حياة الإمام الرضا (عليه السلام) الجزء ٢

حياة الإمام الرضا (عليه السلام)21%

حياة الإمام الرضا (عليه السلام) مؤلف:
الناشر: انتشارات سعيد بن جبير
تصنيف: الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام
الصفحات: 375

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 375 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 205390 / تحميل: 8491
الحجم الحجم الحجم
حياة الإمام الرضا (عليه السلام)

حياة الإمام الرضا (عليه السلام) الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: انتشارات سعيد بن جبير
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

كافراً؟...).

(لا...).

(أرأيت لو قال: ما أدري هذه السورة قرآناً أم لا، أكان عندك كافراً؟...).

(بلى...).

(يا إسحاق خبرني عن حديث الطائر المشوي أصحيح عندك؟).

(بلى...).

(بان والله عنادك، لا يخلو هذا من أن يكون كما دعاه النبي أو يكون مردوداً، أو عرف الله الفاضل من خلقه، وكان المفضول أحب إليه، أو تزعم أن الله لم يعرف الفاضل من المفضول، فأيّ الثلاث أحب إليك؟...).

وحار إسحاق ولم يهتد إلى الجواب، وبقي يتأمّل فوجد مسلكاً يدافع يه عن فكرته، فقال: (يا أمير المؤمنين إنّ الله تعالى يقول في أبي بكر:( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ) (١) فنسبه الله إلى صحبة نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وآله ).

وسارع المأمون في الرد عليه قائلاً: (سبحان الله!! ما أقل علمك باللغة والكتاب، أما يكون الكافر صاحباً للمؤمن، فأيّ فضيلة في هذا؟ أما سمعت قول الله تعالى:( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً ) (٢) ، فقد جعله له صاحباً، وقال الهزلي شعراً:

ولقد غدوت وصاحبي وحشية

تحت الرداء بصيرة بالمشرق

وقال الأزدي:

ولقد دعوت الوحش فيه وصاحبي

محض القوادم من هجانٍ هيكل

فصيّر فرسه صاحبه، وأمّا قوله:( إنّ الله معنا ) فإنّ الله تبارك وتعالى مع البر والفاجر، أما سمعت قوله تعالى:( مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا

____________________

(١) سورة التوبة: آية ٤٠.

(٢) سورة الكهف: آية ٣٤.

٢٤١

خَمْسَةٍ إِلاّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ) (١) .

وأمّا قوله:( لا تحزن ) فأخبرني عن حزن أبي بكر كان طاعة أو معصية، فإن زعمت أنّه طاعة فقد جعلت النبي (ص) ينهى عن الطاعة، وهو خلاف صفة الحكيم، وإن زعمت أنّه معصية فأيّ فضيلة للعاصي؟ وأخبرني عن قوله تعالى:( فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ ) على مَن؟.

وانبرى إسحاق فقال: (نزلت - أي السكينة - على أبي بكر؛ لأنّ النبي (ص) منزّه عن صفة السكينة.

فأجابه المأمون:

(اخبرني عن قوله تعالى:( وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ * ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) (٢).

أتدري مَن المؤمنون الذين أرادهم الله في هذا الموضع؟).

(لا...).

وأخذ المأمون يشرح لإسحاق معنى الآية الكريمة قائلاً: (إنّ الناس انهزموا يوم حنين فلم يبق مع النبي (ص) إلاّ سبعة من بني هاشم، عليعليه‌السلام يضرب بسيفه، والعباس آخذ بلجام بغلة رسول الله (ص) والخمسة محدقون بالنبي (ص) خوفاً من أن يناله سلاح الكفّار حتى أعطى الله تبارك وتعالى رسوله (ص) الظفر، عنى بالمؤمنين في هذا الموضع عليا، ومَن حضر من بني هاشم، فمَن كان أفضل أمن كان مع النبي (ص) فنزلت السكينة على النبي (ص) وعليه، أم مَن كان في الغار مع النبي (ص) ولم يكن أهلاً لنزولها عليه يا إسحاق، مَن أفضل؟ مَن كان مع النبي (ص) في الغار أو مَن نام على مهاده وفراشه، ووقاه بنفسه حتى تم للنبي (ص) ما عزم عليه من الهجرة.

إنّ الله تبارك وتعالى أمر نبيّه (ص) أن يأمر عليّاً بالنوم على فراشه، ووقايته بنفسه فأمره بذلك، فقال علي: أتسلم يا نبي الله؟ فقال: نعم، قال: سمعاً وطاعة، ثم أتى مضجعه، وتسجّى بثوبه وأحدق المشركون به لا يشكون في أنّه النبي (ص)

____________________

(١) سورة المجادلة: آية ٧.

(٢) سورة التوبة: آية ٢٥ - ٢٦.

٢٤٢

وقد اجمعوا على أن يضربه من كل بطن من قريش رجل ضربة؛ لئلاّ يطلب الهاشميون بدمه، وعليعليه‌السلام يسمع بأمر القوم فيه من التدبير في تلف نفسه، فلم يدعه ذلك إلى الجزع كما جزع أبو بكر في الغار، وهو مع النبي (ص) وعلي وحده، فلم يزل صابراً محتسباً، فبعث الله تعالى ملائكته تمنعه من مشركي قريش، فلمّا أصبح قام فنظر القوم إليه فقالوا أين محمد؟ قال: وما علمي به؟ قالوا: فأنت غدرتنا ثم لحق بالنبي (ص)، فلم يزل عليعليه‌السلام أفضل لما بدا منه، إلاّ ما يزيد خيراً حتى قبضه الله تعالى إليه، وهو محمود مغفور له.

يا إسحاق أما تروي حديث الولاية؟).

(نعم...).

(أروه...).

فرواه له، فقال المأمون:

(أما ترى أنّه أوجب لعليعليه‌السلام على أبي بكر وعمر من الحق ما لم يوجب لهما عليه؟).

فقال إسحاق:

(إنّ الناس يقولون: إنّ هذا قاله بسبب زيد بن حارثة).

فأنكر المأمون ذلك وقال:

(وأين قال النبي (ص) هذا؟).

فأجاب إسحاق:

(قاله بغدير خم بعد منصرفه من حجّة الوداع).

وسارع المأمون لإبطال ذلك قائلاً:

(متى قتل زيد بن حارثة؟... أليس قد قتل قبل غدير خم؟).

(بلى...).

(أخبرني لو رأيت ابناً لك أتت عليه خمس عشرة سنة، يقول: مولاي مولى ابن عمّي أيّها الناس فاقبلوا أكنت تكره له ذلك؟).

(بلى...).

وكرّ المأمون منكراً عليه قائلاً:

(أتنزّه ابنك عمّا لا تنزّه عنه النبي (ص)...).

والتفت إليه المأمون ليقيم عليه الحجّة قائلاً:

٢٤٣

(أتروي قول النبي (ص) لعلي أنت منّي بمنزلة هارون من موسى)؟.

(نعم...).

(أما تعلم أنّ هارون أخو موسى لأبيه وأُمّه؟).

(بلى...).

(فعلي كذلك؟).

(لا...).

سارع المأمون قائلاً: (هارون نبي، وليس علي كذلك، فما المنزلة الثالثة إلاّ الخلافة، لقد قال المنافقون: إنّه استخلفه استثقالاً، فأراد أن يطيب نفسه، وهذا كما حكى الله تعالى عن موسى، حيث قال: لهارون( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) (١) .

وانبرى إسحاق قائلاً: (إنّ موسى خلف هارون في قومه، وهو حي، ثم مضى، إلى ميقات ربّه تعالى، وإنّ النبي (ص) خلف عليّاً حين خرج إلى غزاته...).

وردّ عليه المأمون: (اخبرني عن موسى حين خلف هارون أكان معه حيث مضى إلى ميقات ربّه عزّ وجل أحد من أصحابه؟).

(نعم...).

(أو ليس قد استخلفه على جميعهم؟...).

(بلى...).

(فكذلك علي خلفه النبي (ص) حين خرج إلى غزاته في الضعفاء والنساء والصبيان، إذ كان أكثر قومه معه، وإن كان قد جعله خليفة على جميعهم، والدليل على أنّه جعله خليفة عليهم في حياته إذا غاب وبعد موته قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : (علي منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبي بعدي) وهو وزير النبي (ص) أيضاً بهذا القول؛ لأنّ موسى قد دعا الله تعالى، وقال فيما دعا( وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي *

____________________

(١) سورة الأعراف: آية ١٤٢.

٢٤٤

هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وأشركه في أمري ) (١) فإذا كان علي منه بمنزلة هارون من موسى فهو وزيره، كما كان هارون وزير موسى، وهو خليفته كما كان هارون خليفة موسى...).

مع علماء الكلام:

وبعدما حاجج المأمون علماء الحديث، وتغلّب عليهم بمناقشته للأحاديث التي تمسّكوا بها، في الاستدلال على ما يذهبون إليه، التفت بعد ذلك إلى علماء الكلام فقال لهم:

(أسألكم أو تسألوني؟...).

(بل نسألك...).

س - والتفت عالم منهم، فقال للمأمون: (أليست إمامة عليعليه‌السلام من قبل الله عزّ وجل؟ نقل ذلك عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله من نقل الفرائض مثل الظهر أربع ركعات، وفي مأتي درهم خمسة دراهم، والحج إلى مكة؟) فقال المأمون: بلى، فقال المتكلّم: فما بالهم لم يختلفوا في جميع الفرائض، واختلفوا في خلافة علي وحدها؟...).

ج - المأمون:

(لأنّ جميع الفرائض لا يقع فيها من التنافس والرغبة مثل ما يقع في الخلافة).

س - متكلّم:

وانبرى متكلّم آخر فقال: ما أنكرت أن يكون النبي (ص) أمرهم باختيار رجل منهم يقوم مقامه رأفة ورقّة عليهم من غير أن يستخلف هو بنفسه، فيعصي

خليفته فينزل بهم العذاب...).

ج - المأمون:

وأجاب المأمون: أنكرت ذلك من قبل أنّ الله تعالى أرأف بخلقه من النبي (ص)، وقد بعث نبيّه إليهم وهو يعلم أنّ فيهم عاص ومطيع، فلم يمنعه تعالى ذلك من إرساله.

____________________

(١) سورة طه: آية ٢٩ - ٣٢.

٢٤٥

وعلّة أخرى: لو أمرهم باختيار رجل منهم كان لا يخلو من أن يأمرهم كلهم أو بعضهم، فلو أمر الكل مَن كان المختار؟ ولو أمر بعضاً دون بعض كان لا يخلو من أن يكون على هذا المعنى علامة، فإن قلت: الفقهاء فلا بد من تحديد الفقيه وسمته).

وانبرى متكلّم فقال: (روى أنّ النبي (ص) قال: ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوه قبيحاً فهو عند الله قبيح...).

فردّ عليه المأمون هذه المقالة الفاسدة التي تستلزم التصويب المجمع على بطلانه، وهو أن ليس لله تعالى في كل واقعة حكم يصيبه مَن يصيبه، ويخطئه مَن يخطئه، وهذا جواب المأمون: (هذا القول لا بد أن يكون يريد كل المؤمنين أو البعض، فإن أراد الكل فهذا مفقود؛ لأنّ الكل لا يمكن اجتماعهم، وإن كان البعض، فقد روى كل في صاحبه حسناً مثل رواية الشيعة في علي، ورواية الحشوية في غيره، فمتى يثبت ما تريدون من الإمامة؟).

وقال متكلّم آخر: (فيجوز أن تزعم أنّ أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله أخطأوا).

فأجابه المأمون: (كيف نزعم أنّهم أخطأوا، واجتمعوا على ضلالة وهم لم يعلموا فرضاً ولا سنّة؛ لأنّك تزعم أنّ الإمامة لا فرض من الله تعالى، ولا سنّة من الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فكيف يكون فيما ليس عندك بفرض ولا سنّة خطأ؟.

وسارع متكلّم آخر فقال للمأمون: (إن كنت تدّعي لعلي من الإمامة دون غيره فهات بيّنتك على ما تدّعي...).

مناقشة المأمون:

(ما أنا بمدع، ولكنّي مقر، ولا بينة على مقر، والمدّعي مَن يزعم أنّ إليه التولية والعزل، وأنّ إليه الاختيار، والبيّنة لا تعرى من أن تكون من شركائه، فهم خصماء، أو تكون من غيرهم، والغير معدوم، فكيف يؤتى بالبيّنة على هذا؟).

وقال متكلّم آخر:

(فما كان الواجب على عليعليه‌السلام بعد مضي رسول الله (صلّى الله عليه

٢٤٦

وآله)؟).

وأجاب المأمون:

(قد فعله - أي فعل ما يجب عليه -).

وأشكل المتكلّم قائلاً:

(أفما وجب عليه أن يعلم الناس أنّه إمام؟).

وسارع المأمون قائلاً:

(إنّ الإمامة لا تكون بفعل منه في نفسه، ولا بفعل من الناس فيه من اختيار أو تفضيل أو غير ذلك، وإنّها تكون بفعل من الله تعالى فيه، كما قال لإبراهيم:( إنّي جاعلك للناس إماماً ) (١) ، وكما قال تعالى لداود:( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ ) (٢) وكما قال عزّ وجل للملائكة في آدم( إنّي جاعل في الأرض خليفة ) (٣) .

فالإمام إنّما يكون إماماً من قبل الله تعالى، وباختياره إيّاه في بدء الصنيعة والتشريف في النسب والطهارة في المنشأ والعصمة في المستقبل، ولو كانت بفعل منه في نفسه كان من فعل ذلك الفعل مستحقّاً للإمامة، وإذا عمل خلافها اعتزل فيكون خليفة من قبل أفعاله).

وأشكل متكلّم آخر فقال:

(لم أوجبت الإمامة لعلي بعد الرسول (ص)؟).

وأجاب المأمون:

(لخروجه من الطفولة إلى الإيمان كخروج النبي من الطفولية إلى الإيمان، والبراءة من ضلالة قومه عن الحجّة، واجتنابه الشرك كبراءة النبي (ص) من الضلالة، واجتنابه للشرك؛ لأنّ الشرك ظلم ولا يكون الظالم إماماً، ولا من عبد وثناً بإجماع، ومن شرك فقد حلّ من الله تعالى محلّ أعدائه، فالحكم فيه الشهادة عليه بما اجتمعت عليه الأمة حتى يجيء إجماع آخر مثله، ولأنّ من حكم عليه مرة، فلا يجوز أن يكون حاكماً، فيكون الحاكم محكوماً عليه مرة، فلا يكون حينئذٍ فرق بين الحاكم والمحكوم عليه...).

____________________

(١) سورة البقرة: آية ١٢٤.

(٢) سورة ص: آية ٢٦.

(٣) سورة البقرة: آية ٣٠.

٢٤٧

وأشكل شخص أخر من المتكلّمين فقال:

(لم لا يقاتل عليعليه‌السلام أبا بكر وعمر، كما قاتل معاوية؟).

وأجاب المأمون:

(المسألة محال؛ لأنّ لِمَ اقتضاء، ولم يفعل نفي، والنفي لا يكون له علة، إنّما العلة، للإثبات، وإنّما يجب أن ينظر في أمر علىعليه‌السلام امن قبل الله أم من قبل غيره، فإن صحّ أنّه من قبل الله تعالى، فالشك في تدبيره كفر لقوله تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما)(١) فأفعال الفاعل تبع له صلة، فإن كان قيامه عن الله تعالى، فأفعاله عنه، وعلى الناس الرضى والتسليم، وقد ترك رسول الله (ص) القتال يوم (الحديبية) يوم صد المشركون هديه عن البيت، فلمّا وجد الأعوان وقوي حارب، كما قال الله تعالى: في الأول: (فاصفح الصفح الجميل)(٢) ، ثم قال عز وجل:( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ) (٣) .

وانبرى متكلّم آخر فقال:

(إذا زعمت أنّ إمامة عليعليه‌السلام من قبل الله تعالى، وأنّه مفترض الطاعة، فلم لا يجوز إلاّ التبليغ والدعاء للأنبياءعليهم‌السلام ، وجاز لعلي أن يترك ما أمر به من دعوة الناس إلى طاعته؟...).

جواب المأمون:

(إنّا لم نزعم أنّ عليّاًعليه‌السلام أمر بالتبليغ فيكون رسولاً، ولكنّه وضع علماً بين الله تعالى وبين خلقه، فمن تبعه كان مطيعاً، ومَن خالفه كان عاصياً، فإن وجد أعواناً يتقوّى بهم جاهد، وإن لم يجد أعواناً فاللوم عليهم لا عليه؛ لأنّهم أمروا بطاعته على كل حال ولم يؤمر هو بمجاهدتهم إلاّ بقوّة، وهو بمنزلة البيت، على الناس الحج إليه، فإذا حجّوا أدّوا ما عليهم، وإذا لم يفعلوا كانت اللائمة عليهم لا على البيت).

____________________

(١) سورة النساء: آية ٦٥.

(٢) سورة الحجر: آية ٨٥.

(٣) سورة التوبة: آية ٥.

٢٤٨

وقال متكلّم آخر:

(إذا وجب أنّه لا بد من إمام مفترض الطاعة بالاضطرار، كيف يجب بالاضطرار أنّه (علي) دون غيره؟...).

جواب المأمون:

وردّ المأمون هذه الشبهة بقوله: إنّ الله تعالى لا يفرض مجهولاً، ولا يكون المفروض - أي الإمامة وغيرها من التكاليف - ممتنعا، إذ المجهول ممتنع من قبل أن الله تعالى لا يفرض مجهولاً، ولا يكون المفروض ممتنعاً، فلا بد من دلالة الرسول (ص) على الفرض ليقطع العذر بين الله وبين عباده، أرأيت لو فرض الله تعالى على الناس صوم شهر فلم يعلم الناس أي شهر هو؟ ولم يوسم بوسم وكان على الناس استخراج ذلك بعقولهم حتى يصيبوا ما أراد الله تعالى، فيكون الناس حينئذٍ مستغنين عن الرسول المبين لهم، وعن الإمام الناقل لهم خبر الرسول إليهم...).

وأشكل متكلّم أخر فقال:

(من أين أوجبت أنّ عليا كان بالغاً حين دعاه النبي (ص) فإنّ الناس يزعمون أنّه كان صبياً حين دعي، ولم يكن جاز عليه الحكم، ولا بلغ مبلغ الرجال...).

جواب المأمون:

(أنّه لا يرى في ذلك الوقت من أن يكون ممّن أرسل إليه النبي (ص) ليدعوه، فإن كان كذلك فهو محتمل التكليف، قوي على أداء الفرائض الخ...).

وجوم العلماء:

ووجم علماء الحديث وعلماء الكلام، فقد أفحمهم المأمون، وألزمهم الحجّة، واستدلّ على إمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام بأوثق الأدلة وأنصعها.

أسئلة المأمون للعلماء:

ووجّه المأمون أسئلة إلى العلماء، كان منها ما يلي:

١ - س: أليس قد روت الأمّة بإجماع منها أنّ النبي (ص) قال: (مَن كذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار) فقال العلماء بأجمعهم:

(بلى يا أمير المؤمنين).

وعرض عليهم المأمون حديثاً نبوياً آخر فقال:

(ورووا عنهصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: (مَن عصى الله بمعصية صغرت أو

٢٤٩

كبرت ثم اتخذها ديناً، ومضى مصرّاً عليها فهو مخلد بين أطباق الجحيم).

وصدق العلماء الحديث وأقرّوا به، فقال لهم المأمون:

خبروني عن رجل تختاره الأمّة، هل يجوز أن يقال له: خليفة رسول الله (ص) ومن قبل الله عزّ وجل، ولم يستخلفه الرسول (ص)؟ فإن قلتم نعم، فقد كابرتم، وإن قلتم: لا وجب أن يكون فلان غير خليفة لرسول الله (ص).

وأقبل المأمون يعظهم بعد حديث جرى بينه وبين العلماء في هذا الموضوع قائلاً: (اتقوا الله، وانظروا لأنفسكم، ودعوا التقليد، وتجنّبوا الشبهات، فو الله ما يقبل الله تعالى إلاّ من عبد لا يأتي إلاّ بما يعقل، ولا يدخل إلاّ فيما يعلم أنّه حق، والريب شك، وإدمان الشك كفر بالله تعالى، وصاحبه في النار...).

والتفت إليهم بعد هذا التأنيب، قائلاً:

(أخبروني عن النبي (ص) هل استخلف حين مضى؟ أم لا).

فقالوا جميعاً:

(لم يستخلف).

وأشكل عليهم المأمون قائلاً:

(فتركه ذلك - أي الاستخلاف لأحد من بعده - هدى أم ضلال؟...).

فأجابوا:

(بلى هدى).

وانبرى المأمون يقيم الدليل على بطلان ما ذهبوا إليه قائلاً:

(فعلى الناس أن يتبعوا الهدى، ويتركوا الباطل ويتنكّبوا الضلال؟...).

فأجابوا:

(وقد فعلوا ذلك - أي اتبعوا الهدى -).

وأخذ المأمون يقيم أروع الحجج والبراهين على زيف ما قالوه: قائلاً:

(لم استخلف الناس بعده - أي بعد النبي (ص) - وقد تركه هو، فترك فعله ضلال، ومحال أن يكون خلاف الهدى هدى... وإذا كان ترك الاستخلاف هدى، فلم استخلف أبو بكر ولم يفعله النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ولم جعل عمر الأمر بعده شورى بين المسلمين خلافاً على صاحبه، لأنّكم زعمتم أنّ النبي (ص) لم يستخلف،

٢٥٠

وأنّ أبا بكر استخلف، وعمر لم يترك الاستخلاف كما فعل أبو بكر، وجاء بمعنى ثالث، وهو الشورى التي نصّ عليها لتعيين الخليفة من بعده فخبروني أي ذلك ترونه صواباً، فإن رأيتم فعل النبي (ص) صواباً فقد أخطأتم أبا بكر، وكذلك القول في بقية الأقاويل وخبروني أيّهما أفضل ما فعله النبي (ص) بزعمكم من ترك الاستخلاف، أو ما صنعت طائفة من الاستخلاف؟.

وخبروني هل يجوز أن يكون تركه من الرسول (ص) هدى وفعله من غيره هدى؟ فيكون هدى ضد هدى؟ فأين الضلال حينئذٍ.

وخبروني هل ولي أحد بعد النبي (ص) باختيار الصحابة منذ قبض النبي (ص) إلى اليوم؟ فإن قلتم: لا، فقد أوجبتم أنّ الناس كلهم عملوا ضلالة بعد النبي (ص).

وإن قلتم: نعم، كذبتم الأمة، وأبطل قولكم: الوجود الذي لا يدفع.

وخبروني عن قول الله عزّ وجل:( قُلْ لِمَنْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ ) (١) .

أصدق هذا أم كذب؟.

فأجابوا:

(نعم - إنّه صدق -).

وانبرى المأمون قائلاً:

(أليس ما سوى الله لله إذ كان محدثه ومالكه؟).

(نعم...).

وثار المأمون فقال:

(ففي هذا بطلان ما أوجبتم من اختياركم خليفة، تفرضون طاعته، وتسمونه خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأنتم استخلفتموه وهو معزول عنكم إذا غضبتم عليه، وعمل بخلاف محبتكم، ومقتول إذا أبى الاعتزال...).

وتكلّم بعد هذا الكلام بعنف مع القوم، ثم استقبل القبلة ورفع يديه قائلاً: (اللّهمّ إنّي قد أرشدتهم، اللّهمّ إنّي قد أخرجت ما وجب عليّ إخراجه من عنقي.

____________________

(١) سورة الأنعام: آية ١٢.

٢٥١

اللّهمّ إنّي أدين بالتقرّب إليك بتقديم عليعليه‌السلام على الخلق بعد نبيك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كما أمرنا به رسولكصلى‌الله‌عليه‌وآله ...(١) ).

ووجم القوم، ولم يجدوا منفذاً يسلكون فيه للدفاع عمّا يرونه، وكان معظم استدلال المأمون على إمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام قائماً على المنطق والدليل، ولا أكاد أعرف حقيقة ناصعة واضحة وضوح الشمس كإمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام ، فقد فرضته مواهبه وعبقرياته، وشدة إنابته إلى الله وزهده، وتخلّيه من الدنيا، كل ذلك جعله أولى بالنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله من غيره، فلم يملك أحد من الصحابة، ولا من أقرباء النبي (ص) وأرحامه مثل ما يملكه من الطاقات الندية الخلاقة من العلم والنزاهة والشرف، وغير ذلك من الصفات الكريمة والنزعات العظيمة، وبهذه الجهة كان أولى بمركز النبي ومقامه، وأمّا قرابته من النبي فليس لها أي أثر في ترجيحه على غيره من المسلمين، فإنّ هذه الجهة لا تصلح دليلاً تثبت به أحقيّة الإمامعليه‌السلام بالخلافة.

وعلى أيّ حال فإن ما أقامه المأمون من هذه الأدلة على إمامة الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام لم يكن المقصود منها إلاّ التقرّب إلى الإمام الرضاعليه‌السلام حتى ينال ثقته منه، وقد صرّح بذلك إسحاق بن حماد فقال: لم يكن الغرض في تفضيله الإمام عليعليه‌السلام على جميع الصحابة إلاّ تقرّباً للإمام أبي الحسن الرضاعليه‌السلام ، وكان الإمام نفسه يقول لأصحابه الذين يثق بهم: لا تغترّوا بقوله، فما يقتلني والله غيره، ولكن لا بد لي من الصبر حتى يبلغ الكتاب أجله(٢) .

عقده بولاية العهد للإمام:

وثمّة دليل آخر اعتمد عليه الذاهبون إلى تشيّع المأمون، وهو عقده بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام ، وبذلك فقد عرّض الخلافة التي تقمّصها العباسيون إلى الخطر، وتسليمها إلى السادة العلويين.

هذه أهم الأدلة التي استند إليها القائلون بتشيّع المأمون وأنّه علوي الفكر والرأي:

____________________

(١) عيون أخبار الرضا ٢ / ١٨٤ - ١٩٩ البحار.

(٢) عيون أخبار الرضا ٢ / ١٨٥.

٢٥٢

زيف تشيّعه:

والذي نراه بمريد من التأمّل والتحقيق أنّ المأمون لم يكن من الشيعة، ولم يعتنق ولاء أهل البيتعليهم‌السلام ، وإنّما بدرت هذه البوادر التي ذكرها لأغراض سياسية، لا علاقة لها مطلقاً بدعوى التشيّع، ويدعم ذلك ما يلي:

١ - إنّه من الأسرة العباسية التي عرفت بالبغض والعداء لأهل البيتعليهم‌السلام ، فلم تنجب هذه الأسرة إلاّ الجبابرة الطغاة الذين صبّوا جام غضبهم على آل النبي (ص) وعترته، فقد عمدوا إلى قتلهم وتشريدهم، والتنكليل بهم، وقد اقترفوا معهم ما لم تقترفه الأسرة الأموية، بل إنّ الأسرة الأموية على ما عرفت به من العداء العارم لأبناء النبي (ص) فإنّها لم تقابلهم بمثل ما قابلتهم به بنو العباس، وقد كانت لبني أمية من الفواضل ما ليست لبني العباس، وقد أوضحنا بعض ما عانوه العلويون منهم في فصول هذا الكتاب.

وعلى أي حال، فإنّه من المستبعد جداً أن يتحوّل المأمون عن خطّة آبائه، ويغيّر منهجهم وسلوكهم بين عشيّة وضحاها فيكون علوي الرأي، وموالياً لخصوم آبائه، ويعرّض دولته إلى الخطر.

٢ - أمّا انتقاصه لمعاوية، والحكّام الذين سبقوه، وتفضيل الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام عليهم، فإنّه لم يكن جديّاً، وإنّما كان صورياً لأغراض سياسية، فقد روى التغلبي، وكان معاصراً له، قال المأمون: (وظنّوا أنّه لا يجوز تفضيل علي إلاّ بانتقاص غيره من السلف، والله ما استجيز أن انتقص الحجّاج بن يوسف، فكيف بالسلف الطيب)(١) .

إنّه يتمنّع من انتقاص الإرهابي المجرم الحجّاج الذي أغرق العراق لما سفكه من دماء الأبرياء.

ونسب له من الشعر ما يدعم ذلك، فقد قال:

أصبح ديني الذي أدين به

ولست منه الغداة معتذرا

حب علي بعد النبي ولا

اشتم صدّيقاً ولا عمرا

ثم ابن عفّان في الجنان مع الـ

أبرار ذاك القتيل مصطبرا

____________________

(١) حياة الإمام الرضا نقلاً عن عصر المأمون ١ / ٣٦٩.

٢٥٣

ألا ولا أشتم الزبير ولا

طلحة إن قال قائل غدرا

وعائش الأم لست أشتمها

من يفتريها فنحن منه برا(١)

إلى غير ذلك من الشواهد والأدلة التي تثبت زيف تشيّعه، وأنّه لا علاقة له مطلقاً بأهل البيتعليهم‌السلام .

٣ - اغتياله للإمام الرضاعليه‌السلام بعد ما نفذت أغراضه السياسية ولم يكتف بذلك، وإنّما أوعز إلى عامله على مصر بغسل المنابر التي كان يخطب عليها بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام (٢) ، وهذا يكشف عمّا يكنّه في أعماق نفسه من البغض والعداء للإمام.

لقد استبان بصورة واضحة للأسرة العلوية زيف ما يدّعيه المأمون من الولاء لهم، وأنّه كان صورياً لا واقع له، ويقول الرواة إنّه كتب إلى عبد الله شقيق الإمام الرضا يعطيه الأمان، ويضمن له ولاية العهد بعده كما صنع مثل ذلك بأخيه الإمام الرضا، وقد جاء في كتابه: (وما ظننت أنّ أحداً من آل أبي طالب يخافني بعدما عملته بالرضا...).

فأجابه برسالة كشف فيها عن نوايا المأمون، وهذا نصّها: (وصل كتابك، وفهمته تختلني فيه عن نفسي ختل القانص، وتحتال عليّ حيلة المغتال القاصد لسفك دمي. وعجبت من ذلك العهد، وولاية لي بعدك، كأنّك تظن أنّه لم يبلغني ما فعلته بالرضا، ففي أي شيء ظننت أنّي أرغب من ذلك؟ أفي الملك الذي قد غرّتك نضرته وحلاوته؟ فو الله لئن أقذف وأنا حي، في نار تتأجّج أحبّ إليّ من أن ألي أمراً بين المسلمين أو أشرب شربة من غير حلها مع عطش شديد قاتل.

أم في العنب المسموم الذي قتلت به الرضا أم ظننت أنّ الاستتار قد أملّني وضاق به صدري؟ فو الله إنّي لذلك، ولقد مللت الحياة، وأبغضت الدنيا ولو وسعني في ديني أن أضع يدي في يدك حتى تبلغ من قبلي مرادك لفعلت ذلك، ولكن الله قد حظر علي المخاطرة بدمي، وليتك قدرت من غير أن أبذل نفسي لك فتقتلني، ولقيت الله عزّ وجل بدمي ولقيته قتيلاً مظلوماً، فاسترحت من هذه الدنيا.

____________________

(١) البداية والنهاية ١٠ / ٢٧٧.

(٢) الولاية والقضاة للكندي.

٢٥٤

واعلم أنّي رجل طالب النجاة لنفسي، واجتهدت فيما يرضي الله عزّ وجل عنّي، وفي عمل أتقرّب به إليه، فلم أجد رأياً يهدي إلى شيء من ذلك، فرجعت إلى القرآن الذي فيه الهدى والشفاء، فتصفّحته سورة سورة، وآية، آية، فلم أجد شيئاً أزلف للمرء عند ربّه من الشهادة في طلب مرضاته.

ثم تتبّعته ثانية أتأمّل الجهاد أيّه أفضل، ولأي صنف، فوجدته جلّ وعلا يقول: (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار، وليجدوا فيكم غلظة) فطلبت أيّ الكفّار أضر على الإسلام، وأقرب من موضعي فلم أجد أضر على الإسلام منك؛ لأنّ الكفار أظهروا كفرهم فاستبصر الناس في أمرهم، وعرفوهم فخافوهم، وأنت ختلت المسلمين بالإسلام، وأسررت الكفر، فقتلت بالظنة، وعاقبت بالتهمة، وأخذت مال الله من غير حلّه، وشربت الخمر المحرمة صراحاً، وأنفقت مال الله على الملهين، وأعطيته المغنّين ومنعته من حقوق المسلمين، فغششت بالإسلام، وأحطت بأقطاره إحاطة أهله، وحكمت فيه للمشرك، وخالفت الله ورسوله في ذلك خلافة المضاد المعاند.

فإن يسعدني الدهر، ويعينني الله عليك، بأنصار الحق أبذل نفسي في جهادك بذلاً يرضاه منّي، وأن يمهلك ويؤخّرك ليجزيك بما تستحقّه في منقلبك، أو تختر منّي الأيام قبل ذلك، فحسبي من سعيي ما يعلمه الله عزّ وجل من نيّتي والسلام...)(١) .

ووضعت هذه الرسالة المأمون على طاولة التشريح، فأظهرت زيفه، وكشفت خداعه، ودجله، وأنّه لا واقع بأي حال من الأحوال إلى ما يزعمه من الولاء والحب لأهل البيت.

أما الفصول الأخيرة من هذه الرسالة، فقد ألحقت المأمون بقافلة الكفار الذين يجب جهادهم، والإطاحة بهم، كما بيّنت سياسة المأمون، وأنّها تأخذ الناس بالظنّة، وتعاقبهم بالتهمة وبالإضافة إلى ذلك، فقد أعربت عن تحلّل المأمون؛ وذلك بشربه للخمر، وإنفاقه لأموال المسلمين على الملاهي والمغنّين والعابثين والماجنين.

لقد كانت هذه الرسالة صرخة مدوّية في وجه الطاغية المأمون، وهي من الصفحات المشرقة في مناهضة الظلم والطغيان.

____________________

(١) مقاتل الطالبيين (ص ٦٣٠ - ٦٣١).

٢٥٥

ومن الجدير بالذكر أنّه يروي جانب آخر من هذه الرسالة، أو من رسالة أخرى بعثها هذا السيد الجليل إلى المأمون يقول فيها:

(هبني لا ثأر لي عندك، وعند آبائك المستحلّين لدمائنا الآخذين حقّنا، الذين جاهروا في أمرنا فحذّرناهم، وكنت ألطف حيلة منهم بما استعملته من الرضا بنا والتستّر لمحننا، تختل واحدا فواحدا منا، ولكنني كنت امرأ حبب إلى الجهاد، كما حبب إلى كل امرئ بغيته، فشحذت سيفي، وركبت سناني على رمحي، واستفرهت فرسي.

ولم أدر أي العدو أشد ضرراً على الإسلام، فعلمت أنّ كتاب الله يجمع كل شيء فقرأته فإذا فيه:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً ) .

ومن بنود هذه الرسالة:

(وتدبّرت فإذا أنت أضرّ على الإسلام والمسلمين من كل عدو لهم؛ لأنّ الكفار خرجوا منه، وخالفوه، فحذرهم الناس وقاتلوهم، وأنت دخلت فيه ظاهراً، فأمسك الناس، وطفقت تنقض عراه، عروة، عروة، فأنت أشدّ أعداء الإسلام ضرراً عليه...) (١).

وحكمت هذه الفصول بعض الجوانب من السياسة العباسية التي تركّزت على ظلم السادة العلويين، والتنكيل بهم، كما حكت تعطش السيد الجليل نجل الإمام موسىعليه‌السلام إلى الجهاد للإطاحة بحكم المأمون الذي هو من ألد أعداء الإسلام، فقد نقض عراه، عروة، عروة على حد تعبير هذه الرسالة.

٤ - إبادته للسادة العلويين بعد اغتياله للإمام الرضاعليه‌السلام فقد عمدت مخابراته ورجال أمنه إلى مطاردتهم، واستئصالهم، وقد اغتال كوكبة من أبناء الإمام موسىعليه‌السلام ، وقد استخدم السمّ كأعظم سلاح لتصفية أبناء النبي (ص)، فقد اغتال بالسم السيد الشريف الجليل إبراهيم نجل الإمام موسىعليه‌السلام ، ولـمّا توفّي أنزله في ملحودة قبره الفقيه أبن السمّاك، وأنشد حينما ألحده:

٢٥٦

مات الإمام المرتضى مسموما

وطوى الزمان فضائلاً وعلوما

قد مات في الزوراء مظلوماً

كما أضحى أبوه بكربلا مظلوما

فالشمس تندب موته مصفرّة

والبدر يلطم وجهه مغموما(١)

إنّ اغتياله للسادة العلويين، ومطاردتهم حتى هربوا خوفا منه مختفين في الأقطار والأمصار ينسف دعوى تشيّعه، وأنّه لا علاقة له بالولاء لأهل البيت شأنه شأن آبائه الذين هم من ألد أعداء أبناء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

أسباب تظاهره بالتشيّع:

ولا بد لنا من وقفة قصيرة للبحث عن بعض الأسباب التي دعت المأمون لتظاهره بالولاء لأهل البيتعليه‌السلام ، وإعلان تشيّعه في المحافل الرسمية، وفيما أحسب أنّ الذي دعاه لذلك ما يلي:

أ - إنّه كان مختلفاً كأشد ما يكون الاختلاف مع أسرته العباسية، الذين كانت ميولهم مع أخيه الأمين؛ لأنّ أمه السيدة زبيدة، وهي من صميم الأسرة العباسية، وكانت من أندى الناس كفّاً، ومن أكثرهم عطاء وصلة للعباسيين، أمّا أم المأمون فهي (مراجل)، وكانت من إماء القصر، وكان العباسيون يحتقرون المأمون من جهة أمّه، فأراد بما أظهره من الولاء للعلويين، وعقده بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام إرغامهم، وإذلالهم، وقهرهم.

ب - إنّه أراد بإظهاره التشيّع إرضاء قادة جيشه الذين كانت لهم ميول ومحبّة لأهل البيتعليهم‌السلام .

ج - وإنّما عمد المأمون إلى العطف على العلويين، وإذاعة فضائل الإمام أمير المؤمنينعليه‌السلام جلب عواطف الشعب البار، الذين أترعت عواطفهم وقلوبهم بالمحبة والولاء لأهل البيتعليهم‌السلام وقد تسلّح بهم في محاربته لأخيه الأمين.

د - ومن الأسباب الوثيقة جداً التي دعت المأمون إلى التظاهر بالتشيّع وعقده بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام هو القضاء على الثورة العارمة التي فجّرتها الشيعة بقيادة السادة العظام من أبناء الإمام موسى بن جعفرعليه‌السلام ، فقد التهمت الكثير من مناطق العالم الإسلامي، وكادت تقضي على الحكم العباسي، ولكنّه

____________________

(١) حياة الإمام موسى بن جعفر ٢ / ٤٨ نقلاً عن مختصر الخلفاء.

٢٥٧

استطاع بدهاء منقطع النظير القضاء عليها وذلك بعقده بولاية العهد للإمام الرضا الذي هو سيد العلويين وزعيمهم بلا منازع، والذي يدين شطر كبير من هذه الأمة بإمامته.

لقد أخمد المأمون الثورة، واستأصلها من جذورها بعطفه المصطنع لأهل البيت، وترشيحه للخلافة الإمام الرضا ثم مبايعته له بولاية العهد، وضربه للسكة باسمه.

ه‍ـ - ولعلّ من جملة الأسباب التي حفّزت المأمون إلى تظاهره بالتشيّع، هو كشف الشيعة، ومعرفة السلطة بأسمائهم وأماكنهم، بعد ما كانوا خلايا تحت الخفاء، فقد عجزت الحكومات العباسية السابقة على حكومة المأمون عن معرفتهم، والوقوف على نشاطاتهم ومعرفة خلاياهم، فأراد المأمون بما صدر منه من الإحسان إلى العلويين، وانتقاصه للخلفاء، وذمّه لمعاوية، وغير ذلك ممّا صدر منه كشف الشيعة حتى تطاردهم أجهزة أمنه، وشرطته، وقد دلّت على ذلك بعض الوثائق الرسمية التي صدرت منه... هذه بعض الأسباب التي دعت المأمون إلى التظاهر بالولاء لأهل البيتعليهم‌السلام .

منهج حكمه:

ونهج المأمون في أيام حكومته منهج معاوية بن هند، فقد ذكر المؤرخون أنّه عرضت عليه سيرة أبي بكر وعمر وعثمان وعليعليه‌السلام فأبى أن ينهج نهجهم، ويسير بسياستهم، ولكنّه قبل أن يسير بسيرة معاوية الذئب الجاهلي الذي كان يأخذ الأموال من وجوهها، ويضعها كيف يشاء، وقال المأمون: إن كان فهذا(١) ، لقد اقتدى بمعاوية ونهج نهجه فعمد إلى اغتيال الأبرياء فدسّ إليهم سمّاً قاتلاً فقضى عليهم كما فعل معاوية بخصومة، وهو القائل: (إنّ لله جنوداً من عسل) لقد كان المكر والخداع من أبرز صفاته، كما كان معاوية.

____________________

(١) حياة الإمام الرضا (ص ١٨١) نقلاً عن المحاسن والمساوئ للبيهقي (ص ٢٩٥).

٢٥٨

الإمام الرضاعليه‌السلام وولاية العهد

نحن أمام حدث تأريخي مهم بالغ الخطورة، أشغل الرأي العام، وأذهل كافة الأوساط السياسية، وهو عقد المأمون بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام ، الأمر الذي يؤذن بتحوّل الخلافة من بني العباس إلى خصومهم السادة العلويين، فقد بهر الناس، وتساءلوا: كيف تحوّلت السياسة العباسية بين عشيّة وضحاها إلى هذا الخط المعاكس للخط السياسي الذي سلكه العباسيون منذ بداية حكمهم، وهو قهر السادة العلويين وإبادتهم، فقد أفنوا شبابهم فدفنوهم أحياءً وألقوا بأطفالهم في حوض دجلة، واستعملوا معهم جميع ألوان الإبادة...

والمأمون - فيما عرفه الناس، وعرفه التأريخ - هو من أبناء هذه الأسرة الظالمة لأهل البيتعليهم‌السلام ، لم يشذ في سلوكه عن سلوك آبائه، ولم ينحرف عن اتجاههم المعادي للعلويين، قد تغذّى وتربّى على بغضهم وعدائهم، فجدّه المنصور وأبوه الرشيد، وهما قد سلكا جميع الطرق لتصفية العلويين جسدياً، وسخّرا جميع أجهزتهم السياسية والاقتصادية للحط من شأن العلويين وكرامتهم، وإبعادهم عن الساحة السياسية في دنيا العرب والإسلام.

٢٥٩

وبعد هذا فما الذي دعا المأمون إلى هذا التغيير المفاجئ والعدول عن خطّة آبائه ومنهجهم، فعقد ولاية العهد إلى الإمام الرضاعليه‌السلام ؟ كما أنّه كيف انصاع الإمام الرضا إلى ذلك مع علمه بانحراف المأمون، وما يكنّه في ذخائر نفسه من البغض لأهل البيتعليهم‌السلام ؟ وهذا ما سنتحدث عنه.

دوافع المأمون:

ولا بد لنا من وقفة قصيرة للنظر في الأسباب والدوافع التي دعت المأمون إلى

عقده بولاية العهد للإمام الرضاعليه‌السلام ، وهذه بعضها:

١ - إنّه لم يكن له مركز قوي في الدولة الإسلامية، فقد كانت الأسرة العباسية تحتقره، وذلك من جهة أمّه (مراجل) التي كانت من خدم القصر، مضافاً إلى صلته القوية بالفضل بن سهل، وتوليته جميع أموره، وهو فارسي الأصل، وكذلك كان أخوه الأمين يبغضه ويبغي له الغوائل، ويكيده من جهة منافسته له على السلطة، فأراد المأمون تدعيم مركزه، وتقوية نفوذه، والتغلّب على الحاقدين عليه، فعقد بولاية العهد لأعظم شخصية في العالم الإسلامي وهو الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام فهو ابن الإمام الصادق الملهم الأول لقضايا الفكر والعلم في الإسلام، كما يدين بإمامته والولاء له شطراً كبير من المسلمين، فلذا بادر إلى تعيينه لهذا المنصب الخطر في الدولة الإسلامية.

٢ - وقبل أن يتسلّم المأمون قيادة الدولة الإسلامية كان على علم بما يكنّه المجتمع الإسلامي من الكراهية والبغض للأسرة العباسية؛ وذلك لما اقترفوه من

الظلم والاستبداد بأمور المسلمين، وما صبّوه على السادة العلويين دعاة العدل الاجتماعي من أنواع الجور والطغيان، حتى تمنّى المسلمون عودة الحكم الأموي على ما فيه من قسوة وعذاب يقول الشاعر:

يا ليت جور بني مروان عاد لنا

وليت عدل بني العباس في النارِ

ويقول شاعر آخر:

ما أحسب الجور ينقضي وعلى

الأمّة والٍ من آل عباسِ

فأراد المأمون أن يفتح صفحة جديدة للمواطنين، ويلقي الستار على سياسة آبائه، فعيّن الإمام الرضاعليه‌السلام ، والذي هو أمل الأمّة الإسلامية لولاية العهد.

٢٦٠

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

في أحدها وهو(١) تفسير الإمامية وبراهينهم(٢) الدالة على ذلك(٣) هي مذكورة في مباحثهم.

قال ولو كان هذا الحديث مجتمعا على أصله ولكنه غامض التأويل(٤) كان العذر في جهل إمامته(٥) واسعا(٦) لأكثر المسلمين وجل الناقلين ولكبراء المتكلمين(٧) .

واعلم أن الخصم يقول إنه ليس بغامض بل هو مقترن بقرائن عدة دالة على مراد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منه(٨) ذكرت في مواضعها وإنما عاند من عاند ومن أعندهم صاحب الكلام لما تضمنت مطاوي هذه الأوراق من التنبيه عليه.

قال ما حاصله إنه إذا كان الغرض بالنص تخفيف المئونة على المكلفين وكون ذلك لا يحصل في الاختيار فليكن بينا(٩) .

قلنا للنص أسوة بغير ذلك من التكاليف التي لم تنقل إلينا ضرورية كالعلم بمكة ونحوها مع أن الإمامية يدعون العلم يقينا وأن من خالف ذلك حائد عن الطريق الحق.

__________________

(١) لا توجد في: ن.

(٢) ن: ببراهينهم.

(٣) ن بزيادة: و.

(٤) في المصدر بزيادة: وعويص المعنى لا يكاد يدركه الا الراسخ في العلم، البارع في حسن الاستخراج.

(٥) في المصدر بزيادة: وفضيلته على غيره.

(٦) في المصدر بزيادة: مبسوطا.

(٧) العثمانية: ١٤٩.

(٨) ن بزيادة: قد.

(٩) العثمانية: ١٤٩.

٣٢١

وأيضا فإنا لا نقول العلة في النص التخفيف بخلاف(١) الاختيار إذ فيه نوع كلفة بل نقول الاختيار محال بما قررناه ونقرره وتقرر بيننا وبين الخصم أنه لا بد من إمام فتعين النص حسب ما تقوم به الحجة وقد روي ذلك من طرقنا وطرق القوم.

وذكر لأرباب الإمامة بعد هذا تعلقهم بحديث الطائر قال المشار إليه قيل لهم أما واحدة فإن هذا الحديث ساقط عند أهل الحديث وبعد فإنه لم يأت(٢) إلا من قبل أنس(٣) وأنس وحده ليس بحجة وبعد فأنتم تكفرون أنسا فلا يكون قوله مبنيا عليه(٤) .

والذي يقال على هذا أن المشار إليه كذب في تضعيف الرواية بما نقلناه قبل من صواب طرقها ووضوح أسانيدها من طريق أرباب الحديث من غيرنا فالمشار إليه دائر بين الجهل المفرط والإقدام على القول بالهوى في الآثار النبوية أو معاند لأمير المؤمنين فهو إذن منافق بالحديث الصحيح أو(٥) الأحاديث الصحاح من طرق القوم.

وأما قوله إنه جاء من قبل أنس وحده فليس بحجة(٦) فإنه يرد عليه أن خبر الواحد حجة عند المسلمين إلا من شذ منهم وقوله واه متروك ويعارض هذا الشيخ بما يرويه معتمدا عليه من طريق لا يذكرها أصلا بل يروي مرسلا وهو يريد بذلك الحجة(٧) والحديث الواحد عن

__________________

(١) ق: خلاف.

(٢) ما بين المعقوفتين لا يوجد في المصدر وبدله: ولو كان صحيحا عندهم فلم يجيء.

(٣) المصدر بزيادة: فقط.

(٤) العثمانية: ١٥٠.

(٥) ن: و.

(٦) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ق.

(٧) ق: حجة.

٣٢٢

الثقة خير من المرسل خاصة في موضع مصادمة الخصم وأما قوله أنس عندكم كافر(١) فإنها دعوى سلمنا ذلك جدلا(٢) لكن قد أسلفنا القاعدة في أن إيراد هذا وأمثاله حسن في باب الإلزام قال وأخرى إنه إن كان هذا الحديث كما تقولون وقد صدقتم على أنس فقد زعم أنس(٣) بزعمكم أنه كذب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في موقف(٤) ثلاث مرات وقد أمسك النبي عن الطعام وهو يشتهيه وكل ذلك رواه أنس ويكذب(٥) له وقال إن الحديث أضعف حديث عند أصحاب الأثر(٦) .

أقول إنا قد بينا الكذب في ضعف الخبر فضلا عن كونه أضعف حديث.

وإذا اعتبرت قول ملقح الفتن عدو أمير المؤمنين وبغضه(٧) رأيت الخوارج بالنسبة إليه على سبيل المبالغة غلاة في حب أمير المؤمنين إذ كانوا إنما نقموا عليه التحكيم وهو شيء جنوه.

وهذا الناصب ملقح الفتن ذو فنون في القول ساقطة بليغة وإنما قلت ذلك وهذا أمر يعقله من له أدنى فطنة إذ كيف ضبط جميع الأحاديث النبوية وعرف أن هذا أضعفها ونحن عيانا نعرف أن فيها الضعيف الساقط جدا يأتي في الجبر والتشبيه وغير ذلك من سقطات يثبتها ضعفاء الحديث لا يشتبه حالها على ناقد فكيف وقد روى هذا الحديث المحدثون المعتبرون في الصحيح عندهم.

__________________

(١) العثمانية: ١٥٠.

(٢) لا توجد في: ق.

(٣) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٤) المصدر بزيادة: واحد.

(٥) ق: مكذب.

(٦) العثمانية: ١٥١.

(٧) ق ون: مبغضه.

٣٢٣

وأما إن أنسا كذب ثلاث مرات فلا أدري ما وجهه أما إنه كتم فلا نزاع فيه ويكفي في براءته من الحوب عدم إنكار رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإقامة العذر له بأنه يحب قومه.

قال وأما قولكم أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال أنت مني بمنزلة هارون(١) من موسى إلا أنه لا نبي بعدي وأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد بهذا أن يعلم الناس أن عليا وصيه وخليفته(٢) .

فإنا نقول(٣) في ذلك وبالله وحده نستعين.

قال كلاما حاصله إن عليا ما استخلفه النبيعليه‌السلام في حياته ومنعها(٤) بعد الموت(٥) .

قال لأن هارون مات قبل موسى وعلى هذا فإما أن يكون الحديث باطلا أو له تأويل غير ما تأولتم(٦) .

والذي يقال على هذا أن الجاحظ جزم وأبرم بأنهعليه‌السلام لم يستخلف(٧) عليا في حال حياته وإذا عرفت هذا فنقول:

تعين أن يكون ذلك بعد موته إذ الرواية صحيحة عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وننازع(٨) مضطرين في أن هارون مات قبل موسى إذ لم يقرر برهان ذلك يقينا.

__________________

(١) في المصدر: كهارون.

(٢) العثمانية: ١٥٣.

(٣) في المصدر: سنقول.

(٤) ن: منعه.

(٥) العثمانية: ١٥٣.

(٦) المصدر السابق.

(٧) ن: استخلف.

(٨) ق: ينازع ون: تنازع.

٣٢٤

سلمنا ثبوت ذلك لكن يكون ذلك مشروطا أعني قول موسى اخلفني في أهلي(١) أي إن بقيت(٢) بعدي وما بقي لكن(٣) أمير المؤمنين بقي فيكون الخليفة بعده.

قال ولو أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أراد أن يجعله خليفة بعده(٤) لكان يقول أنت مني بمنزلة يوشع بن نون لأن يوشع كان خليفة موسى في بني إسرائيل(٥) .

قال وإن ادعوا أن المراد بذلك الوزارة قلنا ما المراد من الوزارة هل هي ما تشاكل الوزارة للملوك أو المعاونة بحيث إن غاب أحدهما كان الآخر مؤازره(٦) .

وساق الكلام إلى أن النبيعليه‌السلام لا يجوز أن يستثني ما لا يملكه وهو النبوة مما يملكه وهو الخلافة(٧) .

والجواب بما أن هارون كان شريك موسى في النبوة وخليفته فهذا ينقض كلاما بسيطا ذكره ومثله في هذا الإسهاب معجبا به كمثل رجل أطال(٨) فأعجبته الإطالة فقال لعربي عنده(٩) ما العي(١٠) عندكم قال ما كنت فيه منذ اليوم.

__________________

(١) الآية:( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) الاعراف: ١٤٢.

(٢) ن: بقي.

(٣) ن: ( و) بدل ( لكن ).

(٤) في المصدر: يجعل عليا خليفة من بعده.

(٥) العثمانية: ١٥٥.

(٦) العثمانية: ١٥٦.

(٧) المصدر السابق: ١٥٧.

(٨) ن: تكلم فاطال.

(٩) لا يوجد في: ن.

(١٠) ن: بدلها ( ما تعدون العي ).

٣٢٥

فإن قال هذا عين الإشكال لا غيره فإن الجواب عنه بما أنه إذا كان المعنى من قولهعليه‌السلام أن جميع منازل هارون من موسى حاصلة لعلي مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جاز أن يستثني النبوة وإن لم يكن ملكا له لئلا يتوهم متوهم أن الله تعالى قد جعل لعلي الشركة في النبوة كما كانت لهارون مع موسىعليهما‌السلام .

وقوله إن الخلافة يملكها رسول الله دون النبوة باطل إذ الإمامة عند الإمامية موقوفة على تنصيص الله تعالى كما أن النبوة موقوفة على تنصيص الله تعالى(١) ولو لم يكن هذا فإن إشكال الجاحظ زائل إذ قد بينا ما يظهر منه أنه جائز أن يستثني ما لا يملكه وهو النبوة من الخلافة ولو كانت مما يملكه.

قال وقد زعم قوم من العثمانية أن هذا الحديث باطل لتعذر(٢) تأويله(٣) (٤) .

أقول قد بينا صواب وجه تأويله.

قال ووجه آخر إن هذا الحديث لم يرو إلا عن عامر بن سعد فواحدة أن عامر بن سعد رواه عن أبيه ولو سمعنا من سعد نفسه لم يكن حجة على غيره كالحجة(٥) على علي في شهادته لأبي بكر وعمر بأنهما سيدا كهول أهل الجنة(٦) .

والذي يقال على هذا أنه كذب صريح ينبهك عليه ويدلك ما ذكرناه

__________________

(١) ما بين المعقوفتين لا يوجد في: ن.

(٢) ن: لتعذرنا.

(٣) لا توجد في: ن.

(٤) العثمانية: ١٥٨.

(٥) ق: فالحجة.

(٦) العثمانية: ١٥٨.

٣٢٦

عن قرب في ذكر طرقه.

وأما قوله كالحجة على علي في مدحه أبا بكر فإنا قد بينا كذب الجاحظ جدا وجهله للقرآن وجهله بالحديث وتهمته وبغضته أمير المؤمنين صلوات الله عليه ومن كان بهذه الصفة لا يعتمد على قوله.

ثم من الفظيع أن يأتي مخاصما شرف أمير المؤمنين برواية يرويها غير مسند لها إلى أشياخ ولا محيل بها(١) على كتاب فهو في هذا كالبقة في مصادمة العقاب والنملة في مصادمة أسود غاب ثم كيف يقول أمير المؤمنينعليه‌السلام هذا مع قوله المعروف المشتهر جدا فيا لله وللشورى(٢) وقوله عبدت الله قبلهما وبعدهما(٣) .

ولو لم يقل فمزاياه دالة عليه مانعة له من قوله ما سبقت الإشارة إليه. ثم كيف يقول علي ذلك رادا على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتفضيله(٤) على البشر حسب(٥) ما نطق به الأثر.

ثم من عرف حال المحدثين المعتبرين وقدحهم في الأخبار كالدارقطني وشبهه والأعمش مطلقا اتهم صحيحها المنزه عن التهمات فكيف(٦) مرجوحها الملتحف بالتهمات الظاهرات.

__________________

(١) ق: فيها.

(٢) فيا لله وللشورى متى اعترض الريب فيّ مع الاول منهم حتى صرت اقرن الى هذه النظائر.

الخطبة الشقشقية، الخطبة الثالثة من نهج البلاغة: ١ / ٢٥ ( مطبعة الاستقامة ) شرح محمد عبده.

(٣) قال ذلك لعثمان وقد جرى بينه وبينه كلام فقال: ابو بكر وعمر خير منك فقالعليه‌السلام : انا خير منك ومنهما عبدت الله قبلهما وعبدته بعدهما. انظر: المعارف لابن قتيبه: ٧٣ وذخائر العقبى: ٥٨ الرياض النضرة: ٢ / ١٥٥ وشرح ابن ابي الحديد: ٣ / ٢٥١.

(٤) ن: تفضيله.

(٥) ق: حيث.

(٦) ج: وكيف.

٣٢٧

ثم روى الرواية عن عامر أن النبيعليه‌السلام قال إلا أنه ليس معي نبي هكذا رووه عن عامر بن سعد(١) .

وأقول إنه لو روي على هذا الوجه ما قدح في الغرض إذ كان الله تعالى حكى عن موسى( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) وقد قرر الجاحظ أن هذه الخلافة ما كانت والنبيعليه‌السلام حي فتعينت بعد وفاته تصديقا للرواية.

ثم إن قوله هكذا رووه من الذي رواه كذا بحوث سمريه(٢) في مقام البراهين اليقينية وهذا نقص(٣) محض وزلل بين ولغط(٤) ظاهر.

ثم بيان فساد الرواية كون الجنة ليس في سكانها كهول وما يبعد من خاطري أن الكهل في الجنة إبراهيم الخليل وحده فإذن يكون منصوره سيد إبراهيم الخليل والجميع يأبونه.

وإن كان المراد به سيدا من مات كهلا في الدنيا فإذن منصوره سيد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وغيره من الأنبياء الذين ماتوا كهولا وهو يأباه وإن لم يأب ذلك فهو كافر.

وقال إن النبيعليه‌السلام قال هذا خالي أباهي به فليأت كل امرئ بخاله تفضيلا(٥) له(٦) على كل خال في الأرض وقد كان علي خال جعدة بن هبيرة ولم يستثن أحدا(٧) .

__________________

(١) العثمانية: ١٦٠.

(٢) ن: شعرية.

(٣) ن: نقض.

(٤) ن: غلط.

(٥) ن: مفضلا.

(٦) ن: عليه.

(٧) العثمانية: ١٦٠.

٣٢٨

أقول إنه إذا كان القول لا يسند إلى برهان أمكن أن يقول قائل إن أخس الخلق الجاحظ فعلى هذا هو أخس من كذا وكذا من فنون الحيوانات وكما أن هذا لا يقوم منه عرض فكذا هذا.

ومع الإضراب عن هذا فما البرهان على أن جعدة كان موجودا حتى يتوجه الإيراد.

أضربت(١) عن هذا فإن هذا مخصوص بكمال شرف أمير المؤمنينعليه‌السلام في الفنون من العلوم وغيرها من صنوف الخصائص المورقة الغصون.

أضربنا عن هذا فإن في الآثار النبوية من طريق الخصم ما يشهد بأن أمير المؤمنينعليه‌السلام وشيعته خير البرية(٢) وأنه سيد البشر(٣) وأنه سيد العرب(٤) وأنه وجماعة من أهله سادات أهل الجنة من طريق من لا يتهم.

وأيضا فإن الناس اختلفوا في أفضل الصحابة ولم يذكروا الخال المشار إليه فأراه على هذا لا رافضيا ولا سنيا ولا خارجيا ولا متعلقا بمذهب من مذاهب المسلمين فيكون منافقا.

ثم إن عدو السنة أراد أن يضع من عليعليه‌السلام فوضع من منصوره مبالغا بيانه.

إن أولاد الأشعث بن قيس حضروا عند معاوية بن أبي سفيان ففخر أولاد ابنة أبي قحافة على إخوتهم من النخعية وكثروا فقال أولاد النخعية والله لقد تزوج أبونا أمكم وهو مأسور على حكمه وتزوج أمنا وهو مطلق على حكمها.

__________________

(١) ق: اضربنا.

(٢) مرت الاشارة الى مصادره هامش ص: ٧٢.

(٣) مرت الاشارة الى مصادره هامش ص: ٧٢.

(٤) مرت الاشارة الى مصادره هامش ص: ١١٢.

٣٢٩

وإذا تقرر هذا فليكن خال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشرف قدرا من منصوره وهو يأباه ولو لم يأبه فلا يرضى بذلك أحد من أهل السنة ويرون الجاحظ بذلك سابا لأبي بكر رضوان الله عليه وسب خلصاء الصحابة محذور فاعلم ذلك.

ويمكن الرد على هذا بأن أبا بكر لم يكن خالا في زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والإشكال إنما هو متوجه بهذا ثم إن الجاحظ مرمي بمذاهب المعتزلة فالمذاهب الأشعرية تتبرأ منه والمذاهب الحنبلية تتبرأ منه والمذاهب المالكية تتبرأ منه وكذا الشافعية والمذاهب الشيعية تتبرأ منه والمذاهب الكرامية تتبرأ منه(١) وإن كان على قواعد المثبتين الجواهر وما يبعد فقواعد القائلين بالصانع تتبرأ منه إذ مذهبهم آئل إلى ذلك وهو نفي الصانع ومن كان هذا أشرف حليته فغير بدع الانحراف منه على أمير المؤمنينعليه‌السلام وشيعته وأبو بكر وعمر يبرءان(٢) منه إذ لم ينقل عنهما إيغال(٣) في الطعن مع أن عمر مع الذي عنده من حزونة المزاج والخشونة كان المثني(٤) عليه على ما رواه القوم يعتمد على رأيه ويقول لو لا علي لهلك(٥) عمر ونحو هذا وقد أثبتناه فيما سلف(٦) ولا المعتزلة راضية عنه إذ لا أعرف أحدا منهم يقول الذي يقول بل فيهم من بلغنا أنه رد عليه وسخف رأيه وهذاه أحسن الله تعالى جزاء ذاك وهو أبو جعفر الإسكافي(٧) حسب ما

__________________

(١) ما بين القوسين لا يوجد في: ن.

(٢) ن: مبرءان.

(٣) ق ون: افعال.

(٤) ج وق: المبني.

(٥) ج ون: هلك.

(٦) تقدم ص (٨٥).

(٧) هو أبو جعفر محمد بن عبد الله بن محمد الاسكافي، المتوفى سنة ٢٤٠ ه‍، شيخ من شيوخ المعتزلة كان صاحب نظر ورأي فيهم. وقد نقض المشار اليه كتاب العثمانيّة وردّ عليه ولكن هذا

٣٣٠

رأيت في كلام ابن عباد وله مقامات ساميات في تفضيل أمير المؤمنين صلوات الله عليه وأحسن جزاء ابن عباد فيما قصد إليه.

وعند الخصوم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال كونوا مع السواد الأعظم وهذا ملقح الفتن عدل عن فنون الطرق(١) وسلك في سبيل وعر جدا فحاق به غضب الله وغضب رسوله وغيرهما.

أقول إن المشار إليه ذكر حديث المؤاخاة وادعى أن المؤاخاة كانت بين(٢) علي وسهل بن حنيف(٣) وادعى أن هذا لا دافع له وأورد على نفسه أن تكون المؤاخاة بين علي وسهل وبين النبي وعلي وذلك لا يتنافى(٤) وأورد على ذلك أنه لم يجد(٥) بذلك إسنادا يثق به أصحاب الحديث وأنه كان ينبغي أن يؤاخي بينه وبين أفضل الأنصار حيث رضيه لنفسه(٦) .

والذي يقال على الجاهل بالكتاب والسنة عدو أمير المؤمنينعليه‌السلام إنا قد روينا فيما سلف الحديث من طريق ربع المنتسبين إلى

__________________

الرّد قد ضاع في جملة الكتب الّتي ضاعت وفقدت ولعلّ الأيدي الاثيمة هي الّتي اتلفته عمدا.

ولكن ابن أبي الحديد المعتزلي في شرحه على نهج البلاغة أورد قسما منه ضمن كتابه. وقد جمع هذه النصوص المتفرّقة الاستاذ حسن السندوبي في كتابه ( رسائل الجاحظ ) وجاء بها حسب ترتيب ذكرها في شرح نهج البلاغة. ثمّ انّه لما طبع كتاب العثمانيّة في القاهرة سنة ١٣٧٤ بتحقيق عبد السلام هارون قام المحقّق بطبع تلك النصوص على شكل كتّيب والحقه مع العثمانيّة وطبعه معه في آخره.

(١) ن: الطريق.

(٢) ق: من.

(٣) العثمانيّة: ١٦٠.

(٤) العثمانيّة: ١٦٠.

(٥) ن: نجد.

(٦) العثمانية: ١٦١.

٣٣١

السنة أحمد بن حنبل ومن الصحيح لرزين العبدري ومن طريق ابن المغازلي ومن طريق الحافظ ابن مردويه(١) وليس أحد من هؤلاء رافضيا خاصة مع تصحيح رزين للطريق فإذن الحديث في الصحيح برزين وبمن روى عنه فظهر زلل الجاحظ عدو الدين.

أما أنه كان على قود ما ادعيناه أن يؤاخي بينه وبين أفضل الصحابة حيث رضيه لنفسه فهذيان(٢) إذ وجه المصالح يعرفها الحاضر ويجهلها الغائب وما يدرينا ما الوجه الذي يراه رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك وما يدرينا أن غير سهل خير منه والبواطن إلى الله إلا أن ينص رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن فلانا أفضل من فلان كما نص في عليعليه‌السلام .

ثم من وافق الجاحظ أن أمير المؤمنين كان أخا لسهل بن حنيف وأما مؤاخاة النبي لعليعليه‌السلام فإنها بالقرائن دالة على تخصيصه له بالمنزلة وبقوله تركتك لنفسي.

[ و ](٣) أقول إن الجاحظ رد التعلق في نفي إمامة أبي بكر رضوان الله عليه بكونه كان في جيش أسامة في حال مرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان يحث على إنفاذ الجيش ويكرره إلى أن قبضه الله تعالى(٤) وأورد على ذلك أن أحدا ما أنكر عليه الرجوع ولو كان خطأ أنكر(٥) .

وللجارودية أن يجيبوا عن ذلك بأن الوقت كان أشغل من الإنكار لمرض رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المخوف وقد يعرف قوم بقدومه وقد(٦)

__________________

(١) تقدم ص: ١٥٢.

(٢) ق: فهو بان ( كذا ).

(٣) لا توجد في: ق.

(٤) العثمانية: ١٦٤.

(٥) العثمانية: ١٦٦ نقله بالمعنى.

(٦) لا توجد في: ن.

٣٣٢

لا يعرف وقد يتوهم(١) قوم أنه ورد لضرورة فلا ينكرون أو أن أسامة أنفذه فلا ينكرون أو أنه ليس بالمهم كونه في الجيش ولا هو المقصود فلا ينكرون أو أن بعضا عرف الخطأ وعياذا بالله وكان له غرض في قدومه فما أنكره.

أضربنا عن هذا فإن غرض الجارودية يحصل بمجرد كون النبي حث على تبعيده عن المدينة عند مرضه المخوف وهو دون(٢) تدبير الرئاسة.

قال وما يقرب من قولنا كون النبيعليه‌السلام قال انفذوا ولا يليق بهذا الخطاب إلا أبو بكر(٣) .

وهذه دعوى لا يرضاها أصحاب(٤) النظر يرد عليها موارد كثيرة يفهمها العيي(٥) فضلا عن الناقد والمقصر فضلا عن المبرز.

قال ووجه آخر وهو أنك لو جهدت أن تجد بحديث(٦) من زعم أن أبا بكر كان في جيش أسامة أصلا لم تجد(٧) . والذي يقال على هذا أن من لا يتهم في شرفه(٨) وسداده(٩) حكاه عن البلاذري(١٠) وهو بموضع الضبط

__________________

(١) ق: موهم، ن: توهّم.

(٢) ن: وقت.

(٣) العثمانية: ١٦٩ نقله بالمعنى.

(٤) ق: اهل.

(٥) ن: الغبى.

(٦) في المصدر: لحديث.

(٧) العثمانية: ١٦٩.

(٨) يعني الشريف المرتضى ( كما ياتى التصريح بذلك عند نقله حديث ان ولوها الاجيلح سلك بهم الطريق ) فقد ذكر في كتابه الشافي: ٢٤٦ ذلك عن تاريخ البلاذري.

(٩) ن بزياده: و.

(١٠) هو احمد بن يحيى بن جابر بن داود البلاذري البغدادي خاتمة مؤرخي الفتح.

ولد في اواخر القرن الثاني ونشأ في بغداد وكان من ندماء المتوكل وادرك المستعين والمعتز وعهد اليه الاخير بتثقيف ابنه عبد الله الشاعر المشهور.

وكان البلاذري بالاضافة الى كونه مؤرخا وشاعرا وكاتبا ومترجما.

٣٣٣

عندهم ورواه أبو بكر الجوهري في كتاب السقيفة ولا أراه بموضع تهمة أصلا عن أبي زيد قال حدثنا حماد بن سلمة(١) عن هشام بن عروة عن أبيه أن رسول الله جهز جيشا واستعمل عليهم أسامة بن زيد وفيهم أبو بكر وعمر(٢) .

وروى محمد بن جرير(٣) وهو إمامي من طريق الواقدي أن أبا بكر وعمر كانا في جيش أسامة(٤) .

__________________

وسوس في اخر ايامه فاخذ الى البيمارستان لانه شرب تمر البلاذر على غير معرفة ومنه اسمه ومات سنة ٢٧٩ في اول خلافة المعتضد.

وكتابه الذي ينقل عنه الشريف المرتضى هو ( تاريخ انساب الاشراف ) وهو كتاب كبير كثير الفائدة على ما ينقل، كتب منه عشرين مجلدا ولم يتم ( كما في كشف الظنون ) طبع من هذا الكتاب جزء واحد بباريس وهو الخامس فقط ويبدا بخلافة عثمان وامر الشورى الى ايام عبد الملك بن مروان. انظر: تاريخ ابن الاثير: ٢ / ٣١٧ معجم الادباء: ٥ / ٨٩. تاريخ اداب اللغة العربية: ٢ / ١٩١.

(١) ق: مسلمة.

(٢) المذكور في السقيفة: ٧٤.

وحدثنا احمد بن اسحاق بن صالح عن احمد بن سيار عن سعيد بن كثير الانصاري، عن رجاله عن عبد الله بن عبد الرحمن، ونقله ايضا ابن ابي الحديد في شرحه على النهج: ١ / ١٥٩ وابن الاثير في تاريخه: ٢ / ٣١٧.

(٣) هو محمد بن جرير بن رستم الطبري الآملي أبو جعفر.

وهو امامي صاحب كتاب غريب القرآن والمسترشد في الامامة، الذي يروي عنه الشريف الحسن بن حمزة الطبري المرعشي المتوفى سنة ٣٥٨. ووصفه بالكبير في قبال أبي جعفر محمد بن جرير الطبري الصغير الذي هو عامي صاحب التاريخ المتوفى سنة ٣١٠. وللطبري الامامي مؤلفات منها « دلائل الامامة » و « غريب القرآن » و « المسترشد في الامامة » و « نوادر المعجزات في مناقب الائمة الهداة ». انظر: فهرست ابن النديم: ٣٧ عند ذكر الكتب المؤلفة في غريب القرآن وفهرست الشيخ الطوسي: ١٥٨ ترجمة ٦٩٧ ورجال النجاشي: ٣٧٦ ترجمة ١٠٢٤ والذريعة: ٨ / ٢٤١.

(٤) المغازي: ٢ / ١١١٧.

٣٣٤

وإن (١) قيل إن ابن جرير موضع تهمة قلت قد أحال على شيخ معروف لا يتهم فلينظر كلامه.

وتعلق بكون منصوره صلى بالناس(٢) والجارودية تمانع عن(٣) ثبوت ذلك.

أقول إني قد رأيت الوفاء بما وعدت به من ذكر الأحاديث المتعلقة بفضل أبي بكر رضوان الله عليه وأقول عندها ما يجيء على مذهب الجارودية وأنا بريء من الزيغ.

ذكر الجاحظ أنهم يروون عن النبيعليه‌السلام ليس أحد أمن علينا بصحبته وذات يده من أبي بكر(٤) !

وأنه قال لو كنت متخذا من هذه الأمة خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن ود(٥) وإخاء!(٦)

قال وأعجب من هذا ما(٧) يروون أن النبيعليه‌السلام قال في شكاته(٨) وقبل(٩) وفاته إن خليلي منكم أبو بكر!(١٠) .

والذي يقال عند هذا إنا قد بينا(١١) أن رواية الخصوم لا تقبل في معارضة

__________________

(١) ن: فان.

(٢) العثمانية: ١٧٠.

(٣) لا توجد في: ق.

(٤) العثمانية: ١٣٥.

(٥) ن والمصدر: ودا.

(٦) العثمانية: ١٣٥.

(٧) لا يوجد في المصدر.

(٨) ق: مكانه.

(٩) المصدر: قبيل.

(١٠) العثمانية: ١٣٥.

(١١) ق: قدمنا.

٣٣٥

الخصم وهو الجاحظ فقد تضمن كتابه هذا أن أمثال هذه الأحاديث لا عبرة بها وعول على الغار ونحو ذلك ولا أستبعد أني حكيته بفصه(١) .

ثم إن قوله أمن يمكن أن يقال أنه أراد بمن علينا بذلك والجارودية يقول لسانها لا ينبغي أن يمن(٢) بالصدقة على غير رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فكيف هو وهو صاحب الحقوق الجمة قال الله تعالى( لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى ) (٣) .

وأما حديث الخلة والإخوة فيحتاج إلى أن يعرف من الراوي له من الخصوم فإن كان ضعيفا عندهم بطل التعلق به رأسا عندنا وعندهم وإن كان عندهم موثقا وبنوا(٤) على روايته فإن الجارودية لا تتقبل(٥) رواية خصم لتهمته وتهمة من وثقه وكذا يقولون أعني الجارودية عند قوله اقتدوا بالذين من بعدي!(٦) مع أن راويه عبد الملك بن عمير(٧) يقال أنه قتل

__________________

(١) ق: بقصته.

(٢) ج: تمن.

(٣) البقرة: ٢٦٤.

والآية كاملة: ( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ ) .

(٤) ن: بنوه.

(٥) ق: تقبل.

(٦) قال الجاحظ: ويروون ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: اقتدوا بالذين من بعدي ابي بكر وعمر. انظر العثمانية: ١٣٥.

(٧) عبد الملك بن عمير بن سويد بن حارثة القرشي، ابو عمرو الكوفي المعروف بالقبطي.

رأى عليا وابا موسى، وروى عن جماعة منهم الاشعث بن قيس، وجابر بن سمرة وجندب بن عبد الله البجلي وغيرهم. وقال عنه العسقلاني في تهذيب التهذيب: ٦ / ٤١١: وقال علي بن الحسين الهسنجاني عن احمد: عبد الملك مضطرب الحديث جدا، مع قلة روايته، ما ارى له خمسمائة حديث، وقد غلط في كثير منها. وقال اسحاق ابن منصور: ضعفه احمد جدا. الى

٣٣٦

رسول الحسين بن عليعليهما‌السلام ولا نعلم(١) إلى من أشار بالاقتداء وأين المصحح لهذه الرواية.

وكذا يقال شيء من هذا على قوله سيدا كهول أهل الجنة! مسندا الرواية عن علي.

أقول إن الجارودية يقول لسانها لو كان عند الجاحظ حياء ما أورد علينا مثل هذا إذ هو حديث من لا يدري ما يقول كيف يكذب أمير المؤمنين نفسه ورسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكيف يرد على معانيه وسؤدده ما شهدت به من الفضيلة على غيره والفخر له على من(٢) سواه إذ كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شهد له بالفضيلة(٣) العالية والمذاهب السرية والأخلاق العلية مشرفا له بها على غيره ظاهرا بها على من عداه وقد سلف بيان ذلك.

مع أن الجاحظ كفانا المئونة بضعف أمثال هذا وقد سلفت زيادة إيضاح في معنى قوله سيدا كهول أهل الجنة.

وكذا يقول لسان الجارودية على مثله من شهادة علي للجماعة بالجنة وكذا يقولون على ما يروون من خبر الأحجار وقعود الثلاثة عليها وأنهم

__________________

ان قال: ذكره ابن حبان في الثقات وقال: ولد لثلاث بقين من خلافة عثمان ومات سنة ست وثلاثين ومائة وله يومئذ مائة وثلاث سنين وكان مدلسا.

انظر ايضا: ميزان الاعتدال: ٢ / ٦٦٠ وسير اعلام النبلاء: ٥ / ٤٣٨ والجرح والتعديل: ٥ / ٣٦٠. وذكر الشبلنجي في نور الابصار: ٥٢ في ترجمة عبد الله بن يقطر قال:

وهو قاتل عبد الله بن يقطر رسول الحسين بن علي الى مسلم بن عقيل حيث رمى به ابن زياد من فوق القصر - وبه رمق - فاجهز عليه، فلما عوتب على ذلك قال: انما اردت ان اريحه.

(١) ن: يعلم.

(٢) ن: ما.

(٣) ج: بالفضلية.

٣٣٧

الخلفاء من بعدي.

وراوي الحديث يعقوب بن أبي شيبة قال حدثني يحيى بن عبد الحميد قال حدثنا حشرج(١) بن نباته عن سعيد بن جمهان(٢) عن سفينة مولى رسول الله عن النبيعليه‌السلام قال ابن الوليد المحدث ببغداد إن يحيى بن عبد الحميد(٣) تكلم فيه أحمد بن حنبل واختلف الناس في جرحه وثقته وأما حشرج(٤) بن نباته فإن محمد بن حبان صاحب كتاب المجروحين وهو لنا عدو قال ما صورته:

حشرج بن نباته يروي عن سعيد بن جمهان(٥) روى عنه حماد بن سلمة ومروان بن معاوية كان قليل الحديث منكر الرواية(٦) لا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد روى عن سعيد بن جمهان عن سفينة أن النبيعليه‌السلام وضع حجرا ثم قال ليضع أبو بكر حجرا(٧) إلى جنب حجري ثم(٨) ليضع

__________________

(١) ق وج: حشرح.

(٢) ق: جمهار.

(٣) يحيى بن عبد الحميد بن عبد الله بن ميمون بن عبد الرحمن الحماني. الحافظ ابو زكريا الكوفي، روى عن جماعة منهم شريك.

قال الذهبي في ميزان الاعتدال: ٤ / ٣٩٢: واما احمد فقال: كان يكذب جهارا. وقال النسائي: ضعيف. وقال البخاري: كان احمد وعلي يتكلمان فيه.

وقال محمد بن عبد الله بن نمير: ابن الحماني كذاب. وقال مرة: ثقة. توفي سنة ثمان وعشرين ومائتين.

انظر أيضا: تهذيب التهذيب: ١١ / ٢٤٣ وسير أعلام النبلاء: ١٠ / ٥٢٦ والجرح والتعديل: ٩ / ١٦٨.

(٤) ج وق: حشرح.

(٥) ن بزيادة: و.

(٦) المصدر بزيادة: فيما يرويه.

(٧) في المصدر: حجره.

(٨) في المصدر بزيادة: قال.

٣٣٨

عمر حجرا(١) إلى جنب حجر أبي بكر ثم(٢) ليضع عثمان حجره إلى جنب حجر عمر ثم قال هؤلاء الخلفاء من بعدي!

أخبرناه أبو يعلى قال حدثنا يحيى الحماني(٣) قال حدثنا حشرج بن نباته عن سعيد بن جمهان عن سفينة(٤) .

وكذا روى غير هذا مما لا يعتمد عليه هو فكيف الخصم وروى(٥) حديث الميزان الذي وضع فيه أبو بكر وعمر وعثمان في منام يرويه أبو بكرة(٦) لمعاوية وقد ورد وافدا عليه

طريق الرواية:

رواه أبو بكر الجوهري عن أبي يوسف قال حدثنا سودة(٧) بن خليفة وموسى بن إسماعيل والأسود بن عامر بن شاذان ومعنى حديثهم واحد قالوا حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد(٨) وهو مقدوح فيه عندهم وكذا علي

__________________

(١) في المصدر: حجره.

(٢) في المصدر بزيادة: قال.

(٣) ن: يحيى بن حمّان.

(٤) المجروحين: ١ / ٢٧٧.

(٥) قال الجاحظ: ويروى ان النبي صلى الله عليه [ وآله ] وضع في كفة الميزان والامة في الكفة الاخرى فرجح بهم ثم اخرج النبي صلى الله عليه [ وآله ] ووضع ابو بكر مكانه فرجح بالامة ثم اخرج ابو بكر ووضع عمر مكانه فرجح بالامة ثم اخرج فرفع الميزان. انتهى ولم يرد فيه ذكر عثمان. انظر العثمانية: ١٣٧.

(٦) ق ون: ابو بكر.

(٧) ن: سؤدد.

(٨) علي بن زيد بن جدعان ابو الحسن القرشي التيمي البصري الاعمى.

حدث عن انس بن مالك وسعيد بن المسيب وغيرهما كما حدث عنه شعبة وسفيان وحماد بن سلمة وسفيان بن عيينة. وعلي بن زيد المذكور ولد اعمى. قال ابو زرعة وابو حاتم: ليس بقوي، وقال البخاري وغيره: لا يحتج به. وقال ابن خزيمة: لا احتج به لسوء حفظه وقال حماد بن زيد: انبأنا علي بن زيد وكان يقلب الاحاديث. وقال احمد بن حنبل: ضعيف.

٣٣٩

بن زيد(١) وعبد الرحمن(٢) عمه(٣) زياد ساب أمير المؤمنينعليه‌السلام وأبو بكرة(٤) أخو زياد ابن أبيه ساب أمير المؤمنينعليه‌السلام (٥) والوفادة إلى الشام والجلساء شاميون.

إذا عرفت هذا فإن الجارودية تخرف شيخا(٦) يورد مثل هذا على خصومه قال وقالوا قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٧) إن الله بعثني إليكم جميعا فقلتم(٨) كذبت(٩) وقال لي صاحبي صدقت فهل أنتم

__________________

وروى عباس عن يحيى: ليس بشيء. مات علي بن زيد سنة ١٣١ ه‍. انظر: سير اعلام النبلاء: ٥ / ٢٠٦ والتاريخ الكبير: ٦ / ٢٧٥ والجرح والتعديل: ٦ / ١٨٦ وميزان الاعتدال:٣ / ١٢٧ وتهذيب التهذيب: ٧ / ٣٢٢.

(١) ق: علي بن زياد.

(٢) عبد الرحمن بن ابي بكرة الثقفي، يكنى ابا بحر وقيل ابا حاتم سمع علياعليه‌السلام واباه وعبد الله بن عمرو كما حدث عنه ابن سيرين وابو بشر وخالد الحذاء واخرون ولد زمن عمر وقيل انه سنة اربع عشرة. وقيل انه كان يقول: انا انعم الناس، انا ابو اربعين، وعم اربعين، وخال اربعين، وعمي زياد الأمير وكنت اول مولود بالبصرة. قيل انه توفي سنة ٩٦ وقيل غير ذلك.

انظر: سير اعلام النبلاء: ٤ / ٣١٩ و ٤١١ وتهذيب التهذيب: ٦ / ١٤٨، تهذيب الكمال: ٧٧٩.

(٣) ن: ابن عمه.

(٤) ابو بكرة الثقفي الطائفي واسمه نفيع بن الحارث وقيل نفيع بن مسروح، تدلى في حصار الطائف ببكرة فكني يومئذ بابي بكرة. اسلم على يد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله واعلمه انه عبد فاعتقه.

سكن البصرة ووفد على معاوية. وامه سمية فهو اخو زياد بن ابيه لامه وجلده عمر هو ونافع وشبل ابن معبد لشهادتهم على المغيرة بالزنا. انظر: الكامل لابن الاثير: ٣ / ٤٤٣ والجرح والتعديل: ٨ / ٤٨٩، أسد الغابة: ٥ / ٣٨ و ١٥١ وسير اعلام النبلاء: ٣ / ٥.

(٥) ن بزيادة: قال.

(٦) ن: شيئا.

(٧) في المصدر: وقالوا: ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ايها الناس.

(٨) ن: فقلت.

(٩) ن: كذبتم.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375