القصص التربوية

القصص التربوية13%

القصص التربوية مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 421

القصص التربوية
  • البداية
  • السابق
  • 421 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 359746 / تحميل: 10436
الحجم الحجم الحجم
القصص التربوية

القصص التربوية

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

[١٥٢٤٤] ٤ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد: « أن علياعليهم‌السلام ، سئل ما حد السكران الذي يجب عليه الحد؟ فقال: السكران عندنا الذي لا يعرف ثوبه من ثياب غيره، ولا يعرف سماء من أرض، ولا أختا من زوجة، قال جعفر بن محمدعليهما‌السلام : يعني أن هذا لا يجوز بيعه ولا شراؤه، ولا طلاقه، ولا عتاقه ».

[١٥٢٤٥] ٥ - علي بن إبراهيم في تفسيره: عن أبي الجارود، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ ) (١) فالسفهاء: النساء والولد، إذا علم الرجل أن امرأته سفيهة مفسدة، وولده سفيه مفسد، ( لم ينبغ )(٢) له أن يسلط واحدا منهما على ماله» الخبر.

[١٥٢٤٦] ٦ - المولى الاجل الأردبيلي في حديقة الشيعة: نقلا عن قرب الإسناد لعلي بن بابويه، عن علي بن إبراهيم بن هاشم، عن أبي هاشم الجعفري، قال: سئل أبو محمد العسكريعليه‌السلام عن المجنون، فقال صلوات الله وسلامه عليه: « إن كان مؤذيا فهو في حكم السباع، وإلا ففي حكم الانعام ».

١٢ -( باب اشتراط تقدير الثمن، وحكم من اشترى جارية بحكمه فوطأها)

[١٥٢٤٧] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن

__________________

٤ - الجعفريات ص ١٤٦.

٥ - تفسير القمي ج ١ ص ١٣١.

(١) النساء ٤: ٥.

(٢) في المصدر: « لا ينبغي ».

٦ - حديقة الشيعة ص ٥٧٨.

الباب ١٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٧ ح ١٥٣.

٢٤١

رجل اشترى جارية من رجل على حكمه - يعني حكم المشتري - فدفع إليه مالا فلم يقبله البائع، فقال المشتري: قد حكمتني وهذا حكمي، فقالعليه‌السلام : « إن كان الذي حكم به هو قيمتها فعلى البائع التسليم، وإن كان دون ذلك فعلى المشتري أن يكمل له القيمة ».

[١٥٢٤٨] ٢ - وعنه، عن آبائهعليهم‌السلام ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « من باع بيعا إلى أجل لا يعرف، أو بشئ لا يعرف، فليس بيعه ببيع ».

١٣ -( باب اشتراط اختصاص البائع بملك المبيع، وحكم بيع الأرض المفتوحة عنوة، وحكم الشراء من أرض أهل الذمة)

[١٥٢٤٩] ١ - الجعفريات: أخبرنا عبد الله، أخبرنا محمد، حدثني موسى قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « لا تشتر من عقار أهل الذمة ولا من ارضهم شيئا، لأنه فئ المسلمين » الخبر.

[١٥١٥٠] ٢ - الصدوق في المقنع: وليس بشراء أراضي اليهود والنصارى بأس، يؤدي عنها ما كانوا يؤدون عنها من الخراج.

١٤ -( باب أنه يجوز للانسان أن يحمي المرعى النابت في ملكه وأن يبيعه، ولا يجوز ذلك في المشترك بين المسلمين)

[١٥٢٥١] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى

__________________

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠ ح ١٣١.

الباب ١٣

١ - الجعفريات ص ٨١.

٢ - المقنع ص ١٣٢.

الباب ١٤

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٢٠ ح ٣٣.

٢٤٢

عن بيع الماء والكلأ والنار.

[١٥٢٥٢] ٢ - الجعفريات: بإسناده عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خمس لا يحل منعهن: الماء، والملح، والكلأ، والنار، والعلم » الخبر.

١٥ -( باب جواز بيع الماء إذا كان ملكا للبائع، واستحباب بذله للمسلم تبرعا)

[١٥٢٥٣] ١ - أحمد بن محمد بن عيسى في نوادره: عن ابن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، قال: سألته عن الرجل يكون له الشرب في شراكة، أيحل له بيعه؟ قال: « له بيعه، بورق أو بشعير أو بحنطة أو بما شاء » الخبر.

ورواه في البحار(١) نقلا منه، عن ابن مسكان، عن الحلبي قال: سألته إلى آخره.

[١٥٢٥٤] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمد، حدثني موسى، حدثنا أبي، عن أبيه، عن جده جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين، عن أبيه، عن عليعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من باع فضل الماء، منعه الله فضله يوم القيامة ».

[١٥٢٥٥] ٣ - الصدوق في المقنع: ولا بأس ببيع الماء.

__________________

٢ - الجعفريات ص ١٧٢.

الباب ١٥

١ - نوادر أحمد بن محمد بن عيسى ص ٧٨.

(١) البحار ج ١٠٣ ص ١٧٣ ح ٩ نقلا منه، إلا أنه عن ابن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام كما في المصدر، علما ان الحديث الذي يسبقه في المصدر والبحار عن ابن مسكان، عن الحلبي، فتأمل.

٢ - الجعفريات ص ١٢.

٣ - المقنع ص ١٣٢.

٢٤٣

[١٥٢٥٦] ٤ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم - إلى أن قال - ورجل له ماء على ظهر الطريق يمنعه سابلة(١) الطريق » الخبر.

[١٥٢٥٧] ٥ - ابن شهرآشوب في المناقب: في حديث، أنه كان لعلي بن الحسينعليهما‌السلام عين بذي خشب، فاشتراها منهعليه‌السلام الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، بدين أبيه وهو بضعة وسبعون ألف دينار، واستثنى منها سقي ليلة السبت لسكينة.

١٦ -( باب أنه لا يجوز الكيل بمكيال مجهول، ولا بغير مكيال البلد، إلا مع التراضي)

[١٥٢٥٨] ١ - دعائم الاسلام: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه نهى عن بيع الطعام بالطعام جزافا(١) .

١٧ -( باب تحريم بيع الطريق وتملكه، إلا أن يكون ملكا للبائع خاصة)

[١٥٢٥٩] ١ - دعائم الاسلام: عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، أنه سئل عن

__________________

٤ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧ و ١٨ ح ٢٠.

(١) السابلة: المسافرون الذين يسيرون على الطريق كل على مقصده ( لسان العرب - سبل - ج ١١ ص ٣٢٠ ).

٥ - المناقب ج ٤ ص ١٤٤.

الباب ١٦

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٤٣ ح ١٠٢.

(١) الجزاف: بيع مجهول القدر، مكيلا كان أو موزونا ( لسان العرب - جزف - ج ٩ ص ٢٧ ).

الباب ١٧

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ٥٠٠ ح ١٧٨٧.

٢٤٤

قوم اقتسموا دارا لها طريق، فجعل الطريق في حد(١) أحدهم، وجعل لمن بقي أن يمر برجله فيه، قال: « لا بأس بذلك، ولا بأس بأن يشتري الرجل ممره في دار رجل أو في أرضه، دون سائرها ».

١٨ -( باب نوادر ما يتعلق بأبواب عقد البيع وشروطه)

[١٥٢٦٠] ١ - أبو جعفر محمد بن علي الطوسي في ثاقب المناقب: عن عروة بن جعد البارقي قال: قدم جلب(١) ، فأعطاني النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله دينارا، فقال: « اشتر بها شاة » فاشتريت شاتين بدينار، فلحقني رجل فبعت أحدهما منه بدينار، ثم اتيت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله بشاة ودينار، فرده علي، وقال: « بارك الله لك في صفقة يمينك » ولقد كنت أقوم بالكناسة - أو قال بالكوفة - فأربح في اليوم أربعين ألفا.

__________________

(١) في المصدر: حق.

الباب ١٨

١ - ثاقب المناقب ص ٤٠.

(١) الجلب: ما جلب من خيل وابل ومتاع إلى الأسواق للبيع. ( لسان العرب ـ جلب - ج ١ ص ٢٦٨ ).

٢٤٥

٢٤٦

أبواب آداب التجارة

١ -( باب حكم بيع العبد المسلم من الكافر، وحكم ما لو أسلم عبد الكافر)

[١٥٢٦١] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « أبي عن جعفر، عن أبيه، أن علياعليهم‌السلام أتي بعبد ذمي قد أسلم، فقال: اذهبوا فبيعوه للمسلمين، وادفعوا(١) ثمنه إلى صاحبه، ولا تقروه عنده ».

٢ -( باب استحباب التفقه فيما يتولاه، وزيادة التحفظ من الربا)

[١٥٢٦٢] ١ - دعائم الاسلام: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أن رجلا قال: يا أمير المؤمنين، إني أريد التجارة، قال: « أفقهت في دين الله؟ » قال: يكون بعد(١) ذلك، قال: « ويحك الفقه ثم المتجر، فإنه من باع واشترى، ولم يسأل عن حرام ولا حلال، ارتطم في الربا ثم ارتطم ».

[١٥٢٦٣] ٢ - وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه مر بالتجار وكانوا يومئذ

__________________

أبواب آداب التجارة

الباب ١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٦٢.

(١) بالمصدر: وأنفقوا.

الباب ٢

١ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦ ح ١٢.

(١) في المصدر: بعض.

٢ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٦ ح ١٥.

٢٤٧

يسمون السماسرة، فقال لهم: « أما إني لا أسميكم السماسرة، ولكن أسميكم التجار، والتاجر فاجر، والفاجر في النار » فغلقوا أبوابهم وأمسكوا عن التجارة، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من غد فقال: « أين الناس؟ » فقيل: يا رسول الله سمعوا ما قلت بالأمس فامسكوا، قال « وأنا أقوله اليوم أيضا، إلا من أخذ الحق وأعطاه ».

[١٥٢٦٤] ٣ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « بعثني ربي رحمة، ولم يجعلني اجرا ولا زراعا إن شرار هذه الأمة التجار والزراعون، إلا من شح على دينه ».

عوالي اللآلي: عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، مثلهما(١) .

[١٥٢٦٥] ٤ - وعن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « الفقه ثم المتجر، فمن اتجر بغير فقه، فقد ارتطم في الربا ثم ارتطم ».

[١٥٢٦٦] ٥ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: « من اتجر بغير فقه تورط في لشبهات ».

[١٥٢٦٧] ٦ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وروي: أن من اتجر بغير علم ولا فقه، ارتطم في الربا ارتطاما ».

[١٥٢٦٨] ٧ - نهج البلاغة: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « من اتجر بغير فقه(١) ارتطم في الربا ».

ورواه في الغرر: عنهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

__________________

٣ - دعائم الاسلام ج ٢ ص ١٧ ح ١٦.

(١) عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٠٣ ح ٢٧.

٤ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٠١ ح ٣١.

٥ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ٢٠٢ ح ٣٢.

٦ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

٧ - نهج البلاغة ج ٣ ص ٢٥٩ رقم ٤٤٧.

(١) في المصدر زيادة: فقد.

(٢) الغرر ج ٢ ص ٦٥٣ ح ٧٤٢.

٢٤٨

[١٥٢٦٩] ٨ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن عبيد بن رفاعة قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا معشر التجار، أنتم فجار إلا من اتقى وبر وصدق، وقال بالمال هكذا وهكذا ».

[١٥٢٧٠] ٩ - القطب الراوندي في لب اللباب: قال: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « التاجر فاجر إلا من أخذ الحق وأعطى الحق ».

٣ -( باب جملة مما يستحب للتاجر من الآداب)

[١٥٢٧١] ١ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أحمد بن محمد، عن أبيه محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن العباس بن معروف، عن علي بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفر محمد بن علي الباقرعليهما‌السلام ، قال: « كان أمير المؤمنين ( صلوات الله عليه ) عندكم بالكوفة، يغتدي في كل يوم من القصر فيطوف في أسواق الكوفة سوقا سوقا، ومعه الدرة على عاتقه، وكان لها طرفان وكانت تسمى السبيبة، قال: فيقف على أهل كل سوق فينادي فيهم: يا معشر التجار، قدموا الاستخارة، وتبركوا بالسهولة، واقتربوا من المبتاعين، وتزينوا بالحلم، وتناهوا عن اليمين، وجانبوا الكذب، وتجافوا عن الظلم وانصفوا المظلومين، ولا تقربوا الربا ( وأوفوا الكيل والميزان )(١) ( ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين )(٢) ، قال: فيطوف في جميع الأسواق - أسواق الكوفة - ثم يرجع فيقعد للناس، قال: وكانوا إذا نظروا إليه قد أقبل إليهم قال: يا معشر الناس، امسكوا أيديهم، وأصغوا إليه

__________________

٨ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٠.

٩ - لب اللباب: مخطوط.

الباب ٣

١ - أمالي المفيد ص ١٩٧ ح ٣١.

(١) الانعام ٦: ١٥٢.

(٢) هود ١١: ٨٥.

٢٤٩

بآذانهم، ورمقوه بأعينهم، حتى يفرغ من كلامه، فإذا فرغ قالوا: السمع والطاعة يا أمير المؤمنين» .

[١٥٢٧٢] ٢ - فقه الرضاعليه‌السلام : « روي أن من باع أو اشترى، فليحفظ خمس خصال، وإلا فلا يبيع ولا يشتري: الربا، والحلف، وكتمان العيب، والمدح إذا باع، والذم إذا اشترى. وقالعليه‌السلام : واستعمل في تجارتك مكارم الأخلاق والأفعال الجميلة للدين والدنيا ».

[١٥٢٧٣] ٣ - الصدوق في المقنع والهداية: إذا اتجرت فاجتنب خمسة أشياء: اليمين، والكذب، وكتمان العيب، والمدح إذا بعت، والذم إذا اشتريت.

[١٥٢٧٤] ٤ - إبراهيم بن محمد الثقفي في كتاب الغارات: عن عبد الله بن أبي شيبة، عن جعفر بن عون، عن مسعر، عن أبي حجارة، عن أبي سعيد، قال: كان عليعليه‌السلام يأتي السوق، فيقول: « يا أهل السوق اتقوا الله، وإياكم والحلف، فإنه ينفق السلعة، ويمحق البركة، فان التاجر فاجر إلا من أخذ الحق وأعطاه، السلام عليكم » ثم يمكث الأيام، ثم يأتي فيقول مثل مقالته، فكان إذا جاء قالوا: قد جاء المرد شكنبة، فكان يرجع إلى أسرته(١) فيقول: « إذا جئت قالوا قد جاء المرد شكنبة، فما يعنون بذلك؟ » قيل له(٢) : يقولون: قد جاء عظيم البطن، فيقول: « أسفله طعام، وأعلاه علم ».

__________________

٢ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

٣ - المقنع ص ١٢٢، والهداية ص ٨٠.

٤ - الغارات ج ١ ص ١١٠.

(١) سرته: كذا كان في النسخ المطبوعة والمخطوطة، وكذلك المصدر ولعله تصحيف أسرته وأسرته: رهطه الأدنون ( لسان العرب ج ٤ ص ٢٠ ).

(٢) في الطبعة الحجرية وأصل المصدر: قال، وما في المتن منن رواية ابن سعد في الطبقات.

٢٥٠

[١٥٢٧٥] ٥ - جعفر بن أحمد القمي في كتاب الغايات: عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « شرار الناس الزارعون والتجار، إلا من شح منهم على دينه » وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « شر الناس التجار الخونة ».

[١٥٢٧٦] ٦ - الشيخ أبو الفتوح في تفسيره: عن قيس بن أبي غرزة(١) الغفاري قال: كنا نسمى في المدينة في عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : سمسارا، وجاء الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله وسمانا باسم أحسن منه، وقال: « يا معشر التجار، هذا البيع يحضره اللغو والكذب واليمين، فشوبوه بالصدقة ».

[١٥٢٧٧] ٧ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « لا تستقبلوا السوق، ولا تحلفوا، ولا ينفق بعضكم لبعض ».

[١٥٢٧٨] ٨ - البحار، عن مجموع الدعوات للشيخ أبي محمد هارون بن موسى التلعكبري: عن أحمد بن محمد بن يحيى قال: أراد بعض أوليائنا الخروج للتجارة، فقال: لا أخرج حتى آتي جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، فأسلم عليه، وأستشيره في أمري هذا، وأسأله الدعاء لي، قال: فأتاه فقال: يا بن رسول الله، إني عزمت ( على الخروج للتجارة )(١) ، واني آليت على نفسي أن لا أخرج حتى ألقاك وأستشيرك وأسألك الدعاء لي، قال فدعا لي وقال: « عليك بصدق اللسان في حديثك، ولا تكتم عيبا يكون في تجارتك، ولا تغبن المشتري المسترسل فان غبنه ربا، ولا ترض للناس إلا

__________________

٥ - الغايات ص ٩١.

٦ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ١ ص ٤٧٠.

(١) في الحجرية: « ابن أبي غريرة » وفي المصدر: « ابن أبي عزيرة » وما أثبتناه هو الصواب ( راجع أسد الغابة ج ٤ ص ٢٢٣ وتهذيب التهذيب ج ٨ ص ٤٠١ ).

٧ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٨٨ ح ٢٦٧.

٨ - بحار الأنوار ج ٩١ ص ٢٣٥ ح ١.

(١) كان في الأصل: « للخروج إلى التجارة » وما أثبتناه من البحار.

٢٥١

ما ترضاه لنفسك، واعط الحق وخذه، ولا تحف ولا تجر، فان التاجر الصدوق مع السفرة الكرام البررة يوم القيامة، اجتنب الحلف فان اليمين الفاجرة تورث صاحبها النار، والتاجر فاجر إلا من أعطى الحق وأخذه، وإذا عزمت على السفر أو حاجة مهمة فأكثر الدعاء والاستخارة، فان أبي حدثني عن أبيه، عن جده: أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يعلم أصحابه الاستخارة كما يعلمهم السورة من القرآن، وانا لنعمل ذلك متى هممنا بأمر» الخبر.

٤ -( باب استحباب إقالة النادم، وعدم وجوبها)

[١٥٢٧٩] ١ - الصدوق في الخصال والأمالي: عن أبيه، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن ابان الأحمر، عن الصادق جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: « جاء رجل إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد بلى ثوبه، فحمل إليه اثني عشر درهما، فقال: يا علي خذ هذه الدراهم فاشتر لي [ بها ](١) ثوبا ألبسه، قال عليعليه‌السلام : فجئت إلى السوق فاشتريت له قميصا باثني عشر درهما، وجئت به إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فنظر إليه، فقال: يا علي غير هذا أحب إلي، أترى صاحبه يقيلنا؟ فقلت: لا أدري، فقال: أنظر، فجئت إلى صاحبه فقلت: إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قد كره هذا، يريد ( ثوبا دونه )(٢) ، فأقلنا فيه، فرد علي الدراهم» الخبر.

__________________

الباب ٤

١ - الخصال ص ٤٩٠، وأمالي الصدوق ص ١٩٧ ح ٥.

(١) أثبتناه من الخصال.

(٢) في الخصال: « غيره ».

٢٥٢

٥ -( باب استحباب الاحسان في البيع والسماح)

[١٥٢٨٠] ١ - الصدوق في التوحيد: عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن خلف بن حماد، عن الحسين بن زيد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : لزينب العطارة: إذا بعت فأحسني [ ولا تغشي ](١) ، فإنه اتقى وأبقى للمال » الخبر.

[١٥٢٨١] ٢ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: عن سهل بن أحمد، عن محمد بن محمد بن الأشعث، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : رحم الله [ عبدا ](١) سمحا قاضيا(٢) ، وسمحا مقتضيا(٣) ».

[١٥٢٨٢] ٣ - نهج البلاغة: في عهدهعليه‌السلام للأشتر: « وليكن البيع سمحا، بموازين عدل» .

__________________

الباب ٥

١ - التوحيد ص ٢٧٥.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢ - البحار ج ١٠٣ ص ١٠٤ ح ٥٦، بل عن جامع الأحاديث ص ١٢.

(١) أثبتناه من المصدر والبحار.

(٢) قضى الغريم دينه فهو قاض: إذا أدى المال إلى صاحبه ( لسان العرب - قضي - ج ١٥ ص ١٨٨ ).

(٣) تقاضى الدائن دينه: إذا طلبه من المدين، وقبضه منه ( لسان العرب - قضي - ج ١٥ ص ١٨٨ ).

٣ - نهج البلاغة ج ٣ ص ١١٠ رقم ٥٣.

٢٥٣

٦ -( باب أن من أمر الغير أن يشتري له، لم يجز له أن يعطيه من عنده وإن كان ما عنده خيرا مما في السوق، إلا أن لا يخاف أن يتهمه)

[١٥٢٨٣] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا سألك شرا ثوب، فلا تعطيه من عندك فإنها خيانة، ولو كان عندك أجود مما عند غيرك ».

الصدوق في المقنع: مثله(١) .

٧ -( باب أنه يستحب أن يأخذ ناقصا ويعطي راجحا، ويجب عليه الوفاء في الكيل والوزن)

[١٥٢٨٤] ١ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال للوازن: « زن وأرجح ».

قلت: قال المحقق الداماد في الرواشح(١) : الذي قال له النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « زن وأرجح » هو سويد بن قيس مصغرا - إلى أن قال - والحديث شائع عند العامة والخاصة، مبحوث عنه في كتب الأصول كالتلويح وغيره، يحتج به في كتب الفقه، قال شيخنا الفريد الشهيد أبو عبد الله محمد بن مكي نور الله ضريحه في الدروس في كتاب الهبة: وهبة المشاع جائزة وإن أمكنت قسمته، لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لمن باعه سراويل: « زن وأرجح » وهي هبة للراجح المشاع. قلت: « وأرجح » بهمزة القطع على صيغة الامر من باب الأفعال، أي زن من الفضة للقيمة وأرجح على قدر الثمن هبة لك، وقد كان الثمن الواقع عليه البيع درهمين.

__________________

الباب ٦

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

(١) المقنع ص ١٢٢.

الباب ٧

١ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٢٢٤ ح ١٠٩

(١) الرواشح السماوية ص ٨٣.

٢٥٤

٨ -( باب كراهة ربح الانسان على من يعده بالاحسان، وعدم جواز غبن المؤمن والمسترسل)

[١٥٢٨٥] ١ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة: ( عن سهل بن أحمد، عن محمد بن محمد بن الأشعث، عن موسى بن إسماعيل بن موسى بن جعفر )(١) عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : غبن المسترسل ربا ».

٩ -( باب كراهية الربح على المؤمن، إلا أن يشتري للتجارة، أو بأكثر من مائة درهم، واستحباب تقليل الربح والاقتصار على قوت يومه، وعدم تحريم الربح ولو على المضطر)

[١٥٢٨٦] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وروي: ربح المؤمن على أخيه ربا، إلا أن يشتري منه شيئا بأكثر من مائة درهم، فيربح فيه قوت يومه، أو يشتري متاعا للتجارة، فيربح عليه ربحا خفيفا ».

١٠ -( باب استحباب ابتداء صاحب السلعة بالسوم، وكراهة السوم ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس)

[١٥٢٨٧] ١ - البحار، عن كتاب الإمامة والتبصرة لعلي بن بابويه: عن الحسن بن حمزة العلوي، عن علي بن محمد بن أبي القاسم، عن أبيه، عن هارون بن

__________________

الباب ٨

١ - البحار ج ١٠٣ ص ١٠٤ ح ٥٧، بل عن جامع الأحاديث ص ١٩.

(١) السند في جامع الأحاديث كالآتي: « عن أحمد بن علي، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن النوفلي، عن السكوني، عن جعفر بن محمد ».

الباب ٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

الباب ١٠

١ - البحار ج ١٠٣ ص ١٣٦ ح ٥ بل عن جامع الأحاديث ص ١٦.

٢٥٥

مسلم، عن مسعدة بن صدقة، عن الصادق، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صاحب السلعة أحق بالسوم(١) ».

١١ -( باب استحباب مبادرة التاجر إلى الصلاة في أول وقتها، وكراهة اشتغاله بالتجارة عنها)

[١٥٢٨٨] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإذا كنت في تجارتك وحضرت الصلاة، فلا يشغلك عنها متجرك، فإن الله وصف قوما ومدحهم فقال:( رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ ) (١) وكان هؤلاء القوم يتجرون، فإذا حضرت الصلاة تركوا تجارتهم وقاموا إلى صلاتهم، وكانوا أعظم أجرا ممن لا يتجر فيصلي ».

[١٥٢٨٩] ٢ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن أبي أمامة الباهلي - في حديث طويل اختصرناه - أنه قال: إن ثعلبة بن حاطب الأنصاري أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله، ادع الله ان يرزقني مالا، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ويحك يا ثعلبة، اذهب واقنع بها عندك، فان الشاكر أحسن ممن له مال كثير لا يشكره » فذهب ورجع بعد أيام وقال: يا رسول الله، ادع الله تعالى أن يعطيني، مالا، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أليس لك بي أسوة! فإني بعزة عرش الله، لو شئت لصارت جبال الأرض لي ذهبا وفضة » فذهب ثم رجع فقال: يا رسول الله، سل الله تعالى أن يعطيني مالا، فإني أؤدي حق الله، وأؤدي حقوقا،

__________________

(١) سامني الرجل بسلعته سوما: وذلك حين يذكر هو ثمنها ( لسان العرب - سوم - ج ١٢ ص ٣١٠ ).

الباب ١١

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٣٣.

(١) النور ٢٤: ٣٧.

٢ - تفسير أبي الفتوح ج ٢ ص ٦١٣.

٢٥٦

وأصل به الرحم، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « اللهم اعط ثعلبة مالا» وكان لثعلبة غنيمات، فبارك الله فيها حتى تتزايد كما تزايد النمل، فلما كثر ماله كان يتعاهده بنفسه، وكان قبله يصلي الصلوات الخمس في المسجد، مع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فبنى مكانا خارج المدينة لأغنامه، فصار يصلي الظهر والعصر مع الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصلاة الصبح والمغرب والعشاء في ذلك المكان، ثم زادت الأغنام فخرج إلى دار كبير بعيد عن المدينة، فبنى مكانا فذهب منه الصلوات الخمس، والصلاة في المسجد، والجماعة، والاقتداء بالرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان يأتي المسجد يوم الجمعة لصلاة الجمعة، فلما كثر ماله ذهب منه صلاة الجمعة، فكان يسأل عن أحوال المدينة ممن يمر عليه، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « ما صنع ثعلبة؟» قالوا: يا رسول الله، إن له أغناما لا يسعها واد، فذهب إلى الوادي الفلاني، وبنى فيه منزلا وأقام فيه، فقال الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله : « يا ويح ثعلبة، يا ويح ثعلبة!» ثلاثا، الخبر طويل، وفيه سوء عاقبته، وامتناعه من الزكاة.

[١٥٢٩٠] ٣ - القطب الراوندي في لب اللباب: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه جاءت إليه امرأة بشئ فقالت: هاك هذا حلال من كسب يدي، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا كان الأذان وفي يدك فضل، تقولين: حتى أفرغ منه، ثم أتوضأ وأصلي »، قالت: نعم، قال: « فليس كما قلت ».

[١٥٢٩١] ٤ - ورام بن أبي فراس في تنبيه الخاطر: قال: جاء في تفسير قوله تعالى:( رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّـهِ ) (١) إلا أنهم كانوا

__________________

(٣) لب اللباب: مخطوط.

٤ - تنبيه الخاطر ج ١ ص ٤٣.

(١) النور ٢٤: ٣٧.

٢٥٧

حدادين وخرازين، وكان أحدهم إذا رفع المطرقة أو غرز الأشفى(٢) ، فيسمع الأذان لم يخرج الأشفى(٣) من المغزر، ولم يضرب بالمطرقة، ورمى بها وقام إلى الصلاة.

١٢ -( باب استحباب تعلم الكتابة والحساب، وآداب الكتابة)

[١٥٢٩٢] ١ - علي بن إبراهيم في تفسيره: في قوله تعالى:( اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ) (١) يعني علم الناس الكتابة، التي تتم بها أمور الدنيا والآخرة، في مشارق الأرض ومغاربها.

[١٥٢٩٣] ٢ - الشيخ أبو الفتوح الرازي في تفسيره: عن عبد الله بن عمر، ما معناه أنه قال: قلت لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يمكن إلا أن أكتب ما أسمعه منك من الأحاديث لئلا أنساه، فقال: « لا بأس، أكتب، فإن الله علم بالقلم - قال - والقلم من الله نعمة عظيمة، ولولا القلم لم يستقم الملك والدين، ولم يكن عيش صالح ».

[١٥٢٩٤] ٣ - توحيد المفضل: برواية محمد بن سنان، عنه، عن الصادقعليه‌السلام ، قال: قال: « تأمل يا مفضل، ما أنعم الله تقدست أسماؤه(١) من هذا النطق(٢) الذي يعبر به عما في ضميره - إلى أن قال - وكذلك الكتابة التي بها تقيد أخبار الماضين للباقين، وأخبار الباقين للآتين،

__________________

(٢) كان في الأصل الأشقا والظاهر أنه تصحيف، والاشفى: وهو المخرز أو المثقب الذي يستعمل لخياطة الجلود. ( لسان العرب ج ١٤ ص ٤٣٨ ).

(٣) كان في الأصل الأشقا والظاهر أنه تصحيف، والاشفى: وهو المخرز أو المثقب الذي يستعمل لخياطة الجلود. ( لسان العرب ج ١٤ ص ٤٣٨ ).

الباب ١٢

١ - تفسير القمي ج ٢ ص ٤٣٠.

(١) العلق ٩٦: ٣ و ٤.

٢ - تفسير أبي الفتوح الرازي ج ٥ ص ٥٥٦.

٣ - توحيد المفضل ص ٧٩.

(١) في المصدر زيادة: به على الانسان.

(٢) في المصدر: المنطق.

٢٥٨

وبها تخلد الكتب في العلوم والآداب وغيرها، وبها يحفظ الانسان ذكر ما يجري بينه وبين غيره من المعاملات والحساب، ولولاه لانقطع أخبار بعض الأزمنة عن بعض، وأخبار الغائبين عن أوطانهم، ودرست العلوم وضاعت الآداب، وعظم ما يدخل على الناس من الخلل في أمورهم، ومعاملاتهم، وما يحتاجون إلى النظر فيه من أمر دينهم، وما روي لهم مما لا يسعهم جهله، ولعلك تظن أنها مما يخلص إليه بالحيلة والفطنة، وليست مما أعطيه الانسان من خلقه وطباعه - إلى أن قال - فأصل ذلك فطرة البارئ عز وجل، وما تفضل به على خلقه، فمن شكر أثيب، ومن كفر فإن الله غني عن العالمين» .

[١٥٢٩٥] ٤ - السيوطي في طبقات النحاة: وجماعة آخرون في ترجمة محمد بن يعقوب صاحب القاموس، أنه سئل بالروم عن قول علي بن أبي طالبعليه‌السلام لكاتبه: « الصق روانفك(١) بالجبوب(٢) ، وخذ المزبر(٣) بشناترك(٤) ، واجعل حندورتيك(٥) إلى قيهلي(٦) ، حتى لا أنغى نغية(٧) إلا أودعتها حماطة(٨) جلجلانك(٩) » ما معناه؟ فقال: الزق عضرطتك(١٠) بالصلة(١١) ، وخذ المصطر(١٢) بأباخسك(١٣) ، واجعل حجمتيك(١٤) إلى أثعبان(١٥) ، حتى لا أنبس نبسة(١٦) إلا وعيتها في لمظة(١٧) رباطك(١٨) .

__________________

٤ - السيوطي في طبقات النحاة: ج ١ ص ٢٧٤.

(١) الروانف: المقعدة. (١١) الصلة: الأرض.

(٢) الجبوب: الأرض. (١٢) المصطر: القلم.

(٣) المزبر: القلم. (١٣) الأباخس: الأصابع.

(٤) الشناتر: الأصابع. (١٤) الحجمة: العين.

(٥) الحندورة: الحدقة. (١٥) الا ثعبان: الوجه.

(٦) القيهل: الوجه. (١٦) النبسة: النغمة.

(٧) النغية: النغمة. (١٧) اللمظة: النكتة السوداء

(٨) الحماطة: سوداء القلب. بياض ( من الأضداد ).

(٩) الجلجلان: القلب. (١٨) الرباط: القلب. ( القاموس المحيط ج ١ ص ٩ ).

(١٠) العضرط: الاست.

٢٥٩

١٣ -( باب استحباب كناية كتاب عند التعامل والتداين)

[١٥٢٩٦] ١ - العياشي في تفسيره: عن أبي حمزة الثمالي، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « إن الله تبارك وتعالى أهبط(١) ظللا من الملائكة على آدم [ وهو ](٢) بواد يقال له: الروحاء، وهو واد بين الطائف ومكة، ثم صرخ بذريته وهم ذر، قال: فخرجوا كما يخرج النمل(٣) من كورها، فاجتمعوا على شفير الوادي، فقال الله: يا آدم هؤلاء ذريتك، أخرجتهم من ظهرك، إلى أن قال: ثم عرض الله على آدم أسماء الأنبياء وأعمارهم، قال: فمر آدم باسم داود النبيعليه‌السلام ، فإذا عمره سبعون(٥) سنة، فقال: يا رب، ما أقل عمر داود وأكثر عمري! يا رب، إن أنا زدت داود من عمري ثلاثين سنة، أينفذ ذلك له؟ قال: نعم(٦) ، قال: فإني قد زدته من عمري ثلاثين سنة، فأنفذ ذلك له وأثبتها له عندك، واطرحها من عمري، قال: فأثبت الله لداود من عمره ثلاثين سنة - إلى أن قال - فلما دنا عمر آدم هبط عليه ملك الموت ليقبض روحه، فقال له آدم: يا ملك الموت، قد بقي من عمري ثلاثون سنة، فقال له ملك الموت: ألم تجعلها لابنك داود النبي، وطرحتها من عمرك؟ حيث عرض الله عليك أسماء الأنبياء من ذريتك، وعرض عليك أعمارهم، وأنت يومئذ بوادي

__________________

الباب ١٣

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٢١٨ - ٢١٩.

(١) في المصدر زيادة: إلى الأرض.

(٢) أثبتناه من المصدر.

(٣) في الطبعة الحجرية: النحل، وما أثبتناه من المصدر.

(٤) في المصدر زيادة: آدم.

(٥) في المصدر: أربعون.

(٦) في المصدر زيادة: يا آدم.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

إنَّ ناساً كهؤلاء لا يُستعان بهم في سبيل الله

كان أبو جعفر (محمد بن القاسم العلوي) مِن أبناء رسول الله، ويصل نسبه مِن جانب أبويه في ثلاثة أظهر إلى الإمام السجاد (عليه السلام).

كان عالماً فقيهاً مؤمناً حُرَّاً شجاعاً، وكان يسكن الكوفة ويواصل نشاطه ضِدَّ حكومة المُعتصم العباسي الظالمة، وعندما عزمت سُلطات الحُكم على القضاء عليه، اضطرَّ إلى ترك الكوفة إلى أرض خراسان الواسعة.

هناك ظلَّ زماناً ينتقل مِن مدينة إلى أُخرى، حتَّى انتهى به الأمر إلى المقام في مدينة (مرو) حيث راح يُحرِّض الناس على حُكم المُعتصم، فتجمَّع حوله الناس المظلومون والمحرومون، وبايعه في فترة قصيرة أربعون ألف شخصٍ.

وفي إحدى الليالي جمع الجُند ليتحدَّث إليهم عن الانتفاضة، وليعدهم لمواجهة جنود المُعتصم، وقبل أنْ يُباشر الكلام ويشرح برنامجه للجند طرق سمعه صوت رجل يبكي، فعجب لذلك وسأل عن الباكي والسبب.

فظهر بعد التحقيق أنَّ أحد الجنود قد انتزع مِن أحدهم بساطه بالقوَّة، فأخذ هذا يبكي بصوت مُرتفع، فاستدعى محمد بن القاسم الجندي، وسأله عمَّا دفعه إلى القيام بذلك الأمر القبيح؟

فقال الجندي: لقد بايعناك لكي نتمكَّن مِن أخذ ما نشاء مِن أموال الناس، وأنْ نفعل ما نُريد!

فأمر محمد بإرجاع البساط إلى صاحبه، وحلَّ الجُند قائلاً: إنَّ ناساً كهؤلاء لا يُمكن أنْ يُستعان بهم في سبيل دين الله (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨١

صلَّى فأعجبني وصام فرامني

قد يسعى أشخاص خبُثت قلوبهم لنيل السُّمعة الحسنة، مِن أجل الوصول إلى أهدافهم غير المشروعة عن طريق إلقاء شباك الغِشِّ والرياء، ولبس لبوس المُتديِّنين الصادقين، والتظاهر بالتعبُّد الكاذب الخادع؛ ليتمكَّنوا مِن اجتلاب ثقة الناس واطمئنانهم؛ فيكون ذلك وسيلة لهم للاعتداء على أموال الناس وحقوقهم.

يُقال: إنَّ إعرابيَّاً دخل المسجد، فرأى رجلاً يُصلِّي بخشوع وخضوع فأعجبه ذلك فقال له: نِعْمَ ما تُصلِّي!

قال: وأنا صائم، فإنَّ صلاة الصائم بضعف صلاة المُفطر!

فقال له الأعرابي: احفَظ عليَّ ناقتي هذه، فإنَّ لي حاجة حتى أقضيها.

فخرج الأعرابي لحاجته فركب المُصلِّي الناقة وخرج، فلمَّا قضى الأعرابي حاجته رجع فلم يجد الرجل ولا الناقة، وطلبه فلم يقدر عليه فخرج وهو يقول:

صلَّى فأعجبني وصام فرامني * نَحِّ القلوص عن المُصلِّي الصائم (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨٢

جزاء مَن استودِع ثمَّ جَحد

حُكي أنَّه قَدِم رجل إلى بغداد ومعه عِقد يُساوي ألف دينار فأراد بيعه فلم يتَّفق، فجاء إلى عطَّار موصوف بالخير والديانة فأودع العِقد عنده، وحَجَّ وأتى بهديَّة للعطَّار وسلَّم عليه، فقال العطَّار له: مَن أنت؟ ومَن يعرفك؟

فقال: أنا صاحب العقد!

فلمَّا كلَّمه رفسه وألقاه عن دُكَّانه فاجتمع الناس وقالوا:

ويلك! هذا الرجل صالح، فما وجدت مَن تُكذِّب عليه إلاَّ هذا!

تحيَّر الحاجُّ وتردَّد إليه فما زاده إلاَّ شتماً وضرباً، فقيل له: لو ذهبت إلى عضد الدولة لحصل لك مِن فراسته خير.

فكتب قصَّته وجعلها على قَصبة وعرضها عليه، فقال عضد الدولة له: ما شأنك؟

فقصَّ عليه فقال عضد الدولة: اذهب غداً واجلس في دُكَّان العطَّار ثلاثة أيَّام، حتَّى أمرَّ عليك في اليوم الرابع، فأُسلِّم عليك فلا ترُدَّ عليَّ إلاَّ السلام، فإذا انصرفت أعد عليه ذِكر العِقد، ثمَّ أعلمني بما يقول لك.

ففعل الحاجُّ ذلك، فلمَّا كان في اليوم الرابع جاء عضد الدولة في موكبه العظيم، فلمَّا رأى الحاجُّ وقف وقال: السلام عليكم.

فقال الحاجُّ: وعليكم السلام، ولم يتحرَّك.

فقال: يا أخي، تَقدِم مِن العراق ولا تأتينا ولا تعرض علينا حوائجك؟

فقال له: ما اتَّفق هذا. ولم يزده على ذلك شيئاً.

هذا والعسكر واقف بكماله؛ فانذهل العطَّار وأيقن بالموت، فلمَّا انصرف عضد

٣٨٣

الدولة التفت العطَّار إلى الحاجِّ، وقال له: يا أخي، متى أودعتني هذا العِقد؟ وفي أيِّ شيء هو ملفوف؟ ذكِّرني لعلِّي أتذكَّر؟

فقال: مِن صفته كذا وكذا.

قام العطَّار وفتَّش ثمَّ فتح جُراباً وأخرج منه العِقد وقال:

الله أعلم أنَّني كنت ناسياً، ولو لم تُذكِّرني ما تذكَّرت.

فأخذ الحاجُّ العِقد ومضى إلى عضد الدولة فأعلمه، فعلَّقه في عُنق العطَّار وصلبه على باب دُكَّانه ونودي عليه هذا جزاء مَن استودِع ثمَّ جَحَد.

ثمَّ أخذ الحاجُّ العِقد ومضى إلى بلاده (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨٤

الله أحقُّ أنْ يُجار عائذه مِن محمَّد

استقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل مِن بني فهد، وهو يضرب عبداً له والعبد يقول: أعوذ بالله فلم يُقلِع الرجل عنه، فلمَّا أبصر العبد برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

قال: أعوذ بمحمد فأقلع عن ضربه.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

(يتعوَّذ بالله فلا تُعيذه! ويتعوَّذ بمحمَّدٍ فتُعيذه! والله أحقُّ أنْ يُجار عائذه مِن محمد).

فقال الرجل: هو حُرٌّ لوجه الله.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (والذي بعثني بالحقِّ نبيَّاً، لو لم تفعل لواقع وجهك حَرُّ النار).

٣٨٥

يُنقل عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنَّه قصَّ على أصحابه الحكاية التالية:

(كان لمسلم صديق غير مسلم يسكن في جواره، وكان المسلم لا يفتأ يُحدِّثه عن دين الإسلام الإلهي، ويُرغِّبه في اعتناق الإسلام حتَّى استجاب جاره له واعتنق الإسلام، فما كان مِن المسلم في اليوم التالي إلاَّ أنْ نهض عند طلوع الفجر إلى المسجد لأداء صلاة الصبح جماعة.

انتهت الصلاة وتفرَّق الناس تدريجيَّاً، فاقترح المسلم على صاحبه أنْ يَبقيا في المسجد، يذكران الله حتَّى طلوع الشمس.

وطلعت الشمس فاقترح عليه أنْ ينويا الصوم لذلك اليوم، ويبقيا في المسجد حتَّى الظهر ليُعلِّمه القرآن، وحان الظهر فصلَّيا الظهر، ومِن ثمَّ صلَّيا العصر جماعة.

وإذ همَّ الجار بالخروج مِن المسجد، اقترح عليه صاحبه أنَّ مِن الأفضل له أنْ يبقى في المسجد حتَّى أداء صلاتي المغرب والعشاء، وقام الجار الحديث الإسلام مُتعباً وقد فقد صبره، فيمَّم شطر بيته مع جاره المسلم، وفي فجر اليوم التالي نهض الجار المسلم عازماً تَكرار برنامج اليوم السابق، فجاء يطرق باب جاره ليَصحبه إلى المسجد، فخرج إليه الرجل وقال له:

اتركني وشأني؛ إنَّ دينك هذا صعب لا طاقة لي به) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨٦

رحم الله امرءاً عَرف قدره فوقف عنده

بن الهيثم مِن أشهر عُلماء القَرن الرابع الهجري، اختصَّ بالهندسة والرياضيَّات، وكان له إلمام بالعلوم العقليَّة والفلسفيَّة، وقد خلَّف مؤلَّفات ورسائل عديدة. كان يعيش في البصرة، ولكنَّ صدى شُهرته كان قد عمَّ الأرجاء، وكان حديث المحافل العلميَّة في كلِّ مكان.

كان حاكم مصر يومئذ رجلاً مُتعلِّماً ومُحبَّاً للعلوم، وكان يودُّ لو يجتمع بابن الهيثم عن قُرب ليستفيد مِن علمه. ولكنَّه لم يُوفَّق لذلك، وسمع يوماً أنَّ ابن الهيثم قال: لو كنت في مصر لبنيت سدَّاً على النيل لمنع إضراره بالناس عند طُغيانه ونقصانه، ففرح حاكم مصر بذلك وازداد تلهفُّاً لرؤية ابن الهيثم، فأرسل له سِرَّاً مصاريف سفره ورغَّب إليه أنْ يُسافر إلى مصر.

رحل ابن الهيثم مِن البصرة إلى مصر، وعند وصوله استقبله الحاكم خارج المدينة وأنزله بكلِّ احترام في الدار التي خصَّصها لسُكناه، وبعد بِضعة أيَّام مِن الاستراحة مِن وَعْثاء السفر جاء الحاكم لزيارته وذكَّره بوعده ببناء سَدٍّ على نهر النيل، فأعرب ابن الهيثم عن استعداده للوفاء بوعده، فتُقرِّر يوم مُعيَّن للسفر إلى حيث توجَد منطقة شلاَّل مُرتفع تصلح لإقامة السَّدِّ فيه.

وحلَّ اليوم الموعود وتوجَّه ابن الهيثم مع الحاكم، وعدد مِن المعمارين والعمَّال المَهرة، وجعلوا طريقهم على الأهرامات العجيبة والآثار العظيمة، التي شيَّدها المصريُّون القُدامى وفق حسابات هندسيَّة دقيقة، لكي يشهدها ابن الهيثم الذي بُهت لما رآه مِن الأعمال المُدهشة الرائعة، فاستقلَّ علمه وضعف أمله في استطاعته بناء سَدٍّ على النيل؛ إذ لو كان هذا مُمكناً عمليَّاً لما توانى عنه العلماء والمُهندسون المصريُّون في قديم الزمان. وعند وصولهم إلى حيث شلاَّل الماء في النيل راح

٣٨٧

ابن الهيثم يتفقَّد جوانب النيل وسواحله، ثمَّ اعترف بعجزه عن بناء السَّدِّ، واعتذر عن بنائه واعتذر عن الوعد الذي قطعه وعاد مع الآخرين إلى القاهرة.

رأى حاكم مصر أنْ لا يُفلت فرصة وجود هذا العالم الكبير في بلده، فطلب إليه أنْ يبقى في مصر؛ ليعمل عنده في ديوان المكاتيب. ولكنَّ ابن الهيثم - الذي كان قد عرف طراز تفكير حاكم مصر ونفسيَّته - أصابه القلق لهذا الطلب؛ لأنَّه عرف في هذا الحاكم إنساناً حادَّ الطبع، سيِّء الأخلاق، مُتلوِّناً فظَّاً، يحب إراقة الدماء يغضب لأدنى حدث، ويُصدر أمره لأتفه سبب بقتل الناس الأبرياء، فمِن البديهي أنْ تكون الحياة مع مثل هذا الشخص محفوفة بالخطر المُحتَّم، ولكنَّه لخوفه اضطرَّ إلى إجابة الحاكم إلى ما يُريد، فاستوطن مصر وعمل في ديوان مكاتيب الحاكم.

مضت فترة على هذا المنوال، حيث كان ابن الهيثم يحضر في مَقرِّ عمله كلَّ يوم، ولكنْ لم يُفارقه القلق والخوف، ولم يغفل عن التفكير في طريقة ينجو بها بنفسه ويتحرَّر مِن هذا الهمِّ الدائم.

وأخيراً واتته الحيلة فتظاهر بالجنون، وإذ وصل خبر جنونه إلى الحاكم أمر بحَجره في بيته ووضع عليه مَن يُعنى به، وعهد بأمواله وأثاثه إلى مَن يوثَق بهم، وظلَّ ابن الهيثم في التظاهر بالجنون إلى أنْ مات الحاكم، وبعد أيَّام مِن موته استعاد ابن الهيثم عقله، وترك داره واختار سكناً بالقرب مِن الجامع الأزهر، واستعاد أمواله وانصرف مُطمئنَّ البال إلى التأليف والتصنيف، ولمَّا كان ذا خطٍّ جميل فقد انهمك في استنساخ بعض الكُتب العلميَّة يبيعها لإمرار معاشه.

حاكم مصر هذا لم يكن إنساناً مِن عامَّة الناس جاهلاً، بلْ كان مِن أهل العلم والمعرفة، مُؤهَّلاً للرئاسة وإدارة البلاد، ولكنَّه كان يفتقر إلى سلامة التفكير وصلاح الأخلاق، وكان يستعمل سلطته في أُمور غير مشروعة، ولهذا عاش الناس تحت حكمه عُرضة للخطر والإحساس بفُقدان الأمن؛ بحيث إنَّ عالماً مِثل ابن الهيثم اضطرَّ إلى التظاهر بالجنون للمُحافظة على حياته والخلاص مِن شَرِّه (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨٨

قد أخطأتَ بهذا خمس عشرة خطيئة

صار المأمون إلى دمشق سنة... وكان بشر بن الوليد الكندي قاضي المأمون ببغداد فضرب رجلاً قرف (١) بأنَّه شتم أبا بكر وعمر وأطافه على جَمل.

فلمَّا قَدِم المأمون مِن رحلة الشام، وسمع بما فعل بشر أحضر الفقهاء فقال: إنِّي نظرت في قضيَّتك يا بشر، فوجدتك قد أخطأت بهذا خمس عشرة خطيئة، ثمَّ أقبل على الفقهاء فقال: أفيكم مَن وقف على هذا؟

قالوا: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟

فقال: يا بشر، بم أقمت الحَدَّ على هذا الرجل؟

قال: بشتم أبي بكر وعمر.

قال: حضرك خصومه؟

قال: لا.

قال: فوكَّلوك؟

قال: لا.

قال: فللحاكم أنْ يُقيم حَدَّ القرفة بغير حضور خصم؟

قال: لا.

قال: وكنت تأمن أنْ يهب بعض القوم حصَّته فيبطل الحَدُّ؟

قال: لا.

قال: فأُمُّهما كافرتان أو مُسلمتان؟

قال: بلْ كافرتان.

قال: فيُقام في الكافرة حَدُّ المسلمة؟

قال: لا.

____________________

(١) قرفه بكذا نسبه إليه وعابه به.

٣٨٩

قال: فهبك فعلت هذا بما يجب لأبي بكر وعمر مِن الحقِّ، أفشهد عندك شاهدا عدلٍ؟

قال: قد زكي أحدهما.

قال: فيقام الحَدُّ بغير شاهدين عدلين؟

قال: لا.

قال: ثمَّ أقمت الحَدَّ في رمضان، فالحدود تُقام في شهر رمضان؟

قال: لا.

قال: ثمَّ جلدته وهو قائم، فالمحدود يُقام؟

قال: لا.

قال: ثمَّ شبحته بين العقابين فالمحدود يُشبح؟

قال: ثمَّ جلدته عُرياناً فالمحدود يُعرى؟

قال: لا.

قال: ثمَّ حملته على جمل فأطفته فالمحدود يُطاف به؟

قال: لا.

قال: ثمَّ حبسته بعد أنْ أقمت عليه الحَدَّ، فالمحدود يُحبس بعد الحَدِّ؟

قال: لا.

قال: لا يراني الله أبوء بإثمك وأُشاركك في جُرمك، خذوا عنه ثيابه وأحضروا المحدود ليأخذ حَقَّه منه.

فقال له مَن حضر مَن الفُقهاء: الحمد لله الذي جعلك عاملاً بحقوقه، عارفاً بأحكامه تقول الحَقَّ وتعمل به، وتأمر بالعدل وتؤدَّب مَن رغب عنه، إنَّ هذا - يا أمير المؤمنين - حاكم اجتهد فأخطأ، فلا تفضح به الحُكَّام وتهتك به القضاء، فأمر به فحُبس في داره حتَّى مات (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٠

الدنيا يومان: يومٌ لك ويومٌ عليك

وصل البرامكة على عهد هارون الرشيد إلى أوَجِّ العظمة والسُّلطة، كان جعفر البرمكي رئيس الحكومة، وللبرامكة الآخرين مقامات عالية فيها، وظلُّوا يحكمون البلاد الإسلاميَّة الواسعة سنين طوالاً، كان خلالها جميع أفراد هذه العائلة مِن الرجال والنساء، والشباب والشيوخ، والكبار والصغار مُتنعِّمين بكلِّ النعم ووسائل الراحة والسلطة.

ولكنَّهم في النهاية واجهوا تغيُّراً، فقُتل فريق منهم، وفَقَد الذين بقوا أحياءً كلَّ شيء وزالت دولتهم.

يقول محمد بن عبد الرحمان الهاشمي: زرت أُمِّي في عيد الأضحى، فرأيت امرأة رثَّة الثياب تجلس إليها تُحادثها، فسألتني أُمِّي أتعرف هذه المرأة؟

فقلت: لا.

قالت: هذه عبادة أُمُّ جعفر البرمكي!

اقتربت منها وحادثتها وأنا في عَجب مِن أمرها، وسألتها عمَّا مَرَّ بها مِن عجائب حوادث الزمان، فقالت:

يا ولدي، مَرَّ عليَّ عيد مثل هذا وأربع جوارٍ يخدمنني، وكنت أقول: إنَّ ولدي جعفراً لم يؤدِّ حَقِّي في الجواري اللواتي أوقفهنَّ على خدمتي، واليوم أيضاً يوم عيد يَمرُّ عليَّ، وأنا أتمنَّى جِلدَي شاةٍ أفترش واحداً وأتغطَّى بآخر.

يقول محمد الهاشمي: فدفعت لها خمسمئة درهم، ففرحت فرحاً شديداً كاد أنْ يُهلكها (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩١

ألا كلُّ شيء ما خلا الله هالك

أرسل مُعاوية عبد الرحمان بن زياد عاملاً له على خراسان، فجمع خلال حُكمه أموالاً طائلة، فقال يوماً لكاتبه: ويلك! لست أدري كيف يغشاني النوم وعندي كلُّ هذه الأموال؟! فسأله الكاتب: كمْ هي؟

فقال: عددت ما عندي فعلمت أنِّي إذا صرفت كلَّ يوم ألف درهم كفاني مِئة سنة، فقال الكاتب: أيُّها الأمير أنام الله عينيك، لا أعجب مِن أنَّك تنام ولك هذه الأموال، بلْ أعجب إذا غمضت عيناك بعد أنْ تذهب منك.

ثمَّ لم يلبث طويلاً حتَّى ذهب كلُّ ذلك المال؛ فقد استدان بعضهم بعضه ولم يُعيدوه، وأنكر بعضٌ آخر أنَّه استأمنهم على البعض الآخر، وسرق خَدَمه وحَشمه ما لم يسرقه الآخرون، حتَّى بلغ به الأمر إلى أنَّه باع ما عنده مِن أدوات فضِّيَّة، وكان يركب حماراً صغيراً فتخطُّ رُجلاه الأرض، رآه يوماً مالك بن دينار وسأله: أين الأموال التي كنت تذكرها كثيراً؟

فأجابه: يا أبا يحيى، كلُّ شيء سوى ذات الله تعالى إلى فناء (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٢

لاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ

عندما أُحضر الإمام زين العابدين مع سبابا أهل البيت (عليهم السلام) إلى مجلس يزيد جرى كلام بينه وبين يزيد، كان منه أنَّ يزيد قال:

يا علي بن الحسين: ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ... ) (الشورى: ٣٠).

فقال علي بن الحسين (عليه السلام): كلاَّ! ما هذه فينا نزلت، إنَّما نزلت فينا: ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لكَيلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) (الحديد: ٢٢ - ٢٣) فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا مِن الدنيا ولا نفرح بما أتانا منها.

كان يزيد يُريد أنْ يعزو حادثة كربلاء الدمويَّة، وما أصاب أهل البيت فيها إلى أعمالهم، وأنَّه بريءٌ مِن دمهم بحسب مفهوم الآية التي قرأها، ولكنَّ الإمام ردَّ فِريته ودحضها (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٣

أحبُّكما إليَّ أحسنكما خُلقاً

روي أنَّ يحيى بن زكريَّا (عليه السلام) لقي عيسى ابن مريم، فتبسَّم عيسى في وجهه.

فقال يحيى: (ما لي أراك لاهياً كأنَّك آمن؟!).

فقال عيسى: (ما لي أراك عبساً كأنَّك آيس).

فقالا: (لا نبرح حتَّى ينزل علينا وحي!).

فأوحى الله تعالى إليهما: (أحبُّكما إليَّ أحسنكما خُلقاً).

وعن الإمام علي (عليه السلام) قال: (بُشر المؤمن في وجهه وحزنه في قلبه) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٤

الله أكرم مِن أنْ يسلب امرءاً كريمتيه ثمَّ يعذبه

جاء رجل كفيف البصر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقال: يا رسول الله، أدعُ الله أنْ يكشف بصري.

قال: (إنْ أحببت أنْ أدعو فعسى أنْ يكشف بصرك، وإنْ شئت تلقاه ولا حساب عليك).

فقال: ألقاه ولا حساب عليَّ.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (الله أكرم مِن أنْ يسلب امرءاً كريمتيه ثمَّ يُعذِّبه) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٥

الله يَهب ويأخذ

كانت أُمُّ سليم مِن المؤمنات على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكذلك كان زوجها أبو طلحة مِن المسلمين الصادقين ومِن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، شارك في غزوات بدر وأُحد والخندق وغيرها.

وكان يسكن المدينة أيَّام السِّلم يقضي جانباً مِن وقته في العبادة، وفي تعلُّم المعارف الإسلاميَّة، ويقضي الجانب الآخر لكسب المعاش على قطعة أرض صغيرة.

أنجب هذان الزوجان ولداً، ولكنَّه أُصيب وهو صبيٌّ بمرض ألزمه الفراش، وانهمكت الأُمُّ في العناية به وتمريضه. وكان الأب عند عودته مِن العمل يعود ابنه المريض، ثم َّينصرف إلى حجرته لتناول طعامه والإخلاد إلى الراحة.

في عصر يوم مِن الأيَّام توفِّي الفتى أثناء غياب الأبِّ، فغطَّت الأُمُّ المؤمنة جسد ابنها دون أنْ تظهر الجزع عليه؛ ولكيلا تُزعج زوجها عند رجوعه ليلاً قرَّرت أنْ تُخفي عنه خبر موته في تلك الليلة، لذلك فإنَّه عندما دخل الدار وأراد عيادة ابنه حسب مألوفه منعته أُمُّ سليم مِن ذلك، قائلة اتركه نائماً براحة وسكون، وكان في لهجتها ما يشعر بأنَّ المرض قد خفَّ عنه، فاطمأنَّ قلبُه بعض الشيء خاصَّة وأنَّها هي أيضاً كانت هادئة مُطمئنَّة بحيث إنَّهما ناما سويَّة في تلك الليلة.

عند الصباح خاطبت أبا طلحة قائلة:

إذا أعار أحد شيئاً لجاره فاستعمله هذا بعض الوقت، فماذا عساك تقول إذا جاء صاحب الشيء يطلب حاجته فيأخذ المُستعير بالبُكاء والعويل لذهاب الشيء مِن يديه؟

قال أبو طلحة: هذا إنسان به جُنَّة؟

٣٩٦

فقالت أُمُّ سليم: إذنْ، علينا أنْ لا نكون مِمَّن بهم جُنَّة، فقد أخذ الله أمانته وتوفِّي ابننا، فاصبر على المُصيبة وأسلم لقضاء الله وهيَّئ الجنازة للدفن.

فأتى أبو طلحة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره الخبر، فتعجَّب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن أمرها ودعا لها، وقال: اللَّهمَّ بارك لهما في ليلتهما.

وحملت أُمُّ سليم مِن ليلتها ووُلِدَ لها ولد أسمته عبد الله، وربَّياه تربية دينيَّة سليمة، فعاش طاهراً ومات طاهراً، وكان عبيد الله بن أبي طلحة مِن أصحاب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٧

وكان الإنسان عَجولاً

كان (الحارث بن كلدة) مِن مشاهير الأطبَّاء في القَرن الأوَّل الهجري، وكانت له زوجة تُدعى (فارعة)، دخل فجر أحد الأيَّام عليها غرفتها فوجدها تسوُّك أسنانها، فاشمأزَّت منها نفسه، فطلَّقها هادماً بذلك حياته العائليَّة الحميمة.

وعندما سألته فارعة عن السبب الذي دعاه لتطليقها؟

قال لها: دخلت عليك فجراً فوجدتك تستاكين وكان هذا يعني أنَّك: إمَّا أنْ تكوني قد أكلت شيئاً لتوُّك، وامرأة بهذا النعم لا تليق بي، وإمَّا أنَّك بعد تناول طعامك في الليلة السابقة لم تستاكي فبقي شيء مِن الطعام بين أسنانك فأردت تنظيفها حينذاك، وامرأة على هذا القدر مِن الإهمال للأمور الصحيَّة لا تليق بي أيضاً كزوجة.

فردَّت عليه فارعة بهدوء وبرود قائلة: إنَّ سواكي أسناني فجر ذلك اليوم لم يكن لأيٍّ مِن السببين اللذين ذكرتهما، بلْ كنت أستخرج مِن بين أسناني ذرَّة مِن خيط السواك أحسست بها حينذاك.

لا شكَّ في أنَّ مقالة فارعة قد أخجلت زوجها أشدَّ الخَجل، بعد أنْ أدرك الخطأ الذي ارتكبه، فطلَّقها قبل أنْ يتثبَّت مِن حقيقة الأمر بتسرُّع وعَجلة، حارماً نفسه مِن دِفء الحياة العائليَّة.

وقد ندم على ما فعل، ولكنَّ القضاء كان قد حَلَّ أمام فارعة، فقد تركت زوجها العجول قصير النظر دون أنْ تأسَّف له وتزوَّجت غيره (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٨

التدبُّر قبل العمل يؤمنك مِن الندم

انتصر (معن بن زائدة) في الحرب الضروب التي وقعت على حدود مدينة كابل، فغنم الكثير وأسرَ العديد، وعسكر في (رخج) على مشارف كابل، حيث أنزل الجنود الأحمال وأراحوا الجياد مِن سروجها، وفجأة شاهدوا غباراً كثيفاً يرتفع إلى عنان السماء، فظنَّ معن أنَّ جيشاً مِن الأعداء يتقدَّم، فأمر بقتل جميع الأسرى فقتل بهذا الأمر نحو أربعة آلاف أسيراً.

يقول فرج بن زياد: إنَّني وأبي كنَّا مِن بين الأسرى، فأخفاني أبي تحت بعض أحداج الإبل. وقف أمامي قائلاً: إذا قتلت فقد أنجو أنا، ثمَّ لم يمض وقت طويل حتَّى تبيَّن أنَّ الغبار كان بسبب قطيع كبير مِن الحمر الوحشية، وهكذا قُتِل آلاف مِن الناس بسبب قرار مُتسرَّع غير مدروس، فذهب هؤلاء ضحايا العجلة الخرقاء.

قد تؤدِّي العَجلة - أحياناً - إلى إحاطة العقل بظلام كثيف، وتحويل الإنسان إلى كائن أعمى وأصمّ، بحيث لا يعود يُميِّز ما هو خير له مِمَّا هو شَرٌّ له.

عن الإمام علي (عليه السلام) أنَّه قال: (التدبير قبل العمل يؤمنك مِن الندم) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٩

بشِّر القاتل بالقتل ولو بعد حينٍ

كان (عبد الله الأفطس) مِن أحفاد الإمام السجَّاد (عليه السلام) رجلاً مؤمناً مُجاهداً ثوريَّاً، بذل جهوداً عظيمة لإنقاذ المُجتمع الإسلامي مِن نِير حُكم طُغاة بني العباس، فأمر هارون الرشيد بالقبض عليه وإرساله مخفوراً إلى بغداد، حيث ألقاه في السجن، وإذ طال أمدُ سجنه أخذ يزداد سَخطاً وغضباً، لما لحقه مِن الظلم والجور، فكتب رسالة إلى هارون الرشيد أسمعه فيها صرخات تظلمه في ألفاظ مِن الشتيمة والسُّباب.

فقرأ هارون الرسالة وقال: عبد الله الأفطس قد ضاق ذرعاً بالسجن، وبما يُعاني منه فيه مِن عذاب وتألُّم، فكتب إليَّ هذه الرسالة ليُثير غضبي فآمر بقتله وأُريحه مِن عذاب السجن، ولكنِّي لن أفعل ذلك أبداً، ثمَّ أحضر وزيره جعفراً البرمكي وأمره أنْ يقوم بنفسه بمُراقبة عبد الله وينقله إلى سجن آخر أوسع وأفضل.

صادف اليوم التالي عيد النوروز، وعندما جيء بعبد الله أمام جعفر البرمكي أخذ يُكرِّر ما كان قد كتبه في رسالته، مِن السُّباب والشتائم لهارون الرشيد ولحُكمه وحُكومته الجبَّارة، فغضب جعفر عند سماع تلك الشتائم فأمر فوراً بضرب عُنقه، فاحتزَّ رأسه وغسله ووضعه في طبق وأرسله إلى قصر الخليفة هارون مع سائر الهدايا، التي كان قد أعدَّها لتقديمها إليه بمُناسبة عيد النوروز، وإذ رفع هارون الغِطاء عن الطَّبق أثناء استعراضه الهدايا رأى رأس عبد الله الأفطس، فصرخ طالباً جعفراً البرمكي، وعند حضوره صاح في وجهه غاضباً: ويلك! لماذا قتلت عبد الله؟! كيف ترتكب هذا الخطأ الكبير؟!

فأجابه: لأنَّه شتم أمير المؤمنين.

فقال هارون: إنَّ قتل عبد الله مِن دون إذني أقبح بكثير مِن شتائم عبد الله!

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421