القصص التربوية

القصص التربوية18%

القصص التربوية مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 421

القصص التربوية
  • البداية
  • السابق
  • 421 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 359626 / تحميل: 10434
الحجم الحجم الحجم
القصص التربوية

القصص التربوية

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

* المرأة كاملة لا نقص فيها:

3 - ما يَظهر من بعض الفوارق الجزئيّة بين الرجل والمرأة في الخِلْقَة والإحساسات لا يكون نقصاً في أحدهما، بل إنّ مَثَل المرأة والرجل مثل السيّارة الصغيرة المُعَدَّة لحمل المسافرين، والسيّارة الكبيرة المُعَدّة لحمل الحديد والأحجار - إنْ صحّ التعبير - فقد جُعِلَتْ كلّ واحدة منهما لشأن، فلا نقص في أحدهما، وإنّما اختلافهما هو لمصلحة.

فإنّ المرأة خُلِقَتْ عاطفيّة أكثر من الرجل؛ لدورها في تربية الأطفال، والرجل خُلق عقلانيّاً أكثر؛ وذلك لاحتياج المجتمع إلى كلا الأمرين، فَجَعْل التساوي المطلق بينهما خلاف تركيب خلقهما.

فلو أُلقي عمل الرجل على المرأة أو عمل المرأة على الرجل كان ذلك كما إذا حملتْ السيّارةُ الصغيرة الحديدَ والحجارة، أو حملتْ السيارةُ الكبيرة الركابَ، ففي الأوّل عطب السيّارة، وفي الثاني عطب المسافرين.

٢١

* مشروع الزواج:

4 - ينبغي أنْ يكون في كلّ بلد (صندوق الزواج) ليُعين على تزويج العزّاب والعازبات، ومساعدتهم في تكوين عشّ الزوجيّة، قال تعالى: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ) (1) .

ونرى أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يهتمّ لتزويج مَن لم يكن متزوّجاً.. وكذلك الإمام أمير المؤمنين، وسائر الأئمّة الطاهرين (عليهم أفضل الصلاة والسلام).

فقد روي عن الصادق (عليه السلام): (أنّ رسول الله زوّج المقداد بن الأسود ضِبَاعة ابنة الزبير بن عبد المطّلب، وإنّما زوّجه لتتّضع المناكح، وليتأسّوا برسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وليعلموا أنّ أكرمهم عند الله أتقاهم) (2) .

كما أمر (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بتزويج جويبر في قصّة مفصّلة (3) .

____________________

1 - سورة المائدة: آية: 2.

2 - بحار الأنوار: ج22، ص437، ب13، ح2.

3 - راجع بحار الأنوار: ج22، ص117، ب37، ح89، وفيه: عن محمّد بن يحيى، عن ابن عيسى، عن ابن محبوب، عن مالك بن عطيّة، عن أبي حمزة الثمالي قال:

كنت عند أبي جعفر (عليه السلام) إذ استأذن عليه رجل فأَذِنَ له، فدخل عليه فسلّم، فرحّب به أبو جعفر (ع) وأدناه وساءله، فقال الرجل:

جُعِلتُ فداك إنّي خطبتُ إلى مولاك فلان بن أبي رافع ابنته فلانة فردني ورغب عنّي وازدرأني لدمامتي وحاجتي وغربتي، وقد دخلني من ذلك غضاضة، هجمة عض لها قلبي تمنّيت عندها الموت.

فقال أبو جعفر (عليه السلام): (اذهب فأنت رسولي إليه، وقل له: يقول لك محمّد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام): زوّج منحج ابن رياح مولاي ابنتك فلانة ولا تردّه).

قال أبو حمزة: فوثب الرجل فرحاً مسرعاً برسالة أبي جعفر (عليه السلام)، فلمّا أنْ توارى الرجل قال أبو جعفر: ( ‎ إنّ رجلاً كان من أهل اليمامة يُقال له: جويبر أتى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) منتجعاً للإسلام فأسلم وحسن إسلامه، وكان رجلاً قصيراً دميماً محتاجاً عارياً، وكان من قِبَاح السودان، فضمّه رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لحال غربته وعراه، وكان يجري عليه طعامه صاعاً من تمر بالصاع الأوّل، وكساه شملتين، وأمره أنْ يلزم المسجد ويرقد فيه بالليل، فمكث بذلك ما شاء الله حتّى كثر الغرباء ممّن يدخل في الإسلام من أهل =

٢٢

____________________

= الحاجة بالمدينة وضاق بهم المسجد، فأوحى الله عزّ وجل إلى نبيّه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): أنْ طهّر مسجدك، وأخرج من المسجد مَن يرقد فيه بالليل، ومُرْ بسدّ أبواب كلّ مَن كان له في مسجدك باب إلاّ باب علي ومسكن فاطمة (عليها السلام)، ولا يمرّنَّ فيه جُنُب، ولا يرقد فيه غريب).

قال: فأمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بسدّ أبوابهم إلاّ باب علي (عليه السلام)، وأقرّ مسكن فاطمة (صلّى الله عليها) على حاله.

قال: ثمّ إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمر أنْ يتّخذ للمسلمين سقيفة، فعُمِلَتْ لهم وهي الصفة، ثمّ أمر الغرباء والمساكين أنْ يظلّوا فيها نهارهم وليلهم، فنزلوها واجتمعوا فيها، فكان رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يتعاهدهم بالبُرّ والتمر والشعير والزبيب، إذا كان عنده، وكان المسلمون يتعاهدونهم ويرقونهم لرقّة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ويصرفون صدقاتهم إليهم.

فإنّ رسول الله نظر إلى جويبر ذات يوم برحمةٍ منه له ورقّة عليه، فقال: (يا جويبر، لو تزوّجتَ امرأة فعفّفتَ بها فرجَك وأعانتك على دنياك وآخرتك.

فقال له جويبر: يا رسول الله بأبي أنت وأمّي، مَن يرغب فيّ؟ فو الله ما مِن حسب ولا نسب ولا مال ولا جمال، فأيّة امرأة ترغب فيّ؟

فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يا جويبر، إنّ الله قد وضع بالإسلام مَن كان في الجاهليّة شريفاً، وشرف بالإسلام مَن كان في الجاهليّة وضيعاً، وأعزّ بالإسلام مَن كان في الجاهليّة ذليلاً، وأذهب بالإسلام ما كان مِن نخوة الجاهليّة وتفاخرها بعشائرها وباسق أنسابها، فالناس اليوم كلّهم: أبيضهم وأسودهم، وقُرَشِيِّهم وعربيّهم وعجميّهم من آدم، وإنّ آدم خلقه الله من طين، وإنّ أحبّ الناس إلى الله عزّ وجل يوم القيامة أطوعهم له وأتقاهم، وما أعلم يا جويبر لأحد من المسلمين عليك اليوم فضلاً إلاّ لِمَنْ كان أتقى لله منك وأطوع.

ثمّ قال له: انطلق يا جويبر إلى زياد بن لبيد، فإنّه مِن أشرف بني بياضة حَسَبَاً فيهم، فقل له: إنّي رسول رسول الله إليك وهو يقول لك: زوّج جويبر ابنتك الدلفاء.

قال: فانطلق جويبر برسالة رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى زياد بن لبيد وهو في منزله وجماعة من قومه عنده، فاستأذن، فأُعلم، فأُذن له وسلّم عليه، ثمّ قال: يا زياد بن لبيد: إنّي رسول رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إليك، في حاجة فأبوح بها، أمْ أسرّها إليك؟ =

٢٣

____________________

=

فقال له زياد: بل بح بها فإنّ ذلك شرف لي وفخر.

فقال له جويبر: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول لك: زوّج جويبر ابنتك الدلفاء.

فقال له زياد: أَ رسول الله أرسلك إليّ بهذا يا جويبر؟

فقال له: نعم، ما كنتُ لأكذب على رسول الله (ص)؟

فقال له زياد: إنا لا نزوّج فَتَيَاتِنَا إلاّ أكفّاءنا مِن الأنصار، فانصرف يا جويبر حتّى ألقى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فأُخبره بعذري.

فانصرف جويبر وهو يقول: والله ما بهذا أُنزل القرآن، ولا بهذا ظهرتْ نبوّة محمّد ‎ (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

فسمعت مقالته الدلفاء بنت زياد وهي في خدرها، فأرسلتْ إلى أبيها: ادخل إليّ، فدخل إليها، فقالت له: ما هذا الكلام الذي سمعتُه منك تحاور به جويبراً؟

فقال لها: ذكر لي أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أرسله، وقال: يقول لك رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): زوّج جويبراً ابنتك الدلفاء.

فقالت له: والله ما كان جويبر ليكذب على رسول الله (ص) بحضرته، فابعث الآن رسولاً يردّ عليك جويبراً.

فبعث زياد رسولاً فلحق جويبراً، فقال له زياد: يا جويبر، مرحباً بك، اطمئن حتّى أعود إليك، ثمّ انطلق زياد إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقال له بأبي أنت وأمّي إنّ جويبراً أتاني برسالتك، وقال: إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول: زوّج جويبراً ابنتك

الدلفاء، فلم أَلِنْ له في القول، ورأيتُ لقاءك، ونحن لا نزوّج إلاّ أكفّاءنا من الأنصار.

فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): يا زياد، جويبر مؤمن، والمؤمن كفؤ للمؤمنة، والمسلم كفؤ للمسلمة، فزوّجه يا زياد ولا ترغب عنه.

قال: فرجع زياد إلى منزله ودخل على ابنته، فقال لها ما سمعه من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم).

فقالتْ له: إنّك إنْ عصيتَ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كفرتَ، فزوّج جويبراً.

فخرج زياد فأخذ بيد جويبر، ثمّ أخرجه إلى قومه، فزوّجه على سُنّة الله وسُنَّة رسوله، وضمن صداقها.

قال: فجهَّزها زياد وهيّأها ثمّ أرسلوا إلى جويبر فقالوا له: ألك منزل فنسوقها إليك؟

فقال: والله مالي من منزل.

قال: فهيَّئوها وهيّئوا لها منزلاً وهيّئوا فيه فراشاً ومتاعاً وكسوا جويبراً ثوبّين، وأُدْخِلَتْ الدلفاء في بيتها وأُدخل جويبر عليها معتماً، فلمّا رآها نظر إلى بيت ومتاع وريح طيّبة، قام إلى زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً حتّى طلع الفجر، فلمّا سمع النداء خرج وخرجتْ زوجته إلى الصلاة فتوضّأت وصلّتْ الصبح، فسُئلت: هل مَسَّكِ؟ =

٢٤

____________________

=

فقالت: مازال تالياً للقرآن وراكعاً وساجداً حتّى سمع النداء فخرج.

فلمّا كانت الليلة الثانية فعل مثل ذلك، وأَخْفَوا ذلك من زياد، فلمّا كان اليوم الثالث فعل مثل ذلك، فأُخْبِرَ بذلك أبوها، فانطلق إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقال له: بابي أنت وأمّي يا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أَمَرْتَنِي بتزويج جويبر، ولا والله ما كان من مناكحنا، ولكن طاعتك أوجبتْ عليّ تزويجه.

فقال له النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): فما الذي أنكرتم منه؟

قال: إنّا هيّأنا له بيتاً ومتاعاً، وأُدْخِلَتْ ابنتي البيت وأُدخل معها معتماً، فما كلّمها ولا نظر إليها ولا دنا منها، بل قام إلى زاوية البيت فلم يزل تالياً للقرآن راكعاً وساجداً حتّى سمع النداء فخرج، ثمّ فعل مثل ذلك في الليلة الثانية، ومثل ذلك في الليلة الثالثة، ولم يَدْنُ منها ولم يكلّمها إلى أنْ جِئْتُكَ، وما نراه يريد النساء، فانْظُر في أمرنا؟

فانصرف زياد، وبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى جويبر، فقال له: أَمَا تقرب النساء؟

فقال له جويبر: أو ما أنا بفحل؟! بلى يا رسول الله إنّي لَشَبِق نَهِم إلى النساء.

فقال له رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم):

قد خبّرت بخلاف ما وصفتَ به نفسك، قد ذكروا لي أنّهم هيّؤوا لك بيتاً وفراشاً ومتاعاً وأُدخلتْ عليك فتاة حسناء عطرة، وأتيت معتماً فلم تنظر إليها ولم تكلّمها ولم تَدْنُ منها، فما دهاك إذن؟

فقال له جويبر: يا رسول الله دخلتُ بيتاً واسعاً، ورأيتُ فراشاً ومتاعاً وفتاةً حسناء عطرة، وذكرتُ حالي التي كنتُ عليها، وغربتي وحاجتي وضيعتي وكينونتي مع الغرباء والمساكين، فأحببتُ إذْ أَوْلاَنِي الله ذلك أنْ أشكره على ما أعطاني، وأتقرّب إليه بحقيقة الشكر، فنهضتُ إلى جانب البيت، فلم أزل في صلاتي تالياً للقرآن راكعاً وساجداً أشكر الله حتّى سمعتُ النداء فخرجتُ، فلمّا أصبحتُ رأيتُ أنْ أصوم ذلك اليوم ففعلتُ ذلك ثلاثة أيّام وليالها، ورأيتُ ذلك في جنب ما أعطاني الله يسيراً ولكنّي سأرضيها وأرضيهم الليلة إنْ شاء الله.

فأرسل رسول الله (ص) إلى زياد، فأتاه وأعلمه ما قال جويبر، فطابتْ أنفسهم.

قال: وَفَى لهم جويبر بما قال، ثمّ إنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) خرج في غزوة له ومعه جويبر فاستشهد رحمه الله، فما كان في الأنصار أَيِّم أنفق منها بعد جويبر.

٢٥

وقد زوّج أمير المؤمنين (عليه السلام) من بيت المال الشابّ الأعزب الذي استمنى (1) .

و في الحديث عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (جاء رجل إلى أبي، فقال له: هل لك من زوجة؟

قال: لا.

فقال أبي: ما أُحب أنّ لي الدنيا وما فيها، وإنِّي بتّ ليلة وليستْ لي زوجة.

ثمّ قال: الركعتان يصلّيهما متزوّج أفضل من رجل أعزب يقوم ليله ويصوم نهاره، ثمّ أعطاه أبي سبعة دنانير، ثمّ قال: تزوّج بهذه.

ثمّ قال أبي: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): اتّخذوا الأهل فإنّه أَرْزَقُ لكم) (2) .

____________________

1 - فعن أبي جعفر (عليه السلام) قال:

(إنّ أمير المؤمنين أُتي برجل عبث بذكره حتّى أنزل، فضرب يدَه حتّى احمرّتْ، ثمّ زوّجه من بيت المال)، راجع: غوالي اللئالي: ج2، ص356 و 357، ح35 و 36، باب الحدود.

2 - وسائل الشيعة: ج14، ص7، ب2 من أبواب مقدّمات النكاح، ح5.

٢٦

* الزواج ومواصلة الدراسة:

5 - يلزم إلغاء العادة الغربيّة القاضية بعدم زواج الطلاّب والطالبات إلى حين التخرّج، وكذلك القاضية بعدم زواج الجندي إلى حين إتمامه دورة التدرب.. فإنّ معنى ذلك فتح دور الدعارة وفساد الشباب والفتيات، وتعميم العادة السرِّيَّة الضارّة بالصحّة، وإعطاء الفرصة للبغاء والانحراف الجنسي..

قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إذا جاءكم مَن ترضون خُلُقَه ودِيْنَه فزوِّجوه، وأنْ لا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) (1) .

وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إذا أتاكم مَن ترضَون دينه وأمانته فزوّجوه، فإنْ لم تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) (2) .

ثمّ إنّ المتزوّج أقدر على الدراسة والخدمة من الأعزب، إذ اشتغال الفكر بقضايا الجنس يمنع الإنسان عن التركيز في الدراسة أو الخدمة..

____________________

1 - غوالي اللئالي: ج3، ص340، باب النكاح، ح252. بحار الأنوار: ج100، ص373، ب21، ح9.

2 - نوادر الراوندي: ص12. وبحار الأنوار: ج100، ص374، ب21، ح15.

٢٧

قال تعالى: ( وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (1) .

وقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (النكاح سنّتي، فَمَنْ رَغِبَ عن سُنَّتي فليس منِّي) (2) .

وقال الإمام الصادق (عليه السلام) : (ركعتان يُصلّيهما متزوّج أفضل من سبعين ركعة يُصلّيهما غير متزوّج) (3) .

وعن الصادق (عليه السلام)، عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه قال: (تزوّجوا، فإنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال: مَن أحبّ أنْ يتّبع سُنَّتي فإنّ سُنَّتي التزويج) (4) .

وعنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (ما بُنِيَ بناء أحبّ إلى الله عزّ وجل من التزويج) (5) .

وعنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (مَن تزوّج أحرز نصف دينه، فليتَّق الله في النصف الآخر) (6) .

____________________

1 - سورة النور: آية: 32.

2 - جامع الأخبار: ص101، الفصل52. وبحار الأنوار: ج100، ص220، ب1، ح23.

3 - ثواب الأعمال: ص40، ثواب صلاة المتزوّج. و بحار الأنوار: ج100، ص219، ب1، ح15.

4 - وسائل الشيعة: ج14، ص6، ب1 من أبواب مقدّمات النكاح، ح14.

5 - وسائل الشيعة: ج14، ص3، ب1 من أبواب مقدّمات النكاح، ح4.

6 - وسائل الشيعة: ج14، ص5، ب1 من أبواب مقدّمات النكاح، ح11.

٢٨

وعنه (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (المتزوّج النائم أفضل عند الله من الصائم القائم العزب) (1) .

وفي قبال ذلك قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم): ‎ (رُذَّال موتاكم العزّاب) (2) .

وقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (أكثر أهل النار العزّاب) (3) .

____________________

1 - مستدرك الوسائل: ج4، ص155، ب2 من أبواب مقدّمات النكاح، ح3.

2 - وسائل الشيعة: ج14، ص7، ب2 من أبواب مقدّمات النكاح، ح3.

3 - وسائل الشيعة: ج14، ص8، ب2 من أبواب مقدّمات النكاح، ح7.

٢٩

* المرأة في المجتمع الغربي (1) :

المرأة موضوع كَثُر الكلام حوله، وغالب الكتّاب الإسلاميِّين - الداعين إلى الفضيلة والعفاف - يقارنون بين حال المرأة قبل الإسلام وحال المرأة في ظلّ الإسلام، وهي مقارنة صحيحة.. لكنّ الكلام لا ينتهي عند هذا الحدّ، وإنّنا بحاجة إلى الفرق بين المرأة في المجتمع الإسلامي وبين المرأة في المجتمع الغربي.

ولا نريد الإسهاب في هذا الموضوع، وإنّما نريد عَرْض طرف من أحوال المرأة في المجتمَعَين، لنرى هل تتوفّر راحة المرأة جسديّاً وفكريّاً، وصحّتها وثقافتها، ونظافة سمعتها، وإشباع غرائزها، وطهارة المجتمع الذي تعيش فيه.. في ظلّ الإسلام أمْ في ظلّ الكفر؟

تعيش المرأة في ظلّ الإسلام ولها من الحقوق والواجبات مثل ما للرجل من الحقوق والواجبات.. فهي شق له في كلّ شيء.. إلاّ بعض الأمور التي استُثنيتْ من جهة عدم المقتضي أو وجود المانع.

____________________

1 - نقلنا هذا المبحث عن كتاب (في ظلّ الإسلام) للإمام الشيرازي.

٣٠

* فهي تشارك الرجل في:

الصلاة، والصيام، والخُمس، والزكاة، والحج..

ولكن، حيث إنّ لها وظائف بيتيّة، بالإضافة إلى خشونة الجهاد التي لا يناسب ضعفها ودقّة جهازها ووفرة مشاعرها الرقيقة، لا يحمّلها الإسلام الجهاد على الإطلاق، بل في ضرورة الضرورة فقط، كما هو مشروح في كتب الفقه (1) . كما تشاركه في:

الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وولاية الصالحين، والبراءة من المجرمين..

هذا بالنسبة إلى العبادة..

____________________

1 - راجع: موسوعة الفقه: ج47 - ج48 كتاب الجهاد للإمام المؤلّف.

٣١

* أمّا المعاملة بمعناها الوسيع، فلها:

التجارة، والرهن، والضمان، والوديعة، والمزارعة

والمساقاة، والمضاربة، والشركة، والصلح، والعارية، والإجارة

والوكالة، والوقف، والهِبَة، والوصيّة، كما يجري عليها الحَجْر والفلس

* ولها:

النكاح والطلاق - إذا اشترطت - والنذر، والحلف، والعهد

والعتق، والتدبير، والمكاتبة، والإقرار، والجُعَالة، والصيد، والذباحة

والشُفْعَة، وإحياء الموات، واللقطة، والشهادة، والديات، والقصاص، والإرث..

٣٢

كما أنّ الطعام والشراب بالنسبة إليها، كسائر الرجال، وغير ذلك.

نعم لها بعض الأحكام الخاصّة في بعض هذه الأبواب لأمور خارجة، مثلاً:

في الإرث لها أقل من حقّ الرجل؛ لأنّ الرجل هو القائم بالنفقة، وعليه تَبِعَة المسكن والمَلْبَس، وليس الطلاق بيدها، لأنّ حقّ القيّمومة للرجل، وذلك لأنّ إدارة البيت لا بدّ وأنْ توكل إلى واحد، وحَزْم الرجل أكثر من المرأة؛ ولذا جُعِلَتْ إليه، وفي قبال هذا الواجب جُعِلَ حقّ الطلاق؛ لتكافئ الحقوق والواجبات. وهكذا.. وهكذا..

قد كانت المرأة في ظلّ الإسلام تعيش آمنة سعيدة مرفّهة، لها حقوقها، وعليها واجباتها.. حتّى جاء الغرب فرآها محرومة من حقوقها!! فدافع بكلّ ما أوتي من حول وطول لإرجاع الحقوق إليها!! وجنّد لذلك كلّ عميل وذَنَب بإمكانيّاته المنتفخة.. فشوّقها للذهاب والإيّاب إلى المراقص والملاهي ودور السينما والمسابح والمدارس المختلطة، كما جعل من حقّها التبرّج والسفور واتّخاذ الأخدان والحضور في الحفلات الساهرة

٣٣

وتعاطي اللذّة البريئة: النظر، والكلام المتكسّر، والملامسة، والأمر الأخير!! واعتبر كلّ دعوة إلى الحشمة والوقار، والحياء والعفاف والفضيلة والأخلاق.. دعوة رجعيّة تنافي الحرِّيَّة!

فالمرأة إلى أين وصلتْ حالتُها في ظلّ النُظُم الغربيّة، بعدما كان لها كلّ تجلّة واحترام في ظلّ النُظُم الإسلاميّة، لنرى كيف انهارت المرأة وانهارت معها الحياة العائليّة، مِن جرّاء الدساتير الكافرة التي لا تدين بالله واليوم الآخر.

وبعد هذا نسأل حماة الغرب: هل المرأة في ظلّ أنظمتكم أرفه حالاً و أهنأ عيشاً وأكثر سعادة، أمْ في ظلّ الإسلام؟

ولقد شهد المنصفون من الأجانب بما للإسلام من فضل على المرأة (1) :

* يقول (سيديو):

والقرآن - وهو دستور المسلمين - رفع شأن المرأة بدلاً من خفضها، فقد جعل محمّد حصّة البنت في الميراث تعدل نصف حصّة أخيها،

____________________

1 - انظر: الإسلام بين الإنصاف والجحود.

٣٤

مع أنّ البنات كنّ لا يَرِثْنَ في زمن الجاهليّة، ومحمّد - وان جعل الرجال قوّامين على النساء - بيد أنّ للمرأة حقّ الرعاية والحماية على زوجها.

* ويقول (غوستاف لوبون):

والإسلام قد رفع حال المرأة الاجتماعي وشأنها رفعاً عظيماً، بدلاً من خفضها، خلافاً للمزاعم المُكَرَّرة على غير هدى، والقرآن قد منح المرأة حقوقاً إرثيّة أحسن ممّا في أكثر قوانيننا الأوروبِّيّة.

ويقول: هنا نستطيع أنْ نكرّر إذن قولنا: إنّ الإسلام الذي رفع المرأة كثيراً، بعيد من خفضها، ولم يقتصر فضل الإسلام على رفع شأن المرأة، بل نضيف إلى هذا: أنّه أوّل دين فعل مثل ذلك، ويسهل إثبات هذا ببياننا: إنّ جميع أديان الأمم التي جاءت قبل العرب أساءت إلى المرأة.

٣٥

وهنا مقتطفات من كتاب (الحجاب) للمودودي، للبرهنة على مدى انحطاط المرأة في ظلّ الكفر وما يسمّى بالديمقراطيّة، ونكتفي هنا بالنقل من دون ذكر المصادر التي نقلها الكتاب عنها.. واليك النصوص:

- (وجاء قوم، فمهّدوا الأسباب لإكراه النساء، وتقدّموا بِحِرْفَة البغاء، إلى أنْ أصبحت تجارة دوليّة منظّمة).

- (أمر الإجهاض.. ليس هناك قطر من الأقطار إلاّ وتقترف فيه هذه الشنيعة علناً وعلى نطاق واسع، فهذه إنكلترا يسقط فيها تسعون ألف حمل في كلّ سنة على أقل تقدير، وتكون في كلّ مئة من المتزوّجات فيها خمس وعشرون - على الأقل - إمّا يُبَاشرْنَ الإسقاط بأيديهنّ، أو يَسْتَعِنّ عليه بالمتخصِّصين، وترتفع هذه النسبة فوق هذا في غير المتزوّجات، فقد أُنشئتْ في بعض المدن هناك نوادٍ منظّمة للإسقاط.. ويكثر في لندن عدد دور التمريض التي تكون معظم المريضات فيها من المسقطات).

٣٦

- (وفي فرنسا: نشر قائد لبعض الفِرَق العسكريّة إعلاناً للجنود التابعة له، جاء فيه: قد بلغنا أنّ عامّة الرجّالة والخيّالة يشتكون من تزاحم رجال البنادق على دور بغاء الجنديّة.. وأنّ مكتب القيادة لا يزال يسعى لزيادة عدد النساء؛ حتّى يكفينَ لجميع الجنود، ولكن قبل أنْ يتمّ ذلك نوصي رجال البنادق أنْ لا يطيلوا مكثهم داخل تلك الدور ويتعجّلوا بقضاء شهواتهم ما استطاعوا).

- (وفي فرنسا: ليس على مَن كان يريد الاتصال بآنسة من الآنسات إلاّ أنْ يُعْلِم الوكالة - الوكالة البغائيّة - بعنوان تلك الآنسة، وعلى الوكالة بعد ذلك أنْ تراود الآنسة على الأمر، ودلّتْ سجلاّت هذه الوكالة على أنّه لم تكن طبقة من طبقات المجتمع الفرنسي إلاّ وعامل كثير من أناسها هذه الوكالة وتمتّعوا بخدماتها).

- (لم يعد الآن من الغريب الشاذ وجود العلاقات الجنسيّة بين الأقارب في النسب: كالأب والبنت، والأخ والأخت، في بعض الأقاليم الفرنسيّة).

٣٧

- (ولقد كان عدد النساء اللواتي كنّ يحترفن البغاء قبل الحرب العالميّة الأولى: نصف مليون).

* وصرّح (مسيو فردينان دريفوس) أحد أعضاء المجلس الفرنسي منذ بضع سنوات:

إنّ حرفة البغاء لم تُعَدُّ الآن عملاً شخصيّاً بل قد أصبحت تجارة رئيسيّة، وحرفة منظّمة، بفضل ما تجلب وكالاتها من الأرباح الغزيرة، فلها في هذه الأيّام وكلاء يهيّئون (المواد الخام) وآخرون يتجوّلون في البلاد، ولها الآن أسواق منظّمة تستورد فيها وتصدّر منها الفتيات والصبايا كالأموال التجاريّة، وأكثر ما يُطلب في هذه الأسواق من الأموال هو بنات دون العاشرة.

وربّما تبلغ البهيميّة في القائمين بها أقصى حدود الظلم والقساوة، فيقال: إنّ محافظ بلديّة في شرقي فرنسا اضطرّ إلى التدخّل في هذا الأمر؛ لنجدة فتاة كانت قد فرغت في يومها من سبعة وأربعين وارداً، وكان عدد منهم بَعْدُ بالباب يترقّبون!

٣٨

وجاءت الحرب العالميّة الأولى، فابتدعتْ بدعة (البغاء المتطوّع) علاوة على (البغاء التجاري) .. فجعلت هؤلاء النساء يتعاطين بصورة منظّمة، وأصبح تشجيعهنّ وإعانتهنّ فضيلة خُلُقِيَّة، عند أولي الدعارة والفجور، وعنيتْ الجرائد اليوميّة الكبرى عناية بالغة باستمالة رجال العمل إليهنّ.. وقد نشرت جريدة واحدة في عدد واحد (199 إعلاناً) عن أمرهنّ.

يقول (بول بيورو): إنّ جميع الأزواج المتزوّجون في مجتمعاتنا قوم خونة متجرّدون من الوفاء اللازم للعِشْرَة الزوجيّة.

وقد نجم عن هذه الموبقات الأمراض السرِّيَّة الفتَّاكة، فقد أعفتْ الحكومة الفرنسيّة في السنتَين الأوّلين من سِنِيّ الحرب العالميّة الأُولى خمسة وسبعين ألفاً؛ لكونهم مصابين بمرض الزهري، وابتلي بهذا المرض وحده (242 جنديّاً) في آن واحد في ثكنة متوسّطة.

* ويقول الدكتور الفرنسي (ليريد):

إنّه يموت في فرنسا (ثلاثون ألف نسمة بالزهري) وما يتبعها من الأمراض الكثيرة في كلّ سنة (1) .

____________________

1 - الإسلام بين الإنصاف والجحود.

٣٩

ولهذه الأمور رغبت الرجال عن النكاح، فبقيت النساء والرجال - على حدّ سواء - يتعاطون البغاء، وفسد النظام العائلي.

فسبعة أو ثمانية في الألف هو معدّل الرجال والنساء الذين يتزوّجون في فرنسا اليوم.

وكثر الطلاق كثرة مدهشة، حتّى إنّ محكمة الحقوق بمدينة (سين) فسختْ (294 نكاحاً) في يوم واحد.

إلى كثير.. وكثير.. من أمثال هذه المآسي التي حلّت على البشريّة من جرّاء إعطاء المرأة هذه الحرِّيَّة!!

فهل في ذلك خدمة للمرأة؟

أو للرجل؟

أو للمجتمع؟

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

لقد مُلئ قلبي منه رُعباً

عن علي بن الحسين (عليه السلام) قال: (إنَّ مسلم بن عقبة بايع الناس على أنَّهم عبيد ليزيد، ومَن أبى ذلك أمَرَّهُ مُسرف على السيف).

ونظر الناس إلى علي بن الحسين السجَّاد وقد لاذ بالقبر وهو يدعو، فأُتي به إلى مُسرف وهو مُغتاظ عليه، فتبرَّأ منه ومِن آبائه، فلما رآه وقد أشرف عليه ارتعد وقام له وأقعده إلى جانبه، وقال له: سَلني حوائجك، فلم يسأله في أحد مِمَّن قُدِّم إلى السيف إلاّ شفَّعه فيه، ثمَّ انصرف عنه.

وقيل لمسلم: رأيناك تسبُّ هذا الغُلام وسلفه، فلما أُتي به إليك رفعت منزلته؟!

فقال: ما كان ذلك لرأيٍ مِنِّي لقد مُلئ قلبي منه رُعباً (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج١.

١٤١

إنِّي أكره لكم أنْ تكونوا سبَّابين

سمع علي بن أبي طالب (عليه السلام) قوماً مِن أصحابه يسبُّون أهل الشام أيَّام حربهم بصِفِّين، فقال لهم: (إنِّي أكره لكم أنْ تكونوا سبَّابين، ولكنَّكم لو وصفتم أعمالهم، وذكرتم حالهم كان أصوب في القول وأبلغ في العُذر، وقلتم مكان سَبِّكم إيَّاهم:

اللَّهمَّ احقن دماءنا ودماءهم، وأصلح ذات بيننا وبينهم، واهْدِهم مِن ضلالتهم، حتَّى يعرف الحَقَّ مِن جَهله) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج١.

١٤٢

سُبْحان الله! تقذف أُمَّه؟!

قال عمرو بن نعمان الجُعفيِّ: كان لأبي عبد الله (عليه السلام) صَديق لا يكاد يُفارقه أين يذهب، فبينا هو يمشي معه في الحذائين، ومعه غُلام له سِنديٌّ يمشي خلفهما، إذ التفت الرجل يُريد غُلامه ثلاث مَرَّات فلم يره، فلمَّا نظر في الرابعة، قال: يا ابن الفاعلة أين كنت؟

قال فرفع أبو عبد الله (عليه السلام) يده فصكَّ بها جَبهة نفسه، ثمَّ قال: (سبحان الله! تقذف أُمَّه؟! قد كنتُ أرى أنَّ لك ورعاً، فإذاً ليس لك ورعٌ!).

فقال: جُعِلت فِداك! إنَّ أُمَّه سِنديَّة مُشركة.

فقال: (أما علمت أنَّ لكلِّ أُمَّة نكاحاً؟! تنحَّ عنِّي).

فما رأيته يمشي معه حتَّى فرَّق الموت بينهما (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج١.

١٤٣

الله يُحبُّ المُحسنين

كانت جارية لعليِّ بن الحسين (عليهما السلام) تسكب له الماء، فسقط الإبريق مِن يدها، فشجَّه، فرفع رأسه إليها، فقالت:

إنَّ الله تعالى يقول: ( ... وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ... ) (آل عمران: ١٣٤).

فقال: (كظمت غيظي).

قالت: ( ... وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ... ) .

قال: (عفوتُ عنك).

قالت: ( ... وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ... ) .

قال: (اذهبي، فأنت حُرَّة لوجه الله) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٤٤

إصلاح ذات بَيْنِ المُوالين لأبي عبد الله

عن أبي حنيفة سائق الحاج قال:

مَرَّ بنا المُفضَّل وأنا وخَتني نتشاجر في ميراث، فوقف علينا ساعة، ثمَّ قال لنا: تعالوا إلى المنزل، فأتيناه، فأصلح بيننا بأربعمئة درهم، فدفعها إلينا مِن عنده، حتَّى إذا استوثق كلُّ واحدٍ مِنَّا مِن صاحبه.

قال: أما إنَّها ليست مِن مالي، ولكنَّ أبا عبد الله (عليه السلام) أمرني إذا تنازع رجلان مِن أصحابنا في شيءٍ أنْ أصلِح بينهما، وأفتديهما مِن ماله، فهذا مِن مال أبي عبد الله (عليه السلام) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٤٥

اتَّبع النبي لأفعاله الكريمة

عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: (إنَّ عليَّاً صاحب رجلاً ذِميَّاً في طريق، فقال له: (الذِّمِّي أين تُريد يا عبد الله؟).

قال: أُريد الكوفة.

فلمَّا عدل الطريق بالذِّمِّي عدل معه عليٌّ، فقال الذِّمِّي له: أليس زعمت تُريد الكوفة؟!

قال: (بلى).

قال الذِّمِّي: فقد تركت الطريق.

قال عليٌّ (عليه السلام): (قد علمت).

فقال له: فلم عدلت معي وقد علمت ذلك؟!

فقال له علي: (هذا مِن تمام حُسن الصُّحبة أنْ يُشيِّع الرجل صاحبه هنيئة إذا فارقه، وكذلك أمرنا نبيُّنا).

فقال له: هكذا أمركم؟!

قال: (نعم).

فقال الذِّمِّي: لا جَرَم، أنَّما اتَّبعه مَن تبعه لأفعاله الكريمة، وأنا أُشهدك أنِّي على دينك، فرجع الذِّمِّي مع عليٍّ، فلمَّا عرفه أسلم (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٤٦

صَدَّقَتني إذ كذَّبتم وآمنت بي إذ كفرتم

عن علي (عليه السلام) قال: ذكر النبي (صلى الله عليه وآله) خديجة يوماً وهو عند نسائه وبكى، فقالت عائشة: ما يُبكيك على عجوز حمراء من عجائر بني أسد؟!

فقال: (صَدَّقتي إذ كذَّبتم، وآمنت بي إذ كفرتم، وولدت لي إذ عَقمتم).

قالت عائشة: فما زلت أتقرَّب إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بذكرها (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٤٧

.. والله هذا يفي بدماء أهل الأرض!

قال أبو محمد الحسن العسكري (عليه السلام): (إنَّ رجلاً جاء إلى علي بن الحسين (عليهما السلام) برجل يزعم أنَّه قاتل أبيه، فاعترف، فأوجب عليه القِصاص، وسأله أنْ يعفو عنه ليُعظِّم الله ثوابه، فكأنَّ نفسه لم تَطِبْ بذلك.

فقال علي بن الحسين (عليهما السلام) للمُدَّعي للدَّم - الولي المُستحقُّ للقِصاص ـ: إنْ كنت تذكر لهذا الرجل عليك فضلاً فَهب له هذه الجناية واغفر له هذا الذنب.

قال: يا بن رسول الله، له عليَّ حَقٌ، ولكنْ لم يبلغ أنْ أعفو عن قتل والدي.

قال: فتُريد ماذا؟

قال: أُريد القَود، فإنْ أراد لحَقِّه عليَّ أنْ أُصالحه على الدِّيَّة صالحته وعفوت عنه.

فقال علي بن الحسين: فماذا حَقُّه عليك؟

قال يا بن رسول الله: لقَّنني توحيد الله ونبوَّة محمد رسول الله وإمامة عليٍّ والأئمَّة.

فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): فهذا لا يفي بدم أبيك؟! بلى - والله - هذا يفي بدماء أهل الأرض.

قال عليِّ بن الحسين للقاتل: أفتجعل لي ثواب تلقينك له حتَّى أبذل لك الدِّيَّة فتنجو بها مِن القتل؟

قال: يا بن رسول الله، أنا مُحتاج إليها وأنت مُستغنٍ عنها؛ فإنَّ ذنوبي عظيمة وذنبي إلى هذا المقتول أيضاً بيني وبينه لا بيني وبين وليِّه هذا.

قال علي بن الحسين (عليهما السلام): فتستسلم للقتل أحبُّ إليك مِن نزولك عن هذا التلقين قال: بلى - يا بن رسول الله ـ) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٤٨

حاجة المؤمن رحمة مِن الله لمَن طُلِبت منه

عن إسماعيل بن عمار الصيرفي قال:

قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): جُعِلت فِداك! المؤمن رحمة على المؤمن؟

قال: (نعم).

قلت: وكيف ذاك؟

قال: (أيُّما مؤمن أتى أخاه في حاجة، فإنَّما ذلك رحمة مِن الله ساقها إليه وسبَّبها له، فإنْ قضى حاجته كان قد قبل الرحمة بقبولها، وإنْ ردَّه عن حاجته وهو يقدر على قضائها، فإنَّما ردَّ عن نفسه رحمة مِن الله جَلَّ وعَزَّ ساقها إليه، وسبَّبها له وذخر الله عَزَّ وجَلَّ تلك الرحمة إلى يوم القيامة حتَّى يكون المردود عن حاجته هو الحاكم فيها، إنْ شاء صرفها إلى نفسه، وإنْ شاء صرفها إلى غيره.

يا إسماعيل، فإذا كان يوم القيامة وهو الحاكم في رحمة مِن الله قد شُرعت له فإلى مَن ترى يَصرفها؟).

قلت: أظنَّ أنَّه لا يَصرفها عن نفسه.

قال: (لا تظنَّ، ولكنْ استيقن؛ فإنَّه لن يردَّها عن نفسه) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٤٩

خُذْها فإنِّي إليك مُعتذِر

قال الحسين (عليه السلام): (يا قَنبر، هل بقي مِن مال الحِجاز شيءٌ؟).

قال: نعم، أربعة آلاف دينار.

فقال: (هاتِها؛ جاءها مَن هو أحَقُّ بها منَّا).

ثمَّ نزع بُرْدَته ولفَّ الدنانير فيها، وأخرج يده مِن شَقِّ الباب؛ حياءً مِن الأعرابي وأنشأ:

خُذْها فإنِّي إليك مُعتذِر

واعلم بأنِّي عليك ذو شَفقة (١)

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٥٠

إيَّاكم والمُحقَّرات مِن الذنوب

قال أبو عبد الله (عليه السلام): (إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) نزل بأرض قَرعاء ما بها مِن حَطب.

قال: فليأت كلُّ إنسان بما قَدِر عليه.

فجاءوا به حتَّى رموا بين يديه بعضه على بعضٍ.

فقال رسول الله: هكذا تجتمع الذنوب.

ثمَّ قال: إيَّاكم والمُحقَّرات مِن الذنوب؛ فإنَّ لكلِّ شيءٍ طالباً ألاَ وإنَّ طالبها يكتب) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٥١

أنفقوا عليه مِن بيت المال

مَرَّ شيخ كبير مكفوف البصر يسأل، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (ما هذا؟).

قالوا: نصرانيٌّ.

فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): (استعملتموه حتَّى إذا كَبر وعَجز منعتموه! أنفقوا عليه مِن بيت المال) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٥٢

مَن زار أخاً في الله مُحبَّاً له فقد زار الله ووجبت له الجَنَّة

قال النبي (صلى الله عليه وآله): (إنَّ مَلَكاً لقيَ رجلاً قائماً على باب دار، فقال له: يا عبد الله، ما حاجتُك في هذه الدار؟

فقال: أخٌ لي فيها أردت أنْ أُسلِّم عليه.

فقال: بينك وبينه رَحمٌ ماسَّة أو نزعتك إليه حاجة.

فقال: ما لي إليه حاجة، غير أنِّي أتعهَّده في الله رَبِّ العالمين، ولا بيني وبينه رَحم ماسَّة أقرب مِن الإسلام.

فقال له المَلَك: إنِّي رسول الله إليك، وهو يُقرؤك السلام، ويقول لك:

إيَّاي زُرت، فقد أوجبتُ لك الجَنَّة.

وقد عافيتك مِن غَضبي ومِن النار، لحُبِّك إيَّاه فيَّ) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٥٣

اتَّبع عليَّاً وحزبه فإنَّه مع الحَقِّ والحَقُّ معه

لمَّا كان يوم صِفِّين، خرج عمار بن ياسر إلى أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال له: يا أخا رسول الله، أتأذن لي في القتال؟

قال: (مَهْلاً رحمك الله).

فلمَّا كان بعد ساعة أعاد (عليه السلام) فأجابه بمِثله.

فأعاد ثالثاً، فبكى أمير المؤمنين، فنظر إليه عمار.

فقال: يا أمير المؤمنين، إنَّه اليوم الذي وصفني رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فنزل أمير المؤمنين عن بَغلته، وعانق عمار، وودَّعه.

ثمَّ قال: (يا أبا اليقظان، جَزاك الله عن الله وعن نبيِّك خيراً، فنِعْمَ الأخُ كنت ونِعْمَ الصاحب كنت).

ثمَّ بكى (عليه السلام) وبكى عمار ثمَّ قال: والله - يا أمير المؤمنين - ما تبعتك إلاَّ ببصيرة، فإنِّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول يوم حُنين:

(يا عمار، ستكون بعدي فِتنة وإذا كان ذلك فاتَّبع عليَّاً وحزبه؛ فإنَّه مع الحَقِّ والحَقُّ معه) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٥٤

لاستجابة الدعاء لا بُدَّ مِن الطريق الذي أمر الله به

عن عليِّ بن الحسين (عليهما السلام) قال:

(مَرَّ موسى بن عمران برجل، وهو رافع يده إلى السماء يدعو الله، فانطلق موسى في حاجته، فغاب سبعة أيَّام، ثمَّ رجع إليه وهو رافع يده إلى السماء، فقال:

يا رب، هذا عبدك رافع يديه إليك يسألك حاجة مُنذ سبعة أيَّام لا تستجيب له.

[ قال: ] فأوحى الله إليه:

يا موسى، لو دعاني حتَّى تسقط يداه أو ينقطع لسانه ما استجبت له حتَّى يأتيني مِن الباب الذي أمرته) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٥٥

لا ترفع حاجتك إلاَّ إلى أحد ثلاثة..

جاء رجل مِن الأنصار يسأل أبا عبد الله حاجة، فقال (عليه السلام):

(يا أخا الأنصار، صِنْ وجهك عن بِذْلَة المسألة، وارفع حاجتك في رقعة، فإنِّي آتٍ فيها ما هو سارُّك إنْ شاء الله).

فكتب: يا أبا عبد الله، إنَّ لفلان عليَّ خمسمئة دينار وقد ألحَّ عليَّ، فكلِّمه يُنظرني إلى مَيسرة، فلمَّا قرأ الحسين (عليه السلام) الرُّقعة، دخل إلى منزله، فأخرج صُرَّة فيها ألف دينار، وقال (عليه السلام) له:

(أمَّا خمسمئة فاقض بها ذِمَّتك، وأمَّا خمسمئة فاستعن بها على دهرك؛ لا ترفع حاجتك إلاَّ إلى أحد ثلاثة: إلى ذي دَيْن أو مُروءة أو حسب) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٥٦

إذا وجَدْنا بذلنا وإذا فقدنا شكرنا

عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنَّه مَرَّ يوماً على قوم، فرآهم أصحَّاء جالسين في زاوية المسجد، فقال (عليه السلام): (مَن أنتم؟).

قالوا: نحن المُتوكِّلون.

قال (عليه السلام): (لا، بلْ أنتم المُتأكِّلة، فإنْ كُنتم مُتوكِّلين، فما بلغ توكُّلكم؟).

قالوا: إذا وجدنا أكلنا، وإذا فقدنا صبرنا.

قال (عليه السلام): (هكذا تفعل الكلاب عندنا).

قالوا: فما نفعل؟

قال: (كما نفعل).

قالوا: كيف تفعل؟

قال (عليه السلام): (إذا وجَدْنا بذلنا، وإذا فقدْنَا شكرنا) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٥٧

لا تدعُ سِوى الله

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (لمَّا أمر المَلِك بحبس يوسف في السِّجن، ألهمه الله تبارك وتعالى تأويل الرُّؤيا، فكان يُعبِّر لأهل السِّجن رؤياهم.

فقال صاحباه له: إنَّا رأينا رؤيا فعبِّرها لنا.

فقال: وما رأيتُما؟

قال أحدهما: إنِّي أراني أحمل فوق رأسي خُبزاً تأكل الطير منه.

وقال الآخر: إنِّي رأيت أنَّي أسقي المَلِك خمر.

ففسَّر لهما رؤياهما بما في الكتاب، ثمَّ قال - للذي ظنَّ أنَّه ناجٍ منهما ـ: اذكُرني عند رَبِّك.

قال: ولم يفزع يوسف في حاله إلى الله فيدعوه، فلذلك قال الله تعالى: ( ... فَأَنسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ... ) .

قال أبو عبد الله (عليه السلام) قال الله ليوسف:

ألستُ الذي حبَّبتك إلى أبيك، وفضَّلتك على الناس بالحُسن؟! أوَ لستُ الذي سُقْت إليك السيَّارة وأنقذتك، وأخرجتك مِن الجُبِّ؟! أوَ لستُ الذي صرفت عنك كيد النِّسوة؟! فما حَمَلك على أنْ تدعو مَخلوقاً هو دوني؟! فالبث بما قلت بضع سنين ) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٥٨

.. وعِزَّتي وجَلالي لأقطعنَّ أمل كلِّ مؤمَّلٍ غيري

عن محمد بن عجلان قال: أصابتني فاقة شديدة وضائقة، ولا صديق لمَضيق، ولزمني دَيْنٌ ثقيل وغَريم يُلحُّ بقضائه، فتوجَّهت نحو دار الحسن بن زيد - وهو يومئذٍ أمير المدينة - لمعرفة كانت بيني وبينه، وشَعر بذلك مِن حالي محمد بن عبد الله بن علي بن الحسين، وكانت بيني وبينه قديمُ معرفة، فلَقيني في الطريق، فأخذ بيدي، وقال لي: قد بلغني ما أنت بسبيله ولا تسعف بطلبتك، فعليك بمَن يقدر على ذلك وهو أجود الأجودين، فالتمسْ ما تؤمله مِن قِبَله، فإنِّي سمعت ابن عمِّي جعفر بن محمد (عليهما السلام) يُحدِّث عن أبيه عن جَدِّه، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه عليِّ بن أبي طالب (عليه السلام)، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (أوحى الله عَزَّ وجَلَّ إلى بعض أنبيائه في بعض وحيه إليه: وعِزَّتي وجلالي، لأقطعنَّ أمل كلِّ مؤمَّل غيري بالإياس، ولأكسونَّه ثوب المَذلَّة ولأُبعدنَّه مِن فَرَجي وفَضلي، أيؤمِّل عبدي في الشدائد غيري والشدائد بيدي؟! أو يرجو سواي وأنا الغنيُّ الجَواد؟!).

فقلت له: يا ابن رسول الله، أعِدْ عليَّ هذا الحديث، فأعاده ثلاثاً، فقلت: لا والله، لا سألت بعد هذا حاجة، فما لبثت أنْ جاءني الله برزق وفضل مِن عنده (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٥٩

.. اللَّهمَّ لا تكلني إلى نفسي طَرفة عين أبد..

عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في بيت أُمِّ سَلمة في ليلتها، ففقدته مِن الفراش، فدخلها مِن ذلك ما يدخل النساء، فقامت تطلبه في جوانب البيت، حتَّى انتهت إليه، وهو في جانبٍ مِن البيت قائم رافع يديه يبكي، وهو يقول:

اللَّهمَّ، لا تنزع مِنَّي صالح ما أعطيتني أبداً.

اللَّهمَّ، ولا تكلني إلى نفسي طَرْفة عين أبداً.

اللَّهمَّ، لا تُشمِت بي عدوَّاً ولا حاسداً أبداً.

اللَّهمَّ، لا تُرِدْني في سوءٍ استنقذتني منه أبداً) (١) .

____________________

(١) شرح مكارم الأخلاق، ج٢.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421