القصص التربوية

القصص التربوية13%

القصص التربوية مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 421

القصص التربوية
  • البداية
  • السابق
  • 421 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 359995 / تحميل: 10446
الحجم الحجم الحجم
القصص التربوية

القصص التربوية

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

وترك المُقابلة بالشَّرِّ؛ لتحرز بذلك نعيمها، وتصون بها دينها؛ ثمَّ قالت لزينب: يا بنت عم، كيف رأيت صنيع الله بنا في العقوق فأحببت التأسيِّ بنا. ثمَّ ولَّت باكية وكرهت الخيزران أنْ تُخالف زينب فيها فغمزت الخيزران بعض جواريها، فعدلت بها إلى بعض المقاصير، وأمرت بتغيير حالها والإحسان إليها، فلمَّا دخل المهدي عليها. وقد انصرفت زينب - وكان مِن شأنه الاجتماع مع خواصِّ حرمه في كلِّ عَشيَّة - قصَّت عليه الخيزران قِصَّتها، وما أمرت به مِن تغيير حالها، فدعا بالجارية التي ردَّتها، فقال لها: لمَّا رددتيها إلى المقصورة ما الذي سمعتيها تقول؟ قالت: لحقتها في المَمرِّ الفُلانيِّ وهي تبكي في خروجها مؤتسية، وهي تقرأ ( وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ) ، ثمَّ قال للخيزران: والله والله، لو لم تفعلي بها ما فعلت ما كلَّمتك أبداً، وبكى بُكاءً كثيراً، وقال: اللَّهمَّ، إنِّي أعوذ بك مِن زوال النعمة. وأنكر فعل زينب، وقال: لولا أنَّها أكبر نسائنا لحلفت ألا أُكلِّمها. ثمَّ بعث إليها بعض الجواري إلى مقصورتها التي أُخليت لها، وقال للجارية: اقرئي عليها السّلام منِّي، وقولي لها: يا بنت عَمِّ، إن أخواتك قد اجتمعنَ عندي، ولولا أنَّي أغمك لجئناك؛ فلمَّا سمعت الرسالة علمت مُراد المهدي؛ وقد حضرت زينب بنت سليمان؛ فجاءت مزنة تسحب أذيالها؛ فأمرها بالجلوس، ورحَّب بها واستدناها، ورفع منزلتها فوق منزلة زينب بنت سليمان بن علي، ثمَّ تفاوضوا أخبار أسلافهم، وأيَّام الناس، والدول وتنقُّلها، فما تركت لأحد في المجلس كلاماً، فقال لها المهدي: يا بنت عم، والله، لولا أنِّي لا أُحبُّ أنْ أجعل لقوم أنت منهم مِن أمرنا شيئاً لتزوَّجتك، ولكنْ لا شيء أصون لك مِن حِجابي، وكونك مع أخواتي في قصري: لك ما لهنَّ، وعليك ما عليهنَّ، إلى أنْ يأتيك أمر مَن له الأمر فيما حَكم به على الخَلق، ثمَّ أقطعها مِثل ما لهنَّ مِن الإقطاع وأخدمها وأجازها، فأقامت في قصره إلى أنْ قُبِض المهدي وأيَّام الهادي وصدراً مِن أيَّام

٢٨١

الرشيد، وماتت في خلافته، لا يُفرَّق بينها وبين نساء بني هاشم وخواصِّ حرائرهم وجواريهم، فلمَّا قُبِضت جزع الرشيد والحَرم جزعاً شديداً.

لقد كانت مزنة في ذلك اليوم امرأة شابَّة تعيسة ومهزومة، بينما كانت زينب سيِّدة مُسنَّة ذات قُدرة ومكانة، وكانت مكارم الأخلاق والسجايا الإنسانيَّة تستوجب على زينب أنْ تُلاطفها وتحميها، أو على الأقل تسكت في هذا الوضع الحسَّاس، ولا تكون حَجر عَثرة يمنع الآخرين مِن إبراز مَحبَّتهم وعطفهم، لا أنْ تسعى للانتقام مِن خِلال ذكر حادثة مؤلمة، وتُحطِّم قلبها أكثر فأكثر، وبدل مُساعدتها تسعى لسحقها. لقد ارتكبت زينب المُسنَّة هذا الخطأ الكبير؛ فسقطت مِن عَليائها بعمل غير إنسانيٍّ، وفقدت قيمتها وأهميَّتها في عائلة العباسيِّين (١).

____________________

(١) الشيوخ والشباب، ج٢.

٢٨٢

طلب العلم مِن المَهد إلى اللَّحد

في الماضي والحاضر هناك الكثير مِن المُسنِّين المسلمين، مِن العلماء أو الأشخاص العاديِّين، الذين صرفوا مرحلة الشيخوخة في سبيل التكامُل الروحي، والسموِّ المعنويِّ لتأمين السعادة الأبديَّة عِبر العلم وأداء الفرائض والسُّنَن الإلهيَّة.

وقع العالم المشهور أبو ريحان البيروني طريح الفراش في ساعات عمره الأخيرة، وجاءه الفقيه أبو الحسن علي بن عيسى لعيادته، وبينما هو في تلك الحال سأل الفقيه عن مسألة فقال له الفقيه: أتسأل وأنت في هذا الحال؟!

فقال البيروني: يا رجل، قل لي: أيُّهما أفضل، أنْ أعرف هذه المسألة وأموت، أمْ أنْ أموت جاهلاً بها؟

قال الفقيه: ذكرت له المسألة وخرجت ولم أبتعد كثيراً حتَّى سمعت صوت البُكاء يتعالى مِن بيت أبي ريحان (١) .

____________________

(١) المصدر السابق.

٢٨٣

ما الموت إلاَّ قَنطرةً

قال علي بن الحسين (عليه السلام):

(لمَّا اشتدَّ الأمر بالحسين (عليه السلام) نظر إليه مَن كان معه... وكان الحسين (عليه السلام) وبعض مَن معه مِن خصائصه تُشرق ألوانهم وتهدأ جوارحهم وتسكن نفوسهم، فقال بعضهم لبعضٍ: انظروا لا يُبالي بالموت!

فقال لهم الحسين (عليه السلام):

صبراً بني الكرام! فما الموت إلاَّ قنطرةٌ يعبر بكم عن البؤس والضرَّاء إلى الجِنان الواسعة والنعيم الدائمة).

٢٨٤

السرور بلقاء الله

كان حبيب بن مظاهر الأسدي مِن المؤمنين ومِن الأصحاب الأوفياء للإمام الحسين (عليه السلام) وقد نال شرف الشهادة يوم عاشوراء. عندما كان هذا الشيخ الكبير يستعدُّ لمُنازلة الأعداء والخروج إلى ميدان القتال كان يبتسم.

فقال له يزيد بن حصين الهمداني - وكان أكبر قُرَّاء القرآن ـ: يا أخي، ليست هذه ساعة ابتسام!

قال: فأيُّ موضع أحقُّ مِن هذا بالسرور؟!

والله، ما هو إلاَّ أنْ تميل علينا هذه الطُّغاة بسيوفهم فنُعانق الحُور العين، ونذهب إلى مقرِّنا الأبديِّ عند الله سبحانه وتعالى (١) .

____________________

(١) المصدر السابق.

٢٨٥

لا يجتمع الشَّراب مع العقل

كان المأمون العباسي، وبهدف الدراسة والتحقيق في المسائل العلميَّة، يعقد مَحفلاً للعلماء في يوم مِن أيَّام الأسبوع. وكان يُحتِّم على العلماء أنْ يجتمعوا في ذلك اليوم أمام الخليفة، كما كان يسمح لعلماء الولايات بالحضور أيضاً.

وفي يوم مِن أيَّام انعقاد هذا المجلس بحضور المأمون، دخل رجل ذو ثياب رَثَّة وجلس في نهاية صَفِّ الحاضرين، فأُلقيت مسألة في المجلس أجاب عليها ذلك الرجل إجابةً كاملة، بحيث اتَّجهت إليه الأنظار واستحسنه جميع العلماء، فأمر المأمون باستقدامه وإجلاسه في مُقدَّمة صفوف العلماء، وطُرِحت مسألة أُخرى أجاب عليها ذلك الرجل أفضل إجابة، فأمر الخليفة أنْ يُقدِّموه ويُجلسوه بالقُرب منه.

بعد ساعة انفضَّ المجلس وأخذ العلماء يُغادرون المكان، فنهض الرجل الفقير وتهيَّأ للذهاب، فأمره الخليفة بالبقاء. ولم يمضِ وقت طويل حتَّى جيء بالشراب وبدأ السُّقاة بتوزيعه، فبان القَلق على وجه الرجل العالم لمُشاهدة ذلك، فنهض وطلب الإذن بالانصراف وقال: إنَّني جِئت اليوم بحالة الفَقر والرِّداء القديم للمُشاركة في مجلس العلماء، وقد أوصلني عقلي القاصر مِن آخر المجلس إلى صفوف الكبار، وأجلسني إلى جوار الخليفة، فليس مِن اللائق أنْ أشرب الشراب، وأفقد عَقلي الذي رفع مقامي، ثمَّ إنَّني أخشى أنْ يُفقدني السُّكْر عِنان نفسي، وأرتكب عملاً غير مُناسب وأُصبح موضع تحقير أمام خليفة المسلمين. وسمع المأمون حديث الرجل العالم فأعفاه مِن الاشتراك في المجلس وأمر بمَنحه مئة ألف درهم (١) .

____________________

(١) كتاب آية الكرسي.

٢٨٦

لا إله إلاَّ الله حِصني

حين وافى الإمام أبو الحسن الرضا (عليه السلام) نيسابور، وأراد أنْ يرحل منها إلى المأمون، اجتمع إليه أصحاب الحديث فقالوا: يا بن رسول الله، ترحل عنَّا ولا تُحدِّثنا بحديث نستفيده منك! وكان قد قعد في العماريَّة، فأطلع رأسه وقال:

(سمعت أبي موسى بن جعفر يقول: سمعت أبي جعفر بن محمد يقول: سمعت أبي محمد بن علي يقول: سمعت أبي علي بن الحسين يقول: سمعت أبي الحسين بن علي يقول: سمعت أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت الله عَزَّ وجَلَّ يقول:

(لا إله إلا الله حِصني؛ فمَن دخل حِصني أَمِنَ مِن عذابي).

فلمَّا تحرَّكت الراحلة، نادى:

(بشروطها، وأنا مِن شروطها) (١) .

____________________

(١) كتاب آية الكرسي.

٢٨٧

لا نسجد إلا لله عَزَّ وجَلَّ

قبل أنْ يُهاجر الرسول الكريم مِن مَكَّة، كان ضغط المُشركين الشديد على المسلمين قد جعل حياتهم مُرَّة لا تُطاق. فهاجر فريق منهم بموافقة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى الحبشة لاجئين؛ لكي يأمنوا بعض الوقت مِن كلِّ ذاك الضغط وتلك الشِّدَّة.

فبعث المُشركون بعمارة بن الوليد، وعمرو بن العاص إلى الحبشة، مُحمَّلين بهدايا كثيرة لكي يُعيدوا المُهاجرين إلى مَكَّة فيستأنفوا تعذيبهم.

وصل الرجلان إلى الحبشة ووزَّعا الهدايا على حاشية المَلك، كما قدَّما للملك هدية تُليق به، وطلبا منه أنْ يأمر اللاجئين بالعودة إلى بلادهم.

كان النجاشي - ملك الحبشة - رجلاً حكيماً، فرفض تسليم المُهاجرين إلى المُشركين قبل أنْ يُحقِّق في أمرهم قائلاً: إنَّهم قد قصدوني مِن دون الآخرين. فلا بُدَّ أنْ أُقابلهم بنفسي، وأستمع إلى ما يقولون، وأتعرَّف على طِراز تفكيرهم، ومِن ثمَّ أُقرِّر ما أرى.

وأمر بالمُهاجرين فأحضروا بين يديه.

كان الارتماء على الأرض والسجود يُعتبَر غاية الخضوع والانكسار أمام الملك. غير أنَّ مدرسة الإسلام كانت قد علَّمت أتباعها في كلمة التوحيد درس العِزَّة والكرامة، وأفهمتهم أنَّ السجود لا يكون إلاَّ في حضرة الله تعالى، الذي هو خالق العالم ومالك كلِّ شيء في عالم الوجود، وأنَّ الإنسان المسلم ليس له أنْ يسجد لغير الله، ولا أنْ يُساوم على جوهرة الإيمان الثمينة وعِزَّة نفسه مَهْما تكُن الظروف.

٢٨٨

سُئل أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): أيصلح السجود لغير الله تعالى؟ قال: (لا).

قيل: فكيف أمر الله الملائكة بالسجود لآدم؟!

فقال: (إنّ مَن سَجَدَ بأمر الله فقد سجد لله فكأنَّ سجوده لله؛ إذ كان عن أمر الله تعالى).

وكان يومئذ مِن الرسوم المالوفة أنْ يسجد للنجَّاشي كلُّ مَن يدخل عليه، كدليل على تذلُّل وخُضوعه له. وقد شقَّ ذلك على المُهاجرين؛ إذ كان السجود للنجّاشي يتعارض والحُرِّيَّة الإسلاميَّة، ويُناقض المبدأ الذي تقوم عليه كلمة التوحيد، كما أنَّ الامتناع عن السجود كان يُمكن أنْ يُثير غضب النجّاشي فيأمر بطردهم مِن البلاد، فكانت حياتهم بذلك تتعرَّض للخطر أو يتعرَّضون للانتقام والتعذيب على أيدي المُشركين. وهكذا كانوا على مُفترق طريقين، وكان عليهم أنْ يتَّخذوا القَرار فوراً. لقد كان الإيمان بالله وبالتوحد على درجة مِن الرسوخ والعُمق في نفوسهم بحيث إنَّهم قرَّروا عدم السجود للنجّاشي، وليكُن ما يكون بعد ذلك.

يقول جعفر الطيَّار - أحد هؤلاء المُهاجرين ـ:

دخلنا مجلس النجّاشي ولم نسجد، فقال مَن حضره: ما لكم لا تسجدون للملك؟

قلنا: لا نسجد إلاَّ لله عَزَّ وجَلَّ (١).

____________________

(١) كتاب آية الكرسي.

٢٨٩

لا أفعل هذا أبداً ولا أسجد لغير الله

مِثل هذا وقع لدحية الكلبي في بلاد الروم. فقد بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) في أواخر أيَّامه برسائل إلى عدد مِن مُلوك الدول، كان منهم القيصر - ملك الروم - يدعوهم إلى الإسلام، فحمل كلَّ رسالة منها رسولٌ خاصٌّ لإيصاله. ووقع اختيار النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) على دحية الكلبي ليحمل رسالته للقيصر، وكان دحية مِن المؤمنين الذين تربُّوا في مدرسة الإسلام على هُدى كلمة التوحيد. فرحل حتَّى وصل عاصمة ملك الرُّوم.

فقال قوم مُلك الروم لدحية: إذا رأيت الملك فاسجد له، ثمَّ لا ترفع رأسك حتَّى يأذن لك.

قال دحية: لا أفعل هذا أبداً ولا أسجد لغير الله.

لقد أصبحت هذه الجُرأة والحُرِّيَّة مِن نصيب المسلمين في مدرسة الإسلام، وهي كلَّها مِن بركة الإيمان بالله والتوكُّل على قُدرة الله غير المحدودة (١) .

____________________

(١) المصدر السابق.

٢٩٠

لو كان عبداً لأطاع مولاه

بشر بن الحارث الحافي، مِن أهالي مَرْو، كان قد أمضى شَطراً مِن عُمره في المعصية والانغماس في الشهوات غير المشروعة. في أحد الأيَّام مَرَّ الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) في الزقاق الذي تقع فيه دار بشر هذا، فاتَّفق أنْ فُتح الباب وخرجت منه إحدى جواري بشر، فرأت الإمام وعرفته. وكان الإمام يعرف أنَّ هذه هي دار بشر، فسأل الجارية عن سيِّدها هل هو حُرٍّ أم عبد؟ فقالت: إنَّه حُرٌّ.

قال: (صحيح ما تقولين؛ إذ لو كان عبداً لوفَّى بشروط العبوديَّة وأطاع مولاه).

قال الإمام ذلك واستأنف السير في طريقه، فعادت الجارية إلى الدار ونقلت إلى سيِّدها ما قاله الإمام، فاضطربت حال بشر وثارت في داخله عاصفة مِن الانفعالات، وأسرع بالخروج مِن الدار يطلب الإمام حتَّى أدركه، وتاب على يديه، وهَجر ما كان يرتكبه مِن آثام، واتَّخذ طريق الله وإطاعته. وعندما خرج للِّحاق بالإمام كان حافي القدمين؛ لذلك ظلَّ منذ ذلك اليوم وحتَّى نهاية عُمره حافياً، إحياءً لذكرى تلك اللحظة واحتراماً للقائه بالإمام، واحتفاءً بعودته إلى الصراط المُستقيم، فعرف بـ (بشر الحافي) بعد ذاك (١) .

____________________

(١) المصدر السابق.

٢٩١

أين مُكوكبها؟

خرج أعرابي بالليل فإذا بجارية جميلة فراودها عن نفسها، فقالت:

أما لك زاجر مِن عقلك إذا لم يكُن لك واعِظ مِن دينك؟!

فقال: والله، ما يرانا إلاَّ الكواكب.

فأخجله كلامها، فقال لها: إنما كنت مازح.

إنَّ كلام هذه المرأة المسلمة الطاهر الصريح يُبيِّن هذه الحقيقة، وهي كيف أنَّ الإيمان بالله وبإحاطة علمه هو الضمان لتنفيذ القانون الإلهي، بحيث يستطيع أنْ يمنع الإنسان المؤمن مِن ارتكاب عملٍ منافٍ للعِفَّة، حتَّى في ليلة ظلماء وفي صحراء خالية (١) .

____________________

(١) المصدر السابق.

٢٩٢

أبو ذر يعيش وحيداً ويموت وحيداً

كان أبو ذر الغفاري يقضي ساعات آخر عُمره في صحراء الرَّبذة، وكانت زوجته تبكي عنده فسألها أبو ذر:

ما يبكيك؟!.

فقالت: ستموت وحيداً في هذه الصحراء، فماذا أصنع بجُثَّتك؟! وأنّى لي ما أُكفِّنك به؟!

فقال لها أبو ذر: لا تبكي، فإنِّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم - وأنا عنده في نَفر - يقول: (ليَموتَنَّ رجلٌ منكم بفلاةٍ مِن الأرض تشهده عِصابةٌ مِن المؤمنين).

ثمَّ قال لها: إنَّ جميع مَن حضروا ذلك المجلس قد ماتوا وهم في الحاضرة بين أهاليهم، ولم يبقَ منهم سواي، وها أنا أموت في فَلاة. فانظري إلى الطريق وسوف ترين صدق ما أخبرتك به.

فقالت زوجته: كيف يُمكن أنْ يمرَّ أُناس في هذه الصحراء، وقد انتهى موسم الحَجِّ؟!

فقال لها أبو ذر: لم أكذِّبك الخبر أبداً. راقبي الطريق. ثمَّ أسلم الروح.

وما انقضت ساعة حتَّى ظهرت قافلة وتقدَّمت إلى صحراء الربذة، وقد كان فيها مالك بن الأشتر، فأخبرتهم زوجة أبي ذر بموت زوجها، فترحَّم عليه الجميع آسفين، ولكنَّهم فرحوا للتوفيق الذي نالوه بتجهيز أحد أولياء الله ودفنه فغسَّلوه وكفَّنوه، ووقف الجميع بإمامة مالك بن الأشتر يُصلُّون عليه ثمَّ دفنوه (١) .

____________________

(١) المصدر السابق.

٢٩٣

عمَّار تقتله الفئة الباغية

كان عمّار بن ياسر مِن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وقد تحمَّل بعد إسلامه الكثير مِن العذاب على أيدي المُشركين.

وفي حرب صِفِّين كان عمّار بين صفوف وجند أمير المؤمنين (عليه السلام)، ونال الشهادة في تلك الحرب. كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حياته قد أخبر خبرين غيبيَّين عن عمّار، وبعد مضيِّ سوات طويلة تحقَّق الخبران.

الأول: هو أنَّه قال:

(إنَّ عمّاراً سوف تقتله الفئة الباغية).

وكان هذا الخبر قد سمعه أُناس كثيرون مِن النبي مُباشرة، أو مِمَّن سمعه مِن النبي الكريم، حتَّى إنَّ بعضهم اتَّخذ مِن ذلك وسيلة للتمييز بين أتباع الحَقِّ وأتباع الباطل في حرب صِفِّين.

شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسُلُّ سيفاً. وشهد صِفِّين ولم يُقاتل، وقال: لا أُقاتل حتَّى يُقتل عمّار فأنظر مَن يقتله؛ فإنِّي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: (... تقتله الفئة الباغية).

فلمَّا قُتل عمّار قال خزيمة: ظهرت لي الضلالة. ثمَّ ندم وقاتل حتَّى قُتِل.

قال عمّار بن ياسر يوم صِفِّين: ائتوني بشربةٍ، فأُتي بشربة لبن فقال: إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: (آخر شربة تشربها مِن الدنيا شربة لبن) (١) .

____________________

(١) المصدر السابق.

٢٩٤

تأويل خُطبة الإمام عليٍّ (عليه السلام) المعروفة بالزوراء

نقل العلاَّمة الحلِّي (رضوان الله عليه) عن أبيه أنَّه قال: إنَّ ما منع أهل الكوفة والحلَّة وكربلاء والنجف أنْ يُقتلوا قَتلاً عامَّاً في فتنة المغول، ونجوا مِن هُجوم جنود هولاكو عليهم؛ هو أنَّه عندما وصل هولاكو إلى خارج بغداد، وقبل أنْ يفتحها، كان أكثر أهل الحلَّة قد دفعهم الخوف إلى ترك منازلهم واللجوء إلى البطاح، ولم يبقَ فيهم في المدينة إلاَّ القليل، كان منهم أبي، والسيِّد ابن طاوس، والفقيه ابن أبي العِزِّ. فقرَّر هؤلاء الثلاثة أنْ يكتبوا رسالة إلى هولاكو يُعلنون فيها إطاعتهم له.

كتبوا الرسالة وبعثوا بها مع شخصٍ غير عربيٍّ. وعند وصول الرسالة إلى هولاكو أصدر أمراً بأسمائهم وأرسله مع شخصين هما (نكله)، و(علاء الدين) وأوصاهما بأنْ يقولا لكاتبي الرسالة: إذا كان ما كتبتموه مِن صميم القلب، وأنَّ ما في قلوبكم يُطابق ما في رسالتكم، فاقدموا علينا.

جاء مبعوثا هولاكو إلى الحلَّة وأبلغا رسالة هولاكو إلى الثلاثة. إلاَّ أنَّهم شعروا بالخوف مِن لُقيا هولاكو؛ لأنَّهم لم يكونوا يعرفون عاقبة الأمر. فقال أبي للمبعوثين: ألا يكفي أنْ أذهب أنا وحدي إلى هولاكو؟ قالا: بلى، فسافر مع المبعوثيَن. ولم تكن بغداد قد فُتحت بعد، ولم يكن الخليفة العبَّاسي قد قُتل. وعندما وصل أبي إلى هولاكو سأله هذا: كيف بادرتم إلى مُكاتبتي؟ وكيف جئتني قبل أنْ تدري نتيجة الأمر بيني وبين الخليفة؟ أنَّى لكم الثقة بأنَّ الأمر بيني وبين الخليفة لا يؤدِّي إلى التصالح وأنِّي لن أتركه؟

فقال له أبي: كتابة الرسالة إليك ومُثولي بين يديك إنَّما كانا للرواية التي وصلتنا مِن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

٢٩٥

قال في خطبة الزوراء:

(... وما أدراك ما الزَّوراء! أرض ذات أثلٍ، يشتدُّ فيها البُّنيان، وتكثر فيها السكَّان، ويكون فيها مخادم وخزَّان، يتَّخذها وُلد العباس موطناً، ولزخُرفهم مسكناً، تكون لهم دار لهو ولعب، يكون بها الجور الجائر، والخوف المُخيف، والأئمَّة الفَجرة، والأُمراء الفسقة، والوزراء الخونة، تخدمهم أبناء فارس والروم، لا يأتمرون بمعروف إذا عرفوه، ولا يتناهون عن مُنكرٍ إذا نكروه، تكتفي الرّجال منهم بالرجال، والنّساء بالنّساء، فعند ذلك الغمِّ العميم، والبُكاء الطويل، والويل لأهل الزّوراء مِن سطوات التُّرك، وهُمْ قومٌ صغار الحدق، وجوههم كالمَجانِّ المُطوَّقة، لباسهم الحديد، جردٌ مُردٌ، يَقدمهم ملكٌ يأتي مِن حيث بدا مُلكهم، جهوريٌّ الصَّوت، قويُّ الصّولة، عالي الهِمَّة، لا يمرُّ بمدينةٍ إلاّ فتحها، ولا تُرفع عليه رايةً إلاّ نكسها، الويل الويل لمَن ناوأه فلا يزال كذلك حتَّى يظفر).

بعد أنْ قرأ والد العلاَّمة الحلِّي الخُطبة قال لهولاكو: إنَّ الأوصاف التي ذكرها عليٌّ (عليه السلام) في الخُطبة نراها جميعاً فيك؛ ولهذا كتبنا الرسالة وسعيت إليك. فتقبَّل هولاكو آراءهم بحسن القَبول، وكتب له أمراً جعل فيه أهل الحلَّة موضع رعايته.

ولم يمضِ طويل وقت حتَّى فتح هولاكو بغداد وقتل المُستعصم، آخر خُلفاء بني العبَّاس. وحسبما يقول البستاني في دائرة معارفه: بأنَّه قَتَل في هذا الحدث الدمويِّ أكثر مِن مليوني شخصٍ، ونُهبت أموال كثيرة، وأُحرقت دور كثيرة. واتَّضح أخيراً أنَّ عُلماء الحلَّة الثلاثة كانوا قد فهموا خُطبة علي (عليه السلام) على حقيقتها وطبَّقوها على هولاكو وجنوده، فكان تمييزهم الصحيح وكتابتهم الرسالة في الوقت المُناسب قد أنقذوا أرواح أهل الحلَّة والكوفة والنجف وكربلاء مِن موت مُحقَّق، فنجوا مِن مذبحة جماعيَّة (١) .

____________________

(١) المصدر السابق.

٢٩٦

لم يُقدَّم إلا بما عُهِد إليه فيه

غرفة الأزدي، يُقال له: (صحبة)، وهو مِن أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)، ومِن أصحاب الصُّفَّة

، وهو الذي دعا له النبي (صلى الله عليه وآله) أنْ يُبارك له الله في صفقته، قال: دخلني شَكٌّ مِن شأن عليٍّ، فخرجت معه على شاطئ الفرات، فعدل عن الطريق ووقف ووقفنا حوله، فقال:

(هذا موضع رواحلهم، ومَناخ ركابهم، ومهراق دمائهم، بأبي مَن لا ناصر له في الأرض ولا في السّماء إلاّ الله!).

فلمَّا قُتِل الحسين (عليه السلام) خرجت حتَّى أتيت المكان الذي قُتِلوا فيه، فإذا هو كما قال، ما أخطأ شيئاً.

قال: فاستغفرت الله مِمَّا كان مِن الشَّكِّ، وعلمت أنَّ عليَّاً (رضي الله عنه) لم يُقدَّم إلا بما عُهِد إليه فيه) (١) .

____________________

(١) المصدر السابق.

٢٩٧

مِثالان لخُلق الإنسان الكريم

في حرب اليرموك كان عدد مِن الجنود المسلمين يتقدَّمون إلى ميدان المُبارزة، وبعد بِضع ساعات مِن مُجالدة العدوِّ، يُقتل بعضهم، ويعود بعضهم سالمين أو مجروحين، ويبقى آخرون مُثقلين بالجراح مطروحين على أرض المعركة.

عن حذيفة العدوي أنَّه قال: انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عمٍّ لي بين القتلى ومعي شيء مِن الماء، وأنا أقول: إنْ كان به رمق سقيته، فإذا أنا به بين القتلى، فقلت: أسقيك؟

فأشار إليَّ أنْ: نعم.

فإذا برجل يقول: آه! فأشار إليَّ ابن عَمِّي أنْ: انطلق إليه واسقِه، فإذا هو هشام بن العاص.

فقلت: أسقيك؟

فأشار إليَّ أنْ: نعم، فسمع آخر يقول: آه! فأشار إليَّ أنْ: انطلق إليه.

فجئته فإذا هو قد مات. فرجعت إلى هشام فإذا هو قد مات، فرجعت إلى ابن عمِّي فإذا هو قد مات.

لم يكُن شرب الماء أو عدم شربه ذا تأثير في حياة هؤلاء الجنود الثلاثة وموتهم؛ لأنَّ جراحهم كانت عميقة، والدماء التي نزفت منهم كانت قد اقتربت بهم مِن الموت، ولم يكُن ثَمَّة أملٍ في بقائهم أحياءً.

ولكنَّ العِبرة اللافتة للانتباه في هذه الحكاية التاريخيَّة والجديرة بالتمجيد، هي الأخلاق الكريمة التي تحلَّى بها هذان الجُنديَّان المسلمان في إيثار غيرهما بشرب الماء، على الرَّغم مِن عطشهما ونزف الدَّم منهما، فعاشا حتَّى آخر لحظات حياتهما إنسانين، وفارقا الدنيا وهما مِثالان لخُلق الإنسان الكريم (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج١.

٢٩٨

اُلامُ على السخاء وإنَّ هذا لأسخى مِنِّي!

خرج عبد الله بن جعفر يوماً إلى ضيعة له، فنزل على حائط به نخيل لقوم، وفيه غُلام أسود يقوم عليه، فأتى بقوته ثلاثة أقراص، فدخل كلب، فدنا مِن الغُلام، فرمى إليه بقُرص فأكله، ثمَّ رمى بالثاني والثالث فأكلهما، وعبد الله ينظر إليه، فقال: يا غُلام، كمْ قوتُك في اليوم؟

قال: ما رأيت.

قال: فلِمَ آثرت هذا الكلب؟

قال: أرضنا ما هي بأرض كلاب، وإنَّه جاء مِن مسافة بعيدة جائعاً، فكرهت أنْ أرُدَّه.

قال: فما أنت صانع اليوم؟

قال: أطوي يومي هذا.

فقال عبد الله بن جعفر: أُلامُ على السخاء وإنَّ هذا لأسخى مِنِّي.

فاشترى الحائط وما فيه مِن النخيل والآلات، واشترى الغُلام ثمَّ أعتقه ووهب له الحائط بما فيه.

٢٩٩

أعتق مِن العبيد

بقدر ما قتلت مِن بناتك

كان قيس بن عاصم في الجاهليَّة، مِن رؤساء القبائل وأشرافها، أسلم بعد ظهور الإسلام، سعى في أواخر عمره إلى نيل المغفرة مِن الله تعالى على ما كان قد ارتكب مِن آثام، فحضر مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وقال:

في الماضي، دفعت الجاهليَّة الآباء إلى أنْ يدفنوا بأيديهم بناتهم البريئات وهُنَّ أحياء، وقمتُ أنا نفسي بوأد اثنتي عشرة مِن بناتي، في فترات مُتقاربة، أمَّا الثالثة عشرة فقد وضعتها زوجتي في الخفاء وأظهرت لي أنَّ الوليد نزل ميِّتاً، بينما أرسلت البنت إلى أهلها دون علمي.

مضت السنون حتَّى اتَّفق يوماً أني كنت عائداً مِن رحلة لي، فوجدت صبيَّة صغيرة في داري وإذا لاحظت شبهها الشديد بأولادي، راودني الشكُّ فيها.

وأخيراً علمت أنَّها ابنتي فأخذت بيد البنت وهي تصرخ باكية، وجرجرتها إلى مكانٍ بعيد، دون أنْ ألتفت إلى توسُّلاتها، والعهد الذي قطعته على نفسها بأنَّها سوف تعود إلى أخوالها، ولن تجلس على مائدتي أبداً، ولكنْ مع ذلك دفنتها حيَّة.

سكت قيس ينتظر جواباً.

كانت الدموع تنهمر مِن عيني رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يقول هامساً:

(مَنْ لا يَرحم لا يُرحَم).

ثمَّ التفت إلى قيس وقال: (ينتظرك يوم سيّئٌ).

فسأله قيس: ماذا أفعل لأخُفِّف مِن آثامي؟

قال النبي: (أعتق مِن العبيد بقدر ما قتلت مِن بناتك) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج١.

٣٠٠

١٠ -( باب أنّ المحرم إذا تعمّد نتف إبطيه لزمه دم شاة، فإن نتف أحدهما لزمه إطعام ثلاثة مساكين)

[١٠٩٦٦] ١ - المقنع: وإذا نتف الرجل إبطه بعد الإحرام، فعليه دم.

١١ -( باب أنّ المحرم إذا تعمّد قصّ الأظفار لزمه لكلّ ظفر مدّ من طعام، أو كفّ من طعام، فإذا بلغ عشرة لزمه دم شاة، وكذا العشرون في مجلس، وإن كان في مجلسين لزمه دمّان)

[١٠٩٦٧] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إن قلّم المحرم ظفراً واحداً فعليه أن يتصدق بكفّ من طعام، وإن قلّم أظفاره كلّها فعليه دم ».

[١٠٩٦٨] ٢ - الصدوق في المقنع: وإذا قلم المحرم أظفاره في كلّ إصبع مدّ من طعام، فإن هو قلّم عشرها(١) فعليه دم شاة، فإن قلّم أظفار يديه ورجليه جميعاً في مجلس واحد فعليه دم(٢) ، وإن كان فعله في مجلسين فعليه دمان.

[١٠٩٦٩] ٣ - وسئل أبو عبد اللهعليه‌السلام : عن المحرم تطول أظفاره، أو ينكسر بعضها فيؤذيه ذلك؟ قال: « لا يقصّ منها شيئاً إن

__________________

الباب ١٠

١ - المقنع ص ٧٥.

الباب ١١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٤.

٢ - المقنع ص ٧٤.

(١) في المصدر: عشرتها.

(٢) في المصدر زيادة: شاة.

٣ - المقنع ص ٧٥.

٣٠١

استطاع، وإن (كان يؤذيه)(١) فليقصّها، وليطعم مكان كلّ ظفر(٢) قبضة من طعام ».

١٢ -( باب أن المحرم إذا حلق رأسه عمداً لزمه شاة، أو إطعام ستّة مساكين)

[١٠٩٧٠] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال في قول الله عزّوجلّ:( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (١) قال: « إذا حلق المحرم رأسه، جزى بأيّ ذلك شاء هو مخيّر فالصيام ثلاثة أيّام، والصدقة على ستّة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع، والنسك شاة ».

[١٠٩٧١] ٢ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن حريز، عمّن رواه، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام : في قول الله عزّوجلّ( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ ) (١) قالعليه‌السلام : « مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على كعب بن عجرة والقمل تتناثر من رأسه وهو محرم، فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله له: أيؤذيك هوامك؟

__________________

(١) في المصدر: كانت تؤذيه.

(٢) في المخطوط: ظفره، وما أثبتناه من المصدر.

الباب ١٢

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٤.

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

٢ - تفسير العياشي ج ١ ص ٩٠ ح ٢٣١، ٢٣٢.

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

٣٠٢

قال: نعم، فأُنزلت هذه الآية( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (٢) فأمره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يحلق رأسه، وجعل الصيام ثلاثة أيام، والصدقة على ستّة مساكين مدّين لكلّ مسكين، والنسك.

قال: وقال أبو عبد اللهعليه‌السلام : كلّ شئ في القرآن: أو فصاحبه بالخيار يختار ما شاء، وكلّ شئ في القرآن( فإن لم يجد ) فعليه ذلك ».

أحمد بن محمّد بن عيسى في نوادره(٣) : عن حمّاد، عن حريز، مثله.

[١٠٩٧٢] ٣ - بعض نسخ الرضوي: « عن أبيهعليهما‌السلام ، أنه قال: مرّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على كعب بن عجرة الأنصاري، وقد أكل القمل رأسه وحاجبه وعينيه، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ما ظننت أن الأمر يبلغ ما أرى، فأمره فنسك عنه، وحلق رأسه، قال الله:( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (١) والصيام ثلاثة أيام، والصدقة على ستّة مساكين (على كلّ مسكين)(٢) مدّين، والنسك عليه شاة لا يطعم منها أحد شيئاً إلّا المساكين ».

[١٠٩٧٣] ٤ - عوالي اللآلي: روي أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

__________________

(٢) البقرة ٢: ١٩٦.

(٣) نوادر أحمد بن محمّد بن عيسى ص ٦٢.

٣ - بعض نسخ الرضوي ص ٧٤، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٥٦ ح ١٧.

(١) البقرة ٢: ١٩٦.

(٢) ليس في المصدر.

٤ - عوالي اللآلي ج ٢ ص ٨٩ ح ٢٣٩.

٣٠٣

قال لكعب بن عجرة وقد قمل رأسه: « لعلّك آذاك هوامك؟ » قال: نعم يا رسول الله، قال: « احلق رأسك، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستّة مساكين، أو أنسك شاة » فكان كعب يقول: فيّ نزلت الآية، وكان قرح رأسه فلمّا رآه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « كفى به أذى (ومن كان (به)(١) أذى من رأسه ففدية من صيام، أو صدقة، أو نسك)(٢) ».

١٣ -( باب أن المحرم إذا طرح قمّلة أو قتلها، لزمه كفّ من طعام، ولا يسقط بردّها، وإن كانت تؤذيه لم يلزمه شئ)

[١٠٩٧٤] ١ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام ، أنه قال: « من قتل عظاية - إلى أن قال - وإن تعمّده أطعم كفّاً من طعام، وكذلك النمل، والذرّ، والبعوض، [ والقراد ](١) والقمّل ».

[١٠٩٧٥] ٢ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسينعليهم‌السلام [ عن أبيه ](١) : « أن علياًعليه‌السلام ، سئل عن محرم قتل قملة؟ قال: كلّ شئ يتصدق به فهو خير منها، التمرة خير منها ».

__________________

(١) أثبتناه من الطبعة الحجرية.

(٢) ما بين القوسين ليس في المصدر.

الباب ١٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام .

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - الجعفريات ص ٧٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣٠٤

١٤ -( باب أنّ المحرم إذا مسّ شعره عبثاً، فسقط منه شئ لزمه كفّ من طعام، وإن مسّه لوضوء أو بغير عمد لم يلزمه شئ)

[١٠٩٧٦] ١ - الصدوق في المقنع: فإذا عبث المحرم بلحيته فسقط منها شعرة أو اثنتان، فعليه أن يتصدق بكفّ أو بكفين من طعام.

[١٠٩٧٧] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إن مسح المحرم رأسه أو لحيته، فسقط من ذلك شعر يسير(١) فلا شئ عليه(٢) فيه ».

١٥ -( باب أنّ من قطع شيئاً من شجر الحرم وجب عليه الصدقة بثمنه، ومن قلع شجرة كبيرة لزمه بقرة)

[١٠٩٧٨] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « ويتصدّق من عضد الشجرة(١) ، أو اختلى شيئاً من الحرم فعليه قيمته(٢) ».

__________________

الباب ١٤

١ - المقنع ص ٧٥.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٠٤.

(١) في المخطوط: كثير، وما أثبتناه من المصدر.

(٢) ليس في المصدر.

الباب ١٥

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

(١) الشجرة: ليست في المصدر.

(٢) في المصدر: بقيمته.

٣٠٥

٣٠٦

أبواب الاحصار والصد

١ -( باب أن المصدود بالعدو تحلّ له النساء بعد التحلل، والمحصور بالمرض لا يحل له النساء حتى يطوف طواف النساء أو يستنيب فيه، وجملة من أحكام الإحصار والصّدّ)

[١٠٩٧٩] ١ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عام الحديبية، ومعه [ من ](١) أصحابه أزيد من ألف رجل (يريد العمرة)(٢) ، فلمّا صار بذي الحليفة أحرم وأحرموا، وقلّد(٣) وقلّدوا الهدي وأشعروه، وذلك قبل فتح مكّة، (وبلغ قريشاً)(٤) فجمعوا له جموعاً، فلمّا كان قريباً من عسفان(٥) أتاه خبرهم، فقال (رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله )(٦) : إنّا لم نأت عُسْفان لقتال أحد، وإنّما جئنا معتمرين، فإن شاءت قريش هادنتها مدّة، وخلّت بيني وبين الناس فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل

__________________

أبواب الإحصار والصّدّ

الباب ١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٣٤.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢ - ٤) ليس في المصدر.

(٥) عُسْفان: ماء على مرحلتين من مكّة على طريق المدينة « معجم البلدان ٤: ١٢٢ ».

(٦) ليس في المصدر.

٣٠٧

فيه الناس دخلوا، وإن أبوا قاتلتهم حتى يحكم الله بيننا وهو خير الحاكمين، ومشت الرسل بينه وبين قريش، فوادعهم مدّة على أن ينصرف من عامه ويعتمر إن شاء من قابل، وقالت قريش: لن ترى العرب أنه دخل علينا قسراً، فأجابهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى ذلك، ونحر البدن التي ساقها [ مكانه ](٧) وقصّر، وانصرف وانصرف المسلمون، وهذا حكم من صدّ عن البيت، من بعد أن فرض الحجّ أو العمرة أو فرضهما جمعياً، يقصّر وينصرف، ولا يحلق إن كان معه هدي، لأن الله يقول( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (٨) ».

[١٠٩٨٠] ٢ - وعنهعليه‌السلام : في حديث في مرض الحسينعليه‌السلام في طريق الحج، أنه قيل له: « [ يا ابن رسول الله ](١) : أرأيت حين برأ من وجعه، حلّ(٢) له النساء؟ قال: لا تحل(٣) له النساء حتى يطوف بالبيت والصفا والمروة قيل [ له ](٤) : فما بال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله حين رجع من الحديبية، حلّ له النساء ولم يطف بالبيت؟ قال: ليسا سواء، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مصدوداً، والحسين محصوراً(٥) ».

__________________

(٧) أثبتناه من المصدر.

(٨) البقرة ٢: ١٩٦.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٣٦.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر: أيحل.

(٣) في المخطوط: يحل، وما أثبتناه من المصدر.

(٤) أثبتناه من المصدر.

(٥) في المخطوط: محصرا، وما أثبتناه من المصدر.

٣٠٨

[١٠٩٨١] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : في المحصور: « ولا يقرب(١) النساء حتى يحج من قابل، وإن صدّ رجل عن الحجّ وقد أحرم فعليه الحج من قابل، ولا بأس بمواقعة النساء لأن هذا مصدود وليس كالمحصور ».

٢ -( باب أنّ من منعه المرض عن دخول مكّة والمشاعر، وجب عليه بعث هدي أو ثمنه، ومواعدة أصحابه لذبحه، ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله وهو منى للحاج ومكّة للمعتمر، فإذا بلغ أحلّ وقصّر وعليه الحجّ من قابل، والعمرة إذا تمكن، وإن لم ينحروا هديه بعث من قابل وأمسك)

[١٠٩٨٢] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمّد، حدثني موسى، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام ، قال « بينما عليعليه‌السلام في طريق مكّة، إذ أبصر ناقة معقولة فقال: ناقة أبي عبد اللهعليه‌السلام وربّ الكعبة، فعدل فإذا الحسين بن عليعليهما‌السلام ، محرم محموم عليه دثار، فأمر بهعليه‌السلام فحجم وعصّب رأسه، وساق عنه بدنة ».

[١٠٩٨٣] ٢ - دعائم الإسلام: روينا عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام : أنه سئل عن رجل أحصر فبعث بالهدي، قال: « يواعد أصحابه ميعاداً

__________________

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩.

(١) في المخطوط: يقربوا، وما أثبتناه من المصدر.

الباب ٢

١ - الجعفريات ص ٦٨.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣٣٥.

٣٠٩

إن كان في الحج فمحل الهدي يوم النحر، وإن كان في عمرة فلينظر مقدار دخول أصحابه مكّة، والساعة التي يعدهم فيها فيقصّر ويحلّ، وإن مرض في الطريق بعدما أحرم، فأراد الرجوع إلى أهله رجع ونحر بدنة، فإن كان في حجّ فعليه الحجّ من قابل، وإن كان في عمرة فعليه العمرة، فإن الحسين بن عليعليهما‌السلام خرج معتمراً فمرض في الطريق، فبلغ علياًعليه‌السلام وهو في المدينة فخرج في طلبه، فأدركه بالسقيا(١) وهو مريض، فقال: يا بني ما تشتكي؟ فقال: أشتكي رأسي، فدعا [ علي ](٢) عليه‌السلام ببدنة فنحرها، وحلق رأسه وردّه إلى المدينة، فلمّا برأ من وجعه اعتمر ».

[١٠٩٨٤] ٣ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « والرجل إذا أحصر فأرسل بالهدي، تواعد أصحابه ميعاداً، إن كان في الحجّ فمحل الهدي يوم النحر، وإذا كان يوم النحر فليقصّر من رأسه، ولا يجب عليه الحلق حتى يقضي المناسك، وإن كان [ في ](١) عمرة، فلينظر(٢) مقدار دخول أصحابه مكّة [ والساعة التي يعدهم فيها ](٣) فإذا كان تلك الساعة قصّر وأحلّ، وإن كان مريضاً بعدما أحرم فأراد الرجوع إلى أهله، رجع إلى أهله ونحر بدنة، أو أقام مكانه حتى يبرأ إذا كان في عمرة، فإذا برأ فعليه العمرة واجبة، وإن كان عليه الحج أو أقام

__________________

(١) السُّقيا: قرية قريبة من المدينة المنورة (معجم البلدان ج ٣ ص ٢٢٨).

(٢) أثبتناه من المصدر.

٣ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٥، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦٠.

(١) أثبتناه من المصدر والبحار.

(٢) في المخطوط: فينظر، وما أثبتناه من المصدر.

(٣) أثبتناه من المصدر.

٣١٠

ففاته الحج، فإن عليه الحج من قابل.

قال أبي: إن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، خرج معتمراً - وساق كما في الدعائم إلى قوله - فلمّا برئ من وجعه اعتمر، قال: ولو لم يخرج إلى العمرة عند البرء، لما حلّ له النساء حتى يطوف بالبيت والصفا، قلت: فما بال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حيث رجع من الحديبية حلّت له النساء؟

قال: إن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان مصدوداً، وهذا محصوراً، وليسا سواء ».

[١٠٩٨٥] ٤ - وفي موضع آخر: « ومن قرن الحج والعمرة فأصابه حصر، لم يكن عليه أن يبعث هدياً مع هديه، ولا يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه، فإذا بلغ الهدي محلّه أحلّ، وعليه إذا برأ الحج والعمرة ».

٣ -( باب أنّ من أحصر فبعث هديه ثم خفّ مرضه، وجب عليه الالتحاق إن ظنّ إمكانه، فإن أدرك النسك وإلّا وجب عليه التحلّل بعمرة، وقضاء النسك إن كان واجباً، فإن مات فمن ماله، وكذا من صدّ ثم زال عذره)

[١٠٩٨٦] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولو أنّ رجلاً حبسه سلطان جائر بمكّة، وهو متمتع بالعمرة إلى الحج، ثم أطلق عنه ليلة النحر، فعليه أن يلحق الناس بجمع، ثم ينصرف إلى منى ويذبح ويحلق ولا

__________________

٤ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٢٨ ح ٣ باختلاف.

الباب ٣

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٩، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٢٨ ح ٣.

٣١١

شئ عليه، وإن خلّى يوم النحر بعد الزوال، فهو مصدود عن الحج إن كان دخل مكّة متمتعاً بالعمرة إلى الحج [ فليطف بالبيت إسبوعاً ويسعى إسبوعاً ويحلق رأسه ويذبح شاة وإن كان دخل مكّة مفرداً للحج ](١) فليس عليه ذبح، ولا شئ عليه ».

٤ -( باب جواز تعجيل التحلّل والذبح، للمحصور والمصدود)

[١٠٩٨٧] ١ - بعض نسخ الرضوي: « عن أبيه قال: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، حين صدّه المشركون يوم الحديبية، نحر وأكل ورجع [ إلى المدينة ](١) ».

وتقدم عن الدعائم(٢) : في حديث مرض الحسينعليه‌السلام : أنّ علياًعليه‌السلام دعا ببدنة فنحرها، وحلق رأسه، وردّه إلى المدينة.

[١٠٩٨٨] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « كان سبب نزول هذه السورة(١) وهذا الفتح العظيم، ان الله عزّوجلّ أمرّ رسول

__________________

(١) أثبتناه من المصدر والبحار.

الباب ٤

١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٥، عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦١ ح ٤١.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) تقدم في الحديث ٢ من الباب ٢ من هذه الأبواب.

٢ - تفسير القمي ج ٢ ص ٣٠٩.

(١) في نسخة زيادة: سورة الفتح، (منه قدّه).

٣١٢

اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في النوم، أن يدخل المسجد الحرام ويطوف ويحلق مع المحلقين، فأخبر أصحابه وأمرهم بالخروج فخرجوا، فلمّا نزل ذا الحليفة أحرموا بالعمرة وساقوا البدن، وساق رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ستّاً وستّين بدنة، وأشعرها عند إحرامه، وأحرموا من ذي الحليفة ملبّين بالعمرة، قد ساق من ساق منهم الهدي مشعرّات(٢) مجللات » وساق قصّة الحديبية وصدّهم المشركون وكيفيّة الصلح.

إلى أن قالعليه‌السلام (٣) : « وقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : انحروا بدنكم واحلقوا رؤوسكم، فامتنعوا وقالوا: كيف ننحر ونحلق ولم نطف بالبيت، ولم نسع بين الصفا والمروة؟ فاغتمّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من ذلك، وشكا ذلك إلى أُمّ سلمة، فقالت: يا رسول الله انحر [ أنت ](٤) واحلق، فنحر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحلق، فنحر القوم على خبث يقين وشكّ وارتياب، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تعظيماً للبدن: رحم الله المحلّقين.

وقال قوم لم يسوقوا البدن: يا رسول الله، والمقصرين؟ لأنّ من لم يسق هدياً لم يجب عليه الحلق، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثانياً: رحم الله المحلّقين الذين لم يسوقوا الهدي، قالوا: يا رسول الله والمقصرين فقال: رحم الله المقصرين » الخبر.

__________________

(٢) الاشعار: الإعلام، وأشعر البدنة: أعلمها وهو أن يشق جلدها أو يطعنها في أسنمتها في أحد الجانبين (لسان العرب ج ٤ ص ٤١٣).

(٣) تفسير القمي ج ٢ ص ٣١٤.

(٤) أثبتناه من المصدر.

٣١٣

٥ -( باب أنه يستحب لمن لم يحج أن يبعث هدياً أو ثمنه، ويواعد أصحابه يوماً لاشعاره أو تقليده، ويجتنب من ذلك اليوم ما يجتنبه المحرم ولا يلبي، ثم يحلّ يوم النحر، ويأمرهم أن يقصروا عنه)

[١٠٩٨٩] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن زيد بن أسامة، قال: سئل أبو عبد اللهعليه‌السلام ، عن رجل بعث بهدي مع قوم يساق فواعدهم يوماً يقلّدون فيه هديهم ويحرمون فيه؟ قال: « يحرم عليه ما يحرم على المحرم في اليوم الذي واعدهم، حتى يبلغ الهدي محلّه » قلت: أرأيت إن اختلفوا في ميعادهم، أو أبطؤوا في السير، عليه جناح أن يحلّ في اليوم الذي واعدهم؟ قال: « لا ».

[١٠٩٩٠] ٢ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « والرجل إذا أرسل بهدي تطوّعاً وليس بواجب إنّما يريد أن يتطوّع، يواعد أصحابه ساعة يوم كذا وكذا، يأمرهم أن يقلّدوه في تلك الساعة، فإذا كانت تلك الساعة اجتنب ما يجتنب المحرم حتى يكون يوم النحر، فإذا كان يوم النحر أجزأ عنه ».

٦ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب الإحصار والصدّ)

[١٠٩٩١] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « ومن قصد الحج فصدّ به الحج فإن طاف وسعى لحق بأهله، وإن شاء أقام حلالاً

__________________

الباب ٥

١ - تفسير العياشي ج ١ ص ٨٩ ح ٢٢٨.

٢ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٥، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٦١.

الباب ٦

١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام ص ٧٥.

٣١٤

وجعلها عمرة، وعليه الحج من قابل، وإن لم يكن طاف ولا سعى حتى خرج إلى منى، فليقم معهم حتى ينفروا، ثم ليطف بالبيت ويسعى، فإنّ أيام التشريق ليس فيها عمرة، وعليه الحج من قابل يحرم من حيث أحرم ».

[١٠٩٩٢] ٢ - علي بن إبراهيم في تفسيره: إذا عقد الرجل الإحرام بالتمتع بالعمرة إلى الحج وأحرم، ثم أصابه علّة في طريقه قبل أن يبلغ إلى مكّة، ولا يستطيع أن يمضي فإنه يقيم في مكانه الذي أحصر فيه، ويبعث من عنده هدياً إن كان غنياً فبدنة، وإن كان بين ذلك فبقرة، وإن كان فقيراً فشاة لا بدّ منها، ولا يزال مقيماً على إحرامه، وإن كان في رأسه وجع أو قروح حلق شعره وأحلّ، ولبس ثيابه ويفدي، فأمّا أن يصوم ستّة أيام، أو يتصدق على عشرة مساكين، أو نسك وهو الدم يعني شاة.

[١٠٩٩٣] ٣ - عوالي اللآلي: روى جابر، قال أحصرنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالحديبية، فنحرنا البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، بأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

__________________

٢ - تفسير القمي ج ١ ص ٦٨.

٣ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢١٦ ح ٧٩.

٣١٥

٣١٦

أبواب مقدمات الطواف وما يتبعها

١ -( باب أنه يستحب لمن أراد دخول الحرم أن يغتسل، ويأخذ نعليه بيديه، ويدخله حافياً ماشياً ولو ساعة)

[١٠٩٩٤] ١ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام : أنه كان إذا أراد الدخول إلى(١) الحرم اغتسل.

[١٠٩٩٥] ٢ - وعن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « المتمتع بالعمرة إلى الحج، إذا دخل الحرم قطع التلبية، وأخذ في التكبير والتهليل ».

[١٠٩٩٦] ٣ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا بلغت [ الحرم ](١) فاغتسل قبل أن تدخل مكّة، وامش هنيهة وعليك السكينة والوقار ».

__________________

أبواب مقدمات الطواف وما يتبعها

الباب ١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

(١) في المخطوط: في، وما أثبتناه من المصدر.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

٣ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

(١) أثبتناه من المصدر.

٣١٧

٢ -( باب جواز تقديم الغسل على دخول الحرم، وتأخيره حتى يدخل مكّة)

[١٠٩٩٧] ١ - كتاب جعفر بن محمّد بن شريح الحضرمي: عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن الغسل في الحرم، أقبل دخوله أو بعد ما يدخله؟

قال: « لا يضرّك أي ذلك فعلت، وإن اغتسلت في بيتك حين تنزل مكّة فلا بأس ».

٣ -( باب استحباب دخول مكّة من أعلاها لمن جاء من المدينة، والخروج من أسفلها، وقطع التلبية عند رؤية بيوتها للمتمتع، وتحريم دخولها بغير إحرام، إلّا ما استثني)

[١٠٩٩٨] ١ - بعض نسخ الرضوي: « ويروى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه بات بذي طوى [ ودخل مكّة ](١) نهاراً، وكان يدخل مكّة من الثنيّة العليا أو من الثنيّة السفلى، فيستحب دخولها ».

[١٠٩٩٩] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : أنه كان يدخل مكّة من الثنية العليا، ويخرج من الثنية السفلى.

__________________

الباب ٢

١ - بل كتاب محمّد بن المثنى الحضرمي ص ٨٥.

الباب ٣

١ - بعض نسخ فقه الرضاعليه‌السلام : عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤١ ح ١٦.

(١) أثبتناه من البحار.

٢ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٤٠ ح ٤٩.

٣١٨

٤ -( باب استحباب الغسل لدخول مكّة من فخّ أو بئر ميمون أو بئر عبد الصمد وغيرها، ودخولها ماشياً حافياً، والإبتداء بدخول المنزل ثم الطواف)

[١١٠٠٠] ١ - بعض نسخ الرضويعليه‌السلام : « فإذا انتهيت إلى ذي طوى(١) فاغتسل من بئر ميمون(٢) لدخول مكّة، أو بعد ما تدخلها، وكذلك تغتسل المرأة الحائض، لأمر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أسماء بذلك، ولقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله للحائض: افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت.

وكان ابن عمر يغتسل بذي طوى قبل أن يدخل مكّة، وكذلك كان يعظمه عامة العلماء، وإن لم يغتسل فلا بأس ».

[١١٠٠١] ٢ - الصدوق في المقنع: فإذا بلغت الحرم فاغتسل من بئر ميمون، أو من فخّ، وإن اغتسلت بمكّة فلا بأس.

[١١٠٠٢] ٣ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه قال: « إذا دخل الحاج أو(١) المعتمر مكّة بدأ بحياطة(٢) رحله، ثم

__________________

الباب ٤

١ - بعض نسخ الفقه الرضوي: عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤١.

(١) ذو طوى: موضع بمكة (معجم البلدان ج ٤ ص ٤٥).

(٢) بئر ميمون: بئر بأعلى مكّة حفرها ميمون الحضرمي (معجم البلدان ج ١ ص ٣٠٢).

٢ - المقنع ص ٧٩.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٣١١.

(١) كذا في المصدر وفي المخطوط: و.

(٢) حاطه. حياطة: إذا حفظه وصانه وذب عنه وتوفر على مصالحه (النهاية ج ١ ص ٤٦١).

٣١٩

قصد المسجد الحرام ».

٥ -( باب استحباب دخول المسجد الحرام حافياً بسكينة ووقار وخشوع، والدعاء بالمأثور على باب المسجد، وعند دخوله، واستقبال الكعبة)

[١١٠٠٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « فإذا دخلت [ مكّة ](١) ونظرت إلى البيت، فقل: الحمد لله الذي عظّمك وشرفك وكرمك، وجعلك مثابة للناس وأمناً، وهدى للعالمين.

ثم ادخل المسجد حافياً وعليك السكينة والوقار، وإن كنت مع قوم تحفظ عليهم رحالهم، حتى يطوفوا ويسعوا، كنت أعظمهم ثواباً ».

وفي بعض نسخه(٢) : « وقل: بسم الله وبالله، وابدأ برجلك اليمنى قبل اليسرى، وقل: اللهم اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، وأبواب فضلك، وجوائز مغفرتك، وأعذنا من الشيطان الرجيم، واستعملني بطاعتك ورضاك، وإذا نظرت إلى البيت فقل: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، فحينا ربنا بالسلام، اللهم [ إن ](٣) هذا بيتك الذي شرّفت وعظّمت وكرّمت، اللهم زد له تشريفاً وتعظيماً، وتكريماً وبرّاً ومهابة ».

[١١٠٠٤] ٢ - الصدوق في المقنع: وقل وأنت على باب المسجد: السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته، بسم الله وبالله، ومن الله، وما

__________________

باب ٥

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٧.

(١، ٣) أثبتناه من المصدر.

(٢) عنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٤١.

٢ - المقنع ص ٨٠.

٣٢٠

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421