شرح البداية في علم الدراية

شرح البداية في علم الدراية  33%

شرح البداية في علم الدراية  مؤلف:
الناشر: مكتبة چهل ستون العامة
تصنيف: علم الدراية
الصفحات: 170

شرح البداية في علم الدراية
  • البداية
  • السابق
  • 170 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 59862 / تحميل: 9849
الحجم الحجم الحجم
شرح البداية في علم الدراية

شرح البداية في علم الدراية

مؤلف:
الناشر: مكتبة چهل ستون العامة
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

٤١

٤٢

الجهدُ الثاني:

شرحُ البِداية

في

علِم الدِّراية

تأليف:

الفقيه المحدِّث الشهيد الثاني

زينُ الدِّين بن عليِّ بن أحمد العاملي

٩١١ه- ٩٦٥ه-

٤٣

٤٤

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمدُك اللَّهُم على حسن توفيق البداية، في علم الدراية والرواية، ونسألك حسن الرعاية، في جميع الأحوال إلى النهاية، ونصلِّي على نبيِّك وحبيبك محمَّد المنقذ للخلق من الغواية، المرشد لهم إلى الحقِّ وسبيل الهداية، وعلى آله الأطهار، وأصحابه الأخيار، صلاةً دائمةً متصلةً لا يُبلغ لها غاية، ونسلِّم تسليما.

وبعد الحمد لله بما هو أهله، والصلاة على مستحقِّها ؛ فهذا كتاب مختصر وضعناه في علم دراية الحديث، وهو علميبحث فيه عن: متن

الحديث، وطرقه من صحيحها وسقيمها وعللها، وما يحتاج إليه(١) ليعرف المقبول منه والمردود.

وموضوعه : الراوي، والمروي من حيث ذلك(٢) .

وغايته : معرفة ما يقبل من ذلك ليعمل به، وما يرد منه ليُتجنَّب.

ومسائله : ما يُذكر في كتبه من المقاصد ؛ ويذكر بيان مصطلحاتهم في هذا العلم ؛ من المفهومات المنقولة عن معانيها اللغوية، أو المخصصة لها، كما سيرد عليكم إنْ شاء الله تعالى.

جعلنا وضعه على وجه الإيجاز والاختصار، دون الإطناب والإكثار ؛ ليسهل حفظه،

____________________

(١) أي ما يحتاج إليه من شرائط القبول والرد.

(٢) علَّق الأخ الفاضل الحجة السيد أحمد محمد علي المددي هنا بقوله: أي من حيثُ معرفةُ الصحيح والسقيم، والمقبول والمردود، من الحديث والرواية.

٤٥

ويكثُر نفعه، فإنَّ طباع أهل الزمان لا تحمل أعباء الكثير من العلم ؛ خصوصاً في هذا الشّأن.

وهو مرتَّب على:مقدِّمة ، وأربعةأبواب .

سائلين من الله تعالى إلهام الحقَّ، والدلالة على صوب الصواب.

٤٦

المقدِّمة

ومدارُهاعلى:الحديثِ، والمتنِ، والسندِ، ونحوها

٤٧

٤٨

الحقلُ الأول:

في

الخبر، والحديثِ، والأثر

النّظر الأول(١) :

الخبرُ والحديثُ مترادفان ؛ بمعنىً واحد(٢)

- ١ -

وهو اصطلاحاً: كلامٌ لنسبته خارجٌ في أحد الأزمنة الثّلاثة ؛ أي يكون له في الخارج نسبة ثبوتية أو سلبية، تطابق ؛ أي تطابق تلك النسبة ذلك الخارج بأن يكونا سلبيَّين أو ثبوتيّين ؛ أو لاتطابقه ؛ بأن يكون أحدهما ثبوتيَّاً والآخر سلبيَّاً(٣) .

و(الكلامُ) في التعريف: بمنزلة الجنس.

وخرجَ بقوله: (لنسبته خارج) الإنشاء(٤) ؛ فإنَّه وإنْ اشتمل على النسبة إلاّ أنَّه لا خارج له منها، بل لفظه سبب لنسبة غير مسبوقة بأخرى.

- ٢ -

وتوضيحُ ذلك: أنَّ الكلام إمَّا أن تكون نسبته بحيث تحصل من اللفظ، ويكون اللّفظ موجداً لها، من غير قصدٍ إلى كونها دالَّة على نسبة حاصلةٍ في الواقع بين الشيئين ؛ وهو الإنشاء. أو تكون نسبته بحيث يقصد أنَّ لها نسبةً خارجيّةً ؛ أي ثابتة في نفس الأمر، تطابقه أو لا تطابقه ؛ وهو الخبر(٥) .

____________________

(١) الذي في النسخة الخظِّيَّة (ورقة ٢، لوحة ب، سطر ٨): (الخبر والحديث مترادفان) فقط ؛ بدون: (الحقل الأول: في الخبر والحديث و

الأثر. النظر الأول:).

(٢) ينظر: كليَّات أبي البقاء، ص١٥.

(٣) ينظر: شرح المختصر للتفتازاني، ص١٦.

(٤) الذي في النسخة الخطية (ورقة ٣، لوحة ١، سطر ١): الإنشا ؛ بدون ما يُسمَّى بالهمزة المتطرِّفة، كما أنَّها وردت هكذا بعد ذلك مراراً.

(٥) ينظر: شرح المختصر للتفتازاني، ص١٦.

٤٩

- ٣ -

فإذا قلت مثلاً: زيدٌ قائمٌ، فقد أثبتَّ لزيد في اللفظ نسبة القيام إليه ؛ ثم في نفس الأمر لابدَّ أن يكون بينه وبين القيام نسبةٌ بالإيجاب أو السلب ؛ فإنَّه في نفس الأمر لا يخلو مِنْ أن يكون قائماً أو غير قائم.

بخلاف قولنا: قمْ ؛ فإنَّه وإن اشتمل على نسبة القيام إليه(١) ، لكنَّها نسبة حدثتْ من اللفظِ، لا تدلُّ على ثبوت أمرٍ آخر خارج عنها يطابق أولاً ؛ ومن ثَمَّ لم يحتمل الصدق والكذب، بخلاف الخبر.

[النظر الثاني:]

وهو ؛ أي الخبر المرادف للحديث، أعمُّ من أن يكون قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والإمامعليه‌السلام ، والصحابي، والتابعي، وغيرهم من العلماء والصلحاء ونحوهم. وفي معناه: فعلهم وتقريرهم.

هذا هو إلا شهر في الاستعمال، والأوفق لعموم معناه اللُّغوي.

- ١ -

وقد يُخصَّ الثاني - وهو الحديث - بما جاء عن المعصوم ؛ من النبي والإمام.

ويُخصُّ الأول - وهو الخبر - بما جاء عن غيره.

ومن ثَمَّ، قيل لمَن يشتغل بالتواريخ وما شاكلها: الأخباري، ولمَن يشتغل بالسُّ-نَّة النبويّة: المحدِّث ؛ وما جاء عن الإمام عندنا: في معناه.

- ٢ -

أو يُجعلُ الثاني - وهو الحديثُ - أعمُّ من الخبر مطلقاً ؛ فيقال لكلِّ خبرٍ: حديث، من غير عكس.

وبكلِّ واحدٍ من هذه الترديدات قائل.

[النظر الثالث:]

والأثر: أعمُّ منهما مطلقاً ؛ فيقال لكل منهما: أثر، بأيّ معنى اعتُبِر.

وقيل: إنَّ الأثر مساوٍ للخبر.

____________________

(١) أي إلى زيدٍ، على تقدير كونه مخاطباً. خظِّيَّة الدكتور حسين علي محفوظ، ص٢.

٥٠

وقيل: الأثر ما جاء عن الصحابي، والحديث ما جاء عن النبي، والخبر أعمُّ منهما(١) .

والأعرف: ما اخترناه(٢) .

____________________

(١) قال المددي: يبدو لي - بعد مراجعة المصادر الموثوق بها في هذا العلم - : أنَّ هذه الاحتمالات والأقوال إنَّما حَدَثت عند المتأخِّرين، خصوصاً بعد شيوع المنطق الأرسطي في الأوساط العلمية الدينية. وأمَّا كتب المتقدِّمين ؛ فهي خاليةٌ عن هذه الاحتمالات والأقوال، إن صحَّ التعبير بأنَّها أقوال.

كما أنَّه لا فائدة مهمَّة في تحقيق ذلك، وأنَّه متى ما دلَّ الدليل على حُجِّية الخبر وتحديدها، فهو عامٌ بدلالتهٍ ؛ وبالتالي يشمل: الخبر، و

الحديثَ، والأثرَ، سواءٌ تطابقت مفاهيمها أم تخالفت.

(٢) قال محمد جمال الدين القاسمي: والحديث: نقيض القديم، كأنَّه لوحظ فيه مقابلةُ القرآن ؛ والحديث: ما جاء عن النبي ؛ والخبر: ما جاء عن غيره.

وقيل: بينهما عموم وخصوص مطلق ؛ فكل حديث خبر من غير عكس.

والأثر: ما رُوي عن الصحابة، ويجوز إطلاقه على كلام النبي أيضاً.

قواعدُ التحديث من فنون مصطلح الحديث، ص٦١.

٥١

الحقلُ الثاني:

في

مَتْنِ الحديث(١)

والمتنُ لغةً: ما اكتنف الصُّلبَ من الحيوان، وبه شُبِّه المتن من الأرض. ومَ-تُنَ الشيء: قوِيَ متنُه(٢) ، ومنه: حبل متين. فمتن كل شيء: ما يتقوَّم به ذلك الشيء، ويتقوَّى به ؛ كما أنَّ الإنسان يتقوَّم بالظَّهر، ويتقوَّى به. فمتن الحديث: لفظ الحديث الذي يتقوَّم به المعنى(٣) ؛ وهو: مقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وما في معناه(٤) .

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة (ورقة ٣، لوحة ب، سطر ١٠): (والمتن لغة) فقط ؛ بدون: (الحقل الثاني: في متن الحديث).

(٢) ينظر: تهذيب اللغة، ١٤/ ٣٠٦.

(٣) ينظر: قواعد التحديث، ص٢٠٢.

(٤) أي: قول الأئمَّة. خطِّيَّة الدكتور حسين علي محفوظ، ص٣.

٥٢

الحقلُ الثالث:

في

السَّند والإسناد(١)

- ١ -

والسَّند: طريقُ المتن ؛ وهو: جملةُ مَنْ رواه ؛ من قولهم: فلانٌ سندٌ؛ أي: معتمدٌ. فسُمّي الطريقُ سنداً ؛ لاعتماد العلماء في صحة الحديث وضعفهعليه(٢) . وقيل: إنَّ السَّند هو الإخبار عن طريقه ؛ أي طريق المتن(٣) . والأوّل: أظهر ؛ لأنَّ الصحة والضعف إنَّما ينسبان إلى الطريق باعتبار رواته، لا باعتبار الإخبار، بل قد يكون الإخبار بالطريق الضعيف صحيحاً ؛ بأنْ رواه الثقة الضابط بطريق ضعيف ؛ بمعنى: صحة الإخبار بكون تلك الرواة طريقه، مع الحكم بضعفه.

- ٢ -

والإسناد: رفع الحديث إلى قائله(٤) ؛ من: نبيٍّ، أو إمام، أو ما في معناهما(٥) .

والأولى: ردُّ المعنى الثاني للسَّند ؛ وهو الإخبار عن طريق المتن، إليه ؛ أي: إلى الإسناد أيضاً، لا أن يُجعل تعريفاً للسَّند ؛ لأنَّ الإخبار عن الطريق في الحقيقة هو الإسناد، كما يظهر من تعريفه.

- ٣ -

وعليه(٦) فالسَّند والإسناد بمعنى(٧) ؛ وعلى الأوَّل: هما غيران.

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة (ورقة ٤، لوحة ١، سطر ١): (والسَّند طريق المتن) فقط ؛ بدون: (الحقل الثالث: في السَّند والإسناد).

(٢) ينظر: تدريب الراوي، ص٥ - ٦، وشرح الزرقاني على البيقونيَّة، ص٩، وحاشية لقط الدُّرر، ص٤.

(٣) ينظر: قواعد التحديث، ص٢٠٢. وقال المددي: الظاهر أنَّه تعريف ل- (الإسناد) دون (السَّند) ؛ ولعلَّ وحدة المادة الأصليَّة هي التي سبَّبت الوقوع في مثل هذا الخطأ، بل قصد الإسناد هو مرادُ المؤلِّف (قدِّس) ممَّا سيأتي.

(٤) ينظر: قواعد التحديث، ص٢٠٢.

(٥) كالصحابي والتابعي. خطِّيَّة الدكتور محفوظ، ص٣.

(٦) قال المددي: أي على صحَّة المعنى الثاني للسَّند ؛ فالسند والإسناد متّحدان معنى. وأمَّا لو فسَّرنا السَّند بالمعنى الأوَّل، فإنَّه على هذا يختلف معناه عن معنى الإسناد ؛ إذ هو بذلك يكون بمعنى الإخبار عن السَّند.

(٧) ينظر: قواعد التحديث، ص٢٠٢.

٥٣

الحقل الرابع:

في

صدق الخبر وكذبه(١)

ثم الخبر - بأيِّ معنىً اعتُبر - منحصرٌ في الصِّدقِ والكذب، على وجه منع الجمع والخلو، في الأصح من الأقوال.

وإنَّما قلنا: إنَّه منحصرٌ فيهما ؛ لأنَّه - كما قد عرفتَ - يقتضي نسبةً في اللفظ، ونسبةً في الواقع.

ثُمَّ إنْ طابق الواقعُ المحكيَّ باللفظ، فالأوّلُ ؛ وهو الصِّدقُ، وإلاّ يطابقه، فالثاني ؛ وهو الكذب، وبذلك ظهر وجه الحصر.

ولا يرد على الأوَّل مِثلُ قول مَن قال: محمد(٢) ومُسيلمة(٣) صادقان ؛ فإنَّه صادقٌ من إحدى الجهتين، وكاذب من أُخرى ؛ لأنَّا إنْ جعلناه خبراً واحداً، فهو كاذبُ، وإنْ جعلناه خبرين، كما هو الظاهر، فهو صادقٌ في أحدهما كاذبٌ في الآخر.

____________________

(١) الذي في النسخة الخطِّيَّة (ورقة ٤، لوحة ١، سطر ١٣): (ثم الخبر بأيِّ معنى) فقط، بدون: (الحقل الرابع: في صِدقِ الخبرِ وكِذبه).

(٢) هو رسولُنا رسولُ السلام ؛ محمدُ بن عبدالله بن عبد المطَّلب، الصادقُ الأمين. وُلِدَ صباحَ الجمعة في مكَّة المكرَّمة، عامَ الفيل، ١٧ ربيع الأوَّل. بُعِثَ للنبوَّة وعمرُهُ الشريف أربعون عاماً. هاجر إلى المدينة يوم الاثنين، ١٢ربيع الأوَّل، على رأس سنة ٥٤ من ولادته. كانت آخر حجَّة له سنة ١٠ من الهجرة ؛ وتُسمَّى بحجَّة الوَداع. بعد إتمام حجِّهِ قَفَلَ راجِعاً إلى المدينة، وفي غدير خُم - أثناء الطريق - عقد بأمرٍ من الله تعالى لعلي بن أبي طالبعليه‌السلام بالخلافة من بعده، وبايعه على ذلك عموم الحاضرين ؛ من شيوخ المهاجرين والأنصار. مَرض في أوَّل صفر سنة ١١ ه-، وتوفِّي يوم الاثنين ٢٨ منه. ودُفن في حجرته بعد أن غسَّله عليِّعليه‌السلام . كان على جانبٍ عظيمٍ من الخُلُق الإنسانيّ الرفيع كما مدحه القرآن بذلك بقوله:( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ) . من أحاديثه الشريفة: (كلّكم راعٍ وكلّكم مسؤولٌ عن رعيَّته)، و(كلّكم من آدمَ وآدمُ من تراب) و(أطلب العلمَ مِن المهدِ إلى اللّحد))؛ ينظر: لمحاتٌ من تاريخ أهل البيت: ص١١ - ١٥.

(٣) مُسيلمة بن ثمامة بن كبير بن حبيب الحنفيّ الوائلي، من المعمّرين ؛ وُلِدَ ونشأ باليمامة، نعتَهُ النبيُّ محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بالكذّاب.

قُتِلَ سنة ١٢ه- في خلافة أبي بكر، على يدِ خالدِ بن الوليد.

ينظر: الأعلام للزركلي، ٨/ ١٢٥ - ١٢٦.

والمشهور: أنَّ الذي قتله وحشي، نفس قاتلِ حمزةَ عمِّ النبيِّعليه‌السلام ؛ حيثُ نُقِل عن وحشي شعرٌ مضمونُه: قتلتُ خيرَ البشر، وقتلتُ شرَّ البَشر.

٥٤

[ونبَّهَ] بقوله: في الأصحِّ، على خلاف الجاحظ(١) حيث أثبت فيه واسطةً بينهما. وشَرَط في صدق الخبر، مع مطابقته للواقع، اعتقادَ المُخبر أنَّه مطابقٌ ؛ وفي كذبه، مع عدم مطابقته له، اعتقادَ أنَّه غير مطابق ؛ وما خَرَجَ عنهما فليس بصدقٍ ولا كِذب(٢) .

وتحريرُ كلامِهِ : أنَّ الخبر إمَّا مطابقٌ للواقع أو لا، وكُل منهما إمَّا مع اعتقاد أنَّه مُطابقٌ، أو اعتقادِ أنّه غير مطابقٍ، أو بدونِ الاعتقاد ؛ فهذه ستَّةُ أقسام: واحدٌ منها صادقٌ ؛ وهو المُطابق للواقع مع اعتقاد أنَّه مطابق ؛ وواحدٌ كاذبٌ ؛ وهو غيرُ المُطابق مع اعتقاد أنَّه غير مطابق. والأربعةُ الباقيةُ، وهي: المطابقةُ مع اعتقاد أن لا مُطابقة أو بدون الاعتقاد، وعدم المطابقة مع اعتقادها أو بدونِ الاعتقاد ؛ ليستْ بصدقٍ ولا كِذب. فكُلٌّ مِن الصِّدق والكذب بتفسيره، أخصُّ منه بتفسيرِ الجمهور.

واستند الجاحِظُ - في قوله - إلى قوله تعالى:( أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَم بِهِ جِنَّةٌ ) ؟(٣) حيثُ حَصَرَ الكُفّار إخبارَ النبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الافتراء والإخبار حال الجنّة ؛ على سبيل منع الخُلُو(٤) . ولا شُبْهَةَ في أنَّ المرادَ بالثاني غيرُ الكذب ؛ لأنَّهم جعلوه قسيمه ؛ وهو يقتضي أن يكون غيره، وغير الصدق أيضاً ؛ لأنَّهم لا يعتقدون صِدقه(ص).(٥)

____________________

(١) عمرو بن بحر بن محبوب، الكِناني بالولاء، الليثي، أبو عثمان، الشَّهير بالجاحظ، كبيرُ أئمَّة الأدب، ورئيسُ الفرقة الجاحظيّة من

المعتزلة. مولده ووفاته في البصرة، ١٦٣ - ٢٥٥ه-. فُلِجَ في آخر عمره، وكان مُشوَّه الخلقة. ومات والكتابُ على صدره ؛ قتلتهُ مُجَلَّداتٌ من الكُتُب وقعت عليه. له تصانيفُ كثيرةٌ ؛ منها: الحيوان، والبيان والتبيين... يُنظر: الأعلام للزركلي: ٥/ ٢٣٩.

(٢) يُنظر: شرح المختصر، ص١٨.

(٣) سورة سبأ، الآية ٩.

(٤) يُنظر: شرح المختصر، ص١٨ - ١٩.

(٥) يُنظر: المصدر نفسه، ص١٩.

٥٥

ولمَّا كانوا من أهلِ اللِّسان، عارِفين باللُّغة، وقد أثبتوا الواسطةَ، لَزِمَ أنْ يكونَ من الخبَر ما ليسَ بصادقٍ ولا كاذبٍ ؛ ليكونَ هذا

منه، بزعمِهم(١) ، وإنْ كانَ صادقاً في نفسِ الأمر.

وأُجيب: بأنَّ الواسطةَ التي أثبتوها إنَّما هي بين افتراء الكذِبِ والصِّدقِ ؛ وهو غيرُ الكذب ؛ لأنَّه تعمُّدُ الكذب. وحيثُ لا عَمْدَ للمجنون، كانَ خبرُه قَسيماً للافتراء، الذي هو أخصُّ من الكذب، وإنْ لم يكن قسيماً للأعمِّ ؛ ومرجعه إلى حصر الخبرِ الكاذب في نوعيه، وهما: الكذبُ عَنْ عمدٍ، والكذبُ لا عن عمد(٢) .

[ونبَّه] بقوله: سواءٌ وافق اعتقادَ المُخبر، أم لا ؛ على خلافِ النِّظام(٣) ؛ حيثُ جعلَ صِدقَ الخبر مطابقته لاعتقاد المُخبر مُطلقاً، وكذبه عدم المطابقة كذلك. فجعل قول القائل: السماءُ تحتَنا، معتقداً

ذلك ؛ صدقاً. وقوله: السماء فوقنا، غير معتقد ذلك ؛ كذباً(٤) . مُحتجّاً بقوله تعالى:( إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ ) ؛ إلى قوله:( وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ

____________________

(١) يُنظر: شرح المختصر، ص١٩.

(٢) يُنظر: المصدر نفسه.

(٣) الحسن بن محمَّد بن الحُسين القُمِّي النيسابوري، نظام الدين، مفسِّر، له اشتغالٌ بالحكمة والرَّياضيات. أصله من بلدة (قُم)، ومنشأه وسكنه في نيسابور. له كُتبٌ، منها: غرائبُ القرآن ورغائبُ الفرقان - ط في ثلاث مجلَّدات - يُعرف بتفسير النيسابوري، ألَّفه سنة ٨٢٨ه-، وأوقاف القرآن - ط، ولُبُّ التأويل - ط، و شرح الشافية في الصَّرف، يُعرَف بشرح النظام - ط، توفِّي بعد ٨٥٠ه-. يُنظر: الأعلام للزركلي: ٢/ ٢٣٤.

(٤) يُنظر: شرح المختصر، ص١٧.

(٥) سورة المنافقون، آية ١.

٥٦

لَكَاذِبُونَ ) (١) ؛ حيثُ شهِدَ اللهُ تعالى عليهم بأنَّهم كاذبون في قولهم:( إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ) (٢) ، مع أنَّه مطابق للواقع، حيثُ لم يكن موافقاً لاعتقادهم فيه ذلك(٣) . فلو كانَ الصِّدقُ عبارةً عن مُطابقةِ الواقع مُطلقاً، لَمَا صحَّ ذلك.

وأُجيب : بأنَّ المعنى: لكاذبون فيالشَّهادة وادِّعائهم فيها مواطاةَ قلوبهم لألسنتهم. فالتكذيبُ راجعٌ إلى قولهم: نشهدُ ؛ باعتبار تضمُّنه خبراً كاذباً ؛ وهو أنَّ شهادتهم صادرةٌ عن صميم القلبِ وخلوصٍ الاعتقاد ؛ بشاهدٍ تأكيدهم الجملةَ ب-: إنَّ، و(اللاّم)، والجملة الاسميَّة(٤) . أوْ أنَّ المعنى: لكاذبون في تسمية هذا الإخبار: شهادةً، أوفي المشهود به ؛ أعني قولهم: إنَّك لرسول الله - في زعمهم - ؛ لأنِهم يعتقدون أنَّه غيرُ مطابق للواقع، فيكون كذباً عندهم، وإنْ كانَ صِدقاً في نفس الأمر ؛ لوجود مطابقته فيه(٥) . أوفي حَلْفِهم : أنَّهم لم يقولوا:( ... لَا تُنفِقُوا عَلَى مَنْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنفَضُّوا... ) (٦) إلخ ؛ لِمَا رُويَ عن زيد بن أرقم(٧) أنَّه سمع عبدَ الله بن أُبي(٨) يقول ذلك، فأخبر النبي(صلَّى الله

____________________

(١) سورة المنافقون، آية ١.

(٢) المصدر نفسه.

(٣) أي قول:( إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ ) . خطِّيَّة الدكتور محفوظ، ص ٥. ويرى المددي أنَّ التعليقة المناسبة هنا هي: أي لاعتقادهم في النبيّ (ص) الرسالةَ الإلهيَّة.

(٤) يُنظر: شرح المختصر، ص١٨.

(٥) يُنظر: المصدر نفسه. والمقصودُ بلفظةٍ (فيه) أي: في نفسِ الأمر، كما في خطِّيَّة الدكتور محفوظ، ص٥.

(٦) سورة المنافقون، آية ٧.

(٧) زيدُ بنُ أرقم الخزرجيِّ الأنصاري، صحابي، غزا مع النبي(ص) سبع عشرة غزوة، وشهد صِفِّين مع علي، ومات بالكوفة. روى له البُخاري ومُسلم ٧٠ حديثاً، توفِّي سنة ٦٨ه-. يُنظر: الأعلام للزركلي: ٤/ ١٨٨.

(٨) عبدالله بن أُبيّ بن مالك الخزرجي، أبو الحُباب، المشهور بابن سلول ؛ رأس المنافقين في الإسلام ؛ من أهل المدينة. كان سيِّدَ الخزرج في آخر جاهليَّتهم، وأظهر الإسلام بعد وقعة بدر تقيّةً. ولمَّا تهيَّأ النبيُّ(ص) لوقعة أُحد، انعزل أبيُّ وكان معه ثلاثمائةُ رجلٍ، فعادَ بهم إلى المدينة، وفعل ذلك يوم التهيُّؤ لغزوة تبوك. وكان كُلَّما حلَّت بالمسلمين نازِلةٌ شَمُتَ بِهِم، وكُلَّما سَمِعَ سيِّئةً نشرها، وله في ذلك أخبار. ينظر: الأعلام للزركلي: ٤/ ١٨٨.

٥٧

عليه وآله) به، فحلَفَ عبدُ الله أنَّه ما قال ؛ فنزلت(١) .

[ونبَّهَ] بقوله: وسواء قُصِد الخبر أم لا ؛ على خلاف: المُرتضى(٢) ، حيثُ ذهب إلى أنَّ الخبر لا يتحقَّق إلاّ مع قصد المُخبر ؛ استناداً إلى وجوده من: السَّاهي، والحاكي، والنائم ؛ ومثل ذلك لا يُسمَّى خبراً.

[وأُجيب:] والمحقِّقون على عدم اشتراطه ؛ لأنَّه لفظٌ وُضِعَ للخبريَّة، فلا يتوقّف على الإرادة كغيره من الألفاظ(٣) .

____________________

(١) أخرجَ البُخاري وغيرهُ عن زيد بن أرقم، قال: سمعتُ عبدَ الله بن أُبيّ يقول لأصحابه: (... لا تُنفقوا على مَنْ عندَ رسول الله حتّى ينفضّوا، فلئن رجعنا إلى المدينة ليخرجنّ الأعزُّ منها الأذلّ)، فذكرتُ ذلك لعمّي ؛ فذكر ذلك عمّي للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فدعاني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحدّثته ؛ فأرسل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عبدِ الله بن أُبي وأصحابه، فحلفوا ما قالوا ؛ فكذّبني وصدّقه ؛ فأصابني شيء لم يصبني قطّ مثله، فجلستُ في البيت ؛ فقال عمّي: ما أردتَ إلا أن أكذبك رسولُ اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومقتَكَ. فأنزلَ اللهُ:( إِذَا جَاءكَ الْمُنَافِقُونَ ) ، فبعث إليَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقرأها؛ ثم قال: (إنَّ الله قد صدَّقكَ). له طرقٌ كثيرةٌ عن زيدٍ ؛ وفي بعضها: أنَّ ذلك في غزوة تبوك، وأنّ نزولَ السورة ليلاً ؛ لُباب النقول في أسبابِ النّزول، ص٢١٤. ويُنظر: صحيح البخاري: ٣/ ١٢٥ - ١٢٦، ط الميمُنيّة، ورقم الحديث فيه: ٢٠٥٨، كما في فهارس صحيح مسلم: م٥/ ص٢٩٧، رقم الحديث: ٢٧٧٢، كما في صحيحه: م٤/ ص٢١٤٠ ؛ وينظر كذلك: مجمع البيان في تفسير القرآن: م٥/ ٢٩٣ - ٢٩٤، والدرّ المنثور: ٦/ ٢٢٢ - ٢٢٣، والبرهان: ٤/ ٣٣٧ - ٣٣٨، وجامع البيان في تفسير القرآن: ج٢٦/ ص٨٢، ولباب النقول في أسباب النزول، ص١٩٧ - ١٩٨.

(٢) عليُّ بنُ الحُسين الموسويّ، الملقَّب ذا المجدين علمَ الهدى ؛ ينتهي نسبُهُ من جهةِ أبيه بالإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام ؛ ومن جهة أمِّه بالإمام زين العابدين. كان أوحد أهل زمانه فضلاً وعلماً وكلاماً وحديثاً وشِعراً وخطابةً وجاهاً وكرماً. وُلِدَ في رجب سنة ٣٥٥ه-، له مُصنّفات كثيرةٌٌ، وديوانٌ يزيدُ على عشرين ألف بيت. وكانتْ وفاتُه (قدّس الله روحه) لخمسٍ بقين من شهر ربيع الأوّل/ سنة ٤٣٦ه-، يُنظر: روضات الجنَّات/ ٤/ ٢٩٤ - ٣١٢.

(٣) وعلَّق المددي هنا بقوله: أقول: لعلّ نظرَ المُرتضىرحمه‌الله في ذلك إلى أنَّ الدلالةَ التصديقيَّة تابعةٌ للإرادة، كما نُسِبَ ذلك إلى الشيخ الرئيس أبي علي سينا، والمحقِّق نصير الدين الطوسي، وجَمْع ممَّن تأخَّر عنهما.

٥٨

الحقلُ الخامسُ:

في

القطع وخفائهِ(١)

ثُمّ الخبر: إمَّا أن يُعلَم صِدقُه قطعاً، أَو كذبُه كذلك، أو يخفَى الأمران(٢) . والعِلمُ بهما: قد يكون ضروريّاً، وقد يكون نظريّاً. فهذهِ خمسةُ

أقسامٍ، أشارَ إلى تفصيلها بقوله: إنَّ الخبرَ:

قد يُعلَمُ صِدقُهُ قَطعاً

أ - ضرورةً

١ - كالمتواتر لفظاً، وسيأتي تفسيرُهُ.

والحُكمُ بكونِ العلمِ به ضروريّاً مذهبُ الأكثر. ومستندُهُ: أنَّه لو كانَ نظريَّاً، لَمَا حَصَلَ لِمَن لا يكونُ من أهلِه كالصِّبيانِ والبلَّه(٣) ، ولافتَقَر إلى الدَّليل، فلا يحصلُ لِلعوامّ(٤) ؛ لكنَّه حاصِلٌ لهم، فيكونُ ضروريّاً.

____________________

(١) الذي في النسخةِ الخطِّيَّة (ورقة ٦، لوحة ١، سطر ١٢): (ثم الخبر) فقط ؛ بدون: (الحقل الخامس: في القطع وخفائه).

(٢) ينظر: كتابُ الكفاية في علمِ الرواية، للخطيب البغدادي، ص١٧.

(٣) في الخبر: (أكثرُ أهل الجنّة البُلَّه). البُلّه: جمع الأبله، وهو الذي فيه البَلَه (بفتحتين) ؛ يعني الغفلة. والمُراد: الغافِل عن الشّر، المطبوع على الخير. وقيل: البُلَّه - هنا - : هم الذين غلَبَتْ عليهم سلامةُ الصدور، وحُسنُ الظنِّ بالناس ؛ لأنَّهم غفلوا عن دُنياهم، فجهلوا حِذق التصرُّف فيها، وأقبلوا على آخرتهم فشغلوا أنفسهم بها، واستحقّوا أن يكونوا أكثر أهل الجنّة. فأمَّا الأبله الذي لا عقل له، فليس بمُراد. مجمع البحرين: ٦/ ٣٤٣.

(٤) العامّة: خَلافُ الخاصّة، والجمع: عوامّ ؛ مثل: دابّة ودوابّ، ومنه: (نتوب إليك من عوامّ خطايانا). والنسبةُ إلى العامّة: عاميّ ؛ والهاء في: عامّة، للتأكيد. وقوله: (لا يُعذّبُ اللهُ العامّةَ بعمل الخاصّة) ؛ أي لا يُعذّبُ الأكثر بعمل الأقلّ. وفي الحديث: (خُذ ما خالف العامّة) يعني: أهل

الخلاف، وقد ذهب عامّة النهار ؛ أي جميعه. مجمع البحرين: ٦/ ١٢٤.

وأقولُ: العوام كذلك: مَنْ لم يبلغوا مرتبة الاجتهاد كما في قولهعليه‌السلام : (.... وأمَّا مَن كان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدينه، مخالفاً على هواه، مطيعاً لأمرِ مولاه ؛ فلِلعوام أن يقلِّدوه ؛ وذلك لا يكون إلاّ بعض فقهاء الشيعة لا كلّهم). ينظر: الاحتجاج للطبرسي: ٢/ ٢٦٣ - ٢٦٤، ووسائل الشيعة: ١٨/ ٩٤، وتفسير العسكري، ص١٤١.

والنتيجة - فيما يبدو - أنَّ العوامّ: مَنْ هُم دون المستوى المطلوب ؛ إنْ في عمق ثقافتهم، وإنْ في حذق تصرُّفهم. وبتعبير آخر: مَن هم في مهامِّ الحياة في مرحلةِ التقليد، لا التحقيق.

٥٩

وذهب أبو الحسين البصري(١) والغزالي(٢) وجماعةٌ إلى أنَّه: نظريّ ؛ لتوقُّفه على مقدِّماتٍ نظريّةٍ ك-: انتفاء المواطاة، ودواعي الكذب، وكون المُخبر عنه محسوساً(٣) . وهو لا يستلزمُ المدّعى ؛ لأنَّ الاحتياج إلى النظر في المقدّمات البعيدة لا يُوجبُ كونَ الحُكم نظريّاً كلازم النتيجة. ولأنَّ المقتضى لحصول هذه، العلمُ بالمُخبر عنه، دون العكس.

٢ - وما عُلِمَ وجودُ مُخبَره (بفتح الباء) كذلك؛ أي بالضرورة، كوجود مكّة.

ب. لا ضرورة

بمعنى(٤) : أو يُعلَم صِدقه قطعاً ؛ لكن كسباً، لا ضرورةً ؛ ك-: خبر الله تعالى، لقُبح الكذب عليه بالاستدلال، وخبر الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ أعمّ من خبر نبيِّناصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وخبر الإمام عندنا كذلك ؛ للعصمة المعتبرة فيهم(٥) ، بالدليل أيضاً. وخبر جميع الأُمّة ؛ باعتبار الإجماع الثابت حقيقةُ مدلوله بالاستدلال.

____________________

(١) محمّد بن عليّ الطبيب، أبو الحسين، البصري ؛ أحدُ أئمّة المعتزلة، وُلِدَ في البصرة وسكَنَ بغدادَ، وتُوفِّي بها سنةَ ٣٤٦ه-. قال الخطيب البغدادي: (له تصانيف وشُهرة بالذّكاء والدّيانة على بدعته). من كتبه: المعتمد في أصول الفقه - خ. ينظر: الأعلام: ٧/ ١٦١.

(٢) محمّد بن محمد بن محمّد الغزاليّ الطوسيّ، أبو حامد، حجّة الإسلام. له نحو مئتي مصنّفٍ. مولده ووفاته في الطابران ٤٥٠ه- - ٥٠٥ه-. رحل إلى نيسابور، ثُمَّ إلى بغداد، فالحجاز، فبلاد الشّام، فمصر، وعاد إلى بلدته. نسبته إلى صناعة الغزل ؛ عند مَن يقوله بتشديد الزّاي، أو إلى غزالة من قُرى طوس، لمَن قال بالتخفيف. من كتبه في أُصول الفقه: شفاء الغليل - خ، والمستصفى - ط، والمنخول - خ. ينظر: الأعلام: ٧/ ٢٤٧ - ٢٤٨.

(٣) وقال المدديّ: للاطّلاع على مذهب الغزالي في ذلك، يُراجع: المستصفى: ١/ ١٣٢ - ١٣٤، ١٤٠، فقد أعترف فيه بأنَّ حصولَ العلم بالمتواتر ضروريّ بمعنى، وإن كان غير ضروريّ بمعنىً آخر ؛ وفي الحقيقة يُفَصِّل بين معاني الضروريّ.

(٤) في النسخة الخطِّيَّة (ورقة ٦، لوحة ب، سطر ١١): (أو يُعلم صِدقه) فقط ؛ بدون: (ب. لا ضرورة، بمعنى).

(٥) مرجع الضمير: الأنبياء والأئمة. خطِّيَّة الدكتور محفوظ، ص٦.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

أخبرنا جعفر بن عَوْن ، حدَّثنا هشام بن سعيد ، قال : حدَّثنا زيد بن أَسْلم :

أن مَرْوَان بن الحكم كان يوماً وهو أمير على المدينة عنده أبو سعيد الخُدْرِي ، وزيد بن ثابت ، ورافع بن خُدَيْجٍ ، فقال مروان : يا أبا سعيد ، أرأيت قوله تعالى :( لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا ) والله إنا لنفرح بما أتينا ، ونحب أن نحمد بما لم نفعل؟ فقال أبو سعيد : ليس هذا في هذا ، إنما كان رجال في زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يتخلفون عنه وعن أصحابه في المغازي ، فإذا كانت فيهم النكبة وما يكرهون فرحوا بتخلفهم ، فإذا كان فيهم ما يحبون حلفوا لهم ، وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا.

٢٨٢ ـ أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد ، أخبرنا أبو سعيد بن حمدون ، أخبرنا أبو حامد بن الشرقيّ ، قال : حدَّثنا أبو الأزهر ، قال : حدَّثنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا ابن جريج ، قال : أخبرني ابن أبي مليكة : أن علقمة بن وقاص أخبره أن مروان قال لرافع بوابه : اذهب إلى ابن عباس ، وقل له : لئن كان [كل] امرئ منا فرح بما أتي ، وأحب أن يحمد بما لم يفعل عذَّب ـ لنعذبن أجمعين. فقال ابن عباس : ما لكم ولهذا؟ إنما دعا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، اليهود فسألهم عن شيء ، فكتموه إياه وأخبروه بغيره ، فأروه أن قد استحمدوا إليه بما أخبروه فيما سألهم ، وفرحوا بما أَتوا من كتمانهم إِياه. ثم قرأ ابن عباس :( وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ ) رواه البخاري عن إبراهيم بن موسى عن هشام ، ورواه مسلم عن زهير بن حرب عن حجاج ، كلاهما عن ابن جُرَيج.

__________________

[٢٨٢] أخرجه البخاري في كتاب التفسير (٤٥٦٧).

ومسلم في كتاب صفات المنافقين (٨ / ٢٧٧٨) ص ٢١٤٣.

والترمذي في التفسير (٣٠١٤).

والنسائي في التفسير (١٠٦) وابن جرير (٤ / ١٣٨).

والحاكم في المستدرك (٢ / ٢٩٩) وقال صحيح الإسناد ووافقه الذهبي.

وذكره السيوطي في اللباب (ص ٦٧).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٠٨) لابن المنذر وابن أبي حاتم.

والطبراني والبيهقي في الشعب.

١٤١

٢٨٣ ـ وقال الضحاك : كتب يهود المدينة إلى يهود العراق واليمن ومَنْ بلغهم كتابهم من اليهود في الأرض كلها : أن محمداً ليس نبي الله ، فاثبتوا على دينكم ، وأجمعوا كلمتكم على ذلك. فأجمعت كلمتهم على الكفر بمحمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والقرآن. ففرحوا بذلك. وقالوا : الحمد لله الذي جمع كلمتنا ، ولم نتفرق ، ولم نترك ديننا ، وقالوا : نحن أهل الصوم والصلاة ونحن أولياء الله. وذلك قول الله تعالى :( يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا ) بما فعلوا( وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا ) يعني بما ذكروا من الصوم والصلاة والعبادة.

[١٢٩]

قوله تعالى :( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ) الآية. [١٩٠].

٢٨٤ ـ أخبرنا أبو إسحاق المقري ، قال : أخبرنا عبد الله بن حامد ، أخبرنا أحمد بن محمد بن يحيى العنبري ، حدَّثنا أحمد بن نجدة ، حدَّثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، أخبرنا يعقوب القمي ، عن جعفر بن أبي المغيرة ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال :

أتت قريش اليهودي ، فقالوا : ما جاءكم به موسى من الآيات؟ قالوا : عصاه ويده بيضاء للناظرين. وأتوا النصارى فقالوا : كيف كان عيسى فيكم؟ فقالوا : يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى. فأتوا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالوا : أدع لنا ربك يجعل [لنا] الصفا ذهباً. فأنزل الله تعالى :( إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ ) .

[١٣٠]

قوله تعالى :( فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ ) الآية. [١٩٥].

__________________

[٢٨٣] مرسل ، وعزاه في الدر (٢ / ١٠٩) لعبد بن حميد وابن جرير.

[٢٨٤] في إسناده : يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو متهم بسرقة الحديث.

وأخرجه النسائي في تفسيره (٣١٠) وذكره السيوطي في اللباب (ص ٦٩) قال الحافظ في الفتح (٨ / ٢٣٥) : فيه إشكال من جهة أن هذه السورة مدنية وقريش من أهل مكة ، ويحتمل أن يكون سؤالهم لذلك بعد أن هاجر النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى المدينة ولا سيما في زمن الهدنة أ. ه.

١٤٢

٢٨٥ ـ أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم النَّصْرَابَادِي ، أخبرنا أبو عمرو إسماعيل بن نجيد ، حدَّثنا جعفر بن محمد بن سوار ، أخبرنا قتيبة بن سعيد ، عن سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن سلمة بن عمر بن أبي سَلَمة ـ رجل من ولد أم سلمة ـ قال :

قالت أم سلمة : يا رسول الله ، لا أَسْمَعُ الله ذَكَرَ النساءَ في الهجرة بشيء. فأنزل الله تعالى :( فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ ) الآية. رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن أبي عون محمد بن أحمد بن ماهان ، عن محمد بن علي بن زيد ، عن يعقوب بن حميد ، عن سفيان.

[١٣١]

قوله تعالى :( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ ) . [١٩٦].

٢٨٦ ـ نزلت في مشركي مكة ، وذلك أنهم كانوا في رخاء ولين من العيش ، وكانوا يَتّجِرُونَ ويتنعمون ، فقال بعض المؤمنين : إن أعداء الله فيما نرى من الخير ، وقد هلكنا من الجوع والجهد. فنزلت هذه الآية.

[١٣٢]

قوله تعالى :( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ ) الآية. [١٩٩].

٢٨٧ ـ قال جابر بن عبد الله ، وأنس ، وابن عباس ، وقتادة :

__________________

[٢٨٥] أخرجه الترمذي في كتاب التفسير (٣٠٢٣).

وأخرجه الحاكم (٢ / ٣٠٠) من طريق مجاهد عن أم سلمة وصححه ووافقه الذهبي ، وأخرجه ابن جرير (٤ / ١٤٣).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٦٩) وزاد نسبته لعبد الرزاق وسعيد بن منصور ، وزاد نسبته في الدر (٢ / ١١٢) لابن المنذر والطبراني.

[٢٨٦] بدون سند.

[٢٨٧] حديث جابر بن عبد الله أخرجه ابن جرير (٤ / ١٤٦) وفي إسناده عنده أبو بكر الهذلي ، قال الحافظ في التقريب [٢ / ٤٠١] : متروك.

١٤٣

نزلت في النجاشي ، وذلك [أنه] لما مات نعاه جبريل ،عليه‌السلام لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في اليوم الذي مات فيه. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لأصحابه : اخرجوا فصلوا على أخ لكم مات بغير أرضكم. فقالوا : ومن هو؟ فقال : النجاشي ، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى البَقِيع ، وكُشِفَ له من المدينة إلى أرض الحبشة ، فأبصر سرير النجاشي ، وصلى عليه ، وكبّر أربع تكبيرات ، واستغفر له ، وقال لأصحابه : استغفروا له. فقال المنافقون : انظروا إلى هذا يصلي على عِلْجٍ حَبَشِيّ نَصْرَاني ، لم يره قط ، وليس على دينه ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

٢٨٨ ـ أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله بن يوسف ، حدَّثنا أبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر إملاء ، قال : أخبرنا جعفر بن محمد بن سنان الواسطي ، أخبرنا أبو هانئ محمد بن بكار الباهلي ، حدَّثنا المُعْتَمِر بن سليمان ، عن حميد ، عن أنس قال :

قال نبي اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم لأصحابه : قوموا فصلوا على أخيكم النجاشي ، فقال بعضهم لبعض : يأمرنا أن نصلي على عِلْج من الحبشة! فأنزل الله تعالى :( وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ ) الآية.

٢٨٩ ـ وقال مجاهد وابن جريج وابن زيد : نزلت في مؤمني أهل الكتاب كلّهم.

[١٣٣]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا ) الآية. [٢٠٠].

__________________

[٢٨٨] في إسناده حميد بن أبي حميد الطويل : قال الحافظ في التقريب : ثقة مدلس ، والحديث أخرجه الطبراني في الأوسط (٢٦٨٨) والبزار (٨٣٢ كشف).

وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٣ / ٣٨) وقال : رواه البزار والطبراني في الأوسط ورجال الطبراني ثقات أ. ه.

وعزاه في الدر (٢ / ١١٣) للنسائي والبزار وابن أبي حاتم وابن مردويه.

وقد أخرجه النسائي في التفسير (١٠٨)

[٢٨٩] مرسل.

١٤٤

٢٩٠ ـ أخبرنا سعيد بن أبي عمرو الحافظ ، أخبرنا أبو علي الفقيه ، حدَّثنا محمد بن معاذ المَالِيني. حدَّثنا الحسين بن الحسن بن حرب المروزي ، حدَّثنا ابن المبارك ، أخبرنا مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير ، حدَّثني داود بن صالح ، قال :

قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : يا ابن أخي ، هل تدري في أي شيء نزلت هذه الآية :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا ) ؟ قال : قلت : لا ، قال : إنه يا ابن أخي لم يكن في زمان النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم غَزْو يُرابطُ فيه ، ولكن انتظار الصلاة خلف الصلاة. رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه ، عن أبي محمد المزني ، عن أحمد بن نجدة ، عن سعيد بن منصور ، عن ابن المبارك.

__________________

[٢٩٠] مرسل : أخرجه ابن جرير (٤ / ١٤٨) ، وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٣٠١) من حديث أبي هريرة وصححه ووافقه الذهبي.

وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١١٣) لابن المبارك وابن المنذر والبيهقي في الشعب.

١٤٥

سورة النساء

١٣٤

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قولهعزوجل :( وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ) الآية. [٢].

٢٩١ ـ قال مقاتل والكلبي : نزلت في رجل من غطفان كان عنده مال كثير لابن أخ له يتيم ، فلما بلغ اليتيم ، طلب المال فمنعه عمه ، فترافعا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزلت هذه الآية. فلما سمعها العم قال : أطعنا الله وأطعنا الرسول ، نعوذ بالله من الحُوبِ الكبير. فدفع إليه ماله ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : من يُوقَ شُحَّ نفسه ورجع به هكذا فإنه يَحُلُّ دَارَه. يعني جَنَّتَه. فلما قَبَضَ الفتى ماله أنفقه في سبيل الله تعالى ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ثبت الأجر وبقي الوزر ، فقالوا : يا رسول الله ، قد عرفنا أنه ثبت الأجر ، فكيف بقي الوزر وهو ينفق في سبيل الله؟ فقال : ثبت الأجر للغلام ، وبقي الوزر على والده.

[١٣٥]

قوله تعالى :( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى ) الآية. [٣].

٢٩٢ ـ أخبرنا أبو بكر التَّمِيميّ ، أخبرنا عبد الله بن محمد ، حدَّثنا أبو

__________________

[٢٩١] مرسل.

[٢٩٢] أخرجه البخاري في كتاب الشركة (٢٤٩٤) وفي كتاب التفسير (٤٥٧٤)

أخرجه مسلم في كتاب التفسير (٧ / ٣٠١٨) ص ٢٣١٤.

١٤٦

يحيى ، حدَّثنا سهل بن عثمان ، حدَّثنا يحيى بن أبي زائدة ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة في قوله تعالى :( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا ) الآية ، قالت :

أنزلت هذه في الرجل يكون له اليتيمة وهو وليها ، ولها مال ، وليس لها أحد يخاصم دونها ، فلا يُنْكِحُها حُبّاً لِمَالها وَيَضرُّ بها ويسيء صحبتها ، فقال الله تعالى :( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ ) يقول : ما أحللت لكم ودع هذه. رواه مسلم عن أبي كُرَيب ، عن أبي أسامة ، عن هشام.

٢٩٣ ـ وقال سعيد بن جُبَير ، وقتادة ، والربيع ، والضّحاك ، والسّدي :

كانوا يتحرجون عن أموال اليتامى ، ويترخصون في النساء ويتزوجون ما شاءوا ، فربما عدلوا ، وربما لم يعدلوا ، فلما سألوا عن اليتامى ونزلت آية اليتامى :( وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ ) الآية ـ أنزل الله تعالى أيضاً :( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى ) الآية.

يقول : وكما خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى ، فكذلك فخافوا في النساء أن لا تعدلوا فيهن ، فلا تتزوجوا أكثر مما يمكنكم القيام بحقهن ، لأن النساء كاليتامى في الضعف والعجز. وهذا قول ابن عباس في رواية الوَالبي.

[١٣٦]

قوله تعالى :( وَابْتَلُوا الْيَتامى ) الآية. [٦].

٢٩٤ ـ نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه ثابتاً وهو صغير ، فأتى عم ثابت إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له : إن ابن أخي يتيم في حجري فما يحل لي من ماله ، ومتى أدفع إليه ماله؟ فأنزل الله تعالى هذه الآية.

__________________

وأخرجه ابن جرير (٤ / ١٥٥) والنسائي في تفسيره (١١٠).

وعزاه السيوطي في الدر (٢ / ١١٨) للبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن.

[٢٩٣] انظر السابق.

[٢٩٤] الدر (٢ / ١٢٢) وعزاه لعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة.

١٤٧

١٣٧

قوله تعالى :( لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) الآية. [٧].

٢٩٥ ـ قال المفسرون : إن أوس بن ثابت الأنصاري توفي وترك امرأة يقال لها : أم حُجَّة وثلاث بنات له منها ، فقام رجلان : هما ابنا عم الميت ووصياه ، يقال لهما : / سُوَيْد وعَرْفَجَة ، فأخذا ماله ولم يعطيا امرأته ولا بناته شيئاً ، وكانوا في الجاهلية لا يُوَرِّثُون النساء ولا الصغير وإن كان ذكراً ، إنما يورثون الرجال الكبار ، وكانوا يقولون : لا يُعطى إِلا من قاتل على ظهر الخيل وحاز الغنيمة. فجاءت أم حُجَّة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت : يا رسول الله إن أوس بن ثابت مات وترك عليَّ بنات وأنا امرأته ، وليس عندي ما أنفق عليهن ، وقد ترك أبوهن مالاً حسناً وهو عند سُوَيد وعَرْفَجَة ، لم يعطياني ولا بناته من المال شيئاً ، وهن في حجري ، ولا يطعماني ولا يسقياني ولا يرفعان لهن رأساً. فدعاهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالا : يا رسول الله ، ولدها لا يركب فرساً ، ولا يحمل كلّا ، ولا يُنْكي عدواً. فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم انصرفوا حتى أَنظر ما يحدث الله لي فيهن. فانصرفوا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[١٣٨]

قوله تعالى :( إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى ظُلْماً ) الآية. [١٠].

٢٩٦ ـ قال مقاتل بن حيان : نزلت في رجل من غطفان يقال له : مَرْثَد بن زيد ، وَلِيَ مالَ ابن أخيه وهو يتيم صغير فأكله ، فأنزل الله تعالى فيه هذه الآية.

[١٣٩]

قوله تعالى :( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ ) الآية. [١١].

٢٩٧ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر ، أخبرنا الحسن بن أحمد

__________________

[٢٩٥] الدر (٢ / ١٢٢) ، لباب النقول ص ٧٠.

وقد ذكر هذه القصة الحافظ ابن حجر في الإصابة (١ / ٨٠) في ترجمة أوس بن ثابت.

[٢٩٦] إصابة (٣ / ٣٩٧) في ترجمة مرثد بن زيد الغطفاني.

[٢٩٧] أخرجه البخاري في كتاب التفسير (٤٥٧٧).

١٤٨

المخلدي ، أخبرنا المُؤَمَّل بن الحسن بن عيسى ، قال : حدَّثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال : حدَّثنا حجاج عن ابن جريج ، قال : أخبرني ابن المُنْكَدِر ، عن جابر قال :

عادني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وأبو بكر في بني سلمة يمشيان ، فوجدني لا أعقل ، فدعا بماء فتوضأ ثم رش عليَّ منه فأفقت ، فقلت : كيف أصنع في مالي يا رسول الله؟ فنزلت :( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) الآية.

رواه البخاري عن إبراهيم بن موسى ، عن هشام.

ورواه مسلم عن محمد بن حاتم ، عن حجاج كلاهما عن ابن جريج.

٢٩٨ ـ أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد المنصوري ، قال : أخبرنا علي بن

__________________

ومسلم في الفرائض (٦ / ١٦١٦) ص ١٢٣٥.

والنسائي في التفسير (١١١) وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٣٠٦٠)

للنسائي في الطهارة والفرائض في الكبرى.

وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٦ / ٢١٢).

وأخرجه أبو داود في الفرائض (٢٨٨٦) والترمذي في التفسير (٣٠١٥) والنسائي في التفسير (١٥٤) وابن ماجة في الجنائز (١٤٣٦) وفي الفرائض (٢٧٨) من طريق سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر به.

وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٣٠٣) من طريق عمرو بن أبي قيس عن محمد بن المنكدر به وقال الحاكم : هذا إسناد صحيح.

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٧٠).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٢٤) لعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم.

[٢٩٨] صحيح : أخرجه أبو داود في الفرائض (٢٨٩١ ـ ٢٨٩٢).

والترمذي في الفرائض (٢٠٩٢) وقال : هذا حديث صحيح.

وابن ماجة في الفرائض (٢٧٢٠).

وأحمد في مسنده (٣ / ٣٥٢) والحاكم في المستدرك (٤ / ٣٣٤ ، ٣٤٢) وصححه ووافقه الذهبي والبيهقي في السنن (٦ / ٢٢٩).

وأورده السيوطي في لباب النقول (ص ٧١).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٢٥) لابن سعد وابن أبي شيبة ومسدد وأبي داود الطيالسي وابن أبي عمرو وابن منيع وابن أبي أسامة وأبي يعلى وابن أبي حاتم وابن حبان.

١٤٩

عمر بن مهدي قال : حدَّثنا يحيى بن صاعد ، قال : حدَّثنا أحمد بن المقدام ، قال : حدَّثنا بشر بن المفضل قال : حدَّثنا عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن جابر بن عبد الله ، قال :

جاءت امرأة [إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ] بابنتين لها فقالت : يا رسول الله ، هاتان بنتا ثابت بن قيس ـ أو قالت سعد بن الرَّبيع ـ قتل معك يوم أحد ، وقد اسْتَفَاءَ عمهما مالهما وميراثهما ، فلم يدع لهما مالاً إلا أخذه ، فما ترى يا رسول الله؟ فو الله ما ينكحان أبداً إلا ولهما مال. فقال : يقضي الله في ذلك ، فنزلت سورة النساء وفيها :( يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) إلى آخر الآية ، فقال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ادع لي المرأة وصاحبها ، فقال لعمهما : أعطهما الثلثين ، وأعط أمهما الثمن ، وما بقي فلك.

[١٤٠]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً ) الآية. [١٩].

٢٩٩ ـ أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، قال : حدَّثنا عبد الله بن محمد الأصفهاني ، قال : حدَّثنا أبو يحيى قال : حدَّثنا سهل بن عثمان قال : حدَّثنا أسباط بن محمد ، عن الشيباني ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال أبو إسحاق الشيباني ـ وذكره عطاء بن الحسين السُّوَائي ولا أظنه ذكره إلا عن ابن عباس في هذه الآية( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً ) قال :

__________________

وللحافظ ابن حجر تعليق على هذا الحديث والذي قبله : انظر الفتح (٨ / ٢٤٤) شرح الحديث رقم (٤٥٧٧)

[٢٩٩] أخرجه البخاري في التفسير (٤٥٧٩).

وفي الإكراه (٦٩٤٨).

وأخرجه أبو داود في النكاح (٢٠٨٩).

والنسائي في التفسير (١١٤) وأخرجه ابن جرير (٤ / ٢٠٧) ، وذكره السيوطي في لباب النقول (ص) ٧٢) وأخرجه البيهقي في السنن (٧ / ١٣٨) وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٣١) لابن المنذر وابن أبي حاتم.

١٥٠

كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته ، إن شاء بعضهم تزوجها ، وإن شاءوا زوجوها ، وإن شاءوا لم يزوجوها ، وهم أحق بها من أهلها. فنزلت هذه الآية في ذلك. رواه البخاري في التفسير عن محمد بن مقاتل ، ورواه في كتاب الإكراه عن حسين بن منصور ، كلاهما عن أسباط.

٣٠٠ ـ قال المفسرون : كان أهل المدينة في الجاهلية وفي أول الإسلام إذا مات الرجل وله امرأة ، جاء ابنه من غيرها أو قريبه من عَصَبَتِهِ ، فألقى ثوبه على تلك المرأة فصار أحقّ بها من نفسها ومن غيره ، فإن شاء أن يتزوجها تزوَّجَها بغير صداق إلا الصداق الذي أصدقها الميت ، وإن شاء زوّجها غيره وأخذ صداقها ولم يعطها شيئاً ، وإن شاء عَضَلَهَا وضَارَّهَا لتفتدي منه بما ورثت من الميت ، أو تموت هي فيرثها ، فتوفي أبو قيس بن الأَسْلَت الأنصاري ، وترك امرأته كُبَيْشَة بنت معن الأنصارية فقام ابن له من غيرها يقال له : حصن ، وقال مقاتل : اسمه قيس بن أبي قيس ، فطرح ثوبه عليها فَوَرِث نكاحها ، ثم تركها فلم يقربها ولم ينفق عليها ، يضارها لتفتدي منه بمالها ، فأتت كبيشة إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، إن أبا قيس توفي وورث ابنه نكاحي ، وقد أضرّ بي وطوّل عليّ ، فلا هو ينفق عليّ ولا يدخل بي ، ولا هو يخلي سبيلي. فقال لها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : اقعدي في بيتك حتى يأتي فيك أمر الله. قال : فانصرفت ، وسمعت بذلك النساء في المدينة ، فأتين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وقلن : ما نحن إلا كهيئة كبيشة غير أنه لم ينكحنا الأبناء ، ونكحنا بنو العم. فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[١٤١]

قوله تعالى :( وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ ) الآية. [٢٢].

٣٠١ ـ نزلت في حصن بن أبي قيس ، تزوج امرأة أبيه : كبيشة بنت معن.

__________________

[٣٠٠] ابن جرير (٤ / ٢٠٧).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٧٢) وعزاه لابن جرير وابن أبي حاتم بإسناد حسن.

وذكره الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٨ / ٢٤٧) شرح الحديث رقم (٤٥٧٩) وذكره في الإصابة (٤ / ١٦٢) ترجمة أبي قيس بن الأسلت.

[٣٠١] أخرجه ابن جرير عن عكرمة (٤ / ٢١٧).

الدر (٢ / ١٣٤) وعزاه لابن أبي حاتم والفريابي وابن المنذر والطبراني.

١٥١

وفي الأسود بن خلف ، تزوج امرأة أبيه. وصفوان بن أمية بن خلف ، تزوج امرأة أبيه : فَاخِتة بنت الأسود بن المطلب. وفي مَنْظُور بن زبّان تزوج امرأة أبيه : مليكة بنت خارجة.

٣٠٢ ـ وقال أشعث بن سَوَّار : توفي أبو قيس ـ وكان من صالحي الأنصار ـ فخطب ابنُه قيس امرأة أبيه ، فقالت : إني أعدك ولداً ، ولكني آتي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أستأمره. فأتته فأخبرته ، فأنزل الله تعالى هذه الآية.

[١٤٢]

قوله تعالى :( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) [٢٤].

٣٠٣ ـ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن البُنَانِي قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن حمدان قال : أخبرنا أبو يعلى ، قال : أخبرنا عمرو الناقد ، قال : أخبرنا أبو أحمد الزبيري قال : حدَّثنا سفيان ، عن عثمان البَتِّي ، عن أبي الخَليل ، عن أبي سعيد الخُدْري قال :

أصبنا سبايا يوم أَوطاسَ لهنَّ أزواج ، فكرهنا أن نقع عليهن ، فسألنا النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فنزلت :( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) فاستحللناهن.

__________________

[٣٠٢] البيهقي في السنن (٧ / ١٦١) من طريق أشعث بن سوار عن عدي بن ثابت الأنصاري وقال البيهقي : هذا مرسل.

وقال السيوطي في الدر (٢ / ١٣٤) : عند ابن أبي حاتم : عن عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار.

قلت : أشعث بن سوار ضعيف (تقريب ١ / ٧٩) و (المجروحين ١ / ١٧١)

[٣٠٣] أخرجه مسلم في الرضاع (٣٥ ، ٣٥ مكرر / ١٤٥٦) ص ١٠٨٠.

وأخرجه الترمذي في النكاح (١١٣٢) وقال : هذا حديث حسن. وفي التفسير (٣٠١٧).

والنسائي في التفسير (١١٧) وأخرجه أحمد في مسنده (٣ / ٧٢).

وأخرجه ابن جرير (٥ / ٣).

وذكره السيوطي في لباب النقول (ص ٧٣).

وزاد نسبته في الدر (٢ / ١٣٧) للطيالسي والفريابي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبي يعلي وابن أبي حاتم والطحاوي وابن حبان والبيهقي في السنن.

١٥٢

٣٠٤ ـ أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن الحارث ، قال : أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، قال : حدَّثنا أبو يحيى ، قال : حدَّثنا سهل بن عثمان ، أخبرنا عبد الرحيم ، عن أشعث بن سَوَّار ، عن عثمان البَتِّي ، عن أبي الخليل ، عن أبي سعيد قال :

لما سبا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أهل أوطَاس قلنا : يا نبي الله ، كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهن وأزواجهن؟ فنزلت هذه الآية :( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) ).

٣٠٥ ـ أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الفارسي ، أخبرنا محمد بن عيسى بن عمْرَوَيْه ، حدَّثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان ، حدَّثنا مسلم بن الحجاج ، حدَّثني عبيد الله بن عمر القَوَارِيري ، حدَّثنا يزيد بن زرَيع ، حدَّثنا سعيد بن أبي عَرُوبَةَ عن قتادة ، عن أبي صالح أبي الخليل ، عن أبي علقمة الهاشمي ، عن أبي سعيد الخدري :

أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم حنين بعث جيشاً إلى أوطَاس ، ولقي عدواً فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا ، وكان ناس من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، تحرَّجُوا من غِشْيَانِهِنّ من أجل أزواجهن من المشركين ، فأنزل الله تعالى في ذلك( وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) .

[١٤٣]

قوله تعالى :( وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ ) [٣٢].

__________________

[٣٠٤] انظر السابق.

[٣٠٥] أخرجه مسلم في الرضاع (٣٣ ، ٣٤ / ١٤٥٦) ص ١٠٧٩.

وأبو داود في النكاح (٢١٥٥).

والترمذي في النكاح (١١٣٢ مكرر) وفي التفسير (٣٠١٦).

والنسائي في النكاح (٦ / ١١٠).

وفي التفسير (١١٦).

وأحمد في مسنده (٣ / ٨٤) والبيهقي في السنن (٩ / ١٢٤) وأخرجه ابن جرير (٥ / ٣) وانظر رقم (٣٠٣)

١٥٣

٣٠٦ ـ أخبرنا إسماعيل بن أبي القاسم الصّوفي ، أخبرنا إسماعيل بن نجيد ، حدَّثنا جعفر بن محمد بن سوَّار ، أخبرنا قُتَيْبَة ، حدَّثنا سفيان بن عُيَيْنَةَ ، عن ابن أبي نُجَيح ، عن مجاهد ، قال :

قالت أم سلمة : يا رسول الله ، يغزو الرجال ولا نغزو ، وإنما لنا نصف الميراث. فأنزل الله تعالى :( وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ ) .

٣٠٧ ـ أخبرنا محمد بن عبد العزيز : أن محمد بن الحسين أخبرهم عن محمد بن يحيى بن يزيد ، أخبرنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عَتَّابُ بن بَشِير ، عن خُصيف ، عن عكرمة :

أن النساء سألن الجهاد فقلن : وَدِدْنَا أن الله جعل لنا الغزو فنصيب من الأجر ما يصيب الرجال. فأنزل الله تعالى :( وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ ) .

٣٠٨ ـ وقال قتادة والسدي : لما نزل قوله تعالى :( لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ) قال الرجال : إنا لنرجو أن نُفَضِّل على النساء بحسناتنا في الآخرة كما فضَّلنا عليهن في الميراث ، فيكون أجرنا على الضعف من أجر النساء ، وقالت النساء : إنا لنرجو أن يكون الوزر علينا نصف ما على الرجال في الآخرة ، كما لنا الميراث على النصف من نصيبهم في الدنيا. فأنزل الله تعالى :( وَلا تَتَمَنَّوْا ما فَضَّلَ اللهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ ) .

__________________

[٣٠٦] أخرجه الترمذي في التفسير (٣٠٢٢) وقال : هذا حديث مرسل.

وأخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٣٠٥) وقال : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين إن كان سمع مجاهد من أم سلمة ووافقه الذهبي.

وأخرجه ابن جرير (٥ / ٣٠) وذكره السيوطي في اللباب (ص ٧٣) وزاد السيوطي نسبته في الدر (٢ / ١٤٩) لعبد بن حميد وسعيد بن منصور وابن أبي حاتم.

[٣٠٧] إسناده ضعيف : عتاب بن بشير : قال الإمام أحمد : أحاديث عتاب عن خصيف منكرة وكذا قال ابن عدي [تهذيب التهذيب ترجمة عتاب بن بشير].

خصيف بن عبد الرحمن : مختلف فيه.

[٣٠٨] مرسل.

١٥٤

١٤٤

قوله تعالى :( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ ) الآية [٣٣].

٣٠٩ ـ أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الفارسي ، قال : حدَّثنا محمد بن عبد الله بن حمويه الهَرَوِيّ ، قال أخبرنا علي بن محمد الخُزَاعي ، قال : حدَّثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ، قال : أخبرني شُعَيب بن أبي حمزة ، عن الزّهري ، قال : قال سعيد بن المسيب :

نزلت هذه الآية :( وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ) في الذين كانوا يَتَبَنَّوْنَ رجالاً غير أبنائهم ويورِّثونهم. فأنزل الله تعالى فيهم أن يُجْعَلَ لهم نَصِيبٌ في الوصية ، ورَدَّ اللهُ تعالى الميراثَ إلى الموالي من ذوي الرَّحم والعَصَبَةِ ، وأبى أن يجعل لِلْمُدّعَيْنَ ميراثاً ممن ادعاهم وتبناهم ، ولكن جعل [لهم] نصيباً في الوصية.

[١٤٥]

قوله تعالى :( الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ ) الآية. [٣٤].

٣١٠ ـ قال مقاتل : نزلت هذه الآية في سعد بن الرَّبِيع ، وكان من النُقَبَاء ، وامرأته حَبِيبَة بنت زَيد بن أبي زهير وهما من الأنصار ، وذلك أنها نَشَزَتْ عليه فلطمها ، فانطلق أبوها معها إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : أَفْرَشْتُهُ كريمتي فلطمها! فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : لتقتص من زوجها. وانصرفت مع أبيها لتقتص منه ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ارجعوا ، هذا جبريلعليه‌السلام أتاني. وأنزل الله تعالى هذه الآية ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أردنا أمراً وأراد الله أمراً ، والذي أراد الله خير» ، ورفع القصاص.)

__________________

[٣٠٩] مرسل : أخرجه ابن جرير (٥ / ٣٥).

وله شاهد صحيح موصول عن ابن عباس : أخرجه البخاري في الكفالة. (٢٢٩٢) وفي التفسير (٤٥٨٠) وفي الفرائض (٦٧٤٧).

وأبو داود في الفرائض (٢٩٢٢) وزاد المزي نسبته في تحفة الأشراف (٥٥٢٣) للنسائي في الفرائض في الكبرى.

[٣١٠] مرسل ـ الإصابة (٢ / ٢٧)

١٥٥

٣١١ ـ أخبرنا سعيد بن محمد بن أحمد الزاهد ، قال : أخبرنا زاهر بن أحمد ، قال : أخبرنا أحمد بن الحسين بن الجنيد ، قال : حدَّثنا زياد بن أيوب ، قال : حدَّثنا هشيم قال : حدَّثنا يونس عن الحسن :

أن رجلاً لطم امرأَته فخاصمته إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فجاء معها أهلها فقالوا : يا رسول الله ، إِن فلاناً لطم صاحبتنا. فجعل رسول الله يقول : القصاص القصاص. ولا يقضي قضاء ، فنزلت هذه الآية :( الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ ) فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أَردنا أَمراً وأَراد الله غيره.

٣١٢ ـ أخبرنا أبو بكر الحارثي ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : حدَّثنا أبو يحيى الرازي ، قال : حدَّثنا سهل العسكري ، قال : حدَّثنا علي بن هاشم ، عن إسماعيل ، عن الحسن ، قال :

لما نزلت آية القصاص بين المسلمين لطم رجل امرأته ، فانطلقت إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقالت : إن زوجي لطمني فالقصاص ، قال : القصاص ، فبينا هو كذلك أَنزل الله تعالى :( الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ ) فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وسلم : أردنا أمراً فأبى الله تعالى [إلا غيرَه]. خذ أيها الرجل بيد امرأَتك.

[١٤٦]

قوله تعالى :( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ) [٣٧].

٣١٣ ـ قال أكثر المفسرين : نزلت في اليهود [حين] كتموا صفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولم يبينوها للناس ، وهم يجدونها مكتوبة عندهم في كتبهم.

٣١٣١ م ـ وقال الكلبي : هم اليهود ، بخلوا أن يصدقوا من أتاهم بصفة محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ونعته في كتابهم.

__________________

[٣١١] مرسل.

[٣١٢] مرسل. الدر (٢ / ١٥١) لباب (ص ٧٤)

[٣١٣] بدون إسناد.

[٣١٣١] م الكلبي ضعيف.

١٥٦

٣١٤ ـ وقال مجاهد : الآيات الثلاث إلى قوله :( عَلِيماً ) نزلت في اليهود.

٣١٥ ـ وقال ابن عباس ، وابن زيد : نزلت في جماعة من اليهود ، كانوا يأتون رجالاً من الأنصار يخالطونهم وينصحونهم ويقولون لهم : لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر ، فأنزل الله تعالى :( الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ) .

[١٤٧]

قوله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى ) الآية. [٤٣].

نزلت في أناس من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، كانوا يشربون الخمر ويحضرون الصلاة وهم نَشَاوَى ، فلا يدرون كم يصلون ولا ما يقولون في صلاتهم.

٣١٦ ـ أخبرنا أبو بكر الأصفهاني ، قال : أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، قال : حدَّثنا أبو يحيى ، قال : حدَّثنا سهل بن عثمان ، قال : حدَّثنا أبو عبد الرحمن الأَفْرِيقي قال : حدَّثنا عطاء ، عن أبي عبد الرحمن ، قال :

صنع عبد الرحمن بن عوف طعاماً ، ودعا أناساً من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فطعموا وشربوا ، وحضرت صلاة المغرب فتقدم بعض القوم فصلى بهم المغرب فقرأ( قُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ ) فلم يُقمْها ، فأنزل الله تعالى :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ) .

__________________

[٣١٤] بدون إسناد.

[٣١٥] بدون إسناد ، الدر (٢ / ٢٦٢) ، لباب النقول (ص ٧٥)

[٣١٦] إسناده ضعيف : عطاء بن السائب اختلط ، وله علة أخرى وهي أنه مرسل. وله شاهد بإسناد صحيح موصول : أخرجه الحاكم في المستدرك (٢ / ٣٠٧) من طريق سفيان عن عطاء وقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. وقد سمع سفيان من عطاء قبل الاختلاط. وأخرجه ابن جرير (٥ / ٦١) من طريق سفيان به.

١٥٧

[١٤٨]

قوله تعالى :( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) . [٤٣].

٣١٧ ـ أخبرنا أبو عبد الله بن أبي إسحاق ، قال : حدَّثنا أبو عمرو بن مطر ، قال : حدَّثنا إبراهيم بن علي الذُّهْلِي ، قال : حدَّثنا يحيى بن يحيى ، قال : قرأت على مالك بن أنس ، عن عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن عائشة ، أنها قالت :

خرجنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في بعض أسفاره ، حتى إذا كنا بالبَيْدَاء أو بِذَاتِ الجَيْش ، انقطع عقد لي فأقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، على التماسه ، وأقام الناس معه ، وليسوا على ماء وليس معهم ماء ، فأتى الناس إلى أبي بكر ، فقالوا : ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم وبالناس معه [وليسوا على ماء] وليس معهم ماء. فجاء أبو بكر ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، واضعٌ رأسه على فخذي قد نام ، فقال : أَحَبَسْتِ رسولَ الله والناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء؟ قالت : فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله أن يقول وجعل يطعن بيده في خاصرتي ، فلا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم على فخذي ، فنام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم حتى أصبح على غير ماء ، فأنزل الله تعالى آية التيمم فتيمموا ، فقال أسيد بن حضير ـ وهو أحد النقباء ـ : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. قالت عائشة : فبعثنا البعير الذي

__________________

[٣١٧] أخرجه البخاري في التيمم (٣٣٤).

وفي كتاب النكاح (٥٢٥٠) مختصراً.

وأخرجه في فضائل الصحابة (٣٦٧٢) وفي كتاب التفسير (٤٦٠٧). وأخرجه في الحدود (٦٨٤٤) مختصراً.

وأخرجه مسلم في كتاب الحيض (١٠٨ / ٣٦٧) ص ٢٧٩.

والنسائي في الطهارة (١ / ١٦٣).

وفي التفسير (١٢٧).

وأخرجه مالك في الموطأ في كتاب الطهارة رقم ٨٩ (ص ٥٣).

وأخرجه ابن جرير (٥ / ٦٩) مختصراً.

والبيهقي في السنن الكبرى (١ / ٢٠٤)

١٥٨

كنت عليه فوجدنا العقد تحته. رواه البخاري عن إسماعيل بن أبي أويس ، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى : كلاهما عن مالك.

٣١٨ ـ أخبرنا أبو محمد الفارسي ، قال : أخبرنا محمد بن عبد الله بن الفضل ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ ، قال : حدَّثنا محمد بن يحيى ، قال : حدَّثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد ، قال : حدَّثنا أبي ، عن أبي صالح ، عن ابن شهاب ، قال : حدَّثني عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبَةَ ، عن ابن عباس ، عن عَمّار بن يَاسِر ، قال :

عرّس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بذات الجيش ، ومعه عائشة زوجته ، فانقطع عقد لها من جذع ظَفَار فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر ، وليس مع الناس ماء [فتغيّظ عليها أبو بكر وقالت : حبست الناس]. فأنزل الله تعالى على رسولهصلى‌الله‌عليه‌وسلم قصة التطهُّر بالصَّعيد الطَّيب ، فقام المسلمون فضربوا بأيديهم الأرض ثم رفعوا أيديهم ، فلم يقبضوا من التراب شيئاً ، فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب ، وبطون أيديهم إلى الآباط.

قال الزهري : وبلغنا أن أبا بكر قال لعائشة : والله إنك ما علمتُ لمباركة.

[١٤٩]

قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ ) الآية [٤٩].

٣١٩ ـ قال الكلبي : نزلت في رجال من اليهود أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم بأطفالهم ، وقالوا : يا محمد هل على أولادنا هؤلاء من ذنب؟ قال : لا ، فقالوا : والذي نحلف به ، ما نحن إلا كهيئتهم ، ما من ذنب نعمله بالنهار إلا كُفّرَ عنا بالليل ، وما من

__________________

[٣١٨] أخرجه أبو داود في الطهارة (٣٢٠).

والنسائي في الطهارة (١ / ١٦٧) في الصغرى.

وأحمد في مسنده (٤ / ٢٦٣) والبيهقي في السنن (١ / ٢٠٨).

وأخرجه ابن جرير (٥ / ٧٢).

وعزاه السيوطي في الدر (٢ / ١٦٧) لابن جرير والبيهقي.

[٣١٩] الكلبي ضعيف.

١٥٩

ذنب نعمله بالليل إلا كُفّر عنا بالنهار. فهذا الذي زكوا به أنفسهم.

[١٥٠]

قوله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ) . [٥١].

٣٢٠ ـ أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، قال : أخبرنا والدي ، قال : حدَّثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، قال : حدَّثنا عبد الجبار بن العلاء ، قال : حدَّثنا سفيان عن عمرو ، عن عكرمة ، قال :

جاء حُيَيّ بن أخْطَب ، وكَعْبُ بن الأشْرَف إلى أهل مكة ، فقالوا لهم : أَنتم أهل الكتاب ، وأهل العلم القديم ، فأخبرونا عنا وعن محمد. قالوا : ما أنتم وما محمد؟ قالوا : نحن ننحر الكَوْمَاءَ ، ونَسْقِي اللبن على الماء ، ونَفك العُناة ، ونصل الأرحام ، ونَسْقِي الحَجِيج ، وديننا القديم ، ودين محمد الحديث. قالوا : بل أنتم خير منه وأهدى سبيلاً ، فأنزل الله تعالى :( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ) إلى قوله تعالى :( وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً ) .

٣٢١ ـ وقال المفسرون : خرج كعب بن الأشرف في سبعين راكباً من اليهود إلى مكة بعد وقعة أُحد ، ليحالفوا قريشاً على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وينقضوا العهد الذي كان بينهم وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم . فنزل كعب على أبي سفيان ، ونزلت اليهود في دور قريش ، فقال أهل مكة : إنكم أهل كتاب ، ومحمد صاحب كتاب ، ولا نأمن أن يكون هذا مكراً منكم ، فإن أردت أن نخرج معك فاسجد لهذين الصنمين ، وآمن بهما. فذلك قوله :( يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ ) ثم قال كعب لأهل مكة : ليجيءْ منكم ثلاثون ومنا ثلاثون ، فنلزق أكبادنا بالكعبة ونعاهد رب البيت لنجهدن على قتال محمد. ففعلوا ذلك ، فلما فرغوا قال أبو سفيان لكعب : إنك امرؤ تقرأ الكتاب وتعلم ، ونحن أميون لا نعلم ، فأيّنا أهدى طريقاً وأقرب إلى الحق ، أنحن أم

__________________

[٣٢٠] مرسل ، عزاه في الدر (٢ / ١٧١) لسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم.

[٣٢١] بدون إسناد.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170