الإمامة في أهم الكتب الكلامية

الإمامة في أهم الكتب الكلامية11%

الإمامة في أهم الكتب الكلامية مؤلف:
تصنيف: الإمامة
الصفحات: 527

الإمامة في أهم الكتب الكلامية
  • البداية
  • السابق
  • 527 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 277025 / تحميل: 9024
الحجم الحجم الحجم
الإمامة في أهم الكتب الكلامية

الإمامة في أهم الكتب الكلامية

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

شهوة ، وبه قال الأوزاعي(1) .

وقال مالك : لا غسل عليه ، سواء خرج بعد البول أو قبله ، لأنّه قد اغتسل منه فلا يجب عليه أن يغتسل منه مرّة اُخرى(2) ـ وعنه في الوضوء روايتان(3) ـ وهو مذهب أبي يوسف ومحمد وإسحاق(4) . وهو غلط لما بيّنا من عدم اعتبار الشهوة ، ولو تقطّر من بوله قطرة أعاد الوضوء.

وأما إن لم يعلم أنّه مني ، فإن خرج بعد البول لم يجب الغُسل ، ووجب الوضوء ، لأنّ الظاهر أنّه من بقايا البول ، وإن كان قد استبرأ بالبول بعده ، أو اجتهد قبل البول ، واستبرأ فلا شيء ولا وضوء ولا غسل.

ب ـ لو شك في أنّه أنزل أم لا فلا غسل عليه ، ولو شك في أن الخارج مني اعتبره بالصفات ، واللذة ، وفتور الجسد ، لأنّها من الصفات اللازمة في الغالب ، فمع الاشتباه يستند إليها لقول الكاظمعليه‌السلام : « وإن لم يجد شهوة ولا فترة به فلا بأس »(5) .

ج ـ لا يشترط في المريض الدفق ، وتكفي الشهوة وفتور الجسد ،

__________________

الدارمي 1 : 194 ، سنن الترمذي 1 : 186 ، ذيل الحديث 112 ، سنن ابن ماجة 1 : 199/ 607 ، سنن أبي داود 1 : 56 / 217.

1 ـ اللباب 1 : 16 ، المبسوط للسرخسي 1 : 67 ، شرح فتح القدير 1 : 54 ، المجموع 2 : 139 ، فتح العزيز 2 : 126 ، المغني 1 : 233 ، الشرح الكبير 1 : 234.

2 ـ المغني 1 : 233 ، الشرح الكبير 1 : 234 ، الشرح الصغير 1 : 61 ، الجموع 2 : 139 ، فتح العزيز 2 : 125 ، المحلى 2 : 7.

3 ـ حلية العلماء 1 : 172.

4 ـ المغني 1 : 233 ، الشرح الكبير 1 : 234 ، المجموع 2 : 139 ، حلية العلماء 1 : 171.

5 ـ التهذيب 1 : 120 / 317 ، الاستبصار 1 : 104 / 342.

٢٢١

لقصور قوته لقول الصادقعليه‌السلام : « لأنّ الرجل إذا كان صحيحاً جاء الماء بدفقة قوية ، وإن كان مريضاً لم يجئ إلّا بعد »(1) .

د ـ لو شك هل أنزل أم لا لم يجب عليه الغسل.

هـ ـ إذا انتقل الماء إلى الذكر ولم يظهر ، لم يجب الغُسل حتى يظهر ـ وبه قال الشافعي(2) ـ لقولهعليه‌السلام لعليعليه‌السلام : ( إذا فضخت الماء فاغتسل )(3) ، والفضخ : الظهور(4) ، ولأن ما يتعلق به الطهارة يعتبر ظهوره كسائر الأحداث.

وقال أحمد : يجب قبل الظهور لأنّ المعتبر الشهوة وقد حصلت بانتقاله(5) ، والمقدمتان ممنوعتان ، فإن كمالها بظهوره.

و ـ إذا أنزلت المرأة وجب عليها الغُسل ، لأنّ ام سليم امرأة أبي طلحة قالت : يا رسول الله إنّ الله لا يستحي من الحق ، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال : ( نعم إذا رأت الماء )(6) .

ز ـ لو خرج المني من ثقبة في الذكر أو الانثيين أو الصلب وجب الغسل.

ح ـ لو استدخلت المرأة منيّ الرجل ثم خرج لم يجب عليها الغُسل ، لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن المرأة تغتسل من الجنابة ثم ترى نطفة

__________________

1 ـ التهذيب : 369 / 1124 ، الاستبصار 1 : 110 / 365 ، الكافي 3 : 48 / 4.

2 ـ المجموع 2 : 140 ، مغني المحتاج 1 : 70 ، كفاية الأخيار 1 : 24.

3 ـ مسند أحمد 1 : 109 ، سنن النسائي 1 : 111 ، سن ابي داود 1 : 53 / 206.

4 ـ اُنظر الفائق 3 : 124 ، النهاية لابن الاثير 3 : 453 ، مادة « فضخ ».

5 ـ المغني 1 : 231 ، الشرح الكبير 1 : 233 ، المجموع 2 : 140.

6 ـ صحيح مسلم 1 : 251 / 313 ، صحيح البخاري 1 : 44 ، سنن النسائي 1 : 114 ، سنن الترمذي 1 : 209 / 122 ، الموطأ 1 : 51 / 85.

٢٢٢

الرجل بعد ذلك هل عليها غسل؟ قال : « لا »(1) .

ولا يجب أيضاً الوضوء عند علمائنا ، خلافاً للشافعي(2) .

وكذا لو وطأها فيما دون الفرج فدب ماؤه إلى فرجها ثم خرج بعد أن اغتسلت ، أو وطأها في الفرج ثم خرج بعد غسلها ، وبه قال قتادة والأوزاعي وإسحاق والشافعي وأحمد(3) .

وقال الحسن : تغتسل ، لأنّه مني خارج فأشبه ماء‌ها(4) .

مسألة 65 : لو احتلم أنّه جامع وأمنى ، ثم استيقظ ولم ير شئيا لم يجب الغُسل إجماعاً ، لأنّ الصادقعليه‌السلام سئل عنه فقال : « ليس عليه الغُسل »(5) .

ولو رأى المني على جسده أو ثوبه وجب الغُسل إجماعاً لأنّه منه ، وإن لم يذكر الاحتلام ، لأنّ الصادقعليه‌السلام سئل عن الرجل يرى في ثوبه المني بعدما يصبح ، ولم يكن رأى في منامه أنّه قد احتلم ، قال : « فليغتسل وليغسل ثوبه ويعيد صلاته »(6) .

فروع :

أ ـ لو استيقظ فرأى بللاً لا يعلم أنّه مني ، فلا غسل ، وإن احتلم بالجماع على إشكال ، لأنّ الطهارة متيقنة والحدث مشكوك.

__________________

1 ـ الكافي 3 : 49 / 3 ، التهذيب 1 : 146 / 413.

2 ـ المجموع 2 : 151.

3 ـ المحلى 2 : 7 ، المجموع 2 : 151 ، المغني 1 : 235 ، الشرح الكبير 1 : 232.

4 ـ المحلى 2 : 7 ، المجموع 2 : 151 ، المغني 1 : 235 ، الشرح الكبير 1 : 232.

5 ـ الكافي 3 : 48 / 1 ، التهذيب 1 : 120 / 316 ، الاستبصار 1 : 109 / 362.

6 ـ التهذيب 1 : 368 / 1118 ، الاستبصار 1 : 111 / 367.

٢٢٣

ب ـ لو رأى في ثوبه المختص منياً وجب عليه الغُسل ، وإن كان قد نزعه ، ما لم يشك في أنّه منيّ آدمي ، ويعيد من آخر نومة فيه إلّا مع ظن السبق ، وقال الشيخ : من آخر غسل رفع به الحدث(1) ، والوجه استحبابه من الوقت الذي يتيقن أنّه لم يكن منه.

ج ـ لو كان مشتركا لم يجب على أحدهما الغُسل ، بل يستحب ، ولا يحرم على أحدهما ما يحرم على الجنب ، ولاحدهما أن يأتم بصاحبه لأنّها جنابة سقط اعتبارها في نظر الشرع ، وقيل : تبطل صلاة المؤتم ، لأنّ الجنابة لا تعدوهما(2) .

السبب الثاني : الجماع ، ويجب به الغُسل بالإجماع ، بشرط التقاءالختانين إن كان في القبل ، بمعنى المحاذاة ، إلّا ما روي عن داود أنّه قال : لا يجب(3) ، لأنّ أبا سعيد الخدري روى عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( من جامع ولم يمن فلا غسل عليه )(4) ، وفي بعض الالفاظ : ( من أقحط فلم يكمل فلا غسل عليه )(5) . وأقحط معناه : لم ينزل الماء : مأخوذ من القحط ، وهو انقطاع القطر(6) ، وهو محكي عن أبي ، وزيد ، ومعاذ بن جبل ، وأبي سعيد الخدري ، ثم رجعوا(7) .

والحديث منسوخ ، فإن أبي بن كعب قال : إنّ ذلك رخصة رخص فيها

____________

1 ـ المبسوط للطوسي 1 : 28.

2 ـ القائل هو المحقق في المعتبر : 47.

3 ـ المجموع 2 : 136 ، المغني 1 : 236 ، الشرح الكبير 1 : 235 ، شرح الأزهار 1 : 106.

4 ـ صحيح مسلم 1 : 269 / 343 ، مسند أبي يعلى 2 : 432 / 262 ، ورد مؤداه فيهما.

5 ـ صحيح مسلم 1 : 270 / 345 ، سنن ابن ماجة 1 : 199 / 606 ، مسند أحمد 3 : 21 ، 26 ، 94 ، سنن البيهقي 1 : 165 ، مصنف ابن أبي شيء بة 1 : 89 ، ورد مؤداه في المصادر المذكورة.

6 ـ النهاية لابن الاثير 4 : 17 « قحط ».

7 ـ الكفاية 1 : 56 ، المجموع 2 : 136 ، المبسوط للسرخسي 1 : 68 ، عمدة القارئ 3 : 247 ، المحلى 2 : 4.

٢٢٤

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أول الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد(1) ، وقالعليه‌السلام : ( إذا قعد بين شعبها الأربع وألصق الختان بالختان فقد وجب الغُسل )(2) ، أراد شعبتي رجليها وشعبتي شفريها ، والإلصاق : المقاربة.

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام قال : « قال عليعليه‌السلام : أتوجبون الجلد والرجم ، ولا توجبون صاعا من ماء؟! إذا التقى الختانان وجب الغُسل »(3) .

مسألة 66 : ودبر المرأة كالقبل ، وقاله السيد المرتضى(4) وجماعة من علمائنا(5) ، والجمهور(6) ، لقوله تعالى :( أو لمستُم النساء ) (7) ، ووجوب البدل يستلزم وجوب المبدل ، ولأنّه فرج ومحل الشهوة ، ولقول عليعليه‌السلام : « أتوجبون الجلد والرجم ولا توجبون صاعاً من ماءً »(8) ووجود العلة يستلزم المعلول.

وعن أحدهماعليهما‌السلام : « إذا أدخله فقد وجب الغُسل والمهر والرجم »(9) وادعى المرتضى الاجماع(10) .

__________________

1 ـ سنن أبي داود 1 : 55 / 214 ، 215 ، سنن ابن ماجة 1 : 200 / 609.

2 ـ سنن أبي داود 1 : 56 / 216 ، صحيح البخاري 1 : 80 ، سنن النسائي 1 : 110 ، سنن ابن ماجة 1 : 200 / 610.

3 ـ التهذيب 1 : 119 / 314.

4 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 48.

5 ـ منهم ابن ادريس في السرائر : 19 ، وابن حمزة في الوسيلة : 55 ، والمحقق في المعتبر : 48.

6 ـ المجموع 2 : 132 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235 ، الهداية للمرغيناني 1 : 17 ، الكفاية 1 : 56 ، شرح العناية 1 : 56 ، شرح فتح القدير 1 : 56 ، الهداية للأنصاري : 38.

7 ـ المائدة : 6.

8 ـ التهذيب 1 : 119 / 314.

9 ـ التهذيب 1 : 118 / 310 ، الاستبصار 1 : 108 / 358.

10 ـ حكاه عنه المصنف ايضاً في المختلف 1 : 31.

٢٢٥

وقال الشيخ : لا يجب ، ما لم ينزل(1) عملاً بالأصل ، ولأن المقتضي التقاء الختانين ، أو الإنزال ، وهما منفيّان.

والأصل يترك للمعارض ، وحصر السبب ممنوع.

مسألة 67 : وفي دبر الغلام قولان ، أحدهما : الوجوب ـ وهو قول الشافعي وأحمد(2) ـ قاله المرتضى(3) ، لقول عليعليه‌السلام : « أتوجبون عليه الجلد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من ماء؟! »(4) والمعلول تابع ، ولأن الدليل قائم في دبر المرأة ، فكذا الغلام لعدم الفارق.

والثاني : العدم إلّا مع الإنزال ، والمعتمد الاول.

أما فرج البهيمة فقال الشيخ : لا نصّ فيه فلا غسل لعدم الدليل(5) ، وبه قال أبو حنيفة(6) ، لأنّه غير مقصود فأشبه إيلاج الاصبع.

وقال الشافعي وأحمد : يجب الغُسل(7) ، لقولهعليه‌السلام : ( إذا قعد بين شعبها الأربع )(8) ولأنّه مكلف أولج الحشفة منه في الفرج ، فوجب

____________

1 ـ الاستبصار 1 : 112 ذيل الحديث 373.

2 ـ المجموع 2 : 132 ، مغني المحتاج 1 : 69 ، كفاية الأخيار 1 : 23 ، السراج الوهاج : 20 ، المغني 1 : 235 ، الشرح الكبير 1 : 235.

3 ـ حكاه المحقق في المعتبر : 48.

4 ـ التهذيب 1 : 119 / 314.

5 ـ المبسوط للطوسي 1 : 28 ، الخلاف 1 : 117 مسألة 59.

6 ـ الهداية للمرغيناني 1 : 17 ، شرح العناية 1 : 56 ، عمدة القارئ 3 : 252 ـ 253 ، شرح الأزهار 1 : 106 ، المجموع 2 : 136 ، فتح العزيز 2 : 117 ، الوجيز 1 : 17 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235.

7 ـ المجموع 2 : 136 ، فتح العزيز 2 : 117 ، مغني المحتاج 1 : 69 ، كفاية الأخيار 1 : 23 ، الوجيز 1 : 17 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235 ، الاُم 1 : 37.

8 ـ سنن أبي داود 1 : 56 / 216 ، سنن النسائي 1 : 110 ـ 111 ، سنن ابن ماجة 1 : 200 / 610 ، مسند أحمد 2 : 520 ، صحيح البخاري 1 : 80 ، صحيح مسلم 1 : 271 / 348.

٢٢٦

الغسل كقُبل المرأة.

فروع :

أ ـ لا يعتبر في الإيلاج الشهوة ولا الإنزال بالإجماع ، فلو أولج في فرج العجوز الشوهاء وجب الغسل.

ب ـ لا فرق بين الفاعل والمفعول في وجوب الغُسل ، سواء كان الموطوء ذكراً أو أنثى.

ج ـ لو أولج في فرج الميت وجب الغُسل ، وبه قال الشافعي وأحمد(1) للعموم.

وقال أبو حنيفة : لا يجب لأنّه غير مقصود(2) ، وينتقض بالعجوزة الشوهاء.

د ـ لو أولج بعض الحشفة لم يجب شيء حتى يولج جميعها.

هـ ـ كيف حصل الإيلاج وجب الغُسل ، فلو أدخلت فرجه في فرجها وهو نائم لا يعلم وجب عليهما الغُسل ، وبالعكس.

و ـ لو أولج فيما دون القُبل والدبر لم يجب الغُسل إلّا مع الإنزال ، كالسرة وشبهها إجماعا.

ز ـ لو أولج رجل في فرج خنثى مشكل ، فإن أولج في دبره وجب الغُسل ، وإن أولج في قبله ، قال بعض علمائنا : لم يجب(3) ـ وبه قال

__________________

1 ـ المجموع 2 : 132 ، فتح العزيز 2 : 117 ، الوجيز 1 : 17 ، كفاية الأخيار 1 : 23 ، الاُم 1 : 37 ، مغني المحتاج 1 : 69 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235.

2 ـ شرح فتح القدير 1 : 56 ، عمدة القارئ 3 : 253 ، 254 ، الوجيز 1 : 17 ، المجموع 2 : 136 ، فتح العزيز 2 : 117 ، المغني 1 : 237 ، الشرح الكبير 1 : 235.

3 ـ منهم المحقق الحلّي في المعتبر : 48.

٢٢٧

الشافعي(1) ـ لجواز أن يكون رجلاً ويكون ذلك عضواً زائداً من البدن ، ولو قيل بالوجوب كان وجهاً لقولهعليه‌السلام : ( إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسل )(2) ، ولوجوب الحد به.

فلو أولجت هذه الخنثى في فرج امرأة ، قال بعض علمائنا والشافعي : وجب الغُسل على الخنثى خاصة(3) ، لأنّه إن كان رجلاً فقد أولج في فرج امرأة ، وإن كان امرأة فقد أولج الرجل في فرجها.

ولو أولج الخنثى في فرج امرأة فلا شيء على الخنثى لاحتمال أن يكون زائدا ، ويحتمل الوجوب للعموم(4) .

وقال الشافعي : يجب على المرأة الوضوء لخروج خارج من فرجها(5) ، ويحتمل عندي الغسل.

ولو أولج الخنثى في دبر الغلام فالأقرب عندي الغُسل عليهما ، وقيل : لاشئ على الخنثى لاحتمال أن يكون امرأة(6) ، وقال الشافعي : يجب على الغلام الوضوء بخروج شيء من دبره(7) .

ولو أولج خنثى في فرج خنثى فعلى ما قيل لا شيء عليهما ، لاحتمال ان يكونا رجلين.

ح ـ ولو أولج الصبي في الصبية تعلق بهما حكم الجنابة على إشكال

__________________

1 ـ المجموع 2 : 51 ، فتح العزيز 2 : 121 ، المهذب للشيرازي 1 : 36.

2 ـ مسند أحمد 6 : 239 ، سنن البيهقي 1 : 163.

3 ـ المجموع 2 : 51 ، فتح العزيز 2 : 121.

4 ـ اشار بذلك إلى حديث : إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسل ، راجع مسند أحمد 6 : 239 ، وسنن البيهقي 1 : 163.

5 ـ فتح العزيز 2 : 121.

6 ـ القائل هو المحقق في المعتبر : 48.

7 ـ المجموع 2 : 51 ، فتح العزيز 2 : 121 ، مغني المحتاج 1 : 69.

٢٢٨

فيمنعان من المساجد ، وقراء‌ة العزائم ، ومس كتابة القرآن ، ويجب عليهما الغُسل بعد البلوغ ، وفي الاكتفاء بالغسل الأول عنه إشكال ، أقربه ذلك.

ولو أولج الصبي في البالغة ، أو البالغ في الصبية تعلق الحكم بالبالغ قطعاً ، وبالصبي على إشكال.

ط ـ لو أولج مقطوع الحشفة فأقوى الاحتمالات الوجوب لو غيب قدرها أو جميع الباقي ، وبهما قال الشافعي(1) ، والسقوط.

ي ـ لو لفّ خرقة على ذكره وأولج وجب الغُسل للعموم(2) ، وهو أحد وجوه الشافعية ، والعدم ، والفرق بين اللينة والخشنة(3) .

يا ـ لو استدخلت ذكراً مقطوعاً فوجهان كالشافعية(4) ، وكذا ذكر الميت والبهم.

ولو استدخلت ماءً الرجل فلا غسل ولا وضوء وإن خرج ، وعند الشافعية يجب الوضوء لو خرج(5) .

المطلب الثاني : في الغسل

و فيه بحثان :

الأول : في واجباته : وهي أربعة :

الأول : النيّة ، وقد تقدمت وهي شرط ، ويستحب إيقاعها عند غسل

__________________

1 ـ المجموع 2 : 133 ـ 134 ، فتح العزيز 2 : 116 ـ 117.

2 ـ أشار إلى عموم حديث : إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسل ، راجع مسند أحمد 6 : 239 ، سنن البيهقي 1 : 163.

3 ـ المجموع 2 : 134 ، فتح العزيز 2 : 118 ـ 119 ، مغني المحتاج 1 : 69.

4 ـ المجموع 2 : 133 ، مغني المحتاج 1 : 71.

5 ـ المجموع 2 : 151.

٢٢٩

الكفين لأنّه أول أفعال الطهارة ، وتتضيق عند غسل الرأس ، فلو شرع فيه قبل فعلها وجب الاستئناف بعده ، ويجب استدامتها حكماً دفعا لمشقة الاستحضار دائما.

و لا بدّ من نيّة غسل الجنابة ، أو رفع الحدث وإن أطلق ، لأنّ الحدث هو المانع من الصلاة ، وهو أظهر وجهي الشافعي(1) ، فإن نوى رفع الاصغر متعمّداً لم يصح غسله ، وهو أظهر وجهي الشافعي(2) ، وكذا إنّ سهى ، وللشافعي في رفع الحدث عن أعضاء الوضوء وجهان(3) .

و لو نوت الحائض استباحة الوطء صحّ الغُسل ، وللشافعي وجهان(4) .

الثاني : غسل البشرة بما يسمى غسلاً بالإجماع والنص(5) ، فالدهن إنّ تحقق معه الجريان أجزأ وإلّا فلا ، لأنّ علياًعليه‌السلام كان يقول : « الغُسل من الجنابة والوضوء يجزي منه ما أجزأ مثل الدهن الذي يبل الجسد »(6) فشرط الجريان.

الثالث : إجراء الماء على جميع ظاهر البدن والرأس واصول الشعر كلّه ، خف أو كثف ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ( تحت كلّ شعرة جنابة ، فبلّوا الشعر وأنقوا البشرة )(7) ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه

____________

1 ـ المجموع 1 : 322 ، كفاية الأخيار 1 : 24 ، مغني المحتاج 1 : 72 ، فتح العزيز 2 : 163.

2 ـ كفاية الأخيار 1 : 24 ، المجموع 1 : 332 ، فتح العزيز 2 : 163 ، مغني المحتاج 1 : 72.

3 ـ المجموع 1 : 322 ، فتح العزيز 2 : 163 ، كفاية الأخيار 1 : 24.

4 ـ المجموع 1 : 323 ، فتح العزيز 2 : 163 ـ 164.

5 ـ اُنظر على سبيل المثال : التهذيب 1 : 131 / 362 وما بعدها ، والاستبصار 1 : 118 / 398 و 123 / 419.

6 ـ التهذيب 1 : 138 / 385 ، الاستبصار 1 : 122 / 414.

7 ـ سنن أبي داود 1 : 65 / 248 ، سنن الترمذي 1 : 178 / 106 ، سنن ابن ماجة 1 : 196 / 597.

٢٣٠

السلام : من ترك شعرة من الجنابة متعمّداً فهو في النار(1) .

و لو لم يصل إلّا بالتخليل وجب ، ومن عليه خاتم ضيّق ، أو دملج ، أو سير وجب إيصال الماء إلى ما تحته ، إمّا بالتحريك أو النزع ، ولو كان يصل الماء استحب تحريكه والتخليل ، ويغسل ظاهر اذنيه وباطنهما ، ولا يدخل الماء فيما بطن من صماخه ، ولا يجب غسل باطن الفم والانف ، ولا غيرهما.

الرابع : الترتيب ، يبدأ برأسه ، ثم جانبه الأيمن ، ثم الأيسر ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، إلّا المرتمس وشبهه لأنّ عائشة قالت : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يخلّل شعره ، فإذا ظن أنّه أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ، ثم غسل سائر جسده(2) ، وعن ميمونة ، وساقت الحديث حتى أفاضعليه‌السلام على رأسه ثم غسل جسده(3) . فيجب اتّباعه.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله زرارة كيف يغتسل الجنب؟ إلى أن قال : « ثم صب على رأسه ثلاث أكف ، ثم صب على منكبه الأيمن مرتين ، وعلى منكبه الأيسر مرتين »(4) وتقديم الرأس يوجب تقديم الأيمن لعدم الفارق ، ولأن المأتي به بياناً إن كان غير مرتب وجب ، وليس كذلك بالإجماع فتعين الترتيب ، وقال الجمهور : لا يجب(5) بالأصل.

____________

1 ـ التهذيب 1 : 135 / 373.

2 ـ صحيح البخاري 1 : 76 ، سنن النسائي 1 : 205 ، سنن البيهقي 1 : 175.

3 ـ صحيح البخاري 1 : 77 ، سنن الترمذي 1 : 174 / 103 ، سنن البيهقي 1 : 177 ، سنن النسائي 1 : 137.

4 ـ الكافي 3 : 43 / 3.

5 ـ المجموع 2 : 197 ، المغني 1 : 252 ـ 253 ، الشرح الكبير 1 : 249 ، الشرح الصغير 1 : 65 ، بدائع الصنائع 1 : 17 ـ 18 و 34.

٢٣١

فروع :

الأول : يسقط الترتيب عن المرتمس دفعة واحدة ، لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك عن غسله »(1) .

وقال بعض علمائنا : يرتّب حكماً(2) .

الثاني : قال المفيد : لا ينبغي أن يرتمس في الراكد ، فإنه إن كان قليلاً أفسده(3) . وليس بجيد لما بيّنا من بقاء الطهورية بعد الاستعمال.

الثالث : لو وقف تحت الغيث حتى بل جسده طهر مع الجريان وإن لم يرتّب ـ خلافاً لبعض علمائنا(4) ـ لقول الكاظمعليه‌السلام وقد سئل أيجزي الجنب أن يقوم في القطر حتى يغسل رأسه وجسده ، وهو يقدر على ما سوى ذلك؟ : « إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك »(5) وكذا البحث في الميزاب وشبهه.

البحث الثاني : في مسنوناته

وهي :

الأول : الاستبراء بالبول للمنزل الذكر ، فإن تعذر مسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثاً ، ومنه إلى رأسه ثلاثاً ، وينتره ثلاثاً ، وعصر رأس

__________________

1 ـ الكافي 3 : 43 / 5 ، التهذيب 1 ، 149 / 423 ، الاستبصار 1 : 125 / 424.

2 ـ وهو سلار كما في المراسم : 42 ، وهذا اختيار الشيخ في الاستبصار 1 : 125 ذيل الحديث 424 ، والمصنف في المختلف : 32.

3 ـ المقنعة : 6.

4 ـ منهم المحقق الحلّي في المعتبر : 49.

5 ـ التهذيب 1 : 149 / 424 ، الاستبصار 1 : 125 / 425 ، الفقيه 1 : 14 / 27 ، قرب الاسناد : 85.

٢٣٢

الحشفة ، وليس واجباً عند أكثر علمائنا(1) ، للأصل ، ولقوله تعالى :( فاطّهّروا ) (2) عقَّبَ به القيام ، وأذن في الدخول بعد الاغتسال ، وقال الشيخ بالوجوب(3) .

فروع :

أ ـ لا استبراء بالجماع من غير إنزال ، ولا على المرأة لاختلاف المخرجين.

ب ـ لو أخل بالاستبراء ، فإن لم يجد بللاً صحّ غسله ولا شيء ، وإن وجد بللاً فإن علمه منيا ، أو اشتبه وجب إعادة الغُسل دون الصلاة السابقة على الوجدان ، وإن علمه غير مني فلا شيء.

ج‍ ـ لو استبرأ بالبول ولم يستبرئ منه ثم وجد البلل ، فإن علمه منيا أعاد الغُسل خاصة ، وإن اشتبه فالوضوء ، وكذا إنّ اشتبه بالبول.

ولو استبرأ منهما ثم وجد المشتبه ، فلا غسل ، ولا وضوء لقول الصادقعليه‌السلام : « إنّه من الحبائل »(4) .

الثاني : غسل اليدين ثلاثاً قبل إدخالهما الإناء.

الثالث : المضمضة والاستنشاق ثلاثاً ثلاثا ، وقد تقدم.

الرابع : إمرار اليد على الجسد ، وليس واجباً ، ذهب إليه علماؤنا

__________________

1 ـ منهم السيد المرتضى في الناصريات : 224 المسألة 39 ، والمحقق الحلّي في المعتبر : 49 وابن إدريس في السرائر : 21.

2 ـ المائدة : 6.

3 ـ المبسوط للطوسي 1 : 29.

4 ـ الفقيه 1 : 47 / 10.

٢٣٣

أجمع ، والشافعي وأكثر العلماء(1) ، للأصل ، ولقولهعليه‌السلام لام سلمة وقد سألته عن غسل الجنابة : ( إنّما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماءً ثم تفيضي الماء على سائر جسدك ، فإذا أنت قد طهرت )(2) .

وقال مالك والمزني : إمرار اليد إلى حيث تنال واجب(3) ، لقوله تعالى :( حتى تغتسلوا ) (4) ولا يقال : اغتسل إلّا من دلك جسده ، ولأن ّالتيمم يجب فيه إمرار اليد ، فكذا الغسل.

ويبطل بقولهم : غسل الإناء وإن لم يمرّ اليد ، وكذا غسل يده ، والتراب يتعذر إمراره إلّا باليد ، ولأنّ المسح يتوقف عليه ، نعم لو لم يصل الماء إلا بالامرار وجب.

وكذا تخليل الاُذنين إن لم يصبهما الماء.

الخامس : الغُسل بصاع ، وليس واجباً للامتثال لو حصل بدونه ، ولقول الباقرعليه‌السلام : « الجنب ما جرى عليه الماء من جسده »(5) وقال أبو حنيفة : يجب(6) وقد تقدم.

السادس : لا يجب غسل المسترسل من الشعر ، ويستحب عملاً بالأصل ، ويجب غسل اصوله في جميع الرأس والبدن.

__________________

1 ـ المغني 1 : 251 ، الشرح الكبير 1 : 247 ، المجموع 2 : 185 ، فتح العزيز 2 : 185 ، كفايةالاخيار 1 : 26 ، مغني المحتاج 1 : 74 ، عمدة القارئ 3 : 192 ، المحلى 2 : 30.

2 ـ سنن أبي داود 1 : 65 / 251 ، سنن إبن ماجة 1 : 198 / 603 ، سنن الترمذي 1 : 176 / 105.

3 ـ بداية المجتهد 1 : 44 ، المدونة الكبرى 1 : 27 ، المبسوط للسرخسي 1 : 45 ، عمدة القارئ 3 : 192 ، المجموع 2 : 185 ، فتح العزيز 2 : 185 ، بُلغة السالك 1 : 43 ، والشرح الصغير 1 : 43.

4 ـ النساء : 43.

5 ـ الكافي 3 : 21 / 4 ، التهذيب 1 : 137 / 380 ، الاستبصار 1 : 123 / 416.

6 ـ المبسوط للطوسي 1 : 45 ، بدائع الصنائع 1 : 35 ، فتح العزيز 2 : 191 ، المغني 1 : 256 ، الشرح الكبير 1 : 256.

٢٣٤

وقال الشافعي : يجب غسل المسترسل(1) .

السابع : ينبغي أن يبدأ أولاً بغسل النجاسة عن بدنه ، فلو غسل رأسه قبله صحّ ، وهل يكفي غسلها عن غسل محلّها؟ إشكال ، وللشافعي فيه وجهان(2) .

المطلب الثالث : في الاحكام

مسألة 68 : يحرم على الجنب قراء‌ة الغزائم ، وهي أربع سور : سجدة لقمان ، وحم السجدة ، والنجم ، واقرأ باسم ربك ، دون ما عداها ، ويكره ما زاد على سبع آيات من غيرها ، ويتأكد ما زاد على سبعين.

أما تحريم العزائم فإجماع أهل البيتعليهم‌السلام عليه ، ولقول الباقرعليه‌السلام : « الجنب والحائض يفتحان المصحف من وراء الثياب ويقرآن من القرآن ما شاء‌آ إلّا السجدة »(3) .

و أما تسويغ غيرها فلقوله تعالى :( فاقرؤا ما تيسر منه ) (4) ، وللأصل ، ولقول الصادقعليه‌السلام ، وقد سئل أتقرأ النفساء والجنب والحائض شيئا من القرآن؟ : « يقرؤون ما شاؤا »(5) .

والجمهور لم يفرقوا بين العزائم وغيرها ، ثم اختلفوا ، فقال الشافعي :

__________________

1 ـ المجموع 2 : 184 ، كفاية الأخيار 1 : 25 ، مغني المحتاج 1 : 73 ، الاُم 1 : 40 ، السراج الوهاج : 21.

2 ـ المجموع 2 : 199 ، مغني المحتاج 1 : 75 ، كفاية الأخيار 1 : 25 ، السراج الوهاج 1 : 22 ، فتح العزيز 2 : 171.

3 ـ التهذيب 1 : 371 / 1132.

4 ـ المزمل : 20.

5 ـ التهذيب 1 : 128 / 348.

٢٣٥

الجنب والحائض لا يجوز لهما قراء‌ة شيء من القرآن(1) ، لأنّ علياًعليه‌السلام قال : « إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن يحجبه عن قراء‌ة القرآن شيء إلّا الجنابة »(2) وحكى ابن المنذر عن أبي ثور أنّه حكى عن الشافعي جواز أن تقرأ الحائض(3) .

وروي كراهة القراء‌ة عن عليعليه‌السلام ، وعمر ، والحسن البصري ، والنخعي ، والزهري ، وقتادة(4) ، لأنّ عبد الله بن رواحة رأته امرأته مع جاريته فذهبت لتأخذ سكيناً ، فقال : ما رأيتني أليس نهى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقرأ أحدنا وهو جنب؟ فقالت : إقرأ ، فقال :

شهدت بأنّ وعد الله حق

وأنّ النار مثوى الكافرينا

وأنّ العرش فوق الماء طاف

وفوق العرش ربّ العالمينا

تحمله ملائكة شداد

ملائكة الاله مسومينا

فقالت : صدق الله وكذب بصري ، فجاء إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبر فضحك حتى بدت نواجذه(5) ، وهذا يدل على اشتهار النهي بين الرجال والنساء.

وقال عبد الله بن عباس : يقرأ ورده وهو جنب(6) . وقيل لسعيد بن المسيب : أيقرأ الجنب؟ فقال : نعم ، أليس هو في جوفه ، وبه قال داود ،

__________________

1 ـ المجموع 2 : 156 و 158 ، فتح العزيز 2 : 133 ـ 134 ، مغني المحتاج 1 : 72.

2 ـ سنن ابن ماجة 1 : 195 / 594 ، سنن النسائي 1 : 144 ، سنن أبي داود 1 : 59 / 229 ، مسند أحمد 1 : 124.

3 ـ المجموع 2 : 356 ، فتح العزيز 2 : 143.

4 ـ المغني 1 : 165.

5 ـ المجموع 2 : 159.

6 ـ المغني 1 : 165 ، المجموع 2 : 158 ، شرح الأزهار 1 : 107 ، الشرح الكبير 1 : 240.

٢٣٦

وابن المنذر(1) ، لأنّ عائشة قالت : إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن يترك ذكر الله على كلّ أحيانه(2) ، ولا دلالة فيه.

وقال أبو حنيفة ، وأحمد : يقرأ دون الآية ، لعدم إجزائها في الصلاة فصارت كالاذكار(3) .

وقال مالك : الحائض تقرأ القرآن ، والجنب يقرأ آيات يسيرة ، لأنّ الحائض يطول أيامها ويكثر ، فلو منعناها من القرآن نسيت(4) .

وقال الأوزاعي : لا يقرأ الجنب إلّا آية الركوب والنزول والصعود(5) ( سبحان الذي سخر لنا هذا ) (6) ( رب أنزلني منزلاً مباركاً ) (7) .

فروع :

الأول : لو تيمم لضرورة ففي جواز قراء‌ة العزائم إشكال.

الثاني : أبعاض العزائم كهي في التحريم ، حتى البسملة إذا نواها منها.

الثالث : إذا لم يجد ماء‌اً ولا تراباً صلّى مع حدثه ، وقرأ ما لا بدّ له من

__________________

1 ـ المغني 1 : 165 ، المجموع 2 : 158 ، شرح الأزهار 1 : 107 ، الشرح الكبير 1 : 240 ، المحلى 1 : 79 و 80.

2 ـ صحيح مسلم 1 : 282 / 373 ، سنن أبي داود 1 : 5 / 18 ، سنن ابن ماجة 1 : 110 / 302.

3 ـ المغني 1 : 165 ـ 166 ، الشرح الكبير 1 : 240 ـ 241 ، شرح الأزهار 1 : 107 ، المحلى 1 : 78 ، شرح فتح القدير 1 : 148 ، نيل الأوطار 1 : 284 ، المجموع 2 : 158 ، الوجيز 1 : 18 ، فتح العزيز 2 : 134.

4 ـ المحلى 1 : 78 ، شرح الأزهار 1 : 107 ، المغني 1 : 165 ، الشرح الكبير 1 : 240 ، بداية المجتهد 1 : 49 ، المجموع 2 : 158 ، الوجيز 1 : 18 ، فتح العزيز 2 : 134 ، بُلغة السالك 1 : 67 ، الشرح الصغير 1 : 67 و 81.

5 ـ المغني 1 : 165 ، الشرح الكبير 1 : 240.

6 ـ الزخرف : 13.

7 ـ المؤمنون : 29.

٢٣٧

قراء‌ته عند الشافعي(1) للضرورة.

الرابع : لا يمنع من شيء من الأذكار حتى اسمه تعالى.

مسألة 69 : ويحرم عليه مسّ كتابة القرآن ، وعليه إجماع العلماء(2) ـ إلّا داود(3) ـ لقوله تعالى :( لا يمسه الا المطهرون ) (4) وقد تقدم ، ويحرم عليه أيضاً مسّ اسمه تعالى في أي شيء كان ، لما فيه من التعظيم لشعائر الله ، وقول الصادقعليه‌السلام : « لا يمس الجنب درهماً ولا ديناراً عليه اسم الله تعالى »(5) .

قال الشيخان : ويحرم أيضاً مسّ أسماء أنبياء الله ، والائمةعليهم‌السلام تعظيماً لهم(6) .

مسألة 70 : الاشهر بين علمائنا تحريم الاستيطان في المساجد ، وبه قال الشافعي ، وسعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، وعطاء ، ومالك ، وأبو حنيفة(7) ، لقوله تعالى :( ولا جنباً إلّا عابري سبيل ) (8) ، وقوله عليه

__________________

1 ـ المجموع 2 : 163 ، فتح العزيز 2 : 142 ، مغني المحتاج 1 : 72.

2 ـ المغني 1 : 168 ، الشرح الكبير 1 : 228 ، المجموع 2 : 72 ، فتح العزيز 2 : 97 ، تفسير القرطبي 17 : 226 ، عمدة القارئ 3 : 63 ، شرح فتح القدير 1 : 149 ، بدائع الصنائع 1 : 33 ، بداية المجتهد 1 : 49 ، بُلغة السالك 1 : 57 ، الشرح الصغير 1 : 57 ، شرح الأزهار 1 : 107.

3 ـ المغني 1 : 168 ، الشرح الكبير 1 : 228 ، المجموع 2 : 72.

4 ـ الواقعة : 79.

5 ـ التهذيب 1 : 126 / 340 ، الاستبصار 1 : 113 / 374.

6 ـ المبسوط للطوسي 1 : 29 ، وحكى قول الشيخ المفيد المحقق في المعتبر : 50.

7 ـ المجموع 2 : 160 ، فتح العزيز 2 : 144 و 146 ، بداية المجتهد 1 : 48 ، مغني المحتاج 1 : 71 ، كفاية الأخيار 1 : 49 ، بُلغة السالك 1 : 67 ، الشرح الصغير 1 : 67 ، الهداية للمرغيناني 1 : 31 ، شرح العناية 1 : 146.

8 ـ النساء : 43.

٢٣٨

السلام : ( لا اُحل المسجد لحائض ولا جنب )(1) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام عن الجنب يجلس في المسجد ، قال : « لا ، ولكن يمرّ فيها كلها إلّا المسجد الحرام ، ومسجدالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(2) .

وقال أحمد وإسحاق : إذا توضأ جاز له اللبث فيه ، لأنّ الصحابة إذا كان أحدهم جنباً توضأ ودخل المسجد ، وتحدّث(3) ، ويحمل على العبور أو الغسل.

وقال المزني ، وداود ، وابن المنذر : يجوز اللبث وإن لم يتوضأ ، لأنّ الكافر يجوز له الدخول ولا يخلو من الجنابة ، فالمسلم أولى(4) . ونمنع الاصل.

فروع :

الأول : لا بأس بالاجتياز من غير لبث ـ وبه قال ابن عباس ، وابن مسعود ، وابن جبير ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، وعطاء ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود ، والمزني ، وابن المنذر(5) ـ لقوله تعالى :( إلا عابري سبيل ) (6) .

__________________

1 ـ سنن أبي داود 1 : 60 / 232.

2 ـ الكافي 3 : 50 / 4 ، التهذيب 1 : 125 / 338.

3 ـ المغني 1 : 168 ، الشرح الكبير 1 : 242 ، المجموع 2 : 160 ، فتح العزيز 2 : 148 ، تفسير القرطبي 5 : 206 ، نيل الأوطار 1 : 288.

4 ـ المجموع 2 : 160 ، فتح العزيز 2 : 148 ، تفسير القرطبي 5 : 206 ، نيل الأوطار 1 : 288.

5 ـ المجموع 2 : 160 ، المغني 1 : 166 ، الشرح الكبير 1 : 241 ، السراج الوهاج : 21 ، تفسير القرطبي 5 : 206 : التفسير الكبير 10 : 108 ، نيل الأوطار 1 : 287 ، كفاية الأخيار 1 : 50 ، واُنظر سنن البيهقي 2 : 443 ، مصنف ابن ابي شيء بة 1 : 146.

6 ـ النساء : 43.

٢٣٩

وقال جابر : كان أحدنا يمّر في المسجد وهو جنب مجتاز(1) ، والظاهرأنهم لم يفعلوا ذلك في زمانهعليه‌السلام إلّا بإذنه.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « لكن يمرّ فيها »(2) .

وقال مالك : لا يجوز له العبور بحال ـ وهو قول أصحاب الرأي(3) ـ لقولهعليه‌السلام : ( لا اُحل المسجد لجنب ولا حائض )(4) ولأن من لا يجوز له اللبث لا يجوز له العبور ، كالغاصب ، ونحن نقول بالحديث إذ المراد مسجدهعليه‌السلام ، ونمنع القياس ، لأنّ التصرف في الأصل ممنوع مطلقاً.

الثاني : لا يحل للجنب ولا للحائض الاجتياز في مسجد مكة ، ومسجد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمدينة ، ذهب إليه علماؤنا ـ ولم يفرق الجمهور(5) ـ لقولهعليه‌السلام : ( لا اُحل المسجد لجنب ولا حائض )(6) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إلّا المسجد الحرام ، ومسجد الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(7) .

الثالث : لو أجنب في أحد المسجدين تيمم واجباً وخرج للاغتسال ،

__________________

1 ـ المجموع 2 : 160 ، المغني 1 : 166 ، أحكام القرآن لابن العربي 1 : 436 ، نيل الاوطار 1 : 287 ، واُنظر سنن البيهقي 2 : 443 ، مصنف ابن أبي شيء بة 1 : 146.

2 ـ الكافي 3 : 50 / 4 ، التهذيب 1 : 125 / 338.

3 ـ بداية المجتهد 1 : 48 ، بُلغة السالك 1 : 67 ، الشرح الصغير 1 : 67 ، فتح العزيز 2 : 148 ، نيل الأوطار 1 : 287 ، اللباب 1 : 43 ، المجموع 2 : 160 ، المغني 1 : 166 ، الشرح الكبير 1 : 241 ، شرح فتح القدير 1 : 146 ، الهداية للمرغيناني 1 : 631 الكفاية 1 : 146 ، شرح العناية 1 : 146.

4 ـ سنن أبي داود 1 : 60 / 232 وورد نحوه في سنن ابن ماجة 1 : 212 / 645.

5 ـ المجموع 2 : 160 و 172 ، فتح العزيز 2 : 148 ، المغني 1 : 166 ، الشرح الكبير 1 : 241 ، بداية المجتهد 1 : 48 ، شرح فتح القدير 1 : 146 ، اللباب 1 : 43 ، بُلغة السالك 1 : 67 ، نيل الأوطار 1 : 287.

6 ـ سنن ابي داود 1 : 60 / 232 ، وورد نحوه في سنن ابن ماجة 1 : 212 / 645.

7 ـ الكافي 3 : 50 / 4 ، التهذيب 1 : 125 / 338.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300


١ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة ، حدّثني أبي ، عن أبي إسحاق عن الأرقم بن شرحبيل ، عن ابن عبّاس ، قال : « لمّا مرض صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم أمر أبابكر أنْ يصلّي بالناس ، ثمّ وجد خفّةً ، فخرج ، فلمّا أحسّ به أبوبكر أراد أن ينكص ، فأومأ إليه النبي فجلس إلى جنب أبي بكر عن يساره ، واستفتح من الآية التي انتهى إليها أبوبكر »(١) .

٢ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا وكيع ، حدّثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أرقم بن شرحبيل ، عن ابن عبّاس ، قال : « لمّا مرض رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة فقال : ادعوا لي عليّاً.

قالت عائشة : ندعو لك أبابكر؟ قال : ادعوه.

قالت حفصة : يا رسول الله ، ندعو لك عمر؟ قال : ادعوه.

قالت أمّ الفضل : يا رسول الله ، ندعو لك العبّاس؟ قال : ادعوه.

فلمّا اجتمعوا رفع رأسه فلم ير عليّاً فسكت. فقال عمر : قوموا عن رسول الله. فجاء بلال يؤذنه بالصلاة(٢) .

٣ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا عبدالله بن الوليد ، ثنا سفيان ، عن حميد عن أنس بن مالك ، قال : « كان آخر صلاة صلاّها رسول الله صلّى الله [ وآله ] وسلّم عليه برد متوشّحاً به وهو قاعد »(٣) .

٤ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا يزيد ، أنا سفيان ـ يعني ابن حسين ـ ، عن الزهري ، عن أنس ، قال : « لمّا مرض رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم مرضه الذي توفّي فيه أتاه بلال يؤذنه بالصلاة ، فقال بعد مرّتين : يا بلال ، قد بلّغت ، فمن شاء فليصلّ ومن شاء فليدع.

فرجع إليه بلال فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وامي ، مَن يصلّي بالناس؟

__________________

(١) مسند أحمد ١/٢٣١.

(٢) مسند أحمد ١/٣٥٦.

(٣) مسند أحمد ٣/٢١٦.


٣٠١


قال : مُرْ أبابكر فليصلّ بالناس.

فلمّا أنْ تقدّم أبوبكر رفع عن رسول الله الستور قال : فنظرنا إليه كأنّه ورقة بيضاء عليه خميصة ، فذهب أبوبكر يتأخّر وظنّ أنّه يريد الخروج إلى الصلاة ، فأشار رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم إلى أبي بكر أن يقوم فيصلّي ، فصلّى أبوبكر بالناس ، فما رأيناه بعد »(١) .

٥ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا حسين بن عليّ ، عن زائدة ، عن عبدالملك ابن عمير ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبي موسى ، قال : « مرض رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم »(٢) .

٦ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا عبدالأعلى ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عبيدالله وعبدالله ، عن عائشة فقالت : « لمّا مرض رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في بيت ميمونة فاستأذن نساءه أن يمرّض في بيتي فأذِنَّ له ، فخرج رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم معتمداً على العباس وعلى رجلٍ آخر ورجلاه تخطّان في الأرض.

وقال عبيدالله : فقال ابن عبّاس : أتدري من ذلك الرجل؟ هو عليّ بن أبي طالب ، ولكن عائشة لا تطيب له نفساً.

قال الزهري : فقال النبي ـ وهو في بيت ميمونة ـ لعبدالله بن زمعة : مر الناس فليصلّوا.

فلقي عمر بن الخطّاب فقال : يا عمر صلّ بالناس ، فصلّى بهم ، فسمع رسول الله صلّى الله [ وآله ] وسلّم صوته فعرفه وكان جهير الصوت »(٣) .

٧ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا وكيع ، ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود عن عائشة ، قالت : لمّا مرض رسول الله فجاء النبي حتى جلس

__________________

(١) مسند أحمد ٣/٢٠٢.

(٢) مسند أحمد ٤/٤١٢.

(٣) مسند أحمد ٦/٣٤.


٣٠٢


إلى جنب أبي بكر ، وكان أبوبكر يأتمّ بالنبي ، والناس يأتمّون بأبي بكر »(١) .

٨ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة : « فجاء النبي حتى جلس عن يسار أبي بكر ، وكان رسول الله عليه [ وآله ] وسلّم يصلّي بالناس قاعداً وأبوبكر قائماً ، يقتدي أبوبكر بصلاة رسول الله ، والناس يقتدون بصلاة أبي بكر »(٢) .

٩ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا بكر بن عيسى ، قال : سمعت شعبة بن الحجّاج يحدّث عن نعيم بن أبي هند ، عن أبي وائل عن مسروق ، عن عائشة « أنّ أبابكر صلّى بالناس ورسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في الصفّ »(٣) .

١٠ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا شبابة بن سوار ، أبا شعبة ، عن نعيم بن ابي هند ، عن أبي وائل ، عن مسروق ، عن عائشة ، قالت : « صلّى رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم خلف أبي بكر قاعداً في مرضه الذي مات فيه »(٤) .

١١ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا شبابة ، ثنا شعبة ، عن سعد بن إبراهيم ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، قالت : « قال رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في مرضه الذي مات فيه : مروا أبابكر يصلّي بالناس وصلّى النبي خلفه قاعداً »(٥) .

١٢ ـ عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا عبدالصمد بن عبدالوارث ، ثنا زائدة ، ثنا عبدالملك بن عمير ، عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : « مرض رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم فقال : مروا أبابكر يصلّي بالناس ، فقالت عائشة : يا رسول الله إنّ أبي رجل رقيق! فقال : مروا أبابكر يصلّي بالناس فإنّكنّ صواحبات يوسف.

__________________

(١) مسند أحمد ٦/٢١٠.

(٢) مسند أحمد ٦/٢٢٤.

(٣) مسند أحمد ٦/١٥٩.

(٤) مسند أحمد ٦/١٥٩.

(٥) مسند أحمد ٦/١٥٩.


٣٠٣


فأمّ أبوبكر الناس ورسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم حيٌّ »(١) .

__________________

(١) مسند أحمد ٥/٣٦١.


٣٠٤


(٢)

نظرات في اسانيد الحديث

لقد نقلنا الحديث بأتمّ ألفاظه وأصحّ طرقه عن الصحاح ومسند أحمد ، وكما ذكرنا من قبل فإنّ معرفة حاله بالنظر إلى هذه الأسانيد والمتون تغنينا عن النظر فيما رووه في خارج الصحاح عن غير من ذكرناه من الصحابة ، ولربّما أشرنا إلى بعض ذلك في خلال البحث

لقد كانت الأحاديث المذكورة عن :

١ ـ عائشة بنت أبي بكر.

٢ ـ عبدالله بن مسعود.

٣ ـ عبدالله بن عبّاس.

٤ ـ عبدالله بن عمر.

٥ ـ عبدالله بن زمعة.

٦ ـ أبي موسى الأشعري.

٧ ـ بريدة الأسلمي.

٨ ـ أنس بن مالك.

٩ ـ سالم بن عبيد.

فنحن ذكرنا الحديث عن تسعةٍ من الصحابة وإن لم يذكر الترمذي إلاّ ستّة ، حيث قال بعد إخراجه عن عائشة : « وفي الباب عن : عبدالله بن مسعود ، وأبي موسى ، وابن عبّاس ، وسالم بن عبيد ، وعبدالله بن زمعة »(١) .

لكن العمدة حديث عائشة بل إنّ بعض ما جاء عن غيرها من الصحابة مرسل ، وإنّها هي الواسطة كما سنرى

__________________

(١) صحيح الترمذي ٥/٥٧٣.


٣٠٥


فلنبدأ أوّلاً بالنظر في أسانيد الحديث عن غيرها ممن ذكرناه :

* حديث أبي موسى الأشعري :

أمّا الحديث المذكور عن أبي موسى الاشعري ـ والذي اتّفق عليه البخاري ومسلم ، وأخرجه أحمد ـ ففيه :

١ ـ إنّه مرسل ، نصّ عليه ابن حجر وقال : « يحتمل أن يكون تلقّاه عن عائشة »(١) .

٢ ـ إنّ الراوي عنه « أبو بردة » وهو ولده كما نصّ عليه ابن حجر(٢) وهذا الرجل فاسق أثيم ، له ضلع في قتل حجر بن عديّ ، حيث شهد عليه ـ في جماعة شهادة زورٍ أدّت إلى شهادته(٢) وروي أيضاً أنّه قال لأبي الغادية ـ قاتل عمّار ابن ياسر رضي الله تعالى عنه ـ : « أأنت قتلت عمّار بن ياسر؟ قال : نعم. قال : فناولني يدك. فقبّلها وقال : لا تمسّك النار أبداً! »(٤) .

٣ ـ والراوي عنه : « عنه الملك بن عمير » :

وهو « مدلّس » و« مضطرب الحديث جدّاً » و« ضعيف جدّاً » و«كثير الغلط » :

قال أحمد : « مضطرب الحديث جدّاً مع قلّة روايته ، ما أرى له خمسمائة حديث ، وقد غلط في كثير منها »(٥) .

وقال إسحاق بن منصور : « ضعّفه أحمد جدّاً »(٦) .

وعن أحمد : « ضعيف يغلط »(٧) .

__________________

(١) فتح الباري ٢/١٣٠.

(٢) فتح الباري ٢/١٣٠.

(٣) تاريخ الطبري ٤/١٩٩ ـ ٢٠٠.

(٤) شرح نهج البلاغة ٤/٩٩.

(٥) تهذيب التهذيب ٦/١١ وغيره.

(٦) تهذيب التهذيب ٦/٤١٢ ، ميزان الاعتدال ٢/٦٦٠.

(٧) ميزان الاعتدال ٦/٦٦٠.


٣٠٦


وقال ابن معين : « مخلط »(١) .

وقال أبو حاتم : « ليس بحافظ ، تغيّر حفظه »(٢) . وعنه : « لم يوصف بالحفظ »(٣) .

وقال ابن خراش : « كان شعبة لا يرضاه »(٤) .

وقال الذهبي : « أمّا ابن الجوزي فذكره فحكى الجرح وما ذكر التوثيق »(٥) .

وقال السمعاني : « كان مدلّساً »(٦) .

وكذا قال ابن حجر(٧) .

وعبدالملك ـ هذا ـ هوالذي ذبح عبدالله بن يقطر أو قيس بن مسهر الصيداوي ، وهو رسول الإمام الحسينعليه‌السلام إلى أهل الكوفة ، فإنّه لمّا رمي بأمر ابن زياد من فوق القصر وبه رمق أتاه عبدالملك بن عمير فذبحه ، فلمّا عيب ذلك عليه قال : « إنّما أردت أن أريحه! »(٨) .

٤ ـ ثمّ الكلام في أبي موسى الأشعري نفسه ، فإنّه من أشهر أعداء مولانا الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقد كان يوم الجمل يقعد بأهل الكوفة عن الجهاد مع الإمام عليعليه‌السلام ، وفي صفّين هوالذي خلع الإمامعليه‌السلام عن الخلافة. وقد بلغ به الحال أن كان الإمامعليه‌السلام يلعنه في قنوته مع معاوية وجماعة من أتباعه.

ثمّ إنّ أحمد روى هذا الحديث في فضائل أبي بكر بسنده عن زائدة ، عن

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٦/٦٦٠ ، المغني ٢/٤٠٧ ، تهذيب التهذيب ٦/٤١٢.

(٢) ميزان الاعتدال ٢/٦٦٠.

(٣) تهذيب التهذيب ٦/٤١٢.

(٤) ميزان الاعتدال ٢/٦٦٠.

(٥) ميزان الاعتدال ٢/٦٦٠.

(٦) الأنساب ١٠/٥٠ في « القبطي ».

(٧) تقريب التهذيب ١/٥٢١.

(٨) تلخيص الشافي ٣/٣٥ ، روضة الواعظين : ١٧٧ ، مقتل الحسين ـ للمقرّم ـ : ١٨٥.


٣٠٧


عبدالملك بن عمير ، عن أبي بردة بن أبي موسى ، عن أبيه كذلك(١) .

* حديث عبدالله بن عمر

وأمّا الحديث المذكور عن عبدالله بن عمر فالظاهر كونه عن عائشة كذلك ، كما رواه مسلم ، عن عبدالرزّاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن حمزة بن عبدالله بن عمر ، عن عائشة لكنّ البخاري رواه بسنده عن الزهري ، عن حمزة ، عن أبيه ، قال : « لمّا اشتدّ برسول الله وجعة ».

وعلى كلّ حال فإنّ مدار الطريقين على :

محمّد بن شهاب الزهري وهو رجل مجروح عند يحيى بن معين(٢) وعبدالحقّ الدهلوي ، وكان من أشهر المنحرفين عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ومن الرواة عن عمر بن سعد اللعين :

قال ابن أبي الحديد : « وكان الزهري من المنحرفين عنه ، وروى جرير بن عبدالحميد عن محمّد بن شيبة قال : شهدت مسجد المدينة ، فإذا الزهري وعروة ابن الزبير جالسان يذكران عليّاً فنالا منه. فبلغ ذلك عليّ بن الحسين فجاء حتى وقف عليهما فقال : أمّا أنت يا عروة ، فإنّ أبي حاكم أباك إلى الله فحكم لأبي على أبيك ، وأمّا أنت يا زهريّ ، فلو كنت بمكة لأريُتك كير أبيك »(٣) .

قال : « وروى عاصم بن أبي عامر البجلي ، عن يحيى بن عروة ، قال : كان أبي إذا ذكر عليّاً نال منه »(٤) .

ويؤكّد هذا سعيه وراء إنكار مناقب أمير المؤمنينعليه‌السلام ـ كمنقبة سبقه

__________________

(١) فضائل الصحابة ١/١٠٦.

(٢) هو من شيوخ البخاري ومسلم ، ومن أئمّة الجرح والتعديل ، أتّفقوا على أنّه أعلم أئمّة الحديث بصحيحه وسقيمه. توفّي سنة ٣٠٢ هـ. ترجم له في : تذكره الحفّاظ ٢/٤٢٩ وغيرها.

(٣) شرح نهج البلاغة ٦/١٠٢.

(٤) شرح نهج البلاغة ٤/١٠٢.


٣٠٨


إلى الإسلام ـ قال ابن عبدالبرّ : « وذكر معمر في جامعه عن الزهري قال : ما علمنا أحداً أسلم قبل زيد بن حارثة. قال عبدالرزّاق : وما أعلم أحداً ذكره غير الزهري »(١) .

وقال الذهبي بترجمة عمر بن سعد : « وأرسل عنه الزهري وقتادة. قال ابن معين : كيف يكون من قتل الحسين ثقة؟! »(٢) .

وقال العلاّمة الشيخ عبدالحق الدهلوي بترجمة الزهري من « رجال المشكاة » : « إنّه قد ابتلي بصحبة الأمراء وبقلّة الديانة ، وكان أقرانه من العلماء والزّهاد يأخذون عليه وينكرون ذلك منه ، وكان يقول : أنا شريك في خيرهم دون شرّهم! فيقولون : ألا ترى ما هم فيه وتسكت؟! »

وقال ابن حجر بترجمة الأعمش : « حكى الحاكم عن ابن معين أنّه قال : أجود الأسانيد : الأعمش ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبدالله. فقال له إنسان : الأعمش مثل الزهري؟! فقال : تريد من الأعمش أن يكون مثل الزهري؟! الزهري يرى العرض والإجازة ويعمل لبني أُميّة ؛ والأعمش فقير ، صبور ، مجانب للسلطان ، ورع ، عالم بالقرآن »(٣) .

ولأجل كونه من عمّال بني أُميّة ومشيّدي سلطانهم كتب إليه الإمام السجّادعليه‌السلام كتاباً يعظه فيه ، جاء فيه : « إنّ ما كتمت ، وأخفّ ما احتملت ، أنْ آنست وحشة الظالم ، وسهّلت له الطريق الغيّ جعلوك قطباً أداروا بك رحى مظالمهم ، وجسراً يعبرون عليك إلى بلاياهم ، وسُلّماً إلى ضلالتهم ، داعياً إلى غيّهم ، سالكاً سبيلهم ، احذر ، فقد نُبِّئت ، وبادر فقد أُجِّلْت »(٤) .

__________________

(١) الاستيعاب ، ترجمة زيد بن حارثة.

(٢) الكاشف ٢/٣١١.

(٣) تهذيب التهذيب ٤/١٩٥.

(٤) ذكر الكتاب في : تحف العقول عن آل الرسول : ١٩٨ ، للشيخ ابن شعبة الحرّاني ، من أعلام الإماميّة في القرآن الرابع ، وفي إحياء علوم الدين ٢/١٤٣ بعنوان : « ولمّا خالط الزهري السلطان كتب أخ له في الدين إليه »!.


٣٠٩


ثمّ الكلام فيعبدالله بن عمر نفسه :

فإنّه ممّن امتنع عن بيعة أمير المؤمنينعليه‌السلام بعد عثمان ، وقعد عن نصرته ، وترك الخروج معه في حروبه ، ولكنّه لمّا ولي الحجّاج بن يوسف الحجاز من قبل عبدالملك جاءه ليلاً ليبايعه فقال له : ما أعجلك؟! فقال : سمعت رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم يقول : من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية! فقال له : إنّ يدي مشغولة عنك ـ وكان يكتب فدونك رجلي ، فمسح على رجله وخرج!!

* حديث عبدالله بن زمعة :

وأمّا حديث عبدالله بن زمعة فقد رواه أبو داود عنه بطريقين ، والمدار في كليهما على « الزهري » وقد عرفته.

* حديث عبدالله بن عبّاس :

وأمّا حديث عبدالله بن عبّاس الذي رواه ابن ماجة وأحمد ، الأوّل رواه عن : إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن الأرقم بن شرحبيل ، عن ابن عبّاس ، والثاني رواه عن يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة ، عن أبيه ، عن أبي إسحاق ، عن الأرقم ، عنه فمداره على :

أبي إسحاق ، عن الأرقم

وقد قال البخاري : « لا نذكر لأبي إسحاق سماعاً من الأرقم بن شرحبيل »(١) .

وأبو إسحاق السبيعي : « قال بعض أهل العلم : كان قد اختلط ، وإنّما

__________________

(١) ذكره في الزوائد بهامش سنن ابن ماجة ١/٣٩١.


٣١٠


تركوه مع ابن عيينة لاختلاطه »(١) .

وكان مدلّساً »(٢) .

وكان يروى عن عمر بن سعد قاتل الحسينعليه‌السلام (٣) .

وكان يروي عن شمر بن ذي الجوشن الملعون(٤) .

وفي سند أحمد مضافاً إلى ذلك :

١ ـ سماع « ذكريّا » من « أبي إسحاق » بعد اختلاطه كما ستعرف.

٢ ـ « زكريّا بن أبي زائدة » قال أبو حاتم : « ليّن الحديث ، كان يدلّس » ورماه بالتدليس أيضاً أبو زرعة وأبو داود وابن حجر وعن أحمد : « إذا اختلف زكريّا وإسرائيل فإنّ زكريّا أحبّ إليّ في أبي إسحاق ، ثمّ قال : ما أقربهما ، وحديثهما عن أبي إسحاق ليّن سمعا منه بآخره »(٥) .

أقول : فالعجب من أحمد يقول هذا وهو مع ذلك يروي الحديث عن زكريّا عن أبي إسحاق في « المسند » كما عرفت وفي « الفضائل »(٦) .

نعم ، رواه لا عن هذا الطريق لكنّه عن ابن عبّاس عن العبّاس ، فقال مرةً : « حدّثنا يحيى بن آدم » وأخرى « حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم » عن قيس ابن الربيع ، عن عبدالله بن أبي السفر ، عن أرقم بن شرحبيل ، عن ابن عبّاس ، عن العبّاس بن عبدالمطلب : « إنّ رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال في مرضه : « مروا أبابكر يصلّي بالناس ، فخرج أبوبكر فكبّر ووجد النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم راحته فخرج يهادي بين رجلين ، فلمّا رآه أبوبكر تأخّر ، فأشار إليه النبي مكانك ، ثمّ جلس رسول الله إلى جنب أبي بكر فاقترأ من المكان الذي

__________________

(١) ميزان الاعتدال ٣ : ٢٧٠.

(٢) تهذيب التهذيب ٨ : ٥٦.

(٣) الكاشف ، ميزان الاعتدال ، تهذيب التهذيب ٧/٣٩٦.

(٤) ميزان الاعتدال ٢ : ٧٢.

(٥) تهذيب التهذيب ٣/٢٨٥ ، الجرح والتعديل ١ : ٢/٥٩٣.

(٦) فضائل الصحابة ١/١٠٦.


٣١١


بلغ أبوبكر من السورة »(١) .

لكنّ مداره على« قيس بن الربيع » الذي أورده البخاري في الضعفاء(٢) .

وكذا النسائي(٣) وابن حبّان في المجروحين(٤) وضعّفه غير واحد ، بل عن أحمد أنّه تركه الناس ، بل عن يحيى بن معين تكذيبه(٥) .

* حديث عبدالله بن مسعود :

وأمّا الحديث المذكور عن ابن مسعود فأخرجه النسائي ، ورواه الهيثمي أيضاً وقال : « رواه أحمد وأبو يعلى ».

وفي سنده عند الجميع « عاصم بن أبي النجود » قال الهيثمي : « وفيه ضعف »(٦) .

قلت : وذكر الحافظ ابن حجر عن ابن سعد : « كان كثير الخطأ في حديثه » وعن يعقوب بن سفيان : « في حديثه اضطراب » وعن أبي حاتم : « ليس محلّه أن يقال هو ثقة ولم يكن بالحافظ » وقد تكلّم فيه ابن عليّه فقال : « كلّ من اسمه عاصم سيّئ الحفظ » وعن ابن خراش : « في حديثه نكرة » وعن العقيلي : « لم يكن فيه إلاّ سوء الحفظ » والدار قطني : « في حفظه شيء » والبزّار : « لم يكن بالحافظ وحمّاد بن سلمة : « خلط في آخر عمره » وقال العجلي : « كان عثمانياً »(٧) .

__________________

(١) فضائل الصحابة ١/١٠٨ ، ١٠٩.

(٢) الضعفاء ـ للبخاري ـ : ٢٧٣.

(٣) الضعفاء ـ للنسائي : ٤٠١.

(٤) كتاب المجروحين ٢/٢١٦.

(٥) تهذيب التهذيب ٨/٣٥٠ ، ميزان الاعتدال ٣/٣٩٣ ، لسان الميزان ٤/٤٧٧.

(٦) مجمع الزوائد ٥/١٨٣.

(٧) تهذيب التهذيب ٥/٣٥.


٣١٢


* حديث بريدة الأسلمي :

وأمّا حديث بريدة الأسلمي الذي رواه أحمد بسنده عن ابن بريدة عن أبيه ، فمع غضّ النظر عمّا قيل في رواية ابن بريدة ـ سواء كان « عبدالله »أو « سليمان » ـ عن أبيه(١) فيه :

« عبدالملك بن عمير » وقد عرفته.

* حديث سالم بن عبيد :

وأمّا حديث سالم بن عبيد الذي أخرجه ابن ماجة :

١ ـ فقد قال فيه ابن ماجة : « هذا حديث غريب ».

٢ ـ وفي سنده نظر فإنّ « نعيم بن أبي هند » تركه مالك ولم يسمع منه ؛ لأنّه « كان يتناول عليّاً رضي الله عنه »(٢) .

و« سلمة بن نبيط » لم يرو عنه البخاري ومسلم ، قال البخاري : « اختلط بآخره »(٣) .

٣ ـ ثمّ إنّ « سالم بن عبيد » لم يرو عنه في الصحاح ، وما روى له من أصحاب السنن غير حديثين ، وفي إسناد حديثه اختلاف!

قال ابن حجر : « سالم بن عبيد الأشجعي ، من أهل الصفّة ، ثمّ نزل الكوفة وروى له من أصحاب السنن حديثين بإسناده صحيح في العطاس. وله رواية عن عمر فيما قاله وصنعه عند وفاة النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم وكلام أبي بكر في ذلك. أخرجه يونس بن بكير في زياداته.

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٥/١٣٨.

(٢) تهذيب التهذيب ١٠/٤١٨.

(٣) تهذيب التهذيب ٤/١٤٠.


٣١٣


روى عنه هلال بن يساف ونبيط بن شريط وخالد بن عرفطة »(١) .

وقال أيضاً : « الأربعة ـ سالم بن عبيد الأشجعي له صحبة ، وكان من أهل الصُفّة ، يعدّ في الكوفيّين. روى عن النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم في تشميت العاطس ، وعن عمر بن الخطّاب. روى عنه. خالد بن عرفجة ـ ويقال ابن عرفطة ـ وهلال بن يساف ونبيط بن شريط. وفي إسناد حديثه اختلاف »(٢) .

أقول : يظهر من عبارة ابن حجر في كتابيه ، ومن مراجعة الرواية عند الهيثمي(٣) أنّ حديث سالم بن عبيد حول صلاة أبي بكر هو الحديث الذي عن عمر « فيما قاله وصنعه عند وفاة النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لكنّ ابن ماجة ذكر بعضه ـ كما نصّ عليه الهيثمي ـ ، وظاهر عبارة ابن حجر في « الإصابة » عدم صحّة إسناده ، ولعلّة المقصود من قوله في « تهذيب التهذيب » : « وفي إسناد حديثه اختلاف » إذ القدر المتيقّن منه ما يرويه نبيط بن شريط عنه ، وهذا الحديث من ذاك!

* حديث أنس بن مالك :

أمّا حديث أنس بن مالك ، فمنه ما عن الزهري عنه ، وقد أخرجه البخاري ومسلم وأحمد.

والزهري من قد عرفته.

مضافاً إلى أنّ الراوي عنه عند البخاري هو شعيب ، وهو : شعيب بن حمزة ، وهو كاتب الزهري وراويته(٤) .

ويروي عن شعيب : أبو اليمان ، وهو : الحكم بن نافع.

__________________

(١) الإصابة ٢/٥.

(٢) تهذيب التهذيب ٣/٣٨١.

(٣) مجمع الزوائد ٥/١٨٢.

(٤) تهذيب التهذيب ٤/٣٠٧.


٣١٤


وقد تكلّم العلماء في رواية أبي اليمان عن شعيب ، حتّى قيل : لم يسمع منه ولا كلمةً(١) .

والراوي عن « الزهري » عند أحمد : سفيان بن حسين ، وقد اتّفقوا على عدم الاعتماد على رواياته عن الزهري ، فقد ذكر ذلك ابن حجر عن : ابن معين وأحمد والنسائي وابن عديّ وابن حبّان

وعن يعقوب بن شيبة : « في حديثه ضعف » وعن عثمان بن أبي شيبة : « كان مضطرباً في الحديث قليلاً » وعن ابن خراش : « كان لينّ الحديث » وعن أبي حاتم : « لا يحتجّ به » وعن ابن سعد : « يخطئ في حديثه كثيراً »(٢) .

هذا ، وقد روى الهيثمي هذا الحديث فقال : « رواه أحمد وفيه : سفيان بن حسين وهو ضعيف في الزهري ، وهذا من حديثه عنه »(٣) .

ومنه ما عن حميد عن أنس ، وقد أخرجه النسائي وأحمد ، وحميد هو : حميد ابن أبي حميد الطويل ، وقد نصّوا على أنّه كان « مدلّساً » وعلى « أنّ أحاديثه عن أنس مدلّسة »(٤) وهذا الحديث من تلك الأحاديث.

مضافاً إلى أنّ الراوي عنه ـ عند أحمد ـ هو سفيان بن حسين ، وقد عرفتُه.

هذا ، وسواء صحّت الطرق عن أنس أو لم تصحّ فالكلام في أنس نفسه :

فأوّل ما فيه كذبه ، وذلك في قضيّة حديث الطائر المشويّ ، حيث كان رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قد دعا الله سبحانه أن يأتي بعليّعليه‌السلام ، وكان يترقّب حضوره ، فكان كلّما يجيء عليّعليه‌السلام ليدخل على النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم قال أنس : « إنّ رسول الله على حاجة » حتى غضب رسول الله وقال له : « يا أنس ، ما حملك على ردّه؟! »(٥) .

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٢/٣٨٠.

(٢) تهذيب التهذيب ٤/٩٦.

(٣) مجمع الزوائد ٥/١٨١.

(٤) تهذيب التهذيب ٣/٣٤.

(٥) أخرجه غير واحد من الأئمة في كتبهم ، راجع منها المستدرك ٣/١٣٠.


٣١٥


ثمّ كتمه الشهادة بالحقّ ، وذلك في قضية مناشدة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام الناس عن حديث الغدير وطلبه الشهادة منهم به ، فشهد قوم وأبي آخرون ـ ومنهم أنس ـ فدعى عليهم فأصابتهم دعوته(١) .

ومن العلوم أنّ الكاذب لا يقبل خبره ، وكتم الشهادة إثم كبير قادح في العدالة كذلك.

* حديث عائشة :

وأمّا حديث عائشة فقد ذكرنا أنّه هو العمدة في هذه المسألة :

لكونها صاحبة القصة.

ولأنّ حديث غيرها إمّا ينتهي إليها ، وأمّا هو حكاية عمّا قالته وفعلته.

ولأنّ روايتها أكثر طرقاً من رواية غيرها ، وأصحّ إسناداً من سائر الأسانيد ، وأتمّ لفظاً وتفصيلاً للقصّة

وقد أوردنا الأهمّ من تلك الطرق ، والأتمّ من تلك الألفاظ فأمّا البحث حول ألفاظ ومتون الحديث ـ عنها ـ فسيأتي في الفصل اللاحق مع النظر في ألفاظ حديث غيرها.

وأمّا البحث حول سند حديثها ، فيكون تارةً بالكلام على رجال الأسانيد ، وأخرى بالكلام على عائشة نفسها.

أمّا رجال الأسانيد فإنّ طرق الأحاديث المذكورة عنها تنتهي إلى :

١ ـ الأسود بن يزيد النخعي.

٢ ـ عروة بن الزبير بن العوّام.

٣ ـ عبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود.

٤ ـ مسروق بن الأجدع.

__________________

(١) لاحظ : الغدير ١/١٩٢.


٣١٦


ولا شيء من هذه الطرق بخالٍ عن الطعن والقدح المسقط عن الاعتبار والاحتجاج :

أمّا الحديث عن الأسود عن عائشة :

فإنّ « الأسود » من المنحرفين عن أمير المؤمنين الإمام عليّعليه‌السلام (١) .

والراوي عنه في جميع الأسانيد المذكورة هو إبراهيم بن يزيد النخعي ، وهو من أعلام المدلّسين قال أبو عبدالله الحاكم ـ في الجنس الرابع من المدلّسين : قوم دلّسوا أحاديث رووها عن المجروحين فغيّروا أساميهم وكناهم كي لا يعرفوا ـ قال : « أخبرني عبدالله بن محمّد بن حمويه الدقيقي ، قال : حدّثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي ، قال : حدّثني خلف بن سالم ، قال : سمعت عدّة من مشايخ أصحابنا تذاكروا كثرة التدليس والمدلّسين ، فأخذنا في تمييز أخبارهم ، فاشتبه علينا تدليس الحسن بن أبي الحسن وإبراهيم بن يزيد النخعي ، لأنّ الحسن كثيراً ما يدخل بينه وبين الصحابة أقواماً مجهولين ، وربّما دلّس عن مثل عتي بن ضمرة وحنيف بن المنتجب ودغفل بن حنظلة وأمثالهم ؛ وإبراهيم أيضاً يدخل بينه وبين أصحاب عبدالله مثل هني بن نويرة وسهم بن منجاب وخزامة الطائي وربّما دلّس عنهم »(٢) .

والراوي عن إبراهيم هو : « سليمان بن مهران الأعمش ». و« الأعمش » معروف بالتدليس(٣) ، ذلك التدليس القبيح القادح في العدالة ، قال السيوطي ـ في بيان تدليس التسوية ـ : قال الخطيب : وكان الأعمش وسفيان الثوري يفعلون مثل هذا. قال العلائي : فهذا النوع أفحش أنواع التدليس مطلقاً وشرّها. قال العراقي ـ وهو قادح فيمن تعمّد فعله. وقال شيخ الإسلام : لا شكّ أنّه جرح ،

__________________

(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٤/٩٧.

(٢) معرفة علوم الحديث : ١٠٨.

(٣) تقريب التهذيب ١ : ٢٣١.


٣١٧


وإن وصف به الثوري والأعمش فلا اعتذار(١) .

قال الخطيب : « التدليس للحديث مكروه عند أهل العلم ، وقد عظّم بعضهم الشأن في ذمّه ، وتبجّج بعضهم بالبراءة منه »(٢) .

ثمّ روى عن شعبة بن الحجّاج قوله : « التدليس أخو الكذب ».

وعنه : « التدليس في الحديث أشدّ من الزنا ».

وعنه : « لإنْ أسقط من السماء أحبّ إليَّ من أنْ أدلّس ».

وعن أبي أسامة : « خرّب الله بيوت المدلّسين ، ما هم عندي إلاّ كذّابون ».

وعن ابن المبارك : لأن نخرّ من السماء أحبّ إليّ من أن ندلّس حديثاً ».

وعن وكيع : « نحن لا نستحلّ التدليس في الثياب فكيف في الحديث! ».

فإذن : يسقط هذا الحديث ، بهذا السند ، الذي اتّفقوا في الرواية به ، فلا حاجة إلى النظر في حال من قبل الأعمش من الرواة.

لكن مع ذلك نلاحظ أنّ الراوي عن الأعمش عند البخاري وأحمد ـ في إحدى طرقهما ـ وعند مسلم والنسائي هو « أبو معاوية » وهذا الرجل أيضاً من المدلّسين :

قال السيوطي : « فائدة : أردت أن أسرد أسماء من رمي ببدعةٍ ممّن أخرج لهم البخاري ومسلم أو أحدهما :

وهم : إبراهيم بن طهمان ، أيّوب بن عائذ الطائي ، ذرّ بن عبدالله المرهبي ، شبابة بن سوار ، عبدالحميد بن عبدالرحمن محمّد بن حازم أبو معاوية الضرير ورقاء بن عمر اليشكري هؤلاء رموا بالأرجاء ، وهو تأخير القول في الحكم على مرتكب الكبائر بالنار »(٣) .

__________________

(١) تدريب الراوي ١ : ٢٢٦.

(٢) الكفاية في علم الرواية ١/١٨٨.

(٣) تدريب الراوي ١/٢٧٨ ، وفي طبعة ١/٣٢٨.


٣١٨


وذكر ابن حجر عن غير واحد أنّه كان مرجئاً خبيثاً ، وأنّه كان يدعو إليه(١) .

والراوي عن « الأعمش » عند ابن ماجة وأحمد في طريقه الأُخرى هو : وكيع ابن الجّراح ، وفيه : أنّه كان يشرب المسكر وكان ملازماً له(٢) .

ثمّ إنّ الراوي عن أبي معاوية في إحدى طرق البخاري هو : حفص بن غياث ، وهو أيضاً من المدلّسين(٣) .

مضافاً إلى أنّه كان قاضي الكوفة من قبل هارون ، وقد ذكروا عن أحمد أنّه : « كان وكيع صديقاً لحفص بن غياث فلمّا ولّي القضاء هجره »(٤) .

وأمّا الحديث عن عروة بن الزبير :

فإنّ عروة بن الزبير ولد في خلافة عمر ، فالحديث مرسل ، ولابدّ أنّه يرويه عن عائشة.

وكان عروة من المشهورين بالبغض والعداء لأمير المؤمنينعليه‌السلام ـ كما عرفت من خبره مع الزهري ، والخبر عن ابنه ـ وحتّى حضر يوم الجمل على صغر سنّه(٥) ، وقد كان هو والزهري يضعان الحديث في تنقيص الإمام والزهراء الطاهرةعليهما‌السلام ، فقد روى الهيثمي عنه حديثاً ـ وصحّحه ـ في فضل زينب بنت رسول الله جاء فيه أنّه كان يقول : « هي خير بناتي » قال : « فبلغ ذلك عليّ بن حسين ، فانطلق إليه فقال : ما حديث بلغني عنك أنّك تحدّثه تنقص حقّ فاطمة؟! فقال : لا أحدّث به أبداً »(٦) .

__________________

(١) تهذيب التهذيب ٩/١٢١.

(٢) تذكرة الحفّاظ ١/٣٠٨ ، ميزان الاعتدال ١ : ٣٣٦.

(٣) تهذيب التهذيب ٢/٣٥٨.

(٤) تهذيب التهذيب ١١/١١١.

(٥) تهذيب التهذيب ٧/١٦٦.

(٦) مجمع الزوائد ٩/٢١٣.


٣١٩


والراوي عنه ولده « هشام » في رواية البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وهو أيضاً من المدلّسين ، فقد قالوا : « كان ينسب إلى أبيه ما كان يسمعه من غيره ، وقد ذكروا أنّ مالكاً كان لا يرضاه ، قال ابن خراش : بلغني أنّ مالكاً نقم عليه حديثه لأهل العراق ، قدم الكوفة ثلاث مرّات ، قدمةً كان يقول : حدّثني أبي ، قال : سمعت عائشة. وقدم الثانية فكان يقول : أخبرني أبي ، عن عائشة. وقدم الثالثة فكان يقول : أبي ، عن عائشة »(١) وهذا الحديث من تلك الأحاديث.

وأمّا الحديث عن عبيدالله بن عبدالله عن عائشة :

فإنّ الرّاوي عن « عبيدالله » عند البخاري ومسلم والنسائي هو « موسى بن أبي عائشة » وقد قال ابن أبي حاتم سمعت أبي(٢) يقول : « تريبني رواية موسى بن أبي عائشة حديث عبيدالله بن عبدالله في مرض النبي صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم »(٣) .

وعند أبي داود وأحمد هو : الزهري ـ لكن عند الأول يرويه عن عبيدالله ، عن عبدالله بن زمعة ـ والزهري من قد عرفته سابقاً.

هذا مضافاً إلى ما في عبيدالله بن عبدالله نفسه فقد روى ابن سعد ، عن مالك بن أنس ، قال : « جاء عليّ بن حسين بن عليّ بن أبي طالب إلى عبيدالله ابن عبدالله بن عتبة بن مسعود يسأله عن بعض الشيء!! وأصحابه عنده وهو يصلّي ، فجلس حتّى فرغ من صلاته ثمّ أقبل عليه عبيدالله.

فقال أصحابه : أمتع الله بك ، جاءك هذا الرجل وهو ابن ابنة رسول الله

__________________

(١) تهذيب التهذيب ١١/٤٤.

(٢) هو : محمّد بن إدريس الرازي ، أحد كبار الأئمّة الحفّاظ المعتمدين في الجرح والتعديل. توفّي سنة ٢٠٧ هـ تقريباً. توجد ترجمته في : تذكره الحفّاظ ٢/٥٦٧ ، تاريخ بغداد ٣/٧٣ وغيرهما من المصادر الرجالية.

(٣) تهذيب التهذيب ١٠/٣١٤.


٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527