أصول الفلسفة والمنهج الواقعي الجزء ٢

أصول الفلسفة والمنهج الواقعي18%

أصول الفلسفة والمنهج الواقعي مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أُمّ القرى للتحقيق والنشر
تصنيف: كتب
الصفحات: 303

الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 303 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 98384 / تحميل: 9590
الحجم الحجم الحجم
أصول الفلسفة والمنهج الواقعي

أصول الفلسفة والمنهج الواقعي الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة أُمّ القرى للتحقيق والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الآثار الكاملة ٦

أصول الفلسفة

والمنهج الواقعي

تأليف

السيد محمّد حسين الطباطبائي

المجلّد الثاني

تقديم وتعليق: مرتضى مطهري

ترجمة: عمّار أبو رغيف

مؤسّسة أُمّ القرى للتحقيق والنشر

١

شعار المؤسّسة

مؤسّسة أُمّ القرى للتحقيق والنشر

كافة حقوق الطبع والنشر محفوظة للمؤسّسة

***

مؤسّسة أُمّ القرى للتحقيق والنشر

اسم الكتاب: أصول الفلسفة والمنهج الواقعي

تأليف: السيد محمّد حسين الطباطبائي

تقديم وتعليق: مرتضى مطهري

ترجمة: السيد عمّار أبو رغيف

الناشر: مؤسّسة أُمّ القرى للتحقيق والنشر

الطبعة الأولى / شوال ١٤٢١هـ الجزء الثاني

لبنان / بيروت / الغبيري ص ـ ب ٢٧٨ / ٢٥

omalqora@mail.com

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

٣

٤

المقالة السابعة: الوجود وواقع الأشياء

٥

٦

المقدّمة

ينصبّ البحث في هذه المقالة على درس الوجود وواقع الأشياء،وبعبارة أخرى: تتناول هذه المقالة بالدرس بحث " الوجود "، الذي يشمل لوناً من القضايا التي تعرف في الفلسفة بـ: أبحاث الوجود، ونظرية الوجود.

يتداول الباحثون في الفلسفة مصطلح الوجود أكثر من تداولهم لأيّ مفهوم ومصطلح آخر ؛ وآية ذلك أَََنَّ الوجود أو الموجود هو موضوع الفلسفة(راجع المقالة الأولى) ؛ ومن هنا أضحت الفلسفة فنّاً مستقلاً عن سائر الفنون التي تحمل مصطلح " العلم "، والتي يطلق على كلٍّ منها اِسم خاص، ومن الواضح أَنَّ الباحث يتعامل في كلّ فنٍّ من الفنون مع موضوع ذلك الفنِّ بشكلٍ أساس. في هذا الضوء أمكننا أن نسمّي الفلسفة " علم الوجود " مقابل علم الأعداد، وعلم المقادير، وعلم النفس، وعلم الحيوان، وعلم المعادن... أي إنَّ الفلسفة تتعلّق بمفهوم متميّز هو مفهوم الوجود أو الموجود، على غرار تعلّق سائر إنتاج الفكر البشري بمفهوم محدّد.

بدءاً علينا أن نُلفت نظر القارئ المحترم إلى أنَّ مصبَّ درس هذه المقالة " أبحاث الوجود " بابٌ فتحه الحكماء المسلمون إِبّان الحقب الأخيرة في الفلسفة، وعكفوا على تمحيص أطراف هذه البحوث بعمقٍ ودقّةٍ. وقد عدَّ هؤلاء الحكماء هذه البحوث أُصولاً أساسية لسائر أبحاث الفلسفة، إذ يعتقد هؤلاء الحكماء أَنَّ مفتاح سائر المشكلات الفلسفية يمكن العثور عليه عبر هذه

٧

البحوث. وعبر التوفّر على هذا المفتاح يمكن النجاح والحصول على نتائج قطعية في سائر أبحاث الفلسفة.

إنَّ البحث في "الوجود " يضرب في عمق التاريخ العقلي، فقد تناولته مدارس الفلسفة اليونانية بالبحث، كلّ حسب منهجه الخاص. وقد ميّز أرسطو في دائرة معارفه قسماً خاص، عُرف فيما بعد بـ " الفلسفة الأولى " أو العلم الأعلى " الميتافيزيقيا "، تناول بالبحث لوناً خاصاً من المشكلات، وتميّز عن سائر الأقسام الأُخرى، التي يبحث كل منها عن موضوع مستقل، ويكمن سبب هذا التمييز في أنَّ هذا القسم الخاص تدور أبحاثه حول محور الوجود.

لقد صرّح أرسطو في ما بعد الطبيعة (كتاب الحروف )، في مقالة الجيم: أنّ أبحاث هذا القسم لا تتلاءم مع الرياضيات أو أيّ علمٍ من العلوم ؛ لأنّ موضوع البحث في هذا القسم أعمّ من مواضيع الطبيعيات والرياضيات وغيره.

جاءت كلمة "هوية " معادلاً لهذا المعنى الأعم في الترجمة العربية لكتاب الحروف، لكنّ الحكماء المسلمين اِستبدلوها بكلمة " الموجودات "، ولعلّ أوّل من استعمل هذه الكلمة الأخيرة هو أبو نصر الفارابي في رسائله. على أيّ حال يقرّ المحقّقون الغربيون والشرقيون بأنَّ الفلسفة الأولى والعلم الكلّي الذي يشمل أعم المسائل ابتكارٌ أرسطي، وأنَّه بحثٌ عن الوجود والموجود، وموضوعه الوجود المطلق. من هنا فالبحث في الوجود يضرب في عمق التاريخ، بل الفلسفة الأولى من حيث الأساس هي بحثٌ عن الوجود.

لكنّ الأبحاث التي جاءت في الفلسفة الإسلامية تحت عنوان " مسائل الوجود " (والتي تحتل فصلاً مستقلاً اختصت به هذه المقالة) تمثّل لوناً خاصاً من المسائل. ففي ضوء تتبّعنا وعلى هدي المعلومات التي انتهينا إليها اتّضح

٨

لنا أَنَّ هذه الأبحاث دخلت حريم الفلسفة الإسلامية بالتدريج، فجلبت انتباه المحقّقين، حتى أضحت أكثر مسائل الفلسفة جديةً وأصالة، ومن ثمَّ مسكت زمام المبادرة في تحديد مصير الفلسفة الإسلامية.

إنَّ هذه الأبحاث انطلقت من نظريات المتكلّمين واتجاهات العُرفاء، وتأثرت بها بدرجة أكبر من ارتباطها بالمصادر اليونانية وغير اليونانية. على أنَّ هذه الأبحاث طُرحت في دائرة المتكلّمين والعُرفاء بشكل مبسّط وابتدائي، مضافاً إلى افتقارها في هذا الإطار إلى التحليل الفلسفي العقلاني السليم. لكنّها بعد أَن دخلت ميدان البحث الفلسفي وضعت تحت مشرط التحليل والتركيب الفلسفي، فتوفّرت على نضجه، حتى أضحت على صورتها النهائية في القرون الأخيرة. وسوف نشير ضمن إيضاح وتحليل هذه الأبحاث في هذه المقالة إلى وضع هذه الأبحاث لدى المتكلّمين والعُرفاء وتطوّرها في الفلسفة. ونشير إشارة تتناسب مع حجم كتابنا، لنضع بيد القارئ المحترم مفتاح هذه الأبحاث.

أمّا لِمَ لم تقع هذه الأبحاث بمفهومها الشرقي موقع اهتمام الفلسفة الأوربية الحديثة، ولم يتعدّ الأمر دائرة الاشتراك اللفظي في بعض الأبحاث نظير " أصالة الوجود " حيث يتباين مفهومها في الفلسفة الإسلامية عن مفهومها الحديث في الغرب ؟ يعود السبب إلى انقطاع الصلة بين الفلسفة الأُوربية والفلسفة الإسلامية في القرون الأخيرة.

إذا كان قارئنا المحترم مطّلعاً على الكتب العلمية إطلاعاً وافياً فإنّه يعرف السّنّة السائدة لدى الأقدمين في تدوين العلوم، حيث يبدؤون بمقدّمة تطرح ثلاثة أبحاث، تتناول موضوع العلم، وتعريفه، وفائدته ويضيفون أحياناً أُموراً أخرى. وهذه السّنّة جارية في كل العلوم والفنون من الفلسفة وغيره.

٩

ويضيفون في مقدّمة البحث عن الفلسفة (العلم الكلّي أو الفلسفة العليا حسب مصطلح المتقدّمين) وأحياناً في كتب المنطق (كما هو الحال في منطق الشفاء) أموراً أُخرى: تقسيمات العلوم، تمايز العلوم، ماهية موضوع العلم... وغيره.

وقف العلماء باستمرار على أَنَّ مقدمة كلّ علم، أي تحديد موضوعه وتعريفه وتحديد فائدته، لا يمكن أن تكون جزءاً من ذلك العلم، وأنَّ تقسيمات العلوم ليست جزءاً من الفلسفة أو المنطق، وسرّ هذا الأمر واضح، وسيتضح بشكلٍ أكبر عبر القادم من البحث. ولكن ليس هناك علم يتكفّل بشكلٍ مستقل درس هذه المواضيع، وما هو مألوف الآن في مقدّمة كلّ علم لم يكن متداولاً في الدراسات القديمة.

لقد خطى العلماء المُحدَثُون خطوة مثمرة ـ ضمن خطواتهم المثمرة العديدة ـ في عالم الفلسفة والمنطق. فاستحدثوا فنّاً مستقلاً تكفّل إيضاح المواضيع المتقدّمة، وأضافوا فقرات مهمة أُخرى، نظير " الأصول المتعارفة " و " الأصول الموضوعة " التي تستخدم في كلّ علم، والمنهج الذي يستخدم في كلّ علم من العلوم بُغية تطوير البحث في ذلك العلم.

والموضوع الأخير أهم المواضيع التي تنبّه إليها هؤلاء الباحثون، أعني بيان اختلاف العلوم من زاوية المنهج، وتحديد الأسلوب الفكري الذي يسلكه كلّ علم للوصول إلى النتائج المطلوبة. وذهب هؤلاء الباحثون إلى أنَّ العلوم فتحت باب التكامل والتطوّر حينما تحدّدت مناهج البحث، وأنَّ علّة ركود العلوم في العصور الماضية ترجع إلى غياب المنهج السليم والمطلوب لكلّ علم، ويتجلّى هذا الغياب في استخدامهم المنهج العقلي البرهاني في الحقول التي يجب أن يستخدم فيها المنهج التجريبي.

١٠

على أيّ حالٍ، تطوّر البحث في هذا الموضوع حتى طغى على سائر المواضيع الأُخرى، وظهر إلى الوجود علمٌ جديد أطلقوا عليه " مناهج البحث ". وقد ذهب هؤلاء الباحثون إلى أَنَّ الفائدة المترتّبة على معرفة مناهج البحث أكبر بكثير من الفائدة التي تترتب على معرفة صورة الاستدلال. ومن هنا قسّموا المنطق إلى حقلين: المنطق الصوري ـ وهو منطق أرسطو ذاته ـ، ومناهج البحث، التي تتكفّل تصنيف العلوم وتعريفها وتحديد موضوعاتها وفوائدها ومناهجها وأُصولها المتعارفة والموضوعة.

بديهي أَنَّ استقصاء البحث في ما يُعرف اليوم بـ " مناهج العلوم " لا علاقة له بالبحوث المطلوبة في مجموعة مقالات هذا الكتاب. إلا أَنَّنا نضطر إلى بيان الموضوعات التي ترتبط مباشرة بالبحث الفلسفي، والتي يؤدي تركها وعدم بيان وجهة نظرنا فيها إلى خلق إشكالات في ذهن القارئ المحترم. خصوصاً وأنّ بعض هذه الموضوعات ـ حسب تتبّعنا ـ لم تدرس حتى الآن.

طرحنا في المقالة الأُولى تعريف الفلسفة وموضوعها وفائدتها، وبحثنا في المقالة الخامسة حول سلامة المنهج العقلي الذي تعتمده الفلسفة. وبحكم أَنَّ المسائل المطروحة في هذه المقالة ـ كما أشرنا ـ تمثل أساس سائر المسائل الفلسفية، وتعد مفتاح البحث الفلسفي، نعكف في المقدّمة على إيضاح سائر الموضوعات الضرورية التي تشمل ما يلي:

١ـ تمايز العلوم.

٢ ـ ماهية الموضوع.

٣ ـ منطلقات مسائل العلوم أو المبادئ التصورية والتصديقية.

١١

٤ ـ منطلقات الفلسفة أو مبادئ الفلسفة.

٥ ـ المنهج في الفلسفة.

٦ ـ اختلاف العلوم من زاوية الأصول المتعارفة والموضوعة والمنهج.

* * *

تمايز العلوم:

يبدأ كلّ علمٍ بمجموعة مسائل بسيطاً محدودا، ثمّ يأخذ بالنمو والاتّساع. وقد سعى الإنسان منذ القدم إلى تصنيف المسائل العلمية، وإطلاق اسمٍ على كلّ صنفٍ منها: طبٌ، هندسة، حساب، منطق، فلسفة...، وكأنّه يجد أفراد كلّ صنفٍ من الأصناف بمثابة أفراد أُسرةٍ واحدة، تنشعّب من أَصلٍ واحدٍ وتعود إلى جذر واحد، وهذه هي جهة تميّزها عن سائر أفراد الأصناف الأُخرى. وتتكاثر هذه الأُسر بالتدريج، أي عبر جهود الباحثين المتواصلة وتنجب أفراداً أُخرى من الجذر الواحد مباشرة.

ونلاحظ أحياناً ترابطاً بين أفراد بعض الأسر وأفراد أُسر أُخرى رغم تمايزها، ترابطاً يبدو أسرياً أيضاً، ممّا يحكي قرابة العِلمين وارتباطهما، نظير الارتباط القائم بين علم الحساب وعلم الهندسة، ونلاحظ أيضاً ارتباطا بين الأُسر يشبه الارتباط العرقي، نظير الارتباط بين العلوم النظرية مع بعضها، مقابل الارتباط بين العلوم العملية.

دفع هذا الارتباط العائلي والعرقي الباحثين إلى تقسيم وتصنيف العلوم. وأوّل تقسيم وتصنيف نضع اليد عليه هو التقسيم الأرسطي المعروف منذ القِدم. وأوضح ابن سينا هذا التصنيف بأفضل صورة، وقام بتطويره. وقد

١٢

اعترض بعض الحكماء، كشيخ الإشراق، باعتراضات على هذا التصنيف، ودافع بعض آخر عن هذا التصنيف أمام اعتراضات شيخ الإشراق. وكل ذلك محرّر في الدراسات المعدّة لهذا الموضوع، ولا داعي للإطالة هنا في بيان ذلك.

إنَّما المهم هنا أن نوضح الأصل الذي يفضي إلى توحيد أفراد العلم الواحد تحت إطار أُسرة واحدة، ويؤدّي إلى خلق رابطة ذاتية بين هذه الأفراد. وأَن نوضح أيضاً سرّ القرابة الأُسرية والعرقية بين الأُسر العلمية. وهل تتفرع كلّ أعراق العلوم حقيقةً وواقعاً من جدٍ أعلى، وإذا كان الأمر كذلك، فما هو هذا الجدّ وما هي حقيقته ؟

لقد انتهى المنطقيون والفلاسفة بعد مزيد من البحث والتحقيق إلى أَنَّ أيّ علمٍ من العلوم لا يخلو من موضوع، وأنَّ الذي يوحّد بين مسائل كلّ علم هو موضوع ذلك العلم، وأنَّ سر القرابة الأُسرية والعرقية يكمن في القرابة بين موضوعات العلوم. وإذا آمنا بوجود جدٍ أعلى للعلوم فهو يرتبط أيضاً بموضوعات العلوم.

ما هو الموضوع ؟

موضوع كلّ علم عبارة عن ما يُبحث في كلّ علم عن أحواله وعوارضه والقضايا المرتبطة به. إِنَّ التأمل في مسائل أيّ علمٍ وتحليل تلك المسائل يوضح أنَّ جميع تلك المسائل تتكفّل بيان أحكام وآثار وعوارض وحالات شيءٍ خاص، وهذا الشيء الخاص هو الذي يصيّر جميع تلك المسائل أفراداً لأسرة واحدة، ونسمّيه موضوع ذلك العلم.

١٣

وهنا تُطرح أمام الفلاسفة والمنطقيين إشكالية، وهي: بحكم أنَّ موضوعات العلوم لا تتباين من جميع الجهات، بل هناك قرابة بين موضوعات العلوم ـ كما أَشرنا فيما تقدّم ـ وهذه القرابة تفضي إلى قرابة أُسرية وعرقية بين العلوم. فالكم المنفصل الذي هو موضوع علم الحساب والكم المتّصل الذي هو موضوع علم الهندسة بينهما قرابة جنسية، أي إنّهما يرجعان إلى جنسٍ واحدٍ وهو الكم.

هذا من جهة، ومن جهة أًخرى فما يسمّى موضوعاً لعلمٍ له أَنواع وأقسام، وكلّ نوع وقسم يختص بمجموعة أحكام وعوارض وحالات، نظير موضوع الهندسة، حيث قرّروا أَنّه " الكم المتّصل "، الذي ينقسم إلى الخطّ والسطح والحجم، ولكلّ واحد من هذه الأقسام عوارض وأحوال خاصة به. ثمّ أَنَّ " العوارض والأحكام " مصطلح مَرِن، فما يُعد عارضاً على قسم من أقسام الموضوع يعدّ عارضاً على ذات الموضوع أيضاً.

حينئذٍ إمّا أَن نعدّ جميع العلوم علماً واحداً، أيّ نعدُ مسائل جميع العلوم بمثابة أفراد أُسرة واحدة، تتفرع من أصل واحدٍ، وننكر الاختلافات الأُسرية والعرقية بين العلوم، ونعد اختلاف العلوم مع بعضها اختلافاً وضعياً اعتبارياً، وإمّا أن نكثر العلوم تبعاً لتنوّع وانقسام الموضوعات، مثلاً نعتبر الهندسة مجموعة من ثلاثة علوم: علم الخط، علم السطح، علم الحجم. بل أن نقسٍّم هذه الأقسام إلى علوم، بحكم إمكانيتها للانقسام، نظير قسمة الخط إلى منحني ومستقيم.

أضف إلى ذلك أنَّ موضوعات العلوم لا تتباين من جميع الجهات، وبينها وجه اشتراك. فنجد أحياناً أنَّ موضوع العلم الواحد ذاته جامع مشترك

١٤

لموضوع علم آخر مع مجموعة أشياء أُخرى، فمثلاً موضوع علم النبات جامع مشترك لموضوع علم الحيوان ومجموعة من الأشياء، وهكذا...

أجاب المنطقيون والفلاسفة على هذه الإشكالية،وخلاصة الجواب: أنَّ العوارض والأحكام التي تنسب إلى شيءٍ من الأشياء تنقسم إلى قسمين: عوارض أولية أو ذاتية، وعوارض ثانوية أو غريبة. وبصدد تمييز العوارض الذاتية عن العوارض الغريبة هناك تحقيقات جيدة وجليلة، وأخصبها وأفضلها ما قام به ابن سينا في كتبه المنطقية، وخصوصاً في منطق الشفاء، رغم أنَّ بعض المتأخّرين لم يهضموا ما انتهى إليه من ملاحظات ضرورية، وسلكوا مسالك أُخرى، أدّت إلى تشويش واختلافات كثيرة في هذه المسألة، حتى أَدلى بعض الغرباء على المنطق بآراء غريبة هوجاء في هذا الميدان.

اتّضح أَنَّ مسألة تمييز العلوم وتصنيفها مهمّة حساسة من وجهة النظر المنطقية، واتّضح أيضاً أنَّ تمييز العوارض الذاتية عن الغريبة مهمّة حساسة من الزاوية المنطقية. وتمييز هذه الجهة يتطلّب مقدّمات منطقية كثيرة، لا تستوعبها هذه المقدّمة وهذه المقالة، وعلى الراغبين في الاطلاع مراجعة الكتب المنطقية، خصوصاً دراسات ابن سينا.

ولكن ينبغي هنا أن نوضح الملاحظة التالية: بحكم أنَّ العوارض الذاتية لكلّ موضوع إمّا أن يدركها الذهن بداهة ويتعرّف على ارتباطها بالموضوع بشكل مباشر، وبدون إقامة برهان، أو يدركها بواسطة برهان وعبر "الحدّ الأوسط "، فمن المحتّم أَن يكون الارتباط بين كلّ موضوع وبين عوارضه الذاتية ارتباطاً واقعياً وليس اعتبارياً، ومن المحتّم أَن يكون الموضوع كلّياً وليس جزئيا.

١٥

على هذا الأساس فالعلاقة بين موضوعات العلوم الاعتبارية ومحمولاتها علاقة اعتبارية وليست واقعية، نظير علم القانون والفقه وأصول الفقه والنحو والصرف، وكذلك الحال في العلوم التي تتشكّل مسائلها من قضايا شخصية، كاللغة والتاريخ والجغرافية. والعلوم الاعتبارية خارج مقولات المناطقة ؛ إذ الحديث عن تمايز وتصنيف العلوم إنّما يوضح العلاقة الواقعية في مجال العلوم الحقيقية لا العلوم الاعتبارية. مضافاً أَنّ مجال هذا الحديث هو الكلّيات التي يمكن للذهن أَن يستدلّ ويستنتج من خلالها، لا الجزئيات التي هي على حدّ تعبير المنطقيين " لا كاسبة ولا مُكتسَبة ". ومن ثمّ فالحديث ينصب في مجال العلوم التي يجري فيها البرهان بمفهومه المنطقي، نظير جميع العلوم العقلية المحضة والعلوم التجريبية.

أمّا بالنسبة إلى العلوم التجريبية والمختبرية فرغم أنَّ البرهان غير جارٍ فيها بشكل مباشر، لكن يقينية البحث في هذه العلوم وكلّية نتائجها ـ كما تقدم في المقالة الخامسة ـ رهن مجموعة براهين عقلية تتّكئ عليها هذه العلوم ضمنياً.

منطلقات مسائل العلوم " المبادئ التصوّرية والتصديقية ":

اتّضح مقياس معرفة " مسائل العلم " في ضوء ما تقدّم من تعريف موضوع العلم، فالمسألة في كلّ علم عبارة عن القضية التي تكشف عن العلاقة بين موضوع ذلك العلم وأحد عوارضه وأحكامه. ومن هنا فكلّ علم عبارة عن مجموعة مسائل تتضمّن موضوعاً ومحمولاً ونسبة. وتتخّذ المسألة طابع " القانون " حينما تكون كلّية أولاً، وحينما يذعن الذهن اضطراراً بثبوت المحمول للموضوع ثانياً.

١٦

ويحصل هذا الإذعان والتصديق بشرطين:

أوّلاً ـ أَن يكون للذهن تصوّر واضح عن موضوع المسألة ومحمولها ليتعرّف على مورد حكمه.

ثانياً ـ وجود لون من الدليل والحجّة يكون سنداً للحكم، بحيث يُلزم الذهن بالتصديق والإذعان. و " التعريفات " في العلوم تؤدّي دور تحقيق الشرط الأوّل، أمّا الذي يؤدّي تحقيق الشرط الثاني ويستند الذهن إليه في الحكم فهو مجموعة من " الأصول المتعارفة " أو " الأصول الموضوعة " أو ما يتّكئ على هذه الأصول من مسائل.

يطلق على مجموع التعريفات والأصول المتعارفة والأصول الموضوعة في كلّ علم مصطلح " المبادئ "، وتسمّى التعريفات " مبادئ تصوّرية "، والأُصول المتعارفة والموضوعة " مبادئ تصديقية ". وأمر التعريفات واضح نظير ما يستخدم في تعريف الخط والسطح والحجم والدائرة والمربع والمثلث وغيره في الهندسة. ولكن ينبغي هنا إيضاح الفرق بين الأُصول المتعارفة والأُصول الموضوعية:

الأصول المتعارفة عبارة عن أصل أو مجموعة أُصول تقوم على أساسها براهين وأدلة العلم، وهذه الأُصول ذاتها بديهية، ولا يجيز أي ذهن الشك فيها. نظير قانون " الكل أكبر من الجزء " , " المقداران المساويان لمقدار واحد متساويان " في الهندسة، ونظير قانون استحالة التناقض في المنطق والفلسفة.

أمّا الأُصول الموضوعية فهي عبارة عن أصل أو مجموعة أُصول تتّكئ عليها أدلّة العلم، وهذه الأُصول ليست بديهية قطعية، وليس هناك دليل بالفعل على صحتها، لكنّها تؤخذ مصادرات مفروضة الصحة. على أَنّه يمكن

١٧

أن تتَّخذ بعض الأُصول طابعاً فرضياً وضعياً في علم، لكنّها أُصولٌ قام الدليل عليها في علمٍ آخر. نظير القواعد الفلسفية حينما تستخدم في العلوم، أو اتّخاذ قواعد الرياضة والطبيعيات مصادرات في البحث الفلسفي.

إذن؛ تختلف الأُصول المتعارفة عن الأُصول الموضوعة في كون الأصل المتعارف بذاته أصلاً قطعياً ويقينيا، ولا يجيز الذهن خلافه. أمّا الأَصل الموضوع فهو ليس يقينياً بذاته، ويجيز الذهن خلافه، سواء أكان فرضياً بحتاً أم كان مستدلاً عليه في علم آخر غير العلم الذي اُتخذ مصادرةً فيه.

إنَّ معالجة موضوع التعريفات والأُصول الموضوعية والمتعارفة وبيان الفروق بينها، وبيان أقسام الأُصول المتعارفة(العامة والخاصة)، وتحديد الأُصول الموضوعية والمتعارفة في كلّ علمٍ، من أَنفع الأَبحاث التي يجب أن يعالجه المنطق. وقد بذل المناطقة المحدّثون جهوداً جليلة في هذا المجال، و "كَنْت " أحد الحكماء الذين أماطوا اللثام عن الأُصول المتعارفة والأُصول الموضوعة (المبادئ القبلية والمصادرات) لعلوم عصره. يهمّنا هنا أن نشير إلى المبادئ التصورية والتصديقية الفلسفية.

المبادئ الفلسفية:

اتّضح في ضوء ما تقدّم أنَّ المبادئ التصورية والتصديقية لكلّ فنٍّ تمثل نقاط اتكائه، وتعدّ من جهة أُخرى أدواته ووسائله. ومن هنا ينبغي أَن نتعرّف على وضع المبادئ التصورية والتصديقية للفلسفة، أي التعريفات والأُصول المتعارفة والموضوعة للفلسفة.

١٨

إنَّ الفلسفة أَغنى الفنون من زاوية التعريفات؛ لأَنَّ المفاهيم التي تشكّل موضوعات ومحمولات المسائل الفلسفية ( نظير: مفهوم الوجود، العدم، الوحدة، الكثرة، الوجوب، الإمكان، الامتناع، العِلّة، المعلول، المتناهي، اللامتناهي، الحادث القديم، القوة والفعل... ) مفاهيم بسيطة، ومن ثمَّ فهي بديهية التصوّر، وفي غنىً عن التعريف. ولإيضاح بساطة مفاهيم الفلسفة وإثبات عدم تركيبها، وأنَّ المفهوم البسيط مستغنٍ عن التعريف (راجع المقالة الثامنة).

الأُصول الفلسفية المتعارفة : تحديد جميع الأُصول الفلسفية المتعارفة أمر مفيد جداً وهامٌّ أيضا، لكن استقصاء كلّ هذه الأُصول أَمرٌ لا يخلو من الصعوبة. ولم نجد حتى الآن من قام بهذه المهمة. ولعلنا نوفّق في فرصة أُخرى إلى عرض هذه الأصول بعد استقصائها، وتحديد مواضع الإفادة منها.

وتنبغي الإشارة هنا إلى أَهم أصلين متعارفين في الفلسفة، حيث يعدّان نقطة انطلاق المسيرة الفلسفية. وسيتضح عبر هذه المقالة (التي تتضمّن مباحث الوجود، أي المسائل الأساسية للفلسفة) أنَّ البحث ينطلق من أحد هذين الأصلين، وهما عبارة عن:

الأوّل: امتناع التناقض

لا شكّ في أنَّ هذا الأصل هو أشدّ أُصول الفلسفة إِحكاما. وهو ضرورة قائمة في كلّ العلوم وفي الفلسفة بوجهٍ خاص. وقد تناوله بالبحث أرسطو، وابن سينا في أوائل إلهيات الشفاء، وصدر المتألهين في أبحاث العقل والمعقول، وتناول الفلاسفة الآخرون قديماً وحديثاً البحث حول هذا الأصل الذي أطلقوا عليه " أصل الأُصول " و " أُمّ القضايا ". وقد أَشبعنا البحث حول هذا الأَصل في المقالة الثانية والخامسة، وتناولنا

١٩

شبهات المنكرين بالردّ، وأثبتنا أنَّ استقرار العلم بأيّ حقيقة أمر متعذّر دون الإذعان بهذا الأصل. ولا حاجة بنا للتكرار هنا.

الثاني: إثبات الواقع :

اتّضح في ضوء المقالات السابقة أنَّ السفسطة تقوم على أساس إنكار واقعية الوجود، وأَنّ كلّ شيء خواء في خواء وباطل وكاذب. وقد أقام السوفسطائي اليوناني الشهير "جورجياس " برهاناً لإثبات استحالة الوجود. والسوفسطائي اليوناني الآخر "بروتاجوراس " تنتهي عبارته المشهورة " الإنسان مقياس كلّ شيء " إلى نفس هذه النتيجة. وآخرون انتهوا إلى وهمية جميع الإدراكات على أساس وقوع الخطأ فيها.

واتّضح أيضاً أنّ الحدّ الفاصل بين الواقعية والمثالية أو بين الفلسفة والسفسطة هو الإيمان بواقع الوجود، أي الإذعان بأنّ هناك واقعا. ونحن نصطلح على هذه الحقيقة بـ " أصل إِثبات الواقع ". ولا يستطيع كلّ ذي إحساس وشعور إنكار هذا الأصل الفطري في عمق وجدانه الذهني، وحتى أكثر السوفسطائيين سفسطة وأكثر الشكّاكيين شكّيةً ـ كما تقدّم في المقالة الثانية ـ يتابع عملياً فطرته ويمارس ممارسة واقعية، وعلى حدّ تعبير "باسكال " ليس هناك شكّاك واقعي.

اتّخذت الفلسفة هذا الأصل أصلاً متعارفاً لها، وسيتّضح أنّ أهم مسائل الفلسفة، أي " مسائل الوجود "، وتبعاً لها سائر المسائل الفلسفية الهامة تُستنبط من هذا الأصل.

أمّا أصل امتناع التناقض فهو موضع استفادة كلّ العلوم؛ بحكم كونه القاعدة التحتية لكلّ الأُصول الفكرية البشرية (راجع المقالة الخامسة)، ومن ثمّ فهو من الأصول المتعارفة العامة. لكنّ أصل إثبات الواقع يُتخذ في الفلسفة فحسب كأصل متعارف.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

لهم: ورب هذه البنية لا يقومن منكم أحد إلا جللته بالسيف. ثم أتى إلى صفاة كانت بالأبطح فضربها ثلاث ضربات حتى قطعها ثلاثة أفهار(١) ثم قال: يا محمد سألتني من أنت؟ ثم أنشأ يقول ويومي بيده إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم:

أنت النبي محمد

قرم أعز مسـود

إلى آخر ما مر في (ص ٣٣٦) ثم قال: يا محمد أيهم الفاعل بك؟ فأشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم الى عبد الله بن الزبعرى السهمي الشاعر، فدعاه أبو طالب فوجأ أنفه حتى أدماها. ثم امر بالفرث والدم فأمر على رؤوس الملأ كلهم ثم قال: يا بن أخ أرضيت؟ ثم قال: سألتني من أنت؟ أنت محمد بن عبد الله، ثم نسبه إلى آدم عليه السلام ثم قال: أنت والله أشرفهم حسباً، وأرفعهم منصباً، يا معشر قريش من شاء منكم أن يتحرك فليفعل؛ أنا الذي تعرفوني(٢) .

رواه(٣) السيد ابن معد في الحجة (ص ١٠٦)، وذكر لدة هذه القضية الصفوري في نزهة المجلس (٢ / ١٢٢) وفي طبع (ص ٩١)، وابن حجة الحموي في ثمرات الأوراق بهامش المستطرف (ص ٢ / ٣) نقلاً عن كتاب الأعلام للقرطبي.

١٣ - ذكر ابن فياض في كتابه شرح الأخبار: أن علياً عليه السلام قال في حديث له: إن أبا طالب هجم على وعلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونحن ساجدان فقال: أفعلتماها؟ ثم خذ بيدي فقال: انظر كيف تنصره وجعل يرغبني في ذلك ويخصني عليه. الحديث.

راجع ضياء العالمين لشيخنا أبي الحسن الشريف الفتوني.

____________

(١) ثلاثة أفهار: ثلاث قطع منها تملأ الكف. (المؤلف)

(٢) راجع ما أسلفناه: ص ٣٥٩، ويأتي في الجزء الثامن في الآيات ما يؤيد هذه القصة. (المؤلف)

(٣) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص ٣٤٦، نزهة المجالس: ٢ / ٩١، ثمرات الأوراق: ص ٢٨٥.

٨١

١٤ - روي أن أمير المؤمنين عليه السلام قيل له: من كان آخر الأوصياء قبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقال: «أبي». ضياء العالمين للفتوني.

١٥ - عن الإمام السجاد زين العابدين علي بن الحسين بن علي عليه السلام أنه سئل عن أبي طالب أكان مؤمناً فقال عليه السلام: «نعم». فقيل له: إن هاهنا قوماً يزعمون أنه كافر. فقال عليه السلام: «واعجباً كل العجب أيطعنون على أبي طالب و على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ وقد نهاه الله تعالى أن يقر مؤمنة مع كافر في غير آية من القرآن، ولا يشك أحد أن فاطمة بنت أسد رضي الله تعالى عنها من المؤمنات السابقات، فإنها لم تزل تحت أبي طالب حتى مات أبو طالب رضي الله عنه».

راجع(١) : ما مر (ص ٣٨٠)، وكتاب الحجة (ص ٢٤)، والدرجات الرفيعة، ضياء العالمين فقال: قيل: إنها متواترة عندنا.

١٦ - عن أبي بصير ليث المرادي قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: سيدي إن الناس يقولون: إن أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه. فقال عليه السلام: «كذبوا والله إن إيمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان وإيمان هذا الخلق في كفة ميزان لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم». إلى آخر ما مر (ص ٣٨٠). رواه(٢) السيد في كتاب الحجة (ص ١٨) من طريق شيخ الطائفة عن الصدوق، والسيد الشيرازي في الدرجات الرفيعة، والفتوني في ضياء العالمين.

وروى السيد ابن معد في كتاب الحجة (ص ٢٧) من طريق آخر عن الإمام الباقر عليه السلام إنه قال: مات أبو طالب بن عبد المطلب مسلماً مؤمناً. إلى آخره.

١٧ - عن الإمام الصادق أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه السلام قال: «إن مثل أبي

____________

(١) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص ١٢٣، الدرجات الرفيعة: ص ٥٠.

(٢) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص ٨٥، الدرجات الرفيعة: ص ٤٩.

٨٢

طالب مثل أصحاب الكهف أسروا الإيمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين».

راجع(١) : الافي لثقة الإسلام الكليني (ص ٢٤٤)، أمالي الصدوق (ص ٣٦٦)، روضة الواعظين (ص ١٢١)، كتاب الحجة (ص ١١٥)، وفي (ص ١٧) ولفظه من طريق الحسين بن أحمد المالكي:

قال عبد الرحمن بن كثير: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: ان الناس يزعمون أن أبا طلب في ضحضاح من نار. فقال: «كذبوا، ما بهذا نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم»، قلت: وبما نزل؟ قال: «أتى جبرائيل في بعض ما كان عليه فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: إن أصحاب الكهف اسروا الإيمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين، وإن أبا طالب أسر الإيمان وأظهر الشرك فآتاه الله أجره مرتين، وما خرج من الدنيا حتى أتته البشارة من الله تعالى بالجنة، ثم قال كيف يصفونه بهذا وقد نزل جبرائيل ليلة مات أبو طالب فقال: يا محمد أخرج من مكة فما لك بها ناصر بعد أبي طالب؟».

وذكره(٢) العلامة المجلسي في البحار (٩ / ٢٤) والسيد في الدرجات الرفيعة، والفتوني في ضياء العالمين، وروى شيخنا أبو الفتوح الرازي هذا الحديث في تفسيره (٤ / ٢١٢).

١٨ - أخرج ثقة الإسلم الكليني في الكافي(٣) (ص ٢٤٤)؛ بالإسناد عن إسحاق بن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: قيل له: إنهم يزعمون أن أبا طالب كان كافراً، فقال: «كذبوا، كيف وهو يقول:

____________

(١) أصول الكافي: ١ / ٤٤٨، أمالي الصدوق: ٤٩٢، روضة الواعظين: ١ / ١٣٩، الحجة علىالذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص ٣٦٢، ص ٨٣.

(٢) بحار الأنوار: ٣٥ / ٧٢، الدرجات الرفيعة: ص ٤٩ تفسير أبي الفتوح: ٨ / ٤٧٤.

(٣) أصول الكافي: ١ / ٤٤٨.

٨٣

ألم تعلموا أنا وجدنا محمداً

نبياً كموسى خط في أول الكتب

وذكره غير واحد من ائمة الحديث في تآليفهم رضوان الله عليهم أجميعين.

١٩ - أخرج ثقة الإسلام الكليني في أصول الكافي(١) (٢٤٤)، عن الإمام الطادق قال «كيف يكون أبو طالب كافراً وهو يقول:

لقـد علموا أن ابننا لا مكذب

لدينا ولا يعبا بقيــل الأباطل

وأبيض يستسقى الغمام بوجهه

ثمال اليتامى عصمـة للأرامل

وذكره السيد في البرهان(٢) (٣ / ٧٩٥)، وكذلك غير واحد من أعلام الطائفة أخذاً عن الكليني.

٢٠ - روى شيخنا أبو علي الفتال في روضة الواعظين(٣) (ص ١٢١) عن الإمام الصادق عليه السلام قال: لما حضر أبا طالب رضي الله عنه الوفاة جمع وجوه قريش فوصاهم فقال: يا معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه، وقلب العرب، وأنتم خزنة الله في أرضه وأهل حرمه، فيكم السيد المطاع، الطويل الذراع، وفيكم المقدام الشجاع، الواسع الباع، إعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المفاخر نصيباً إلا حزتموه، ولاشرفاً لا أورثتموه فلكم على الناس بذلك الفضيلة، ولهم به إليكم الوسيلة، والناس لكم حرب إلى آخر مر في (ص ٣٦٦) من مواقف سيدنا أبي طالب المشكورة المروية من طرق أهل السنة، وذكر هذه الوصية شيخنا العلامة المجلسي في البحار(٤) (٩ / ٢٣).

٢١ - حدث شيخنا أبو جعفر الصدوق في إكمال الدين(٥) (ص ١٠٣)، بالإسناد

____________

(١) أصول الكافي: ١ / ٤٤٩.

(٢) تفسير البرهان: ٣ / ٢٣١.

(٣) روضة لواعظين: ١ / ١٣٩.

(٤) بحار الأنوار: ٣٥ / ١٠٦.

(٥) إكمال الدين ١ / ١٧٤.

٨٤

عن محمد بن مروان عن الإمام الصادق عليه السلام «إن أبا طالب أظهر الكفر وأسر الإيمان، فلما حضرته الوفاة أوحى الله عز وجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أخرج منها فليس لك بها ناصر. فهاجر الى المدينة».

وذكره سيدنا الشريف المرتضى في الفصول المختارة(١) (ص ٨٠) فقال: هذا يبرهن عن إيمانه لتحقيقه بنصرة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتقوية أمره.

وذيل الحديث رواه السيد الحجة ابن معد في كتابه الحجة(٢) (ص ٣٠) وقال في (ص ١٠٣): لما قبض أبو طالب اتفق المسلمون على أن جبرئيل عليه السلام نزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال له: ربك يقرئك السلام ويقول لك: ان قومك قد عولوا على أن يبيتوك وقد مات ناصرك فاخرج عنهم. وأمره بالمهاجرة. فتأمل إضافة الله تعالى أبا طالب رحمه الله إلى النبي علية السلام وشهادته له أنه ناصره، فإن في ذلك لأبي طالب أوفى فخر وأعظم منزلة، وقريش رضيت من أبي طالب بكونه مخالطاً لهم مع ما سمعوا من شعره وتوحيده وتصديقه للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولم يمكنهم قتله والمنابذة له لأن قومه من بني هاشم وإخوانهم من بني المطلب بن عبد مناف وأحلافهم ومواليهم وأتباعهم، كافرهم ومؤمنهم كانوا معه، ولو كان نابذ قومه لكانوا عليه كافة، ولذلك قال أبو لهب لما سمع قريشاً يتحدثون في شأنه ويفيضون في أمره: دعوا عنكم هذا الشيخ فإنه مغرم بابن أخيه، والله لا يقتل محمد حتى يقتل أبو طالب، ولا يقتل أبو طالب حتى تقتل بنو هاشم كافة، ولا تقتل بنو هاشم حتى تقتل بنو عبد مناف، ولا تقتل بنو عبد مناف حتى تقتل أهل البطحاء؛ فأمسكوا عنه وإلا ملنا معه. فخاف القوم أن يفعل فكفوا. فلما بلغت أبا طالب مقالته طمع في نصرته فقال يستعطفه ويرققه:

عجبت لحلم يا بن شيبة حادثٍ

وأحلام أقوامٍ لديك ضعاف

____________

(١) القصول المختارة: ص ٢٢٩.

(٢) الحجة على الذاهب الى تكفير أبي طالب: ص ٨٤ن ص ٣٤١.

٨٥

إلى آخر أبيات ذكرها أبن أبي الحديد في شرحه(١) ( ٣ / ٣٠٧) مع زيادة خمسة أبيات لم يذكرها السيد في الحجة. وذكرها ابن الشجري في حماسته (ص ١٦).

فقال السيد: فلما أبطأ عنه ما أراد منه قال يستعطفه أيضاً:

وإن امراً من قومه ابو معتب

لفي منعة من أن يسام المظالما

أقول لـه وأين منه نصيحتي

أبا معتب(٢) ثبت سوادك قائما

إلى بيات خمسة. وقد ذكرها ابن هشام في سيرته(٣) (١ / ٣٩٤) مع زيادة أربعة بيات، غير ان البيت الأول فيه:

وإن امــراً أبو عتيبة عمه

لفي روضة ما إن يسام المظالما

وذكرها(٤) ابن أبي الحديد في الشرح (٣ / ٣٠٧)؛ وابن كثير في تاريخه (٣ / ٩٣).

٢٢ - عن يونس بن نباتة عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «يا يونس ما يقول الناس في أبي طالب؟» قلت: جعلت فداك يقولون: هو في ضحضاح من نار يغلي منها أم رأسه فقال: « كذب أعداء الله، إن أبا طالب من رفقاء النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا».

كنز الفوائد لشيخنا الكراجكي (ص ٨٠)، كتاب الحجة (ص ١٧)، ضياء العالمين.

٢٣ - روى الشريف الحجة ابن معد في كتابه الحجة(٥) (ص ٢٢) من طريق

____________

(١) شرح نهج البلاغة ١٤ / ٥٧ كتاب ٩ الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص ٣٤٢.

(٢) يعني أبا لهب. (الؤلف)

(٣) السيرة النبوية: ٢ / ١٠.

(٤) شرح نهج البلاغة: ١٤ / ٥٧ كتاب ٩، البداية والنهاية: ٣ / ١١٦.

(٥) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص ١٠٤.

٨٦

شيخنا أبي جعفر الصدوق عن دواد الرقي قال: دخلت على ابي عبد الله عليه السلام ولي على رجل دين وقد خفت تواه(١) فشكوت ذلك إليه فقال عليه السلام: إذا مررت بمكة فطف عن عبد المطلب طوافاً وصل عنه ركعتين، وطف عن أبي طالب طوافا وصل عنه ركعتين وطف عن عبد الله طوافا وصل عنه ركعتين وطف عن آمنة طوافاً وصل عنها ركعتين، وعن فاطمة بنت أسد طوافاً وصل عنها ركعتين. ثم ادع الله عز وجل أن يرد عليك مالك. قال: ففعلت ذلك ثم خرجت من باب الصفا فإذا غريمي واقف يقول: يا داود جئني هناك فاقبض حقك.

وذكره العلامة المجلسي في البحار(٢) (٩ / ٢٤).

٢٤ - أخرج ثقة الإسلام الكليني في الكافي(٣) (ص ٢٤٤)؛ بالإسناد عن الإمام الصادق عليه السلام قال: بينا النبي صلى الله عليه وآله وسلم في السجد الحرام وعليه ثياب له جدد فألقى المشركون عليه سلا(٤) ناقة فملؤوا ثيابه بها فدخله من ذلك ما شاء الله، فذهب إلى أبي طالب فقال له: «يا عم، كيف ترى حسبي فيكم؟» فقال له: وما ذاك يابن أخي؟ فأخبره الخبر، فدعا أبو طالب حمزة وأخذ السيف وقال لحمزة: خذ السلا ثم توجه إلى القوم والنبي صلى الله عليه وآله وسلم معه. فأتى قريشاً وهم حول الكعبة. فلما رأوه عرفوا الشر في وجهة ثم قال لحمزة: أمر السلا على أسبلتهم(٥) ففعل ذلك حى أتى على آخرهم ثم التفت أبو طالب إلى النبي فقال: يا بن أخي هذا حسبك فينا.

وذكره جمع من الأعلام وأئمة الحديث في تآليفهم.

____________

(١) التوى: الخسارة والضياع.

(٢) بحار الأنوار: ٣٥ / ١٢٢.

(٣) أصول الكافي: ١ / ٤٤٩.

(٤) السلا: الجلدة التي يكون فيها الولد.

(٥) وفي بعض النسخ: سبالهم جمع السبلة: مقدمة اللحية وما على الشارب من الشعر. (المؤلف)

٨٧

٢٥ - أخرج أبو الفرج الأصبهاني؛ بإسناده عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «كان أمير المؤمنين عليه السلام يعجبه أن يروى شعر أبي طالب عليه السلام وأن يدون وقال: تعلموه وعلموه أولادكم فإنه على دين الله وفيه علم كثير».

كتاب الحجة (ص ٢٥)، بحار الأنوار (٩ / ٢٤)، ضياء العالمين للفتوني(١) .

٢٦ - روى شيخنا الصدوق في أماليه(٢) (ص ٣٠٤)، بالإسناد عن الإمام الصادق عليه السلام قال: «أول جماعة كانت أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب معه، إذ مر أبو طالب به وجعفر معه قال: يا بني صل جناح ابن عمك، فلما أحسه رسول الله تقدمهما، وانصرف ابو طالب مسروراً وهو يقول:

إن علياً وجعفراً ثقتي

عند ملم الزمان والكرب

إلى آخر أبيات مرت صحيفة (٣٥٦) وتأتي في (ص٣٩٧)، والحديث رواه الشيخ أبو الفتوح في تفسيره(٣) (٤ / ٢١١).

٢٧ - أخرج ثقة الإسلام الكليني في الكافي(٤) (ص ٢٤٢)، بإسناده عن درست بن أبي منصور؛ أنه سأل أبا الحسن الأول - الإمام الكاظم - عليه السلام: أكان رسول الله صلى الله عليه وآله سلم محجوجاً بأبي طالب؟ فقال: «لا، ولكنه كان مستودعاً للوصايا فدفعها إليه»، فقال: قلت: فدفع إليه الوصايا على أنه محجوج به؟ فقال: «لو كان محجوجاً به ما دفع إليه الوصية»، قال: قلت: فما كان حال أبي طالب؟ قال: «أقر بالنبي وبما جاء ودفع إليه الوصايا ومات من يومه».

____________

(١) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص ١٣٠، بحار الأنوار: ٣٥ / ١١٥.

(٢) أمالي الصدوق: ص ٤١٠.

(٣) تفسير أبي الفتوح: ٨ / ٤٧٢.

(٤) أصول الكافي: ١ / ٤٤٥.

٨٨

قال الأميني: هذه مرتبة فوق مرتبة الايمان، فإنها مشفوعة بما سبق عن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام تثبت لأبي طالب مرتبة الوصاية والحجية في وقته فضلاً عن بسيط الايمان، وقد بلغ ذلك من الثبوت إلى حد ظن السئل أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان محجوجاً به قبل بعثته، فنفى الإمام عليه السلام ذلك، وأثبت ما ثبت له من الوصاية وأنه كان خاضعاً للابراهيمية الحنيفية، ثم رضخ للمحمدية البيضاء، فسلم الوصايا للصادع بها، وقد سبق إيمانه بالولاية العلوية الناهض بها ولده البار صلوات الله وسلامة عليه.

٢٨ - أخرج شيخنا أبو الفتح الكراجكي(١) (ص ٨٠)؛ بإسناده عن بن بن محمد، قال: كتبت إلى الإمام الرضا علي بن موسي الرضا عليهما السلام: جعلت فداك. إلى آخر ما مر في (ص ٣٨١)(٢) .

وذكره(٣) السيد في كتاب الحجة (ص ١٦)، والسيد الشيرازي في الدرجات الرفيعة، والعلامة المجلسي في بحار الأنوار (ص ٣٣)، وشيخنا الفتوني في ضياء العالمين.

٢٩ - روى شيخنا المفسر الكبير بو الفتوح في تفسيره(٤) (٤ / ٢١١)؛ عن الإمام الرضا سلام الله عليه، وقال: روى عن آبائه بعدة طرق: أن نقش خاتم أبي طالب عليه السلام كان: رضيت بالله رباً، وبابن أخي محمد نبياً، وبابني علي له وصياً.

ورواه(٥) : السيد الشيرازي في الدرجات الرفيعة، والإشكوري في محبوب القلوب.

____________

(١) كنز الفوائد: ١ / ١٨٢.

(٢) مر ذكره هناك باسم أبان بن محمود كما في شرح ابن أبي الحديد، وفي كنز الفوائد: أبان بن محمد.

(٣) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص ٧٦، الدرجات الرفيعة: ص ٥٠، بحار الأنوار: ٣٥ / ١١٠.

(٤) تفسير أبي الفتوح: ٨ / ٤٧١.

(٥) الدرجات الرفيعة: ص ٦٠، محبوب القلوب: ٢ / ٣١٩.

٨٩

٣٠ - أخرج الشيخ ابو جعفر الصدوق بإسناد له: أن عبد العظيم بن عبد الله العلوي الحسني المدفون بالري كان مريضاً فكتب إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام عرفني يا بن رسول الله عن الخبر المروي أن أبا طالب في ضحضاح من نار يغلي منه دماغه. فكتب إليه الرضا عليه السلام:

«بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فإنك إن شككت في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار».

كتاب الحجة(١) (ص ١٦)، ضياء العلمين لأبي الحسن الشريف.

٣١ - أخرج شيخنا الفقيه أبو جعفر الصدوق، بالإسناد عن الإمام الحسن بن علي العسكري، عن آبائه عليهم السلام في حديث طويل: «إن الله تبارك وتعالى أوحى إلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم إني قد أيدتك بشيعتين: شيعة تنصرك سراً، وشيعة تنصرك علانية فأما التي تنصرك سرا فسيدهم وأفضلهم عمك أبو طالب، وأما التي تنصرك علانية فسيدهم وأفضلهم ابنه علي بن أبي طالب. ثم قال: وإن أبا طالب كؤمن آل فرعون يكتم إيمانه».

كتب الحجة(٢) (ص ١١٥): ضياء العالمين لأبي الحسن الشريف.

٣٢ - أخرج شيخنا الصدوق في أماليه(٣) (ص ٣٦٥) من طريق الأعمش عن عبد الله بن عباس عن أبيه قال: قال أبو طالب لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يابن أخي الله أرسلك؟ قال: «نعم». قال: فأرني آية. قال ادع لي تلك الشجرة. فدعاها فأقبلت حتى سجدت بين يديه ثم أنصرفت، فقال أبو طالب: أشهد أنك صادق، يا علي صل جناح ابن عمك.

____________

(١) الحجة علىالذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص ٨٢.

(٢) المصدر السابق: ص ٣٦٢.

(٣) أمالي الصدوق: ص ٤٩١.

٩٠

ورواه أبو عي الفتال في روضة الواعظين(١) (ص ١٢١)، ورواه السيد ابن معد في الحجة(٢) (ص ٢٥) ولفظه: قال أبو طالب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمحضر من قريش ليريهم فضله: يا بن أخي الله أرسلك؟ قال: نعم. قال: إن للأنبياء معجزاً وخرق عادة فأرنا آية قال: «ادع تلك الشجرة وقل لها: يقول لك محمد بن عبد الله: أقبلي بإذن الله». فدعاها فأقبلت حتى سجدت بين يديه ثم أمرها بالانصراف فانصرفت، فقال أبو طالب: أشهد أنك صادق. ثم قال لابنه علي عليه السلام: يا بني الزم ابن عمك.

وذكره غير واحد من أعلام الطائفة.

٣٣ - أخرج أبو جعفر الصدوق قدس الله سره في الأمالي(٣) (ص ٣٦٦) بإسناده عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس أنه سأله رجل فقال له: يا بن عم رسول الله أخبرني عن أبي طالب هل كان مسلماً؟ قال: وكيف لم يكن مسلماً وهو القائل:

وقد علموا أن ابننا لا مكذب

لدينا ولا يعبا بقيل الأ باطل

إن أبا طالب كان مثله كمثل أصحاب الكهف حين أسروا الإيمان وأظهروا الشرك فآتاهم الله أجرهم مرتين.

ورواه السيد ابن معد في الحجة(٤) (ص ٩٤، ١١٥)، وذكره غير واحد من أئمة الحديث.

٣٤ - أخرج شيخنا أبو علي الفتال النيسابوري في روضة الواعظين(٥)

____________

(١) روضة الواعظين: ١ / ١٣٩.

(٢) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص ١٢٨.

(٣) أمالي الصدوق: ص ٤٩١.

(٤) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص ٣١٩ - ٣٢٢.

(٥) روضة الواعظين: ١ / ١٤٠.

٩١

(ص ١٢٣) عن ابن عباس قال: مر أبو طالب ومعه جعفر ابنه برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في المسجد الحرام يصلي صلاة الظهر وعلي عليه السلام عن يمينه، فقال أبو طالب لجعفر: صل جناح ابن عمك، فتقدم جعفر وتأخر علي واصطفا خلف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قضى الصلاة، وفي ذلك يقول أبو طالب:

إن علياً وجعفـــراً ثقتي

عند ملم الزمــان و النوب(١)

أجعلهمـا عرضة العداء إذا

أترك ميتاً وأنتمي إلى حسبي

لا تخذلا وانصرا ابن عمكما

أخي لأمي من بينهــم وأبي

واللــه لا أخذل النبي ولا

يخذله من بنــي ذو حسب(٢)

وأخرج سيدنا ابن معد في كتاب بالحجة(٣) (ص ٥٩)، بإسناده عن عمران بن الحصين الخزاعي قال: كان والله إسلام جعفر بأمر أبيه، ولذلك: مر أبو طالب ومعه ابنه جعفر برسول الله وهو يصلي وعلي عليه السلام عن يمينه، فقال أبو طالب لجعفر: صل جناح اين عملك فجاء جعفر فصلى مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فلما قضى صلاته قال له النبي صلىالله عليه وآله وسلم: «يا جعفر وصلت جناح ابن عمك، إن الله يعوضك من ذلك جناحين تطير بهما في الجنة». فأنشأ أبو طالب رضوان الله عليه يقول:

إن عليا ً وجعفـــراً ثقتي

عند ملــم الزمان والنوب

لا تخذلا وانصرا ابن عمكما

أخي لأمي مـن بينهم وأبي

إن أبا معتب قــد أسلمنا

ليس أبـو معتب بذي حدب(٤)

والله لا أخذل النبــي ولا

يخذله من بنــي ذو حسب

____________

(١) وفي نسخة: عند احتدام الهموم والكرب. (المؤلف)

(٢) راجع فيما أسلفناه: ص ٣٩٤. (المؤلف)

(٣) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص ٢٤٩.

(٤) أبو معتب كنية أبي لهب كما مر. ذي حدب: ذي تعطف. (المؤلف)

٩٢

حتى ترون الرؤوس طائحة

منـا ومنكــم هناك بالقضب

نحــن وهذا النبي أسرته

نضرب عنـه الأعداء كالشهب

إن نلتمــوه بكل جمعكم

فنحن فــي الناس ألأم العرب

ورواه شيخنا أبو الفتح الكرجكي(١) بطريق آخر عن أبي ضوء بن صلصال قال: كنت أنصر النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أبي طالب قبل إسلامي، فإني يوماً لجالس بالقرب من منزل أبي طالب في شدة القيظ إذ خرج أبو طالب إلي شبيهاً بالملهوف، فقال لي: يا أبي الغضنفر هل رأيت هذين الغلامين؟ يعني النبي وعلياً عليهما السلام فقلت: ما رأيتهما مذ جلست، فقال: قم بنا في الطلب لهما فلست آمن قريشاً أن تكون اغتالتهما، قال: فمضينا حتى خرجنا من أبيات مكة ثم صرنا إلى جبل من جبالها فاسترقيناه إلى قلته، فإذا النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي عن يمينه وهما قائمان بإزاء عين الشمس يركعان ويسجدان، فقال أبو طالب لجعفر ابنه وكان معنا: صل جناح ابن عمك. فقام إلى جنب علي فأحس بهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتقدمهما وأقبلوا على أمرهم حتى فرغوا مما كانوا فيه، ثم أقبلوا نحونا فرأيت السرور يتردد في وجه أبي طالب ثم نبعث يقول الابيات.

٣٥ - عن عكرمة عن أبن عباس قال: أخبرني أبي أن أبا طالب رضي الله عنه شهد عند الموت أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله. ضياء العالمين.

٣٦ - في تفسير وكيع(٢) من طريق أبي ذر الغفاري؛ أنه قال: والله الذي لا إله إلا هو ما مات أبو طالب رضي الله عنه حتى أسلم بلسان الحبشة، قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أتفقه الحبشة؟ قال: يا عم إن الله علمني جميع الكلام. قال: يا محمد اسدن لمصاقا قاطا لاها يعني أشهد مخلصاً لا إله إلا الله، فبكى رسول الله صلى الله علي وآله وسلم وقال: إن الله أقر

____________

(١) كنز الفوائد: ١ / ١٨١.

(٢) هو وكيع بن الجراح الرؤاسي، توفي سنة ١٩٧هـ كان حافظاً للحديث، له عدة تصانيف، منها تفسير القرآن، والمعرفة، والتاريخ.

٩٣

عيني بأبي طالب. ضياء العالمين لشيخنا أبي الحسن الشريف.

أحب سيد الأبطح الشهادة بلغة الحبشة في موقفه هذا بعد ما أكثرها بلغة الضاد وبغيرها، كما فصل القول فيها شيخنا الحجة أبو الحسن الشريف الفتوني المتوفى (١١٣٨) في كتابه القيم الضخم ضياء العالمين، وهو أثمن كتاب ألف في الإمامة.

٣٧ - روى شيخنا أبو الحسن قطب الدين الراوندي في كتابه الخرائج والجرائح(١) عن فاطمة بنت أسد أنها قالت: لما توفي عبد المطلب أخذ أبو طالب النبي صلى الله عليه وأله وسلم عنده لوصية أبيه به، وكنت أخدمه، وكان في بستان دارنا نخلات، وكان أول إدراك الرطب، وكنت كل يوم ألتقط له حفنة من الرطب فما فوقها وكذلك جاريتي، فاتفق يوماً أن نسيت أن التقط له شيئاً ونسيت جارتي أيضاً، وكان محمد نائماً ودخل الصبيان وأخذوا كل ما سقط من الرطب وانصرفوا، فنمت ووضعت الكم على وجهي حياءً من محمد صلى الله علية وآله وسلم إذاانتبه، فانتبه محمد صلى الله عليه وآله وسلم ودخل البستان فلم ير رطبةً على وجه الأرض فأشار إلى نخلة وقال: أيتها الشجرة أنا جائع. فرأيت النخلة قد وضعت أغصانها التي عليها الرطب حتى أكل منها ما أراد ثم ارتفعت إلى موضعها، فتعجبت من ذلك وكان أبو طالب رضي الله عنه غائبا فلما أتى وقرع الباب عدوت إليه حافية وفتحت الباب وحكيت له ما رأيت فقال هو: إنما يكون نبياً وأنت تلدين له وزيراً بعد يأس. فولدت علياً عليه السلام كما قال.

٣٨ - روى شيخنا الفقيه الأكبر ابن بابويه الصدوق في أمامليه(٢) (ص ١٥٨)، بالإسناد عن أبي طالب سلام الله عليه قال: قال عبد المطلب: بينا أنا نائم في الحجر إذ رأيت رؤيا هالتني فأتيت كاهنة قريش وعلي مطرف خز وجمتي تضرب منكبي، فلما نظرت إلي عرفت في وجهي التغير، فاستوت وأنا يومئذ سيد قومي، فقالت: ما شأن

____________

(١) الخرائج والجرائح: ١ / ١٣٨.

(٢) أمالي الصدوق: ص ٢١٦.

٩٤

سيد العرب متغير اللون؟ هل رابه من حدثان الدهر ريب؟ فقلت لها: بلى إني رأيت الليلة وأنا نائم في الحجر كأن شجرة قد نبتت عل ظهري قد نال رأسها السماء وضربت بأعضانها الشرق والغرب، ورأيت نوراً يظهر منها أعظم من نور الشمس سبعين ضعفاً، ورأيت العرب والنجم ساجدة لها، وهي كل يوم تزداد عظماً ونوراً، ورأيت رهطاً من قريش يريدون قطعها فإذا دنوا أخذهم شاب من أحسن الناس وجهاً وأنظفهم ثيابا فيأخذهم شاب من أحسن الناس وجهاً وأنظفهم ثياباً فيأخذهم ويكسر ظهورهم ويقلع أعينهم، فرفعت يدي لأتناول غصناً من أغصانها فصاح بي الشاب وقال: مهلاً ليس لك منها نصيب، فقلت: لمن النصيب والشجرة مني؟ فقال: النصيب لهؤلاء الذين قد تعلقوا بها وسيعود إليها، فانتبهت مذعوراً فزعاً متغير اللون، فرأيت لون الكاهنة قد تغير ثم قالت: لئن صدقت ليخرجن من صلبك ولد يملك الشرق والغرب وينبأ في الناس. فتسرى عني غمي، فانظر أبا طالب لعلك تكون أنت، وكان أبو طالب يحدث بهذا الحديث والنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد خرج ويقول: كانت الشجرة والله أب القاسم الأمين.

٣٩ - قال السيد الحجة في كتابه الحجة(١) (ص ٦٨): ذكر الشريف النسابة العلوي العمري المعروف بالموضح، بإسناده: أن أبا طالب لما مات لم تكن نزلت الصلاة على الموتى، فما صلى النبي عليه ولا على خديجة، وإنما اجتازت جنازة أبي طالب والنبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وجعفر وحمزة جلوس، فقاموا وشيعوا جنازته واستغفروا له فقال قوم: نحن نستغفر لمو تانا وأقاربنا المشركين أيضاً ظناً منهم أن أبا طالب مات مشركاً لأنه كان يكتم إيمانه، فنفى الله عن أبي طالب الشرك ونزه نبيه صلى الله عليه وآله وسلم والثلاثة المذكورين عليهم السلام عن الخطأ في قوله:( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَىٰ ) (٢) ، فمن قال بكفر أبي طالب فقد حكم على النبي

____________

(١) الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب: ص ٢٦٨.

(٢) التوبة: ١١٣.

٩٥

بالخطأ والله تعالى قد نزهه عنه في أقواله وأفعاله. إلى آخره.

وأخرج أبو الفرج الأصبهاني؛ بالإسناد عن محمد بن حميد قال: حدثني أبي قال: سئل أبو الجهم بن حذيفة: أصلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم على أبي طالب؟ فقال: وأين الصلاة يومئذ؟ إنما فرضت الصلاة بعد موته، ولقد حزن عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأمر علياً بالقيام بمره وحضر جنازته، وشهد له العباس وأبو بكر بالإيمان وأشهد على صدقهما لأنه كان يكتم إيمانه ولو عاش إلى ظهور الإسلام لأظهر إيمانه.

٤٠ - عن مقاتل: لما رأت قريش يعلو أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالوا: لا نرى محمداً يزداد إلا كبراً وإن هو إلا ساحر أو مجنون، فتعاقدوا لئن مات أبو طالب رضي الله عنه ليجمعن كلها عن قتله فبلغ ذلك ابا طالب فجمع بني هاشم واحلافهم من قريش فوصاهم بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال: ابن أخي كل ما يقول أخبرنا بذلك آباؤنا وعلماؤنا، وإن محمدا نبي صادق، وأمين ناطق، وأن شأنه أعظم شأن، ومكانه من ربه أعلى مكان، فأجيبوا دعوته واجتمعوا على نصرته، وراموا عدوه من وراء حوضته، فإنه الشرف الباقي لكم طول الدهر، ثم أنشأ يقول:

أوصي بنصر النبي الخير مشهده

علياً أبني وعم الخيـــر عباسا

وحمـزة الأسد المخشي صولته

وجعفراً أن يذودا دونـــه الناسا

وهاشماً كلهــا أوصي بنصرته

أن يأخذوا دون حرب القوم أمراسا(١)

كونوا فداءً لكـم أمي وما ولدت

من دون أحمد عند الروع أتـراسا

بكل أبيض مصقـول ٍ عوارضه

تخاله في سواد الليل مقباســـا(٢)

قال الأميني هذه جملة مما أوقفنا السير عليه من أحاديث رواة الحق والحقيقة وصفحنا عما يربو على الأربعين روماً للاختصار، فأنت ذا أضفت إليها ما أسلفناه مما

____________

(١) أمراس: جمع مرس، وهو الحبل.

(٢) ضياء العالمين لشيخنا الفتوني. (المؤلف)

٩٦

يروى عن آل أبي طالب وذويه، وأشفعتها بما مر من أحاديث مواقف سيد الأباطح، وجمعتها مع ما جاء من الشهادات الصريحة في شعره تربو الأدلة على إيمانه الخالص وإسلامه القويم على مائة دليل، فهل من مساغ لذي مسكة أن يصفح عن هذه كلها؟ وكل واحد منها يحق أن يستند له في إسلام أي أحد، نعم، إن في أبي طالب سراً لا يثبت إيمانه بألف دليل، وإيمان غيره يثبت بقيل مجهول ودعوى مجردة! إقرأ واحكم.

وقد فصل القول في هذه الأدلة جمع من أعلام الطائفة؛ كشيخنا العلامة الحجة المجلسي في بحار لأنوار(١) (٩ / ١٤ - ٣٣)، وشيخنا العلم القدوة أبي الحسن الشريف الفتوني في الجزء الثاني من كتابه القيم الضخم ضياء العالمين - والكتاب موجود عندنا - وهو أحسن ما كتب في الموضوع، كما أن ما ألفه السيد البرزنجي ولخصه السيد أحمد زيني دحلان أحسن ما ألف في الموضوع بقلم أعلام أهل السنة، وأفرد ذلك بالتأليف آخرون منهم:

١ - سعد بن عبد الله أبو القاسم الأشعري القمي: المتوفى (٢٩٩، ٣٠١)، له كتاب فضل أبي طالب وعبد المطلب وعبد الله أبي النبي صلى الله عليه وآله وسلم. رجال النجاشي(٢) (ص ١٢٦).

٢ - أبو علي الكوفي أحمد بن محمد بن عمار: المتوفى (٣٤٦)، له كتاب إيمان أبي طالب كما في فهرست الشيخ (ص ٢٩)، ورجال النجاشي(٣) (ص ٧٠).

٣ - أبو محمد سهل بن أحمد بن عبد الله الديباجي، سمع منه التلعكبري سنة (٣٧٠) له كتاب إيمان أبي طالب، ذكره النجاشي في فهرسته(٤) (ص ١٣٣).

____________

(١) بحار الأنوار: ٣٥ / ٧٤ - ١٣١.

(٢) رجال النجاشي: ص ١٧٧ رقم ٤٦٧.

(٣) المصدر السابق: ص ٩٥ رقم ٢٣٦.

(٤) المصدر السابق: ص ١٨٦ رقم ٤٩٣.

٩٧

٤ - أبو نعيم علي بن حمزة البصري التميمي اللغوي: المتوفى (٣٧٥)، له كتاب إيمان أبي طالب، توجد نسخته عند شيخنا الحجة ميرزا محمد الطهراني(١) في سامراء المشرفة، نقل عنه بعض فصوله الحافظ ابن حجر في الإصابة(٢) في ترجمة أبي طالب واتهم مؤلفه بالرفض.

٥ - أبو سعيد محمد بن أحمد بن الحسين الخزاعي النيسابوري جد المفسر الكبير الشيخ أبي الفتوح الخزاعي لأمه، له كتاب منى الطالب في إيمان أبي طالب. رواه الشيخ منتجب الدين كما في فهرسته(٣) (ص ١٠) عن سبطه الشيخ أبي الفتوح عن ابيه عنه.

٦ - أبو الحسن علي بن بلال بن أبي معاوية المهلبي الأزدي، له كتاب البيان عن خيرة الرحمن في إيمان ابي طالب وآباء النبي صلى الله عليه وآاله وسلم، ذكره له الشيخ في فهرسته (ص ٩٦) والنجاشي(٤) (ص ١٨٨).

٧ - أحمد بن القاسم، له كتاب إيمان أبي طالب، رآه النجاشي كما في فهرسته(٥) (ص ٦٩) بخط الحسين بن عبيد لله الغضائري.

٨ - أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن طرخان الكندي الجرجاني صديق النجاشي: المتوفى (٤٥٠)، ذكر له النجاشي في فهرسته(٦) (ص ٦٣) كتاب إيمان أبي طالب.

____________

(١) توفي قدس الله سره وأبقى له آثاراً ومآثر تذكر مع الأبد وتشكر. (المؤلف)

(٢) الإصابة: ٤ / ١١٥ - ١١٩ رقم ٦٨٥.

(٣) فهرس منتجب الدين: ص ١٥٧.

(٤) رجال النجاشي: ص ٢٦٥ رقم ٦٩٠.

(٥) المصدر السابق: ص ٩٥ رقم ٢٣٤.

(٦) المصدر السابق: ص ٨٧ رقم ٢١٠ وقيه: الجرجراني.

٩٨

٩ - شيخنا الأكبر أبو عبد اللله المفيد محمد بن النعمان: المتوفى (٤١٣) له كتاب إيمان أبي طالب، كما في فهرست النجاشي(١) (ص ٢٨٤).

١٠ - أبو علي شمس الدين السيد فخار بن معد الموسوي: المتوفى (٦٣٠)، له كتاب الحجة على الذاهب إلى تكفير أبي طالب، قرظه العلامة السيد محمد صادق بحر العلوم بقوله:

بشراك فخار بما أولا

ك الخالق في يوم المحشر

نـزهت بحجتك الغرا

شيخ البطحاء أبا حيــدر

عما نسبوه إليه من الـ

ـكفر المردود دعاة الشر

أنـى وبه قام الإسلام

م فنال بعلياه المفخـــر

قسماً بولاء أبي حسنٍ

لولاه الدين لما أزهــر

فعليه من الله الرضوا

ن وللعـــدا نارٌ تسعر

١١ - سيدنا الحجة أبو الفضائل أحمد بن طاووس الحسيني: المتوفى (٦٧٣)، له كتاب إيمان أبي طالب، ذكره في كتابه بناء المقالة العلوية لنقض الرسالة العثمانية، وهو كتاب في الإمامة ألفه في الرد على رسالة أبي عثمان الجاحظ.

١٢ - السيد الحسين الطباطبائي اليزدي الحائري الشهير بالواعظ: المتوفى (١٣٠٦)، له كتاب بغية الطالب في إيمان أبي طالب، فارسي مطبوع.

١٣ - المفتي الشريف السيد محمد عباس التستري الهندي: المتوفى (١٣٠٦)، له كتاب بغية الطالب في إيمان أبي طالب، أحد شعراء الغدير، تأتي ترجمته في القرن الرابع عشر إ ن شاء الله تعالى.

١٤ - شمس العلماء ميرزا محمد حسين الكركاني، له كتاب مقصد الطالب في

____________

(١) رجال النجاشي: ص ٣٩٩ رقم ١٠٦٧.

٩٩

إيمان آباء النبي وعمه أبي طالب، فارسي طبع في بمبي سنة (١٣١١).

١٥ - الشيخ محمد علي بن ميرزا جعفر علي الفصيح الهندي نزيل مكة المعظمة، له كتاب القول الواجب في إيمان أبي طالب.

١٦ - شيخنا الحجة الحاج ميرزا محسن ابن العلامة الحجة ميرزا محمد التبريزي(١) .

١٧ - السيد محمد علي آل شرف الدين العاملي(٢) ، له كتاب شيخ الأبطح و أبو طالب، طبع في بغداد سنة (١٣٤٩) في (٩٦) صفحة وقد جمع فيه فأوعى، ولم يبق في القوس منزعاً.

١٨ - الشيخ ميرزا نجم الدين ابن شيخنا الحجة ميرزا محمد الطهراني، له كتاب الشهاب الثاقب لرجم مكفر أبي طالب.

١٩ - الشيخ جعفر بن الحاج محمد النقدي المرحوم، له كتاب مواهب الواهب في فضائل أبي طالب، طبع في النجف الأشرف سنة (١٣٤١ في (١٥٤) صفحة، فيه فوائد جمة وطرائف ونوادر.

وقد نظم ذلك كثيرون من أعاظم الشيعة في قريضهم، ومما يسعنا إثباته هاهنا قول السيد أبي محمد عبد الله بن حمزة الحسني الزيدي من قصيدة:

حماه أبونا أبـــــو طالب

وأسلم والناس لــم تسلــــم

وقــــد كــان يكتم إيمانه

وأما الولاء فلــــم يكتــــم

____________

(١) له كتاب إيمان أبي طالب وأحوله وأشعاره. راجع الذريعة الى تصانيف الشيعة: ٢ / ٥١٣ رقم ٢٠١٥.

(٢) انتقل إلى دار البقاء سنة ١٣٧٢ وأبقى لهفةً وجوىً في قلوب أمة كبيرة كانت تعرفه بفضائله وفواضله. (المؤلف)

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303