تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ٢

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني12%

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 486

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 486 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77765 / تحميل: 10079
الحجم الحجم الحجم
تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أبواب المستحقين للزكاة

١ -( باب أصناف المستحقين، وعدم اشتراط الإيمان في المؤلفة والرقاب، وسقوط المؤلفة الآن، وقبول دعوى الاستحقاق مع ظهور الكذاب، وأنه يعطى من يسأل ومن لا يسأل منهم)

[ ٧٧٤٩ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) »(١) الخبر.

[ ٧٧٥٠ ] ٢ - وعن أبي بصير قال: قلت لابي عبداللهعليه‌السلام :( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس أجهد منهما ».

[ ٧٧٥١ ] ٣ - وعن زرارة، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال:

____________________________

أبواب المستحقين للزكاة ووقت التسليم والنية

الباب - ١

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٥.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٣ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٨.

١٠١

« قلت: أرأيت قوله تعالى:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ ) (١) إلى آخر الآية، كلّ هؤلاء يعطى أن كان لا يعرف، قال: « إنّ الإمام يعطي هؤلاء جميعاً، لأنهم يقرّون له بالطاعة، قال: قلت له: فإن كانوا لا يعرفون، فقال: يا زرارة، من كان يعطي من يعرف دون من لا يعرف، لم يوجد لها موضع، وإنما كان يعطي من لا يعرف ليرغب في الدين فيثبت عليه، وأمّا اليوم فلا تعطها أنت وأصحابك إلّا من يعرف ».

[ ٧٧٥٢ ] ٤ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، عن الفقير والمسكين، قال: « الفقير الذي يسأل، والمسكين أجهد منه، الذي لا يسأل ».

[ ٧٧٥٣ ] ٥ - وعن محمّد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام ، في قوله:( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة ».

[ ٧٧٥٤ ] ٦ - وعن زرارة، قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام ، في قوله تعالى:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم وحدوا الله، وخلعوا عبادة من يعبد من دون الله تبارك وتعالى، وشهدوا أن لا إله إلّا الله وأن محمّداً رسول الله، وهم في ذلك شكاك من بعد ما جاء به محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأمر الله نبيهم أن يتألفهم بالمال والعطاء، لكي يحسن

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٤.

٥ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٦٩.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩١ ح ٧٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠٢

إسلامهم، ويثبتوا على دينهم، الذي قد دخلوا فيه وأقروا به » الخبر.

[ ٧٧٥٥ ] ٧ - وعن زرارة، وحمران، ومحمّد بن مسلم، عن أبي جعفر، وأبي عبداللهعليهما‌السلام :( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « قوم تألفهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقسّم فيهم الشئ » قال زرارة: قال أبو جعفرعليه‌السلام : « فلما كان في قابل جاؤوا بضعف الّذين أخذوا، وأسلم (الناس كثيراً)(٢) قال: فقام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله خطيباً، فقال: هذا خير أم الذي قلتم؟ قد جاؤوا من الإبل بكذا وكذا، ضعف ما أعطيتهم، وقد أسلم لله عالم وناس كثير، والذي نفسي بيده لوددت أن عندي ما أعطي كلّ انسان ديته، حتى يسلم لله ربّ العالمين ».

[ ٧٧٥٦ ] ٨ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ) (١) : « أعط في الله المستحقين من المؤمنين، على حبه للمال أو شدة حاجته هو إليه، يأمل الحياة ويخشى الفقر، لأنه صحيح شحيح( ذَوِي الْقُرْبَىٰ - إلى أن قال -وَالْمَسَاكِينَ ) (٢) مساكين الناس،( وَابْنَ السَّبِيلِ ) (٣) : المجتاز المنقطع به لا نفقة معه،( وَالسَّائِلِينَ ) (٤) : الّذين يتكففون ويسألون الصدقات،( وَفِي الرِّقَابِ ) (٥) المكاتبين يغنيهم ليؤدوا فيعتقوا » الخبر.

[ ٧٧٥٧ ] ٩ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

٧ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٢ ح ٧١.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: ناس كثير.

٨ - تفسير الإمام العسكري (عيليه السلام) ص ٢٤٩.

(١ - ٥) البقرة ٢: ١٧٧.

٩ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٣

سئل عن قول الله عزّوجلّ:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ ) (١) فقال: « الفقير الذي لا يسأل، والمسكين أجهد منه، والبائس الفقير أجهد منهما حالاً ».

[ ٧٧٥٨ ] ١٠ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ( وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) قال: « هم السعاة عليها، يعطيهم الإمام من الصدقة بقدر ما يراه، ليس في ذلك توقيت عليه ».

[ ٧٧٥٩ ] ١١ - وعن أبي جعفر بن عليعليهما‌السلام ، أنّه قال في قول الله عزّوجلّ:( وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ) (١) قال: « هم قوم يتألفون على الإسلام من رؤساء القبائل، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يعطيهم ليتألفهم، ويكون ذلك في كلّ زمان، إذا احتاج إلى ذلك الإمام فعله ».

[ ٧٧٦٠ ] ١٢ - وعن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائه، عن رسول الله صلوات الله عليهم، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة: عامل عليها، أو غارم وهو الذي عليه الدين أو تحمل بالحمالة(١) ، أو رجل اشتراها بماله، أو رجل أهديت إليه ».

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٠ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

١٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) الحمالة: الدية والغرامة (لسان العرب ج ١١ ص ١٨٠).

١٠٤

[ ٧٧٦١ ] ١٣ - وعنهعليه‌السلام ، أنّه قال: «( وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ ) (١) في الجهاد والحج، وغير ذلك من سبيل(٢) الخير،( وَابْنِ السَّبِيلِ ) (٣) الرجل يكون في السفر، فيقطع به نفقته، أو يسقط، أو يقع عليه اللصوص ».

[ ٧٧٦٢ ] ١٤ - ابن أبي جمهور في درر اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم، فأردّها في فقرائكم ».

٢ -( باب أن من دفع الزكاة إلى غير المستحق، كغير المؤمن أو غير الفقير ونحوهما، ضمنها إلّا أن يكون اجتهد في الطلب فتحزيه، وأن من لم يعلم بوجوب الزكاة ثمّ علم، وجب عليه قضاؤها)

[ ٧٧٦٣ ] ١ - الجعفريات: اخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيه: أن علياًعليهم‌السلام ، كان يقول: « الزكاة مضمونة، حتى توضع مواضعها ».

[ ٧٧٦٤ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

١٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١، ٣) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في المصدر: سبل.

١٤ - درر اللآلي: ج ١ ص ٢٠٦.

الباب - ٢

١ - الجعفريات ص ٥٤.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

١٠٥

قال: « الزكاة مضمونة، حتى يضعها من وجبت عليه موضعها ».

٣ -( باب وجوب وضع الزكاة في مواضعها، ودفعها إلى مستحقها)

[ ٧٧٦٥ ] ١ - دعائم الإسلام: عن الوليد بن صبيح قال: قال لي شهاب: إني أرى بالليل أهوالاً عظيمة، وأرى امرأة تفزعني، فاسأل لي أبا عبدالله جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، عن ذلك، فسألته فقال: « هذا رجل لا يؤدّي زكاة ماله » فأعلمته فقال: بلى والله، إني لأعطيها، فأخبرته بما قال قال: « إن كان ذلك، فليس يضعها في مواضعها » فقلت ذلك لشهاب، فقال: صدق.

٤ -( باب اشتراط الإيمان والولاية في مستحق الزكاة، إلّا المؤلفة والرقاب والأطفال، وإن لم يجد للزكاة مستحقاً أو مؤمناً بعث بها إليهم، فإن تعذر جاز إعطاء المستضعف والانتظار، ويكره إعطاء السائل بكفه منها)

[ ٧٧٦٦ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية ».

[ ٧٧٦٧ ] ٢ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال: « ولا يعطي الزكاة إلّا لأهل الولاية من المؤمنين، قيل له: فإذا لم يكن بالموضع وليّ محتاج إليها، قال: يبعث بها إلى موضع آخر،

____________________________

الباب - ٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٥.

الباب - ٤

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١٠٦

فيقسم في أهل الولاية، ولا تعط قوماً إن دعوتهم إلى أمرك لم يجيبوك، ولو كان الذبح - وأهوى بيده إلى حلقه - قيل له: فإن لم يوجد مؤمن مستحق، قال: يعطى المستضعفون الّذين لا ينصبون ».

[ ٧٧٦٨ ] ٣ - وعن علي (صلوات الله عليه)، أنّه استعمل مخنف بن سليم على صدقات بكر بن وائل، وكتب له عهدا كان فيه: « فمن كان من أهل طاعتنا من أهل الجزيرة، وفيما بين الكوفة وأرض الشام، فادّعى أنّه أدى صدقته إلى عمال الشام، وهو في حوزتنا ممنوع، قد حمته خيلنا ورجالنا، فلا يجوز(١) له ذلك، (وان الحق ما زعم)(٢) ، فأنه ليس له أن ينزل بلادنا، ويؤدي صدقة ماله إلى عدونا ».

[ ٧٧٦٩ ] ٤ - زيد النرسي في أصله: عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سئل إذا لم نجد أهل الولاية، يجوز(١) أن نتصدق على غيرهم؟ فقالعليه‌السلام : « إذا لم تجدوا أهل الولاية في مصر تكونون فيه، فابعثوا بالزكاة المفروضة إلى أهل الولاية من غير مصركم ».

[ ٧٧٧٠ ] ٥ - تفسير العسكريعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ ) (١) : « الواجبة عليه لإخوانه المؤمنين ».

[ ٧٧٧١ ] ٦ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل

____________________________

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥٩.

(١) في المصدر: تُجْزِ.

(٢) في المصدر: وإن كان الحق على ما زعم.

٤ - زيد النرسي ص ٥٤.

(١) في المصدر: يجوز لنا.

٥ - تفسير الإمام العسكري ص ٢٥٠.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

٦ - المقنع ص ٥٢.

١٠٧

الولاية.

[ ٧٧٧٢ ] ٧ - أبو جعفر محمّد بن علي الطوسي في ثاقب المناقب: عن أبي الصلت الهروي، قال: حضرت مجلس الإمام محمّد بن علي بن موسى الرضاعليهم‌السلام ، وعنده جماعة من الشيعة وغيرهم، فقام إليه رجل - إلى أن قال - ثمّ قام إليه آخر وقال: يا مولاي - جعلت فداك - (إن لم أجد أحداً من شيعتكم، فإلى من أدفعه؟)(١) فقالعليه‌السلام : « إن لم تجد أحداً فارم بها في الماء، فأنها تصل إليه » [ قال فجلس الرجل ](٢) فلمّا انصرف من كان في المجلس قلت له: جعلت فداك يا سيدي، رأيت عجباً، قال: « نعم، تسألني عن الرجلين - إلى أن قال - وأمّا الآخر فأنه قم يسألني عن الزكاة، إن لم يجد أحداً من شيعتنا، فإلى من يدفعه؟ قلت له: إن لم تجد أحداً من الشعية فارم بها في الماء، فأنها تصل إلى أهلها ».

٥ -( باب عدم جواز دفع الزكاة إلى المخالف في اعتقاد الحق من الأصول: كالمجسمة، والمجبرة، والواقفية، والنواصب، وغيرهم)

[ ٧٧٧٣ ] ١ - الكشي في رجاله: عن حمدويه، عن يعقوب بن يزيد، عن محمّد بن عمر، وعن محمّد بن عذافر، عن عمر بن يزيد، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام ، عن الصدقة على الناصب وعلى

____________________________

٧ - ثاقب المناقب ص ٢٢٨

(١) مابين القوسين ليس في المصدر.

(٢) أثبتناه من المصدر.

الباب - ٥

١ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٤ ح ٤٠٩.

١٠٨

الزيدية؟ فقال: « لا تصدّق عليهم بشئ، ولا تسقهم من الماء إن استطعت، وقال في(١) الزيدية: هم النصاب ».

[ ٧٧٧٤ ] ٢ - وعن محمّد بن الحسن، عن أبي علي الفارسي، قال: حكى منصور، عن الصادق علي بن محمّد بن الرضاعليهم‌السلام : أنّ الزيدية والواقفية والنصاب، بمنزلة عنده سواء.

٦ -( باب أن حد الفقر الذي يجوز معه أخذ الزكاة، ان لا يملك مؤونة السنة له ولعياله فعلاً أو قوة، كذي الحرفة ولصنعة)

[ ٧٧٧٥ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألتهعليه‌السلام ، عن الزكاة لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال: « هي للذين قال الله في كتابه:( لِلْفُقَرَاءِ - إلى قوله -فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) » الخبر.

[ ٧٧٧٦ ] ٢ - عوالي اللآلي: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « لا تحل الصدقة لغني، ولا لقوي مكتسب ».

[ ٧٧٧٧ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّد، عن أبيه، عن آبائهعليهم‌السلام ، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّه قال: « لا تحل الصدقة لغني، إلّا لخمسة »، الخبر. وقد تقدم(١) .

____________________________

(١) في المصدر: لي.

٢ - رجال الكشي ج ٢ ص ٤٩٥ ح ٤١٠.

الباب - ٦

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) التوبة ٩: ٦٠.

٢ - عوالي اللآلي ج ٣ ص ١٢٠ ح ٢٧.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) تقدم في الباب ١ من هذه الأبواب الحديث ١٢.

١٠٩

٧ -( باب جواز أخذ الفقير الزكاة، وإن كان له خادم ودابة ودار ممـّا يحتاج إليه، لا ما يزيد عن احتياجه، بقدر كفاية سنة)

[ ٧٧٧٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن أبي جعفر محمّد بن علي(١) عليهما‌السلام ، أنّه قال: « لا بأس أن يعطى(٢) الزكاة، من له الدار والخادم والمائتا درهم ».

[ ٧٧٧٩ ] ٢ - كتاب عاصم بن حميد الحناط: عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبداللهعليه‌السلام : أن عمر شيخ من أصحابنا، سأل عيسى بن أعين وهو محتاج، قال: فقال له عيسى: أما أن عندي شيئاً من الزكاة، ولا اعطيك منها شيئاً، قال: فقال له: لم؟ قال: لأني رأيتك اشتريت تمراً واشتريت لحماً، قال: إنما ربحت درهما، فاشتريت (به أربعين)(١) تمراً، وبدانق لحماً، ورجعت بدانقين لحاجة، قال: فوضع أبو عبداللهعليه‌السلام يده على جبهته، قال: ثمّ رفع رأسه فقال: « إنّ الله عزّوجلّ نظر في أموال الأغنياء، ونظر في الفقراء، فجعل في أموال الأغنياء ما يكتفي به الفقراء، ولو لم يكفهم لزادهم، بلى فليعطه ما يأكل ويشرب ويكتسي ويتزوج ويصدّق ويحج ».

____________________________

الباب - ٧

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦١.

(١) في المصدر: جعفر بن محمّد.

(٢) وفيه: من الزكاة.

٢ - كتاب عاصم بن حميد الحنّاط ص ٢٢.

(١) في نسخة: بدانقين، والظاهر هو الصواب كما يظهر من سياق الحديث ومن تقسيم الدرهم إلى دوانق.

١١٠

٨ -( باب حكم من كان له مال يتجر به، ولا يربح فيه مقدار مؤونة سنة له ولعياله، أو وجه معيشته كذلك)

[ ٧٧٨٠ ] ١ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن سماعة، قال: سألته عن الزكاة، لمن يصلح أن يأخذها؟ فقال - إلى أن قال - « وقد تحل الزكاة لصاحب ثلاثمائة درهم، وتحرم على صاحب خمسين درهماً، فقلت له: وكيف يكون هذا؟ قال: إذا كان صاحب الثلاثمائة درهم له عيال كثير، فلو قسمها بينهم لم يكفهم، فليعفف(١) عنها نفسه وليأخذها لعياله، وأمّا صاحب الخمسين فأنها تحرم عليه إذا كان وحده وهو محترف يعمل بها، وهو يصيب فيها ما يكفيه إن شاء الله ».

[ ٧٧٨١ ] ٢ - كتاب حسين بن عثمان بن شريك: عن إسحاق بن عمار، قال: سمعت أبا عبداللهعليه‌السلام ، يقول: « إنّ الزكاة تحل لمن له ثمانمائة درهم، وتحرم على من له خمسون درهماً، قال: قلت: وكيف ذلك؟ قال: يكون لصاحب الثمانمائة عيال، ولا يكسب ما يكفيه، ويكون صاحب الخمسين درهماً ليس له عيال، وهو يصيب ما يكفيه ».

____________________________

الباب - ٨

١ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٠ ح ٦٣.

(١) في المصدر: فلم يعفف.

٢ - كتاب حسين بن عفان بن شريك ص ١٠٨.

١١١

٩ -( باب أنّه لا يجوز دفع الإنسان زكاته إلى من تجب عليه نفقته، وهم: أبواه، وأجداده، وأولاده، وزوجاته، ومماليكه، دون بقية الأقارب)

[ ٧٧٨٢ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإياك أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعطي من أهل الولاية: الأبوين، والولد، والزوجة(١) ، والمملوك، وكل من هو في نفقتك فلا تعطه ».

[ ٧٧٨٣ ] ٢ - الصدوق في المقنع: لا يجوز أن تعطي زكاة مالك غير أهل الولاية، ولا تعط من أهل الولاية: الأبوين، والولد، ولا الزوج، والزوجة، والمملوك، ولا الجد والجدة، وكل من يجير(١) الرجل على نفقته.

١٠ -( باب جواز شراء الأب المملوك ونحوه من واجبي النفقة، من الزكاة وعتقه)

[ ٧٧٨٤ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « وإن اشترى رجل اباه من زكاة ماله فاعتقه، فهو جائز ».

[ ٧٧٨٥ ] ٢ - الصدوق في المقنع: مثله.

____________________________

الباب - ٩

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

(١) في المصدر زيادة: والصبي.

٢ - المقنع ص ٥٢.

(١) في المصدر: يجبر.

الباب - ١٠

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٣.

٢ - المقنع ص ٥٢.

١١٢

١١ -( باب أنّه من كان عليه زكاة فأوصى بها، وجب إخراجها من الأصل، مقدماً على الميراث، وكان كالدين وحجة الإسلام)

[ ٧٧٨٦ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنّه قال في الرجل (وجبت عليه زكاة ماله)(١) ، فلم يخرجه(٢) حتى حضره الموت، فأوصى أن تخرج عنه: « أنها تخرج من جميع ماله، إلّا أن يوصي بإخراجها من ثلثه ».

١٢ -( باب كراهة اعطاء المستحق من الزكاة أقل من خمسة دراهم وعدم التحريم)

[ ٧٧٨٧ ] ١ - فقه الرضاعليه‌السلام : « ولا يجوز في الزكاة أن يعطي أقل من نصف دينار ».

١٣ -( باب جواز إعطاء المستحق من الزكاة ما يغنيه، وأنه لا حد له في الكثرة، إلّا من يخاف منه الإسراف، فيعطى قدر كفايته لسنة)

[ ٧٧٨٨ ] ١ - دعائم الإسلام: عن جعفر بن محمّدعليهما‌السلام ، أنه

____________________________

الباب - ١١

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٥١.

(١) في المصدر: تجب عليه زكاة في ماله.

(٢) وفيه: يخرجها.

الباب - ١٢

١ - فقه الرضاعليه‌السلام ص ٢٢.

الباب - ١٣

١ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

١١٣

قال: « ويعطى المؤمن من الزكاة، ما يأكل منه ويشرب، ويكتسي، ويتزوج، ويحج، ويتصدق، (ويوفي دينه)(١) ».

وتقدم(٢) مثله، عن كتاب عاصم بن حميد.

١٤ -( باب جواز تفضيل بعض المستحقين على بعض، واستحباب كون التفضيل لفضيلة، كترك السؤال، والديانة، والفقه، والعقل)

[ ٧٧٨٩ ] ١ - السيد علي بن طاووس في مهج الدعوات: فيما وجده من طريق الدعاء اليماني، قال: هذا لفظ ما وجدنا: حدّثنا الشريف أبو الحسين زيد بن جعفر العلوي المحمّدي، قال: حدّثنا أبو الحسن محمّد بن عبدالله بن البساط - قراءة عليه - قال: حدّثنا المغيرة بن عمرو بن الوليد العرزمي المكي بمكة - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو سعيد (محمّد بن المفضل)(١) الحسيني - قراءة عليه - قال: حدّثنا أبو إسحاق (بن)(٢) إبراهيم بن محدم الشافعي، ومحمّد بن يحيى بن أبي عمر العبدي، قالا: حدّثنا فضيل بن عياض، عن عطاء بن السائب، عن طاووس، عن ابن عباس - في حديث طويل - ذكر فيه دخول الرجل اليماني، على أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وشكايته عن عدوه، وتعليمهعليه‌السلام الدعاء المعروف - إلى أن قال - ثمّ قال: يا أمير المؤمنين، إني أريد أن أتصدق بعشرة آلاف، فمن المستحق(٣) لذلك؟

____________________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) الباب: ٧ من أبواب المستحقين للزكاة، الحديث ٢.

الباب - ١٤

١ - مهج الدعوات ص ١١٩.

(١) في المصدر: مفضل بن محمّد.

(٢) ليس في المصدر.

(٣) في المصدر: المستحقون.

١١٤

يا أمير المؤمنين، فقال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « فرّق ذلك في أهل الورع من حملة القرآن، فما تزكو الصنيعة إلّا عند أمثالهم، فيتقوون بها على عبادة ربهم وتلاوة كتابه » فانتهى الرجل إلى ما أشار به أمير المؤمنينعليه‌السلام .

١٥ -( باب عدم وجوب استعياب المستحقين بالإعطاء، والتسوية بينهم، واستحباب ذلك)

[ ٧٧٩٠ ] ١ - أحمد بن علي بن أبي طالب في الاحتجاج: عن عبد الكريم بن عتبة الهاشمي، قال: كنت عند أبي عبداللهعليه‌السلام بمكة إذ دخل عليه أُناس من المعتزلة، فيهم عمرو بن عبيد - إلى أن قال - قال الصادقعليه‌السلام لعمرو: « ما تقول في الصدقة »؟ قال: فقرأ عليه هذه الآية( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ) (١) إلى آخرها قال: « نعم، فكيف تقسم بينهم؟ » قال: أقسمها على ثمانية أجزاء، فأعطي كلّ جزء من الثمانية جزءاً، قالعليه‌السلام : « إن كان صنف منهم عشرة آلاف، وصنف رجلاً واحداً و(٢) رجلين و(٣) ثلاثة، جعلت لهذا الواحد مثل ما جعلت للعشرة آلاف؟! » قال: نعم، قال: « وكذا تصنع بين صدقات أهل الحضر وأهل البوادي، فتجعلهم فيها سواء؟! » قال: نعم، قال: « فخالفت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في كلّ ما أتى به (في سيرته)(٤) ، كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقسم صدقة أهل

____________________________

الباب - ١٥

١ - الاحتجاج ص ٣٦٤

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢، ٣) في المصدر: أو.

(٤) ليس في المصدر.

١١٥

البوادي في أهل البوادي، وصدقة الحضر في أهل الحضر، لا يقسمه(٥) بينهم بالسوية، إنما (يقسم على)(٦) قدر ما يحضره منهم، وعلى ما يرى، فإن كان في نفسك شئ ممـّا قلت(٧) فإن فقهاء أهل المدينة ومشيختهم كلهم، لا يختلفون في أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كذا كان يصنع ».

[ ٧٧٩١ ] ٢ - الجعفريات: أخبرنا محمّد، حدّثني موسى، حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه جعفر بن محمّد، عن أبيهعليهم‌السلام : « أن علي بن أبي طالبعليه‌السلام يعطي الرجل زكاة ماله في هذه السهام بالحصص. للفقراء أهل العفة نصيب ولنسوانهم، ونصيب للسؤال، ونصيب في الرقاب، ونصيب في الغارمين. ونصيب في بني السبيل، وهو الضعيف المنقطع به ».

[ ٧٧٩٢ ] ٣ - دعائم الإسلام: عن عليعليه‌السلام أنّه بعث إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من اليمن بذهبة في أديم مقروظ - يعني مدبوغ بالقرظ - لم تخلص(١) من ترابها، فقسمها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بين خمسة نفر: الأقرع بن حابس، وعيينة بن حصن بن بدر، وزيد الخيل، وعلقمة بن علاثة، وعامر بن الطفيل، فوجد(٢)

____________________________

(٥) في المصدر: يقسم، والظاهر أنّه أصوب.

(٦) وفيه: يقسمه.

(٧) وفيه زيادة: لك.

٢ - الجعفريات ص ٥٤.

٣ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٦٠.

(١) في المصدر: تُحَصَّل.

(٢) وَجَد: غضب (لسان العرب ج ٣ ص ٤٤٦).

١١٦

في ذلك ناس من أصحاب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (٣) ، فقال: « ألا تأمنوني!؟ وأنا أمين في(٤) السماء، يأتيني خبر السماء صباحاً ومساء ».

[ ٧٧٩٣ ] ٤ - محمّد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن محمّد القصري، عن أبي عبداللهعليه‌السلام ، قال: سألته عن الصدقة؟ فقال: « نعم(١) ، ثمنها(٢) فيمن قال الله » الخبر.

١٦ -( باب تحريم الزكاة الواجبة على بني هاشم، إذا كان الدافع من غيرهم)

[ ٧٧٩٤ ] ١ - الصدوق في الأمالي والعيون: عن ابن شاذويه المؤدب، وجعفر بن محمّد بن مسرور معاً، عن محمّد بن عبدالله الحميري، عن أبيه، عن الريان بن الصلت، عن الرضاعليه‌السلام ، فيما ذكرهعليه‌السلام من فضائل العترة، لعلماء العراق وخراسان، بحضرة المأمون، قالعليه‌السلام : « فلما جاءت قصة الصدقة نزه نفسه ونزه رسوله ونزه أهل بيته، فقال:( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ

____________________________

(٣) في المصدر زيادة « وقالوا: نحن كنا أحقّ بهذا، فبلغه ذلكصلى‌الله‌عليه‌وآله ».

(٤) وفيه: من في.

٤ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٤ ح ٨٠.

(١) نعم: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أقسمها.

الباب - ١٦

١ - أمالى الصدوق ص ٤٢٨، وعيون أخبار الرضاعليه‌السلام ج ١ ص ٢٣٨.

١١٧

وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّـهِ ) (١) فهل تجد في شئ من ذلك أنه سمى(٢) لنفسه أو لرسوله أو لذي القربى، لأنه تعالى لما نزه نفسه، عن الصدقة، نزه رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ونزه أهل بيته، لا بل حرّم عليهم، لأن الصدقة محرمة على محمد وآله وهي أوساخ أيدي الناس، لا تحل لهم لأنهم طهّروا من كلّ دنس ووسخ، فلما طهرهم الله عزّوجلّ [ و ](٣) اصطفاهم، رضي لهم ما رضي لنفسه، وكره لهم ما كره لنفسه عزّوجلّ ».

[ ٧٧٩٥ ] ٢ - دعائم الاسلام: عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، أنه قال: « أخذ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بيدي فمشيت معه، فممرنا بتمر مصبوب وأنا يومئذ غلام صغير(١) ، فجمزت(٢) فتناولت تمرة فجعلتها في فيّ، (فأخرج التمرة)(٣) بلعابها ورمى بها في التمر، وكان من تمر الصدقة، وقال: إنا أهل البيت(٤) لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٦ ] ٣ - وعن جعفر بن محمدعليهما‌السلام ، قال: « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا تحل الصدقة لي ولا لأهل بيتي، إن الصدقة أوساخ أموال(١) الناس، فقيل لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

____________________________

(١) التوبة ٩: ٦٠.

(٢) في الأمالي: جعل عزّوجلّ سهماً.

(٣) أثبتناه من المصدرين.

٢ - دعائم الاسلام ج ١ ص ٢٥٨.

(١) ليس في المصدر.

(٢) جمز: عدا وأسرع. (مجمع البحرين ج ٤ ص ١٠).

(٣) في المصدر: فجاء رسول الله حتى أدخل إصبعه في فيَّ فأخرجها.

(٤) في نسخة: بيت، منه (قدّه).

٣ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) أموال: ليس في المصدر.

١١٨

الزكاة التي يخرجها الناس من ذلك ؟ قال: نعم ».

[ ٧٧٩٧ ] ٤ - وعنهعليه‌السلام ، قال: « لا تحل لنا زكاة مفروضة، وما أبالي أكلت من زكاة أو شربت من خمر، إن الله حرم علينا من(١) صدقات الناس، أن نأكلها و(٢) نعمل عليها ».

[ ٧٧٩٨ ] ٥ - وعن أمير المؤمنينعليه‌السلام (١) ، أنه نظر إلى الحسن بن عليعليهما‌السلام ، وهو طفل صغير قد أخذ تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فاستخرجها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، من فمه وأنّ عليها لعابه، فرمى بها في تمر الصدقة حيث كانت، وقال: « إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة ».

[ ٧٧٩٩ ] ٦ - محمد بن مسعود العياشي في تفسيره: عن العيص بن القاسم، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، قال: « إن أناساً من بني هاشم، أتوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فسألوه أن يستعملهم على صدقة المواشي والنعم، فقالوا: يكون لنا هذا السهم الذي جعله الله للعاملين عليها، والمؤلفة قلوبهم، فنحن أول به، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : يا بني عبد المطلب، إن الصدقة لا تحل لي ولا لكم، ولكن وعدت الشفاعة - ثم قال: أنا أشهد أنه قد وعدها - فما ظنكم يا بني عبد المطلب، إذ أحذت بحلقة باب الجنة، أتروني مؤثراً عليكم غيركم!؟ ».

____________________________

٤ - المصدر السابق ج ١ ص ٢٥٩.

(١) من: ليس في المصدر.

(٢) وفيه: أو.

٥ - دعائم الإسلام ج ١ ص ٢٤٦.

(١) لم يتبيّن من المصدر بأنّ هذه الرواية عن أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٦ - تفسير العياشي ج ٢ ص ٩٣ ح ٧٥.

١١٩

[ ٧٨٠٠ ] ٧ - الشيخ أبو علي الطوسي في أماليه: عن أبيه، عن المفيد، عن علي بن أحمد القلانسي، عن عبد الله بن محمد، عن عبد الرحمن بن صالح، عن موسى بن عثمان(١) ، عن أبي إسحاق السبيعي، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بغدير خم: « أن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي » الخبر.

[ ٧٨٠١ ] ٨ - نهج البلاغة: ومن كلام لهعليه‌السلام : « وأعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها(١) ، كأنها(٢) عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: أَصِلة ؟ أم زكاة ؟ أم صدقة ؟ فذلك كله محرم علينا أهل البيت » الخبر.

[ ٧٨٠٢ ] ٩ - تفسير الإمامعليه‌السلام : في قوله تعالى:( وَآتَى الْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَىٰ ) (١) قالعليه‌السلام : « إعط لقرابة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الفقراء هدية أو براً، لا صدقة فإن الله تعالى قد أجلّهم عن الصدقة - إلى أن قال - (واليتامى، آت)(٢) اليتامى من بني هاشم الفقراء براً لا صدقة ».

[ ٧٨٠٣ ] ١٠ - سليم بن قيس الهلالي في كتابه: عن أمير المؤمنين

____________________________

٧ - أمالي الطوسي ج ١ ص ٢٣١، وعنه في البحار ج ٩٦ ص ٧٥ ح ٩.

(١) كان في الطبعة الحجرية « عمران »، والصحيح أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال (راجع لسان الميزان ج ٦ ص ١٢٥).

٨ - نهج البلاغة ج ٢ ص ٢٤٤ ح ٢١٩.

(١) شَنِئ الشئ: ابغضه (لسان العرب ج ١ ص ١٠١).

(٢) في المصدر: كأنّما.

٩ - تفسير الامام العسكريعليه‌السلام ص ٢٤٩.

(١) البقرة ٢: ١٧٧.

(٢) في المصدر: أرادوا.

١٠ - كتاب سليم بن قيس الهلالي ص ١٦٣.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

ومنها:

تـبوح بفضلك الدنيا لتحظى بـذاك وأنت تكره أن تبوحا

ومـا للمسك في أَن فاح حظٌّ ولـكن حـظّنا في أن يفوحا

وقـد بـلغ الضراح وساكنيه ثناك وزار من سكن الضريحا

وقـد شرَّفتني ورفعت إسمي بـه وأنـلتني الحظّ الربيحا

أجل ولو أنّ علم الغيب عندي لـقلت أفـدتني أجلاً فسيحا

وكون جوابه في الوزن ذنب ولـكن لم تزل مولى صفوحا

وذلك أنّ شعرك طال شعري فـما نلت النسيب ولا المديحا

ومن لم يستطع أعلام رضوى لـينزل بعضها نزل السفوحا

شـققت البحر من أدبٍ وفهمٍ وغرَّق فكرك الفكر الطموحا

لـعبت بسحرنا والشعر سحرٌ فـتبنا مـنه توبتنا النصوحا

فلو صحّ التناسخ كنت موسى وكـان أبوك إسحاق الذبيح

اوفي سقط الزند قصائد أُخرى، لا أستبعد أنّها في ممدوحه فتركت الاختيار منها ؛ لأنّها لم تعنون باسمه ولم يلقّب بالمرتجم بممدوح أبي العلاء إلاّ لمدحه له بأكثر من القصيدتين اللتين اخترنا منهما ما اخترناه. وبعد فإنّا نختم هذا الفصل بإيراد ما يتّسع له المجال من قصيدته التي رثاه بها، قال:

بني الحسب الوضّاح والشرف الجمِّ لـسانيَ إن لم أرثِ والدكم خصمي

شـكوت مـن الأيّـام تبديل غادرٍ بـوافٍ ونـقلاً من سرورٍ إلى همِّ

وحـالاً كـريش النسر بينا رأيته جـناحاً لشهم آض ريشاً على سهمِ

فـيا دافـنيه فـي الثرى إنّ لحده مـقرّ الـثريّا فـادفنوه عـلى علمِ

ويـا حـاملي أعـواده إنّ فـوقها سـماوي سـر فاتقوا كوكب الرجمِ

ومـا نـعشه إلاّ كـنعشٍ وجـدته أبـاً لـبناتٍ لا يـخفن مـن اليتمِ

ومنها:

فـيا قـلب لا تـلحق بـثكل محمد سـواه لـيبقى ثـكله بـيّن الـوسمِ

فـإنّي رأيـت الحزن للحزن ماحياً كما خُطّ في القرطاس رسمٌ على رسمِ

٢٨١

كـريم حـليم الجفن والنفس لا يرى إذا هو أغفى ما يرى الناس في الحلمِ

فـتـىً عـشـقته الـبابلية حـقبةً فـلم يـشفها مـنه بـرشفٍ ولا لثمِ

كـأنّ حـباب الـكأس وهي حبيبة إلى الشرب ما ينفي الحباب من السمِّ

تـسـور إلـيه الـراح ثـمّ تـهابه كـأنّ الـحميّا لـوعة في ابنة الكرمِ

دعـا حـلباً أخـت الغريّين مصرع بـسيف قـويق لـلمكارم والـحزمِ

أبـي الـسبعة الشهب التي قيل إنّها مـنفّذة الأقـدار فـي العرب والعجمِ

فـإن كـنت مـا سـمّيتهم فـنباهة كـفتني فـيهم أن أعـرّفهم باسمي

فـهذا وقـد كـان الـشريف أبوهم أمـير الـمعاني فارس النثر والنظمِ

إذا قـيل نـسك فـالخليل ابن آزر وإن قـيل فـهم فـالخليل أخو الفهمِ

أقـامت بـيوت الـشعر تحكم بعده بـناء المراثي وهي صور إلى الهدمِ

فـيا مـزمع الـتوديع إن تمس نائياً فـإِنّك دان فـي الـتخيّل والـوهمِ

تـقرّب جـبريل بـروحك صاعداً إلـى الـعرش يـهديها لجدّك والأمِّ

فلا تنسني في الحشر والحوض حوله عـصائب شـتّى بـين غرٍّ إلى بهمِ

لـعلّك فـي يـوم الـقيامة ذاكـري فـتسأل ربّـي أن يـخفف من اثمي

أعقابه:

قال في عمدة الطالب: وعقب أبي إبراهيم المذكور المعروف الآن من رجلين: أبي عبد الله جعفر نقيب حلب، وأبي سالم محمد ابني إبراهيم ولأعقابهما توجّه وعلم وسيادة، فمن بني أبي سالم محمد بنو زهرة، ومن أبي عبد الله جعفر بن إبراهيم بنو حاجب الباب، وهو شرف الدين أبو القاسم الفضل بن يحيى بن أبي علي بن عبد الله نقيب حلب ابن جعفر بن أبي تراب زيد بن جعفر المذكور، وهو السيّد العالم حافظ كتاب الله كان حاجباً لباب الفتوى(١) بدار الخلافة ببغداد.

والذي ظهر من قول أبي العلاء المعرّي في القصيدة الأولى:

(وجرت في الأنام أولاده السبعة جري الأرواح في الأبدان)

ومن قوله في مرثيّته:

____________________

(١) في الأصل الفنوني.

٢٨٢

أبي السبعة الشهب التي قيل إنّها منفّذة الأقدار في العرب والعجمِ

إنّه تخلّف بسبعة، ولكنّ المعقّبين منهم اثنان، كما ورد في عمدة الطالب.

عمود نسبهم الثالث زهرة

هو أبو المحاسن زهرة بن أبي المواهب علي بن أبي سالم محمد بن أبي إبراهيم محمد النقيب بن أبي علي أحمد بن أبي جعفر محمد بن أبي عبد الله الحسين بن أبي إبراهيم إسحاق المؤتمن ابن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام).

هكذا أورد نسبه صاحب لؤلؤتي البحرين، عن العلاّمة جمال الملّة والدين الحسن بن المطهّر الحلّي في المنقول من إجازته لبني زهرة.

وفيها بعض الاختلاف عن رواية عمدة الطالب، فقد جاءت كنيته فيه (بأبي الحسن) لا بأبي المحاسن.

وفي عمدة الطالب ابن أبي سالم محمد بن (إبراهيم) بإسقاط (أبي) والصواب ما جاء عن العلاّمة ؛ لأنّه لا يوجد في سلسلة آبائه اسم إبراهيم.

وقد رأينا فيما سبق من هذا المقال(١) أنّ شهرة هذا القبيل الفاطمي ببني زهرة هي منه، أمّا ترجمة أحواله فلم نقف على شيءٍ منها في المعاجم وكتب الرجال التي نعوّل عليها في كتابة هذا المقال ؛ فوقفنا عند ما نعلم.

وبعد، فلمّا كان من المستصعب بل المتعذّر علينا ربط رجال العلم وذوي الأقدار من أعقابه بسلسلته، وضمّ كلّ فرع منهم إلى أصله المتحدّر منه مثل تعذّر تنسيق أسمائهم وتراجمهم مرتّبةً على السنين، رأينا الاقتصار على سردها خلواً من الترتيب، ولئن فاتنا في ذلك رواء العقد منظوماً، فلن يفوتنا رواء درّه منثوراً.

____________________

(١) العرفان م ٧ ج ٨ ص ٤٥٧.

٢٨٣

١ - الشريف زهرة (١)

هو الشريف زهرة بن علي بن إبراهيم الإسحاقي الحسيني، لم يذكره صاحب أمل الآمل ولا صاحب روضات الجنات، وأعتمد في ترجمته على ما كتبه العالم الأديب الشيخ محمد راغب طباخ الحلبي المعروف في جريدة الحقيقة(٢) تحت عنوان (حول افتتاح المدرسة الخسروانية)، قال:

وأوّل مدرسة بُنيت في مدينة حلب هي المدرسة الزجاجيّة، أنشأها بدر الدولة أبو الربيع سليمان بن عبد الجبّار أرتق صاحب حلب، ابتدأ في عمارتها سنة عشر وخمسمئة، وعلى حائطها مكتوب سنة سبع عشرة(٣) .

ولمّا أراد بناءها لم يمكنّه الحلبيّون إذ كان الغالب عليهم التشيّع ؛ فكان كلّما بُني فيها شيء نهاراً أخربوه ليلاً، إلى أن أعياه ذلك ؛ فأحضر الشريف زهرة بن علي بن إبراهيم الإسحاقي الحسيني، والتمس منه أن يباشر بناءها فيكفّ العامّة عن هدم ما يُبنى ؛ فباشر الشريف البناء ملازماً له حتّى فرغ منها.

أمّا خبر معارضة الشيعة بناء هذه المدرسة فقد رويناه في القسم الأوّل من هذا المقال عن مجلّة المقتبس بغير هذا التفصيل.

٢ - علي بن الحارث بن زهرة

أورد صاحب الروضات اسمه نقلاً عن ابن شهراشوب، ونسب له كتاب قبس الأنوار.

وقد عد هذا الكتاب في مصنفات السيّد أبي المكارم حمزة بن زهرة، كما سترى ذلك قريباً.

____________________

(١) العدد ١٥٤٥.

(٢) الشريف بن زهرة بن علي بن إبراهيم الإسحاقي الحسيني، كما قال الشيخ محمد راغب طباخ الحلبي في جريدة الحقيقة.

(٣) إذا كان باني المدرسة بدر الدولة وهو لم يستنب من عمّه إيلغازي على حلب إلاّ سنة ٥١٥، وسنة ٥١٧ انتزعها منه ابن عمّه يلك بن بهرام بن أرتق، كما ترى خبر ذلك مبسوطاً في كامل ابن الأثير، ومختصر أبي الفداء، فكيف يصحّ القول بعد هذا بأنّه ابتدأ في عمارتها سنة ٥١٠ هـ.

٢٨٤

٣ - السيّد أبو المكارم حمزة بن زهرة الحلبي

هو عزّ الدين أبو المكارم حمزة بن علي بن أبي المحاسن زهرة بن الحسن بن زهرة الحسيني الحلبي.

قال في الروضات: ينتهي نسبه إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) باثنتي عشرة واسطة، سادات أجلاّء.

وهو من كبار فقهائنا الأصفياء النبلاء، وكذا أبوه الفاضل الكامل الذي يروي هو عنه. وجدّه السيّد أبو المحاسن وأخوه الفقيه الكامل الأديب السيّد أبو القاسم عبد الله وكذا ابن أخيه السيّد محيي الدين محمد بن عبد الله، بل وسائر أولاده وأحفاده وبنو عمومته الذين من جملتهم السيّد الفاضل الفقيه الكامل علاء الدين، إلى أن قال:

فالسيّد أبو المكارم المعظّم من أجلاّء علمائنا المشار إلى خلافاته في كلمات الأصحاب، وأكثر أهل ذلك البيت المكرّم فقهاً وعلماً وشهرةً بين الطائفة، وغيرها بالسيّد ابن زهرة بحيث لا ينصرف الإطلاق منه إلاّ إليه(١) .

روى عنه ابن أخيه محمد بن عبد الله بن زهرة ومحمد بن إدريس.

وهو الذي أجاب صاحب حلب مقترح الشيعة بتفويض عقودهم ونكحتهم إليه، وإعادة حيّ على خير العمل في الأذان ؛ حيث اشترطوا ذلك عليه يوم استنفرهم لمقاومة صلاح الدين حين جاء حلب فاتحاً، وقد ذكرنا ذلك في تضاعيف هذا المقال.

وقال صاحب أمل الآمل في حقّه: فاضل عالم ثقة جليل القدر عظيم المنزلة، له مصنّفات كثيرة.

وبعد إيراده أسماءها قال: ويروي عنه شاذان بن جبريل ومحمد بن إدريس وغيرهما.

وذكره ابن شهراشوب وقال: له قبس الأنوار في نصر العترة الأطهار وغنية النزوع، حسن.

____________________

(١) في آخر أمل الآمل أنّ ابن زهرة يطلق على حمزة المترجم ويأتي لمحمد بن عبد الله، ومحمد بن إبراهيم، وغيرهما.

٢٨٥

وقد عرفت آنفاً نسبة كتاب قبس الأنوار إلى علي بن الحارث بن زهرة.

ولد أبو المكارم سنة ٥١١ وتوفّي سنة ٥٨٥.

٤ - الشريف زهرة (١)

لم أجد له ذكراً في غير الخطط للمقريزي(٢) وهذا نصّ ما جاء فيه.

أنشد الشريف زهرة بن علي بن زهرة بن الحسن الحسيني وقد اجتاز به (المعشوق)(٣) يريد الحج:

قد رأيت المعشوق وهو من اله جـر بحالٍ تنبو النواظر عنه

أثَّـر الـدهر فـيه آثار سوءٍ قـد أدالـت يد الحوادث منه

والظاهر أنّه أخو الشريف أبي المكارم حمزة الآنف الذكر.

٥ - الشريف عبد الله

هو أبو القاسم عبد الله بن علي بن زهرة أخو أبي المكارم الشريف حمزة، قال في حقّه صاحب أمل الآمل:

فاضل عالم فقيه محقّق ثقة، يروي عنه ولده السيّد محيي الدين وجماعة جميع تصانيفه، ثمّ عدّ أسماءها وقد تقدّم ذكره في ترجمة أخيه أبي المكارم كما نقلناه عن الروضات.

٦ - ابن أخيه السيّد محمد

هو محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحلبي.

قال في أمل الآمل: فاضل عالم جليل، يروي عنه المحقّق، ويروي هو عن أبيه، عن ابن شهراشوب أيضاً، وقد تقدّم أنّه روى هو وابن إدريس عن عمّه الشريف أبي المكارم.

____________________

(١) الشريف زهرة بن علي بن زهرة بن الحسن الحسيني، كما جاء في خطط المقريزي.

(٢) ج ٣ ص ٢٥٩.

(٣) اسم لمكان فيه أشجار بظاهر مصر.

٢٨٦

٧ - السيّد محمد بن زهرة

هو محيي الدين محمد بن زهرة أبو حامد الحسيني الحلبي الإسحاقي، هكذا نسبه صاحب أمل الآمل، وقال في وصفه: فاضل فقيه علاّمة يروي الشهيد عن الحسن بن نما عنه.

٨ - السيّد جمال الدين أبو الحسن علي بن زهرة الحلبي

هو كما في أمل الآمل علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن زهرة بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق المؤتمن بن جعفر (عليه السلام).

كان عالماً ثقةً جليل القدر، استجاز العلاّمة فأجازه، وأجاز ولده وأخاه وولديه إجازةً طويلةً مفصّلةً كثيرة الفوائد، وأثنى عليهم ثناءاً بليغاً، وهذا ما جاء منها في لؤلؤتي البحرين مع كلمةٍ للمؤلّف:

وأمّا السيّد ابن زهرة فهو السيّد الأجلّ الأنبلّ علاء الملّة والحق والدين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن زهرة الحلبي، قال العلاّمة (رحمه الله تعالى) في إجازته له:

(وبلغنا في هذه الأعصار ورود الأمر الصادر عن المولى الكريم، والسيّد الجليل الحسيب النسيب نسل العترة الطاهرة، وسلالة الأنجم الزاهرة، المخصوص بالنفس القدسية، والرياسة الأُنسية، الجامع بين مكارم الأخلاق، وطيب الأعراق، أفضل أهل العصر على الإطلاق، علاء الملّة والحق والدين أبي الحسن علي بن إبراهيم بن محمد(١) بن أبي الحسن زهرة بن أبي المواهب علي بن أبي سالم محمد بن أبي إبراهيم محمد النقيب بن أبي علي أحمد بن أبي جعفر محمد بن أبي عبد الله الحسين بن إسحاق المؤتمن(٢) بن أبي عبد الله جعفر الصادق لبن أبي جعفر محمد الباقر (عليه السلام) ابن أبي الحسن علي زين العابدين (عليه السلام) ابن أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) السبط الشهيد ابن علي (عليه السلام):

نسبٌ تضاءلت المناسب دونه فـضياؤه كصباحه في فجرِهِ

____________________

(١) في الأصل إبراهيم محمد بحذف (ابن).

(٢) في الأصل ابن (إبراهيم) إسحاق.

٢٨٧

أيّده الله بالعنايات الإلهية، وأمدّه بالسعادات الربّانيّة، وأفاض على المستفيدين جزيل كماله، كما أنبع عليهم من فواضل نواله، تتضمّن طلب إجازة صادرة من العبد له ولأقاربه السادات الأماجد، المؤيّدين من الله تعالى في المصادر والموارد، وأجوبة عن مسائل دقيقة رقيقة لطيفة، ومباحث عميقة شريفة، فامتثلت أمره، رفع الله قدره، وبادرت إلى طاعته، وإن التزمت سوء الأدب المغتفر في جنب الاحتراز عن مخالفته، وإلاّ فهو معدن الفضل والتحصيل، وذلك عن حجّةٍ ودليل، وقد أجزت له أدام الله أيّامه ولولده المعظّم، والسيّد المكرّم، شرف الملّة والدين أبي عبد الله الحسين، ولأخيه الكبيرين المعظّمين أبي طالب أحمد شهاب الدين وأبي محمد عز الدين حسن عضدهم الله تعالى بدوام مولانا أن يروي هو وهم عنّي جميع ما صنّفته في العلوم العقليّة والنقليّة، أو أنشأته وأفتيت به، أو أُجيز لي روايته، أو سمعت من كتب أصحابنا السابقين وجميع ما أجازه لي المشايخ الذين عاصرتهم، واستفدت من أنفاسهم إلى آخره، ثمّ ساق طريقه إليهم.

٩ - ولده أبو عبد الله الحسين

قد عرفت أنّه من رجال إجازة العلاّمة، كان عالماً فاضلاً فقيهاً جليل القدر روى عن العلاّمة واستجازه فأجازه، كذا جاء في أمل الآمل.

١٠ - أخوه السيّد بدر الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زهرة

هو من رجال إجازة العلاّمة، قال في أمل الآمل: كان من علماء السادات وسادات العلماء، من تلامذة العلاّمة.

١١ - ابن أخيه أبو طالب شهاب الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن زهرة

هو من رجال إجازة العلاّمة لعمّه وأبيه، قال في أمل الآمل: فاضل جليل، يروي عن العلاّمة وله منه إجازة مع أبيه وعمّه وأخيه وابن عمّه، وقد بالغ فيها في الثناء عليهم.

٢٨٨

١٢ - ابن أخيه أبو محمد عز الدين حسن بن محمد بن إبراهيم بن زهرة

هو من رجال تلك الإجازة، قال في أمل الآمل: كان عالماً فاضلاً فقيهاً جليل القدر، روى عن العلاّمة واستجازه فأجازه.

١٣ - أبو طالب أحمد بن القاسم بن زهرة الحسيني

عالم فاضل جليل يروي عن الشهيد. كذا في أمل الآمل.

١٤ - علي بن محمد بن زهرة الحسيني الحلبي

قال في أمل الآمل، ونقله عنه صاحب لؤلؤتي البحرين، فاضل فقيه جليل القدر روى عن الشيخ طمان بن أحمد العاملي.

١٥ - النقيب بدر الدين محمد بن زهرة

ذكره ابن الوردي في ذيل مختصر أبي الفداء في أخبار الأمير بدر الدين لولو القندشي حين دخل إلى حلب شادّاً(١) على المملكة وعلى يده تذاكر، وصادر المباشرين وغيرهم.

قال ومنهم النقيب بدر الدين جرى ذلك في حوادث سنة ٧٣٣ وقال في حوادث سنة ٧٣٦ فيها في المحرّم باشر السيّد النقيب الشريف بدر الدين محمد ابن السيّد شمس الدين بن زهرة الحسيني وكالة بيت المال بحلب مكان شيخنا القاضي فخر الدين أبي عمر وعثمان بن الخطيب زين الدين علي الجويني.

وقال في حوادث سنة ٧٣٩ وفيها في العشر الأوسط من ربيع الآخر تُوفّي السيّد الشريف بدر الدين محمد بن زهرة الحسيني نقيب الأشراف وكيل بيت المال بحلب.

(ومن الاتفاق أنّه مات يوم ورد الخبر بعزل ملك الأُمراء علاء الدين الطنبغا عن نيابة حلب، وكان بينهما شحناء في الباطن ؛ قلت:

____________________

(١) الشادّ: العامل على المكوس.

٢٨٩

قد كان كلٌّ منهما يرجو شفا أضغانه

فـصار كلُّ واحدٍ مـشتغلاً بـشانه

وكان السيّد (رحمه الله) حسن الشكل، وافر النعمة، معظّماً عند الناس شهماً ذكيّاً، وجدّه الشريف أبو إبراهيم هو ممدوح أبي العلاء المعرّي.

١٦ - الأمير شمس الدين حسن بن السيّد بدر الدين محمد بن زهرة

كذا جاءت نسبته في ذيل المختصر لابن الوردي، ذكره مع ابن عمّه السيّد علاء الدين في حوادث سنة ٧٤٧، قال وفيها ورد البريد بتولية السيّد علاء الدين علي بن زهرة الحسيني نقابة الأشراف بحلب مكان ابن عمّه الأمير شمس الدين، وأُعطي هذا إمارة الطبلخانات بحلب.

أمّا السيّد علاء الدين فأظنّه صاحب إجازة العلاّمة والذي سبقت ترجمته.

هذا جلّ ما استطعنا تجريده في هذا المقال من أسماء مشهوري (بني زهرة)، ونعلم أنّنا لم نبلغ حاجةً في نفوس قرّاء العرفان الأدباء، ولا في نفسنا، وعذرنا انطماس آثارهم.

وعجيب أن لا تفسح المعاجم مجالاً لذكرهم وأن لا يكون لهم حظ منها، وهي قد تعرّضت لترجمة كثيرين ممّن ينحطّون عنهم في مراتب العلم والشرف، ولا يوازونهم في موازين الفضل والجاه، ولا نرتاب بأنّ هناك رجالاً من تلك الأسرة الكريمة غير مَن سردنا أسماءهم في هذا القسم دَرَست آثارهم، وطُمست أخبارهم، وعميت علينا أنباؤهم.

وبعد، فأنّى لنا بإيفاء الموضوع حقّه من التمحيص، وأن نحيط بما لرجال تلك الأسرة الأعلام من الآثار، وكلّ ما نستمدّ به مادّتنا في الكتابة من المعاجم لا يعدو طريقة الفهارس، على أنّ في انقطاع العلم منهم بضعة قرون وبعد شقّة الاتصال بيننا وبين أعقابهم ما يحول دوننا ودون ما نتوخّاه من التحقيق.

وكيف كان، فقد جرينا فيما كتبناه مع قول الشاعر:

إذا لم تستطع أمراً فدعْه وجاوزْهُ إلى ما تستطيعُ

٢٩٠

أعقاب بني زهرة اليوم

لبني زهرة أعقاب متفرّقون في البلاد، وجمهرتهم في الفوعة، ونرى أن سياسة الغالب من غير أبناء مذهبهم أخرجتهم من حلب، وهم لا يُعرفون في هذه الأيّام ببني زهرة، ومنهم على ما روى لنا بعض الأعلام أسرة المرحوم نايف آغا الزعيم الشيعي في تلك الناحية، والمظنون أن أسرة بدر الدين في النبطيّة تتّصل نسبتها بسلسلة نسبهم الكريم، وفي قرية شحور أسرة تحمل نسباً كما أخبرني بعض العلماء الأجلاّء متّصلاً ببني زهرة.

وظنّ بعضهم أنّ نسبة الزهراوي أُسرة العلاّمة المرحوم الشهيد السيّد عبد الحميد الزهراوي إلى بني زهرة ولكن الذي يرويه ذلك العلاّمة أنّ النسبة إلى الزهراء (عليها السلام) وذلك الأصوب ؛ لأنّه أعرف بنسبه أوّلاً ؛ ولأنّ النسبة إلى زهرة الزهري لا الزهراوي ثانياً.

ولقد وقفت على صورة نسب لشريف فوعي يتّصل ببني زهرة ؛ ألمحت إليه في تضاعيف المقال.

والحمد لله في البدء والختام.

٢٩١

تاريخ بني عمار

أحمده تعالى على تواتر نعمائه وترادف آلائه، وأُصلي على صفوة أنبيائه والخيرة من أوليائه.

وبعد، فإنّي مُدوِّنٌ بهذه الصفحات ما بلغه علمي وأدركه جهدي من مظانّ كتبٍ تاريخيّةٍ من متناولي من تاريخ بني عمّار قضاة طرابلس الشام، من منتصف القرن الخامس الهجري إلى أوائل القرن الخامس، حيث غلب عليها الفرنج في غزواتهم الصليبيّة، وأصابها ما أصاب البلاد الشاميّة من التدمير والتنكيل بالسكّان الذين أوقعهم القدر في سلطانهم العاثر، وكانت نكبة هذا البلد التي تزيد على نكبة تقويض عمرانه وشامخ بنيانه، بالقضاء المجرم على دور العلم فيه ومكتبته الحافلة بنفائس الكتب التي ذهب بصنّاعها عصارة ما أنتجته الأدمغة العربية الإسلامية من علوم وآداب وفنون.

ندبت نفسي لهذا العمل الشاق القليلة مصادره خدمةً للتاريخ، وإقراراً بفضل بن عمّار على العلم، وبما أسدوه للإسلام من جميل، وعمل رافع في سبيل الوقوف بإتيّ الغزو الصليبي الجارف الحامل في ثناياه، إلى روح التعصّب الديني الممقوت، كلّ أدوات التخريب والقضاء على المدنيّة الإسلامية.

وأراني إن لم أفِ الموضوع حقّه فقصاراي أن قمت بالمستطاع، وفتحت باباً مغلقاً لمن يفتحه، ويكمل ما نقص من استيفاء الموضوع، والله من وراء القصد.

٢٩٢

٢٩٣

المقدّمة الأُولى

بنو عمّار قضاة طرابلس:

١ - أغفل التاريخ أخبار هؤلاء القضاة الذين كان لهم دورٌ مهمٌ في طرابلس وفي السياسة الفاطميّة، ولقبيلهم سعيٌ عظيمٌ في إنشاء دولتها في إفريقية، ولم يرد لهم ولقبيلهم فيما دوّنه من حوادث تلك الأيّام إلاّ نتف يسيرة مغمورة في التيّار الأعظم من تلك الحوادث، حتّى لا يكاد يبين لها شبح يشخص ما كان لهم من مكانةٍ في سياسة الدولة الفاطميّة، وعمل خطير في طرابلس أيّام ولايتهم عليها، التي سلخت زهاءَ قرن ونصف من مدّة تلك الأزمان الحافلة بالأحداث، سواء أكان ذلك في عملهم العمراني بطرابلس وما إليها، أم كان في خدمتهم الجلّى للعلم والعرفان، أم كان في مكتبتهم العظمة التي احتوت من الكتب ما اختلف المؤرّخون والرواة في تقديره بالملايين أو الألوف أو بمئة ألف كتاب.

وكنت في أثناء مراجعتي لتاريخ تلك القرون، وأنا أرى كيف تقتضب أخبارهم اقتضاباً، ولا تُذكر فيه إلاّ استطراداً على ما كان لهم من أثرٍ نافع وعمل رافع، آسف جدّ الأسف كيف لا تكون لهم فيه صفحة لامعة تليق بعملهم السياسي والعمراني والعلمي، وحدثتني نفسي أن أتولّى البحث عنهم، وأراجع مختلف الكتب التاريخية التي هي في متناولي، وأدوّن ما أبلغه من نتيجة بحثي في تضاعيف تلك الكتب، وما أظفر به من شذرات مبدّدات هنا وهناك، فأنظمها بعد التأليف ما بينها في سمط كتابٍ واحدٍ لعلّي أؤدّي به رسالة الاعتراف بما لهذا القبيل المبخوس حقّه التاريخي من الفضل، على أنّني لا أضمن لنفسي الإصابة في التنسيق التاريخي المنتظم، والمظانّ مفقودة والمراجع لا تكاد

٢٩٤

تفي ببعض الحاجة، والمصادر أعزّ من بيض الأنوق، ولكن ما على المجتهد حرج إن أخطأ الصواب إذا كان حسن النية حافزه، ونشدان الحقيقة دافعه، وفوق كلِّ ذي علمٍ عليم.

٢ - إن لم يؤدّ التاريخ رسالته في سرد أحوالهم وترجمة رجالهم ومبدأ أُمورهم إلى زمن ظهورهم ومشاركتهم ذوي السلطان في النفوذ والسلطان، ولم يُعن على الأقل بأصول أنسابهم، كما لم يُعن بأحسابهم، فإنه لم يسكت عما يستفزّ الباحث إلى استطلاع شؤونهم بذكره في عرض حوادثه الكبرى طرفاً من بلائهم، سواء أكان في تأسيس الخلافة الفاطمية في افريقية، ومصاحبة فريق منهم أوّل مستولٍ من الفاطميّين على الدار المصريّة ثمّ الديار الشاميّة، أم كان من بلاء آخرهم فخر الملك بن عمّار في الدفاع عن طرابلس وصدّ الغارات الصليبيّة عنها، أم كان فيما أسدوه إلى هذا البلد وما إليه من الأعمال: من نشر علم واستبحار عمران وبذل عناية في ترقية مرافق حياة هذا البلد، من حيث إتقان الزراعة وتفوّق الصناعة.

وذكر مثل هذا البلاء من بني عمّار ومثل تلك العناية، ممّا يزيد الباحث شوقاً إلى دراستهم والوقوف على تراجمهم.

وإليك طرفاً ممّا أجمل المؤرّخون من سيرتهم: ففي خطط الشام (وممّا يذكر في هذا القرن (الخامس) أنّ القاضي جلال الملك أبا الحسن علي بن محمد بن أحمد بن عمّار جدّد في طرابلس دار العلم ودار الحكمة، وذلك في سنة ٤٧٢ هـ لتكون مركزاً من مراكز التشيّع، فنُشرت العلوم والآداب وأصبحت طرابلس مباءة علمٍ ودرسٍ ومباراة في التعلّم. وجهّز هذه الجامعة الدينية بمئة ألف مجلّد، وربّما كانت على عهده قبل استيلاء الصليبين عليها أوّل بلدة علميّة في الشام على ما رأى (فان برشم)).

وفي مكانٍ آخر من الخطط:

(وكان لابن عمّار البلاء الحسن، بل الأحسن في دفع عادة الصليبيّين عن بلده. لم يترك باباً من أبواب الخلاص ليصدهم عن طرابلس إلاّ طرقه، حتّى دفعهم بعقله وحسن إدارته عن تملّكها عشر سنين.

وكان في طريق رجعتهم كالحسكة في الحلق، وفي معاملة ملوك الأطراف نموذج الدهاء السياسي، وهو على صغر جرم مملكته

٢٩٥

يطاول ويحاول وينازل ويصاول ويلين ويقسو ؛ لأنّ مع الكثرة تخاذلاً ومع القلّة تماسكاً).

وجاء فيها فيما يتعلّق بمكتبة بني عمّار:

(ومن أهم النكبات التي أُصيبت بها الكتب في الشام نكبة طرابلس لمّا فتحها الصليبيّون، وإحراق صنجيل أحد أمرائهم كتب دار العلم فيها.

وأخذ الصليبيّون بعض ما طالت أيديهم إليه من دفاترها وكتبها الخاصّة في بيوتهم.

واختلفت الروايات في عدد المجلّدات التي كانت في خزانة دار بني عمّار أو دار حكمتهم في طرابلس، وعلى أصح الروايات أنّها ما كانت تقلّ عن مئة ألف مجلّد، وأوصلها بعضهم إلى ألف ألف وبعضهم إلى أكثر.

ووقفها أمين الدولة أبو طالب الحسن بن عمّار، وجاء بعدهم الأمير علي بن محمد بن عمّار الذي جدّد دار العلم سنة ٤٧٢ هـ، ثمّ فخر الملك عمّار بن محمد، حتّى صارت طرابلس كما قال ابن الفرات في زمن آل عمّار جميعها دار علم، وكان في تلك مئة وثمانون ناسخاً ينسخون لها الكتب بالجراية والجامكية، فضلاً عمّا يُشترى لها من الكتب المنتخبة من البلاد.

وابن الفرات هو ممّن يقول بأنّ عدد ما كان في دار العلم هذه من الكتب نحو ثلاثة ملايين كتاب عندما أحرقها الصليبيّون سنة ٥٠٣ هـ.

والغالب أنّه كان في طرابلس من الكتب الموقوفة غير دار العلم، وقفت قبل بني عمّار، وأراد ابن الفرات بهذه الثلاثة آلاف الألف عدد الكتب التي كانت في مكاتب طرابلس كلها).

إنّ فيما جاء في الخطط لَدليلاً كبيراً ناصعاً على تفوّق طرابلس العلمي في عهد بني عمّار، وإليك دليلاً آخر على تفوّقها العمراني والاقتصادي في عهدهم الزاهر، جاء في تاريخ سورية للأستاذ المحقّق جرجي يني الطرابلسي ما يلي:

(وكانت طرابلس في ذلك الحين (الحروب الصليبيّة) مشهورة بغنى طبيعته وحسن رونقها ونجاحها، وكانت حاصلاتها غزيرة جدّاً، حتّى أنّ السهول والتلال والأكم المجاورة كانت مصدراً لكثير من الغلال الفاخرة والزيتون والحرير، فضلاً عمّا هنالك من قصب السكّر والكرم وأنواع

٢٩٦

الفاكهة والأشجار، وحسبنا بذلك شهادة المؤرّخ (ميسود) الذي تبع قوله بقوله:

(إنّ في المدينة أكثر من أربعة آلاف نول لنسج الأقمشة الصوفيّة والحريريّة والقطنيّة، غير أنّ قسماً كبيراً من هذا الغنى بات طعاماً لانتقام الإفرنج أو معطّلاً من جرّى حروبهم وحصارهم الطويل ؛ فإنّهم كانوا في زمان الحصار قد أضرّوا بجوار البلدة، ولما تملّكوها لم يعتنوا بما فيها من المعامل الصناعيّة، فانحطّت انحطاطاً عظيماً ولم يكن ما ذكر لكلّ ما اشتهرت به طرابلس من الغنى في ذلك الزمن، فإنّ خزائنها كانت مُلئت من الكتب المفيدة، التي أحالها الافرنج رماداً، فخسر العالم بفقدها كنزاً عظيماً.

(فإنّ بين مجلّداتها كثيراً من كتب الفرس والعرب واليونان، وكان فيها عديد من الكتبة يشتغلون على الدوام بنسخ كتب الخط.

وقال ابن طي المؤرّخ العربي: (إنّ عدد هذه الكتب كان ثلاثة ملايين من المجلّدات).

غير أنّ مؤرّخاً آخر يقول: إنّ عددها لم يتجاوز مئة ألف مجلّد، وإنّ جامعها القاضي أبو الحسن طالب وهو نفسه قد ألّف كثيراً، وإنّه كان متولّياً البلدة، وقد بعث برسائل إلى الأقطار مفتّشاً على الكتب النادرة مهما كان ثمنها عظيماً.

وقد ندب مؤرّخو العرب فقدان تلك المكتبة، على أنّ المؤرّخين الصليبيّين القدماء لم يذكروا عنها شيئاً ليستروا زلّة قومهم).

وإنك لتعلم مبلغ ما بلغه هذا البلد من الغنى والثروة، بذل ابن عمّار أبي الحسن علي ثلاثمئة ألف دينار للملك دقاق بن تُتُش على تسليمه له ابن مليحة صاحب جبلة عرياناً، كما سترى ذلك مبسوطاً في مكانه من هذا الكتاب.

وإليك دليلاً آخر على ما كان لهذا البلد من رُقي وتفوّق عمرانيّ وسابغ نعمة، ما ورد في تاريخ ابن القلانسي في حوادث سنة ٥٠٢ هـ لمّا امتلك الإفرنج طرابلس عنوة بعد حصارها الطويل:

(وحصل في أيديهم من أمتعتها وذخائرها ودفاتر علمها وما كان منها في خزائن أربابها ما لا يُحدّ عدده ولا يُحصر فيذكر).

وفي كامل ابن الأثير في حوادث سنة ٥٠٣ هـ: وسدّ الفرنج القتال عليها (طرابلس) من الأبراج والزحف، فهجموا على البلد وملكوه عنوة

٢٩٧

وقهراً يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي الحجّة من السنة (٥٠٣ هـ)، ونهبوا ما فيها وأسروا الرجال وسبوا النساء والأطفال، ونهبوا الأموال وغنموا من أهلها من الأموال والأمتعة ودور كتب العلم الموقوفة ما لا يُحدّ ولا يُحصى، فإنّ أهلها كانوا أكثر أهل البلاد أموالاً وتجارة، وسلم الوالي الذي كان بها وجماعة من جندها كانوا التمسوا الأمان قبل فتحها، فوصلوا إلى دمشق وعاقب الفرنج أهلها بأنواع العقوبات، وأُخذت دفائنهم وذخائرهم من مكامنها.

وما لنا والإكثار من التدليل على عظمة هذا البلد، وفي ثباته على مقاومة القوّات الصليبيّة الهائلة مدّة عشر سنين بإدارة ابن عمّار الرشيدة، ما يغني عن الإسهاب في هذا الباب، وستراه جليّاً في تضاعيف هذا الكتاب.

٢٩٨

المقدمة الثانية

نبذة وجيزة من تاريخ طرابلس

موقعها في طول شرقي ٢٠ ً ٤٤ َ ٣٥ ْ وعرض شمالي ٦٦ ً ٢٦ َ ٣٤ ْ على بعد ميل من البحر.

هي من مدن فينيقية وتُعرف باسمها اليوناني واسمها الفينيقي مجهول، وطرابلس أو أطرابلس مبدوءة بالألف تمييزاً لها عن طرابلس الغرب، وهي تعريب عن تريبوليس أي المدن الثلاث(١) سُمّيت بذلك ؛ لأنّ الأرواديّين سكّان جزيرة أرواد التي هي منها إلى الشمال على بضعة أميال، والصيداويّين والصوريّين (لا السوريّين) كما جاء في تاريخ سورية للمطران يوسف الدبس، بنوا هناك ثلاثة أحياء لكلّ فريق حيّاً منفصلاً عمّا سواه ؛ فسمّيت باليونانية تريبوليس أي المدن الثلاث، فنقلها العرب إلى طرابلس تمييزاً لها عن طرابلس الغرب و بالعكس، ويميّزها بعضهم عن تلك بطرابلس الشام.

وجاءت في شعر أبي الطيّب المتنبّي محذوفة الألف في قوله:

اكـارم تحسد الأرض السماء بها وقصرّت كلّ مصر عن طرابلس

قال القلقشندي في كتابه صبح الأعشى (وهي أَطْرابُلُس) بفتح الهمزة

____________________

(١) تاريخ لبنان. ونجد لأوّل مرّةٍ في أخبار هذه الحروب أسماء ثلاث مدن لبنانيّة هي (١) مخلات (٢) وميسة (٣) وكاية ذُكرت فيما بعد باسم (المدينة المثلثة) أو (المدن الثلاث) أو (طرابلس) ص ٢٠.

٢٩٩

وسكون الطاء وفتح الراء المهملتين ثمّ ألف وباء موحّدة ولامٍ مضمومتين وسين مهملة في الآخر.

قال السمعاني: وقد تسقط الألف فرقاً بينها وبين طرابلس التي في الغرب.

وأنكر ياقوت في المشترك سقوطها وعاب على المتنبّي حذفها منها في شعره.

قال في الروض المعطار: ومعنى أطرابلس فيما قيل ثلاث مدن.

وقيل مدينة الناس، وهي مدينة من سواحل حمص واقعة في الإقليم الرابع.

قال في كتابه الأطوال: طولها تسع وخمسون درجة وأربعون دقيقة، وعرضها أربع وثلاثون درجة.

وكانت في الأصل من بناء الروم، فلمّا فتحها المسلمون في سنة ثمان وستمئة في الأيّام الأشرفيّة (خليل بن قلاوون) خرّبوها وعمّروا مدينة على نحو ميلٍ منها وسمّوها باسمها وهي الموجودة الآن، إلى أن قال:

وهي الآن مدينة متمدّنة كثيرة الرخام، وبها مساجد ومدارس وزوايا وبيمارستان وأسواق جليلة وحمّامات حسان، وجميع بنائها بالحجر والكلس مبيّضاً ظاهراً وباطناً، وغوطتها محيطة بها، وتحيط بغوطتها مزروعاتها وهي بديعة المشرف ولها نهر يحكم على ديارها وطباقها، يتخرق الماء في مواضع من أعالي بيوتها التي لا يرقى إليها إلاّ بالدرج العليّة، وحولها جبال شاهقة صحيحة الهواء خفيفة الماء ذات أشجار وكروم ومروج ومواشٍ، وميناها مينا جليلة تهوى إليها وفود البحر الرومي، وترسو بها مراكبهم وتباع فيها بضائعهم، وهي بلد متجرٍ وزرعٍ كثيرة الفائدة.

وصفها:

وصفها المؤرّخ الأستاذ جرجي يني في تاريخه (سورية) بقوله: (فطرابلس الشام بلدة من أحسن مدن سورية جمالاً وأبهجها منظراً وأكثرها رياضاً، وهي قائمة على ضفتي نهر أبي علي المعروف عند الأقدمين بنهر قاديشا أي المقدس، وتحفّها البساتين والغياض، وتكثر فيها المياه والأثمار، فتزيدها نضارة وحسناً.

وتظهر طرابلس للرائي كالحمامة البيضاء فإنّ أكثر جدرانها وسطوحها مبيّضة بالكلس الأبيض، ناهيك عمّا يرى فيها من جمال الطبيعة، ذلك ما وصفه ابن مامية الرومي بقوله:

بـأربـعةٍ سـادت وسـاد مـقامها على سائر الأمصار في البحر والبرِّ

بـأبيض ثـلجٍ واحـمرار كـثيبها وخـضرة مرج قد جلا زرقة البحرِ

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486