نظام حقوق المرأة في الإسلام

نظام حقوق المرأة في الإسلام0%

نظام حقوق المرأة في الإسلام مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
تصنيف: المرأة
الصفحات: 446

  • البداية
  • السابق
  • 446 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 56744 / تحميل: 8485
الحجم الحجم الحجم
نظام حقوق المرأة في الإسلام

نظام حقوق المرأة في الإسلام

مؤلف:
الناشر: دار الكتاب الإسلامي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

يقضي باستخدام الأم في عملها مجدّداً بعد أن يبلغ طفلها سنّاً معيّنة، لكنّ هذه الطريقة تتميز بأنّها تمكّن الأم من تربية طفلها بنفسها دون أن تخضع للاحتياج المهين إلى الرجل.

وعلى فرض تشريع مثل هذا القانون، يجب كذلك أن نتوقّع تأثيراته على أخلاق العائلة. ومن الممكن أن يقرّر القانون عدم إعطاء مساعدة للام ذات الطفل غير الشرعي، أو يقرّر أنّ المساعدة ستسلّم إلى الأب في حالة وجود أدلّة على زنا الأم، وفي هذه الحالة سيكون من واجب الشرطة المحلّية أن تراقب سلوك المتزوجات، لكن نتائج هذا القانون لن تكون فعّالة، بينما قد تنطوي على خطر عدم رضا موجدي هذا التكامل الأخلاقي، وفي النتيجة، يمكن أن نحتمّل توقّف تدخّل الشرطة في ذلك، وعندها ستتمتع حتى الأُمّهات غير الشرعيات بالمساعدة المالية وينتهي كليّاً الدور الاقتصادي للأب في طبقة العمّال، وتصبح منزلة الأب عند الأولاد كمنزلة الكلاب والقطط.... إنّ المدنية أو على الأقل المدنية الآخذة بالتوسّع الآن تميل إلى إضعاف مشاعر الأمومة.

ومن أجل المحافظة المدنية الأكمل يحتمل أن تعطى النساء من أجل الحمل مقداراً من النقود لإقناعهن بقبوله. وفي هذه الحالة لا يلزم حتماً أنّ جميع النساء أو أكثرهن يخترن عمل الأمومة، فهو عمل كباقي الأعمال ستستقبله النساء بجدّية واهتمام. وعلى كل حال، فجميع ما ذُكر فرضيات لا أكثر والهدف من القول إنّ نهضة النساء ستؤدّي إلى

٢٦١

زوال سلطة الأب التي كانت منذ ما قبل التاريخ تمثّل انتصار الرجل على المرأة، وحلول الدولة محل الأب في الدولة الغربية والذي نواجهه الآن يعد تقدّماً).

إنّ إلغاء نفقة المرأة، أو كما يسمّيه هؤلاء السادة الاستقلال المادي للنساء - طبقاً للأقوال السابقة - ستكون له النتائج والآثار التالية:

إنّ زوال سلطة الأب من الأسرة، أو على الأقل، زوال أهميته والعودة إلى مرحلة سلطة الأم، وحلول الدولة محل الأب وتسلّم الأمهات المساعدة والنفقة من الدولة من الأب، يستضعف مشاعر الأمومة ويخرجها من صورتها العاطفية إلى صورة الشغل والكسب.

وبديهي أنّ نتيجة كل ذلك هو الانهيار الكامل للأسرة الذي يؤدّي قطعاً إلى انهيار الإنسانية. كل شيء يمكن أن يصحّح مستقبلاً، لكنّنا سنفقد شيئاً مهمّاً هو السعادة والسرور والتمتّع باللذات المعنوية الخاصة بالمؤسسة العائلية.

وعلى كل حال، فإنّ أنصار الاستقلال والتحرير الكامل للمرأة وطرد الأب من محيط الأسرة، يرون أيضاً أنّ الواجب الطبيعي للمرأة في إنجاب الأطفال يستلزم حقّاً ومساعدة وأحياناً أجرة يجب - في نظرهم - أن تدفعها الدولة بخلاف الرجل الذي يوجب عمله الطبيعي حقّاً.

وفي قوانين العمل العالمية يمنح العامل في أقل الحالات أُجرة

٢٦٢

يحسب فيها حساب الزوجة والأطفال، أي إنّ قوانين العمل العالمية تعترف بحق النفقة للمرأة والأولاد.

هل أهانت لائحّة حقوق الإنسان المرأة؟

جاء في المادة 23 البند 3 من لائحة حقوق الإنسان:

(كل شخص عامل له الحق في الحصول على أجر منصف ومرضٍ يؤمّن له ولعائلته عيشاً إنسانياً).

وفي المادة 25، بندٌ ينصّ على أنّ: (كل شخص له الحق في تأمين معيشته وسلامة ورفاه نفسه وأسرته من حيث الطعام والمسكن والخدمات الطبيّة والاجتماعية اللازمة).

في هاتين المادتين ضمناً أنّ كل رجل يشكّل أسرة يجب أن يتحمّل نفقات زوجته وأطفاله، وأنّ نفقات هؤلاء تعد من نفقاته الضرورية واللازمة.

ولائحة حقوق الإنسان مع أنّها تصرّح بأنّ للمرأة والرجل حقوقاً متساوية، إلاّ أنّها لم تعتبر إعطاء الرجل النفقة للمرأة منافياً لتساوي حقوق المرأة والرجل. على هذا فالأشخاص الذين يعترفون بلائحة حقوق الإنسان ويستندون بذلك إلى مصادقة المجلسين عليها، يجب أن يتلقّوا مسألة النفقة على أنّها مسألة نهائية. فهل سيجيز عباد الغرب - الذين يطلقون اسم الرجعية والتأخّر على كل ما له لون إسلامي - لأنفسهم أيضاً أن يستهينوا بقدسية لائحة حقوق الإنسان ويعتبروها من

٢٦٣

آثار مالكية الرجل ومملوكية المرأة؟ وأكثر من ذلك فإنّ لائحة حقوق الإنسان تذكر في المادة الخامسة والعشرين أنّ: (لكل شخص الحق - في حال البطالة أو المرض أو نقص الأعضاء أو الترمّل، أو الشيخوخة، أو جميع الحالات التي يستحيل فيها تهيئة وسائل العيش - أن يتمتّع بشروط الحياة الكريمة).

فهذه اللائحة - إضافة إلى اعتبارها فقدان الزوج فقداناً لوسيلة العيش - قد ذكرت الترمل إلى جانب البطالة والمرض ونقص الأعضاء. أي إنّها ذكرت النساء (الأرامل) في صف العاطلين والمرضى والشيوخ وناقصي الأعضاء أفليس في هذا إهانة كبرى للمرأة؟ لا شك أنّ مثل هذا التعبير لو ورد في الكتب أو الكراسات القانونية للبلدان الشرقية لتعالت صيحات الاعتراض ووصلت إلى عنان السماء، كما حدث بالنسبة لما ورد في بعض القوانين الإيرانية.

لكن الإنسان الذي ينظر بعين الواقع ولا يتأثّر بالضجيج والزعيق، ويدقّق النظر في جميع جوانب المسألة يعلم أن لا قانون الخلقة الذي جعل الرجل وسيلة من وسائل معيشة المرأة، ولا لائحة حقوق الإنسان التي اعتبرت (الترمّل) فقداناً لوسيلة العيش، ولا القانون الإسلامي الذي اعتبر المرأة واجبة النفقة على الرجل؛ قد أهان المرأة لأنّ هذا أحد جوانب القضية وهو أنّ المرأة خلقت محتاجة إلى الرجل ويعتبر الرجل ركيزة للمرأة.

إنّ قانون الخلقة - من أجل أن يربط المرأة والرجل أكثر ببعضهما،

٢٦٤

ومن أجل أن يحكم بناء المؤسسة الأسرية التي هي الدعامة الأساسية لسعادة الإنسانية - خلق المرأة والرجل محتاجين لبعضهما، فإذا كان قد جعل الرجل المرتكز المالي للمرأة فقد جعل المرأة المرتكز الروحي والرفاهي للرجل. هذا الاحتياج المتباين قرب بينهما أكثر وزاد في اتحادها.

٢٦٥

٢٦٦

الفصل التاسع

مسألة الإرث

كان العالم إمّا القديم ألاّ يورث المرأة أو يعاملها في الإرث كالصغير. أي لم يكن ليمنحها استقلالاً ماليّاً أو شخصية حقوقية. وفي بعض القوانين القديمة للعالم كانوا ورثوا الفتاة، لم يورثوا أولادها، بخلاف الفتى الذي يمكن له أن يرث كما يمكن لأولاده أن يرثوا من مال جدّهم، وفي بعض القوانين الأخرى في العالم آنذاك حين كانوا يورثون المرأة كما يورثون الرجل، لم يكن إرثها حصة مفروضة وبتعبير القرآن (نصيباً مفروضاً) وإنّما كان على شكل حق للمورث في أن يوصي لابنته بنصيب إذا شاء ذلك. أنّ لأرث المرأة تاريخاً طويلاً فقد وضع المحققون والعارفون بحوثاً كثيرة كتابات مستفيضة في هذا الباب لا أرى لزوماً لنقلها حيث لخصّناها بما مرّ آنفاً.

أسباب حرمان المرأة من الإرث

كان السبب الأساس لحرمان المرأة من الإرث هو منع انتقال الثروة من عائلة إلى أخرى. فطبقاً للعقائد القديمة، يعتبر دور الأم في إيجاد الطفل دوراً ضعيفاً، وإنّ الأمهات أوعية لا غير تنمو في داخلها نطف الرجال ليوجد الولد، ومن هذا المنطلق يعتقدون أنّ أحفاد الرجل (أولاد أولاده) أولاد له وجزء من أُسرته، وأمّا أسباطه (أولاد بناته) فليسوا من

٢٦٧

ذرّيته ولا جزءاً من أسرته، بل هم جزء من عائلة أبيهم؛ وعلى هذا الفتاة إذا ورثت ثم انتقل هذا الإرث منها إلى أولادها كان هذا انتقالاً لثروة عائلة إلى عائلة أخرى غريبة.

جاء في كتاب (إرث در حقوق مدني إيران) أي (الإرث في الحقوق المدنية الإيرانية) تأليف المرحوم الدكتور موسى العميد صفحة 8: (في المراحل القديمة، كان الدين يشكل أساس العائلة لا صلة الرحم الطبيعية)، ثم يقول: (كانت الرئاسة الدينية في الأسرة (سلطة الأب) بيد جد الأسرة، وبعد وفاته ينتقل إجراء المراسم والتشريفات الدينية للعائلة فقط بوساطة الأولاد الذكور من جيل إلى جيل، والقدماء يعتبرون الرجال وسيلة لإبقاء النسل فقط. ولما كان أبو العائلة واهب الحياة لابنه، العقائد والرسوم الدينية هي للأب. وحق حفظ النار وقراءة الأدعية الدينية المخصوصة تنتقل منه إليه، وجاء في كتب القوانين الهندية والقوانين اليونانية والرومانية أنّ قوّة الإنتاج مقصورة على الرجال، ونتيجة لهذه العقيدة القديمة فقد أصبحت الأديان مقصورة على الرجال. أمّا النساء - بدون وساطة الأب أو الزوج - فلم يكن لهنّ أي دخل في أمور الدين... ولأنّهن لم يكنّ يسهمن في المراسم الدينية؛ فقد كنّ محرومات من سائر المزايا العائلية. وعندما شرّع قانون الإرث بعد ذلك حرمت النساء منه أيضاً). لكن لحرمان المرأة من الإرث أسباباً أُخرى، من جملتها ضعف القدرة القتالية للمرأة. فحيث كان التقييم على أساس البطولات، وكان المقاتل يعد بمئة ألف من غير المقاتلين، حرمت

٢٦٨

المرأة من الإرث بسبب عجزها عن القيام بالعمليات الدفاعية والقتالية.

وقد كان عرب الجاهلية يرفضون توريث المرأة على هذا الأساس، ولو وجد رجل في الإرث ولو في الدرجات التالية للمرأة، لم تحصل المرأة على الإرث، فعند نزول آية الإرث وتصريحها أنّ:( لِلْرِجَالِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلْنِسَاءِ نَصِيبٌ مِمّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمّا قَلّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً ) عجب العرب لذلك. واتفق في ذلك الوقت أن حسّان بن ثابت شاعر العرب المعروف توفي عن زوجة وعدد من البنات. فقام أولاد عمّه بالاستيلاء على جميع أملاكه ولم يتركوا شيئاً لزوجته وبناته، فشكتهم زوجته إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، فأحضرهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله). فقالوا: إنّ المرأة تحمل السلاح ولا تقاتل العدو، إنّما نحن الذين نمسك السيف وندافع عن أنفسنا وعن هذه المرأة؛ لذا فالمال يجب أن يكون للرجال. لكنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أبلغهم حكم الله تعالى.

إرث الابن المتبنّى

كان أعراب الجاهلية يتبنّون ولداً ويورثونه كما يرث الابن الحقيقي. وعادة تبنّي الأبناء كانت موجودة لدى شعوب أخرى منها إيران والرومان القدماء. وطبقاً لهذه العادة، كان الابن المتبنّى كونه ذكراً، يتمتّع بمزايا لم تكن تتمتّع بها البنات الصلبيات. فمن جملة ميزات الابن المتبنّى أن يرث، وكذلك يمنع زواج الشخص من زوجة ابنه المتبنّى

٢٦٩

بعده. وقد ألغى القرآن الكريم هذه العادة.

إرث ضامن العهد (ضامن الجريرة)

كانت للعرب عادة أخرى في الإرث ألغاها القرآن الكريم أيضاً هي توريث ضامن العهد، إذ كان الرجلان الغريبان عن بعضهما يعقدان بينهما حلفاً يقول أحدهما: (دمك دمي، وثأرك ثأري، وحربك حربي، وسلمك سلمي، وترثني وأرثك) فيقول آخر (قبلت). وبموجب هذا الحلف، يقوم هذان الرجلان الغريبان في أثناء مدّة حياتهما بالدفاع عن بعضهما فإذا مات أحدهما ورثه الآخر.

المرأة جزء من الإرث

كان العرب - أحياناً - يعتبرون زوجة الميت جزءاً من أمواله وممتلكاته ويتعاملون معها على أنّها جزء من الإرث. فإذا كان للميت ابن من امرأة أخرى فإنّه يستطيع بإلقاء ثوبه على زوجة أبيه أن يعتبرها ملكاً له. ثم يقوم حسب رغبته إمّا بالزواج منها أو بتزويجها من شخص آخر وأخذ مهرها. هذه العادة لم تكن مقتصرة على العرب وقد نسخها القرآن.

وفي القوانين القديمة للهند واليابان والرومان واليونان وإيران أمور كثيرة غير جائزة في مسألة الإرث، ولو أردنا نقل ما ذكره المطلعون من تلك لاستغرق عدّة مقالات.

٢٧٠

إرث المرأة في إيران ساسان

كتب المرحوم سعيد نفيسي في كتابه (تاريخ اجتماعي إيران أز زمان ساسانيان تا انقراض امويان) أي (التاريخ الاجتماعي لإيران منذ عهد الساسانيين إلى انقراض الأمويين) في الصفحة 42 ما يلي: (كانت في باب تشكيل الأسرة مسألة طريفة أخرى في الحضارة الساسانية، ذلك أنّ الابن حين يبلغ سن الرشد يقوم الأب بتزويجه من إحدى نسائه هو. وهناك مسألة أخرى هي أنّ المرأة في الحضارة الساسانية لم تكن لها شخصية حقوقية، وكانت للأب والزوج صلاحيات واسعة جداً في التصرّف بأموالها. وحين كانت البنت تبلغ الخامسة عشرة من عمرها ويكتمل رشدها، كان من واجب الأب أو رئيس الأسرة أن يزوجها، أمّا سن زواج الفتى فكانت عشرين عاماً، وكانت موافقة الأب شرطاً في الزواج، وكانت الفتاة التي تتزوج لا ترث أباها أو كافلها الأول، كما لم يكن لها الحق في اختيار الزوج، أمّا إذا قصّر الأب في تزويجها عند البلوغ، فيكون من حقّها أن تبادر إلى الزواج غير المشروع، وفي هذه الحالة لا ترث أباها. لم يكن عدد النساء اللائي يسمح للرجل بالزواج منهن محدوداً، وقد وجد في الوثائق اليونانية أنّ رجلاً كان يحتفظ في بيته بمئات من النساء، أصول الزواج في العهد الساساني - كما ورد في الكتب الدينية الزرداشتية - معقّدة جداً ومتشابكة لكن الرائج منها كان خمسة أنواع:

٢٧١

1 - المرأة التي تتزوج برضا الأب والأم وتلد أولاداً يعتبرون أولادها في الدنيا والآخرة وتسمّى (پادشاه زن)(1) .

2 - المرأة التي تكون وحيدة أبويها ويسمّونها (اوك زن)(2) تهب طفلها الأول لأبويها ليكون عوضاً عن ابنتهم التي تركت البيت وتزوّجت، وتسمّى عندها (بادشاه زن) أيضاً.

3 - إذا بلغ الولد سن الرشد فمات أعزب، قام أهله بتجهيز امرأة غريبة تزويجها من رجل غريب نيابة عن ولدهم، وتسمّى هذه المرأة (المرأة المدعاة) وما تلد من أولاد فنصفهم للزوج المتوفّى يكونون أولاده في الآخرة والنصف الثاني للزوج الحي.

4 - الأرملة التي تتزوّج للمرة الثانية وتدعى (چغر زن)(3) وإذا لم تنجب من زوجها الأول سمّيت (سذر زن)(4) .

5 - المرأة التي تتزوّج بدون رضا والديها تُعد أحط نوع من النساء وتدعى (خود سراى زن)(5) ولا ترث أبويها، إلاّ إذا بلغ ابنها سن الرشد

____________________

(1) أي: (الملكة).

(2) أي المرأة الفريدة التي لا نظير لها، أو المرأة الوحيدة.

(3) أي الخادمة.

(4) أي زوجة الشخص اسمياً فقط.

(5) أي التي لا تستشير أحداً في أمورها.

٢٧٢

وعقد لها مجدّداً بصفة (أوك زن)(1) .

سهم المرأة من الإرث من وجهة نظر الإسلام

في قوانين الإسلام لا يوجد في باب الإرث أي من هذه التعقيدات التي ذكرت، أمّا الشيء الذي ينتقده المنادون بحق المساواة، في القانون الإسلامي هو كون سهم المرأة معادلاً لنصف سهم الرجل من الإرث. فمن وجهة نظر الإسلام، يرث الولد ضعف ما ترثه البنت، ويرث الأخ ضعف ما ترثه الأخت، ويرث الزوج ضعف ما ترثه الزوجة، إلاّ مع الأبوين فإنّه حين يتوفّى رجل وله أولاد ويكون والده على قيد الحياة، فإنّ كلاًّ منهما يرث سدس ما تركه الميت.

وسبب تحديد الإسلام لسهم المرأة في الإرث بنصف سهم الرجل هو الوضع الخاص للمرأة من حيث المهر والنفقة والجندية وبعض القوانين الجزائية، أي إنّ الوضع الخاص بالمرأة من حيث الإرث إنّما هو نتيجة للوضع الخاص الذي تتمتّع به المرأة في المهر والنفقة والأمور الأخرى.

إنّ الإسلام - بموجب الأسباب التي ذكرناها في المقالات السابقة - يرى المهر والنفقة أموراً مهمّة ومؤثّرة في إحكام عرى الزواج وتأمين

____________________

(1) سبق تعريف مثل هذه المرأة والشروط المترتبة عليها في البند الثاني من هذا الموضوع. المصحّح.

٢٧٣

رفاه الأسرة وإيجاد الوحدة بين الزوجين، إنّ إلغاء المهر والنفقة وعلى الأخص النفقة - من وجهة نظر الإسلام - يؤدّي إلى تزلزل أساس الأسرة وجر المرأة إلى الفحشاء. ولأنّ الإسلام يرى المهر والنفقة شرطاً في العقد؛ فقد رفعهما عن كاهل المرأة وفرضهما على ميزانية الرجل، فهو يريد هنا أن يجبر هذا الفرض عن طريق الإرث، فجعل سهم الرجل ضعف سهم المرأة؛ إذاً فالمهر والنفقة هما اللذان أديا إلى تقليل سهم المرأة في الإرث.

اعتراض عُبّاد الغرب

بعض عبّاد الغرب حين يتحدثون عن العدالة ويتخذون من موضوع نقص سهم المرأة في الإرث وسيلة للتنديد بالإسلام، يطرحون مسألة المهر والنفقة فيقولون ما الذي يدعونا إلى أن نجعل سهم المرأة في الإرث أقل من سهم الرجل ثم نجبر النقص بالمهر والنفقة؟ لماذا نلف وندور في الأعمال ونريد أن نضع اللقمة في الفم من خلف العنق؛ فلنساو بين سهم المرأة والرجل في الميراث، ثم لا نضطر إلى جبران هذا النقص بالمهر والنفقة.

أوّلاً: إنّ هذا من قبيل القول بأنّ المربيات أشفق من الأم. لقد وضعوا العلّة بدل المعلول والمعلول مكان العلّة. إنّهم تصوّروا أنّ المهر والنفقة هما نتيجة لوضع المرأة الخاص في الإرث، وغفلوا عن أنّ الوضع الخاص للمرأة في الإرث هو نتيجة المهر والنفقة.

٢٧٤

ثانياً: إنهم ظنّوا أنّ المسألة هنا هي مسألة مالية واقتصادية صرفة. بديهي أنّه لو كانت المسألة ذات جانب اقتصادي محض لما كان هناك سبب لوضع المهر والنفقة ولا لتقليل سهم المرأة في الإرث. فكما قلنا في المقالات السابقة إنّ الإسلام قد أخذ في نظر الاعتبار جوانب متعدّدة لهذه المسألة منها طبيعة ومنها نفسية، فمن ناحية نظر إلى احتياجات المرأة الكثيرة فيما يخص إنجاب الأطفال، في الوقت الذي يكون الرجل فيه متحرّرا من ذلك. ومن ناحية ثانية قدرتها التي تقل عن قدرة الرجل في الإنتاج واكتساب المال. ومن ناحية ثالثة فإنّ إنفاق المرأة للمال أكثر من إنفاق الرجل له، بالإضافة إلى الملاحظات النفسية والروحية المتعلّقة بكل من المرأة والرجل. وبتعبير آخر: ما يرتبط بعلم نفس المرأة والرجل، يجب أن يمثّل دور المنفق بالنسبة لإحكام العلاقة العائلية، فالإسلام قد أخذ كل هذه الأمور بنظر الاعتبار وقرّر ضرورة وجود المهر والنفقة. هذه الأمور الضرورية واللازمة أدّت بشكل غير مباشر إلى الضغط على ميزانية الرجل، ولهذا أمر الإسلام - من أجل جبران ما فرض على ميزانية الرجل - أن يكون سهم الرجل من الإرث ضعف سهم المرأة.

إذاً فالمسألة ليست مسألة اقتصادية ومالية بحتة، كي يقال ما الداعي لتقليل سهم المرأة في جانب ومن ثمّ تعوضيها في جانب آخر.

٢٧٥

اعتراض زنادقة صدر الإسلام على مسألة الإرث

قلنا إنّه من وجهة نظر الإسلام، يعتبر المهر والنفقة علّة والوضع الإرثي للمرأة معلولاً، وهذا المطلب لم يثر مؤخّراً فحسب، بل قد أثير منذ صدر الإسلام.

فابن أبي العوجاء رجل عاش في القرن الثاني بعد الهجرة ولم يكن يؤمن بربٍّ ولا دين، هذا الرجل كان يستغل حرية ذلك العصر ويطرح آراءه الإلحادية في كل مكان، حتى أنّه كان يأتي أحياناً إلى المسجد الحرام أو مسجد الرسول (صلّى الله عليه وآله) ليناقش علماء ذلك العصر في التوحيد والمعاد وأصول الإسلام، وقد كان أحد اعتراضاته على الإسلام ما يلي: (ما بال المرأة المسكينة الضعيفة تأخذ سهماً ويأخذ الرجل سهمين؟)

فأجابه الإمام الصادق (عليه السلام): (إنّ ذلك كان سبب أنّ الإسلام قد أعفى المرأة من الجهاد في سبيل الله وفرض لها على الرجل المهر والنفقة، كما أنّه في بعض الجنايات غير العمدية، حين يجب على أقارب الجاني أن يدفعوا الديّة، تعفى المرأة من الاشتراك في الدفع؛ لهذا جعل سهم المرأة في الإرث أقل من سهم الرجل) فالإمام الصادق (عليه السلام) قد علّل صريحاً وضع المرأة الخاص في مسألة الإرث بالمهر والنفقة وسقوط الجهاد والديّة. وقد سُئل أئمّة الدين مثل هذه الأسئلة وأجابوا جميعاً بنفس هذه الإجابة.

٢٧٦

الفصل العاشر

حق الطلاق

(1) حق الطلاق

لم يهتم عصر من العصور بخطر انهيار مؤسسة الأسرة والعواقب الناتجة عن ذلك كما اهتمّ بها عصرنا، ولم يبتل عصر من الناحية العملية كما ابتلي هذا العصر بهذا الخطر وبالآثار السيئة المترتّبة عليه.

ويسعى المقنّنون والحقوقيون وعلماء النفس كل من خلال الوسائل المتيسّرة لديه من أجل إحكام بناء المؤسسة الزوجية وتقويتها وتحصينها، ولكن (من حكم القضاء، أنّ السكنجبين زاد في الصفراء)(1) فالإحصاءات تدل على ازدياد نسبة الطلاق سنة بعد أخرى، كما يخيّم خطر الانفصال على كثير من العوائل.

ومن المعروف أنّه حين يتوجّه إلى مكافحة أحد الأمراض والوقاية منه بالمساعي المادية والمعنوية، يخف أثره وقد يمحى نهائياً، أمّا مرض الطلاق فعلى العكس من ذلك.

____________________

(1) مثل إيراني والسكنجبين شراب يصنع من مغلي الخل والسكر ويفترض أنّه يطرد الصفراء.

٢٧٧

ازدياد الطلاق في العالم الحديث

في الماضي كان التفكير في الطلاق وعواقبه السيئة وأسباب وجوده وزيادة وقوعه وطرق الوقاية منه، أقل ممّا نحن عليه الآن، إلاّ أنّ حالات الطلاق آنذاك كانت أقل، وانهيار الأعشاش كان في دائرة أضيق ممّا هو عليه الآن.

من المسلّم به أنّ الفرق بين الأمس واليوم هو أنّ أسباب الطلاق قد ازدادت اليوم، وقد اتخذت الحياة الاجتماعية شكلاً يزيد في مسببات الانفصال والفرقة وتصدّع العلاقات العائلية؛ وهذا ما جعل مساعي العلماء وأهل الخير عقيمة. وممّا يؤسف له أنّ مستقبلاً أخطر ينتظرنا من هذه الناحية.

في العدد 105 من مجلة (زن روز) نقلت مقالة شيّقة عن مجلة نيوز ويك تحت عنوان (الطلاق في أمريكا) ذكرت أنّ: (الحصول على الطلاق في أمريكا سهل سهولة الحصول على التاكسي).

وتقول المجلة أيضاً: (ينتشر بين شعوب أمريكا مثلان حول الطلاق، أحدهما، يقول: (حتى أسوأ أنواع الصلح بين المرأة وزوجها أفضل من الطلاق) والذي أطلق هذا المثل هو شخص اسمه (سرفانتس) قبل حوالي ربع قرن. أمّا المثل الثاني فقد قاله رجل اسمه (سامى كوهين) في النصف الثاني من القرن العشرين، وذلك في مقابل المثل الأول ومضاداً له وهو: (الحب الثاني أهنأ للقلب).

٢٧٨

ويظهر من المقالة المذكورة أنّ المثل الثاني قد فعل فعله في أمريكا، إذ استمرّت تقول: (إنّ سراب الطلاق لا يجتذب (حديثي العهد بالزواج) فحسب، بل يجتذب كذلك أُمّهاتهم، يجتذب الزوجات والأزواج القدامى، بحيث إنّ نسبة الطلاق في أمريكا منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن لم تهبط عن 000/400 حالة سنوياً 40% منها زيجات مضى عليها عشر سنوات أو أكثر، و13% منها كان الزواج قد دام فيها أكثر من عشرين عاماً. والسن المتوسّط لمليوني مطلقة أميركية هو 45 سنة، و62% من المطلقات كنّ وقت الطلاق أُمّهات لأطفال دون الثامنة عشرة من العمر. إنّ النساء المذكورات يشكّلن في الواقع جيلاً خاصاً).

وتستمر المجلة قائلة: (بالرغم من أنّ المرأة الأمريكية - من شابات أو متوسّطات في العمر - لسن سعيدات وتستشف كآبتهن من كثرة النساء اللائي يراجعن عيادات الأطباء المتخصصين بالأمراض النفسية والعصبية، أو اللجوء إلى الكحول، أو ازدياد نسبة الانتحار بينهن. فمن بين كل أربع مطلقات تلجأ واحدة إلى تعاطي الكحول، كما أنّ نسبة الانتحار بينهن تعادل ثلاثة أضعافها عند المتزوّجات. وباختصار: إنّ المرأة الأمريكية ما إن تخرج من المحكمة ظافرة بالطلاق، حتى تدرك أنّ الحياة بعد الطلاق ليست جنّة كما كانت تتصوّرها... فالعالم الذي يعتبر الزواج أقوى الروابط الإنسانية بعد القوانين الطبيعية من الصعب جداً أن ينظر باحترام إلى امرأة قضت على هذه الرابطة. [ من الممكن أن يكر المجتمع هذه المرأة ويعبدها وحتى أنّه

٢٧٩

قد يغبطها ]* ، إلا أنّ - من المؤكّد - أنّ أي شخص لا ينظر إليها نظر مَن يرغب في إشراكها في حياته الخاصة، والتي يسعى من خلالها إلى السعادة).

وتطرح هذه المقالة هذا السؤال: (هل إنّ سبب ازدياد الطلاق هو عدم الانسجام الأخلاقي بين الزوجة والزوج أم شيء آخر؟) وتقول: (إذا اعتبرنا عدم الانسجام هو سبب الانفصال بين (الأزواج الجدد) فبماذا نعلّل انفصال (الأزواج القدامى)؟

فمع الأخذ بنظر الاعتبار المكاسب التي تعطيها القوانين الأمريكية للمطلّقة يكون جواب السؤال هو: إنّ سبب الطلاق في الزيجات ذات العشر أو العشرين سنة ليس عدم الانسجام بين الزوجين، وإنّما عدم الرغبة في تحمّل الخلافات القديمة، والرغبة في الحصول على ملذّات أكثر ومتع جديدة. ففي عصر أقراص منع الحمل وعهد الثورة الجنسية وعلو مكانة المرأة، شاع بين كثير من النساء رأي مفاده أنّ المتعة واللذة مقدّمة على المحافظة على المؤسسة العائلية، فترى زوجين عاشا معاً لسنين وأنجبا أطفالاً، واشتركا في الحزن والسرور، ثم تجد المرأة فجأة تسعى للحصول على الطلاق بدون أن يكون قد طرأ على وضع زوجها المادي أو المعنوي طارئ، السبب في ذلك يعود إلى أنّها كانت حتى الليلة البارحة مستعدة لأن تتحمّل الحياة الرتيبة، أمّا الآن فلم تعد مستعدّة لذلك... إنّ المرأة الأمريكية اليوم أكثر طلباً للّذة من امرأة الأمس وأقلّ تحمّلاً للعوز من جدّتها).

____________________

* هذه العبارة مبهمة بالنسبة إلينا على الأقل. [ الشبكة ].

٢٨٠