حياة الإمام الرضا (عليه السلام) الجزء ٢

حياة الإمام الرضا (عليه السلام)15%

حياة الإمام الرضا (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: انتشارات سعيد بن جبير
تصنيف: الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصفحات: 375

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 375 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 204503 / تحميل: 8459
الحجم الحجم الحجم
حياة الإمام الرضا (عليه السلام)

حياة الإمام الرضا (عليه السلام) الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: انتشارات سعيد بن جبير
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

١

٢

٣

حياة الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام

دراسة وتحليل

الجزء الثاني

باقر شريف القرشي

منشورات سعيد بن جبير

٤

٥

بسم الله الرحمن الرحيم

( إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً * قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ).

صدق الله العليّ العظيم

القرآن الكريم   

٦

٧

تقديم

(١)

في سيرة الإمام الرضاعليه‌السلام ملتقى أصيل للمثل العليا، والقيم الكريمة التي يعتز بها هذا الكائن الحي من بني الإنسان. ولعلّ الجانب الروحي من أظهر مميزاته وسماته، فقد انقطع إلى الله تعالى انقطاعاً كاملاً حتى تفاعل حبّه مع جميع ذاتياته وعناصره، وقد أثّرت روحانيته على الزاهد المعروف بـ‍ (معروف الكرخي ) الذي كان من أعبد أهل زمانه فقد كانت هدايته، ونكرانه لذاته، وانصرافه عن ملاذ حياته على يد الإمامعليه‌السلام ، فقد رأى صرحاً من القداسة والطهر فتكهرب به، وانجذب إليه، وسار على هديه في التجرّد عن الدنيا، والإقبال على الخالق العظيم.

(٢)

لقد كانت قيم الإمام العظيم مضرب المثل، في عصره، واستوعبت جميع لغات العصر، فقد شاعت مواهبه وعبقرياته، واحتفاف العلماء والرواة به، وهم ينتهلون من نمير علومه، ويسجّلون ما يفتي به، وما يدلي به من روائع الحكم والآداب... وقد تحدثت الأندية والمجالس عن روعة دفاعه عن الفكر الإسلامي؛ وذلك في مناظراته القيّمة، واحتجاجاته الصارمة على العلماء والفلاسفة من مختلف المذاهب والأديان، وقد خاض القسم الأوفر منها في البلاط العباسي في (خراسان )، وقد ذكرنا نماذج منها في الحلقة الأُولى من هذا الكتاب.

(٣)

ولم يعرف السلك الدبلوماسي في العصر الأموي والعباسي مثل المأمون في

٨

صياغته للمخططات السياسية، والتغلّب على مجريات الأحداث مهما كانت غامضة ومعقّدة، فقد أحاطت به أزمات خطيرة وحرجة جداً، كادت أن تقضي على حكومته، وتلفّ لواءها، وكان من أبرزها شيوع الفتن والثورات الشعبية في معظم أرجاء العالم الإسلامي التي سئمت من الحكم العباسي، بالإضافة إلى صراعه المسلّح مع أخيه الأمين، وقتله له، وقد تخلّص من هذه الأحداث بمهارة فائقة فأجبر الإمام الرضاعليه‌السلام على قبول ولاية العهد التي هي أسمى مركز في الدولة العباسية بعد الخلافة، وضرب السكّة الرسمية باسمه، وأخذت وسائل إعلامه تذيع بين المسلمين فضل المأمون وما أسداه من الإحسان إلى أهل البيتعليهم‌السلام ، فقد رشّح سيّدهم وإمامهم لهذا المنصب الخطير، ونقل بذلك الخلافة من بني العباس إلى السادة العلويين الذين هم دعاة العدل الاجتماعي والعدل السياسي في الإسلام، وقد أُخمدت بهذه الخديعة نيران الحروب، وقضي على وسائل الفتن والتمرّد على حكومته.

(٤)

وكان الإمام الرضاعليه‌السلام على علم - لا يخامره شك - بنوايا المأمون وزيف ما أظهره من الولاء الكاذب للأُسرة العلوية، وأنّه يضمر له بالذات خلاف ما يظهره، وأنّه يبغي له الغوائل، ويكيده في غلس الليل وفي وضح النهار، فلم يشتركعليه‌السلام مع جهاز حكومته، ولم يبد أي نشاط أو تجاوب بأي عمل من أعمال الدولة، فقد تجرّد تجرّداً تامّاً عن جميع شؤونها، ولم يبق له سوى الاسم أنّه: ولي عهد المأمون. ويلقي هذا الكتاب الأضواء على هذه الجوانب، وما ألمّ بها من أحداث.

(٥)

وقد ألمحنا في تقديم الجزء إلى بحوث هذا الكتاب ومحتوياته بجزأيه، وإنّما كرّرنا ذكر بعضها في هذا التقديم نظراً لأهمّيتها، وبعد نظر القرّاء إليها، سائلين من الله تعالى أن يحشرنا يوم نلقاه في زمرة العارفين بفضل أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، اّنه تعالى وليّ القصد والتوفيق.

النجف الأشرف / المؤلِّف باقر شريف القرشي

٩

علل الأحكام وغيرها

وأجمعت العدلية من الشيعة والمعتزلة على أنّ كل حكم صادر من الشارع المقدّس لم يكن عفوياً مطلقاً، وإنّما كان منوطاً بمصلحة شاملة للفرد والمجتمع تعود عليهم بالخير العميم، سواء أكان ذلك الحكم واجباً أم مندوباً، وكذلك إذا كان الحكم محرّماً أم مكروهاً، فإنّه يشتمل على مفسدة ملزمة أو غير ملزمة تعود بالضرر الجسيم على الإنسان، وأنّ من المستحيل أن يصدر حكم من الشارع العظيم خالياً من المصالح أو فيه من المفاسد، فإنّ ذلك يستلزم الطعن في حكمة الشارع، كما يستلزم لغوية التشريع، وعدم فائدته. وخالفت في ذلك الأشاعرة فزعمت أنّ أحكام الشارع كلّها عفوية ومجرّدة عن الحكم والمصالح وهذا الرأي بادي الوهن يترتّب عليه كثير من اللوازم الفاسدة ذكرتها مصادر علم الكلام.

وعلى أي حال فقد أعلن الإمام الرضاعليه‌السلام عن ضرورة اشتمال الأحكام الشرعية على المصالح في جانب الواجبات والمفاسد في جهة المحرمات، وقد أدلى بذلك في تقديم أجوبته عن علل بعض الأحكام التي سأله عنها الفضل بن شاذان، قالعليه‌السلام : (إن سأل سائل هل يجوز أن يكلف الحكيم عبده فعلاً من الأفعال لغير علّة ولا معنى؟ قيل له: يجوز ذلك لأنّه حكيم غير عابث ولا جاهل. فإن قال قائل: فأخبرني لِم كلّف الخلق؟ قيل لعلل كثيرة. فإن قال فأخبرني عن تلك العلل

١٠

معروفة موجودة هي أم غير معروفة ولا موجودة قيل: بل هي معروفة موجودة عند أهلها(١) .

وعلى أي حال فقد شاعت في عصر الإمام تساؤلات كثيرة عن علل بعض البحوث الكلامية كما شاعت تساؤلات أخرى عن الحكمة في تشريع بعض الأحكام الشرعية، وهناك تساؤلات أخرى عن أحوال الأنبياء وشؤون الأمم الماضية، وقد عُرضت على الإمام الرضاعليه‌السلام فأجاب عنها وقد عرض عليه كوكبة منها محمد بن سنان كما سمع الفضل بن شاذان جملة منها من الإمامعليه‌السلام وفيما يلي عرض لها:

المسائل الكلامية:

أمّا المسائل الكلامية التي ذكر عللها الإمامعليه‌السلام فهي:

أ - الحكمة في أمر الخلق بالإقرار بالله:

وأدلى الإمامعليه‌السلام بالحكم الوثيقة التي من أجلها وجب على العباد الإقرار بالله تعالى، وبرسله وبما جاء من عنده، قالعليه‌السلام : (فإن قال قائل: لِم أمر الخلق بالإقرار بالله، وبرسوله، وحجّته وبما جاء من عند الله عزّ وجل؟...

وأجاب الإمام بما يلي:

قيل: لعلل كثيرة منها: إنّ مَن لم يقر بالله عزّ وجل ولم يجتنب معاصيه ولم ينته عن ارتكاب الكبائر ولم يراقب أحداً فيما يشتهي، ويستلذ من الفساد والظلم، وإذا فعل الناس هذه الأشياء وارتكب كل إنسان ما يشتهي ويهواه من غير مراقبة لأحد كان في ذلك فساد الخلق أجمعين ووثوب بعضهم على بعض فغصبوا الفروج والأموال وأباحوا الدماء والنساء وقتل بعضهم بعضاً من غير حق ولا جرم فيكون في ذلك خراب الدنيا وهلاك الخلق وفساد الحرث والنسل.

ومنها: أنّ الله عزّ وجل حكيم ولا يكون الحكيم ولا يوصف بالحكمة إلاّ الذي يحظر الفساد ويأمر بالصلاح ويزجر عن الظلم وينهى عن الفواحش، ولا يكون حظر الفساد والأمر بالصلاح والنهي عن الفواحش إلاّ بعد الإقرار بالله عزّ وجل ومعرفة الآمر والناهي.

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ٩٩.

١١

ولو ترك الناس بغير إقرار بالله عزّ وجل ولا معرفته لم يثبت أمر بصلاح ولا نهي عن فساد؛ إذ لا آمر ولا ناهي، ومنها إنّا وجدنا الخلق قد يفسدون بأمور باطنة مستورة فلولا الإقرار بالله وخشيته بالغيب لم يكن أحد إذا خلا بشهوته وإرادته يراقب أحداً في ترك المعصية وانتهاك حرمة وارتكاب كبيرة إذا كان فعله مستوراً عن الخلق غير مراقب لأحد فكان يكون في ذلك خلاف الخلق أجمعين فلم يكن قوام الخلق وصلاحهم إلاّ بالإقرار منهم بعليم خبير يعلم السر وأخفى آمر بالصلاح ناه عن الفساد لا تخفى عليه خافية ليكون في ذلك انزجار لهم عمّا يخلون به من أنواع الفساد(١) .

إنّ أوثق عملية لاستئصال الجريمة وإقصائها عن الفرد والمجتمع، وتطهير الأرض من الذنوب والآثام، هو غرس الإيمان بالله تعالى في أعماق النفوس ودخائل القلوب والاعتقاد بأنّه تعالى بالمرصاد لكل مَن يقترف جريمة وإثماً في حق نفسه ومجتمعه، وأنّه سيعاقبه بأقسى ألوان العقاب عليها.

ومن الطبيعي أنّ الإنسان بمقتضى حبه لذاته، وسعيه لطلب الخير له، سوف يمتنع من اقتراف أي ذنب يؤدّي إلى هلاكه وشقائه.

لقد ازدادت الجرائم في هذه العصور وازدادت العمليات الإرهابية كقتل الأبرياء واختطاف الطائرات وما شابه ذلك من الجرائم والموبقات؛ وذلك مسبب عن ضعف الإيمان بالله وقلّة الوازع الديني في النفوس.

إنّ الإيمان بالله تعالى تبتنى عليه قوى الخير والسلام في الأرض، وأنّه أوثق طريق لإشاعة العدل والأمن والرخاء بين الناس، وبقلّة الإيمان وانعدامه ستزداد محنة الإنسان وشقاؤه وبلاؤه.

ب - بالإقرار لله بالوحدانية:

قالعليه‌السلام : فإن قال قائل: فلِمَ أوجب عليهم الإقرار والمعرفة بأنّ الله واحد أحد؟.

قيل لعلل منها: أنّه لو لم يجب عليهم الإقرار والمعرفة لجاز أن يتوهّموا مدبرين أو أكثر من ذلك، وإذا جاز ذلك لم يهتدوا إلى الصانع لهم من غيره؛ لأنّ كل

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ١٠٠.

١٢

إنسان منهم كان لا يدري لأنّه إنّما يعبد غير الذي خلقه ويطيع غير الذي أمره فلا يكونون على حقيقة من صانعهم وخالقهم، ولا يثبت عندهم أمر آمر ولا نهي ناهٍ إذا لا يعرف الآمر بعينه ولا الناهي من غيره.

ومنها أنّه لو جاز أن يكون اثنين لم يكن أحد الشريكين أولى بأن يُعبد ويُطاع من الآخر وفي إجازة أن يطاع ذلك الشريك إجازة أن لا يطاع الله، وفي إجازة أن لا يطاع الله كفر بالله وبجميع كتبه ورسله، وإثبات كل باطل وترك كل حق وتحليل كل حرام وتحريم كل حلال والدخول في كل معصية والخروج من كل طاعة.

وإباحة كل فساد وإبطال كل حق. ومنها أنّه لو جاز أن يكون أكثر من واحد لجاز لإبليس أن يدعي أنّه ذلك الآخر حتى يضاد الله تعالى في جميع حكمه ويصرف العباد إلى نفسه فيكون في ذلك أعظم الكفر وأشد النفاق...(١) .

وحكى هذا المقطع ضرورة الإيمان بوحدانية الله تعالى واستحالة وجود شريك له، وقد أدلى الإمامعليه‌السلام بأدلته الرائعة على ذلك، وأنّه يلزم من وجود شريك لله تعالى اختلال النظام وفساد الكون وانعدام التوازن في هذه العوالم.

ج - الله ليس كمثله شيء:

قالعليه‌السلام : (فإن قال قائل: فلم أوجب عليهم الإقرار بالله بأنّه ليس كمثله شيء؟

قيل: لعلل منها: أن لا يكونوا قاصدين نحوه بالعبادة والطاعة دون غيره غير مشتبه عليهم أمر ربّهم وصانعهم ورازقهم، ومنها أنّهم لو لا يعلموا أنّه ليس كمثله شيء لم يدروا لعلّ ربّهم وصانعهم هذه الأصنام التي نصبها لهم آباؤهم والشمس والقمر والنيران، إذا كان جائزاً أن يكون عليهم مشتبه وكان يكون في ذلك الفساد وترك طاعاته كلها وارتكاب معاصيه كلها على قدر ما يتناهى إليهم من أخبار هذه الأرباب وأمرها ونهيها، ومنها: أنّه لو لم يجب عليهم أن يعرفوا أن ليس كمثله شيء لجاز عندهم أن يجري عليه ما يجري على المخلوقين من العجز والجهل

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ١٠٢.

١٣

والتغيير والزوال والفناء والكذب والاعتداء ومَن جازت عليه هذه الأشياء لم يؤمن فناؤه، ولم يوثق بعدله ولم يحقق قوله وأمره ونهيه ووعده ووعيده وثوابه وعقابه وفي ذلك فساد الخلق وإبطال الربوبية...)(١) .

ذكر الإمامعليه‌السلام في هذه المقطع العلل الوثيقة التي توجب على العباد الإيمان بأنّ الله تعالى ليس كمثله شيء ولا شبيه له؛ إذ لو كان له مثل لجرى عليه تعالى ما يجري على المخلوقين من العجز والجهل والفناء وغير ذلك وفي ذلك فساد الخلق وإبطال الربوبية.

د - العلّة في تكليف العباد:

قالعليه‌السلام : (فإن قال قائل: لم أمر الله تعالى العباد ونهاهم؟

قيل: لأنّه لا يكون بقاؤهم وصلاحهم إلاّ بالأمر، والنهي والمنع من الفساد والتغاصب...)(٢) .

أفاد الإمامعليه‌السلام أنّ العلّة في التكاليف الشرعية من الواجبات والمحرمات هي بقاء الإنسان واستمرار وجوده ففيهاً صلاحه والمحافظة على أمنه ومصالحه وسعادته وفي تركها شقاؤه وهلاكه.

ه‍ـ - العلّة في معرفة الرسل:

قالعليه‌السلام : (فإن قال قائل: فلم أوجب عليهم معرفة الرسل والإقرار بهم والإذعان لهم بالطاعة؟

قيل: لأنّه لما أن لم يكن في خلقهم وقواهم ما يكملون به مصالحهم وكان الصانع متعالياً عن أن يرى وكان ضعفهم وعجزهم عن إدراكه ظاهراً لم يكن بد لهم من رسول بينه وبينهم معصوم يؤدي إليهم امره ونهيه وأدبه ويقفهم على ما يكون به اجترار منافعهم ومضارهم فلو لم يجب عليهم معرفته وطاعته، لم يكن لهم في مجيء الرسول منفعة ولا سد حاجة ولكان إتيانه عبثاً لغير منفعة ولا صلاح وليس هذا من صفة الحكيم الذي أتقن كل شيء...).

وحكى هذا المقطع الأسباب الموجبة لمعرفة الرسل والإقرار بنبوتهم وضرورة تصديقهم وإلاّ كانت معرفتهم عبثاً ولغواً.

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ١٠٣

١٤

و - الحكمة في إطاعة أولي الأمر:

قالعليه‌السلام : (فإن قال قائل: لهم جعل أولي الامر وأمر بطاعتهم؟

قيل: لعلل كثيرة منها ان الخلق لما وقفوا على حد محدود وأمروا أن لا يتعدوا ذلك الحد لما فيه من فسادهم لم يكن يثبت ذلك ولا يقوم إلاّ بأن يجعل فيه أميناً يمنعهم من التعدّي والدخول فيما حظر عليهم لأنّه لو لم يكن ذلك لكان أحد لا يترك لذّته ومنفعته لفساد غيره فجعل عليهم فيما يمنعهم من الفساد ويقيم فيهم الحدود والأحكام.

ومنها إنّا لا نجد فرقة من الفرق ولا ملة من الملل بقوا وعاشوا إلاّ بقيّم ورئيس ولما لا بد لهم منه في أمر الدين والدنيا، فلم يجز في حكمة الحكيم أن يترك الخلق ممّا يعلم أنّه لا بد له منه ولا قوام إلاّ به فيقاتلون به عدوّهم ويقسمون فيئهم ويقيم لهم جمعهم وجماعتهم ويمنع ظالمهم من مظلومهم.

ومنها: أنّه لو لم يجعل لهم إماماً قيماً أميناً حافظاً مستودعاً لدرست الملّة وذهب الدين، وغيّرت السنن والأحكام، ولزاد فيه المبتدعون، ونقص منه الملحدون وشبهوا ذلك على المسلمين؛ لأنّا وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين مع اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتت أنحائهم فلو لم يجعل لهم قيماً حافظاً لما جاء به الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله لفسدوا على نحو ما بينا وغيرت الشرايع والسنن والأحكام والإيمان، وكان في ذلك فساد الخلق أجمعين)(١) .

وتحدث الإمامعليه‌السلام في هذا المقطع عن ضرورة الإمامة، وأنّها عنصر أساس لإقامة الحياة الإسلامية وإقامة حدود الله تعالى وأحكامه وقد أقام الإمام على ذلك المزيد من العلل والأسباب.

ز - الإمامة من نسل النبي:

قالعليه‌السلام فإن قال قائل: فلم لا يجوز أن يكون الإمام من غير جنس الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟

قيل: لعلل منها أنّه لما كان الإمام مفترض الطاعة لم يكن بد من دلالة تدل عليه ويتميّز بها من غيره وهي القرابة المشهورة والوصية الظاهرة ليعرف من

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ١٠٠ - ١٠١.

١٥

غيره ويهتدي إليه بعينه، ومنها أنّه لو جاز في غير جنس الرسول لكان قد فضل من ليس برسول على الرسل إذ جعل أولاد الرسول أتباعاً لأولاد أعدائه كأبي جهل وابن أبي معيط؛ لأنّه قد يجوز بزعمهم أن ينتقل ذلك في أولادهم إذا كانوا مؤمنين فيصير أولاد الرسول تابعين وأولاد أعداء الله وأعداء رسوله متبوعين؛ فكان الرسول أولى بهذه الفضيلة من غيره وأحق.

ومنها: أنّ الخلق إذا أقرّوا للرسول بالرسالة وأذعنوا بالطاعة لم يتكبر أحد منهم أن يتبع ولده ويطيع ذرّيّته، ولم يتعاظم ذلك في أنفس الناس وإذا كان ذلك في غير جنس الرسول كان كل واحد منهم في نفسه انهم أولى به من غيره ودخلهم من ذلك الكبر ولم تسخ أنفسهم بالطاعة لـمَن هو عندهم دونهم فكان ذلك داعية إلى الفساد والنفاق والاختلاف(١) .

لقد أقام الإمامعليه‌السلام هذه التعاليل الوثيقة على ضرورة كون الإمام من نسل النبي ومن ذرّيّته فإنّه أدعى لشمل الأمة وجمع الكلمة واجتنابها من ويلات التفرقة والاختلاف، كما حدث ذلك حينما أقصيت العترة الطاهرة عن مراكز الحكم والمسؤولية فاختلفت الأمة وشاعت فيها الأهواء وسادت فيها الفتن والعداوات وكان ذلك من أعظم ما مُنيت به الأمة من الكوارث والخطوب.

علل الأحكام الشرعية:

وأدلى الإمام الرضاعليه‌السلام بكثير من علل الأحكام الشرعية وأسباب تشريعها؛ وذلك فيما كتبه من أجوبة لأسئلة محمد بن سنان، وما نقله عنه الفضل بن شاذان، وتعتبر هذه البحوث من أروع البحوث وأكثرها فائدة؛ لأنّها تلقي الأضواء على الأسباب الوثيقة التي من أجلها قنّن الشارع العظيم أحكامه المقدسة وفيما يلي ذلك:

غسل الجنابة:

وتحدث الإمام عن الأسباب التي دعت الشارع إلى إلزامه بالغسل من الجنابة قالعليه‌السلام : (علّة غسل الجنابة: النظافة وتطهير الإنسان نفسه ممّا أصاب من أذاه

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ١٠٢.

١٦

وتطهير سائر جسده؛ لأنّ الجنابة خارجة من كل جسده فلذلك وجب عليه تطهير جسده كلّه)(١) .

وبيّن الإمامعليه‌السلام الغايات السامية التي من أجلها شرع الإسلام غسل الجنابة وهي:

أ - النظافة:

وعني الإسلام عناية بالغة بالنظافة واعتبرها من الإيمان؛ لأنّها من أحدث الوسائل في الوقاية من الأمراض التي تنشأ معظمها من الأوساخ والقذارة، والغسل من أظهر وسائل الطهارة والنظافة للجسم.

ب - إعادة الحيوية للجسم:

إنّ الجنابة توجب نحول الجسم وذبوله والغسل يعيد للبدن نشاطه وحيويته وقد أكّدت ذلك البحوث الطبيّة الحديثة.

غسل العيدين والجمعة:

قالعليه‌السلام فيما أجاب به عن أسئلة محمد بن سنان: (وعلّة غسل العيدين والجمعة وغير ذلك من الأغسال لما فيه من تعظيم العبد ربّه، واستقباله الكريم الجليل وطلب المغفرة لذنوبه وليكون لهم يوم عيد معروف يجتمعون فيه على ذكر الله تعالى فجعل فيه الغسل تعظيما لذلك اليوم وتفضيلا له على سائر الأيام وزيادة في النوافل والعبادة، ولتكون تلك طهارة له من الجمعة إلى الجمعة(٢) ...).

ويستحب الغسل يوم عيد الأضحى وعيد الفطر ويوم الجمعة وغيرها من المناسبات الدينية كيوم (عيد الغدير ) وزيارة مراقد الأئمة الطاهرينعليهم‌السلام وغير ذلك ممّا ذكره الفقهاء وقد عرض الإمامعليه‌السلام إلى الحكمة في تشريع الغسل في هذه الموارد وهي:

١ - تعظيم الإنسان لخالقه العظيم وطلب العفو والمغفرة منه تعالى.

٢ - تعظيم الأعياد وتحفيز المسلمين إلى الاجتماع والتآلف فيما بينهم.

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ٨٨.

(٢) عيون أخبار الرضا ٢ / ٨٨ - ٨٩.

١٧

٣ - تفضيل تلك الأيام على غيرها من أيام السنة لوقوع هذه المناسبة العظيمة فيها.

٤ - زيادة العبادة وإحياء تلك الأيام بذكر الله تعالى.

٥ - وأمّا الغسل في يوم الجمعة فحكمته أن يكون البدن على طهارة ونظافة من الجمعة إلى الجمعة.

غسل الميت:

وعلّل الإمامعليه‌السلام وجوب غسل الميت بتعليلين:

الأول: قالعليه‌السلام :

وعلّة غسل الميت، أنّه يغسل لأنّه يطهر، وينظف من أدناس أمراضه وما أصابه من صنوف علله؛ لأنّه يلقى الملائكة ويباشر أهل الآخرة، فيستحب إذا ورد على الله، ولقي أهل الطهارة، ويماسونه ويماسهم أن يكون طاهراً نظيفاً موجهاً به إلى الله ليطلب به ويشفع له...

الثاني: قالعليه‌السلام : وعلّة أخرى أنّه يخرج منه المني الذي منه خلق فيجنب فيكون غسله له...(١) .

وعني الإسلام عناية بالغة بأموات المسلمين، وقد دعا المسلمين إلى تشييعهم ومواساة أهلهم بمصابهم، وأوجب على المسلمين وجوباً كفائياً تغسيلهم والصلاة عليهم ومواراتهم، وقد علّل الإمامعليه‌السلام لزوم تغسيلهم بما يلي:

أ - تطهير الميت من القذارة والجراثيم التي في جسمه من جرّاء مرضه؛ وذلك بغسله بماء السدر والكافور، وهما من معقمات البدن.

ب - إنّ الميت بعد تغسيله يكون طاهراً نظيفاً فإذا كان مؤمناً صافح الملائكة والمؤمنين من أهل الآخرة.

ج - إنّ آخر ما يخرج من الميت هو الحويمن الذي خلق منه، وبهذا يستحق الغسل، وقد أكّدت بعض النظريات الحديثة هذه الجهة وذهبت إلى أنّ الحويمن الذي تكوّن منه الإنسان يبقى حياً ومنه يبعث وينتشر يوم القيامة.

وعلى أيّ حال فإنّ أروع ما قُنّن للأموات من الأحكام هو ما قنّنه الإسلام

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ٨٩.

١٨

لهم من التغسيل والمواراة في الأرض.

غسل مسّ الميت:

قالعليه‌السلام : وعلّة اغتسال من غسله أو مسّه فطهارة لما أصابه من نضح الميت؛ لأنّ الميت إذا خرجت الروح منه بقي أكثر آفته؛ فلذلك يتطهّر منه ويطهر(١) إذا لامس الإنسان الميت بعد برده وجب عليه الغسل وكذلك إذا غسله، وقد علّل الإمامعليه‌السلام وجوب الغسل بأنّ الإنسان بعد موته يكون كتلة من الجراثيم فيجب على مَن لامسه الغسل للتخلّص من الإصابة بها.

عدم وجوب الغسل للبول والغائط:

قالعليه‌السلام : وعلّة التخفيف في البول والغائط لأنّه أكثر وأدوم من الجنابة ففرض فيه بالوضوء لكثرته ومشقّته ومجيئه بغير إرادة منهم ولا شهوة والجنابة لا تكون إلاّ باستلذاذ منهم والإكراه لأنفسهم(٢) .

وعلّل الإمامعليه‌السلام عدم وجوب الغسل للبول والغائط واكتفى فيه بالطهارة للموضعين؛ لأنّ إيجاب الغسل فيه مشقّة شديدة وحرج لا يطاق فلذا رفعه الشارع.

الوضوء:

قالعليه‌السلام : (فإن قال قائل: فلم أمروا بالوضوء وبدئ به؟ قيل له: لأن يكون العبد طاهراً إذا قام بين يدي الجبّار وعند مناجاته له مطيعاً له فيما أمره نقياً من الأدناس والنجاسة، مع ما فيه من ذهاب الكسل وطرد النعاس وتزكية للفؤاد بين يدي الجبّار(٣) .

علّل الإمامعليه‌السلام وجوب الوضوء بالمناحي الروحية وهي:

أ - إنّ الوضوء مقدّمة للصلاة وجوهر الصلاة هو الإقبال على الله خالق الكون وواهب الحياة، وعلى المصلّي أن يتخلّص من شواغل الحياة ويتجه بمشاعره

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ٨٩.

(٢) عيون أخبار الرضا ٢ /.

(٣) عيون أخبار الرضا ٢ /.

١٩

وعواطفه نحو الله تعالى وكان الإمام الحسن سيد شباب أهل الجنة وريحانة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا وقف للصلاة ترتعد فرائصه ويصفرّ لونه، وسُئل عن سبب ذلك فقال: إنّه واقف بين يدي ملك جبّار. فالوضوء مقدمة لهذه العبادة العظيمة وهو عبارة عن نظافة الجسم من الأقذار والأدناس وهذا ممّا يناسب عظمة الصلاة.

ب - إنّ الوضوء يطرد الكسل ويذهب النعاس ويهيئ المصلّي للصلاة بنشاط وحيوية.

ج - إنّ في الوضوء تزكية للفؤاد وطهارة للنفس؛ لأنّه مقدمة للوقوف بين يدي الله تعالى.

ويضاف لهذه الفوائد الروحية التي تفضّل بها الإمامعليه‌السلام فإنّ فيه فوائد صحيّة بالغة الأهمية، كان منها: أنّه يقي العيون من الإصابة بالرمد؛ لأنّها تغسل بالماء النظيف عدّة مرات في اليوم.

ومنها غسل الأنف بماء بارد وهو ممّا يقي من الإصابة بالزكام الذي هو مفتاح الأمراض.

ومنها أنّ غسل الوجه واليدين يقيهما من الإصابة بالأمراض الجلدية والالتهابات فقد ذكر في الطب الحديث أنّ كثيراً من (الميكروبات) تصيب الإنسان من طريق اختراق الجلد خصوصاً طفيليات الديدان، ولا شك أنّ الغسل المتكرر للمواضع المكشوفة من بدن الإنسان من أهم طرق الوقاية من الإصابة بها.

ومنها أنّ الجراثيم التي تدخل إلى الفم فإنّما هي من طريق تلويث الأيدي فإذا كانت الأيدي مغسولة نظيفة على الدوام كانت أحسن وقاية من الإصابة بتلك الجراثيم(١) .

أفعال الوضوء:

قالعليه‌السلام فإن قائل: فلم وجب الغسل على الوجه واليدين وجعل المسح على الرأس والرجلين ولم يجعل ذلك غسلاً كلّه أو مسحاً كلّه؟

قيل: لعلل شتّى منها: أنّ العبادة العظمى إنّما هي الركوع والسجود وإنّما

____________________

(١) الإسلام والطب الحديث (ص ٦٢ - ٦٣) للدكتور عبد العزيز.

٢٠

الباب الرَّابع

( فضل الصّلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله)

( وثواب ذلك)

١ - حدَّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن بن أحمدَ بنِ الوليد، عن محمّد بن الحسن الصَفّار، عن أحمد بن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن عَمرو بن سعيد، عن مُصدّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى السّاباطيِّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته عن الصّلاة في مسجد الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ هي مِثلُ الصّلاة بالمدينة؟ قالعليه‌السلام : لا لأنّ الصّلاة في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بألف صَلاة، والصّلاة بالمدينة مِثلُ الصّلاة في سائر الأمصار ».

٢ - حدَّثني أبي، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف القمّي الأشعري، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن موسى بن القاسم البَجَليّ - عمّن حدّثه - عن مُرازِم « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الصّلاة في مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صلاة في مسجدي تَعدلُ ألف صلاة في غيره، وصلاة في المسجد الحرام تَعدلُ ألف صلاةٍ في مسجدي، ثمّ قال: إنّ الله فضّل مكّة وجعل بعضها أفضل من بعض، فقال: «وَاتَّخِذُوا مِن مَقامِ إبراهيمَ مُصَلًّى (١) » وقال: إنَّ الله فضَّل أقواماً وأمر باتّباعهم وأمر بمودَّتهم في الكتاب ».

٣ - حدّثني عليُّ بن الحسين بن موسى بن بابويه، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بزيع، عن أبيه إسماعيلَ، عن ابن مُسكانَ، عن أبي الصّامت(٢) « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : صلاة في مسجد النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله تعدلُ بعشرة آلاف صلاةٍ ».

٤ - حدَّثني جماعة من مشايخي، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن إبراهيمَ

__________________

١ - البقرة: ١٢٤.

٢ - عدّه الشّيخ في رجاله من أصحاب الباقر والصادقعليهما‌السلام .

٢١

ابن مَهزيار، عن أخيه عليِّ، عن الحسن بن سعيد، عن صَفوانَ بن يحيى؛ وابن أبي عُمَير؛ وفَضالَةَ بن أيّوبَ جميعاً، عن معاويةَ بن عمّار « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام لابن أبي يَعفور: أكثر مِن الصَّلاة في مسجد رسول الله، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: صَلاةٌ في مسجدي هذا كألف صلاةٍ في مسجد غيره إلاّ المسجد الحرام، فإنَّ صلاةً في المسجد الحرام تَعدِلُ الف صلاة في مسجدي ».

٥ - محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار، عن سَلَمة. وحدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم، عن سَلَمةَ بنِ الخَطاب، عن عليِّ بن سَيف، عن جميل بن دُرَّاج « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صلاةٌ في مسجدي تَعدلُ الف صلاةٍ في غيره ».

٦ - حدَّثني حكيم بن داودَ بنِ حكيم، عن سَلَمةَ بنِ الخَطّاب، عن مُصدِّق بن صَدَقة، عن عمّار بن موسى السّاباطيّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته عن الصّلاة في مسجد الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله هل مثل الصَّلاة في المدينة؟ قالعليه‌السلام : لا لأنَّ الصَّلاة في مسجد الرَّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله بالف صلاة والصّلاة بالمدينة مثل الصّلاة في سائر الأمصار »(١) .

٧ - حدَّثني حكيم بن داودَ بن حكيم، عن سَلَمةَ، عن عليِّ بن سَيف، عن أبيه، عن داودَ بنِ فَرقَد « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : صلاةٌ في مسجدي تعدل الف صلاةٍ في غيره ».

٨ - وعنه، عن سَلَمة، عن إسماعيلَ بن جعفر، عن بعض أصحابه، عن مُرازِم(٢) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: صلاةٌ في مسجد المدينة أفضل مِن ألف صلاةٍ في غيره من المساجد ».

__________________

١ - تقدّم الخبر في أوّل الباب بسندٍ آخر.

٢ - هو مُرازم - بضم الميم وكسر الزّاي المعجمة بعد الالف - بن حُكيم - بضمّ الحاء، الأزديّ المدائني، مولى ثقة.

٢٢

الباب الخامس

( زيارة حمزة عَمّ رسول الله صلى الله عليه وآله)

( وقبور الشّهداء)

١ - حدَّثني حكيم بن داود بن حكيم، عن سَلَمةَ بن الخَطاب، عن عبدالله بن أحمد، عن بكر بن صالح، عن عَمرو بن هِشام - عن رَجل من أصحابنا - عنهمعليهم‌السلام « قال: ويقول عند قبر حمزة:

«السَّلامُ عَلَيْكَ يا عَمَّ رَسُولِ اللهِ وخَيْرَ الشُّهَداء، السَّلامُ عَلَيْكَ يا أسَدَ اللهِ وَأسَدَ رَسُولِهِ، أشْهَدُ أنَّكَ قَدْ جاهَدْتَ فِي الله حَقَّ جِهادِه، وَنَصَحْتَ لله ولرَسُولِه (١) وجُدْتَ بِنَفْسِك وطَلَبتَ ما عِندَ اللهِ، ورَغِبْتَ فيما وَعَدَ اللهُ »،

ثمَّ ادخل فَصَلِّ ولا تستقبل القبرَ عند صَلاتك، فإذا فرغتَ من صلاتك فانكبَّ على القبر وقل:

«اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وعَلى أهلِ بَيْتِه، اللّهُمَّ اِنّي تَعَرَّضْتُ لِرَحْمَتِكَ بِلُزُوقي بِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ صَلواتك عَلَيْهِ وعلى أهل بَيتِه لتُجيرَني مِنْ نِقْمَتِكَ وَسَخَطِكَ وَمَقْتِكَ ومِن الأزْلال في يَوْمٍ تَكْثُرُ فيهِ الاَْصْواتُ، والمَعرّاتُ، وَتَشْتَغِلُ كُلُّ نَفْسٍ بِما قَدَّمَتْ، وَتُجادِلُ كُلُّ نَفْسٍ عَن نَفْسِها، فَاِنْ تَرْحَمْنِي الْيَوْمَ فَلا خَوْفَ عَلَيَّ وَلا حُزْنَ، وَاِنْ تُعاقِبَ فمولاي لَهُ الْقُدْرَةُ عَلى عَبْدِهِ، اللّهمَّ فلا تُخَيِّبْني الْيَوْمَ وَلا تَصْرِفْني بِغَيْرِ حاجَتي، فَقَدْ لَزِقْتُ بِقَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ، وَتَقَرَّبْتُ بِهِ اِلَيْكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِكَ، وَرَجاءَ رَحْمَتِكَ، فَتَقَبَّلْ مِنّي، وَعُدْ بِحِلْمِكَ عَلى جَهْلي، وَبِرَأفَتِكَ عَلى جِنايَةِ نفْسي فَقَدْ عَظُمَ جُرْمي، وَما أخافُ أنْ تَظْلِمَني وَلكِنْ أخافُ سُوءَ الْحِسابِ، فَانْظُرِ الْيَوْمَ إلى تَقَلُّبي عَلى قَبْرِ عَمِّ نَبِيِّكَ، صلواتُكَ على محمَّدٍ وأهلِ بَيته، فَبِهِم فُكَّني وَلا تُخَيِّبْ سَعْيي، وَلا يُهوَّنْ عَلَيْكَ ابْتِهالي، (٢) وَلا تَحجُب مِنك َ

__________________

١ - في بعض النسخ: « ونصحت لرسول الله ».

٢ - في البحار: « ولا يهوننّ عليك ابتهالي ».

٢٣

صَوْتي، وَلا تُقَلِّبْني بِغَيْرِ حَوائِجي؛ يا غِياثَ كُلِّ مَكْرُوبٍ وَمَحْزُونٍ، وَيا مُفَرِّجَ عَنِ الْمَلْهُوفِ الْحَيْرانِ الْغَريبِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَكَةِ، صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وأهل بَيْته الطّاهرين، وَانْظُر اِلَيَّ نَظْرَةً لا أشْقي بَعْدَها أبَداً، وَارْحَمْ تَضَرُّعي وغُرْبَتي وَانْفِرادي، فَقَدْ رَجَوْتُ رِضاكَ وَتَحَرَّيْتُ الْخَيْرَ الَّذي لا يُعْطيهِ أحَدٌ سِواكَ، ولا تَرُدَّ أمَلي » ».

وحدَّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصَفّار، عن سَلَمة مثله.

٢ - حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمد، عن محمّد بن الحسن الصَفّار، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن عبدالله بن هِلال، عن عُقْبَة(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام - في حديثٍ له طويل - « قال: إنّي آتي المساجد الّتي حول المدينة فبأيّها أبدء؟ فقال: ابدء بـ « قُبا » فصَلِّ فيه وأكثر، فإنّه أوّل مسجد صلّى فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في هذه العَرصة، ثمَّ ائتِ مَشْرَبةَ اُمِّ إبراهيم فصلِّ فيها فإنّه مسكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومُصلّاه، ثمّ تأتي مسجد الفضيخ فصَلِّ فيه ركعتين فقد صلّى فيه نبيُّك، فإذا قضيتَ هذا الجانب فائتِ جانبَ اُحُد فبدءتَ بالمسجد الَّذي دون الحرَّة فصلّيتَ فيه، ثمَّ مَرَرْتَ بقبر حمزة بن عبدالمطّلب فسلّمت عليه، ثمَّ مَرَرْتَ بقبور الشُّهداء فقمت عندهم فقلت:

«السَّلامُ عَليكم يا أهلَ الدِّيارِ، أنتم لَنا فَرَطٌ وإنّا بكم لاحِقونَ »،

ثمّ تأتي المسجد الّذي في المكان الواسط إلى جنب الجبل عن يمينك حتّى تدخل « اُحُد » فتصلّي فيه، فعنده خرج النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله إلى اُحد حيث لقى المشركين فلم يبرحوا حتى حضرت الصّلاة فصلّى فيه، ثمَّ مُرَّ أيضاً حتّى ترجع فصلِّ عند قبور الشّهداء ما كتب الله لك، ثمَّ أمْضِ على وجهك حتّى تأتي مسجد الأحزاب فتصلّي فيه، فإنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله دعا فيه يوم الأحزاب وقال: «يا صَريخَ المكْروبينَ، ويا مُجيبَ دَعْوَةِ المُضْطَرِّينَ، ويا غِياثَ المَلْهوفينَ، اكشِفْ هَمّي وكَرْبي وغَمّي فقد تَرى حالي وحال أصحابي » ».

__________________

١ - هو عقبة بن خالد الأسديّ، كوفيٌّ، روى عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، له كتاب.

٢٤

الباب السّادس

( فصل إتيان المشاهد بالمدينة وثواب ذلك)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن جدِّه عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن صَفوانَ بن يحيى؛ وابن أبي عُمَير؛ وفضالة بن أيّوب جميعاً، عن معاويةَ بنِ عمّار « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : لا تدع إتيان المشاهد كلّها ومسجد قبا؛ فإنّه المسجد الَّذي اُسّس على التَّقوى من أوَّل يوم، ومَشْرَبَة اُمّ إبراهيم، ومسجد الفَضِيخ وقبور الشُّهداء ومسجد الأحزاب؛ وهو مسجد الفتح، وبلغني أنَّ النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا أتى قبور الشُّهداء قال:

«السَّلامُ عليكم بما صَبَرْتُمْ فنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ »،

وليكن فيما تقول في مسجد الفتح:

«يا صَريخَ المَكرُوبينَ، ويا مجيبَ دَعْوَةِ المُضْطَرِّينَ اكْشِفْ عَنّي غَمّي وَكَرْبي وهَمّي كما كَشَفْتَ عَن نَبيِّكَ هَمَّهُ وغَمّه وكَرْبه، وكَفَيتَه هَوْلَ عدُوِّه في هذا المكان » ».

حدَّثني به محمّد بن يعقوب؛ وعليُّ بن الحسين جميعاً، عن عليّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن ابن أبي عُمَير. وقال محمّدُ بن يعقوبَ: وحدَّثني محمّد بن إسماعيلَ، عن الفَضل بن شاذان، عن صَفوانَ بن يحيى؛ وابن أبي عُمَير، عن مُعاوية بن عمّار قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : - وذكر مثله.

٢ - حدّثني أبي؛ ومحمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريّ - رحمهما الله -، عن عبدالله بن جعفر الحِميريّ، عن إبراهيم بن مَهزيار، عن أخيه عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن(١) ، عن عبدالله بن بَحر، عن حَريز - عمّن أخبره - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أتى مسجدي مسجد قُبا فصلّى فيه رَكعتين رجع بعُمْرَة ».

__________________

١ - الظّاهر هو الحسن بن سعيد الأهوازي.

٢٥

٣ - حدَّثني جماعة من مشايخنا، عن عبدالله بن جعفر الحميريّ، عن إبراهيم بن مَهزيار، عن أخيه عليَّ، عن الحسن بن سعيد، عن صَفوانَ بن يحيى؛ وابن - أبي عُمَير؛ وفَضالَة بن أيّوب جميعاً، عن معاوية بن عمّار « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام لابن أبي يَعفور: ولا تدعنَّ إتيان المشاهد كلّها ومسجد قُبا، فإنّه المسجد الّذي اُسّس على التَّقوى مِن أوَّلِ يوم، ومَشْرَبَة اُمّ إبراهيم، ومسجد الفَضيخ، وقبور الشّهداء، ومسجد الأحزاب - وهو مسجد الفتح - ».

٤ - وروي عن بعضهمعليهم‌السلام « قال: إذا كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيّام فأتِمَّ الصَلاة، وكذلك أيضاً بمكّة إن أقمت ثلاثة أيّام فأتِمّ الصّلاة، فإذا كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيّام صمتَ ثلاثة أيّام صمت يوم الأربعاء، وصلِّ ليلة الأربعاء عند اُسطوانة التَّوبة - وهي اُسطوانة أبي لُبابَةَ الّتي كان رَبَط إليها نفسَه حتّى نزل عُذره من السّماء - وتقعد عندها يوم الأربعاء، ثمَّ تأتي ليلة الخميس الّتي تلاها ممّا يلي مقام النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فتقعد عندها لَيلَتَك ويومَك وتصوم يوم الخميس، ثمَّ تأتي الاُسطوانة الّتي تلي مقام النّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ليلة الجمعة فتصلِّ عندها لَيلتَك ويومَك وتصوم فيه يوم الجمعة، فإن استطعت أن لا تتكلّم بشيءٍ في هذه الثّلاثة أيّام فافعل إلاّ ما لابدّ لك منه، ولا تخرج من المسجد إلاّ لحاجة ولا تنام في ليل ولا نهار فافعل، فإنّ ذلك ممّا يعد فيه الفضل، ثمّ احمدِ الله في يوم الجمعة وَأثْنِ عليه وصلِّ على النَّبيّ، وسَلْ حاجتَك، وليكن فيما تقول:

«اللّهُمّ ما كانَتْ لي إليكَ مِنْ حاجَةٍ سارَعْتُ أنَا في طَلَبِها وَالْتماسِها أو حاجَةٍ لم أسْرَعْ، سألتُكَها أو لَم أسألْكَها، فإنّي أتَوَجَّهُ إليك بنَبِيِّك محمَّدٍ نَبيِّ الرَّحمةِ في قَضاءِ حَوائجي صَغيرِها وكَبيرِها » ».

٥ - حدّثني جماعة مشايخي، عن محمّد بن يحيى، عن محمّد بن الحسن الصّفّار(١) ، عن محمّد بن عبدالله بن هِلال، عن عُقْبَةَ بن خالد « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام إنّي آتي المساجد الَّتي حَولَ المدينة فبأيّها أبدء؟ قال: ابدء بقُبا فصَلِّ

__________________

١ - كذا، والظّاهر سقط من السَند: « عن محمّد بن الحسين » هنا كما تقدّم تحت رقم ٢.

٢٦

فيه وأكثر، فإنّه أوّل مسجد صلّى فيه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في هذه العَرْصَة، ثمّ ائت مَشْرَبَة اُمِّ إبراهيمَ فصلِّ فيها فإنَّه مسكن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ومُصلاّه، ثمَّ تأتي مسجد الفضيخ فتصلّي فيه رَكعتين فقد صلّى فيه نبيّك، فإذا قضيت هذا الجانب فَائْتِ جانب اُحُد فابدَء بالمسجد الَّذي دون الحرَّة فصلّيت فيه ثمَّ مَرَرت بقبر حمزة - والحديث - طويل »(*) .

الباب السابع

( وَداع قبر رسول الله صلى الله عليه وآله)

١ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن جَدّه عليًّ، عن الحسن بن سعيد، عن صَفوانَ بن يحيى؛ وابن أبي عُمير؛ وفَضالَة، عن معاويةَ بن عمّار « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : إذا أردت أن تخرج من المدينة فاغتسل ثمّ ائتِ قبر النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد ما تفرغ مِن حوائجك فودِّعْه واصنعْ مثل ما صنعت عند دخولك وقل:

«اللّهمَّ لا تَجْعَلْهُ آخِرَ العَهْدِ مِن زيارَتي قَبْرَ نَبيِّكَ، فَإنْ تَوَفَّيتَني قَبلَ ذلكَ فَإنّي أشْهَدُ في مَماتي عَلىُ ما أشهدُ عَلَيهِ في حَياتي (١) أنْ لا إلهَ إلاّ أنْتَ وأنّ محمداً عَبدُكَ ورَسولُكَ » ».

٢ - حدّثني جماعة مشايخي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن الحسن بن فَضّال، عن يونسَ بنِ يعقوبَ « قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن وَداع قبر رَسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال: تقول: « صلّى اللهُ عَلَيكَ، السَّلامُ عَلَيكَ، لا جَعَلَهُ اللهُ آخِرَ تَسليمي عَلَيَكَ » ».

٣ - وبإسناده، عن الحسن بن عليِّ بن فَضّال « قال: رأيت أبا الحسن(٢) عليه‌السلام - وهو يريد أن يودِّع للخروج إلى العُمْرة - فأتى القبرَ مِن موضع رأس

__________________

١ - في الكافي والتّهذيب: « على ما شَهِدْتُ عليه في حياتي - إلخ ».

٢ - المراد به الرّضا عليه الصّلاة والسّلام. * - تقدّم الخبر بطوله في ص ١٩ تحت رقم ٢.

٢٧

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بعد المغرب فسلّم على النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولَزِق بالقبر، ثمَّ أتى المنبر ثمَّ انصرف حتّى أتى القبر فقام إلى جانبه فصلّى وألزق مَنْكِبَه الأيسر بالقبر قريباً من الاُسطوانه - الّتي دون الاُسطوانة المخلّفة عِند رأس النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله - فصلّى ستّ رَكعات، أو ثمان ركعات في نَعليه، قال: فكان مقدار رُكوعه وسجوده ثلاث تسبيحات أو أكثر، فلمّا فرغ من ذلك سَجَدَ سِجدةً أطال فيها السّجود حتّى بلّ عَرقُهُ الحَصىُ، قال: وذكر بعض أصحابنا أنّه رأه ألصق خدّه بأرض المسجد ».

الباب الثّامن

( فضل الصَّلاة في مسجد الكوفة ومسجد سَهلة وثواب ذلك)

١ - حدّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى بن عمرانَ، عن أحمدَ بن الحسن، عن محمّد بن الحسين، عن عليِّ بن الحديد، عن محمّد بن سِنان(١) ، عن عَمرِو بن خالد، عن أبي حمزة الثّماليِّ « أنّ عليَّ بن الحسينعليهما‌السلام أتى مسجد الكوفة عمداً من المدينة(٢) فصلّى فيه رَكعتين، ثمَّ جاء حتّى ركب راحلته وأخذ الطّريق ».

٢ - حدَّثني أبيرحمه‌الله عن سَعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين، عن محمّد بن إسماعيلَ بن بَزيع، عن منصور بن يونسَ، عن سليمانَ مولى طِرْبال؛ وغيره « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : نفقة دِرهم بالكوفة تحسب بماءتـ[ـي] دِرهم فيما سِواه، وركعتان تحسب بمائة ركعة ».

٣ - حدّثني محمّد بن الحسن بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصَّفّار، عن أحمدَ بنِ محمّد، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن إبراهيمَ بنِ محمّد، عن الفضل بن زَكريّا، عن نَجم بن حُطَيم، عن ابي جعفر(٣) عليه‌السلام « قال: لو يعلم النّاس ما في

__________________

١ - في التّهذيب: « محمّد بن سليمان ».

٢ - أي كان ذلك أيضاً مقصودهعليه‌السلام ، وإلاّ فالظّاهر أنّه كان المقصد الأصلي زيارة آبائه الطّاهرينعليهم‌السلام . ( قاله العلاّمة المجلسيرحمه‌الله ).

٣ - يعني الباقرعليه‌السلام .

٢٨

مسجد الكوفة لأعدُّوا له الزَّاد والرَّاحِلة من مكان بَعيد، وقال: صلاة فريضة فيه تعدلُ حَجَّة، ونافلة فيه تعدلُ عَمرة ».

٤ - حدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحِميريَ، عن أبيه - عمّن حَدَّثه - عن عبدالرَّحمن بن أبي هاشم، عن داودَ بن فَرْقَد، عن أبي حمزة(١) ، عن أبي جعفرعليه‌السلام « قال: صلاة في مسجد الكوفة؛ الفريضة تَعدِلُ حجّة مقبولة، والتّطوُّع فيه تعدلُ عمرة مقبولة ».

٥ - حدَّثني الحسن بن عبدالله بن محمّد، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عبدالله بن جَبَلَة، عن سَلاّم بن أبي عَمْرَة، عن سعد بن طَريف، عن الأصبغ بن نُباتَةَ، عن عليٍّعليه‌السلام « قال: النّافلة في هذا المسجد تعدل عُمرَة مع النَّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والفريضة فيه تعدلُ حَجّة مع النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد صلّى فيه ألف نبيٍّ وألف وصيٍّ ».

٦ - حدّثني محمّد بن الحسن، عن محمّد بن الحسن الصَفّار، عن أحمدَ بنِ محمّد بن عيسى، عن عَمرو بن عثمان - عمّن حَدّثه - عن هارون بن خارجة « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : أتصلّي الصّلاة كلّها في مسجد الكوفة؟ قلت: لا، قال: أما لو كنتُ بحضرته لَرَجَوتُ أن لا تفوتني فيه صَلاةٌ، قال: وتدري ما فضله؟ قلت: لا، قال: ما مِن عبدٍ صالح ولا نبيٍّ إلاّ وقد صلّى في مسجد الكوفان حتّى أنَّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله لمّا اُسرِي به قال له جبرئيلعليه‌السلام : أتدري أين أنت السّاعة يا محمّد؟ قال: لا، قال: أنت مقابل مسجد كوفان، فقال: استأذن ربَّك حتّى أهبط فاُصلّي فيه، فاستأذن فأذن له فهبط فصلّى فيه رَكعتين، وإنّ الصّلاة المكتوبة فيه تعدلُ بألف صلاة، وإنّ النّافلة فيه تعدل بخمسمائة صلاة، وإنّ مقدّمه لروضةٌ مِن رياض الجنّة، وإنّ ميمنته رَوضةٌ من رياض الجنّة، وإنّ ميسرته روضةٌ من رياض الجنّة، وأنَّ مُؤخّره رَوضةٌ من رياض الجنّة، وإنّ الجلوس فيه بغير صَلاةٍ ولا ذكر لَعِبادةٌ، ولو علم النّاس ما فيه لاُتوه ولو حَبْواً ».

__________________

١ - يعني الثُّمالي ثابت بن دينار، كما صرّح به في البحار.

٢٩

٧ - حدّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن جدِّه عليِّ بن مَهزيار، عن الحسن بن سعيد، عن ظريف بن ناصح، عن خالد القَلانسي(١) « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: صَلاةٌ في مسجد الكوفة ألف صلاة ».

٨ - وبهذا الإسناد، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: مكّة حرم الله وحرم رسوله وحرم عليٍّ، الصَّلاة فيها بمائة ألف صلاةٍ، والدِّرهم فيها بمائة ألف درهم، والمدينة حَرَم الله وحرم رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله وحرم عليٍّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، الصّلاة فيها في مسجدها بعشرة آلاف صَلاةٍ، والدِّرهم فيها بعشرة آلاف درهم، والكوفة حرم الله وحرم رسوله وحرم أمير المؤمنين عليٍّ - صلوات الله‏ عليهما -، الصَّلاة في مسجدها بألف صلاة ».

٩ - حدّثني محمّد بن الحسين بن متّ الجوهريّ، عن محمّد بن أحمدَ بن يحيى، عن أحمدَ بن محمّد، عن أبي محمّد(٢) ، عن عليِّ بن أسباط - عن بعض أصحابنا - عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: حدُّ مسجد السَّهلة الرَّوحاء ».

حدّثني محمّد بن الحسن بن أحمدَ بن الوليد، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن محمّد بن الحسين، عن عليِّ بن أسباط مثله.

١٠ - حدَّثني أخي علي بن محمّد بن قُولوَيه، عن أحمد بن إدريس، عن عمران بن موسى، عن الحسن بن موسى الخَشّاب، عن عليِّ بن حسّان، عن عمّه عبدالرَّحمن بن كثير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سمعته يقول لاُبي حمزة الثّماليّ: يا أبا حمزة هل شهدتَ عمِّي ليلة خرج؟ قال: نعم، قال: فهل صلّى في مسجد سُهَيل؟ قال: وأين مسجد سُهَيل؛ لعلّك تعني مسجد السَّهلة؟! قال: نعم، قال: أما إنّه لو صلّى فيه ركعتين ثمَّ استجار الله لأجارَه سَنَة، فقال له أبو حمزة: بأبي أنت واُمّي هذا مسجد السَّهلة؟ قال: نعم؛ فيه بيت إبراهيمَ الَّذي كان

__________________

١ - هو ابن مادّ - بتشديد الدّال المهملة - القلانسيّ الكوفيّ، روى عن أبي عبدالله وأبي الحسنعليهما‌السلام ، مولى ثقة.

٢ - يعني الحسن بن عليّ بن فضّال.

٣٠

يخرج منه إلى العمالقة؛ وفيه بيت إدريس الّذي كان يخيط فيه، وفيه مناخ الرّاكب، وفيه صخرة خَضراء؛ فيها صورة جميع النَّبيّين، وتحت الصَخرة الطّينة الّتي خلق الله عزَّوجلَّ منها النَّبيّين، وفيها المعراج، وهو الفاروق الأعظم موضع منه، وهو مَمرٌّ النّاس، وهو من كوفان، وفيه يُنفخ في الصّور، وإليه المحشر، يحشر من جانبه سبعون ألفاً يدخلون الجنّة بغير حساب، أولئك الّذين أفلج الله حججهم (١) ، وضاعف نِعَمَهم، فإنّهم المستبقون الفائزون القانتون، يحبّون أن يدرؤوا عن أنفسهم المفَخَر، ويجلون بعدل الله عن لِقائه، وأسرعوا في الطّاعة فعملوا وعلموا أنّ الله بما يعملون بصير، ليس عليهم حساب ولا عذاب، يُذْهِبُ الظِّغْن يُطَهِّر المؤمنين، ومن وسطه سارَ جبلُ الأهواز (٢) وقد أتى عليه زَمان وهو معمور »(٣) .

١١ - حدَّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أبي عبدالله محمّد بن أحمدَ الرَّازيّ الجامورانيّ، عن الحسين بن سيف بن عميرة، عن أبيه سَيف، عن أبي بكر الحَضرَميِّ، عن أبي عبدالله؛ أو عن أبي جعفرعليهما‌السلام « قال: قلت له: أيّ بقاع الأرض أفضل بعد حرم الله عزَّوجلَّ وحرم رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال: الكوفة؛ يا أبا بكر هي الزَّكيّة الطّاهرة؛ فيها قبور النَّبيّين المرسلين، وقبور غير المرسلين والأوصياء الصّادقين، وفيها مسجد سُهيل الّذي لم يبعثِ اللهُ نبيّاً إلاّ وقد صلّى

__________________

١ - قال الفيروزآبادي في القاموس: الفَلْج: الظَّفر، والفَوزُ، وأفلَجَهُ: أظْفَره. وأفلج برهانَه: قَوَّمَه وأظْهره.

٢ - في بعض النّسخ وفي البحار: « جبل الأهوان ».

٣ - قوله عليه السلام: « فيه المعراج » لعلّ المراد أنَّ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لما نزل ليلة المعراج وصلّى في مسجد الكوفة أتى هذا الموضع وعرج منه إلى السّماء، أو المراد أنّ المعراج المعنويّ يحصل فيه للمؤمنين، وقوله: « وهو الفاروق موضع منه » أي المعراج وقع من موضع منه وهو المسمّى بالفاروق، أو المراد أنّ في موضع منه يفرق القائم عليه السلام بين الحقّ والباطل، كما ورد في خبر آخر: أنّ فيها يظهر عدل الله، وقوله: « وهو ممرّ النّاس » أي إلى المحشر. وكان الخبر أكثره سقيماً مصحّفاً، فأثبتناه ما وجدناه. ( البحار ).

٣١

فيه، ومنها يظهر عدل الله، وفيها يكون قائمه والقوّام من بعده، وهي منازل النَّبيّين والأوصياء والصّالحين ».

١٢ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن جدِّه، عن الحسن بن محبوب، عن حنان بن سدير « قال: كنت عند أبي جعفرعليه‌السلام فدخل عليه رَجلٌ فسلّم وجلس، فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : مِن أيِّ البلاد أنت؟ فقال الرَّجل: أنا مِن أهل الكوفة وأنا لك محبٌّ موالٍ، قال: فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : أتصلّي في مسجد الكوفة كلَّ صَلاتك؟ قال الرَّجل: لا، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : إنّك لمحرومٌ من الخير، قال: ثمّ قال أبو جعفرعليه‌السلام : أتغتسل كلَّ يوم من فُراتِكم مَرَّة؟ قال: لا، قال: ففي كلِّ جمعةٍ؟ فقال: لا، قال: ففي كلِّ شهر؟ قال: لا، قال: ففي كلّ سنة؟ قال: لا، فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : إنّك لمحرومٌ من الخير: قال: ثمّ قال: أتزور قبر الحسينعليه‌السلام في كلِّ جمعة؟ قال: لا، قال: ففي كلِّ شهر؟ قال: لا، قال: ففي كلِّ سنة؟ قال: لا، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : إنّك لمحرومٌ من الخير ».

١٣ - حدَّثني محمّد بن الحسن بن عليّ بن مهزيار، عن أبيه، عن جدّه عليِّ بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن عليِّ بن رئاب، عن أبي عبيدة الحَذّاء « قال: قال أبو جعفرعليه‌السلام : لا تدع يا أبا عبيدة الصَّلاة في مسجد الكوفة ولو أتيتَه حَبْواً، فإنّ الصَّلاة فيه بسبعين صلاة في غيره من المساجد ».

١٤ - حدّثني أبو عبدالرّحمن محمّد بن أحمد بن الحسين العَسكريّ، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه، عن الحسن بن سعيد، عن محمّد بن سنان « قال: سمعت الرّضاعليه‌السلام يقول: الصَّلاة في مسجد الكوفة فُرادى أفضل من سبعين صلاة في غيره جماعةً ».

١٥ - وعنه، عن الحسن بن عليّ بن مهزيار، عن أبيه، عن الحسن بن سعيد، عن ظريف بن ناصح، عن خالد القلانسي « قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام يقول: صلاة في مسجد الكوفة ألف صلاة ».

٣٢

١٦ - حدّثني أبي؛ ومحمّد بن عبدالله جميعاً، عن عبدالله بن جعفر الحميريّ، عن إبراهيم بن مَهزيار، عن أخيه عليٍّ، عن الحسن بن سعيد، عن عليِّ بن الحكم، عن فضيل الأعور، عن ليث بن أبي سليم(١) « قال: استقبلته وقد صلّى النّاس العصر، فقال: إنّي لم اُصلِّ الظّهر بعدُ فلا تحبسني وامض راشِداً، قال: قلت: لِمَ أخّرتها إلى السّاعة؟ قال: كانت لي حاجة في السّوق فأخّرت الصّلاة حتّى اُصلّي في المسجد للفضل الَّذي بلغني فيه، قال: فرجعت فقلت: أيّ شيءٍ رُوّيت فيه، قال: أخبرني فلان عن فلان، عن عائِشة، قالت: سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول: عرج بي إلى السَّماء وإني هبطت إلى الأرض، فأهبطت إلى مسجد أبي نوحعليه‌السلام وأبي إبراهيم وهو مسجد الكوفة فصلّيت فيه رَكعتين، قال: ثمَّ قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الصَّلاة المفروضة فيه تَعدل حجّة مبرورة، والنّافلة تعدل عمرة مبرورة ».

١٧ - حدّثني محمّد بن الحسن بن عليَّ بن مهزيار، عن أبيه، عن جدّه عليِّ بن مهزيار، عن عثمان بن عيسى، عن محمّد بن عجلان، عن مالك بن ضَمرة العَنبريّ « قال: قال لي أمير المؤمنينعليه‌السلام : أتخرج إلى المسجد الّذي في ظهر دارك(٢) تصلَّي فيه؟ فقلت له: يا أمير المؤمنين ذاك مسجد تصلّي فيه النِّساء، فقال لي: يا مالك ذاك مسجد ما أتاه مكروبٌ قط فصلّى فيه فدعا الله إلاّ فرَّج الله عنه وأعطاه حاجته، فقال مالك: فواللهِ ما أتيته ولا صلّيت فيه، فلمّا كان ليلة أصابني أمرٌ اغْتنمتُ منه فذكرت قولَ أمير المؤمنينعليه‌السلام وقُمتُ في اللَّيل وانْتعلتُ فتوضّأتُ وخَرَجتُ فإذا على بابي مصباحُ فمرّ قدَّامي، ومررت حتّى انتهيت إلى المسجد فوقف بين يديّ وكنت اُصلّي فلمّا فرغت انتعلتُ وانصرفتُ فمرَّ قُدَّامي حتّى انتهيت إلى الباب فلمّا أن دخلتُ ذهب فما خرجت ليلة بعد ذلك إلاّ وجدت المصباح على بابي وقضى الله حاجتي ».

__________________

١ - عدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الصّادقعليه‌السلام .

٢ - أي مسجد السّهلة، كما في المزار الكبير لابن المشهديّ.

٣٣

١٨ - حدّثني أبيرحمه‌الله عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد بن عيسى قال: حدّثني أبو يوسُف يعقوبُ بن عبدالله من ولد أبي فاطمة، عن إسماعيل بن زيد مولى عبدالله بن يحيى الكاهلي(١) ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: جاء رجلٌ إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام - وهو في مسجد الكوفة - فقال: السَّلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته، فردَّ عليه [السّلام]، فقال: جعلت فداك إنّي أردت المسجد الأقصى فأردت أن اُسلّمَ عليك واُودّعَكَ، فقال: أيّ شيء أردتَ بذلك؟ فقال: الفضل جُعلت فداك، قال: فبِع راحِلَتك، وكُلْ زادك، وصلِّ في هذا المسجد، فإنّ الصّلاة(٢) فيه حجّة مبرورة، والنّافلة عمرة مبرورة، والبركة منه على اثني عشر ميلاً، يمينه يمنٌ، ويسارُه مَكرٌ، وفي وسطه عينٌ من دُهْن وعينُ من لَبن وعينٌ من ماءٍ شراباً للمؤمنين، وعينٌ من ماء طهوراً للمؤمنين، منه سارت سفينة نوح وكان فيه نَسْر ويَغوث ويَعوق(٣) وصلّى فيه سبعون نبيّاً وسبعون وصيّاً أنا أحدهم - وقال بيده في صدره(٤) - ما دعا فيه مكروبٌ بمسألة في حاجة من الحوائج إلاّ أجابه اللهُ وفَرَّج عنه كُربَتَه »(٥) .

__________________

١ - كذا وفي الكافي أيضاً، وفي التهذيب ج ٣ باب فضل المساجد تحت رقم ٩: « عن إسماعيل بن زيد مولى عبدالله بن يحيى الكاهلي، عن عبدالله بن يحيى الكاهليّ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام »، ولعلّه سقط من قلم النّاسخ.

٢ - في الكافي والتّهذيب: « فإنّ الصّلاة المكتوبة ».

٣ - قال العلاّمة المجلسيرحمه‌الله : يدلّ على أنّ هذه الأصنام كانت في زمن نوحعليه‌السلام كما ذكره المفسّرون، وذكروا أنّه لمّا كان زمن الطّوفان طَمَّها الطّوفان فلم تزل مدفونة حتّى أخرجها الشّيطان لمشركي العرب، والغرض من ذكر ذلك بيان قدم المسجد إذ لا يصير كونها فيه علّة لشرفه، ولعلّ التّخصيص بالسّبعين ذكر لإعظامهم أو لمن صلّى فيه ظاهراً بحيث اطّلع عليه النّاس. ( المرآة ).

٤ - أي أشار.

٥ - جاء في تاريخ ابن أعثم الكوفيّ نظير هذا الخبر ولفظه. فمن أراد الاطّلاع فليراجع الجزء الثّاني من مجلّد الأوّل ص ٢٢١، طبع دار الكتب العلميّة - بيروت؛ لبنان -.

٣٤

الباب التّاسع

( الدَّلالة على قبر أمير المؤمنين عليه السلام)

١ - حدّثني أبي؛ وأخي؛ وعليُّ بن الحسين؛ ومحمّد بن الحسنرحمهم‌الله جميعاً، عن سعد بن عبدالله بن أبي خلف، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن عليِّ بن الحكم، عن صفوان الجمّال « قال: كنت وعامِرُ بنُ عبدالله بن جُذاعَةَ الاُزديّ عند أبي عبداللهعليه‌السلام فقال له عامر: إنّ النّاس يزعمون أنّ أمير المؤمنينعليه‌السلام دفن بالرُّحْبَة(١) فقال: لا، قال: فأين دُفِنَ؟ قال: إنّه لمّا ماتَ حمله الحسنعليه‌السلام فأتى به ظَهرَ الكوفة قريباً من النَّجف يُسْرة عن الغَرِيّ، يمنةً عن الحيرة، فدفنه بين ذكوات بيض، قال(٢) : فلمّا كان بعد ذهبت إلى الموضع فتوهّمت موضعاً منه، ثُمَّ أتيته فأخبرته فقال: أصبتَ أصبتَ أصبتَ - ثلاث مرّات - رَحِمَكَ الله ».

٢ - حدّثني محمّد بن الحسن(٣) ، عن محمّد بن الحسن الصّفّار، عن أحمد بن محمّد بن عيسى، عن محمّد بن أبي عُمَير، عن الحسين [بن] الخلاّل ( كذا )، عن جدّه « قال: قلت للحسين بن عليٍّ - صلوات الله عليهما -: أين دفنتم أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟ قال: خرجنا به ليلاً حتّى مررنا على مسجد الاُشعث، حتى خرجنا إلى ظهر ناحية الغَريّ ».

٣ - حدَّثني جماعة مشايخي، عن محمّد بن يحيى، عن أحمد بن محمّد، عن

__________________

١ - الرّحبة - بضمّ أوّله، وسكون ثانيه، وباء موحّدة -: قرية بحذاء القادسية على مرحلة من الكوفة على يسار الحُجّاج إذا أرادوا مكّة ( معجم البلدان ).

٢ - القائل هو صفوان بن مِهران الجمّال.

٣ - يعني ابن الوليد، وهو من مشائخ ابن قولويه - رحمهما الله -.

٣٥

ابن أبي عُمَير، عن القاسم بن محمّد، عن عبدالله بن سِنان « قال: أتاني عُمَرْ بن يزيد فقال لي: اركب، فركبتُ معه فمضينا حتّى نزلنا منزل حفص الكُناسيِّ فاستخرجه فركب معنا فمضينا حتّى أتينا الغَريّ فانتهينا إلى قبر فقال: انزلوا؛ هذا القبر قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام فقلنا له: مِن أين عَرَفت هذا؟ قال: أتيته مع أبي عبداللهعليه‌السلام حيث كان في الحيرة غير مرَّة وخبرني أنّه قبره ».

٤ - حدّثني أبي؛ ومحمّد بن يعقوب؛ عن عليِّ بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن يحيى بن زكريّا، عن يزيد بن عُمَر بن طلْحَةَ « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام - وهو بالحَيرة -: أما تريد ما وعَدْتُكَ؟ قال: قلت: بلى - يعني الذّهاب إلى قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام -، قال: فركب ورَكب إسماعيل ابنه معه ورَكبت معهما حتّى إذا جاز الثّوِيَّة(١) وكان بين الحَيرة والنَّجف عند ذكوات بيض(٢) نزل ونزل إسماعيل ونزلتُ معهم فصلّىس إسماعيل وصلّيتُ، فقال لإسماعيل: قُمْ فسلّم على جَدّك الحسين بن عليعليهما‌السلام ، فقلت: جُعلت فداك أليس الحسينعليه‌السلام بكربلاء، فقال: نَعَم؛ ولكن لمّا حُمل رأسه إلى الشّام سَرَقه مولى لنا فدفنه بجنب أمير المؤمنينعليه‌السلام ».

٥ - حدّثني أبي؛ ومحمّد بن الحسن جميعاً، عن الحسن بن مِتّيل، [و] عن سَهل بن زياد، عن إبراهيمَ بنِ عقُبَةَ، عن الحسن الخزّاز الوشّاء، عن أبي الفَرَج، عن أبان بن تَغلِب « قال: كنت مع أبي عبداللهعليه‌السلام فمرَّ بظهر الكوفة فنزل وصلّى ركعتين ثمَّ تقدَّم قليلاً فصلّى رَكعتين، ثمَّ سار قليلاً فنزل فصلّى رَكعتين، ثمَّ قال: هذا موضع قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قلت: جعلت فِداك فما الموضعين اللَّذين صلّيت فيهما؟ قال: موضع رأس الحسينعليه‌السلام ، وموضع منبر القائمعليه‌السلام ».

٦ - حدِّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن الحسن بن موسى الخشّاب، عن عليِّ بن أسباط - رفعه - « قال: قال أبو عبداللهعليه‌السلام : إنّك إذا أتيت الغَريَّ رأيت

__________________

١ - موضع بقرب الكوفة.

٢ - هي الحصيات الّتي يقال لها: درّ النّجف تشبيهاً لها بالحمرة المتوقّدة.

٣٦

قبرين: قبراً كبيراً وقبراً صغيراً، فأمّا الكبير فقبر أمير المؤمنين، وأمّا الصّغير فرأس الحسين بن عليِّعليهما‌السلام ».

٧ - وحدَّثني محمّد بن عبدالله(١) ، عن محمّد بن أبي عبدالله الكوفيِّ، عن موسى بن عِمرانَ النّخعيِّ، عن الحسين بن يزيد قال: حدَّثنا صَفْوانُ بنُ مِهرانَ، عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام « قال: سار - وأنا معه - من القادسيّة حتّى أشرف على النّجف، فقال: هو الجبل الَّذي اعتصم به ابن جَدِّي نوحعليه‌السلام ، فقال: «سَآوِي إلى جَبَلٍ يَعْصِمُني مِنَ الماءِ (٢) » فأوحى الله تبارَك وتعالى إليه: يا نجف أيعتصم بك منّي؟! فغاب في الاُرض وتقطّع إلى قطر الشّام(٣) ، ثمَّ قال: اعدل بنا؛ فعدلتُ فلم يزل سائراً حتّى اتى الغَريّ فوقف على القبر، فساق السَّلامَ مِن آدم على نبيٍّ ونبيٍّعليهم‌السلام، وأن أسوق معه حتّى وصل السَّلام إلى النَّبيِّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمَّ خَرَّ على القبر فسلّم عليه وعَلا نحيبَه(٤) ، ثمّ قام فصلّى أربع رَكعات وصلّيت معه، وقلت: ياابن رسول الله ما هذا القبر، فقال: هذا قبر جدِّي عليِّ بن أبي طالبعليه‌السلام ».

٨ - حدَّثني محمّد بن أحمد بن عليِّ بن يعقوب(٥) ، عن عليِّ بن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن أبيه ( كذا )، عن الحسن بن الجَهْم بن بُكَير « قال: ذكرت لاُبي الحسنعليه‌السلام يحيى بن موسى وتعرّضه لمن يأتي قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام وأنّه كان ينزل موضعاً كان يقال به: الثّوية يتنزّه إليه، ألا وقبر أمير المؤمنينعليه‌السلام فوق ذلك قليلاً، وهو الموضع الَّذي روى صَفوانُ الجمّال أنَّ ابا عبدالله وصفه له، قال له فيما ذكر: إذا انتهيت إلى الغَريّ ظهر الكوفة فاجعله خلف ظَهرِك وتوجّه على نحو النَّجف، وتيامن قليلاً، فإذا انتهيت إلى الذَّكوات البيض والثّنيّة أمامه فذلك قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وأنا أتيته كثيراً. ومِن أصحابنا مَن لا يرى ذلك

__________________

١ - الظّاهر هو الحميريّ.

٢ - هود: ٤٣.

٣ - في بعض النسخ: « تقطّع إلى قبل الشّام »، وفي المتن مثل ما في البحار. وفي اللغة: قُطر الشّام ونحوها: الاُقليم الواقعة فيه.

٤ - النَّحيب: رفع الصّوت بالبكاء. ( الصّحاح ).

٥ - هو أبو عبدالله محمّد بن أحمد بن يعقوب بن إسحاق بن عمّار، الّذي هو مذكور من مشايخ المؤلّف. كما يأتي في ص ١٩٩ تحت رقم ١٠.

٣٧

ويقول: هو في المسجد، وبعضهم يقول: هو في القَصر، فأردّ عليهم أنّ اللهَ لَم يكن ليجعل قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام في القَصر في مَنازل الظّالمين، ولم يكن يُدْفَنُ في المسجد وهم يريدون سَتره، فأيّنا أصوب (١) ؟ قال: أنت أصوب منهم، أخذتَ بقول جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، قال: ثمَّ قال لي: يا أبا محمّد ما أرى أحداً من أصحابنا يقول بقولِك، ولا يذهب مَذهَبَك، فقلت له: جعلت فِداك أما ذلك شيءٌ مِن الله؟ قال: أجل؛ إنّ الله يوفّق مَن يشاء ويؤمن عليه، فقل ذلك بتوفيق الله وَاحْمَدُه عليه ».

وحدّثني به محمّد بن الحسن؛ ومحمّد بن أحمد بن الحسين جميعاً، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه عليٍّ، عن الحسن بن عليِّ بن فضّال، عن الحسن بن الجهم بن بُكَير قال: ذكرت لأبي الحسنعليه‌السلام - وذكر الحديث بطوله -.

٩ - حدَّثني محمّد بن الحسن؛ ومحمّد بن أحمدَ بن الحسين جميعاً، عن الحسن بن عليِّ بن مَهزيار، عن أبيه عليّ بن مَهزيار قال: حدّثني عليُّ بن أحمدَ بن أشْيَم [عن رجل] عن يونسَ بن ظَبْيان « قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام بالحيرة أيّام مَقْدَمِه على أبي جعفر في ليلة صحيانة مُقمرة، قال: فنظر إلى السّماء فقال: يا يونس أما ترى هذه الكواكب ما أحسنها، أما إنّها أمانٌ لأهل السَّماء ونحن أمانٌ لأهل الاُرض، ثمَّ قال: يا يونس فمرّ بإسراج البَغل والحِمار، فلمّا أُسرجا قال: يا يونس أيّهما أحبُّ إليك؛ البَغل أو الحِمار؟ قال: فظننت أنَّ البغل أحبُّ إليه لقوَّته، فقلت: الحِمار، فقال: اُحبّ أن تؤثرني به، قلت: قد فعلتُ، فركب ورَكبت، ولمّا خرجنا مِنَ الحِيرة قال: تقدَّم يا يونس، قال: فأقبل يقول: تَيامَن تَياسَر، فلمّا انتهينا إلى الذّكوات الحمر قال: هو المكان، قلت: نَعَم فتيامن ثمَّ قصد إلى موضع فيه ماءٌ وعَينٌ فتوضّأ ثمَّ دنا من أكَمَة فصلّى عندها، ثمَّ مالَ عليها وبكىُ، ثمَّ مال إلى أكمَةٍ دونها ففعل مثل ذلك، ثمَّ قال: يا يونس افعل مثلَ ما فعلتُ، ففَعَلْتُ ذلك فلمّا تفرّغت قال لي: يا يونس تعرف هذا المكان؟ فقلت:

__________________

١ - إلى هنا قول الحسن بن الجهم. والمسؤول مشترك بين الكاظم والرّضاعليهما‌السلام .

٣٨

لا، فقال: الموضع الّذي صلّيت عنده أوّلاً هو قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والأكَمَة الاُخرى رأس الحسين بن عليِّ بن أبي طالبعليهما‌السلام ، إنّ الملعون عبيدالله بن زياد - لعنه الله - لمّا بعث رأس الحسينعليه‌السلام إلى الشّام رُدّ إلى الكوفة، فقال: أخرجوه عنها لا يُفتننّ به أهلها، فصيّره الله عند أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فالرَّأس مع الجسد (١) والجسد مع الرَّاس ».

١٠ - حدّثني محمّد بن جعفر الرَّزَّاز، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب الزَّيّات، عن الحسن بن محبوب، عن إسحاق بن جَرير، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: إنّي لمّا كنتُ بالحيرة عند أبي العبّاس كنتُ أتي قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ليلاً وهو بناحية النّجف إلى جانب الغَريّ النّعمان، فاُصلّي عنده صلاة اللّيل وانصرف قبل الفجر ».

١١ - وعنه، عن محمّد بن الحسين، عن الحَجّال(٢) ، عن صَفوانَ بن مِهرانَ، عن أبي عبداللهعليه‌السلام « قال: سألته عن موضع قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: فوصف لي موضعه حيث دكادك الميل(٣) قال: فأتيته فصلّيت عنده ثمَّ عُدْتُ إلى أبي عبداللهعليه‌السلام مِن قابل فأخبرته بذهابي وصَلاتي عنده، فقال: أصبت، فمكثتُ عشرين سنة اُصلّي عنده ».

١٢ - حدَّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى، عن أحمدَ بن محمّد بن أبي نصر « قال: سألت الرّضاعليه‌السلام فقلت: أين موضع قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟ فقال: الغَريّ، فقلت له: جعلت فداك إنّ بعض الناس يقولون: دفن في الرُّحْبَة، قال: لا، ولكن بعض النّاس يقول: دفن بالمسجد ».

__________________

١ - أي بعد ما دفن الرّاس هنا ألحقه الله بالجسد، وإنما يزار ويصلى‌الله‌عليه‌وآله ههنا لكونه محلاً للرّأس المقدّس. ( البحار ).

٢ - يعني عبدالله بن محمّد الكوفيّ، ثقة ثبت، وهو من أصحاب الرّضاعليه‌السلام .

٣ - الدَّكْدَك - ويكسر - من الرّمل: ما تَكَبَّس واسْتَوى، أو ما الْتَبد منه بالأرض، أو هي أرض فيه غِلَظٌ، والجمع دكادك ودكاديك. ( القاموس ) وقال في البحار: ولا يبعد أن يكون الميل تصحيف الرّمل وهذا يؤيّد كون « الذّكوات » في نسخة مصحّف « الدّكاوات ».

٣٩

الباب العاشر

( ثواب زيارة أمير المؤمنين عليه السلام)

١ - حدّثني أبي؛ ومحمّد بن يعقوب، عن محمّد بن يحيى العطّار، عن حَمدانَ بن سليمان النّيسابوريّ، عن عبدالله بن محمّد اليمانيّ، عن مَنيع بن الحجّاج، عن يونس، عن أبي وهب البصريّ « قال: دخلت المدينة فأتيت أبا عبداللهعليه‌السلام فقلت: جعلت فداك أتيتك ولم أزر قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، قال: بئس ما صنعت، لولا أنّك من شيعتنا ما نظرت إليك، ألا تزور مَن يزوره الله تعالى مع الملائكة ويزوره الأنبياء ويزوره المؤمنون(١) ؟ قلت: جعلت فداك ما علمت ذلك، قال: فاعلم أنَّ أمير المؤمنينعليه‌السلام أفضل عند الله من الأئمّة كلِّهم وله ثوابُ أعمالهم وعلى قدر أعمالهم فضّلوا ».

٢ - حدَّثني محمّد بن يعقوبَ، عن أبي علي ِّ الاُشعريّ - عمّن ذكره - عن محمّد بن سِنان. وحدَّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري ّ، عن أبيه، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب قال: حدّثني ابن سنان(٢) قال: حدَّثني المفضّل بن عُمَرَ « قال: دخلت على أبي عبداللهعليه‌السلام فقلت: إني أشتاق إلى الغري، قال: فما شوقك إليه؟ قلت له: إنّي اُحبُّ أمير المؤمنينعليه‌السلام واُحبُّ أن أزورَه، قال: فهل تعرف فضل زيارته؟ قلت: لا يا ابن رسول الله؛ فعَرِّفني ذلك، قال: إذا أردت زيارة أمير المؤمنينعليه‌السلام فاعلم أنّك زائر عظامِ آدم، وبدنِ نوح، وجسمِ عليِّ بن أبي طالبعليهم‌السلام، قلت: إنَّ آدم هبط بسَرَنديب في مطلع الشَّمس وزعموا أنّ عظامه في بيت الله الحرام فكيف صارت عِظامه بالكوفة؟ قال: إنَّ الله تبارك وتعالى أوحى إلى نوحعليه‌السلام وهو في السّفينة أن يطوف بالبيت اُسبوعاً،

__________________

١ - في بعض النّسخ: « يزوره الأنبياء مع المؤمنين ». ولقولهعليه‌السلام : « يزوره الله تعالى » بيان، راجع الباب ٣٨ ص ١٢٢ ذيل الخبر الرّابع.

٢ - يعني محمّد بن سنان.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375