أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت11%

أخلاق أهل البيت مؤلف:
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 517

أخلاق أهل البيت
  • البداية
  • السابق
  • 517 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 342300 / تحميل: 12216
الحجم الحجم الحجم
أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ذلك كالحيوان وأخسّ قيمة، وأسوأ حالاً منه، حيث أمكن ترويضه، وتطوير أخلاقه، فالفرس الجموح يغدو بالترويض سلِس المقاد، والبهائم الوحشيّة تعود داجنة أليفة.

فكيف لا يجدي ذلك في تهذيب الإنسان، وتقويم أخلاقه، وهو أشرف الخَلق، وأسماهم كفاءةً وعقلاً ؟؟

من أجل ذلك فقد تمرض أخلاق الوادع الخَلُوق، ويغدو عبوساً شرِساً منحرفاً عن مثاليته الخُلقيّة، لحدوث إحدى الأسباب التالية:

(١) - الوهن والضعف الناجمان عن مرض الإنسان واعتدال صحّته، أو طروّ أعراض الهرَم والشيخوخة عليه، ممّا يجعله مرهف الأعصاب عاجزاً عن التصبّر، واحتمال مؤون الناس ومداراتهم.

(٢) - الهموم: فإنّها تذهل اللبيب الخَلُوق، وتحرفه عن أخلاقه الكريمة، وطبعه الوادع.

(٣) - الفقر: فإنّه قد يُسبّب تجهّم الفقير وغلظته، أنَفَةً مِن هوان الفقر وألَم الحِرمان، أو حُزناً على زوال نعمته السالفة، وفقد غناه.

(٤) - الغنى: فكثيراً ما يجمح بصاحبه نحو الزهو والتيه والكِبَر والطغيان، كما قال الشاعر:

لقد كشَف الإثراء عنك خلائقاً * من اللؤمِ كانت تحت ثوبٍ من الفقر

(٥) - المنصب: فقد يُحدث تنمّراً في الخُلق، وتطاولاً على الناس، منبعثاً عن ضعة النفس وضعفها، أو لؤم الطبع وخسّته.

(٦) - العزلة والتزمّت: فإنّه قد يُسبّب شعوراً بالخيبة والهوان، ممّا يجعل المعزول عبوساً متجهّماً.

٢١

علاج سوء الخلق:

وحيث كان سُوء الخُلق مِن أسوَأ الخِصال وأخسّ الصفات، فجديرٌ بمَن يرغب في تهذيب نفسه، وتطهير أخلاقه، من هذا الخُلق الذميم، أنْ يتّبع النصائح التالية:

(١) - أنْ يتذكّر مساوئ سُوء الخُلُق وأضراره الفادحة، وأنّه باعِثٌ على سخط اللّه تعالى، وازدراء الناس ونفرتهم، على ما شرحناه في مطلع هذا البحث.

(٢) - أنْ يستعرض ما أسلفناه من فضائل حُسن الخُلق، ومآثره الجليلة، وما ورَد في مدحه، والحثّ عليه، مِن آثار أهل البيتعليهم‌السلام .

(٣) - التريّض على ضبط الأعصاب، وقمع نزَوَات الخُلق السيّئ وبوادره، وذلك بالترّيث في كلّ ما يصدر عنه من قول أو فعل، مستهدياً بقول الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أفضل الجهاد مَن جاهد نفسَه التي بينَ جنبيه ). يتبّع تلك النصائح من اعتلت أخلاقه، ومرضت بدوافع نفسيّة ؤ، أو خُلقيّة. أما مَن ساء خُلقه بأسباب مرضيّة جسميّة، فعلاجه بالوسائل الطبيّبة، وتقوية الصحّة العامّة، وتوفير دواعي الراحة والطمأنينة، وهدوء الأعصاب.

٢٢

الصـدق

وهو: مطابقة القول للواقع، وهو أشرف الفضائل النفسيّة، والمزايا الخُلقيّة، لخصائصه الجليلة، وآثاره الهامّة في حياة الفرد والمجتمع.

فهو زينة الحديث ورواؤه، ورمز الاستقامة والصلاح، وسبب النجاح والنجاة، لذلك مجّدته الشريعة الإسلاميّة، وحرضت عليه، قرآناً وسنةّ.

قال تعالى:( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ) . ( الزمر: ٣٣ - ٣٤ )

وقال تعالى:( هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ) . ( المائدة: ١١٩ )

وقال تعالى:( أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ). ( التوبة: ١١٩ )

وهكذا كرَّم أهلُ البيتعليهم‌السلام هذا الخُلق الرفيع، ودعوا إليه بأساليبهم البليغة الحكيمة:

قال الصادقعليه‌السلام : ( لا تغترّوا بصلاتهم، ولا بصيامهم، فإنّ الرجل ربّما لهج بالصلاة والصوم حتّى لو تركه استوحش، ولكن إختبروهم عند صِدق الحديث، وأداء الأمانة )(١).

_____________________

(١) الكافي.

٢٣

وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( زينةُ الحديث الصدق )(١) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( الزموا الصدق فإنّه منجاة )(٢).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مِن صدَق لسانُه زكى عملُه )(٣).

أي صار عمله ببركة الصدْق زاكياً نامياً في الثواب ؛ لأنّ اللّه تعالى( إنّما يقبل من المتّقين )، والصدق من أبرز خصائص التقوى وأهمّ شرائطه.

مآثر الصدق:

من ضرورات الحياة الاجتماعيّة، ومقوّماتها الأصليّة هي:

شيوع التفاهم والتآزر بين عناصر المجتمع وأفراده، ليستطيعوا بذلك النهوض بأعباء الحياة، وتحقيق غاياتها وأهدافها، ومن ثُم ليسعدوا بحياة كريمة هانئة، وتعايش سلمي.

وتلك غاياتٌ سامية، لا تتحقّق إلاّ بالتفاهم الصحيح، والتعاون الوثيق، وتبادل الثقة والائتمان بين أولئك الأفراد.

وبديهيّ أنّ اللسان هو أداة التفاهم، ومنطلق المعاني والأفكار، والترجمان المفسّر عمّا يدور في خلَد الناس من مختلف المفاهيم والغايات، فهو يلعب دوراً خطيراً في حياة المجتمع، وتجاوب مشاعره وأفكاره.

_____________________

(١) الإمامة والتبصرة.

(٢) كمال الدين للصدوق.

(٣) الكافي.

٢٤

وعلى صدقه أو كذبه ترتكز سعادة المجتمع أو شقاؤه، فإنْ كان اللسان صادق اللهجة، أميناً في ترجمة خوالِج النفس وأغراضها، أدّى رسالة التفاهم والتواثق، وكان زائد خيرٍ، ورسول محبّةٍ وسلام.

وإنْ كان متّصفاً بالخداع والتزوير، وخيانة الترجمة والإعراب، غدا رائد شرٍّ، ومدعاة تناكر وتباغض بين أفراد المجتمع، ومعول هَدمٍ في كيانه.

من أجل ذلك كان الصدق من ضرورات المجتمع، وحاجاته الملحّة، وكانت له آثاره وانعكاساته في حياة الناس.

فهو نظام المجتمع السعيد، ورمز خلقه الرفيع، ودليل استقامة أفراده ونُبلهم، والباعث القويّ على طيب السمعة، وحُسن الثناء والتقدير، وكسب الثقة والائتمان من الناس.

كما له آثاره ومعطياته في توفير الوقت الثمين، وكسب الراحة الجسميّة والنفسيّة.

فإذا صدق المتبايعون في مبايعاتهم، ارتاحوا جميعاً من عناء المماكسة، وضياع الوقت الثمين في نِشدان الواقع، وتحرّي الصدق.

وإذا تواطأ أرباب الأعمال والوظائف على التزام الصدق، كان ذلك ضماناً لصيانة حقوق الناس، واستتباب أمنهم ورخائهم.

وإذا تحلّى كافّة الناس بالصدق، ودرجوا عليه، أحرزوا منافعه الجمّة، ومغانمه الجليلة.

وإذا شاع الكذِب في المجتمع، وهت قِيَمُه الأخلاقيّة، وساد التبرّم

٢٥

والسخط بين أفراده، وعزَّ فيه التفاهم والتعاون، وغدا عرضةً للتبعثر والانهيار.

أقسام الصدق:

للصدق صوَرٌ وأقسام تتجلّى في الأقوال والأفعال، واليك أبرزها:

(١) - الصدق في الأقوال، وهو: الإخبار عن الشيء على حقيقته من غير تزويرٍ وتمويه.

(٢) - الصدق في الأفعال، وهو: مطابقة القول للفعل، كالبرِّ بالقسَم، والوفاء بالعهد والوعد.

(٣) - الصدق في العزم، وهو: التصميم على أفعال الخير، فإنْ أنجزها كان صادق العزم، وإلاّ كان كاذبه.

(٤) - الصدق في النيّة، وهو: تطهيرها من شوائب الرياء، والإخلاص بها الى اللّه تعالى وحده.

٢٦

الكذِب

وهو: مخالفة القول للواقع. وهو من أبشع العيوب والجرائم، ومصدر الآثام والشرور، وداعية الفضيحة والسقوط. لذلك حرّمته الشريعة الإسلاميّة، ونعت على المتّصفين به، وتوعّدتهم في الكتاب والسنّة:

قال تعالى:( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ) ( غافر: ٢٨ )

وقال تعالى:( وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ) ( الجاثية: ٧ )

وقال تعالى:( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) ( النحل:١٠٥ )

وقال الباقرعليه‌السلام : ( إنَّ اللّه جعل للشرِّ أقفالاً، وجعَل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، والكذِِب شرّ مِن الشراب )(١).

وقالعليه‌السلام : ( كان عليّ بن الحسين يقول لولدِه: إتّقوا الكذِب، الصغير منه والكبير، في كلّ جدّ وهزْل، فإنّ الرجل إذا كذب في الصغير، اجترأ على الكبير، أما عَلِمتم أنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما يزال العبد يصدق حتّى يكتبه اللّه صديّقاً، وما يزال العبد يكذب حتّى يكتبه اللّه كذّاباً )(٢).

_____________________

(١)، (٢) الكافي.

٢٧

وقال الباقرعليه‌السلام : ( إنّ الكذب هو خراب الإيمان )(١).

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( اعتياد الكذِب يورث الفقر )(٢).

وقال عيسى بن مريمعليه‌السلام : ( من كثُر كذِبه ذهب بهاؤه )(٣).

وقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع: ( قد كثُرت عليَّ الكذّابة وستكثُر، فمَن كذب عليَّ متعمّداً، فليتبوّأ مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب اللّه وسنّتي، فما وافق كتاب اللّه فخذوا به، وما خالَف كتاب الله وسنّتي فلا تأخذوا به )(٤).

مساوئ الكذِب:

وإنّما حرّمت الشريعة الإسلاميّة ( الكذب ) وأنذرت عليه بالهوان والعقاب، لما ينطوي عليه من أضرار خطيرة، ومساوئ جمّة، فهو:

(١) - باعث على سوء السمعة، وسقوط الكرامة، وانعدام الوثاقة، فلا يُصدّق الكذّاب وإنْ نطق بالصدق، ولا تقبل شهادته، ولا يوثَق بمواعيده وعهوده.

ومن خصائصه أنّه ينسى أكاذيبه ويختلق ما يُخالفها، وربّما لفّق

_____________________

(١) الكافي.

(٢) الخصال للصدوق.

(٣) الكافي.

(٤) احتجاج الطبرسي.

٢٨

الأكاذيب العديدة المتناقضة، دعماً لكذبة افتراها، فتغدو أحاديثه هذراً مقيتاً، ولغواً فاضحاً.

(٢) - إنّه يضعف ثقة الناس بعضهم ببعض، ويشيع فيهم أحاسيس التوجّس والتناكر.

(٣) - إنّه باعثٌ على تضييع الوقت والجُهد الثمينين، لتمييز الواقع من المزيّف، والصدق من الكذِب.

(٤) - وله فوق ذلك آثار روحيّة سيّئة، ومغبّة خطيرة، نوّهت عنها النصوص السالفة.

دواعي الكذِب:

الكذِب انحراف خُلُقي له أسبابه ودواعيه، أهمّها:

(١) - العادة: فقد يعتاد المرء على ممارسة الكذِب بدافع الجهل، أو التأثّر بالمحيط المتخلّف، أو لضعف الوازع الديني، فيشبّ على هذه العادة السيّئة، وتمتدّ جذورها في نفسه، لذلك قال بعض الحكماء:( من استحلى رضاع الكذِب عسُر فطامه ).

(٢) - الطمع: وهو من أقوى الدوافع على الكذِب والتزوير، تحقيقاً لأطماع الكذّاب، وإشباعاً لنهمه.

(٣) - العِداء والحسَد: فطالما سوّلا لأربابهما تلفيق التُّهَم، وتزويق الافتراءات والأكاذيب، على مَن يُعادونه أو يحسدونه. وقد عانى الصُلَحَاء

٢٩

والنُّبَلاء الذين يترفّعون عن الخوض في الباطل، ومقابلة الإساءة بمثلها - كثيراً من مآسي التُّهَم والافتراءات والأراجيف.

أنواع الكذب:

للكذِب صورٌ شوهَاء، تتفاوت بشاعتها باختلاف أضرارها وآثارها السيّئة، وهي:

الأُولى: اليمين الكاذبة

وهي مِن أبشع صور الكذِب، وأشدّها خطراً وإثماً، فإنّها جنايةٌ مزدوجة: جرأةٌ صارخة على المولى عزَّ وجل بالحِلف به كَذِباً وبُهتاناً، وجريمةٌ نكراء تمحق الحقوق وتهدر الكرامات.

من أجل ذلك جاءت النصوص في ذمّها والتحذير منها:

قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إيّاكم واليمين الفاجرة، فإنّها تدَع الديار مِن أهلها بلاقع )(١).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( اليمين الصُّبْر الكاذبة، تورث العقب الفقر )(٢).

الثانية: شهادة الزور

وهي كسابقتها جريمة خطيرة، وظلمٌ سافرٌ هدّام، تبعث على غمط الحقوق، واستلاب الأموال، وإشاعة الفوضى في المجتمع، بمساندة

_____________________

(١)، (٢) الكافي.

٣٠

المجرمين على جرائم التدليس والابتزاز.

أنظر كيف تنذر النصوص شهود الزور بالعقاب الأليم:

قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا ينقضي كلام شاهد الزور من بين يدَي الحاكم حتّى يتبوّأ مقعده مِن النار، وكذلك مَن كتم الشهادة )(١).

ونهى القرآن الكريم عنها فقال تعالى:( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) (الحجّ: ٣٠ )

أضرار اليمين الكاذبة وشهادة الزور:

وإنّما حرُمت الشريعة الإسلاميّة اليمين الكاذبة، وشهادة الزور، وتوعّدت عليهما بصنوف الوعيد والإرهاب، لآثارهما السيّئة، وأضرارهما الماحقة، في دين الإنسان ودنياه، من ذلك:

(١) - أنّ مقترف اليمين الكاذبة، وشهادة الزور، يُسيء إلى نفسه إساءةً كُبرى بتعريضها إلى سخط اللّه تعالى، وعقوباته التي صوّرتها النصوص السالفة.

(٢) - ويُسيء كذلك إلى مَن سانده ومالأه، بالحِلف كذِباً، والشهادة زوراً، حيث شجّعه على بَخس حقوق الناس، وابتزاز أموالهم، وهدر كراماتهم.

_____________________

(١) الكافي، ومن لا يحضره الفقيه.

٣١

(٣) - و يَسيء كذلك إلى مَن اختلق عليه اليمين والشهادة المزوّرتين، بخذلانه وإضاعة حقوقه، وإسقاط معنويّاته.

(٤) - ويسيء إلى المجتمع عامّة بإشاعة الفوضى والفساد فيه، وتحطيم قِيمه الدينيّة والأخلاقيّة.

(٥) - ويسيء إلى الشريعة الإسلاميّة بتحدّيها، ومخالفة دستورها المقدّس، الذي يجب اتّباعه وتطبيقه على كلّ مسلم.

الثالثة: خُلف الوعد

الوفاء بالوعد من الخلال الكريمة التي يزدان بها العقلاء، ويتحلّى بها النُبلاء، وقد نوّه اللّه عنها في كتابه الكريم فقال:( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً ) ( مريم: ٥٤ ).

ذلك أنّ إسماعيلعليه‌السلام وعَد رجلاً، فمكَث في انتظاره سنة كاملة، في مكان لا يُبارحه، وفاءاً بوعده.

وإنّه لمن المؤسف أنْ يشيع خُلف الوعد بين المسلمين اليوم، متجاهلين نتائجه السيّئة في إضعاف الثقة المتبادلة بينهم، وإفساد العلاقات الاجتماعيّة، والإضرار بالمصالح العامّة.

قال الصادقعليه‌السلام : ( عِدة المؤمن أخاه نذرٌ لا كفارة له، فمَن أخلَف فبخُلف اللّه تعالى بدأ، ولمَقتهِ تعرّض، وذلك قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ) )(١).

_____________________

(١) الكافي.

٣٢

وقالعليه‌السلام : ( إنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعَد رجلاً إلى صخرةٍ فقال: أنا لك هاهنا حتّى تأتي. قال: فاشتدّت الشمس عليه، فقال أصحابه: يا رسول اللّه، لو أنّك تحوّلت إلى الظلّ. فقال: قد وعدته إلى هاهنا، وإنْ لم يجئ كان منه إلى المحشر )(١).

الرابعة: الكذِب الساخر

فقد يستحلي البعض تلفيق الأكاذيب الساخرة، للتندّر على الناس، والسخريّة بهم، وهو لهو عابث خطير، ينتج الأحقاد والآثام.

قال الصادقعليه‌السلام ، ( مَن روى على مؤمنٍ روايةً، يُريد بها شَينه، وهدم مروّته ليَسقط مِن أعيُن الناس، أخرجه اللّه تعالى مِن ولايته إلى ولاية الشيطان، فلا يقبلُه الشيطان )(٢).

علاج الكذب:

فجديرٌ بالعاقل أنْ يُعالج نفسُه من هذا المرض الأخلاقي الخطير، والخُلُق الذميم، مستهدياً بالنصائح التالية:

(١) - أنْ يتدبّر ما أسلفناه مِن مساوئ الكذِب، وسوء آثاره المادّية والأدبيّة على الإنسان.

(٢) - أن يستعرض فضائل الصدق ومآثره الجليلة، التي نوّهنا

_____________________

(١) علل الشرائع.

(٢) الكافي.

٣٣

عنها في بحثِ الصدْق.

(٣) - أنْ يرتاض على التزام الصدق، ومجانبة الكذِب، والدأب المتواصل على مُمارسة هذه الرياضة النفسيّة، حتّى يبرأ مِن هذا الخُلق الماحق الذميم.

مسوّغات الكذب:

لا شك أنّ الكذِب رذيلةٌ مقيتة حرّمها الشرع، لمساوئها الجمّة، بَيد أنّ هناك ظروفاً طارئة تُبيح الكذِب وتسوّغه، وذلك فيما إذا توقّفت عليه مصلحةٌ هامّة، لا تتحقّق إلاّ به، فقد أجازته الشريعة الإسلامية حينذاك، كإنقاذ المسلم، وتخليصه من القتل أو الأسر، أو صيانة عرضه وكرامته، أو حفظ ماله المحترم، فإنّ الكذِب والحالة هذه واجبٌ إسلاميّ محتّم.

وهكذا إذا كان الكذِبُ وسيلةً لتحقيق غايةٍ راجحة، وهدفٍ إصلاحي، فإنّه آنذاك راجحٌ أو مباح، كالإصلاح بين الناس، أو استرضاء الزوجة واستمالتها، أو مخادعة الأعداء في الحروب.

وقد صرّحت النصوص بتسويغ الكذِب للأغراض السالفة.

قال الصادقعليه‌السلام : ( كلّ كذِبٍ مسؤول عنه صاحبُه يوماً إلاّ في ثلاثة: رجلٌ كايَد في حربِه فهو موضوع عنه، أو رجلٌ أصلَح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى هذا يُريد بذلك الإصلاح فيما بينهما، أو رجلٌ وعَد أهله شيئاً وهو لا يُريد أنْ يتمّ لهم )(١).

_____________________

(١) الكافي.

٣٤

الحِلْم وكظم الغيظ

وهما: ضبط النفس إزاء مثيرات الغصب، وهما من أشرف السجايا، وأعزّ الخصال، ودليلا سموّ النفس، وكرم الأخلاق، وسببا المودّة والإعزاز.

وقد مدَح اللّه الحُلَماء والكاظمين الغيظ، وأثنى عليهم في مُحكَم كتابه الكريم.

فقال تعالى:( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ) ( الفرقان: ٦٣ ).

وقال تعالى:( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) ( فصّلت: ٣٤ - ٣٥ ).

وقال تعالى:( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (آل عمران: ١٣٤).

وعلى هذا النسق جاءت توجيهات أهل البيتعليهم‌السلام : قال الباقرعليه‌السلام : ( إنّ اللّه عزَّ وجل يحب الحييّ الحليم )(١).

وسمع أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلاً يشتم قنبراً، وقد رام قنبر أنْ يردّ عليه، فناداه أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( مهلاً يا قنبر، دع شاتمك، مُهاناً، تُرضي الرحمن، وتُسخِط الشيطان، وتُعاقب عدوّك، فو الذي فلَق

_____________________

(١) الكافي.

٣٥

الحبّة وبرأ النسمة، ما أرضى المؤمن ربّه بمثل الحلم، ولا أسخَط الشيطان بمثل الصمت، ولا عُوقِب الأحمق بمثل السكوت عنه )(١).

وقالعليه‌السلام : ( أوّل عِوض الحليم مِن حلمه، أنّ الناس أنصاره على الجاهل )(٢).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( إذا وقع بين رجُلين منازعة نزل ملكان، فيقولان للسفيه منهما: قلتَ وقلت، وأنت أهلٌ لما قلت، ستُجزى بما قلت. ويقولان للحليم منهما: صبَرت وحلمت، سيغفر اللّه لك، إنْ أتممت ذلك. قال: فإنْ ردَّ عليه ارتفَع الملَكان )(٣).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( ما مِن عبدٍ كظم غيظاً، إلاّ زاده اللّه عزَّ وجل عزّاً في الدنيا والآخرة، وقد قال اللّه عزَّ وجل: ( والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس، واللّه يحب المحسنين ) وأثابه مكانه غيظه ذلك )(٤).

وقال الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام : ( اصبر على أعداء النعم، فإنّك لنْ تُكافئ مَن عصى الله فيك، بأفضل مِن أنْ تُطيع اللّه فيه )(٥).

وأحضَرعليه‌السلام وِلده يوماً فقال لهم: ( يا بَنِيّ إنّي موصيكم بوصيّةٍ، فمَن حفظها لم يضِع معها، إنْ أتاكم آتٍ فأَسمَعكم في الإذن اليُمنى مكروهاً، ثُم تحوّل إلى الإذن اليُسرى فاعتذر وقال: لم أقل شيئاً

_____________________

(١) مجالس الشيخ المفيد.

(٢) نهج البلاغة.

(٣)، (٤)، (٥) الكافي.

٣٦

فاقبلوا عذره )(١) .

وقد يحسب السفهاء أنّ الحلم من دلائل الضعف، ودواعي الهوان، ولكنّ العقلاء يرونه من سمات النُبل، وسموّ الخُلُق، ودواعي العزّة والكرامة.

فكلّما عظُم الإنسان قدراً، كرمت أخلاقه، وسمت نفسه، عن مجاراة السفهاء في جهالتهم وطيشهم، معتصماً بالحِلم وكرم الإغضاء، وحُسن العفو، ما يجعله مثار الإكبار والثناء.

كما قيل:

وذي سفه يخاطبني بجهلٍ

فآنف أنْ أكون له مُجيبا

يَزيد سفاهةً وأزيد حِلماً

كعودٍ زاده الإحراق طيبا

ويقال: إنَّ رجلاً شتَم أحد الحكماء، فأمسك عنه، فقيل له في ذلك قال: ( لا أدخل حرباً الغالب فيها أشرّ مِن المغلوب ).

ومِن أروع ما نظمه الشعراء في مدح الحِلم، ما رواه الإمام الرضاعليه‌السلام ، حين قال له المأمون: أنشدني أحسن ما رويت في الحِلم، فقالعليه‌السلام :

إذا كان دوني مَن بُليتُ بجهله

أبَيت لنفسي أنْ تُقابل بالجهل

وإنْ كان مثلي في محلّي مِن النهى

أخذْت بحلمي كي أجلّ عن المثل

وإنْ كنت أدنى منه في الفضل والحِجى

عرفت له حقّ التقدّم والفضل

فقال له المأمون: ما أحسن هذا، هذا مَن قاله ؟ فقال: ( بعض فتياننا )(٢) .

_____________________

(١) كشف الغمّة للأربلي.

(٢) معاني الأخبار، وعيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق.

٣٧

ولقد كان الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة الطاهرون من أهل بيته، المثل الأعلى في الحِلم، وجميل الصفح، وحسن التجاوز.

وقد زجَزت أسفار السيَر والمناقب، بالفيض الغمر منها، وإليك نموذجاً من ذلك:

قال الباقرعليه‌السلام : ( إنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أتى باليهوديّة التي سمَت الشاة للنبيّ، فقال لها: ما حمَلَك على ما صنعت ؟ فقالت: قلت: إنْ كان نبيّاً لم يضرّه، وإنْ كان ملَكاً أرحت الناس منه، فعفى رسول اللّه عنه )(١).

وعفىصلى‌الله‌عليه‌وآله عن جماعةٍ كثيرة، بعد أنْ أباح دمهم، وأمر بقتلهم.

منهم: هبّار بن الأسود بن المطّلب، وهو الذي روّع زينب بنت رسول اللّه، فألقت ذا بطنها، فأباح رسول اللّه دمه لذلك، فروي أنّه اعتذر إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من سوء فعله، وقال: وكنا يا نبيّ اللّه أهلَ شِرك، فهدانا اللّه بك، وأنقذنا بك من الهلَكة، فاصفح عن جهلي، وعمّا كان يبلغك عنّي، فإنّي مقرٌّ بسوء فعلي، معترفٌ بذنبي. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : قد عفوت عنك، وقد أحسن الله إليك، حيث هداك إلى الإسلام، والإسلام يجبُّ ما قبله.

ومنهم: عبد اللّه بن الربعرى، وكان يهجو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكّة، ويعظم القول فيه، فهرب يوم الفتح، ثّم رجع إلى رسول اللّه

_____________________

(١) الكافي.

٣٨

واعتذر، فقبِلصلى‌الله‌عليه‌وآله عذره.

ومنهم: وحشي قاتل حمزة سلام اللّه عليه، روي أنّه أسلم، قال له النبيّ: ( أَوحشيّ ؟ ) قال: نعم. قال: أخبرني كيف قتلت عمّي ؟ فأخبره، فبكىصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: ( غيّب وجهك عنّي )(١) .

وهكذا كان أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام أحلَم الناس وأصفحهم عن المُسيء:

ظفر بعبد اللّه بن الزبير، ومروان بن الحكم، وسعيد بن العاص، وهُم ألدّ أعدائه، والمؤلّبين عليه، فعفا عنهم، ولم يتعقّبهم بسوء.

وظفَر بعمرو بن العاص، وهو أخطَر عليه مِن جيش ذي عدّة، فأعرض عنه، وتركه ينجو بحياته حين كشف عن سوأَته اتّقاءً لضربته.

وحال جند معاوية بينه وبين الماء، في معركة صفّين، وهُم يقولون له ولا قطرة حتّى تموت عطشاً، فلمّا حمل عليهم، وأجلاهم عنه، سوّغ لهم أن يشربوا منه كما يشرب جنده.

وزار السيدة عائشة بعد وقعة الجمل، وودعها أكرم وداع، وسار في ركابها أميالاً، وأرسل معها مَن يخدمها ويحفّ بها(٢) .

وكان الحسن بن عليّعليه‌السلام على سرّ أبيه وجدّه صلوات اللّه عليهم أجمعين:

فمن حلمه ما رواه المبرّد، وابن عائشة: أنّ شاميّاً رآه راكباً،

_____________________

(١) سفينة البحار ج ١.

(٢) عبقريّة الإمام للعقّاد بتصرّف.

٣٩

فجعل يلعنه، والحسن لا يردّ، فلما فرغ، أقبل الحسنعليه‌السلام فسلّم عليه، وضحك، فقال: ( أيّها الشيخ أظنّك غريباً، ولعلّك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإنْ كنت جائعاً أشبعناك، وإنْ كنت عرياناً كسوناك، وإنْ كنت محتاجاً أغنيناك، وإنْ كنت طريداً آويناك، وإنْ كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك إلينا، وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك، كان أعوَد عليك ؛ لأنّ لنا موضعاً رحباً، وجاهاً عريضاً، ومالاً كثيراً ).

فلمّا سمِع الرجل كلامه بكى، ثُمّ قال: أشهد أنّك خليفة اللّه في أرضه، اللّه أعلَم حيث يجعل رسالته، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق اللّه إليّ، والآن أنت أحبُّ خلق اللّه إليّ، وحوّل رحله إليه، وكان ضيفه إلى أنْ ارتحل وصار معتقداً لمحبّتهم(١).

وهكذا كان الحسين بن عليّعليهما‌السلام : جنى غلام للحسينعليه‌السلام جنايةً تُوجِب العقاب عليه، فأمر به أنْ يُضرَب، فقال: يا مولاي، والكاظمين الغيظ. قال: ( خلّوا عنه ). قال: يا مولاي، والعافين عن الناس. قال: ( قد عفوت عنك ). قال: واللّه يحبُّ المحسنين، قال: ( أنت حرٌّ لوجه اللّه، ولك ضعف ما كنت أعطيك )(٢).

وإنّي استقرأت سيرة أهل البيتعليهم‌السلام فوجدتها نمطاً فريداً، ومثلاً عالياً، في دنيا السيَر والأخلاق:

_____________________

(١) البحار مجلّد ٩ ص ٩٥.

(٢) كشف الغمّة للأربلي.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

فقضوا والصدور منهم تلظى

بضرام وما ابيح الورود

سلبوهم برودهم وعليهم

يوم ماتوا من الحفاظ برود

تركوهم على الصعيد ثلاثاً

يا بنفسي ماذا يقل الصعيد

فوقه لو درى هيا كل قدس

هو للحشر فيهم محسود

تربة تعكف الملائك فيها

فركوع لهم بها وسجود

وعلى العيس من بنات علي

نوّح كل لفظها تعديد

سلبتها أيدي الجفات حلاها

فخلا معصم وعطل جيد

وعليها السياط لما تلوّت

خلفتها أساور وعقود

ووراها كم غرد الركب حدواً

لثرى فوك أيها الغريد

أتجد السرى وهنّ نساء

ليس يدرين ما السرى والبيد

أسعدتها النيب الفواقد لما

نحن وجداً وللثرى ترديد

عجباً لم تلن قلوب الأعادي

لحنين يلين منه الحديد

وقسوا حيث لم يعضّوا بناناً

لعليل عضت عليه القيود

وله حنت الفصيل ولكن

هيمته امية لا ثمود

ينظر الروس حوله زاهرات

تتثنى بها العوالي الميد

* * *

السيد جعفر كمال الدين الحلي النجفي. عرفت هذه الاسرة بالانتماء الى الجد السادس لصاحب هذه الترجمة، وهو السيد كمال الدين بن منصور فهو جد الاسرة الكمالية المنتشرة في الحلة وضواحيها والنجف والكوفة وقد كتب عنها مفصلاً الخطيب اليعقوبي في ( البابليات ) كما أقام الشواهد على شاعريته وسرعة البديهة عنده وديوانه أصدق شاهد على سموّ شعوره وكان من حقه أن يطلق اسم ( سحر بابل وسجع البلابل ) على ديوانه قبل أن يجمع والذي جمعه أخوه السيد هاشم بعد وفاة الشاعر. توفي فجأة في شعبان لسبع بقين من سنة 1315 هـ

١٠١

ودفن في وادي السلام بالنجف الأشرف عند قبر والده على مقربة من مقام المهدي ورثاه جماعة من ذوي العلم والأدب منهم العلامة الشيخ عبد الحسين صادق العاملي والشيخ محمد حسن سميسم والأديبان الشيخ محمد الملا وولده الشيخ قاسم وأخوه السيد هاشم بقصيدتين واقتطفنا من ترجمته ما جاء في مقدمة ديوانه المطبوع في صيدا وهي بقلم المصلح الكبير الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء ومنها: الشريف أبو يحيى جعفر بن الشريف حمد الحلي منشئاً، النجفي مسكناً ومدفنا الشاعر المفوه الأديب يتصل نسبه بيحيى بن الحسين بن زيد الشهيد ابن علي بن الحسين، ولدرحمه‌الله يوم النصف من شهر شعبان المعظم من السنة السابعة والسبعين بعد المائتين والألف من الهجرة النبوية في احدى القرى اللصيقة بالحلة الفيحاء على شاطيء الفرات وتسمى بقرية السادة من رساتيقها الجنوبية التي تعرف بالعذار وأبوه السيد حمد سيدها في الفضل والصلاح وأحد المتخرجين على العلامة السيد مهدي القزويني طاب ثراه وكان له عدة أولاد أكبر من السيد جعفر كلهم أهل فضل وعلم وتقى ولما ترعرع السيد جعفر وبلغ أو كاد اقتفى أثر اخوته الكرام فهاجر إلى النجف من العذار قبل أن ينبت بعارضه العذار وكانت قد ساءت الحال على أهل تلك النواحي وذهبت مادة حياتهم وانقطعت أسباب رفاهيتهم بانقطاع ماء الفرات الذي عادت مجاري سيوله الذهبية سيل رمال وسلسلة تلال ومساحب أذيال مما ألجأ الحكومة العثمانية حينئذ للاهتمام بانفاق مبالغ من الأموال في عشرات من السنين حتى أعادت الماء إلى مجراه بواسطة هذا السدّ العظيم المهم في الفرات ويُدعى اليوم بسدة الهندية، طفق ذلك السيد الحدث يطلب العلم في النجف وهو يستظل سماء القناعة ويلتحف أبراد الفقر والفاقة وما أحرّها من أبراد ولكن بين جنبيه تلك النفس الشريفة والروح اللطيفة والجذوة الوقادة والشيم الهاشمية والشمائل العربية فجعل يختلف إلى مجالس العلم ويحضر أندية الفضل ويتردد إلى محافل الأدب وناهيك بالنجف يوم ذاك وما ادراك ما النجف ـ البلدة تتجلى

١٠٢

لك بها الفضيلة بأتم مجاليها بل بتمام حقائقها ومعانيها هي تلك الدائرة التي جعلت مركزها باب مدينة العلم فاستقت من ينبوعه واستمدت من روحانيته وحلّقت في سماء المعارف الدينية والأخلاق الأدبية حتى بلغت ما شاءت هي وشاءت لها العناية.

نشأ السيد جعفر فاستطرف قدر حاجته من المباديء النحو والصرف والمنطق والمعاني والبيان، وصار يختلف إلى مدارس العلماء وحوزاتها الحافلة بالفقه وهو في كل ذلك حلو المحاضرة سريع البداهة حسن الجواب نبيه الخاطر متوقد القريحة جريّ اللسان فهو يسير إلى النباهة والاشتهار بسرعة ويتقدم إلى النبوغ والظهور بقوة وبينا هو في خلال اشتغاله بطلب العلم كان يسنح على خاطره فيجري دفعاً على لسانه من دون أعمال فكر ومراجعة روية البيتان والثلاث والنتف والمقاطيع حسب ما يقتضيه المقام ويناسبه الوضع فيتلوها على الحضور أياًما كانوا قلة أو كثرة ضعة أو رفعة غير هيّاب ولا نكل فتستحسن منه وتستجاد وتستزاد وتستعاد ولكن نحو ما قال أحد الشعراء:

كلما قلت قال أحسنتَ زدني

وبأحسنتَ لا يباع الدقيق

برع في نظم الشعر وهو دون الثلاثين وأصبح من الشعراء المعدودين الذين تلهج الألسن بذكرهم وتتغنى بشعرهم، واقترن بأحد كرائم قومه وعاد ذا عيلة فاشتدت وطأة الدهر عليه وصارت تعتصره كل يوم عصّارة الحدثان وتكتظه صبّارة الصرفان وهو يتلوّم تارة ويتبرّم واخرى يصبر أو يتصبر وطوراً يضج في أشعاره ويتضجر وأعظم ما هنالك رزية أنه يجتلب مسكة رمقه ودرّة عيشه من ضرع قلمه وشق قصبته. وإذا كان الشعر مرآة الشعور ومظهر حقيقة قائلة وتمثال شمائله ومخائله فاقرأ ما شئت من ألوان شعره لتراه محلّقاً في جميع ضروب الشعر وآفاقه سباقاً إلى اختراق معانيه ومثالا لمصداقه سيما في الرثاء فقد قال من قصيدة عصماء يرثي المرحوم الميرزا حسن الشيرازي:

١٠٣

يا شعلة الطور قد طار الحِمام بها

وآية النور عفّى رسمها الزمنُ

اليوم نمك طوى الإسلام قبلته

فالله يحفظ من أن يعبد الوثن

تحركوا بك إرقالا ولو علموا

أن السكينة في تابوتهم سكنوا

والقصيدة كلها بهذا اللون وهذه القوة، وهكذا كان السيد جعفر من قوة العاطفة وصدق الاحساس وشدة الانفعال، كما أنه على جانب كبير أيضاً من سعة الخيال وعمق التفكير وجودة التصوير وبلاغة التعبير ويرى البعض أنه يزاحم السيد حيدر في شهرته وشاعريته وكثيراً ما اشترك في حلبات شعرية فحاز قصب السبق.

ذكر الشيخ محمد السماوي في كتابه ( ظرافة الأحلام ) قال: أخبرني السيد الشريف العلامة السيد حسين بن معز الدين السيد مهدي القزوينيرحمه‌الله قال: رأيت الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام في المنام ذات ليلة مباركة من ليالي رجب سنة 1312 جالساً في مقبرة والدي بالنجف على كرسي، ووالدي بين يديه متأدب أمامه، وكأن المقبرة روضة متسعة فسلّمت وأردت تقبيل يد الإمام فقال أبي امدحه أولاً ثم قبّل يده فأنشدته:

أبا حسن أنت عين الاله

فهل عنك تعزب من خافية

وأنت مدير رحى الكائنات

وإن شئت تسفع بالناصيه

وأنت الذي امم الأنبياء

لديك إذا حشرت جاثية

فمن بك قد تمّ ايمانه

يساق جنة عاليه

وأما الذين تولوا سواك

يساقون دعّاً إلى الهاويه

قال فتبسمعليه‌السلام وقال لي أبي أحسنتَ، فدنوت منه وقبّلت يديه، وانتبهت وأنا أحفظ الأبيات ولما أصبحت حضر المجلس على العادة جماعة من فضلاء الادباء فذكرت ما رأيت وقلت:

من كان يهوى قلبه

ثاني أصحاب الكسا

فلينتدب لمدحه

مشطراً مخمسا

١٠٤

فانتدب جماعة للتشطير والتخميس، فممن شطر الشيخ جواد الشبيبي والسيد عدنان ابن السيد شبر الحسيني الغريفي البحراني البصري المتوفى 1336 ومنهم السيد علي ابن السيد محمود الأمين العاملي الحسيني المتوفى 1328 في جبل عامل وقد نقل المدح إلى رثاء الحسينعليه‌السلام إذ وافق تخميسه أيام المحرم، وممن شطر فقط العلامة السيد محسن الأمين كما نظم الشيخ محمد السماوي تشطيراً للابيات أقول والذي حلّق في هذه الحلبة هو الشاعر السيد جعفر السيد حمد الحلي فقال في التشطير ـ وهذا مما لم ينشر في ديوانه:

أبا حسن أنت عين الاله

على الخلق والاذن الواعيه

تراهم وتسمع نجواهم

فهل عنك تعزب من خافيه

وأنت مدير رحى الكائنات

وقطبٌ لأفلاكها الجاريه

فإن شئت تشفع يوم الحساب

وإن شئت تسفع بالناصيه

وأنت الذي امم الأنبياء

تولتك في الأعصر الخاليه

وكل الخلائق يوم النشور

لديك إذا حشرت جاثيه

فمن بك قد تمّ إيمانه

فبشراه في عيشة راضيه

بحوضك يسقى ومن بعد ذا

يساق إلى جنة عاليه

وأما الذين تولّوا سواك

فما هم من الفرقة الناجية

يجيئون للحشر سود الوجوه

يساقون دعّاً إلى الهاويه

ثم خمس الاصل والتشطير فقال: وهذا مما لم ينشر في ديوانه ايضا

براك المهيمن إذ لا سواه

وبيّن باسمك معنى علاه

فكنت ترى الغيب لا بإشتباه

أبا حسن أنت عين الاله

على الخلق والاذن الواعية

ترى الناس طراً وترعاهم

وأقصى الورى منك أدناهم

ومهما أسروا خفاياهم

تراهم وتسمع نجواهم

فهل عنك تعزب من خافيه

١٠٥

أقلّ معاجزك الخارقات

حضورك للشخص حين الوفاة

فأنت المحيط بستّ الجهات

وأنت مدير رحى الكائنات

وقطبٌ لأفلاكها الجاريه

لك الناس تحشر يوم المأب

مطأطأة الروس خوف العذاب

فمنك الثواب ومنك العقاب

فإن شئت تشفع يوم الحساب

وإن شئت تسفع بالناصيه

بك الحشر مهّد للاستواء

وباسمك قامت طباق السماء

فأنت المحكّم يوم الجزاء

وأنت الذي امم الأنبياء

تولتك في الأعصر الخالية

إذا بعث الله مَن في القبور

ومن سفر الموت أضحوا حضور

فأنت الأمير بكل الامور

وكل الخلائق يوم النشور

لديك إذا حشرت جاثيه

محبك تثقل ميزانه

ويعلو بيوم الجزا شأنه

وهب فرضه بان نقصانه

فمن بك قد تمّ إيمانه

فبشراه في عيشة راضيه

ينال الكرامة غبّ الأذى

وعن ناظريه يماط القذى

فما بعد يشكو ظماه إذا

بحوضك يسقى ومن بعد ذا

يساق إلى جنة عاليه

أبا حسن بك أنجو هناك

وأرجو رضا خالقي في رضاك

فلم يُنج في الحشر إلا ولاك

وأما الذين تولوا سواك

فما هم من الفرقة الناجيه

سيأتي الشقي ومن تابعوه

بجمع عن الحوض قد حُلّؤه

جفاةٌ لحقك قد ضيّعوه

يجيئون للحشر سود الوجوه

يساقون دعّاً إلى الهاويه

١٠٦

فإذا ضممت إلى ذلك أن السيد جعفر ما كان يملك كتاباً من الأدب ولا كان يحفظ ولا مقدار مائة بيت ولو متفرقة من شعر العرب أو من بعدهم الى عصره قلتَ هذا أعجب وأغرب، ولسهولة قول الشعر عليه على ما عرفت من شدة محنه وابتلائه كان مكثراً منه فكان لا يجلس ولا يقوم على الأكثر إلا وقد قال الأبيات أو البيتين فما فوقها حسبما سنح في تلك المحاضرة والمحادثة من الدواعي وكان ربما طلب ماءً أو قهوة أو دخاناً أو داعب جليساً أو غير ذلك فيورد غرضه ببيتين من الشعر هما أجلا في أداء مراده من الكلام المألوف والقول المتعارف، وربما كان يأتي إلى بيت من يريد فلا يجد ربّه فيكتب على الجدار حاجته أو سلامه ويذهب وهذا كثير له فمن ذلك بيتان كتبهما في دار السيد السند ثقة الإسلام وقدوة الاعلام السيد حسن الصدر يشفّعه عند استاده حجة الإسلام الشيرازي طاب ثراه وهما:

لقد بقيت بسامراء منفرداً

مثل انفراد سهيل كوكب اليمن

والدهر لما رماني في فوادحه

آليتُ لا أشتكي إلا إلى الحسن

وحدثني سماحة المغفور له الشيخ هادي نجل الشيخ عباس كاشف الغطاء أن السيد جعفر طلب منه الخروج إلى النزهة خارج النجف في أيام الربيع وهناك تكثر أغادير الماء، فاعتذر إليه الشيخ فكتب له:

عذيري منك أن تأبى اتباعي

على حقٍ ومَن لي بالعذير

ومن عجب وانك جعفري

وترغب عن أحاديث الغدير

فالتورية ب‍ ( جعفري ) انه جعفري المذهب وينتسب للشيخ جعفر الكبير جدّ الاسرة، وفي كلمة الغدير تورية بيوم غدير خم الذي عقدت فيه البيعة للامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وقال مداعباً أستاذه الشيخ الشربياني.

أشيخ الكل قد أكثرت بحثاً

بأصل براءة وباحتياط

١٠٧

وهذا وقت زوار و ( نوطٍ )

فباحثنا بتنقيح المناط

ومن نوادره قوله:

تسمّى بالقريض اليوم

مَن ليس له أهلا

أتونا بالمقاطيع

وكلٌ يدّعى وصلا

وقال يداعب الشربياني:

للشربيانيّ أصحاب وتلمذةٌ

تجمّعوا فرقاً من هاهنا وهنا

ما فيهم مَن له بالعلم معرفة

يكفيك أفضل كل الحاضرين أنا

وقال ممازحاً الخطيب الاديب لما تزوّج بامرأة ثيبة بعد ان تزوّج بامرأتين قبلها:

بشراك في لؤلؤة قد ثقبت

أنفع من لؤلؤة لم تثقب

ومهرة وطّأ شخص ظهرها

أحسن من جامحة لم تركب

ومنهج قد سلكت فيه الخطا

أحسن من نهجٍ جديد متعب

وقد وجدنا في الكتاب آية

قدّم فيها الله ذكر الثيّب

اسم العجوز في المقال طيب

لأنه وصف لبنت العنب

مرت عليها أربعون حجة

فهي إذاً كالصارم المجرب

عرّفها الدهر تقلباته

فساتصفها عارفة التقلب

ومَن يسبّ الثيبات سائني

لأنه قد سبّ ظلماً مذهبي

خديجة بنت خويلد على

ما نقلوا أعزّ أزواج النبي(1)

بك الاثافي كملت ثلاثة

ففز بها كالمرجل المنصّب

__________________

1 ـ لا شك أن خديجة بنت خويلد هي أفضل زوجات النبي وام المؤمنين حقاً. إذ هي أول امرأة آمنت برسول الله وبيتها أول بيت بني في الاسلام وكان النبي (ص) كلما ذكرها بكى فقالت له السيدة عائشة: ما لك يا رسول الله وقد أبدلك الله بخير منها، قال: والله ما أبدلني بخير منها، آوتني إذ طردني الناس وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقني منها الولد إذ حرمني من غيرها. وعلى ما يقول النسابة الشهير ابن أعثم الكوفي أن خديجة لم تتزوج بغير رسول الله، وهي سيدة نساء قريش ولمكانتها في نفس رسول الله (ص) أنه لم يتزوج بغيرها ما دامت هي في قيد الحياة، ولما ماتت خديجة وأبو طالب في عام واحد حزن النبي (ص) وسمى ذلك العام ب‍ عام الحزن.

١٠٨

أضف إلى ذلك رقة غزله وخفة روحه فحينما تدرس غزله وتشبيبه تراه يسيل رقة وعاطفة ويبدع ما شاء له الابداع في الخيال والتصوير فاستمع اليه في حائيته الرائعة والتي تناهز التسعين بيتاً ـ وهذا مقطع منها:

هزوا معاطفهم وهنّ رماح

ونضوا لواحظهم وهنّ صفاح

شاكين ما حملوا السلاح وإنما

منهم عليهم أهبة وسلاح

ونشرن ألوية الشعور عليهم

سوداً وكل طرفه السفاح

وتعمّدونا باللحاظ فلا ترى

من عاشق ما أثخنته جراح

آرام وجرة لا يدون قتيلهم

وأسيرهم لم يرج فيه سراح

فتح الجمال لهم وفي وجناتهم

كتب ابن مقلتها هو الفتاح

بشراك يا من ذاق برد ثغورهم

أعرفت ماروح الهوى والراح

ونعمت يامن شمّ طيب خدودهم

أرأيت كيف الورد والتفاح

لا تحسبن لئالئاً في خده

لكنه عرق الحيا الرشاح

قدحت خدودك في فؤادي جذوة

والورد خير صنوفه القداح

وأضيق ذرعاً من خلاخلك التي

ضاقت على ساقيك وهي فساح

وحشاء أخفق من جناحي طائر

إن يخفقا لك قرطق ووشاح

ماذا يعيب بك النصوح ثكلته

حاشاك بل غشتني النصاح

الطرف ساج، والسوالف صلتة

والجيد أتلع والجفون ملاح

يا يوسف الحسن البديع جماله

لي مثل يعقوب عليك نياح

إن أوعدت بالصدّ فهي جهينة

أو واعدت بالوصل فهي سجاح

وقال:

أخذ الريم منك سحر العيون

وروت عنك مائسات الغصون

واستفاد الهلال منك ضياءاً

حين قابلته بشمس الجبين

١٠٩

وسرت من لماك نفحة سكر

أخذت بعضها ابنة الزرجون

ومن اللؤلؤ الذي بثناياك

صفاء باللؤلؤ المكنون

أجل، وإن شعرهرحمه‌الله يبلغ ـ ولا شك ـ أضعاف ما نشر في ديوانه المطبوع وذلك لأن مثل تلك المقاطيع والنتف التي تتفق عرضاً وتجري سنوحاً مما لا يمكن تقييد شواردها ورهن أوابدها، واهتم بجمع ديوانه شيخنا المصلح الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء وأخذه بنفسه في سنة 1331 ه‍ حين سافر إلى لبنان والديار المصرية ووقف على طبعه في صيدا بمطبعة العرفان وصدره بمقدمة نفيسة وعلّق على الديوان حواشي هامة تتضمن بالإيجاز تراجم مَن جاءت أسماؤهم في الديوان مع تهذيب الديوان وتنقيحه.

وبعد أن يكن السيد جعفر أبدع في نواحي كثيرة من شعره فإن روائعه في شهداء الطف تمتاز على باقي أدبه، فكأن ذكرى أولئك الشهداء الذين كرهوا الذل وأنفوا من الضيم وجادوا بنفوسهم الزكية ودمائهم الطاهرة في سبيل الحق والكرامة توقظ بين جوانحه شعلة الثورة الهاشمية وهل تدري أن إحدى هذه القصائد الحسينية بل أجودها وأشهرها نظمها بساعتين، وهي رائعته التي مطلعها:

وجه الصباح عليّ ليل مظلم

وربيع أيامي عليّ محرم

وكان ذلك في شهر المحرم فلا تسمع إلا ناع وناعية ونادب لسيد الشهداء ونادبة، فمرّ الشاعر في هذا الجوّ وتمشى في الصحن العلوي واسترسل بنظم هذه القصيدة التي تزيد على السبعين بيتاً وكلها من الشعر المنسجم أمثال قوله في أصحاب الحسين:

متقلدين صوارما هندية

من عزمهم طبعت فليس تكهم

إن أبرقت رعدت فرائص كل ذي

بأس وأمطر من جوانبها الدم

ويصف بطولة أبي الفضل العباس حامل راية الحسين والأخ المواسي بأسمى ما تكون من أنواع المواساة، ففي زيارته: أشهد أنك نعم الأخ المواسي لأخيه:

١١٠

عبست وجوه القوم خوف الموت و

العباس فيهم ضاحك يتبسم

قلب اليمين على الشمال وغاص في

الأوساط يحصد بالرؤوس ويحطم

وثنى أبو الفضل الفوارس نكّصاً

فرأوا أشدّ ثباتهم أن يهزموا

ماكرّ ذو بأس له متقدماً

إلا وفرّ رأسه المتقدم

ثم يشير إلى فارس العرب ربيعة بن مكدم المعروف بحامي الضعينة فيقول:

حامي الضعينة أين منه ربيعة

أم أين من عليا أبيه مكدّم

قسماً بصارمه الصقيل، وإنني

في غير صاعقة السما لا أقسم

لولا القضا لمحا الوجود بسيفه

والله يقضي ما يشاء ويحكم

ثم ينحدر إلى شجاء مصرع هذا البطل وفجيعة الحسين بهذا الأخ المحامي فيقول عن لسان الحسين:

أأخي يهنيك النعيم ولم أخل

ترضى بأن أُرزى وأنت منعّم

أأخي من يحمي بنات محمد

إن صرن يسترحمن مَن لا يرحم

لسواك يلطم بالأكف وهذه

بيض الضبا لك في جبيني تلطم

ما بين مصرعك الفظيع ومصرعي

إلا كما أدعوك قبل فتنعم

هذا حسامك من يذلّ به العدا

ولواك هذا من به يتقدم

هوّنتَ يابن أبي مصارع فتيتي

والجرح يسكنه الذي هو أألم

يا مالكاً صدر الشريعة إنني

لقليل عمري في بكاك متمم

مشيراً إلى مالك بن نويره وحزن أخيه متمم عليه ورثائه له.

وهذه احدى روائعه في سيد الشهداء:

أدرك تراتك أيها الموتور

فلكم بكل يد دم مهدور

عذبت دماؤكم لشارب علّها

وصفت فلا رنق ولا تكدير

ولسانها بك يا ابن أحمد هاتف

أفهكذا تغضي وأنت غيور

١١١

ما صارم إلا وفي شفراته

نحر لآل محمد منحور

أنت الولي لمن بظلم قتّلوا

وعلى العدى سلطانك المنصور

ولو أنك استأصلت كل قبيلة

قتلا فلا سرف ولا تبذير

خذهم فسنة جدكم ما بينهم

منسية وكتابكم مهجور

ان تحتقر قدر العدى فلربما

قد قارف الذنب الجليل حقير

أو انهم صغروا بجنبك همة

فالقوم جرمهم عليك كبير

غصبوا الخلافة من أبيك وأعلنوا

ان النبوة سحرها مأثور

والبضعة الزهراء امك قد قضت

قرحى الفؤاد وضلعها مكسور

وأبوا على الحسن الزكي بأن يرى

مثواه حيث محمد مقبور

واسأل بيوم الطف سيفك إنه

قد كلم الأبطال فهو خبير

يوم أبوك السبط شمّر غيرة

للدين لما أن عناه دثور

وقد استغاثت فيه ملة جده

لما تداعى بيتها المعمور

وبغير أمر الله قام محكّماً

بالمسلمين يزيد وهو أمير

نفسي الفداء لثائر في حقه

كالليث ذي الوثبات حين يثور

أضحى يقي العدل وهو مهدم

ويجبّر الاسلام وهو كسير

ويذكر الأعداء بطشة ربهم

لو كان ثمة ينفع التذكير

وعلى قلوبهم قد انطبع الشقا

لا الوعظ يبلغها ولا التحذير

فنضى ابن حيدر صارماً ما سله

إلا وسلن من الدماء بحور

فكأن عزرائيل خط فرنده

وبه أحاديث الحمام سطور

دارت حماليق الكماه لخوفه

فيدور شخص الموت حيث يدور

واستيقن القوم البوار كأن

أسرأفيل جاء وفي يديه الصور

فهوى عليهم مثل صاعقة السما

فالروس تسقط والنفوس تطير

شاكي السلاح لدى ابن حيدر أعزل

واللابس الدرع الدلاص حسير

١١٢

غيران ينفض لبدتيه كأنه

اسدُ بآجام الرماح هصور

ولصوته زجل الرعود تطير بالأ

لباب دمدمة له وهدير

قد طار قلب الجيش خيفة بأسه

وانهاض منه جناحه المكسور

بأبي أبي الضيم صال وماله

إلا المثقف والحسام نصير

وبقلبه الهم الذي لو بعضه

بثبير لم يثبت عليه ثبير

حزن على الدين الحنيف وعربة

وظماً وفقد أحبة وهجير

حتى إذا نفذ القضاء وقدّرا

لمحتوم فيه وحتم المقدور

زجت له الأقدار سهم منية

فهوى لقى فاندك منه الطور

وتعطل الفلك المدار كأنما

هو قطبه وعليه كان يدور

وهوين ألوية الشريعة نكصاً

وتعطل التهليل والتكبير

والشمس ناشرة الذوائب ثاكل

والأرض ترجف والسماء تمور

بأبي القتيل وغسله علق الدما

وعليه من أرج الثنا كافور

ظمآن يعتلج الغليل بصدره

وتبلّ للخطيّ منه صدور

وتحكمت بيض السيوف بجسمه

ويح السيوف فحكمهن يجور

وغدت تدوس الخيل منه أضالعا

سر النبي بطيها مستور

في فتية قد أرخصوا لفدائه

أرواح قدس سومهن خطير

ثاوين قد زهت الربى بدمائهم

فكأنها نوارها الممطور

هم فتية خطبوا العلا بسيوفهم

ولها النفوس الغاليات مهور

فرحوا وقد نعيت نفوسهم لهم

فكان لهم ناعي النفوس بشير

فاستنشقوا النقع المثار كأنه

ندّ المجامر منه فاح عبير

واستيقنوا بالموت نيل مرامهم

فالكل منهم ضاحك مسرور

فكأنما بيض الحدود بواسماً

بيض الخدود لها ابتسمن ثغور

وكأنما سمر الرماح موائلا

سمر الملاح يزينهن سفور

١١٣

كسروا جفون سيوفهم وتقحموا

بالخيل حيث تراكم الجمهور

من كل شهم ليس يحذر قتله

إن لم يكن بنجاته المحذور

عاثوا بآل امية فكأنهم

سرب البغاث يعثن فيه صقور

حتى إذا شاء المهيمن قربهم

لجواره وجرى القضا المسطور

ركضوا بأرجلهم إلى شرك الردى

وسعوا وكل سعيه مشكور

فزهت بهم تلك العراص كأنما

فيها ركدن أهلة وبدور

عارين طرزت الدماء عليهم

حمر البرود كأنهن حرير

وثواكل يشجي الغيور حنينها

لو كان ما بين العداة غيور

حرم لأحمد قد هتكن ستورها

فهتكن من حرم الاله ستور

كم حرة لما أحاط بها العدى

هربت تخف العد ووهي وقور

والشمس توقد بالهواجر نارها

والأرض يغلي رملها ويفور

هتفت غداة الروع باسم كفيلها

وكفيلها بثرى الطفوف عفير

كانت بحيث سجافها يُبنى على

نهر المجرة ما لهن عبور

يحمين بالبيض البواتر والقنا

السمر الشواجر والحماة حضور

ما لاحظت عين الهلال خيالها

والشهب تخطف دونها وتغور

حتى النسيم إذا تخطى نحوها

ألقاه في ظل الرماح عثور

فبدا بيوم الغاظرية وجهها

كالشمس يسترها السنا والنور

فيعود عنها الوهم وهو مقيدٌ

ويردّ عنها الطرف وهو حسير

فغدت تود لو انّها نعيت ولم

ينظر اليها شامت وكفور

أما قصائده الخاصة بسيد الشهداء أبي عبد الله الحسين (ع) والتي يتعذر ذكرها كاملة فنكتفي بالاشارة اليها، وأوائلها:

1 ـ ألا لا سقت كفى عطاشا العواسل

إذا أنا لم أنهض بثار الأوائل

١١٤

2 ـ في طلب العز يهون الفنا

ولا يروم العزّ إلا أنا

3 ـ يا قمر التم إلى م السرار

ذاب محبوك من الانتظار

4 ـ يغرّ الفتى بالدهر والدهر خائن

ويصبح في أمن وما هو آمن

5 ـ ذكر المنازل وإلا حبه

صبٌ أذاب الوجد قلبه

6 ـ الله أي دم في كربلا سفكا

لم يجر في الأرض حتى أوقف الفلكا

7 ـ ما بال عينك لا تملّ هيامها

وعصت بمبرح وجدها لوّامها

8 ـ أتغضي فداك الخلق عن أعين عبرا

تودّ بأن تحضى بطلعتك الغرّا

* * *

١١٥

الشيخ عباس كاشف الغطاء

المتوفى 1315

قال في الحسين مرثية، مطلعها:

إذا لم أنل وترى با ـ المناصل

فلا سار مهري تحت ظل العواسل(1)

هو الشيخ عباس كاشف الغطاء ابن الشيخ علي ابن الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء النجفي المولد والمنشأ والمسكن والمدفن، ذكره صاحب الحصون فقال: كان عالماً فاضلاً مجتهداً فقيهاً، أصولياً محققاً مدققاً أديباً لبيباً بليغاً شاعراً ماهراً وجيهاً رئيساً عظيماً جليل القدر عظيم المنزلة مهيب المنظر حسن المخبر، طلق اللسان فصيح البيان. إلى آخر ما قال. له مؤلفات: منها موارد الأنام شرح مبسوط على شرايع الإسلام، رسالة في الشروط، رسائل متفرقة في الاصول، رسالة عملية في الطهارة والصلاة. توفي أول الغروب عندما قام لاداء الصلاة في طريقه الى كربلاء بقصد الزيارة للامام الشهيد الحسين سلام الله عليه وذلك على نهر الفرات ليلة الاثنين ثاني ربيع الأول عام 1315 ونقلت جنازته الى النجف في زورق مائي ودفن بمقبرة الاسرة، ولم يخلف سوى ولده الهادي. رثاه فريق من الشعراء منهم: السيد رضا الهندي والشيخ عبد الحسين صادق، والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، والسيد جعفر الحلي، والشيخ جواد الشبيبي بقصيدتين. وذكره الحجة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في هامشه على ( سحر بابل ) فقال: هو أحد الأساطين الأعاظم والععد والدعائم، من الطائفة الجعفرية الذين نهضوا باعباء الزعامة والتحفوا بأبراد المجد والكرامة. ويسترسل شيخنا بالاطراء والثناء بما هو حق وصدق.

__________________

1 ـ عن شعراء الغري.

١١٦

الملا عباس الزيوري

المتوفى 1315

قال في الحسين (ع):

إلى كم مداراة العدى من مذاهبي

وحتى م سلطان الهموم مصاحبي

أما آن للوقت الذي توعدوننا

به أن نرى فيه علوّ المراتب

ويظهر أمر الله ما بين أهله

وتخفى أمور سنّها كل ناصب

نرى الشموس في شرق البلاد وغربها

تجوب الفيافي في ظهور النجائب

يحفّ بهم من آل أحمد أصيدٌ

تحفّ به الأملاك من كل جانب

إذا ما سطا خلت البسيطة والسما

طواها وعبّا شرقها بالمغارب

يطالب في ثار الحسين وفتية

قضت عطشا بالطف من آل غالب

وقد خلّفت في الغاضرية نسوة

خماص الحشى وآهاً لها من سواغب

إذا رفعت رأساً إلى الله أبصرت

رؤساً تعلّى كالنجوم الثواقب

وإن طأطأت راساً إلى الأرض أبصرت

جسوماً كساها البين ثوب المصائب

أو التفتت من شجوها عن يمينها

ويسرتها أو بعض تلك الجوانب

رأت صبية للمرتضى فوق هزّل

من العيس تسبى مع نساء نوادب

فيا راكباً كوراً معوّدة على

اقتطاع الفيافي في القفار السباسب

إذا أدلجت في السير تحسب نبلة

قد انتزعت في القوس عن قوس حاجب

إذا لاحت الأعلام من سرّ من رأى

فنادِ بأعلى الصوت يا آل غالب

ألا أين قوم لو تلاقت جموعهم

لما رجعت إلا بجزر الكتائب

١١٧

حسينكم أمسى وحيداً وحوله

بنو هاشم والصحب كلٌ بجانب

ينادى ألا هل من نصير فلا يرى

له ناصراً دون السيوف القواضب

ويدعوهم حاموا بنات محمد

فليس يرى غير القنا من مجاوب

فقوموا غضابا وأدفعوا عن نسائكم

فقد أصبحت اسرى بأيدي الأجانب

متى تملأون الأرض قسطا بعدلكم

كما ملئت من جور ظلم النواصب(1)

* * *

الملا عباس الصفار الزيوري ابن القاسم بن ابراهيم بن زكريا بن حسين بن كريم بن علي بن كريم بن علي ابن الشيخ عُقلَه الزَيوري البغدادي المنشأ، الحلي المسكن المتوفى سنة 1316 مولده بغداد مات أبوه وهو طفل صغير وكانت أُمّه حلية الأصل فانتقلت بولدها هذا إلى الحلة ونشأ في حجور أخواله وتعلّم الشعر عندهم ويزعم بعض أقاربه في بغداد وسوق الشيوخ أن أصلهم يرجع إلى المقداد بن الأسود الكندي الصحابي المشهور، وفي أواخر العقد التاسع من القرن الثالث عشر استوطن كربلاء على عهد السيد أحمد بن السيد كاظم الرشتي المقتول سنة 1294 وله فيه مدائح وتهاني كثيرة، وحج المترجم له مكة المكرمة مع السيد المذكور سنة 1290 وقام بنفقاته ذهاباً وإياباً ولما عرج السيد بعد حجه نحو الاستانة كان المترجم له في صحبته ثم جاب البلاد اليمانية للسياحة وفي ( عدن ) شرع بتخميس علويات ابن أبي الحديد. قال الشيخ اليعقوبي في البابليات: وسمعت من جماعة ممن عاصره من البغداديين والحليين أنه كان من الذاكرين الخطباء ولكن شهرته الأدبية تغلبت على شهرته المنبرية. وإن له تخميساً لقصيدة العلامة الفقيه الشيخ حسين نجف التي جارى فيها الهائية الأزرية الشهيرة في مدح أمير المؤمنينعليه‌السلام . وله تخميس لقصائد الكميت ـ الهاشميات ـ وسافر في آخر أيام حياته إلى ايران لزيارة المشهد الرضوي ولطبع منظوماته المذكورة هناك ففاجأه الأجل في طهران ودفن في بلدة ( قم )

__________________

1 ـ عن الدر المنظوم في الحسين المظلوم مخطوط الخطيب السيد حسن الموسوي البغدادي.

١١٨

عند الشاه عبد العظيم، وقيل في خراسان وذهبت قصائده بذهابه وقد تجاوز عمره الستين عاماً، ومن شعره قوله:

سمتك أُمك ( نجما )

لأن خدك ثاقب

فأكفف سهامك عني

وارع الاله وراقب

وذكره الشيخ النوري في ( جنة المأوى ) وعبّر عنه بالفاضل اللبيب مادح أهل البيت وأثبت له أبياتاً من قصيدة طويلة يمدح بها الإمام المهدي ويذكر كرامة له اتفقت في 10 جمادى الاخرة سنة 1299 مع أخرس من أهالي ( برمة ) اسمه اغا محمد مهدي اطلق لسانه في ( مقام الغيبة ) بسامراء واحتفل في الصحن الشريف بأمر الإمام السيد ميرزا حسن الشيرازي بمناسبة ظهور تلك الكرامة، وكان الزيوري مع الأخرس في الباخرة حين توجه من بغداد إلى سامراء وأشار إلى ذلك من الأبيات:

وفي عامها جئتُ والزائرين

إلى بلدة سرّ مَن قد رأها

رأيت من الصين فيها فتى

وكان سميّ إمام هداها

وقد قيّد السقم منه الكلام

وأطلق من مقلتيه دماها

وفي هذه الكرامة نظم السيد حيدر الحلي قصيدته العامرة التي مطلعها:

كذا يظهر المعجز الباهر

ويشهده البرّ والفاجر

وشاعرنا المترجم له ذكره الشيخ النوري في أول كتابه ( دار السلام ) وأثبت له أبياتاً يقرّض فيها ويؤرخ كتابه المذكور فيها:

الجهبذ النوري حسين ومَن

شرّفه الله ببيت الحرام

أشرق نور العلم عن فكره

فجاء في تصنيف دار السلام

خير كتاب جامع كاشف

فيه عن الرؤيا حجاب الظلام

يعبّر الرؤيا وينبيك عن

رؤيا نبيٍ صادق أو إمام

تالله لو أن ابن سيرين قد

طالعه رأى له الاحترام

١١٩

وكان عنه آخذاً ما به

قد عبّر الرؤيا لكل الأنام

وخاطب النوري تاريخه

إرقَ لقد فزتَ بدار السلام

ومن شعره تقريظه لكتاب ( العقد المفصل ) للسيد حيدر الحلي، أثبته السيد حيدر في آخر الكتاب نظماً ونثراً:

كتابك تحت كتاب الاله

وفوق كتابة كل الورى

أقول وعيناي ترنو اليه

لقد جمع الصيد جوف الفرا

وأهتف إن قيس فيه سواه

أين الثرَيّا وأين الثري

وقال أيضاً تقريض للكتاب المذكور:

وافى مذ وافاني غده

ووفى لي فيما أقصده

رشاً بسيوف لواحظه

شمل العشاق يبدده

يشدو فيرق لنغمته

اسحاق اللحن ومعبده

يا ليلاً بتّ اسامره

ما أسرع ما وافى غده

تركيٌ ناشٍ في عجم

وصفاء اللون يبغدده

بتنا بقميصي عفّتنا

والحيّ تولّت حسّده

ولهيب فؤاد أضرمه

بزلال الريق أبرده

ويميت القلب وينشره

سيف عيناه تجرده

زمن تجب النعماء له

جحد الباري من يجحده

عجباً للخدّ بنار الورد

جلا الأبصار توقده

أيعود زمان الفوز به

ويشاهدني وأُشاهده

كمشاهدتي لكتابة من

هو فرد الدهر وسيده

هو حيدر أهل العلم له

ملك بالنظم يسدده

وله من خالقه نظرٌ

ما بين الخلق يؤيده

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

ومأواه، واُعذِّبه عَذاباً لا اُعذِّبه أحداً مِن العالمين ».

وحدَّثني مَن رفعه إلى أبي بصير قال: سمعت أبا عبدالله وأبا جعفرعليهما‌السلام يقولان: مَن أحبَّ أن يكون مسكنُه ومأواه الجنَّة - إلىُ آخره كما في صدر الباب -.

الباب السّابع والخمسون

( مَن زار الحسين عليه السلام احتساباً)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن حَمدانَ بنِ سليمانَ النّيسابوريِّ قال: حدَّثنا عبدالله بن محمّد اليمانيُّ، عن مَنيع بن الحَجّاج، عن يونسَ بن عبدالرَّحمن، عن قُدامَةَ بن مالك، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن زارَ الحسين مُحتسباً لا أشَرَاً ولا بَطَراً ولا رياء ولا ولا سُمْعَةً مُحِصَتْ عنه ذنوبُه(١) كما يمحص الثَّوب بالماء، فلا يبقى عليه دَنَس، ويكتب له بكلِّ خُطْوةٍ حَجّة، وكلّما رفع قدماً عُمرة ».

٢ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد، عن أبان الأحمر، عن محمّد بن الحسين ( كذا ) الخزَّاز، عن هارون بن خارجة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت: جُعِلتُ فِداك ما لمن أتى قبر الحسينعليه‌السلام زائراً له عارفاً بحقِّه يريد به وَجهَ الله تعالى والدَّارَ الآخرة؟ فقال له: يا هارونُ مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام زائراً له عارفاً بحقِّه يريد به وجهَ الله والدَّار الآخرة غَفر الله - وَاللهِ - له ما تقدَّم مِن ذَنْبِه وما تأخَّر، ثمَّ قال لي - ثلاثاً -: ألم أحْلِف لك؟ ألم أحْلِفْ لك؟ ألم احْلِف لك؟! ».

٣ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه عبدالله بن محمّد

__________________

١ - قال في النّهاية: « اصل المَحْص: التّخليص. ومنه تمحيص الذَنوب أي إزالتها ». وفي القاموس: « مَحَصَ الذَّهب بالنّار اخْلَصه مَما يَشُوبُه ». وفي نسخة: « يمضمض » أي يغسل. و « لا أشَراً ولا بطراً » قال الفيضرحمه‌الله : « الأشر والبطر متقاربان يعني سبب الطّغيان ».

١٦١

ابن عيسى، عن أبيه محمّد بن عيسى بن عبدالله، عن عبدالله بن المغيرة، عن عبدالله بن ميمون القَدّاح، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قلت له: ما لمن أتى قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام زائراً عارفاً بحقِّه، غير مُسْتَنْكِفٍ ولا مُسْتَكْبر؟ قال: يُكتب له ألفُ حَجّة مقبولةً، والفُ عُمرة مَبرورةً، وإن كان شَقيّاً كُتب سعيداً، لم يزل يخوض في رحمة الله عزَّوجلَّ ».

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن محمّد بن يحيى العطّار، عن حَمدان بن سليمان النّيسابوريّ، عن عبدالله بن محمّد اليمانيِّ، عن مَنيع بن الحجّاج، عن صَفوانَ بن يحيى، عن صَفوانَ بن مِهران الجمّال، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن زار قبر الحسينعليه‌السلام وهو يريد الله عزَّوجَلَّ شيَّعه جَبرئيل وميكائيل وإسرافيل حتّى يردَّ إلى منزله ».

٥ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصريّ، عن عبدالله ابن عبدالرَّحمن الأصمّ، عن عبدالله بن مُسكانَ « قال: شهدتُ أبا عبداللهعليه‌السلام وقد أتاه قومٌ مِن أهل خراسان فسألوه عن إتيان قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام وما فيه مِن الفضل، قال: حدَّثني أبي، عن جدِّي أنّه كان يقول: مَن زاره يريد به وَجْهَ الله أخرجه الله مِن ذنوبه كمَولودٍ وَلَدَتْه اُمّه، وشيّعتْه الملائكة في مسيره، فرَفْرَفَتْ على رَأسه(١) قد صَفّوا بأجنِحَتِهم عليه حتّى يرجع إلى أهله، وسألتِ الملائكةُ المغفرة له مِن رَبِّه، وغَشيَتْه الرَّحمة مِن [أ] عنان السّماء، ونادَتْه الملائكة: طِبتَ وطابَ مَن زُرْتَ! وحفظ في أهله »(٢) .

وحدَّثني عبيدالله بن الفضل بن محمّد بن هِلال قال: حدَّثنا عبدالرَّحمن قال: حدّثنا سعيد بن خَيْثم، عن أخيه مُعَمّر « قال: سمعت زَيد بن عليٍّ يقول: مَن زار قبر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام لا يريد به إلا [وجه] الله تعالى غفر الله له جميع

__________________

١ - رَفْرَف الطّائر: بسط جناحيه وحرّكهما. وصَفَّ الطّائر بسطهما ولم يحرّكهما.

٢ - سيأتي الخبر في آخر الباب ٦٢ تحت رقم ٨.

١٦٢

ذُنوبه، ولو كانَتْ مِثلَ زَبَد البحر، فاستكثروا مِن زيارته يغفر الله لكم ذنوبكم ».

٧ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر، عن أبيه، عن أحمدَ بن أبي عبدالله البرقيِّ، عن أبيه، عن محمّد بن سِنان، عن حُذَيْفَة بن منصور « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : مَن زار قبر الحسينعليه‌السلام لله وفي الله أعتقه الله من النّار، وآمنه يوم الفزع الأكبر، ولم يسألِ الله تعالى حاجةً مِن حوائج الدُّنيا والآخرة إلاّ أعطاه ».

الباب الثّامن والخمسون

( إنَّ زيارة [قبر] الحسين عليه السلام أفضل ما يكون مِن الأعمال)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعةٌ مِن أصحابنا، عن سَعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء، عن أحمدَ بن عائِذ، عن أبي خديجة(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: إنّه أفضل ما يكون مِن الأعمال ».

٢ - وعنه(٢) ، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن الوَشّاء، عن أحمدَ بنِ عائِذ، عن أبي خَديجة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: إنّه أفضل ما يكون من الأعمال ».

٣ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصفّار، عن أحمدَ بن محمّد، عن الوَشّاء، عن أحمدَ بن عائِذ، عن أبي خَديجة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: إنّه أفضل ما يكون من الأعمال ».

٤ - حدَّثني أبو العبّاس الكوفيِّ، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن محبوب - عن رَجل - عن ابان الأزرق - عن رَجل - عن أبي عبدالله « قال: مِن أحبِّ الأعمال إلى الله تعالى زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، وأفضل الأعمال عند الله

__________________

١ - هو سالم بن مكرم الجمّال يكنّى به وبأبي سلمة.

٢ - الضّمير راجع إلى سعد بن عبدالله.

١٦٣

إدخال السّرور على المؤمن، وأقرب ما يكون العبد إلى الله تعالى هو ساجدٌ باك ».

٥ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن أحمدَ بن أبي عبدالله، عن أبي الجَهْم، عن أبي خَديجة « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما يبلغ مِن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: أفضل ما يكون من الأعمال ».

٦ - حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن عبدالرَّحمن بن أبي هاشم الرَّزَّاز قال: حدَّثنا سالم بن سلمة - وهو أبو خديجة - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنَّ زيارة الحسينعليه‌السلام افضل ما يكون مِن الأعمال »(١) .

الباب التّاسع والخمسون

( إنّ مَن زار الحسين عليه السلام كان كمن زار الله في عَرشه)

( وكتب في أعلىُ علّيّين)

١ - حدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد؛ ومحمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع، عن صالِح بن عُقْبة، عن زَيد الشَّحّام « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما لِمَن زار قبر الحسين(٢) عليه‌السلام ؟ قال: كان كمن زارَ الله في عَرشه، قال: قلت: ما لمن زارَ أحداَ منكم؟ قال: كمن زارَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٢ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيلَ، عن الخَيبري، عن الحسين بن محمّد القمّيِّ، عن أبي الحسن الرِّضاعليه‌السلام « قال: مَن زارَ قبر أبي عبداللهعليه‌السلام بشطّ الفُرات كان

__________________

١ - الخبر واحدٌ كما ترى، وكذا سنده، لكن كرّره المصنّفرحمه‌الله ونقله عن واحدٍ واحدٍ مِن شيوخه.

٢ - كذا، والصّواب ما يأتي في الباب السّتّين تحت رقم ٤، وفيه: « ما لمن زار رسول الله وعليّاًعليهما‌السلام - إلخ ».

١٦٤

كمن زار الله فوق عَرشه »(١) .

٣ - وحدَّثني عليُّ بن الحسين؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن عليِّ بن إبراهيم [عن أبيه إبراهيم] بن هاشم، عن محمّد بن عمر، عن عُيَيْنة بيّاع القَصب(٢) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقِّه كتبه الله في أعلى علِّيّين ».

٤ - حدَّثني أبو العبّاس الكوفيُّ، عن محمّد بن الحسين، عن أبي داودَ المسترقَ، عن عبدالله بن مُسكان - عن بعض أصحابنا - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه كتبه الله(٣) في أعلى علّيّين ».

٥ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن عبدالله بن مُسكانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه كتبه الله في علّيّين ».

٦ - وحدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار؛ وسَعد بن عبدالله جميعاً، عن عليِّ بن إسماعيلَ، عن محمّد بن عَمرو الزَّيّات، عن هارون بن خارجة « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقّه كتبه الله في أعلى علّيّين ».

٧ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بَزيع، عن الخيبريّ، عن الحسين بن محمّد القمّيِّ(٤) « قال: قال لي

__________________

١ - قال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: أي عبدالله هناك، أو لاقى الأنبياء والأوصياء هناك، فإنّ زيارتهم كزيارة الله، أو يحصل له مرتبة في القُرب كمن صعد عرش ملك وزاره.

٢ - الظّاهر كونه عيينة بن ميمون بيّاع القصب البجليِّ مولاهم. وقد ذكر في كتب الرّجال: « عتبة بن ميمون ».

٣ - في بعض النّسخ: « كُتب في أعلى علّيّين ». وعلّيّون: اسمٌ لأعلى درجات الجنّة.

٤ - عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الجواد عليه السلام، وجلّ روايته في هذا الكتاب عن الرّضا عليه السلام، وتقدّم في ص ١٤٩ تحت رقم ٣ عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام، والظّاهر فيه إرسال.

١٦٥

الرّضاعليه‌السلام : مَن زار قبر أبي ببغداد كان كمن زارَ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمير المؤمنين إلاّ أنَّ لرسول الله وأمير المؤمنينعليهما‌السلام فضلهما، قال: ثمَّ قال لي: مَن زار قبر أبي عبدالله بشطِّ الفُرات كان كمن زارَ الله فوقَ كُرسِيّه ».

٨ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليِّ بن عبدالله بن المغيرة، عن العبّاس بن عامِر، عن أبان، عن ابن مُسكان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتبه الله في علّيّين ».

٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن ابن فَضّال، عن عبدالله بن مُسكانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتبه الله في عِلّيّين ».

١٠ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليٍّ الكوفيّ، عن عبّاس بن عامِر، عن رَبيع بن محمّد المُسْليِّ(١) ، عن عبدالله بن مُسكانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتبه الله في عِلّيّين ».

١١ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه قال: حدَّثني محمّد بن الحسن بن شَمّون البَصريّ قال: حدَّثني محمّد بن سِنان، عن بَشير الدَّهّان « قال: كنت أحجّ في كلِّ سنةٍ فأبطأت سنة عن الحجّ فلمّا كان مِن قابل حَجَجتُ ودَخَلتُ على أبي عبداللهعليه‌السلام فقال لي: يا بشير ما أبطأك عن الحجّ في عامنا الماضي؟ قال: قلت: جُعِلتُ فِداك مال كان لي على النّاس خِفت ذهابه، غير أنّي عَرَّفت عند قبر الحسينعليه‌السلام (٢) ، قال: فقال لي: ما فاتك شيءٌ ممّا كان فيه أهل الموقف! يا بشير مَن زار قبر الحسينعليه‌السلام عارفاً بحقِّه كان كمن زارَ الله في عرشه ».

وعنه، عن أبيه، عن محمّد بن الحسن بن شَمّون قال: حدَّثني جعفر بن

__________________

١ - مُسْلِيَة: قبيلة من مَذْحِج، ومحلّة لهم بالكوفة. ( اللّباب )

٢ - أي كنت يوم عرفة زرت قبر الحسين عليه السلام، وعرَّف الحُجّاج وقفوا بعرفات.

١٦٦

محمّد الخُزاعيّ - عن بعض أصحابه - عن جابر، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل بن بَزيع، عن عمِّه - عن رَجل - عن جابر نحوه.

١٢ - وحدَّثني أبي؛ ومحمَّد بن عبدالله - رحمهما الله - عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ قال: حدَّثنا عبدالله بن محمّد بن خالد الطّيالسيُّ، عن ربيع بن محمّد، عن عبدالله بن مُسْكانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتبه الله في عِلِّيّين ».

الباب السّتّون

( إنَّ زيارة الحسين والأئمّة عليهم السلام تعدل زيارة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)

١ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن جُوَيرية بن العَلاء - عن بعض أصحابنا(١) - « قال: مَن سَرَّه أنْ ينظر إلى اللهِ يومَ القيامة وتهوِّن عليه سَكْرَةُ الموت وهَول المطَّلَع(٢) فليكثر زيارة قبر الحسينعليه‌السلام فإنَّ زيارة الحسينعليه‌السلام زيارة رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٢ - وحدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز الكوفيُّ، عن خاله محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزّيّات، عن الحسن بن محبوب، عن فضل بن عبدالمَلِك - أو عن رَجل، عن الفضل - عن أبي بصير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنَّ زائر الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام زائر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٣ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ الكلينيُّ، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب. وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بَزيع، عن صالِح بن عُقْبة، عن زَيدٍ

__________________

١ - كذا، والظّاهر سَقَطَ « عن أبي عبداللهعليه‌السلام » من كلام الرّاويّ أو النّاسخ.

٢ - المطَّلع: موقف القيامة الَّذي يحصل الاطِّلاع عليه بعد الموت. ( المجمع )

١٦٧

الشَّحّام « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما لمن زارَ أحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسن بن مَتِّيل، عن سَهل بن زياد الآدميِّ، عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالِح بن عُقْبَةَ، عن زَيدٍ الشَّحّام « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما لمن زارَ رسول الله وعليّاً(١) عليهما‌السلام ؟ قال: كمن زار الله في عَرشِه، قال: قلت: فما لمن زار أحداً منكم، قال: كمن زارَ رسولَ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

حدَّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيل، عن صالِح بن عُقْبة، عن زيد الشّحّام، عن أبي عبداللهعليه‌السلام مثله.

الباب الحادي والسّتّون

( إنَّ زيارة الحسين عليه السلام تزيد في العمر والرِّزق)

( وإنَّ تركها تنقصهما)

١ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله؛ ومحمّد بن يحيى العطّار؛ وعبدالله بن جعفر الحِميريّ جميعاً، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع، عن أبي أيّوب(٢) ، عن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: مُروا شيعتنا بزيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فإنَّ إتيانه يزيد في الرِّزق، ويَمدّ في العمر، ويدفع مَدافع السّوء، وإتيانه مفترضٌ على كلِّ مؤمنٍ يقرُّ للحسين بالإمامة مِن اللهِ عزَّوجَلَّ »(٣) .

__________________

١ - في بعض النّسخ: « ما لمن زار الحسينعليه‌السلام »، والظّاهر أنّ الصّواب ما في المتن.

٢ - يعني إبراهيم بن عثمان الخزّاز الثّقة.

٣ - قوله: « يدفع مدافع السَّوء »، قال في الصِّحاح: المَدْفَعُ: واحد مَدافِع المياه الّتي تجري فيها. ( تاج العروس ) وقال العلاّمة المجلسيّ رحمه الله: لعلّ المراد الاُمور الَّتي يجري السّوء إليها ويستلزمها.

١٦٨

٢ - حدَّثني محمّد بن عبدالله الحِميريّ، عن أبيه، عن محمّد بن عبدالحميد، عن سَيف بن عَميرة، عن منصور بن حازم « قال: سمعناه(١) يقول: مَن أتى عليه حَولٌ لم يأتِ قبرَ الحسينعليه‌السلام أنقص الله مِن عُمره حَولاً، ولو قلتُ: إنَّ أحَدَكم لَيَموت قبلَ أجلِه بثلاثين سَنَة لكنتُ صادقاً، وذلك لأنّكم تتركون زيارةَ الحسينعليه‌السلام ، فلا تَدَعوا زيارَته يَمدُّ الله في أعماركم ويزيد في أرزاقكم، وإذا تركتم زيارته نَقّصَّ الله مِن أعمارِكم وأرْزاقكم، فتنافسوا في زيارته(٢) ولا تَدَعوا ذلك، فإنَّ الحسين شاهدٌ لكم في ذلك عند الله وعند رَسوله وعند فاطمة وعند أمير المؤمنينعليهم‌السلام ».

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل - عمّن حدَّثه - عن عبدالله بن وَضّاح، عن داودَ الحَمّار، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن لم يَزُرْ قبرَ الحسينعليه‌السلام فقد حُرِمَ خيراً كثيراً ونقص مِن عُمره سَنَة ».

٤ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن صَبّاح الحذاء، عن محمّد بن مَروانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول: زوروا الحسينعليه‌السلام ولو كلَّ سَنةٍ، فإنَّ كلَّ مَن أتاه عارفاً بحقِّه غيرَ جاحدٍ لم يكن له عِوَضٌ غير الجنّة، ورُزق رِزقاً واسعاً، وآتاه الله مِن قبلِه بفرح عاجل - وذكر الحديث - ».

وحدَّثني جماعة أصحابنا، عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن الحسن بن محبوب بإسناده مثله سواء.

٥ - حدَّثني أبي؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نَصر - عن بعض أصحابنا - عن أبان، عن عبدالملِك الخَثعميِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال لي: يا

__________________

١ - منصور بن حازم كان من أصحاب الصّادقعليه‌السلام ، والضَمير راجع إليهعليه‌السلام .

٢ - أي ارغبوا في زيارته.

١٦٩

 

عبدالملِك لا تدع زيارة الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام ومُرْ أصحابَك بذلك يَمدّ الله في عُمُرك، ويزيد الله في رِزقك، ويحييك الله سَعيداً، ولا تموت إلاّ سعيداً، ويكتبك سعيداً ».

الباب الثّاني والسّتّون

( إنَّ زيارة الحسين عليه السلام تحطّ الذّنوب)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفار، عن الحسن بن موسى الخشّاب - عن بعض رجاله - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ زائر الحسين جعل ذنوبه جِسْراً على باب داره ثمَّ يعبرها، كما يَخلِف أحدكم الجسرَ وراءَه إذا عَبَر[ه] ».

٢ - حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن اسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن بشير الدَّهَان، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ الرّجل ليخرج إلى قبر الحسينعليه‌السلام فله إذا خرج مِن أهله بكلّ خُطْوة مغفرةٌ مِن ذُنوبه، ثمّ لم يزلْ يقدَّس بكلِّ خطوة حتّى يأتيه، فإذا أتاه ناجاه الله عزَّوجَلَّ فقال: عبدي سَلني اُعطك، اُدعني اُجبك، اُطلب مني اُعطك، سَلني حاجتك اقضيها لك، قال: وقال أبو عبداللهعليه‌السلام : وحقٌّ على الله أن يعطى ما بَذَل »(١) .

٣ - وعنه بهذا الإسناد، عن صالحِ بن عُقْبة، عن الحارث بن المغيرة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّ ‏لله ملائكة مؤكّلين بقبر الحسينعليه‌السلام ، فإذا همَّ الرَّجل بزيارته أعطاهم ذنوبه(٢) ، فإذا خطا محوها، ثمَّ إذا خطا ضاعفوا حسناته، فما تزال حسناته تضاعف حتّى توجب له الجنّة، ثمّ اكتنفوه وقدَّسوه، وينادون ملائكة السّماء أن قدِّسوا زوّار حبيب حبيب الله، فإذا اغتسلوا ناداهم

__________________

١ - مرّ الحديث بطريق آخر في ص ١٤٣ تحت رقم ٥.

٢ - أي صحيفة ذنوبه.

١٧٠

محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا وَفدَ اللهِ (١) أبشروا بموافقتي في الجنّة، ثمَّ ناداهم أمير المؤمنينعليه‌السلام : أنا ضامِنٌ لقضاءِ حوائجكم ودَفْع البلاء عنكم في الدُّنيا والآخرة، ثمَّ اكتنفوهم عن أيمانهم وعن شمائلهم حتّى ينصرفوا إلى أهاليهم »(٢) .

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله الجامورانيِّ الرَّازيّ، عن الحسن بن عليِّ بن أبي حمزة، عن الحسن بن محمّد بن عبدالكريم، عن المفضّل بن عُمَرَ، عن جابر الجعفيِّ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام - في حديث طويل -: فإذا انقلبتَ مِن عند قبر الحسينعليه‌السلام ناداكَ منادٍ لو سمعت مقالته لأقمتَ عُمرَك عند قبر الحسينعليه‌السلام وهو يقول: طوبى لكَ أيّها العبد؛ قد غَنِمتَ وسَلِمتَ، قد غُفِرَ لك ما سلف فاستأنفِ العمل - وذكر الحديث بطوله - ».

٥ - حدَّثني أبو العبّاس الرَّزَّاز قال: حدَّثنا محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن محمّد بن إسماعيل، عن الخَيبريّ، عن الحسين ( كذا ) بن محمّد القمّيِّ « قال: قال أبو الحسن موسىعليه‌السلام : أدنى ما يثاب به زائر الحسينعليه‌السلام بشاطِئ الفُرات إذا عرف حَقّه وحُرمته وولايته أن يغفر ما تقدَّم من ذَنبه وما تأخّر(٣) ».

٦ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمّد بن اُورَمَة، عن زكريّا المؤمن أبي عبدالله(٤) ، عن عبدالله بن يحيى الكاهليِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أراد أن يكون في كَرامة الله يوم القيامة وفي شفاعة محمّد صلوات الله عليه وعلى آله، فليكن للحسين زائراً ينال مِن الله أفضل الكَرامة(٥) وحُسن الثَّواب، ولا يسأله عن ذنب عَمِله في حياته الدُّنيا ولو كانَتْ ذنوبه عدد رَملِ عالِج وجبال تِهامَة وزَبَد البَحر، إنَّ الحسين [بن عليٍّ]عليهما‌السلام قُتِل مظلوماً مُضْطَهَداً نفسُه، عَطشاناً هو وأهل بيته وأصحابه ».

__________________

١ - الوافد: الزّائر، ووفد القوم عليه أي تواردوا.

٢ - تقدّم الخبر بطريق آخر في ص ١٤٢ تحت رقم ٣.

٣ - تقدّم الخبر مع بيانه في ص ١٤٩ تحت رقم ٣.

٤ - المراد به زكريّا بن محمّد.

٥ - في بعض النّسخ: « الفضل والكرامة ».

١٧١

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن خالد البرقيِّ، عن القاسم بن يحيى بن الحسن بن راشد، عن جدِّه الحسن بن راشد، عن أبي إبراهيمعليه‌السلام « قال: مَن خرج مِن بيته يريد زيارة قبر أبي عبدالله الحسين بن عليٍّعليهما‌السلام وكّل الله به مَلَكاً فوضع أصبعه في قفاه فلم يزل يكتب ما يخرج من فيه حتّى يَردَ الحائر، فإذا خرج مِن باب الحائِر وضع كفّه وسط ظهرِه، ثمَّ قال له: أمّا ما مضى فقد غُفِرَ لك فاستأنفِ العَمَل ».

وبهذا الإسناد، عن الحسن بن راشد، عن إبراهيم بن أبي البلاد بإسناده مثله.

٨ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن أبيه، عن عليِّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد الأنصاريِّ، عن عبدالله بن عبدالرّحمن الأصَمّ، عن عبدالله بن مُسكانَ « قال: شهدتُ أبا عبداللهعليه‌السلام وقد أتاه قومٌ مِن أهل الخراسان فسألوه عن إتيان قبر الحسينعليه‌السلام وما فيه من الفضل، قال: حدَّثني أبي، عن جدِّي أنّه كان يقول: مَن زارَه يريد به وجه الله أخرجه الله مِن ذنوبه كمولود وَلَدَتْه اُمُّه، وشَيّعتْه الملائكة في مَسيره، فَرَفْرَفَتْ على رأسِه قد صَفّوا بأجْنِحَتهم عليه حتّى يرجع إلى أهله، وسألتِ الملائكة المغفرةَ لَه مِن رَبِّه، وغَشيتْه الرَّحمة مِن [أ] عنان السَّماء، ونادَتْه الملائكة: طِبتَ وطابَ مَن زُرْتَ وحُفِظ في أهله »(١) .

الباب الثّالث والسّتّون

( إنَّ زيارة الحسين عليه السلام تَعدِلُ عُمْرَة)

١ - حدَّثني أبي؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن يعقوبَرحمهم‌الله جميعاً، عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نَصر « قال: سأل بعض أصحابنا أبا الحسن الرّضاعليه‌السلام عمّن أتى قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: تَعدِل عُمرَة ».

__________________

١ - تقدّم الخبر في ص ١٥٧ تحت رقم ٥ وسيأتي بطريقين آخرين في باب ٦٦ و ٦٧.

١٧٢

٢ - وحدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن الحسن بن عليِّ بن أبي عثمان، عن إسماعيل بن عَبّاد، عن الحسن بن عليِّ، عن أبي سعيد المدائنيّ « قال: دَخلتُ علىُ أبي عبداللهعليه‌السلام فقلت: جُعِلتُ فِداك آتي قبر الحسين؟ قال: نَعَم يا أبا سعيد ائتِ قبر ابن رسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أطيبِ الطّيّبين وأطْهرِ الطّاهرين وأبَرِّ الأبرار، فإذا زُرْتَه كُتِبَ لك اثنتان وعشرون عُمْرَة(١) ».

٣ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سِنان « قال: سمعت الرّضاعليه‌السلام يقول: زيارة قبر الحسينعليه‌السلام تَعدِلُ عُمرَة مَبرورَة متقبّلة ».

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد؛ وعبدا‏ ابني محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم، عن الحسن بن الجَهْم « قال: قلت لأبي الحسنعليه‌السلام : ما تقول في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فقال لي: ما تقول أنت فيه؟ فقلت: بعضنا يقول حَجّة، وبعضنا يقول: عُمْرَة، فقال: هو عمرة مقبولة »(٢) .

__________________

١ - الخبر مذكور في الكافي ( ج ٤ ص ٥٨١ تحت رقم ٤ ) بسند آخر عن أبي سعيد المدائنيّ وفيه: « كتب الله لك به خمسة وعشرين حجّة ».

٢ - قال اُستاذنا الغفّاري - أيّده الله -: كأنّ اختلاف مبلغ الثّواب في الرّوايات كما يأتي في الباب الآتي تارةً لاختلاف عقول الزّائرين، واُخرى لاختلاف الزَّمان بمنع الظّالمين، وشدَّة الخوف وعدم ذلك، ويجب أن يُعلم أنّ ثواب الزّائر في الأيّام الّتي كانت السَّبيل إلى زيارته مفتوحة، غير مَسدودة ولا ممنوعة غير ثواب الزّائر في أيّام المنع مِن زيارة قبره عليه السلام، ووجود الخوف مِن قوّاد السّلطان، وجور الخلفاء على قبره الشّريف، روى شيخ الطّائفة رحمه الله في أماليه بإسناده عن عليِّ بن عبدالمنعم قال: حدّثني جدّي القاسم بن أحمد بن معمر الأسديّ الكوفيّ - وكان له علم بالسّيرة وأيّام النّاس - قال: بلغ المتوكّل جعفر بن المعتصم أنّ أهل السّواد يجتمعون بأرض نينوى لزيارة قبر الحسين عليه السلام فيصير إلى قبره منهم خلقٌ كثير، فانفذ قائداً مِن قُوّاده وضمّ إليه كَنَفاً من الجند كثيراً ليشعّث قبر الحسين ويمنع النّاس مِن زيارته والاجتماع إلى قبره، فخرج القائد إلى الطّفّ وعمل بما اُمر - وذلك في سنة سبع وثلاثين ومائتين - فثار أهل السّواد به واجتمعوا عليه قالوا: لو قُتِلنا عن آخرنا لما أمسك مَن بقي منّا عن زيارته، ورأوا

١٧٣

٥ - وحدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن عليٍّ قال: حدَّثنا إبراهيم بن يحيى القطّان، عن أبيه أبي البلاد « قال: سألت أبا الحسن الرّضاعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال: ما تقولون أنتم؟ قلت: نقول: حَجّة وعُمرة، قال: تعدل عُمرةً مَبرورة ».

٦ - حدّثني عليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن أحمدَ بن أشْيَم، عن صَفوان بن يحيى « قال: سألت الرّضاعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام أيُّ شيءٍ فيه مِن الفضل؟ قال: تعدل عُمْرَة ».

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن عبدالله جميعاً، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن إبراهيم بن مَهزيار، عن أخيه عليّ بن مَهزيار، عن محمّد بن سِنان « قال: سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول: إنَّ زيارة قبر الحسينعليه‌السلام تَعدِل عمرةً مَبرورة مُتَقبّلة ».

٨ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن صَفوانَ بن يحيى،

__________________

مِنَ الدّلائل ما حملهم على ما صنعوا، فكتب بالأمر إلى الحضرة فورد كتاب المتوكّل إلى القائد بالكفّ عنهم والمسير إلى الكوفة، مظهراً أنّ مسيره إليها في مصالِح أهلها، والانكفاء إلى المصير.

فمضى الأمر على ذلك حتّى كانت سنة سبع وأربعين، فبلغ المتوكّل أيضاً مصير النّاس من أهل السّواد والكوفة إلى كربلاء لزيارة قبر الحسين عليه السلام وأنّه قد كثر جمعهم لذلك وصار لهم سوق كبير، فأنفذ قائداً في جمع كثير من الجند وأمر منادياً ينادي ببراءة الذّمة ممّن زار قبره، ونبش القبر وحرث أرضه وانقطع النّاس عن الزيارة، وعمل على تتبّع آل أبي طالب عليهم السلام والشّيعة، فقتل ولم يتمّ له ما قدّره - انتهى.

قوله: « كَنَفاً من الجند » أي جانباً، كناية عن الجماعة منهم، وفي بعض النّسخ بالثّاء وهو بالفتح: الجماعة، وقوله: « ليشعّث من قبره »، يقال: شعّث منه تشيعثاً نضح عنه وذبّ ودفع. وانكفأ: رجع. وفي بعض النّسخ: « ليشعّب » أي يشقّ وينبش. ( من البحار )

وأمثال هذه القضايا مذكورة في البحار ج ٤٥ تحت عنوان « باب جور الخلفاء لقبره الشّريف » من ص ٣٩٠ إلى آخر الكتاب. واختلاف الثّواب يمكن أن يكون بهذه الجهات، والله يعلم.

١٧٤

عن أبي الحسنعليه‌السلام « قال: سألته عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام أيُّ شيءٍ فيه من الفضل؟ قال: تَعدِل عُمرَة ».

٩ - حدَّثني جماعة أصحابنا، عن أحمدَ بن إدريسَ؛ ومحمّد بن يحيى العطّار، عن العَمْركي بن عليٍّ - عن بعض أصحابه - عن بعضهمعليهم‌السلام « قال أربع عُمُرٍ تَعدل حجّة، وزيارة قبر الحسينعليه‌السلام تَعدل عُمرَة ».

١٠ - وبهذا الإسناد، عن العَمْركي البوفكيِّ - عمّن حدّثه - عن محمّد بن الفَيض، عن ابن رِئاب(١) « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: نَعَم تَعدِل عُمرَة، ولا ينبغي أن يتخلّف عنه(٢) أكثر من أربع سِنين ».

الباب الرّابع والسّتّون

( إنَّ زيارة قبر الحسين عليه السلام تعدل حَجّة)

١ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن دُرَّاج، عن فَضَيل بن يَسار، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، وزيارة قبر رَسولِ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وزيارة قبور الشّهداء تَعدِل حَجّة مَبرورَة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٢ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سِنان « قال: سمعت أبا الحسن الرّضاعليه‌السلام يقول: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتب الله له حَجّة مَبرورة ».

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليِّ بن

__________________

١ - في بعض النّسخ: « أبي رباب »، وفي بعضها: « أبي رئاب »، والصّواب ما أثبتناه، وراويه محمّد بن الفيض التّيميّ المعنون في مشيخة الفقيه وكتب الرّجال، وما في جلّ النّسخ: « محمّد بن الفضيل » تصحيف.

٢ - في البحار: « لا ينبغي التّخلّف عنه ».

١٧٥

عبدالله بن المغيرة، عن عبّاس بن عامِر قال: أخبرني عبدالله بن عُبَيد الأنباريّ « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : جُعِلتُ فِداك إنّه ليس كلُّ سنةٍ يتهيّاً لي ما أخرج به إلى الحجّ؟ فقال: إذا أردت الحجّ ولم يتهيّأ لك فائتِ قبر الحسينعليه‌السلام فإنها تُكتب لك حَجّة، وإذا أردت العُمرة ولم يتهيّأ لك فائتِ قبرَ الحسينعليه‌السلام فإنها تُكتب لك عُمرَة ».

٤ - وحدَّثني محمّد بن الحسنرحمه‌الله عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن ابن أبي عُمَير، عن هِشام بن الحكم، عن عبدالكريم بن حَسّان « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما يقال إنَّ زيارة قبر الحسين تَعدل حَجّة وعُمْرة، قال: فقال: إنّما الحجّ والعُمرة ههنا ولو أنّ رَجلاً أراد الحجّ ولم يتهيّأ له فأتاه كتب الله له حَجّة، ولو أنَّ رَجلاً أراد العُمرة ولم يتهيّأ له فأتاه كتبت له عُمرة ».

٥ - وعنه، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال، عن حَريز، عن فَضَيل بن يَسار « قال: قالعليه‌السلام : إنَّ زيارةَ قبرِ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وزيارةَ قبورِ الشّهداء وزيارةَ قبرِ الحسينعليه‌السلام تَعدِلُ حَجّة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن جَميل بن صالِح، عن فضيل بن يسار، عن أبي عبدالله عليه مثله.

٦ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالِح، عن فَضيل بن يسار، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: زيارة قبر الحسينعليه‌السلام تَعدل حَجّة مَبرورة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٧ - حَدَّثني محمّد بن الحسن بن عليٍّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن صَفوانَ بن يحيى، عن حَريز؛ والحسن بن محبوب، عن جميل بن صالِح، عن فضيل بن يسار عنهماعليهما‌السلام « قالا: زيارة قبر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وزيارة قبور الشّهداء وزيارة قبر الحسينعليه‌السلام تَعدِل حَجّة

١٧٦

مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

٨ - حدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد، عن أبي سعيد القَمّاط، عن ابن أبي يَعفور « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: لو أنَّ رَجلاً أراد الحجّ ولم يتهيّأ له ذلك فأتى قبر الحسينعليه‌السلام فَعرَّف عنده يجزئه ذلك عن الحجّ ».

٩ - حدَّثني محمّد بن جعفر، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن سِنان، عن ابراهيم بن عُقْبة(١) « قال: كتبت إلى العبد الصّالحعليه‌السلام إن رأى سَيّدنا أن يخبرني بأفضل ما جاءَ به في زيارة الحسينعليه‌السلام وهل تعدل ثواب الحجّ لمن فاته، فكتبعليه‌السلام : تَعدلُ الحجَّ لمن فاته الحجُّ ».

الباب الخامس والسّتون

( في أنَّ زيارة الحسين عليه السلام تعدل حجّة وعمرة)

١ - حدَّثني جعفر بن محمّد بن إبراهيم بن عُبَيدالله بن موسى بن جعفر، عن عبدالله بن أحمدَ بن نَهيك، عن محمّد بن أبي عُمَير، عن الحسن الأحمسيِّ، عن اُمّ سعيد الأحْمَسِيّة(٢) « قالت: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال: تَعدِل حَجّة وعُمرة، ومن الخير هكذا وهكذا - واُومأ بيده - ».

٢ - وعنه، عن عبدالله بن نَهيك، عن ابن أبي عُمَير، عن هِشام بن الحكم، عن عبدالكريم بن حَسّان « قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : ما يقال: إنَّ زيارة قبر أبي عبدالله الحسينعليه‌السلام تَعدِل حَجّة وعُمرة؟ فقال: إنّما الحجّ والعُمرة ههنا ولو أنَّ رَجلاً أراد الحجَّ ولم يتهيّأ له فأتاه كتب الله له حَجّة، ولو أنّ رَجلاً أراد الُعمرة ولم يتهيّأ له فأتاه كتب الله له عُمرَة ».

__________________

١ - كذا في النّسخ، والظّاهر أنّ فيه سقطاً، لأنّ إبراهيم بن عقبة من أصحاب الهاديعليه‌السلام ، ومكاتباته مع الجوادعليه‌السلام .

٢ - تقدّم ضبطه في ص ١١٨ ذيل الخبر ٣.

١٧٧

٣ - حدَّثني أبيرحمه‌الله ومحمّد بن الحسن، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن إسحاقَ بن إبراهيم، عن هارونَ بن خارجة « قال: سأل رجلٌ أبا عبداللهعليه‌السلام - وأنا عنده - فقال: ما لمن زارَ قبرَ الحسينعليه‌السلام ؟ فقال: إنَّ الحسين وكّل اللهُ به أربعةَ آلافِ مَلَك شُعثاً غُبراً يَبكونه إلى يوم القيامة، فقلت له: بأبي أنت واُمّي روي عن أبيك: الحجّ والعُمرة، قال: نَعَم؛ حَجّة وعُمرَة - حتّى عَدَّ عشرة - ».

٤ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وعليُّ بن الحسين، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد، عن الحسن بن عليٍّ الوَشّاء، عن أحمدَ بن عائِذ، عن أبي خديجةَ « عن رَجل سأل أبا جعفرعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال: إنّهــ[ـا] تَعدِل حَجّة وعُمرة، وقال بيده هكذا من الخير - يقول بجميع يديه هكذا - ».

٥ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن محمّد بن يحيى، عن حَمدانَ بن سليمانَ النّيسابوري أبي سعيد قال: حدَّثنا عبدالله بن محمّد اليمانيُّ، عن مَنيع بن الحجّاج، عن يونسَ، عن هِشام بن سالم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: زيارة قبر الحسينعليه‌السلام حَجّة، ومِن بعد الحَجّة حَجَّة وعُمرة » - بعد حَجَّة الإسلام -.

٦ - وبإسناده، عن يونسَ، عن الرّضاعليه‌السلام « قال: من زار قبر الحسينعليه‌السلام فقد حَجَّ واعْتَمر، قال: قلت: يطرح عنه حجة الإسلام؟ لا هي حجّة الضّعيف حتّى يقوى ويحجّ إلى بيت الله الحرام، أما علمت أنَّ البيت يطوف به كلَّ يوم سبعون ألف مَلَك حتّى إذا أدركهم اللّيل صعدوا، ونزل غيرهم فطافوا بالبيت حتّى الصّباح، وأنّ الحسينعليه‌السلام لأكرم على الله مِن البيت وأنّه في وقت كلِّ صلاة لينزل عليه سبعون ألف ملك شُعثٌ غُبر، لا تقع عليهم النّوبة إلى يوم القيامة ».

٧ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد؛ ومحمّد بن عبدالحميد، عن يونس بن يعقوب، عن اُمّ سعيد الأحْمَسِية « قالت: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أيُّ شيءٍ تذكر في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام مِن الفضل؟

١٧٨

قال: نذكر فيه يا اُمّ سعيد فضل حَجّة وعمرة، وخيرها كذا - وبسط يديه ونكس أصابعه - ».

٨ - حدَّثني محمّد بن أحمدَ بنِ الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمّد، عن حبيب(١) ، عن فَضيل بن يَسار « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: وكّل الله بقبر الحسينعليه‌السلام أربعة آلاف ملك شُعثاً غُبراً يبكونه إلى يوم القيامة، وإتيانه يعدل حَجّة وعُمرة وقبور الشُّهداء »(٢) .

٩ - حدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي؛ عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليٍّ الكوفيّ، عن العبّاس بن عامِر، عن أبان، عن الحسين بن عَطيّة أبي - النّاب، عن بيّاع السّابريّ « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام وهو يقول: من أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتب الله له حَجّة وعُمرة، أو عُمرة وحجّة - وذكر الحديث - ».

١٠ - وبإسناده، عن العبّاس بن عامر، عن أبان بن عثمان قال: حدّثني أبو خلاّن الكِنديّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مَن أتى قبر الحسينعليه‌السلام كتب الله له حَجّة وعُمرة ».

١١ - وحدَّثني محمّد بن الحسن بن عليٍّ، عن أبيه، عن جدِّه عليِّ بن مَهزيار، عن أبي القاسم(٣) ، عن القاسم بن محمّد، عن إسحاقَ بن إبراهيم، عن هارون بن خارجة « قال: سأل رجلٌ أبا عبداللهعليه‌السلام - في حديث له طويل يقول في آخره: - بأبي أنت واُمّي رووا عن أبيك في الحجّ؟ قال: نَعَم حَجّة وعُمرَة - حتى عدَّ عشرة - ».

__________________

١ - الظّاهر هو حبيب بن المُعَلّل الخثعمي المدائني، روى عن الصّادق والكاظم والرّضاعليهم‌السلام، ثقة صحيح. وراويه الجوهريّ.

٢ - أي وتعدل مع الحجّ والعمرة إتيان قبور الشّهداء بالمدينة أيضاً، أو المعنى أنّ إتيان قبور الشّهداء عنده تعدل حجّة وعمرة أيضاً، والظّاهر أنّه من زايادات النّسّاخ. ( البحار )

٣ - تقدّم الكلام فيه، راجع ص ٨٩ ذيل الخبر ١٢.

١٧٩

١٢ - حدَّثني أبي؛ وجماعة مشايخيرحمهم‌الله عن محمّد بن يحيى العطّار، عن العَمركي - عمّن حدَّثه - عن محمّد بن الحسن، عن محمّد بن فضيل، عن محمّد بن مُصادف قال: حدَّثني مالك الجهني، عن أبي جعفرعليه‌السلام في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام « قال: مَن أتاه زائراً له عارفاً بحقّه كتب الله له حَجّة، ولم يزل محفوظاً حتّى يرجع، قال: فمات مالك في تلك السَّنة وحجَجْتُ فدخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فقلت: إنّ مالك حدَّثني بحديث عن أبي جعفرعليه‌السلام في زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، قال: هاته، فحدَّثته فلمّا فرغت، قال: نعم يا محمّد حَجّة وعُمرة ».

١٣ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله وجماعة مشايخي، عن محمّد بن يحيى العطّار؛ وأحمدَ بن إدريسَ، عن العَمْرَكي - عمّن حدَّثه - عن حمّاد بن عيسى، عن الحسين بن المختار « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن زيارة قبر الحسينعليه‌السلام ، فقال: فيها حَجّة وعُمرة ».

١٤ - وحدَّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن عليٍّ الزَّيتوني، عن هارون بن مسلم، عن عيسى بن راشد « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام فقلت: جُعِلتُ فِداك ما لمن زارَ قبرَ الحسينعليه‌السلام وصلّى عنده رَكعتين؟ قال: كُتِبَتْ له حَجّة وعُمرة، قال: قلت له: جُعِلتُ فِداك وكذلك كلُّ مَن أتى قبر إمام مفترض طاعته؟ قال: وكذلك كلُّ من أتى قبر إمام مفترض طاعته ».

١٥ - حدَّثني محمّد بن جعفر القرشيُّ الكوفيُّ الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع، عن صالِح بن عُقبَة، عن يزيدَ بن عبدالمَلِك « قال: كنتُ مع أبي عبداللهعليه‌السلام فمرَّ قوم على حُمُر فقال: أين يريدون هؤلاء؟ قلت: قبور الشُّهداء، قال: فما يمنعهم مِن زيارة الشّهيد الغريب؟!! قال: فقال له رجلٌ من أهل العراق: زيارته واجبة؟ قال: زيارته خير من حَجّة وعمرة - حتّى عدَّ عشرين حَجّة وعُمرة -، ثمَّ قال: مَبرورات متقبّلات، قال: فوالله ما

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517