أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت15%

أخلاق أهل البيت مؤلف:
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 517

أخلاق أهل البيت
  • البداية
  • السابق
  • 517 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 342282 / تحميل: 12216
الحجم الحجم الحجم
أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

ذلك كالحيوان وأخسّ قيمة، وأسوأ حالاً منه، حيث أمكن ترويضه، وتطوير أخلاقه، فالفرس الجموح يغدو بالترويض سلِس المقاد، والبهائم الوحشيّة تعود داجنة أليفة.

فكيف لا يجدي ذلك في تهذيب الإنسان، وتقويم أخلاقه، وهو أشرف الخَلق، وأسماهم كفاءةً وعقلاً ؟؟

من أجل ذلك فقد تمرض أخلاق الوادع الخَلُوق، ويغدو عبوساً شرِساً منحرفاً عن مثاليته الخُلقيّة، لحدوث إحدى الأسباب التالية:

(١) - الوهن والضعف الناجمان عن مرض الإنسان واعتدال صحّته، أو طروّ أعراض الهرَم والشيخوخة عليه، ممّا يجعله مرهف الأعصاب عاجزاً عن التصبّر، واحتمال مؤون الناس ومداراتهم.

(٢) - الهموم: فإنّها تذهل اللبيب الخَلُوق، وتحرفه عن أخلاقه الكريمة، وطبعه الوادع.

(٣) - الفقر: فإنّه قد يُسبّب تجهّم الفقير وغلظته، أنَفَةً مِن هوان الفقر وألَم الحِرمان، أو حُزناً على زوال نعمته السالفة، وفقد غناه.

(٤) - الغنى: فكثيراً ما يجمح بصاحبه نحو الزهو والتيه والكِبَر والطغيان، كما قال الشاعر:

لقد كشَف الإثراء عنك خلائقاً * من اللؤمِ كانت تحت ثوبٍ من الفقر

(٥) - المنصب: فقد يُحدث تنمّراً في الخُلق، وتطاولاً على الناس، منبعثاً عن ضعة النفس وضعفها، أو لؤم الطبع وخسّته.

(٦) - العزلة والتزمّت: فإنّه قد يُسبّب شعوراً بالخيبة والهوان، ممّا يجعل المعزول عبوساً متجهّماً.

٢١

علاج سوء الخلق:

وحيث كان سُوء الخُلق مِن أسوَأ الخِصال وأخسّ الصفات، فجديرٌ بمَن يرغب في تهذيب نفسه، وتطهير أخلاقه، من هذا الخُلق الذميم، أنْ يتّبع النصائح التالية:

(١) - أنْ يتذكّر مساوئ سُوء الخُلُق وأضراره الفادحة، وأنّه باعِثٌ على سخط اللّه تعالى، وازدراء الناس ونفرتهم، على ما شرحناه في مطلع هذا البحث.

(٢) - أنْ يستعرض ما أسلفناه من فضائل حُسن الخُلق، ومآثره الجليلة، وما ورَد في مدحه، والحثّ عليه، مِن آثار أهل البيتعليهم‌السلام .

(٣) - التريّض على ضبط الأعصاب، وقمع نزَوَات الخُلق السيّئ وبوادره، وذلك بالترّيث في كلّ ما يصدر عنه من قول أو فعل، مستهدياً بقول الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أفضل الجهاد مَن جاهد نفسَه التي بينَ جنبيه ). يتبّع تلك النصائح من اعتلت أخلاقه، ومرضت بدوافع نفسيّة ؤ، أو خُلقيّة. أما مَن ساء خُلقه بأسباب مرضيّة جسميّة، فعلاجه بالوسائل الطبيّبة، وتقوية الصحّة العامّة، وتوفير دواعي الراحة والطمأنينة، وهدوء الأعصاب.

٢٢

الصـدق

وهو: مطابقة القول للواقع، وهو أشرف الفضائل النفسيّة، والمزايا الخُلقيّة، لخصائصه الجليلة، وآثاره الهامّة في حياة الفرد والمجتمع.

فهو زينة الحديث ورواؤه، ورمز الاستقامة والصلاح، وسبب النجاح والنجاة، لذلك مجّدته الشريعة الإسلاميّة، وحرضت عليه، قرآناً وسنةّ.

قال تعالى:( وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ ) . ( الزمر: ٣٣ - ٣٤ )

وقال تعالى:( هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ) . ( المائدة: ١١٩ )

وقال تعالى:( أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ). ( التوبة: ١١٩ )

وهكذا كرَّم أهلُ البيتعليهم‌السلام هذا الخُلق الرفيع، ودعوا إليه بأساليبهم البليغة الحكيمة:

قال الصادقعليه‌السلام : ( لا تغترّوا بصلاتهم، ولا بصيامهم، فإنّ الرجل ربّما لهج بالصلاة والصوم حتّى لو تركه استوحش، ولكن إختبروهم عند صِدق الحديث، وأداء الأمانة )(١).

_____________________

(١) الكافي.

٢٣

وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( زينةُ الحديث الصدق )(١) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( الزموا الصدق فإنّه منجاة )(٢).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مِن صدَق لسانُه زكى عملُه )(٣).

أي صار عمله ببركة الصدْق زاكياً نامياً في الثواب ؛ لأنّ اللّه تعالى( إنّما يقبل من المتّقين )، والصدق من أبرز خصائص التقوى وأهمّ شرائطه.

مآثر الصدق:

من ضرورات الحياة الاجتماعيّة، ومقوّماتها الأصليّة هي:

شيوع التفاهم والتآزر بين عناصر المجتمع وأفراده، ليستطيعوا بذلك النهوض بأعباء الحياة، وتحقيق غاياتها وأهدافها، ومن ثُم ليسعدوا بحياة كريمة هانئة، وتعايش سلمي.

وتلك غاياتٌ سامية، لا تتحقّق إلاّ بالتفاهم الصحيح، والتعاون الوثيق، وتبادل الثقة والائتمان بين أولئك الأفراد.

وبديهيّ أنّ اللسان هو أداة التفاهم، ومنطلق المعاني والأفكار، والترجمان المفسّر عمّا يدور في خلَد الناس من مختلف المفاهيم والغايات، فهو يلعب دوراً خطيراً في حياة المجتمع، وتجاوب مشاعره وأفكاره.

_____________________

(١) الإمامة والتبصرة.

(٢) كمال الدين للصدوق.

(٣) الكافي.

٢٤

وعلى صدقه أو كذبه ترتكز سعادة المجتمع أو شقاؤه، فإنْ كان اللسان صادق اللهجة، أميناً في ترجمة خوالِج النفس وأغراضها، أدّى رسالة التفاهم والتواثق، وكان زائد خيرٍ، ورسول محبّةٍ وسلام.

وإنْ كان متّصفاً بالخداع والتزوير، وخيانة الترجمة والإعراب، غدا رائد شرٍّ، ومدعاة تناكر وتباغض بين أفراد المجتمع، ومعول هَدمٍ في كيانه.

من أجل ذلك كان الصدق من ضرورات المجتمع، وحاجاته الملحّة، وكانت له آثاره وانعكاساته في حياة الناس.

فهو نظام المجتمع السعيد، ورمز خلقه الرفيع، ودليل استقامة أفراده ونُبلهم، والباعث القويّ على طيب السمعة، وحُسن الثناء والتقدير، وكسب الثقة والائتمان من الناس.

كما له آثاره ومعطياته في توفير الوقت الثمين، وكسب الراحة الجسميّة والنفسيّة.

فإذا صدق المتبايعون في مبايعاتهم، ارتاحوا جميعاً من عناء المماكسة، وضياع الوقت الثمين في نِشدان الواقع، وتحرّي الصدق.

وإذا تواطأ أرباب الأعمال والوظائف على التزام الصدق، كان ذلك ضماناً لصيانة حقوق الناس، واستتباب أمنهم ورخائهم.

وإذا تحلّى كافّة الناس بالصدق، ودرجوا عليه، أحرزوا منافعه الجمّة، ومغانمه الجليلة.

وإذا شاع الكذِب في المجتمع، وهت قِيَمُه الأخلاقيّة، وساد التبرّم

٢٥

والسخط بين أفراده، وعزَّ فيه التفاهم والتعاون، وغدا عرضةً للتبعثر والانهيار.

أقسام الصدق:

للصدق صوَرٌ وأقسام تتجلّى في الأقوال والأفعال، واليك أبرزها:

(١) - الصدق في الأقوال، وهو: الإخبار عن الشيء على حقيقته من غير تزويرٍ وتمويه.

(٢) - الصدق في الأفعال، وهو: مطابقة القول للفعل، كالبرِّ بالقسَم، والوفاء بالعهد والوعد.

(٣) - الصدق في العزم، وهو: التصميم على أفعال الخير، فإنْ أنجزها كان صادق العزم، وإلاّ كان كاذبه.

(٤) - الصدق في النيّة، وهو: تطهيرها من شوائب الرياء، والإخلاص بها الى اللّه تعالى وحده.

٢٦

الكذِب

وهو: مخالفة القول للواقع. وهو من أبشع العيوب والجرائم، ومصدر الآثام والشرور، وداعية الفضيحة والسقوط. لذلك حرّمته الشريعة الإسلاميّة، ونعت على المتّصفين به، وتوعّدتهم في الكتاب والسنّة:

قال تعالى:( إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ) ( غافر: ٢٨ )

وقال تعالى:( وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ ) ( الجاثية: ٧ )

وقال تعالى:( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ ) ( النحل:١٠٥ )

وقال الباقرعليه‌السلام : ( إنَّ اللّه جعل للشرِّ أقفالاً، وجعَل مفاتيح تلك الأقفال الشراب، والكذِِب شرّ مِن الشراب )(١).

وقالعليه‌السلام : ( كان عليّ بن الحسين يقول لولدِه: إتّقوا الكذِب، الصغير منه والكبير، في كلّ جدّ وهزْل، فإنّ الرجل إذا كذب في الصغير، اجترأ على الكبير، أما عَلِمتم أنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما يزال العبد يصدق حتّى يكتبه اللّه صديّقاً، وما يزال العبد يكذب حتّى يكتبه اللّه كذّاباً )(٢).

_____________________

(١)، (٢) الكافي.

٢٧

وقال الباقرعليه‌السلام : ( إنّ الكذب هو خراب الإيمان )(١).

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( اعتياد الكذِب يورث الفقر )(٢).

وقال عيسى بن مريمعليه‌السلام : ( من كثُر كذِبه ذهب بهاؤه )(٣).

وقال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله في حجّة الوداع: ( قد كثُرت عليَّ الكذّابة وستكثُر، فمَن كذب عليَّ متعمّداً، فليتبوّأ مقعده من النار، فإذا أتاكم الحديث فاعرضوه على كتاب اللّه وسنّتي، فما وافق كتاب اللّه فخذوا به، وما خالَف كتاب الله وسنّتي فلا تأخذوا به )(٤).

مساوئ الكذِب:

وإنّما حرّمت الشريعة الإسلاميّة ( الكذب ) وأنذرت عليه بالهوان والعقاب، لما ينطوي عليه من أضرار خطيرة، ومساوئ جمّة، فهو:

(١) - باعث على سوء السمعة، وسقوط الكرامة، وانعدام الوثاقة، فلا يُصدّق الكذّاب وإنْ نطق بالصدق، ولا تقبل شهادته، ولا يوثَق بمواعيده وعهوده.

ومن خصائصه أنّه ينسى أكاذيبه ويختلق ما يُخالفها، وربّما لفّق

_____________________

(١) الكافي.

(٢) الخصال للصدوق.

(٣) الكافي.

(٤) احتجاج الطبرسي.

٢٨

الأكاذيب العديدة المتناقضة، دعماً لكذبة افتراها، فتغدو أحاديثه هذراً مقيتاً، ولغواً فاضحاً.

(٢) - إنّه يضعف ثقة الناس بعضهم ببعض، ويشيع فيهم أحاسيس التوجّس والتناكر.

(٣) - إنّه باعثٌ على تضييع الوقت والجُهد الثمينين، لتمييز الواقع من المزيّف، والصدق من الكذِب.

(٤) - وله فوق ذلك آثار روحيّة سيّئة، ومغبّة خطيرة، نوّهت عنها النصوص السالفة.

دواعي الكذِب:

الكذِب انحراف خُلُقي له أسبابه ودواعيه، أهمّها:

(١) - العادة: فقد يعتاد المرء على ممارسة الكذِب بدافع الجهل، أو التأثّر بالمحيط المتخلّف، أو لضعف الوازع الديني، فيشبّ على هذه العادة السيّئة، وتمتدّ جذورها في نفسه، لذلك قال بعض الحكماء:( من استحلى رضاع الكذِب عسُر فطامه ).

(٢) - الطمع: وهو من أقوى الدوافع على الكذِب والتزوير، تحقيقاً لأطماع الكذّاب، وإشباعاً لنهمه.

(٣) - العِداء والحسَد: فطالما سوّلا لأربابهما تلفيق التُّهَم، وتزويق الافتراءات والأكاذيب، على مَن يُعادونه أو يحسدونه. وقد عانى الصُلَحَاء

٢٩

والنُّبَلاء الذين يترفّعون عن الخوض في الباطل، ومقابلة الإساءة بمثلها - كثيراً من مآسي التُّهَم والافتراءات والأراجيف.

أنواع الكذب:

للكذِب صورٌ شوهَاء، تتفاوت بشاعتها باختلاف أضرارها وآثارها السيّئة، وهي:

الأُولى: اليمين الكاذبة

وهي مِن أبشع صور الكذِب، وأشدّها خطراً وإثماً، فإنّها جنايةٌ مزدوجة: جرأةٌ صارخة على المولى عزَّ وجل بالحِلف به كَذِباً وبُهتاناً، وجريمةٌ نكراء تمحق الحقوق وتهدر الكرامات.

من أجل ذلك جاءت النصوص في ذمّها والتحذير منها:

قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إيّاكم واليمين الفاجرة، فإنّها تدَع الديار مِن أهلها بلاقع )(١).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( اليمين الصُّبْر الكاذبة، تورث العقب الفقر )(٢).

الثانية: شهادة الزور

وهي كسابقتها جريمة خطيرة، وظلمٌ سافرٌ هدّام، تبعث على غمط الحقوق، واستلاب الأموال، وإشاعة الفوضى في المجتمع، بمساندة

_____________________

(١)، (٢) الكافي.

٣٠

المجرمين على جرائم التدليس والابتزاز.

أنظر كيف تنذر النصوص شهود الزور بالعقاب الأليم:

قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا ينقضي كلام شاهد الزور من بين يدَي الحاكم حتّى يتبوّأ مقعده مِن النار، وكذلك مَن كتم الشهادة )(١).

ونهى القرآن الكريم عنها فقال تعالى:( وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ ) (الحجّ: ٣٠ )

أضرار اليمين الكاذبة وشهادة الزور:

وإنّما حرُمت الشريعة الإسلاميّة اليمين الكاذبة، وشهادة الزور، وتوعّدت عليهما بصنوف الوعيد والإرهاب، لآثارهما السيّئة، وأضرارهما الماحقة، في دين الإنسان ودنياه، من ذلك:

(١) - أنّ مقترف اليمين الكاذبة، وشهادة الزور، يُسيء إلى نفسه إساءةً كُبرى بتعريضها إلى سخط اللّه تعالى، وعقوباته التي صوّرتها النصوص السالفة.

(٢) - ويُسيء كذلك إلى مَن سانده ومالأه، بالحِلف كذِباً، والشهادة زوراً، حيث شجّعه على بَخس حقوق الناس، وابتزاز أموالهم، وهدر كراماتهم.

_____________________

(١) الكافي، ومن لا يحضره الفقيه.

٣١

(٣) - و يَسيء كذلك إلى مَن اختلق عليه اليمين والشهادة المزوّرتين، بخذلانه وإضاعة حقوقه، وإسقاط معنويّاته.

(٤) - ويسيء إلى المجتمع عامّة بإشاعة الفوضى والفساد فيه، وتحطيم قِيمه الدينيّة والأخلاقيّة.

(٥) - ويسيء إلى الشريعة الإسلاميّة بتحدّيها، ومخالفة دستورها المقدّس، الذي يجب اتّباعه وتطبيقه على كلّ مسلم.

الثالثة: خُلف الوعد

الوفاء بالوعد من الخلال الكريمة التي يزدان بها العقلاء، ويتحلّى بها النُبلاء، وقد نوّه اللّه عنها في كتابه الكريم فقال:( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولاً نَبِيّاً ) ( مريم: ٥٤ ).

ذلك أنّ إسماعيلعليه‌السلام وعَد رجلاً، فمكَث في انتظاره سنة كاملة، في مكان لا يُبارحه، وفاءاً بوعده.

وإنّه لمن المؤسف أنْ يشيع خُلف الوعد بين المسلمين اليوم، متجاهلين نتائجه السيّئة في إضعاف الثقة المتبادلة بينهم، وإفساد العلاقات الاجتماعيّة، والإضرار بالمصالح العامّة.

قال الصادقعليه‌السلام : ( عِدة المؤمن أخاه نذرٌ لا كفارة له، فمَن أخلَف فبخُلف اللّه تعالى بدأ، ولمَقتهِ تعرّض، وذلك قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لا تَفْعَلُونَ ) )(١).

_____________________

(١) الكافي.

٣٢

وقالعليه‌السلام : ( إنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله وعَد رجلاً إلى صخرةٍ فقال: أنا لك هاهنا حتّى تأتي. قال: فاشتدّت الشمس عليه، فقال أصحابه: يا رسول اللّه، لو أنّك تحوّلت إلى الظلّ. فقال: قد وعدته إلى هاهنا، وإنْ لم يجئ كان منه إلى المحشر )(١).

الرابعة: الكذِب الساخر

فقد يستحلي البعض تلفيق الأكاذيب الساخرة، للتندّر على الناس، والسخريّة بهم، وهو لهو عابث خطير، ينتج الأحقاد والآثام.

قال الصادقعليه‌السلام ، ( مَن روى على مؤمنٍ روايةً، يُريد بها شَينه، وهدم مروّته ليَسقط مِن أعيُن الناس، أخرجه اللّه تعالى مِن ولايته إلى ولاية الشيطان، فلا يقبلُه الشيطان )(٢).

علاج الكذب:

فجديرٌ بالعاقل أنْ يُعالج نفسُه من هذا المرض الأخلاقي الخطير، والخُلُق الذميم، مستهدياً بالنصائح التالية:

(١) - أنْ يتدبّر ما أسلفناه مِن مساوئ الكذِب، وسوء آثاره المادّية والأدبيّة على الإنسان.

(٢) - أن يستعرض فضائل الصدق ومآثره الجليلة، التي نوّهنا

_____________________

(١) علل الشرائع.

(٢) الكافي.

٣٣

عنها في بحثِ الصدْق.

(٣) - أنْ يرتاض على التزام الصدق، ومجانبة الكذِب، والدأب المتواصل على مُمارسة هذه الرياضة النفسيّة، حتّى يبرأ مِن هذا الخُلق الماحق الذميم.

مسوّغات الكذب:

لا شك أنّ الكذِب رذيلةٌ مقيتة حرّمها الشرع، لمساوئها الجمّة، بَيد أنّ هناك ظروفاً طارئة تُبيح الكذِب وتسوّغه، وذلك فيما إذا توقّفت عليه مصلحةٌ هامّة، لا تتحقّق إلاّ به، فقد أجازته الشريعة الإسلامية حينذاك، كإنقاذ المسلم، وتخليصه من القتل أو الأسر، أو صيانة عرضه وكرامته، أو حفظ ماله المحترم، فإنّ الكذِب والحالة هذه واجبٌ إسلاميّ محتّم.

وهكذا إذا كان الكذِبُ وسيلةً لتحقيق غايةٍ راجحة، وهدفٍ إصلاحي، فإنّه آنذاك راجحٌ أو مباح، كالإصلاح بين الناس، أو استرضاء الزوجة واستمالتها، أو مخادعة الأعداء في الحروب.

وقد صرّحت النصوص بتسويغ الكذِب للأغراض السالفة.

قال الصادقعليه‌السلام : ( كلّ كذِبٍ مسؤول عنه صاحبُه يوماً إلاّ في ثلاثة: رجلٌ كايَد في حربِه فهو موضوع عنه، أو رجلٌ أصلَح بين اثنين يلقى هذا بغير ما يلقى هذا يُريد بذلك الإصلاح فيما بينهما، أو رجلٌ وعَد أهله شيئاً وهو لا يُريد أنْ يتمّ لهم )(١).

_____________________

(١) الكافي.

٣٤

الحِلْم وكظم الغيظ

وهما: ضبط النفس إزاء مثيرات الغصب، وهما من أشرف السجايا، وأعزّ الخصال، ودليلا سموّ النفس، وكرم الأخلاق، وسببا المودّة والإعزاز.

وقد مدَح اللّه الحُلَماء والكاظمين الغيظ، وأثنى عليهم في مُحكَم كتابه الكريم.

فقال تعالى:( وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلامًا ) ( الفرقان: ٦٣ ).

وقال تعالى:( وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ) ( فصّلت: ٣٤ - ٣٥ ).

وقال تعالى:( وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) (آل عمران: ١٣٤).

وعلى هذا النسق جاءت توجيهات أهل البيتعليهم‌السلام : قال الباقرعليه‌السلام : ( إنّ اللّه عزَّ وجل يحب الحييّ الحليم )(١).

وسمع أمير المؤمنينعليه‌السلام رجلاً يشتم قنبراً، وقد رام قنبر أنْ يردّ عليه، فناداه أمير المؤمنينعليه‌السلام : ( مهلاً يا قنبر، دع شاتمك، مُهاناً، تُرضي الرحمن، وتُسخِط الشيطان، وتُعاقب عدوّك، فو الذي فلَق

_____________________

(١) الكافي.

٣٥

الحبّة وبرأ النسمة، ما أرضى المؤمن ربّه بمثل الحلم، ولا أسخَط الشيطان بمثل الصمت، ولا عُوقِب الأحمق بمثل السكوت عنه )(١).

وقالعليه‌السلام : ( أوّل عِوض الحليم مِن حلمه، أنّ الناس أنصاره على الجاهل )(٢).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( إذا وقع بين رجُلين منازعة نزل ملكان، فيقولان للسفيه منهما: قلتَ وقلت، وأنت أهلٌ لما قلت، ستُجزى بما قلت. ويقولان للحليم منهما: صبَرت وحلمت، سيغفر اللّه لك، إنْ أتممت ذلك. قال: فإنْ ردَّ عليه ارتفَع الملَكان )(٣).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( ما مِن عبدٍ كظم غيظاً، إلاّ زاده اللّه عزَّ وجل عزّاً في الدنيا والآخرة، وقد قال اللّه عزَّ وجل: ( والكاظمين الغيظ، والعافين عن الناس، واللّه يحب المحسنين ) وأثابه مكانه غيظه ذلك )(٤).

وقال الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام : ( اصبر على أعداء النعم، فإنّك لنْ تُكافئ مَن عصى الله فيك، بأفضل مِن أنْ تُطيع اللّه فيه )(٥).

وأحضَرعليه‌السلام وِلده يوماً فقال لهم: ( يا بَنِيّ إنّي موصيكم بوصيّةٍ، فمَن حفظها لم يضِع معها، إنْ أتاكم آتٍ فأَسمَعكم في الإذن اليُمنى مكروهاً، ثُم تحوّل إلى الإذن اليُسرى فاعتذر وقال: لم أقل شيئاً

_____________________

(١) مجالس الشيخ المفيد.

(٢) نهج البلاغة.

(٣)، (٤)، (٥) الكافي.

٣٦

فاقبلوا عذره )(١) .

وقد يحسب السفهاء أنّ الحلم من دلائل الضعف، ودواعي الهوان، ولكنّ العقلاء يرونه من سمات النُبل، وسموّ الخُلُق، ودواعي العزّة والكرامة.

فكلّما عظُم الإنسان قدراً، كرمت أخلاقه، وسمت نفسه، عن مجاراة السفهاء في جهالتهم وطيشهم، معتصماً بالحِلم وكرم الإغضاء، وحُسن العفو، ما يجعله مثار الإكبار والثناء.

كما قيل:

وذي سفه يخاطبني بجهلٍ

فآنف أنْ أكون له مُجيبا

يَزيد سفاهةً وأزيد حِلماً

كعودٍ زاده الإحراق طيبا

ويقال: إنَّ رجلاً شتَم أحد الحكماء، فأمسك عنه، فقيل له في ذلك قال: ( لا أدخل حرباً الغالب فيها أشرّ مِن المغلوب ).

ومِن أروع ما نظمه الشعراء في مدح الحِلم، ما رواه الإمام الرضاعليه‌السلام ، حين قال له المأمون: أنشدني أحسن ما رويت في الحِلم، فقالعليه‌السلام :

إذا كان دوني مَن بُليتُ بجهله

أبَيت لنفسي أنْ تُقابل بالجهل

وإنْ كان مثلي في محلّي مِن النهى

أخذْت بحلمي كي أجلّ عن المثل

وإنْ كنت أدنى منه في الفضل والحِجى

عرفت له حقّ التقدّم والفضل

فقال له المأمون: ما أحسن هذا، هذا مَن قاله ؟ فقال: ( بعض فتياننا )(٢) .

_____________________

(١) كشف الغمّة للأربلي.

(٢) معاني الأخبار، وعيون أخبار الرضا للشيخ الصدوق.

٣٧

ولقد كان الرسول الأعظمصلى‌الله‌عليه‌وآله والأئمّة الطاهرون من أهل بيته، المثل الأعلى في الحِلم، وجميل الصفح، وحسن التجاوز.

وقد زجَزت أسفار السيَر والمناقب، بالفيض الغمر منها، وإليك نموذجاً من ذلك:

قال الباقرعليه‌السلام : ( إنّ رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله أتى باليهوديّة التي سمَت الشاة للنبيّ، فقال لها: ما حمَلَك على ما صنعت ؟ فقالت: قلت: إنْ كان نبيّاً لم يضرّه، وإنْ كان ملَكاً أرحت الناس منه، فعفى رسول اللّه عنه )(١).

وعفىصلى‌الله‌عليه‌وآله عن جماعةٍ كثيرة، بعد أنْ أباح دمهم، وأمر بقتلهم.

منهم: هبّار بن الأسود بن المطّلب، وهو الذي روّع زينب بنت رسول اللّه، فألقت ذا بطنها، فأباح رسول اللّه دمه لذلك، فروي أنّه اعتذر إلى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله من سوء فعله، وقال: وكنا يا نبيّ اللّه أهلَ شِرك، فهدانا اللّه بك، وأنقذنا بك من الهلَكة، فاصفح عن جهلي، وعمّا كان يبلغك عنّي، فإنّي مقرٌّ بسوء فعلي، معترفٌ بذنبي. فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : قد عفوت عنك، وقد أحسن الله إليك، حيث هداك إلى الإسلام، والإسلام يجبُّ ما قبله.

ومنهم: عبد اللّه بن الربعرى، وكان يهجو النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بمكّة، ويعظم القول فيه، فهرب يوم الفتح، ثّم رجع إلى رسول اللّه

_____________________

(١) الكافي.

٣٨

واعتذر، فقبِلصلى‌الله‌عليه‌وآله عذره.

ومنهم: وحشي قاتل حمزة سلام اللّه عليه، روي أنّه أسلم، قال له النبيّ: ( أَوحشيّ ؟ ) قال: نعم. قال: أخبرني كيف قتلت عمّي ؟ فأخبره، فبكىصلى‌الله‌عليه‌وآله وقال: ( غيّب وجهك عنّي )(١) .

وهكذا كان أمير المؤمنين عليّعليه‌السلام أحلَم الناس وأصفحهم عن المُسيء:

ظفر بعبد اللّه بن الزبير، ومروان بن الحكم، وسعيد بن العاص، وهُم ألدّ أعدائه، والمؤلّبين عليه، فعفا عنهم، ولم يتعقّبهم بسوء.

وظفَر بعمرو بن العاص، وهو أخطَر عليه مِن جيش ذي عدّة، فأعرض عنه، وتركه ينجو بحياته حين كشف عن سوأَته اتّقاءً لضربته.

وحال جند معاوية بينه وبين الماء، في معركة صفّين، وهُم يقولون له ولا قطرة حتّى تموت عطشاً، فلمّا حمل عليهم، وأجلاهم عنه، سوّغ لهم أن يشربوا منه كما يشرب جنده.

وزار السيدة عائشة بعد وقعة الجمل، وودعها أكرم وداع، وسار في ركابها أميالاً، وأرسل معها مَن يخدمها ويحفّ بها(٢) .

وكان الحسن بن عليّعليه‌السلام على سرّ أبيه وجدّه صلوات اللّه عليهم أجمعين:

فمن حلمه ما رواه المبرّد، وابن عائشة: أنّ شاميّاً رآه راكباً،

_____________________

(١) سفينة البحار ج ١.

(٢) عبقريّة الإمام للعقّاد بتصرّف.

٣٩

فجعل يلعنه، والحسن لا يردّ، فلما فرغ، أقبل الحسنعليه‌السلام فسلّم عليه، وضحك، فقال: ( أيّها الشيخ أظنّك غريباً، ولعلّك شبّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا أحملناك، وإنْ كنت جائعاً أشبعناك، وإنْ كنت عرياناً كسوناك، وإنْ كنت محتاجاً أغنيناك، وإنْ كنت طريداً آويناك، وإنْ كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرّكت رحلك إلينا، وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك، كان أعوَد عليك ؛ لأنّ لنا موضعاً رحباً، وجاهاً عريضاً، ومالاً كثيراً ).

فلمّا سمِع الرجل كلامه بكى، ثُمّ قال: أشهد أنّك خليفة اللّه في أرضه، اللّه أعلَم حيث يجعل رسالته، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق اللّه إليّ، والآن أنت أحبُّ خلق اللّه إليّ، وحوّل رحله إليه، وكان ضيفه إلى أنْ ارتحل وصار معتقداً لمحبّتهم(١).

وهكذا كان الحسين بن عليّعليهما‌السلام : جنى غلام للحسينعليه‌السلام جنايةً تُوجِب العقاب عليه، فأمر به أنْ يُضرَب، فقال: يا مولاي، والكاظمين الغيظ. قال: ( خلّوا عنه ). قال: يا مولاي، والعافين عن الناس. قال: ( قد عفوت عنك ). قال: واللّه يحبُّ المحسنين، قال: ( أنت حرٌّ لوجه اللّه، ولك ضعف ما كنت أعطيك )(٢).

وإنّي استقرأت سيرة أهل البيتعليهم‌السلام فوجدتها نمطاً فريداً، ومثلاً عالياً، في دنيا السيَر والأخلاق:

_____________________

(١) البحار مجلّد ٩ ص ٩٥.

(٢) كشف الغمّة للأربلي.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

١٧ -( باب أنه لا يحل أكل النطيحة، ولا المتردية، ولا فريسة السبع، ولا الموقوذة، ولا المنخنقة، ولا ما ذبح على النصب، إلا أن يدرك ذكاته)

[١٩٤١٠] ١ - الإمام العسكريعليه‌السلام في تفسير: « قال الله عز وجل:( إِنَّمَا حَرَّ‌مَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ ) (١) التي ماتت حتف أنفها - إلى أن قال - ومن الذبائح هي التي تتقرب بها الكفار بأسامي أندادهم التي اتخذوها من دون الله ».

[١٩٤١١] ٢ - وفيه: عن الإمام علي بن محمدعليهما‌السلام - في حديث - أنه قال: « قال بعض اليهود لبعضهم: إن ما وجدناه في كتبنا أن محمداصلى‌الله‌عليه‌وآله يجنبه ربه من الحرام والشبهات، فصادفوه والقوة وادعوه إلى دعوة، وقدموا إليه الحرام والشبهة، فإن انبسط فيهما أو في أحدهما فأكله، فاعلموا أنه غير من(١) تظنون - إلى أن قال - فجاؤوا إلى أبي طالب فصادفوه، ودعوه إلى دعوة لهم، فلما حضر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قدموا إليه وإلى أبي طالب وإلى الملا [ من ](٢) قريش دجاجة مسمنة، كانوا قد وقذوها وشووها، فجعل أبو طالب وسائر قريش يأكلون منها، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يمد نحوها فيعدل بها يمنة ويسرة، ثم أماما ثم خلفا ثم فوقا ثم تحتا [ لا تصيبها يده ](٣) ، فقالوا: [ مالك ](٤) يا محمد لا تأكل منها؟ فقال: يا معشر اليهود قد جهدت أن أتناول منها، وهذه يدي يعدل بها عنها، وما أراها إلا حراما يصونني ربي عز وجل منها،

__________________

الباب ١٧

١ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٥.

(١) البقرة ٢: ١٧٣.

٢ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٦٢.

(١) في الحجرية: « ما » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) استظهار من هامش الطبعة الحجرية.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

١٤١

فقالوا: ما هي إلا حلال فدعنا نلقمك، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : فافعلوا إن قدرتم، فذهبوا ليأخذوا منها ويطعموه، فكانت أيديهم يعدل بها إلى الجهات، كما كانت يد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعدل عنها، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هذه(٥) قد منعت منها فاتوني بغيرها إن كانت لكم، فجاؤوا بدجاجة أخرى مسمنة مشوية ( قد اخذوها )(٦) لجارهم غائب، لم يكونوا اشتروها، وعمدوا(٧) على أن يردوا عليه ثمنها إذا حضر، فتناول منها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لقمة، فلما ذهب برفعها ثقلت عليه ونصلت(٨) حتى سقطت من يده، وكلما ذهب يرفع ما قد تناول بعدها ثقلت وسقطت، فقالوا: يا محمد، فما بال هذه لا تأكل منها؟ قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : وهذه أيضا قد منعت منها، وما أراها إلا من شبهة يصونني ربي عز وجل منها، قالوا: ما هي شبهة فدعنا نلقمك منها» وذكرعليه‌السلام مثل ما في المرة الأولى، الخبر.

[١٩٥٤١٢] ٣ - علي بن إبراهيم في تفسيره: قوله تعالى:( حُرِّ‌مَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ‌ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ‌ اللَّـهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَ‌دِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ) (١) والميتة والدم ولحم الخنزير معروف، وما أهل لغير الله: يعني ما ذبح للأصنام، والمنخنقة فإن المجوس كانوا لا يأكلون الذبائح ويأكلون الميتة، وكانوا يخنقون البقر والغنم فإذا ماتت أكلوها، والموقوذة: كانوا يشدون أرجلها ويضربونها حتى تموت، فإذا ماتت أكلوها، والمتردية: كانوا يشدون عينها ويلقونها من السطح، فإذا ماتت أكلوها، والنطيحة

__________________

(٥) في الحجرية: « فهذه » وما أثبتناه من المصدر.

(٦) في الحجرية: « اخذوا » وما أثبتناه من المصدر.

(٧) في الحجرية: « وعملوها » وما أثبتناه من المصدر.

(٨) نصل: خرج من موضعه ( لسان العرب ج ١١ ص ٦٦٣ ).

٣ - تفسير القمي ج ١ ص ١٦١.

(١) المائدة ٥: ٣.

١٤٢

كانوا يتناطحون بالكباش فإذا ماتت إحداها أكلوه،( وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ ) ، كانوا يأكلون ما يأكله الذئب والأسد والدب فحرم الله ذلك( وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) : كانوا يذبحون لبيوت النيران، وقريش كانوا يعبدون الشجر والصخر فيذبحون لها.

( وَأَن تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ ذَٰلِكُمْ فِسْقٌ ) كانوا يعمدون إلى الجزور فيجزئونه عشرة أجزاء، ثم يجتمعون عليه فيخرجون السهام فيدفعونها إلى رجل، فالسهام عشرة سبعة لها أنصباء وثلاثة لا أنصباء لها، فالتي ( لها أنصباء )(٢) الفذ والتوأم والمسيل والنافس والحلس والرقيب والمعلى، فالفذ له سهم، والتوأم له سهمان، والمسيل له ثلاثة أسهم، والنافس له أربعة أسهم، والحلس له خمسة أسهم، [ والرقيب له ستة أسهم ](٣) ، والمعلى له سبعة أسهم، والتي لا أنصباء لها، السفيح والمنيح والوغد، وثمن الجزور على من لا يخرج له من الأنصباء شيئا، وهو القمار، فحرمه الله عزو جل.

وهذا بعينه متن الخبر الباقري المروي في الخصال بزيادة تفسير الموقوذة(٤) .

١٨ -( باب كراهة الذبح بالليل حتى يطلع الفجر، إلا مع الخوف)

[١٩٤١٣] ١ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: في سياق أخبار تزويج فاطمةعليها‌السلام ، - إلى أن قال -: وجاء سعد بن معاذ بعشرة شياه [ وبقرة ](١) وجملا [ وجاء سعد بن ربيع ببعير وخمس شياه ](٢) ، وجاء

__________________

(٢) في الحجرية: لا أنصباء لها، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) الخصال ص ٤٥١ ح ٥٧.

الباب ١٨

١ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٤ ص ٩٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

١٤٣

سعد بن خثيمة بجملين، وأبو أيوب الأنصاري بشاة [ وحمل بعير تمرا ](٣) ، وخارجة بن زيد بجمل وبقر وأربع شياه، [ وجاء عبد الرحمن بن عوف بحمل خمسة أبعرة تمرا ](٤) وعثمان بن عفان [ بحمل خمسة أبعرة تمرا و ](٥) بعشرين شاة [ وبقربة من دهن البقر ](٦) ، وجاء كل واحد من الصحابة بهدية، حتى اجتمع هدايا كثيرة - إلى أن قال - فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا علي لا بد لي ولك أن نشتغل هذه الليلة، ونذبح هذه الأغنام والبقرات » وكان أمير المؤمنينعليه‌السلام يذبح ويسلخ، ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يفصل، فلما طلع الفجر انقضى شغلهما، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « ولم نر في يد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أثرا من الدم » الخبر.

١٩ -( باب عدم اشتراط بلوغ الذابح، فيجوز أن يذبح الصبي المميز الذي يحسن الذبح، ويحل أكل ذبيحته مع التسمية)

[١٩٤١٤] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر محمد بن علي وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما رخصا في ذبيحة الغلام، إذا قوي على الذبح وذبح على ما ينبغي.

[١٩٤١٥] ٢ - الصدوق في المقنع: لا بأس بذبيحة المرأة والغلام، إذا كان قد صلى وبلغ خمسة أشبار.

__________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

(٥) أثبتناه من المصدر.

(٦) أثبتناه من المصدر.

الباب ١٩

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٨ ح ٦٤٢.

٢ - المقنع ص ١٤٠.

١٤٤

٢٠ -( باب عدم اشتراط ذكورية الذابح، فيجوز أن تذبح المرأة حرة كانت أو أمة، على كراهة في غير الضرورة)

[١٩٤١٦] ١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، عن المرأة: تذبح إذا لم يكن رجل، وتذكر اسم الله؟ قال: « حسن لا بأس به إذا لم يكن رجل » قال أبو جعفرعليه‌السلام : « ولا يذبح لك يهودي ولا نصراني ولا مجوسي أضحيتك، وإن كانت امرأة فلتذبح لنفسها ».

[١٩٤١٧] ٢ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما رخصا في ذبيحة الغلام - إلى أن قال - وكذلك المرأة إذا أحسنت.

[١٩٤١٨] ٣ - الصدوق في المقنع: وإذا كن نساء ليس معهن رجل، فلتذبح أعلمهن، ولتذكر اسم الله عليه.

٢١ -( باب جواز أكل ذبيحة الخصي والأعمى إذا سدد)

[١٩٤١٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي جعفر وأبي عبد اللهعليهما‌السلام ، أنهما رخصا في ذبيحة الأعمى إذا سدد.

__________________

الباب ٢٠

١ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٨.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٨ ح ٦٤٢.

٣ - المقنع ص ١٤٠.

الباب ٢١

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٨ ح ٦٤٢.

١٤٥

٢٢ -( باب تحريم ذبائح أهل الكتاب وغيرهم من الكفار، وتحريم ثمنها حتى مع عدم وجود ذابح غيرهم، إلا مع الضرورة)

[١٩٤٢٠] ١ - السيد المرتضى في مسائل الطرابلسيات، والشيخ المفيد في رسالة الذبائح، على ما في البحار: عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن إسماعيل، عن حنان بن سدير، عن الحسين بن المنذر قال: قلت لأبي عبد الله: إنا قوم نختلف إلى الجبل، والطريق بعيد بيننا وبين الجبل فراسخ، فنشتري القطيع والاثنين والثلاثة، فيكون في القطيع ألف وخمسمائة، وألف وستمائة، وألف وسبعمائة شاة، فتقع الشاة والاثنتان والثلاث، فنسأل الرعاة الذين يجيئون بها عن أديانهم، فيقولون: نصارى، فأي شئ قولك في ذبائح اليهود والنصارى؟ فقال: « يا حسين، هي الذبيحة بالاسم لا يؤمن عليها إلا أهل التوحيد » ثم إن حنانا لقي أبا عبد اللهعليه‌السلام ، فقال: إن الحسين بن منذر، روى عنك أنك قلت: « إن الذبيحة لا يؤمن عليها إلا أهلها » فقال: « إنهم أحدثوا فيها شيئا » قال حنان: فسألت نصرانيا فقلت: أي شئ تقولون إذا ذبحتم؟ فقال: نقول: باسم المسيح.

[١٩٤٢١] ٢ - وعنه، عن حنان قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : إن الحسين بن المنذر - إلى قوله - إنهم أحدثوا شيئا لا أشتهيه، وفي بعض النسخ: لا أسميه.

[١٩٤٢٢] ٣ - وفيهما: عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن حماد بن

__________________

الباب ٢٢

١ - مسائل الطرابلسيات، ورسالة الذبائح:، وعنهما في البحار ج ٦٦ ص ١٧ ح ٦.

٢ - مسائل الطرابلسيات، ورسالة الذبائح:، وعنهما في البحار ج ٦٦ ص ١٧ ح ٦.

٣ - مسائل الطرابلسيات، ورسالة الذبائح: وعنهما في البحار ج ٦٦ ص ١٧ ح ٧.

١٤٦

عيسى، عن الحسين بن المختار، عن الحسين بن عبد الله قال: اصطحب المعلى بن خنيس وعبد الله بن أبي يعفور، فأكل أحدهما ذبيحة اليهود والنصارى، وامتنع الآخر عن أكلها، فلما اجتمعا عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أخبراه بذلك، فقال: « أيكما الذي أبي؟ » قال المعلى: أنا، فقال ( عليه لاسلام ): « أحسنت ».

[١٩٤٢٣] ٤ - وفيها: بالاسناد المتقدم عن الحسين بن سعيد، عن القاسم بن محمد، عن محمد بن يحيى الخثعمي - عن أبي عبد اللهعليه‌السلام - قال: أتاني رجلان - أظنهما من أهل الجبل - فسألني أحدهما عن الذبيحة - يعني ذبيحة أهل الذمة - فقلت في نفسي: والله لا أبرد(١) لكما على ظهري، لا تؤكل، قال محمد بن يحيى: فسألت أبا عبد اللهعليه‌السلام ، عن ذبيحة اليهود والنصارى، فقال: « لا تؤكل ».

[١٩٤٢٤] ٥ - العياشي في تفسيره: عن قتيبة الأعشى قال: سأل الحسن بن المنذر أبا عبد اللهعليه‌السلام : أن الرجل يبعث في غنمه رجلا أمينا يكون فيها - نصرانيا أو يهوديا - فتقع العارضة(١) فيذبحها ويبيعها، فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « لا تأكلها، ولا تدخلها في مالك، وإنما هو الاسم ولا يؤمن عليها إلا مسلم » فقال رجل لأبي عبد اللهعليه‌السلام ، وأنا أسمع: فأين قول الله:( وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ ) (٢) فقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « كان أبي يقول: إنما ذلك الحبوب وأشباهه ».

__________________

٤ - مسائل الطرابلسيات، ورسالة الذبائح: وعنهما في البحار ج ٦٦ ص ١٨ ح ٨.

(١) البريد: الرسول المرسل في حاجة ( مجمع البحرين ج ٣ ص ١٤ ) والمراد: لا أتحمل الذنب الذي يصيبكم من ذلك، بل أفتيكم بمر الحق.

٥ - تفسير العياشي ج ١ ص ٢٩٥ ح ٣٦.

(١) العارضة: الحيوان الذي يصيبه الداء أو السبع أو الكسر فيذبح ( انظر لسان العرب ج ٧ ص ١٧٨ ).

(٢) المائدة ٥: ٥.

١٤٧

٢٣ -( باب تحريم ذبائح الكفار من أهل الكتاب وغيرهم، سواء سموا عليها أو لم يسموا، إلا مع التقية)

[١٩٤٢٥] ١ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « هو الاسم ولا يؤمن عليها إلا مسلم » قال: فقال له رجل: أصلحك الله، إن لنا جارا قصابا، يدعو يهوديا فيذبح له حتى يشتري منه اليهود، قال: « لا تأكل ذبيحته، ولا تشتر منه ».

[١٩٤٢٦] ٢ - الشيخ المفيد في رسالة الذبائح، كما في البحار، والسيد المرتضى في مسائل الطرابلسيات: عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد، عن الحسين بن سعيد، عن النضر بن سويد، عن شعيب العقرقوفي قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، ومعنا أناس من أهل الجبل، يسألونه عن ذبائح أهل الكتاب، فقال لهم أبو عبد اللهعليه‌السلام : « قد سمعتم ما قال الله عز وجل » قالوا: نحب أن تخبرنا أنت، فقال: « لا تأكلوها » قال: فلما خرجنا من عنده، قال لي أبو بصير: كلها، فقد سمعته وأباه جميعا يأمران بأكلها، فرجعنا إليه، فقال لي أبو بصير: سله، فقلت: جعلت فداك، ما تقول في ذبائح أهل الكتاب؟ فقالعليه‌السلام : « أليس قد شهدتنا اليوم وسمعت؟ قلت »: بلى، قال: « لا تأكلها » فقال لي أبو بصير: كلها وهو في عنقي، ثم قال: سله ثانية، فسألته فقال لي مثل مقالته الأولى: « لا تأكلها » فقال لي أبو بصير: سله ثالثة، فقلت: لا أسأله بعد مرتين

[١٩٤٢٧] ٣ - وفي الرسالة: عنن جعفر بن محمد بن قولويه، وأبي جعفر بن

__________________

الباب ٢٣

١ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك ص ١١٢.

٢ - رسالة الذبائح، ومسائل الطرابلسيات: وعنهما في البحار ج ٦٦ ص ١٦ ح ٥.

٣ - رسالة الذبائح، وعنه في البحار ج ٦٦ ص ١٣.

١٤٨

بابويه، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عثمان بن عمرو، عن المفضل بن صالح، عن زيد الشحام قال: سئل الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، عن ذبيحة الذمي، فقال: « لا تأكلها، سمى أو لم يسم ».

[١٩٤٢٨] ٤ - وبالإسناد عن علي، بن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن الحسين الأحمسي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: قال له رجل: أصلحك الله، إن لنا جارا قصابا يجئ بيهودي فيذبح له، حتى يشتري منه اليهود، فقال: « لا تأكل ذبيحته، ولا تشتر منه ».

[١٩٤٢٩] ٥ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « ولا يذبح لك يهودي ولا نصراني ولا مجوسي أضحيتك » الخبر.

[١٩٤٣٠] ٦ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهم‌السلام ، أنه كره ذبائح نصارى العرب.

وعن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « لا يذبح أضحية المسلم إلا مسلم، ويقول عند ذبحها: وجهت » الخبر(١)

[١٩٤٣١] ٧ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه رخص في طعام أهل الكتاب وغيرهم من الفرق، إذا كان الطعام ليس فيه ذبيحة.

وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « إذا علم ذلك لم يؤكل »(١) .

__________________

٤ - رسالة الذبائح: وعنه في البحار ج ٦٦ ص ١٣.

٥ - كتاب عاصم بن حميد الحناط ص ٢٨.

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٨ ح ٦٤١.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ١٨٣ ح ٦٦٤ عن جعفر بن محمدعليه‌السلام .

٧ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٥ ح ٤٣٦.

(١) نفس المصدر ج ٢ ص ١٢٦ ح ٤٣٧.

١٤٩

[١٩٤٣٢] ٨ - وعن أبي جعفر بن محمد عليعليهما‌السلام ، أنه سئل عن ذبيحة اليهودي والنصراني والمجوسي وذبائح أهل الخلاف، فتلا قول الله عز وجل:( فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ‌ اسْمُ اللَّـهِ عَلَيْهِ ) (١) وقال: « إذا سمعتموهم يذكرون اسم الله عليه فكلوا، وما لم يذكر اسم الله عليه فلا تأكلوه، ومن كان منهم متهما بترك التسمية يرى استحلا ذلك، لم يجز أكل ذبيحته، إلا أن يشاهد في حين ذبحها وهو يذبحها على السنة، ويذكر اسم الله عليها، فإن ذبحها بحيث لم يشاهد لم تؤكل ».

قلت، في البحار: الرواية شاذة لم يعمل عليها(٢) ، انتهى. ويمكن ارجاع الضمير في « سمعتموهم » إلى أهل الخلاف، فيقل الشذوذ.

[١٩٤٣٣] ٩ - وروينا عن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه قال: « ذبيحة اليهودي والنصراني والمجوسي وأهل الخلاف حرام ».

[١٩٤٣٤] ١٠ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن صيد المجوس، وعن ذبائحهم.

[١٩٤٣٥] ١١ - الصدوق في المقنع: ولا تأكل ذبيحة من ليس على دينك في الاسلام، ولا تأكل ذبيحة اليهودي والنصراني والمجوسي، إلا إذا سمعتهم يذكرون [ اسم ](١) الله عليها، فإذا ذكر(٢) اسم الله فلا بأس بأكلها، فإن الله يقول:( وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ‌ اسْمُ اللَّـهِ عَلَيْهِ ) (٣) ويقول:( فَكُلُوا مِمَّا )

__________________

٨ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٧ ح ٦٣٩.

(١) الانعام ٦: ١١٨.

(٢) بحار الأنوار ج ٦٦ ص ٢٨.

٩ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٣ ح ٦٣٩.

١٠ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٣ ح ٦٢١.

١١ - المقنع ص ١٤٠.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: ذكروا.

(٣) الانعام ٦: ١٢١.

١٥٠

( ذُكِرَ‌ اسْمُ اللَّـهِ عَلَيْهِ إِن كُنتُم بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ ) (٤) .

[١٩٤٣٦] ١٢ - وسئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ، عن ذبائح النصارى، فقال: « لا بأس بها » فقيل: فإنهم يذكرون عليها المسيح، فقال: « إنما أرادوا بالمسيح الله ».

وقد نهى، في خبر، عن أكل ذبيحة المجوسي.

قلت: والأقوى المشهور المنصور هو حرمة ذبائحهم مطلقا، وما دل على الجواز غير قابل للاستناد، محمول على التقية أو الضرورة أو غيرها.

٢٤ -( باب إباحة ذبائح أقسام المسلمين، وتحريم ذبيحة الناصب والمرتد، إلا للضرورة والتقية)

[١٩٤٣٧] ١ - أبو علي بن الشيخ في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن سعدان بن مسلم، عن أبي بصير قال: سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام : ما الايمان؟ فجعل لي الجواب في كلمتين، فقال: « الايمان بالله، وأن لا تعصي الله » قلت: فما الاسلام؟ فجعل في كلمتين فقال: « من شهد شهادتنا، ونسك نسكنا، وذبح ذبيحتنا ».

__________________

(٤) الانعام ٦: ١١٨.

١٢ - المقنع ص ١٤٠.

الباب ٢٤

١ - أمالي الطوسي ج ١ ص ١٣٨.

١٥١

٢٥ -( باب جواز شراء الذبائح واللحم من سوق المسلمين، وإن لم يعلم من ذبحها، ولم يعلم أنها مذبوحة أو لا، وعدم وجوب السؤال عن ذلك)

[١٩٤٣٨] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن اللحم يباع في الأسواق ولا ندري كيف ذبحه القصابون، فلم ير به بأسا إذا لم يطلع منهم على الذبح بخلاف السنة.

٢٦ -( باب أن ما يقطع من أعضاء الحيوانات قبل الذكاة، فهو ميتة لا ينتفع به كأليات الغنم وغيرها، وأنه يجوز قطعها لاصلاح المال، وحكم الاسراج بها، وحكم ما لو ضرب الصيد فقده نصفين)

[١٩٤٣٩] ١ - دعائم الاسلام: عن علي وأبي جعفرعليهما‌السلام ، أنهما قالا: ما قطع من الحيوان فبان عنه قبل أن يذكى الحيوان، فهو ميتة لا يؤكل، ويذكى الحيوان ويؤكل باقيه، إن أردت ذكاته.

[١٩٤٤٠] ٢ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه قال: « كل شئ سقط من حي(١) فهو ميتة، وكذلك كل شئ سقط من أعضاء الحيوان وهي أحياء فهي ميتة، فلا يؤكل ».

__________________

الباب ٢٥

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٧ ح ٦٤٠.

الباب ٢٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٩ ح ٤٦.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ١٢٦.

(١) في نسخة: انسان.

١٥٢

٢٧ -( باب أن ذكاة المسك اخراجه من الماء حيا،ويحل بغير تسمية)

[١٩٤٤١] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « النون ذكي، والجراد ذكي، وأخذه حيا ذكاته ».

[١٩٤٤٢] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وذكاة المسك والجراد أخذه ».

[١٩٤٤٣] ٣ - كتاب درست بن أبي منصور: عن زكار، عن حذيفة بن منصور قال: قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : « الجراد ذكي، والنون(١) ذكي ».

٢٨ -( باب إباحة صيد المجوس وسائر الكفار للمسك، وجواز أكله شاهده المسلم وقد خرج من الماء حيا، وإلا لم يؤكل)

[١٩٤٤٤] ١ - دعائم الاسلام: عن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه نهى عن أكل ما صاده المجوس من الحوت والجراد، لأنه لا يؤكل منه إلا ما أخذ حيا.

٢٩ -( باب أن المسك إذا خرج حيا ثم عاد إلى الماء فمات فيه لم يحل أكله، وكذا ما مات في الماء)

[١٩٤٤٥] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يؤكل ما يموت في الماء من

__________________

الباب ٢٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٤.

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

٣ - كتاب درست بن أبي منصور ص ١٦٤.

(١) نون البحر: حيتانها ( مجمع البحرين ج ٦ ص ٣٢٢ ).

الباب ٢٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٣ ح ٦٢٢.

الباب ٢٩

١ - فقه الرضاععليه‌السلام ص ٤٠.

١٥٣

سمك وجراد وغيره ».

٣٠ -( باب أن المسكة إذا وثبت من الماء وخرجت، أو نضب الماء عنها وماتت خارجة، لم تحل إلا أن يأخذه الانسان وهي تتحرك)

[١٩٤٤٦] ١ - علي بن جعفر في كتابه: عن أخيه موسىعليهما‌السلام ، قال: سألته عما حسر عنه الماء من صيد البحر وهو ميت، أيحل أكله؟ قال: « لا ».

٣١ -( باب أن من نصب شبكة أو عمل حظيرة، فوقع فيها سمك ومات بعضه في الماء، فإن تميز لم يحل أكله، وإلا حل)

[١٩٤٤٧] ١ - علي بن جعفر في كتابه: عن أخيه موسىعليهما‌السلام ، قال: سألته عن صيد البحر يحبسه [ فيموت ](١) في مصيدته، قال: إذا كان محبوسا فكل، فلا بأس «.

٣٢ -( باب أن من أخرج سمكة من الماء حية، فوجد في جوفها سمكة حل أكلها)

[١٩٤٤٨] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا اصطدت سمكة، وفي جوفها أخرى أكلت إذا كان لها فلوس ».

وروي: لا يؤكل ما في جوفه لأنه طعمته ».

__________________

الباب ٣٠

١ - كتاب علي بن جعفر المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٨١، وقرب الإسناد ص ١١٨.

الباب ٣١

١ - المصدر السابق ج ١٠ ص ٢٨١، وقرب الإسناد ص ١١٨.

(١) أثبتناه من البحار.

الباب ٣٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

١٥٤

٣٣ -( باب أن ذكاة الجراد أخذه حيا، فلا يحل منه ما مات في الماء، ولا ما مات في الصحراء قبل أخذه، ولا الدباء قبل أن يستقل بالطيران، وأن الجراد والسمك إذا أخذ وشوي حيا لم يحرم أكله)

[١٩٤٤٩] ١ - علي بن جعفر في كتابه: عن أخيه موسىعليهما‌السلام ، قال: سألته عن الجراد يصيده، فيموت بعد ما يصيده أيؤكل؟ قال: لا بأس[١٩٤٥٠] ٢ - وسألته عن الجراد يصيبه ميتا في البحر أو في الصحراء، أيؤكل؟ قال: « لا تأكله ».

[١٩٤٥١] ٣ - وسألته عن الدباء من الجراد هل يحل أكله قال: لا يحل أكله حتى يطير.

وتقدم من دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال: « الجراد ذكي، وأخذه حيا ذكاته »(١)

[١٩٤٥٢] ٤ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وذكاة السمك والجراد أخذه، ولا يؤكل ما يموت في الماء ».

[١٩٤٥٣] ٥ - صحيفة الرضا: بإسناده عن آبائه، عن الحسين بن عليعليهم‌السلام ، قال: « كنا أنا وأخي الحسنعليه‌السلام ، وأخي محمد بن الحنفية، وبنو عمي عبد الله بن عباس وقثم والفضل، على مائدة

__________________

الباب ٣٣

١ - كتاب علي بن جعفر المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٨٧، وقرب الإسناد ص ١١٧.

٢ - كتاب علي بن جعفر المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٨٧، وقرب الإسناد ص ١١٧.

٣ - كتاب علي بن جعفر المطبوع في البحار ج ١٠ ص ٢٨٧، وقرب الإسناد ص ١١٧.

(١) تقدم في باب ٢٧ حديث ١ عن دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٤ ح ٤٢٤.

٤ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٤٠.

٥ - صحيفة الرضاعليه‌السلام ص ٧٩ ح ١٩٤.

١٥٥

نأكل فوقعت جرادة على المائدة، فأخذها عبد الله بن عباس فقال للحسنعليه‌السلام : يا سيدي، ما المكتوب على جناح الجرادة؟ قالعليه‌السلام : سألت أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقال: سألت جدك فقال: على جناح الجراد مكتوب: إني أنا الله لا إله إلا أنا رب الجرادة ورازقها إذا شئت بعثتها لقوم رزقا، وإذا شئت بعثتها على قوم بلاء، فقام عبد الله بن عباس فقبل رأس الحسن بن عليعليهما‌السلام ، ثم قال: هذا والله من مكنون العلم ».

٣٤ -( باب حكم ما يوجد من الجلد واللحم في بلاد المسلمين)

[١٩٤٥٤] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه: أن علياعليهم‌السلام سئل عن سفرة وجدت في الطريق مطروحة، كثير لحمها وخبزها وجنبها وبيضها وفيها سكرة، فقال عليعليه‌السلام : « يقوم ما فيها ثم يؤكل لأنه يفسد، وليس لما فيها بقاء، فإن جاء طالبها غرموا له الثمن، فقالوا: يا أمير المؤمنين: لا نعلم سفرة ذمي ولا سفرة مجوسي، قال: هم في سعة من أكلها ما لم يعلموا حتى يعلموا ».

دعائم الاسلام: عنهعليه‌السلام ، مثله(١) .

[١٩٤٥٥] ٢ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه ذكر له الجبن الذي يعمله المشركون، ويجعلون فيه الأنفخة(١) من الميتة، ومما لم يذكر اسم الله عليه، قال: « إذا علم ذلك لم يؤكل، وإن كان الجبن مجهولا لا يعلم من عمله، وبيع في سوق المسلمين فكله ».

__________________

الباب ٣٤

١ - الجعفريات ص ٢٧.

(١) دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٢٦ ح ٤٣٧.

٢ - نفس المصدر ٢ ص ١٢٦ ح ٤٣٧.

(١) الإنفحة محركة: كرش الجدي ما لم يأكل ( مجمع البحرين ج ٢ ص ٤٢٠ ).

١٥٦

٣٥ -( باب أنه يكره أن تعرقب الدابة وإن حرنت في أرض العدو، بل يستحب ذبحها)

[١٩٤٥٦] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا حسرت(١) على أحدكم دابته في سبيل الله، وهم بأرض العدو، يذبحها ولا يعرقبها ».

٣٦ -( باب استحباب ذبح ما يذبح، ونحر ما ينحر، من الحيوانات المأكولة اللحم، واطعامه الناس)

[١٩٤٥٧] ١ - الشيخ المفيد في الإختصاص: وروي: ما من شئ يتقرب به إلى الله جل وعلا، أحب إليه من اطعام، الطعام، وإراقة الدماء.

٣٧ -( باب أنه لا ينبغي أن ينفخ اللحام في اللحم)

[١٩٤٥٨] ١ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، أنه ركب بغلة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الشهباء بالكوفة، فأتى سوقا سوقا، فأتى طاق اللحامين، فقال بأعلى صوته: « يا معشر اللحامين، لا تنخعوا ولا تجعلوا الأنفس حتى تزهق، وإياكم والنفخ(١) ، فإني سمعت

__________________

الباب ٣٥

١ - الجعفريات ص ٨٥.

(١) في الحجرية: أحسمت، وما أثبتناه من المصدر. والحسير من الحيوان المتعب المعى ( النهاية ج ١ ص ٣٨٤ ).

الباب ٣٦

١ - الاختصاص ص ٢٥٣.

الباب ٣٧

١ - الجعفريات ص ٢٣٨.

(١) في المصدر زيادة: في اللحم للبيع.

١٥٧

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ينهى عن ذلك » الخبر.

٣٨ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الذبائح)

[١٩٤٥٩] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه كره ذبح ذات الجنين، وذات الدر، بغير علة.

[١٩٤٦٠] ٢ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن المثلة(١) بالحيوان، وعن صبر البهائم، والصبر: الحبس، ومن حبس شيئا فقد صبره، ومنه قيل: قتل فلان صبرا، إذا أمسك على الموت، فالمصبورة من البهائم هي المجثمة كالدجاجة وغيرها من الحيوان، تربط وتوضع في مكان ثم ترمى حتى تموت.

[١٩٤٦١] ٣ - وعن أبي جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « من قتل عصفورا عبثا، أتى الله يوم القيامة وله صراخ، ويقول: يا رب سل هذا فيم قتلني بغير ذبح؟ فليحذر أحدكم من المثلة، وليحد شفرته(١) لا يعذب البهيمة ».

[١٩٤٦٢] ٤ - وعن عليعليه‌السلام ، أنه كتب إلى رفاعة: أن يأمر القصابين أن يحسنوا الذبح، ومن صمم فليعاقبه، وليلق ما ذبح إلى الكلاب.

[١٩٤٦٣] ٥ - وعن أبي جعفرعليه‌السلام ، أنه رخص في ذبيحة

__________________

الباب ٣٨

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٧ ح ٦٣٨.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٥ ح ٦٢٨.

(١) المثلة بضم الميم: قطع أطراف الحيوان وتغيير خلقته، أو نصبه للرمي وهو حي ( النهاية ج ٤ ص ٢٩٤ ).

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٥ ح ٦٢٩.

(١) في المصدر: الشفرة و.

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٦ ح ٦٣٤.

٥ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧٨ ح ٦٤٤.

١٥٨

الأخرس، إذا عقل التسمية وأشار بها.

[١٩٤٦٤] ٦ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، أنه سئل عن الذبيحة إن ذبحت من القفا، قال: « إن لم يتعمد ذلك فلا بأس، وإن تعمده وهو يعرف سنة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم تؤكل ذبيحته، ويحسن أدبه ».

[١٩٤٦٥] ٧ - السيد علي خان المدني شارح الصحيفة في الطبقات الرفيعة: في ترجمة الفرزدق الشاعر: كان أبوه غالب من أجلة قومه وسراتهم سيد بادية تميم، وله مناقب مشهورة ومحامد مأثورة، فمن ذلك أنه أصاب أهل الكوفة مجاعة فخرج أكثر الناس إلى البوادي، فكان هو رئيس قومه، وكان سحيم بن وثيل رئيس قومه، فاجتمعوا بمكان يقال له: صوأر(١) في طرف السماوة(٢) من بلاد كلب على مسيرة يوم من الكوفة، فعقر غالب لأهله ناقة وصنع منها طعاما، وأهدى إلى قومه من بني تميم جفانا من ثريد، ووجه إلى سحيم جفنة، فكفأها وضرب الذي أتى بها، وقال: أنا مفتقر إلى طعام غالب، إذا نحر ناقة نحرت أخرى، فوقعت المنافرة ونحر سيم لأهله ناقة، فلما كان من الغد عقر غالب لأهله ناقتين، فعقر سحيم لأهله ناقتين، فلما كان اليوم الثالث نحر غالب ثلاثا، فنحر سحيم ثلاثا، فلما كان اليوم الرابع عقر غالب مائة ناقة، فلم يكن عند سحيم هذا القدر فلم يعقر شيئا وأسرها في نفسه، فلما انقضت المجاعة ودخلت الناس الكوفة، قال بنو رياح لسحيم: جررت علينا عار الدهر، هلا نحرت مثل ما نحر، وكنا نعطيك مكان كل ناقة ناقتين، فاعتذر أن إبله كانت غائبة، وعقر

__________________

٦ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٨٠ ح ٦٥٤.

٧ - الطبقات الرفيعة ص ٥٤١.

(١) صوأر: ماء فوق الكوفة مما يلي الشام، وهو الماء الذي تعاقر عليه غالب بن صعصعة - أبو الفرزدق - وسحيم بن وثيل. ثم ساق القصة قريبا مما في المتن ( معجم البلدان ج ٣ ص ٤٣١ ).

(٢) السماوة: هي البادية بين الكوفة والشام ( معجم البلدان ج ٣ ص ٢٤٥ ).

١٥٩

ثلاثمائة [ ناقة ](٣) ، وقال للناس: شأنكم والأكل، وكان ذلك في خلافة أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فاستفتيعليه‌السلام في الأكل منها فقضى بتحريمها، وقال: هذه ذبحت لغير مأكلة، ولم يكن المقصود منها الا المفاخرة والمباهاة فألقيت لحومها على كناسة الكوفة، فأكلتها الكلاب والعقبان والرخم.

[١٩٤٦٦] ٨ - مجموعة الشهيدرحمه‌الله : في مناهي النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن معاقرة الاعراب، يرويه ابن عباسرضي‌الله‌عنه ، وهي أن يتمارى الرجلان فيعقر هذا عددا من إبله، ويعقر صاحبه، فأيهما كان أكثر عقرا غلب صاحبه.

وأن يقتل شئ من الدواب صبرا، يرويه جابر بن عبد الله، ومعناه أن يحبس الحيوان فيرمى إليه حتى يموت والصبر الحبس.

وعن المجثمة، وهي المصبورة أيضا.

__________________

(٣) أثبتناه من المصدر.

٨ - مجموعة الشهيد: مخطوط.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517