تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ٢

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني12%

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
تصنيف: تاريخ التشيع
الصفحات: 486

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 486 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 77439 / تحميل: 10042
الحجم الحجم الحجم
تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني

تاريخ الشيعة السياسي الثقافي الديني الجزء ٢

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الأعلمي
العربية

تاريخ الشيعة

السياسيّ الثقافيّ الدينيّ

تأليف

العلاّمة الشيخ سُليمان ظاهر

عضو المجمع العلمي العربي بدمشق

حقّقه وضبطه

عبد سليمان ظاهر

المجلّد الثاني

منشورات

مؤسسة الأعلمي للمطبوعات

بيروت - لبنان

ص. ب ٧١٢٠

١

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

تاريخُ بني حَمْدان

دولة بني حمدان

قال ابن خلدون: كان بنو تغلب بن وائل من أعظم بطون ربيعة بن نزار، ولهم محلّ في الكثرة والعدد، وكانت مواطنهم بالجزيرة في ديار ربيعة، وكانوا على دين النصرانية في الجاهلية وصاغيتهم مع قيصر.

وحاربوا المسلمين مع غسّان وهرقل أيّام الفتوحات في نصارى العرب يومئذٍ من غسّان وإياد وقضاعة وزابلة وسائر نصارى العرب.

ثمّ ارتحلوا مع هرقل إلى بلاد الروم، ثمّ رجعوا إلى بلادهم، وفرض عليهم عمر بن الخطّاب الجزية، فقالوا: يا أمير المؤمنين لا تذلّنا بين العرب باسم الجزية واجعلها صدقة مضاعفة. ففعل.

وكان قائدهم يومئذٍ حنظلة بن قيس بن هرير من بني مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب، وكان من رهطه عمرو بن بسطام صاحب أسند أيّام بني أمية، ثمّ كان منهم بعد ذلك في الإسلام ثلاثة بيوت: آل عمر بن الخطّاب العدوي، وآل هارون المغمر، وآل حمدان بن حمدون بن الحرث بن لقمان بن أسد.

ولم يذكر ابن حزم هؤلاء البيوت الثلاثة في بطون بني تغلب في كتاب الجمهرة، ووقفت على حاشية في هذا الموضع من كتابه، فيها ذكر هؤلاء الثلاثة كالاستلحاق عليه.

وقال في بني حمدان: وقيل إنّهم موالي بني أسد، ثمّ قال آخر الحاشية: إنّه من خط المصنف، يعني ابن حزم، ولمّا فشا دين الخارجية بالجزيرة أيّام مروان بن الحكم، وفرّق جموعه ومحا آثار تلك الدعوة، ثمّ

٤

ظهر في تلك الجزيرة بعد حين أثر من تلك الدعوة، وخرج مساور بن عبد الله بن مساور البجلي من الشراة(١) أيّام الفتنة بعد مقتل المتوكل، واستولى على أكثر أعمال الموصل، وجعل دار هجرته الحديثة، وكان على الموصل يومئذٍ عقبة بن محمّد بن جعفر بن محمّد بن الأشعث الخزاعي الذي ولّى المنصور جدّه محمّداً على أفريقية ؛ وعليه خرج مساور، ثمّ ولّى على الموصل أيوب بن أحمد بن عمر بن الخطّاب التغلبي سنة أربع وخمسين ومئتين، واستخلف عليه ابنه الحسن، فسار إلى مساور في جموع قومه وفيهم حمدون بن الحرث، فهزموا الخوارج وفرّقوا جمعهم.

ثمّ ولّى أيّام المهتدي عبد الله بن سليمان بن عمران الأزدي، فغلبه الخوارج، وملك مساور الموصل ورجع إلى الحديثة. ثمّ انتقض أهل الموصل أيّام المعتمد سنة تسع وخمسين ومئتين، وأخرجوا العامل وهو أساتكين الهيثم بن عبد الله بن المعتمد العدوي من بني تغلب، فامتنعوا عليه، وولّوا مكانه إسحاق بن أيوب من آل الخطّاب، فزحف معه حمدان ابن حمدون، وحاصرها مدّةً ثمّ كانت فتنة إسحاق بن كنداجق وانتفاضه على المعتمد.

واجتمع لمدافعته علي بن داود صاحب الموصل وحمدان بن حمدون وإسحاق بن أيوب، فهزمهم إسحاق بن كنداجق وافترقوا، فاتبع إسحاق بن أيوب إلى نصيبين ثمّ إلى آمد، واستجار فيها بعيسى بن الشيخ الشيباني، وبعث إلى المعز موسى بن زرارة صاحب أرزن فامتنع بإنجادهما.

ثمّ ولّى المعتمد ابن كنداجق على الموصل سنة سبع وستين ومئتين، فاجتمع لحربه إسحاق بن أيوب وعيسى بن الشيخ وأبو العز بن زرارة وحمدان بن حمدون في ربيعة وتغلب، فهزموا ابن كنداجق(٢) وحاصره هو، ولجأوا إلى آمد عند عيسى بن الشيخ الشيباني، وحاصرهم بها، وتوالت عليهم الحروب، وهلك مساور الخارجي أثناء هذه الفتن في حربه مع العساكر سنة ثلاث وستّين ومئتين.

____________________

(١) في الأصل: الشراب.

(٢) ذكرت في كامل ابن الأثير، في حوادث سنة ٢٦٧ المجلّد ٧ الصفحة ٤٥.

٥

واجتّمَع الخوارج بعده على هارون بن عبد الله البجلي، واستولى على الموصل، وكثر تابعه، وخرج عليه محمّد بن خردان من أصحابه فغلبه على الموصل، فقصد حمدان بن حمدون مستنجداً به، فسار معه وردّه إلى الموصل، ولحق محمذد بالحديثة، ورجع أصحابه إلى هارون.

ثمّ سار هارون من الموصل إلى محمّد فأوقع به وقتله، وعاث في الأكراد الجلاليّة أصحابه، وغلب على القرى والرساتيق، وجعل رجله يأخذ الزكاة والعشر.

ثمّ زحف بنو شيبان لقتاله سنة اثنتين وسبعين ومئتين ؛ فاستنجد بحمدان بن حمدون، وانهزم قبل وصوله إليه.

ثمّ كانت الفتنة بين إسحاق بن كنداجق ويوسف بن أبي الساج، وأخذ ابن أبي الساج بدعوة ابن طولون، وغلب على الجزيرة والموصل، ثمّ عاد وملكها لابن كنداجق، وولى عليها هارون بن سيما سنة تسع وسبعين ومئتين، فطرده أهلها، واستنجد ببني شيبان فساروا معه إلى الموصل، واستمدّ أهلها الخوارج وبني تغلب، فسار لإمدادهم هارون الساري وحمدان. فهزمهم بنو شيبان، وخاف أهل الموصل من ابن سيما فبعثوا إلى بغداد، وولّى عليهم المعتمد علي بن داود الأزري. ولما بلغ المعتضد ممالئة حمدان بن حمدون لهارون الساري وما فعله بنو شيبان، وقد كان خرج لإصلاح الجزيرة وأعطاه بنو شيبان رهنهم على الطاعة، زحف إلى حمدان وهزمه فلحق بماردين وترك بها ابنه الحسين وهرب، فسار مع وصيف ونصر القسوري، ومرّوا بدير الزعفران وبه الحسين بن حمدان، فاستأمن لهم. وبعثوا به إلى المعتضد، وأمر بهدم القلعة ولقي وصيف حمدان فهزمه وعبر إلى الجانب الغربي، ثمّ سار إلى معسكر المعتصد، وكان إسحاق بن أيوب التغلبي قد سبق إلى طاعة السلطان وهو في معسكره، فقصد خيمته ملقياً بنفسه عليه، فأحضره عند المعتضد فحبسه.

ثمّ سار نصر القسوري في اتباع هارون، فهزم الخوارج ولحق بأذربيجان، واستأمن آخرون إلى المعتضد، ودخل هارون البرية، ثمّ سار المعتضد سنة ثلاث وثمانين ومئين في طلب هارون، وبعث في مقدّمته

٦

وصيفاً وسرّح معه الحسين بن حمدان بن بكرين، واشترط له إطلاق ابنه إن جاء بهارون.

فاتبعه وأسره وجاء به إلى المعتضد، فخلع عليه وعلى أخوته وطوقه، وفك القيود عن حمدان ووعده بإطلاقه.

ومات إسحاق بن أيوب العدوي وكان على ديار ربيعة، فولّى المعتضد مكانه عبد الله بن الهيثم بن عبد الله بن المعتمد.

مبدأ الدولة وولاية أبي الهيجاء عبد الله بن حمدان على الموصل:

ولمّا ولي المكتفي عقد لأبي الهيجاء عبد الله بن حمدان على الموصل وأعمالها، وكان الأكراد الهدبانية قد عاثوا في نواحها ومقدّمهم محمّد بن سلال، فقاتلهم وعبر وراءهم إلى الجانب الشرقي، وقاتلهم علي الخازر وقتل مولاه سيما ورجع، ثمّ أمدّه الخليفة فسار في أثرهم سنة أربع وتسعين ومئتين، وقاتلهم على أذربيجان وهزم محمّد بن سلال بأهله وولده، واستباحهم ابن حمدان، ثمّ استأمن محمّداً وجاءه إلى الموصل واستأمن سائر الأكراد الحميدية.

واستقام أمر أبي الهيجاء، ثمّ كانت فتنة الخلع ببغداد سنة ست وتسعين ومئتين، وقتل الوزير العبّاس بن الحسن، وخلع المقتدر وبويع عبد الله بن المعتز يوماً أو بعض يوم، وعاد المقتدر.

وكان الحسين بن حمدان على ديار ربيعة، وكان ممّن تولّى كبر هذه الفتنة مع القواد، وباشر قتل الوزير مع مَن قتله فهرب، وطلبه المقتدر وبعث في طلبه القاسم بن سيما وجماعة من القواد، فلم يظفروا به.

فكتب إلى أبي الهيجاء وهو على الموصل فسار مع القاسم، ولقيهم الحسين عند تكريت، فانهزم واستأمن فأمنه المقتدر وخلع عليه وولاّه أعمال قم وقاشان، ثمّ ردّه بعد ذلك إلى ديار ربيعة.

انتقاض أبي الهيجاء ثمّ الحسين بن حمدان:

ولمّا كانت سنة تسع وتسعين ومئتين خالف أبو الهيجاء بالموصل سنة اثنتين وثلاثمئة، وكان الحسين بن حمدان على ديار ربيعة، كما قدّمناه،

٧

فطالبه الوزير عيسى بن عيسى بحمل المال، فدافعه فأمره بتسليم البلاد إلى العمّال فامتنع، فجهّز إليه الجيش فهزمهم ؛ فكتب إلى مؤنس العجلي وهو بمصر يقاتل العساكر العلويّة ؛ بأن يسير إلى قتال الحسين بعد فراغه من أمره. فسار إليه سنة ثلاث وثلاثمئة، فارتحل بأهله إلى أرمينية، وترك البلاد. وبعث مؤنس العساكر في أثره، فأدركوه وقاتلوه فهزموه، وأسر هو وابنه عبد الوهاب وأهله وأصحابه، فأدخل على محل وقبض المقتدر يومئذٍ على أبي الهيجاء وجميع بني حمدان، فحبسهم جميعاً، ثمّ أطلق أبا الهيجاء سنة خمس وثلاثمئة بعدها، وقتل الحسين سنة ست وثلاثمئة، وولّى إبراهيم بن حمدان سنة سبع وثلاثمئة على ديار ربيعة، وولّى مكانه داود بن حمدان.

ولاية أبي الهيجاء ثانية عل الموصل ثمّ مقتله:

ثمّ ولّى المقتدر أبا الهيجاء عبد الله بن حمدان على الموصل سنة أربع عشرة وثلاثمئة، فبعث ابنه ناصر الدولة الحسين عليها، وأقام هو ببغداد، ثمّ بلغه إفساد العرب والأكراد في نواحيها، وفي نواحي عمله الآخر بخراسان، فبعث إلى أبيه ناصر الدولة فأوقع بالعرب في الجزيرة ونكل بهم، وجاءه في العساكر إلى تكريت، فخرج ورحل بهم إلى شهر زور، وأوقع بالأكراد الجلاليّة حتّى استقاموا على الطاعة.

ثمّ كان خلع المقتدر سنة سبع عشرة وثلاثمئة بأخيه القاهر، ثمّ عاد ثاني يوم، وأحيط بالقاهرة في قصره، فتذمّم بأبي الهيجاء وكان عنده يومئذٍ، وأطال المقام يحاول على النجاة به فلم يتمكّن من ذلك.

وانقضّ الناس على القاهرة، ومضى أبو الهيجاء يفتّش عن بعض المنافق في القصر يتخلّص منه، فاتّبعه جماعة وفتكوا به، وقتلوه منتصف المحرّم من السنة سبع عشرة وثلاثمئة، وولّى المقتدر مولاه نحريراً على الموصل.

ولاية سعيد ونصر ابنَي حمدان على الموصل:

ثمّ إنّ أبا العلاء سعيد بن حمدان ضمن الموصل وديار ربيعة وما بيد ناصر الدولة، فولاّه الراضي سنة ثلاث وعشرين وثلاثمئة، وسار إلى الموصل. فخرج ناصر الدولة لتلقّيه، وخالفه أبو العلاء إلى بيته وقعد

٨

ينتظره، فأنفذه ناصر الدولة جماعةً من غلمانه فقتلوه.

وبلغ الخبر إلى الراضي فأعظم ذلك وأمر الوزير ابن مقلة بالمسير إلى الموصل فسار إليها، وارتحل ناصر الدولة واتبعه الوزير إلى جبل السن، ورجع عنه وأقام بالموصل. واحتال بعض أصحاب ابن حمدان ببغداد على ابن الوزير وبذل له عشرة آلاف دينار على أن يستحثّ أباه، ففعل وكتب إليه بأمورٍ أزعجته، فاستعمل على الموصل من وثق به من أهل الدولة ورجع إلى بغداد في منتصف شوّال.

ورجع ناصر الدولة إلى الموصل فاستولى عليها، وكتب إلى الراضي في الصفح وأن يضمن البلاد، فأجيب إلى ذلك واستقر في ولايته.

مسير الراضي إلى الموصل:

وفي سنة سبع وعشرين وثلاثمئة تأخّر ضمان البلاد من ناصر الدولة، فغضب الراضي وسار ومدبّر دولته تحكم، وسار إلى الموصل وتقدّم تحكم إلى تكريت ؛ فخرج إليه ناصر الدولة فانهزم أصحابه، وسار إلى نصيبين وأتبعه تحكم فلحق به. وكتب تحكم إلى الراضي بالفتح، فسار في السفن يريد الموصل، وكان ابن رائق مختفياً ببغداد منذ غلبه ابن البريدي على الدولة، فظهر عند ذلك واستولى على بغداد.

وبلغ الخبر إلى الراضي، فأصعد من الماء إلى البر واستقدم تحكم من نصيبين ؛ واستعاد ناصر الدولة ديار ربيعة وهو يعلم بخبر ابن رائق، وبعث في الصلح على تعجيل خمسمئة ألف درهم فأجابه إلى ذلك.

وسار الراضي وتحكم إلى بغداد، ولقيهم أبو جعفر محمد بن يحيى ابن شريق رسولاً من ابن رائق في الصلح، على أن يولّى ديار مضر، وهي حرّان والرها والرقّة، وتضاف إليها قنسرين والعواصم فأجب إلى ذلك، وسار عن بغداد إلى ولايته، ودخل الراضي وتحكم بغداد، ورجع ناصر الدولة بن حمدان إلى الموصل.

سير المتّقي إلى الموصل وولاية ناصر الدولة إمارة الأمراء:

كان ابن رائق من بعد مسيره إلى ديار مضر والعواصم، سار إلى الشام

٩

وملك دمشق من يد الأخشيد ثمّ الرملة. ثمّ لقيه الأخشيد على عريش مصر وهزمه ورجع إلى دمشق، ثمّ اصطلحا على أن يجعلا الرملة تخماً بين الشام ومصر، وذلك سنة ثمان وعشرين وثلاثمئة.

ثمّ توفّي الراضي سنة تسع وعشرين وثلاثمئة، وولي المتّقي وقتل تحكم، وجاء البريدي إلى بغداد وهرب الأتراك التحكمية إلى الموصل وفيهم توزون وحجمج. ثمّ لحق بأبي بكر محمّد بن رائق واستحثّوه إلى العراق، وغلب بعدهم على الخلافة الأتراك الديلمية، وجاء أبو الحسن البريدي من واسط فأقام ببغداد أربعة وعشرين يوماً أمير الأمراء، ثمّ شغب عليه الجند فرجع إلى واسط، وغلب كورتكين ثمّ حجر المتقي وكتب إلى ابن رائق يستدعيه، فسار من دمشق في رمضان سنة تسع وعشرين وثلاثمئة، واستخلف عليها أبا الحسن أحمد بن علي بن حمدان على أن يحمل إليه مئة ألف دينار.

وسار ابن رائق إلى بغداد وغلب كورتكين والديلمية، وحبس كورتكين بدار الخلافة. ثمّ شغب عليه الجند، وبعث أبو عبد الله البريدي أخاه أبا الحسن إلى بغداد في العساكر فغلبوا عليها. وهرب المتّقي وابنه أبو منصور. وزاد في المسيرة، فنثر الدراهم على ابن الخليفة، وبالغ في مبرّته حتّى ركب للانصراف وأمسك ابن رائق للحديث معه فاستدعاه المتّقي وخلع عليه ولقبه ناصر الدولة وجعله أمير الأمراء، وخلع على أخيه أبي الحسن ولقبه سيف الدولة، وكان قتل ابن رائق لتسع بقين من رجب، وولاية ناصر الدولة مستهل شعبان من سنة ثمانين وثلاثمئة.

ثمّ سار الأخشيدي من مصر إلى دمشق فملكها من يد عامل ابن رائق، وسار ناصر الدولة مع المتّقي إلى بغداد.

أخبار بني حمدان ببغداد:

ولمّا قتل ابن رائق وولّي أبو الحسن البريدي على بغداد وقد سخطه العامّة والخاصّة، فهرب حجمج إلى المتّقي، وأجمع توزون وأصحابه إلى الموصل واستحثّوا المتّقي وناصر الدولة فأنجدوهم إلى بغداد، وولّى على الخراج والضياع بديار مضر وهي الرها وحران والرقّة أبا الحسن علي بن

١٠

خلف بن طياب وكان عليها أبو الحسن علي بن أحمد بن مقاتل من قبل ابن رائق فقاتله ابن طياب وقتله.

ولمّا قرب المتّقي وناصر الدولة من بغداد، هرب أبو الحسن بن البريدي إلى واسط بعد مقامه مئة يوم وعشرة أيّام.

ودخل المتّقي بغداد ومعه بنو حمدان، وقلّد توزون شرطة جانبي بغداد وذلك في شوّال من السنة، ثمّ سار بنو حمدان إلى واسط، فنزل ناصر الدولة بالمدائن، وبعث أخاه سيف الدولة إلى قتال البريدي وقد سار من واسط إليهم فقاتلوه تحت المدائن ومعهم توزون وحجمج والأتراك فانهزموا أولاً، ثمّ أمدّهم ناصر الدولة بمن كان معه من المدائن فانهزم البريدي إلى واسط، وعاد ناصر الدولة إلى بغداد منتصف ذي الحجّة وبين يديه الأسرى من أصحاب البريدي.

وأقام سيف الدولة بموضع المعركة حتّى اندملت جراحه وذهب وهنه، ثمّ سار إلى واسط فلحق البريدي بالبصرة واستولى على واسط، فأقام بها معتزماً على اتباع البريدي إلى البصرة. واستمدّ أخاه ناصر الدولة في المال فلم يمدّه وكان للأتراك عليه استطالة وخصوصاً توزون وحجمج.

ثمّ جاء أبو عبد الله الكوفي بالمال من قِبَل ناصر الدولة ليفرقه في الأتراك، فاعترضه توزون وحجمج وأرادا البطش به، فأخفاه سيف الدولة عنهما وردّه إلى أخيه.

ثمّ ثار الأتراك بسيف الدولة سلخ شعبان فهرب من معسكره إلى بغداد، ونهب سواده وقتل جماعةً من أصحابه.

وكان أبو عبد الله الكوفي لمّا وصل إلى ناصر الدولة وأخبره خبر أخيه أراد أن يسير إلى الموصل، فركب المتّقي إليه، واستمهله، وعاد إلى قصره فأغذّ السير إلى الموصل بعد ثلاثة عشر شهراً من إمارته.

وثار الديلم والأتراك ونهبوا داره، ولمّا هرب سيف الدولة من معسكره بواسط عاد الأتراك إلى معسكرهم وولوا توزون أميراً وحجمج صاحب جيش.

ولحق سيف الدولة ببغداد منتصف رمضان بعد مسير أخيه، وبلغه خبر توزون، ثمّ اختلف الأتراك وقبض توزون على إمارة الأمراء ببغداد.

١١

خبر عدل التحكمي بالرحبة:

كان عدل هذا مولى تحكم ثمّ صار مع ابن رائق وأصعد معه إلى الموصل، ولمّا قتل ابن رائق صار في جملة ناصر الدولة بن حمدان فبعثه مع علي بن خلف بن طياب إلى ديار مضر، فاستولى ابن طياب عليها وقتل نائب ابن رائق وكان بالرحبة من ديار مضر رجل من قِبَل ابن رائق يُقال له مسافر بن الحين فامتنع بها وجبى خراجها واستولى على تلك الناحية، فأرسل إليه ابن طياب عدلاً التحكمي فاستولى عليها، وفر مسافر عنها.

واجتمع التحكمية إلى عدل، واستولى على طريق الفرات وبعض الخابور. ثمّ استنصر مسافر بجمع من بني نمير وسار إلى قرقيسيا وملكها، وارتجعها عدل من يده ثمّ اعتزم عدل إلى ملك الخابور، وانتصر أهله ببني نمير، فأعرض عدل عن ذلك حيناً حتّى أمنوا، ثمّ أسرى إلى فسيح سمصاب وهي من أعظم قرى خابور فقاتلها وثقب السور وملكها ثمّ ملك غيرها.

وأقام في الخابور ستّة أشهر، وجبى الأموال وقوي جمعه واتسعت حاله، ثمّ طمع في ملك بني حمدان فسار يريد نصيبين لغيبة سيف الدولة عن الموصل وبلاد الجزيرة، ونكب عن الرحبة وحران ؛ لأنّ يأنس المؤنسي كان بها في عسكر ومعه جمع من بني نمير فحاد عنها إلى رأس عين ومنها إلى نصيبين.

وبلغ الخبر إلى أبي عبد الله الحسين بن سعيد بن حمدان فجمع وسار إليه فلمّا التقى الجمعان استأمن أصحاب عدل إلى ابن حمدان، ولم يبق معه إلاّ القليل، فقبض عليه وسمله وبعث به مع ابنه إلى بغداد في آخر شعبان سنة إحدى وثلاثين ومئتين (كذا).

مسير المتّقي إلى الموصل وعوده:

ولمّا انصرف ناصر الدولة وسيف الدولة عن المتّقي من بغداد، وجاء توزون من واسط واستولى على الدولة، ثمّ رجع إلى واسط، ووقعت بينه وبين ابن البريدي بالبصرة مواصلة وصهر ؛ استوحش لها المتّقي.

وكان بعض أصحاب توزون مسافراً له، فأكثر فيه السعاية عند المتّقي والوزير ابن مقلة

١٢

وخوفهما اتصال يده بابن البريدي، وقارن ذلك اتصال ابن شيرزاده بتوزون ومسيره إليه بواسط، فذكروا الخليفة بما فعل ابن البريدي معه في المرّة الأُخرى وخوّفوه عاقبة أمرهم، فكتب إلى ابن حمدان أن ينفذ إليه عسكراً يسير صحبته إليهم.

فأنفذه مع ابن عمّه الحسين بن سعيد بن حمدان، ووصلوا إلى بغداد سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمئة.

وخرج المتّقي معهم بأهله وأعيان دولته ومعهم الوزير ابن مقلة، وانتهى إلى تكريت. فلقيه سيف الدولة هنالك، وجاء ناصر الدولة إليها. وملك توزون الموصل، وبعث إليه المتقي يعاتبه على اتصاله بابن البريدي وأنّه إنّما استوحش من ذلك فإن آثر رضاه واصل ابن حمدان، فأجاب توزون إلى ذلك. وعقد الضمان لناصر الدولة على ما بيده من البلاد لثلاث سنين كلّ سنة بثلاثة آلاف ألف وستمئة ألف درهم.

وعاد توزون إلى بغداد، وأقام المتّقي بالرقّة، ثمّ أحسّ ابن حمدان ضجراً به، وبلغ سيف الدولة أنّ محمّد بن نيال الترجمان أغرى المتّقي بسيف الدولة وهو الذي كان قد أفسد بين المتّقي وتوزون، فقبض عليه سيف الدولة وقتله. وارتاب المتّقي بذلك فكتب إلى توزون، فقبض عليه سيف الدولة وقتله. وارتاب المتّقي بذلك فكتب إلى توزون يستصلحه، وكتب إلى الأخشيد محمد بن طغج صاحب مصر يستقدمه.

فسار إليه الأخشيد، ولمّا وصل إلى حلب وعليها من قبل سيف الدولة ابن عمّهم أبو عبد الله سعيد بن حمدان فرحل عنها.

وتخلّف عنه ابن مقاتل الذي كان بدمشق مع ابن رئق، ولمّا وصل الأخشيد إلى حلب لقيه ابن مقاتل فأكرمه واستعمله على خراج مصر، ثمّ سار إلى المتّقي بالرقّة فلقيه منتصف ثلاث وثلاثين وثلاثمئة، فبالغ المتّقي في إكرامه وبالغ هو في الأدب معه وحمل إليه الهدايا وإلى وزيره وحاشيته وسأله المسير إلى مصر أو الشام فأبى، فأشار عليه أن لا يرجع إلى توزون،

١٣

فأبى، وأشار على ابن مقلة أن يسير معه إلى مصر ليحكمه في دولته وخوفه من توزون فلم يعمل. وجاءهم رسل توزون في الصلح وأنّهم استحلفوه للخليفة والوزير، فانحدر المتّقي إلى بغداد آخر المحرم.

وعاد الأخشيد إلى مصر، ولمّا وصل المتّقي إلى هيت لقِيَه توزون فقبّل الأرض ورأى أنّه تحلّل عن يمينه بتلك الطاعة، ثمّ وكل به وسمل المتّقي، ورجع إلى بغداد فبايع للمستكفي.

ولمّا ارتحل المتّقي عن الرقّة ولّى عليها ناصر الدولة ابن عمّه أبا عبد الله بن سعيد بن حمدان وعلى طريق الفرات وديار مضر وقنسرين وجند والعواصم وحمص ؛ فلمّا وصل إلى الرقّة طمع أهلها فيه، فقاتلهم وظفر بهم، ورجع إلى حلب وكان قد ولّى على هذه البلاد قبله أبا بكر محمّد بن علي بن مقاتل.

استيلاء سيف الدولة على حلب وحمص:

ولمّا ارتحل المتّقي من الرقّة وانصرف الأخشيد إلى الشام بقي يأنس المؤنسي بحلب، فقصده سيف الدولة وملكها من يده، ثمّ سار إلى حمص فلقيه بها كافور مولى الأخشيد فهزمه سيف الدولة.

وسر إلى دمشق فامتنعوا عليه فرجع. وجاء الأخشيد من مصر إلى الشام وسار في اتباع سيف الدولة، فاصطفا بقنسرين، ثمّ تحاجزوا، ورجع سيف الدولة إلى الجزيرة والأخشيد إلى دمشق.

ثمّ سار سيف الدولة إلى حلب فملكها، وسارت عساكر الروم إليها فقاتلهم وظفر بهم، ثمّ بلغ ناصر الدولة بن حمدان ما فعله توزون من سمل المتّقي وبيعة المستكفي فامتنع من حمل المال وهرب إليه غلمان توزون فاستخدمهم ونقض الشروط في ذلك.

وخرج توزون والمتسكفي قاصدين الموصل، وترددت الرسل بينهما في الصلح، فتمّ ذلك آخر سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمئة.

وعاد توزون والمستكفي إلى بغداد، فتوفّي توزون أثر عوده وولي بعده ابن شيرزاده، واستعمل على واسط قائداً وعلى تكريت آخر. فأمّا الذي

١٤

على واسط فكاتب معزّ الدولة بن بويه واستقدمه، فقَدِم بغداد واستولى على الدولة، فخلع المستكفي وبايع للمطيع، وأمّا الذي على تكريت فسار إلى ناصر الدولة بن حمدان بالموصل وسار معه وولاّه عليها من قبله.

الفتنة بين ابن حمدان وابن بويه:

ولمّا خلع معزّ الدولة بن بويه المستكفي عند استيلائه على بغداد، امتعض ناصر الدولة بن حمدان لذلك، وسار من الموصل إلى العراق.

وبعث معزّ الدولة بن بويه قوّاده، فالتقى الجمعان بعكبرا واقتتلوا، وخرج معزّ الدولة مع المطيع إلى عكبرا وكان ابن شيرزاده ببغداد وأقام بها ولحق بناصر الدولة بن حمدان، وجاء بعساكره إلى بغداد فنزلوا بالجانب الغربي، وناصر الدولة بالجانب الشرقي.

ووقع الغلاء في معسكر معزّ الدولة والخليفة لانقطاع الميرة، وبقي عسكر ابن حمدان في رخاءٍ من العيش لاتصال المسيرة من الموصل.

واستعان ابن شيرزاده بالعامة والعيارين على حرب معز الدولة والديلم. وضاق الأمر بمعزّ الدولة حتّى اعتزم على الرجوع إلى الأهواز، ثمّ أمر أصحابه بالعبور من قطربل على دجلة، وتسابق أصحاب ناصر الدولة إلى مدافعتهم ومنعهم.

وبقي في خف من الناس فأجاز إليه شجعان الديلم من أقرب الأماكن فهزموه.

وملك معزّ الدولة الجانب الشرقي، وأعاد المطيع إلى داره في محرّم سنة خمس وثلاثين وثلاثمئة.

ورجع ناصر الدولة إلى عكبرا، وأرسل في الصلح، فوقف الأتراك التوزونية الذين معه على خبر رسالته، فهمّوا بقتله، فأغذّ السير إلى الموصل ومعه ابن شيرزاده، وأحكم الصلح مع معزّ الدولة.

استيلاء سيف الدولة على دمشق:

وفي سنة خمس وثلاثين وثلاثمئة توفّي الأخشيد أبو بكر محمد بن طغج صاحب مصر والشام، فنصب للأمر بعده ابنه أبو القاسم أنوجور،

١٥

واستولى عليه كافور الأسود وخادم أبيه، وسار بهما إلى مصر.

وجاء سيف الدولة إلى دمشق فملكها، وارتاب أهلها فاستدعوا كافوراً فجاءهم، وخرج سيف الدولة إلى حلب ثمّ اتبعوه ففرّ إلى الجزيرة. وأقام أنوجور على حلب، ثمّ اتفقوا واصطلحوا وعاد أنوجور إلى مصر وسيف الدولة إلى حلب.

وأقام كافور بدمشق قليلاً ثمّ عاد إلى مصر، واستعمل على دمشق بدراً الأخشيدي، ويعرف ببدير، ثمّ عزله بعد سنة، وولّى أبا المظفّر طغج.

الفتنة بين ناصر الدولة بن حمدان وبين تكين والأتراك:

كان مع ناصر الدولة جماعة من الأتراك أصحاب توزون، فرّوا إليه كما قدّمنا، فلمّا وقعت المراسلة بينه وبين معزّ الدولة في الصلح، ثاروا به وهرب منهم وعبر إلى الجانب الغربي، ونزل واستجار بالقرامطة فأجاروه، وبعثوا معه إلى مأمنه، وفي جملته ابن شيرزاده ؛ فقبض ناصر الدولة عليه، واجتمع الأتراك بعده فقدموا عليهم تكين الشيرازي، وقبضوا على من تخلّف من أصحاب ناصر الدولة واتبعوه إلى الموصل، فسار عنها إلى نصيبين.

ودخل الأتراك الموصل، وبعث ناصر الدولة إلى معزّ الدولة يستصرخه، فبعث إليه الجيوش مع وزيره أبي جعفر الصيمري.

وخرج الأتراك من الموصل في اتّباع ناصر الدولة إلى نصيبين، فمضى إلى سنجار ثمّ إلى الحديثة ثمّ إلى السن وهم في اتباعه. وبقي هنالك العساكر فقاتلوا الأتراك وهزموهم، وسيق قائدهم تكين إلى ناصر الدولة فسمله لوقته، ثمّ حبسه وسار مع الصيمري إلى الموصل فأعطاه ابن شيرزاده وارتحل به إلى بغداد.

ثمّ ذكر خبر انتقاض جمان بالرحبة ومهلكه وتركناه لعدم غنائه.

فتنة ناصر الدولة مع معزّ الدولة:

ثمّ وقعت الفتنة بين ناصر الدولة بن حمدان ومعزّ الدولة بن بويه. وسار إليه معزّ الدولة من بغداد سنة سبع وثلاثين وثلاثمئة، فسار هو من الموصل إلى نصيبين.

١٦

وملك معز الدولة الموصل، فظلم الرعايا وأخذ أموالهم، وأجمع الاستيلاء على بلاد ابن حمدان كلها فجاءه الخبر بأن عساكر خراسان قصدت جرجان والري. وبعث أخوه ركن الدولة، ويستمده، فصالح نصر الدولة عن الموصل والجزيرة والشام على مثانة آلاف درهم كل سنة، وعلى أن يخطب له ولأخويه عماد الدولة وركن الدولة.

وعاد إلى بغداد في ذي الحجة آخر سبع وثلاثين وثلاثمئة.

غزوات سيف الدولة:

كان أمير الثغور راجعاً إلى سيف الدولة بن حمدان، ووقع الفداء سنة خمس وثلاثين وثلاثمئة في ألفين من الأسرى على يد نصر النملي. ودخل الروم سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمئة مدينة واسرغن ونهبوها وسبوها وأقاموا بها ثلاثاً وهم في ثمانين ألفاً مع الدمستق.

ثمّ سار سيف الدولة سنة سبع وثلاثين وثلاثمئة غازياً إلى بلاد الروم فقاتلوه وهزموه، ونزل الروم على مرعش فأخذوها وأوقعوا بأهل طرسوس، ثمّ دخل سنة ثمان وثلاثين وثلاثمئة وتوغل في بلاد الروم وفتح حصوناً كثيرة وغنم وسبا. ولمّا قفل أخذت الروم عليه المضايق وأثخنوا في المسلمين قتلاً وأسراً، واستردوا ما غنموه.

ونجا سيف الدولة في فل قليل، ثمّ ملك الروم سنة إحدى وأربعين وثلاثمئة مدينة سروج واستباحوها.

ثمّ دخل سيف الدولة سنة ثلاث وأربعين وثلاثمئة إلى بلاد الروم فأثخن فيها وغنم وقتل قسطنطين بن الدمستق فيمن قتل.

فجمع الدمستق عساكر الروم والروس وبلغار وقصد الثغور، فسار إليه سيف الدولة بن حمدان، والتقوا عند الحرث. فانهزم الروم واستباحهم المسلمون قتلاً وأسراً، وأُسر صهر الدمستق وبعض أسباطه وكثير من بطارقته.

ورجع سيف الدولة بالظفر والغنيمة، ثمّ دخل بلاد الروم النصرانية، ثمّ رجع إلى أذنه وأقام بها حتّى جاء نائبه على طرسوس، فخلع عليه وعاد إلى حلب.

١٧

وامتعض الروم لذلك فرجعوا إلى بلادهم، ثمّ غزا الروم طرسوس والرها وعاثوا في نواحيها سبياً وأسراً ورجعوا.

ثمّ غزا سيف الدولة بلاد الروم سنة ست وأربعين وثلاثمئة وأثخن فيها وفتح عدّة حصون، وامتلأت أيد العسكر من الغنائم والسبي، وانتهى إلى خرشنة، ورجع وقد أخذت الروم عليه المضيق، فقال له أهل طرسوس:

ارجع معنا فإنّ الدروب التي فصلت منها قد ملكها الروم عليك.

فلم يرجع إليهم، وكان معجباً برأيه، فظهر الروم عليه في الدروب واستردّوا ما أخذ منهم، ونجا في فلّ قليل يناهزون الثلاثمئة.

ثمّ دخل سنة خمسين وثلاثمئة، قائد من موالي سيف الدولة إلى بلاد الروم من ناحية ميا فارقين ؛ فغنم وسبا وخرج سالما.

الفتنة بين ناصر الدولة ومعزّ الدولة بن بويه:

قد تقدّم ما وقع من الصلح بين ناصر الدولة وبين معزّ الدولة بن بويه، وطالبه في المال فانتقض.

وسار إليه معزّ الدولة إلى الموصل منتصف السنة وملكها.

وفارقها ناصر الدولة إلى نصيبين وحمل نوّابه ومن يعرف وجوه المال وحمايته وأنزلهم في قلاعه مثل الزعفراني وكواشي، ودسّ إلى العرب بقطع الميرة عن عسكر معزّ الدولة، فضاقت عليهم الأقوات.

فرحل معزّ الدولة إلى نصيبين لما بها من الغلاّت السلطانية، واستخلف سبكتكين الحاجب الكبير على الموصل. وبلغه في طريقه أنّ أبا الرجاء وعبد الله ابني ناصر الدولة مقيمان بسنجار فقصدهما فهربا وخلّفا أثقالهما، وانتهب العسكر خيامهما، ثمّ عادا إلى معسكر معزّ الدولة، وهم غارّون فنالوا منهم، ورجعوا إلى سنجار.

وسار معزّ الدولة إلى نصيبين، ففارقها ناصر الدولة إلى ميافارقين، واستأمن كثير من أصحابه إلى معز الدولة. فسار ناصر الدولة إلى أخيه سيف الدولة بحلب، فقام بخدمته وباشرها بنفسه. وأرسل إلى معزّ الدولة في الصلح بينه وبين أخيه. فامتنع معزّ الدولة من قبول ناصر الدولة لانتقاضه وإخلافه. فضمن سيف الدولة البلاد بألفي ألف وتسعمئة ألف درهم.

١٨

وأطلق معز الدولة أسرى أصحابهم، وتم ذلك في محرّم سنة ثمان وأربعين وثلاثمئة.

ورجع معزّ الدولة إلى العراق وناصر الدولة إلى الموصل.

استيلاء الروم على عين زربة ثمّ على مدينة حلب:

وفي المحرّم من سنة إحدى وخمسين وثلاثمئة، نزل الدمستق في جموع الروم على عين زربة وملك الجبل المطل عليها، وضيّق عليها حصارها، ونصب عليها المنجنيقات، وشرع في النقب، فاستأمنها، ودخل المدينة ثمّ ندم على تأمينهم لما رأى من اختلال أموالهم، فنادى فيهم أن يخرجوا بجميع أهاليهم إلى المسجد. فمات منهم في الأبواب بكظ الزحام خلق، ومات آخرون في الطرقات، وقتل من وجدوا آخر النهار.

واستولى الروم على أموالهم وامتعتهم، وهدموا سور المدينة، وفتحوا في نواحي عين زربة أربعة وخمسين حصناً.

ورحل الدمستق بعد عشرين يوماً بنيّة العود، وخلف جيشه بقيسارية، وكان ابن الزيّات صاحب طرسوس قد قطع الخطبة لسيف الدولة بن حمدان. واعترضه الدمستق في بعض مذاهبه فأوقع به وقتل أخاه. وأعاد أهل البلد الخطبة لسيف الدولة. وألقى ابن الزيّات نفسه في النهر فغرق.

ثمّ رجع الدمستق إلى بلاد الثغور، وأغذّ السير إلى مدينة حلب، وأعجل سيف الدولة عن الاحتشاد، فقاتله في خف من أصحابه، فانهزم سيف الدولة، واستلحم آل حمدان.

واستولى الدمستق على ما في داره خارج حلب من خزائن الأموال والسلاح، وخرّب الدار وحصر المدينة.

وأحسّ أهل حلب مدافعته فتأخّر إلى جلب جيوش، ثمّ انطلقت أيدي الدعار بالبلد على النهب، وقاتلهم الناس على متاعهم، وخربت الأسوار من الحامية، فجاء الروم ودخلوها عليهم، وبادر الأسرى الذين كانوا في حلب وأثخنوا في الناس، وسبي من البلد بضعة عشر ألفاً ما بين صبيٍّ وصبيّة.

واحتمل الروم ما قدروا عليه وأحرقوا الباقي. ولجأ المسلمون إلى

١٩

قصبة البلد، فامتنعوا بها. وتقدّم ابن أخت الملك إلى القلعة يحاصرها، فرماه حجر منجنيق فمات. وقتل الدمستق به من كان معه من أسرى المسلمين وكانوا ألفاً ومئتين.

وارتحل الدمستق عنهم ولم يعرض لسواد حلب، وأمرهم بالعمارة على أنّه يعود ابن عمّه عن قريب، فخيّب الله ظنه.

وأعاد سيف الدولة عين زربة وأصلح أسوارها، وغزا حاجبه مع أهل طرسوس إلى بلاد الروم فأثخنوا فيها ورجعوا. فجاء الروم إلى حصن سبة فملكوه وملكوا - أيضاً - حصن دلوكة وثلاثة حصون مجاورة له.

ثمّ نجا غلام سيف الدولة إلى حصن زياد فلقيهم جمع من الروم، فانهزم الروم وأسر منهم خمسمئة رجل.

وفي هذه السنة: أُسر أبو فراس بن سعيد بن حمدان وكان عاملاً على منبج.

انتقاض أهل حران:

كان سيف الدولة قد ولّى هبة الله ابن أخيه ناصر الدولة حرّان وغيرها من ديار مضر، فساء أثره فيهم، وطرح الأمتعة على التجّار، وبالغ في الظلم. فانتظروا به غيبته عند عمّه سيف الدولة وثاروا بعمّاله ونوابه فطردوهم. فسار هبة الله إليهم وحاصرهم شهرين وأفحش في القتل فيهم، ثمّ سار سيف الدولة فراجعوا الطاعة وأدخلوا هبة الله وأفحش في القتل، واستقاموا.

انتقاض هبة الله:

وفي هذه السنة: بعث سيف الدولة الصوائف إلى بلاد الروم، فدخل أهل طرسوس من درب ومولاه نجا من درب، وأقام هو ببعض الدروب ؛ لأنّه كان أصابه الفالج قبل ذلك بسنتين، فكان يعالج منه شدّة إذا عاود وجعه.

وتوغّل أهل طرسوس في غزوتهم وبلغوا قونية وعادوا فعاد سيف الدولة إلى حلب، واشتدّ وجعه فأرجف الناس بموته، فوثب عبد الله ابن أخيه، وقتل ابن نجا النصراني من غلمان سيف الدولة.

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

عن عبد الله بن يحيى الكاهلي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: ويذكر الحج، فقال قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : هو أحد الجهادين، هو جهاد الضعفاء ونحن الضعفاء، أما إنّه ليس شيء أفضل من الحج إلّا الصلوة، وفي الحج هاهنا صلوة، وليس في الصلوة قبلكم حج، لا تدع الحج وأنت تقدر عليه، أما ترى أنّه يشعث رأسك ويقشف فيه جلدك(١) وتمتنع فيه من النظر إلى النساء، وانا نحن هاهنا ونحن قريب، ولنا مياه متصلة، ما نبلغ الحج حتّى يشق علينا فكيف أنتم في بعد البلاد، وما من ملك ولا سوقة(٢) يصل إلى الحج إلّا بمشقة في تغيير مطعم أو مشرب أو ريح أو شمس لا يستطيع ردها، وذلك قولهعزوجل :( وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ) .

ـفي كتاب علل الشرائع أبي (ره) قال: حدّثنا سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد عن صفوان وفضالة عن القاسم الكاهلي قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يذكر الحج وذكر مثل ما نقلناه عن الكافي سواء

١٦ ـ في تفسير العيّاشي عن زرارة عن أحد هماعليهما‌السلام قال: سألته عن أبوال الخيل والبغال والحمير؟ قال فكرهها، فقلت: أليس لحمها حلال؟ قال: فقال: أليس قد بين الله لكم:( وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ ) وقال في الخيل:( وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً ) فجعل الاكل من الانعام التي قصَّ الله في الكتاب، وجعل للركوب الخيل والبغال والحمير وليس لحومها بحرام ولكن الناس عافوها(٣)

١٧ ـ في الكافي عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن غير واحد عن أبان عن زرارة عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: إنّ الخيل كانت وحوشا في بلاد العرب، فصعد

__________________

(١) شعث رأسه: تفرق شعره وجلده. والقشف ـ محركة ـ: رثاثة الهيئة وسوء الحال ورجل قشف ـ ككتف ـ: لوحته الشمس أو الفقر فتغير.

(٢) السوقة الرعية يستوي فيه الواحد والجمع والمذكور والمؤنث.

(٣) عاف الرجل الطعام والشراب وغيرها عيفا: كرهه فلم يأكله أو لم يشربه.

٤١

إبراهيم واسمعيلعليهما‌السلام على جبل جياد ثم صاحا: ألآ هلّا(١) قال: فما بقي فرس إلّا أعطاهما بيده، وأمكن من ناصيته.

١٨ ـ عنه عن علي بن الحكم عن عمر بن أبان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيمة.

١٩ ـ عنه عن ابن فضال عن ثعلبة عن معمر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سمعته يقول: الخير كله معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيمة.

٢٠ ـ في كتاب علل الشرائع باسناده إلى عبدوس بن أبي عبيدة قال: سمعت الرضاعليه‌السلام يقول: أول من ركب الخيل اسمعيل، وكانت وحشية لم تركب، فحشرها اللهعزوجل على إسمعيل من جبل منى، وانما سميت الخيل العراب، لان أول من ركبها اسمعيل.

٢١ ـ في كتاب الخصال عن الحسين بن زيد قال: بلغني ان الله تعالى خلق الخيل من أربعة أشياء، من البحر الأعظم المحدق بالدنيا، ومن النار، ومن دموع ملك يقال له إبراهيم، ومن بين طيبة.

٢٢ ـ في كتاب علل الشرائع وباسناده إلى محمد بن يعقوب عن علي بن محمد باسناده رفعه قال: قال عليٌّعليه‌السلام لبعض اليهود وقد سئله عن مسائل: أول من ركب الخيل قابيل يوم قتل أخاه هابيل، وأول من ركب البغل ابن آدمعليه‌السلام وذلك كان له ابن يقال له معد، وكان عشوقا للدواب، وأول من ركب الحمار حوا.

٢٣ ـ في كتاب الخصال عن أم الدرداء قالت: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من أصبح معافى في جسده آمنا في سربه(٢) عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا، يا ابن آدم يكفيك من الدنيا ما سد جوعتك، ووارى عورتك، فان يكن بيت يكنك فذاك، وان يكن دابة تركبها فبخ بخ، والخير وما الخير وما بعد ذلك حساب عليك

__________________

(١) جياد: جبل بمكة وقيل: إنّ المعروف في كتب اللغة «أجياد» وهلا: رجز للخيل أي أقربي.

(٢) السرب هنا بمعنى الحرم والعيال.

٤٢

أو عذاب.

٢٤ ـ عن نافع بن عبد الحارث قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : من سعادة المسلم سعة المسكن، والجار الصالح، والمركب الهنيء.

٢٥ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه عن جدهعليهم‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خمس لا أدعهن حتّى الممات: ركوب الحمار مردفا الحديث.

٢٦ ـ وعن الامام الباقرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : خمس لست بتاركهن حتّى الممات: ركوبي الحمار موكفا(١) الحديث.

٢٧ ـ عن يعقوب بن سالم رفع الحديث إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : لا يرتدف ثلثة على دابة فان أحدهم ملعون وهو المقدم.

٢٨ ـ عن جعفر بن محمّد عن أبيه عن جدّهعليهم‌السلام ان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال: ما خلق الله خلقا إلّا وقد أمر عليه آخر يغلب به، وذلك ان الله تبارك وتعالى لما خلق البحار في السماء فخرّت وزخرت وقالت: أيّ شيء يغلبني؟ فخلق الله تعالى الفلك فأدارها به وذلّلها، ثمّ إنَّ الأرض فخرت وقالت: أيّ شيء يغلبني؟ فخلق الله تعالى الجبال فأثبتها في ظهرها أوتادا منها من أن تميد بما عليها، فذلت الأرض واستقرت.

٢٩ ـ في كتاب معاني الأخبار باسناده إلى سفيان بن سعيد الثوري عن الصادقعليه‌السلام حديث طويل يقول فيه: واما «ق» فهو الجبل المحيط بالأرض، وخضرة السماء منه، وبه يمسك الله الأرض أن تميد بأهلها.

٣٠ ـ في أصول الكافي أحمد بن مهران عن محمد بن عليّ ومحمد بن يحيى عن أحمد بن محمد جميعا عن محمد بن سنان عن المفضل بن عمر عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: كان أمير المؤمنينعليه‌السلام باب الله الذي لا يؤتى إلّا منه، وسبيله الذي من سلك بغيره هلك، وكذلك يجرى لائمة الهدى واحدا بعد واحد. جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها.

__________________

(١) أي الذي وضع عليها الاكاف وهو برذعة الحمار.

٤٣

الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن محمد بن جمهور العمى عن محمد بن سنان قال: حدّثنا المفضل قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول وذكر كالحديث السابق سواء.

على بن محمد ومحمد بن الحسين عن سهل بن زياد عن محمد بن الوليد شباب الصيرفي قال: حدّثنا سعيد الأعرج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ثم ذكر مثله أيضا.

محمد بن يحيى وأحمد بن محمد جميعا عن محمد بن الحسن عن علي بن حسان قال: حدثني أبو عبد الله الرياحي عن أبي الصامت الحلواني عن أبي جعفرعليه‌السلام ثم ذكر مثله أيضا بتغيير يسير، وهذه الأحاديث الاربعة طوال أخذنا منها موضع الحاجة.

٣١ ـ في كتاب كمال الدين وتمام النعمة باسناده إلى أبي هراسة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لو أن الامام رفع من الأرض ساعة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٢ ـ وباسناده إلى إبراهيم بن أبي محمود قال: قال الرضاعليه‌السلام : ولا تخلو الأرض من قائم منا ظاهر أو خاف، ولو خلت يوما بغير حجة لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٣ ـ وبإسناد له آخر إلى أبي هراسة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: لو ان الامام رفع من الأرض لماجت بأهلها كما يموج البحر بأهله.

٣٤ ـ وباسناده إلى سليمان بن مهران الأعمش عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن عليّ عن أبيه علي بن الحسينعليهم‌السلام حديث طويل يقول فيه: وبنا يمسك الأرض أن تميد بأهلها.

٣٥ ـ وباسناده إلى الحسين بن علي بن أبي حمزة الثمالي عن أبيه عن الصادق جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائهعليهم‌السلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل قال في آخره بعد ان ذكر خلفاءه الاثنى عشر صلوات الله عليه وعليهم: بهم يمسك اللهعزوجل السماء ان تقع على الأرض إلّا باذنه، وبهم يحفظ الأرض أن تميد بأهلها.

٣٦ ـ وقال الصدوق رضى الله عنه في هذا الكتاب: ويروى في الاخبار الصحيحة عن أئمتناعليهم‌السلام ان من رأى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله أو واحدا من الائمةعليهم‌السلام قد

٤٤

دخل مدينة أو قرية في منامه فانه أمن لأهل المدينة أو القرية مما يخافون ويحذرون، وبلوغ لما يأملون ويرجون.

٣٧ ـ في أصول الكافي الحسين بن محمد الأشعري عن معلى بن محمد عن أبي داود المسترق قال: حدّثنا داود الجصاص قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمةعليهم‌السلام .

٣٨ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن أسباط بن سالم قال: سأل الهيثم أبا عبد اللهعليه‌السلام وأنا عنده عن قول اللهعزوجل :( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) فقال: رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله النجم، والعلامات الائمة.

٣٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال: سألت الرضاعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: نحن العلامات والنجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٠ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب أبو الورد عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: نحن النجم.

٤١ ـ الهيتى وداود الجصاص عن الصادق، والوشا عن الرضاعليهما‌السلام : النجم رسول الله، والعلامات الائمةعليهم‌السلام .

٤٢ ـ أبو المضا عن الرضاعليه‌السلام قال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لعلى: أنت نجم بنى هاشم.

٤٣ ـ وعنه قالعليه‌السلام : أنت أحد العلامات.

٤٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) فانه

حدثني أبي عن النضر بن سويد عن القاسم بن سليمان عن معلى بن خنيس عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمةعليهم‌السلام .

٤٥ ـ حدثني أبي عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: قلت:( النَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ ) قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وقد سماه الله في غير موضع، فقال:( وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ) وقال:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) فالعلامات الأوصياء، والنجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله، والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٤٥

في مجمع البيان ( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قيل: أراد به الاهتداء في القبلة قال ابن عباس: سألت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال: الجدي عليه قبلتكم وبه تهتدون في بر كم وبحر كم.

٤٧ ـ وروى أبو الجارود عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الله جعل النجوم أمانا لأهل السماء، وجعل أهل بيتي أمانا لأهل الأرض. قال مؤلف هذا الكتاب عفى الله عنه: تأمل في مناسبة حديث أبي الجارود في هذا المقام وموقعه منه.

٤٨ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى أبي بصير عن أبي عبد الله جعفر بن محمدعليهما‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: النجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، والعلامات الائمة من بعده عليه وعليهم‌السلام .

٤٩ ـ في تفسير العيّاشي عن المفضل بن صالح عن بعض أصحابه عن أحدهماعليهما‌السلام في قوله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: هو أمير المؤمنينعليه‌السلام .

٥٠ ـ عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسنعليه‌السلام في قول الله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: نحن العلامات والنجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٥١ ـ عن إسمعيل بن ابى زياد عن جعفر بن محمد عن أبيه عن آبائه عن عليّ ابن أبي طالبعليه‌السلام قال: قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله :( وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: هو الجدي لأنه نجم لا يزول، وعليه بناء القبلة وبه يهتدون أهل البر والبحر.

٥٢ ـ عن إسمعيل بن أبي زياد عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قوله:( وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ ) قال: ظاهر وباطن، الجدي عليه تبنى القبلة وبه يهتدى أهل البحر والبر، لأنه لا يزول(١) .

٥٣ ـ عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن هذه الآية:( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ )

__________________

(١) قال المحدث الكاشاني (ره): يعنى معناه الظاهر الجدي والباطن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله .

٤٦

يبعثون قال:( الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ) الاول والثاني والثالث، كذبوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بقوله: وآلوا عليّا واتبعوه، فعادوا عليّا ولم يوالوه، ودعوا الناس إلى ولاية أنفسهم، فذلك قول الله:( وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ) قال: وأما قوله:( لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً ) فانه يعنى لا يعبدون شيئا( وَهُمْ يُخْلَقُونَ ) فانه يعنى وهم يعبدون، وأما قوله:( أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ ) يعنى كفار غير مؤمنين، واما قوله:( وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ ) فانه يعنى انهم لا يؤمنون، انهم يشركون إلهكم اله أحد فانه كما قال الله واما قوله:( فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ) فانه يعنى لا يؤمنون بالرجعة انها حق، واما قوله: قلوبهم منكرة فانه يعنى قلوبهم كافرة واما قوله: وهم مستكبرون فانه يعنى عن ولاية عليّعليه‌السلام مستكبرون، قال الله لمن فعل ذلك وعيد منه( لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ) عن ولاية عليّعليه‌السلام . عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفرعليه‌السلام مثله سواء.

٥٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني جعفر بن أحمد قال: حدّثنا عبد الكريم بن عبد الرحيم عن محمد بن عليّ عن محمد بن الفضيل عن أبي حمزة الثمالي قال: سمعت أبا جعفرعليه‌السلام يقول: في قوله:( فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ) يعنى انهم لا يؤمنون بالرجعة انها حق( قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ ) يعنى انها كافرة( وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ ) يعنى عن ولاية عليّ مستكبرون( لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ) عن ولاية عليّعليه‌السلام ».

٥٥ ـ في تفسير العيّاشي عن مسعدة قال: مر الحسين بن عليّعليهما‌السلام لمساكين قد بسطوا كساء لهم فألقوا كسرا فقالوا: هلم يا بن رسول الله فأكل معهم(١) ثم تلا «ان الله لا يحب المستكبرين».(٢)

__________________

(١) كذا في النسخ وفي المصدر: «فثنى وركه فأكل معهم» والورك ـ ككتف ـ ما فوق الفخذ كالكتف فوق العضد.

(٢) وتمام الحديث أنّهعليه‌السلام بعد ما أكل معهم، ثم قال: قد أجبتكم فأجيبونى قالوا: نعم يا ابن رسول الله، فقاموا معه حتّى أتوا منزله، فقال للرباب: أخرجى ما كنت تدخرين.

٤٧

٥٦ ـ في روضة الكافي عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن القاسم بن محمد عن سليمان بن داود المنقري عن حفص بن غياث عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: قال: ومن ذهب يرى ان له على الآخر فضلا فهو من المستكبرين، فقلت: إنّما يرى ان له عليه فضلا بالعافية إذا رآه مرتكبا للمعاصي؟ فقال: هيهات هيهات! فلعله ان يكون قد غفر له ما أتى، وأنت موقوف تحاسب؟ أما تلوت قصة سحرة موسى صلوات الله عليه؟ والحديث طويل أخذنا منه موضع الحاجة.

٥٧ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: نزل جبرئيلعليه‌السلام هذه الآية هكذا:( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ) في على( قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ لِيَحْمِلُوا ) يعنى بنى إسرائيل.

٥٨ ـ عن جابر عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ) في على( قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) سجع أهل الجاهلية في جاهليتهم فذلك قوله:( أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) واما قوله( لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ ) فانه يعنى ليستكملوا الكفر ليوم القيمة واما قوله:( وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) يعنى يتحملون كفر الذين يتولونهم، قال الله:( أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ) .

٥٩ ـ عن أبي حمزة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ ) يعنى ليستكملوا الكفر يوم القيمة( وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ) يعنى كفر الذين يتولونهم قال الله:( أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ) .

٦٠ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقال عليّ بن إبراهيم في قوله:( لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ ) قال: يحملون آثامهم يعنى الذين غصبوا أمير المؤمنين وآثام كل من اقتدى بهم، وهو قول الصادقعليه‌السلام والله ما أهريقت محجمة من دم ولا قرع عصا بعصا ولا غصب فرج حرام ولا أخذ مال من غير حل إلّا ووزر ذلك في أعناقهم(١) من غير ان ينقص من أوزار العاملين شيء.

__________________

(١) وفي نسخة «في أعناقهما» على لفظ التثنية.

٤٨

٦١ ـ حدثني أبي عن ابن ابى عمير عن جميل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال، خطب أمير المؤمنين صلوات الله عليه بعد ما بويع له بخمسة أيام خطبة، فقال فيها: واعلموا ان لكل حق طالبا، ولكل دم ثائرا، والطالب كقيام الثائر بدمائنا، والحاكم في حق نفسه هو العادل الذي لا يجور، وهو الله الواحد القهار، واعلموا ان على كل شارع بدعة وزره ووزر كل مقتديه من بعده، من غير أن ينقص من أوزار العالمين شيء، وسينتقم الله من الظلمة مأكل بمأكل ومشرب بمشرب، من لقم العلقم ومشارب الصبر الأدهم(١) فليشربوا بالصلب من الراح السم المذاق، وليلبسوا دثار الخوف دهرا طويلا، ولهم بكل ما أتوا وعملوا من أفاريق الصبر الأدهم فوق ما أتوا وعملوا، اما إنّه لم يبق إلّا الزمهرير شتائهم، وما لهم من الصيف إلّا رقدة وتحسبهم ما زودوا وحملوا على ظهورهم من الآثام فيا مطايا الخطايا ويا زور الزور، أوزار الآثام مع الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون اسمعوا واعوا وتوبوا وابكوا على أنفسكم فسيعلم الذين ظلموا فاقسم ثم اقسم لتحملنها بنو امية من بعدي وليعرفنها في دارهم عما قليل فلا يبعد الله إلّا من ظلم وعلى البادي يعنى الاول وما سهل لهم من سبل الخطايا مثل أوزارهم، وأوزار كل من عمل بوزرهم إلى يوم القيمة( وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ )

٦٢ ـ في مجمع البيان ( وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ ) روى عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: أيما داع دعا إلى الهدى فاتبع فله مثل أجورهم من غير ان ينقص من أجورهم شيء وأيما داع دعا إلى ضلالة فاتبع عليه فان عليه مثل أوزار من اتبعه من غير أن ينقص من أوزارهم.

٦٣ ـ في تفسير العيّاشي عن الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال :

سمعته يقول:( قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) ولم يعلم الذين آمنوا( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ ) قال محمد بن كليب عن أبيه قال: إنّما شاء.

٦٤ ـ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال:( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ) قال: كان بيت غدر يجتمعون فيه إذا أرادوا الشر.

٦٥ ـ عن أبي السفاتج عن أبي عبد اللهعليه‌السلام [وعنه بيتهم] من القواعد يعنى بيت

__________________

(١) العلقم: الحنظل وكل شجر مر. والصبر: عصارة شجر مر.

٤٩

مكرهم.

٦٦ ـ عن كليب عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: سألته عن قول اللهعزوجل :( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ) قال: لا فأتى الله بنيانهم من القواعد، وانما كان بيتا.

٦٧ ـ في مجمع البيان وروى عن أهل البيتعليهم‌السلام «فأتى الله بنيانهم من القواعد»

٦٨ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدثني أبي عن محمد بن أبي عمير عن أبي أيوب عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله( قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ ) قال: بيت مكر هم أي ماتوا فألقاهم هم الله في النار، وهو مثل لأعداء آل محمدعليهم‌السلام .

٦٩ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات وكذلك إتيانه بنيانهم وقالعزوجل ( فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ) فاتيانهم من القواعد إرسال العذاب.

٧٠ ـ في كتاب الخصال عن أبي عبد اللهعليه‌السلام قال قام رجل إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام في الجامع بالكوفة فقال: يا أمير المؤمنين أخبرنى عن يوم الأربعاء والتطير منه وثقله وأى أربعاء هو؟ فقالعليه‌السلام : آخر أربعاء في الشهر وهو المحاق، وفيه قتل قابيل هابيل أخاه، ويوم الأربعاء القى إبراهيم في النار، ويوم الأربعاء( فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ ) (الحديث) وفي عيون الاخبار مثله سواء.

٧١ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله: ثم يوم القيمة( يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ قالَ: الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ) الائمةعليهم‌السلام يقولون لأعدائهم: اين شركاؤكم ومن أطعتموهم في الدنيا.

٧٢ ـ في كتاب التوحيد حديث طويل عن عليٍّعليه‌السلام يقول فيه وقد سأله رجل عما اشتبه عليه من الآيات: واما قوله:( يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) وقوله:( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) وقوله:( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ ) وقوله:( الذين

٥٠

تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) وقوله:( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ) فان الله تبارك وتعالى يدبر الأمور كيف يشاء، يوكل من خلقه من يشاء بما يشاء، اما ملك الموت فان الله يوكله بخاصته بمن يشاء من خلقه ويوكل رسله من يشاء من خاصته بمن يشاء من خلقه يدبر الأمور كيف يشاء، وليس كل العلم يستطيع صاحب العلم أن يفسره لكل الناس، لأن فيهم القوى والضعيف، ولان منه ما يطاق حمله ومنه ما لا يطاق حمله، إلّا لمن سهل الله له حمله وأعانه عليه من خاصة أوليائه، وانما يكفيك ان تعلم ان الله المحيي والمميت، وانه يتوفى الأنفس على يد من يشاء من خلقه من ملائكة وغيرهم.

٧٣ ـ في كتاب الاحتجاج للطبرسي (ره) عن أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول مجيبا لبعض الزنادقة وقد قال أجد الله تعالى يقول:( يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) و( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) و( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ ) وما أشبه ذلك، فمرة يجعل الفعل لنفسه، ومرة لملك الموت، ومرة للملائكة، فاما قول اللهعزوجل :( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) وقوله:( يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ ) و( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا ) و( تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ ) و( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) فهو تبارك وتعالى أجل وأعظم من أن يتولى ذلك بنفسه، وفعل رسله وملائكته فعله، لأنهم بأمره يعلمون، فاصطفى جل ذكره من الملائكة رسلا وسفرة بينه وبين خلقه، وهم الذين قال الله فيهم:( اللهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً وَمِنَ النَّاسِ ) فمن كان من أهل الطاعة تولت قبض روحه ملائكة الرحمة ومن كان من أهل المعصية تولت قبض روحه ملائكة النقمة، ولملك الموت أعوان من ملائكة الرحمة والنقمة، يصدرون عن أمره، وفعلهم وفعله وكل ما يأتونه منسوب إليه وإذا كان فعلهم فعل ملك الموت، وفعل ملك الموت فعل الله، لأنه يتوفى الأنفس على يد من يشاء ويعطى ويمنع ويثيب ويعاقب على يد من يشاء وان فعل امنائه فعله كما قال:( وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ ) .

٧٤ ـ في من لا يحضره الفقيه وسئل الصادقعليه‌السلام عن قول اللهعزوجل :( اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ) وعن قول اللهعزوجل :( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ) وعن قول اللهعزوجل :( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ ) و( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ ) وعن قول اللهعزوجل ( تَوَفَّتْهُ رُسُلُنا ) وعن قوله

٥١

عزوجل ( وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ ) وقد يموت في الدنيا في الساعة الواحدة في جميع الآفاق ما لا يحصيه إلّا اللهعزوجل فكيف هذا؟ فقال: إنّ الله تبارك وتعالى جعل لملك الموت أعوانا من الملائكة يقبضون الأرواح، بمنزلة صاحب الشرطة له أعوان من الانس، يبعثهم في حوائجه فتتوفيهم الملائكة، ويتوفاهم ملك الموت من الملائكة مع ما يقبض هو، ويتوفاها الله تعالى من ملك الموت.

٧٥ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى أمير المؤمنينعليه‌السلام حديث طويل يقول فيهعليه‌السلام : إنّه ليس من أحد من الناس تفارقه روحه جسده حتّى يعلم إلى أي منزلين يصير، إلى الجنة أم إلى النار، أعد وهو الله أو ولى، فان كان وليا لله فتحت له أبواب الجنة، وشرع طرقها ونظر إلى ما أعد الله له فيها، ففرغ من كل شغل، ووضع عنه كل ثقل، وان كان عدو لله فتحت له أبواب النار وشرع له طرقها، ونظر إلى ما أعد الله له فيها، فاستقبل كل مكروه ونزل كل شرور، كل هذا يكون عند الموت وعنده يكون بيقين، قال الله تعالى:( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) ويقول،( الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ* فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ) ويقول فيهعليه‌السلام أيضا، عليكم بتقوى الله فانها تجمع الخير ولا خير غيرها، ويدرك بها من الخير ما لا يدرك بغيرها من خير الدنيا والآخرة، قال اللهعزوجل :( وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الآخرة خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ ) .

٧٦ ـ في تفسير العيّاشي عن ابن مسكان عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ ) قال: الدنيا.

٧٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله: «طيبين» قال: هم المؤمنون الذين طابت مواليدهم.

٥٢

٧٨ ـ وفيه قوله:( الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ) قال: في الحيوة الدنيا الرؤيا الحسنة يراها المؤمن، وفي الآخرة عند الموت وهو قوله:( تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ ) . قال مؤلف هذا الكتاب عفى عنه قد سبق لهذه الآية قريبا بيان غير مرة فليراجع.

٧٩ ـ في تفسير العيّاشي عن خطاب بن مسلمة قال قال أبو جعفرعليه‌السلام : ما بعث الله نبيا قطُّ إلّا بولايتنا والبراءة من عدوّنا، وذلك قول الله في كتابه:( وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً ) منهم( أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ ) بتكذيبهم آل محمد ثم قال:( فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ ) المكذبين.

٨٠ ـ عن صالح بن ميثم(١) قال: سألت أبا جعفرعليه‌السلام عن قول الله:( وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً ) قال: ذلك حين يقولعليه‌السلام انا أولى الناس بهذه الآية(٢) .( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) إلى قوله: كاذبين.

٨١ ـ عن سيرين(٣) قال: كنت عند أبي عبد اللهعليه‌السلام إذ قال: ما يقول الناس في هذه الآية( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ) ؟ قال: يقولون: لا قيامة ولا بعث ولا نشور، فقال: كذبوا والله إنّما ذلك إذ قام القائم وكر معه المكرون فقال أهل خلافكم: قد ظهرت دولتكم يا معشر الشيعة وهذا من كذبكم، يقولون رجع فلان وفلان لا والله( لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ) ، ألا ترى أنّه قال:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ ) كانت المشركون أشد تعظيما للات والعزى من أن يقسموا بغيرها، فقال الله:( بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ

__________________

(١) وفي المصدر: «عبد الله بن صالح بن ميثم» لكن الظاهر هو المختار.

(٢) وفي المصدر: «قال ذلك بهذه الآية اه».

(٣) واستظهرنا في هامش المصدر ان يكون مصحف السري وهو مشترك بين جمع من أصحاب الصادق (ع) من معلوم الحال وغيره.

٥٣

إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) .

٨٢ ـ عن الفضيل قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام : [أعلمنى] آية كتابك، قال: اكتب بعلامة كذا وكذا، وقل آية(١) من القرآن، قلت لفضيل: وما تلك الآية؟ قال: ما حدثت أحدا بها غير بريد، قال زرارة: أنا أحدثك بها:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ ) إلى آخر الآية، قال: فسكت الفضيل ولم يقل لا ولا نعم.

٨٣ ـ في روضة الكافي سهل عن محمد عن أبيه عن أبي بصير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام قوله: تبارك وتعالى:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) قال: فقال لي: يا أبا بصير ما تقول في هذه الآية؟ قال: قلت: إنّ المشركين يزعمون ويحلفون لرسول الله:صلى‌الله‌عليه‌وآله ان الله لا يبعث الموتى، قال: فقال: تبا لمن قال هذا، سلهم هل كان المشركون يحلفون بالله أم باللات والعزى؟ قال: قلت: جعلت فداك فأوجدنيه، قال: فقال: يا أبا بصير لو قد قام قائمنا بعث الله قوما من شيعتنا قباع سيوفهم(٢) على عواتقهم فيبلغ ذلك قوما من شيعتنا لم يموتوا فيقولون بعث فلان وفلان من قبورهم وهم مع القائم، فيبلغ ذلك قوما من عدونا فيقولون يا معشر الشيعة ما أكذبتم هذه دولتكم وأنتم تقولون فيها الكذب، لا والله ما عاش هؤلاء ولا يعيشون إلى يوم القيمة، قال: فحكى الله قولهم فقال:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ) .

٨٤ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم وقوله:( وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ) فانه حدّثني أبي عن بعض رجاله رفعه إلى أبي عبد اللهعليه‌السلام قال: ما يقول الناس فيها؟ قال: يقولون نزلت في الكفار، قال: إنّ الكفار لا يحلفون بالله وانما نزلت في قوم من امة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله قيل لهم: ترجعون بعد الموت قبل القيامة؟ فيحلفون انهم لا يرجعون، فرد الله عليهم فقال:( لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ )

__________________

(١) وفي المنقول عن نسخة البرهان «وقرء آية اه».

(٢) قباع السيف: ما على طرف مقبضه.

٥٤

يعنى في الرجعة يردهم فيقتلهم ويشفى صدور المؤمنين منهم. قال عز من قائل: إنّما أمرنا( لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) .

٨٥ ـ في أمالي شيخ الطائفة قدس‌سره باسناده إلى صفوان بن يحيى قال: قلت لأبى الحسنعليه‌السلام : أخبرنى عن الارادة من اللهعزوجل ومن الخلق؟ فقال: الارادة من الله تعالى احداثه الفعل لا غير ذلك، لأنه جل اسمه لا يهم ولا يتفكر.

٨٦ ـ في مجمع البيان: ( لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ) وروى عن عليٍّعليه‌السلام لنثوئنهم بالثاء: والقراءة لنبوئنهم.

٨٧ ـ في بصائر الدرجات الحسين بن سعيد عن فضالة بن أيوب عن أبان بن عثمان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال: الذكر القرآن، وآل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله أهل الذكر وهم المسئولون.

٨٨ ـ في أصول الكافي محمد عن أحمد عن ابن فضال عن ابن بكير عن حمزة بن الطيار أنّه عرض على أبي عبد الله بعض خطب أبيه حتّى إذا بلغ موضعا منها فقال له: كف واسكت، ثم قال أبو عبد اللهعليه‌السلام : لا يسعكم فيما ينزل بكم مما لا تعلمون إلّا الكف عنه والتثبت والرد على الائمة الهدى، حتّى يحملوكم فيه على القصد ويجلو عنكم فيه العمى، ويعرفوكم فيه الحق، قال الله تعالى:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) .

٨٩ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء عن عبد الله بن عجلان عن أبي جعفرعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : الذكر أنا، والائمةعليهم‌السلام أهل الذكر.

٩٠ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن محمد بن اورمة عن علي بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن كثير قال: قلت لأبي عبد اللهعليه‌السلام :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا ـ تَعْلَمُونَ ) قال: أهل الذكر محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن المسئولون.

٩١ ـ الحسين بن محمد عن معلى بن محمد عن الوشاء قال: سألت الرضاعليه‌السلام فقلت جعلت فداك( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) فقال: نحن أهل الذكر ونحن المسئولون، فقلت: فأنتم المسئولون ونحن السائلون؟ قال: نعم. قلت: حقا

٥٥

علينا أن نسئلكم؟ قال: نعم، قلت: حقا عليكم ان تجيبونا، قال: [لا] ذلك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا لم نفعل، أما تسمع قول الله تبارك وتعالى:( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) .

٩٢ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عاصم بن حميد عن أبي بصير عن أبي عبد اللهعليه‌السلام في قول اللهعزوجل :( وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ ) فرسول الله الذكر: وأهل بيته المسئولون وهم أهل الذكر.

٩٣ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن محمد بن إسمعيل عن منصور بن يونس عن أبي بكر الحضرمي قال: كنت عند أبى جعفرعليه‌السلام ودخل عليه الورد أخو الكميت فقال: جعلني الله فداك اخترت لك سبعين مسئلة ما يحضرني منها مسئلة واحدة قال ولا واحدة يا ورد قال: بلى قد حضرني منها واحدة قال: وما هي؟ قال: قول الله تبارك وتعالى:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) من هم؟ قال: نحن، قال: قلت علينا ان نسألكم، قال: نعم، قلت: عليكم أن تجيبونا؟ قال: ذلك إلينا.

٩٤ ـ محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن صفوان بن يحيى عن العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: أنّ مَن عندنا يزعمون ان قول اللهعزوجل :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) انهم اليهود والنصارى؟ قال: إذا يدعونكم إلى دينهم ثم قال بيده(١) إلى صدره: ونحن أهل الذكر، ونحن المسئولون.

٩٥ ـ عدة من أصحابنا عن أحمد بن محمد عن الوشاء عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: سمعته يقول: قال علي بن الحسين: على الأئمة من الفرض ما ليس على شيعتهم، وعلى شيعتنا ما ليس علينا، أمرهم اللهعزوجل أن يسألونا قال:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) فأمرهم ان يسألونا وليس علينا الجواب، ان شئنا أجبنا وان شئنا أمسكنا.

٩٦ ـ أحمد بن محمد عن أحمد بن محمد بن أبى نصر قال: كتبت إلى الرضاعليه‌السلام كتابا فكان في بعض ما كتبت قال اللهعزوجل :( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )

__________________

(١) أي أشار.

٥٦

وقال اللهعزوجل :( وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) فقد فرضت عليهم المسئلة ولم يفرض عليكم الجواب؟ قال: قال الله تبارك وتعالى:( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ إنّما يَتَّبِعُونَ أَهْواءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ ) (١) .

٩٧ ـ محمد بن الحسين وغيره عن سهل عن محمد بن عيسى ومحمد بن يحيى ومحمد ابن الحسين جميعا عن محمد بن سنان عن إسمعيل بن جابر وعبد الكريم بن عمرو عن عبد الحميد ابن أبى الديلم عن أبي عبد اللهعليه‌السلام ونقل حديثا طويلا وفيه يقولعليه‌السلام وقال الله جل ذكره:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال الكتاب الذكر وأهله آل محمدعليهم‌السلام أمر اللهعزوجل بسؤالهم، ولم يؤمروا بسؤال الجهال، وسمى اللهعزوجل القرآن ذكرا فقال تبارك وتعالى: وأنزلنا عليك( الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ) .

٩٨ ـ في عيون الاخبار في باب مجلس ذكر الرضاعليه‌السلام مع المأمون في الفرق بين العترة والامة حديث طويل وفيه قالت العلماء: فأخبرنا هل فسر الله تعالى الاصطفاء في الكتاب؟ فقال الرضاعليه‌السلام : فسر الاصطفاء في الظاهر سوى الباطن في اثنى عشر موطنا وموضعا، فأول ذلك قولهعزوجل إلى أن قال: واما التاسعة فنحن أهل الذكر الذين قال الله تعالى،( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) فنحن أهل الذكر فاسئلونا ان كنتم لا تعلمون، فقالت العلماء: إنّما عنى بذلك اليهود والنصارى، فقال أبو الحسن: سبحان الله وهل يجوز ذلك إذا يدعونا إلى دينهم ويقولون إنّه أفضل من دين الإسلام؟ فقال المأمون: فهل عندك في ذلك شرح بخلاف ما قالوا يا أبا الحسن؟ فقال: نعم الذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ونحن أهله، وذلك بين في كتاب اللهعزوجل حيث يقول في سورة الطلاق:( فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ ) فالذكر رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله و

__________________

(١) قال في الوافي: ولم يفرض عليكم الجواب استفهام استبعاد، كأنه استفهم السر فيه فأجابه الامام بالاية، ولعل المراد أنّه لو كنا نجيبكم عن كل ما سئلتم فربما يكون في بعض ذلك مالا تستجيبونا فيه فتكونون من أهل هذه الآية.

٥٧

نحن أهله، فهذه التاسعة.

٩٩ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا عبد الله بن محمد عن داود وسليم بن سفيان عن ثعلبة عن زرارة عن أبي جعفرعليه‌السلام في قوله:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) من المعنون بذلك؟ فقال: نحن والله، فقلت: فأنتم المسئولون؟ قال: نعم، قلت: ونحن السائلون؟ قال: نعم، قلت: فعلينا ان نسألكم؟ قال: نعم، قلت: وعليكم أن تجيبونا؟ قال: ذلك إلينا ان شئنا فعلنا وان شئنا تركنا، ثم قال:( هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ ) .(١)

١٠٠ ـ في روضة الكافي حدثني عليّ بن إبراهيم عن أبيه عن ابن فضال عن حفص المؤذن عن أبي عبد اللهعليه‌السلام أنّه قال في رسالة طويلة إلى أصحابه: واعلموا أنّه ليس من علم الله ولا من أمره أن يأخذ أحد من خلق الله في دينه بهوى ولا رأى ولا مقايس، فقد أنزل الله القرآن وجعل فيه تبيان كل شيء، وجعل للقرآن وتعلم القرآن أهلا لا يسمع أهل علم القرآن الذين آتاهم الله علمه أن يأخذوا فيه بهوى ولا رأى ولا مقايس، أغناهم الله عن ذلك بما أتاهم من علمه، وخصهم به ووضعه عند هم كرامة من الله، أكرمهم بها، وهم أهل الذكر الذين أمر الله هذه الأمة بسؤالهم وهم الذين من سألهم، وقد سبق في علم الله أن يصدقهم ويتبع أثرهم، أرشدوه وأعطوه من علم القرآن ما يهتدى به إلى الله باذنه إلى جميع سبل الحق، وهم الذين لا يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمه الذين أكرمهم الله به وجعله عندهم إلّا من سبق عليه في علم الله الشقاء في أصل الخلق تحت الأظلة، فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر، والذين آتاهم الله علم القرآن ووضعه عندهم، وأمر بسؤالهم، وأولئك الذين يأخذون بأهوائهم ومقاييسهم حتّى دخلهم الشيطان، لأنهم جعلوا أهل الإيمان في علم القرآن عند الله كافرين، وجعلوا أهل الضلالة في علم القرآن عند الله مؤمنين، وحتّى جعلوا ما أحل الله في كثير من الأمر حراما، وجعلوا ما حرم الله

__________________

(١) «في بصار الدرجات محمد بن الحسن عن أبي داود عن سليمان بن سعيد عن ثعلبة عن منصور عن زرارة قال: قلت لأبي جعفر (ع): قول الله تبارك وتعالى: «فاسئلوا» وذكر مثل ما في تفسير عليّ بن إبراهيم منه عفى عنه» (عن هامش بعض النسخ)

٥٨

في كثير من الأمر حلالا، فذلك أصل ثمرة أهوائهم.

١٠١ ـ وفيها خطبة لأمير المؤمنينعليه‌السلام وهي الخطبة الطالوتية قال فيهاعليه‌السلام : إذا ذكر الأمر سألتم أهل الذكر، فاذا أفتوكم قلتم هو العلم بعينه فكيف وقد تركتموه ونبذتموه وخالفتموه؟.

١٠٢ ـ في كتاب المناقب لابن شهر آشوب محمد بن مسلم وجابر الجعفي في قوله تعالى:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) قال الباقرعليه‌السلام : نحن أهل الذكر.

١٠٣ ـ في تفسير العيّاشي عن أحمد بن محمد عن أبي الحسن الرضاعليه‌السلام قال: كتب إلى إنّما شيعتنا من تابعنا ولم يخالفنا، وإذا خفنا خاف، وإذا امنا أمن، قال الله:( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ ) الآية فقد فرض عليكم المسئلة والرد إلينا ولم يفرض علينا الجواب.

١٠٤ ـ عن إبراهيم بن عمر عمّن سمع أبا جعفرعليه‌السلام يقول: إنّ عهد نبي الله صار عند عليّ بن الحسينعليه‌السلام ، ثمّ صار عند محمّد بن عليٍّ، ثمّ يفعل الله ما يشاء، فالزم هؤلاء فاذا خرج رجل منهم معه ثلثمائة رجل، ومعه راية رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله عامدا إلى المدينة حتّى يمير بالبيداء، فيقول: هذا مكان القوم الذين خسف بهم، وهي الآية التي قال الله:( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ ) .

١٠٥ ـ عن ابن سنان عن أبي عبد اللهعليه‌السلام سئل عن قول الله:( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ ) قال: هم أعداء الله، وهم يمسخون ويقذفون ويسيخون في الأرض.

١٠٦ ـ في روضة الكافي كلام لعليّ بن الحسينعليه‌السلام في الوعظ والزهد في الدنيا يقول فيهعليه‌السلام : ولا تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الدنيا( الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ ) فان الله يقول في محكم كتابه:( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ أَوْ

٥٩

يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ ) فاحذروا ما حذر كم الله بما فعل بالظلمة في كتابه، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما توعد به القوم الظالمين في الكتاب، والله لقد وعظكم الله في كتابه بغير كم فان السعيد من وعظ بغيره.

١٠٧ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم قوله:( أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئاتِ ) يا محمّد وهو استفهام( أَنْ يَخْسِفَ اللهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ ) قال: إذا جاؤا وذهبوا في التجارات وفي أعمالهم فيأخذهم في تلك الحالة( أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ ) قال: على تيقظ( فَإِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ ) ١٠٨ ـ قوله:( أَوَلَمْ يَرَوْا إلى ما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ ) قال: تحويل كل ظل خلقه الله فهو سجود لله لأنه ليس شيء إلّا له ظل يتحرك بتحريكه وتحويله وسجوده.

١٠٩ ـ قوله:( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ يَخافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ ) قال: الملائكة ما قدر الله لهم يمرون فيه(١) .

١١٠ ـ في مجمع البيان ( وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ) الآية وقد صح عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أنّه قال: إنّ لله ملائكة في السماء السابعة سجودا منذ خلقهم إلى يوم القيمة ترعد فرائصهم من مخافة الله، لا تقطر من دموعهم قطرة إلّا صار ملكا، فاذا كان يوم القيامة رفعوا رؤسهم وقالوا: ما عبدناك حق عبادتك أورده الكلبي في تفسيره.

١١١ ـ في تفسير العيّاشي عن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد اللهعليه‌السلام يقول: و( لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إنّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ ) يعنى بذلك ولا تتخذوا إمامين إنّما هو امام واحد. قال عز من قائل:( وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ) .

١١٢ ـ في تفسير عليّ بن إبراهيم عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله حديث طويل وفيه يقولعليه‌السلام ومن لم يعلم ان لله عليه نعمة إلّا في مطعم أو ملبس فقد قصر عمله ودنى عذابه.

__________________

(١) وفي المصدر: «يأمرون فيه».

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486