الإمامة في أهم الكتب الكلامية

الإمامة في أهم الكتب الكلامية11%

الإمامة في أهم الكتب الكلامية مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 527

الإمامة في أهم الكتب الكلامية
  • البداية
  • السابق
  • 527 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 277058 / تحميل: 9026
الحجم الحجم الحجم
الإمامة في أهم الكتب الكلامية

الإمامة في أهم الكتب الكلامية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

وَكُلُّ عَطَائِكَ هَنِيئٌ ، اللّهُمَّ إني أَسْأَلُكَ بِعَطَائِكَ كُلِّهُ ، اللّهُمَّ إني أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِكَ بِأعْجَلِهِ ، وَكُلُّ خَيْرِكَ عَاجِلٌ ، اللّهُمَّ إني أَسْأَلُكَ بِخَيْرِكَ كُلِّهُ ، اللّهُمَّ إني أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ بِأَفْضَلِهِ ، وَكُلُّ فَضْلِكَ فَاضِلٌ ، اللّهُمَّ إني أَسْأَلُكَ بِفَضْلِكَ كُلِّهُ ، اللّهُمَّ إني أَدْعُوكَ كَمَا أَمَرْتَني فَاسْتَجِبْ لي كَمَا وَعَدْتَني.

اللّهُمَّ ، صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدْ ، وَابْعَثْني على الإيمَانِ بِكَ ، وَالتَصْدِيقِ بِرَسُولِكَ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ السَّلامُ ، وَالوِلَايَةِ لِعَليٍّ بنُ أَبي طَالِب ، وَالبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوِّهِ ، وَالإِئتِمَامِ بِالَأئِمَّةِ مِنْ آلِ مُحَمٍَّد ، عَلَيْهِمُ السَّلامُ ، فَإني قَدْ رَضِيتُ بِذلِكَ يا رَبُّ.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحّمَّدٍ ، عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ في الَأوَّلينَ ، وَصَلِّ على مُحّمَّدٍ في الآخِرينَ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ في المَلَاءِ الَأعْلَى إلى يَوْمِ الدِّينِ ، وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ في المُرْسَلِينَ ، اللّهُمَّ إعْطِ مُحَمَداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، الوَسِيلَةَ ، وَالشَّرَفَ ، وَالدَّرَجَةَ اَلكَبِيرَةَ ، اللّهُمَّ وَصَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَقْنِعْني بِمَا رَزَقْتَني ، وَبَارِكْ لي في ما أَعْطَيْتَني ، وَاحْفَظْني في غَيْبَتِي ، وَفي كُلِّ غَائِب هُوَ لي ، اللّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَسْأَلُكَ خَيْرَ الخَيْرِ رِضْوَانَكَ وَالجَنَّةَ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ الشَرِّ ، سُخْطِكَ وَالنَّارِ ، اللّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاحْفَظْني مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ بَلِيَّةٍ ، وَمِنْ كُلِّ عُقُوبَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ فِتْنَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ بَلَاءٍ وَمِنْ كُلِّ شَرِّ ، وَمِنْ كُلِّ مَكْرُوهٍ ، وَمِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ وَمِنْ شَرِّ كُلِّ آفَةٍ نَزَلَتْ ، أوْ تَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ إلى الَأرْضِ ، في هَذِهِ السَّاعَةِ ، وَفي هَذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَفي هَذَا اليَوْمِ ، وَفي هَذَا الشَّهْرِ ، وَفي هذِهِ السَّنَةِ.

اللّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَاقْسِمْ لي مِنْ كُلِّ سَرُورٍ ،

١٠١

وَمِن كُلِّ بَهْجَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ اسْتِقَامَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ فَرَحٍ ، وِمِنْ كُلِّ عَافِيَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ سَلَامَةٍ ، وَمِنْ كُلِّ رِزْقٍ وَاسِعٍ حَلَالٍ طَيِّبٍ ، وَمِنْ كُلِّ نِعْمَةٍ ، ومِنْ كُلِّ سِعَةٍ ، نَزَلَتْ أوْ تَنْزِلُ مِنْْ السَّمَاءِ إلى الَأرْضِ في هذِهِ السَّاعَةِ ، وَفي هذِهِ اللَّيْلَةِ ، وَفي هَذَا اليَوْمِ ، وَفي هَذَا الشَّهْرِ وَفي هذِهِ السَّنَةِ.

اللّهُمَّ إنْ كَانَتْ ذُنُوبِي قَدْ أَخْلَقَتْ وَجْهِي ، وَحَالَتْ بَيني وبَيْنَكَ ، وَغَيَّرْتَ حَالِي عِنْدَكَ ، فَإني أسْأَلُكَ بِنْوُرِ وَجْهِكَ ، الذي لا يُطْفَأُ ، وَبِوَجْهِ مُحَمَّدٍصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حَبِيبِكَ المُصْطَفَى ، وَبِوَجْهِ وَليِّكَ عَلِيٍّ المُرْتَضَى ، وَبِحَقِّ أَوْلِيَائِكَ ، الذِينَ أنْتَجَبْتَهُمْ ، أنْ تُصَليَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأَنْ تَغْفِرَ لي مَا مَضَى مِنْ ذُنُوبِي ، وَأَنْ تَعْصِمَني فِيمَا بَقِيَ مِنْ عُمْرِي ، وَأَعُوذُ بِكَ من كُلِّ شَيْءٍ مِنْ مَعَاصِيكَ أَبَداً ، ما أَبْقَيْتَني حَتَّى تَتَوَفَّاني ، وَأنَا لَكَ مُطِيعٌ ، وَأَنْتَ عَنِّي رَاضٍ ، وَأَنْ تَخْتِمَ لي عَمَلي بِأَحْسَنِهِ ، وَتَجْعَلَ لي ثَوَابَهُ الجَّنَةِ ، وَأَنْ تَفَعَلَ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ ، يا أَهْلَ التَّقْوىَ والمَغْفِرَةِ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَارْحَمْني بِرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِنَ »(1) .

ولقد احتوى ، هذا الدعاء ، على أسمى صور التعظيم والتبجيل لله تعالى ، الذي ما عرفه حقا ، سوى أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، سدنة علوم النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخزنة حكمه وآدابه.

3 ـ دعاؤه في عيد الغدير

أما عيد الغدير فهو من أهم الاعياد شأنا ، ومن أسماها منزلة ، فقد كمل فيه الدين ، وتمت النعمة الكبرى على المسلمين ، فقد قلدت السماء الامام ،

__________________

1 ـ المصباح ( ص 692 ـ 659 ) الاقبال ( ص 517 ).

١٠٢

أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قيادة ، روحية وزمنية ، ونصبته خليفة للنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بعده ، وجعلته ، رائدا للعدالة الاجتماعية في الاسلام ، يقيم إعوجاج الدين ، ويصلح ما فسد من أمور المسلمين.

وحيث كان هذا اليوم المبارك ، من أعظم الاعياد في الاسلام ، فقد ندب الامام الصادقعليه‌السلام ، إحياءه بذكر الله ، من الصلاة والصوم ، والتصدق على الفقراء والمساكين ، كما حض على استحباب مصافحة المسلمين ، بعضهم لبعض ، وان يقول كل منهما لصاحبه ،

« الحَمْدُ للهِ الذي أَكْرَمَنا بِهَذَا اليَوْمِ ، وَجَعَلنا مِنَ المُؤْمِنِينَ بِعَهْدِهِ ، الذي عَهِدَهُ إلَيْنَا ، وَمِيثَاقِهِ الذي وَاثَقَنَا بِهِ مِنْ ولايَةِ وُلَاةِ أَمْرِهِ ، وَالقِيَامِ بِقِسْطِهِ ، وَلَمْ يَجْعَلْنا مِنَ الجَاحِدِينَ ، وَالمُكَذِبِينَ بِيَوْمِ الدّين »(1) .

وكان الامام الصادقعليه‌السلام ، يدعو بهذا الدعاء ، وحث شيعته على تلاوته وهذا نصه :

« رَبَّنَا ، إنَّنَا سَمعْنا مُنادياً ، يُنَادِي للإيمان ، أن آمِنُوا بِرَبِّكم ، فَآمنَّا ، رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ، وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا ، وَتَوَفَّنا مَعَ الَأبْرَارِ رَبَّنا وآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ ، وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ القِيَامَةِ ، إنَّكَ لاَ تُخْلِفُ المِيعَادَ.

اللّهُمَّ إني أُشْهِدُكَ ، وَكَفى بِكَ شَهِيداً ، وَأُشْهِدُ مَلَائِكَتَكَ ، وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ ، وَسُكَّانَ سَموَاتِكَ ، وَأَرْضِكَ ، بِأَنَّكَ اللهُ ، الذي لا إلهِ إلاَّ أَنْتَ ، المَعْبُودُ الذي لَيْسَ مِنْ لَدُنْ عَرْشِكَ ، إلى قَرَارِ أَرْضِكَ مَعْبُودٌ سِوَاكَ إلاَّ بَاطِلٌ مُضْمَحِلُّ غَيْرَ وَجْهِكَ الكَرِيمِ ، لا إلهَ ألاَّ أَنْتَ المَعْبُودُ ، لا مَعْبُودَ سِوَاكَ ، تَعَالَيْتَ عَمَّا يَقُولُ الظَالِمونَ عُلُواً كَبيراً ، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَداً عَبْدُكَ

__________________

1 ـ الاقبال ( ص 477 ).

١٠٣

وَرَسُولُكَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيّاً أمِيرَ المُؤمِنِينَ ، وَلِيُّهُمْ وَمَوْلاهُمْ وَمَوْلايَ ،

رَبَّنا ، إنَّننا سَمعْنَا ، النِّدَاءَ ، وَصَدَّقْنَا المُنَادِي ، رَسُولَكَصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إذْ نَادَى نِدَاءً عَنْكَ بِالذي أَمَرْتَهُ أَنْ يُبَلِّغَ عَنْكَ ، ما أنزَلْتَ إلَيْهِ مِنْ مُوَالَاةِ وَلِيِّ المُؤْمِنِينَ ، وَحَذَّرْتَهُ ، وَأَنْذَرْتَهُ إنْ لَمْ يُبَلِّغْ ، أَنْ تَسْخَطَ عَلَيْهِ ، وَأَنَّهُ إذَا بَلَّغَ عَصَمْتَهُ مِنَ النَّاسِ ، فَنَادَى مُبَلِّغاً وَحْيَكَ وَرِسَالَاتِكَ : أَلَا مَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ ، وَمَنْ كُنْتُ نَبِيَّهُ فَعَلِيٌّ أَمِيرُه ، رَبَّنَا قَدْ أَجَبْنَا دَاعِيَاكَ النَّذِيرَ ، المُنْذِرَ مُحَمَّداً عَبْدَكَ الذي أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ، وَجَعْلَتَهُ مَثَلاً لِبَني إسْرَائيلَ.

رَبَّنَا ، آمَنَّا وَاتّبَعْنَا مَوْلانَا ، وَهَادِيَنَا ، وَدَاعِيَنَا ، وَدَاعيَ الَأنَامِ ، وَصِراطَكَ السَّويَّ المُسْتَقِيمَ ، وَمَحَجَّتَكَ البَيْضَاءَ ، وَسَبِيلَكَ الدَّاعِي إلَيْكَ ، على بَصِرَيِتٍه هُوَ وَمَنْ اتَّبَعَهُ ، وَسُْحَانَ الله عَمَّا يُشْرِكُونَ بِوِلَايَتِهِ وَبِأمْرِ رَبِّهِمْ ، وَبِاِتّخَاذِ الوَلَايجِ مِنْ دُونِهِ فَاشْهَدْ يا إلهي أَن الإمَامَ الهَادِيَ ، المُرْشِدَ ، الرَّشِيدَ عَلِيَّا بنَ أبي طَاَلِبٍ ، صَلَواتُ اللهِ عَلَيْهِ ، أميرُ المُؤْمِنِينَ الذي ذَكَرْتَهُ في كِتَابِكَ ، فَقُلْتَ : « وَإنَّهُ في أُمِّ الكِتَابِ لَعَلِيٍّ حَكيمٌ » اللّهُمَّ فَإنَّا نَشهَدُ بِأَنَّهُ عَبْدُكَ ، الهَادِي مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ ، النَذِيرُ المُنْذِرُ ، وَالصِرَاطُ المُسْتَقِيمُ ، وَإمَامُ المُؤْمِنِينَ ، وَقَائِدُ الغُرِّ المُحَجَّلينَ ، وَحُجَّتُكَ البَالِغَةُ ، وَلِسَانُكَ المُعَبِّرُ عَنْكَ في خَلْقِكَ ، وَالقَائِمُ بِالقِسْطِ بَعْدَ نَبِيِّكَ ، وَخَازِنُ عِلْمِكَ ، وَعَيْبَةُ وَحْيِكَ وَعَبْدُكَ ، وَأَمِيِنُكَ المَأمُوُنُ ، المَأْخُوذُ مِيَثَاقُهُ مَعَ مِيثَاقِكَ ، وَمِيثَاقِ رُسُلِكَ مِنْ خَلْقِكَ وَبَرِيَّتِكَ ، بِالشَّهَادَةِ وَالإخْلاصِ بِالوِحْدَانِيَّةِ ، أِنَّكَ أَنْتَ الله لا إلهَ أِلا أَنْتَ ، وَمُحَمَدٌ ، عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَعَليٌّ أَمِيرُ المُؤْمِنِينَ ، وَجَعَلْتَ الإقْرَارَ بِولايَتِهِ تَمَامَ تَوْحِيدِكَ ، وَالإِخلاصَ لَكَ بِوِحْدَانِيَّتِكَ ، وَإكْمَال دِينِكَ ، وَتَمَامِ نِعْمَتِكَ على جَمِيعِ

١٠٤

خَلْقِكَ ، فَقُلْتَ وَقَوْلُكَ الحَقُّ : « اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ، وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ، وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلامَ دِيناً » فَلَكَ الحَمْدُ ، على مَا مَنَنْتَ بِهِ عَلَيْنَا ، مِنَ الإِخْلاصِ لَكَ بِوَحْدانِيًّتِكَ ، وَجُدْتَ عَلَيْنَا بِمُوالاةِ وَلِيِّكَ الهَادِي ، مِنْ بَعْدِ نَبِيَّكَ النَّذِيرِ المُنْذِرِ ، وَرَضَيتَ لَنَا الإسْلامَ دِيناً ، بِمَوْلَانَا ، وَأَتْمَمْتَ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ ، بِالذي جَدَّدْتَ عَهْدَكَ ، وَمِيثَاقَكَ ، وَذَكَّرْتَنَا ذلِكَ ، وَجَعْلْتَنَا مِنْ أَهْل الإِخْلاصِ ، وَالتَصَدِيقِ لِعَهْدِكَ ، وَمِيثَاقِكَ ، وَمِنْ أهْل الوَفَاءِ بِذلِكِ َ، وَلَمْ تَجْعَلْنَا مِنَ النَاكِثِينَ ، وَالمُكَذِّبِينَ ، الذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ، وَلَمْ تَجْعَلْنَا مِنَ المُغِيِّرِينَ ، والمُبَدِّلِينَ ، والمُحَرِّفِينَ ، وَالمُبتِّكِينَ آذانَ الأنعامِ ، وَالمُغَيِّرِينَ خَلْقَ اللهِ ، الذينَ اسْتَخْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ ، فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللهِ ، وَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَالصِراطَ المُسْتَقِيم. اللّهُمَّ الْعَنِ الجَاحِدينَ وَالنَّاكِثِينَ ، وَالمُغَيِّرِينَ ، وَالمُبَدِّلِينَ ، وَالمُكَذِّبينَ بيوم الدين من الاولين والآخرين.

اللّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ على نِعْمَتِكَ عَلَيْنَا ، بِالذِي هَدَيْتَنَا إلى مُوَالآةِ وُلَاةِ أمْرِكَ مِنْ بَعْدِ نَبِيِّكَ ، وَالأئِمَّةِ الهَادِينَ ، الذِينَ جَعَلْتَهُمْ أَرْكَاناً لِتَوْحِيدِكَ ، وَأعْلامَ الهُدَى ، وَمَنَارَ التَّقُوَى ، وَالعُرْوَةَ الوُثْقَى ، وَكَمَالَ دِينِكَ ، وَتَمَامَ نِعْمَتِكَ ، وَمَنْ بِهِمُ ، وَبِمُوَالَاتِهِمْ ، رَضَيِتَ لَنَا الإِسلامَ دِيناً ، رَبَّنا فَلَكَ الحَمْدُ ، آمَنَّا بِكَ وَصَدَّقُنَا نَبِيَّكَ الرَسُولَ النَذِيرَ المُنْذِرَ ، وَأتَّبَعْنَا الهَادِيَ مِنْ بَعْدِ النَّذِيِرِ المُنْذِرِ ، وَالَيْنَا وَلِيَّهمْ ، وَعَادَيْنَا عَدُوَّهُمْ ، وَبَرِئْنَا مِنَ الجَاحِدِينَ وَالنَاكِثِينَ وَالمُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّينِ ،

اللّهُمَّ فَكَمَا كَاَن مِنْ شَأنِكَ يا صَادِقَ الوَعْدِ ، يا مَنْ لا يُخَلِفُ المِيعَادَ ، يا مَنْ هُوَ كُلَّ يَوْمٍ في شَأَنٍ ، أنْ أَتْمَمْتَ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ بِمُوَالاةِ أَوْلِيَائِكَ ، المَسْؤولِ عَنْهُم عِبَادُكَ ، فَإنَّكَ قُلْتَ : «وَلَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ

١٠٥

النَّعِيمِ » ، وَقُلْتَ : «وَقِفُوهُمْ إنَّهُمْ مَسْؤلُونَ » وَمَنَنْتَ بِشَهَادَةِ الإِخْلاصِ لَكَ بِوِلَايَةِ أوْلِيَائِكَ ، الهُدَاةِ ، مِنْ بَعْدِ النَّذِيرِ السِّرَاجِ المُنِيرِ ، وَأَكْمَلْتَ لَنَا الدّيِنَ ، بِمُوالَاتِهِم ، وَالبَرَاءَةِ مِنْ عَدُوهِمْ ، وَأَتْمَمْتَ عَلَيْنَا النِعَمَ ، بِالذي جَدَّدْتَ لَنَا عَهْدَكَ ، وَذَكَرْتَنَا مِيثَاقَكَ ، المَأخُوذَ مِنَّا في أبْتِدَاءِ خَلْقِكَ إيَّانَا ، وَجَعْلْتَنَا مِنْ أهْلِ الإِجَابَةِ ، وَذَكَّرْتَنَا العَهْدَ وَالميثَاقَ ، وَلَمْ تُنسْنِاَ ذكْرَكَ ، فَإنَّكَ قُلْتَ : «وَإذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَني آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ وَذُرِّيَّتَهُمْ » وَأَشهَدَهُمْ على أَنْفُسِهمْ قَالُوا : بَلى ، شَهِدْنَا « بمَنّكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ رَبُّنَا ، وَأَنَّ مُحَمَداً عَبْدَكَ وَرَسُولَكَ نبِيُنا ، وَأنَّ عَلياً أميرَ المُؤْمِنِينَ ولِيّنا ، وَمَوْلَانَا ، وَشَهِدْنَا بِالوِلَايَةِ لِوَلِيِّنَا ، وَمَولانَا مِنْ ذُرِيَّةِ نَبِيِّكَ مِنْ صُلْبِ وَليِّنا عَلِيٍّ بنِ أبي طَالِبٍ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ عَبْدِكَ ، الذي أنْعَمْتَ عَلَيْهِ ، وَجَعَلْتَهُ آيةً لِنَبِّيكَ ، وَآيَةً مِنْ آيَاتِكَ الكُبْرَى ، وَالنَّبَأَ العَظِيمَ ، الذي هُكْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ ، وَعَنْهُ يَوْمَ القِيَامَةِ مسؤولون ، اللّهُمَّ فَكَمَا كَاَنَ مِن شَأْنِكَ ، مَا أَنْعَمْتَ عَلَيْنَا بِالهِدَايَة إلى مَعْرِفَتِهِمْ ، فَليَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ أَنْ تُصَلِّيَ على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأنْ تُبَارِكَ لَنَا في يَوْمنَا هَذَا الذي ذَكَّرْتَنَا فِيهِ عَهْدَكَ ، وَمِيثَاقَكَ ، وَأَكْمَلْتَ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ ، وجعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ الإِجَابَةِ وَالإخْلَاصِ بِوِحْدَانِيَتِكَ ، وَمِنْ أَهْلَ الإيمَانِ وَالتَصْدِيقِ بِوِلَايَةِ أوْلِيَائِكَ ، وَالبَرَاءَةِ مِن أعْدَائِكَ وَأعَدَاءِ أوْلِيَائِكَ ، الجَاحِدِينَ ، المُكَذِّبِينَ بِيَوْمِ الدِّين ، فأَسْأَلُكَ يا رَبُّ تَمَامَ ما أَنْعَمْتَ عَلَيْنَا ، وَلا تَجْعَلْنَا مِنَ المُعَانِدِينَ ، ولَا تُلْحِقْنَا بِالمُكَذِبِّينَ بِيَوْمِ الدِّين ، وَاجْعَلْ لَنَا قَدَمِ صِدْقٍ مَعَ المُتَّقِينَ ، وَاجْعَل لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ، وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ المُتَّقِينَ إمَاماً يَوُمَ يُدْعَى كُلِّ أنَاسٍ بِإمَامِهِمْ ، وَاجْعَلْنَا في ظِلِّ القَوْمِ المُتَّقِينَ الهُدَاةِ ، بَعْدِ النَذِيرِ المُنْذِرِ وَالبَشِيرِ وَالأئمَّةِ ، الدُّعَاةِ إلى الهُدَى ، وَلا تَجْعَلَنَاَ مِنْ المُكْذِّبِينَ ، الدُّعَاةِ إلى النارِ ، وَالَّذين هُمْ يَوْمَ

١٠٦

القِيَامَةٍ وَأوْلِيَاؤهُمْ مِنَ المَقْبُوحِينَ. رَبَّنا فَاحْشُرْنا في زَمْرَةِ الهَادِي المهْدِي وَأَحْيِنَا ما أَحْييْتَنَا على الوَفَاءِ بِعَهْدِكَ وَمِيثَاقِكَ ، المأخُوذِ مِنَّا على مُوالاةِ أوْلِيائِكَ وَالبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكَ المُكَذِّبِينَ بِيَوّمِ الدِّينِ ، وَالنَّاكِثِينَ لِميثَاقِكَ ، وَتَوَفَّنَا على ذَلِكَ.

وَاجْعَلْ لَنا مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً ، وَثَبِّتَ لَنا قَدَمَ صِدقٍ في الهِجْرَةِ إلَيْهِمْ ، وَاجْعَلْ مَحْيَانَا خَيْرَ المَحْيَا ، وَمَمَاتَنَا خَيْرَ المَمَاتِ ، وَمُنْقَلَبَنَا خَيْرَ المُنْقَلَبِ ، على مولاةِ أوْلِيَائِكَ ، والبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكَ اللّهُمَّ حَتَّى تَتَوَفَّانَا ، وَأَنْت عَنَّا رَاضٍ ، قَدْ أوْجَبْتَ لَنا الخُلُودَ في جَنَّتِكَ بِرَحْمَتِكَ ، وَالمَثْوَى في جِواركَ ، وَالإنَابَةَ إلى دَارِ المقَامَة ، مِنْ فَضَلِكَ ، لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ ، وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ ، رَبَّنا إنَكَ أمَرْتَنَا بِطَاعَةِ وُلاةِ أَمرِكَ ، وَأَمْرْتَنَا أَنْ نَكُونَ مَعَ الصَّادِقِينَ ، فَقُلْتَ : «أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأوُلِي الأمْرِ مِنْكُمْ » وقلت : « يَا أَيَّها الذينَ آمَنوُ اتَّقُوا اللهَ وَكُونوا مَعَ الصَّادِقِينَ ، رَبَّنَا سَمِعْنا وَأطَعْنَا ، رَبَّنَا ثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الَأبْرَارِ ، مُسْلِمينَ ، مُصَدِّقينَ لَأوْلِيَائِكَ ، وَلا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إذْ هَدَيْتَنَا ، وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ.

رَبَّنَا آمَنَّا بِكَ ، وَصَدَّقْنَا نَبِيَّكَ ، وَوَالَيْنَا وَلِيَّكَ ، وَاَلَأوْلِيَاءَ مِنْ بَعْدِ نَبِيَِّكَ ، وَوَلِيُّكَ مَوْلَى المُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بنُ أبي طَالِبٍ صَلَوَاتُ الله عَلَيْهِ ، وَالإِمَامُ الهَادِي مِنْ بَعْدَ الرَّسُولِ ، النَذِيرِ المُنِذرِ ، السِّرَاجِ المُنِيرِ ، رَبَّنَا فَكَمَا كَانَ مِنْ شَأنِكَ ، أَنْ جَعَلْتَنَا مِنْ أَهْلِ الوَفَاءِ بِعَهْدِكَ ، وَبِمِّنكَ عَلَيْنَا ، وَلُطْفِكَ بِنَا ، فَلْيَكُنْ مِنْ شَأْنِكَ ، أنْ تَغْفِرَ لَنَا ذُنُوبَنَا ، وَتُكَفِّرَ عَنَّا سَيِّئاتِنَا ، وَتَوَفَّنا مَعَ الَأبْرَارِ ، رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا على رُسُلِكَ ، وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ القِيَامَةِ ، إنَّكَ لا تُخْلِفُ المِيعَادَ ، رَبَّنَا آمَنَّا بِكَ ، وَوَفَّينَا بِعَهْدِكَ ، وَصَدَّقْنَا

١٠٧

رُسُلَكَ ، وَاتَّبَعْنَا وُلاةَ الَأمْرِ مِنْ بَعْدِ رُسُلِكَ ، وَوَالَيْنَا أوْلِيَاءَكَ ، وَعَادَيْنَا أعْدَاءَكَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ، وَاحْشُرْنا مَعَ الَأئِمَّةِ الهُدَاةِ ، مِنْ آلِ مُحَمّدٍ (ص) البَشِيرِ النَّذِيرِ ، آمَنَّا يا ربُّ بِسِرِّهِمْ وَعَلَانِيَتِهِمْ وَشَاهِدِهِمْ وَغَائِبِهِمْ وَرَضِينَا بِهِمْ أَئِمَّةً ، وَسَادَةً ، وَقَادَةً لا نَبْتَغِي بِهِمْ بَدَلاً ، وَلا نَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِمْ وَلائِجَ أَبَداً ، رَبَّنَا فأَحْيِنَا ما أَحْيَيْتَنَا على مُوالاتِهِمْ وَالبَرَاءَةِ مِنْ أعْدَائِهِمْ ، وَالتَسْلِيمِ لَهُمْ ، وَالرَدِّ إلَيْهِمْ ، وَتَوَفَّنَا ، إذَا تَوَفَيْتَنَا على الوَفَاءِ لَكَ ، وَلَهُمْ ، بِالعَهْدِ وَالمِيثَاقِ ، والمُوالاةِ لَهُمْ وَالتَصْْدِيقِ ، والتَسْلِيمِ لَهُمْ غَيْرَ جَاحِدِينَ ولا نَاكِثينَ ولا مُكَذِّبينَ.

اللّهُمَّ ، إني أَسألُكَ بِالحَقِّ ، الذي جَعَلْتَهُ عِنْدَهُمْ ، وَبِالذِي فَضَّلْتُهُمْ بِهِ على العَالَمينَ جَمِيعاً ، أنْ تُبَارِكَ لَنَا في يَوْمِنَا هَذَا الذي كَرَّمْتَنَا فِيهِ بِالوَفَاءِ لِعَهْدِكَ ، الذي عَهِدْتَ إلَيْنَا ، وَالمِيثَاقِ الذي وَاثَقْتَنَا بِهِ مِنْ مُوَالَاةِ أوْلِيَائِكَ والبَرَاءَةِ مِنْ أَعْدَائِكَ ، وَتَمُنَّ عَلَيْنَا بِنِعْمَتِكَ ، وَتَجْعَلَهُ عِنْدَنا مُسْتَقَرّاً ثَابِتاً ، ولا تَسْلُبْنَاهُ أَبَداً ، وَلا تَجْعَلْهُ عِنْدَنا مُسْتَوْدَعاً فَإنَّكَ قُلْتَ : « فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ » فَاجْعَلْهُ مُسْتَقَرّاً ثَابِتَاً ، وَارْزَقُنَا نَصْرَ دِينِكَ مَعَ ولِي هَادٍ مِنَ أهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ ، قَائِماً ، رَشِيداً ، هَادِياً ، مَهْدِياً مِنَ الضَّلالَةِ إلى الهُدَى ، تَحْتَ رَايَتِهِ ، وَفي زُمْرَتِهِ ، شُهَدَاءَ ، صَادِقينَ ، مُقْتُولينَ في سَبيلِكَ وعلى نُصْرَةِ دِينِكَ »

وانتهى هذا الدعاء الشريف ، وكان الامام بعد الفراغ يسأل من الله قضاء حوائجه ، ثم يزور جده ، الامام أمير المؤمنينعليه‌السلام بالزيارة التالية :

« اللّهُمَّ صَلِّ على وَلِيِّكَ ، وَأَخي نَبِيِّكَ ، وَوَزيرِهِ وَحَبِيبِهِ ، وَخَلِيلِهِ وَمَوضِعِ سِرِّهِ ، وَخِيرَتِهِ مِنْ أُسْرَتِهِ ، وَوَصِيِّهِ وَصَفْوَتِهِ ، وَخَالِصَتِهِ ، وَأَمِينِهِ ، وَوَلِيِّهِ ، وَأَشَرَفِ عِترَتِهِ ، الذينَ آمَنوُا بِهِ ، وَأَبَي ذُرِيَّتِهِ وَبَابِ

١٠٨

حِكْمَتِهِ ، وَالنَّاطِقِ بِحُجَتِهِ ، وَالدَّاعِي إلى شَرِيعَتِهِ ، وَالمَاضِي على سُنَّتِهِ ، وَخَلِيفَتِهِ على أُمَّتِهِ ، سَيّدِ المُسْلِمينَ ، وَأمِير المُؤمِنينَ ، وَقَائِدِ الغُرِّ المُحَجِّلِينَ ، أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ على أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، وَأَصْفِيَائِكَ ، وَأَوْصيَاءِ نَبِيِّكَ.

اللّهُمَّ إني أَشْهَدُ أَنَّهُ قَدْ بَلَّغَ عَنْ نَبِيِّكَصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مَا حَمَلَ ، وَرَعَى مَا اْسُتْحِفَظ ، وَحَفِظَ مَا اسْتُوْدِعَ ، وَحَلَّل حَلالَكَ ، وَحَرَّمَ حَرَامَكَ ، وَأَقَامَ أَحْكَامَكَ ، وَدَعَا إلى سَبِيلِكَ ، وَوَاليَ أوْلِيَاءَكَ ، وَعَادَي أَعْدَاءَكَ ، وَجَاهَد النَّاكِثِينَ في سَبِيلِكَ ، وَالقَاسِطِينَ وَالمَارِقِينَ عَنْ أَمْرِكَ صَابِراً مُحْتَسِباً ، غَيْرَ مُدْبِرٍ ، لا تَأْخُذُهُ في اللهِ لِوْمَةُ لائِمٍ ، حَتىَّ بَلَغَ في ذلِكَ الرِّضَا ، وَسَلَّمَ إلَيْكَ القَضَاءَ ، وَعَبَدَكَ مُخْلِصاً ، وَنَصَحَ لَكَ مُجْتَهِداً ، حَتَّى أَتَاهُ اليَقِينَ ، فَقَبَضْتَهُ إلَيْكَ شَهِيداً سَعِيداً ، وَعلِيَّاً تَقِيَّاً ، وَصِِيَّاً زَكِيّاً ، هَادِياً ، مَهْدِيّاً ، اللّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَدٍ وآلِ مُحَمَدٍ ، أَفْضَلَ مَا صَلَّيْتَ على أَحَدٍ مِنْ أنْبِيائِكَ وَأصْفِيَائِكَ يا رَبَّ العَالَمِينَ »(1) .

لقد ألمت هذه الزيارة ، ببعض الصفات الماثلة ، في الامام أمير المؤمنينعليه‌السلام عملاق الفكر الاسلامي ، ورائد العدالة الاجتماعية في الارض ، الذي جمع جميع الصفات الخيرة في الدنيا ، والذي فاق بمواهبه وعبقرياته ، جميع عظماء البشر ، على امتداد التاريخ ، نظراً لما يتمتع به من سمو الذات ، والتفوق الكامل في الفضل والعلم والعدالة ونكران الذات ، والتزامه بحرفية الاسلام ، فقد رشحته السماء لقيادة المسلمين بعد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وحتمت عليه بأن يأخذ له البيعة من عموم من كان معه من الحجاج في « غدير خم » فأخذ له البيعة حتى من نسائه ، وبذلك فقد كان هذا اليوم الخالد من أهم الاعياد ، ومن أكثرها قدسية في الاسلام.

__________________

1 ـ الاقبال ( ص 476 ـ 481 ـ و 494 ).

١٠٩

4 ـ دعاؤه في رجب

من الاشهر المعظمة في الاسلام ، شهر رجب ، وقد طلب محمد السجاد من الامام الصادقعليه‌السلام ، أن يتفضل عليه بدعاء يقرأه في هذا الشهر المبارك ، فعلمه هذا الدعاء ، وأمره أن يقرأه عقيب كل صلاة ، وهذا نصه :

« يا مَنْ أرْجُوهُ لِكلَّ خَيْرٍ ، وَآَمَنُ سُخْطَهُ مِنْ كُل شَرٍّ ، يا مَنْ يُعْطِي الكَثِيرَ بِالقَلِيلِ ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ سَأَلَهُ ، يا مَنْ يُعْطِي مَنْ لَمْ يَسْأَلْهُ ، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفْهُ تَحَنُّناً مِنْهُ وَرَحْمَةً ، إعْطِنِي بِمَسْأَلَتي إيَّاكَ جَمِيعَ خَيْرِ الدُّنْيَا ، وَجَمِيعَ خَيْرِ الآخِرَةِ ، وَاصْرِفْ عَنِّي بِمَسْأَلَتي إيَّاكَ جَمِيعَ شَرِّ الدُّنْيَا ، وَجَمِيعَ شَرِّ الآخِرَةِ ، فَإنَّهُ غَيْرُ مَنْقُوصٍ ما أَعْطَيْتَ ، وَزِدْني مِنْ فَضْلِكَ يا كَرِيمُ »

وأمره الامامعليه‌السلام ، أن يضع يده على كريمته ، ويلوح بسبابته ويقول :

« يا ذََا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ ، يا ذا النَّعْمَاءِ وَالجُودِ ، يا ذا المَنِّ وَالطَّولِ حَرِّمْ شَبَابِي وَشَيْبَتي عَلى النَّارِ »(1) .

وحكى هذا الدعاء الجليل بعض فيوضات الله الواسعة ، ورحمته الشاملة على جميع عباده ، مؤمنين وكافرين ، فإنه تعالى مصدر اللطف على جميع الخلق ، فلا يخص برحمته السائلين والعارفين ، وإنما هي شاملة للجميع.

5 ـ دعاؤه في ليلة النصف من شعبان

من الليالي المعظمة في الاسلام ، ليلة النصف من شهر شعبان ، وهي

__________________

1 ـ الاقبال ( ص 644 ).

١١٠

أفضل ليلة بعد ليلة القدر ، وقد روى الامام الصادقعليه‌السلام ، أنه سئل أبوه عن فضل ليلة النصف من شعبان ، فقالعليه‌السلام ، هي أفضل الليالي بعد ليلة القدر ، فيها يمنح الله العباد فضله ، ويغفر لهم بمنه ، فاجتهدوا في القربة إلى الله تعالى فيها ، فإنها ليلة آلى الله عزوجل على نفسه ، أن لا يرد سائلا فيها ما لم يسأل الله المعصية ، وإنها الليلة التي جعلها الله لنا ، أهل البيت ، بإزاء ما جعل ليلة القدر ، لنبيناعليه‌السلام ، فاجتهدوا في دعاء الله تعالى والثناء عليه(1) وقد ولد في هذه الليلة المباركة ، المصلح العظيم ، الذي يقيم اعوجاج الدنيا ويغير منهج الحياة إلى ما هو الافضل ، ويملا الارض بالقسط والعدل ، إنه قائم آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومهديهم الامام المهدي صلوات الله عليه ، وفي هذه الليلة العظيمة ، الزيارة المخصوصة ، لريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيد شباب أهل الجنة : الامام الحسينعليه‌السلام ،

وقد خف أبويحي ، إلى الامام الصادقعليه‌السلام ، فسأله عن بعض العبادات ، والادعية ، التي يأتي بها ج فقال (ع) له ، إذا أنت صليت العشاء الآخيرة ، فصل ركعتين ، تقرأ في الاولى الحمد ، وسورة الجحد ، وهي «قل يا أيها الكافرون » وإذا فرغت منها فتقول : سبحان الله ، ثلاثا وثلاثين ، والحمد لله ثلاثا وثلاثين والله أكبر أربعا وثلاثين ، ثم تقول :

« يا مَنْ إلَيْهِ مَلْجَأُ العِبَادِ في المُهِمَاتِ ، وإليهِ يَفْزَعُ الخَلْقُ في المُلِمَّاتِ ، يا عَالِمَ الجَهْرِ وَالخَفِيَّاتِ ، وَيا مَنْ لا يَخْفَى عَلَيهِ خَوَاطِرُ الَأوْهَامِ ، وَتَصَرُّفِ الخَطَرَاتِ ، يا رَبِّ الخَلَائِقِ وَالبَريَّاتِ ، يا مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ الَأرْضِينَ وَالسَّموَاتِ ، أَنْتَ اللهُ لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، أَمُتُّ إلَيْكَ بِلا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، فَيَا لا إلهَ إلاَّ أَنْتَ ، إجْعَلْني في هذِهِ اللَّيْلةِ ، مِمَّنْ نَظَرْتَ إلَيْهِ فَرَحِمْتَهُ ، وَسَمِعْتَ دُعَاءَهُ فَأَجَبْتَهُ ، وَعَلِمْتَ اسْتقَالَتَهُ فَأَقَلْتَهُ ، وَتَجَاَوْزَت عَنْ

__________________

1 ـ مفاتيح الجنان ( ص 165 ).

١١١

سَالِفِ خَطِيئَتِهِ ، وَعَظيمِ جَرِيرَتِهِ ، فَقَدِ اسْتَجَرْتُ بِكَ مِنْ ذُنُوبِي وَلَجَأْتُ إلَيْكَ في سَتْرِ عُيُوبِيِ.

اللّهُمَّ فًجُدْ عَلَىَّ بِكَرَمِكَ ، وَفَضْلِكَ ، وَاحْطُطْ خَطَايَايَ بِحِلْمِكَ وَعَفْوِكَ ، وَتَغَمَّدْني في هذِهِ اللَّيْلَةِ بِسَابِغِ كَرَامَتِكَ ، وَاْجَعْلني فِيهَا مِنْ أَوْلِيَائِكَ ، الذِينَ اجْتَبَيْتَهُمْ لِطَاعَتِكَ ، وَاخْتَرْتَهُمْ لِعِبَادَتَِك ، وَجَعَلْتَهُمْ خِالِصَتَكَ وَصَفْوَتَكَ.

اللّهُمَّ اجْعَلْني مِمَّن سَعُدَ جَدُّهُ ، وَتَوَفَّرَ مِنَ الخَيْرَاتِ حَظُّهُ ، وَاجْعَلْني ممَّنْ سَلِمَ فَنَعِمَ ، وَفَازَ فَغَنِمَ ، وَاْكِفني شَرِّ ما أسْلَفْتَ ، واعْصِمْني مِنَ الإِزْدِيَادِ في مَعْصِيَتِكَ ، وَحَبِّبْ إلَيَّ طَاعَتَكَ ، وَمَا يُقَرِّبُني لَدَيْكَ ، وَمَا يُزْلِفُني عَنْدَكَ ، سَيدِي إلَيْكَ يَلْجَأُ الهَارِبُ ، وَمِنْكَ يَلْتَمِسُ الطَّالِبُ ، وَعلى كَرَمِكَ يَعَوِّلُ المُسْتَقِيلُ التَّائِبُ ، أَدَّبْتَ عِبَادَكَ بِالتَّكَرُّمِ ، وَأَنْتَ أكَرَمُ الأكْرَمِينَ وَاَمَرْتَ بِالَعَفوِ عِبَادَكَ ، وَأَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

اللّهُمَّ فَلَا تَحْرِمْني مَا رَجَوْتُ مِنْ كَرَمِكَ ، وَلا تُؤْيِسْني مِنْ سَابغِ نِعَمِكَ ، ولا تُخَيِّبْني مِنْ جَزِيل قِسَمِكَ ، في هذِهِ اللَّيْلَةِ لَأهْلِ طَاعَتِكَ ، وَاجْعَلْني في جُنَّةٍ مِنْ شِرَارِ بَرِيَّتِكَ ، رَبِّ إنْ لِمْ أَكُنْ مِنْ أَهْلِ ذلِكَ فَأَنْتَ أَهْلُ الكَرَمِِ وَالعَفْوِ وَالمَغْفِرَةِ ، جُدْ عَلَيَّ بِمَا أَنْتَ أَهْلُهُ ، لا بِمَا أَسْتَحِقُّهُ فَقَدْ حَسُنَ ظَنِّي بِكَ ، وَتَحَقَّقَ رِجَائِي لَكَ ، وَعَلِقَتْ نَفْسِي بِكَرَمِكَ ، وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاِحِمينَ ، وَأَكْرَمُ الَأكْرَمِينَ.

اللّهُمَّ وَاخْصُصْني مِنْ كَرَمِكَ بِجَزِيلِ قِسَمِكَ ، وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَاغْفِرْ لي الذَّنْبَ الذي يِحَبِسُ عَنَّي الخَلْقَ ، وَيُضَيِّقُ عَلَيَّ الرِّزْقَ حَتَّى أَقُومَ بِصَالِحَ رِضَاكَ ، وَأَنْعَمَ بِجَزِيلِ عَطَايَاكَ ، وَأَسْعَدَ بِسَابِغِ

١١٢

نَعْمَائِكَ ، فَقَدْ لُذْتُ بِحَرَمِكَ ، وَتَعَرَّضْتُ لِكَرَمِكَ ، وَاسْتَعَذْتُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ ، وَمِنْ حِلْمِكَ بِغَضَبِكَ ، فَجُدْ بِمَا سَأَلْتُكَ ، وَأنِلُ مَا الْتَمَسْتُ مِنْكَ ، أَسْأَلُكَ بِكَ ، لا شَيْءَ هُوَ أعظَمُ مِنْكَ

ثم أمره بالسجود ، وقول عشرين مرة : يا رب ، وسبع مرات يا الله ، وسبع مرات لا حول ولا قوة إلا بالله ، وما شاء الله لا قوة إلا بالله سبع مرات ، وعشر مرات لا قوة إلا بالله ، ثم يصلي على النبي وآله ، ويسأل الله تعالى قضاء حاجته.(1)

__________________

1 ـ الاقبال ( ص 696 ـ 697 ) البلد الامين ( ص 174 ).

١١٣
١١٤

القسم الرابع

من أدعيته في رمضان

١١٥
١١٦

يحتل شهر رمضان المبارك ، موقعا متميزا ، في نفوس أئمة أهل البيتعليهم‌السلام ، فهم ينظرون إليه ، نظرة تقديس ، وتعظيم ، فيحيون لياليه وأيامه بالعبادة ، وقراءة الذكر الحكيم ، ويقومون بجميع ألوان البر والاحسان إلى الفقراء والمحرومين ، ويعتقون العبيد ، ويطعمون الطعام ، ويعملون كل ما يقربهم إلى الله زلفى ، وكان الامام الصادقعليه‌السلام ، يتفرغ للطاعة والعبادة ، في شهر رمضان وقد أثرت عنه كوكبة من الادعية ، وفي ما يلي بعضها :

1 ـ دعاؤه عند رؤية هلال رمضان

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، إذا رأى هلال رمضان ، فرح واستبشر ، ودعا الله تعالى بهذا الدعاء :

« اللّهُمَّ أَهِلَّهُ عَلَيْنَا بِالَأمْنِ وَالإيمانِ ، وَالسَّلامَةِ وَالإسلامِ ، وَالمُسَارَعَةِ إلى مَا تُحِبُّ ، وَتَرْضَى ، اللّهُمَّ بَارِكُ لَنَا في شَهْرِنَا هذا ، وَارْزُقْنَا خََيْرَهُ وَعَوْنَهُ ، وَاصْرِفْ عَنَّا ضُرَّهُ وَشَرَّهُ وَبَلَاءَهُ وَفِتْنَتَهُ »(1)

__________________

1 ـ الاقبال ( ص 18 ).

١١٧

لقد طلب الامامعليه‌السلام ، أجل وأثمن ما في هذه الحياة ، فقد طلب من الله الامن والايمان ، والسلامة ، والاسلام والمسارعة إلى ما يحبه تعالى ويرضاه ، وهذه الامور أسمى متطلبات الحياة عند الاولياء.

2 ـ دعاؤه في أول ليلة من رمضان

كان الامام الصادقعليه‌السلام ، يستقبل شهر رمضان المبارك بسرور بالغ ، ويدعو في أول ليلة منه بهذا الدعاء المبارك :

« اللّهُمَّ إنَّ هِذَا الشَّهْرَ المُبَارَكَ ، الذي أَنْزَلْتَ فِيهِ القُرْآنَ ، وَجَعَلْتَهُ هُدىً لِلنَّاسِ ، وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرقَانِ ، قَدْ حَضَرَ فَسَلَّمْنَا فِيهِ ، وَسَلِّمْْنا مِنْهُ ، وَسَلِّمْهُ لَنَا ، وَتَسلَّمْهُ مِنَّا في يُسْرٍ مِنْكَ وَعَافِيَةٍ ، يا مَنْ أَخَذَ القَلِيلَ وَشَكَرَهُ ، وَسَتَرَ الكَثِيرَ وَغَفَرَهُ ، إغْفِرْ لي الكَثِيرَ مِنْ مَعْصِيَتِكَ ، وَأقْبَلْ مِنَّي اليَسِيرَ مِنْ طَاعَتِكَ ،

اللّهُمَّ إنَّي أَسْأَلُكَ ، أَنْ تَجْعَلَ لي إلى كُلِّ خِيْرٍ سَبِيلاً ، وَمِنْ كُلِّ ما لا تُحِبُ مَانِعاً ، يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، يا مَنْ عَفَا عَنِّي ، وَعَمَّا خَلَوْتُ بِهِ مِنْ السَّيِّئَاتِ ، يا مَنْ لا يُؤاخِذُني بارْتِكَابِ المَعَاصِي ، عَفْوَكَ ، عَفْوَكَ ، يا كَرِيمُ ، إلهي وَعَظْتَني فَلَمْ أَتَعِظْ ، وَزَجَرْتَني عَنِ المَعَاصِي فَلَمْ أَنْزَجِرْ ، فَمَا عُذْرِي؟ فَاعْفُ عَنيِّ يا كَرِيمُ ، عَفْوَكَ ، عَفْوَكَ.

اللّهُمَّ إني أَسْأَلُكَ الرَّاحَةَ عِنْدَ المَوْتِ ، وَالعَفْوَ عِنْدَ الحِسَابِ ، عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ ، فَلْيَحْسُنِ العَفْوُ مِنْ عِنْدِكَ ، يا أَهْلَ التَّقْوَى وَيَا أَهْلَ المَغْفِرَةِ ، عَفْوِكَ ، عَفْوَكَ.

اللّهُمَّ إني عَبْدُكَ ، وَابْنُ عَبْدِكَ ، وَابْنُ أَمَتِكَ ، ضَعِيفٌ فَقِيرٌ إلى رَحْمَتِكَ ، وَأَنْتَ مُنْزِلُ الغِنىَ وَالبَرَكَةِ على العِبَادِ ، قَاهِرٌ ، قَادِرٌ ، مُقْتَدِرٌ ،

١١٨

أَحَصَيْتَ أَعْمَالَهُمْ ، وَقَسَّمْتَ أَرْزَاقَهُمْ ، وَجَعَلْتَهُمْ مُخْتَلِفَةً أَلْسِنَتُهُم ، وَأَلْوَانُهُم خَلْقاً بَعَدَ خَلْقٍ.

اللّهُمَّ لا يَعْلَمُ العِبَادُ عِلْمَكَ ، وَلا يُقَدِّرُ العِبَادُ قَدْرَكَ ، وَكُلُّنَا فَقِيرٌ إلى رَحْمَتِكَ فَلا تَصْرِفْ وَجْهَكَ عَنِّي ، اجْعَلْني مِنْ صَالِحِ خَلْقِكَ ، في العَمَلِ وَاَلَأمَلِ ، وَالقَضَاِء وَالقَدَرِ.

اللّهُمَّ ابْقِني خَيْرَ البَقَاءِ ، وَاَفْنِني خَيْرَ الفَنَاءِ على مُوَالَاةِ أَوْلِيَائِكَ ، وَمُعَادَاةِ أَعْدَائِكَ ، وَالرَّغْبَةِ إلَيْكَ ، وَالرَّهْبَةِ مِنْكَ ، وَالخُشُوعِ ، وَالوَقَارِ وَالتَسْلِيمِ لَكَ ، وَالتَّصْدِيقِ بِكتَابِكَ ، وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ رَسُولِكَ صَلَوَاتُكَ عَلَيْهِ وَآلِهِ.

اللّهُمَّ ما كَانِ في قَلْبِي مِنْ شَكِّ ، أَوْ رِيبَةٍ أَوْ جُحُودٍ ، أَوْ قُنُوطٍ أَوْ فَرَحٍ أَوْ مَرَحٍ ، أَوْ بَذْخٍ ، أَوْ بَطَرٍ ، أَوْ فَخْرٍ ، أَوُ خُيَلَاءَ ، أَوْ رِيَاءَ ، أَوْ سُمْعَةٍ ، أَوْ شِقَاقٍ ، أَوْ نِفَاقٍ ، أَوْ كِبَرٍ ، أَوْ فُسُوقٍ ، أَوْ عِصْيَانٍ أَوْ عَظَمَةٍ ، أَوْ شَيْءٍ لا تُحِبُّ ، فَأَسْأَلُكَ يا رَبُّ أَنْ تُبَدِّلَنِي مَكَانَهُ إيمَاناً بِوَعْدِكَ ، وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ ، وَرِضاً بِقَضَائِكَ ، وَزُهْداً في الدُّنْيَا وَرَغْبَةً فِيمَا عِنْدَكَ ، وَأَثَرَةً ، وَطُمَاْنِينَةً ، وَتَوْبَةً نَصُوحاً ، أَسْأَلُكَ ذلِكَ ، يا رَبِّ بِمَنِّكَ وَرَحْمَتِكَ يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين ، وَيَا رَبِّ العَالَمِينَ. إلهي : أَنْتَ مِنْ حِلْمِكَ تُعْصَى ، فَكَأَنَّكَ لَمْ تُرَ ، وَمِنْ كَرَمِكَ وَجُودِكَ تُطَاعُ فَكَأَنَّكَ لَمْ تُعْصَ ، وَأَنَا وَمَنْ لَمْ يَعْصِكَ مَنْ سُكَّانِ أَرْضِكَ ، فَكُنْ عَلَيْنَا بِالفَضْلِ جَوَّاداً ، وبَالخَيْرِ عوَّاداً ، يا أرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ، وَصَلَّى اللهُ على مُحَمَدٍ وَآلِهِ صَلَاةً دَاِئَمةً لا تُحْصَى ، وَلا تُعَدُّ ، ولا يُقَدِّرُ قَدْرَهَا غَيْرُكَ ، يا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ »(1)

__________________

1 ـ الاقبال ( ص 9 ـ 10 ).

١١٩

وهذا الدعاء الجليل ، من ذخائر أدعية الامامعليه‌السلام ، فقد حكى الطاف الله تعالى الدائمة وفيوضاته المتصلة على عباده ، وعفوه عنهم ، كما حكى ظاهرة من قدرة الله وبدائع صنعه ، وهي اختلاف السنة الناس ، واختلاف ألوانهم فان المليارات منهم لا يشبه بعضهم بعضا ، في الشكل والصورة ، منذ بدء الخليقة حتى يرث الله الارض ومن عليها ، وتلك آية من آيات الله ، ومثل من أمثلة توحيده فتبارك الله أحسن الخالقين.

وطلب الامامعليه‌السلام ، من الله تعالى ، في هذا الدعاء أن ينزهه من جميع النزعات والصفات الشريرة ، التي خلقت مع الانسان ، وتكونت في دخائل النفوس ، وأعماق القلوب ، من الشك ، والريبة ، والجحود ، والبذخ ، وغير ذلك من الصفات التي تبعد الانسان عن ربه ، طالبا منه تعالى أن تحل مكانها الصفات الخيرة من الايمان والوفاء ، والرضا بقضاء الله ، والزهد في الدنيا ، وغير ذلك من الصفات التي ترفع مستوى الانسان.

3 ـ دعاء آخر في الليلة الاولى

ومن الادعية الجليلة ، التي كان يدعو بها الامام الصادقعليه‌السلام ، في أول ليلة من شهر رمضان المبارك ، هذا الدعاء العظيم :

« اللّهُمَّ ، رَبَّ شَهْرِ رَمَضَانَ مُنَزِّلَ القُرْآنِ هَذَا شَهْرُ رَمَضَانَ الذي أَنْزَلْتَ فِيهِ القُرْآنَ ، وَجَعَلْتَ فِيهِ بَيِِّنَاتٍ مِنَ الهُدَى وَالفُرْقَانِ ، اللّهُمَّ ، ارْزُقْنَا صِيَامَهَ ، وَأَعِنَّا على قِيَامِهِ ، اللّهُمَّ سَلَّمْهُ لَنَا ، وَسَلِّمْنَا فِيهِ وَتَسَّلمْهُ مِنَّا في يُسْرٍ مِنْكَ وَعَافِيَةٍ ، وَّاجْعَلْ فِيمَا تَقْضِي ، وَتُقَدِّرُ مِنَ الَأمْرِ الحَكِيمِ ، في لَيْلَةِ القَدْرِ مِنَ القَضَاءِ المُبْرَمِ ، الذي لا يُرَدُّ ، وَلَا يُبَدَّلُ ، أَنْ تَكْتُبَني مِنْ حُجَّاجِ بَيْتِكَ الحَرَامِ ، والمَبْرُورِ حَجُهُمْ ، المَشْكُورِ سَعْيُهُمْ ، المَغْفُورَةِ ذُنُوبُهُمْ ، المُكَفَّرِ عَنْهُمْ سَيِّئَاتُهُمْ ، وَاجْعَلْ فِيمَا تَقضِي ، وَتُقَّدِّرُ أَنْ تُطِيلَ

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300


١ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة ، حدّثني أبي ، عن أبي إسحاق عن الأرقم بن شرحبيل ، عن ابن عبّاس ، قال : « لمّا مرض صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أمر أبابكر أنْ يصلّي بالناس ، ثمّ وجد خفّةً ، فخرج ، فلمّا أحسّ به أبوبكر أراد أن ينكص ، فأومأ إليه النبي فجلس إلى جنب أبي بكر عن يساره ، واستفتح من الآية التي انتهى إليها أبوبكر »(١) .

٢ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا وكيع ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أرقم بن شرحبيل ، عن ابن عبّاس ، قال : « لمّا مرض رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة فقال : ادعوا لي عليّاً.

قالت عائشة : ندعو لك أبابكر؟ قال : ادعوه.

قالت حفصة : يا رسول الله ، ندعو لك عمر؟ قال : ادعوه.

قالت أمّ الفضل : يا رسول الله ، ندعو لك العبّاس؟ قال : ادعوه.

فلمّا اجتمعوا رفع رأسه فلم ير عليّاً فسكت. فقال عمر : قوموا عن رسول الله. فجاء بلال يؤذنه بالصلاة(٢) .

٣ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا عبدالله بن الوليد ، ثنا سفيان ، عن حميد عن أنس بن مالك ، قال : « كان آخر صلاة صلاّها رسول الله صلّى الله [ وآله ] وسلّم عليه برد متوشّحاً به وهو قاعد »(٣) .

٤ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا يزيد ، أنا سفيان ـ يعني ابن حسين ـ ، عن الزهري ، عن أنس ، قال : « لمّا مرض رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم مرضه الذي توفّي فيه أتاه بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال بعد مرّتين : يا بلال ، قد بلّغت ، فمن شاء فليصلّ ومن شاء فليدع.

فرجع إليه بلال فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وامي ، مَن يصلّي بالناس؟

__________________

(١) مسند أحمد ١/٢٣١.

(٢) مسند أحمد ١/٣٥٦.

(٣) مسند أحمد ٣/٢١٦.


٣٠١


قال : مُرْ أبابكر فليصلّ بالناس.

فلمّا أنْ تقدّم أبوبكر رفع عن رسول الله الستور قال : فنظرنا إليه كأنّه ورقة بيضاء عليه خميصة ، فذهب أبوبكر يتأخّر وظنّ أنّه يريد الخروج إلى الصلاة ، فأشار رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم إلى أبي بكر أن يقوم فيصلّي ، فصلّى أبوبكر بالناس ، فما رأيناه بعد »(١) .

٥ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا حسين بن عليّ ، عن زائدة ، عن عبدالملك ابن عمير ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبي موسى ، قال : « مرض رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم »(٢) .

٦ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا عبدالأعلى ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيدالله وعبدالله ، عن عائشة فقالت : « لمّا مرض رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في بيت ميمونة فاستأذن نساءه أن يمرّض في بيتي فأذِنَّ له ، فخرج رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم معتمداً على العباس وعلى رجلٍ آخر ورجلاه تخطّان في الأرض.

وقال عبيدالله : فقال ابن عبّاس : أتدري من ذلك الرجل؟ هو عليّ بن أبي طالب ، ولكن عائشة لا تطيب له نفساً.

قال الزهري : فقال النبي ـ وهو في بيت ميمونة ـ لعبدالله بن زمعة : مر الناس فليصلّوا.

فلقي عمر بن الخطّاب فقال : يا عمر صلّ بالناس ، فصلّى بهم ، فسمع رسول الله صلّى الله [ وآله ] وسلّم صوته فعرفه وكان جهير الصوت »(٣) .

٧ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا وكيع ، ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود عن عائشة ، قالت : لمّا مرض رسول الله فجاء النبي حتى جلس

__________________

(١) مسند أحمد ٣/٢٠٢.

(٢) مسند أحمد ٤/٤١٢.

(٣) مسند أحمد ٦/٣٤.


٣٠٢


إلى جنب أبي بكر ، وكان أبوبكر يأتمّ بالنبي ، والناس يأتمّون بأبي بكر »(١) .

٨ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة : « فجاء النبي حتى جلس عن يسار أبي بكر ، وكان رسول الله عليه [ وآله ] وسلّم يصلّي بالناس قاعداً وأبوبكر قائماً ، يقتدي أبوبكر بصلاة رسول الله ، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر »(٢) .

٩ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا بكر بن عيسى ، قال : سمعت شعبة بن الحجّاج يحدّث عن نعيم بن أبي هند ، عن أبي وائل عن مسروق ، عن عائشة « أنّ أبابكر صلّى بالناس ورسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في الصفّ »(٣) .

١٠ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا شبابة بن سوار ، أبا شعبة ، عن نعيم بن ابي هند ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : « صلّى رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم خلف أبي بكر قاعداً في مرضه الذي مات فيه »(٤) .

١١ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا شبابة ، ثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : « قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في مرضه الذي مات فيه : مروا أبابكر يصلّي بالناس وصلّى النبي خلفه قاعداً »(٥) .

١٢ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا عبدالصمد بن عبدالوارث ، ثنا زائدة ، ثنا عبدالملك بن عمير ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : « مرض رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم فقال : مروا أبابكر يصلّي بالناس ، فقالت عائشة : يا رسول الله إنّ أبي رجل رقيق! فقال : مروا أبابكر يصلّي بالناس فإنّكنّ صواحبات يوسف.

__________________

(١) مسند أحمد ٦/٢١٠.

(٢) مسند أحمد ٦/٢٢٤.

(٣) مسند أحمد ٦/١٥٩.

(٤) مسند أحمد ٦/١٥٩.

(٥) مسند أحمد ٦/١٥٩.


٣٠٣


فأمّ أبوبكر الناس ورسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم حيٌّ »(١) .

__________________

(١) مسند أحمد ٥/٣٦١.


٣٠٤


(٢)

نظرات في اسانيد الحديث

لقد نقلنا الحديث بأتمّ ألفاظه وأصحّ طرقه عن الصحاح ومسند أحمد ، وكما ذكرنا من قبل فإنّ معرفة حاله بالنظر إلى هذه الأسانيد والمتون تغنينا عن النظر فيما رووه في خارج الصحاح عن غير من ذكرناه من الصحابة ، ولربّما أشرنا إلى بعض ذلك في خلال البحث

لقد كانت الأحاديث المذكورة عن :

١ ـ عائشة بنت أبي بكر.

٢ ـ عبدالله بن مسعود.

٣ ـ عبدالله بن عبّاس.

٤ ـ عبدالله بن عمر.

٥ ـ عبدالله بن زمعة.

٦ ـ أبي موسى الأشعري.

٧ ـ بريدة الأسلمي.

٨ ـ أنس بن مالك.

٩ ـ سالم بن عبيد.

فنحن ذكرنا الحديث عن تسعةٍ من الصحابة وإن لم يذكر الترمذي إلاّ ستّة ، حيث قال بعد إخراجه عن عائشة : « وفي الباب عن : عبدالله بن مسعود ، وأبي موسى ، وابن عبّاس ، وسالم بن عبيد ، وعبدالله بن زمعة »(١) .

لكن العمدة حديث عائشة بل إنّ بعض ما جاء عن غيرها من الصحابة مرسل ، وإنّها هي الواسطة كما سنرى

__________________

(١) صحيح الترمذي ٥/٥٧٣.


٣٠٥


فلنبدأ أوّلاً بالنظر في أسانيد الحديث عن غيرها ممن ذكرناه :

* حديث أبي موسى الأشعري :

أمّا الحديث المذكور عن أبي موسى الاشعري ـ والذي اتّفق عليه البخاري ومسلم ، وأخرجه أحمد ـ ففيه :

١ ـ إنّه مرسل ، نصّ عليه ابن حجر وقال : « يحتمل أن يكون تلقّاه عن عائشة »(١) .

٢ ـ إنّ الراوي عنه « أبو بردة » وهو ولده كما نصّ عليه ابن حجر(٢) وهذا الرجل فاسق أثيم ، له ضلع في قتل حجر بن عديّ ، حيث شهد عليه ـ في جماعة شهادة زورٍ أدّت إلى شهادته(٢) وروي أيضاً أنّه قال لأبي الغادية ـ قاتل عمّار ابن ياسر رضي الله تعالى عنه ـ : « أأنت قتلت عمّار بن ياسر؟ قال : نعم. قال : فناولني يدك. فقبّلها وقال : لا تمسّك النار أبداً! »(٤) .

٣ ـ والراوي عنه : « عنه الملك بن عمير » :

وهو « مدلّس » و« مضطرب الحديث جدّاً » و« ضعيف جدّاً » و«كثير الغلط » :

قال أحمد : « مضطرب الحديث جدّاً مع قلّة روايته ، ما أرى له خمسمائة حديث ، وقد غلط في كثير منها »(٥) .

وقال إسحاق بن منصور : « ضعّفه أحمد جدّاً »(٦) .

وعن أحمد : « ضعيف يغلط »(٧) .

__________________

(١) فتح الباري ٢/١٣٠.

(٢) فتح الباري ٢/١٣٠.

(٣) تاريخ الطبري ٤/١٩٩ ـ ٢٠٠.

(٤) شرح نهج البلاغة ٤/٩٩.

(٥) تهذيب التهذيب ٦/١١ وغيره.

(٦) تهذيب التهذيب ٦/٤١٢ ، ميزان الاعتدال ٢/٦٦٠.

(٧) ميزان الاعتدال ٦/٦٦٠.


٣٠٦


وقال ابن معين : « مخلط »(١) .

وقال أبو حاتم : « ليس بحافظ ، تغيّر حفظه »(٢) . وعنه : « لم يوصف بالحفظ »(٣) .

وقال ابن خراش : « كان شعبة لا يرضاه »(٤) .

وقال الذهبي : « أمّا ابن الجوزي فذكره فحكى الجرح وما ذكر التوثيق »(٥) .

وقال السمعاني : « كان مدلّساً »(٦) .

وكذا قال ابن حجر(٧) .

وعبدالملك ـ هذا ـ هوالذي ذبح عبدالله بن يقطر أو قيس بن مسهر الصيداوي ، وهو رسول الإمام الحسينعليه‌السلام إلى أهل الكوفة ، فإنّه لمّا رمي بأمر ابن زياد من فوق القصر وبه رمق أتاه عبدالملك بن عمير فذبحه ، فلمّا عيب ذلك عليه قال : « إنّما أردت أن أريحه! »(٨) .

٤ ـ ثمّ الكلام في أبي موسى الأشعري نفسه ، فإنّه من أشهر أعداء مولانا الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقد كان يوم الجمل يقعد بأهل الكوفة عن الجهاد مع الإمام عليعليه‌السلام ، وفي صفّين هوالذي خلع الإمامعليه‌السلام عن الخلافة. وقد بلغ به الحال أن كان الإمامعليه‌السلام يلعنه في قنوته مع معاوية وجماعة من أتباعه.

ثمّ إنّ أحمد روى هذا الحديث في فضائل أبي بكر بسنده عن زائدة ، عن

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦/٦٦٠ ، المغني ٢/٤٠٧ ، تهذيب التهذيب ٦/٤١٢.

(٢) ميزان الاعتدال ٢/٦٦٠.

(٣) تهذيب التهذيب ٦/٤١٢.

(٤) ميزان الاعتدال ٢/٦٦٠.

(٥) ميزان الاعتدال ٢/٦٦٠.

(٦) الأنساب ١٠/٥٠ في « القبطي ».

(٧) تقريب التهذيب ١/٥٢١.

(٨) تلخيص الشافي ٣/٣٥ ، روضة الواعظين : ١٧٧ ، مقتل الحسين ـ للمقرّم ـ : ١٨٥.


٣٠٧


عبدالملك بن عمير ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه كذلك(١) .

* حديث عبدالله بن عمر

وأمّا الحديث المذكور عن عبدالله بن عمر فالظاهر كونه عن عائشة كذلك ، كما رواه مسلم ، عن عبدالرزّاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن حمزة بن عبدالله بن عمر ، عن عائشة لكنّ البخاري رواه بسنده عن الزهري ، عن حمزة ، عن أبيه ، قال : « لمّا اشتدّ برسول الله وجعة ».

وعلى كلّ حال فإنّ مدار الطريقين على :

محمّد بن شهاب الزهري وهو رجل مجروح عند يحيى بن معين(٢) وعبدالحقّ الدهلوي ، وكان من أشهر المنحرفين عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ومن الرواة عن عمر بن سعد اللعين :

قال ابن أبي الحديد : « وكان الزهري من المنحرفين عنه ، وروى جرير بن عبدالحميد عن محمّد بن شيبة قال : شهدت مسجد المدينة ، فإذا الزهري وعروة ابن الزبير جالسان يذكران عليّاً فنالا منه. فبلغ ذلك عليّ بن الحسين فجاء حتى وقف عليهما فقال : أمّا أنت يا عروة ، فإنّ أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لأبي على أبيك ، وأمّا أنت يا زهريّ ، فلو كنت بمكة لأريُتك كير أبيك »(٣) .

قال : « وروى عاصم بن أبي عامر البجلي ، عن يحيى بن عروة ، قال : كان أبي إذا ذكر عليّاً نال منه »(٤) .

ويؤكّد هذا سعيه وراء إنكار مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ كمنقبة سبقه

__________________

(١) فضائل الصحابة ١/١٠٦.

(٢) هو من شيوخ البخاري ومسلم ، ومن أئمّة الجرح والتعديل ، أتّفقوا على أنّه أعلم أئمّة الحديث بصحيحه وسقيمه. توفّي سنة ٣٠٢ هـ. ترجم له في : تذكره الحفّاظ ٢/٤٢٩ وغيرها.

(٣) شرح نهج البلاغة ٦/١٠٢.

(٤) شرح نهج البلاغة ٤/١٠٢.


٣٠٨


إلى الإسلام ـ قال ابن عبدالبرّ : « وذكر معمر في جامعه عن الزهري قال : ما علمنا أحداً أسلم قبل زيد بن حارثة. قال عبدالرزّاق : وما أعلم أحداً ذكره غير الزهري »(١) .

وقال الذهبي بترجمة عمر بن سعد : « وأرسل عنه الزهري وقتادة. قال ابن معين : كيف يكون من قتل الحسين ثقة؟! »(٢) .

وقال العلاّمة الشيخ عبدالحق الدهلوي بترجمة الزهري من « رجال المشكاة » : « إنّه قد ابتلي بصحبة الأمراء وبقلّة الديانة ، وكان أقرانه من العلماء والزّهاد يأخذون عليه وينكرون ذلك منه ، وكان يقول : أنا شريك في خيرهم دون شرّهم! فيقولون : ألا ترى ما هم فيه وتسكت؟! »

وقال ابن حجر بترجمة الأعمش : « حكى الحاكم عن ابن معين أنّه قال : أجود الأسانيد : الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبدالله. فقال له إنسان : الأعمش مثل الزهري؟! فقال : تريد من الأعمش أن يكون مثل الزهري؟! الزهري يرى العرض والإجازة ويعمل لبني أُميّة ؛ والأعمش فقير ، صبور ، مجانب للسلطان ، ورع ، عالم بالقرآن »(٣) .

ولأجل كونه من عمّال بني أُميّة ومشيّدي سلطانهم كتب إليه الإمام السجّادعليه‌السلام كتاباً يعظه فيه ، جاء فيه : « إنّ ما كتمت ، وأخفّ ما احتملت ، أنْ آنست وحشة الظالم ، وسهّلت له الطريق الغيّ جعلوك قطباً أداروا بك رحى مظالمهم ، وجسراً يعبرون عليك إلى بلاياهم ، وسُلّماً إلى ضلالتهم ، داعياً إلى غيّهم ، سالكاً سبيلهم ، احذر ، فقد نُبِّئت ، وبادر فقد أُجِّلْت »(٤) .

__________________

(١) الاستيعاب ، ترجمة زيد بن حارثة.

(٢) الكاشف ٢/٣١١.

(٣) تهذيب التهذيب ٤/١٩٥.

(٤) ذكر الكتاب في : تحف العقول عن آل الرسول : ١٩٨ ، للشيخ ابن شعبة الحرّاني ، من أعلام الإماميّة في القرآن الرابع ، وفي إحياء علوم الدين ٢/١٤٣ بعنوان : « ولمّا خالط الزهري السلطان كتب أخ له في الدين إليه »!.


٣٠٩


ثمّ الكلام فيعبدالله بن عمر نفسه :

فإنّه ممّن امتنع عن بيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد عثمان ، وقعد عن نصرته ، وترك الخروج معه في حروبه ، ولكنّه لمّا ولي الحجّاج بن يوسف الحجاز من قبل عبدالملك جاءه ليلاً ليبايعه فقال له : ما أعجلك؟! فقال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يقول : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية! فقال له : إنّ يدي مشغولة عنك ـ وكان يكتب فدونك رجلي ، فمسح على رجله وخرج!!

* حديث عبدالله بن زمعة :

وأمّا حديث عبدالله بن زمعة فقد رواه أبو داود عنه بطريقين ، والمدار في كليهما على « الزهري » وقد عرفته.

* حديث عبدالله بن عبّاس :

وأمّا حديث عبدالله بن عبّاس الذي رواه ابن ماجة وأحمد ، الأوّل رواه عن : إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الأرقم بن شرحبيل ، عن ابن عبّاس ، والثاني رواه عن يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن الأرقم ، عنه فمداره على :

أبي إسحاق ، عن الأرقم

وقد قال البخاري : « لا نذكر لأبي إسحاق سماعاً من الأرقم بن شرحبيل »(١) .

وأبو إسحاق السبيعي : « قال بعض أهل العلم : كان قد اختلط ، وإنّما

__________________

(١) ذكره في الزوائد بهامش سنن ابن ماجة ١/٣٩١.


٣١٠


تركوه مع ابن عيينة لاختلاطه »(١) .

وكان مدلّساً »(٢) .

وكان يروى عن عمر بن سعد قاتل الحسينعليه‌السلام (٣) .

وكان يروي عن شمر بن ذي الجوشن الملعون(٤) .

وفي سند أحمد مضافاً إلى ذلك :

١ ـ سماع « ذكريّا » من « أبي إسحاق » بعد اختلاطه كما ستعرف.

٢ ـ « زكريّا بن أبي زائدة » قال أبو حاتم : « ليّن الحديث ، كان يدلّس » ورماه بالتدليس أيضاً أبو زرعة وأبو داود وابن حجر وعن أحمد : « إذا اختلف زكريّا وإسرائيل فإنّ زكريّا أحبّ إليّ في أبي إسحاق ، ثمّ قال : ما أقربهما ، وحديثهما عن أبي إسحاق ليّن سمعا منه بآخره »(٥) .

أقول : فالعجب من أحمد يقول هذا وهو مع ذلك يروي الحديث عن زكريّا عن أبي إسحاق في « المسند » كما عرفت وفي « الفضائل »(٦) .

نعم ، رواه لا عن هذا الطريق لكنّه عن ابن عبّاس عن العبّاس ، فقال مرةً : « حدّثنا يحيى بن آدم » وأخرى « حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم » عن قيس ابن الربيع ، عن عبدالله بن أبي السفر ، عن أرقم بن شرحبيل ، عن ابن عبّاس ، عن العبّاس بن عبدالمطلب : « إنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال في مرضه : « مروا أبابكر يصلّي بالناس ، فخرج أبوبكر فكبّر ووجد النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم راحته فخرج يهادي بين رجلين ، فلمّا رآه أبوبكر تأخّر ، فأشار إليه النبي مكانك ، ثمّ جلس رسول الله إلى جنب أبي بكر فاقترأ من المكان الذي

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٢٧٠.

(٢) تهذيب التهذيب ٨ : ٥٦.

(٣) الكاشف ، ميزان الاعتدال ، تهذيب التهذيب ٧/٣٩٦.

(٤) ميزان الاعتدال ٢ : ٧٢.

(٥) تهذيب التهذيب ٣/٢٨٥ ، الجرح والتعديل ١ : ٢/٥٩٣.

(٦) فضائل الصحابة ١/١٠٦.


٣١١


بلغ أبوبكر من السورة »(١) .

لكنّ مداره على« قيس بن الربيع » الذي أورده البخاري في الضعفاء(٢) .

وكذا النسائي(٣) وابن حبّان في المجروحين(٤) وضعّفه غير واحد ، بل عن أحمد أنّه تركه الناس ، بل عن يحيى بن معين تكذيبه(٥) .

* حديث عبدالله بن مسعود :

وأمّا الحديث المذكور عن ابن مسعود فأخرجه النسائي ، ورواه الهيثمي أيضاً وقال : « رواه أحمد وأبو يعلى ».

وفي سنده عند الجميع « عاصم بن أبي النجود » قال الهيثمي : « وفيه ضعف »(٦) .

قلت : وذكر الحافظ ابن حجر عن ابن سعد : « كان كثير الخطأ في حديثه » وعن يعقوب بن سفيان : « في حديثه اضطراب » وعن أبي حاتم : « ليس محلّه أن يقال هو ثقة ولم يكن بالحافظ » وقد تكلّم فيه ابن عليّه فقال : « كلّ من اسمه عاصم سيّئ الحفظ » وعن ابن خراش : « في حديثه نكرة » وعن العقيلي : « لم يكن فيه إلاّ سوء الحفظ » والدار قطني : « في حفظه شيء » والبزّار : « لم يكن بالحافظ وحمّاد بن سلمة : « خلط في آخر عمره » وقال العجلي : « كان عثمانياً »(٧) .

__________________

(١) فضائل الصحابة ١/١٠٨ ، ١٠٩.

(٢) الضعفاء ـ للبخاري ـ : ٢٧٣.

(٣) الضعفاء ـ للنسائي : ٤٠١.

(٤) كتاب المجروحين ٢/٢١٦.

(٥) تهذيب التهذيب ٨/٣٥٠ ، ميزان الاعتدال ٣/٣٩٣ ، لسان الميزان ٤/٤٧٧.

(٦) مجمع الزوائد ٥/١٨٣.

(٧) تهذيب التهذيب ٥/٣٥.


٣١٢


* حديث بريدة الأسلمي :

وأمّا حديث بريدة الأسلمي الذي رواه أحمد بسنده عن ابن بريدة عن أبيه ، فمع غضّ النظر عمّا قيل في رواية ابن بريدة ـ سواء كان « عبدالله »أو « سليمان » ـ عن أبيه(١) فيه :

« عبدالملك بن عمير » وقد عرفته.

* حديث سالم بن عبيد :

وأمّا حديث سالم بن عبيد الذي أخرجه ابن ماجة :

١ ـ فقد قال فيه ابن ماجة : « هذا حديث غريب ».

٢ ـ وفي سنده نظر فإنّ « نعيم بن أبي هند » تركه مالك ولم يسمع منه ؛ لأنّه « كان يتناول عليّاً رضي الله عنه »(٢) .

و« سلمة بن نبيط » لم يرو عنه البخاري ومسلم ، قال البخاري : « اختلط بآخره »(٣) .

٣ ـ ثمّ إنّ « سالم بن عبيد » لم يرو عنه في الصحاح ، وما روى له من أصحاب السنن غير حديثين ، وفي إسناد حديثه اختلاف!

قال ابن حجر : « سالم بن عبيد الأشجعي ، من أهل الصفّة ، ثمّ نزل الكوفة وروى له من أصحاب السنن حديثين بإسناده صحيح في العطاس. وله رواية عن عمر فيما قاله وصنعه عند وفاة النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وكلام أبي بكر في ذلك. أخرجه يونس بن بكير في زياداته.

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٥/١٣٨.

(٢) تهذيب التهذيب ١٠/٤١٨.

(٣) تهذيب التهذيب ٤/١٤٠.


٣١٣


روى عنه هلال بن يساف ونبيط بن شريط وخالد بن عرفطة »(١) .

وقال أيضاً : « الأربعة ـ سالم بن عبيد الأشجعي له صحبة ، وكان من أهل الصُفّة ، يعدّ في الكوفيّين. روى عن النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في تشميت العاطس ، وعن عمر بن الخطّاب. روى عنه. خالد بن عرفجة ـ ويقال ابن عرفطة ـ وهلال بن يساف ونبيط بن شريط. وفي إسناد حديثه اختلاف »(٢) .

أقول : يظهر من عبارة ابن حجر في كتابيه ، ومن مراجعة الرواية عند الهيثمي(٣) أنّ حديث سالم بن عبيد حول صلاة أبي بكر هو الحديث الذي عن عمر « فيما قاله وصنعه عند وفاة النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لكنّ ابن ماجة ذكر بعضه ـ كما نصّ عليه الهيثمي ـ ، وظاهر عبارة ابن حجر في « الإصابة » عدم صحّة إسناده ، ولعلّة المقصود من قوله في « تهذيب التهذيب » : « وفي إسناد حديثه اختلاف » إذ القدر المتيقّن منه ما يرويه نبيط بن شريط عنه ، وهذا الحديث من ذاك!

* حديث أنس بن مالك :

أمّا حديث أنس بن مالك ، فمنه ما عن الزهري عنه ، وقد أخرجه البخاري ومسلم وأحمد.

والزهري من قد عرفته.

مضافاً إلى أنّ الراوي عنه عند البخاري هو شعيب ، وهو : شعيب بن حمزة ، وهو كاتب الزهري وراويته(٤) .

ويروي عن شعيب : أبو اليمان ، وهو : الحكم بن نافع.

__________________

(١) الإصابة ٢/٥.

(٢) تهذيب التهذيب ٣/٣٨١.

(٣) مجمع الزوائد ٥/١٨٢.

(٤) تهذيب التهذيب ٤/٣٠٧.


٣١٤


وقد تكلّم العلماء في رواية أبي اليمان عن شعيب ، حتّى قيل : لم يسمع منه ولا كلمةً(١) .

والراوي عن « الزهري » عند أحمد : سفيان بن حسين ، وقد اتّفقوا على عدم الاعتماد على رواياته عن الزهري ، فقد ذكر ذلك ابن حجر عن : ابن معين وأحمد والنسائي وابن عديّ وابن حبّان

وعن يعقوب بن شيبة : « في حديثه ضعف » وعن عثمان بن أبي شيبة : « كان مضطرباً في الحديث قليلاً » وعن ابن خراش : « كان لينّ الحديث » وعن أبي حاتم : « لا يحتجّ به » وعن ابن سعد : « يخطئ في حديثه كثيراً »(٢) .

هذا ، وقد روى الهيثمي هذا الحديث فقال : « رواه أحمد وفيه : سفيان بن حسين وهو ضعيف في الزهري ، وهذا من حديثه عنه »(٣) .

ومنه ما عن حميد عن أنس ، وقد أخرجه النسائي وأحمد ، وحميد هو : حميد ابن أبي حميد الطويل ، وقد نصّوا على أنّه كان « مدلّساً » وعلى « أنّ أحاديثه عن أنس مدلّسة »(٤) وهذا الحديث من تلك الأحاديث.

مضافاً إلى أنّ الراوي عنه ـ عند أحمد ـ هو سفيان بن حسين ، وقد عرفتُه.

هذا ، وسواء صحّت الطرق عن أنس أو لم تصحّ فالكلام في أنس نفسه :

فأوّل ما فيه كذبه ، وذلك في قضيّة حديث الطائر المشويّ ، حيث كان رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قد دعا الله سبحانه أن يأتي بعليّعليه‌السلام ، وكان يترقّب حضوره ، فكان كلّما يجيء عليّعليه‌السلام ليدخل على النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال أنس : « إنّ رسول الله على حاجة » حتى غضب رسول الله وقال له : « يا أنس ، ما حملك على ردّه؟! »(٥) .

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٢/٣٨٠.

(٢) تهذيب التهذيب ٤/٩٦.

(٣) مجمع الزوائد ٥/١٨١.

(٤) تهذيب التهذيب ٣/٣٤.

(٥) أخرجه غير واحد من الأئمة في كتبهم ، راجع منها المستدرك ٣/١٣٠.


٣١٥


ثمّ كتمه الشهادة بالحقّ ، وذلك في قضية مناشدة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام الناس عن حديث الغدير وطلبه الشهادة منهم به ، فشهد قوم وأبي آخرون ـ ومنهم أنس ـ فدعى عليهم فأصابتهم دعوته(١) .

ومن العلوم أنّ الكاذب لا يقبل خبره ، وكتم الشهادة إثم كبير قادح في العدالة كذلك.

* حديث عائشة :

وأمّا حديث عائشة فقد ذكرنا أنّه هو العمدة في هذه المسألة :

لكونها صاحبة القصة.

ولأنّ حديث غيرها إمّا ينتهي إليها ، وأمّا هو حكاية عمّا قالته وفعلته.

ولأنّ روايتها أكثر طرقاً من رواية غيرها ، وأصحّ إسناداً من سائر الأسانيد ، وأتمّ لفظاً وتفصيلاً للقصّة

وقد أوردنا الأهمّ من تلك الطرق ، والأتمّ من تلك الألفاظ فأمّا البحث حول ألفاظ ومتون الحديث ـ عنها ـ فسيأتي في الفصل اللاحق مع النظر في ألفاظ حديث غيرها.

وأمّا البحث حول سند حديثها ، فيكون تارةً بالكلام على رجال الأسانيد ، وأخرى بالكلام على عائشة نفسها.

أمّا رجال الأسانيد فإنّ طرق الأحاديث المذكورة عنها تنتهي إلى :

١ ـ الأسود بن يزيد النخعي.

٢ ـ عروة بن الزبير بن العوّام.

٣ ـ عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود.

٤ ـ مسروق بن الأجدع.

__________________

(١) لاحظ : الغدير ١/١٩٢.


٣١٦


ولا شيء من هذه الطرق بخالٍ عن الطعن والقدح المسقط عن الاعتبار والاحتجاج :

أمّا الحديث عن الأسود عن عائشة :

فإنّ « الأسود » من المنحرفين عن أمير المؤمنين الإمام عليّعليه‌السلام (١) .

والراوي عنه في جميع الأسانيد المذكورة هو إبراهيم بن يزيد النخعي ، وهو من أعلام المدلّسين قال أبو عبدالله الحاكم ـ في الجنس الرابع من المدلّسين : قوم دلّسوا أحاديث رووها عن المجروحين فغيّروا أساميهم وكناهم كي لا يعرفوا ـ قال : « أخبرني عبدالله بن محمّد بن حمويه الدقيقي ، قال : حدّثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي ، قال : حدّثني خلف بن سالم ، قال : سمعت عدّة من مشايخ أصحابنا تذاكروا كثرة التدليس والمدلّسين ، فأخذنا في تمييز أخبارهم ، فاشتبه علينا تدليس الحسن بن أبي الحسن وإبراهيم بن يزيد النخعي ، لأنّ الحسن كثيراً ما يدخل بينه وبين الصحابة أقواماً مجهولين ، وربّما دلّس عن مثل عتي بن ضمرة وحنيف بن المنتجب ودغفل بن حنظلة وأمثالهم ؛ وإبراهيم أيضاً يدخل بينه وبين أصحاب عبدالله مثل هني بن نويرة وسهم بن منجاب وخزامة الطائي وربّما دلّس عنهم »(٢) .

والراوي عن إبراهيم هو : « سليمان بن مهران الأعمش ». و« الأعمش » معروف بالتدليس(٣) ، ذلك التدليس القبيح القادح في العدالة ، قال السيوطي ـ في بيان تدليس التسوية ـ : قال الخطيب : وكان الأعمش وسفيان الثوري يفعلون مثل هذا. قال العلائي : فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقاً وشرّها. قال العراقي ـ وهو قادح فيمن تعمّد فعله. وقال شيخ الإسلام : لا شكّ أنّه جرح ،

__________________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٤/٩٧.

(٢) معرفة علوم الحديث : ١٠٨.

(٣) تقريب التهذيب ١ : ٢٣١.


٣١٧


وإن وصف به الثوري والأعمش فلا اعتذار(١) .

قال الخطيب : « التدليس للحديث مكروه عند أهل العلم ، وقد عظّم بعضهم الشأن في ذمّه ، وتبجّج بعضهم بالبراءة منه »(٢) .

ثمّ روى عن شعبة بن الحجّاج قوله : « التدليس أخو الكذب ».

وعنه : « التدليس في الحديث أشدّ من الزنا ».

وعنه : « لإنْ أسقط من السماء أحبّ إليَّ من أنْ أدلّس ».

وعن أبي أسامة : « خرّب الله بيوت المدلّسين ، ما هم عندي إلاّ كذّابون ».

وعن ابن المبارك : لأن نخرّ من السماء أحبّ إليّ من أن ندلّس حديثاً ».

وعن وكيع : « نحن لا نستحلّ التدليس في الثياب فكيف في الحديث! ».

فإذن : يسقط هذا الحديث ، بهذا السند ، الذي اتّفقوا في الرواية به ، فلا حاجة إلى النظر في حال من قبل الأعمش من الرواة.

لكن مع ذلك نلاحظ أنّ الراوي عن الأعمش عند البخاري وأحمد ـ في إحدى طرقهما ـ وعند مسلم والنسائي هو « أبو معاوية » وهذا الرجل أيضاً من المدلّسين :

قال السيوطي : « فائدة : أردت أن أسرد أسماء من رمي ببدعةٍ ممّن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما :

وهم : إبراهيم بن طهمان ، أيّوب بن عائذ الطائي ، ذرّ بن عبدالله المرهبي ، شبابة بن سوار ، عبدالحميد بن عبدالرحمن محمّد بن حازم أبو معاوية الضرير ورقاء بن عمر اليشكري هؤلاء رموا بالأرجاء ، وهو تأخير القول في الحكم على مرتكب الكبائر بالنار »(٣) .

__________________

(١) تدريب الراوي ١ : ٢٢٦.

(٢) الكفاية في علم الرواية ١/١٨٨.

(٣) تدريب الراوي ١/٢٧٨ ، وفي طبعة ١/٣٢٨.


٣١٨


وذكر ابن حجر عن غير واحد أنّه كان مرجئاً خبيثاً ، وأنّه كان يدعو إليه(١) .

والراوي عن « الأعمش » عند ابن ماجة وأحمد في طريقه الأُخرى هو : وكيع ابن الجّراح ، وفيه : أنّه كان يشرب المسكر وكان ملازماً له(٢) .

ثمّ إنّ الراوي عن أبي معاوية في إحدى طرق البخاري هو : حفص بن غياث ، وهو أيضاً من المدلّسين(٣) .

مضافاً إلى أنّه كان قاضي الكوفة من قبل هارون ، وقد ذكروا عن أحمد أنّه : « كان وكيع صديقاً لحفص بن غياث فلمّا ولّي القضاء هجره »(٤) .

وأمّا الحديث عن عروة بن الزبير :

فإنّ عروة بن الزبير ولد في خلافة عمر ، فالحديث مرسل ، ولابدّ أنّه يرويه عن عائشة.

وكان عروة من المشهورين بالبغض والعداء لأمير المؤمنينعليه‌السلام ـ كما عرفت من خبره مع الزهري ، والخبر عن ابنه ـ وحتّى حضر يوم الجمل على صغر سنّه(٥) ، وقد كان هو والزهري يضعان الحديث في تنقيص الإمام والزهراء الطاهرةعليهما‌السلام ، فقد روى الهيثمي عنه حديثاً ـ وصحّحه ـ في فضل زينب بنت رسول الله جاء فيه أنّه كان يقول : « هي خير بناتي » قال : « فبلغ ذلك عليّ بن حسين ، فانطلق إليه فقال : ما حديث بلغني عنك أنّك تحدّثه تنقص حقّ فاطمة؟! فقال : لا أحدّث به أبداً »(٦) .

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٩/١٢١.

(٢) تذكرة الحفّاظ ١/٣٠٨ ، ميزان الاعتدال ١ : ٣٣٦.

(٣) تهذيب التهذيب ٢/٣٥٨.

(٤) تهذيب التهذيب ١١/١١١.

(٥) تهذيب التهذيب ٧/١٦٦.

(٦) مجمع الزوائد ٩/٢١٣.


٣١٩


والراوي عنه ولده « هشام » في رواية البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وهو أيضاً من المدلّسين ، فقد قالوا : « كان ينسب إلى أبيه ما كان يسمعه من غيره ، وقد ذكروا أنّ مالكاً كان لا يرضاه ، قال ابن خراش : بلغني أنّ مالكاً نقم عليه حديثه لأهل العراق ، قدم الكوفة ثلاث مرّات ، قدمةً كان يقول : حدّثني أبي ، قال : سمعت عائشة. وقدم الثانية فكان يقول : أخبرني أبي ، عن عائشة. وقدم الثالثة فكان يقول : أبي ، عن عائشة »(١) وهذا الحديث من تلك الأحاديث.

وأمّا الحديث عن عبيدالله بن عبدالله عن عائشة :

فإنّ الرّاوي عن « عبيدالله » عند البخاري ومسلم والنسائي هو « موسى بن أبي عائشة » وقد قال ابن أبي حاتم سمعت أبي(٢) يقول : « تريبني رواية موسى بن أبي عائشة حديث عبيدالله بن عبدالله في مرض النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم »(٣) .

وعند أبي داود وأحمد هو : الزهري ـ لكن عند الأول يرويه عن عبيدالله ، عن عبدالله بن زمعة ـ والزهري من قد عرفته سابقاً.

هذا مضافاً إلى ما في عبيدالله بن عبدالله نفسه فقد روى ابن سعد ، عن مالك بن أنس ، قال : « جاء عليّ بن حسين بن عليّ بن أبي طالب إلى عبيدالله ابن عبدالله بن عتبة بن مسعود يسأله عن بعض الشيء!! وأصحابه عنده وهو يصلّي ، فجلس حتّى فرغ من صلاته ثمّ أقبل عليه عبيدالله.

فقال أصحابه : أمتع الله بك ، جاءك هذا الرجل وهو ابن ابنة رسول الله

__________________

(١) تهذيب التهذيب ١١/٤٤.

(٢) هو : محمّد بن إدريس الرازي ، أحد كبار الأئمّة الحفّاظ المعتمدين في الجرح والتعديل. توفّي سنة ٢٠٧ هـ تقريباً. توجد ترجمته في : تذكره الحفّاظ ٢/٥٦٧ ، تاريخ بغداد ٣/٧٣ وغيرهما من المصادر الرجالية.

(٣) تهذيب التهذيب ١٠/٣١٤.


٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527