تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ٢

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني12%

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 486

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 486 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77729 / تحميل: 10070
الحجم الحجم الحجم
تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

حتى بلغ في ذلك الرضى، وسلم إليك القضاء وعبدك مخلصا، ونصح لك مجتهدا حتى أتاه اليقين، فقبضته إليك شهيدا سعيدا، وليا تقيا، رضيا زكيا، هاديا مهديا.

اللهم صل على محمد وعليه أفضل ما صليت على أحد من أنبيائك وأصفيائك يا رب العالمين ».

٢٠ -( باب استحباب الغسل لزيارة أمير المؤمنين وغيره منالأئمةعليهم‌السلام ، ثم يمشي إليه حافيا متطيبا لابسا أنظف ثيابه على سكينة ووقار، ذاكرا لله، يقصر خطاه ويكبر ثلاثين مرة، أو مائة)

[١١٨٩٧] ١ - الشيخ المفيد (ره) في مزاره: عن صفوان قال: سألت الصادقعليه‌السلام : كيف نزور أمير المؤمنينعليه‌السلام ؟ فقال: يا صفوان إذا أردت ذلك فاغتسل والبس ثوبين طاهرين، ونل شيئا من الطيب، فإن لم تنل أجزأك » الخبر.

[١١٨٩٨] ٢ - الشيخ محمد بن المشهدي في المزار: بإسناده عن يوسف الكناسي، وعن معاوية بن عمار جميعا عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إذا أردت الزيارة لأمير المؤمنينعليه‌السلام ، فاغتسل حيث تيسر لك - إلى أن قال - ثم امش وعليك السكينة والوقار، حتى تأتي باب الحرم » الخبر.

[١١٨٩٩] ٣ - وفي مزار كبير للشيخ الطبرسي(١) صاحب الاحتجاج أو للقطب

__________________

الباب ٢٠

١ - مزار المفيد، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ٢٨١.

٢ - مزار المشهدي ص ٢٩٤ وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ٣٣٤.

٣ - مزار الطوسي:

٢٢١

الراوندي أو لبعض من عاصر هما: بإسناده عن أبي عبد الله محمد بن حماد النجار الأعرج قال: حدثنا أبو علي الحسين إبراهيم، عن عبد الله بن العباس بن موسى بن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسينعليهم‌السلام قال: « إذا أردت زيارة أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليهم‌السلام ، فاغتسل غسلا نظيفا، والبس البياض من الثياب وامش حافيا وعليك السكينة والوقار، بالتكبير والتهليل والتمجيد والتسبيح والتعظيم لله تبارك وتعالى، والصلاة على النبي وآله، وتقول إذا استقبلت القبر » الزيارة.

٢١ -( باب استحباب زيارة أمير المؤمنين والأئمةعليهم‌السلام بالزيارات المأثور)

[١١٩٠٠] ١ - المزار القديم: روي عن مولانا محمد الباقرعليه‌السلام أنه قال: « مضيت مع والدي علي بن الحسينعليهما‌السلام إلى قبر جدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام بالنجف بناحية الكوفة، فوقف عليه ثم بكى، وقال: السلام على أبي الأئمة، وخليل النبوة، والمخصوص بالاخوة، السلام على يعسوب الايمان، وميزان الاعمال، وسيف ذي الجلال، السلام على صالح المؤمنين، ووارث علم النبيين، الحاكم في يوم الدين، السلام على شجرة التقوى، السلام على حجة الله البالغة، ونعمته السابغة، ونقمته الدامغة، السلام على الصراط الواضح، والنجم اللائح، والامام الناصح ورحمة الله وبركاته.

ثم قال: أنت وسيلتي إلى الله وذريعتي، ولي حق موالاتي وتأميلي

__________________

(١) في هامش المخطوط: « يعبر عنه بالمزار القديم. ( منه قده ).

الباب ٢١

١ - المزار القديم:

٢٢٢

فكن لي شفيعي إلى الله عز وجل في الوقوف على قضاء حاجتي، وهي فكاك رقبتي من النار، واصرفني في موقفي هذا بالنجح وبما سألته كله برحمته وقدرته، اللهم ارزقني عقلا كاملا، ولبا راجحا، وقلبا زاكيا، وعملا كثيرا، وأدبا بارعا، واجعل ذلك كله لي، ولا تجعله علي، برحمتك يا أرحم الراحمين ».

[١١٩٠١] ٢ - وفي زيارة المصافقة لسائر الأئمةعليهم‌السلام ، وتجديد العهد لهم ( صلوات الله عليهم ): وروي عنهمعليهم‌السلام قال: إن زيارتنا إنما هي تجديد العهد والميثاق المأخوذ في رقاب العباد، وسبيل الزائر أن يقول عند زيارتهمعليهم‌السلام : جئتك يا مولاي زائرا لك، ومسلما عليك، ولائذا بك وقاصدا إليك أجدد ما أخذ الله لكم في رقبتي من العهد والميثاق والولاية لكم، والبراءة من أعدائكم، معترفا بالفرض من طاعتكم.

ثم ضع يدك اليمنى على القبر وقل: هذه يد مصافقة لك على البيعة الواجبة علينا، فاقبل مني ذلك يا إمامي فقد زرتك وأنا معترف بحقك مع ما ألزم الله سبحانه وتعالى من نصرتك، وهذه يدي مصافقة على ما أمر الله عز وجل من موالاتكم، والاقرار بالمفترض من طاعتكم، والبراءة من أعدائكم(١) ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ثم قبل الضريح وقل: يا سيدي ومولاي وإمامي المفترض طاعته، أشهد أنك بقيت على الوفاء بالوعد، والدوام على العهد، وقد سلف من جميل وعدك لمن زار قبرك ما أنت المرجو للوفاء به، والمؤمل

__________________

٢ - المزار لقديم:

(١) في نسخة. أعدائك. - ( منه قده ).

٢٢٣

لتمامه، وقد قصدتك من بلدي، وجعلتك عند الله معتمدي فحقق ظني ومخيلي فيك، صلوات الله عليك وسلم تسليما، اللهم إني أتقرب إليك بزيارتي إياه، وأرجو منك النجاة لي به من النار، به وبآبائه وأبنائه ( صلوات الله عليهم )، رضينا بهم أئمة وسادة وقادة، اللهم أدخلني في كلّ خير أدخلتهم فيه، وأخرجني من كلّ سوء أخرجتهم منه، واجعلني معهم في الدنيا والآخرة، يا أرحم الراحمين.

وباقي الزيارات المطولات يطلب من كتب المزار.

٢٢ -( باب استحباب زيارة هود وصالحعليهما‌السلام عند قبر أمير المؤمنينعليهم‌السلام )

[١١٩٠٢] ١ - نصر بن مزاحم في كتاب صفين: عن عمر بن سعد، عن سعد بن طريف، عن أصبغ بن نباتة قال: ( مرت جنازة على عليعليه‌السلام وهو بالنخيلة، فقال )(١) : « ما يقول الناس في هذا القبر؟ وفي النخيلة قبر عظيم يدفن اليهود موتاهم حوله، فقال الحسن بن عليعليهما‌السلام : يقولون هذا قبر هود النبيعليه‌السلام لما أن عصاه قومه جاء فمات هاهنا، قالعليه‌السلام : كذبوا لأنا أعلم به منهم، هذا قبر يهودا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بكر يعقوب، ثم قال: هاهنا أحد من مهرة، قال: فأتي بشيخ كبير فقال: أين منزلك؟ قال: على شاطي البحر قال: أين من الجبل الأحمر؟ قال: قريبا منه، قال: فما يقول قومك؟ قال: يقولون قبر ساحر، قال: كذبوا ذاك قبر هود، وهذا

__________________

الباب ٢٢

١ - وقعة صفين ص ١٢٦.

(١) ما بين القوسين في المصدر: قال علي عليه‌السلام .

٢٢٤

قبر يهودا بن يعقوب، يحشر من ظهر الكوفة سبعون ألفا على غرة الشمس والقمر(٢) ، يدخلون الجنة بغير حساب ».

٢٣ -( باب استحباب زيارة رأس الحسين عند قبر أمير المؤمنينعليهما‌السلام )

[١١٩٠٣] ١ - السيد عبد الكريم بن طاووس في فرحة الغري: عن عبد الرحمن بن أحمد الحربي، عن عبد العزيز بن الأخضر، عن أبي الفضل بن ناصر، عن محمد بن علي بن ميمون، عن محمد بن علي بن الحسن العلوي، عن ميمون بن علي بن حميد، عن إسحاق بن محمد المقرئ، عن جعفر بن محمد بن مالك، عن يعقوب بن الياس، عن أبي الفرج السندي قال: كنت مع أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام حين قدم إلى الحيرة، فقال ليلة: « أسرجوا لي البغلة » فركب وأنا معه حتى انتهينا إلى الظهر(١) ، فنزل وصلى ركعتين ثم تنحى فصلى ركعتين، ثم تنحى فصلى ركعتين، فقلت: جعلت فداك إني رأيتك صليت في ثلاث مواضع فقال: « أما الأول فموضع قبر أمير المؤمنينعليه‌السلام ، والثاني موضع رأس الحسينعليه‌السلام والثالث موضع منبر القائمعليه‌السلام ».

[١١٩٠٤] ٢ - وعن الوزير نصير الدين الطوسي، عن والده، عن فضل الله الراوندي، عن ذي الفقار بن معبد، عن الطوسي، عن المفيد، عن

__________________

(٢) ليس في المصدر.

الباب ٢٣

١ - فرحة الغري ص ٥٦.

(١) المراد هنا ظهر الكوفة، وهو النجف الأشرف، سمي بذلك لعلو أرضه عن أرض الكوفة ( معجم البلدان ج ٥ ص ٢٧١ ).

٢ - فرحة الغري ص ٦٥.

٢٢٥

محمد بن أحمد بن داود، عن محمد بن علي، عن عمه قال: حدثني أحمد بن حماد بن زهير القرشي، عن يزيد بن إسحاق، عن أبي السحيق الأرحبي(١) ، قال: حدثنا عمر بن عبد الله بن طلحة النهدي، عن أبيه، قال: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فذكر حديثا فحدثنا، قال: فمضينا معه - يعني أبا عبد اللهعليه‌السلام - حتى انتهينا إلى الغري فأتى موضعا فصلى، ثم قال لابنه إسماعيل: « قم فصل عند رأس أبيك الحسينعليه‌السلام . قلت: أليس قد ذهب برأسه إلى الشام؟ قال: بلى ولكن فلانا هو مولانا(٢) سرقه، فجاء به وهو هنا(٣) ».

[١١٩٠٥] ٣ - محمد بن المشهدي في مزاره: عن الصادقعليه‌السلام ، أنه زار رأس الحسينعليه‌السلام عند رأس أمير المؤمنينعليه‌السلام ، وصلى عنده أربع ركعات، وهي هذه:

السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا ابن أمير المؤمنين، السلام عليك يا ابن الصديقة الطاهرة سيدة نساء العالمين، السلام عليك يا مولاي يا أبا عبد الله ورحمة الله وبركاته، أشهد أنك أقمت الصلاة، وآتيت الزكاة، وأمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر، وتلوت الكتاب حق تلاوته وجاهدت في الله حق جهاده، وصبرت على الأذى في جنبه محتسبا حتى أتاك اليقين، وأشهد أن الذين خالفوك وحاربوك، وأن

__________________

(١) كذا في المخطوط، وفي المصدر. أبو السحيف الأرجبي.، والظاهر أن صوابه أبو السخيف - السخين - الأرجني. راجع معجم رجال الحديث ج ٢١ ص ١٦٤.

(٢) في نسخة: مولى لنا، ( منه قدة ).

(٣) في نسخة: فدفنه ها هنا، ( منه قدة ).

٣ - مزار المشهدي ص ٧٤٧، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ٢٩٣.

٢٢٦

الذين خذلوك والذين قتلوك ملعونون على لسان النبي الأمي وقد خاب من افترى، لعن الله الظالمين لكم من الأولين والآخرين، وضاعف عليهم العذاب الأليم، أتيتك يا مولاي يا ابن رسول الله زائرا عارفا بحقك، مواليا لأوليائك، معاديا لأعدائك، مستبصرا بالهدى الذي أنت عليه، عارفا بضلاله من خالفك، فاشفع لي عند ربك

٢٤ -( باب استحباب الشرب من ماء الفرات، والاغتسال فيه، والتبرك به، والتحنيك به)

[١١٩٠٦] ١ - الشيخ الطبرسي في مجمع البيان: روى مقاتل، عن عكرمة، عن ابن عباس، عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: « إن الله تعالى أنزل من الجنة خمسة أنهار: سيحون وهو نهر الهند، وجيحون وهو نهر بلخ، ودجلة والفرات وهما نهرا العراق، والنيل وهو نهر مصر، أنزلها الله تعالى من عين واحدة، وأجراها في الأرض، وجعل فيها منافع للناس في أصناف معايشهم، وذلك قوله:( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَىٰ ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ ) (١) .

[١١٩٠٧] ٢ - البحار، عن كتاب الأقاليم والبلدان والأنهار: للفرات فضائل كثيرة روي أن أربعة أنهار من الجنة: سيحون وجيحون، والنيل، والفرات.

[١١٩٠٨] ٣ - وعن عليعليه‌السلام أنه قال: « يا أهل الكوفة نهركم

__________________

الباب ٢٤

١ - مجمع البيان ج ٤ ص ١٠٢.

(١) المؤمنون ٢٣: ١٨.

٢ - البحار ج ٦٠ ص ٤١ ح ٦.

٣ - البحار ج ٦٠ ص ٤١ ح ٧.

٢٢٧

هذا ينصب إليه ميزابان من الجنة ».

[١١٩٠٩] ٤ - وروي عن جعفر الصادقعليه‌السلام أنه شرب من ماء الفرات، ثم استزاد وحمد الله تعالى، وقال: « ما أعظم بركته! لو علم الناس ما فيه من البركة لضربوا على حافتيه القباب، ما انغمس فيه ذو عاهة إلا برئ ».

وباقي الاخبار يأتي إن شاء الله في كتاب الأشربة.

٢٥ -( باب استحباب زيارة الحسنعليه‌السلام ، خصوصا عشية الجمعة)

[١١٩١٠] ١ - السيد المرتضى في الفصول: عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال للحسنعليه‌السلام في حديث له أول مشروح في غير هذا الكتاب: « تزورك(١) طائفة من أمتي يريدون به بري وصلتي، فإذا كان يوم القيامة زرتها في الموقف، وأخذت بأعضادها فأنجيتها من أهواله وشدائده ».

٢٦ -( باب تأكد استحباب زيارة الحسين بن عليعليهما‌السلام ، ووجوبها كفاية)

[١١٩١١] ١ - نوادر علي بن أسباط: عمن رواه، عن أحدهما

__________________

٤ - البحار ج ٦٠ ص ٤١ ح ٨.

الباب ٢٥

١ - الفصول المختار ص ٩٥، وعنه في البحار ج ١٠٠ ص ١٤٥ ح ٣٧.

(١) في المصدر: تزوركم.

الباب ٢٦

١ - نوادر علي بن إسباط ص ١٢٣.

٢٢٨

عليهما‌السلام - في حديث - أنه قال: « يا زرارة، أنه إذا كان يوم القيامة جلس الحسينعليه‌السلام في ظل العرش، وجمع الله زواره وشيعته ليصيروا من الكرامة والنضرة والبهجة والسرور إلى أمر لا يعلم صفته إلا الله، فيأتيهم رسل أزواجهم من الحور العين من الجنة، فيقولون: إنا رسل أزواجكم إليكم يقلن: إنا قد اشتقناكم وأبطأتم علينا(١) ، فيحملهم ما هم(٢) فيه من السرور والكرامة إلى أن يقولوا لرسلهم: سوف نجيئكم إن شاء الله تعالى ».

[١١٩١٢] ٢ - جعفر بن محمد بن قولويه في كامل الزيارة: عن عبد الله بن فضل بن محمد بن هلال، عن سعيد بن محمد، عن محمد بن سلام الكوفي، عن أحمد بن محمد الواسطي، عن عيسى بن أبي شيبة القاضي، عن نوح بن دراج، عن قدامة بن زائدة، عن أبيه، عن علي بن الحسينعليهما‌السلام ، عن عمته زينبعليها‌السلام ، عن أم أيمن، عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في حديث طويل: أن جبرئيلعليه‌السلام قالت له بعد ذكر بعض ما جرى على الحسينعليه‌السلام في الطف وأنه يدفن ويجعل له رسم، قال: وتحفه ملائكة من كلّ سماء مائة ألف ملك في كلّ يوم وليلة، ويصلون عليه(١) ، ويسبحون الله عنده، ويستغفرون الله لزواره(٢) ، ويكتبون أسماء من يأتيه زائرا من أمتك متقربا إلى الله تعالى وإليك بذلك، وأسماء آبائهم وعشائرهم وبلدانهم، ويوسمون في وجوههم بميسم نور

__________________

(١) في المصدر: عنا.

(٢) ليس في المصدر.

٢ - كامل الزيارات ص ٢٦٥.

(١) في المصدر زيادة: ويطوفون عليه.

(٢) في المصدر: لمن زاره.

٢٢٩

عرش الله: هذا زائر قبر خير الشهداء وابن خير الأنبياء، فإذا كان يوم القيامة سطح في وجوههم من أثر ذلك الميسم نور تغشى منه الابصار يدل عليهم ويعرفون به، وكأني بك يا محمد بيني وبين ميكائيل وعليعليه‌السلام أمامنا، ومعنا من ملائكة الله ما لا يحصى عدده(٣) ، ونحن نلتقط - من ذلك الميسم في وجهه من بين الخلائق، حتى ينجيهم الله من هول ذلك اليوم وشدائده، وذلك حكم الله وعطاؤه لمن زار قبرك يا محمد، أو قبر أخيك، أو قبر سبطيك لا يريد به غير الله جل وعز.

[١١٩١٣] ٣ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن عبد الله بن زرارة، عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم، عن عبد الله بن بكر(١) قال: حججت مع أبي عبد اللهعليه‌السلام - في حديث طويل - قال فقلت: يا ابن رسول الله لو نبش قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام ، هل كان يصاب في قبره شئ؟ فقال: « يا ابن بكر(٢) ما أعظم مسألتك، إن الحسين بن عليعليهما‌السلام مع أبيه وأمه وأخيه في منزل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومعه، يرزقون ويحبرون، وأنه لعن يمين العرش متعلق به، يقول: يا رب أنجز لي ما وعدتني وانه لينظر إلى زواره فهو أعرف بهم(٣) وأسماء آبائهم، وما في رحالهم من أحدهم بولده » الخبر.

[١١٩١٤] ٤ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن يعقوب بن يزيد، عن

__________________

(٣) في المصدر: عددهم.

٣ - كامل الزيارات ص ١٠٣.

(١) في المصدر: بكير.

(٢) في المصدر: بكير.

(٣) في المصدر زيادة: وبأسمائهم.

٤ - كامل الزيارات، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٨ ح ٣٠، ومصباح الزائر ص ٧٠.

٢٣٠

ابن أبي عمير، عن معاوية بن وهب قال: دخلت على أبي عبد اللهعليه‌السلام وهو في مصلاه، فجلست حتى قضى صلاته فسمعته وهو يناجي ربه ويقول:

« يا من خصنا بالكرامة، ووعدنا الشفاعة، وحملنا الرسالة، وجعلنا ورثة الأنبياء، وختم بنا الأمم السالفة وخصنا بالوصية، وأعطانا علم ما مضى وعلم ما بقي، وجعل أفئدة من الناس تهوي إلينا، اغفر لي ولإخواني، وزوار قبر أبي ( عبد الله )(١) الحسين بن علي ( صلوات الله عليهما )، الذين أنفقوا أموالهم، وأشخصوا أبدانهم، رغبة في برنا، ورجاء لما عندك في صلتنا، وسرورا أدخلوه على نبيك محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وإجابة منهم لأمرنا، وغيظا أدخلوه على عدونا، أرادوا بذلك رضوانك فكافهم عنا بالرضوان، واكلأهم بالليل والنهار، واخلف على أهاليهم وأولادهم الذين خلفوا بأحسن الخلف، واصحبهم واكفهم شر كلّ جبار عنيد، وكل ضعيف من خلقك أو شديد، وشر شياطين الإنس والجن، وأعطهم أفضل ما أملوا منك في غربتهم عن أوطانهم، وما آثرونا على أبنائهم وأهاليهم وقراباتهم.

اللهم إن أعداءنا عابوا عليهم خروجهم، فلم ينههم ذلك عن النهوض والشخوص إلينا خلافا عليهم، فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، وارحم تلك الخدود التي تقلب على قبر أبي عبد اللهعليه‌السلام وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا. وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا، وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا.

اللهم إني أستودعك تلك الأنفس، وتلك الأبدان، حتى ترويهم

__________________

(١) أثبتناه من المصباح.

٢٣١

من الحوض يوم العطش ».

فما زال ( صلوات الله عليه ) يدعو بهذا الدعاء وهو ساجد، فلما انصرف قلت له: جعلت فداك لو أن هذا الذي سمعته منك كان لمن لا يعرف الله لظننت أن النار لا تطعم منه شيئا أبدا، والله لقد تمنيت أني كنت زرته ولم أحج.

فقال لي: « ما أقربك منه فما الذي يمنعك من زيارته؟ يا معاوية لا تدع ذلك. قلت: جعلت فداك فلم أدر أن الامر يبلغ هذا كله، فقال: « يا معاوية ومن يدعو لزواره في السماء أكثر ممن يدعو لهم في الأرض لا تدعه لخوف من أحد، فمن تركه لخوف رأى من الحسرة ما يتمنى أن قبره كان بيده، أما تحب أن تكون ممن يرى الله شخصك، وسوادك فيمن يدعو له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ أما تحب أن تكون غدا ممن تصافحه الملائكة؟ أما تحب أن تكون غدا فيمن يأتي وليس عليه يذنب فيتبع به؟ أما تحب أن تكون غدا فيمن يصافح رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ ».

ورواه عن أبيه ومحمد بن عبد الله وعلي بن الحسين ومحمد بن الحسن جمعيا، عن عبد الله بن جعفر الحميري، عن موسى بن عمر عن حسان البصري، عن معاوية بن وهب قال: استأذنت على أبي عبد اللهعليه‌السلام فقيل لي: ادخل، فدخلت فوجدته، وساق إلى قوله: لهم في الأرض(٢) .

وعن محمد الحميري، عن أبيه، عن علي بن محمد بن سالم، عن عبد الله بن حماد، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن معاوية، مثله(٣) .

__________________

(٢) كامل الزيارات ص ١١٦ ح ٢.

(٣) نفس المصدر ص ١١٧ ذيل حديث ٢.

٢٣٢

وعن أبيه وجماعة ومشايخه، عن سعد، عن ابن عيسى، عن عبد الله بن حماد، عن الأصم، عن معاوية، مثله(٤) .

وعن محمد بن الحسيني بن مت، عن محمد بن يحيى الأشعري، عن موسى بن عمر، عن غسان البصري، عن معاوية، مثله(٥) .

وعن محمد بن يعقوب وعلي بن الحسين معا، عن علي بن إبراهيم، عن بعض أصحابنا، عن إبراهيم بن عقبة، عن معاوية، مثله(٦) .

وعن أبيه وعلي بن الحسين وجماعة مشايخنا، عن أحمد بن إدريس ومحمد بن يحيى معا، عن العمركي، عن يحيى خادم أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، عن ابن أبي عمير، عن معاوية مثله،(٧) .

[١١٩١٥] ٥ - وعن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن علي بن إسماعيل، عن محمد بن عمرو الزيات، عن قائد الحناط، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: « من زار قبر الحسينعليه‌السلام عارفا بحقه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ».

وعن أبيه، عن عبد الله بن جعفر الحميري، قال: وحدثني

__________________

(٤) نفس المصدر ص ١١٨ ذيل حديث ٣.

(٥) نفس المصدر ص ١١٨ ذيل حديث ٣.

(٦) نفس المصدر ص ١١٨ ذيل حديث ٣.

(٧) نفس المصدر ص ١١٨ ذيل حديث ١١٨.

٥ - بل الصدوق في الأمالي ص ١٢٢ ح وثواب الاعمال ص ١١٠ ح ٤، وقد أخرجه العلامة المجلسي عنهما في البحار ج ١٠١ ص ٢١ ح ١.

٢٣٣

الحميري، عن أبيه، عن علي بن إسماعيل، مثله(١) .

وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن الحكم بن مسكين، عن هند الحناط، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله، وزاد بعد قوله بحقه ويأتم به(٢) .

[١١٩١٦] ٦ - وعن أبي العباس، عن محمد بن الحسين، عن أبي داود سليمان المسترق، عن بعض أصحابنا، عن مثنى الحناط، عن أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: « من أتى قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام عارفا بحقه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.

وعن الحسين بن عامر، عن المعلى، عن المسترق، مثله(١) .

وعن القاسم بن محمد بن علي، عن أبيه، عن جده، عن عبد الله بن حماد الأنصاري، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله(٢) .

وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن قائد، عن أبي الحسن الأولعليه‌السلام ، مثله(٣) .

وعن الكليني، عن أحمد بن إدريس، عن محمد بن عبد الجبار ( عن صفوان )(٤) ، عن عبد الله بن مسكان، عن أبي عبد الله ( عليه

__________________

(١) كامل الزيارات ص ١٣٨.

(٢) كامل الزيارات ص ١٣٩.

٦ - كامل الزيارات ص ١٣٨.

(١) كامل الزيارات ص ١٤٠.

(٢ و ٣) نفس المصدر ص ١٣٩.

(٤) أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال، أنظر ترجمة صفوان في معجم رجال

٢٣٤

السلام )، مثله(٥) .

وعن أبيه ومحمد بن الحسن وعلي بن الحسين وجماعة، عن سعد بن عبد الله ومحمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، ( عن محمد بن إسماعيل )(٦) ، عن صالح بن عقبة، عن يحيى بن علي التميمي(٧) ، عن رجل، عن عبيد الله بن عبد الله وعلي بن الحسين بن عليعليهما‌السلام ، عن أبيهعليه‌السلام ، مثله.

وبهذا الاسناد عن صالح بن عقبة، عن يحيى بن علي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله(٨) .

وعن محمد بن جعفر، عن الحسين بن أبي الخطاب، عن محمد بن إسماعيل، عن صالح بن عقبة، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ، مثله(٩) .

[١١٩١٧] ٧ - وعن أبي العباس الكوفي، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، عن الحسن بن علي بن فضال، عن محمد بن الحسين بن كثير، عن هارون بن خارجة قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :

__________________

الحديث ج ٩ ص ١٠٨ و ١٠٩ و ١٣١ و ١٣٣.

(٥) نفس المصدر ص ١٤٠.

(٦) أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال، أنظر معجم رجال الحديث ج ١٥ ص ١٠٠.

(٧) في المخطوط والطبعة الحجرية. القمي. وهو سهو، والصحيح ما أثبتناه من المصدر ومعاجم الرجال، راجع معجم رجال الحديث ج ٢ ص ٦٧.

(٨) نفس المصدر ص ١٣٩.

(٩) نفس المصدر ص ١٣٩ - ١٤٠.

٧ - كامل الزيارات ص ١٣٨.

٢٣٥

إنهم يروون أن من زار قبر(١) الحسينعليه‌السلام كانت له حجة وعمرة، قال: « والله من زاره عارفا بحقه، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ».

وعن أبيه وجماعة مشايخه، عن سعد، عن محمد بن الحسين، مثله(٢) .

[١١٩١٨] ٨ - وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل، عن الخيبري، عن الحسين بن محمد القمي، قال: قال أبو الحسن موسىعليه‌السلام : « أدنى ما يثاب به زائر أبي عبد اللهعليه‌السلام بشط فرات، إذا عرف حقه وحرمته وولايته، أن يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ».

[١١٩١٩] ٩ - وعن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن هارون بن مسلم، عن الحسن بن علي، عن أحمد بن عائذ، عن أبي يعقوب الابزاري، عن قائد، عن عبد صالحعليه‌السلام قال: دخلت عليه فقلت له: جعلت فداك إن الحسينعليه‌السلام قد زاره الناس من يعرف هذا الامر ومن ينكره، وركبت إليه النساء، ووقع حال الشهرة، وقد انقبضت منه لما رأيت من الشهرة، قال: فمكث مليا لا يجيبني، ثم أقبل علي فقال: « يا عراقي إن شهروا أنفسهم فلا تشهر أنت نفسك، فوالله ما أتى الحسينعليه‌السلام آت عارفا بحقه، إلا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ».

__________________

(١) ليس في المصدر.

(٢) نفس المصدر ص ١٣٨.

٨ - كامل الزيارات ص ١٣٨.

٩ - كامل الزيارات ص ١٤٠.

٢٣٦

[١١٩٢٠] ١٠ - وعن محمد بن الحسن، عن محمد بن الحسن الصفار، عن الحسن بن موسى الخشاب، عن بعض رجاله، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن زائر الحسين ( صلوات الله عليه )، جعل ذنوبه جسرا على باب داره ثم عبرها، كما يخلف أحدكم الجسر وراءه ( إذا عبر )(١) ».

[١١٩٢١] ١١ - وعن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن زكريا المؤمن، عن الكاهلي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « من أراد أن يكون في كرامة الله يوم القيامة، وفي شفاعة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فليكن للحسينعليه‌السلام زائرا، ينال من الله ( أفضل الكرامة )(١) وحسن الثواب، ولا يسأله عن ذنب عمله في حياة الدنيا، ولو كانت ذنوبه عد رمل عالج وجبال تهامة وزبد البحر، إن الحسين بن عليعليهما‌السلام قتل مظلوما مضطهدا نفسه، وعطشانا هو وأهل بيته وأصحابه ».

[١١٩٢٢] ١٢ - وعن الحسن بن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن عبد الله بن وضاح، عن عبد الله بن شعيب التميمي، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « ينادي مناد يوم القيامة: أين شيعة آل محمدعليهم‌السلام ؟ فيقوم عنق من الناس لا يحصيهم إلا الله،

__________________

١٠ - كامل الزيارات ص ١٥٢.

(١) ما بين المعقوفتين أثبتناه من المصدر.

١١ - كامل الزيارات ص ١٥٣.

(١) في المصدر: الفضل والكرامة.

١٢ - كامل الزيارات ص ١٦٦.

٢٣٧

فيقومون ناحية من الناس، ثم ينادي: مناد: أين زوار قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فيقوم أناس كثير، فيقال لهم: خذوا بيد من أحببتم وانطلقوا بهم إلى الجنة، فيأخذ من أحب، حتى أن الرجل من الناس يقول لرجل: يا فلان أما تعرفني أنا الذي قمت لك يوم كذا وكذا؟ فيدخله الجنة لا يدفع ولا يمنع ».

[١١٩٢٣] ١٣ - وعن أبيه، عن الحسين بن الحسن بن أبان، عن محمد بن أورمة، عن أبي عبد الله المؤمن، عن عبد الله بن مسكان، عن سليمان بن خالد، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته يقول: « إن لله في كلّ يوم وليلة مائة ألف لحظه إلى الأرض، يغفر لمن يشاء منه، ويعذب من يشاء منه، ويغفر لزائري قبر الحسين بن عليعليهما‌السلام خاصة، ولأهل بيتهم، ولمن يشفع له يوم القيامة كائنا من كان، ( قال: قلت )(١) : وإن كان رجلا قد استوجب النار؟ قال: وإن كان، ما لم يكن ناصبا.

[١١٩٢٤] ١٤ - وعن جعفر بن محمد بن إبراهيم الموسوي، عن عبد الله بن نهيك، عن ابن أبي عمير، عن سلمة صاحب السابري، عن أبي الصباح الكناني قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: « إن إلى جانبكم قبرا ما أتاه مكروب إلا نفس الله كربته، وقضى حاجته، وإن عنده لأربعة آلاف ملك منذ قبض، شعثا غبرا يبكونه إلى يوم القيامة، فمن زاره شيعوه إلى مأمنه، ومن مرض عادوه، ومن مات اتبعوا جنازته ».

__________________

١٣ - كامل الزيارات ص ١٦٦ باختلاف يسير.

(١) ما بين القوسين استظهار من المصنف. قده.

١٤ - كامل الزيارات ص ١٦٧.

٢٣٨

[١١٩٢٥] ١٥ - وعن أبيه، عن سعد بن عبد الله، عن علي بن إسماعيل بن عيسى، عن محمد بن عمرو الزيات، عن كرام، عن إسماعيل بن جابر، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعته وهو يقول: « إن الحسينعليه‌السلام قتل مكروبا، وحقيق على الله يأن لا يأتيه مكروب إلا رده الله مسرورا ».

[١١٩٢٦] ١٦ - حدثني أبي وجماعة مشايخي(١) ومحمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن يحيى وأحمد بن إدريس، عن العمركي بن علي البوفكي، عن يحيى وكان في خدمة أبي جعفر الثانيعليه‌السلام ، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « إن بظهر الكوفة لقبرا ما أتاه مكروب قط إلا فرج الله كربته، يعني قبر الحسينعليه‌السلام ».

[١١٩٢٧] ١٧ - وعن الحسن بن عبد الله بن محمد، عن أبيه، عن الحسن بن محبوب، عن العلاء، عن محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: « إن الحسينعليه‌السلام صاحب كربلا قتل مظلوما مكروبا عطشانا لهفانا، فآلى الله عز وجل على نفسه أن لا يأتيه لهفان، ولا مكروب، ولا مذنب، ولا مغموم، ولا عطشان، ولا من به عاهة، ثم دعا عنده وتقرب بالحسين بن عليعليهما‌السلام إلى الله عز وجل إلا نفس الله كربته، وأعطاه مسألته، وغفر ذنبه(١) ، ومد في عمره، وبسط في رزقه، فاعتبروا يا أولي الابصار ».

__________________

١٥ - كامل الزيارات ص ١٦٧.

١٦ - كامل الزيارات ص ١٦٨.

(١) في المخطوط: وعن جماعة من مشايخي أبيه وما أثبتناه من المصدر.

١٧ - كامل الزيارات ص ١٦٨.

(١) في نسخة. ذنوبه. - ( منه قده ).

٢٣٩

[١١٩٢٨] ١٨ - وعن أبي العباس الكوفي، عن محمد بن الحسين، عن صفوان، عن الوليد بن حسان، عن ابن أبي يعفور قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : دعاني الشوق إليك إن تجشمت إليك على مشقة، فقال لي: « لا تشك ربك، فهلا أتيت من كان أعظم حقا عليك مني!. فكان من قوله: فهلا أتيت من كان أعظم حقا عليك مني إنه أشد علي من قوله: لا تشك ربك، قلت: ومن أعظم علي حقا منك؟! قال: « الحسين بن عليعليهما‌السلام ، ألا أتيت الحسينعليه‌السلام (١) فدعوت الله عنده، وشكوت إليه حوائجك ».

[١١٩٢٩] ١٩ - وعن محمد بن جعفر، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن إسماعيل بن بزيع، عن صالح بن عقبة، عن عبد الله بن هلال، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قلت: جعلت فداك، ما أدنى ما لزائر قبر الحسينعليه‌السلام ؟ فقال لي: « يا عبد الله إن أدني ما يكون له أن يحفظه الله في نفسه وماله(١) حتى يرده إلى أهله، فإذا كان يوم القيامة كان الله أحفظ(٢) له ».

[١١٩٣٠] ٢٠ - وعن أبيه ومحمد بن الحسن بن الوليد وعلي بن الحسين جمعيا، عن سعد بن عبد الله، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن علي ابن الحكم، عن علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: « وكل الله تبارك وتعالى بالحسين

__________________

١٨ - كامل الزيارات ص ١٦٨.

(١) في نسخة. الحائر. - ( منه قده ).

١٩ - كامل الزيارات ص ١٣٣.

(١) في المصدر: وأهله.

(٢) في نسخة. الحافظ. - ( منه قده ).

٢٠ - كامل الزيارات ص ١١٩، وعنه في البحار ج ١٠١ ص ٥٤ ح ٩.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

ومنها:

تـبوح بفضلك الدنيا لتحظى بـذاك وأنت تكره أن تبوحا

ومـا للمسك في أَن فاح حظٌّ ولـكن حـظّنا في أن يفوحا

وقـد بـلغ الضراح وساكنيه ثناك وزار من سكن الضريحا

وقـد شرَّفتني ورفعت إسمي بـه وأنـلتني الحظّ الربيحا

أجل ولو أنّ علم الغيب عندي لـقلت أفـدتني أجلاً فسيحا

وكون جوابه في الوزن ذنب ولـكن لم تزل مولى صفوحا

وذلك أنّ شعرك طال شعري فـما نلت النسيب ولا المديحا

ومن لم يستطع أعلام رضوى لـينزل بعضها نزل السفوحا

شـققت البحر من أدبٍ وفهمٍ وغرَّق فكرك الفكر الطموحا

لـعبت بسحرنا والشعر سحرٌ فـتبنا مـنه توبتنا النصوحا

فلو صحّ التناسخ كنت موسى وكـان أبوك إسحاق الذبيح

اوفي سقط الزند قصائد أُخرى، لا أستبعد أنّها في ممدوحه فتركت الاختيار منها ؛ لأنّها لم تعنون باسمه ولم يلقّب بالمرتجم بممدوح أبي العلاء إلاّ لمدحه له بأكثر من القصيدتين اللتين اخترنا منهما ما اخترناه. وبعد فإنّا نختم هذا الفصل بإيراد ما يتّسع له المجال من قصيدته التي رثاه بها، قال:

بني الحسب الوضّاح والشرف الجمِّ لـسانيَ إن لم أرثِ والدكم خصمي

شـكوت مـن الأيّـام تبديل غادرٍ بـوافٍ ونـقلاً من سرورٍ إلى همِّ

وحـالاً كـريش النسر بينا رأيته جـناحاً لشهم آض ريشاً على سهمِ

فـيا دافـنيه فـي الثرى إنّ لحده مـقرّ الـثريّا فـادفنوه عـلى علمِ

ويـا حـاملي أعـواده إنّ فـوقها سـماوي سـر فاتقوا كوكب الرجمِ

ومـا نـعشه إلاّ كـنعشٍ وجـدته أبـاً لـبناتٍ لا يـخفن مـن اليتمِ

ومنها:

فـيا قـلب لا تـلحق بـثكل محمد سـواه لـيبقى ثـكله بـيّن الـوسمِ

فـإنّي رأيـت الحزن للحزن ماحياً كما خُطّ في القرطاس رسمٌ على رسمِ

٢٨١

كـريم حـليم الجفن والنفس لا يرى إذا هو أغفى ما يرى الناس في الحلمِ

فـتـىً عـشـقته الـبابلية حـقبةً فـلم يـشفها مـنه بـرشفٍ ولا لثمِ

كـأنّ حـباب الـكأس وهي حبيبة إلى الشرب ما ينفي الحباب من السمِّ

تـسـور إلـيه الـراح ثـمّ تـهابه كـأنّ الـحميّا لـوعة في ابنة الكرمِ

دعـا حـلباً أخـت الغريّين مصرع بـسيف قـويق لـلمكارم والـحزمِ

أبـي الـسبعة الشهب التي قيل إنّها مـنفّذة الأقـدار فـي العرب والعجمِ

فـإن كـنت مـا سـمّيتهم فـنباهة كـفتني فـيهم أن أعـرّفهم باسمي

فـهذا وقـد كـان الـشريف أبوهم أمـير الـمعاني فارس النثر والنظمِ

إذا قـيل نـسك فـالخليل ابن آزر وإن قـيل فـهم فـالخليل أخو الفهمِ

أقـامت بـيوت الـشعر تحكم بعده بـناء المراثي وهي صور إلى الهدمِ

فـيا مـزمع الـتوديع إن تمس نائياً فـإِنّك دان فـي الـتخيّل والـوهمِ

تـقرّب جـبريل بـروحك صاعداً إلـى الـعرش يـهديها لجدّك والأمِّ

فلا تنسني في الحشر والحوض حوله عـصائب شـتّى بـين غرٍّ إلى بهمِ

لـعلّك فـي يـوم الـقيامة ذاكـري فـتسأل ربّـي أن يـخفف من اثمي

أعقابه:

قال في عمدة الطالب: وعقب أبي إبراهيم المذكور المعروف الآن من رجلين: أبي عبد الله جعفر نقيب حلب، وأبي سالم محمد ابني إبراهيم ولأعقابهما توجّه وعلم وسيادة، فمن بني أبي سالم محمد بنو زهرة، ومن أبي عبد الله جعفر بن إبراهيم بنو حاجب الباب، وهو شرف الدين أبو القاسم الفضل بن يحيى بن أبي علي بن عبد الله نقيب حلب ابن جعفر بن أبي تراب زيد بن جعفر المذكور، وهو السيّد العالم حافظ كتاب الله كان حاجباً لباب الفتوى(١) بدار الخلافة ببغداد.

والذي ظهر من قول أبي العلاء المعرّي في القصيدة الأولى:

(وجرت في الأنام أولاده السبعة جري الأرواح في الأبدان)

ومن قوله في مرثيّته:

____________________

(١) في الأصل الفنوني.

٢٨٢

أبي السبعة الشهب التي قيل إنّها منفّذة الأقدار في العرب والعجمِ

إنّه تخلّف بسبعة، ولكنّ المعقّبين منهم اثنان، كما ورد في عمدة الطالب.

عمود نسبهم الثالث زهرة

هو أبو المحاسن زهرة بن أبي المواهب علي بن أبي سالم محمد بن أبي إبراهيم محمد النقيب بن أبي علي أحمد بن أبي جعفر محمد بن أبي عبد الله الحسين بن أبي إبراهيم إسحاق المؤتمن ابن الإمام أبي عبد الله جعفر الصادق (عليه السلام).

هكذا أورد نسبه صاحب لؤلؤتي البحرين، عن العلاّمة جمال الملّة والدين الحسن بن المطهّر الحلّي في المنقول من إجازته لبني زهرة.

وفيها بعض الاختلاف عن رواية عمدة الطالب، فقد جاءت كنيته فيه (بأبي الحسن) لا بأبي المحاسن.

وفي عمدة الطالب ابن أبي سالم محمد بن (إبراهيم) بإسقاط (أبي) والصواب ما جاء عن العلاّمة ؛ لأنّه لا يوجد في سلسلة آبائه اسم إبراهيم.

وقد رأينا فيما سبق من هذا المقال(١) أنّ شهرة هذا القبيل الفاطمي ببني زهرة هي منه، أمّا ترجمة أحواله فلم نقف على شيءٍ منها في المعاجم وكتب الرجال التي نعوّل عليها في كتابة هذا المقال ؛ فوقفنا عند ما نعلم.

وبعد، فلمّا كان من المستصعب بل المتعذّر علينا ربط رجال العلم وذوي الأقدار من أعقابه بسلسلته، وضمّ كلّ فرع منهم إلى أصله المتحدّر منه مثل تعذّر تنسيق أسمائهم وتراجمهم مرتّبةً على السنين، رأينا الاقتصار على سردها خلواً من الترتيب، ولئن فاتنا في ذلك رواء العقد منظوماً، فلن يفوتنا رواء درّه منثوراً.

____________________

(١) العرفان م ٧ ج ٨ ص ٤٥٧.

٢٨٣

١ - الشريف زهرة (١)

هو الشريف زهرة بن علي بن إبراهيم الإسحاقي الحسيني، لم يذكره صاحب أمل الآمل ولا صاحب روضات الجنات، وأعتمد في ترجمته على ما كتبه العالم الأديب الشيخ محمد راغب طباخ الحلبي المعروف في جريدة الحقيقة(٢) تحت عنوان (حول افتتاح المدرسة الخسروانية)، قال:

وأوّل مدرسة بُنيت في مدينة حلب هي المدرسة الزجاجيّة، أنشأها بدر الدولة أبو الربيع سليمان بن عبد الجبّار أرتق صاحب حلب، ابتدأ في عمارتها سنة عشر وخمسمئة، وعلى حائطها مكتوب سنة سبع عشرة(٣) .

ولمّا أراد بناءها لم يمكنّه الحلبيّون إذ كان الغالب عليهم التشيّع ؛ فكان كلّما بُني فيها شيء نهاراً أخربوه ليلاً، إلى أن أعياه ذلك ؛ فأحضر الشريف زهرة بن علي بن إبراهيم الإسحاقي الحسيني، والتمس منه أن يباشر بناءها فيكفّ العامّة عن هدم ما يُبنى ؛ فباشر الشريف البناء ملازماً له حتّى فرغ منها.

أمّا خبر معارضة الشيعة بناء هذه المدرسة فقد رويناه في القسم الأوّل من هذا المقال عن مجلّة المقتبس بغير هذا التفصيل.

٢ - علي بن الحارث بن زهرة

أورد صاحب الروضات اسمه نقلاً عن ابن شهراشوب، ونسب له كتاب قبس الأنوار.

وقد عد هذا الكتاب في مصنفات السيّد أبي المكارم حمزة بن زهرة، كما سترى ذلك قريباً.

____________________

(١) العدد ١٥٤٥.

(٢) الشريف بن زهرة بن علي بن إبراهيم الإسحاقي الحسيني، كما قال الشيخ محمد راغب طباخ الحلبي في جريدة الحقيقة.

(٣) إذا كان باني المدرسة بدر الدولة وهو لم يستنب من عمّه إيلغازي على حلب إلاّ سنة ٥١٥، وسنة ٥١٧ انتزعها منه ابن عمّه يلك بن بهرام بن أرتق، كما ترى خبر ذلك مبسوطاً في كامل ابن الأثير، ومختصر أبي الفداء، فكيف يصحّ القول بعد هذا بأنّه ابتدأ في عمارتها سنة ٥١٠ هـ.

٢٨٤

٣ - السيّد أبو المكارم حمزة بن زهرة الحلبي

هو عزّ الدين أبو المكارم حمزة بن علي بن أبي المحاسن زهرة بن الحسن بن زهرة الحسيني الحلبي.

قال في الروضات: ينتهي نسبه إلى الإمام جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام) باثنتي عشرة واسطة، سادات أجلاّء.

وهو من كبار فقهائنا الأصفياء النبلاء، وكذا أبوه الفاضل الكامل الذي يروي هو عنه. وجدّه السيّد أبو المحاسن وأخوه الفقيه الكامل الأديب السيّد أبو القاسم عبد الله وكذا ابن أخيه السيّد محيي الدين محمد بن عبد الله، بل وسائر أولاده وأحفاده وبنو عمومته الذين من جملتهم السيّد الفاضل الفقيه الكامل علاء الدين، إلى أن قال:

فالسيّد أبو المكارم المعظّم من أجلاّء علمائنا المشار إلى خلافاته في كلمات الأصحاب، وأكثر أهل ذلك البيت المكرّم فقهاً وعلماً وشهرةً بين الطائفة، وغيرها بالسيّد ابن زهرة بحيث لا ينصرف الإطلاق منه إلاّ إليه(١) .

روى عنه ابن أخيه محمد بن عبد الله بن زهرة ومحمد بن إدريس.

وهو الذي أجاب صاحب حلب مقترح الشيعة بتفويض عقودهم ونكحتهم إليه، وإعادة حيّ على خير العمل في الأذان ؛ حيث اشترطوا ذلك عليه يوم استنفرهم لمقاومة صلاح الدين حين جاء حلب فاتحاً، وقد ذكرنا ذلك في تضاعيف هذا المقال.

وقال صاحب أمل الآمل في حقّه: فاضل عالم ثقة جليل القدر عظيم المنزلة، له مصنّفات كثيرة.

وبعد إيراده أسماءها قال: ويروي عنه شاذان بن جبريل ومحمد بن إدريس وغيرهما.

وذكره ابن شهراشوب وقال: له قبس الأنوار في نصر العترة الأطهار وغنية النزوع، حسن.

____________________

(١) في آخر أمل الآمل أنّ ابن زهرة يطلق على حمزة المترجم ويأتي لمحمد بن عبد الله، ومحمد بن إبراهيم، وغيرهما.

٢٨٥

وقد عرفت آنفاً نسبة كتاب قبس الأنوار إلى علي بن الحارث بن زهرة.

ولد أبو المكارم سنة ٥١١ وتوفّي سنة ٥٨٥.

٤ - الشريف زهرة (١)

لم أجد له ذكراً في غير الخطط للمقريزي(٢) وهذا نصّ ما جاء فيه.

أنشد الشريف زهرة بن علي بن زهرة بن الحسن الحسيني وقد اجتاز به (المعشوق)(٣) يريد الحج:

قد رأيت المعشوق وهو من اله جـر بحالٍ تنبو النواظر عنه

أثَّـر الـدهر فـيه آثار سوءٍ قـد أدالـت يد الحوادث منه

والظاهر أنّه أخو الشريف أبي المكارم حمزة الآنف الذكر.

٥ - الشريف عبد الله

هو أبو القاسم عبد الله بن علي بن زهرة أخو أبي المكارم الشريف حمزة، قال في حقّه صاحب أمل الآمل:

فاضل عالم فقيه محقّق ثقة، يروي عنه ولده السيّد محيي الدين وجماعة جميع تصانيفه، ثمّ عدّ أسماءها وقد تقدّم ذكره في ترجمة أخيه أبي المكارم كما نقلناه عن الروضات.

٦ - ابن أخيه السيّد محمد

هو محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحلبي.

قال في أمل الآمل: فاضل عالم جليل، يروي عنه المحقّق، ويروي هو عن أبيه، عن ابن شهراشوب أيضاً، وقد تقدّم أنّه روى هو وابن إدريس عن عمّه الشريف أبي المكارم.

____________________

(١) الشريف زهرة بن علي بن زهرة بن الحسن الحسيني، كما جاء في خطط المقريزي.

(٢) ج ٣ ص ٢٥٩.

(٣) اسم لمكان فيه أشجار بظاهر مصر.

٢٨٦

٧ - السيّد محمد بن زهرة

هو محيي الدين محمد بن زهرة أبو حامد الحسيني الحلبي الإسحاقي، هكذا نسبه صاحب أمل الآمل، وقال في وصفه: فاضل فقيه علاّمة يروي الشهيد عن الحسن بن نما عنه.

٨ - السيّد جمال الدين أبو الحسن علي بن زهرة الحلبي

هو كما في أمل الآمل علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن زهرة بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن إسحاق المؤتمن بن جعفر (عليه السلام).

كان عالماً ثقةً جليل القدر، استجاز العلاّمة فأجازه، وأجاز ولده وأخاه وولديه إجازةً طويلةً مفصّلةً كثيرة الفوائد، وأثنى عليهم ثناءاً بليغاً، وهذا ما جاء منها في لؤلؤتي البحرين مع كلمةٍ للمؤلّف:

وأمّا السيّد ابن زهرة فهو السيّد الأجلّ الأنبلّ علاء الملّة والحق والدين أبو الحسن علي بن إبراهيم بن محمد بن الحسن بن زهرة الحلبي، قال العلاّمة (رحمه الله تعالى) في إجازته له:

(وبلغنا في هذه الأعصار ورود الأمر الصادر عن المولى الكريم، والسيّد الجليل الحسيب النسيب نسل العترة الطاهرة، وسلالة الأنجم الزاهرة، المخصوص بالنفس القدسية، والرياسة الأُنسية، الجامع بين مكارم الأخلاق، وطيب الأعراق، أفضل أهل العصر على الإطلاق، علاء الملّة والحق والدين أبي الحسن علي بن إبراهيم بن محمد(١) بن أبي الحسن زهرة بن أبي المواهب علي بن أبي سالم محمد بن أبي إبراهيم محمد النقيب بن أبي علي أحمد بن أبي جعفر محمد بن أبي عبد الله الحسين بن إسحاق المؤتمن(٢) بن أبي عبد الله جعفر الصادق لبن أبي جعفر محمد الباقر (عليه السلام) ابن أبي الحسن علي زين العابدين (عليه السلام) ابن أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) السبط الشهيد ابن علي (عليه السلام):

نسبٌ تضاءلت المناسب دونه فـضياؤه كصباحه في فجرِهِ

____________________

(١) في الأصل إبراهيم محمد بحذف (ابن).

(٢) في الأصل ابن (إبراهيم) إسحاق.

٢٨٧

أيّده الله بالعنايات الإلهية، وأمدّه بالسعادات الربّانيّة، وأفاض على المستفيدين جزيل كماله، كما أنبع عليهم من فواضل نواله، تتضمّن طلب إجازة صادرة من العبد له ولأقاربه السادات الأماجد، المؤيّدين من الله تعالى في المصادر والموارد، وأجوبة عن مسائل دقيقة رقيقة لطيفة، ومباحث عميقة شريفة، فامتثلت أمره، رفع الله قدره، وبادرت إلى طاعته، وإن التزمت سوء الأدب المغتفر في جنب الاحتراز عن مخالفته، وإلاّ فهو معدن الفضل والتحصيل، وذلك عن حجّةٍ ودليل، وقد أجزت له أدام الله أيّامه ولولده المعظّم، والسيّد المكرّم، شرف الملّة والدين أبي عبد الله الحسين، ولأخيه الكبيرين المعظّمين أبي طالب أحمد شهاب الدين وأبي محمد عز الدين حسن عضدهم الله تعالى بدوام مولانا أن يروي هو وهم عنّي جميع ما صنّفته في العلوم العقليّة والنقليّة، أو أنشأته وأفتيت به، أو أُجيز لي روايته، أو سمعت من كتب أصحابنا السابقين وجميع ما أجازه لي المشايخ الذين عاصرتهم، واستفدت من أنفاسهم إلى آخره، ثمّ ساق طريقه إليهم.

٩ - ولده أبو عبد الله الحسين

قد عرفت أنّه من رجال إجازة العلاّمة، كان عالماً فاضلاً فقيهاً جليل القدر روى عن العلاّمة واستجازه فأجازه، كذا جاء في أمل الآمل.

١٠ - أخوه السيّد بدر الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زهرة

هو من رجال إجازة العلاّمة، قال في أمل الآمل: كان من علماء السادات وسادات العلماء، من تلامذة العلاّمة.

١١ - ابن أخيه أبو طالب شهاب الدين أحمد بن محمد بن إبراهيم بن زهرة

هو من رجال إجازة العلاّمة لعمّه وأبيه، قال في أمل الآمل: فاضل جليل، يروي عن العلاّمة وله منه إجازة مع أبيه وعمّه وأخيه وابن عمّه، وقد بالغ فيها في الثناء عليهم.

٢٨٨

١٢ - ابن أخيه أبو محمد عز الدين حسن بن محمد بن إبراهيم بن زهرة

هو من رجال تلك الإجازة، قال في أمل الآمل: كان عالماً فاضلاً فقيهاً جليل القدر، روى عن العلاّمة واستجازه فأجازه.

١٣ - أبو طالب أحمد بن القاسم بن زهرة الحسيني

عالم فاضل جليل يروي عن الشهيد. كذا في أمل الآمل.

١٤ - علي بن محمد بن زهرة الحسيني الحلبي

قال في أمل الآمل، ونقله عنه صاحب لؤلؤتي البحرين، فاضل فقيه جليل القدر روى عن الشيخ طمان بن أحمد العاملي.

١٥ - النقيب بدر الدين محمد بن زهرة

ذكره ابن الوردي في ذيل مختصر أبي الفداء في أخبار الأمير بدر الدين لولو القندشي حين دخل إلى حلب شادّاً(١) على المملكة وعلى يده تذاكر، وصادر المباشرين وغيرهم.

قال ومنهم النقيب بدر الدين جرى ذلك في حوادث سنة ٧٣٣ وقال في حوادث سنة ٧٣٦ فيها في المحرّم باشر السيّد النقيب الشريف بدر الدين محمد ابن السيّد شمس الدين بن زهرة الحسيني وكالة بيت المال بحلب مكان شيخنا القاضي فخر الدين أبي عمر وعثمان بن الخطيب زين الدين علي الجويني.

وقال في حوادث سنة ٧٣٩ وفيها في العشر الأوسط من ربيع الآخر تُوفّي السيّد الشريف بدر الدين محمد بن زهرة الحسيني نقيب الأشراف وكيل بيت المال بحلب.

(ومن الاتفاق أنّه مات يوم ورد الخبر بعزل ملك الأُمراء علاء الدين الطنبغا عن نيابة حلب، وكان بينهما شحناء في الباطن ؛ قلت:

____________________

(١) الشادّ: العامل على المكوس.

٢٨٩

قد كان كلٌّ منهما يرجو شفا أضغانه

فـصار كلُّ واحدٍ مـشتغلاً بـشانه

وكان السيّد (رحمه الله) حسن الشكل، وافر النعمة، معظّماً عند الناس شهماً ذكيّاً، وجدّه الشريف أبو إبراهيم هو ممدوح أبي العلاء المعرّي.

١٦ - الأمير شمس الدين حسن بن السيّد بدر الدين محمد بن زهرة

كذا جاءت نسبته في ذيل المختصر لابن الوردي، ذكره مع ابن عمّه السيّد علاء الدين في حوادث سنة ٧٤٧، قال وفيها ورد البريد بتولية السيّد علاء الدين علي بن زهرة الحسيني نقابة الأشراف بحلب مكان ابن عمّه الأمير شمس الدين، وأُعطي هذا إمارة الطبلخانات بحلب.

أمّا السيّد علاء الدين فأظنّه صاحب إجازة العلاّمة والذي سبقت ترجمته.

هذا جلّ ما استطعنا تجريده في هذا المقال من أسماء مشهوري (بني زهرة)، ونعلم أنّنا لم نبلغ حاجةً في نفوس قرّاء العرفان الأدباء، ولا في نفسنا، وعذرنا انطماس آثارهم.

وعجيب أن لا تفسح المعاجم مجالاً لذكرهم وأن لا يكون لهم حظ منها، وهي قد تعرّضت لترجمة كثيرين ممّن ينحطّون عنهم في مراتب العلم والشرف، ولا يوازونهم في موازين الفضل والجاه، ولا نرتاب بأنّ هناك رجالاً من تلك الأسرة الكريمة غير مَن سردنا أسماءهم في هذا القسم دَرَست آثارهم، وطُمست أخبارهم، وعميت علينا أنباؤهم.

وبعد، فأنّى لنا بإيفاء الموضوع حقّه من التمحيص، وأن نحيط بما لرجال تلك الأسرة الأعلام من الآثار، وكلّ ما نستمدّ به مادّتنا في الكتابة من المعاجم لا يعدو طريقة الفهارس، على أنّ في انقطاع العلم منهم بضعة قرون وبعد شقّة الاتصال بيننا وبين أعقابهم ما يحول دوننا ودون ما نتوخّاه من التحقيق.

وكيف كان، فقد جرينا فيما كتبناه مع قول الشاعر:

إذا لم تستطع أمراً فدعْه وجاوزْهُ إلى ما تستطيعُ

٢٩٠

أعقاب بني زهرة اليوم

لبني زهرة أعقاب متفرّقون في البلاد، وجمهرتهم في الفوعة، ونرى أن سياسة الغالب من غير أبناء مذهبهم أخرجتهم من حلب، وهم لا يُعرفون في هذه الأيّام ببني زهرة، ومنهم على ما روى لنا بعض الأعلام أسرة المرحوم نايف آغا الزعيم الشيعي في تلك الناحية، والمظنون أن أسرة بدر الدين في النبطيّة تتّصل نسبتها بسلسلة نسبهم الكريم، وفي قرية شحور أسرة تحمل نسباً كما أخبرني بعض العلماء الأجلاّء متّصلاً ببني زهرة.

وظنّ بعضهم أنّ نسبة الزهراوي أُسرة العلاّمة المرحوم الشهيد السيّد عبد الحميد الزهراوي إلى بني زهرة ولكن الذي يرويه ذلك العلاّمة أنّ النسبة إلى الزهراء (عليها السلام) وذلك الأصوب ؛ لأنّه أعرف بنسبه أوّلاً ؛ ولأنّ النسبة إلى زهرة الزهري لا الزهراوي ثانياً.

ولقد وقفت على صورة نسب لشريف فوعي يتّصل ببني زهرة ؛ ألمحت إليه في تضاعيف المقال.

والحمد لله في البدء والختام.

٢٩١

تاريخ بني عمار

أحمده تعالى على تواتر نعمائه وترادف آلائه، وأُصلي على صفوة أنبيائه والخيرة من أوليائه.

وبعد، فإنّي مُدوِّنٌ بهذه الصفحات ما بلغه علمي وأدركه جهدي من مظانّ كتبٍ تاريخيّةٍ من متناولي من تاريخ بني عمّار قضاة طرابلس الشام، من منتصف القرن الخامس الهجري إلى أوائل القرن الخامس، حيث غلب عليها الفرنج في غزواتهم الصليبيّة، وأصابها ما أصاب البلاد الشاميّة من التدمير والتنكيل بالسكّان الذين أوقعهم القدر في سلطانهم العاثر، وكانت نكبة هذا البلد التي تزيد على نكبة تقويض عمرانه وشامخ بنيانه، بالقضاء المجرم على دور العلم فيه ومكتبته الحافلة بنفائس الكتب التي ذهب بصنّاعها عصارة ما أنتجته الأدمغة العربية الإسلامية من علوم وآداب وفنون.

ندبت نفسي لهذا العمل الشاق القليلة مصادره خدمةً للتاريخ، وإقراراً بفضل بن عمّار على العلم، وبما أسدوه للإسلام من جميل، وعمل رافع في سبيل الوقوف بإتيّ الغزو الصليبي الجارف الحامل في ثناياه، إلى روح التعصّب الديني الممقوت، كلّ أدوات التخريب والقضاء على المدنيّة الإسلامية.

وأراني إن لم أفِ الموضوع حقّه فقصاراي أن قمت بالمستطاع، وفتحت باباً مغلقاً لمن يفتحه، ويكمل ما نقص من استيفاء الموضوع، والله من وراء القصد.

٢٩٢

٢٩٣

المقدّمة الأُولى

بنو عمّار قضاة طرابلس:

١ - أغفل التاريخ أخبار هؤلاء القضاة الذين كان لهم دورٌ مهمٌ في طرابلس وفي السياسة الفاطميّة، ولقبيلهم سعيٌ عظيمٌ في إنشاء دولتها في إفريقية، ولم يرد لهم ولقبيلهم فيما دوّنه من حوادث تلك الأيّام إلاّ نتف يسيرة مغمورة في التيّار الأعظم من تلك الحوادث، حتّى لا يكاد يبين لها شبح يشخص ما كان لهم من مكانةٍ في سياسة الدولة الفاطميّة، وعمل خطير في طرابلس أيّام ولايتهم عليها، التي سلخت زهاءَ قرن ونصف من مدّة تلك الأزمان الحافلة بالأحداث، سواء أكان ذلك في عملهم العمراني بطرابلس وما إليها، أم كان في خدمتهم الجلّى للعلم والعرفان، أم كان في مكتبتهم العظمة التي احتوت من الكتب ما اختلف المؤرّخون والرواة في تقديره بالملايين أو الألوف أو بمئة ألف كتاب.

وكنت في أثناء مراجعتي لتاريخ تلك القرون، وأنا أرى كيف تقتضب أخبارهم اقتضاباً، ولا تُذكر فيه إلاّ استطراداً على ما كان لهم من أثرٍ نافع وعمل رافع، آسف جدّ الأسف كيف لا تكون لهم فيه صفحة لامعة تليق بعملهم السياسي والعمراني والعلمي، وحدثتني نفسي أن أتولّى البحث عنهم، وأراجع مختلف الكتب التاريخية التي هي في متناولي، وأدوّن ما أبلغه من نتيجة بحثي في تضاعيف تلك الكتب، وما أظفر به من شذرات مبدّدات هنا وهناك، فأنظمها بعد التأليف ما بينها في سمط كتابٍ واحدٍ لعلّي أؤدّي به رسالة الاعتراف بما لهذا القبيل المبخوس حقّه التاريخي من الفضل، على أنّني لا أضمن لنفسي الإصابة في التنسيق التاريخي المنتظم، والمظانّ مفقودة والمراجع لا تكاد

٢٩٤

تفي ببعض الحاجة، والمصادر أعزّ من بيض الأنوق، ولكن ما على المجتهد حرج إن أخطأ الصواب إذا كان حسن النية حافزه، ونشدان الحقيقة دافعه، وفوق كلِّ ذي علمٍ عليم.

٢ - إن لم يؤدّ التاريخ رسالته في سرد أحوالهم وترجمة رجالهم ومبدأ أُمورهم إلى زمن ظهورهم ومشاركتهم ذوي السلطان في النفوذ والسلطان، ولم يُعن على الأقل بأصول أنسابهم، كما لم يُعن بأحسابهم، فإنه لم يسكت عما يستفزّ الباحث إلى استطلاع شؤونهم بذكره في عرض حوادثه الكبرى طرفاً من بلائهم، سواء أكان في تأسيس الخلافة الفاطمية في افريقية، ومصاحبة فريق منهم أوّل مستولٍ من الفاطميّين على الدار المصريّة ثمّ الديار الشاميّة، أم كان من بلاء آخرهم فخر الملك بن عمّار في الدفاع عن طرابلس وصدّ الغارات الصليبيّة عنها، أم كان فيما أسدوه إلى هذا البلد وما إليه من الأعمال: من نشر علم واستبحار عمران وبذل عناية في ترقية مرافق حياة هذا البلد، من حيث إتقان الزراعة وتفوّق الصناعة.

وذكر مثل هذا البلاء من بني عمّار ومثل تلك العناية، ممّا يزيد الباحث شوقاً إلى دراستهم والوقوف على تراجمهم.

وإليك طرفاً ممّا أجمل المؤرّخون من سيرتهم: ففي خطط الشام (وممّا يذكر في هذا القرن (الخامس) أنّ القاضي جلال الملك أبا الحسن علي بن محمد بن أحمد بن عمّار جدّد في طرابلس دار العلم ودار الحكمة، وذلك في سنة ٤٧٢ هـ لتكون مركزاً من مراكز التشيّع، فنُشرت العلوم والآداب وأصبحت طرابلس مباءة علمٍ ودرسٍ ومباراة في التعلّم. وجهّز هذه الجامعة الدينية بمئة ألف مجلّد، وربّما كانت على عهده قبل استيلاء الصليبين عليها أوّل بلدة علميّة في الشام على ما رأى (فان برشم)).

وفي مكانٍ آخر من الخطط:

(وكان لابن عمّار البلاء الحسن، بل الأحسن في دفع عادة الصليبيّين عن بلده. لم يترك باباً من أبواب الخلاص ليصدهم عن طرابلس إلاّ طرقه، حتّى دفعهم بعقله وحسن إدارته عن تملّكها عشر سنين.

وكان في طريق رجعتهم كالحسكة في الحلق، وفي معاملة ملوك الأطراف نموذج الدهاء السياسي، وهو على صغر جرم مملكته

٢٩٥

يطاول ويحاول وينازل ويصاول ويلين ويقسو ؛ لأنّ مع الكثرة تخاذلاً ومع القلّة تماسكاً).

وجاء فيها فيما يتعلّق بمكتبة بني عمّار:

(ومن أهم النكبات التي أُصيبت بها الكتب في الشام نكبة طرابلس لمّا فتحها الصليبيّون، وإحراق صنجيل أحد أمرائهم كتب دار العلم فيها.

وأخذ الصليبيّون بعض ما طالت أيديهم إليه من دفاترها وكتبها الخاصّة في بيوتهم.

واختلفت الروايات في عدد المجلّدات التي كانت في خزانة دار بني عمّار أو دار حكمتهم في طرابلس، وعلى أصح الروايات أنّها ما كانت تقلّ عن مئة ألف مجلّد، وأوصلها بعضهم إلى ألف ألف وبعضهم إلى أكثر.

ووقفها أمين الدولة أبو طالب الحسن بن عمّار، وجاء بعدهم الأمير علي بن محمد بن عمّار الذي جدّد دار العلم سنة ٤٧٢ هـ، ثمّ فخر الملك عمّار بن محمد، حتّى صارت طرابلس كما قال ابن الفرات في زمن آل عمّار جميعها دار علم، وكان في تلك مئة وثمانون ناسخاً ينسخون لها الكتب بالجراية والجامكية، فضلاً عمّا يُشترى لها من الكتب المنتخبة من البلاد.

وابن الفرات هو ممّن يقول بأنّ عدد ما كان في دار العلم هذه من الكتب نحو ثلاثة ملايين كتاب عندما أحرقها الصليبيّون سنة ٥٠٣ هـ.

والغالب أنّه كان في طرابلس من الكتب الموقوفة غير دار العلم، وقفت قبل بني عمّار، وأراد ابن الفرات بهذه الثلاثة آلاف الألف عدد الكتب التي كانت في مكاتب طرابلس كلها).

إنّ فيما جاء في الخطط لَدليلاً كبيراً ناصعاً على تفوّق طرابلس العلمي في عهد بني عمّار، وإليك دليلاً آخر على تفوّقها العمراني والاقتصادي في عهدهم الزاهر، جاء في تاريخ سورية للأستاذ المحقّق جرجي يني الطرابلسي ما يلي:

(وكانت طرابلس في ذلك الحين (الحروب الصليبيّة) مشهورة بغنى طبيعته وحسن رونقها ونجاحها، وكانت حاصلاتها غزيرة جدّاً، حتّى أنّ السهول والتلال والأكم المجاورة كانت مصدراً لكثير من الغلال الفاخرة والزيتون والحرير، فضلاً عمّا هنالك من قصب السكّر والكرم وأنواع

٢٩٦

الفاكهة والأشجار، وحسبنا بذلك شهادة المؤرّخ (ميسود) الذي تبع قوله بقوله:

(إنّ في المدينة أكثر من أربعة آلاف نول لنسج الأقمشة الصوفيّة والحريريّة والقطنيّة، غير أنّ قسماً كبيراً من هذا الغنى بات طعاماً لانتقام الإفرنج أو معطّلاً من جرّى حروبهم وحصارهم الطويل ؛ فإنّهم كانوا في زمان الحصار قد أضرّوا بجوار البلدة، ولما تملّكوها لم يعتنوا بما فيها من المعامل الصناعيّة، فانحطّت انحطاطاً عظيماً ولم يكن ما ذكر لكلّ ما اشتهرت به طرابلس من الغنى في ذلك الزمن، فإنّ خزائنها كانت مُلئت من الكتب المفيدة، التي أحالها الافرنج رماداً، فخسر العالم بفقدها كنزاً عظيماً.

(فإنّ بين مجلّداتها كثيراً من كتب الفرس والعرب واليونان، وكان فيها عديد من الكتبة يشتغلون على الدوام بنسخ كتب الخط.

وقال ابن طي المؤرّخ العربي: (إنّ عدد هذه الكتب كان ثلاثة ملايين من المجلّدات).

غير أنّ مؤرّخاً آخر يقول: إنّ عددها لم يتجاوز مئة ألف مجلّد، وإنّ جامعها القاضي أبو الحسن طالب وهو نفسه قد ألّف كثيراً، وإنّه كان متولّياً البلدة، وقد بعث برسائل إلى الأقطار مفتّشاً على الكتب النادرة مهما كان ثمنها عظيماً.

وقد ندب مؤرّخو العرب فقدان تلك المكتبة، على أنّ المؤرّخين الصليبيّين القدماء لم يذكروا عنها شيئاً ليستروا زلّة قومهم).

وإنك لتعلم مبلغ ما بلغه هذا البلد من الغنى والثروة، بذل ابن عمّار أبي الحسن علي ثلاثمئة ألف دينار للملك دقاق بن تُتُش على تسليمه له ابن مليحة صاحب جبلة عرياناً، كما سترى ذلك مبسوطاً في مكانه من هذا الكتاب.

وإليك دليلاً آخر على ما كان لهذا البلد من رُقي وتفوّق عمرانيّ وسابغ نعمة، ما ورد في تاريخ ابن القلانسي في حوادث سنة ٥٠٢ هـ لمّا امتلك الإفرنج طرابلس عنوة بعد حصارها الطويل:

(وحصل في أيديهم من أمتعتها وذخائرها ودفاتر علمها وما كان منها في خزائن أربابها ما لا يُحدّ عدده ولا يُحصر فيذكر).

وفي كامل ابن الأثير في حوادث سنة ٥٠٣ هـ: وسدّ الفرنج القتال عليها (طرابلس) من الأبراج والزحف، فهجموا على البلد وملكوه عنوة

٢٩٧

وقهراً يوم الاثنين لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي الحجّة من السنة (٥٠٣ هـ)، ونهبوا ما فيها وأسروا الرجال وسبوا النساء والأطفال، ونهبوا الأموال وغنموا من أهلها من الأموال والأمتعة ودور كتب العلم الموقوفة ما لا يُحدّ ولا يُحصى، فإنّ أهلها كانوا أكثر أهل البلاد أموالاً وتجارة، وسلم الوالي الذي كان بها وجماعة من جندها كانوا التمسوا الأمان قبل فتحها، فوصلوا إلى دمشق وعاقب الفرنج أهلها بأنواع العقوبات، وأُخذت دفائنهم وذخائرهم من مكامنها.

وما لنا والإكثار من التدليل على عظمة هذا البلد، وفي ثباته على مقاومة القوّات الصليبيّة الهائلة مدّة عشر سنين بإدارة ابن عمّار الرشيدة، ما يغني عن الإسهاب في هذا الباب، وستراه جليّاً في تضاعيف هذا الكتاب.

٢٩٨

المقدمة الثانية

نبذة وجيزة من تاريخ طرابلس

موقعها في طول شرقي ٢٠ ً ٤٤ َ ٣٥ ْ وعرض شمالي ٦٦ ً ٢٦ َ ٣٤ ْ على بعد ميل من البحر.

هي من مدن فينيقية وتُعرف باسمها اليوناني واسمها الفينيقي مجهول، وطرابلس أو أطرابلس مبدوءة بالألف تمييزاً لها عن طرابلس الغرب، وهي تعريب عن تريبوليس أي المدن الثلاث(١) سُمّيت بذلك ؛ لأنّ الأرواديّين سكّان جزيرة أرواد التي هي منها إلى الشمال على بضعة أميال، والصيداويّين والصوريّين (لا السوريّين) كما جاء في تاريخ سورية للمطران يوسف الدبس، بنوا هناك ثلاثة أحياء لكلّ فريق حيّاً منفصلاً عمّا سواه ؛ فسمّيت باليونانية تريبوليس أي المدن الثلاث، فنقلها العرب إلى طرابلس تمييزاً لها عن طرابلس الغرب و بالعكس، ويميّزها بعضهم عن تلك بطرابلس الشام.

وجاءت في شعر أبي الطيّب المتنبّي محذوفة الألف في قوله:

اكـارم تحسد الأرض السماء بها وقصرّت كلّ مصر عن طرابلس

قال القلقشندي في كتابه صبح الأعشى (وهي أَطْرابُلُس) بفتح الهمزة

____________________

(١) تاريخ لبنان. ونجد لأوّل مرّةٍ في أخبار هذه الحروب أسماء ثلاث مدن لبنانيّة هي (١) مخلات (٢) وميسة (٣) وكاية ذُكرت فيما بعد باسم (المدينة المثلثة) أو (المدن الثلاث) أو (طرابلس) ص ٢٠.

٢٩٩

وسكون الطاء وفتح الراء المهملتين ثمّ ألف وباء موحّدة ولامٍ مضمومتين وسين مهملة في الآخر.

قال السمعاني: وقد تسقط الألف فرقاً بينها وبين طرابلس التي في الغرب.

وأنكر ياقوت في المشترك سقوطها وعاب على المتنبّي حذفها منها في شعره.

قال في الروض المعطار: ومعنى أطرابلس فيما قيل ثلاث مدن.

وقيل مدينة الناس، وهي مدينة من سواحل حمص واقعة في الإقليم الرابع.

قال في كتابه الأطوال: طولها تسع وخمسون درجة وأربعون دقيقة، وعرضها أربع وثلاثون درجة.

وكانت في الأصل من بناء الروم، فلمّا فتحها المسلمون في سنة ثمان وستمئة في الأيّام الأشرفيّة (خليل بن قلاوون) خرّبوها وعمّروا مدينة على نحو ميلٍ منها وسمّوها باسمها وهي الموجودة الآن، إلى أن قال:

وهي الآن مدينة متمدّنة كثيرة الرخام، وبها مساجد ومدارس وزوايا وبيمارستان وأسواق جليلة وحمّامات حسان، وجميع بنائها بالحجر والكلس مبيّضاً ظاهراً وباطناً، وغوطتها محيطة بها، وتحيط بغوطتها مزروعاتها وهي بديعة المشرف ولها نهر يحكم على ديارها وطباقها، يتخرق الماء في مواضع من أعالي بيوتها التي لا يرقى إليها إلاّ بالدرج العليّة، وحولها جبال شاهقة صحيحة الهواء خفيفة الماء ذات أشجار وكروم ومروج ومواشٍ، وميناها مينا جليلة تهوى إليها وفود البحر الرومي، وترسو بها مراكبهم وتباع فيها بضائعهم، وهي بلد متجرٍ وزرعٍ كثيرة الفائدة.

وصفها:

وصفها المؤرّخ الأستاذ جرجي يني في تاريخه (سورية) بقوله: (فطرابلس الشام بلدة من أحسن مدن سورية جمالاً وأبهجها منظراً وأكثرها رياضاً، وهي قائمة على ضفتي نهر أبي علي المعروف عند الأقدمين بنهر قاديشا أي المقدس، وتحفّها البساتين والغياض، وتكثر فيها المياه والأثمار، فتزيدها نضارة وحسناً.

وتظهر طرابلس للرائي كالحمامة البيضاء فإنّ أكثر جدرانها وسطوحها مبيّضة بالكلس الأبيض، ناهيك عمّا يرى فيها من جمال الطبيعة، ذلك ما وصفه ابن مامية الرومي بقوله:

بـأربـعةٍ سـادت وسـاد مـقامها على سائر الأمصار في البحر والبرِّ

بـأبيض ثـلجٍ واحـمرار كـثيبها وخـضرة مرج قد جلا زرقة البحرِ

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486