القصص التربوية

القصص التربوية13%

القصص التربوية مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: كتب الأخلاق
الصفحات: 421

القصص التربوية
  • البداية
  • السابق
  • 421 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 359679 / تحميل: 10435
الحجم الحجم الحجم
القصص التربوية

القصص التربوية

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

يفعل يوم دخوله، ويقول كما قال، ويدعو ( ويودع )(١) بما تهيأ من الوداع وينصرف ».

[١١٨٤٧] ٣ - الصدوق في الفقيه: إذا أردت ن تخرج من المدينة فائت موضع رأس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسلم عليه، ثم ائت المنبر وصل عنده على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ما استطعت، وداع لنفسك بما أحببت للدين والدنيا، ثم ارجع إلى قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والزق منكبك الأيسر على القبر قريبا من الأسطوانة ( التي دون الأسطوانة )(١) المخلقة عند رأس النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وصل ست ركعات أو ثمان ركعات واقرأ في كلّ ركعة الحمد وسورة واقنت في كلّ ركعتين، فإذا فرغت منها استقبلت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقلت مودعا له: صلى الله عليك، السلام عليك، لا جعله اله آخر تسليمي عليك، اللهم لا تجعله آخر العهد من زيارة قبر نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإن توفيتني قبل ذلك فإني أشهد(٢) أن لا إله إلا أنت، وأن محمدا عبدك ورسولك ».

[١١٨٤٨] ٤ - بعض نسخ الرضوي: « ثم إذا أردت أن تخرج من المدينة تودع قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، تفعل مثل ما فعلت في الأول، تسلم وتقول: اللهم لا تجعله آخر العهد مني من زيارة قبر نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله وحرمه فإني أشهد أن لا إله إلا أنت(١) في حياتي إن

__________________

(١) أثبتناه من المصدر.

٣ - الفقيه ج ٢ ص ٣٤٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المصدر زيادة: في مماتي على ما أشهد في حياتي.

٤ - بعض نسخ الفقه الرضوي، وعنه في البحار ج ٩٩ ص ٣٣٦.

(١) في المصدر: الله.

٢٠١

توفيتني قبل ذلك، وأن محمدا عبدك ورسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولا تودع القبر إلا وأنت قد اغتسلت أو أنت متوضئ إن لم يمكنك الغسل والغسل أفضل ».

١٢ -( باب وجوب احترام مكة والمدينة والكوفة، واستحبابسكناها والصدقة بها، وكثرة الصلاة فيها، والاتمام سفرا بها)

[١١٨٤٩] ١ - الشيخ الطوسي في أماليه: عن أحمد بن عبدون، عن علي بن محمد بن الزبير، عن علي بن الحسن بن فضال، عن العباس بن عامر، عن أحمد بن رزق الغمشاني، عن عاصم بن عبد الواحد المدني قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « مكة حرم الله(١) ، والمدينة حرم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والكوفة حرم علي بن أبي طالبعليه‌السلام إن علياعليه‌السلام حرم من الكوفة ما حرم إبراهيمعليه‌السلام من مكة، وما حرم محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله من المدينة ».

[١١٨٥٠] ٢ - دعائم الاسلام: روينا عن عليعليه‌السلام أنه خطب، فقال في خطبته: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثا، أو أوى محدثا، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا ».

[١١٨٥١] ٣ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال: « من أحدث في المدينة

__________________

الباب ١٢

١ - أمالي الطوسي ج ٢ ص ٢٨٤.

(١) في المصدر: إبراهيم.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٥.

٣ - دعائم الاسلام.

٢٠٢

حدثا أو آوى محدثا، فعليه لعنة الله، قيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام ما الحدث؟ قال: القتل(١) ».

[١١٨٥٢] ٤ - وعن عليعليه‌السلام أنه قال: « من خرج من المدينة رغبة عنها أبدله الله شرا منها ».

[١١٨٥٣] ٥ - السيد الرضي في الخصائص: عن أمير المؤمنينعليه‌السلام ، أنه قال في مدح الكوفة: « يا كوفة ما أطيبك وأطيب ريحك! »(١) .

[١١٨٥٤] ٦ - وفي نهج البلاغة: عنهعليه‌السلام قال: « كأني بك يا كوفة تمدين مد الأديم(١) العكاظي، تعركين(٢) بالنوازل، وتركبين الزلازل(٣) ، وإني لأعلم أنه ما أراد بك جبار سوءا إلا ابتلاه الله بشاغل، ورماه بقاتل ».

[١١٨٥٥] ٧ - الصدوق في العيون: عن محمد بن عمر بن سالم(١) ، عن

__________________

(١) سقط هذا الحديث من الطبعة الحجرية.

٤ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٦.

٥ - الخصائص ص ٨٩.

(١) سقط هذا الحديث من الطبعة الحجرية.

٦ - نهج البلاغة ج ١ ص ٩٣ ح ٤٦.

(١) الأديم: هو الجلد المدبوغ ( لسان العرب ج ١٢ ص ٩ ).

(٢) تعركين: عرك البعير جنبه بمرفقه: إذا دلكه فأثر فيه، وكأنه كناية عن التذلل للأعداء وتحمل الأذى من جهتهم ( مجمع البحرين ج ٥ ص ٢٨٢ ).

(٣) في المصدر: بالزلزال.

٧ - عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ٢ ص ٢٩١، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ٣٩٢ ح ٢٢.

(١) في المخطوط: أسلم، والصواب أثبتناه من المصدر. راجع معجم رجال الحديث ج ١٧ ص ٦٨.

٢٠٣

الحسن بن عبد الله بن محمد الرازي التميمي، عن أبيه، عن الرضا،، عن آبائهعليهم‌السلام قال: « ذكر عليعليه‌السلام الكوفة فقال: يدفع البلاء عنها كما يدفع عن أخبية(٢) النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

[١١٨٥٦] ٨ - وفي العلل: عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « الكوفة جمجمة العرب، ورمح الله تبارك وتعالى، وكنز الايمان ».

[١١٨٥٧] ٩ - حسن بن محمد بن الحسن القمي المعاصر للصدوق في تاريخ قم: عن عبد الواحد البصري، عن أبي وائل، عن عبد الله الليثي، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك قال: كنت ذات يوم جالسا عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله إذ دخل عليه علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، فقال: « ( إلي يا أبا الحسن ثم اعتنقه، وقبل ما بين عينيه، وقال: يا علي إن الله عز اسمه عرض ولايتك على السماوات فسبقت إليها السماء السابعة فزينها بالعرش، ثم سبقت إليها السماء الرابعة فزينها بالبيت المعمور، ثم سبقت إليها السماء الدنيا فزينها بالكواكب، ( ثم عرضها على الأرضين فسبقت إليه مكة فزينها بالكعبة )(١) ، ثم سبقت إليها المدينة فزينها بي ثم سبقت إليها الكوفة فزينها بك » الخبر.

__________________

(٢) أخبية: جمع خباء، وهو ما يعمل من الوبر أو الصوف أو الشعر، ويراد به مسكن الرجل أو داره ( مجمع البحرين ج ١ ص ١١٩ ).

٨ - علل الشرائع ص ٤٦٠.

٩ - تاريخ قم ص ٩٤.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٢٠٤

[١١٨٥٨] ١٠ - وعن محمد بن قتيبة الهمداني والحسن بن علي الكمشارجاني، عن علي بن النعمان، عن أبي الأكراد علي بن ميمون الصائغ(١) : عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن الله احتج بالكوفة على سائر البلاد، وبالمؤمنين من أهلها على غيرهم » الخبر.

[١١٨٥٩] ١١ - وعن الحسن بن يوسف، عن خالد بن أبي يزيد(١) ، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن الله اختار من جميع البلاد كوفة، وقم، وتفليس ».

[١١٨٦٠] ١٢ - وعن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد البرقي، عن سعد بن سعد الأشعري، عن جماعة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا عمت البلايا فالأمن في الكوفة ونواحيها من السواد » الخبر.

[١١٨٦١] ١٣ - وعن محمد بن سهل بن اليسع، عن أبيه، عن جده، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا فقد الامن من البلاد، وركب الناس على الخيول، واعتزلوا النساء والطيب، فالهرب الهرب قلت،

__________________

١٠ - تاريخ قم ص ٩٥.

(١) في المخطوط: عن أبي الأكراد عن ميمون الصائغ، وما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال. راجع معجم رجال الحديث ج ١٢ ص ٢٠٨.

١١ - تاريخ قم ص ٩٧.

(١) كذا في المخطوط، وفي المصدر: خالد أبي يزيد، والظاهر أن الصحيح: خالد بن يزيد، حيث عده الشيخ من أصحاب الإمام الصادق عليه‌السلام .

راجع رجال الطوسي ص ١٨٥ و ١٨٩، ومعجم رجال الحديث ج ٧ ص ٣٩.

١٢ - ١٣ تاريخ قم ص ٩٧.

٢٠٥

جعلت: فداك إلى أين؟ قال: إلى الكوفة ونواحيها » الخبر.

[١١٨٦٢] ١٤ - وعن يعقوب بن يزيد، عن أبي الحسن الكرخي، عن سليمان بن صالح قال: كنا ذات يوم عند أبي عبد اللهعليه‌السلام ، فذكر فتن بني عباس وما يصيب الناس منهم، فقلنا: جعلنا فداك فأين المفزع والمفر في ذلك الزمان؟ فقال: « إلى الكوفة وحواليها ».

[١١٨٦٣] ١٥ - وعن جماعة من أهل الري، أنهم دخلوا على أبي عبد اللهعليه‌السلام ، إلى أن قالوا: فقالعليه‌السلام : « إن لله حرما وهو مكة، وإن للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله حرما وهو المدينة، وإن لأمير المؤمنينعليه‌السلام حرما وهو الكوفة، وإن لنا حرما وهو بلدة قم » الخبر.

[١١٨٦٤] ١٦ - السيد الرضي في المجازات النبوية: قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : « أمرت بقرية تأكل القرى، تنفي الخبث كما ينفي الكير خبث الحديد ».

[١١٨٦٥] ١٧ - العياشي في تفسيره: عن بدر بن خليل الأسدي، عن رجل من أهل الشام قال: قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « أول بقعة عبد الله عليها ظهر الكوفة، لما أمر الله الملائكة أن يسجدوا لادم سجدوا على ظهر الكوفة ».

[١١٨٦٦] ١٨ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال:

__________________

١٤ - ١٥ - تاريخ قم ص ٩٧.

١٦ - المجازات النبوية ص ٣٣٠.

١٧ - تفسير العياشي ج ١ ص ٣٤ ح ١٨.

١٨ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥٤ ح ١٢٢.

٢٠٦

« اللهم أنك أخرجوني من أحب البقاع إلي، فأسكني أحب البقاع إليك، فأسكنه المدينة ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله في حق المدينة(١) : « لا يصبر على لأوائها(٢) وشدتها أحد الا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) : « إن الايمان لنازل على المدينة كما تنزل الحية إلى حجرها ».

[١١٨٦٧] ١٩ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « اللهم بارك لنا في شامنا، وبارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا، ( فقال: اللهم بارك لنا في شامنا، وبارك لنا في يمننا، قالوا: وفي نجدنا )(١) ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله : هناك الزلازل والفتن، وبها يطلع قرن الشيطان ».

قال صاحب العوالي في الحاشية: أراد بالشام هنا المدنية، وأراد باليمن مكة.

ومثله قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : « إذا جفاك زمنك شامك، شامك أو يمنك يمنك. يعني عليك بالمدينة ومكة. انتهى.

[١١٨٦٨] ٢٠ - وفيه عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال؟: « مكة حرم الله وحرم رسوله، الصلاة فيها بمائة ألف صلاة، والدرهم،

__________________

(١) نفس المصدر ج ١ ص ٤١٨ ح ١٢١.

(٢) اللاواء: ضيق المعيشة، وقيل: القحط ( لسان العرب ج ١٥ ص ٢٣٨ ).

(٣) نفس المصدر ج ١ ص ٤٢٩ ح ١٢٢.

١٩ - عوالي اللآلي ج ١ ص ١٥٤ ح ١٢٢.

(١) ما بين القوسين ليس في المصدر.

٢٠ - عوالي اللآلي ج ١ ص ٤٢٨ ح ١١٨.

٢٠٧

وروي بعشرة آلاف ».

[١١٨٦٨] ٢١ - وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إن المدينة لتنفي خبثها كما ينفي الكير خبث الحديد ».

وقالصلى‌الله‌عليه‌وآله (١) في مكة: « ما أطيبك من بلد، وأحبك إلي، ولولا أن قومي أخرجوني منك ما سكنت غيرك ».

[١١٨٧٠] ٢٢ - المسعودي في إثبات الوصية: في سياق قصة نوح، عن العالمعليه‌السلام أنه قال: « وعقد نوح في وسط المسجد قبة، فأدخل إليها أهله وولده و، ( المؤمنين )(١) - إلى أن قال - فسميت الكوفة قبة الاسلام بسبب تلك القبة ».

[١١٨٧١] ٢٣ - حسين بن حمدان في كتابه: في حديث المفضل الطويل، عن الصادقعليه‌السلام قال: « حدثني أبي الباقر عن جدي علي بن الحسين يرفعه إلى جدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنه قال: ( طينتنا من المدينة )(١) ، وطينة شيعتنا من الكوفة، وطينة أعدائنا من البصرة » الخبر.

[١١٨٧٢] ٢٤ - وقال الشيخ الطوسي في المصباح: ويستحب أن يقول في السجدة بين الأذان والإقامة: اللهم اجعل قلبي بارا، ( وعملي سارا،

__________________

٢١ - عوالي اللآلي ج ١. ص ٤٢٩ ح ١٢٣.

(١) نفس المصدر. ج ١ ص ١٨٦ ح ٢٦٠.

٢٢ - اثبات الوصية ص ٢٣.

(١) أثبتناه من المصدر.

٢٣ - الهداية ص ١١١ أ.

(١) في المصدر: طينة أبي من مدينة.

٢٤ - مصباح المتهجد ٢٨.

٢٠٨

وعيشي قارا(١) ، ورزقي دارا، واجعل لي عند قبر نبيك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله مستقرا وقرارا.

١٣ -( باب أن حرم المدينة من عائر إلى وعير، لا يعضد شجره ولا بأس بصيده، إلا ما صيد بين الحرتين)

[١١٨٧٣] ١ - دعائم الاسلام؟: عن عليعليه‌السلام قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : المدينة حرم ما بين عير إلى ثور. الخبر.

[١١٨٧٤] ٢ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام أنه قال: « ما بين لابتي المدينة حرم. فقيل له: طيرها كطير مكة؟ قال: « لا ولا يعضد(١) شجرها. قيل له: وما لابتاها؟ قال: « ما أحاطت به الحرة، حرم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يهاج صيدها، ولا يعضد شجرها ».

[١١٨٧٥] ٣ - بعض نسخ الرضوي: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : مكة حرم الله، حرمها إبراهيم، والمدينة حرمي ما بين لابتيها، لا يعضد شجرها، وما بين لابتيها، ما بين ظل عائر إلى ظل وعير، وليس صيدها كصيد مكة، بل يؤكل هذا ولا يؤكل ذاك ».

__________________

(١) ليس في المصدر.

الباب ١٣

١ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٥.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٩٦.

(١) العضد: القطع، أي لا يقطع شجرها ( مجمع البحرين ج ٣ ص ١٠٢ ).

٣ - بعض نسخ الفقه الرضويعليه‌السلام ص ٧٥.

٢٠٩

١٤ -( باب استحباب زيارة فاطمةعليه‌السلام ، وموضع قبرها)

[١١٨٧٦] ١ - السيد علي بن طاووس في الاقبال: عن كتاب المسائل وأجوبتها من الأئمةعليهم‌السلام ، فيما سئل عن مولانا علي بن محمد الهاديعليهما‌السلام ما هذا لفظه: أبو الحسن إبراهيم بن محمد الهمداني، قال: كتبت إليه: إن رأيت أن تخبرني عن بيت أمك فاطمةعليها‌السلام ، أهي في طيبة أو كما يقول الناس في البقيع؟ فكتب: « هي مع جدي ( صلوات الله عليه ) » قلت: وهذا النص كاف في أنها مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فنقول:

السلام عليك يا سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا والدة الحجج على الناس أجمعين، السلام عليك أيتها المظلومة الممنوعة حقها.

ثم قل: اللهم صل على أمتك، وابنه نبيك، وزوجة وصي نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صلاة تزلفها فوق زلفى عبادك المكرمين، من أهل السماوات وأهل الأرضين.

فقد روي أن من زارها بهذه الزيارة، واستغفر الله غفر الله له وأدخله الجنة.

وذكر ولده في كتاب زوائد الفوائد(١) : أن هذه الزيارة مختصة بيوم وفاتها، وهو الثالث من جمادى الآخرة، وقال: تصلي صلاة الزيارة أو صلاتها وهي ركعتان، تقرأ في كلّ ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد

__________________

الباب ١٤

١ - إقبال الاعمال ص ٦٢٣، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ١٨٩.

(١) زوائد الفوائد: مخطوط.

٢١٠

ستين مرة، وإن لم تستطع فصل ركعتين بالحمد والاخلاص، والحمد وقل يا أيها الكافرون، وإذ سلمت تقول: السلام عليك، وساق الزيارة مع اختلاف يسير.

[١١٨٧٧] ٢ - البحار، معن مصباح الأنوار: عن أمير المؤمنين، عن فاطمةعليها‌السلام قالت: « قال لي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا فاطمة من صلى عليك غفر الله له وألحقه بي حيث كنت من الجنة ».

[١١٨٧٨] ٣ - عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد: عن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أي مكان دفنت؟ فقال: « سأل رجل جعفرا عن هذه المسألة وعيسى بن موسى حاضر، فقال له عيسى: دفنت في البقيع، فقال الرجل: ما تقلو؟ فقال: قد قال لك، فقلت له: أصلحك الله وما أنا وعيسى بن موسى، أخبرني عن آبائك، فقالعليه‌السلام : دفنت في بيتها ».

١٥ -( باب استحباب النزول بالمعرس لمن مر به واردا من مكة، والصلاة فيه، والاضطجاع به ليلا كان أو نهارا، وعدم استحباب الغسل له)

[١١٨٧٩] ١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي: عن جعفر بن محمد بن شريح: عن ذريح المحاربي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال:

__________________

٢ - البحار ج ١٠٠ ص ١٩٤، عن مصباح الأنوار ص ٢٨٦.

٣ - قرب الإسناد ص ١٦١.

الباب ١٥

١ - كتاب محمد بن المثنى الحضرمي ص ٨٥

٢١١

سألته عن معرس رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بذي الحليفة، فقال: « عند المسجد ببطن الوادي، حيث يعرس الناس ».

١٦ -( باب استحباب زيارة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وكراهة تركها)

[١١٨٨٠] ١ - الشيخ المفيد في أماليه: عن أبي بكر محمد بن عمر الجعابي، عن أحمد بن محمد بن عقدة، عن الحسن بن علي بن الحسن، عن محمد بن الحسن، عن محمد بن سنان، عن عبيد الله القصباني، عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إن ولايتنا ولاية الله عز وجل التي لم يبعث نبي قط إلا بها، إن الله عز اسمه عرض ولايتنا على السماوات والأرض والجبال والأمصار، فلم تقبلها قبول أهل الكوفة، وإن إلى جانبهم لقبرا ما لقيه مكروب إلا نفس الله كربته، وأجاب دعوته، وقلبه إلى أهله مسرورا ».

[١١٨٨١] ٢ - السيد الرضي في الخصائص: عن الصادقعليه‌السلام عن آبائه عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « من زار علياعليه‌السلام بعد وفاته فله الجنة ».

[١١٨٨٢] ٣ - وعنهعليه‌السلام قال: « إن أبواب السماء لتفتح عند دعاء الزائر لأمير المؤمنينعليه‌السلام ».

[١١٨٨٣] ٤ - وعنهعليه‌السلام قال: « من ترك زيارة أمير المؤمنينعليه‌السلام لم ينظر الله إليه، ألا تزورون من تزوره الملائكة

__________________

١ - أمالي المفيد ص ١٤٢.

٢ - ٣ الخائص ص ٥.

٤ - الخصائص ص ٥.

٢١٢

والنبيونعليهم‌السلام ، إن أمير المؤمنينعليه‌السلام أفضل من كلّ الأئمة، وله مثل ثواب أعمالهم، وعلى قدر أعمالهم فضلوا ».

[١١٨٨٤] ٥ - عماد الدين الطبري في بشارة المصطفى: عن أبي علي ابن شيخ الطائفة، عن أبيه، عن المفيد، عن جعفر بن قولويه، عن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمد بن مسلم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « ما خلق الله خلقا أكثر من الملائكة، وأنه لينزل كلّ يوم ( وليلة )(١) سبعون ألف ملك فيأتون البيت المعمور فيطوفون به، فإذا هم طافوا به نزلوا فطافوا بالكعبة، فإذا طافوا بها(٢) أتوا قبر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فسلموا عليه، ثم اتوا قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام فسلموا عليه ثم أتوا قبر الحسينعليه‌السلام فسلموا عليه، ثم عرجوا وينزل مثلهم أبدا إلى يوم القيامة ».

وقالعليه‌السلام : « من زار أمير المؤمنينعليه‌السلام عارفا بحقه غير متجبر ولا متكبر، كتب الله له أجر مائة ألف شهيد، وغفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وبعث من الآمنين، وهون عليه الحساب، وتستقبله الملائكة، فإذا انصرف شيعوه إلى منزله، فإذا مرض عادوه، وإن مات تبعوه بالاستغفار إلى قبره ».

[١١٨٨٥] ٦ - الشيخ محمد بن المشهدي في مزاره: بإسناده إلى محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن

__________________

٥ - بشارة المصطفى ص ١٠٨.

(١) أثبتناه من المصدر.

(٢) في المخطوط: به: وما أثبتناه من المصدر.

٦ - مزار المشهدي ص ١٤، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ٢٦٢ ح ١٧

٢١٣

عمار قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « أتى أعرابي إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: يا رسول الله إن منزلي ناء عن منزلك، وإني أشتاقك وأشتاق إلى زيارتك، وأقدم فلا أجدك وأجد علي بن أبي طالبعليه‌السلام فيؤنسني بحديثه ومواعظه، وأرجع وأنا متأسف على رؤيتك.

فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : من زار علياعليه‌السلام فقد زارني، ومن أحبه فقد أحبني، ومن أبغضه فقد أبغضني، أبلغ قومك هذا عني، ومن أتاه زائرا فقد أتاني وأنا المجازي له يوم القيامة، وجبرئيل، وصالح المؤمنين ».

[١١٨٨٦] ٧ - السيد المرتضى في أجوبة المسائل الميافارقيات: وروي أن من زار أمير المؤمنينعليه‌السلام كانت له الجنة.

١٧ -( باب استحباب عمارة مشهد أمير المؤمنينعليه‌السلام ، ومشاهد الأئمةعليهم‌السلام وتعاهدها، وكثرة زيارتها)

[١١٨٨٧] ١ - السيد عبد الكريم بن طاووس في فرحة الغري: عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن أبي البركات بن(١) إبراهيم الصنعاني، عن الحسين بن رطبة، عن أبي علي ابن شيخ الطائفة، عن أبيه، عن المفيد، عن محمد بن أحمد بن داود، ( عن محمد بن علي بن المفضل،

__________________

٧ - أجوبة المسائل الميافارقيات ص ٥٨.

الباب ١٧

١ - فرحة العزي ص ٧٧.

(١) في المخطوط: عن، وما أثبتناه من المصدر ( راجع رياض العلماء ج ٣ ص ١٧٥ ).

٢١٤

عن الحسين بن محمد بن الفرزدق عن علي )(٢) بن موسى ( بن )(٣) الأحول، عن محمد بن أبي السري، عن عبد الله بن محمد البلوي، عن عمارة بن يزيد، عن أبي عامر التباني واعظ أهل الحجاز قال: اتيت أبا عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام وقلت له(٤) : ما لمن زار قبره - يعني أمير المؤمنينعليه‌السلام - وعمر تربته؟ قال: « يا أبا عامر حدثني أبي، عن أبيه عن جده الحسين بن علي، عن عليعليهم‌السلام أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال له: والله لتقتلن بأرض العراق وتدفن بها، قلت: يا رسول الله ما لمن زار قبورنا وعمرها وتعاهدها؟ فقال لي: يا أبا الحسن إن الله تعالى جعل قبرك وقبر ولدك بقاعا من بقاع الجنة، وعرصة من عرصاتها، وأن الله جعل قلوب نجباء من خلقه، وصفوة من عباد تحن إليكم، وتحتمل المذلة والأذى فيعمرون قبوركم، يكثرون زيارتها تقربا منهم إلى الله، ومودة منهم لرسوله، أولئك يا علي المخصوصون بشفاعتي، الواردون حوضي، هم زواري غدا في الجنة، يا علي من عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس، ومن زار قبوركم عدل ذلك ثواب سبعين حجة بعد حجة الاسلام، وخرج من ذنوبه حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه، فأبشر وبشر أوليائك ومحبيك من النعيم، وقرة العين بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ولكن حثالة من الناس يعيرون ( زوار قبوركم )(٥) كما

__________________

(٢) أثبتناه من المصدر، وهو الموافق لما في الوافي ( راجع معجم رجال الحديث ج ١٦ ص ٣٣٦ ).

(٣) أثبتناه من معجم رجال الحديث ج ١٦ ص ٣٣٦.

(٤) في المصدر زيادة: يا ابن رسول الله.

(٥) في المصدر: زواركم.

٢١٥

تعير الزانية بزنائها، أولئك شرار أمتي لا ( أنالهم الله )(٦) شفاعتي، ولا يردون حوضي ».

[١١٨٨٨] ٢ - وعن نصير الدين الطوسي، عن والده، عن القطب الراوندي، عن ذي الفقار بن معبد، عن شيخ الطائفة، عن المفيد، عن محمد بن أحمد بن داود، عن إسحاق بن محمد، عن أحمد بن زكريا بن طهمان، عن الحسن بن عبد الله بن المغيرة، عن علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله.

وبالإسناد عن محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن علي بن الفضل عن أبي أحمد إسحاق بن محمد المقرئ المنصوري، مولى المنصور عن أحمد بن زكريا بن طهمان، مثله.

[١١٨٨٩] ٣ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن عبد الله بن الفضل بن محمد بن هلال، عن سعيد بن محمد، عن محمد بن سلام الكوفي، عن أحمد بن محمد الواسطي، عن عيسى بن أبي شيبة القاضي، عن نوح بن دراج، عن قدامة بن زائدة عن أبيه، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، عن عمته زينب، عن أم أيمن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله - في حديث طويل - وفيه: أنه ذكر له جبرئيلعليه‌السلام قصة شهادة أبي عبد اللهعليه‌السلام - إلى أن قال - « ثم يبعث الله قوما من أمتك لا يعرفهم الكفار، ولم يشركوا في تلك الدماء بقول ولا فعل ولا نية، فيوارون أجسامهم، ويقيمون رسما لقبر سيد الشهداء بتلك البطحاء يكون علما

__________________

(٦) في نسخه: نالتهم، ( منه قده ).

٢ - فرحة الغري ص ٧٨.

٣ - كامل الزيارات ص ٢٦٥.

٢١٦

لأهل الحق، وسببا للمؤمنين إلى الفوز » الخبر.

[١١٨٩٠] ٤ - البحار: عن السيد محمد بن أبي طالب قال: قال المفيد بإسناده إلي أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: لما سار أبو عبد اللهعليه‌السلام من المدينة أتته أفواج من مسلمي الجن، إلى أن قالعليه‌السلام : « وإذا أقمت بمكاني فبماذا يبتلى هذا الخلق المتعوس؟ وبماذا يختبرون؟ ومن ذا يكون ساكن حفرتي بكربلا؟ وقد اختارها الله تعالى يوم دحو الأرض، وجعلها معقلا لشيعتنا، ويكون لهم أمانا في الدنيا والآخرة » الخبر.

ورواه(١) الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية بإسناده، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله.

١٨ -( باب استحباب زيارة آدم ونوح وإبراهيم مع أمير المؤمنينعليهم‌السلام )

[١١٨٩١] ١ - الشيخ المفيد (ره) في مزاره: عن صفوان قال: سألت الصادقعليه‌السلام : كيف نزور أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟ فقال: « يا صفوان، إذا أردت ذلك - وذكر -عليه‌السلام كيفية الزيارة وآدابها، إلى أن قالعليه‌السلام -: ثم عد إلى عند الرأس لزيارة آدمعليه‌السلام ، ونوحعليه‌السلام ، وقل في زيارة آدم:

السلام عليك يا صفي الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام

__________________

٤ - البحار ج ٤٤ ص ٣٣٠.

(١) الهداية ص ٤٤ أ.

الباب ١٨

١ - البحار ج ١٠٠ ص ٢٨٧.

٢١٧

عليك يا نبي الله، السلام عليك يا أمين الله، السلام يا خليفة الله في أرضه، السلام عليك يا أبا البشر، السلام عليك(١) وعلى روحك وبدنك، وعلى الطاهرين من ولدك وذريتك، صلاة لا يحصيها إلا هو، ورحمة الله وبركاته.

وقل في زيارة نوحعليه‌السلام :

السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا صفي الله، السلام عليك يا ولي الله، السلام عليك يا حبيب الله، السلام عليك يا شيخ المرسلين، السلام عليك يا أمين الله، في أرضه، صلوات الله وسلامه عليك وعلى روحك وبدنك، وعلى الطاهرين من ولدك، ورحمة الله وبركاته.

ثم صل ست ركعات ركعتان منها لزيارة أمير المؤمنينعليه‌السلام - إلى أن قال - وتهدي الأربع ركعات الأخرى إلى آدم ونوحعليهما‌السلام ».

[١١٨٩٢] ٢ - علي بن الحسين المسعودي في إثبات الوصية: وقد روي الناس مما أوصى - أي عليعليه‌السلام - إلى الحسنعليه‌السلام أن يحمل هو وأخوه الحسينعليهما‌السلام مقدم الجنازة، فإذا وقعت الجنازة حفرا في ذلك الموضع فإنهما يجدان خشبتين(١) كان نوحعليه‌السلام حفر هما(٢) له، فيدفناه فيها.

__________________

(١) في نسخة: سلام الله، ( منه قده ).

٢ - أثبات الوصية ص ١٣٢.

(١) في نسخة: خشبة.

(٢) في نسخة: حفرها.

٢١٨

[١١٨٩٣] ٣ - وروي أن الجنازة حملت إلى مسجد السهلة، ووحدت ناقة باركة هناك فحمل عليها وأقاموها وتبعوها، فلما وقفت بالغري وبركت، حفر في ذلك المكان فوجدت الخشبة المحفورة، فدفن فيها حسب ما أوصى، وأن آدم ونوحا وأمير المؤمنينعليهم‌السلام في قبر واحد.

[١١٨٩٤] ٤ - وروي في سياق قصة نوح ما لفظه: فقبض روحه، وتولى سام ابنه غسله ودفنه والصلاة عليه، وقبره في ظاهر الكوفة بالغري مع آدمعليهما‌السلام .

[١١٨٩٥] ٥ - الحسين بن حمدان الحضيني في الهداية: حدثني أحمد بن صالح، عن أبي هاشم داود بن القاسم الجعفري، عن أبي جعفر الإمامعليه‌السلام أن الصادقعليه‌السلام قال لشيعته بالكوفة وقد سألوه فضل الغريين، والبقعة التي دفن فيها أمير المؤمنينعليه‌السلام إلى أن قالعليه‌السلام : « وأما البقعة التي فيها أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فإن نوحا لما طافت السفينة في الطوفان حول الحرم بمكة، وقفت في جانب الركن اليماني، وهبط جبرئيل على نوح وقال: إن الله يأمرك أن تنزل ما بين السفينة والركن اليماني، فإذا استقرت قدماك على الأرض فابحث بيدك هناك، فإنك تستخرج تابوت أبيك آدم، فاحمله معك في السفينة، فإذا غاض الماء فادفنه بظهر النجف في الذكوات البيض من أرض الكوفة، فإنها بقعة له ولك ولعلي بن أبي طالب وصي حبيبي محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ففعل

__________________

٣ - إثبات الوصية ص ١٣٢.

٤ - إثبات الوصية ص ٢٣.

٥ - الهداية ص ١١ ب.

٢١٩

نوح ووصى ابنه أن يدفنه في البقعة مع التابوت الذي كان لآدم، فإذا زرتم مشهد أمير المؤمنينعليه‌السلام فزوروه على أنه مشهد آدم ونوح وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( صلوات الله ) عليهم أجمعين.

١٩ -( باب تأكد استحباب زيارة أمير المؤمنينعليه‌السلام يوم الغدير، وكثرة الصدقة فيه)

[١١٨٩٦] ١ - السيد علي بن طاووس في الاقبال: روى عدة من شيوخنا، عن أبي عبد الله محمد بن أحمد الصفواني من كتابه بإسناده إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا كنت في يوم الغدير في مشهد مولانا أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فادن من قبره بعد الصلاة والدعاء، وإن كنت في بعد منه فأوم إليه بعد الصلاة، وهذا الدعاء:

اللهم صل على وليك، وأخي نبيك ووزيره وحبيبه وخليله، وموضع سره وخيرته من أسرته، ووصيه وصفوته وخالصته وأمينه ووليه، وأشرف عترته الذين آمنوا به، وأبي ذريته، وباب حكمته، والناطق بحجته، والداعي إلى شريعته، والماضي على سنته، وخليفته على أمته، سيد المسلمين، وأمير المؤمنين، وقائد الغر المحجلين، أفضل ما صليت على أحد من خلقك وأصفيائك وأوصياء أنبيائك، اللهم إني أشهد أنه قد بلغ عن نبيكصلى‌الله‌عليه‌وآله ما حمل، ورعى ما استحفظ، وحفظ ما استودع، وحلل حلالك، وحرم حرامك، وأقام أحكامك، ودعا إلى سبيلك، ووالى أولياءك، وعادى أعداءك، وجاهد الناكثين عن سبيلك، والقاسطين والمارقين عن أمرك، صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر، لا تأخذه في الله لومة لائم،

__________________

الباب ١٩

١ - الاقبال ص ٤٩٣.

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

إنَّ ناساً كهؤلاء لا يُستعان بهم في سبيل الله

كان أبو جعفر (محمد بن القاسم العلوي) مِن أبناء رسول الله، ويصل نسبه مِن جانب أبويه في ثلاثة أظهر إلى الإمام السجاد (عليه السلام).

كان عالماً فقيهاً مؤمناً حُرَّاً شجاعاً، وكان يسكن الكوفة ويواصل نشاطه ضِدَّ حكومة المُعتصم العباسي الظالمة، وعندما عزمت سُلطات الحُكم على القضاء عليه، اضطرَّ إلى ترك الكوفة إلى أرض خراسان الواسعة.

هناك ظلَّ زماناً ينتقل مِن مدينة إلى أُخرى، حتَّى انتهى به الأمر إلى المقام في مدينة (مرو) حيث راح يُحرِّض الناس على حُكم المُعتصم، فتجمَّع حوله الناس المظلومون والمحرومون، وبايعه في فترة قصيرة أربعون ألف شخصٍ.

وفي إحدى الليالي جمع الجُند ليتحدَّث إليهم عن الانتفاضة، وليعدهم لمواجهة جنود المُعتصم، وقبل أنْ يُباشر الكلام ويشرح برنامجه للجند طرق سمعه صوت رجل يبكي، فعجب لذلك وسأل عن الباكي والسبب.

فظهر بعد التحقيق أنَّ أحد الجنود قد انتزع مِن أحدهم بساطه بالقوَّة، فأخذ هذا يبكي بصوت مُرتفع، فاستدعى محمد بن القاسم الجندي، وسأله عمَّا دفعه إلى القيام بذلك الأمر القبيح؟

فقال الجندي: لقد بايعناك لكي نتمكَّن مِن أخذ ما نشاء مِن أموال الناس، وأنْ نفعل ما نُريد!

فأمر محمد بإرجاع البساط إلى صاحبه، وحلَّ الجُند قائلاً: إنَّ ناساً كهؤلاء لا يُمكن أنْ يُستعان بهم في سبيل دين الله (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨١

صلَّى فأعجبني وصام فرامني

قد يسعى أشخاص خبُثت قلوبهم لنيل السُّمعة الحسنة، مِن أجل الوصول إلى أهدافهم غير المشروعة عن طريق إلقاء شباك الغِشِّ والرياء، ولبس لبوس المُتديِّنين الصادقين، والتظاهر بالتعبُّد الكاذب الخادع؛ ليتمكَّنوا مِن اجتلاب ثقة الناس واطمئنانهم؛ فيكون ذلك وسيلة لهم للاعتداء على أموال الناس وحقوقهم.

يُقال: إنَّ إعرابيَّاً دخل المسجد، فرأى رجلاً يُصلِّي بخشوع وخضوع فأعجبه ذلك فقال له: نِعْمَ ما تُصلِّي!

قال: وأنا صائم، فإنَّ صلاة الصائم بضعف صلاة المُفطر!

فقال له الأعرابي: احفَظ عليَّ ناقتي هذه، فإنَّ لي حاجة حتى أقضيها.

فخرج الأعرابي لحاجته فركب المُصلِّي الناقة وخرج، فلمَّا قضى الأعرابي حاجته رجع فلم يجد الرجل ولا الناقة، وطلبه فلم يقدر عليه فخرج وهو يقول:

صلَّى فأعجبني وصام فرامني * نَحِّ القلوص عن المُصلِّي الصائم (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨٢

جزاء مَن استودِع ثمَّ جَحد

حُكي أنَّه قَدِم رجل إلى بغداد ومعه عِقد يُساوي ألف دينار فأراد بيعه فلم يتَّفق، فجاء إلى عطَّار موصوف بالخير والديانة فأودع العِقد عنده، وحَجَّ وأتى بهديَّة للعطَّار وسلَّم عليه، فقال العطَّار له: مَن أنت؟ ومَن يعرفك؟

فقال: أنا صاحب العقد!

فلمَّا كلَّمه رفسه وألقاه عن دُكَّانه فاجتمع الناس وقالوا:

ويلك! هذا الرجل صالح، فما وجدت مَن تُكذِّب عليه إلاَّ هذا!

تحيَّر الحاجُّ وتردَّد إليه فما زاده إلاَّ شتماً وضرباً، فقيل له: لو ذهبت إلى عضد الدولة لحصل لك مِن فراسته خير.

فكتب قصَّته وجعلها على قَصبة وعرضها عليه، فقال عضد الدولة له: ما شأنك؟

فقصَّ عليه فقال عضد الدولة: اذهب غداً واجلس في دُكَّان العطَّار ثلاثة أيَّام، حتَّى أمرَّ عليك في اليوم الرابع، فأُسلِّم عليك فلا ترُدَّ عليَّ إلاَّ السلام، فإذا انصرفت أعد عليه ذِكر العِقد، ثمَّ أعلمني بما يقول لك.

ففعل الحاجُّ ذلك، فلمَّا كان في اليوم الرابع جاء عضد الدولة في موكبه العظيم، فلمَّا رأى الحاجُّ وقف وقال: السلام عليكم.

فقال الحاجُّ: وعليكم السلام، ولم يتحرَّك.

فقال: يا أخي، تَقدِم مِن العراق ولا تأتينا ولا تعرض علينا حوائجك؟

فقال له: ما اتَّفق هذا. ولم يزده على ذلك شيئاً.

هذا والعسكر واقف بكماله؛ فانذهل العطَّار وأيقن بالموت، فلمَّا انصرف عضد

٣٨٣

الدولة التفت العطَّار إلى الحاجِّ، وقال له: يا أخي، متى أودعتني هذا العِقد؟ وفي أيِّ شيء هو ملفوف؟ ذكِّرني لعلِّي أتذكَّر؟

فقال: مِن صفته كذا وكذا.

قام العطَّار وفتَّش ثمَّ فتح جُراباً وأخرج منه العِقد وقال:

الله أعلم أنَّني كنت ناسياً، ولو لم تُذكِّرني ما تذكَّرت.

فأخذ الحاجُّ العِقد ومضى إلى عضد الدولة فأعلمه، فعلَّقه في عُنق العطَّار وصلبه على باب دُكَّانه ونودي عليه هذا جزاء مَن استودِع ثمَّ جَحَد.

ثمَّ أخذ الحاجُّ العِقد ومضى إلى بلاده (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨٤

الله أحقُّ أنْ يُجار عائذه مِن محمَّد

استقبل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) رجل مِن بني فهد، وهو يضرب عبداً له والعبد يقول: أعوذ بالله فلم يُقلِع الرجل عنه، فلمَّا أبصر العبد برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

قال: أعوذ بمحمد فأقلع عن ضربه.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):

(يتعوَّذ بالله فلا تُعيذه! ويتعوَّذ بمحمَّدٍ فتُعيذه! والله أحقُّ أنْ يُجار عائذه مِن محمد).

فقال الرجل: هو حُرٌّ لوجه الله.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (والذي بعثني بالحقِّ نبيَّاً، لو لم تفعل لواقع وجهك حَرُّ النار).

٣٨٥

يُنقل عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنَّه قصَّ على أصحابه الحكاية التالية:

(كان لمسلم صديق غير مسلم يسكن في جواره، وكان المسلم لا يفتأ يُحدِّثه عن دين الإسلام الإلهي، ويُرغِّبه في اعتناق الإسلام حتَّى استجاب جاره له واعتنق الإسلام، فما كان مِن المسلم في اليوم التالي إلاَّ أنْ نهض عند طلوع الفجر إلى المسجد لأداء صلاة الصبح جماعة.

انتهت الصلاة وتفرَّق الناس تدريجيَّاً، فاقترح المسلم على صاحبه أنْ يَبقيا في المسجد، يذكران الله حتَّى طلوع الشمس.

وطلعت الشمس فاقترح عليه أنْ ينويا الصوم لذلك اليوم، ويبقيا في المسجد حتَّى الظهر ليُعلِّمه القرآن، وحان الظهر فصلَّيا الظهر، ومِن ثمَّ صلَّيا العصر جماعة.

وإذ همَّ الجار بالخروج مِن المسجد، اقترح عليه صاحبه أنَّ مِن الأفضل له أنْ يبقى في المسجد حتَّى أداء صلاتي المغرب والعشاء، وقام الجار الحديث الإسلام مُتعباً وقد فقد صبره، فيمَّم شطر بيته مع جاره المسلم، وفي فجر اليوم التالي نهض الجار المسلم عازماً تَكرار برنامج اليوم السابق، فجاء يطرق باب جاره ليَصحبه إلى المسجد، فخرج إليه الرجل وقال له:

اتركني وشأني؛ إنَّ دينك هذا صعب لا طاقة لي به) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨٦

رحم الله امرءاً عَرف قدره فوقف عنده

بن الهيثم مِن أشهر عُلماء القَرن الرابع الهجري، اختصَّ بالهندسة والرياضيَّات، وكان له إلمام بالعلوم العقليَّة والفلسفيَّة، وقد خلَّف مؤلَّفات ورسائل عديدة. كان يعيش في البصرة، ولكنَّ صدى شُهرته كان قد عمَّ الأرجاء، وكان حديث المحافل العلميَّة في كلِّ مكان.

كان حاكم مصر يومئذ رجلاً مُتعلِّماً ومُحبَّاً للعلوم، وكان يودُّ لو يجتمع بابن الهيثم عن قُرب ليستفيد مِن علمه. ولكنَّه لم يُوفَّق لذلك، وسمع يوماً أنَّ ابن الهيثم قال: لو كنت في مصر لبنيت سدَّاً على النيل لمنع إضراره بالناس عند طُغيانه ونقصانه، ففرح حاكم مصر بذلك وازداد تلهفُّاً لرؤية ابن الهيثم، فأرسل له سِرَّاً مصاريف سفره ورغَّب إليه أنْ يُسافر إلى مصر.

رحل ابن الهيثم مِن البصرة إلى مصر، وعند وصوله استقبله الحاكم خارج المدينة وأنزله بكلِّ احترام في الدار التي خصَّصها لسُكناه، وبعد بِضعة أيَّام مِن الاستراحة مِن وَعْثاء السفر جاء الحاكم لزيارته وذكَّره بوعده ببناء سَدٍّ على نهر النيل، فأعرب ابن الهيثم عن استعداده للوفاء بوعده، فتُقرِّر يوم مُعيَّن للسفر إلى حيث توجَد منطقة شلاَّل مُرتفع تصلح لإقامة السَّدِّ فيه.

وحلَّ اليوم الموعود وتوجَّه ابن الهيثم مع الحاكم، وعدد مِن المعمارين والعمَّال المَهرة، وجعلوا طريقهم على الأهرامات العجيبة والآثار العظيمة، التي شيَّدها المصريُّون القُدامى وفق حسابات هندسيَّة دقيقة، لكي يشهدها ابن الهيثم الذي بُهت لما رآه مِن الأعمال المُدهشة الرائعة، فاستقلَّ علمه وضعف أمله في استطاعته بناء سَدٍّ على النيل؛ إذ لو كان هذا مُمكناً عمليَّاً لما توانى عنه العلماء والمُهندسون المصريُّون في قديم الزمان. وعند وصولهم إلى حيث شلاَّل الماء في النيل راح

٣٨٧

ابن الهيثم يتفقَّد جوانب النيل وسواحله، ثمَّ اعترف بعجزه عن بناء السَّدِّ، واعتذر عن بنائه واعتذر عن الوعد الذي قطعه وعاد مع الآخرين إلى القاهرة.

رأى حاكم مصر أنْ لا يُفلت فرصة وجود هذا العالم الكبير في بلده، فطلب إليه أنْ يبقى في مصر؛ ليعمل عنده في ديوان المكاتيب. ولكنَّ ابن الهيثم - الذي كان قد عرف طراز تفكير حاكم مصر ونفسيَّته - أصابه القلق لهذا الطلب؛ لأنَّه عرف في هذا الحاكم إنساناً حادَّ الطبع، سيِّء الأخلاق، مُتلوِّناً فظَّاً، يحب إراقة الدماء يغضب لأدنى حدث، ويُصدر أمره لأتفه سبب بقتل الناس الأبرياء، فمِن البديهي أنْ تكون الحياة مع مثل هذا الشخص محفوفة بالخطر المُحتَّم، ولكنَّه لخوفه اضطرَّ إلى إجابة الحاكم إلى ما يُريد، فاستوطن مصر وعمل في ديوان مكاتيب الحاكم.

مضت فترة على هذا المنوال، حيث كان ابن الهيثم يحضر في مَقرِّ عمله كلَّ يوم، ولكنْ لم يُفارقه القلق والخوف، ولم يغفل عن التفكير في طريقة ينجو بها بنفسه ويتحرَّر مِن هذا الهمِّ الدائم.

وأخيراً واتته الحيلة فتظاهر بالجنون، وإذ وصل خبر جنونه إلى الحاكم أمر بحَجره في بيته ووضع عليه مَن يُعنى به، وعهد بأمواله وأثاثه إلى مَن يوثَق بهم، وظلَّ ابن الهيثم في التظاهر بالجنون إلى أنْ مات الحاكم، وبعد أيَّام مِن موته استعاد ابن الهيثم عقله، وترك داره واختار سكناً بالقرب مِن الجامع الأزهر، واستعاد أمواله وانصرف مُطمئنَّ البال إلى التأليف والتصنيف، ولمَّا كان ذا خطٍّ جميل فقد انهمك في استنساخ بعض الكُتب العلميَّة يبيعها لإمرار معاشه.

حاكم مصر هذا لم يكن إنساناً مِن عامَّة الناس جاهلاً، بلْ كان مِن أهل العلم والمعرفة، مُؤهَّلاً للرئاسة وإدارة البلاد، ولكنَّه كان يفتقر إلى سلامة التفكير وصلاح الأخلاق، وكان يستعمل سلطته في أُمور غير مشروعة، ولهذا عاش الناس تحت حكمه عُرضة للخطر والإحساس بفُقدان الأمن؛ بحيث إنَّ عالماً مِثل ابن الهيثم اضطرَّ إلى التظاهر بالجنون للمُحافظة على حياته والخلاص مِن شَرِّه (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٨٨

قد أخطأتَ بهذا خمس عشرة خطيئة

صار المأمون إلى دمشق سنة... وكان بشر بن الوليد الكندي قاضي المأمون ببغداد فضرب رجلاً قرف (١) بأنَّه شتم أبا بكر وعمر وأطافه على جَمل.

فلمَّا قَدِم المأمون مِن رحلة الشام، وسمع بما فعل بشر أحضر الفقهاء فقال: إنِّي نظرت في قضيَّتك يا بشر، فوجدتك قد أخطأت بهذا خمس عشرة خطيئة، ثمَّ أقبل على الفقهاء فقال: أفيكم مَن وقف على هذا؟

قالوا: وما ذاك يا أمير المؤمنين؟

فقال: يا بشر، بم أقمت الحَدَّ على هذا الرجل؟

قال: بشتم أبي بكر وعمر.

قال: حضرك خصومه؟

قال: لا.

قال: فوكَّلوك؟

قال: لا.

قال: فللحاكم أنْ يُقيم حَدَّ القرفة بغير حضور خصم؟

قال: لا.

قال: وكنت تأمن أنْ يهب بعض القوم حصَّته فيبطل الحَدُّ؟

قال: لا.

قال: فأُمُّهما كافرتان أو مُسلمتان؟

قال: بلْ كافرتان.

قال: فيُقام في الكافرة حَدُّ المسلمة؟

قال: لا.

____________________

(١) قرفه بكذا نسبه إليه وعابه به.

٣٨٩

قال: فهبك فعلت هذا بما يجب لأبي بكر وعمر مِن الحقِّ، أفشهد عندك شاهدا عدلٍ؟

قال: قد زكي أحدهما.

قال: فيقام الحَدُّ بغير شاهدين عدلين؟

قال: لا.

قال: ثمَّ أقمت الحَدَّ في رمضان، فالحدود تُقام في شهر رمضان؟

قال: لا.

قال: ثمَّ جلدته وهو قائم، فالمحدود يُقام؟

قال: لا.

قال: ثمَّ شبحته بين العقابين فالمحدود يُشبح؟

قال: ثمَّ جلدته عُرياناً فالمحدود يُعرى؟

قال: لا.

قال: ثمَّ حملته على جمل فأطفته فالمحدود يُطاف به؟

قال: لا.

قال: ثمَّ حبسته بعد أنْ أقمت عليه الحَدَّ، فالمحدود يُحبس بعد الحَدِّ؟

قال: لا.

قال: لا يراني الله أبوء بإثمك وأُشاركك في جُرمك، خذوا عنه ثيابه وأحضروا المحدود ليأخذ حَقَّه منه.

فقال له مَن حضر مَن الفُقهاء: الحمد لله الذي جعلك عاملاً بحقوقه، عارفاً بأحكامه تقول الحَقَّ وتعمل به، وتأمر بالعدل وتؤدَّب مَن رغب عنه، إنَّ هذا - يا أمير المؤمنين - حاكم اجتهد فأخطأ، فلا تفضح به الحُكَّام وتهتك به القضاء، فأمر به فحُبس في داره حتَّى مات (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٠

الدنيا يومان: يومٌ لك ويومٌ عليك

وصل البرامكة على عهد هارون الرشيد إلى أوَجِّ العظمة والسُّلطة، كان جعفر البرمكي رئيس الحكومة، وللبرامكة الآخرين مقامات عالية فيها، وظلُّوا يحكمون البلاد الإسلاميَّة الواسعة سنين طوالاً، كان خلالها جميع أفراد هذه العائلة مِن الرجال والنساء، والشباب والشيوخ، والكبار والصغار مُتنعِّمين بكلِّ النعم ووسائل الراحة والسلطة.

ولكنَّهم في النهاية واجهوا تغيُّراً، فقُتل فريق منهم، وفَقَد الذين بقوا أحياءً كلَّ شيء وزالت دولتهم.

يقول محمد بن عبد الرحمان الهاشمي: زرت أُمِّي في عيد الأضحى، فرأيت امرأة رثَّة الثياب تجلس إليها تُحادثها، فسألتني أُمِّي أتعرف هذه المرأة؟

فقلت: لا.

قالت: هذه عبادة أُمُّ جعفر البرمكي!

اقتربت منها وحادثتها وأنا في عَجب مِن أمرها، وسألتها عمَّا مَرَّ بها مِن عجائب حوادث الزمان، فقالت:

يا ولدي، مَرَّ عليَّ عيد مثل هذا وأربع جوارٍ يخدمنني، وكنت أقول: إنَّ ولدي جعفراً لم يؤدِّ حَقِّي في الجواري اللواتي أوقفهنَّ على خدمتي، واليوم أيضاً يوم عيد يَمرُّ عليَّ، وأنا أتمنَّى جِلدَي شاةٍ أفترش واحداً وأتغطَّى بآخر.

يقول محمد الهاشمي: فدفعت لها خمسمئة درهم، ففرحت فرحاً شديداً كاد أنْ يُهلكها (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩١

ألا كلُّ شيء ما خلا الله هالك

أرسل مُعاوية عبد الرحمان بن زياد عاملاً له على خراسان، فجمع خلال حُكمه أموالاً طائلة، فقال يوماً لكاتبه: ويلك! لست أدري كيف يغشاني النوم وعندي كلُّ هذه الأموال؟! فسأله الكاتب: كمْ هي؟

فقال: عددت ما عندي فعلمت أنِّي إذا صرفت كلَّ يوم ألف درهم كفاني مِئة سنة، فقال الكاتب: أيُّها الأمير أنام الله عينيك، لا أعجب مِن أنَّك تنام ولك هذه الأموال، بلْ أعجب إذا غمضت عيناك بعد أنْ تذهب منك.

ثمَّ لم يلبث طويلاً حتَّى ذهب كلُّ ذلك المال؛ فقد استدان بعضهم بعضه ولم يُعيدوه، وأنكر بعضٌ آخر أنَّه استأمنهم على البعض الآخر، وسرق خَدَمه وحَشمه ما لم يسرقه الآخرون، حتَّى بلغ به الأمر إلى أنَّه باع ما عنده مِن أدوات فضِّيَّة، وكان يركب حماراً صغيراً فتخطُّ رُجلاه الأرض، رآه يوماً مالك بن دينار وسأله: أين الأموال التي كنت تذكرها كثيراً؟

فأجابه: يا أبا يحيى، كلُّ شيء سوى ذات الله تعالى إلى فناء (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٢

لاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ

عندما أُحضر الإمام زين العابدين مع سبابا أهل البيت (عليهم السلام) إلى مجلس يزيد جرى كلام بينه وبين يزيد، كان منه أنَّ يزيد قال:

يا علي بن الحسين: ( وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ... ) (الشورى: ٣٠).

فقال علي بن الحسين (عليه السلام): كلاَّ! ما هذه فينا نزلت، إنَّما نزلت فينا: ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي أَنفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لكَيلاَ تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلاَ تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ ) (الحديد: ٢٢ - ٢٣) فنحن الذين لا نأسى على ما فاتنا مِن الدنيا ولا نفرح بما أتانا منها.

كان يزيد يُريد أنْ يعزو حادثة كربلاء الدمويَّة، وما أصاب أهل البيت فيها إلى أعمالهم، وأنَّه بريءٌ مِن دمهم بحسب مفهوم الآية التي قرأها، ولكنَّ الإمام ردَّ فِريته ودحضها (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٣

أحبُّكما إليَّ أحسنكما خُلقاً

روي أنَّ يحيى بن زكريَّا (عليه السلام) لقي عيسى ابن مريم، فتبسَّم عيسى في وجهه.

فقال يحيى: (ما لي أراك لاهياً كأنَّك آمن؟!).

فقال عيسى: (ما لي أراك عبساً كأنَّك آيس).

فقالا: (لا نبرح حتَّى ينزل علينا وحي!).

فأوحى الله تعالى إليهما: (أحبُّكما إليَّ أحسنكما خُلقاً).

وعن الإمام علي (عليه السلام) قال: (بُشر المؤمن في وجهه وحزنه في قلبه) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٤

الله أكرم مِن أنْ يسلب امرءاً كريمتيه ثمَّ يعذبه

جاء رجل كفيف البصر إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).

فقال: يا رسول الله، أدعُ الله أنْ يكشف بصري.

قال: (إنْ أحببت أنْ أدعو فعسى أنْ يكشف بصرك، وإنْ شئت تلقاه ولا حساب عليك).

فقال: ألقاه ولا حساب عليَّ.

فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): (الله أكرم مِن أنْ يسلب امرءاً كريمتيه ثمَّ يُعذِّبه) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٥

الله يَهب ويأخذ

كانت أُمُّ سليم مِن المؤمنات على عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكذلك كان زوجها أبو طلحة مِن المسلمين الصادقين ومِن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، شارك في غزوات بدر وأُحد والخندق وغيرها.

وكان يسكن المدينة أيَّام السِّلم يقضي جانباً مِن وقته في العبادة، وفي تعلُّم المعارف الإسلاميَّة، ويقضي الجانب الآخر لكسب المعاش على قطعة أرض صغيرة.

أنجب هذان الزوجان ولداً، ولكنَّه أُصيب وهو صبيٌّ بمرض ألزمه الفراش، وانهمكت الأُمُّ في العناية به وتمريضه. وكان الأب عند عودته مِن العمل يعود ابنه المريض، ثم َّينصرف إلى حجرته لتناول طعامه والإخلاد إلى الراحة.

في عصر يوم مِن الأيَّام توفِّي الفتى أثناء غياب الأبِّ، فغطَّت الأُمُّ المؤمنة جسد ابنها دون أنْ تظهر الجزع عليه؛ ولكيلا تُزعج زوجها عند رجوعه ليلاً قرَّرت أنْ تُخفي عنه خبر موته في تلك الليلة، لذلك فإنَّه عندما دخل الدار وأراد عيادة ابنه حسب مألوفه منعته أُمُّ سليم مِن ذلك، قائلة اتركه نائماً براحة وسكون، وكان في لهجتها ما يشعر بأنَّ المرض قد خفَّ عنه، فاطمأنَّ قلبُه بعض الشيء خاصَّة وأنَّها هي أيضاً كانت هادئة مُطمئنَّة بحيث إنَّهما ناما سويَّة في تلك الليلة.

عند الصباح خاطبت أبا طلحة قائلة:

إذا أعار أحد شيئاً لجاره فاستعمله هذا بعض الوقت، فماذا عساك تقول إذا جاء صاحب الشيء يطلب حاجته فيأخذ المُستعير بالبُكاء والعويل لذهاب الشيء مِن يديه؟

قال أبو طلحة: هذا إنسان به جُنَّة؟

٣٩٦

فقالت أُمُّ سليم: إذنْ، علينا أنْ لا نكون مِمَّن بهم جُنَّة، فقد أخذ الله أمانته وتوفِّي ابننا، فاصبر على المُصيبة وأسلم لقضاء الله وهيَّئ الجنازة للدفن.

فأتى أبو طلحة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فأخبره الخبر، فتعجَّب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مِن أمرها ودعا لها، وقال: اللَّهمَّ بارك لهما في ليلتهما.

وحملت أُمُّ سليم مِن ليلتها ووُلِدَ لها ولد أسمته عبد الله، وربَّياه تربية دينيَّة سليمة، فعاش طاهراً ومات طاهراً، وكان عبيد الله بن أبي طلحة مِن أصحاب الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٧

وكان الإنسان عَجولاً

كان (الحارث بن كلدة) مِن مشاهير الأطبَّاء في القَرن الأوَّل الهجري، وكانت له زوجة تُدعى (فارعة)، دخل فجر أحد الأيَّام عليها غرفتها فوجدها تسوُّك أسنانها، فاشمأزَّت منها نفسه، فطلَّقها هادماً بذلك حياته العائليَّة الحميمة.

وعندما سألته فارعة عن السبب الذي دعاه لتطليقها؟

قال لها: دخلت عليك فجراً فوجدتك تستاكين وكان هذا يعني أنَّك: إمَّا أنْ تكوني قد أكلت شيئاً لتوُّك، وامرأة بهذا النعم لا تليق بي، وإمَّا أنَّك بعد تناول طعامك في الليلة السابقة لم تستاكي فبقي شيء مِن الطعام بين أسنانك فأردت تنظيفها حينذاك، وامرأة على هذا القدر مِن الإهمال للأمور الصحيَّة لا تليق بي أيضاً كزوجة.

فردَّت عليه فارعة بهدوء وبرود قائلة: إنَّ سواكي أسناني فجر ذلك اليوم لم يكن لأيٍّ مِن السببين اللذين ذكرتهما، بلْ كنت أستخرج مِن بين أسناني ذرَّة مِن خيط السواك أحسست بها حينذاك.

لا شكَّ في أنَّ مقالة فارعة قد أخجلت زوجها أشدَّ الخَجل، بعد أنْ أدرك الخطأ الذي ارتكبه، فطلَّقها قبل أنْ يتثبَّت مِن حقيقة الأمر بتسرُّع وعَجلة، حارماً نفسه مِن دِفء الحياة العائليَّة.

وقد ندم على ما فعل، ولكنَّ القضاء كان قد حَلَّ أمام فارعة، فقد تركت زوجها العجول قصير النظر دون أنْ تأسَّف له وتزوَّجت غيره (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٨

التدبُّر قبل العمل يؤمنك مِن الندم

انتصر (معن بن زائدة) في الحرب الضروب التي وقعت على حدود مدينة كابل، فغنم الكثير وأسرَ العديد، وعسكر في (رخج) على مشارف كابل، حيث أنزل الجنود الأحمال وأراحوا الجياد مِن سروجها، وفجأة شاهدوا غباراً كثيفاً يرتفع إلى عنان السماء، فظنَّ معن أنَّ جيشاً مِن الأعداء يتقدَّم، فأمر بقتل جميع الأسرى فقتل بهذا الأمر نحو أربعة آلاف أسيراً.

يقول فرج بن زياد: إنَّني وأبي كنَّا مِن بين الأسرى، فأخفاني أبي تحت بعض أحداج الإبل. وقف أمامي قائلاً: إذا قتلت فقد أنجو أنا، ثمَّ لم يمض وقت طويل حتَّى تبيَّن أنَّ الغبار كان بسبب قطيع كبير مِن الحمر الوحشية، وهكذا قُتِل آلاف مِن الناس بسبب قرار مُتسرَّع غير مدروس، فذهب هؤلاء ضحايا العجلة الخرقاء.

قد تؤدِّي العَجلة - أحياناً - إلى إحاطة العقل بظلام كثيف، وتحويل الإنسان إلى كائن أعمى وأصمّ، بحيث لا يعود يُميِّز ما هو خير له مِمَّا هو شَرٌّ له.

عن الإمام علي (عليه السلام) أنَّه قال: (التدبير قبل العمل يؤمنك مِن الندم) (١) .

____________________

(١) الأخلاق، ج٢.

٣٩٩

بشِّر القاتل بالقتل ولو بعد حينٍ

كان (عبد الله الأفطس) مِن أحفاد الإمام السجَّاد (عليه السلام) رجلاً مؤمناً مُجاهداً ثوريَّاً، بذل جهوداً عظيمة لإنقاذ المُجتمع الإسلامي مِن نِير حُكم طُغاة بني العباس، فأمر هارون الرشيد بالقبض عليه وإرساله مخفوراً إلى بغداد، حيث ألقاه في السجن، وإذ طال أمدُ سجنه أخذ يزداد سَخطاً وغضباً، لما لحقه مِن الظلم والجور، فكتب رسالة إلى هارون الرشيد أسمعه فيها صرخات تظلمه في ألفاظ مِن الشتيمة والسُّباب.

فقرأ هارون الرسالة وقال: عبد الله الأفطس قد ضاق ذرعاً بالسجن، وبما يُعاني منه فيه مِن عذاب وتألُّم، فكتب إليَّ هذه الرسالة ليُثير غضبي فآمر بقتله وأُريحه مِن عذاب السجن، ولكنِّي لن أفعل ذلك أبداً، ثمَّ أحضر وزيره جعفراً البرمكي وأمره أنْ يقوم بنفسه بمُراقبة عبد الله وينقله إلى سجن آخر أوسع وأفضل.

صادف اليوم التالي عيد النوروز، وعندما جيء بعبد الله أمام جعفر البرمكي أخذ يُكرِّر ما كان قد كتبه في رسالته، مِن السُّباب والشتائم لهارون الرشيد ولحُكمه وحُكومته الجبَّارة، فغضب جعفر عند سماع تلك الشتائم فأمر فوراً بضرب عُنقه، فاحتزَّ رأسه وغسله ووضعه في طبق وأرسله إلى قصر الخليفة هارون مع سائر الهدايا، التي كان قد أعدَّها لتقديمها إليه بمُناسبة عيد النوروز، وإذ رفع هارون الغِطاء عن الطَّبق أثناء استعراضه الهدايا رأى رأس عبد الله الأفطس، فصرخ طالباً جعفراً البرمكي، وعند حضوره صاح في وجهه غاضباً: ويلك! لماذا قتلت عبد الله؟! كيف ترتكب هذا الخطأ الكبير؟!

فأجابه: لأنَّه شتم أمير المؤمنين.

فقال هارون: إنَّ قتل عبد الله مِن دون إذني أقبح بكثير مِن شتائم عبد الله!

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421