أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت7%

أخلاق أهل البيت مؤلف:
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 517

أخلاق أهل البيت
  • البداية
  • السابق
  • 517 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 342450 / تحميل: 12224
الحجم الحجم الحجم
أخلاق أهل البيت

أخلاق أهل البيت

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وأجريته ».

[ ٧٩١٨ ] ٣٠ - القاضي أبو عبدالله محمّد بن سلامة القضاعي في كتاب الشهاب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « ما احسن عبد الصدقة، إلّا أحسن الله الخلافة على تركته ».

وقال(١) صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما نقص مال من صدقة ».

وقال(٢) صلى‌الله‌عليه‌وآله : « ان الله ليدرأ بالصدقة سبعين ميتة من السوء ».

[ ٧٩١٩ ] ٣١ - ابن أبي جمهور في عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « اليد العيا خير من اليد السفلى، واليد العليا منفقة واليد السفلى السائلة(١) ، وابدأ بمن تعول ».

[ ٧٩٢٠ ] ٣٢ - وفي درر اللآلي: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال « الصدقة تدفع ميتة السوء ».

[ ٧٩٢١ ] ٣٣ - وعن أنس قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إنّ الله ليدرأ بالصدقة عن صاحبها سبعين ميتة من السوء، أدناها الهم ».

____________________________

٣٠ - الشهاب: ص ٣٣٣ ح ٥٧٤ (طبعة سنة ١٣٦١).

(١) الشهاب ص ٩٧ ح ٥٣٨ (طبعة دانشكاه).

(٢) الشهاب ص ١٢٨ ح ٧١٦ (طبعة دانشكاه).

٣١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤١ ح ٥٥.

(١) في الطبعة الحجرية « المسائلة » وما أثبتناه من المصدر.

٣٢ - درر اللآلي ج ١ ص ١٣.

٣٣ - درر اللآلي ج ١ ص ١٣.

١٦١

[ ٧٩٢٢ ] ٣٤ - وعن عدي بن حاتم قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما منكم أحد [ إلّا ](١) سيكلّمه الله ليس بينه وبينه حجاب، فينظر عن يمينه فلا يرى إلّا ما قدّم، وينظر عن شماله فلا يرى إلّا ما قدّم، ثمّ ينظر بين يديه فيرى النار، فمن استطاع أن يقي وجهه النار ولو بشقّ تمرة، فإن لم يجد فبكلمة طيبة ».

[ ٧٩٢٣ ] ٣٥ - وعن أبي حبيب، عن بعض أصحب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه سمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: « أن ظل المؤمن يوم القيامة صدقته ».

[ ٧٩٢٤ ] ٣٦ - وعن جابر بن عبدالله الأنصاري، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال لكعب بن عجرة: « يا كعب، الصلاة برهان، والصوم جنة، والصدقة تطفي الخطيئة، كما يطفئ الماء النار ».

[ ٧٩٢٥ ] ٣٧ - وعن أبي بريدة، عن أبيه قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما يخرج الرجل شيئاً من الصدقة، حتى يفك عنها لحى سبعين شيطاناً ».

[ ٧٩٢٦ ] ٣٨ - وعن أبي ذر، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما خرج صدقة من يد رجل، حتى يفك عنها لحى سبعين شيطاناً، كلهم ينهاه عنها ».

[ ٧٩٢٧ ] ٣٩ - وعنه: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الصلاة عمود الدين، والإسلام والجهاد سنام العمل، والصدقة شئ عجيب، شئ عجيب، شئ عجيب ».

____________________________

٣٤ - درر اللآلي ج ١ ص ١٣.

(١) أثبتناه لاستقامة المعنى، بقرينة الحديث / ٥ الذي مرّ عن الجعفريات في الباب ١ من أبواب الصدقة.

٣٥ - ٣٩ - درر اللآلي ج ١ ص ١٣.

١٦٢

٢ -( باب أنّه يستحب للإنسان أن يعول أهل بيت من المسلمين، بل يختاره ندباً على الحج)

[ ٧٩٢٨ ] ١ - الشيخ المفيد في الإرشاد: عن أبي محمّد الحسن بن محمّد بن يحيى، عن جده، عن أبي نصر، عن عبد الرحمن بن صالح، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: كان بالمدينة كذا وكذا أهل بيت، يأتيهم رزقهم وما يحتاجون إليه، لا يدرون من أين يأتيهم؟ فلما مات علي بن الحسينعليهما‌السلام ، فقدوا ذلك.

٣ -( باب استحباب الصدقة عن المريض)

[ ٧٩٢٩ ] ١ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن عبدالله بن طلحة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « داووا مرضاكم بالصدقة، وادفعوا أبواب البلايا بالاستغفار - إلى أن قال - قلت: كيف نداوي مرضانا بالصدقة؟ قال: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قيل له: يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقل، وإذا كان عندك مريض قد أعياك مرضه، فخذ رغيفاً(١) من خبزك، فاجعله في منديل أو خرقة نظيفة، فكلما دخل سائل فليعط منه كسرة، ويقال له: ادُع لفلان، فإنهم(٢) يستجاب لهم فيكم، ولا يستجتاب لهم في أنفسهم.

____________________________

الباب - ٢

١ - إرشاد المفيد ص ٢٥٨.

الباب - ٣

١ - كتاب جعفر بن محمّد الحضرمي ص ٧٧.

(١) كان في الطبعة الحجرية رغيفات وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: فإنّه.

١٦٣

[ ٧٩٣٠ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « ارغبوا في الصدقة وبكروا بها - إلى أن قال - ولا تستخفوا بدعاء المساكين للمرضى منكم، فإنه يستجاب لهم فيكم، ولا يستجاب لهم في أنفسهم ».

[ ٧٩٣١ ] ٣ - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « الصدقة دواء منجح ».

[ ٧٩٣٢ ] ٤ - الصدوق في الخصال: في حديث الأربعمائة: عنهعليه‌السلام ، أنّه قال: « داووا مرضاكم بالصدقة ».

٤ -( باب استحباب صدقة الإنسان بيده خصوصاً المريض، وأمر السائل بالدعاء له)

[ ٧٩٣٣ ] ١ - العياشي في تفسيره عن أبي بكر، عن السكوني، عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خلتان(١) لا أحب أن يشاركني فيهما أحد: وضوئي فإنه من صلاتي، وصدقتي فإنها من يدي إلى يد السائل، فإنها تقع في يد الرحمن ».

ورواه في الجعفريات(٢) بإسناده المتقدم عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٢٣١ ح ١٢٣٥.

٣ - نهج البلاغة ج ٣ ص ١٥٣ ح ٦، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٣٢ ح ٦٥.

٤ - الخصال ص ٦٢٠، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٢٠ ح ٢٢.

الباب - ٤

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ١٠٨ ح ١١٧، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٢٨ ح ٥٠.

(١) في المصدر والبحار: خصلتان.

(٢) الجعفريات ص ١٧.

١٦٤

مثله، وفيه: فإنها تقع في كف الرحمن.

[ ٧٩٣٤ ] ٢ - الشيخ ورام في تنبيه الخواطر: قيل: كان حارثة بن النعمان قد ذهب بصره، فاتخذ خيطاً من مصلاه إلى باب حجرته، ووضع عنده مكتلاً(١) فيه تمر، فكان إذا جاء المسكين يسأل، أخذ من ذلك المكتل، ثمّ أخذ بطرف الخيط حتى يناوله، وكان أهله يقولون له: نحن نكفيك، فيقول: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: « مناولة المساكين تقي ميتة السوء ».

[ ٧٩٣٥ ] ٣ - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « من يعط باليد القصيرة يعط باليد الطويلة ».

[ ٧٩٣٦ ] ٤ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفرعليه‌السلام - في حديث يأتي في كيفية صدقة علي بن الحسينعليهما‌السلام بالليل - إلى أن قالعليه‌السلام : « يبتغي بذلك فضل صدقة السر، وفضل صدقة الليل، وفضل إعطاء الصدقة بيده » الخبر.

[ ٧٩٣٧ ] ٥ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أن بعض أهل بيته ذكر له أمر عليل عنده، فقال له: « ادع بمكتل فاجعل فيه بُرّاً واجعله بين يديه، وامر غلمانك إذا جاء(١) سائل، أن يدخلوه إليه فيناوله(٢)

____________________________

٢ - تنبيه الخواطر ج ٢ ص ٢٨٥.

(١) المِكتَل: الزبيل الذي يحمل فيه التمر (لسان العرب ج ١١ ص ٥٨٣).

٣ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٠٤ ح ٢٣٢، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٣٢ ح ٦٦.

٤ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣١ ح ١٢٤٨.

٥ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٣٦ ح ٤٧٩.

(١) كان في الطبعة الحجرية « جاءه » وما أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: فيناول.

١٦٥

منه بيده، ويأمره أن يدعو له » الخبر.

[ ٧٩٣٨ ] ٦ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن أبي بصير، عن أحدهماعليهما‌السلام ، قال: « أفضل الصدقة، أن يعطي الرجل بيده إلى السائل ».

٥ -( باب استحباب كثرة الصّدقة، بقدر الجهد)

[ ٧٩٣٩ ] ١ - نهج البلاغة: في وصيّة أمير المؤمنين لابنه الحسنعليهما‌السلام : « وإذا وجدت من أهل الفاقة من يحمل لك زادك إلى يوم القيامة، فيوافيك به غداً حيث تحتاج إليه، فاغتمنه وحمّله إيّاه، وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه، فلعلّك تطلبه فلا تجده، واغتنم من استقرضك في حال غناك، ليجعل قضاءه لك في يوم عسر(١) لك ».

[ ٧٩٤٠ ] ٢ - ابن شهر آشوب في المناقب: عن سفيان، بإسناده عن عليعليه‌السلام ، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « فيما استطعت تصدّقت ».

[ ٧٩٤١ ] ٣ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « كان في وصيّة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لعليعليه‌السلام : يا علي،

____________________________

٦ - الغايات ص ٧٧.

الباب - ٥

١ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٥٢، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٣٣ ح ٦٦.

(١) في المصدر: عسرتك.

٢ - مناقب ابن شهر آشوب ج ٢ ص ٧٣.

٣ - مناقب ابن شهر آشوب: النسخة المطبوعة خالية من هذا الحديث، ورواه الكليني في الروضة ج ٨ ص ٧٩ ح ٣٣، وعنه في البحار ج ٧٧ ص ٦٨ ح ٨.

١٦٦

أُوصيك في نفسك خصال فاحفظها، ثمّ قال: اللهم أعنه - إلى أن قال - والخامسة الأخذ بسنّتي في صلواتي وصيامي وصدقتي - إلّا أن قال - وأمّا الصّدقة فجهدك، حتّى تقول قد أسرفت ».

٦ -( باب استحباب الصّدقة ولو بالقليل، على الغني والفقير)

[ ٧٩٤٢ ] ١ - السيّد فضل الله الرّاوندي في نوادره: بإسناده الصحيح عن موسى بن جعفر، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : كلّكم مكلّم ربّه يوم القيامة ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أمامه فلا يجد إلّا ما قدّم، وينظر عن يمينه فلا يجد إلّا ما قدم، ثمّ ينظر عن يساره فإذا هو بالنّار، فاتّقوا النّار ولو بشقّ تمرة، فإن لم يجد أحدكم فبكلمة طيّبة ».

[ ٧٩٤٣ ] ٢ - وروى في دعواته: عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « الصّدقة تصدّ(١) سبعين باباً من الشّرور(٢) ، [ وروي ](٣) أن سائلاً وقف على خيمة وفيها امرأة وبين يديها صبّي في المهد، وكانت تأكل وما بقي إلّا لقمة فاعطته، فلمّا كان بعد ساعة اختطف الذئب ولدها من المهد، فتبعته قليلاً فرمى به من غير سوء، وسمعت هاتفاً يقول: لقمة بلقمة »(٤) .

____________________________

الباب - ٦

١ - نوادر الراوندي ص ٣، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٣١ ح ٦٢.

٢ - دعوات الراوندي ص ٤٤، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٣٢ ح ٦٤.

(١) في المصدر: تسدّ بها.

(٢) في المصدر: الشر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

(٤) الدعوات ص ٨٢ باختلاف في الألفاظ.

١٦٧

[ ٧٩٤٤ ] ٣ - أمالي ابن الشّيخ: عن أبيه، عن المفيد، عن المظفر بن محمّد، عن محمّد بن همام، عن أحمد بن مابندار، عن منصور بن العبّاس، عن الحسن بن علي الخزّاز، عن علي بن عقبه، عن سالم بن أبي حفصة، قال: لمـّا هلك أبو جعفر محمّد بن علي الباقرعليهما‌السلام ، قلت لأصحابي: انتظروني حتّى أدخل على أبي عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام فأُعزّيه، فدخلت عليه فعزّيته، ثمّ قلت: إنّا لله وإنا إليه راجعون، ذهب والله من كان يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فلا يسأل عمّن بينه وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والله لا يرى مثله أبداً، قال: فسكت أبو عبداللهعليه‌السلام ساعة، ثمّ قال: « قال الله عزّوجلّ: إنّ من [ عبادي من ](١) يتصدق بشقّ تمرة، فأربيها له كما يربي أحدكم فلوه، حتّى أجعلها له مثل أحد » فخرجت إلى أصحابي فقلت: ما رأيت أعجب من هذا، كنّا نستعظم قول أبي جعفرعليه‌السلام : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، بلا واسطة، فقال لي أبو عبداللهعليه‌السلام : قال الله عزّوجلّ، بلا واسطة.

[ ٧٩٤٥ ] ٤ - تفسير الإمامعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : عباد الله، أطيعوا الله في أداء الصّلوات المكتوبات، والزّكوات المفروضات، وتقرّبوا إلى الله بعد ذلك بنوافل الطّاعات، فأنّ الله عزّوجلّ يعظّم به المثوبات، والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً، أنّ عبداً من عباد الله، ليقف يوم القيامة موقفاً يخرج عليه من لهب النّار أعظم من جميع جبال الدّنيا، حتّى ما يكون بينه وبينها حائل، بينا هو كذلك

____________________________

٣ - أمالي الطوسي ج ١ ص ١٢٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٢٢ ح ٣٠.

(١) أثبتناه من المصدر والبحار.

٤ - تفسير الإمام العسكريعليه‌السلام ص ٢١٧.

١٦٨

قد تحير، إذا تطاير بين الهواء رغيف أو حبّة فضّة، قد واسى بها أخاً مؤمناً على إضافته، فتنزل حواليه فتصير كأعظم الجبال مستديراً حواليه، تصدّ عنه ذلك اللّهب، فلا يصيبه من حرّها ولا دخانها شئ إلى أن يدخل الجنّة » الخبر.

[ ٧٩٤٦ ] ٥ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: مرسلاً: أنّ العبد إذا تصدّق بلقمة من الخبز أو بشقّ من التمر، يربيها الله تعالى وينميها حتّى تصير كجبل أُحد، ويأتي به الله تعالى يوم القيامة عند الميزان، فيحاسب فتصير كفّة حسناته خفيفة فيتحيّر الرّجل، فيأتى الله تعالى بصدقة فتوضع في كفّة حسناته فتصير ثقيلة، وترجّح على كفّة سيّئاته، فيقول العبد: يا إلهي ما هذه الطّاعة الثّقيلة الّتي لا أرى نفسي عملها؟ فيقول الله تعالى: هذا شقّ التّمر الّذي تصدّقت لي، في يوم كذا، كنت أُربيها لك إلى وقت حاجتك، لتكون فيها إغاثتك.

[ ٧٩٤٧ ] ٦ - وفيه وفي مجمع البيان: عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « إنّ الله تعالى يقبل الصّدقات، ولا يقبل منها إلّا الطّيب، ويربّيها لصاحبها كما يربّي أحدكم مهره أو فصيله، حتّى أنّ اللّقمة لتصير مثل أُحد ».

[ ٧٩٤٨ ] ٧ - نوادر علي بن أسباط: عن عمرو بن ساير، عن جابر، عن (أبي جعفر)(١) عليه‌السلام ، قال: « إنّ عابداً عبدالله في دير له

____________________________

٥ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٨٥.

٦ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٨٤، مجمع البيان ج ١ ص ٣٩.

٧ - نوادر علي بن أسباط ص ١٢٨.

(١) في المصدر: أبي عبدالله جعفرعليه‌السلام .

١٦٩

ثمانين سنة، ثمّ أشرف فإذا هو بامرأة، فوقعت في نفسه فنزل إليها فراودها عن نفسها، فأجابته فقضى حاجته منها، فلمّا قضى حاجته طرقه الموت واعتقل لسانه، فمرّ به سائل فأشار إليه بإصبعه أن خذ رغيفاً من كساه فأخذه، فأخبط الله عمل ثمانين سنة بتلك الزّنية، وغفر له بذلك الرّغيف فأدخله الجنّة ».

[ ٧٩٤٩ ] ٨ - إبن أبي جمهور في درر اللآلي: عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « إتّق الله(١) ولو بشقّ تمرة، فإن لم تجد فبكلمة طيّبة ».

٧ -( باب استحباب التّبكير بالصّدقة كلّ صباح وكلّ يوم، وأنّه لا بدّ فيها من النيّة)

[ ٧٩٥٠ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « ارغبوا في الصّدقة وبكروا بها، فما من مؤمن يتصدّق بصدقة حين يصبح، يريد بها ما عند الله، إلّا دفع الله بها عنه شرّ ما ينزل من السّماء في ذلك اليوم، أو قال: وقاه الله شرّ ما ينزل من السّماء في ذلك اليوم ».

[ ٧٩٥١ ] ٢ - القطب الرّاوندي في لبّ اللباب: عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « إنّ في بني آدم ثلاثمائة وستّين عظماً، فعلى كلّ عظم منها كلّ يوم صدقة ».

[ ٧٩٥٢ ] ٣ - الشّيخ المفيد في مجالسه: عن محمّد بن عمر الجعابي، عن

____________________________

٨ - درر اللآلي ج ١ ص ١٣.

(١) في المصدر: النار.

الباب - ٧

١ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣١ ح ١٢٥٣.

٢ - لب اللباب: مخطوط.

٣ - أمالي المفيد ص ٥٣ ح ١٦، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٢٩ ح ٥٣.

١٧٠

أحمد بن محمّد بن عقدة، عن جعفر بن عبدالله، عن أخيه، عن إسحاق بن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن محمّد بن هلال، قال: قال لي أبوك جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : « تصدق بشئ عند البكور، فإن البلاء لا يتخطّى الصّدقة ».

[ ٧٩٥٣ ] ٤ - وفي الاختصاص: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنّه قال: « لا خير في القول إلّا مع العمل، ولا في المنظر إلّا مع المخبر، ولا في المال إلّا مع الجود، ولا في الصّدق إلّا مع الوفاء، ولا في الفقه إلّا مع الورع، ولا في الصّدقة إلّا مع النيّة، ولا في الحياة إلّا مع الصحّة، ولا في الوطن إلّا مع الأمن والمسرّة ».

[ ٧٩٥٤ ] ٥ - ثقة الإسلام في الكافي: عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن بعض أصحابه، وعليّ بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، جميعاً عن محمّد بن أبي حمزة، عن حمران، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « فإذا رأيت الحقّ قد مات وذهب أهله - إلى أن قال - ورأيت الصّدقة بالشّفاعة، ولا يراد بها وجه الله، ويعطى لطلب النّاس - إلى أن قال - فكن مترقّباً، واجتهد ليراك الله عزّوجلّ في خلاف ما هم عليه » الخبر.

[ ٧٩٥٥ ] ٦ - السيد علي بن طاووس في فرج المهموم: نقلاً من كتاب التّوقيعات لعبدالله بن جعفر الحميري، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، بإسناده إلى الكاظمعليه‌السلام ، أنّه كتب إلى أخيه عليّ بن جعفر، وساقه إلى أن قال: « و(١) مرّ فلاناً - لا فجعنا الله به - بما يقدر عليه من

____________________________

٤ - الاختصاص ص ٢٤٣.

٥ - الكافي ج ٨ ص ٤١ ح ٧.

٦ - فرج المهموم ص ١١٥.

(١) ليست في المصدر.

١٧١

الصّيام - إلى أن قال - ولا يخلوا كلّ يوم أو يومين من صدقة على ستّين مسكيناً، أو(٢) ما يحركه عليه النيّة(٣) ، وما جرى وتم(٤) » الخبر.

[ ٧٩٥٦ ] ٧ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « على كلّ مسلم في كلّ يوم صدقة، قيل: فمن لم يجد؟ قال: فيعمل بيده، وينفع نفسه، ويتصدّق به » الخبر.

٨ -( باب استحباب الصّدقة عند توقع البلاء، والخوف من الاسواء والدّاء)

[ ٧٩٥٧ ] ١ - دعائم الإسلام: عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « يدفع بالصّدقة الدّاء، والدّبيلة، والغرق، والحرق، والهدم، والجنون » حتّى عدّ سبعين نوعاً من البلاء.

[ ٧٩٥٨ ] ٢ - وعن أبي جعفر محمّد بن عليّعليهما‌السلام ، أنّه قال: « كان في بني إسرائيل رجل له نعمة، ولم يرزق من الولد غير واحد، وكان له محبّاً وعليه شفيقاً، فلمّا بلغ مبلغ الرّجال زوّجه ابنة عمّ له، فأتاه آت في منامه فقال: إنّ ابنك هذا ليلة يدخل بهذه المرأة يموت، فاغتمّ لذلك غمّاً شديداً، وكتمه وجعل يسوّف الدّخول، حتّى الحتّ امرأته عليه وولده وأهل بيت المرأة، فلمّا لم يجد حيلة استخار الله وقال:

____________________________

(٢) في المصدر: و.

(٣) في المصدر: النسبة.

(٤) في المصدر: وما يجري ثم.

٧ - درر اللآلي ج ١ ص ١٤.

الباب - ٨

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٢.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٢ باختلاف بسيط في الالفاظ.

١٧٢

لعلّ ذلك كان من الشّيطان، فادخل أهله عليه وبات ليلة دخوله قائماً يصلّي وينتظر ما يكون من الله، حتّى إذا أصبح غدا على فأصابه على أحسن حال، فحمد الله وأثنى عليه، فلمّا كان اللّيل نام فأتاه ذلك الذي كان أتاه في منامه فقال: إنّ الله عزّوجلّ دفع عن ابنك وأنسأ(١) أجله، بما صنع بالسّائل، فلمّا أصبح غدا على ابنه فقال: يا بنيّ هل كان لك صنيع صنعته بسائل في ليلة ابتنائك بامرأتك؟ فقال: وما أردت من ذلك؟ قال: تخبرني به، فاحتشم(٢) منه، فقال: لا بدّ من أن تخبرني بالخبر، قال: نعم لمـّا فرغنا ممـّا كنّا فيه من إطعام النّاس، بقيت لنا فضول كثيرة من الطّعام، وأدخلت إلى المرأة، فلمّا خلوت بها ودنوت منها، وقف سائل بالباب فقال: يا أهل الدّار واسونا ممـّا رزقكم الله، فقمت إليه وأخذت بيده وأدخلته وقرّبته إلى الطّعام، وقلت له: كلّ من الطّعام، فأكل حتّى صدر(٣) ، وقلت: ألك عيال؟ قال: نعم، قلت، فاحمل إليهم ما أردت، فحمل ما قدر عليه، وانصرف وانصرفت أنا إلى أهلي، فحمد الله أبوه، وأخبره بالخبر ».

[ ٧٩٥٩ ] ٣ - وعن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، أنّه نظر إلى حمام مكّة، قال: « أتدرون ما سبب كون هذا الحمام في الحرم؟: قالوا: ما هو يا ابن رسول الله؟ قال: » كان في أوّل الزّمان، رجل له دار فيها نخلة قد آوى إلى خرق في جذعها حمام، فإذا فرّخ صعد الرّجل فأخذ فراخه فذبحها، فأقام بذلك دهراً طويلاً لا يبقى له نسل، فشكا ذلك

____________________________

(١) النسَأ: التاخير (مجمع البحرين - نسأ - ج ١ ص ٤١٤).

(٢) احتشم: استحى. (مجمع البحرين - حشم - ج ٦ ص ٤١).

(٣) الصَّدَر: الانصراف عن الشئ (لسان العرب - صدر - ج ٤ ص ٤٤٨) والمراد هنا الشبع.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٢ باختلاف يسير في الالفاظ.

١٧٣

الحمام إلى الله عزّوجلّ ممـّا ناله من الرّجل، فقيل له: إن رقى إليك بعد هذا فأخذ لك فرخاً، صرع عن النّخلة فمات، فلمّا كبرت فرخ الحمام رقى إليها الرّجل، ووقف الحمام لينظر إلى ما يصنع، فلمّا توسّط الجذع وقف سائل بالباب، فنزل فأعطاه شيئاً ثمّ ارتقى فأخذ الفراخ، ونزل بها فذبحها ولم يصبه شئ، فقال الحمام: ما هذا يا ربّ؟ فقيل له: إنّ الرّجل تلافى نفسه بالصّدقة فدفع عنه، وأنت فسوف يكثر الله في نسلك ويجعلك وإيّاهم بموضع لا يهاج(١) منهم شئ إلى أن تقوم السّاعة، وأتى به إلى الحرم فجعل فيه » وفيه برواية(٢) أخرى: « فألهمه الله عزّوجلّ المصير إلى هذا الحرم، وحرم صيده فأكثر ما ترون من نسله، وهو أوّل حمام سكن الحرم ».

[ ٧٩٦٠ ] ٤ - القطب الرّاوندي في قصص الأنبياء: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « كان ورشان يفرخ في شجرة، وكان رجل يأتيه إذا أدرك الفرخان فيأخذ الفرخين، فشكا ذلك الورشان إلى الله عزّوجلّ، فقال: إنّي سأكفيكه، فأفرخ الورشان، وجاء الرّجل ومعه رغيفان فصعد الشّجرة، وعرض له سائل فأعطاه أحد الرّغيفين، ثمّ صعد فأخذ الفرخين ونزل بهما، فسلّمه الله تعالى لمـّا تصدّق به ».

[ ٧٩٦١ ] ٥ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « كانوا يرون أنّ الصّدقة

____________________________

(١) لم يَهْجِه: أي لم يزعجه ولم ينفره. (لسان العرب - هيج - ج ٢ ص ٣٩٥).

(٢) دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٦ ح ١٢٦٧.

٤ - قصص الأنبياء ص ١٨١، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٢٦ ح ٤٠.

٥ - الجعفريات ص ٥٦.

١٧٤

يدفع بها عن الرّجل المظلوم ».

[ ٧٩٦٢ ] ٦ - وعن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « البلايا لا تتخطّى على الصّدقة، أنّ الصّدقة لتدفع سبعين باباً من السّوء ».

[ ٧٩٦٣ ] ٧ - عوالي اللآلي: عن العلّامة الحلّي في بعض كتبه، قال: مرّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يوماً بيهودي يتحطّب(١) في صحراء، فقال لأصحابه: « إنّ هذا اليهودي لتلدغه اليوم حيّة ويموت » فلما كان آخر النّهار رجع اليهودي بالحطب على رأسه على جاري عادته، فقال له الجماعة: يا رسول الله، ما عهدناك تخبر بما لم يكن! فقال: « وما ذاك؟ » قالوا: إنّك أخبرت اليوم، بأنّ هذا اليهودي تلدغه أفعى ويموت، وقد رجع، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « عليّ به » فأتي به إليه، فقال: « يا يهودي، ضع الحطب وحلّه » فحلّه فرأى فيه أفعى، فقال: « يا يهودي، ما صنعت اليوم من المعروف؟ » فقال: ما صنعت شيئاً غير إني خرجت ومعي كعكتان، فأكلت احداهما ثمّ سألني سائل فدفعت إليه الأخرى، فقال: « تلك الكعكة خلصتك من الأفعى » فأسلم على يده.

____________________________

٦ - الجعفريات:

٧ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٣٧٣ ح ٨٧.

(١) الظاهر أن صوابه « يحتطب ».

١٧٥

٩ -( باب استحاب قناعة السّائل، ودعائه لمن أعطاه، وزيادة إعطاء القانع الشّاكر، وردّ غير القانع)

[ ٧٩٧٤ ] ١ - مجموعة الشهيد: بخطّ الشّيخ شمس الدّين محمّد بن عليّ الجباعي، قال: قال السيّد تاج الدّين بن معيّة - ورفع إسناده إلى غوث السّينسي - قال: مرّ بنا جابر بن عبدالله الأنصاري في بعض أخطاره، فاستنزلناه فنزل فبات بنا وأصبح، فلمّا علمت أنّه أنس الرّاحة، قلت له: يا جابر، هلّا أخبرتنا شيئاً من مكارم أخلاق أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ؟ فقال: كنت أنا وقنبر وعليّعليه‌السلام ، فبينا نحن قعود إذ هدف إلينا أعرابي، فقال: السّلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فقال عليعليه‌السلام : « عليك السلام ورحمة الله وبركاته، يا أخا العرب » فقال الاعرابي: يا أمير المؤمنين، إنّ لي إليك حاجة، قد رفعتها إلى الله قبل أن أرفعها إليك، فإن أذنت بقضائها حمدنا الله وشكرناك، وإن لم تقضها شكرنا الله وعذرناك، فقال عليعليه‌السلام : « خطّ حاجتك على الأرض، فإنّي أري أثر الفقر عليك بيّناً » فكتب على الأرض: أنا فقير، فقال عليّعليه‌السلام : « يا قنبر أعطه حلّتي » فأحضرها وأفرغها عليه، فأنشده:

كسوتني حلة تبلى محاسنها

فسوف أكسوك من حسن الغنا حللا

إن نلت حسن ثناء نلت مكرمة

ولست تبغي بما قد نلته بدلا

إنّ الثناء ليحيى ذكر صاحبه

كالغيث يحيي نداه السهل والجبلا

____________________________

الباب - ٩

١ - مجموعة الشهيد: مخطوط وفي البحار ج ٤١ ص ٣٤ ح ٧ عن أمالي الصدوق نحوه.

١٧٦

قال: فلمّا سمع كلام الاعرابي، قال: « يا أخا العرب، أما إذا كان معك هذا فادن إلى هاهنا » فلمّا دنا منه، قال: « أعطه يا قنبر من بيت مال المسلمين خمسين ديناراً » قال جابر: فقلت: يا أمير المؤمنين، أمرته أن يخطّ بين يديك، فكتب أنا فقير، فأمرت له بحلتك فافرغت عليه، فأنشد أبياتاً فرفعت منزلته إليك، وأمرت له بخمسين ديناراً، فقال عليعليه‌السلام : « نعم يا جابر، سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول: أنزلوا النّاس منازلهم ».

ورواه الصّدوق في الأمالي(١) : مسنداً، والشّيخ ابراهيم الكفعمي في كتاب مجموع الغرائب(٢) ، عن كتاب فتاوى الفتاوات، وفي روايتهما اختلاف، وقد أخرجتهما في كتابنا المسمّى بالكلمة الطّيبة.

[ ٧٩٦٥ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن عليّ بن الحسينعليهما‌السلام ، أنّه كان إذا أعطى السّائل شيئاً فيسخطه(١) ، انتزعه منه وأعطاه غيره.

[ ٧٩٦٦ ] ٣ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « وكان أبيعليه‌السلام ربّما اختبر السؤال، ليعلم القانع من غيره، وإذا وقف به السّائل أعطاه الرّاس، فإن قبله قال: دعه، وأعطاه من اللّحم، وإن لم يقبله، تركه ولم يعطه شيئاً ».

[ ٧٩٦٧ ] ٤ - الحافظ البرسي في مشارق الأنوار: أنّ فقيراً سأل الصّادق

____________________________

(١) أمالي الصدوق ص ٢٢٥ ح ١٠.

(٢) مجموع الغرائب:

٢ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٤٠ ح ١٢٧٦.

(١) في المصدر: فيتَسخَّطُه.

٣ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ١٨٥ ح ٦٧٠ قطعه منه

٤ - مشارق أنوار اليقين ص ٩٣، وعنه في البحار ج ٤٧ ص ٦١.

١٧٧

عليه‌السلام ، فقال لعبده: « ما عندك؟ » قال: أربعمائة درهم، قال: « أعطه إيّاها » فأعطاه فأخذها ووليّ شاكراً، فقال لعبده: « أرجعه » فقال: يا سيّدي سئلت فأعطيت، فماذا بعد العطاء؟ فقال له: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خير الصّدقة ما أبقت غنى(١) ، وإنّا لم نغنك، فخذ هذا الخاتم فقد أُعطيت فيه عشرة آلاف درهم، فإذا احتجت فبعه بهذه القيمة ».

[ ٧٩٦٨ ] ٥ - القطب الرّاوندي في لبّ اللّباب: روي أنّ ملك الموت دخل على سليمانعليه‌السلام ، وعنده رجل فقال: لم يبق من عمره إلّا خمسة أيّام، ثمّ تصدّق الرّجل برغيف، فقال السّائل: مدّ الله في عمرك، فزاد الله في عمره خمسين سنة.

١٠ -( باب استحباب افتتاح النّهار بالصّدقة، وافتتاح اللّيل بالصّدقة، وافتتاح الخروج في ساعة النّحوس وغيرها بالصّدقة)

[ ٧٩٦٩ ] ١ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام ، قال: « كانت أرض بين أبي ورجل فأراد قسمتها، وكان الرّجل صاحب نجوم، فنظر السّاعة التي فيها السّعود فخرج فيها، ونظر إلى السّاعة التي فيها النحوس فبعث إلى أبي، فلمّا اقتسما الأرض خرج خير السّهمين لأبي، فجاء صاحب النّجوم فتعجّب، فقال له أبي:

____________________________

(١) في المصدر: عني.

٥ - لبّ اللباب: مخطوط.

الباب - ١٠

١ - الجعفريات ص ٥٦.

١٧٨

مالك؟ فأخبره الخبر، فقال له أبي: أدلّك على خير ممـّا صنعت، إذا أصبحت فتصدّق بصدقة يذهب عنك نحسن ذلك اليوم، وإذا أمسيت فتصدق بصدقة يذهب عنك نحس تلك اللّيلة ».

[ ٧٩٧٠ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، أنّه قال: « ارغبوا في الصّدقة وبكّروا بها، فما من مؤمن يتصدّق بصدقة حين يصبح، يريد بها ما عند الله، إلّا دفع الله بها عنه شرّ ما ينزل من السّماء في ذلك اليوم، أو قال: وقاه الله شرّ ما ينزل من السّماء في ذلك اليوم ».

[ ٧٩٧١ ] ٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه كان له مولى بينه وبين رجل دار، فمات فورثه، فأرسل إلى الرّجل ليقسم الدّار معه، وكان الرّجل صاحب نجوم فتثاقل عن قسمتها، فتوخى السّاعة التي فيها سعوده، فجاء إلى أبي عبداللهعليه‌السلام فيها(١) ، فأرسل معه من يقاسمها(٢) ، وكان الرّجل يهوى منها سهماً، فخرج السّهم لأبي عبداللهعليه‌السلام ، فلمّا رأى ذلك الرّجل أخبره بالخبر، فقال: « أفلا أدلك على خير ممـّا قلت؟ » قال: نعم جعلني الله فداك: « تصدّق بصدقة إذا أصبحت، يذهب عنك نحس يومك، وتصدّق بصدقه إذا أمسيت، يذهب عنك نحس ليلتك، ولولا [ أن ](٣) ترى أنّ النّجم أسعدك، لتركنا حصّتنا لك من هذه الدّار ».

[ ٧٩٧٢ ] ٤ - السيّد عليّ بن طاووس في كتاب فرج المهموم: نقلاً من كتاب

____________________________

٢ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣١ ح ١٢٥٣.

٣ - دعائم الإسلام ج ٢ ص ٣٣٢ ح ١٢٥٤.

(١) ليس في المصدر.

(٢) في المصدر: يقاسمه.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٤ - فرج المهموم ص ١٢٤، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٢٩ ح ٥٤.

١٧٩

التجمّل، عن ابن أذينة، عن ابن أبي عمير، قال: كنت أبصر بالنّجوم وأعرفها وأعرف الطّالع، فيدخلني شئ من ذلك، فشكوت ذلك إلى أبي عبداللهعليه‌السلام ، فقال: « إذا وقع في نفسك شئ [ من ذلك ](١) فخذ شيئاً وتصدّق على أوّل مسكين تلقاه، فإنّ الله تعالى يدفع عنك ».

[ ٧٩٧٣ ] ٥ - الصّدوق في الهداية: عن الصّادقعليه‌السلام ، أنّه قال: « تصدّق واخرج أيّ يوم شئت ».

[ ٧٩٧٤ ] ٦ - الرّاوندي في لبّ اللّباب: روي أنّ عليّاًعليه‌السلام ، لم يملك غير أربعة دراهم، فتصدّق بدرهم ليلاً، وبدرهم نهاراً، وبدرهم سرّاً، وبدرهم علانية، فقال النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما حملك على هذا؟ فنزل( الّذينيُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (١) فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ألا أنّ لك ذلك ».

[ ٧٩٧٥ ] ٧ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن أبي إسحاق، قال: كان لعليّعليه‌السلام - وساق إلى قوله - ما حملك على ما صنعت؟ قال: إنجاز موعود الله، فأنزل الله الآية.

____________________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٥ - الهداية ص ٤٥، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ١٣٧ ح ٧٠.

٦ - لب اللباب: مخطوط.

(١) البقرة ٢: ٢٧٤.

٧ - تفسير العياشي ج ١ ص ١٥١ ح ٥٠٢.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

ولا يضرّ بهذا ولا بأُولئك، وذلك بما وضَع لها مِن شروط:

١ - فهو لا يجيز اكتساب المال وتملّكه إلاّ بطرقٍ مشروعة محلّلة، وحرّم ما سِوى ذلك كالربا والرشا والاحتكار، واكتناز المال الذي فرَض اللّه فيه نصيباً للفقراء، أو ابتزازه غصباً.

٢ - شرّع قانون الإرث المُوجب لتفتيت الثراء وتوزيعه على عدَد مِن الورّاث في كلّ جيل.

٣ - شرّع الفرائض الماليّة لإعانة الفقراء وإنعاشهم، كالزكاة والخُمس والكفّارات وردّ المظالم.

وقد استطاع الإسلام بمبادئه الاقتصاديّة الحكيمة أنْ يُشيع بين المسلمين روح التعاطف والتراحم، ويحقّق العدل الاجتماعي فيهم، فلا تجِد بينهم جائعاً إزاء مُتخَم، ولا عارياً إزاء مكتسٍ بالحرير.

٧ - حق الرعاية الإسلاميّة:

كان مِن أبرَز خصائص المجتمع الإسلامي ومزاياه، ذلك التجاوب العاطفي، والأحاسيس الأخويّة المتبادلة بين أفراده، ما جعلهم كالبُنيان المرصوص يشدّ بعضه بعضاً، أو كالجسَد الواحد إذا اشتكى عضوٌ تألّمت له سائر الأعضاء.

فما كان للمسلم الحقّ أنْ يتغاضى عن الاهتمام بشؤون مجتمعه، ورعاية مصالحه العامّة، والحرص على رقيّه وازدهاره، كما قال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله :

٤٨١

( مَن أصبح لا يهتم بأُمور المسلمين فليس بمسلم )(١).

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما آمَن بي مَن بات شبْعان وجاره جائع، وما مِن أهل قريةٍ فيهم جائع ينظر اللّه إليهم يوم القيامة )(٢).

وما كان للمجتمع الإسلامي أنْ يتغاضى عن رعاية أفراده البؤساء، وهُم يعانون مرارة الفاقة ومضض الحرمان، دون أنْ يتحسّس بمشاعرهم ويتطوّع لإغاثتهم والتخفيف مِن ضُرّهم.

وحسبُك في شرف المؤمن وضرورة دعمه وإسناده، دعوة أهل البيتعليهم‌السلام وحثّهم على توقيره وإكرامه ورعايته مادّياً ومعنويّاً ما لو طبَقه المسلمون اليوم لكانوا أسعد الأُمم، وأرغدهم عيشاً وأسماهم منعةً وجاهاً.

وإليك نماذج مِن وصاياهم في ذلك:

أ - إطعامه وسقيه:

قال عليّ بن الحسينعليه‌السلام : ( مَن أطعَم مؤمناً مِن جوعٍ، أطعمه اللّه مِن ثِمار الجنّة، ومَن سقى مؤمناً سقاه اللّه مِن الرحيق المختوم )(٣).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مَن أطعم مؤمناً حتّى يشبعه لم يدرِ أحدٌ مِن خلقِ اللّه ماله مِن الأجر في الآخرة، لا ملَكٌ مُقرّب، ولا نبيٌّ مُرسل إلاّ اللّه ربّ العالمين ).

ثمّ قال: ( مِن مُوجبات المغفرة إطعام المسلم السغبان )، ثمّ تلا قول اللّه

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ٩٩ عن الكافي.

(٢) الوافي ج ٣ ص ٩٦ عن الكافي.

(٣) الوافي ج ٣ ص ١٢٠ عن الكافي.

٤٨٢

تعالى:( أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيماً ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِيناً ذَا مَتْرَبَةٍ ) ( البلد: ١٤ـ١٥ـ١٦ )(١).

وعن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن سقى مؤمناً شُربةً مِن ماء مِن حيثُ يقدّر على الماء، أعطاه اللّه بكلّ شربةٍ سبعينَ ألفَ حسنةٍ، وإنْ سقاه مِن حيث لا يقدِر على الماء، فكأنّما أعتق عشرَ رِقاب مِن وِلد إسماعيل )(٢).

ب - إكساء المؤمن:

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مَن كسا أخاه كسوةً، شتاءً أو صيف، كان حقّاً على اللّه أنْ يكسوه مِن ثياب الجنّة، وأنْ يهوّن عليه مِن سكَرات الموت وأنْ يوسّع عليه في قبره، وأنْ يلقى الملائكة إذا خرَج مِن قبره بالبشرى، وهو قوله تعالى في كتابه:( وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) )(٣) ( الأنبياء:١٠٣ ).

وقالعليه‌السلام : ( مَن كسا أحداً مِن فُقراء المسلمين ثوباً مِن عري، أو أعانة بشيءٍ ممّا يقوته مِن معيشته، وكّل اللّه تعالى به سبعة آلاف ملَك مِن الملائكة، يستغفرون لكلِّ ذنبٍ عمِله إلى أنْ يُنفخ في الصور..)

وعن أبي جعفرعليه‌السلام قال:( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مَن كسا أحداً.. ) الحديث مثله - إلاّ أنّ فيه سبعين ألف ملَك(٤) .

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ١٢٠ عن الكافي.

(٢)، (٣)، (٤) الوافي ج ٣ ص ١٢١ عن الكافي.

٤٨٣

ج - قضاء حاجة المؤمن:

عن المفضّل عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال: قال لي: ( يا مفضل، اسمع ما أقول لك، واعلم أنّه الحقّ، وافعله واخبر به علية إخوانك )، قلت: جُعلت فِداك وما علية إخواني ؟

قال: ( الراغبون في قضاء حوائج إخوانهم )، قال: ثمّ قال:

( ومَن قضى لأخيه المؤمن حاجة، قضى اللّه تعالى له يوم القيامة مِئة ألف حاجة، مِن ذلك أوّلها الجنّة، ومِن ذلك أنْ يدخل قرابته ومعارفه وإخوانه الجنّة، بعد أنْ لا يكونوا نصاباً )(١).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( ما قضى مسلم لمسلم حاجة إلاّ ناداه اللّه تعالى: عليّ ثوابك، ولا أرضى لك بدون الجنّة )(٢).

وقالعليه‌السلام : ( إنّ المؤمن منكم يوم القيامة ليمرّ به الرجل له المعرفة به في الدنيا وقد أُمر به إلى النار، والملَك ينطلق به، قال: فيقول له: يا فلان، أغثني فقد كُنت أصنع إليك المعروف في الدنيا، وأُسعفك في الحاجة تطلبها منّي، فهل عندك اليوم مكافأة ؟ فيقول المؤمن للملَك الموكّل به خلّ سبيله، قال: فيسمع اللّه قول المؤمن، فيأمر الملَك أنْ يَجبر قول المؤمن، فيُخلّي سبيله )(٣).

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ١١٧ عن الكافي.

(٢) الوافي ج ٣ ص ١١٨ عن الكافي.

(٣) البحار. كتاب العشرة. ص ٨٦ عن ثواب الأعمال للصدوق.

٤٨٤

د - مسرّة المؤمن:

عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام ، عن أبيه، عن عليّ بن الحسينعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ أحبَّ الأعمال إلى اللّه تعالى إدخال السرور على المؤمنين )(١).

وعن أبي عبد اللّهعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الخَلْق عِيال اللّه، فأحبُّ الخَلْق إلى اللّه مَن نفَعَ عِيالَ اللّه، وأدخَل على أهل بيتٍ سروراً )(٢).

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مَن أدخَل على مؤمن سروراً، خلَق اللّه مِن ذلك السرور خلْقاً فيَلقاه عند موته فيقول له: أبشِر يا ولي اللّه بكرامة من اللّه ورضوان، ثمّ لا يزال معه حتّى يدخله قبره، فيقول له مثل ذلك فإذا بُعِث يلقاه فيقول له مثل ذلك، ثمّ لا يزال معه عند كلّ هول يُبشّره ويقول له مثل ذلك، فيقول له: مَن أنت رحِمَك الله ؟ فيقول له: أنا السرور الذي أدخلته على فلان )(٣).

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ١١٧ عن الكافي.

(٢) الوافي ج ٣ ص ٩٩ عن الكافي.

(٣) الوافي ج ٣ ص ١١٧ عن الكافي.

٤٨٥

هـ - زيارة المؤمن:

عن أبي عزّة قال: سمِعت أبا عبد اللّهعليه‌السلام يقول: ( مَن زار أخاه في اللّه، في مرضٍ أو صحّة، لا يأتيه خِداعاً ولا استبدالاً، وكّل اللّه به سبعين ألفَ ملَك، ينادونه في قَفاه: أنْ طِبتَ وطابَت لك الجنّة، فأنتم زوّار اللّه وأنتم وفد الرحمان، حتّى يأتي منزله )(١).

وقالعليه‌السلام : ( إنّ ضيفَ اللّه عزّ وجل: رجلٌ حجّ واعتمر فهو ضيفُ اللّه حتّى يرجع إلى منزله، ورجلٌ كان في صلاته فهو كنَف اللّه حتّى ينصرف، ورجلٌ زار أخاه المؤمن في اللّه عز وجل فهو زائر اللّه في ثوابه وخزائن رحمته ).

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ١٠٧ عن الكافي.

٤٨٦

الحاكمون وواجباتهم

الإنسان مدنيٌّ بالطبع، لا يستغني عن إفراد نوعه، والأُنس بهم والتعاون معهم على إنجاز مهامّ الحياة، وكسب وسائل العيش.

وحيث كان أفراد البشَر متفاوتين في طاقاتهم وكفاءاتهم الجسميّة والفكريّة، فيهم القويّ والضعيف، والذكيّ والغبيّ، والصالح والفاسد، وذلك ما يُثير فيهم نوازع الإثرة والأنانيّة والتنافس البغيض على المنافع والمصالح، ممّا يُسبّب بلبلة المجتمع، وهدْر حقوقه وكرامته ؛ لذلك كان لا بدّ للأُمم مِن سلطةٍ راعيةٍ ضابطة، ترعى شؤونَهم وتحمي حقوقهم، وتشيع الأمن والعدل والرخاء فيهم.

ومِن هنا نشأت الحكومات وتطوّرت عِبر العصور مِن صورها البدائيّة الأُولى حتّى بلغَت طورها الحضاري الراهن، وكان للحكّام أثرٌ بليغ في حياة الأٌمم والشعوب وحالاتها رقياً أو تخلفاً، سعادة أو شقاءً، تبعاً لكفاءة الحكام وخصائصهم الكريمة أو الذميمة.

فالحاكم المثالي المُخلص لامته هو: الذي يسوسها بالرفق والعدل والمساواة، ويحرص على إسعادها ورفع قيمتها المادية والمعنويّة.

والحاكم المستبدّ الجائر هو: الذي يستعبد الأُمّة ويسترقّها لأهوائه ومآربه ويعمَد على إذلالها وتخلّفها، وقد أوضحت آثار أهل البيتعليهم‌السلام أهميّة الحكّام وآثارهم الحسنة أو السيّئة في حياة الأُمّة، فأثنت على العادلين المُخلصين منهم، وندّدت بالجائرين وأنذرتهم بسوء المغبّة والمصير.

٤٨٧

فعن الصادق عن أبيهعليهما‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صنفان مِن أُمّتي إذا صلُحا صلحت أُمّتي، وإذا فسدا فسدت. قيل يا رسول اللّه ومن هما؟ قال: الفقهاء والأُمراء )(١) .

وعن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ( تُكلّم النار يوم القيامة ثلاثة: أميراً، وقارياً، وذا ثروةٍ مِن المال، فتقول للأَمير: يا مَن وهَب اللّه له سُلطاناً فلَم يعدِل، فتزدرده كما يزدرد الطير حبَّ السمسم، وتقول للقارئ: يا من تزيّن للناس وبارَز اللّه بالمعاصي فتزدرده،

وتقول للغنيّ: يا من وهَب اللّه له دُنياً كثيرةً واسعةً فيضاً، وسأَله الحقير اليسير فرضاً فأَبى إلاّ بُخلاً فتزدرده )(٢).

ولم يكتفِ أهل البيتعليهم‌السلام بالإعراب عن سخَطِهم على الظلم والظالمين ووعيدهم، حتّى اعتبروا أنصارهم والضالعين في رِكابهم شُركاء معهم في الإثم والعقاب.

فعن الصادق عن أبيهعليهما‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ. أين الظَّلَمة وأعوانهم، ومَن لاقَ لهم دواة، أو ربط لهم كيساً، أو مدّ لهم مدّة قلم ؟ فاحشروهم معهم )(٣).

والطغاة مهما تجبروا وعتوا على الناس، فإنّهم لا محالة مؤاخذون بما

_____________________

(١)، (٢) البحار. كتاب العشرة. ص ٢٠٩ عن الخصال.

(٣) البحار. كتاب العشرة ص ٢١٨ عن ثواب الأعمال للصدوق.

٤٨٨

يستحقّونه مِن عقابٍ عاجلٍ أو آجل، فالمكر السيّئ لا يحيق إلاّ بأهلهِ ولعنةُ التاريخ تُلاحق الطواغيت، وتمطرهم بوابلٍ الذمِّ واللعن، وتنذرهم بسوءِ المغبّة والمصير، وفي التاريخ شواهدٍ جمّة على ذلك.

منها ما حكاه الرواة عن ابن الزيّات: إنّه كان قد اتّخذ في أيّام وزارته تنّوراً مِن حديد، وإطراف مساميره محدودة إلى داخل وهي قائمة مثل رؤوس المسال، وكان يعذّب فيه المصادرين وأرباب الدواوين المطلوبين بالأموال، فكيف ما انقلب واحدٌ منهم أو تحرّك مِن حرارة العقوبة تدخل المسامير في جسمه، فيجدون لذلك أشدّ الألَم ولم يسبقه أحدٌ إلى هذه المعاقبة.

فلمّا تولّى المتوكّل الخلافة اعتقل ابن الزيّات، وأمر بإدخاله التنّور وقيّده بخمسة عشَر رطلاً مِن الحديد، فأقام في التنّور أربعين يوماً ثمّ مات(١) .

ومنها: الحجّاج بن يوسف الثقفي.

فإنّه تأمّر عشرين سنة، و أُحصي مَن قتله صبراً سِوى مَن قُتِل في عساكره وحروبه فوجد - مِئة ألف وعشرين ألفاً - وفي حبسه خمسون ألف رجل، وثلاثون ألف امرأة، منهنّ ستّة عشر ألفاً مُجرّدة، وكان يحبس النساء والرجال في موضعٍ واحد، ولم يكن للحبس سترٌ يستُر الناس مِن الشمس في الصيف، ولا مِن المطر والبرد في الشتاء.

ثمّ لاقى جزاء طُغيانه وإجرامه خِزياً ولعناً وعذاباً، وكانت عاقبة أمره أنّه ابتلي بالآكلة في جوفه، وسلّط اللّه عزّ وجل عليه الزمهرير،

_____________________

(١) سفينة البحار ج ١ ص ٥٧٤.

٤٨٩

فكانت الكوانين المتوقّدة بالنار تُجعَل حوله، وتُدنى منه حتّى تحرق جِلده وهو لا يحسّ بها، حتّى هلَك عليه لعائن اللّه.

حقوق الرعيّة على الحاكم:

والحاكم بصفته قائد الأُمّة وحارسها الأمين مسؤول عن رعايتها وصيانة حقوقها، وضمان أمنها ورخائها، ودرء الأخطار والشرور عنها.

وإليك أهمّ تلك الحقوق:

أ - العدل:

وهو أقدس واجبات الحكّام، وأجلّ فضائلهم، وأخلَد مآثرهم، فهو أساس المُلك، وقوام حياة الرعيّة، ومصدر سعادتها وسلامها. وكثيراً ما يُوجب تمرّد الناس على اللّه تعالى، وتنكبّهم عن طاعته ومنهاجه تسلّط الطغاة عليهم واضطهادهم بألوان الظُّلامات كما شهدت بذلك أحاديث أهل البيتعليهم‌السلام :

فعن الصادقعليه‌السلام عن آبائه عن عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام قال:

( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قال اللّه جلّ جلاله: أنا اللّه لا إله إلاّ أنا خلقت الملوك وقلوبهم بيدي، فأيُّما قومٍ أطاعوني جعلتُ قلوبَ الملوك عليهم رحِمَة، وأيُّما قومٍ عصوني جعلتُ قلوبَ الملوك عليهم سخِطة، ألا لا تشغلوا أنفسكم بسبِّ الملوك، توبوا إليّ أعطف قلوبهم عليكم )(١) .

_____________________

(١) البحار. كتاب العشرة ص ٢١٠ عن أمالي الشيخ الصدوق.

٤٩٠

وقد بحثت في القسم الأوّل مِن هذا الكتاب موضوع العدل وفضائله وأنواعه فراجعه هناك.

ب - الصلاح:

ينزع غالب الناس إلى تقليد الحكّام والعظماء تشبّهاً بهم ومحاكاةً لهم، ورغبةً في جاههم ومكانتهم.

ولهذا وجَب اتّصاف الحاكم بالصلاح وحُسن الخُلُق وجمال السيرة والسلوك ليكون قدوةً صالحة ونموذجاً رفيعاً تستلهمه الرعيّة وتسير على هديه ومنهاجه.

وانحراف الحاكم وسوء أخلاقه وأفعاله يدفع غالب الرعيّة إلى الانحراف وزجّها في متاهات الغواية والضلال، فيعجز الحاكم آنذاك عن ضبطها وتقويمها.

ونفسك فاحفظها مِن الغيّ والردى

فمتى تغواها تغوي الذي بكَ يَقتدي

وفي التأريخ شواهدٌ جمّة على تأثّر الشعوب بحكّامها، وانطباعها بأخلاقهم وسجاياهم حميدةً كانت أو ذميمة كما قيل: - الناس على دين ملوكهم.

ج - الرفق:

ويجدر بالحاكم أنْ يسوس الرعيّة بالرفق وحُسن الرعاية، ويتفادى سياسة العُنف والإرهاب، فليس شيءٌ أضرّ بسمعة الحاكم وزعزعة كيانه مِن الاستبداد والطغيان.

وليس شيءٌ أضرّ بالرعيّة، وأدعى إلى إذلالها وتخلّفها مِن أنْ تُساس بالقسوة والاضطهاد.

فعن أبي جعفرعليه‌السلام قال: ( قال رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله إنّ الرفق لم يوضع على شيء إلاّ زانه، ولا نُزِع مِن شيءٍ إلاّ شانه )(١) .

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ٨٦ عن الكافي.

٤٩١

وقال الصادقعليه‌السلام : ( مَن كان رفيقاً في أمره، نال ما يُريد مِن الناس )(١) .

وقال أمير المؤمنينعليه‌السلام في عهده إلى مالك الأشتَر: ( وأشعِر قلبَك الرحمة للرعيّة، والمحبّة لهم واللطف بهم، ولا تكوننّ سبُعاً ضارياً تغتنم أكلَهم، فإنّهم صنفان: إمّا أخٌ لك في الدين، وإمّا نظيركَ في الخلق، يفرط منهم الزلَل، وتعرُض لهم العِلل، ويُؤتي على أيديهم في العمد والخطأ، فاعطهم مِن عفوك وصفحك مثل الذي تحبّ وترضى أنْ يعطيك اللّه مِن عفوه وصفحه، فإنّك فوقهم، ووالي الأمر عليك فوقك، واللّه فوق مَن ولاّك، وقد استكفاك أمرهم وابتلاك بهم ).

وبديهيّ أنّ الرفق لا يجمل وقعه ولا يحمد صنيعه إلاّ مع النبلاء الأخيار، أمّا الأشرار العابثون بأمن المجتمع وحرماته فإنّهم لا يستحقّون الرفق ولا يليق بهم، إذ لا تجديهم إلاّ القسوة الزاجرة والصرامة الرادعة عن غيّهم وإجرامهم.

إذا أنتَ أكرمت الكريم ملكته

وإنْ أنت أكرمت اللئيم تمرّدا

ووضع الندى في موضع السيف بالعلا

مضرٌ كوضعِ السيف في موضع الندى

مظاهر الرفق:

وللرفق صورٌ رائعة ومظاهر خلاّبة، تتجلّى في أقوال الحاكم وأفعاله.

_____________________

(١) الوافي ج ٣ ص ٨٧ عن الكافي.

٤٩٢

أ - فعليه أنْ يكون عف اللسان، مهذّب القول، مجانباً للبذاء.

ب - وأنْ يكون عطوفاً على الرعيّة يتحسّس بآلامها ومآسيها، فإذا داهمها خطر، وحاق بها بلاءٌ سارَع لنجدتها ومواساتها والتخفيف مِن بؤسها وعنائها.

ج - وأنْ يتفادى إرهاق الرعيّة بالإتاوات الباهضة، والضرائب الفادحة الباعثة على شقائها وعنتها.

آثار الرفق:

للرفق خصائص وآثار طيّبة تفيء على الحاكم والمحكوم بالخير والوئام. فهو مدعاة حبّ الرعيّة للراعي وإخلاصها له وتفانيها في سبيله.

كما هو عاصم للرعيّة عن الملق والنفاق الناجمين مِن رهبة الحاكم المتجبّر والخوف مِن بطشة وفتكه. وقد مدح اللّه رسوله الأعظم بالرفق والعطف فقال تعالى:

( فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ) ( آل عمران: ١٥٩ ).

د - اختبار الأعوان:

لا يستطيع الحاكم مهما أوتي مِن قدرة وكفاءة أنْ يستقلّ بسياسة الرعيّة، ويضطلع بمهامّ الحُكم وإدارة جهازه، فهو لا يستغني عن أعوان يؤازرونه على تحقيق أهدافه وإنجاز أعماله.

٤٩٣

ولهؤلاء الأعوان أثرٌ كبيرٌ وخطير في توجيه الحاكم وتكييف أخلاقه وآرائه حسبما تتّصف به مِن خلالٍ وميولٍ رفيعةٍ أو وضيعة.

لذلك كان على الحاكم أنْ يختار بطانته وأعوانه مِن ذوي الكفاءة والنزاهة والصلاح، لتمحضه النصيحة، وتؤازره على إسعاد الرعيّة وتحقيق آمالها وأمانيها، دونما نزوع إلى إثرة أو محاباة تضرّ بصالح الرعيّة وتجحف بحقوقها.

هـ - محاسبة العمّال والموظفين:

كثيراً ما يزهو الموظّف بمنصبه ونفوذه، ويستحوذ عليه الغرور فيتحدّى الناس، ويتعالى عليهم، ويمتهن كرامتهم ويهمل أعمالهم ولا ينجزها إلاّ بدافعٍ مِن الطمع أو المُحاباة، الخوف أو الرجاء ممّا يُعرقل مهمّاتهم ويستثير سخطِهم وحنقهم على جهاز الحكم. لهذا يجب على الحاكم مراقبة الموظفين ومحاسبتهم على أعمالهم ومكافأة المُحسن منهم على إحسانه، ومعاقبة المُسيء على إساءته، ليؤدّي كلّ فردٍ منهم واجبة نحو المجتمع، وليستشعر الناس مفاهيم العزّة والكرامة والرخاء.

وبذلك تتّسق شؤون الرعيّة، ويسودها العدل، وتنجو مِن مآسي الملَق والتزلّف إلى الموظّفين بالرشا وألوان الشفاعات.

و - إسعاد الرعيّة:

والحاكم بوصفه قائد الأُمّة وراعيها الأمين، فهو مسؤول عن رعايتها والعناية بها، والحرص على إسعادها ورقيّها مادّياً وأدبيّاً. وذلك: بتفقّد شؤون الرعيّة، ورعاية مصالحها وضمان حقوقها وإشاعة الأمن والعدل والرخاء فيها، وتصعيد مستوياتها العلميّة والصحيّة والاجتماعيّة والأخلاقيّة

٤٩٤

والعمرانيّة: بنشر العِلم وتحسين طُرق الوقاية والعلاج وتهذيب الأخلاق والاهتمام بالتنمية الصناعيّة والزراعيّة والتجارية، بالأساليب العلميّة الحديثة واستغلال الموارد الطبيعيّة، وتشجيع المواهب والطاقات على الإبداع في تلك المجالات على أفضل وجه مُمكن.

وبذلك تتوطّد دعائم المُلك، وتعلو أمجاد الأُمم، وتتوثّق أواصر الودّ والإخلاص بين الحاكم والمحكوم، ويتبوّأ الحاكم عرش القلوب. ويحظى بخلود الذكر وطيب الثناء.

وقد عرضت في حقوق المجتمع الإسلامي طرَفاً مِن حقوق أفراده تندّرج في حقوق الرعيّة على الحاكم، باعتباره المسؤول الأوّل عن رعايتها وصيانة حقوقها، وضمان أمنها ورخائها.

حقوق الحاكم على الرعيّة

الحاكم العادل هو: قطب رَحى الأُمّة، ورائد نهضتها، وباني أمجادها، وحارسها الأمين، وهو عنصرٌ فعّال مِن عناصر المجتمع، وجزءٌ أصيل لا يتجزّأ عنه، لهذا وجَب أنْ يكون التجاوب في العواطف والمشاعر قويّاً بين الحاكم والمحكوم، والراعي والرعيّة ؛ ليستطيع الأوّل أداء رسالته الإصلاحيّة لأُمّته، وتحقيق أهدافها وأمانيّها، ولتنال الأُمّة في ظلال حكمه مفاهيم الطمأنيّنة والحريّة والرخاء.

لذلك كان للحاكم حقوق على الرعيّة إزاء حقوقها عليه، وكان على

٤٩٥

كل منهما رعاية حقوق الآخر، والقيام بواجبه نحوه.

وهذا ما أوضحه أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال:

( فليست تصلح الرعيّة إلاّ بصلاح الولاة، ولا تصلُح الولاة إلاّ باستقامة الرعيّة، فإذا أدّت الرعيّة إلى الوالي حقّه، وأدّى الوالي إليها حقّها، عزّ الحقّ بينهم، وقامت مناهج الدين واعتدلَت معالِم العدل، وجرت على إذلالها السُنن، فصلُح بذلك الزمان، وطمع في بقاء الدولة، ويئست مطامع الأعداء.

وإذا غلبَت الرعيّة واليها، وأجحَف الوالي برعيّته، اختلفت هناك الكلمة، وظهرت معالم الجور، وكثُر الإدغال في الدين، وتُرِكت محاجّ السنن، فعُمِل بالهوى وعُطّلت الأحكام، وكثُرت عِلل النفوس، فلا يستوحش لعظيم حقٍّ عُطّل، ولا لعظيم باطلٍ فُعِل، فهناك تذلّ الأبرار، وتعزّ الأشرار، وتعظُم تَبِعات اللّه عند العباد )(١).

وإليك مُجملاً مِن حقوق الحاكم:

١ - الطاعة: للحاكم حقّ الطاعة على رعيّته فيما يرضي اللّه عزّ وجل، حيثُ لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق.

والطاعة هي: المشجّع الأوّل للحاكم على إخلاصه للرعيّة، وتحسّسه بمشاعرها وآلامها، ودأبه على إسعادها وتحقيق آمالها وأمانيها.

أمّا التمرّد والعصيان والخُذلان فهي خلال مقيتة تستفزّ الحاكم وتستثير نقمته على الرعيّة، وبطشه بها، وتقاعسه على إصلاحها ورقيّها، ومِن

_____________________

(١) نهج البلاغة. مِن كلام لهعليه‌السلام في حقّ الحاكم على المحكوم.

٤٩٦

ثمّ إحباط جهوده الهادفة البنّاءة في سبيلها.

انظر كيف يوصي الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام شيعته بطاعة الحاكم: ( يا معشَر الشيعة، لا تذلّوا رقابكم بترك طاعة سلطانكم، فإنْ كان عادلاً فاسألوا اللّه إبقاءه، وإنْ كان جائراً فاسألوا اللّه إصلاحه، فإنّ صلاحكم في صلاح سلطانكم، وإنّ السلطان العادل بمنزلة الوالد الرحيم، فأحبّوا له ما تحبّون لأنفسكم، واكرهوا له ما تكرهون لأنفسكم )(١) .

٢ - المؤازرة: والحاكم مهما سمت كفاءته ومواهبه، فإنّه قاصر عن الاضطلاع بأعباء الملك، والقيام بواجبات الرعيّة وتحقيق منافعها العامّة، ومصالحها المشتركة إلاّ بمؤازرة أكفائها، ودعمهم له، ومعاضدتهم إيّاه بصنوف الجهود والمواهب الماديّة والمعنويّة، الجسميّة والفكريّة. وبمقدار تجاوبهما وتضامنهما يستتبّ الأمن، ويعمّ الرخاء ويسعد الراعي والرعيّة.

٣ - النصيحة: كثيراً ما يستبدّ الغرور بالحاكم، وتستحوذ عليه نشوة الحكم وسكرة السلطان، فينزع إلى التجبّر والطغيان، واستعباد الرعيّة، وخنق حرّيتها، وامتهان كرامتها، واستباحة حرماتها، وسومها سوء المذلّة والهوان.

وهذا ما يُحتّم على الغيارى مِن قادة الرأي، وأعلام الأُمّة أنْ يبادروا إلى نصحه وتقويمه، والحدّ من طغيانه، فإنْ أجدى ذلك، وإلاّ فقد أعذر المصلحون وقاموا بواجب الإصلاح.

وقد جاء في الحديث عن الصادق عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيّ

_____________________

(١) البحار. كتاب العشرة ص ٢١٨ عن أمالي الشيخ الصدوق.

٤٩٧

صلى‌الله‌عليه‌وآله قال:

( السلطان ظلّ اللّه في الأرض، يأوي إليه كلّ مظلوم، فمَن عدَل كان له الأجر، وعلى الرعيّة الشكر، ومَن جار كان عليه الوزر وعلى الرعيّة الصبر، حتّى يأتيهم الأمر )(١) .

أمّا في العصر الحاضر وقد تطوّرت فيه أساليب الحياة، ووسائل الإصلاح، فلَم يعد الحكّام يستسيغون العظة والنصح ولا تجديهم نفعاً.

مِن أجل ذلك فقد استجازت الحكومات المتحضّرة نقد حكّامها المنحرفين عن طريق البرلمانات والصحف والمذكّرات التي تندّد بأثرتهم وأنانيّتهم، وتنذرهم عليها بلعنة الشعب، وثورته الماحقة على الطغاة والمستبدين.

_____________________

(١) البحار. كتاب العشرة. ص ٢١٤ عن أمالي الشيخ ابن عليّ ابن الشيخ الطوسي.

٤٩٨

حاجات الجسم والنفس

يتألّف الإنسان مِن عنصرين: عنصر الجسَد، وعنصر الروح، وهما مترابطان ترابطاً وثيقاً، ومتفاعلان تفاعلاً قويّاً، لا ينفكّ أحدهما عن الثاني إلاّ بتصرّم العمر، ونهاية الحياة، وسعادة الإنسان وهناؤه الجسمي والفكري منوطٌ بصحّة هذين العنصرين وسلامتهما معاً.

لهذا كان على ناشد السعادة ومبتغيها أنْ يعني بهما عناية فائقة تضمن صحّتهما وازدهارهما، وصيانتهما مِن المضار.

ولكلّ مِن الجسم والروح أشواقه وحاجاته:

فحاجات الجسم هي: المآرب الماديّة الموجبة لنموه وصحّته وحيويّته، كالغذاء والشراب والكساء ونحوها مِن ضرورات الحياة.

وحاجات الروح هي: الأشواق الروحيّة والنفسيّة التي تتعشّقها الروح، وتهفو إليها، كالمعرفة، والحريّة، والعدل، وراحة الضمير ورخاء البال وما إلى ذلك من المثل العليا والأماني الروحيّة. ولا مناص مِن تلبية هذه المآرب والرغائب الجسميّة والروحيّة لتحقيق صحّة الجسم والروح، وضمان هنائهما المرجو.

فحرمان الجسم مِن أشواقه يفضي به إلى الضعف والسقم والانحلال

٤٩٩

وحرمان الروح والنفس من أمانيها، يقودها إلى الحيرة والقلق والشقاء.

والسعادة الحقّة منوطة بصحّة الجسم والنفس وازدهارهما معاً ورعاية حقوقهما الماديّة والروحيّة.

حقوق الجسَد:

وتتلخّص هذه الحقوق في رعاية القوانين الصحيّة، وأتباع الآداب الإسلاميّة الكفيلة بصحّة الجسم وحيويّته ونشاطه، كالاعتدال في الطعام والشراب وتجنّب الكحول والعادات الضارّة، كالخمر والحشيش والأفيون والتوقّي مِن الشهوات الجنسيّة الآثمة، واعتياد النظافة، وممارسة الرياضة البدنيّة، ومعالجة الأمراض الصحيّة ونحو ذلك مِن مقوّمات الصحّة وشرائطها ممّا هو معروف لغالب الناس لتوفّر التوعية الصحيّة، والنصائح الطبّية في حقول الإعلام الصحفي والإذاعي. فلا أجد حاجة إلى تفصيله والإطناب فيه.

حقوق النفس:

بيد أنّ صحّة النفس ووسائل وقايتها وعلاجها، وعوامل رقيّها وتكاملها، ورعاية حقوقها وواجباتها، يجهلها أو يتجاهلها الكثيرون لقلّة احتفائهم بالقيم الروحيّة والمفاهيم النفسيّة، وجهلهم بعلل النفس وانحرافاتها، وما تعكسه مِن آثار سيّئة على حياة الناس.

٥٠٠

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517