كباركم ، وارحموا صغاركم ، وصلوا أرحامكم ، واحفظوا ألسنتكم , وغضّوا عمّا لا يحلُّ النّظر إليه أبصاركم ، وعمّا لا يحلُّ الاستماع إليه أسماعكم ، وتحنَّنوا على أيتام النّاس يُتحنَّن على أيتامكم , وتوبوا إلى الله من ذنوبكم , وارفعوا إليه أيديكم بالدّعاء في أوقات صلواتكم ؛ فإنّها أفضل السّاعات ، ينظر الله عزَّ وجل فيها بالرّحمة إلى عباده , يُجيبهم إذا ناجوه ، ويُلبِّيهم إذا نادوه ، ويُعطيهم إذا سألوه ، ويستجيبُ لهم إذا دعوه.
يا أيّها النّاس , إنّ أنفسكم مرهونةٌ بأعمالِكم ففكّوها باستغفاركم , وظهورَكم ثقيلةٌ من أوزاركم فخفِّفوا عنها بطول سُجودكم. واعلموا أنّ الله تعالى ذكرُه أقسم بعزَّته أنْ لا يُعذِّب الـمُصلِّين والسّاجدين , وأنْ لا يُروِّعهم بالنّار يوم يقومُ النّاس لربِّ العالمين.
أيّها النّاس , مَن فطّر منكم صائماً مؤمناً في هذا الشّهر كان له بذلك عتق رقبة ، ومغفرة لِما مضى من ذنوبه. فقيل : يا رسول الله , وليس كُلّنا يقدر على ذلك. فقال (صلىاللهعليهوآله
) : اتّقوا الله ولو بشق تمرة , اتّقوا الله ولو بشربة من ماء.
أيّها النّاس ، مَن حسّنَ منكم في هذا الشّهر خُلقَه , كان له جواز على الصّراط يوم تزلُّ فيه الأقدام ، ومَن خفّف في هذا الشّهر عمّا ملكت يمينه , خفّف الله عنه حسابه ، ومَن كفّ فيه شرّه , كفّ الله عنه غضبه يوم يلقاه ، ومَن أكرم فيه يتيماً , أكرمه الله يوم يلقاه ، ومَن وصل فيه رحِمه , وصله الله برحمته يوم يلقاه ، ومَن قطع فيه رحمه , قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه ، ومَن تطوَّع فيه بصلاة , كتب الله له براءة من النّار ، ومَن أدّى فيه فرضاً , كان له ثواب مَن أدّى سبعين فريضة فيما سواه من الشّهور ، ومَن أكثر فيه من الصّلاة عليَّ , أثقل الله ميزانه يوم تخفُّ الموازين ، ومَن تلا فيه آية من القرآن , كان له مثلُ أجرِ مَن ختم القرآن في غيره من الشّهور.
أيّها النّاس , إنّ أبواب الجنان في هذا الشّهر مُفتَّحةٌ , فاسألوا ربّكم أنْ لا يغلقها عنكم ، والشّياطين مغلولةٌ , فاسألوا ربّكم أنْ لا يُسلِّطها عليكم )).
فقال أمير