حياة الإمام الرضا (عليه السلام) الجزء ٢

حياة الإمام الرضا (عليه السلام)21%

حياة الإمام الرضا (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: انتشارات سعيد بن جبير
تصنيف: الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصفحات: 375

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 375 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 205103 / تحميل: 8475
الحجم الحجم الحجم
حياة الإمام الرضا (عليه السلام)

حياة الإمام الرضا (عليه السلام) الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: انتشارات سعيد بن جبير
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

الناس برسول الله (ص) فهو أخوه، وصهره ووصيّه، وكان منه بمنزلة هارون من موسى، وقد قال في حقّه يوم (غدير خم ): (مَن كنت مولاه فهذا علي مولاه)، ولنستمع إلى مقطوعة أخرى من شعره في مدح الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام يقول:

نطق القرآن بفضل آل محمّدٍ

وولاية لعلّيه لم تجحدِ

لولاية المختار من خير الورى

بعد النبي الصادق المتودّدِ

إذ جاءه المسكين حال صلاته

فامتد طوعاً بالذراع وباليدِ

فتناول المسكين منه خاتماً

هبة الكريم الأجود بن الأجودِ

فاختصه الرحمان في تنزيله

مَن حاز مثل فخاره فليعددِ

إنّ الإله وليّكم ورسوله

والمؤمنين فمَن يشأ فليجحدِ

يكن الإله خصيمه فيها غداً

والله ليس بمخلف في الموعدِ(١)

وواضح هذا الشعر كل الوضوح فقد حكى فضيلة من فضائل الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وهي أنّ مسكيناً قصد جامع الرسول في يثرب فطلب من المسلمين أن يسعفوه، فلم يعطه أحد منهم شيئاً، وكان الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام يصلّي فأومأ إليه، وأعطاه خاتمه، وهو كل ما يملكه، وحينما فرغ الإمام من صلاته نزل الوحي على الرسول (ص) وهو يقلّد الإمام وساماً من أغلى الأوسمة التي قلّدته بها السماء، فقد نزل الوحي بهذه الآية الكريمة:( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) (٢) ودلالة هذه الآية واضحة فقد حصرت الولاية العامة في الله تعالى والرسول الأعظم، والإمام أمير المؤمنين الذي أدّى الزكاة وهو في حال ركوعه.

وهذه الآية من أوثق الأدلة على إمامة الإمام أمير المؤمنين، وأنّه أحق وأولى بخلافة المسلمين من غيره، فقد قرن تعالى ولايته بولاية الله وولاية رسوله...

ولنستمع إلى أبيات أخرى قالها في الإمامعليه‌السلام :

سقياً لبيعة أحمد ووصيه

أعني الإمام وليّنا المحسودا

أعني الذي نصر النبي محمّداً

قبل البرية ناشئاً ووليدا

أعني الذي كشف الكروب ولم يكن

في الحرب عند لقائها رعديدا

____________________

(١) ديوان دعبل (ص ١٠١).

(٢) سورة المائدة: آية ٥٥.

١٢١

أعني الموحِّد قبل كل موحِّدٍ

لا عابداً وثناً ولا جلمودا

وهو المقيم على فراش محمّدٍ

حتى وقاه مكايداً ومكيدا

وهو المقدّم عند حومات الندا

ما ليس ينكر طارفاً وتليدا(١)

وعرض دعبل في هذه الأبيات إلى نصرة الإمامعليه‌السلام للرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فهو المنافح الأول عن كلمة التوحيد، وبجهوده وجهاده قام دين الإسلام، وقد كشف الكروب عن النبي (ص) في أحلك الظروف وأقساها، ففي واقعة بدر وأحد والخندق وغيرها كان الإمام البطل الأوحد الذي أطاح برؤوس المشركين، وسحق جيوشهم، ورفع راية التوحيد.

وعرض دعبل إلى مبيت الإمامعليه‌السلام على فراش النبي (ص) ووقايته له بمهجته، وقد قام بأروع عملية فدائية في الإسلام، فما أعظم أياديه على هذا الدين، هذا بعض ما قاله دعبل في مدح الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام .

رثاؤه للإمام الحسين:

وروع المسلمون بكارثة كربلاء التي انتهكت فيها حرمة الرسول (ص) في أبنائه وذرّيّته، فقد أبادت جيوش الأمويين بوحشية قاسية عترة النبي (ص) واقترفت فيهم أفظع الجرائم، وقد اهتزّ لهول هذه الفاجعة الضمير الإنساني، وقد اندفع دعبل الذي هو علوي الفكر إلى رثاء الإمام الحسينعليه‌السلام فرثاه بذوب روحه في مجموعة من روائع نظمه كان من بينها هذه اللوحات:

أأسبلت دمع العين بالعبرات

وبتّ تقاسي شدّة الزفراتِ

وتبكي على آثار آل محمّدٍ

فقد ضاق منك الصدر بالحسراتِ

ألا فابكهم حقّاً وأجر عليهم

عيوناً لريب الدهر منسكباتِ

ولا تنس في يوم الطفوف مصابهم

بداهية من أعظم النكباتِ

سقى الله أجداثاً على طفّ كربلا

مرابع أمطارٍ من المزناتِ

وصلّي على روح الحسين وجسمه

طريحاً على النهرين بالفلواتِ

قتيلاً بلا جرمٍ ينادي لنصره

- فريداً وحيداً - أين أين حماتي

أأنسى - وهذا النهر يطفح - ظامئاً

قتيلاً ومظلوماً بغير تراتِ

____________________

(١) ديوان دعبل (ص ١٠٢).

١٢٢

فقل لابن سعدٍ - أبعد الله سعده -

ستلقى عذاب النار واللعناتِ

سأقنت طول الدهر ما هبّت الصبا

وأقنت بالآصال والغدواتِ

على معشرٍ ضلّوا جميعاً وضيّعوا

مقال رسول الله بالشبهاتِ

لقد رفعوا رأس الحسين على القنا

وساقوا نساءً حسرّاً ولهاتِ

توفّوا عطاشا نازحين وغادروا

مدارس وحى الله مندرساتِ

يعزّ على المختار أن يمكث ابنه

طريحاً بلا دفنٍ لدى الهبواتِ

ويرفع رأس الرمح رأس حبيبه

ويسري به للشام في الحرباتِ

وينكثه بالعود مَن لاكت أمُّهُ

لحمزة كبداً لم يسغ بلهاةِ

مصائب أجرت عين كلّ موحِّدٍ

دماء رماها القلب بالعبراتِ(١)

ومثّلت هذه الأبيات لوعة الخزاعي وأساه على ما حلّ بابن الرسول وريحانته من فوادح الخطب، والمصائب المذهلة التي تذوب من هولها الجبال، فقد قتله البغاة استجابةً لرغبات أسيادهم الأمويين، وتركوا جثمانه الشريف ملقىً على صعيد كربلا لم يواروه، واحتزوا رأسه الشريف، وجعلوا يطوفون به في الأقطار والأمصار تشفّياً منه، وإظهاراً لفرحتهم الكبرى بقتله

ولنستمع إلى مقطوعة أخرى من رثائه للإمام الحسينعليه‌السلام يقول:

رأس ابن بنتِ محمّدٍ ووصيّه

يا للرجال على قناةٍ يرفعُ

والمسلمون بمنظرٍ وبمسمعٍ

لا جازع من ذا ولا متخشّعُ

أيقظت أجفاناً وكنت لها كرى

وأنمت عيناً لم تكن بك تهجعُ

كحلت بمنظرك العيون عمايةً

وأصمّ نعيك كل أذنٍ تسمعُ

ما روضة إلاّ تمنّت أنّها

لك مضجعٌ ولخط قبرك موضعُ(٢)

لقد نعى دعبل ذهاب الحميّة الإسلامية، فقد استسلم المسلمون للذل والهوان، ومدّوا أعناقهم بخنوع لحكومة يزيد التي استهانت بقيمهم ومقدّراتهم، فرفعت رأس ابن بنت نبيّهم على أطراف الأسنّة والرماح يطاف به في الأقطار والأمصار؛ وذلك بمنظر ومسمع من جميع الأوساط، ولم يبد أحد نقمته وسخطه على يزيد، وفيما أحسب أنّ ذلك كان ناجماً من العنف والإرهاب اللذين سادا على الأمّة،

____________________

(١) ديوان دعبل (ص ١٠٧).                           (٢) ديوان دعبل (ص ٩٩ - ١٠٠).

١٢٣

فكانت السلطة تأخذ بالظنة والتهمة، وتأخذ البرئ بالسقيم، والمقبل بالمدبر، ومن الطبيعي أنّ ذلك أوجب انتشار أوبئة الخوف عند المسلمين...

هذه بعض مراثي دعبل لسيّد الشهداءعليه‌السلام .

هجاؤه:

لقد نقم دعبل على ملوك عصره العبّاسيين، وهجاهم بأقذع ألوان الهجاء، ولم يكن بذلك مدفوعاً وراء العواطف والأهواء التي لا تمتّ إلى الحق بصلة، فقد جانب أولئك الملوك الحق، وسخّروا اقتصاد الأمة إلى شهواتهم فانفقوا ملايين الأموال على المغنّين والعابثين وجلبوا لقصورهم ما حرّم الله من الخمر، وأنواع اللهو في حين أنّ الأُمّة كانت تعاني الفقر والحرمان، وقد خيّم عليها البؤس ولنستمع إلى بعض هجائه.

هجاؤه للرشيد:

ولـمّا توفّي الإمام الرضاعليه‌السلام سارع المأمون فدفنه إلى جانب أبيه، وسئُل عن ذلك، فقال: ليغفر الله لهارون بجواره للإمام الرضا، ولـمّا سمع دعبل ذلك هزأ وقال:

قبران في طوس خير الناس كلّهم

وقبر شرّهم هذا من العبرِ

ما ينفع الرجس من قرب الزكي ولا

على الزكي بقرب الرجس من ضررِ

هيهات كل امرئٍ رهن بما كسبت

له يداه فخذ ما شئت أو فذرِ

وأيّ هجاء لهارون أقذع وأمر من هذا الهجاء، فقد عبّر عنه تارة بشر الناس، وأخرى بالرجس، وأنّ قربه من مثوى الإمام لا ينتفع به، فكل امرئ يعامل بما كسبت يداه، ولا عبرة بغير ذلك.

هجاؤه لإبراهيم:

ولـمّا بايع المأمون الإمام الرضاعليه‌السلام بولاية العهد غضب العباسيون وانتفخت أوداجهم، فعمدوا إلى إبراهيم بن المهدي شيخ المغنّين فبايعوه، وانبرى دعبل إلى هجائه فقال:

نعر ابن شكلة بالعراق وأهله

فهفا إليه كل أطلس مائقِ

إن كان إبراهيم مضطلعاً بها

فلتصلحن من بعده لمخارق

ولتصلحن من بعد ذاك لزلزل

ولتصلحن من بعده للمارقِ

١٢٤

أنّى يكون وليس ذاك بكائنٍ

يرث الخلافة فاسقٌ عن فاسقِ(١)

وأقذع هجاء وأمرّه هذا الهجاء، فإنّ الخلافة لو صلحت لإبراهيم لصلحت لغيره من المغنّين، كمخارق وزلزل ومارق، وبذلك تكون الدولة دولة المغنّين، وأنّ من المستحيل أن تتحوّل الخلافة إلى هذا المستوى السحيق، وأن يرث الخلافة فاسق عن فاسق، ومن الطريف أنّ الجند اجتمعوا حول بلاطه يطالبونه برواتبهم ولم يكن عنده شيء من المال فانبرى أحد الظرفاء فخاطب الجند فقال لهم: سوف يخرج إبراهيم ويغنّي لهذا الجانب بصوت، ويغنّي للجانب الآخر بصوت، وهذا هو أرزاقكم وسمع دعبل بذلك فقال:

يا معشر الأجناد لا تقنطوا

خذوا عطاياكم ولا تسخطوا

فَسَوفَ يُعطيكُم حُنَينِيَّةً

يَلتَذُّها الأَمرَدُ وَالأَشمَطُ(٢)

والمعبديات لقوادكم

لا تدخل الكيس ولا تربطُ

وهكذا يرزق أجناده

خليفةٌ مصحفه البربطُ

أرأيتم هذه السخرية؟ وهذا الاستهزاء بشيخ المغنّين الذي يرزق أجناده بالغناء الذي لا يدخل الكيس ولا يربط!؟.

هجاؤه للمعتصم:

أمّا هجاء دعبل للمعتصم فكان مرّاً وقاسياً، وكان المعتصم طاغياً، ظالماً لا عهد له بالرأفة والرحمة، وقد صدق دعبل في هجائه له بهذه المقطوعة:

بكى لشتات الدين مكتئبٌ صبُّ

وفاض بفرط الدمع من عينه غربُ

وقام إمام لم يكن ذا هدايةٍ

فليس له دين وليس له لبُّ

وما كانت الأنباء تأتي بمثله

يملّك يوماً أو تدين له العربُ

ولكن كما قالوا الذين تتابعوا

من السلف الماضين إذ عظم الخطبُ

ملوك بني العبّاس في الكتب سبعة

ولم تأتنا عن ثامنٍ لهم الكتبُ

كذلك أهل الكهف في الكهف سبعة

كرام إذا عدوا وثامنهم كلبُ

وإنّي لأعلي كلبهم عنك رفعةً

لأنّك ذو ذنبٍ وليس له ذنبُ

____________________

(١) ديوان دعبل (ص ١٧٤).

(٢) الأمرد: الذي لا لحية له، والأشمط الذي له لحية.

١٢٥

كأنّك إذ ملكّتنا لشقائنا

عجوزٌ عليها التاج والعقد والإتبُ

لقد ضاع ملك الناس إذ ساس ملكهم

وصيف وأشتات وقد عظم الكربُ(١)

ومثلت هذه الأبيات محنة المسلمين وشقاءهم بخلافة المعتصم الذي لم يتمتع بأي صفة كريمة تؤهّله لمركز الخلافة الإسلامية التي هي ظل الله في الأرض، وقد ظل دعبل في عهده مختفياً يطارده الرعب والفزع، فقد أوعز المعتصم إلى شرطته باعتقاله ولكنّهم لم يظفروا به، ولـمّا هلك المعتصم هجاه بهذه الأبيات:

قد قلت: إذ غيبوه وانصرفوا

في شرّ قبرٍ لشرِّ مدفونِ

اذهب إلى النار والعذاب فما

خلتك إلاّ من الشياطينِ

وما زلت حتى عقدت بيعة من

أضر بالمسلمين والدينِ(٢)

هجاؤه للواثق:

ولـمّا تولّى الواثق عمد دعبل إلى طومار فكتب فيه الأبيات التالية، ودفعها إلى الحاجب، وقال له: قل له هذه أبيات امتدحك بها دعبل، وهذه الأبيات:

الحمد لله لا صبر ولا جلد

ولا عزاء إذا أهل الهوى رقدوا

خليفة مات لم يحزن له أحدٌ

وآخرٌ قام لم يفرح به أحدُ

فمرّ هذا، ومرّ الشؤم يتبعه

وقام هذا فقام الويل والنكدُ

ولـمّا فضّها الواثق وقرأها تميّز غيظاً وغضباً وطلب دعبل بكل ما يقدر عليه من الطلب فلم يظفر به حتى هلك الواثق(٣) .

هذه صور من هجائه، وهي تمثّل اندفاعه نحو الحق، ونصرته للمظلومين والمضطهدين في عصره.

لقد كان دعبل من زعماء المعارضة للحكم العباسي في عصره، ومن الجناية على الفكر أن يوصم الرجل بأنّه خبيث اللسان لم يسلم أحد من الخلفاء من لسانه(٤) فإنّ هذا القول رخيص، وبعيد عن الواقع، لقد هام دعبل في حب أهل البيت الذين اضطهدتهم الحكومات العبّاسية، وجهدت في ظلمهم وظلم شيعتهم فاندفع دعبل

____________________

(١) ديوان دعبل (ص ١٢٩ - ١٣٠).                             (٢) ديوان دعبل (ص ٢٠٩).

(٣) ديوان دعبل (ص ١٤٩).                                       (٤) الأغاني ١٨ / ٢٩.

١٢٦

بوحي من عقيدته إلى نصرتهم والذب عنهم والتشهير بخصومهم وليس في ذلك أي نقص عليه، وإنّما هو فخر وشرف له.

إلى جنّة المأوى:

وظل دعبل معظم حياته مجاهداً ومناضلاً قد سخر من ملوك عصره الذين استباحوا حرمات الله، فهجاهم بأمرّ وأقذع ألوان الهجاء، وقد طاردته السلطة، ورامت تصفيته جسدياً ولكنّه اختفى، وراح يجوب في الأقطار يلاحقه الفزع والخوف، وهو القائل في تائيّته الخالدة:

لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها

وإنّي لأرجو الأمن بعد وفاتي

وقد أعلن بشجاعة فائقة استعداده للموت فقال: (لي خمسون سنة أحمل خشبتي - أي خشبة الإعدام - على كتفي أدور على مَن يصلبني عليها فما أجد مَن يفعل ذلك).

وكانت نهاية دعبل على يد ذئب من ذئاب عصره وهو مالك بن طوق التغلبي فقد طلبه فهرب إلى البصرة، وكان والياً عليها إسحاق بن العباس العباسي وقد بلغه هجاء دعبل له، فأمر بإلقاء القبض عليه، فجيء به إليه مخفوراً فدعا بالنطع والسيف ليضرب عنقه، فأنكر دعبل القصيدة التي قيلت في ذمّه وأنّ عدداً له قالها ونسبها له ليغري بدمه، وجعل دعبل يتضرّع إليه فأعفاه من القتل إلاّ أنّه دعا بالعصي والمقارع، وانهال عليه ضرباً بوحشيّة قاسية، ثمّ خلّى سبيله فهرب إلى (الأهواز)(١) .

وسارع مالك بن طوق فبعث رجلاً حصيفاً مقداماً وأعطاه سمّاً، وأمره باغتيال دعبل، وأعطاه عوض هذه الجريمة عشرة آلاف درهم، وانبرى الرجل مسرعاً إلى (الأهواز) فجدّ في طلب دعبل فعثر عليه في قرية من نواحي (السوس) فاغتاله بعد صلاة العتمة، فضربه على ظهر قدمه بعكاز له زج مسموم فتسمم بدنه، ومات في غده، ودفن بتلك القرية، وقيل: بل حمل إلى (السوس) فدفُن فيها(٢) وانتهت بذلك حياة هذا المجاهد الذي قارع الباطل بشجاعة، وقد رثاه صديقه الشاعر الكبير أبو تمّام الطائي بهذه الأبيات:

____________________

(١) الأغاني ١٨ / ٦٠.

(٢) الأغاني ١٨ / ٦٠.

١٢٧

قد زاد في كلفي وأوقد لوعتي

مثوى حبيب يوم مات ودعبل

أخوي لا تزل السماء نحيلة

تغشاكما بسماء مزن مسبل

جدث على الأهواز يبعد دونه

مسرى النعي ورمة بالموصل(١)

رحم الله دعبلاً فقد كان علماً من أعلام الإسلام، وقد استشهد في سبيل المبادئ الكريمة والمثل العليا التي تبنّاها في جميع أدوار حياته.

(ر)

١٢٨ - رحيم عبدوس:

الخنجي، روى عن الإمام أب] الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه علي بن الحكم(٢) .

١٢٩ - ريان بن شبيب:

خال المعتصم العباسي، ثقة سكن (قم)، وروى عنه أهلها، وجمع مسائل الصباح ابن نصر الهندي للإمام الرضاعليه‌السلام (٣) ، وقد روى عنه الإمام الرضاعليه‌السلام وروى عنه إبراهيم بن هاشم(٤) .

١٣٠ - الريان بن الصلت:

الأشعري، القمّي، أبو علي، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، ثقة، صدوق، له كتاب جمع فيه كلام الإمام الرضاعليه‌السلام في الفرق بين الآل والأمّة(٥) ، وروى معمر بن خلاد قال: قال لي الريان بن الصلت، وكان الفضل بن سهل بعثه إلى بعض كور خراسان: أحب أن تستأذن لي على أبي الحسنعليه‌السلام فأسلّم عليه وأودّعه وأحب أن يكسوني من ثيابه، وأن يهب لي من الدراهم التي ضُربت باسمه، قال: فدخلت عليه، فقال لي مبتدئاً: يا معمر بن ريان، أيحب أن يدخل علينا فأكسوه من ثيابي وأعطيه من دراهمي؟ قال: قلت سبحان الله!! والله ما سألني إلاّ أن أسألك ذلك له، فقال: يا معمر إنّ المؤمن موفّق

____________________

(١) وفيات الأعيان ١ / ١٨٠.

(٢) معجم رجال الحديث ٧ / ١٨٣.

(٣) النجاشي.

(٤) فروع الكافي الجزء السابع كتاب الوصية.

(٥) النجاشي.

١٢٨

قل له: فليجئ قال: فأذنت له فدخل عليه فسلّم فدعا له بثوب من ثيابه، فلمّا خرج قلت: أي شيء أعطاك؟ وإذا في يده ثلاثون درهماً(١) .

(ز)

١٣١ - زكريا بن آدم:

ابن عبد الله بن سعد الأشعري، القمّي، ثقة جليل، عظيم القدر، كان له وجه عند الإمام الرضاعليه‌السلام ، له كتاب(٢) ، وروى الكشي أنّه سمع من بعض أصحابنا عن أبي طالب عبد الله بن الصلت القمّي، قال: دخلت على أبي جعفر الثانيعليه‌السلام في آخر عمره فسمعته يقول: جزى الله صفوان بن يحيى، ومحمد بن سنان، وزكريا ابن آدم عنّي خيراً، فقد وفوا لي.

وروى محمد بن حمزة عن زكريا بن آدم قال: قلت للرضاعليه‌السلام : إنّي أريد الخروج عن أهل بيتي فقد كثر السفهاء فيهم فقال: لا تفعل، فإنّ أهل بيتك يدفع عنهم - أي البلاء - بك، كما يدفع عن أهل بغداد بأبي الحسن الكاظمعليه‌السلام (٣) .

وممّا يدل على جلالة قدره وسمو مكانته ما رواه علي بن المسيب قال: قلت للرضاعليه‌السلام : شقّتي بعيدة، ولست أصل إليك في كل وقت فعمّن آخذ معالم ديني؟ فقالعليه‌السلام : من زكريا بن آدم القمّي المأمون على الدين والدنيا، قال علي بن المسيب: فلمّا انصرفت قدمت على زكريا بن آدم فسألته عمّا احتجت إليه.

وروى محمد بن إسحاق والحسن بن محمد قالا: خرجنا بعد وفاة زكريا بن آدم بثلاثة أشهر نحو الحج، فتلقّانا كتابهعليه‌السلام في بعض الطريق فإذا فيه ذكرت ما جرى من قضاء الله به في الرجل المتوفّى رحمه الله يوم ولد، ويوم قبض، ويوم يبعث حيّاً، فقد عاش أيام حياته عارفاً بالحق، قائلاً به: صابراً محتسباً للحق، قائماً بما يحبه الله ورسوله ومضى رحمه الله غير ناكث، ولا مبدّل فجزاه الله أجر نبيّه وأعطاه خير أمنيته، وذكرت الرجل الموصى إليه، ولم تعرف فيه رأينا، وعندنا من المعرفة به أكثر ممّا

____________________

(١) الكشي.

(٢) النجاشي.

(٣) الكشي.

١٢٩

وصفت - يعني الحسن بن محمد بن عمران -(١) وقد كشفت هذه الرواية عن سمو مكانته عند الإمامعليه‌السلام .

١٣٢ - زكريا أبو يحيى:

كوكب الدم، عدّه الشيخ في باب الكنى من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٢) وقال أبو يحيى الموصلي: كان زكريا أبو يحيى شيخاً من الأخيار(٣) وضعفه ابن الغضايري.

١٣٣ - زكريا بن إدريس:

ابن عبد الله بن سعد الأشعري، القمّي أبو جرير، روى عن الإمام أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وأبي الحسن والرضاعليهم‌السلام ، له كتاب(٤) ، وروى زكريا قال: دخلت على الرضاعليه‌السلام من أول الليل في حدثان موت أبي جرير فسألني عنه، وترحّم عليه، ولم يزل يحدثني وأحدّثه حتى طلع الفجر، فقامعليه‌السلام فصلّى الفجر(٥) .

١٣٤ - زكريا بن عبد الصمد:

القمّي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وأضاف أنّه ثقة، يكنّى أبا جرير من أصحاب أبي الحسن موسىعليه‌السلام (٦) .

١٣٥ - زكريا بن محمد:

أبو عبد الله المؤمن، روى عن الإمام أبي عبد الله والإمام أبي الحسنعليهما‌السلام ، ولقي الإمام الرضاعليه‌السلام في المسجد الحرام، وحكى عنه ما يدل على الوقف، وكان مختلط الأمر في حديثه له كتاب منتحل الحديث(٧) .

____________________

(١) الكشي.

(٢) رجال الطوسي.

(٣) معجم رجال الحديث ٧ / ٢٧٢.

(٤) النجاشي.

(٥) الكشي.

(٦) رجال الطوسي.

(٧) النجاشي.

١٣٠

١٣٦ - زكريا بن يحيى:

روى عن الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه بكر بن صالح(١) .

(س)

١٣٧ - سعد بن حماد:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام وأضاف: إنّه مجهول(٢) .

١٣٨ - سعد بن سعد:

ابن الأحوص بن سعد بن مالك الأشعري القمّي، ثقة، روى عن الإمام الرضا والإمام أبي جعفرعليهما‌السلام كتابه المبوب، وروى محمد بن خالد عنه مسائله للإمام الرضاعليه‌السلام (٣)، وروى عبد الله بن الصلت القمّي قال: دخلت على الإمام أبي جعفر الثاني في آخر عمره... قال: (جزى الله صفوان بن يحيى ومحمد بن سنان، وزكريا بن آدم، وسعد بن سعد فقد وفوا لي!)(٤).

١٣٩ - سعد خادم أبي دلف:

قال الشيخ: له مسائل عن الإمام الرضاعليه‌السلام أخبرنا بها عدّة من أصحابنا عن أبي الفضل عن ابن بطة عن أحمد بن عبد الله(٥).

١٤٠ - سعيد بن جناح:

الأزدي، مولاهم بغدادي، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام هو وأخوه أبو عامر، كانا ثقتين له كتاب صفة الجنة والنار، وكتاب قبض روح المؤمن والكافر(٦) .

١٤١ - سعيد بن سعيد:

القمّي، ثقة، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٧) .

____________________

(١) معجم رجال الحديث.

(٢) رجال الطوسي.

(٣) النجاشي.

(٤) الكشي.

(٥) فهرست الطوسي.

(٦) النجاشي.

(٧) رجال الطوسي.

١٣١

١٤٢ - سليمان بن جعفر:

الطالبي الجعفري، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى أبوه عن الإمام أبي عبد الله وأبي الحسنعليهما‌السلام ، وكانا ثقتين، له كتاب (فضل الدعاء)(١) .

١٤٣ - سليمان بن الجعفري:

روى عن الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه أبو أيوب المدني(٢) .

١٤٤ - سليمان بن حفص:

روى عن الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه محمد بن إسماعيل(٣) .

١٤٥ - سليمان بن حفص:

المروزي روى عن الإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام (٤) .

١٤٦ - سليمان بن داود:

الخفّاف: عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٥) .

١٤٧ - سليمان بن رشيد:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٦) ، روى عن أبيه وروى عنه محمد بن عيسى (٧) .

١٤٨ - السندي بن الربيع:

الكوفي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٨) .

____________________

(١) النجاشي.

(٢) معجم رجال الحديث ٨ / ٢٤٢.

(٣) معجم رجال الحديث ٨ / ٢٤٤.

(٤) معجم رجال الحديث ٨ / ٢٦٢.

(٥) رجال الطوسي.

(٦) رجال الطوسي.

(٧) معجم رجال الحديث.

(٨) رجال الطوسي.

١٣٢

١٤٩ - سوادة القطان:

روى عن الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه الحسن بن علي ابن فضال(١) .

١٥٠ - سهل بن الأشعري:

روى عن الإمام أبى الحسن الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه ابنه محمد(٢) .

١٥١ - سهل بن اليسع:

ابن عبد الله بن سعد الأشعري، القمّي، ثقة، روى عن الإمام موسى والإمام الرضاعليهما‌السلام (٣) .

(ش)

١٥٢ - شعيب بن حماد:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٤) ، وعدّه البرقي من أصحاب الكاظمعليه‌السلام (٥).

(ص)

١٣٥ - صالح بن عبد الله:

الخثعمي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٦)، وكذلك عدّه البرقي.

١٥٤ - صالح بن علي:

ابن عطية، البغدادي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٧) ، وعدّه البرقي من أصحاب الإمام الكاظم عليه‌السلام .

____________________

(١) معجم رجال الحديث.

(٢) معجم رجال الحديث ٨ / ٣٣٣.

(٣) معجم رجال الحديث.

(٤) رجال الطوسي.

(٥) رجال البرقي.

(٦) رجال الطوسي.

(٧) رجال الطوسي.

١٣٣

١٥٥ - صالح الخباز:

الكوفي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (١) .

١٥٦ - صباح بن نصر:

الهندي: له مسائل الإمام الرضاعليه‌السلام (٢) .

١٥٧ - صدقة الخراساني:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٣) .

١٥٨ - صفوان بن يحيى:

أبو محمد البجلي، بياع السابري، كوفي، ثقة، روى أبوه عن الإمام أبي عبد الله الصادقعليه‌السلام ، وروى هو عن الإمام الرضاعليه‌السلام ،

وكانت له عنده منزلة شريفة ذكره الكشي في رجال الإمام أبي الحسن موسىعليه‌السلام .

وقد توكّل للإمام الرضا والإمام أبي جعفر الجوادعليهما‌السلام ، وسلم مذهبه من الوقف، وكان على جانب عظيم من الزهد والعبادة، وقد بذل له جماعة من الواقفة أموالاً كثيرة، فلم يستجب لهم، وكان صديقاً حميماً لعبد الله بن جندب، وعلي بن النعمان، وروى أنّهم تعاقدوا في بيت الله الحرام، أنّه مَن مات منهم صلّى مَن بقي صلاته، وصام عنه صيامه، وزكّى عنه زكاته، فماتا وبقي صفوان، فكان يصلّي في كل يوم مائة وخمسين ركعة، ويصوم في السنة ثلاثة أشهر، ويزكّي زكاته ثلاث دفعات وكل ما يتبرّع به عن نفسه ممّا عدا ما ذكرناه تبرّع عنهما مثله.

ومن شدّة تحرجه وتقواه أنّ إنساناً كلفه حمل دينارين إلى أهله في الكوفة، فقال له: إنّ جمالي مكراة، وأنا استأذن الأجراء، وكان على جانب كبير من الورع والعبادة على ما لم يكن عليه أحد من طبقته.

وقد صنّف ثلاثين كتاباً لم يعرف منها إلاّ ما يلي:

١ - كتاب الوضوء.

٢ - كتاب الصلاة.

____________________

(١) رجال الطوسي.

(٢) معجم رجال الحديث.

(٣) رجال الطوسي.

١٣٤

٣ - كتاب الصوم.

٤ - كتاب الحج.

٥ - كتاب الزكاة.

٦ - كتاب النكاح.

٧ - كتاب الطلاق.

٨ - كتاب الفرائض.

٩ - كتاب الوصايا.

١٠ - كتاب الشراء والبيع.

١١ - كتاب العتق والتدبير.

١٢ - كتاب البشارات.

١٣ - كتاب النوادر.

وقد ذكرت عنه أحاديث مشرقة في التقوى، كما نقلت عن أئمة الهدى أحاديث في مدحه والثناء عليه... انتقل إلى رحمة الله تعالى سنة (٢١٠ ه‍)(١) .

(ط)

١٥٩ - طاهر بن حاتم:

ابن ما هوية القزويني، أخو فارس بن حاتم، كان صحيحاً ثم خلط، له كتاب ذكره الحسن بن الحسين(٢) قال الشيخ: كان مستقيماً ثم تغيّر، وأظهر القول بالغلو، له روايات(٣) .

(ع)

١٦٠ - عباد بن محمد:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٤) .

١٦١ - العبّاس بن جعفر:

ابن محمد، ابن الأشعث، روى الصدوق بسنده إلى الحسن بن علي الوشاء،

____________________

(١) معجم رجال الحديث ٩ / ١٢٨ - ١٣٣.

(٢) النجاشي.

(٣) رجال الطوسي.

(٤) رجال الطوسي.

١٣٥

قال: سألني العباس بن جعفر، أن أسأل الإمام الرضاعليه‌السلام أن يحرق كتبه إذا قرأها مخافة أن تقع في يده غيره، فابتدأنيعليه‌السلام قبل أن أسأله... اعلم صاحبك أنّي إذا قرئت كتبه إليّ حرقتها(١) .

١٦٢ - العباس بن محمد:

الورّاق، يونسي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٢) .

١٦٣ - العباس بن معروف:

أبو الفضل مولى جعفر بن عبد الله الأشعري، قمّي، ثقة، له كتاب الآداب، وله نوادر(٣).

١٦٤ - العباس بن موسى:

النخّاس، كوفي، ثقة، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٤) .

١٦٥ - العباس بن هشام:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٥) ، وقال النجاشي: إنّه من قبيلة بني أسد، وأنّه ثقة جليل في أصحابنا، كثير الرواية، كسر اسمه فقيل عبيس، له كتب منها كتاب الحج، وكتاب الصلاة، وكتاب المثالب سماه كتاب خالات فلان وفلان، وكتاب جامع الحلال والحرام، وكتاب الغيبة، وكتاب نوادر، والرواة كثيرة عنه في هذه الكتب. توفّي رحمه الله سنة (٢٢٠ ه‍)(٦) .

١٦٦ - العباس مولى الإمام الرضا:

روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى عنه محمد بن علي(٧) .

____________________

(١) عيون أخبار الرضا.

(٢) رجال الطوسي.

(٣) النجاشي.

(٤) رجال الطوسي.

(٥) رجال الطوسي.

(٦) رجال النجاشي.

(٧) معجم رجال الحديث.

١٣٦

١٦٧ - عباس النجاشي:

كوفي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (١) .

١٦٨ - عبد الجبار بن المبارك:

النهاوندي، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، كما عدّه من أصحاب الإمام الجوادعليه‌السلام (٢) .

١٦٩ - عبد الحميد بن سعيد:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، كما عدّه من أصحاب الإمام الكاظمعليه‌السلام (٣) .

١٧٠ - عبد الرحمن بن أبي نجران:

مولى كوفي، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، وروى أبوه نجران عن الإمام أبي عبد اللهعليه‌السلام ، وكان عبد الرحمن ثقة، ثقة، معتمداً على ما يرويه، له كتب كثيرة، قال أبو العباس: لم أر منها إلاّ كتابه في البيع والشراء(٤) .

١٧١ - عبد السلام بن صالح:

الهروي، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، ثقة صحيح الحديث له كتاب (وفاة الرضاعليه‌السلام )(٥) ، روى الصدوق عن محمد بن عبد الله ابن طاهر، قال: كنت واقفاً على رأس أبي، وعنده أبو الصلت الهروي، وإسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، فقال أبي: ليحدثني كل رجل منكم بحديث، فقال أبو الصلت الهروي: حدثني علي بن موسى الرضاعليه‌السلام - وكان والله رضي كما سمي - عن أبيه موسى بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالبعليهم‌السلام قال: رسول الله (ص): الإيمان قول وعمل، فلمّا خرجنا قال أحمد بن محمد بن حنبل: ما هذا الإسناد؟ فقال له أبي: هذا سعوط المجانين إذا سعط

____________________

(١) رجال الطوسي.

(٢) رجال الطوسي.

(٣) رجال الطوسي.

(٤) النجاشي.

(٥) النجاشي.

١٣٧

به المجنون أفاق(١) .

١٧٢ - عبد العزيز بن مسلم:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٢) وهو الذي روى عنه رواية مبسوطة في بيان مقام الإمامعليه‌السلام ، وأنّ منزلة الإمامة منزلة الأنبياء، وأنّها خلافة الله وخلافة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ومقام الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام وميراث الحسن والحسينعليهما‌السلام ، وفيها الاستدلال بالآيات على انحصار الإمامة في المعصومينعليهم‌السلام (٣) .

١٧٣ - عبد العزيز بن المهتدي:

الأشعري، القمّي، ثقة، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، له كتاب(٤) قال في حقّه الفضل بن شاذان: ما رأيت قمّيّاً يشبهه في زمانه، وقال أيضاً في حقّه:

كان خيّر، قمّي، فيمَن رأيته، وكان وكيل الرضاعليه‌السلام (٥) ، كما كان للإمام الجوادعليه‌السلام ، وقد دفع إليه أموالاً من الحقوق فتسلّمها وكتب إليه بعد البسملة (وقد عرفت الوجوه التي صارت إليك منها غفر الله لك ولهم الذنوب ورحمنا وإيّاكم)(٦) .

١٧٤ - عبد الله بن أبان:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٧) ، روى عنه الإمام الرضا، وروى عنه علي بن إسماعيل الدغشني(٨) .

١٧٥ - عبد الله بن إبراهيم:

الأنصاري، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٩) .

____________________

(١) معجم رجال الحديث ١٠ / ٢٠.

(٢) رجال الطوسي.

(٣) معجم رجال الحديث ١٠ / ٣٨.

(٤) معجم رجال الحديث.

(٥) النجاشي.

(٦) الغيبة للطوسي.

(٧) رجال الطوسي.

(٨) معجم رجال الحديث ١٠ / ٨١.

(٩) رجال الطوسي.

١٣٨

١٧٦ - عبد الله بن أيوب:

الجزيني، أبو محمد، كان منقطعاً إلى الإمام الرضاعليه‌السلام ، وكان فاضلاً شاعراً أديباً، وقد رثا الإمام الرضاعليه‌السلام ، وقال يخاطب ولده الإمام الجواد:

يا بن الوصي وصيّ أكرم مرسلٍ

أعني النبيَّ الصادق المصدوقا

لا يسبقني في شفاعتكم غداً

أحدٌ فلست بحبّكم مسبوقا

يا بن الثمانية الأئمّة غربوا

وأبا الثلاثة شرّقوا تشريقا

إنّ المشارق والمغارب أنتم

جاء الكتاب بذلكم تصديقا(١)

١٧٧ - عبد الله بن جندب:

هو العالم العابد الزاهد، عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الصادق تارة، ومن أصحاب الإمام الكاظمعليه‌السلام أخرى، وثالثة من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وهو أحد وكلاء الإمام الكاظم والإمام الرضاعليهما‌السلام ، وقد قال للإمام الكاظمعليه‌السلام ألستَ عنّي راضياً، قالعليه‌السلام : أي والله، ورسول الله عنك راض.

وروى يونس بن عبد الرحمن قال: رأيت عبد الله بن جندب وقد أفاض من عرفات، وكان عبد الله أحد المجتهدين، قال يونس: فقلت له: قد رأى الله اجتهادك منذ اليوم، فقال عبد الله: والله الذي لا إله إلاّ هو لقد وقفت موقفي هذا، وأفضت ما سمعني الله دعوت لنفسي بحرف واحد؛ لأنّي سمعت أبا الحسنعليه‌السلام يقول: الداعي لأخيه المؤمن بظهر الغيب ينادى من أعنان السماء لك بكل واحدة مائة ألف، فكرهت أن أدع مائة ألف مضمونة لواحدة لا أدري أُجاب إليها أم لا؟

وروى الحسن بن علي بن يقطين، وكان سيئ الرأي في يونس، قال: قيل لأبي الحسنعليه‌السلام وأنا أسمع أنّ يونس مولى آل يقطين يزعم أنّ مولاكم والمتمسّك بطاعتكم عبد الله بن جندب يعبد الله على سبعين حرفاً. ويقول إنّه شاك، فقالعليه‌السلام : هو والله أولى بأن يعبد الله على حرف، ما له ولعبد الله بن جندب إنّ عبد الله بن جندب لمن المخبتين(٢) .

____________________

(١) معجم رجال الحديث، وحياة الإمام محمد الجواد (ع).

(٢) الكشي.

١٣٩

١٧٨ - عبد الله بن الحارث:

وهو ممّن روى النص من الإمام الكاظمعليه‌السلام على إمامة ولده الإمام الرضاعليه‌السلام (١) .

١٧٩ - عبد الله بن الصلت:

أبو طالب القمّي، مولى بني تيم، ثقة مسكون إلى روايته، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام ، يعرف له كتاب التفسير(٢) ، وعدّه البرقي من أصحاب الإمام الرضا ومن أصحاب الإمام الجوادعليهما‌السلام (٣) .

وقد كتب إلى الإمام الجوادعليه‌السلام أن يأذن له أن يندب أباه، فكتبعليه‌السلام له أن اندبني، واندب أبي(٤) وكتب إلى الإمام الجواد

عليه‌السلام بأبيات شعر، وذكر فيها أباه الإمام الرضا، وسأله أن يأذن له ليقول فيه الشعر فقطع الشعر وحبسه، وكتب في صدر ما بقي من القرطاس قد أحسنت فجزاك الله خيراً(٥) .

١٨٠ - عبد الله بن طاووس:

عدّه الشيخ من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام ، وأضاف أنّه عاش مائة سنة(٦) .

١٨١ - عبد الله بن علي:

ابن الحسين بن زيد بن علي بن الحسينعليه‌السلام ، روى عن الإمام الرضاعليه‌السلام له نسخة رواها(٧) .

١٨٢ - عبد الله بن المبارك:

النهاوندي، من أصحاب الإمام الرضاعليه‌السلام (٨) .

____________________

(١) معجم رجال الحديث نقلاً عن الإرشاد للشيخ المفيد.

(٢) النجاشي.

(٣) رجال البرقي.

(٤) الكشي.

(٥) الكشي.

(٦) رجال الطوسي.

(٧) النجاشي.

(٨) معجم رجال الحديث ١٠ / ٣٥.

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

أيا جدّ هل تنظر حسيناً مرمّلاً

لأضلعه خيل العدة تحطّم

وهل تنظر السجّاد بالقيد مؤثّقاً

يضربه التكبيل سحباً ويشتم

أيا جدّنا هذي بناتك حسرا

أُسارى قرط ابن بنتك تقسم

أيا جدّنا ساقوا علياً مكبّلاً

لينظره الطاغي يزيد المزنم

فياعترة الهادي خذوها بمدحكم

مدبّجة كالدّر حين ينظم

على كلّ بيت للمديح يتيمة

بأسماع من يهواكم تتقسّم

تزفّ إليكم كلّ عشر محرّم

يتوق إليها الشاعر المترنّم

مديحاً لمحمود العزيزي عبدكم

له بأعاديكم من اللعن أسهم

موالي مواليكم معادي عدوّكم

مودّته في حبّكم لا تكتم

ويرجى بها يوم القيامة شربة

من الحوض يا أهل الشفاعة منكم

خذوا لي وآبائي وأُمّي ووالدي

أماناً من أذى النار وأرحم

ورهطي واخواني وقارئن مدحتي

ومستمعيها واعطفوا وترحّم

وفي الخلد نرجو تدخلونا بجاهكم

فليس لنا إلّا النبي وأنتم

صلاة وتسليم مساءً وبكرةً

من الله عدّ الذرّ تترى عليكم

١٦١

الفصل العاشر

شهادة السيّدة رقيّة

نقل المحدّث الخبير سماحة الشيخ عبّاس القمّي قدس سره عن كتاب «الكامل» للبهائي : أنّ نساء أهل البيت عليهم السلام أخفين على الأطفال شهادة آبائهم وقلن لهم : أنّ آباءكم قد سافروا إلى كذا وكذا وكان الحال على ذلك المنوال حتّى أمر يزيد أن يدخلن داره وكان للإمام الحسين عليه السلام بنت صغيرة لها أربع سنين قامت ليلة من منامها وقالت : أين أبي الحسين عليه السلام فإنّي رأيته الساعة في المنام مضطرباً اضطراباً شديداً.

ولمّا سمعت النسوة ذلك بكين وبكى معهنّ سائر الأطفال وارتفع العويل ، فانتبه يزيد من نومه وقال : ما الخبر؟ ففحصوا عن الواقعة وقصّوا عليه ، فأمر أن يذهبوا برأس أبيها إليها ، فأتوا بالرأس الشريف وجعلوه في حجرها ، فقالت : ما هذا؟ قالوا : رأس أبيك ، ففزعت الصبية وصاحت فمرضت وتوفّيت في أيّامها بالشام(1) .

وقال البعض : لعلّ القضيّة التالية كانت ليلة دفن هذه الطفلة المظلومة وهي : أنّ أهل البيت عليهم السلام رأوا السيّدة أُمّ كلثوم عليها السلام مضطربة فزعة لا قرار لها ، تبكي بكاءً مرّاً وتنوح بحرقة شديدة ، وكلّما حاولوا إسكاتها وتهدأتها كانت لا تهدأ ، فتساءلوا عن السبب في ذلك ، فقالت : في الليلة الماضية كانت في حجري ، وكانت تبكي بشدّة ولا يهدأ لها بال ، فتساءلت منها : ممّ بكاءك؟ قالت : عمّتي ألا يوجد في هذه المدينة يتيم أو أسير غيري؟ عمّتي ألا يعلم هؤلاء أنّنا مسلمون؟!

وإذا كانوا يعملون فلماذا يضيّقون علينا في الطعام والشراب ويحرمون الأيتام

__________________

(1) راجع كامل البهائي ج 2 ص 179 ، معالي السبطين ج 2 ص 170.

١٦٢

منهما؟

تقول السيّدة أُمّ كلثوم عليها السلام : منذ أن سمعت مصيبتها المشجية ودموعي تجري بلا انقطاع وقد فارغ النوم عيناي.

السيّدة رقيّة عليها السلام ترى والدها في المنام

نقل صاحب كتاب «مصباح الحرمين»(1) القضية التالية فقال : رأت طفلة للإمام الحسين عليه السلام في إحدى الليالي والدها في عالم الرؤيا فاسترّت برؤياه وتنعّمت بلقاءه خلال تلك اللحظات القصيرة التي وفّقت فيها لرؤيا سيّد الشهداء عليه السلام بعد شهادته.

وعندما استيقظت الطفلة من منامها ـ وللأسف الشديد ـ أحسّت أنّ كلّ ما رأته كان مجرّد رؤيا ولذلك فإنّها لم تتحمّل الواقع ، فقد غاب عنها والدها العزيز التي تنعّمت برؤياه قبل لحظات. فبقيت الطفلة تبكي بشدّة ، وكلّما حاول أهل البيت عليهم السلام تهدأتها لم يتمكّنوا ، ولمّا تساءلوا منها عن سبب بكاءها قالت : أين أبي ايتوني بوالدي وقرّة عيني.

آنذاك عرف الجميع أنّها رأت والدها في المنام فضجّ الجميع بالبكاء والعويل ونشرن العلويات شعورهنّ وأخذن يلطمن على وجوههنّ ويحثن التراب على رؤوسهنّ حزناً على سيّد الشهداء عليه السلام حتّى وصل صوت النائحة إلى أسماع يزيد الطاغية.

وفي رواية أُخرى أنّ طاهر بن عبدالله الدمشقي نديم يزيد الطاغية قال : كنت في أكثر الليالي أجلس مع يزيد وأُحدّثه واشغله بأحاديثي ، وفي إحدى الليالي بينما كنت أُحدّثه وقد مضى قسطاً من الليل التفت إليّ وقال : طاهر! أشعر بالوحشة والاضطراب والحزن وليس لي مزاج للحديث ، فادنوا منّي وخذ برأسي ولا تحدّثني عن أفعالي وجرائمي القبيحة. يقول طاهر : أخذت رأسه النحس وجعلته في حجري فنام اللعين وكان رأس سيّد الشهداء عليه السلام موضوعاً أمامه في طشت من ذهب.

ولم تمض ساعة إذا بصياح وبكاء أبناء الحسين عليه السلام يتعالى من خرابة الشام ، إلّا أنّ

__________________

(1) مؤلّف مصباح الحرمين هو عبدالجبّار بن زين العابدين الشكوئي.

١٦٣

اللعين لم يحسّ بشيء وبقيت مشدوهاً حائراً أُقلّب فكري وأتأمّل في عظمة الظلم الذي صبّه هذا الطاغية على ذرّية أميرالمؤمنين عليه السلام ، التفت إلى الرأس الشريف فوجدت الدموع تنهمر من عينيه ، تعجّبت كثيراً ، ثمّ أنّ الرأس الشريف نطق بصوت عالي يسمعه من كلّ على بعد أربعة أذرع وقال : اللهمّ هؤلاء أولادنا وأكبادنا وهؤلاء أصحابنا.

يقول طاهر : حينما شاهدت هذا المنظر غلبتني الوحشة والدهشة وأخذت أبكي ، ثمّ إنّني أشرفت من قصر يزيد ـ وقد كانت الخرابة خلفه ـ لأرى ما الحدث ، فلعلّ أحد أهل البيت عليهم السلام توفّي فأخذ البقية يبكون عليه.

حقّقت النظر فوجدت الأسارى محدقين بطفلة صغيرة كانت تحثو التراب على رأسها وتقول ، يا عمّتي ويا أُخت أبي أين أبي؟ أين أبي؟

تساءلت منهم ما الخبر؟ قالوا : طفلة للإمام الحسين عليه السلام رأت والدها في المنام والآن تبكي وتنوح وتقول : أُريد والدي. وهي لا تهدأ أبداً.

يقول طاهر : بعد أن شاهدت هذا المنظر المشجي رجعت إلى يزيد فوجدته قد استيقظ وهو ينظر إلى رأس سيّد الشهداء عليه السلام وهو يرجف كالورقة في الريح الشديدة من شدّة الخوف.

وفي ذلك الأثناء التفت الرأس الشريف إلى يزيد وقال : يابن معاوية ، ماذا صنعت لك حتّى تظلمني هكذا وتودع أهل بيتي في خرابة الشام.

ثمّ إنّ الرأس الشريف توجّه إلى الله الخبير اللطيف وقال : اللهمّ انتقم منه بما عمل بي وظلمني وأهلي( وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ) (1) .

كان الرأس يتحدّث بهذه الكلمات ويزيد اللعين يرتعد ويرجف حتّى كادت أضلاعه تلتصق ببعضها من شدّة الخوف.

ثمّ إنّ الطاغية تساءل عن بكاء أهل البيت عليهم السلام فأخبرته بالحدث ، فأشار على

__________________

(1) سورة الشعراء : 227.

١٦٤

جلاوزته أن يأخذوا رأس الإمام الحسين عليه السلام إلى الطفلة الصغيرة لتتسلّى به.

فأخذ جلاوزته الرأس المبارك إلى الخرابة وإذا بجميع النساء والأطفال يقبلون نحوهم ويأخذون الرأس منهم ثمّ جلسوا يبكون عليه خاصّة عقيلة الهاشميين زينب عليها السلام التي كانت تحول حول الرأس الشريف كما تحوم الفراشات حول الشمعة.

وبينما هم كذلك إذا بالسيّدة رقيّة تشاهد رأس أبيها وتقول : ما هذا الرأس؟ قالوا : هذا رأس أبيك فحملت الطفلة الرأس من الطشت وجعلته في حجرها وهي تبكي وتقول : أبتاه ، ليتني مت دونك ، أبتاه ليتني عميت قبل أن أراك على هذه الحالة ، أبتاه ليتني مت وكنت تحت التراب ولا أرى محاسنك مخضوبة بدمك ، فبقيت الطفلة تبكي وتقبّل الرأس وتنوح حتّى أُعمي عليها.

ولمّا حرّكوها وجدوها قد فارقت الدنيا وارتحلت إلى الملأ الأعلى مع جدّتها الطاهرة الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السلام.

وبوفاة الطفلة ضجّ كلّ من كان في الخرابة وتجدّد مصابهم من جديد.

أقول : ربما كانت هذه الطفلة التي ماتت في خرابة الشام هي السيّدة رقيّة عليها السلام بنت الإمام الحسين عليه السلام إذ أنّ المزار الشريف الموجود اليوم في خرابات الشام ينسب إليها هو معروف بمزار السيّدة رقيّة عليها السلام.

ولا يخفى أنّ وفاة هذه الطفلة وجميع القضايا المتعلّقة بها مثل أحاديثها مع السيّدة زينب عليها السلام وكيفية شهادتها ، وطريقة غسل السيّدة زينب وأُمّ كلثوم لها وغير ذلك قد دوّنت وحفظت للأجيال على مرّ الزمان لتبقى هذه المصيبة التي تهدّ الجبال وتصدع الصخور الصمّاء خالدة إلى يوم القيامة(1) .

وقد ذكر البعض أنّ اسم هذه الطفلة كان زينب وقال البعض الآخر أنّ اسمها رقيّة وذهب جماعة أنّ اسمها سكينة. وذكر البعض أنّ يزيد اللعين أمر عمّاله أن يشيدوا عمارة

__________________

(1) منتخب التواريخ الباب الخامس ص 299.

١٦٥

وينقشوا على جدرانها أحداث يوم عاشوراء وما جرى على الشهداء في ذلك اليوم العصيب فضلاً عن حال الأسارى والأطفال بعد استشهاد رجالهم وقد أسكنوا الأسارى فيها. فإن صحّ هذا القول فالله وحده أعلم ما هو حال أهل البيت عليهم السلام عندما شاهدوا هذه العمارة(1) .

حرّ قلبي لزينب فكم مصابٍ

حملته بقلبها المستظام

طلب الطفلة التي أثكلتها

حسن نادت بلهفة المستهام

أخبريني أبي بأيّ مكان

ولماذا هنا يكون مقامي

فزعت من منامها وهي تدعو

والدي قد رأيته بالمنام

فبكت زينب وضجّ اليتاما

والأيامي من شدّة الآلام

وقال الرجس ياقوم ماذا

حلّ إنّ البكاء نغّص جامي

قالوا للسبط طفلة طلبته

إذ رأته بعالم الأحلام

قال سيروا لها برأس أبيها

كي تراه وذا عظيم اجترام

ولها أقبلوا برأس ابن بنت الـ

ـمصطغى سيّد الأُباة الكرام

حديث الرأس الشريف

يقول أية الله ميرزا حبيب الله شريف الكاشاني المتوفّى سنة 1240 ه : أنّ امرأة من أهل الشام حملت حجراً ورمت رأس سيّد الشهداء عليه السلام وهو على الرمح وأذا بالرأس الشريف ينطق بلسان فيصيح ويقول : أنا المظلوم.

وقال الميرزا حبيب الله أيضاً : بينما كانت السيّدة زينب تنظر إلى رأس أخيها الحسين عليه السلام وإذا به يناديها قائلاً : أُختاه ، اصبري فإن الله معنا.

وفي كتاب سرّ الأسرار للشيخ عبدالكريم ص 306 ، ومنهاج الدموع ص 385 ، وكتاب العوالم ص 169 أنّ المنهال قال : أُقسم بالله تعالى أنّني رأيت رأس الإمام

__________________

(1) ناسخ التواريخ ـ حياة السيّدة زينب الكبرى عليها السلام ج 2 ص 456.

١٦٦

الحسين عليه السلام وهو مرفوع على القنا في الشام يقول أكثر من مرّة : لا حول ولا قوّة إلّا بالله.

محادثة بين الرأس والسيّدة رقيّة

ورد في كتاب «بحر الغرائب» قريب من المضامين التالية : أنّ الحارث وهو أحد قادة جيش يزيد نقل فقال : أمر يزيد أن نوقف أهل البيت عليهم السلام أمام دروازة الشام ثلاثة أيّام حتّى ينتهي الناس من تزيين المدينة ، وفي الليلة الأُولى وبعد أن خيّم الظلام ونام الجميع تظاهرت أنّني قد نمت فشاهدت طفلة صغيرة قد وقفت وهي تنظر العسكر فوجدتهم متعبين من الطريق وبعد المسافة فجلست على الأرض لحظات وهي خائفة ثمّ وقفت ثانية وتقدّمت خطوات نحو رأس الإمام الحسين عليه السلام الذي كان منصوباً على شجرة بالقرب من خرابة الشام ثمّ عادت خائفة وقد استمرّت على ذلك الحال تقوم وتقعد ، تتقدّم خطوات ثمّ ترجع إلى أن وقفت في الأخير تحت الشجرة وهي تنظر إلى الرأس وتخاطبه ودموعها تجري.

وما هي إلّا لحظات قليلة إذا بالرأس ينزل من على الشجرة حتّى وصل إلى مقابل الطفلة فخاطبته قائلة : السلام عليك يا أبتاه ، وا مصيبتاه بعد فراقك ، وا غربتاه بعد شهادتك.

وإذا بالرأس المقدّس يجيبها بالسان فصيح قائلاً : بنيّتي ، إنّ مصيبتك وشدّة المحن وضرب السياط وعذاب الأسر تنقضي بعد أيّام قليلة ، فإنّك صائرة إلينا عن قريب فاصبري لتنالي مقام الشفاعة : يقول الحارث : إنّ منزلي قريب من خرابة الشام لذلك كنت أنتظر متى ترحل هذه الطفلة من الدنيا إلى أن سمعت في إحدى الليالي صراخ وعويل وبكاء من خرابة الشام ، فتساءلت ما الخبر؟ قالوا : إنّ السيّدة رقية عليها السلام قد ماتت(1) .

كما نقل حجّة الإسلام والمسلمين صدر الدين القزويني في الجلد الثاني من كتابه القيّم «ثمرات الحياة» فقال : إنّ السيّدة رقيّة عليها السلام جعلت فمها على فم سيّد الشهداء عليه السلام

__________________

(1) نقلاً عن كتاب حضرة رقيّة ص 26.

١٦٧

وكان الرأس يقول لها : إليّ ، إليّ ، هلمّي ، فأنا لك بالانتظار ، ففارقت السيّدة رقيّة عليها السلام الدنيا على هذه الحالة.

سأبكي لبنت السبط فاطم قد غدت

قريحة جفن وهي تبكيه معولا

تحنّ فيشجي كلّ قلب حنينها

وتصدع من صمّ الصياخيد جندلا

تقول أبي أبكيك يا خير من مشى

ومن ركب الطرف الجواد المحجّلا

أبي كنت للدين الحنيفي موضّحاً

ومذ ثكلتك البيض أصبح مثكلا

أبي يا ثمال الأرملات وكهفها

إذا عاينت خطباً من الدهر معضلا

أبي يا ربيع المجد بين ومن به

يغاث من السقيا إذا الناس أمحلا

أبي يا غياث المستغيثين والذي

غداً لهم كنزاً وذخراً وموئلا

أبي إن سلا المشتاق أو وجد العزى

فإنّ فؤادي بعدك ما سلا

سأبيك تبكيك المحارب شجوها

وقد فقدت مفروضها والتنفّلا

سأبكيك تبكيك العقائد والنهى

سأبكيك تبكيك المحارم والعلا

سأبكيك تبكيك المناجاة في الدجى

سأبكيك يبكيك الكتاب مرتّلا

سأبكيك إذ تبكي عليه سكينة

ومدمعها كالغيث جاد وأسبلا

ونادت رباب أُمّتاه فأقبلت

وقد كضّها فقد الحسين وأثكلا

وقالت لها يا أُمّنا ما لوالدي

مضى مزمعاً عنّا الرحيل إلى البلا

أُنادي به يا والدي وهو لم يجب

وقد كان طلقاً ضاحكاً متهلّلا

أظنّ أبي قد حال عمّا عهدته

وإلّا فقد أمسى بنا متبدّلا

ألا أبتا قد شقّت البين شملنا

وجرعنا في الكأس صبراً وحنظلا

ونادى المنادي بالرحيل فقرّبوا

من الهاشميات الفواطم نزلا

وصار بها الحادي يغنّي مغرّداً

سل الدار عمّن قد نأى وترحّلا

تسير ورأس السبط يسري أمامها

كبدر الدجى وافى السعود فأكملا

فلهفي لها عن كربلا قد ترحّلت

مخلّفة أزكى الأنام وأنبلا

١٦٨

ولهفي لها بين العراق وجلق

إذ هو جلا خلفن قابلن هوجلا

ولهفي لها في أعنف السير والسرى

تأمّ زينب بالشآم مضلّلا

فلمّا رآها في حبائل سرّه

تهلّل مسروراً وأبدى التغزّلا

ونادى برأس السبط ينكث ثغره

وينشد أشعاراً بها قد تمثّلا

نفلّق هاماً من رجال أعزّه

علينا وهم كانوا أحقّ وأجملا

ألا فاعجبوا من ناكث ثغر سيداً

له أحمد يمسي ويضحى مقبلا

له عذّب الرحمن ماسح وابل

وعذّب أصحاب السقيفة أوّلا

أُولئك في يوم السقيفة أفسدوا

جميع الورى جيلاً فجيلاً لهم تلا

سجن أهل البيت عليهم السلام

في الخبر عن الشيخ الصدوق قدس سره أنّه عبّر عن خرابة الشام بالحبس والسجن إذ أنّ أهل البيت عليهم السلام حصروا فيها ومنعوا من ملاقاة الناس.

ونقل الشيخ الصدوق قدس سره في موضع آخر فقال : إنّ يزيد أمر بنساء الحسين عليه السلام ، فحبسن مع علي بن الحسين عليهما السلام في محبس لا يكنّهم من حرّ ولا قرّ ، حتّى تقشّرت وجوههنّ(1) .

والمشهور أنّ السيّدة رقيّة عليها السلام استشهدت في هذه الخرابة ، أمّا كم عاشت فيها إلى يوم شهادتها فهذا ممّا لم يحرزه المؤرخون.

نعم ، إنّ ورود أهل البيت عليهم السلام الشام كما صرّح الكثير من المؤرخين كان في غرّة شهر صفر وشهادة السيّدة رقيّة عليها السلام في الخامس من صفر ممّا يدلّ على أنّها بقيت في الخرابة أربعة أيّام إلّا أنّ هناك أقوالاً أُخرى.

وقال الإمام السجّاد عليه السلام : عندما أودعونا خرابة الشام صبّوا علينا أنواع العذاب ، ففي أحد الأيّام رأيت عمّتي زينب عليها السلام قد جعلت «القدر» على النار فتساءلت منها

__________________

(1) أمالي الصدوق ص 101.

١٦٩

وقلت : عمّة ما هذا القدر؟ قالت : إنّ الأطفال جياع فتظاهرت لهم بأنّني أصنع الغذاء لأُصبّرهم وأُخفّف عليهم آلامهم.

ونقل أيضاً أنّ الأطفال كانوا يطلبون من السيّدة زينب الماء والخبز حتّى رقّت لهم بعض النساء الشام وأتين لهم بالطعام(1) .

وبالاضافة إلى كلّ هذه المصائب المؤلمة التي نزلت بالعقيلة زينب عليها السلام في خرابة الشام تأتي مصيبة السيّدة رقيّة عليها السلام التي أحرقت قلوب العلويات وأمضّت أفئدة أهل البيت عليهم السلام خاصّة السيّدة زينب عليها السلام التي تكفّلت بالعائلة بعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام.

حديث المغسّلة مع العقيلة زينب عليها السلام

ورد في بعض الأخبار أنّ المغسّلة عندما كانت تغسّل جسد السيّدة رقيّة عليها السلام ، تركت التغسيل فجأة وتساءلت قائلة : من هو كبير هؤلاء الأسرى؟

فأجابتها السيّدة زينب وقالت : ماذا تريدين؟

قالت المغسّلة : ماذا كان مرض هذه الطفلة حتّى أصبح جسدها هكذا؟

فأجابتها العقيلة عليها السلام : إنّ الطفلة لم تكن مريضة أنّها آثار السياط ، وطعنات كعب الرماح(2) .

وفي بعض الروايات أنّ يزيد اللعين أمر أن يأخذوا مصباحاً وصاجة من الخشب ليغسلوا السيّدة رقيّة عليها السلام عليها ويكفّنوها في ثوبها القديم الذي كان عليها(3) .

وفي نفس الوقت خرجت نساء الشام وهنّ لابسات السواد وقد ازدحمن من كلّ حدب وصوب يردن مشايعة أهل البيت عليهم السلام بعد أن علت أصواتهنّ بالنجيب والبكاء والصياح.

__________________

(1) زينب فروغ تابان كوثر ص 266 نقلاً عن رياحين الشريعة ج 3 ص 186 ـ 191.

(2) زينب فروغ تابان كوثر ص 366 نقلاً عن الوقائع والحوادث ج 5 ص 81.

(3) زينب فروغ تابان كوثر ص 370 نقلاً عن خصائص الزينبية ص 296.

١٧٠

آنذاك استفادت العقيلة زينب عليها السلام من هذه الفرصة الذهبية فأخرجت رأسها من المحمل وخاطبت أهل الشام قائلة :

يا أهل الشام ، لقد أودعناكم في هذه الخرابة أمانة ، فالله الله فيها ، يا أهل الشام تعاهدوا قبرها بالزيارة ، فهي غريبة لا أحد لها في هذه الديار ـ ولا تنسوا أن تريقوا الماء وتشعلوا المصابيح عند مرقدها الشريف(1) .

سيّدتي جئتك بالكفن

نقل مدّاح أهل البيت عليهم السلام الحاج أسد الله سليماني فقال : إنّ كلّ من شاعر أهل البيت عليهم السلام الحاج غلام رضا سازگار ومداح أهل البيت عليهم السلام الحاج حسن ذوالفقاري نقلاً فقالا : سمعت القضية التالية من البعض فقال : خلال سفري إلى زيارة السيّدة رقيّة عليها السلام في الشام شاهدت طفلة صغيرة تقرأ الزيارة بحالة روحانية بحيث إنّني توجّهت إليها وبقيت أستمع إلى زيارتها.

وبعد أن فرغت الطفلة من الزيارة جاءت بقماش أبيض وأخذت تلفّه حول الضريح الشريف ثمّ إنّها أخذت ترمي البقية فوق الضريح لتغطّيه بالقماش ولكنّها لم تكن قادرة على ذلك فدنوت نحوها وتساءلت منها وقلت : ماذا تصنعين؟

وإذا بها تتكلّم باللغة الآذرية ، وبعد قليل جاءت الطفلة مع والديها فتساءلت منها وقلت : إنّ الجميع يأتون بالألعاب للسيّدة رقيّة عليها السلام ، فلماذا جئت أنت بالقماش؟

فقالت الطفلة : لقد سمعت من والديَّ أنّ السيّدة رقيّة عليها السلام ليس لها كفن فأتيت لها بالكفن.

سيّدتي طابت جروحك أم لا؟

نقل سماحة حجّة الإسلام والمسلمين السيّد عسكر الحيدري وهو من طلّاب

__________________

(1) زينب فروغ تابان كوثر ص 370 نقلاً عن رياض القدس ج 2 ص 237.

١٧١

الحوزة الزينبية(1) في سوريا فقال : في عام 1356 شمسي كنت أُصلّي في حرم السيّدة رقيّة عليها السلام وبعد الصلاة راعني الموقف التالي :

فقد شاهدت رجلاً طاعناً في السنّ من الأتراك التبريزيين وقد ألقى بنفسه على الضريح المبارك وهو يبكي وينوح حتّى ضجّ الناس لبكائه واعتلى صياحهم وبكائهم بشدّة.

كان الرجل يبكي بحرقة ويخاطب السيّدة رقيّة عليها السلام بلهجة الآذرية ، وحيث إنّني لا أعرف اللغة الآذرية تساءلت من البعض : ماذا يقول هذا الرجل؟

فقال : إنّه يقول : سيّدتي يا رقية ، إنّ أملي الوحيد منذ أمد بعيد أن آتي لزيارتك لا لكي يشفي ولدي أو يتحسّن وضعي المعيشي أو لتأخذي بيدي في يوم القيامة وإنّما جئت لأرى كيف حالك؟

سيّدتي أخبريني هل شُوفِيَ بدنك من الآلام؟ وهل طابت جروح قدميك؟ سيّدتي

__________________

(1) تأسّست الحوزة العلمية الزينبية في الشام على يد الشهيد السعيد سماحة السيّد المجاهد عن العقيد والدين آية الله السيّد حسن الشيرازي قدس سره.

وقد دعاني سماحته سنة 1357 ه. ش في مكّة المكرّة وقد تشرّفت بخدمته كراراً وكان دائماً يوصيني بالخدمة الدينية علماً أنّه دعاني للقيام ببعض النشاطات الدينية في الشام إلّا أنّه ومع الأسف الشديد لم يتح أجله للقيام بذلك حيث إنّه قدس سره استشهد على يد البعثيين الذين اغتالوه في 16 جمادي الآخر 1400 ه في بيروت ثمّ نقل جسده الشريف إلى طهران ومنها إلى قم فدفن في الحرم الشريف للسيّدة فاطمة المعصومة عليها السلام.

أقول : في أيّام الفاطمية سنة 1418 ه وفي يوم ميلاد العقيلة زينب عليها السلام بالذات نقل أحد المقيمين في الشام المجاورين للسيّدة زينب عليها السلام لأحد مراجع قم فقال : رأيت في عالم الرؤيا أنّ السيّدة زينب عليها السلام جالسة في مكان ما بينما كان الشهيد السيّد حسن الشيرازي قدس سره يمرّ من جانبها ، فأشارت إليه العقيلة زينب عليها السلام وقالت : هذا الذي أخرجني من غربتي.

ويمكن أن يكون مرادها عليها السلام أنّ هذا السيّد بتأسيسه للحوزة العلمية وتشويقه على إحياء الشعائر في سوريا أخرجني من غربتي. (علي ربّاني الخلخالي).

١٧٢

فداك روحي ونفسي أخبرني هل طابت جروحك ، فأنا ذاهب إلى ايران ومن ثمّ إلى تبريز ، فإذا طابت جروحك أُخبر الناس ليجمعوا الذهب ويأتوا به إلى حرمك فرحاً بذلك.

وبقي ذلك الرجل يصيح ويبكي ويخاطب السيّدة رقيّة عليها السلام بمثل هذه الكلمات فقلت في نفسي : ياليت لي مثل هذه العقيدة والإخلاص.

أهل البيت عليهم السلام يقيمون العزاء في الشام

نقل أبو مخنف وغيره من المؤرخين : أنّ يزيد الطاغية بعد أن افتضح بجرائمه غيّر نهجه في تعامله مع أهل البيت عليهم السلام وخيّر الإمام زين العابدين عليه السلام بين البقاء في الشام والرحيل إلى مدينة جدّه رسول الله صلى الله عليه واله فقال الإمام عليه السلام : لابدّ أن أُشاور في ذلك عمّتي زينب فهي كفيلة الأيتام والأرامل ، وبعد أن خيّر الإمام السجّاد عمّته زينب بين الرحيل والبقاء قالت عليها السلام : والله لا أختار شيئاً على البقاء في مدينة جدّي رسول الله صلى الله عليه واله ، ولكن قل ليزيد أن يفرغ لنا الدار وأن لا يمنعوا أحداً من الدخول معنا لنقيم العزاء على قتلانا ، فلمّا خرجنا من كربلاء منعونا من البكاء وقادونا عنوة إلى الكوفة والشام ولم يتركونا كي نقيم العزاء على قتلانا.

وحيث إنّ يزيد خيّر الإمام السجّاد عليه السلام وتظاهر أنّه يريد لأهل البيت عليهم السلام لم يكن له بدّ من الاستجابة لطلب العقيلة عليها السلام ، وإلّا فهو يعرف أنّ هذا المجلس لن يخلو من ذكر فضائل أميرالمؤمنين وإحياء مناقب أهل البيت عليهم السلام والتسقيط من بني أُميّة قاطبة وبالتالي فإنّ الزحمات الكثيرة التي بذلها هو ووالده معاوية من أجل محو ذكر أهل البيت عليهم السلام في الشام ستذهب هدراً.

وبالفعل فقد أمر الطاغية أن تفرغ لأهل البيت عليهم السلام داراً وسيعة وأمر المنادي ينادي من أراد أن يشارك في عزاء أهل البيت عليهم السلام ويعزّي السيّدة زينب بمصابها فليأت.

وما أن انتشر الخبر ـ كما في كتاب العوالم ـ لم تبق هاشمية في الشام إلّا وشاركت في المجلس بل حتّى نساء بين أُميّة وبني مروان جئن إلى المجلس وكنّ مزيّنات بزينتهنّ

١٧٣

إلّا أنّهنّ لمّا رأين حال المجلس انكسرت قلوبهنّ فنزعنّ زينتهنّ ولبسن السواد وجلسن مع النساء الشاميات يبكين ويطلمنّ على وجوههنّ بل ونشرن شعورهنّ وأخذن يحثن التراب على الرؤوسهنّ حتّى ضجّ المجلس بالبكاء.

آنذاك ـ وكما في البحار ـ وقفت العقيلة زينب وجعلت ترثي أخاها الحسين عليه السلام فأنشدت بعض الأبيات أحرقت بها القولب العالمين من الأوّلين والآخرين إلى يوم القيامة.

ومن المصائب الموجعة التي ذكرتها السيّدة زينب عليها السلام في ذلك المجلس هي مخاطبتها نساء الشام فقالت : انظروا ماذا صنع الأشقياء بذرّية أمير المؤمنين عليه السلام وأي بلاء صبّوه على عترة الرسول صلى الله عليه واله.

يا نساء الشام! إنّكم لا تدرون ماذا صنعوا بنا يوم عاشوراء؟ فقد قتلوا أخي وأهل بيته وأصحابه والرضّع عطاشى.

وأنّكم لاتدورن كيف ماذا جرى على أهل البيت عليهم السلام من ظلمة الكوفة وأعوان ابن زياد الذين ساقوا الأطفال والمخدّرات يقدمهم الإمام السجّاد عليه السلام حجّة الله على الخلق طيلة هذا الطريق؟

فبقيت لا تدرون كيف ماذا جرى على أهل البيت عليهم السلام من ظلمة الكوفة وأعوان ابن زياد الذين ساقوا الأطفال والمخدّرات يقدمهم الإمام السجّاد عليه السلام حجّة الله على الخلق طيلة هذا الطريق؟

فبقيت العقيلة تعدّد المصائب والنساء يبكين ويندبن الشهداء وقد استمرّ المجلس مدّة اسبوع على هذا المنوال في كلّ يوم تذكر العقيلة مصائب أهل البيت عليهم السلام وتنال من يزيد وأعوانه الظلمة الذين لم يتورّعوا عن سفك دم سيّد الشهداء عليه السلام(1) وفي كتاب «بحر المصائب» : أنّ العقيلة زينب عندما عادت إلى مدينة جدّها رسول الله صلى الله عليه واله ذهبت إلى قبر والدتها في البقيع وأنشدتها بعض الأبيات أبكت بها أهل السماء والأرض.

وفي نظري أنّ الأشعار التالية تنسب إلى العقيلة زينب وهي :

أيا أُمّ قد قتل الحسين بكربلا

أيا أُمّ ركني قد هوى وتزلزلا

أيا أُمّ قد ألقى حبيبك بالعرا

طريحاً ذبيحاً بالدماء مغسّلا

__________________

(1) رياحين الشريعة ج 3 ص 193.

١٧٤

أيا أُمّ نوحي فالكريم على القنا

يلوح كالبدر المنير إذ انجلا

ونوحي على النحر الخضيب واسكبي

دموعاً على الخدّ التريب مرمّلا

وحينما سمعت نساء الشام هذه الأبيات أقبلن من كلّ جانب وأخذن يسلّين العقيلة زينب عليها السلام(1) .

__________________

(1) رياحين الشريعة ج 3 ص 195.

١٧٥

الفصل الحادي عشر

حرم السيّدة رقيّة عليها السلام

أشرنا في بداية الكتاب أنّ عبدالوهاب بن أحمد الشافعي المصري المشهور بالشعراني والمتوفّى سنة «973 ه ق» ذكر في كتابه «المنن» الباب العاشر فقال : وبالجنب من المسجد الجامع في دمشق يوجد مرقد بمرقد السيّدة رقية بنت الإمام الحسين عليه السلام وقد كتب على باب هذا المرقد العبارة التالية هذا البيت بقعة شرّفت بآل النبي صلى الله عليه واله وبنت الحسين الشهيد رقية عليها السلام(1) .

وقد عمّر مرقد السيّدة رقيّة في القرون الأخيرة أكثر من مرّة ، ففي سنة 1280 ه عمّر الحرم الشريف على يد أحد السادة الأجلّاء باسم السيّد مرتضى وقد ذكرنا قصّته في الفصل الأوّل من الكتاب.

وقبل التعمير الأخير الذي حصل في السنين الأخيرة عمّر المرقد الشريف على يد الميرزا على أصغر خان أتابك أمين السلطان الأعظم الصدر الأعظم لايران سنة 1323 ه وقد نظم السيّد محسن الأمين العاملي المتوفّى عام 1371 ه أشعاراً ذكرهما في كتابه القيّم «أعيان الشيعة» منها هذين البيتين واللذين ذكر فيهما تاريخ تعمير المرقد الشريف علماً أنّ البيتين مكتوبين على باب الحرم الشريف وهما :

له ذو الرتبة العليا عليّ

وزير الصدر في ايران جدّد

وقد أرّختها تزهو بناءً

بقبر رقيّة من آل أحمد

وفي السنين الأخيرة نظراً لتوافد محبّي أهل البيت عليهم السلام إلى قبر السيّدة رقيّة عليها السلام

__________________

(1) معالي السبطين ج 2 ص 162.

١٧٦

وضيق المحل تصدّى المرحوم المغفور له الشيخ نصر الله الخلخالي لتوسعة الحرم الشريف وبمساعدة العديد من الخيّرين والموالين وفّق لشراء البيوت المجاورة للحرم الشريف علماً أنّ البعض من أصحاب البيوت لتعصّبهم الشديد وكثرة أطماعهم الدنيوية رفضوا بيع بيوتهم.

وحيث إنّ تشييد هذا المرقد المبارك هو لإقامة العبادات وإحياء الشعائر وطاعة الله عزّوجلّ لم يلجأ المتصدّون في تعاملهم مع الذين رفضوا بيع بيوتهم إلى القوّة بل اشتروا البيوت منهم بأضعاف مضاعفة من قيمتها الواقعية.

الجدير بالذكر أنّ مساومة المتصدّين لتوسعة الحرم مع أصحاب هذه البيوت استمرّت مدّة طويلة وهم يماطلون ويعارضون بحيث إنّ جميع المنال المحيطة بالحرم كانت قد هدّمت ما عدا هذه البيوت القليلة التي رفض أصحابها بيعها وتخريبها.

على كلّ ففي سنة 1364 ه المصادف لسنة 1984 ميلادي شرع في تشييد الحرم الجديد للسيّدة رقيّة عليها السلام وذلك بمحضر بعض المسؤولين والوجهاء في الحكومة السورية فضلاً عن بعض العلماء ورجال الذين شاركوا في افتتاح تشييد الحرم الشريف.

وحتّى يكون البناء محكماً فقد غيّر مسير النهر الذي كان يمرّ داخل الحرم الشريف وجه إلى خارج المرقد وقد استغرق ذلك خمسة أشهر وبعدها شرعوا بتثبيت القواعد الأساسية للبناء.

وبانتهاء التعمير الأخير للحرم أصبحت مساحة البناء 4500 متر مربّع تقريباً منها ما يقارب 600 متر مربع بناء باحة الحرم ، والباقي البناء الداخلي ، ففي الجهة الجنوبية للبناء بني مسجداً تقارب مساحته 800 متر مربع (20×40) ، وأمّا سعة الحرم بالاضافة إلى الأورقة في البناء الجديد فهي 2600 متر مربّع تقريباً جزى الله تعالى كلّ من سعى في تميره وزاد الله في توفيقاتهم إله الحقّ آمين.

١٧٧

زيارة السيّدة رقيّة

بِسْمِ اللهِ الْرَحْمَنِ الرَّحِيمِ

السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا سَيِّدَتَنَا رُقَيَّةَ عَلَيْكِ تَحِيَّةً وَالسَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنِ اَبِي طَالِبٍ السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ سَيِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ خَدِيجَةَ الْكُبْرىٰ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمؤْمِنَاتِ السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ وَلِيِّ اللهِ السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا أُخْتَ وَلِيِّ اللهِ السَّلَامُ عَلَيْكِ يَا بِنْتَ الْحُسَيْنِ الشَّهِيدِ السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الصِّدِّيقَةُ الشَّهِيدَةُ السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الرَّضِيَّةُ الْمَرْضِيَّةُ السَّلَامُ عَلَيْكِ أيَّتُهَا التَّقِيَّةُ النَّقِيَّةُ السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الزَّكِيَّةُ الفَاضِلَةُ السَّلَامُ عَلَيْكِ أَيَّتُهَا الُمَظْلُومَةُ الْبَهِيَّةُ صَلّىٰ اللهُ عَلَيْكِ وَعَلىٰ رُوحِكِ وَبَدَنَكِ فَجَعَلَ اللهُ مَنْزِلَكِ وَمأْوَاكِ فِي الجَنَّةِ مَعَ آبَائِكِ وأَجْدَادِكِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ الْمَعْصُومِينَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ وَعَلَى الْمَلَائِكَةِ الْحَافِّينَ حَوْلَ حَرَمُكِ الشَّرِيفِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ وَصَلّىٰ اللهُ عَلىٰ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ بِرَحْمَتِكَ يَا اَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

عودة السبايا إلى المدينة

اختلف المؤرخون والكتّاب في مدّة بقاء أهل البيت عليهم السلام في الشام ، فذهب كلّ واحد منهم إلى رأى وقول واستقرب كلّ منهم مدّة معيّنة حسب بعض القرائن التي يرتضيها.

ففي «طراز المذهب» نقل عن السيّد الطباطبائي أعلى الله مقامه أنّه قال في حاشية رياض المصائب : أنّ مدّة بقاء أهل البيت عليهم السلام في الشام أربعين يوماً ، وذهب الميلاني نقلاً عن الكاشفي أنّهم عليهم السلام بقوا ستّة أشهر ونسب ذلك إلى ابن بابويه قدس سره.

وقال المؤلّف «مفتاح البكاء ومهيّج الأحزان» أنّهم بقوا ثمانية عشر يوماً ، وقال البعض : إنّهم لم يبقوا إلّا عشرة أيّام والله العالم.

وعل أيّة حال ، فإنّ يزيد اللعين حينما أحسّ بالخطر وتوقّع الفتنة حيث أخذ أهل الشام يلعنونه عمد إلى تخيّر أهل البيت عليهم السلام بين البقاء في الشام والرحيل إلى مدينة

١٧٨

جدّهم رسول الله صلى الله عليه العقيلة زينب عليها السلام وقالت : ردّنا إلى المدينة فإنّها محلّ هجرة جدّنا رسول الله صلى الله عليه واله.

فأشار يزيد اللعين على صحابي رسول الله صلى الله عليه واله النعمان بن بشير ومعه ثلاثة رجال أن يرافقوا قافلة أهل البيت عليهم السلام في مسيرها إلى المدينة ، وفي بعض الأخبار أنّه بعث مع النعمان خمسمائة فارس من جنوده وأمرهم أن يوصلوا أهل البيت عليهم السلام إلى المدينة.

كما هيّأ يزيد وسائل السفر واحتياجاته وأشار على جماعته أن يسمعوا لأهل البيت عليهم السلام في سفرهم ويكونوا تحت اختيارهم ، فمتى أرادوا النزول ينزلوا معهم ، ومتى أرادوا المسيرة يسيروا ، وقد أمر رجاله أن يبتعدوا في مسيرهم عن القافلة كي لا يزاحموا العلويات المخدّرات(1) .

من جانب آخر فإنّ يزيد اللعين أمر أن يعطى أهل البيت عليهم السلام الكثير من الأموال والإبل ثمّ خاطب العقيلة زينب عليها السلام وأُمّ كلثوم وقال : هذه الأموال عوض دماء الإمام الحسين عليه السلام فأجابته العقيلة في نفس الوقت وقالت : ويلك يايزيد : ما أقلّ حياءك وأقسى قلبك وأصلب وجهك تقتل أخي وتقول : خذوا عوضه مالاً ، لا والله لا يكون ذلك ، فخجل يزيد.

وقال أبو مخنف وغيره من المؤرخين : أنّ يزيد طيّب رأس سيّد الشهداء عليه السلام بالمسك والكافور وأعطاه للإمام زين العابدين عليه السلام فأخذه معه إلى كربلاء المقدّسة ودفنه إلى جانب الجسد الشريف.

وفي الأمالي للشيخ الصدوق قدس سره قال : بعد أن قتل الإمام الحسين عليه السلام بقيت الآثار السماوية ولم تذهب هذه الآثار إلى أن خرج أهل البيت عليهم السلام من الشام وأعادوا الرأس الشريف وألحقوه بالجسد الشريف.

وقال أبو إسحاق الاسفرايني في كتاب «نور العين» وغيره من أمثاله من الموالين

__________________

(1) ناسخ التواريخ للمؤرخ الشهير عبّاس علي خان سپهر ج 2 ص 473.

١٧٩

الخلّص : أنّ الرأس الشريف أُعيد إلى كربلاء وأُلحق بالجسد الطاهر.

وبالجملة : فقد أمر يزيد أن تزيّن محامل أهل البيت عليهم السلام بالديباج بعد أن أوقفهم ثلاثة أيّام على بوّابة قصره تحت حرّ الهجير الحارقة حتّى تساقطت جلودهم ولحومهم من الحرّ والبقاء على المحامل الهزيلة وهم مقيّدين بالقيود والحبال.

فلمّا أحسّ يزيد اللعين بالخطر وشدّة الموقف تظاهر على أنّه يريد تلافي ما صنعه في البداية بأهل البيت عليهم السلام من التعذيب والإيذاء وذلك بعد أن أبرد غليله وأطفأ نار أحقاده الدفينة ضدّ الرسول صلى الله عليه واله وعترته الطاهرة عليهم السلام.

وفي واقع الأمر أنّ سخط الناس على يزيد بما فيهم المقرّبين من أهل بيته وعياله وغلمانه هو الذي جعل يتظاهر بالمحبّة والعطف لأهل البيت عليهم السلام ويقدّم لهم الأموال الطائلة ويوصي قادة القافلة أن يوصلوهم إلى المدينة معزّزين مكرّمين.

ولذلك فإنّ يزيد أرسل مع أهل البيت عليهم السلام من يرافقهم بعد أن أوصاه أن لا يقصّر لحظة عن خدمتهم واحترامهم في مسيرهم حتّى يوصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه واله.

ناهيك أنّه هيّأ لهم مستلزمات السفر على أحسن وجه وسمح لنساء الشام أن يرتدين السواد ويخرجن مع الرجال لمشايعة القافلة.

وبعد أن خرج الإمام زين العابدين عليه السلام من مجلس يزيد أمر القافلة أن تخرج فخرجت العلويات المخدّرات وخرجت نساء آل أبي سفيان وبنات وزوجاته صارخات باكيات بأعلى أصواتهنّ.

يقول البعض : عندما رأت العقيلة زينب عليها السلام المحامل المزيّنة تأوّهت وجذبت في قلبها حسرة وقالت : ماذا نصنع بالمحامل المزيّنة؟!

فأمروا بالمحامل وضربوا عليها السواد وضجّ الناس لهذا المنظر واعتلى بكاءهم وعويلهم حزناً لمصاب أهل البيت عليهم السلام.

وقيل : إنّ أهل البيت عليهم السلام عندما أرادوا أن يركبوا المحامل تذكّروا يوم خروجهم من المدينة ، وبكوا بشدّة وكان الإمام السجّاد عليه السلام يصبّرهم ويسلّيهم.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375