تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ١

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي19%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 409

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 409 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 141343 / تحميل: 8921
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

عاماً كان ينقله فيها من حبس لحبس)(١) حتى لفظ آخر أنفاسه مسموما وهو في الحبس.

هذه الأحداث المؤسفة حركت سحابة قاتمة من الحزن داخل نفس الإمام الرضاعليه‌السلام . ومما يعظم الخطب أنه كان مغلوبا على أمره ليس له القدرة على الثأر أو الانتقام ممن عكروا صفو حياته، لقد (كتب له أن يعيش مأساة أبيه من بدايتها وحتى نهايتها، دون أن يملك القدرة على التخفيف من حدتها، حيث لاسبيل له إلى ذلك، وربما كان ينتظر المصير نفسه من عصابة الحكم)(٢) . كان يستشعر الخطر المحدق به، فقد كانت السلطة الحاكمة تضرب طوقا حديديا حوله، ترصد ردود فعله على اعتقال أبيه، فوجد أن الطريق الأسلم هو الاحتكام إلى السلم، منصرفا إلى نشر العلم والمعرفة.

المبحث الثالث: نسله الشريف

هناك اختلاف في كتب الأنساب والتراجم في عدد أولاده، وتحديد أسمائهم، ففي (عمدة الطالب) و (تهذيب الأنساب) نجد أن العقب من علي الرضا بن موسى الكاظمعليهما‌السلام في رجل واحد هو أبو جعفر محمد بن علي(٣) ، بينما نجد صاحب (المجدي في أنساب الطالبيين) يحصر عقبه في

__________________

(١) سيرة الأئمة الاثني عشر / هاشم معروف الحسني، القسم الثاني: ٣٤٢ - ٣٤٣.

(٢) الإمام الرضاعليه‌السلام / محمد جواد فضل اللّه، تاريخ ودراسة: ١٠.

(٣) اُنظر: عمدة الطالب / ابن عَنَبَة، وتهذيب الأنساب / العبيدي: ١٤٨.

٤١

ثلاثة، هم: موسى ومحمد وفاطمة - ويضيف: أما محمد هو أبو جعفر الثاني إمام الشيعة الاثني عشرية، لقبه التقيعليه‌السلام مات أبوه وله أربع سنين(١) . وفي كتاب (لباب الأنساب) أن للرضا ولدا اسمه علي بن علي الرضا(٢) .

ويذهب صاحب (الصواعق المحرقة) إلى أن الرضاعليه‌السلام : توفي عن خمسة ذكور وبنت، أجلُّهم محمد الجواد لكنه لم تطل حياته(٣) . ويذهب الصفدي والذهبي إلى هذا الرأي، ويسرد الصفدي وابن الصباغ أسماءهم، وهم: محمد، الحسن، جعفر، ابراهيم، الحسين، عائشة(٤) .

وعن (العُدد القوية): كان له ولدان محمد وموسى لم يترك غيرهما(٥) .

وقال الشيخ المفيد: مضى الرضاعليه‌السلام ولم يترك ولدا نعلمه إلاّ ابنه الإمام بعده أبا جعفر محمد بن عليعليهما‌السلام (٦) .

والذي يترجح في النظر ما ذكره المفيد، وبه جزم ابن شهرآشوب(٧) ، والطبرسي(٨) ، وأبو جعفر محمد بن جرير الطبري(٩) فالمعلوم لدينا من ابنائه هو الإمام محمد الجواد، واما غيره فلم يثبت، ويؤيد هذا الرأي

__________________

(١) المجدي في أنساب الطالبيين / علي بن محمد العلوي: ١٢٨.

(٢) لباب الأنساب والألقاب والأعقاب / ابن فندق ٢: ٤٤١.

(٣) الصواعق المحرقة / الهيتمي: ٣١١.

(٤) الوافي بالوفيات / الصفدي ٢٢: ٢٤٨، ترجمة رقم (١٨). سير أعلام النبلاء ٩: ٣٩٣، الترجمة ١٢٥، وأيضا: الفصول المهمة: ٢٦٠.

(٥) في رحاب أئمة أهل البيتعليهم‌السلام / السيد محسن الأمين ٤: ٢٦٤.

(٦) الإرشاد ٢: ٢٧١.

(٧) المناقب ٤: ٣٩٧.

(٨) اعلام الورى ٢: ٨٦.

(٩) دلائل الإمامة: ٣٥٩.

٤٢

الرواية الواردة عن حنان بن سدير، قال: قلت لأبي الحسن الرضاعليه‌السلام : أيكون إمام ليس له عقب؟ فقال أبو الحسن: « اما أنه لا يولد لي إلاّ واحد، ولكن اللّه منشى ء منه ذرية كثيرة ». قال أبو خداش: سمعت هذا الحديث منذ ثلاثين سنة(١) .

واللّه أعلم بواقع الأمر.

* * *

__________________

(١) كشف الغمة ٣: ٩٥.

٤٣

الفصل الثالث

الإمام الرضاعليه‌السلام  بعد تول-يه الإمامة

تعتقد مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام أن الإمامة أمرٌ الهي وجعلٌ رباني لا رأي لأحد فيها من الأمة. وبأن الإمام يجب أن يكون منصوصا عليه من قبل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم . إذ الإمامةهي امتداد للنبوة، والدليل الذي يوجب إرسال الرسل وبعث الأنبياء هو نفسه أيضا يوجب نصب الإمام. وهي أيضاً لطف من اللّه كالنبوة فلابد من أن يكون في كل عصر إمام هادٍ يخلف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في وظائفه في هداية البشر.

ولو تعمقنا في النظر قليلاً لوجدنا أن فكرة النص تقوم على دليلين:

الأول: عقلي: ويستدل به على استحالة أن يترك الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأمة فوضى من بعده، وهو الحريص عليها، وقد بيّن لها صغائر الأمور، فكيف يترك مسألة الإمامة أو القيادة دون تعيين؟!. علما بأن الخليفة الأول والثاني قد عينا أشخاصا قبيل وفاتهم لأمر الخلافة.

الثاني: شرعي: حيث استُدلّ بالكثير من الآيات والروايات على ثبوت الإمامة في أمير المؤمنين عليعليه‌السلام وأحد عشر من ولده من بعده.

وعرض جميع الادلة العقلية والنقلية على إمامة أهل البيتعليهم‌السلام بحث طويل وعريض لامجال هنا لاستقصائه، ومن شاء فليراجع كتاب (الشافي

٤٤

في الإمامة) للسيد المرتضىقدس‌سره ، إذ يعد هذا الكتاب بشهادة أعلام الطائفة فريداً في بابه، بل هو كما يقول الشيخ محمد جواد مغنية في تقريظه: إنه صورة صادقة لمعارف المرتضى ومقدرته، أو لمعارف علماء الإمامية وعلومهم في زمنه - على الأصح - عالج المرتضى مسألة الإمامة من جميع جهاتها كمبدأ ديني واجتماعي وسياسي، وأثبت بدليل العقل والنقل الصحيح أنها ضرورة دينية واجتماعية، وأن علياًعليه‌السلام هو الخليفة الحق المنصوص عليه بعد الرسول، وأنه من عارض وعاند فقد عارض الحق والصالح العام. ذكر الشريف جميع الشبهات التي قيلت أو يمكن أن تُقال حول الإمامة وأبطلها بمنطق العقل والحجج الدامغة(١) .

لقد شغل موضوع الإمامة حيزا كبيرا من فكر أئمة أهل البيتعليهم‌السلام لكونها حجر الزاوية في الفكر الإسلامي عامة والشيعي على وجه الخصوص، إضافة إلى كثرة اختلاف الناس حولها، وحاجتهم الماسة إلى القول الفصل فيها، بغية الخروج من مرحلة الحيرة والتساؤل.

وقد حظيت هذه المسألة بأهمية استثنائية عند إمامنا الرضاعليه‌السلام فأجاب عن الاشكالات والشبهات المطروحة إجابةً شافيةً ووافية، نجدها في الرواية التالية: عن القاسم بن مسلم، عن أخيه عبد العزيز بن مسلم، كنا في أيام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام بمرو، فاجتمعنا في مسجد جامعها في يوم الجمعة في بدء مقدمنا، فأدار الناس أمر الإمامة وذكروا كثرة اختلاف الناس فيها فدخلت على سيدي ومولاي الرضاعليه‌السلام ، فأعلمته ما خاض الناس فيه، فتبسمعليه‌السلام ثم قال: « يا عبد العزيز، جهل القوم وخدعوا عن

__________________

(١) مقدمة تحقيق كتاب الشافي ١: ١٩ - ٢٠.

٤٥

أديانهم، ان اللّه تبارك وتعالى لم يقبض نبيهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أكمل له الدين وأنزل عليه القرآن فيه تفصيل كل شيء بيّن فيه الحلال والحرام والحدود والأحكام وجميع ما يحتاج إليه كملاً فقال عزّوجلّ:( مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ) (١) وأنزل في حجة الوداع وفي آخر عمرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الاْءِسْلاَمَ دِيناً ) (٢) وأمر الإمامة في تمام الدين، ولم يمضصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى بيّن لأمته معالم دينهم، وأوضح لهم سبيلهم وتركهم على قصد الحق وأقام لهم علياعليه‌السلام علما وإماما، وما ترك شيئا تحتاج إليه الأمة إلاّ بينه، فمن زعم أن اللّه عز وجل لم يكمل دينه، فقد ردّ كتاب اللّه عزّوجلّ، ومن ردّ كتاب اللّه تعالى فهو كافر، هل يعرفون قدر الإمامة ومحلها من الأمة فيجوز فيها اختيارهم؟ ان الإمامة أجلّ قدرا وأعظم شأنا وأعلى مكانا وأمنع جانبا وأبعد غورا من أن يبلغها الناس بعقولهم، أو ينالونها بآرائهم أو يقيموا إماما باختيارهم - إلى أن يقول - فقلّدها علياعليه‌السلام بأمر اللّه عزّوجلّ على رسم ما فرضها اللّه عزّوجلّ، فصارت في ذريته الأصفياء الذين أتاهم اللّه العلم والإيمان بقوله عز وجل:( وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالاْءِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللّه إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ ) (٣) فهي في ولد عليعليه‌السلام خاصة إلى يوم القيامة - إلى أن قال - ان الإمامة هي منزلة الأنبياء وإرث الاوصياء، ان الإمامة خلافة اللّه عز وجل وخلافة الرسول ومقام أمير المؤمنين وميراث الحسن والحسينعليهما‌السلام ، ان الإمامة زمام الدين ونظام

__________________

(١) سورة الأنعام: ٦ / ٣٨.

(٢) سورة المائدة: ٥ / ٣.

(٣) سورة الروم: ٣٠ / ٥٦.

٤٦

المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين، ان الإمامة أُسّ الإسلام النامي وفرعه السامي ».

ثمّ يورد تشبيهات بليغة وبديعة، فيقول: « الإمام كالشمس الطالعة للعالم وهي بالافق بحيث لاتنالها الأيدي والابصار، الإمام البدر المنير، والسراج الزاهر، والنور الساطع، والنجم الهادي في غياهب الدجى والبيد القفار ولجج البحار، الإمام الماء العذب على الظمأ، والدال على الهدى والمنجي من الردى ».

ثمّ يضيف قائلاً: « فمن ذا الذي يبلغ معرفة الإمام ويمكنه اختياره؟ هيهات هيهات ..فكيف لهم باختيار الإمام؟! والإمام عالم لا يجهل، وراع لا ينكل، معدن القدس والطهارة والنسك والزهادة والعلم والعبادة، مخصوص بدعوة الرسول وهو نسل المطهرة البتول، لا مغمز فيه في نسب، ولايدانيه ذو حسب، فالنسب من قريش والذروة من هاشم، والعترة من آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم »(١) .

لقد حاول الإمام الرضاعليه‌السلام أن يعيد الوعي الإسلامي الصحيح بشأن الإمامة سيّما بعد تفريط القسم الأعظم من الأمة بها، بحيث أنهعليه‌السلام لم يترك فرصة إلاّ واستغلها في بيان ضرورتها وأدلتها وكشف أبعادها، والطريق اللاحب في انعقادها، ولعلّ أوضح مثل على ذلك، ما جاء عن الحسن بن جهم، قال: حضرت مجلس المأمون يوما وعنده علي بن موسى الرضاعليه‌السلام وقد اجتمع الفقهاء وأهل الكلام من الفرق المختلفة فسأله بعضهم، فقال له: يا ابن رسول اللّه بأي شيء تصح الإمامة لمدعيها؟ قال: « بالنص والدليل »،

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ١٩٥، ح ١، باب (٢٠).

٤٧

قال له: فدلالة الإمام فيما هي؟ قال: « في العلم واستجابة الدعوة »(١) .

ومن الواضح أن الإمام الرضاعليه‌السلام قد تصدّى للإمامة علناً، وقال بإمامة نفسه وأذعنت له قاعدته، وشهد بذلك خصمه. الأمر الذي يستوجب استجلاء هذه الأمور في ثلاثة مباحث، وهي:

المبحث الأول: النص على الإمام الرضاعليه‌السلام بالإمامة

أولاً: من النصوص الدالة على إمامتهعليه‌السلام :

هناك روايات عديدة من طرق الشيعة الإمامية تؤكد على سلسلة أسماء السلالة الطاهرة للأئمةعليهم‌السلام واحدا بعد الآخر، ويأتي ذكر الإمام الرضاعليه‌السلام في الترتيب الثامن: أخرج الشيخ الصدوق بسند صحيح عن الثقة عبد اللّه بن جندب عن موسى بن جعفرعليه‌السلام ما ينبغي أن يقال في سجدة الشكر وهذا نصّه: « اللهمّ إني أُشهدك وأُشهد ملائكتك وأنبياءك ورسلك وجميع خلقك أنك أنت اللّه ربّي والإسلام سلام ديني ومحمداً نبيي وعلياً والحسن والحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر بن محمّد وموسى بن جعفر وعلي بن موسى ومحمّد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجّة بن الحسن بن علي أئمتي بهم أتولى ومن أعدائهم أتبرأ »(٢) .

ويمكن الاستشهاد أيضاً بحديث اللوح المتواتر المروي من طرق

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ٢: ٢١٦، ح ١، باب (٤٦).

(٢) من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصدوق ١: ٢١٧ باب (٤٧).

٤٨

جمّة، عن جابر بن عبد اللّه الأنصاري، وكذلك عن الإمام السجاد والباقر والصادقعليهم‌السلام ، نكتفي منها برواية أبي بصير، عن أبي عبد اللّهعليه‌السلام ، قال: « قال أبيعليه‌السلام لجابر بن عبد اللّه الأنصاري: إن لي إليك حاجة، فمتى يخف عليك أن أخلو بك، فأسألك عنها؟ قال له جابر: في أي الأوقات شئت، فخلا به أبيعليه‌السلام فقال له: يا جابر أخبرني عن اللوح الذي رأيته في يد أُمي فاطمة بنت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما أخبرتك به أُمي أنه في ذلك اللوح مكتوب.

قال جابر: أشهد باللّه، أني دخلت على أُمك فاطمة في حياة رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأهنئها بولادة الحسينعليه‌السلام فوجدت في يدها لوحاً أخضر ظننت أنه زُمرّد، ورأيت فيه كتاباً أبيض شبه نور الشمس، فقلت لها: بأبي أنتِ وأمي يا بنت رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ما هذا اللوح؟ فقالت: هذا اللوح أهداه اللّه عزّوجلّ إلى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه اسم أبي واسم بعلي واسم ابنَيّ وأسماء الأوصياء من ولدي، فأعطانيه أبيعليه‌السلام ليسرّني بذلك، قال جابر: فأعطتنيه أمك فاطمة، فقرأته، وانتسخته فقال أبيعليه‌السلام : فهل لك يا جابر أن تعرضه عليّ، قال نعم، فمشى معه أبيعليه‌السلام حتى انتهى إلى منزل جابر، فأخرج أبيعليه‌السلام صحيفة من رق، قال جابر: فأشهد باللّه أني هكذا رأيته في اللوح مكتوباً: بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا كتاب من اللّه العزيز الحكيم لمحمد نوره وسفيره وحجابه ودليله نزل به الروح الأمين من عند ربّ العالمين، عظّم يا محمد أسمائي واشكر نعمائي، ولا تجحد آلائي إني لم أبعث نبياً فأكملتُ أيامه وانقضت مدّته، ألا جعلت له وصيّاً، وأني فضلتك على الأنبياء وفضلت وصيك على الأوصياء، وأكرمتك بشبليك بعده وبسبطيك

٤٩

الحسن والحسين فجعلت حسناً معدن علمي بعد انقضاء مدّة أبيه، وجعلت حسيناً خازن وحيي وأكرمته بالشهادة، وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استشهد، وأرفع الشهداء درجة عندي، وجعلت كلمتي التامة معه والحجّة البالغة عنده، بعترته أثيب وأعاقب: أولهم علي سيد العابدين وزين أوليائي الميامين، وابنه شبيه جدّه المحمود محمد الباقر لعلمي والمعدن لحكمي، سيهلك المرتابون في جعفر الراد عليه كالراد عليّ، حق القول مني لأكرمنّ مثوى جعفر ولاسرنّه في أشياعه وأنصاره وأوليائه، انتجبت بعده موسى وانتجبت بعده فتنة عمياء حندس لأن خيط فرضي لا ينقطع وحجتي لا تخفى وويل للمفترين الجاحدين عند انقضاء مدة عبدي موسى وحبيبي وخيرتي، إن المذكب بالثامن مكذب كل أوليائي، وعلي وليي وناصري، ومن أضع عليه أعباء النبوة وأمنحه بالاضطلاع، يقتله عفريت مستكبر، يدفن في المدينة التي بناها العبد الصالح إلى جنب شر خلقي، حقّ القول مني لاقرنَّ عينيه بمحمد ابنه وخليفته من بعده، فهو وارث علمي ومعدن حكمي وموضع سرّي وحجتي على خلقي وأختم بالسعادة لابنه علي وليي وناصري والشاهد في خلقي، وأميني على وحيي، أخرج منه الداعي إلى سبيلي والخازن لعلمي الحسن، ثم أكمل ذلك بابنه رحمةً للعالمين، عليه كمال موسى وبهاء عيسى وصبر أيوب أُولئك أوليائي حقاً بهم أدفع كل فتنة عمياء حندس أُولئك عليهم صلوات من ربّهم ورحمة وأولئك هم المهتدون » قال عبد الرحمن بن سالم: قال أبو بصير: لو لم تسمع في دهرك إلاّ هذا الحديث لكفاك، فصنه إلاّ عن أهله»(١) .

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٤٨، ح ٢ باب (٦).

٥٠

ثانياً: أساليب الإمام الكاظمعليه‌السلام في النصّ على إمامة ولده الرضاعليه‌السلام

مرّت الشيعة بعد وفاة الإمام الكاظمعليه‌السلام بمنعطف خطير. فقد كانعليه‌السلام يمر بظروف خانقة كما أسلفنا، ولذلك تمسك بالتقية وكان تحركه بمنتهى السرية، ومن ثم غيبته الطويلة في السجون، كل ذلك ساعد على انقطاعه عن قاعدته الجماهيرية، وكان الإمام الكاظمعليه‌السلام يدرك المقطع الزمني الحساس والعصيب الذي ستمر به إمامة ولده الرضاعليه‌السلام ، فهناك الأجواء السياسية الملبدة بالغيوم من قبل الحكام، وهناك ذوو الاطماع من علماء السوء الذين سوف يصنعون سياجا هائلاً من التعتيم والتكتم أو التشكيك بإمامة ولده، لذلك لم يأل جهدا ولم يدّخر وسعا في التبليغ لإمامة ولده الرضاعليه‌السلام ، مرة من خلال التلميح بفضائله وكمالاته وأهليته للإمامة، ومرة أخرى من خلال التصريح بها، وتارة يتصل مع أصحابه والثقات من شيعته بصورة فردية، وتارة أخرى يجتمع مع أقربائه وأهل المدينة بصورة جماعية، وأحيانا يشير إلى إمامة ولده بصورة شفوية، وأخرى بصورة كتب أو ألواح يشرح فيها أهلية ولده لمنصب الإمامة ويضمّنها وصاياه به. وبدا لنا من خلال البحث أن الإمام الكاظمعليه‌السلام قد سار حسب خطة مرسومة للتعريف بالرضاعليه‌السلام والإشادة بمنزلته، وقد هدد وأوعد كل من يسقط تحت حوافر الاطماع أو ينساق إلى مهاوي الضياع كالواقفية.

ونحن سوف نغوص في أعماق الروايات الدالة على إمامة الرضاعليه‌السلام ، نحاول أن ندرسها ونسبر أغوارها ونصنفها حسب الغاية التي توخيتْ منها.

٥١

وقد توصلنا من خلال البحث إلى أن الإمام الكاظمعليه‌السلام قد اتبع عدة أساليب للتعريف بإمامة ولده الرضاعليه‌السلام ، هي:

أولاً: أسلوب التلميح الشفوي:

يجد الباحث في هذا الصدد عدداً من الروايات لم تصرح بإمامة الرضاعليه‌السلام ، ولكنها تلمح إلى ذلك من خلال عبارات دقيقة موحية، ويبدو أنها قيلت بظرف خاص لا يساعد على التصريح، كما سنرى في العناوين التالية:

١ - السيادة وانتحال الكنية:

نجد روايات يشيد فيها الكاظمعليه‌السلام بولده الرضاعليه‌السلام بأنه سيد ولده، أو أنه نحله كنيته، فهكذا عبارات توحي - بدون شك - ضمنا إلى استحقاقه للإمامة، لاسيما أن الكناية عند ذوي الألباب أبلغ من التصريح، ويبدو أن أصحاب الإمام الكاظمعليه‌السلام ، كهشام بن الحكم، ممن يغنيهم التلميح عن التصريح قد أدركوا جيدا ماوراء هذه العبارات من دلالات ..

عن الحسين بن نعيم الصحاف، قال: كنت أنا وهشام بن الحكم وعلي ابن يقطين ببغداد فقال علي بن يقطين: كنت عند العبد الصالح موسى بن جعفرعليه‌السلام جالسا، فدخل عليه ابنه الرضاعليه‌السلام فقال: « يا علي، هذا سيد ولدي، وقد نحلته كنيتي »، فضرب هشام براحته جبهته! ثم قال: ويحك! كيف قلت؟ فقال علي بن يقطين: سمعت واللّه منه كما قلت لك، فقال هشام: أخبرك واللّه أن الامر فيه من بعده(١) .

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣١، ح ٣، باب (٤).

٥٢

وقد استخدم الإمام الكاظمعليه‌السلام عبارات ايحائية أخرى، منتقاة بدقة:

عن زياد بن مروان القندي، قال: دخلت على أبي ابراهيمعليه‌السلام وعنده علي ابنه، فقال لي: « يا زياد، هذا كتابه كتابي، وكلامه كلامي، ورسوله رسولي، وما قال فالقول قوله »(١) .

قال الشيخ الصدوق بعد رواية الخبر: إن زياد بن مروان القندي روى هذا الحديث ثم انكره بعد مضي موسىعليه‌السلام وقال بالوقف، وحبس ماكان عنده من مال موسى بن جعفر!

٢ - بيان منزلتهعليه‌السلام :

أولى الإمام الكاظمعليه‌السلام عناية خاصة بولده الرضاعليه‌السلام وأحاطه باهتمام ملحوظ منذ نعومة أظفاره مما جعل الانظار تتجه إليه والألسن تتحدث عنه، ومن الروايات الواردة في هذا الشأن، ما أخرجه الشيخ الصدوق: عن المفضل بن عمر، قال: دخلت على أبي الحسن موسى بن جعفرعليه‌السلام وعلي ابنه في حجره وهو يقبّله ويمصّ لسانه، ويضعه على عاتقه ويضمه اليه، ويقول: « بأبي أنت وأمي، ما أطيب ريحك وأطهر خلقك وأبين فضلك! » قلت: جعلت فداك، لقد وقع في قلبي لهذا الغلام من المودة ما لم يقع لأحد إلاّ لك. فقال لي: « يا مفضل هو مني بمنزلتي من أبيعليه‌السلام ( ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللّه سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (٢) »(٣) .

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣٩، ح ٢٥، باب (٤)، أعلام الورى ٢: ٤٥.

(٢) سورة آل عمران: ٣ / ٣٤.

(٣) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٢٨٦، ح ٢٨، باب (٤).

٥٣

٣ - الوصية بدفع الحقوق لهعليه‌السلام :

وهي قرينة أخرى على إمامته، لأن الحقوق تعطى - كما هو معروف - للإمام الشرعي لكي يصرفها في مواردها. ولانريد أن نسترسل في إيراد الامثلة على ذلك، ونكتفي بعرض الروايتين التاليتين:

الرواية الأولى : عن الحسن بن علي الخزاز، قال: خرجنا إلى مكة ومعنا علي بن أبي حمزة ومعه مال ومتاع، فقلنا: ما هذا؟ قال: هذا للعبد الصالحعليه‌السلام أمرني أن أحمله إلى علي ابنهعليه‌السلام وقد أوصى اليه.

قال الشيخ الصدوق: إن علي بن أبي حمزة أنكر ذلك بعد وفاة موسى ابن جعفرعليه‌السلام وحبس المال عن الرضاعليه‌السلام (١) !

الرواية الثانية : عن داود بن زربي، قال: جئت إلى أبي ابراهيمعليه‌السلام بمال فأخذ بعضه وترك بعضه، فقلت: أصلحك اللّه، لأي شيء تركته عندي؟! فقال: « إنّ صاحب هذا الأمر يطلبه منك ».

فلمّا جاء نعيهعليه‌السلام بعث إليّ أبو الحسنعليه‌السلام فسألني ذلك المال، فدفعته إليه(٢) .

٤ - الإشارة إلى كون الإمام الرضاعليه‌السلام من الأوصياء:

وهي قرينة إيحائية قوية تضاف إلى سائر القرائن والعلامات الأخرى السابقة، يتضح لنا ذلك من متن الرواية التالية: عن نعيم القابوسي، عن

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣٧، ح ٣٧، باب (٤).

(٢) المناقب / ابن شهرآشوب ٤: ٣٦٨، الكافي ١: ٢٥٠ / ١٣.

٥٤

أبي الحسن موسىعليه‌السلام قال: « ابني عليّ أكبر ولدي، وآثرهم عندي، وأحبهم إليّ، وهو ينظر في الجفر ولم ينظر فيه إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ »(١) .

فهنا لم يصرح الإمام الكاظمعليه‌السلام علنا بإمامة ولده الرضاعليه‌السلام ولكن ذكر «الجفر» وكون النظر فيه من اختصاص النبي أو الوصي، فهذه الجملة تعطي إيماءة مهمة على إمامته، وخاصة بعد سبقها بذكر علامات أخرى، ككونه أكبر ولده وأحبهم اليه، وآثرهم عنده، وهي من صفات الإمام الذي يخلف أباه في الإمامة كما جاءت بهذا أحاديث صريحة كثيرة لا حصر لها.

ثانيا: أسلوب التصريح الشفوي

وهنا نجد الإمام الكاظمعليه‌السلام يصرح بصورة لالبس فيها بإمامة ولده، ويحدد القول الفصل حول إمامته بوضوح لا يخفى، وهذا الأسلوب تتوضح خطوطه من خلال روايات عديدة، وبعد دراستنا لها، نلاحظ:

أولا: تصريحهعليه‌السلام بإمامة ولده الرضاعليه‌السلام :

اذ نلاحظ أن الإمام الكاظمعليه‌السلام يغتنم كل مناسبة لكشف النقاب عن إمامة ولده الرضاعليه‌السلام ، ويبدو أنه كان يركز على ثقات أصحابه وشيعته، من أجل تمهيد الطريق أمام إمامة ولده، حاملاً على كتفه عب ء إيصال هذه الأمانة الإلهية الخطيرة، ومدركا في الوقت نفسه بأن هناك من تسوّل له نفسه الخروج عن وصيته بإمامة ابنه، ففي اسناد ينتهي إلى غنام بن القاسم

__________________

(١) اعلام الورى ٢: ٤٤.

٥٥

قال: قال لي منصور بن يونس بن بزرج: دخلت على أبي الحسن - يعني موسى بن جعفرعليهما‌السلام - يوما، فقال لي: « يا منصور، أما علمت ما أحدثت في يومي هذا؟ » قلت: لا، قال: « قد صيّرت عليا ابني وصيي » وأشار بيده الى الرضاعليه‌السلام « وقد نحلته كنيتي، وهو الخلف من بعدي، فادخل عليه وهنّئه بذلك، واعلم أني أمرتك بهذا » قال: فدخلت عليه فهنّئته بذلك وأعلمته أنه أمرني بذلك ثمّ جحد منصور فأخذ الأموال التي كانت في يده وكسرها!(١) .

ثانيا: جواب الإمام الكاظمعليه‌السلام على سؤال (عمن سيخلفه في الإمامة):

كان بعض الشيعة ونتيجة مباشرة لظروف التقية لم تسمع من إمامها الكاظمعليه‌السلام من يخلفه على الإمامة، ولم تطرق سمعها النصوص السابقة من آبائهعليهم‌السلام ، أو سمعت بها وأحبّت التأكد من شخص الإمام كما تحكيه بعض الروايات في هذا المقام، خصوصاً وإن حديث « من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية » قد تواتر نقله عند الإمامية وصحّت طرقه عند غيرهم، الأمر الذي يؤدي إلى السؤال من الإمام عمن سيلي الأمر بعده ؛ لأجل قطع الظن الحاصل من السماع السابق أو عدمه، باليقين الحاصل من السماع من الإمام مباشرةً، ومن هنا وجهت بعض الشخصيات أسئلة صريحة للإمام الكاظمعليه‌السلام حول من سيخلفه بعد وفاته، فأجابهم الإمام بصورة صريحة لا لبس فيها أن الإمام من بعده علي الرضاعليه‌السلام ابنه، ومن الشواهد عليه، ما جاء عن داود الرقي، قال: قلت لأبي ابراهيم

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣٢، ح ٥، باب (٤).

٥٦

- يعني موسى الكاظمعليه‌السلام : فداك أبي، إني قد كبرت وخفت أن يحدث بي حدثٌ ولا ألقاك، فأخبرني من الإمام من بعدك؟ فقال: « ابني عليعليه‌السلام »(١) .

ونظير هذه الرواية ما أسنده الصدوق إلى نصر بن قابوس. قال: قلت لأبي ابراهيم موسى بن جعفرعليهما‌السلام : اني سألت أباكعليه‌السلام من الذي يكون بعدك؟ فأخبرني أنك أنت هو، فأخبرني من الذي يكون بعدك؟ قال: « ابني عليعليه‌السلام »(٢) .

٢ - توسيعهعليه‌السلام دائرة التصريح بإمامة ولده الرضاعليه‌السلام :

لم تقتصر دعوة الإمام الكاظمعليه‌السلام لإمامة ولده الرضاعليه‌السلام على اللقاءات والاتصالات الفردية التي تتم عادة تحت ستار كثيف من الكتمان والسرية، بل جهد في إعلان إمامته أمام الجموع أو الملأ العام، لاسيما وأنه قد أدرك أن حصرها في نطاق ضيق قد لايحقق النتيجة المرجوة، فمن المحتمل أن تكون عرضة للتشكيك أو الإنكار، وقد تعطي مبررا لتنصل أهل الأهواء وملتمسي الأعذار وأصحاب المطامع بالأموال.

من أجل ذلك أخذ الإمام الكاظمعليه‌السلام يجمع في بداية الأمر من يخصه بالقرابة القريبة من ولد علي وفاطمةعليهم‌السلام : عن حيدر بن أيوب، قال: كنّا بالمدينة في موضع يعرف بالقبا، فيه محمد بن زيد بن علي، فجاء بعد الوقت الذي كان يجيئنا فيه، فقلنا له: جعلنا اللّه فداك،

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣٣، ح ٨، باب (٤).

(٢) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٤٠، ح ٢٦، باب (٤).

٥٧

ما حبسك؟ قال: دعانا أبو ابراهيمعليه‌السلام اليوم سبعة عشر رجلاً من ولد علي وفاطمةعليهما‌السلام ، فأشهدنا لعلي ابنه بالوصية والوكالة في حياته وبعد موته، وأن أمره جائز عليه وله، ثم قال محمد بن زيد: واللّه يا حيدر لقد عقد له الإمامة اليوم وليقولن الشيعة به من بعده، قال: حيدر، قلت: بل يبقيه اللّه، وأي شيء هذا؟ قال: يا حيدر، إذا أوصى إليه فقد عقد له الإمامة(١) .

ومن ثم وسع نطاق الوصية إلى دائرة القرابة الأبعد كولد جعفر بن أبي طالب من الرجال والنساء، فعن عبد اللّه بن الحارث وأمه من ولد جعفر بن أبي طالب، قال: بعث إلينا أبو ابراهيمعليه‌السلام فجمعنا ثم قال: « أتدرون لم جمعتكم؟ » قلنا: لا، قال: « اشهدوا أنّ عليا ابني هذا وصيّي، والقيّم بأمري، وخليفتي من بعدي، من كان له عندي دَين فليأخذه من ابني هذا، ومن كانت له عندي عدة فليستنجزها منه، ومن لم يكن له بد من لقائي فلا يلقني إلاّ بكتابه »(٢) .

ويبدو من الرواية التالية أنه قد وسع من نطاق الدعوة لإمامة ولده الرضاعليه‌السلام ، بحيث شملت المدينة بصورة عامة، وبذلك انتقل إلى مدار جديد من أجل إشهاد أكبر عدد ممكن من الأفراد على استحقاق ابنه للإمامة، ليقطع الطريق على كل الأعذار، ويزيل جميع الشكوك التي تساور الأذهان المريضة في هذا الشأن: عن حسين بن بشير، قال: أقام لنا أبو الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام ابنه علياعليه‌السلام كما أقام رسول اللّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علياعليه‌السلام يوم

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣٧، ح ١٦، باب (١).

(٢) اعلام الورى ٢: ٤٥، الكافي ١: ٢٤٩ / ٧، عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣٦، ح ١٤، باب (٤).

٥٨

غدير خم، فقال: « يا أهل المدينة » أو قال: « يا أهل المسجد، هذا وصيي من بعدي »(١) .

ثالثاً: أسلوب الكتابة

حشد الإمام موسى الكاظمعليه‌السلام كل الحجج والادلة على إمامة ولده الرضاعليه‌السلام من بعده، ولم يقتصر على عرضها في اللقاءات الفردية والجماعية التي تكون عادة بصورة شفوية، من خلال كلامه المباشر مع الناس أفرادا أو جماعات، حيث يختار عبارات منتقاة بعناية حسب مايسمح به الظرف السياسي السائد، اذ يشير تلميحا أو تصريحا إلى إمامة الرضاعليه‌السلام ، ويظهر أنه لم يكتف بالأسلوب الشفوي كوسيلة اعلامية سائدة بل أردفه بأسلوب تحريري، من خلال كتابة الالواح والكتب، حتى تكون الحجة أبلغ. ولايخفى بان الكلام المكتوب يكون أكثر وقعا وتأثيرا في النفوس من الكلام الشفوي الذي يكون - احيانا - عرضة للتأويل والتزوير. يتضح لنا هذا الأسلوب من خلال الروايتين التاليتين:

الرواية الأولى : عن عبد الرحمن بن الحجاج، قال: أوصى أبو الحسن موسى بن جعفرعليهما‌السلام إلى ابنه عليعليه‌السلام ، وكتب له كتابا أشهد فيه ستين رجلاً من وجوه أهل المدينة(٢) .

الرواية الثانية : عن الحسين بن المختار، قال: لما مرّ بنا أبو الحسنعليه‌السلام بالبصرة خرجت إلينا منه «ألواح» مكتوب فيها: « عهدي إلى أكبر

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣٧، ح ١٧، باب (٤).

(٢) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣٧، ح ١٧، باب (٤).

٥٩

ولدي »(١) . ومعلوم أن الإمام الرضاعليه‌السلام أكبر ولد الإمام الكاظمعليه‌السلام .

أسلوب الوصية:

جارى الإمام الكاظمعليه‌السلام الاسلوب المتَّبَع عند الأئمةعليهم‌السلام في الوصية لأولادهم من بعدهم، ويبدو أن الإمام الكاظمعليه‌السلام في وصيته لولده الرضاعليه‌السلام كان يخشى عليه من حسد إخوته ومنافستهم إيّاه، أو كان يخشى عليه من السلطات الحاكمة التي ترصد بدقة من يخلفه في أمره، لذلك كانت وصيته له اتخذت أسلوبين:

الأسلوب العام:

عندما أوصى لولده الرضاعليه‌السلام في الظاهر، ولأجل التمويه أشرك معه بنيه، حتى لا يتحسّسوا منه، ولا تكشف السلطة من يخلفه.

الأسلوب الخاص:

فقد أوصى الإمام الكاظمعليه‌السلام للرضاعليه‌السلام خاصة، وأفرده بالوصية وحده، يظهر كل من الشكلين في الرواية التالية ذات الدلالة:

عن يزيد بن سليط قال: لقيت أبا ابراهيمعليه‌السلام ونحن نريد العمرة في بعض الطريق ...قال: « أخبرك يا أبا عمارة، اني خرجت من منزلي فأوصيت إلى ابني فلان وأشركت معه بنيّ في الظاهر، وأوصيته في الباطن، وأفردته وحده، ولو كان الأمر إليّ لجعلته في القاسم لحبّي إيّاه ورأفتي عليه، ولكن ذاك إلى اللّه يجعله حيث يشاء ».

عند التمعّن في هذه الرواية نكتشف أن السبب في انتخاب الإمام

__________________

(١) عيون أخبار الرضاعليه‌السلام ١: ٣٩، ح ٢٤، باب (٤)، وفي اعلام الورى ٢: ٤٦، الفصل الثاني: أن الالواح خرجت وهو في الحبس.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

فمع تقييد التوثيق بوجه يختص به ومع عدمه فالاطلاق يقتضي الوثوق به في كل جهة، اذا عرفت هذا نقول: قد ضعف اصحابنا بعض الرواة بالاختلال في آخر عمرهم، وبالاضطراب والفساد مذهبا، وبالغلو والتخليط. وبرواية المناكير، وبالرواية عن الضعاف، او عن المجاهيل، ومن لا يبالي بالحديث، وبالارسال كثيرا، والتساهل في الحديث، والاكتفاء بالوجادة في الكتب مع الاجازة من مؤلفيها او المشايخ، او بلا اجازة، او بتخليط الوجادات مع الروايات التي سمعها او قرأها على المشايخ وغير ذلك من وجوه الضعف في الحديث مما لا يخفى على المتأمل في الرجال.

كما ان الاصحاب لم يهملوا ضعف الرواة الثقاة ببعض الوجوه المتقدمة اذا وقفوا عليه ففي الحسين بن احمد بن المغيرة البو شنجي (رقم ١٦١) قال النجاشي: كان عراقيا مضطرب المذهب وكان ثقة فيما يرويه الخ. ونبه على إنحراف الرواة الثقاة من الفطحية والزيدية وغيرهم من اصحاب المذاهب الباطلة بل قال في محمد بن عبدالله بن غالب الانصاري (رقم ٩٢٥): ثقة في الرواية على مذهب الواقفة الخ.

وقد كثر تضعيفهم للرواة الثقات لاجل التساهل في الحديث والرواية عن الضعاف والمجاهيل وغير ذلك من وجوه الضعف في الحديث والرواية بل صرحوا بكونهم ثقات في أنفسهم. وقد أخرج رئيس العلماء والمحدثين في عصره الذي يلقاء السلطان احمد بن محمد ابن عيسى الاشعري غير واحد من المحدثين ومشايخهم من بلدة (رقم) المشرفة بتساهلهم في الحديث. وقد أنكر النجاشي على ابي غالب الزراري وابي علي بن همام

١٢١

في روايتهما عن جعفر بن مالك كما ذكره في ترجمته (رقم ٣١٠).

ومنع مشايخ الحديث في بغداد الحسين بن عبيدالله الغضائري عن لقاء عبيدالله بن أبي زيد أبي طالب الانباري، وعن السماع عنه مع كونه حسن العبادة والخشوع وذلك لما كان اكثره عمره واقفا مختلطا بالوافقة كما ذكره النجاشي في ترجمته (رقم ٦٢٢).

وقد اعتذر محمد بن الحسن الصفار عند ما إعترض عليه الشيخ الجليل محمد بن يحيى العطار بالرواية عن طريق البرقي بما حاصله: انه سمعت ذلك منه قبل الحيرة بعشر سنين رواه في الكافى باب ما جاء في الائمة الاثني عشر ص ٥٢٥ ج ١.

وضعف النجاشي في رجاله جماعة من الثقاة بالتساهل في الحديث والرواية عن الضعاف او المجاهيل وكذلك الشيخ رحمه الله قال في احمد بن محمد البرقي (رقم ١٧٨): وكان ثقة في نفسه يروى عن الضعفاء وإعتمد المراسيل الخ، ونحوه في الفهرست ص ٢٠.

وضعف ايضا الحسن بن جمهور بقوله: ثقة في نفسه (إلى ان قال) روى عن الضعفاء ويعتمد المراسيل كما في (ترجمته رقم ١٤٠)، وايضا علي بن ابي سهيل القزويني (رقم ٦٩٤) ومحمد بن احمد بن يحيى (رقم ٩٥١) وايضا في الفهرست ص ١٤٥ ومحمد بن جعفر بن عون الاسدي (رقم ١٠٣٢) وغيرهم ممن يطول بذكرهم وقد احصيناهم في فوائدنا.

بل نبه النجاشي على من روى قليلا عن الضعاف ففي ترجمة علي بن الحسن بن فضال (رقم ٦١٣) قال: كان فقيه اصحابنا بالكوفة ووجهم وثقتهم وعارفهم بالحديث والمسموع قوله فيه سمع منه شيئا كثيرا ولم يعثر له على زلة فيه ولا شينة وقل ما روى عن ضعيف وكان فطحيا الخ.

فنبه على ما وقف عليه من الطعن مذهبا ورواية عن

١٢٢

الضعيف نادرا.

وبالجملة فمن تأمل في كلام الاصحاب في المقام، وجد في نفسه ان مدعي ظهور إطلاق قولهم ثقة في الخلو عن الطعن الظاهر باحد الوجوه المتقدمة غير مجازف فيؤخذ بالظهور فيما لم ينبه على خلافه او على عدم تسالم الاصحاب عليه وان أبيت عن ذلك لبعض ما يرد عليه مما فصلناه في فوائدنا، فلا اشكال في ظهور قولهم: ثقة في الحديث فيما ذكرنا اذ بعد التقييد المذكور إشعارا بعدم الوثاقة اما من جهة المذهب او غير ذلك يكون المدح به إشارة إلى خلو رواياته عما يوجب الطعن فيها وهذا بعد التصريح كثيرا في كلامهم عند المدح بذلك بالاستقامة في الدين او صحة المذهب او صحة الاعتقاد او وضوح الطريقة وغيرها مما يؤكد ذلك وتمام الكلام في ذلك وفيما يرد عليه وفيمن ورد المدح فيه بذلك في فوائدنا.

أصحاب الاجماع

ومما قيل أنه من امارات الوثاقة والرواية عن الثقات الدخول في أصحاب الاجماع وان رواية أصحاب الاجماع عن رجل لا يعرف له قدح أو ذم إمارة على وثاقته حيث إدعى اجماع العصابة على تصحيح مايصح عن جماعة من أجلاء الرواة وتصديقهم لما يقولون، وإنقادوا وأقروا لهم بالفقه والعلم.

وهم من اصحاب ابي جعفر الباقر وابي عبدالله الصادق عليهما السلام زرارة بن اعين، ومعروف بن خربوذ، وبريد بن معاوية وابوبصير الاسدي، او البختري كما عن بعضهم، ومحمد بن مسلم،

١٢٣

والفضيل بن يسار. ومن اصحاب الصادق عليه السلام خاصة جميل بن دراج، وعبدالله بن مسكان، وعبدالله بن بكير، وحماد بن عثمان، وحماد ابن عيسى، وأبان بن عثمان.

ومن اصحاب أبي ابراهيم الكاظم وابي الحسن الرضا عليهما السلام يونس بن عبدالرحمن، وصفوان بن يحيى، ومحمد بن ابي عمير، وعبدالله بن المغيرة، والحسن بن محبوب، واحمد بن محمد بن ابي نصر البزنطي، وقال بعضهم مكان الحسن بن محبوب الحسن بن علي بن فضال، وفضالة بن ايوب، وقال بعضهم مكان فضالة عثمان بن عيسى. وهذا الاجماع ادعاه ابوعمرو الكشي (ره) في رجاله في تسمية الفقهاء من أصحابهم ص ١٥٥ وص ٢٣٩ وص ٣٤٤.

قلت وفي ذلك تأمل ظاهر اولا فلم نجد فيمن سبق على الكشي ولا من تأخر عنه دعوى الاجماع.

وحكاية المتأخرين ذلك عنه لا يخرجه عن التوحد في دعواه واستظهاره من إختيار الشيخ (ره) لرجال الكشي مؤيدا بما تقدم عنه في العدة في ابن ابي عمير واضرابه بلا وجه.

هذا وكيف يكون اجماع وقد طعن القميون في يونس بن عبدالرحمن كما ذكره الكشي في روايات عديدة. واتهم جماعة الحسن بن محبوب في روايته عن ابي حمزة الثمالي كما أشار النجاشي اليه في ترجمة احمد بن محمد بن عيسى وكان عثمان ابن عيسى وزملائه قد أسسوا مذهب الوقف.وذكر اصحابنا ان ابان بن عثمان كان ناووسيا.وثانيا ان اتفاق الكل او الجل، والكثير الموجب للعلم أو الاطمئنان

١٢٤

غير حاصل. وكشف رأي المعصوم من ذلك كما هو احد وجوه حجيته لا سبيل اليه، لما حققنا في محله وفي فوائدنا من عدم تمامية شئ من طرقه. على ان كشفه من اتفاقهم على أمر فرع عدم دليل عقلي، أو شرعي من كتاب، او سنة، او حجة شرعية عليه.

وهذا مما يختص بالاحكام الكلية التي لا يستفاد من شئ من ذلك. ولا مجال للتمسك به في الموضوعات الخارجية أيضا اذ ليس على الشرع بيانها مثل الاتفاق على العلم والوثاقة ونحوهما: والردع عن خطأ المجمعين إنما يجب فيما على الشرع بيانه لا في امثال المقام.

وثالثا ان ذلك انما يفيد لو كان المراد من تصحيح ما صح عن هؤلاء تصحيح رواياتهم. وانهم رووها عن الثقات لا تصحيح أقوالهم من باب الاخذ بقول الفقيه. وهذا محل نظر، فان قوله: وإنقادوا لهم بالفقه ونحوه، وقوله: وأفقه الاولين وهكذا. قوله: تصديقهم لما يقولون بدل لما يروون يشهد للثاني.

ودعوى ان المتعارف في المصدر الاول وفي عصر هؤلاء رواية الحديث، وسماعه دون الاستنباط والافتاء. مدفوع بان الافتاء بنص الحديث او إختيار المقيد، او الخاص، او حمل المعارض على التقية أمر معارف في ذلك العصر وخاصة بالنسبة إلى هؤلاء كما يظهر للمتأمل في رواياتهم وأقوالهم وبساطة الاستنباط في العصر الاول لا تنكشف عن إنسداد بابه.

ورابعا ان اطلاق الصحيح على خبر غير معهود من أحد من أصحاب الاجماع. وترتيب آثاره وإن شئت قلت: التصحيح بالحمل

١٢٥

الشايع، فلا يدل على وثاقة من روى عنه. فان صحة المدلول وثبوته لا تنحصر احرازها بوثاقة المخبر. ولذلك لا ترى في كلام القائلين باعتبار روايات أصحاب الاجماع عن المجاهيل إطلاق الصحيح عليها. واطلاقه على مراسيل ابن ابي عمير في كلام بعضهم، لعله من جهة ما ذكره الشيخ (ره) كما تقدم من انه، وصفوان، والبزنطي لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة.وبالجملة التصحيح ولو عملا انما يكشف عن وثاقة الراوي بقرينة خارجية من إستقرار طريقة المجمعين، او غيرهم على التصحيح والاخذ بما رواه الثقات. وكذلك ساير شروط الاخذ بالخبر.ولا سبيل لاحراز بناء الاصحاب ممن تقدم على الكشي (ره) أو من قارب عصره او عاصره على ذلك. هذا بعض ما يتعلق بالمقام من البحث في أصحاب الاجماع وفى ذلك وجوه من الكلام قد استنبعناه في فوائدنا. تصحيح الطرق يظهر من كلام كثير من أصحابنا ان تصحيح الطريق والاسناد امارة على وثاقة جميع رجاله. ولذلك عد في تراجم جماعة من الرواة تصحيح العلامة الحلي رحمه الله لطرق الشيخ الصدوق رحمه الله في مشيخته إلى كتاب من لا يحضره الفقيه وطرق الشيخ الكليني أو الشيخ الطوسي إمارة على وثاقة رجال اسانيدها وفيهم من توقف في جعله إمارة على الوثاقة ولكن جعله مدحا لهم.

١٢٦

قلت: ان تصحيح الطريق انما يكشف عن وثاقة رجاله إذا عرف مذهب المصحح وطريقته في ذلك وان الصحيح عنده ما كان جميع رجاله ثقات في النقل. لا كل خبر يوثق بصدوره لعمل الطائفة بهذا الخبر خصوصا، او بكل ما رواه من في طريقه، او المطابقة للقواعد، والادلة، او للاصول المشهورة المدونة في عصر الصادقين عليهما السلام أو بعدهما او لغير ذلك من شواهد الصحة عندهم.

وقد قيل: ان الصحيح عند القدماء ما كان موثوقا بصحته وان كان لمطابقته للاصول.

قلت: من تأمل في كلام شيخ الطائفة في كتاب العدة باب القرائن الدالة على صحة الاخبار وما ذكره في هذا الباب من القرائن وكذا في كلام جماعة من القائلين بعدم جواز العمل باخبار الآحاد الا اذا كانت محفوفة بقرائن الصحة، وما ذكروه من القرائن كما أشرنا اليها في محله.ظهر له ان تصحيح الطريق باطلاقه لا يدل على وثاقة رجاله. هذا مع إختلاف أصحاب الحديث الكوفيين والقميين في الجرح والتعديل والتضعيف والتصيح بما لا يخفى على المتأمل. وإعمال الرأي مع اختلافهم في ذلك يمنع عن الاخذ بتصحيحهم او تضعيفهم. وقد مر سابقا ان الرجوع إلى اصحاب الرجال انما هو من باب الرواية لا الرجوع إلى اهل الخبرة. ولذلك يمكن الفرق بين توثيق الراوي وبين تضعيفه، بدعوى ان التوثيق في كلام الاصحاب ولا سيما الاقدمين ظاهر في الشهادة على الوثاقة للعتلم الوجداني او سماع او رواية. فاذا علم من طريقتهم أنهم لا يعتمدون على رواية ضعيفة صح الاعتماد على توثيقهم. واما

١٢٧

التضعيف فلا يكون إمارة على عدم الوثاقة في النقل لا ختلاف اسبابه من عدم الوثوق به في إخباره ونقله او في مذهبه او طريقته في الحديث بما اشرنا اليه سابقا من وجوه الضعف في رواياته مما يختلف فيه الانظار وكلمات الاصحاب.

قلت: التحقيق مع ذلك كله ان الامر يدور مدار مذهب من وثق الراوي او ضعفه او صحح الطريق او ضعفه كما اشرنا اليه فاذا عرف من مذهبه ان العبرة بوثاقة الراوي وعدمها بلا لحاظ مذهبه وغير ذلك مما تقدم صح الاعتماد على توثيقه وتضعيفه للراوى وتصحيحه وتضعيفه للطريق.

الوكالة للائمة عليهم السلام

ومما عد من إمارات الوثاقه الوكالة لاحد الائمة الطاهرين (ع). بل صرح بذلك جماعة بل عن الوحيد البهبهاني رحمه الله أنها من أقوى إمارات المدح، بل الوثاقة، والعدالة لان من الممتنع عادة جعلهم عليهم السلام غير العدول وكيلا، سيما اذا كان وكيلا على الزكاة ونحوها من حقوق الله تعالى.

قلت: الامر كما افيد فانه لا يكل عاقل امرا من اموره إلى غيره الا اذا وثق به فيما اوكل اليه، وهذا ظاهر لمن راجع الوجدان، بلا اختصاص بالوكالة لهم عليهم السلام وان كانت الملازمة في وكالتهم ظاهرة بلا كلام بل يجعل وكلاء اصحابهم الثقات من الممدوحين بل ومن الثقات، فان التوكيل وان لم يدل على التوثيق مطابقه أو تضمنا لكن يدل عليه إلتزاما ولا فرق في ذلك.

١٢٨

فكما يؤخذ بتوثيق الثقات لفظا يؤخذ بتوثيقهم عملافكلما كان الموكل ظاهر العدالة والوثاقة كانت الوكالة له واضحة الدلالة على الثقة بالوكيل. وعلى هذا فالوكيل للائمة المعصومين عليهم السلام يكون ثقة عندهم فيما أوكل اليهم والوكيل لغير الثقة وان كانت ثقة عند موكله. الا انه كما لا يؤخذ بتوثيق غير الثقة لفظا لا يوخذ بتوثيقه عملا بالتوكيل وغيره. ثم ان الوكالة إن كانت عامة فيي الامور أو خاصة في امور الدين واخذ المسائل وارسال الكتب وجوابات المسائل وتعليم معالم الدين وأخذ الحقوق وارسالها اليهم عليهم السلام ونحو ذلك فهي تلازم الوثاقة لا محالة والموثوق به في هذا الامور يوثق به في الامور الدينوية الجزئية بنحو أولى.

واما ان كانت في الامور الجزئية والشخصية من شراء ونحوه فلا تلازم الوثوق به فيها الوثوق في الامور المهمة. والظاهر عدم ثبوت الوكالة العامة لاحد غير النواب الاربعة والابواب عن قبل مولانا الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف كما ثبتت الوكالة في امور الدين وأخذ الحقوق ونحوها لجماعة عن قبله (ع) كما ذكرناهم في طبقات أصحابه وكان لكل واحد من الائمة الطاهرين عليهم السلام وكلاء في ذلك كما ان لهم قواما في امورهم الشخصية على ما اشار اليهم اصحابنا في كتبهم. وهل المذكور في كتب أصحابنا بقولهم: وكيل. ظاهر في الاول أو يعم القيم بامورهم الجزئية الشخصية كما قيل ولذك نوقش في الدلالة على الوثاقة، وجهان. والاظهر هو الاول. ويؤيد ذلك أنهم ذكروا جماعة بعنوان الخادم مثل مسافر خادم

١٢٩

الرضا عليه السلام. وجماعة بعنوان القيم. مثل أسامة بن حفص فقد ذكره الشيخ في اصحاب الكاظم (ع) ص ٣٤٤ وقال: كان قيما له (ع).

وثالثا بعنوان الوكيل كما في جماعة كثيرة نشير إلى بعضهم. والتنويع إمارة التعدد فينصرف إطلاق الوكيل إلى ما ذكرناه. ويؤيد ذلك ايضا وجود الخدام، والقوام بالامور الشخصية وما يتعلق باموالهم لكل واحد من الائمة الطاهرين عليهم السلام وقد أشير اليهم في كتب الحديث وغيرها.

واما الوكيل فيما يتعلق بمصالح الاسلام والمسلمين والوالي الذي يتولى الامور من قبلهم فانما كان لامير المؤمنين عليه السلام الذي استولى على الامور كلها. ثم من بعده لابي محمد الحسن عليه السلام في أيام خلافته (ع). ثم لمن كانت الامور الشرعية ترجع اليه من قبل الشيعة والحقوق تدفع اليه، وكان ذلك في زمن أبي عبدالله الصادق (ع) ومن بعده ولا أذكر في كلام الاصحاب ذكر الوكيل لغير هؤلاء. وقد أشار الشيخ (ره) في كتاب الغيبة ص ٢٠٩ إلى بعض وكلائهم المحمودين ثم إلى بعض المذمومين منهم. ونحن ايضا نتبعه رحمه الله - في الاشارة إلى بعضهم وإيكال تفصيله إلى فوائدنا، وما ذكرناه في طبقات أصحابهم عليه السلام. فمن وكلاء أبي عبدالله الصادق المحمودين (١) حمران بن أعين الشيباني اخو زرارة (٢) المفضل بن عمر (٣) المعلى بن خنيس

قلت: هكذا ذكره الشيخ في عداد الوكلاء المحمودين، ولكن ظاهر بعض ما ورد في ذلك واشار الشيخ اليها هناك انه كان من قوامه على امواله وأهله. (٤) نصر بن قابوس اللخمي قال الشيخ (ره): فروى

١٣٠

انه كان وكيلا لابي عبدالله (ع) عشرين سنة، ولم يعلم انه وكيل وكان خيرا فاضلا.

(٥) عبدالرحمن بن الحجاج قال الشيخ (ره): كان عبدالرحمن بن الحجاج وكيلا لابي عبدالله (ع) ومات في عصر الرضا عليه السلام على ولايته.

ومن وكلاء أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام المحمودين (١) عبدالله بن جندب البجلي (٢) المفضل بن عمر قلت وفي الروايات عديدة ما يدل على وكالته وقد ذكر الشيخ بعض ما ورد في إرجاع الامور والاموال إلى مفضل هناك. (٣) عبدالرحمن بن الحجاج كما يظهر من عبارة الشيخ المتقدمة، وتدل عليها روايات منها ما رواه الحميري في قرب الاسناد ص ١٤٢ فلاحظ، وغير هؤلاء ممن يطول بذكرهم.

ومن وكلاء ابي الحسن الرضا (ع) المحمودين (١) عبدالرحمن ابن الحجاج (٢) عبدالله بن جندب البجلي (٣) محمد بن سنان (٤) صفوان بن يحيى ذكر ذلك الشيخ (ره) في رجاله ص ٣٥٢.

ومن وكلاء أبي جعفر الجواد عليه السلام المحمودين (١) صفوان ابن يحيى (٢) محمد بن سنان (٣) زكريا بن آدم (٤) سعد بن سعد (٥) عبدالعزيز بن المهتدي القمي الاشعري (٦) علي بن مهزيار.

ومن وكلاء ابي الحسن الهادي عليه السلام المحمودين (١) ايوب ابن نوح بن دراج (٢) علي بن جعفر الهماني قلت: وذكره الشيخ (ره) بوكالته في رجاله أيضا ص ٤١٨ (٣) علي بن الحسين بن عبد ربه قلت: ويظهر ذلك من الكشي ايضا (٤) ابوعلي بن راشد (٥) عيسى ابن جعفر العاصمي (٦) إبن بند رحمه الله (٧) عثمان بن سعيد العمري السفير الاول ايضا (٨) محمد بن عثمان بن سعيد السفير ايضا (٩) الحسين بن روح السفير (١٠) علي بن السمري السفير ايضا (١١) جعفر

١٣١

ابن سهيل الصيقل قلت: ذكر وكالته الشيخ (ره) في رجاله ص ٤٢٩.

ومن وكلاء أبي محمد العسكري عليه السلام المحمودين (١) أيوب ابن نوح كما ذكر ذلك النجاشي في ترجمته ص ٨٠ (٢) جعفر بن سهيل الصيقل (٣) عروة القمي كما ذكره الشيخ (ره) في رجاله ص ٤٣٣ قلت: السفراء الاربعة كلهم وكلاء أبي الحسن وأبي محمد عليهما السلام والامام الحجة عجل الله فرجه الشريف كما ذكر ذلك الشيخ وغيره.

ومن وكلاء إمامنا الحجة المنتظر عجل الله فرجه الشريف غير السفراء الاربعة جماعة يطول بذكرهم منهم جعفر بن سهيل الصيقل وتفصيل ذلك في فوائدنا وما ذكرناه في طبقات اصحابهم عليهم السلام فقد كثر وكلاء هؤلاء بكثرة الحاجة وعدم تمكن شيعتهم من الوصول اليهم مباشرة. ثم ان في المقام أمورا أخر مما قيل أو يمكن القول: بكونه إمارة على الوثاقة، مثل كون الراوي من مشايخ الاجازة، أو من مشايخ بني فضال ومن روى هؤلاء عنه في كتبهم، أو كونه ممن صرح الاصحاب باعتبار أصله أو كتابه، أو كونه صاحب أصل أو كتاب رواه جماعة أو جماعات كثيرة، وغير ذلك فقد أعرضنا عن ذكرها اجمالا أيضا لضعفها وايكالا على ما فصلناه في فوائدنا. فلا نطيل.

اشكال في الامارات العامة على الوثاقة قد وقفنا بالنظر إلى الطرق والاسانيد على ان من عرف بأنه لا يروى إلا عن الثقة قد روى عن بعض الضعاف. وقد أشرنا إلى رواية ابن أبي عمير والبزنطي وصفوان وجعفر بن بشير غير واحد من المطعونين

١٣٢

مع أن هؤلاء معروفون بالرواية عن الثقات، وكذا بالنسبة إلى جماعة قد عرفوا بذلك بالامارات العامة، ولذا يشكل الاكتفاء بهذه الامارات العامة في توثيق الرواة. وفي سقوط الامارة العامة عن الحجية بالوقوف على الرواية عن الضعيف وعدمه أو التفصيل وجوه ولم أجد ذلك محررا في كلام الاصحاب. الاوصل سقوط الامارة العامة عن الحجية بالكلية، بدعوى ان الوقوف على رواية الثقة عن الضعيف يكشف عن عدم صحة كونه ممن لا يروي إلا عن الثقة، فرواية ابن أبي عمر عن البطائني الضعيف تكشف عن عدم كونه ممن لا يروي إلا عن الثقة كما ادعاه الشيخ وقد تقدم. ولعله لذلك مع المحقق (ره) في مواضع من المعتبر العمل بمراسيل ابن أبي عمير مع انه (ره) عمل بها في مواضع كثيرة منه مدعيا عمل الاصحاب بمراسيله.

ففي مسألة إستحباب التسمية أمام الوضوء ص ٤٣ قال: " ولو قال مراسيل ابن أبي عمير يعمل بها الاصحاب منعنا ذلك لان في رجاله من طعن الاصحاب فيه واذا ارسل احتمل ان يكون الراوي أحدهم.

وفي مسألة العجين بماء النجس إذا طبخ ص ١٢٦ بعد ذكر مرسلته قال: قال ابن أبي عمير: ما أحسبه إلا حفص بن غياث وهي ضعيفة لان ابن أبي عمير قال: في هذه الرواية وما أحسبه إلا حفص بن غياث وحفص هذا ضعيف " وقال (ره) أيضا في مسألة أخرى هناك: ان اسناد ابن أبي عمر إلى الضعيف لا يوجب الوثاقة.

قلت وتبعه بعض من تأخر في عدم جواز العمل بمراسيله معللا بالوقوف على روايته عن الضعيف ونحن قد أشرنا سابقا إلى ان ابن أبي عمير وأضرابه ممن عرف بأنه لا يروى إلا عن الثقة قد رووا عن جماعة ممن ضعف

١٣٣

في كلام الاصحاب إلا ان ما ذكره المحقق (ره) مثالا لذلك بروايته عن حفص فغير ظاهر فان ضعفه مذهبا لا ينافي الوثاقة في النقل فلا ينافي الامارة العامة وقد حققنا ذلك في كتابنا في رجال المعتبر، ثم ان هذا الوجه وهو سقوط الامارة بالكلية ضعيف في نفسه، لان الوقوف على رواية هؤلاء عن الضعاف لا تنافى الامارة العامة على الوثاقة وليست مقيدة بما إذا لم يقف على الرواية عن الضعيف حتى تسقط بمجرد الوقوف عليها كما هو ظاهر.

والتنافي يتوقف على أمرين أحدهما كون الضعيف الذي روى هؤلاء عنه ضعيفا في النقل والرواية، وإلا فالضعف بالمذهب أو غيره لا ينافى الوثاقة في النقل بل الجمع العرفي بين تضعيفه وبين رواية هؤلاء عنه يقتضي القول بالوثاقة في النقل والضعف في المذهب أو غيره تمسكا بالنص من كل الامارتين والتصرف في الظاهر من كل منهما على ماهو الجمع العرفى في أمثال المقام.

ثانيها صدور التوثيق العام والتضعيف من واحد والا فلا تنافي إذ التوثيق العام يقتضي كون مشايخ من عرف بانه لا يروى الا عن ثقة، ثقة عنده لا عند الجميع وحينئذ فالثقة الذي روى عنه أحد هؤلاء قد يكون ضعيفا عند غيره، فلا تناقض الرواية عن مثله مع الشهادة بانه لا يروى إلا عن ثقة.

بل ربما يتبدل رأيه فيعتقد بوثاقة من ضعفه سابقا ثم يروى عنه فلا تكون الرواية عنه حينئذ منافية للشهادة بانه لا يروى الا عن ثقة. وربما يكون التضعيف عولا على غيره ويعتقد الوثاقةومقام الاستدلال ربما يقتضى الاكتفاء به كما وقفنا على مثله في كلام المحقق في المعتبر بل وغيره ايضا.وعلى هذا فشهادة النجاشي بان جعفر بن بشير البجلي روى عن

١٣٤

الثقات ورووا عنه، انماتنا فيها الوقوف على روايته عن رجل ضعفه النجاشي لا من ضعفه غيره، وقد استنبعنا القول في رواية من عرف بانه لا يروى إلا عن الثقات عن الضعاف باستقصائها، وبالنظر في ضعف هؤلاء، وفى ثبوت الرواية عنهم في فوائدنا وقد ظهر من ذلك ان القول بسقطو الامارة عن الحجية بالكلية محل نظر ومنع.

الوجه الثاني سقوط الامارة العامة عن الحجية في خصوص المورد الذي وقفنا على الرواية عن الضعيف والاخذ بها في غيره حتى فيمن لم يصرح بمدح أو ذم. وهذا كما هو مختار بعضهم على ما يظهر منه في رجال أسانيد كامل الزيارات بناء‌ا على ما اختاره من أن ظاهر كلام ابن قولويه في الديباجة وثاقة عامة رجالها كما تقدم.

وقال: ان وجود الضعاف في أسانيده لا يوجب سقوط الامارة العامة عن الحجية بل حكمه حكم الوقوف على المخصص الذي يؤخذ به في مورده وبالعام في الباقي.

قلت: وفي ذلك نظر اما أولا فان مستند القول بالرواية عن الثقات ان كان هو الاستقراء من تأمل كامل في الاسانيد والروايات فبالوقوف على الرواية عن الضعيف يسقط الامارة بالكلية وينكشف عدم تمامية الاستقراء كما في نظائره من موارد الاحصاء وتبين الخلاف فلو كان مستند النجاشي في الشهادة المتقدمة في جعفر بن بشير او شهادة الشيخ في ابن ابي عمير وصفوان والبزنطي واضرابهم بعدم الرواية الا عن الثقة النظر في الآسانيد وان مشايخ هؤلاء في الرواية ثقات فبالوقوف على روايتهم عن الضعيف يتبين عدم تمامية الاستقراء فتسقط الشهادة عن الحجية.

١٣٥

واما لو كان المستند رواية عن هؤلاء او شهادة من معاصريهم بالتزامهم بالرواية عن الثقات فلا تسقط بمجرد الوقوف على الرواية عن الضعيف.

وثانيا ان تضعيف غير ابن قولويه لبعض رجال أسانيد كامل الزيارة او غير النجاشي لمشايخ جعفر بن بشير وهكذا لا ينافي الامارة العامة بل لابد من ملاحظة المرجحات في مورد التعارض.

وثالثا ان المقام لا يقاس بموارد العام والخاص او المطلق والمقيد من موارد الانشأ فان الخاص والمقيد داخلان في العام والمطلق لفظا وملاكا وبالاطلاق وعدم البيان يحكم بتطابق اللفظ مع المراد الجدي فالوقوف على المخصص والمقيد لا يوجب سقوط العام او المطلق الا في موردهما وهذا بخلاف موارد الاخبار بصورة العموم فان التخلف في مورد يمنع عن الاخذ بالاخبار في غير مورد التخلف فمن قال كان ما عندي من الكتب كاملة ثم بعد الفحص عن بعضها وقفنا على نقص فيه لا يكون العموم المذكور حجة في الباقي ويكون التعميم في ذلك مبنيا على الاستقراء وبيان الفرق في فوائدنا. والذي يسهل الخطب ان تضعيف اكثر هؤلاء قد وقع في كلام غير من ذكر التوثيق العام وفيما اتحد محمول على الضعف بالمذهب وغيره كما فصلناه في فوائدنا.

الوجه الثالث إعمال قواعد تعارض الخبرين من الترجيح او التساقط قلت: وهذا الوجه باطلاقه محل نظر يظهر بالتأمل فيما ذكرنا.

الرابع التفصيل بين كون التضعيف ممن شهد بعدم الرواية إلا من الثقة وبين تضعيف غيره وبين كون التضعيف نصا في الضعف في الحديث وبين غيره وبين كون مستند توثيق من روى عنه الاستقراء او غيره على ما تقدم وظهر وجهه مما ذكرنا هذا ما اردنا تمهيده والحمدلله رب العالمين.

١٣٦

تعريف بنسخة الاصل

قد بذلنا الجهد في تحقيق النص على عدة نسخ مخطوطة وراجعنا في كل ترجمة إلى المصادر المطبوعة أهمها مجمع الرجال. وأهم تلك النسخ المخطوطة نسختان:

(١) نسخة مكتبة الامام أمير المؤمنين عليه السلام العامة في النجف الاشرف وهي مصورة عن نسخة مخطوطة في المكتبة الاهلية في تبريز (برقم ٣١٣٢) ونزمز اليها بحرف (م).

(٢) نسخة مصورة ايضا عن نسخة قيمة صحيحة مصححة هي اصح تلك النسخ في مكتبة فخرالدين النصيري في طهران برقم (١٢١) (وهي مكتبة شخصية تحتوى على مخطوطات نفيسة) ونزمز إليها بحرف (ن) راجع الكليشة رقم (٤ و ٥). وإليك بتفصيل النسختين.

نسخة مكتبة الامام اميرالمؤمنين عليه السلام العامة في النجف الاشرف نفيسة، ومصححة تقع في ٢٦٤ ورقة كتبها السيد نعمة الله بن حمزة العميدي الحسيني الخطي في شهر محرم الحرام سنة الحدى وثمانين وتسعمائة وجاء على الورقة الاولى منها ما نصه: " هكذا وجد على الاصل المنقول منه هذا الفرع: الجزء الاول من كتاب فهرست اسماء مصنفي الشيعة وما ادركنا من مصنفاتهم وذكر طرف من كناهم والقابهم ومنازلهم وانسابهم وما قيل

١٣٧

في كل رجل منهم من مدح او ذم مما جمعه الشيخ الجليل أبوالحسين احمد ابن علي بن احمد بن العباس النجاشي الاسدي اطال الله بقاه وادام نعماه ". ومكتوب ايضا على الورقة المذكورة ما لفظه: " ووجدت على النسخة المذكورة ما صورته: حكاية ما وجد على الاصل المنقول منه هذا الفرع ما هذا صورته: سمع هذا الكتاب مني بقراء‌ة من قرء الولد النجيب تاج الدين أبوجعفر محمد بن الحسين بن علي ادام الله توفيقه، وقد أجزت له روايته عني، ورواية ما يصح من مجموعاتي على الشرط المعلوم لي ذلك من اجتناب الغلط والتصحيف، كتبه الحسين بن علي بن محمد الخزاعي بخطه في شهر ربيع الاول سنة احدى وخمسين وخمسمائة حامدا لله تعالى ومصليا على النبي وآله ومسلما ".

وورد بذيل ما اسلفنا ما هذا نصه: " سمع هذا الكتاب من اوله إلى آخره الشيخ الامام الرئيس العالم تاج الدين محيي الامة ابوجعفر محمد ابن سيدنا الشيخ الرئيس الامام الاجل جمال الدين قطب الاسلام تاج الائمة أبي الفتوح الحسين بن علي بن محمد الخزاعي أدام الله علوهما وكبت حسدهما

١٣٨

وعدوهما(١) عن أبيه حدس الله فضله(٢) عن الشيخ المفيد عبدالجبار

____________________

(١) هو الشيخ الامام السعيد ترجمان كلام الله المفسر الشهير جمال الدين ابوالفتوح الرازي الحسين بن علي بن محمد بن أحمد بن السحين بن احمد الخزاعي النيشابوري نزيل الري كان من أعلام علماء التفسير والكلام وأعاظم الادباء المهرة الاعلام وأفاخم الناقلين لاحاديث أهل الاسلام ومن بيت جليل فيهم أجلاء العلماء والرواة. روى عن أعلام الطائفة فقد روى عن ابيه وعمه وعن الشيخ ابن شيخنا ابي جعفر الطوسي صاحب الامالي وعن الشيخ المفيد عبدالجبار المقري. روى عنه جماعة منهم الشيخ الفقيه عماد الدين عبدالله بن حمزة الطوسي، والشيخ رشيد الدين ابن شهر اشوب والشيخ منتجب الدين ابن بابويه القمي صاحب الفهرست وذكر ترجمته في فهرسته قائلا: الشيخ الامام جمال الدين ابوالفتوح عالم، واعظ مفسر، دين له تصانيف منها تفسيره المسمى روض الجنان وروح الجنان في تفسير القرآن عشرون مجلدا وروح الاحباب وروح الالباب في شرح الشهاب قرأتهما عليه انتهى وذكر ترجمته ايضا ابن شهر اشوب في معالمه ومن تأخر.

(٢) هو الشيخ زين الدين ابوالحسن علي بن محمد الرازي المتكلم أستاد علماء الطائفة في زمانه الذي له نظم رائق في مدائح آل الرسول صلى الله عليه وآله ومناظرات مشهورة مع المخالفين، وله مسائل في المعدوم والاحوال وكتاب الواضح ودقائق الحقايق ذكر ذلك الشيخ منتجب الدين في فهرسته وقال: شاهدته وقرأت عليه وترجمه المتأخرون وحكوا ذلك عنه.

١٣٩

بن عبدالله المقري(١) إجازة عن المصنف رحمه الله بقرائة علي بن

____________________

(١) هو الشيخ الجليل القاضي شيخ الاسلام، عز العلماء فقيه الاصحاب بالري ابوالوفا عبدالجبار بن عبدالله بن علي المقري الرازي الملقب بالمفيد رحمه الله. كان ممن قرأ على أعلام الطائفة وسمع منهم وله منهم إجازة منهم المصنف النجاشي رحمه الله كما ذكرها في ظهر النسخة. ومنهم شيخ الطائفة أبوجعفر الطوسي فقد قرأ عليه جميع تصانيفه ومنها تفسير التبيان وله منه إجازة بخطه الشريف على نسخة مقرؤة على الشيخ الطوسي لمن قرأه عليه. والنسخة مصورة موجودة في مكتبة الامام أمير المؤمنين العامة. وصورة الاجازة هكذا: قرأ على الشيخ ابوالوفاء عبدالجبار بن عبدالله المقرى الرازي أدام الله عزه هذا الجزء من اوله إلى آخره وسمع جميعه الشيخ ابومحمد الحسن بن الحسين بن بابويه القمى وولدي أبوعلى الحسن بن محمد وكتب: محمد بن الحسن بن علي الطوسي في شهر ربيع الاول من سنة خمس وخمسين وأربعمائة وسمعه ابوعبدالله الحسين بن علي المصوري المقري. ثم قرأت النسخة على الشيخ ابي الوفا عبدالجبار المقري فكتب إجازة على ظهر النسخة نفسها بخطه الشريف. وتاريخ الاجازة سلخ جمادى الاولى سنة ٤٩٤. وبآخرها ايضا خط علي بن الفتح الواعظ الجرجاني.

وله ايضا اجازة بخطه الشريف على ظهر نسخة الجزء السابع من تفسير التبيان صورتها قرأ علي هذا الجزء وهو السابع من التفسير الشيخ ابوالوفا عبدالجبار ابن عبدالله الرازي أبد الله عزه، وسمعه ابومحمد الحسن بن الحسين ابن بابويه، وابوعبدالله محمد بن هبة الله الوراق الطرابلسي، وولدي أبوعلى الحسن بن محمد وكتب: محمد بن الحسن بن علي الطوسي في ذي الحجة من سنة خمس وخمسين واربعمائة انتهى. =

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409