى عن سلمان وأبي ذر والمقداد وخباب وأبي سعيد الخدري وزيد بن أرقم أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أوّل من أسلم وفضّله هؤلاء على


٢٦٣


غيره »(١) .

ولايخفى أن كلّ واحد من هؤلاء الذين ذكرهم يعادل مئات الآلاف من سائر الناس ، لعظمته وجلالته وقربه من رسول الله وجهاده وجهوده في سبيل الاسلام

على أنّ الاعتراف ثابت من أبي بكر ذلك ، في مواضع عديدة ، رواها علماء القوم أنفسهم ، منها : ما رواه هو عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال : « علي مني بمنزلتي من ربي »(٢) . ومنها : ما رواه الشعبي قال : « بينما أبوبكر جالس إذ طلع علي فلمّا رآه قال : من سرّه أن ينظر إلى أعظم الناس منزلةً وأقربهم قرابةً وأفضلهم حالةً وأعظمهم حقاً عند رسول الله فلينظر إلى هذا الطالع »(٣) ومنها : قول أبي بكر في خطبة له : « أما بعد أيّها الناس قد وليّت أمركم ولست بخيركم »(٤) فإذا نفى عن نفسه الأفضلية فقد أثبتها لعليعليه‌السلام اذ لا ثالث بالاجماع ، ويشهد به قوله : « أقيلوني فلست بخيركم »(٥) وفي بعض الكتب بعده : « وعلي فيكم ».

وكأنّ السّعد ملتفت إلى ما ذكرناه من تماميّة الأدلة على الأفضلية وعدم وجود ما يصلح للمنع عن دلالتها ولذا عاد إلى البحث في دلالة بعض الأدلة ، لكن لم يأت إلاّ باحتمالات باردة وتخيّلات سقاطة وادّعاءات فارغة

قال(٢٩٩) :

( على أنّ فيما ذكر مواضع بحث لا تخفى على المحصّل ، مثل : أنّ المراد ( بأنفسنا ) نفس النبي كما يقول : دعوت نفسي إلى كذا ).

__________________

(١) الإستيعاب ٣/١٠٩٠ ترجمة أمير المؤمنين.

(٢) الصواعق المحرقة : ١٠٩.

(٣) الصواعق المحرقة : ١٠٩.

(٤) طبقات ابن سعد ٣/١٨٢ قال ابن كثير : إسناده صحيح ٥/٢٤٨.

(٥) الإمامة والسياسة ١/١٤.


٢٦٤


أقول :

هذا من السّعد عجيب جداً ، وأيّ معنى لأن يدعو الإنسان نفسه؟ وعلى فرض وروده في شيء من الاستعمالات الفصيحة فهو مجاز قطعاً. وقد ذكر شيخه العضد في ( المواقف ) وكذا شارحها الجرجاني وجه الاحتجاج بالآية المباركة وهذه هي العبارة : « وجه الاحتجاج : إنّ قوله تعالى : (وأنفسنا ) لم يرد به نفس النبي ، لأنّ الإنسان لا يدعو نفسه ، بل المراد به علي ، دلّت عليه الأخبار الصحيحة والروايات الثابتة » ثم ذكرا في الجواب : « وقد يمنع أن المراد بأنفسنا علي وحده ، بل جميع قراباته » فهما يسلّمان أنّ الإنسان لا يدعو نفسه ، وإنّما يمنعان أن يكون المراد علي وحده وقد أجبنا عن هذا المنع.

وعلى الجملة ، فما ذكره السّعد في غاية السخافة والسّقوط.

قال(٢٩٩) :

( وإنّ وجوب المحبة وثبوت النصرة على تقدير تحققه في حق علي فلا اختصاص به ).

أقول :

هذا إشكال في دلالة آية المودّة وآية( وصالح المؤمنين ) ولا أحد من المسلمين ينكر كون علي ممّن نزلت فيه آية المودّة ، وكون فاطمة زوجته والحسنين ولديه شركاء معه في ذلك لا يضرّ بالاستدلال كما هو واضح. وأمّا كون المراد من( صالح المؤمنين ) أمير المؤمنينعليه‌السلام وحده وأنّ الآية مختصة به فذاك ما اتّفقت عليه أخبار الفريقين وأقوال علمائها(١) ولكن السعد يجهل أو يتجاهل!

قال (٢٩٩) :

( وكذا الكمالات الثابتة للمذكورين من الأنبياء ).

أقول : هذا إشارة إلى حديث : « من أراد أن ينظر » لكن هذا الحديث

__________________

(١) الدر المنثور ٦/٢٤٢.


٢٦٥


وارد في حق علي في أحاديث الفريقين ، وغير وارد في حق غيره كذلك بل مطلقاً ، فكيف لا يكون اختصاص به؟

بل في بعض الأحاديث التي رواها القوم أيضاً أنّ أبابكر نفسه من رواه هذا الحديث عن رسول الله في حق علي ، فقد روى الحافظ الخطيب الخوارزمي المتوفى سنة ٥٦٨ بسنده : « أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان في جمع من أصحابه فقال : أريكم آدم في علمه ونوحاً في فهمه وإبراهيم في حكمته. فلم يكن بأسرع من أنْ طلع علي. فقال أبوبكر : يا رسول الله أقست رجلاً بثلاثةٍ من الرسل؟ بخ بخ لهذا الرجل ، من هو يا رسول الله؟ قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ألا تعرفه يا أبابكر؟ قال : الله ورسوله أعلم. قال : أبو الحسن علي بن أبي طالب. قال أبابكر : بخ بخ لك يا أبا الحسن ، وأين مثلك؟ ».

وبالجملة ، فإنكار دلالة هذا الحديث على اختصاص تلك الكمالات به دون غيره مكابرة واضحة ، ولذا لم يتفّوه به شيخه العضد وشارحه ، بل كان اعتراضهما بغير ذلك ، وقد أجبنا عنه في ( الطرائف ) بما لا مزيد عليه.

قال(٢٩٩) :

( وإنّ أحب خلقك يحتمل تخصيص أبي بكر وعمر منه ، عملاً بأدلة أفضليتهما ، ويحتمل أن يراد : أحب الخلق إليك في أنْ يأكل منه ).

أقول :

أمّا الإحتمال الأوّل ففيه :

أوّلاً : إنّ القرائن الحاليّة والمقالية الموجودة مع حديث الطير تفيد كونه آبياً عن أيّ تخصيص.

وثانياً : إنّ تخصيص أبي بكر وعمر منه ـ ولا يخفى أنّه لا يذكر عثمان معهما ـ موقوف على ثبوت أفضليّتهما ، وقد عرفت أنّه لا دليل عليها مطلقاً.

وثالثاً : إنّ بعض ألفاظ حديث الطير المروي في غير واحدٍ من كتبهم المعتبرة نصّ في عدم تخصيصهما ، فقد روى النسائي في ( الخصائص ) بسندٍ صحيح عن


٢٦٦


أنس بن مالك : « إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان عنده طائر فقال : اللهم ائتني بأحبّ خلقك إليك يأكل معي من هذا الطائر ، فجاء أبوبكر فردّه ثم جاء عمر فردّه ثم جاء علي فأذن له ».

وأمّا الاحتمال الثّاني فيردّه وجوه :

الأوّل : إنّه قد تقرّر أنّ حذف المتعلّق يدلّ على العموم ، فالحديث ظاهر في الأحبيّة من جميع الجهات ، وتخصيصه بجهةٍ دون أخرى بلا مخصّص مردود.

وثالثاً : إنّ هذه الشبهة طرحها بعض المخالفين المتقدّمين على السّعد بقرون ، وتعرّض للجواب عنها المشايخ الكبار من أصحابنا ، قال الشيخ محمد بن محمد النعمان البغدادي المعروف بالمفيد المتوفى سنة ٤١٣ قال كما في ( الفصول المختارة ) : « هذا الذي اعترضت به ساقط ، وذلك أن محبة الله تعالى ليست ميل الطّباع وانّما هي الثواب ، كما أنّ بغضه وغضبه ليست باهتياج الطّباع. وإنما هما العقاب ، ولفظ أفعل في أحب وأبغض لا يتوجّه إلاّ ومعناهما من الثواب والعقاب ، ولا معنى على هذا الأصل لقول من زعم أنّ أحبّ الخلق إلى الله يأكل مع رسول الله توجّه إلى محبة الأكل والمبالغة في ذلك بلفظ أفعل ، لأنّه يخرج اللفظ ممّا ذكرناه من الثواب إلى ميل الطباع ، وذلك محال في صفة الله تعالى ».

وثالثاً : إنّ حديث الطير ممّا احتجّ به الامامعليه‌السلام في مناشدة أهل الشورى ، روى ذلك الحاكم النيسابوري ـ كما في كفاية الطالب ـ وجماعة من كبار المحدثين ، فلو كان مراد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الأحب في الأكل فقط لما تمّ احتجاجه ، أو لذكّره القوم بذلك وما سكتوا.

ورابعاً : لو كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أراد الأحبّ في شيء دون شيء لجاء مع عليعليه‌السلام أناس آخرون يكونون أحبّ اليه في بعض الأمور ، بل لا يكون لدعائه فائدة ، لأن حال علي حينئذٍ كسائر المؤمنين الذين يحبّهم الله في بعض أعمالهم ، ففي أيّ شيء كان تأثير دعائهصلى‌الله‌عليه‌وآله المستجاب قطعاً؟


٢٦٧


وخامساً : إنّه لو كان علي أحبّ إليه في بعض الاشياء كان غيره أحبّ إليه في البعض الآخر ، وحينئذٍ لم يكن وجه لأنْ يردّ أنس عليّاًعليه‌السلام قائلاً في كلّ مرة يأتي « رسول الله على حاجة » ثم يعتذر بأنّه كان يرجو أنْ يكون الدعاء لرجلٍ من قومه الأنصار!

قال(٢٩٩) :

( وإنّ حكم الاخوة ثابت في حق أبي بكر وعثمان ).

أقول :

ما ذكره دليلاً على هذا المدّعى باطل ، ولو صحّ على أصولهم فليس بحجة علينا. عى أنّ حديث « أخي ورفيقي في الجنة » قد عرفت بطلانه بإقرار علمائهم.

قال(٢٩٩) :

( وأمّا حديث العلم والشّجاعة ).

أقول :

لا يخفى أنّه لم يدّع لعثمان علماً ولا شجاعة ، ولم يدّع لعمر شجاعة.

وادّعى العلم لأبي بكر وعمر لكن عبارته :( لم تقع حادثة إلاّ ولأبي بكر وعمر في رأي ) فأقول :

١ ـ هل يكون هذا الكلام جواباً عن أعلمية أمير المؤمنين ومرجعيّته في جميع العلوم المضروب بها المثل بين الأوّلين والآخرين؟

٢ ـ هناك موارد كثيرة سئل فيها الشيخان عن شيء فكانا جاهلين وتلك قضايا الأسئلة منهما مدوّنة يعلمها الكلّ ولا ينكرها أحد؟

٣ ـ على السّعد أن يذكر شيئاً من موارد إصابة رأيهما ومتابعة سائر الصّحابة لهما ، أمّا دعوى أنّه لم تقع حادثة إلاّ ولهما رأي فغير مسموعة.

وادّعى الشجاعة لأبي بكر وحده ولكن عبارته :( ولم يكن رباط الجأش وشجاعة القلب وترك الاكتراث في المهالك في أبي بكر أقل من أحد ) فأقول :


٢٦٨


إنّ أشجعيّة أمير المؤمنينعليه‌السلام يضرب بها المثل ويعترف بها الموافق والمخالف ، وما قامت للدّين الحنيف قائمة إلاّ بسيفه وتلك مواقفه في الغزوات والحروب يعرفها الجميع فمن يدانيه في شجاعته والسّعد لا يدّعي الأشجعيّة له خاصة من عليعليه‌السلام ، ولم يجرء على التصريح باسمه ، بل يقول( لم يكن أقل من أحد ) .

قال(٣٠٠) :

( وأمّا حديث زهدهما في الدنيا فغنّي عن البيان ).

أقول :

هلاّ ذكر عثمان كذلك؟ وقوله : « غني من البيان » ليس إلاّ فراراً من الميدان ، وإلاّ فليأت بأدلّة وشواهد ولقد روى القوم أنفسهم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله وصف الإمامعليه‌السلام بالزهد فقال له : « يا علي إنّ الله تعالى قد زيّنك بزينة لم يزيّن العباد بزينةٍ أحب إلى الله منها ، هي زينة الأبرار عند الله عز وجل : الزهد في الدنيا ، فجعلك لا تزرأ من الدنيا شيئاً ولا تزرأ الدنيا منك شيئاً ، ووهب لك حبّ المساكين فجعلك ترضى بهم أتباعاً ويرضون بك إماماً »(١) .

قال (٣٠٠) :

( وأمّا السّابق إسلاماً فقيل : علي وقيل ).

أقول :

ليس غرض السّعد إلاّ إنكار هذه الفضيلة للامامعليه‌السلام ، وإلاّ فإنّ حديث سبقه إلى الاسلام رواه : الترمذي وأبو حنيفة والحاكم والبيهقي والطبري والسهيلي وابن هشام وابن الأثير وابن كثير وابن عبدالبّر وابن حجر العسقلاني والخطيب وابن سعد وأبو نعيم والزمخشري والسيوطي والمناويّ عن عدّة كبيرة من الأصحاب ، بل قال ابن حجر المكي : « نقل بعضهم الاجماع عليه ومن ثمّ

__________________

(١) حلية الأولياء ١/٧١ ترجمتهعليه‌السلام .


٢٦٩


يقال كرّم الله وجهه »(١) بل أخرج الحاكم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أوّلكم وروداً عليّ الحوض أوّلكم إسلاماً : علي بن أبي طالب »(٢) وعن عليعليه‌السلام ـ فيما أخرجه البلاذري وابن عساكر وغيرهما ـ « أنا الصّديق الأكبر آمنت قبل أن يؤمن أبوبكر وأسلمت قبل أن يسلم »(٣) .

هذا في إسلام علي.

وأمّا إسلام أبي بكر فقد روى غير واحد أنّه أسلم قبله أكثر من خمسين(٤) .

وبعد هذا كلّه فإنّ السّعد لم يذكر دليلاً على دعوى سبق أبي بكر إلى الإسلام إلاّ شعر حسّان فإنّه قال :

( وقيل : أبوبكر ، وعليه الأكثرون على ما صرّح به حسان بن ثابت في شعر أنشده ).

أقول : أين شعر حسّان؟ وما هو؟ ومن يرويه؟

ولو سلّم فهل يقاوم ما تقدّم؟

على أنّ من شعر حسان بن ثابت :

« جــــبريل نـادى معـلنـا

والـنـقـع لـيس بمـنـجـلي

والمـســلمـون قـد أحـدقـوا

حـول الـنـّبـي المـرســل

لا ســيف إلاّ ذو الــفـقــار

ولا فــتـى الاّ عــلـي »(٥)

ومن شعره الثابت المرويّ في كتب الفريقين شعر ، يوم غدير خم وقد تعرّضنا له سابقاً.

__________________

(١) الصواعق المحرقة : ٧٢.

(٢) المستدرك على الصحيحين ٣/١٣٦.

(٣) أنساب الاشراف ٢/١٤٦ ، تاريخ دمشق ١/٥٣ ترجمة أمير المؤمنينعليه‌السلام .

(٤) تاريخ الطبري ٣/٤٢٠.

(٥) رواه سبط ابن الجوزي في التذكرة : ١٦ عن أحمد في الفضائل.


٢٧٠


قال(٣٠٠ ـ ٣٠١) :

( ما ذكر من أفضلية بعض الأفراد بحسب التعيين أمر ذهب اليه الأئمّة ، وقامت عليه الأدلّة ، قال الامام الغزالي : حقيقة الفضل ما هو عندالله ، وذلك ممّا لا يطّلع عليه إلاّ رسول الله ).

أقول :

إنّ الفضائل منها : نفسانيّة كالعصمة والأعلميّة ومنها : بدنيّة كالشجاعة ونحوها ، ومنها : خارجيّة كشرف الزوجة والأبناء مثلاً أمّا البدنيّة والخارجية فذلك ممّا يطّلع عليه جميع الناس ، وأمّا النفسانية فلا يطّلع عليها إلاّ رسول الله كما قال الغزالي وأقرّه السّعد ، ومن هنا قلنا باشتراط النصّ ، لأن من شرائط الإمامة العصمة والأعلميّة ، وهذان لا يطّلع عليهما إلاّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فلا بدّ من النصّ.

وقد عرفت أن لا نصّ إلاّ على عليعليه‌السلام

قال(٣٠١) :

( وقد ورد في الثناء عليهم أخبار كثيرة فلو لا فهم ذلك لما رتّبوا الأمر كذلك ).

أقول :

قد عرفت حال ما رووه في الثناء على المتقدّمين على عليعليه‌السلام ، وأمّا ترتيب الخلافة على ما وقع فليس به آية ولا رواية ولا إجماع وقد عرفت وحسن الظنّ بالصّحابة لا يجدي بعد أن ثبت وجود الفسّاق والمنافقين فيهم بكثرة كما اعترف به السّعد وغيره.

قال(٣٠١) :

(فقد ورد النّص بأنّ فاطمة ).

أقول :

وأمّا فاطمة الزهراءعليها‌السلام فقد اعترف بأنّه « قد ثبت أنّ فاطمة


٢٧١


الزهراء سيدة نساء العالمين » لكن ليس هذا وحده ما ثبت من فضائلها ، فإنّ من جلائل فضائلها قول والدها فيها : « فاطمة بضعة منّي فمن آذاها آذاني ومن آذاني آذى الله » فإنّ هذا الحديث يدلّ على عصمتها فتكون بذلك أفضل الناس بعد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وقد أنصف الحافظ أبو القاسم السهيلي حيث قال بدلالة الحديث المذكور على أفضليتها من أبي بكر وعمر ، كما نقل عنه المناوي ذلك وأقرّه بشرح الحديث في ( فيض القدير ).

قال(٣٠١) :

( وأنّ الحسن والحسين ).

أقول :

فضائل الحسنينعليهما‌السلام لا تعدّ ولا تحصى ، ومن تأمّل فيها وأنصف حكم بكونهما أفضل الخلائق بعد والديهما كيف لا وهما إمامان معصومان بنصّ الكتاب والسنّة المعتبرة.

قال(٣٠١) :

( وأنّ أهل بيعة الرضوان من أهل الجنّة ).

أقول :

من شهد ذلك وقتل في سبيل الله فمن أهل الجنة بلا كلام. ومن شهدها ومات بعد ذلك في حياة الرسول فالظاهر كونه من أهل الجنّة ايضاً. ومن بقي منهم بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان حكمه حكم غيره ، فإنّه إن حفظ وصيّة رسول الله وعمل بها في اتّباع الكتاب والعترة كان من أهل الجنّة وإلاّ فلا.

وعلى الجملة فمن آمن بالله ورسوله وعمل الصالحات ومضى إلى ربه على هذه الحال فهو من أهل الجنة ، والآيات القرآنية الصريحة في هذا المعنى كثيرة جداً.

قال(٣٠١) :

( وحديث بشارة العشرة ).


٢٧٢


أقول :

وكذلك الكلام هنا ثم إنّ الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة كما في الحديث الذي اعترف به ، فمن كان من أهل الجنة كانا سيّدين له ، ومن المعلوم كونهما أفضل حينئذٍ من سائر أهل الجنّة ، وأبوهما أمير المؤمنينعليه‌السلام أفضل منهما بالاجماع فهو أفضل أهل الجنّة بالأولويّة القطعيّة.

وحديث العشرة المبشرّة لا يروونه إلاّ عن عبدالرحمن بن عوف وسعيد بن زيد وكلاهما من العشرة!

قال(٣٠١) :

( تطابق الكتاب والسنّة والإجماع على أنّ الفضل للعلم والتقوى ).

أقول :

نعم الفضل للعلم والتقوى ، كتاباً وسنة وإجماعا ، ولا ريب في أنّ الأعلم والأتقى هو الأفضل ، فهو المتعيّن للإمامة والخلافة وقد ثبت أنّه الامام أمير المؤمنين عليعليه‌السلام .

قال(٣٠٢) :

( فإنْ قيل : قال الله تعالى : ( انما يريد الله ...) وقال النبّي : إنّي تركت فيكم ومثل هذا يشعر بفضلهم على العالم وغيره ، قلنا : نعم ).

أقول :

قد ثبت بالأحاديث المعتبرة أنّ المراد من « أهل البيت » في قوله تعالى :( انما يريد الله ) هم الخمسة الطّاهرة ، حتى أنّ أم سلمة استأذنت في الدخول معهم فلم يأذن لها رسول الله وقال : إنّك إلى خير وإذهاب الرّجس مطلقاً دليل على العصمة ، فكان الخمسة معصومين بالآية المباركة.

ومن كان معصوماً كان أفضل ، ومن كان الأفضل كان الامام دون غيره.

وثبت أيضاً : أن المراد من « عترتي أهل بيتي » في الحديث هم الأئمة الإثنا عشر ، لأنّ الأمر المطلق بالتمسّك والإتباع والأخذ يستلزم عصمة المتبوع


٢٧٣


والمقتدى ، كما ذكر الفخر الرازي وغيره في قوله تعالى :( أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم ) ونظائر ذلك. ولأنّ الذين لا يفارقون القرآن ، بل يكونون معه ويكون معهم هم الأئمة المعصومون.

وفي هذا الحديث دلالة على بقاء الأئمة من العترة مادام القرآن باقياً ، ليكون حافظاً له من التّغيير ، مبيّناً لما احتاج منه إلى البيان والتفسير

ومن كان معصوماً كان أفضل النّاس علماً وعملاً

فظهر أنّ الآية المباركة والحديث دليلان آخران على أفضلية الأئمة من العترة الطاهرة ، والحديث المذكور أخرجه مسلم في صحيحه والترمذي وأحمد والحاكم وغيرهم من الأئمة ، بل هو من الأحاديث المتواترة المقطوع بصدورها عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

حول الصحابة

قال(٣٠٣) :

( يجب تعظيم الصّحابة والكف عن مطاعنهم وحمل ما يوجب بظاهرة الطعن فيهم على محامل وللروافض سيّما الغلاة منهم مبالغات في بغض البعض من الصّحابة ).

أقول :

لابدّ أوّلاً من تعريف الصّحابي ، فقد اختلفت كلماتهم في تعريفه ، والذي يهمّنا هنا معرفة رأي السّعد :

قال ابن الحاجب : « الصّحابي من رأي النّبي عليه الصّلاة والسّلام وإن لم يرو ولم تطل ».

فقال العضد بشرحه : « قد اختلف في الصحابي فقيل : من رأى الرسول عليه الصلاة والسلام وإن لم يرو عنه حديثاً ولم تطل صحبته له ، وقيل »(١) .

__________________

(١) شرح المختصر ٢/٦٧.


٢٧٤


فالمختار عند الماتن والشارح هو القول الأول.

ووافقهما السّعد في الحاشية وهذه عبارته :

« قوله : الصحابي من رآه ، أي مسلم رأى النبي ، يعني صحبه ولو أعمى ، وفي بعض الشروح ، أي راه النبي عليه الصلاة والسلام »(١) .

فالصحابي : من رأى النبي مسلماً أو رآه النبي.

هذا هو الموضوع. والحكم : وجوب تعظيم الصّحابة كلهم والكفّ عن مطاعنهم وحمل ما يوجب

فالحاصل : وجوب تعظيم كلّ مسلم رأى النبيّ أو رآه النبي ، والكف عن مطاعنه

فهل يرتضي هذا أحد؟ وما الدليل عليه؟

وكيف يقول السّعد هذا؟ وسيصرّح في ٣١٠ بالعبارة التالية :

( إنّ ما وقع بين الصّحابة من المحاربات والمشاجرات على الوجه المسطور في كتب التواريخ ، والمذكور على ألسنة الثقات ، يدل بظاهره على أن بعضهم قد حاد عن الطريق الحق ، وبلغ حدّ الظلم والفسق ، وكان الباعث له الحقد والعناد والحسد واللداد ، وطلب الملك والرياسة ، والميل إلى اللذات والشهودات ، إذ ليس كلّ صحابي معصوماً ولا كلّ من لقي النّبي بالخير موسوماً ).

كيف يقول هنا : يجب تعظيم الصحابي ـ أي كلّ من لقي النبي ـ ويقول هناك : « ليس كل صحابي معصوماً ولا كل من لقي النبي بالخير موسوماً »؟

أللهمَّ إلاّ أن يقال : كلامه هنا عام وقد خصّصه كلامه ذاك ، فيكون حكم ما ذكره هنا حكم ما ورد كتاباً وسنةً في مدح الأصحاب عموماً ، فإنّ الله تعالى والنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لا يأمران بحبّ من حاد عن الطريق الحق وبلغ حدّ الظلم والفسق بل الحكم الشرعي هو الاجتناب والتبرّي عن هكذا

__________________

(١) شرح المختصر ٢/٦٧.


٢٧٥


أشخاص.

هذا مقتضى التحقيق الحقيق بالقبول والتصديق.

وعلى الجملة ، فإنّ من الأصحاب من لا يجوز تعظيمه والاقتداء به ، ومنهم من يجب تعظيمه وتكرمه ، وهذا القسم هوالذي يحمل ما يوجب بظاهره الطعن منهم على محامل وتأويلات كما هوالحال بالنّسبة إلى سائر المسلمين

قال(٣٠٥) :

( أمّا توقف عليّ في بيعة أبي بكر فيحمل على أنه لما أصابه من الكآبة والحزن بفقد رسول الله ).

أقول :

هذا حمل باطل ، فإنّهعليه‌السلام قد أصابه بفقد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله من الكآبة والحزن ما لا يوصف ، ولكنّ ذلك ما كان بحيث يكون مانعاً له عن الحضور للبيعة مدة ستة أشهر لو كان يرى أبابكر إمام حق وهويعلم بأنّ من بات وليس في عنقه بيعة إمام فمات مات ميتة جاهلية! ولو سلّم أن المانع له ذلك فلم لم يأمر قومه وأتباعه وزوجته بالبيعة؟

إنّ هذا الحمل باطل ، بل الأدلّة والشواهد من الخطبة الشقشقيّة وغيرها دالة على خلافه وقد تقدم في الكتاب طرف من ذلك

قال(٣٠٦) :

( بل لأنّه تركهم واختيارهم من غير إلزام ).

أقول :

ما الداعي لتوجيه تخلّف الجماعة عن بيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟ وكيف يلتئم هذا التوجيه مع ما ثبت عن بعضهم من الندم على التخلّف عن البيعة والقتال مع الامام؟

وهل يكون ترك الإلزام من الامامعليه‌السلام عذراً لترك الواجب بحكم الاسلام؟ ثمّ لينظركم فرق بين إمامة أمير المؤمنين الذي ترك الإلزام ، وإمامة الذين


٢٧٦


هدّدوا آل رسول الله بتحريق دارهم على من فيها؟

قال(٣٠٨) :

( وما ذهب إليه الشيعة من أن محاربي علي كفرة فمن اجتراءاتهم وجهالاتهم ).

أقول :

قال شيخنا أبو جعفر الطوسي المتوفى سنة ٤٦٠ : « فصل في أحكام محاربي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والقاعدين عن نصرتهعليه‌السلام : عندنا أن من حارب أمير المؤمنين وضرب وجهه ووجه أصحابه بالسيف كافر ، والدليل المعتمد في ذلك : اجماع الفرقة المحقة من الإماميّة على ذلك ، فإنهم لايختلفون في هذه المسألة على حالٍ من الأحوال ، وقد دلّلنا على أن إجماعهم حجة فيما تقدم.

وأيضاَ : فنحن نعلم أن من حاربه كان منكراً لامامته ودافعاً لها ، ودفع الامامة كفر ، كما أنّ دفع النبوة كفر ، لأنّ الجهل بهما على حدٍ واحد ، وقد روي عن النّبي أنه قال : من مات وهو لا يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية. وميتة الجاهلية لا تكون إلاّ على كفر.

وأيضاَ : روي عنه أنه قال : حربك يا علي حربي وسلمك يا علي سلمي ، ومعلوم أنه إنما أراد أن أحكام حربك تماثل أحكام حربي ، ولم يرد أن إحدى الحربين هي الأخرى ، لأن المعلوم ضرورة خلاف ذلك ، وإذا كان حرب النّبي كفراً وجب مثل ذلك في حرب أمير المؤمنين ، لأنه جعله مثل حربه.

ويدلّ على ذلك أيضاَ : قوله أللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ، ونحن نعلم أنه لا تجب عداوة أحد بالاطلاق إلاّ عداوة الكفار.

وأيضاً : فنحن نعلم أن من كان يقاتله يستحل دمه ويتقّرب إلى الله بذلك ، واستحلال دم امرئ مسلم كفر بالاجماع ، وهوأعظم من استحلال جرعة من الخمر الذي هو كفر بالاتفاق »(١) .

__________________

(١) تلخيص الشافي ٤/١٣١ ـ ١٣٣.


٢٧٧


قال( ٣١٠) :

( فانْ قيل : يزعمون قلنا : مقاولتهم ومخاشنتهم في الكلام كانت محض نسبة إلى الخطأ وبالجملة فلم يقصدوا إلاّ الخير والصّلاح في الدين ).

أقول :

إذا كان يحسن الظن بأصحاب الجمل وأهل صفّين وغيرهم ، ويحمل أعمالهم ـ حتى المقاتلة فضلاً عن اللعن والتّضليل ـ على الصحة فمن البعض الذي نصّ بعد هذه العبارة على أنّه « قد حاد عن طريق الحق وبلغ حدّ الظلم والفسق ، وكان الباعث له الحقد والعناد ».

قال(٣١١) :

( فان قيل : فمن علماء المذهب من لم يجوّز اللعن على يزيد مع علمهم بأنّه يستحق ما يربو على ذلك ويزيد. قلنا : تحامياً عن أن يرتقى إلى الأعلى فالأعلى وإلاّ فمن يخفى عليه الجواز والاستحقاق؟ ).

أقول :

هذا توجيه لما ذهب إليه بعض النواصب ، لكنّ مقتضى مذهب أهل السنة القائلين بإمامة من تغلّب بالجور والقهر ، وبعدم جواز عزل الحاكم وإنْ ظلم أو فسق هو المنع من لعن يزيد

ثم إنّ الأعلى كائناً من كان إنْ كان مستحقا للّعن فهو ملعون مثل يزيد ، وانْ كان له دخل في تمكّن يزيد من رقاب المسلمين وتسلّطه على أهل بيت سيّد المرسلين ، فهو شريك في جميع ما فعله نغل معاوية اللعين فيستحق ما يستحقّه وإنّ الحق يقال على كلّ حال...

الخاتمة في المهدي

قال(٣١٢) :


٢٧٨


( ممّا يلحق بباب الامامة بحث خروج المهدي ).

أقول :

ليس بحث المهدي وخروجه ممّا يلحق بباب الامامة ، بل إنه من صلب باب الامامة ، فإنّه الإمام الثاني عشر المنصوص عليه من النبي الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والأحاديث به متواترة والاعتقاد به من ضرورّيات الدين ، فمن أنكره عدّ من المرتدّين.

قال(٣١٣) :

( وزعمت الامامية من الشيعة أن محمّد بن الحسن العسكري اختفى عن الناس خوفاً من الأعداء ، ولا استحاله في طول عمره كنوح ولقمان والخضر عليهم‌السلام .

وأنكر ذلك سائر الفرق ، لأنه ادعاء أمر يستبعد جداً ).

أقول :

المهدي من هذه الأمّة ، ومن قريش ، ومن العترة النبوية ، ومن ولد فاطمةعليها‌السلام كما في الأحاديث الكثيرة التي أورد بعضها في الكتاب

ثم إنّه من ولد الحسين بن عليعليهما‌السلام كما في الأحاديث الكثيرة أيضاً المتفق عليها بين الفريقين منها أنّه لمّا أخبر به سأله سلمان : « من أيّ ولدك يا رسول الله؟ قال : من ولدي هذا. وضرب بيده على الحسين »(١) .

ثم إنّ مقتضى الأحاديث الصّحيحة المتفق عليها وجود المهديعليه‌السلام ، وهي طوائف :

١ ـ ما جاء في أنّ من مات بغير إمام ما ميتة جاهليّة. وقد تقدّم ذكره في الكتاب ببعض ألفاظه ، وقد أرسله السّعد إرسال المسّلمات.

٢ ـ ما جاء في أنّ الأئمة بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أثنا عشر. وقد

__________________

(١) دخائر العقبى في مناقب ذوي القربى : ١٣٦.


٢٧٩


تقدّم في الكتاب ذكره كذلك.

٣ ـ ما جاء في أنّ الحسينعليه‌السلام إمام أخو إمام أبو أئمّة تسعة. وقد تقدّم في الكتاب إشارة إليه كذلك.

وهذا هو الحق الثابت عند أهله ، وأخبارهم وآثارهم به متواترة قطعية.

ثمّ إنّ السعد لا ينكر ولادة الامام المهدي ابن الحسن العسكريعليه‌السلام ، وبولادته صرّح كثير من علماء أهل السنة من محدثين ومؤرخين وفقهاء وعرفاء ، كالحافظ أحمد بن محمّد البلاذري ، وابن الازرق المؤرخ ، والحافظ أبي بكر البيهقي ، وابن الوردي ، وصلاح الدين الصّفدي ، وكمال الدين ابن طلحة الشافعي ، وسبط ابن الجوزي الحنفي ، ونور الدين ابن الصبّاغ المالكي ، وصدر الدّين الحمويني ، وابن حجر المكي ، وابن عربي ، وعبدالوهّاب الشّعراني وغيرهم وكلمات الجميع مدوّنة في الكتب المؤلّفة في أخبار المهدي التي تعدّ بالمئات

وقد صرّح غير واحد منهم باختفائه عن الناس ، كابن حجر المكي الشافعي والقندوزي الحنفي كما في ( ينابيع المودّة ) وابن الصبّاغ المالكي في ( الفصول المهمّة )

فالمهدي ـ وهو ابن الحسن العسكري ـ مولود موجود ، والسّعد ليس من المنكرين ، وإنّما قال :

( لأنّه ادعاء أمر يستبعد جداً ).

وقال :

( ولأن اختفاء إمام هذا القدر من الأنام بحيث لا يذكر منه إلاّ الاسم بعيد جداً ).

وفيه : أولاً : إنّه ليس بحيث لا يذكر منه إلاّ الاسم ، فإنّ أوليائه بوجوده ينتفعون وبنور هدايته يستضيئون ، وما يدري السّعد! وثانياً : إنّ المراد من الاختفاء هو عدم العلم بشخصه ومكانه ، وإلاّ فإنّه يتجوّل في البلاد ويحضر


٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

(٤٠) كتاب : الإرشاد

الحديث :

الأوّل : ولمّا قضى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نسكه أشرك عليّاً ( عليه السلام ) في هديه ، وقفل إلى المدينة وهو معه والمسلمون ، حتّى انتهى إلى الموضع المعروف بغدير خمّ ، وليس بموضع إذ ذاك للنزول ; لعدم الماء فيه والمرعى ، فنزل ( صلى الله عليه وآله ) في الموضع ونزل المسلمون معه.

وكان سبب نزوله في هذا المكان نزول القرآن عليه بنصبه أمير المؤمنين ( عليه السلام ) خليفة في الأُمّة من بعده ، وقد كان تقدّم الوحي إليه في ذلك من غير توقيت له ، فأخّره لحضور وقت يأمن فيه الاختلاف منهم عليه ، وعلم الله سبحانه أنّه إن تجاوز غدير خمّ انفصل عنه كثير من الناس إلى بلادهم وأماكنهم وبواديهم ، فأراد الله تعالى أن يجمعهم لسماع النصّ على أمير المؤمنين ( عليه السلام ) تأكيداً للحجّة عليهم فيه ، فأنزل جلّت عظمته عليه :( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ) يعني في استخلاف علي ابن أبي طالب أمير المؤمنين ( عليه السلام ) والنصّ بالإمامة عليه( وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ) ، فأكّد به الفرض عليه بذلك ، وخوفه من تأخير الأمر فيه ، وضمن له العصمة ومنع الناس منه.

فنزل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) المكان الذي ذكرناه ; لما وصفناه من الأمر له

____________

عبد العزيز الطباطبائي في مقالته حول مصنّفات الشيخ المفيد المنشورة ضمن مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، رقم (١) ، صفحة ٢١٥.

٣٨١

بذلك وشرحناه ، ونزل المسلمون حوله ، وكان يوماً قائظاً شديد الحر ، فأمر ( عليه السلام ) بدوحات هناك فقمّ ما تحتها ، وأمر بجمع الرجال في ذلك المكان ، ووضع بعضها على بعض ، ثمّ أمر مناديه فنادى في الناس بالصلاة ، فاجتمعوا من رحالهم إليه ، وإنّ أكثرهم ليلفّ رداءه على قدميه من شدّة الرمضاء ، فلمّا اجتمعوا صعد ( عليه وآله السلام ) على تلك الرحال حتّى صار في ذروتها ، ودعا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فرقى معه حتّى قام عن يمينه ، ثمّ خطب للناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، ووعظ فأبلغ في الموعظة ، ونعى إلى الأُمّة نفسه ، فقال ( عليه وآله السلام ) : « إنّي قد دعيت ويوشك أن أُجيب ، وقد حان منّي خفوف من بين أظهركم ، وإنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا أبداً : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا على الحوض ».

ثمّ نادى بأعلى صوته : « ألست أولى بكم منكم بأنفسكم؟ » فقالوا : اللّهم بلى ، فقال لهم على النسق ، وقد أخذ بضبعي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فرفعهما حتّى رئي بياض أُبطيهما ، وقال : « فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه ، اللّهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله »(١) .

ورواه الطبرسي ( ت ٥٤٨ هـ ) في إعلام الورى(٢) ، والأربلي ( ت ٦٩٣ هـ ) في كشف الغمّة(٣) ، والعلاّمة ( ت ٧٢٦ هـ ) في كشف اليقين(٤) .

____________

١ ـ إرشاد المفيد ( مصنّفات الشيخ المفيد ، المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى الألفيّة لوفاة الشيخ المفيد ، مجلّد ١١ ) ١ : ١٧٤ ، وعنه في غاية المرام ٢ : ٣٥٣ ح ٤٧ ، الباب (٢٩) ، والبحار ٢١ : ٣٨٢ ح ١٠.

٢ ـ راجع ما سنذكره عن إعلام الورى للطبرسي ، الحديث الأوّل.

٣ ـ راجع ما سنذكر عن كشف الغمّة للأربلي الحديث الثامن.

٤ ـ راجع ما سنذكره عن كشف اليقين للعلاّمة الحلّي ، الحديث الثالث.

٣٨٢

الثاني : وذلك أنّه عليه وآله السلام تحقّق من دنوّ أجله ، ما كان ( قدّم الذكر ) به لأُمّته ، فجعل ( عليه السلام ) يقوم مقاماً بعد مقام في المسلمين يحذّرهم من الفتنة بعده والخلاف عليه ، ويؤكّد وصاتهم بالتمسّك بسنّته والاجتماع عليها والوفاق ، ويحثّهم على الاقتداء بعترته والطاعة لهم والنصرة والحراسة ، والاعتصام بهم في الدين ، ويزجرهم عن الخلاف والارتداد ، فكان في ما ذكره من ذلك عليه وآله السلام ما جاءت به الرواة على اتّفاق واجتماع من قوله ( عليه السلام ) : « أيّها الناس ، إنّي فرطكم وأنتم واردون عليّ الحوض ، ألا وإنّي سائلكم عن الثقلين ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، فإنّ اللطيف الخبير نبّأني أنَّهما لن يفترقا حتّى يلقياني ، وسألت ربّي ذلك فأعطانيه ، ألا وإنّي قد تركتهما فيكم : كتاب الله ، وعترتي أهل بيتي ، فلا تسبقوهم فتفرّقوا ، ولا تقصروا عنهم فتهلكوا ، ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم ، أيّها الناس ، لا ألفيتكم بعدي ترجعون كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ، فتلقوني في كتيبة كمجر السيل الجرّار ، ( ألا وإنّ علي بن أبي طالب أخي )(١) ووصيّي ، يقاتل بعدي على تأويل القرآن كما قاتلت على تنزيله ».

فكان عليه وآله السلام يقوم مجلساً بعد مجلس بمثل هذا الكلام ونحوه(٢) .

الثالث : من كلام لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) :

« أما بلغكم ما قال فيهم نبيّكم ( صلى الله عليه وآله ) حيث يقول في حجّة الوداع : إنّي تارك فيكم الثقلين ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي

____________

١ ـ في بعض النسخ في الهامش : ( أو علي بن أبي طالب فإنّه أخي ) ، وما موجود في المتن هو ما في نسخة العلاّمة المجلسي.

٢ ـ إرشاد المفيد ( مصنّفات الشيخ المفيد ، المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى الألفيّة لوفاة الشيخ المفيد المجلّد ١١ ) ١ : ١٧٩ ، وعنه في غاية المرام ٢ : ٣٥٣ ح ٤٦ ، الباب (٢٩) ، والبحار ٢٢ : ٤٦٥ ح ١٩.

٣٨٣

أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما ، ألا هذا عذب فرات فاشربوا ، وهذا ملح أُجاج فاجتنبوا(١) .

وقد مرّ مثل هذا الحديث عن تاريخ اليعقوبي ( ت ٢٨٤ هـ ) ، فراجع(٢) ، ورواه الطبرسي ( القرن السادس ) في الاحتجاج ، وسيأتي(٣) .

كتاب الإرشاد :

نسبه إليه النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) في رجاله(٤) ، والشيخ الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في الفهرست(٥) ، وابن شهرآشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في معالمه(٦) .

وقال العلاّمة المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) ـ بعد أن جعله أحد مصادره الموثّقة ـ : وكتاب الإرشاد أشهر من مؤلّفه ( رحمه الله )(٧) ، وهو من مصادر الوسائل أيضاً(٨) .

وعدّه الخوانساري ( ت ١٣١٣ هـ ) من جملة الكتب المتداولة في زمانه كثيراً(٩) .

قال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : فيه تواريخ الأئمّة الطاهرين

____________

١ ـ إرشاد المفيد ( مصنّفات الشيخ المفيد ، المؤتمر العالمي بمناسبة الذكرى الألفيّة لوفاة الشيخ المفيد المجلّد ١١ ) ١ : ٢٣٣ ، وعنه في البحار ٢ : ٩٩ ح ٥٩.

٢ ـ راجع ما ذكرناه عن تاريخ اليعقوبي ، الحديث الثالث.

٣ ـ راجع ما سنذكره عن الاحتجاج للطبرسي ، الحديث الخامس.

٤ ـ رجال النجاشي : ٣٩٩ [ ١٠٦٧ ].

٥ ـ فهرست الطوسي : ٤٤٤ [ ٧١١ ].

٦ ـ معالم العلماء : ١١٢ [ ٧٦٥ ].

٧ ـ البحار ١ : ٧ ، ٢٧ ، توثيق المصادر ، وانظر : رياض العلماء ٥ : ١٧٦.

٨ ـ خاتمة الوسائل ٣٠ : ١٥٧ ، ١٧٩.

٩ ـ روضات الجنّات ٦ : ١٥٥ [ ٢٥٠٦ ].

٣٨٤

الاثني عشر ( عليه السلام ) ، والنصوص عليهم ، ومعجزاتهم وطرف من أخبارهم من ولادتهم ووفياتهم ومدّة أعمارهم ، وعدّة من خواصّ أصحابهم وغير ذلك ، أوّله ( الحمد لله على ما ألهم من معرفته ) ، طبع بإيران مكرّراً سنة ١٣٠٨ ، وقبلها وبعدها(١) .

وقال في الإجازات : إجازة الشيخ الحسن بن الحسين بن علي الدرويستي نزيل كاشان للمولى الأجلّ مجد الدين أبي العلاء ، مختصرة كتبها له بخطّه على ظهر إرشاد الشيخ المفيد ، تاريخها سنة ٥٧٦ يروي الإرشاد عن المرتضى ابن الداعي ، عن جعفر بن محمّد الدرويستي ، عن المصنّف المفيد(٢) .

وذكر له رواية أُخرى أيضاً : أخبرنا السيّد الأجلّ عميد الرؤساء أبو الفتح يحيى بن محمّد بن نصر بن علي بن حبا أدام الله علوّه قراءة عليه في سنة أربعين وخمسمائة ، قال : حدّثنا القاضي الأجلّ أبو المعالي أحمد بن علي بن قدامة في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ، قال : حدّثني الشيخ السعيد المفيد أبو عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان ( رضي الله عنه ) في سنة إحدى عشر وأربعمائة ، قال : الحمد لله على ما ألهم من معرفته ، إلى آخر الكتاب(٣) .

وللكتاب عدّة مخطوطات منها : في مكتبة البرلمان الإيراني سنة ٥٧٥ ، وفي مكتبة المرعشي العامّة سنة ٥٦٥ ، وأُخرى في القرن السابع ، وفي مكتبة السيّد الگلبايگاني في القرن ٧ و ٨(٤) .

____________

١ ـ الذريعة ١ : ٥٠٩.

٢ ـ الذريعة ١ : ١٧٠ [ ٨٥٧ ].

٣ ـ طبقات أعلام الشيعة ( القرن السادس ) : ٣٤١ ، و ( القرن الخامس ) : ٢١.

٤ ـ مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، المقالة رقم (١) : ٢٠١ ، تأليف السيّد عبد العزيز الطباطبائي ، وانظر أيضاً فهرست التراث : ٤٧١.

٣٨٥
٣٨٦

(٤١) كتاب : الفصول المختارة من العيون والمحاسن

( جمعها الشريف المرتضى ت ٤٣٦ هـ )

الحديث :

الأوّل : ومن كلام الشيخ أدام الله عزّه في حوز البنت المال دون العمّ والأخ ، سئل الشيخ ، فقال الشيخ : الميراث للبنت دون العمّ ، فسئل الشيخ ، فقال : الدليل على ذلك من كتاب الله عزّ وجلّ ومن سنّة نبيّه ومن إجماع آل محمّد ، وأمّا إجماع آل محمّد ( عليهم السلام ) فإنّ الأخبار متواترة عنهم بما حكيناه ، وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض »(١) .

الثاني : في ردّه على ما حكاه عمرو بن بحر الجاحظ عن إبراهيم بن يسار النظام في كتاب الفتيا من إيراداته على أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) في أحكامه وفتياه وتناقضاته ومخالفته لإجماع الأُمّة ، قال :

أمّا ما ذكره من خلافه ( عليه السلام ) على جملة القوم ، فالعار في ذلك على من خالفه دونه ، والعيب يختصّ به سواه ; لأنّه ( عليه السلام ) هو الإمام المتبوع والقدوة المتأسّى به والمدلول على صوابه والمدعوّ إلى اتّباعه ، حيث يقول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : « أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد المدينة فليأت

____________

١ ـ الفصول المختارة ( مصنّفات الشيخ المفيد ، مجلد ٢ ) : ١٧٣.

٣٨٧

الباب » ، وحيث يقول ( صلى الله عليه وآله ) وقد قدّمناه في ما سبق(١) : « عليّ أقضاكم » و « هو مع الحقّ والحقّ معه » ، وفي قوله ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، فلمّا عدل القوم عن اتّباعه كانوا ضلاّلا بذلك ، وكان هو ( عليه السلام ) المصيب وأهل بيته ( عليهم السلام ) وأنصاره وشيعته(٢) .

كتاب الفصول المختارة من العيون والمحاسن :

ذكره النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) مرّة بعنوان ( كتاب العيون والمحاسن ) ، ومرّة هو(٣) والطوسي ( ت ٤٦٠ هـ )(٤) وابن شهر آشوب ( ت ٥٨٨ هـ )(٥) بعنوان : ( الفصول من العيون والمحاسن ).

وقال المجلسي ( ت ١١١١ هـ ) في مصادر كتابه البحار : وكتاب العيون والمحاسن المشتهر بالفصول(٦) ، وعند توثيق كتب المفيد ، قال : وسائر كتبه للاشتهار غنية عن البيان(٧) .

وعدّه الأفندي ( ت حدود ١١٣٠ هـ ) من الكتب الواصلة إليه(٨) .

وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) تحت عنوان ( العيون والمحاسن ) : ذكره النجاشي ، ثمّ قال بعد ذلك : كتاب ( الفصول من العيون

____________

١ ـ ذكره في بداية ردّه على ما نقله الجاحظ من كلام النظام.

٢ ـ الفصول المختارة ( مصنّفات الشيخ المفيد مجلد ٢ ) : ٢٢١.

٣ ـ رجال النجاشي : ٣٩٩ [ ١٠٦٧ ] ، وانظر : روضات الجنّات ٦ : ١٥٤ ، ١٥٥.

٤ ـ فهرست الطوسي : ٤٤٤ [ ٧١١ ].

٥ ـ معالم العلماء : ١١٢ [ ٧٦٥ ].

٦ ـ البحار ١ : ٧.

٧ ـ البحار ١ : ٢٧.

٨ ـ رياض العلماء ٥ : ١٧٨.

٣٨٨

والمحاسن ) ويظهر منه أنّ ( العيون ) و ( الفصول منه ) متعدّدان وكلاهما للشيخ المفيد ، وأمّا كتاب ( الفصول المختارة من العيون والمحاسن ) فهو للسيّد الشريف المرتضى علم الهدى وهو موجود الآن كما يأتي ، وكان عند محمّد باقر المجلسي أيضاً ، وينقل عنه في البحار ، وإن عبّر عنه في مفتتحه بـ ( كتاب العيون والمحاسن المعروف بالفصول ) وعدّه من كتب المفيد ، وأمّا نفس ( العيون والمحاسن ) للشيخ المفيد فهو موجود أيضاً ، ثمّ ذكر وجود نسخ له ومواصفاتها(١) .

ولكن أقول : إنّ ما ذكره من مواصفات النسخ وأوّلها ينطبق على المطبوع من كتاب الاختصاص المنسوب للشيخ المفيد وهو ليس له ، بل لأحد قدماء الشيعة(٢) ، فلاحظ.

وقال الطهراني تحت عنوان ( الفصول من العيون والمحاسن ) : عدّه النجاشي في فهرست كتبه بعد ذكره ( العيون والمحاسن ) ، فيظهر منه أنّ الشيخ المفيد لمّا كتب ( العيون والمحاسن ) الموجود اليوم كتب ( الفصول المختارة ) منه ، ولا أعلم وجوده اليوم ، لكن مرّ أنّ ( الفصول المختارة ) من العيون للسيّد المرتضى موجود فعلاً.(٣)

ولكن قد نبّهنا قبل قليل أنّ ما ذكر من أنّه العيون والمحاسن هو الاختصاص ، ومنه يظهر أن لا وجود لنسخة معروفة لـ ( العيون والمحاسن ) اليوم. ومن ثمّ قال تحت عنوان ( الفصول المختارة ) من ( العيون والمحاسن ) تأليف الشيخ المفيد : اختاره السيّد المرتضى علم الهدى أبو القاسم علي بن الحسين ( ت ٤٣٦ ) صرّح به في ( المفتتحة )(٤) .

____________

١ ـ الذريعة ١٥ : ٣٨٦ [ ٢٣٩٤ ].

٢ ـ مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، رقم (٩) ، المقالة الرابعة.

٣ ـ الذريعة ١٦ : ٣٤٥ [ ٩٧٣ ].

٤ ـ الذريعة ١٦ : ٢٤٤ [ ٩٧٠ ].

٣٨٩

وفي المفتتح بعد الحمد والصلاة على محمّد وآله ، هكذا : سألت ـ أيّدك الله ـ أن أجمع لك فصولاً من كلام شيخنا ومولانا المفيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان في المجالس ، ونكتاً من كتابه المعروف بـ ( العيون والمحاسن ) لتستريح إلى قراءته في سفرك(١) ، ثمّ ينقل في كلّ الكتاب عن شيخه المفيد.

ومن ذلك قال العلاّمة عبد العزيز الطباطبائي : وكلّ هذا ، بل الكتاب بأسره يدلّ بوضوح على أمرين :

الأمر الأوّل : إنّ مادّة الكتاب كلّها من الشيخ المفيد.

الأمر الثاني : إنّ الانتقاء والجمع والتأليف للشريف المرتضى دون المفيد(٢) .

وكذلك عدّه صاحب الرياض ( ت حدود ١١٣٠ هـ ) من كتب الشريف المرتضى ، قال الأفندي : كتاب الفصول الذي استخرجه من كتاب العيون والمحاسن تأليف أُستاذه الشيخ المفيد ، وهو الآن معروف ، وإن قال الأُستاذ الاستناد دام ظلّه في البحار بأنّه عين المحاسن والعيون ، حيث قال في طيّ كتب المفيد : وكتاب العيون والمحاسن المشتهر بالفصول ، أقول : ويدلّ على ما قلناه ، أمّا أوّلا : فشهادة أوّل كتاب الفصول ، بل إلى آخره أيضاً بما ذكرناه ، بل أكثر صدر مطالبه يشهد بما قلناه ، وأمّا ثانياً : فلأنّ سبط الشيخ علي الكركي العاملي في رسالة رفع البدعة في حلّ المتعة ينقل عن هذين الكتابين ، قال هكذا : قال شيخنا المفيد في العيون وسيّدنا المرتضى في الفصول المختارة ، وقال فيها في موضع آخر : ومن الفصول التي اختارها سيّدنا الإمام الرحلة مربّي العلماء ذو الحسبين الشريف المرتضى علم

____________

١ ـ الفصول المختارة ( مصنّفات الشيخ المفيد مجلّد ٢ ) : مفتتح الكتاب.

٢ ـ مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، رقم (١) : ٢٦٩.

٣٩٠

الهدى من كتاب المجالس وكتاب العيون والمحاسن لشيخنا المفيد ، إلى غير ذلك من أقواله الدالّة على المغايرة ، وأمّا ثالثاً فلأنّ ، ولم يكمل الدليل الثالث.

ثمّ قال : وقد رأيت نسخة عتيقة منه في بلدة أردبيل قوبلت بنسخة الأصل ، وقد قرأها بعض العلماء على بعض الفضلاء وعليها خطّه ، نعم عبارة ابن شهر آشوب في معالم العلماء في ترجمة المفيد يعطي ذلك ، حيث قال في تعداد كتب المفيد ( رحمه الله ) ، هكذا : ( الفصول من العيون والمحاسن ) ، وكذا عبارة النجاشي في رجاله ، لكن الذي ظهر من ديباجة بعض نسخ الفصول صريحاً أنّ الفصول من مؤلّفات السيّد المرتضى ، والعجب أنّ أصحاب الرجال لم ينسبوا إلى المرتضى كتاب الفصول أصلا ، ولا هو مذكور في إجازته ( رضي الله عنه ) للبصروي.

وقد صرّح بالمغايرة بين الفصول وبين العيون والمحاسن ، وأنّ الفصول للسيّد والعيون للمفيد جماعة ، منهم : السيّد حسين المجتهد في كتاب دفع المناواة عن التفضيل والمساواة(١) .

وأيضاً ، قال العلاّمة الطباطبائي : على أنَّهم لم يعدّوا كتاب الفصول المختارة في مصنّفات الشريف المرتضى في ترجمته لا الطوسي ولا النجاشي ولا ابن شهر آشوب!

فهل إنّهم رأوا أنّ نسبة الفصول المختارة إلى الشيخ المفيد أولى من نسبته إلى الشريف المرتضى؟ أو أنّ الشيخ المفيد أيضاً كان له كتاب الفصول من العيون والمحاسن وهو مفقود وهو غير الفصول المختارة للشريف المرتضى؟ فأمّا شيخنا صاحب الذريعة ( رحمه الله ) فإنّه يراهما كتابين متغايرين ، ذكر كلاًّ منهما على حده منسوباً إلى مؤلّفه في ج ١٦ ص ٢٤٤ و ص ٢٤٥(٢) .

____________

١ ـ رياض العلماء ٤ : ٣٩ ، وإجازة البصروي موجودة في رياض العلماء ٤ : ٣٥.

٢ ـ مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، رقم (١) : ٢٧٠.

٣٩١

ونحن أيضاً نرى أنّ نسبته للمفيد أولى ، فكلّ ما فيه اختيارات اختارها الشريف المرتضى من كتابي المفيد المجالس والعيون والمحاسن ، كما صرّح به نفسه في أوّله.

ثمّ إنّ السيّد إعجاز حسين الكنتوري ( ت ١٢٨٦ هـ ) ، قال : الفصول المنتخبة من كتاب المجالس وكتاب العيون والمحاسن للسيّد المرتضى علم الهدى ، انتخبها من الكتابين المذكورين وهما لأُستاذه الشيخ المفيد ، وتعرف هذه الفصول الآن بمجالس الشيخ المفيد(١) .

وفي كلامه نظر من جهة عنوان الكتاب فهو كما عرفت ( الفصول المختارة من العيون والمحاسن ) ، ومن جهة كونه معروفاً الآن بمجالس الشيخ المفيد ; فإنّه لا يعرف الآن إلاّ باسمه الآنف ، وهو غير المجالس للمفيد أيضاً ، فهما كتابان لا كتاب واحد.

وأمّا نسخه فكثيرة ، ذكر بعضها العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) في الذريعة(٢) ، وأضاف إليها العلاّمة الطباطبائي عدداً آخر مع ذكره لطبعاته في مقالته حول مصنّفات الشيخ المفيد(٣) .

____________

١ ـ كشف الحجب والأستار : ٤٠٢ [ ٢٢٢١ ].

٢ ـ الذريعة ١٦ : ٢٤٤ [ ٩٧٠ ].

٣ ـ مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ( رحمه الله ) ، رقم (١) : ٢٧٠.

٣٩٢

(٤٢) كتاب : المسائل الصاغانيّة (١)

الحديث :

في معرض ردّه على أحد شيوخ الحنفيّة تعرّض لمذهب الإماميّة بالتشنيع في عدّة مسائل ، منها ما ذكره من قولهم : إنّ زواج المتعة لا يحلّل الزوجة البائن ، فيقول هذا الشيخ : وقد قرأتُ بذلك خبر أسندوه إلى بعض الطالبيين ـ وهو جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ـ وعليه يعتمدون في ما يذهبون إليه في الأحكام المخالفة لجميع الفقهاء ، فأجابه المفيد ، ثمّ قال : بأنّا نعتمد على الصادق جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) في الأحكام ، فإنّه ديننا الذي نتقرّب به إلى الله عزّ وجلّ ; إذ كان الإمام المعصوم المنصوص عليه من قبل الله عزّ وجلّ المأمور بطاعته جميع الأنام ، مع كونه من سادة العترة الذين خلّفهم نبيّنا ( عليه السلام ) فينا ، وأخبرنا بأنّهم لا يفارقون كتاب الله جلّ اسمه حكماً ووجوداً ، حتّى يردا عليه الحوض يوم المعاد(٢) .

أقول : من الواضح أنّ كلامه الأخير إشارة صريحة لحديث الثقلين.

كتاب المسائل الصاغانيّة :

نسبه إليه النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) في رجاله(٣) ، والشيخ

____________

١ ـ سمّيت بذلك ; لأنّ المسائل وردت للشيخ من ناحية بلدة تسمّى صاغان.

٢ ـ المسائل الصاغانيّة ( مصنّفات الشيخ المفيد مجلّد ٣ ) : ٥٠ ـ ٥٣.

٣ ـ رجال النجاشي : ٣٩٩ [ ١٠٦٧ ].

٣٩٣

الطوسي ( ت ٤٦٠ هـ ) في الفهرست(١) ، وابن شهر آشوب ( ت ٥٨٨ هـ ) في المعالم(٢) .

وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : ( جوابات المسائل الصاغانيّات ) وقد تخفّف فيقال له الصاغانيّات ، وهي عشر مسائل وردت من صاغان(٣) ، شنّع فيها بعض متفقّهة أهل العراق على الشيعة ، ثمّ قال : نسخة منه كانت في مكتبة شيخنا شيخ الشريعة الإصفهاني في النجف ، وعنها استنسخ بخطّه الميرزا محمّد الطهراني لمكتبته بسامرّاء(٤) .

____________

١ ـ فهرست الطوسي : ٤٤٤ [ ٧١١ ].

٢ ـ معالم العلماء : ١١٢ [ ٧٦٥ ].

٣ ـ تطلق على مكانين : قرية من قرى مرو ، ومنطقة بما وراء النهر ، وقد ذكر السيّد المحقّق محمّد القاضي في مقدّمة الكتاب عدّة قرائن على أنّ المراد هو الأوّل.

٤ ـ الذريعة ٥ : ٢٢٥ [ ١٠٨٣ ] ، وانظر أيضاً : مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، رقم (١) : ٢٧٧.

٣٩٤

(٤٣) كتاب : المسائل الجاروديّة (١)

الحديث :

الأوّل : ما نقله المفيد عن الجاروديّة بأنّ حجّتهم على اختصاص الحسن والحسين وأولادهما بالإمامة(٢) هي :

قول النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا : كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض » ، قالت الإماميّة : هذا الخبر بأن يكون حجّة لمن جعل الإمامة في جميع بني هاشم أولى(٣) .

الثاني : في ردّ المفيد على شبهتهم القائلة : لماذا لا يكون حديث الثقلين شاملا لجميع بني هاشم من دون اختصاصه بولد الحسين بعده؟ فقال : نحن وإن احتججنا بقول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي » في إمامة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ومن بعده من الأئمّة ( عليهم السلام ) ، فإنّا نرجع فيه إلى معناه المعلوم بالاعتبار ، وهو أنّ عترة الرجل كبار أهله وأجلّهم وخاصّتهم في الفضل لبابهم(٤) .

____________

١ ـ فرقة من الزيديّة نسبوا إلى زياد بن منذر أبي الجارود.

٢ ـ وهذه أحد شبهاتهم ، وسيأتي الكلام عليها لاحقاً.

٣ ـ المسائل الجاروديّة ( مصنّفات الشيخ المفيد مجلّد ٧ ) : ٣٩.

٤ ـ المسائل الجاروديّة ( مصنّفات الشيخ المفيد مجلّد ٧ ) : ٤.

٣٩٥

كتاب المسائل الجاروديّة :

ذكر النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) في رجاله كتابين بعنوان ( المسائل على الزيديّة ) و ( مسائل الزيديّة )(١) .

وقال العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) : المسائل الزيديّة كذا عبّر النجاشي ، والحقيق بها التعبير « بالمسائل الجاروديّة » لا مطلق الزيديّة ، حيث إنّ السؤالات مقتصر عليهم والبحث معهم خاصّة ، ثمّ قال : وهو موجود في خزانة كتب مولانا الميرزا محمّد الطهراني بسامرّاء والشيخ عبد الحسن الحلّي النجفي(٢) .

وقال السيّد العلاّمة المحقّق عبد العزيز الطباطبائي : وقد جزم شيخنا ( رحمه الله ) في الذريعة بأنّ المسائل الجاروديّة هو مسائل الزيديّة ، ثمّ قال : أقول : ولعلّ ذلك لأنّ الزيديّة أكثرهم جارودية ، ولعلّهم في عصر الشيخ المفيد كانوا كلّهم جارودية ، كما حكي عن نشوان الحميري : ليس باليمن من فرق الزيديّة غير الجاروديّة(٣) .

وقال السيّد محمّد رضا الحسيني الجلالي : والظاهر أنّ فرق الزيديّة الأُخَر ـ غير الجاروديّة ـ لا وجود لها ، قال الحميري : وليس باليمن من فرق الزيديّة غير الجاروديّة ، وذكر لي السيّد أحمد حجر من كبار علماء الزيديّة بصنعاء اليمن أنّ من لم يكن جاروديّاً فليس بزيديّ ، ولعلّ هذه الحقيقة كانت سائدة منذ زمن الشيخ المفيد حيث وجّه الكلام في هذه

____________

١ ـ رجال النجاشي : ٣٩٩ [ ١٠٦٧ ].

٢ ـ الذريعة ٢٠ : ٣٥١ [ ٣٣٦٨ ].

٣ ـ مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، المقالة الأُولى : ٢٧٤ ، تأليف السيّد عبد العزيز الطباطبائي.

٣٩٦

الرسالة إلى خصوص الجاروديّة دون غيرهم من فرق الزيديّة(١) .

وقد ذكر السيّد عبد العزيز الطباطبائي عدّة نسخ لهذه المسائل وعدد طبعاتها.

____________

١ ـ مقالات مؤتمر الشيخ المفيد ، المقالة الرابعة : ٢٦٢ ، تأليف السيّد الجلالي.

٣٩٧
٣٩٨

(٤٤) كتاب : العمدة (١)

الحديث :

قال ابن طاووس ( ت ٦٦٤ هـ ) في الطرائف :

قال عبد المحمود(٢) : وقد وقفت على كتاب اسمه كتاب العمدة في الأُصول اسم مصنّفه محمّد بن محمّد بن النعمان ويلقّب بالمفيد ، قد أورد فيه الاحتجاج على صحّة الإمامة بحديث نبيّهم محمّد ( صلى الله عليه وآله ) : « إنّي تارك فيكم الثقلين » ، وهذا لفظه : لا يكون شيء أبلغ من قول القائل : قد تركت فيكم فلاناً ، كما يقول الأمير إذا خرج من بلده واستخلف من يقوم مقامه ، وإنّهم لا يفارقون الكتاب ولا يتعدّون الحكم بالصواب ، هذا لفظه في المعنى(٣) .

وسيأتي في كتاب الطرائف لابن طاووس.

كتاب العمدة في الأُصول :

لم تصل إلينا نسخة من هذا الكتاب ، ولكن ذكر السيّد ابن طاووس أنّه وقف عليه ، وقال : وقد وقفت على كتاب اسمه العمدة في الأُصول اسم مصنّفه محمّد بن محمّد بن النعمان ويلقّب بالمفيد(٤) .

____________

١ ـ كتاب العمدة مفقود وما أوردناه عنه نقله ابن طاووس في الطرائف.

٢ ـ سمّى السيّد ابن طاووس نفسه في الطرائف ( عبد المحمود ) تقيّة.

٣ ـ الطرائف ١ : ١٧١.

٤ ـ الطرائف ١ : ١٧١.

٣٩٩

ولم يذكر مثل هكذا كتاب في مصنّفات الشيخ المفيد ، ولكن النجاشي ( ت ٤٥٠ هـ ) ذكر عند عدّه لكتب المفيد كتاب العمد في الإمامة(١) .

وحكم العلاّمة الطهراني ( ت ١٣٨٩ هـ ) باتّحادهما ، وقال : كتاب العمد في الإمامة للشيخ السعيد أبي عبد الله محمّد بن محمّد بن النعمان الحارثي المفيد المتوفّى ٤١٣ ذكره النجاشي ، ولكن قال السيّد ابن طاووس في ( الطرائف ) عند حكايته الكتاب : إنّ اسمه ( العمدة )(٢) .

وعلّق عليه العلاّمة السيّد عبد العزيز الطباطبائي بقوله : إلاّ أنّ احتمال تغايرهما باق لم يدفعه دليل ، فيكون العمدة في الأُصول الاعتقاديّة الخمسة ومنها الإمامة ، والعمدة خاصّاً بالإمامة(٣) .

أقول : الاحتمال باق ، والظاهر من عبارة السيّد أنّه رجّح التغاير ، ولكن لو تأمّلنا ما نقله السيّد ابن طاووس من مورد متعلّق بالإمامة ـ وهو ما نقلناه هنا ـ وما عنونه النجاشي للكتاب ، يقرب احتمال الاتّحاد ، فلعلّ اسم الكتاب ( العمد ) أو ( العمدة ) وأمّا ما بعده من قول النجاشي ( في الإمامة ) وقول ابن طاووس ( في الأُصول ) من كلامهما لتعريف محتوى الكتاب كلاًّ حسب وجهة نظره.

____________

١ ـ رجال النجاشي : ٤٠٢ [ ١٠٦٧ ].

٢ ـ الذريعة ١٥ : ٣٣٣ [ ٢١٥٣ ].

٣ ـ مقالات مؤتمر الشيخ المفيد / المقالات والرسالات (١) : ٣٤١ [ ١٣٨ ] ، القسم الثاني.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527