تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ٢

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني12%

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 486

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 486 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77041 / تحميل: 9982
الحجم الحجم الحجم
تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
العربية

تاريخ الشيعة

السياسيّ الثقافيّ الدينيّ

تأليف

العلاّمة الشيخ سُليمان ظاهر

عضو المجمع العلمي العربي بدمشق

حقّقه وضبطه

عبد سليمان ظاهر

المجلّد الثاني

منشورات

مؤسسة الأعلمي للمطبوعات

بيروت - لبنان

ص. ب ٧١٢٠

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

تاريخُ بني حَمْدان

دولة بني حمدان

قال ابن خلدون: كان بنو تغلب بن وائل من أعظم بطون ربيعة بن نزار، ولهم محلّ في الكثرة والعدد، وكانت مواطنهم بالجزيرة في ديار ربيعة، وكانوا على دين النصرانية في الجاهلية وصاغيتهم مع قيصر.

وحاربوا المسلمين مع غسّان وهرقل أيّام الفتوحات في نصارى العرب يومئذٍ من غسّان وإياد وقضاعة وزابلة وسائر نصارى العرب.

ثمّ ارتحلوا مع هرقل إلى بلاد الروم، ثمّ رجعوا إلى بلادهم، وفرض عليهم عمر بن الخطّاب الجزية، فقالوا: يا أمير المؤمنين لا تذلّنا بين العرب باسم الجزية واجعلها صدقة مضاعفة. ففعل.

وكان قائدهم يومئذٍ حنظلة بن قيس بن هرير من بني مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب، وكان من رهطه عمرو بن بسطام صاحب أسند أيّام بني أمية، ثمّ كان منهم بعد ذلك في الإسلام ثلاثة بيوت: آل عمر بن الخطّاب العدوي، وآل هارون المغمر، وآل حمدان بن حمدون بن الحرث بن لقمان بن أسد.

ولم يذكر ابن حزم هؤلاء البيوت الثلاثة في بطون بني تغلب في كتاب الجمهرة، ووقفت على حاشية في هذا الموضع من كتابه، فيها ذكر هؤلاء الثلاثة كالاستلحاق عليه.

وقال في بني حمدان: وقيل إنّهم موالي بني أسد، ثمّ قال آخر الحاشية: إنّه من خط المصنف، يعني ابن حزم، ولمّا فشا دين الخارجية بالجزيرة أيّام مروان بن الحكم، وفرّق جموعه ومحا آثار تلك الدعوة، ثمّ

٤

ظهر في تلك الجزيرة بعد حين أثر من تلك الدعوة، وخرج مساور بن عبد الله بن مساور البجلي من الشراة(١) أيّام الفتنة بعد مقتل المتوكل، واستولى على أكثر أعمال الموصل، وجعل دار هجرته الحديثة، وكان على الموصل يومئذٍ عقبة بن محمّد بن جعفر بن محمّد بن الأشعث الخزاعي الذي ولّى المنصور جدّه محمّداً على أفريقية ؛ وعليه خرج مساور، ثمّ ولّى على الموصل أيوب بن أحمد بن عمر بن الخطّاب التغلبي سنة أربع وخمسين ومئتين، واستخلف عليه ابنه الحسن، فسار إلى مساور في جموع قومه وفيهم حمدون بن الحرث، فهزموا الخوارج وفرّقوا جمعهم.

ثمّ ولّى أيّام المهتدي عبد الله بن سليمان بن عمران الأزدي، فغلبه الخوارج، وملك مساور الموصل ورجع إلى الحديثة. ثمّ انتقض أهل الموصل أيّام المعتمد سنة تسع وخمسين ومئتين، وأخرجوا العامل وهو أساتكين الهيثم بن عبد الله بن المعتمد العدوي من بني تغلب، فامتنعوا عليه، وولّوا مكانه إسحاق بن أيوب من آل الخطّاب، فزحف معه حمدان ابن حمدون، وحاصرها مدّةً ثمّ كانت فتنة إسحاق بن كنداجق وانتفاضه على المعتمد.

واجتمع لمدافعته علي بن داود صاحب الموصل وحمدان بن حمدون وإسحاق بن أيوب، فهزمهم إسحاق بن كنداجق وافترقوا، فاتبع إسحاق بن أيوب إلى نصيبين ثمّ إلى آمد، واستجار فيها بعيسى بن الشيخ الشيباني، وبعث إلى المعز موسى بن زرارة صاحب أرزن فامتنع بإنجادهما.

ثمّ ولّى المعتمد ابن كنداجق على الموصل سنة سبع وستين ومئتين، فاجتمع لحربه إسحاق بن أيوب وعيسى بن الشيخ وأبو العز بن زرارة وحمدان بن حمدون في ربيعة وتغلب، فهزموا ابن كنداجق(٢) وحاصره هو، ولجأوا إلى آمد عند عيسى بن الشيخ الشيباني، وحاصرهم بها، وتوالت عليهم الحروب، وهلك مساور الخارجي أثناء هذه الفتن في حربه مع العساكر سنة ثلاث وستّين ومئتين.

____________________

(١) في الأصل: الشراب.

(٢) ذكرت في كامل ابن الأثير، في حوادث سنة ٢٦٧ المجلّد ٧ الصفحة ٤٥.

٥

واجتّمَع الخوارج بعده على هارون بن عبد الله البجلي، واستولى على الموصل، وكثر تابعه، وخرج عليه محمّد بن خردان من أصحابه فغلبه على الموصل، فقصد حمدان بن حمدون مستنجداً به، فسار معه وردّه إلى الموصل، ولحق محمذد بالحديثة، ورجع أصحابه إلى هارون.

ثمّ سار هارون من الموصل إلى محمّد فأوقع به وقتله، وعاث في الأكراد الجلاليّة أصحابه، وغلب على القرى والرساتيق، وجعل رجله يأخذ الزكاة والعشر.

ثمّ زحف بنو شيبان لقتاله سنة اثنتين وسبعين ومئتين ؛ فاستنجد بحمدان بن حمدون، وانهزم قبل وصوله إليه.

ثمّ كانت الفتنة بين إسحاق بن كنداجق ويوسف بن أبي الساج، وأخذ ابن أبي الساج بدعوة ابن طولون، وغلب على الجزيرة والموصل، ثمّ عاد وملكها لابن كنداجق، وولى عليها هارون بن سيما سنة تسع وسبعين ومئتين، فطرده أهلها، واستنجد ببني شيبان فساروا معه إلى الموصل، واستمدّ أهلها الخوارج وبني تغلب، فسار لإمدادهم هارون الساري وحمدان. فهزمهم بنو شيبان، وخاف أهل الموصل من ابن سيما فبعثوا إلى بغداد، وولّى عليهم المعتمد علي بن داود الأزري. ولما بلغ المعتضد ممالئة حمدان بن حمدون لهارون الساري وما فعله بنو شيبان، وقد كان خرج لإصلاح الجزيرة وأعطاه بنو شيبان رهنهم على الطاعة، زحف إلى حمدان وهزمه فلحق بماردين وترك بها ابنه الحسين وهرب، فسار مع وصيف ونصر القسوري، ومرّوا بدير الزعفران وبه الحسين بن حمدان، فاستأمن لهم. وبعثوا به إلى المعتضد، وأمر بهدم القلعة ولقي وصيف حمدان فهزمه وعبر إلى الجانب الغربي، ثمّ سار إلى معسكر المعتصد، وكان إسحاق بن أيوب التغلبي قد سبق إلى طاعة السلطان وهو في معسكره، فقصد خيمته ملقياً بنفسه عليه، فأحضره عند المعتضد فحبسه.

ثمّ سار نصر القسوري في اتباع هارون، فهزم الخوارج ولحق بأذربيجان، واستأمن آخرون إلى المعتضد، ودخل هارون البرية، ثمّ سار المعتضد سنة ثلاث وثمانين ومئين في طلب هارون، وبعث في مقدّمته

٦

وصيفاً وسرّح معه الحسين بن حمدان بن بكرين، واشترط له إطلاق ابنه إن جاء بهارون.

فاتبعه وأسره وجاء به إلى المعتضد، فخلع عليه وعلى أخوته وطوقه، وفك القيود عن حمدان ووعده بإطلاقه.

ومات إسحاق بن أيوب العدوي وكان على ديار ربيعة، فولّى المعتضد مكانه عبد الله بن الهيثم بن عبد الله بن المعتمد.

مبدأ الدولة وولاية أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان على الموصل:

ولمّا ولي المكتفي عقد لأبي الهيجاء عبد الله بن حمدان على الموصل وأعمالها، وكان الأكراد الهدبانية قد عاثوا في نواحها ومقدّمهم محمّد بن سلال، فقاتلهم وعبر وراءهم إلى الجانب الشرقي، وقاتلهم علي الخازر وقتل مولاه سيما ورجع، ثمّ أمدّه الخليفة فسار في أثرهم سنة أربع وتسعين ومئتين، وقاتلهم على أذربيجان وهزم محمّد بن سلال بأهله وولده، واستباحهم ابن حمدان، ثمّ استأمن محمّداً وجاءه إلى الموصل واستأمن سائر الأكراد الحميدية.

واستقام أمر أبي الهيجاء، ثمّ كانت فتنة الخلع ببغداد سنة ست وتسعين ومئتين، وقتل الوزير العبّاس بن الحسن، وخلع المقتدر وبويع عبد الله بن المعتز يوماً أو بعض يوم، وعاد المقتدر.

وكان الحسين بن حمدان على ديار ربيعة، وكان ممّن تولّى كبر هذه الفتنة مع القواد، وباشر قتل الوزير مع مَن قتله فهرب، وطلبه المقتدر وبعث في طلبه القاسم بن سيما وجماعة من القواد، فلم يظفروا به.

فكتب إلى أبي الهيجاء وهو على الموصل فسار مع القاسم، ولقيهم الحسين عند تكريت، فانهزم واستأمن فأمنه المقتدر وخلع عليه وولاّه أعمال قم وقاشان، ثمّ ردّه بعد ذلك إلى ديار ربيعة.

انتقاض أبي الهيجاء ثمّ الحسين بن حمدان:

ولمّا كانت سنة تسع وتسعين ومئتين خالف أبو الهيجاء بالموصل سنة اثنتين وثلاثمئة، وكان الحسين بن حمدان على ديار ربيعة، كما قدّمناه،

٧

فطالبه الوزير عيسى بن عيسى بحمل المال، فدافعه فأمره بتسليم البلاد إلى العمّال فامتنع، فجهّز إليه الجيش فهزمهم ؛ فكتب إلى مؤنس العجلي وهو بمصر يقاتل العساكر العلويّة ؛ بأن يسير إلى قتال الحسين بعد فراغه من أمره. فسار إليه سنة ثلاث وثلاثمئة، فارتحل بأهله إلى أرمينية، وترك البلاد. وبعث مؤنس العساكر في أثره، فأدركوه وقاتلوه فهزموه، وأسر هو وابنه عبد الوهاب وأهله وأصحابه، فأدخل على محل وقبض المقتدر يومئذٍ على أبي الهيجاء وجميع بني حمدان، فحبسهم جميعاً، ثمّ أطلق أبا الهيجاء سنة خمس وثلاثمئة بعدها، وقتل الحسين سنة ست وثلاثمئة، وولّى إبراهيم بن حمدان سنة سبع وثلاثمئة على ديار ربيعة، وولّى مكانه داود بن حمدان.

ولاية أبي الهيجاء ثانية عل الموصل ثمّ مقتله:

ثمّ ولّى المقتدر أبا الهيجاء عبد الله بن حمدان على الموصل سنة أربع عشرة وثلاثمئة، فبعث ابنه ناصر الدولة الحسين عليها، وأقام هو ببغداد، ثمّ بلغه إفساد العرب والأكراد في نواحيها، وفي نواحي عمله الآخر بخراسان، فبعث إلى أبيه ناصر الدولة فأوقع بالعرب في الجزيرة ونكل بهم، وجاءه في العساكر إلى تكريت، فخرج ورحل بهم إلى شهر زور، وأوقع بالأكراد الجلاليّة حتّى استقاموا على الطاعة.

ثمّ كان خلع المقتدر سنة سبع عشرة وثلاثمئة بأخيه القاهر، ثمّ عاد ثاني يوم، وأحيط بالقاهرة في قصره، فتذمّم بأبي الهيجاء وكان عنده يومئذٍ، وأطال المقام يحاول على النجاة به فلم يتمكّن من ذلك.

وانقضّ الناس على القاهرة، ومضى أبو الهيجاء يفتّش عن بعض المنافق في القصر يتخلّص منه، فاتّبعه جماعة وفتكوا به، وقتلوه منتصف المحرّم من السنة سبع عشرة وثلاثمئة، وولّى المقتدر مولاه نحريراً على الموصل.

ولاية سعيد ونصر ابنَي حمدان على الموصل:

ثمّ إنّ أبا العلاء سعيد بن حمدان ضمن الموصل وديار ربيعة وما بيد ناصر الدولة، فولاّه الراضي سنة ثلاث وعشرين وثلاثمئة، وسار إلى الموصل. فخرج ناصر الدولة لتلقّيه، وخالفه أبو العلاء إلى بيته وقعد

٨

ينتظره، فأنفذه ناصر الدولة جماعةً من غلمانه فقتلوه.

وبلغ الخبر إلى الراضي فأعظم ذلك وأمر الوزير ابن مقلة بالمسير إلى الموصل فسار إليها، وارتحل ناصر الدولة واتبعه الوزير إلى جبل السن، ورجع عنه وأقام بالموصل. واحتال بعض أصحاب ابن حمدان ببغداد على ابن الوزير وبذل له عشرة آلاف دينار على أن يستحثّ أباه، ففعل وكتب إليه بأمورٍ أزعجته، فاستعمل على الموصل من وثق به من أهل الدولة ورجع إلى بغداد في منتصف شوّال.

ورجع ناصر الدولة إلى الموصل فاستولى عليها، وكتب إلى الراضي في الصفح وأن يضمن البلاد، فأجيب إلى ذلك واستقر في ولايته.

مسير الراضي إلى الموصل:

وفي سنة سبع وعشرين وثلاثمئة تأخّر ضمان البلاد من ناصر الدولة، فغضب الراضي وسار ومدبّر دولته تحكم، وسار إلى الموصل وتقدّم تحكم إلى تكريت ؛ فخرج إليه ناصر الدولة فانهزم أصحابه، وسار إلى نصيبين وأتبعه تحكم فلحق به. وكتب تحكم إلى الراضي بالفتح، فسار في السفن يريد الموصل، وكان ابن رائق مختفياً ببغداد منذ غلبه ابن البريدي على الدولة، فظهر عند ذلك واستولى على بغداد.

وبلغ الخبر إلى الراضي، فأصعد من الماء إلى البر واستقدم تحكم من نصيبين ؛ واستعاد ناصر الدولة ديار ربيعة وهو يعلم بخبر ابن رائق، وبعث في الصلح على تعجيل خمسمئة ألف درهم فأجابه إلى ذلك.

وسار الراضي وتحكم إلى بغداد، ولقيهم أبو جعفر محمد بن يحيى ابن شريق رسولاً من ابن رائق في الصلح، على أن يولّى ديار مضر، وهي حرّان والرها والرقّة، وتضاف إليها قنسرين والعواصم فأجب إلى ذلك، وسار عن بغداد إلى ولايته، ودخل الراضي وتحكم بغداد، ورجع ناصر الدولة بن حمدان إلى الموصل.

سير المتّقي إلى الموصل وولاية ناصر الدولة إمارة الأمراء:

كان ابن رائق من بعد مسيره إلى ديار مضر والعواصم، سار إلى الشام

٩

وملك دمشق من يد الأخشيد ثمّ الرملة. ثمّ لقيه الأخشيد على عريش مصر وهزمه ورجع إلى دمشق، ثمّ اصطلحا على أن يجعلا الرملة تخماً بين الشام ومصر، وذلك سنة ثمان وعشرين وثلاثمئة.

ثمّ توفّي الراضي سنة تسع وعشرين وثلاثمئة، وولي المتّقي وقتل تحكم، وجاء البريدي إلى بغداد وهرب الأتراك التحكمية إلى الموصل وفيهم توزون وحجمج. ثمّ لحق بأبي بكر محمّد بن رائق واستحثّوه إلى العراق، وغلب بعدهم على الخلافة الأتراك الديلمية، وجاء أبو الحسن البريدي من واسط فأقام ببغداد أربعة وعشرين يوماً أمير الأمراء، ثمّ شغب عليه الجند فرجع إلى واسط، وغلب كورتكين ثمّ حجر المتقي وكتب إلى ابن رائق يستدعيه، فسار من دمشق في رمضان سنة تسع وعشرين وثلاثمئة، واستخلف عليها أبا الحسن أحمد بن علي بن حمدان على أن يحمل إليه مئة ألف دينار.

وسار ابن رائق إلى بغداد وغلب كورتكين والديلمية، وحبس كورتكين بدار الخلافة. ثمّ شغب عليه الجند، وبعث أبو عبد الله البريدي أخاه أبا الحسن إلى بغداد في العساكر فغلبوا عليها. وهرب المتّقي وابنه أبو منصور. وزاد في المسيرة، فنثر الدراهم على ابن الخليفة، وبالغ في مبرّته حتّى ركب للانصراف وأمسك ابن رائق للحديث معه فاستدعاه المتّقي وخلع عليه ولقبه ناصر الدولة وجعله أمير الأمراء، وخلع على أخيه أبي الحسن ولقبه سيف الدولة، وكان قتل ابن رائق لتسع بقين من رجب، وولاية ناصر الدولة مستهل شعبان من سنة ثمانين وثلاثمئة.

ثمّ سار الأخشيدي من مصر إلى دمشق فملكها من يد عامل ابن رائق، وسار ناصر الدولة مع المتّقي إلى بغداد.

أخبار بني حمدان ببغداد:

ولمّا قتل ابن رائق وولّي أبو الحسن البريدي على بغداد وقد سخطه العامّة والخاصّة، فهرب حجمج إلى المتّقي، وأجمع توزون وأصحابه إلى الموصل واستحثّوا المتّقي وناصر الدولة فأنجدوهم إلى بغداد، وولّى على الخراج والضياع بديار مضر وهي الرها وحران والرقّة أبا الحسن علي بن

١٠

خلف بن طياب وكان عليها أبو الحسن علي بن أحمد بن مقاتل من قبل ابن رائق فقاتله ابن طياب وقتله.

ولمّا قرب المتّقي وناصر الدولة من بغداد، هرب أبو الحسن بن البريدي إلى واسط بعد مقامه مئة يوم وعشرة أيّام.

ودخل المتّقي بغداد ومعه بنو حمدان، وقلّد توزون شرطة جانبي بغداد وذلك في شوّال من السنة، ثمّ سار بنو حمدان إلى واسط، فنزل ناصر الدولة بالمدائن، وبعث أخاه سيف الدولة إلى قتال البريدي وقد سار من واسط إليهم فقاتلوه تحت المدائن ومعهم توزون وحجمج والأتراك فانهزموا أولاً، ثمّ أمدّهم ناصر الدولة بمن كان معه من المدائن فانهزم البريدي إلى واسط، وعاد ناصر الدولة إلى بغداد منتصف ذي الحجّة وبين يديه الأسرى من أصحاب البريدي.

وأقام سيف الدولة بموضع المعركة حتّى اندملت جراحه وذهب وهنه، ثمّ سار إلى واسط فلحق البريدي بالبصرة واستولى على واسط، فأقام بها معتزماً على اتباع البريدي إلى البصرة. واستمدّ أخاه ناصر الدولة في المال فلم يمدّه وكان للأتراك عليه استطالة وخصوصاً توزون وحجمج.

ثمّ جاء أبو عبد الله الكوفي بالمال من قِبَل ناصر الدولة ليفرقه في الأتراك، فاعترضه توزون وحجمج وأرادا البطش به، فأخفاه سيف الدولة عنهما وردّه إلى أخيه.

ثمّ ثار الأتراك بسيف الدولة سلخ شعبان فهرب من معسكره إلى بغداد، ونهب سواده وقتل جماعةً من أصحابه.

وكان أبو عبد الله الكوفي لمّا وصل إلى ناصر الدولة وأخبره خبر أخيه أراد أن يسير إلى الموصل، فركب المتّقي إليه، واستمهله، وعاد إلى قصره فأغذّ السير إلى الموصل بعد ثلاثة عشر شهراً من إمارته.

وثار الديلم والأتراك ونهبوا داره، ولمّا هرب سيف الدولة من معسكره بواسط عاد الأتراك إلى معسكرهم وولوا توزون أميراً وحجمج صاحب جيش.

ولحق سيف الدولة ببغداد منتصف رمضان بعد مسير أخيه، وبلغه خبر توزون، ثمّ اختلف الأتراك وقبض توزون على إمارة الأمراء ببغداد.

١١

خبر عدل التحكمي بالرحبة:

كان عدل هذا مولى تحكم ثمّ صار مع ابن رائق وأصعد معه إلى الموصل، ولمّا قتل ابن رائق صار في جملة ناصر الدولة بن حمدان فبعثه مع علي بن خلف بن طياب إلى ديار مضر، فاستولى ابن طياب عليها وقتل نائب ابن رائق وكان بالرحبة من ديار مضر رجل من قِبَل ابن رائق يُقال له مسافر بن الحين فامتنع بها وجبى خراجها واستولى على تلك الناحية، فأرسل إليه ابن طياب عدلاً التحكمي فاستولى عليها، وفر مسافر عنها.

واجتمع التحكمية إلى عدل، واستولى على طريق الفرات وبعض الخابور. ثمّ استنصر مسافر بجمع من بني نمير وسار إلى قرقيسيا وملكها، وارتجعها عدل من يده ثمّ اعتزم عدل إلى ملك الخابور، وانتصر أهله ببني نمير، فأعرض عدل عن ذلك حيناً حتّى أمنوا، ثمّ أسرى إلى فسيح سمصاب وهي من أعظم قرى خابور فقاتلها وثقب السور وملكها ثمّ ملك غيرها.

وأقام في الخابور ستّة أشهر، وجبى الأموال وقوي جمعه واتسعت حاله، ثمّ طمع في ملك بني حمدان فسار يريد نصيبين لغيبة سيف الدولة عن الموصل وبلاد الجزيرة، ونكب عن الرحبة وحران ؛ لأنّ يأنس المؤنسي كان بها في عسكر ومعه جمع من بني نمير فحاد عنها إلى رأس عين ومنها إلى نصيبين.

وبلغ الخبر إلى أبي عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان فجمع وسار إليه فلمّا التقى الجمعان استأمن أصحاب عدل إلى ابن حمدان، ولم يبق معه إلاّ القليل، فقبض عليه وسمله وبعث به مع ابنه إلى بغداد في آخر شعبان سنة إحدى وثلاثين ومئتين (كذا).

مسير المتّقي إلى الموصل وعوده:

ولمّا انصرف ناصر الدولة وسيف الدولة عن المتّقي من بغداد، وجاء توزون من واسط واستولى على الدولة، ثمّ رجع إلى واسط، ووقعت بينه وبين ابن البريدي بالبصرة مواصلة وصهر ؛ استوحش لها المتّقي.

وكان بعض أصحاب توزون مسافراً له، فأكثر فيه السعاية عند المتّقي والوزير ابن مقلة

١٢

وخوفهما اتصال يده بابن البريدي، وقارن ذلك اتصال ابن شيرزاده بتوزون ومسيره إليه بواسط، فذكروا الخليفة بما فعل ابن البريدي معه في المرّة الأُخرى وخوّفوه عاقبة أمرهم، فكتب إلى ابن حمدان أن ينفذ إليه عسكراً يسير صحبته إليهم.

فأنفذه مع ابن عمّه الحسين بن سعيد بن حمدان، ووصلوا إلى بغداد سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمئة.

وخرج المتّقي معهم بأهله وأعيان دولته ومعهم الوزير ابن مقلة، وانتهى إلى تكريت. فلقيه سيف الدولة هنالك، وجاء ناصر الدولة إليها. وملك توزون الموصل، وبعث إليه المتقي يعاتبه على اتصاله بابن البريدي وأنّه إنّما استوحش من ذلك فإن آثر رضاه واصل ابن حمدان، فأجاب توزون إلى ذلك. وعقد الضمان لناصر الدولة على ما بيده من البلاد لثلاث سنين كلّ سنة بثلاثة آلاف ألف وستمئة ألف درهم.

وعاد توزون إلى بغداد، وأقام المتّقي بالرقّة، ثمّ أحسّ ابن حمدان ضجراً به، وبلغ سيف الدولة أنّ محمّد بن نيال الترجمان أغرى المتّقي بسيف الدولة وهو الذي كان قد أفسد بين المتّقي وتوزون، فقبض عليه سيف الدولة وقتله. وارتاب المتّقي بذلك فكتب إلى توزون، فقبض عليه سيف الدولة وقتله. وارتاب المتّقي بذلك فكتب إلى توزون يستصلحه، وكتب إلى الأخشيد محمد بن طغج صاحب مصر يستقدمه.

فسار إليه الأخشيد، ولمّا وصل إلى حلب وعليها من قبل سيف الدولة ابن عمّهم أبو عبد الله سعيد بن حمدان فرحل عنها.

وتخلّف عنه ابن مقاتل الذي كان بدمشق مع ابن رئق، ولمّا وصل الأخشيد إلى حلب لقيه ابن مقاتل فأكرمه واستعمله على خراج مصر، ثمّ سار إلى المتّقي بالرقّة فلقيه منتصف ثلاث وثلاثين وثلاثمئة، فبالغ المتّقي في إكرامه وبالغ هو في الأدب معه وحمل إليه الهدايا وإلى وزيره وحاشيته وسأله المسير إلى مصر أو الشام فأبى، فأشار عليه أن لا يرجع إلى توزون،

١٣

فأبى، وأشار على ابن مقلة أن يسير معه إلى مصر ليحكمه في دولته وخوفه من توزون فلم يعمل. وجاءهم رسل توزون في الصلح وأنّهم استحلفوه للخليفة والوزير، فانحدر المتّقي إلى بغداد آخر المحرم.

وعاد الأخشيد إلى مصر، ولمّا وصل المتّقي إلى هيت لقِيَه توزون فقبّل الأرض ورأى أنّه تحلّل عن يمينه بتلك الطاعة، ثمّ وكل به وسمل المتّقي، ورجع إلى بغداد فبايع للمستكفي.

ولمّا ارتحل المتّقي عن الرقّة ولّى عليها ناصر الدولة ابن عمّه أبا عبد الله بن سعيد بن حمدان وعلى طريق الفرات وديار مضر وقنسرين وجند والعواصم وحمص ؛ فلمّا وصل إلى الرقّة طمع أهلها فيه، فقاتلهم وظفر بهم، ورجع إلى حلب وكان قد ولّى على هذه البلاد قبله أبا بكر محمّد بن علي بن مقاتل.

استيلاء سيف الدولة على حلب وحمص:

ولمّا ارتحل المتّقي من الرقّة وانصرف الأخشيد إلى الشام بقي يأنس المؤنسي بحلب، فقصده سيف الدولة وملكها من يده، ثمّ سار إلى حمص فلقيه بها كافور مولى الأخشيد فهزمه سيف الدولة.

وسر إلى دمشق فامتنعوا عليه فرجع. وجاء الأخشيد من مصر إلى الشام وسار في اتباع سيف الدولة، فاصطفا بقنسرين، ثمّ تحاجزوا، ورجع سيف الدولة إلى الجزيرة والأخشيد إلى دمشق.

ثمّ سار سيف الدولة إلى حلب فملكها، وسارت عساكر الروم إليها فقاتلهم وظفر بهم، ثمّ بلغ ناصر الدولة بن حمدان ما فعله توزون من سمل المتّقي وبيعة المستكفي فامتنع من حمل المال وهرب إليه غلمان توزون فاستخدمهم ونقض الشروط في ذلك.

وخرج توزون والمتسكفي قاصدين الموصل، وترددت الرسل بينهما في الصلح، فتمّ ذلك آخر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمئة.

وعاد توزون والمستكفي إلى بغداد، فتوفّي توزون أثر عوده وولي بعده ابن شيرزاده، واستعمل على واسط قائداً وعلى تكريت آخر. فأمّا الذي

١٤

على واسط فكاتب معزّ الدولة بن بويه واستقدمه، فقَدِم بغداد واستولى على الدولة، فخلع المستكفي وبايع للمطيع، وأمّا الذي على تكريت فسار إلى ناصر الدولة بن حمدان بالموصل وسار معه وولاّه عليها من قبله.

الفتنة بين ابن حمدان وابن بويه:

ولمّا خلع معزّ الدولة بن بويه المستكفي عند استيلائه على بغداد، امتعض ناصر الدولة بن حمدان لذلك، وسار من الموصل إلى العراق.

وبعث معزّ الدولة بن بويه قوّاده، فالتقى الجمعان بعكبرا واقتتلوا، وخرج معزّ الدولة مع المطيع إلى عكبرا وكان ابن شيرزاده ببغداد وأقام بها ولحق بناصر الدولة بن حمدان، وجاء بعساكره إلى بغداد فنزلوا بالجانب الغربي، وناصر الدولة بالجانب الشرقي.

ووقع الغلاء في معسكر معزّ الدولة والخليفة لانقطاع الميرة، وبقي عسكر ابن حمدان في رخاءٍ من العيش لاتصال المسيرة من الموصل.

واستعان ابن شيرزاده بالعامة والعيارين على حرب معز الدولة والديلم. وضاق الأمر بمعزّ الدولة حتّى اعتزم على الرجوع إلى الأهواز، ثمّ أمر أصحابه بالعبور من قطربل على دجلة، وتسابق أصحاب ناصر الدولة إلى مدافعتهم ومنعهم.

وبقي في خف من الناس فأجاز إليه شجعان الديلم من أقرب الأماكن فهزموه.

وملك معزّ الدولة الجانب الشرقي، وأعاد المطيع إلى داره في محرّم سنة خمس وثلاثين وثلاثمئة.

ورجع ناصر الدولة إلى عكبرا، وأرسل في الصلح، فوقف الأتراك التوزونية الذين معه على خبر رسالته، فهمّوا بقتله، فأغذّ السير إلى الموصل ومعه ابن شيرزاده، وأحكم الصلح مع معزّ الدولة.

استيلاء سيف الدولة على دمشق:

وفي سنة خمس وثلاثين وثلاثمئة توفّي الأخشيد أبو بكر محمد بن طغج صاحب مصر والشام، فنصب للأمر بعده ابنه أبو القاسم أنوجور،

١٥

واستولى عليه كافور الأسود وخادم أبيه، وسار بهما إلى مصر.

وجاء سيف الدولة إلى دمشق فملكها، وارتاب أهلها فاستدعوا كافوراً فجاءهم، وخرج سيف الدولة إلى حلب ثمّ اتبعوه ففرّ إلى الجزيرة. وأقام أنوجور على حلب، ثمّ اتفقوا واصطلحوا وعاد أنوجور إلى مصر وسيف الدولة إلى حلب.

وأقام كافور بدمشق قليلاً ثمّ عاد إلى مصر، واستعمل على دمشق بدراً الأخشيدي، ويعرف ببدير، ثمّ عزله بعد سنة، وولّى أبا المظفّر طغج.

الفتنة بين ناصر الدولة بن حمدان وبين تكين والأتراك:

كان مع ناصر الدولة جماعة من الأتراك أصحاب توزون، فرّوا إليه كما قدّمنا، فلمّا وقعت المراسلة بينه وبين معزّ الدولة في الصلح، ثاروا به وهرب منهم وعبر إلى الجانب الغربي، ونزل واستجار بالقرامطة فأجاروه، وبعثوا معه إلى مأمنه، وفي جملته ابن شيرزاده ؛ فقبض ناصر الدولة عليه، واجتمع الأتراك بعده فقدموا عليهم تكين الشيرازي، وقبضوا على من تخلّف من أصحاب ناصر الدولة واتبعوه إلى الموصل، فسار عنها إلى نصيبين.

ودخل الأتراك الموصل، وبعث ناصر الدولة إلى معزّ الدولة يستصرخه، فبعث إليه الجيوش مع وزيره أبي جعفر الصيمري.

وخرج الأتراك من الموصل في اتّباع ناصر الدولة إلى نصيبين، فمضى إلى سنجار ثمّ إلى الحديثة ثمّ إلى السن وهم في اتباعه. وبقي هنالك العساكر فقاتلوا الأتراك وهزموهم، وسيق قائدهم تكين إلى ناصر الدولة فسمله لوقته، ثمّ حبسه وسار مع الصيمري إلى الموصل فأعطاه ابن شيرزاده وارتحل به إلى بغداد.

ثمّ ذكر خبر انتقاض جمان بالرحبة ومهلكه وتركناه لعدم غنائه.

فتنة ناصر الدولة مع معزّ الدولة:

ثمّ وقعت الفتنة بين ناصر الدولة بن حمدان ومعزّ الدولة بن بويه. وسار إليه معزّ الدولة من بغداد سنة سبع وثلاثين وثلاثمئة، فسار هو من الموصل إلى نصيبين.

١٦

وملك معز الدولة الموصل، فظلم الرعايا وأخذ أموالهم، وأجمع الاستيلاء على بلاد ابن حمدان كلها فجاءه الخبر بأن عساكر خراسان قصدت جرجان والري. وبعث أخوه ركن الدولة، ويستمده، فصالح نصر الدولة عن الموصل والجزيرة والشام على مثانة آلاف درهم كل سنة، وعلى أن يخطب له ولأخويه عماد الدولة وركن الدولة.

وعاد إلى بغداد في ذي الحجة آخر سبع وثلاثين وثلاثمئة.

غزوات سيف الدولة:

كان أمير الثغور راجعاً إلى سيف الدولة بن حمدان، ووقع الفداء سنة خمس وثلاثين وثلاثمئة في ألفين من الأسرى على يد نصر النملي. ودخل الروم سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمئة مدينة واسرغن ونهبوها وسبوها وأقاموا بها ثلاثاً وهم في ثمانين ألفاً مع الدمستق.

ثمّ سار سيف الدولة سنة سبع وثلاثين وثلاثمئة غازياً إلى بلاد الروم فقاتلوه وهزموه، ونزل الروم على مرعش فأخذوها وأوقعوا بأهل طرسوس، ثمّ دخل سنة ثمان وثلاثين وثلاثمئة وتوغل في بلاد الروم وفتح حصوناً كثيرة وغنم وسبا. ولمّا قفل أخذت الروم عليه المضايق وأثخنوا في المسلمين قتلاً وأسراً، واستردوا ما غنموه.

ونجا سيف الدولة في فل قليل، ثمّ ملك الروم سنة إحدى وأربعين وثلاثمئة مدينة سروج واستباحوها.

ثمّ دخل سيف الدولة سنة ثلاث وأربعين وثلاثمئة إلى بلاد الروم فأثخن فيها وغنم وقتل قسطنطين بن الدمستق فيمن قتل.

فجمع الدمستق عساكر الروم والروس وبلغار وقصد الثغور، فسار إليه سيف الدولة بن حمدان، والتقوا عند الحرث. فانهزم الروم واستباحهم المسلمون قتلاً وأسراً، وأُسر صهر الدمستق وبعض أسباطه وكثير من بطارقته.

ورجع سيف الدولة بالظفر والغنيمة، ثمّ دخل بلاد الروم النصرانية، ثمّ رجع إلى أذنه وأقام بها حتّى جاء نائبه على طرسوس، فخلع عليه وعاد إلى حلب.

١٧

وامتعض الروم لذلك فرجعوا إلى بلادهم، ثمّ غزا الروم طرسوس والرها وعاثوا في نواحيها سبياً وأسراً ورجعوا.

ثمّ غزا سيف الدولة بلاد الروم سنة ست وأربعين وثلاثمئة وأثخن فيها وفتح عدّة حصون، وامتلأت أيد العسكر من الغنائم والسبي، وانتهى إلى خرشنة، ورجع وقد أخذت الروم عليه المضيق، فقال له أهل طرسوس:

ارجع معنا فإنّ الدروب التي فصلت منها قد ملكها الروم عليك.

فلم يرجع إليهم، وكان معجباً برأيه، فظهر الروم عليه في الدروب واستردّوا ما أخذ منهم، ونجا في فلّ قليل يناهزون الثلاثمئة.

ثمّ دخل سنة خمسين وثلاثمئة، قائد من موالي سيف الدولة إلى بلاد الروم من ناحية ميا فارقين ؛ فغنم وسبا وخرج سالما.

الفتنة بين ناصر الدولة ومعزّ الدولة بن بويه:

قد تقدّم ما وقع من الصلح بين ناصر الدولة وبين معزّ الدولة بن بويه، وطالبه في المال فانتقض.

وسار إليه معزّ الدولة إلى الموصل منتصف السنة وملكها.

وفارقها ناصر الدولة إلى نصيبين وحمل نوّابه ومن يعرف وجوه المال وحمايته وأنزلهم في قلاعه مثل الزعفراني وكواشي، ودسّ إلى العرب بقطع الميرة عن عسكر معزّ الدولة، فضاقت عليهم الأقوات.

فرحل معزّ الدولة إلى نصيبين لما بها من الغلاّت السلطانية، واستخلف سبكتكين الحاجب الكبير على الموصل. وبلغه في طريقه أنّ أبا الرجاء وعبد الله ابني ناصر الدولة مقيمان بسنجار فقصدهما فهربا وخلّفا أثقالهما، وانتهب العسكر خيامهما، ثمّ عادا إلى معسكر معزّ الدولة، وهم غارّون فنالوا منهم، ورجعوا إلى سنجار.

وسار معزّ الدولة إلى نصيبين، ففارقها ناصر الدولة إلى ميافارقين، واستأمن كثير من أصحابه إلى معز الدولة. فسار ناصر الدولة إلى أخيه سيف الدولة بحلب، فقام بخدمته وباشرها بنفسه. وأرسل إلى معزّ الدولة في الصلح بينه وبين أخيه. فامتنع معزّ الدولة من قبول ناصر الدولة لانتقاضه وإخلافه. فضمن سيف الدولة البلاد بألفي ألف وتسعمئة ألف درهم.

١٨

وأطلق معز الدولة أسرى أصحابهم، وتم ذلك في محرّم سنة ثمان وأربعين وثلاثمئة.

ورجع معزّ الدولة إلى العراق وناصر الدولة إلى الموصل.

استيلاء الروم على عين زربة ثمّ على مدينة حلب:

وفي المحرّم من سنة إحدى وخمسين وثلاثمئة، نزل الدمستق في جموع الروم على عين زربة وملك الجبل المطل عليها، وضيّق عليها حصارها، ونصب عليها المنجنيقات، وشرع في النقب، فاستأمنها، ودخل المدينة ثمّ ندم على تأمينهم لما رأى من اختلال أموالهم، فنادى فيهم أن يخرجوا بجميع أهاليهم إلى المسجد. فمات منهم في الأبواب بكظ الزحام خلق، ومات آخرون في الطرقات، وقتل من وجدوا آخر النهار.

واستولى الروم على أموالهم وامتعتهم، وهدموا سور المدينة، وفتحوا في نواحي عين زربة أربعة وخمسين حصناً.

ورحل الدمستق بعد عشرين يوماً بنيّة العود، وخلف جيشه بقيسارية، وكان ابن الزيّات صاحب طرسوس قد قطع الخطبة لسيف الدولة بن حمدان. واعترضه الدمستق في بعض مذاهبه فأوقع به وقتل أخاه. وأعاد أهل البلد الخطبة لسيف الدولة. وألقى ابن الزيّات نفسه في النهر فغرق.

ثمّ رجع الدمستق إلى بلاد الثغور، وأغذّ السير إلى مدينة حلب، وأعجل سيف الدولة عن الاحتشاد، فقاتله في خف من أصحابه، فانهزم سيف الدولة، واستلحم آل حمدان.

واستولى الدمستق على ما في داره خارج حلب من خزائن الأموال والسلاح، وخرّب الدار وحصر المدينة.

وأحسّ أهل حلب مدافعته فتأخّر إلى جلب جيوش، ثمّ انطلقت أيدي الدعار بالبلد على النهب، وقاتلهم الناس على متاعهم، وخربت الأسوار من الحامية، فجاء الروم ودخلوها عليهم، وبادر الأسرى الذين كانوا في حلب وأثخنوا في الناس، وسبي من البلد بضعة عشر ألفاً ما بين صبيٍّ وصبيّة.

واحتمل الروم ما قدروا عليه وأحرقوا الباقي. ولجأ المسلمون إلى

١٩

قصبة البلد، فامتنعوا بها. وتقدّم ابن أخت الملك إلى القلعة يحاصرها، فرماه حجر منجنيق فمات. وقتل الدمستق به من كان معه من أسرى المسلمين وكانوا ألفاً ومئتين.

وارتحل الدمستق عنهم ولم يعرض لسواد حلب، وأمرهم بالعمارة على أنّه يعود ابن عمّه عن قريب، فخيّب الله ظنه.

وأعاد سيف الدولة عين زربة وأصلح أسوارها، وغزا حاجبه مع أهل طرسوس إلى بلاد الروم فأثخنوا فيها ورجعوا. فجاء الروم إلى حصن سبة فملكوه وملكوا - أيضاً - حصن دلوكة وثلاثة حصون مجاورة له.

ثمّ نجا غلام سيف الدولة إلى حصن زياد فلقيهم جمع من الروم، فانهزم الروم وأسر منهم خمسمئة رجل.

وفي هذه السنة: أُسر أبو فراس بن سعيد بن حمدان وكان عاملاً على منبج.

انتقاض أهل حران:

كان سيف الدولة قد ولّى هبة الله ابن أخيه ناصر الدولة حرّان وغيرها من ديار مضر، فساء أثره فيهم، وطرح الأمتعة على التجّار، وبالغ في الظلم. فانتظروا به غيبته عند عمّه سيف الدولة وثاروا بعمّاله ونوابه فطردوهم. فسار هبة الله إليهم وحاصرهم شهرين وأفحش في القتل فيهم، ثمّ سار سيف الدولة فراجعوا الطاعة وأدخلوا هبة الله وأفحش في القتل، واستقاموا.

انتقاض هبة الله:

وفي هذه السنة: بعث سيف الدولة الصوائف إلى بلاد الروم، فدخل أهل طرسوس من درب ومولاه نجا من درب، وأقام هو ببعض الدروب ؛ لأنّه كان أصابه الفالج قبل ذلك بسنتين، فكان يعالج منه شدّة إذا عاود وجعه.

وتوغّل أهل طرسوس في غزوتهم وبلغوا قونية وعادوا فعاد سيف الدولة إلى حلب، واشتدّ وجعه فأرجف الناس بموته، فوثب عبد الله ابن أخيه، وقتل ابن نجا النصراني من غلمان سيف الدولة.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

ضعفه، بل رجح وضعه »(١) .

بعض كلماتهم في راويه: ابن البيلمانى

لقد اكتفى المناوى بقوله: « وابن البيلماني حاله معروف » ولا بأس بايراد كلمات اساطين الجرح والتعديل فيه وفي أبيه:

قال البخاري: محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه. منكر الحديث، كان الحميدي يتكلم فيه»(٢) .

وقال النسائي: « محمد بن عبد الرحمن البيلماني عن أبيه. منكر الحديث »(٣) .

وقال المقدسي: « اذا كان آخر الزمان واختلف الاهواء فعليكم بدين البادية والنساء. فيه محمد بن عبد الرحمن البيلماني قال ابن معين: ليس بشيء »(٤) .

وقال عنه في مواضع عديدة بعد احاديث رواها « لا شيء في الحديث » و « لا شيء » و « ليس بشيء » و « كان يتهم » ( أنظر: ص ٢٦، ٤٢، ٤٦، ٤٩، ٨٢، ١١٢، ١٢٢، ١٢٣، ١٣٦، ١٤١ ).

وقال ابن الجوزي بعد الحديث المذكور: « قال المصنف: هذا حديث لا يصح عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال يحيى بن معين: محمد بن الحارث ومحمد بن عبد الرحمن ليسا بشيء، قال أبو حاتم: حدث محمد بن عبد الرحمن عن أبيه بنسخه شبيه بمائتي حديث كلها موضوعة، لا يحل الاحتجاج به ولا ذكره في الكتب الا تعجباً »(٥) .

__________________

(١). فيض القدير ١ / ٤٦٠.

(٢). الضعفاء والمتروكين للبخاري ١٠٣.

(٣). الضعفاء والمتروكين للنسائى ٩٣.

(٤). تذكرة الموضوعات للحافظ المقدسي ٢٥.

(٥). الموضوعات ١ / ٢٧١.

٨١

وهكذا قال فيه في حديث في « باب فضل جدة ».

وفي ( ميزان الاعتدال ): « د. ق محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن أبيه: ضعفوه، وقال البخاري وأبو حاتم: منكر الحديث، وقال الدارقطني وغيره: ضعيف، وقال ابن حبان: يحدث عن أبيه بنسخه شبيه بمائتي حديث كلها موضوعة قال ابن عدي: كلما يرويه ابن البيلماني البلاء فيه منه »(١) .

وفي [ المغني ]: « ضعفوه وقال ابن حبان: روى عن أبيه نسخة موضوعة »(٢) .

وقال الزين العراقي بعد حديث « اذا كان آخر الزمان »: « وابن البيلماني له عن ابيه عن ابن عمر نسخة كان يتهم بوضعها، وهذا اللفظ عن هذا الوجه رواه حب في الضعفاء في ترجمة ابن البيلماني والله اعلم »(٣) .

وقال الهيثمي في باب صلاة الخوف بعد حديث « رواه البزار وفيه محمد بن عبد الرحمن البيلماني، وهو ضعيف جداً »(٤) .

وقال سبط ابن العجمي: « ضعفه غير واحد، وقال خ وابو حاتم: منكر الحديث، وقال ابن حبان: حدث عن أبيه بنسخة شبيه بمائتي حديث كلها موضوعة، وقد ذكر الذهبي عدة أحاديث في ميزانه وفي آخرها: قال ابن عدي: كلما يرويه ابن البيلماني فالبلاء منه، ومحمد بن الحرث أيضاً ضعيف. انتهى، يعني: راوي غالب الاحاديث التي ذكرها والله اعلم. وفي ثقات ابن حبان في ترجمة أبيه: يضع على ابيه العجائب »(٥) .

__________________

(١). ميزان الاعتدال ٣ / ٦١٧.

(٢). المغني في الضعفاء ٢ / ٦٠٣.

(٣). المغني عن حمل الاسفار في الاسفار ١ / ٢٦٢.

(٤). مجمع الزوائد ٢ / ١٩٦.

(٥). الكشف الحثيث عمن رمى بوضع الحديث - مخطوط.

٨٢

وقال ابن حجر بعد حديث: « ورواه الدارقطني من طريق ابن البيلماني عن أبيه عن عثمان، وابن البيلماني ضعيف جداً وأبوه ضعيف أيضاً »(١) .

ونقل في ( تهذيب التهذيب ) كلمات البخاري وأبى حاتم والنسائي وابن معين وابن عدى. ثم قال: « قلت وقال ابن حبان: حدث عن أبيه نسخة شبيه بمائتي حديث كلها موضوعة لا يجوز الاحتجاج به ولا ذكره الا على وجه التعجب وقال الساجي: منكر الحديث، وقال العقيلي: روى عنه صالح بن عبد الجبار ومحمد بن الحارث مناكير، وقال الحاكم: روى عن أبيه عن ابن عمر المعضلات »(٢) .

وفي ( لسان الميزان ): « قال البخاري: منكر الحديث »(٣) .

وفي ( تقريب التهذيب ): « ضعيف وقد اتهمه ابن عدي وابن حبان، من السابعة »(٤) .

وقال ابن الهمام في مسألة تقدير المهر: « وحديث العلائق معلول بمحمد ابن عبد الرحمن ابن البيلماني، قال ابن القطان قال البخاري منكر الحديث »(٥) .

وقال السخاوي بعد حديث « اذا كان »: « وابن البيلماني ضعيف جداً »(٦) .

وقال الخزرجي: « قال البخاري منكر الحديث »(٧) .

وقال السندي: « محمد بن عبد الرحمن البيلماني، روى عن أبيه نسخة

__________________

(١). التلخيص الحبير ١ / ٨٤.

(٢). تهذيب التهذيب ٩ / ٢٩٤.

(٣). لسان الميزان ٦ / ٦٩٧.

(٤). تقريب التهذيب ٢ / ١٨٢.

(٥). فتح القدير ٢ / ٤٣٦.

(٦). المقاصد الحسنة ٢٩٠.

(٧). خلاصة التذهيب ٢ / ٤٢٩.

٨٣

كلها موضوعة »(١) .

ونقل القاري عن ابن القيم كلمات القوم المتقدمة(٢) .

وقال المناوي بعد حديث: « اذا كان آخر الزمان »: « وابن البيلماني ضعيف جداً، واورده السخاوي في المقاصد »(٣) .

وبمثله قال الزبيدي في ( شرح الاحياء ) بعد الحديث المذكور.

وقال الشوكاني: « وفيه ابن البيلماني وهو ضعيف جداً، عن أبيه وهو أيضاً ضعيف »(٤) .

و أما ابوه عبد الرحمن ابن البيلمانى

فقد ضعفه الدارقطني في ( المجتنى - مخطوط ).

والحاكم في ( المستدرك ٤ / ٤٨٥ ).

والذهبي في ( الميزان ٢ / ٥٥١ ) و ( المغني ٢ / ٣٧٧ ) و ( الكاشف ٢ / ١٥٨ ) و ( تلخيص المستدرك ٤ / ١٠٢ و ٤٨٥ ).

وابن حجر العسقلاني في ( تهذيب التهذيب ٦ / ١٥٠ ) و ( تقريب التهذيب ١ / ٤٧٤ ).

والخزرجي في ( خلاصة التذهيب ٢ / ١٢٧ ).

وابن امير الحاج في ( التقرير والتحبير ١ / ٢٢٤ ).

والمتقي في ( كنز العمال ٦ / ١٤٦ ).

والشوكاني في ( نيل الاوطار ١ / ١٩٧ ).

والمناوي في ( فيض القدير ١ / ١٦٣ ).

والزبيدي في ( تاج العروس - بلم ).

__________________

(١). مختصر تنزيه الشريعة عن الاحاديث الموضوعة - مخطوط.

(٢). الموضوعات ٤١٩.

(٣). فيض القدير ١ / ٤٢٤.

(٤). نيل الاوطار ١ / ١٩٧، ٦ / ٨٧.

٨٤

٧ - قدح المناوى أيضا ً

لقد قال المناوي في ( فيض القدير ) بشرح حديث « معاذ بن جبل أعلم الناس بحلال الله وحرامه »: « حل - عن أبي سعيد الخدري، وفيه زيد العمي وقد مر ضعفه، وسلام بن سليم قال ابن عدي: عامة ما يرويه لا يتابع عليه ».

أقول: واليك بعض أقوال أساطين علمائهم في كل من الرجلين:

اما زيد العمى

فقد قال النسائي: « زيد العمي ضعيف »(١) .

وقال ابن أبي حاتم عن أبيه في حديث: « زيد العمي ضعيف الحديث »(٢) .

وقال ابن الجوزي بعد أحاديث: « هذه أحاديث ليس فيها صحيح

والثاني والثالث: فيهما زيد العمي، قال ابن حبان، يروي أشياء موضوعة لا أصل لها حتى يسبق الى القلب انه المتعمد لها »(٣) .

وقال الذهبي: « فيه ضعف، قال ابن عدي: لعل شعبة لم يرو عن اضعف منه »(٤) .

وقال العراقي في ( المغني ) بعد حديث: « وفيه زيد العمي وهو ضعيف ».

وقال ابن حجر: « ضعيف »(٥) .

__________________

(١). الضعفاء والمتروكين للنسائى: ١٨٠.

(٢). العلل ١ / ٤٥.

(٣). الموضوعات ٣ / ٢١٥.

(٤). الكاشف ١ / ٣٣٨.

(٥). تقريب التهذيب ١ / ٢٧٤.

٨٥

وفي ( تهذيب التهذيب ): « وقال اسحاق بن منصور عن ابن معين: صالح الحديث، وقال غير مرة: لا شيء، وقال أبو الوليد بن أبي الجارود عن ابن معين: زيد العمي وأبو المتوكل يكتب حديثهما وهما ضعيفان، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال أبو زرعة: ليس بقوي واه الحديث، ضعيف، وقال الجوزجاني: متماسك، وقال الاجري عن أبي داود حدث عن شعبة وليس بذلك ولكن ابنه عبد الرحيم لا يكتب حديثه، وقال الاجري أيضاً: سألت أبا داود عنه فقال: زيد بن مرة، قلت: كيف هو؟ قال: ما سمعت منه الا خيراً. وقال النسائي: ضعيف، وقال الدارقطني: صالح، وقال ابن عدى: عامة ما يرويه ضعيف، على ان شعبة قد روى عنه، ولعل شعبة لم يرو عن اضعف منه، وقال على بن مصعب: سمى العمي، لانه كان كلما سئل عن شيء، قال: حتى اسأل عمي.

قلت: وقال الرشاطي: هو منسوب الى بني العم من تميم، وقال ابن سعد: كان ضعيفاً في الحديث، وقال ابن المديني: كان ضعيفاً عندنا، وقال أبو حاتم: كان شعبة لا يحمد حفظه، وقال العجلي: بصرى ضعيف الحديث ليس بشيء، وقال ابن عدى: هو من جملة الضعفاء الذين يكتب حديثهم »(١) .

واما سلام بن سليم

فقد قال البخاري: « تركوه »(٢) .

وقال النسائي في ( الضعفاء والمتروكين ٤٧ ) وابن أبي حاتم في ( العلل ١ / ٦٣ ) عن أبيه: « متروك الحديث ».

__________________

(١). تهذيب التهذيب ٣ / ٤٠٨.

(٢). الضعفاء للبخاري ٥٥.

٨٦

وقال أبو نعيم بترجمة الشعبي بعد حديث: « متروك باتفاق »(١) .

وقال ابن الجوزي بعد حديث: « فيه سلام الطويل قال يحيى: ليس بشيء لا يكتب حديثه، وقال البخاري: تركوه، وقال النسائي والدار قطني: متروك وقال ابن حبان: يروى عن الثقات الموضوعات وكأنه كان المعتمد لها »(٢) .

وقال الذهبي: « تركوه » ثم نقل كلماتهم فيه(٣) .

وفي ( المغني ): « متروك، وقال ابو زرعة: ضعيف »(٤) .

وفي ( الكاشف ): « قال البخاري: تركوه »(٥) .

وقال ابن التركماني عن البيهقي: « متروك »(٦) .

وقال الهيثمي: « قد أجمعوا على ضعفه »(٧) .

وقال سبط ابن العجمي في ( الكشف الحثيث ): « جرحه جماعة ».

وقال ابن حجر: « متروك من السابعة »(٨) .

وقال أيضاً: « زيد وسلام ضعيفان »(٩) .

وهكذا ضعفه آخرون كالخزرجي ( خلاصة التذهيب ١ / ٤٣٣ ) والسندي في ( مختصر تنزيه الشريعة ) ومحمد بن طاهر في ( قانون الموضوعات ٢٥٩ ).

__________________

(١). حلية الاولياء ٤ / ٣٣٦.

(٢). الموضوعات ٢ / ٨٩.

(٣). ميزان الاعتدال ١ / ١٧٥.

(٤). المغني ١ / ٢٧٠.

(٥). الكاشف ١ / ٤١٣.

(٦). الجوهر النقي ١ / ٢١.

(٧). مجمع الزوائد ١ / ٢١٢.

(٨). تقريب التهذيب ١ / ٣٤٢.

(٩). تلخيص الحبير ١ / ٢٢٢.

٨٧

٨ - قدح المناوى أيضا ً

قال المناوى: « حل - عن ابى سعيد. واسناده ضعيف »(١) .

٩ - قدح العزيزي فيه

قال العزيزي: « حل - عن أبى سعيد واسناده ضعيف »(٢) .

١٠ - تصرف معاذ في ما ليس له

ان من مبطلات احاديث اعلمية معاذ بن جبل تصرفه في ما ليس له من الاموال، واليك من ذلك روايتين:

الاولى:

ما اخرجه جماعة مهم ابن سعد بترجمة معاذ، قال: « أخبرنا عبيد الله بن موسى، أنا شيبان، عن الاعمش عن شقيق قال: استعمل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم معاذاً على اليمن، فتوفى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واستخلف ابو بكر وهو عليها، وكان عمر عامئذ على الحج، فجاء معاذ الى مكة ومعه رقيق ووصفاء على حدة، فقال له عمر: يا ابا عبد الرحمن لمن هؤلاء الوصفاء؟ قال: هم لي، قال: من أين هم لك؟ قال: أهدوا لي. قال: اطعني وأرسل بهم الى أبي بكر فان طيبهم لك فهم لك، قال: ما كنت لاطيعك في هذا، شيء أهدي لي ارسل بهم الى ابي بكر؟ قال: فبات ليلا [ ليلته ] ثم أصبح فقال: يا ابن الخطاب ما أراني الا مطيعك، اني رأيت الليلة في المنام كأنى أجر - او: أقاد او كلمة تشبهها - الى النار وأنت آخذ بحجزتي، فانطلق [ بى و ] بهم الى أبي بكر، فقال: أنت احق بهم، [ فانطلق بهم الى أبي بكر ] فقال ابو بكر: هم

__________________

(١). التيسير ٢ / ٣٧٦.

(٢). السراج المنير ٣ / ٢٨٢.

٨٨

لك، فانطلق بهم الى أهله فصفوا خلفه يصلون قال: لمن تصلون؟ قالوا: لله تبارك وتعالى. قال: فانطلقوا فأنتم له »(١) .

و الثانية:

أخرجها جماعة منهم ابن عبد البر في ( الاستيعاب ٣ / ١٤٠٤ ) بترجمة معاذ والمتقى في ( كنز العمال ٥ / ٣٤٢ ) في كتاب الخلافة، وهذا لفظ المتقي: « أخبرنا معمر عن الزهري عن كعب بن عبد الرحمن [ ابن كعب ] بن مالك عن ابيه قال: كان معاذ بن جبل رجلا سمحاً شاباً جميلا من افضل شباب قومه، وكان لا يمسك شيئاً، فلم يزل يدان حتى اغلق ما له كله من الدين، فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يطلب له ان يسأل له غرماءه ان يضعوا له، فأبوا، فلو تركوا لاحد من اجل أحد تركوا لمعاذ من اجل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فباع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كل ما له في دينه حتى قام معاذ بغير شيء، حتى اذا كان عام فتح مكة بعثه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على طائفة من اليمن أميراً ليجبره، فمكث معاذ باليمن أميراً وكان اول من اتجر في مال الله هو، ومكث حتى اصاب وحتى قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلما قدم قال عمر لابي بكر: ارسل الى هذا الرجل فدع له ما يعيشه وخذ سائره، فقال ابو بكر: انما بعثه النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليجبره ولست بآخذ منه شيئاً الا ان يعطيني، فانطلق عمر الى معاذ اذ لم يطعه ابو بكر، فذكر ذلك عمر لمعاذ، فقال [ معاذ ]: انما ارسلني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليجبرنى ولست بفاعل، ثم لقي معاذ عمر فقال: قد اطعتك وانا فاعل ما امرتني به، انى رأيت في المنام أنى في حومة ماء قد خشيت الغرق، فخلصتني منه يا عمر، فأتى معاذ أبا بكر فذكر ذلك له وحلف له انه لم يكتمه شيئاً حتى بين له سوطه، فقال ابو بكر: والله لا آخذه منك، قد وهبته لك، فقال عمر: هذا حين طاب لك وحل، فخرج معاذ

__________________

(١). الطبقات ٣ / ٥٨٥.

٨٩

عند ذلك الى الشام.

قال معمر: فأخبرنى رجل من قريش قال: سمعت الزهري يقول: لما باع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مال معاذ أوقفه للناس فقال: من باع هذا شيئاً فهو باطل. عب وابن راهويه ».

أقول: فمن كان هذا حاله من الجهل بحكم الله والتصرف في مال الله ولم يؤده حتى رأى في منامه ما رأى لا يكون أعلم بحلال الله وحرامه من غيره!.

قوله : وأمثال ذلك كثيرة.

اقوال : نعم أمثال هذه الموضوعات في كتبهم كثيرة، وعلى ألسنتهم شهيرة، والوقوف على حال ما ذكر منها كاف لمعرفة حال تلك عند من له ادنى بصيرة، والحمد لله الذي وفقنا لاحقاق الحق واعلانه، ودحض الباطل وازهاقه، وهو سبحانه نعم المولى ونعم النصير.

٩٠

دحض المعارضة

بحديث: اقتدوا باللّذين من بعدي

٩١

٩٢

قوله : خصوصاً قوله « اقتدوا باللذين من بعدي ابى بكر وعمر » حيث بلغ درجة الشهرة والتواتر بالمعنى.

اقول : ان دعوى صحة هذا الحديث كاذبة، لما ذكرنا في مجلد ( حديث الطير ) من الوجوه الرصينة والبراهين المتينة على وهنه وسقوطه عن درجة الاعتبار، بحيث لو ركن أهل السنة الى انواع التلبيس، واعتمدوا على اشكال التدليس، وتشبثوا بمختلف طرق التسويل لما تمكنوا من اثبات صحته فضلا عن تواتره ونحن ذاكرون هنا وجوهاً على فساد هذا الحديث وبطلانه لاقتضاء المقام ذلك، فنقول:

١ - لقد أعله أبو حاتم

لقد كشف أبو حاتم الرازي النقاب عن سقم هذا الحديث، فقد قال المناوي: « وأعله ابو حاتم، وقال البزار كابن حزم: لا يصح، لان عبد الملك لم يسمعه من ربعي، وربعي لم يسمعه من حذيفة، لكن له شاهد »(١) .

__________________

(١). فيض القدير في شرح الجامع الصغير ٢ / ٥٦.

٩٣

أقول: قد ذكرنا ما في سند الشاهد في مجلد ( حديث الطير ).

ترجمة أبى حاتم

قال السمعاني: « وأبو حاتم، كان اماماً حافظاً فهماً من مشاهير العلماء توفي سنة سبع وسبعين ومائتين »(١) .

وقال: « امام عصره والمرجوع اليه في مشكلات الحديث كان من مشاهير العلماء المذكورين الموصوفين بالفضل والحفظ والرحلة وكان اول من كتب الحديث وكان احمد بن سلمة يقول: ما رأيت بعد اسحاق - يعني ابن راهويه - ومحمد بن يحيى أحفظ للحديث ولا اعلم بمعانيه من ابي حاتم محمد بن ادريس.

قال أبو حاتم: قال لي هشام بن عمار يوماً: أي شيء تحفظ من الاذواء؟ قلت له: ذو الاصبع وذو الجوشن وذو الزوائد وذو اليدين وذو اللحية الكلابي وعددت له ستة، فضحك وقال: حفظنا نحن ثلاثة وزدت أنت ثلاثة مات أبو حاتم بالري في شعبان سنة سبع وسبعين ومائتين »(٢) .

وذكره ابن الاثير وقال: « وهو من أقران البخاري ومسلم »(٣) .

وقال الذهبي: « ابو حاتم الرازي الامام الحافظ الكبير محمد بن ادريس ابن المنذر الحنظلي أحد الاعلام، ولد سنة خمس وتسعين ومائة، قال: كتبت الحديث سنة تسع ومائتين.

قلت: رحل وهو أمرد فسمع عبيد الله بن موسى ومحمد بن عبد الله الانصاري والاصمعي وابا نعيم وهوذة بن خليفة وعفان وابا مسهر وأمماً سواهم، وبقي في الرحلة زماناً، فقال: أول ما رحلت أقمت سبع سنين

__________________

(١). الانساب - الجزى.

(٢). المصدر - الحنظلي.

(٣). الكامل في التاريخ ٦ / ٦٧.

٩٤

أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ، ثم تركت العدد، وخرجت من البحرين الى مصر ماشياً ثم الى الرملة ماشياً ثم الى طرسوس ولي عشرون سنة قلت ألحق عبيد الله فأتيته قبل موته بشهرين، قال: وكتبت عن النفيلى نحو أربعة عشر ألفاً، وسمع مني محمد بن المصفى أحاديث.

قلت: وحدث عنه يونس بن عبد الاعلى ومحمد بن عون الطاعي وابو داود والنسائي وابو عوانة الاسفرايني وابو الحسن علي بن ابراهيم القطان وابو عمر واحمد بن محمد بن حكيم وعبد الرحمن بن حمدان الجلاب وعبد المؤمن بن خلف النسفي وخلق كثير.

قال محمد بن اسحاق الانصاري القاضي: ما رأيت احفظ من ابي حاتم، وقال محمد بن سلمة الحافظ: ما رأيت بعد محمد بن يحيى أحفظ للحديث ولا أعلم بمعانيه من ابي حاتم، وقال النسائي ثقة، وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي يقول: قلت على باب أبي الوليد الطيالسي: من اغرب علي حديثاً صحيحاً فله درهم - وكان ثم خلق ابو زرعة فمن دونه، وانما كان مرادي ان يلقى علي ما لم اسمع به لا ذهب به الى راويه فأسمعه - فلم يتهيأ لاحد أن يغرب علي »(١) .

وترجم له الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٤٧ ) و ( الكاشف ٣ / ١٨ ) و ( دول الاسلام ١ / ١٣٢ ) و ( العبر ٢ / ٥٨ ) قال في الاخير حوادث ٢٧٧ -:

« فيها توفي حافظ المشرق أبو حاتم محمد بن ادريس الحنظلي الرازي في شعبان وهو في عشر التسعين، وكان بارع الحفظ، واسع الرحلة، من أوعية العلم، سمع محمد بن عبد الله الانصاري وابا مسهر وخلقاً لا يحصون، وكان جارياً في مضمار البخاري وابي زرعة الرازي ».

وكذا جاء في ( مرآة الجنان ) في حوادث السنة المذكورة.

__________________

(١). تذكرة الحفاظ ٢ / ٥٦٧.

٩٥

وقال الحافظ ابن حجر: « أحد الحفاظ، من الحادية عشر »(١) .

وقال السيوطي: « أحد الائمة الحفاظ، روى عن احمد وآدم بن أبي أياس وأبي خيثمة وقتيبة وخلق، وعنه أبو داود والنسائي وابن ماجة وآخرون، قال الخطيب: كان أحد الائمة الحفاظ الاثبات، مشهوراً بالعلم مذكوراً بالفضل، وثقه النسائي وغيره، وقال ابن يونس: قدم مصر قديماً وكتب بها وكتب عنه. مات بالري سنة خمس وقيل سبع وسبعين ومائتين »(٢) .

٢ - طعن الترمذي فيه

لقد طعن أبو عيسى الترمذي في سند هذا الحديث برواية ابن مسعود - وان رواه عن حذيفة وحسن رجاله - وذلك حيث قال: « حدثنا ابراهيم ابن اسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل، ثنى ابي عن أبيه سلمة بن كهيل عن ابي الزعراء عن ابن مسعود قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اقتدوا باللذين من بعدي من اصحابي ابي بكر وعمر، واهتدوا بهدى عمار، وتمسكوا بعهد ابن مسعود.

هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث ابن مسعود، لا نعرفه الا من حديث يحيى بن سلمة بن كهيل، ويحيى بن سلمة يضعف في الحديث، وأبو الزعراء اسمه عبد الله بن هاني، وابو الزعراء الذي روى عنه شعبة والثوري وابن عيينة اسمه عمرو بن عمرو، وهو ابن أخي أبي الاحوص صاحب ابن مسعود »(٣) .

أقول: لقد اكتفى الترمذي بهذا المقدار في تضعيفه، ونحن نضيف الى كلامه بعض كلماتهم في رجاله:

__________________

(١). تقريب التهذيب ٢ / ١٤٢.

(٢). طبقات الحفاظ ٢٥٥.

(٣). صحيح الترمذي ٥ / ٦٧٢.

٩٦

أما ابراهيم بن اسماعيل

فقد قال الذهبي: « لينه أبو زرعة وتركه أبو حاتم، يروي عن أبيه، تأخر »(١) .

وفي ( المغني ): « غمزه أبو زرعة وتركه أبو حاتم »(٢) .

وأضاف ابن حجر العسقلاني: « وقال العقيلي عن مطين: كان ابن نمير لا يرضاه ويضعفه، وقال: روى أحاديث مناكير. قال العقيلي ولم يكن ابراهيم هذا بقيم الحديث وذكره ابن حبان في الثقات فقال: في روايته عن ابيه بعض المناكير »(٣) .

وقال الخزرجي: « اتهمه أبو زرعة »(٤) .

و أما اسماعيل بن يحيى

فقد قال الذهبي: « قال الدار قطني متروك »(٥) .

وقال ابن حجر: « قال الدارقطني متروك، وتقدم الكلام عليه في ترجمة ابنه. قلت: ونقل ابن الجوزي عن الازدي انه قال: متروك »(٦) .

و أما يحيى بن سلمة بن كهيل

فقد قال البخاري: « منكر الحديث »(٧) .

وقال أيضاً: « في حديثه مناكير »(٨) .

__________________

(١). ميزان الاعتدال ١ / ٢٠.

(٢). المغني في الضعفاء ١ / ١٠.

(٣). تهذيب التهذيب ١ / ١٠٦.

(٤). خلاصة تهذيب الكمال ١ / ١٤.

(٥). ميزان الاعتدال ١ / ٢٥٤، المغني في الضعفاء ٨٩.

(٦). تهذيب التهذيب ١ / ٣٣٦.

(٧). التاريخ الصغير للبخاري ١ / ٣٤٧.

(٨). الضعفاء للبخاري ١١٩.

٩٧

وقال النسائي: « متروك الحديث »(١) .

وقال المقدسي: « ضعفه ابن معين، وقال ابو حاتم: ليس بالقوى، وقال البخاري: في حديثه مناكير، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال الترمذي: ضعيف، أما ابن حبان فذكره في الثقات »(٢) .

وقال الذهبي: « ضعيف، مات سنة ١٧٢ »(٣) .

وقال ابن حجر بعد الاقوال المتقدمة:

« قلت: وذكره ابن حبان أيضاً في الضعفاء فقال منكر الحديث جداً لا يحتج به، وقال النسائي في الكنى: متروك الحديث، وقال ابن نمير ليس ممن يكتب حديثه، وقال الدارقطني: متروك، وقال مرة: ضعيف وقال العجلي: ضعيف الحديث وكان يغلو في التشيع، وقال ابن سعد: كان ضعيفاً جداً، وقال البخاري في الاوسط: منكر الحديث، وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب عن الرواية عنهم، وكنت أسمع اصحابنا يضعفونه، وقال الاجري عن ابي داود: ليس بشيء»(٤) .

و أما أبو الزعراء

فقد مر قدحه عن البخاري في الكلام على حديث: وتمسكوا بعهد ابن ام عبد، فليكن منك على ذكر

٣ - ابطال البزار اياه

لقد أنصف البزار اذ قال « لا يصح » كما عرفته بنص المناوي في [ فيض القدير ] ومن العجيب: ان ( الدهلوي ) يستدل في حاشية ( التحفة )

__________________

(١). الضعفاء والمتروكين للنسائى ١٠٩.

(٢). الكمال في اسماء الرجال - مخطوط.

(٣). الكاشف ٣ / ٢٥١.

(٤). تهذيب التهذيب ١١ / ٢٢٥.

٩٨

بحديث أخرجه البزار في ( مسنده ) على أن أبا بكر أشجع من أمير المؤمنينعليه‌السلام . ولكنه لا يلتفت في المقام الى طعن البزار في حديث الاقتداء فيدعى شهرته وتواتره على أنه قد وصفه في موضع آخر بـ « عمدة محدثي أهل السنة » فهل يجوز له الاستدلال بحديث ضعفه « عمدة المحدثين » فضلا عن دعوى شهرته وتواتره؟

ولا بأس بذكر كلمات لهم في الثناء على البزار:

ترجمة البزار

قال أبو نعيم: « أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البصري أبو بكر البزار الحافظ، قدم اصبهان مرتين »(١) .

وقال السيوطي: « البزار - الحافظ العلامة الشهير أبو بكر صاحب المسند الكبير المعلل، رحل بآخر عمره الى اصبهان ونشر علمه، مات بالرملة سنة ٢٩٢ »(٢) .

وقال الازهري في ( اسانيده ): « قال ابن أبي خيثمة، هو ركن من أركان الاسلام، وكان يشبه بابن حنبل في زهده وورعه ».

٤ - إبطال العقيلي إياه

لقد أورد العقيلي حديث الاقتداء في كتاب ( الضعفاء ) وأنكره كما ستعرف ذلك من عبارة ابن حجر العسقلاني.

ترجمة العقيلي

ولقد أثنى على العقيلي علماء الرجال ووصفوه بكل جميل راجع

__________________

(١). تاريخ اصبهان ١ / ١٠٤.

(٢). طبقات الحفاظ ٢٨٥.

٩٩

( تذكرة الحفاظ ٣ / ٨٣٣ ) و ( العبر في خبر من غبر ٢ / ١٩٨ ) و ( طبقات الحفاظ ٣٤٦ ).

وهذه خلاصة ما جاء في ( تذكرة الحفاظ ): « العقيلي، الحافظ الامام صاحب كتاب الضعفاء الكبير. قال سلمة بن القاسم: كان العقيلي جليل القدر عظيم الخطر ما رأيت مثله وكان كثير التصانيف، فكان من أتاه من المحدثين قال: اقرأ من كتابك ولا تخرج أصله، فتكلمنا في ذلك وقلنا اما ان يكون احفظ الناس واما أن يكون من أكذب الناس واجتمعنا عليه، فلما أتيت بالزيادة والنقص فطن لذلك، فأخذ مني الكتاب وأخذ القلم فأصلحها من حفظه، فانصرفنا من عنده وقد طابت أنفسنا وعلمنا انه من أحفظ الناس.

وقال الحافظ أبو الحسن بن سهل القطان: أبو جعفر ثقة جليل القدر، عالم بالحديث، مقدم في الحفظ، توفي سنة ٣٢٢ ».

٥ - تضعيف النقاش اياه

لقد نص النقاش على أن هذا الحديث « واه » فقد قال الذهبي بترجمة أحمد ابن محمد بن غالب الباهلي: « ومن مصائبه قال: حدثنا محمد بن عبد الله العمري حدثنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ». فهذا ملصق بمالك. وقال ابو بكر النقاش وهو واه »(١) .

وكلام النقاش هذا دليل متين على سقم هذا الحديث، اذ النقاش كان ممن ولع بجمع الموضوعات والاعتماد عليها، وتفسيره ملئ بها كما لا يخفى على من راجع ( طبقات الحفاظ للحافظ السيوطي ٣٧١ ).

__________________

(١). ميزان الاعتدال ١ / ١٤٢.

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486