تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٣

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي7%

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي مؤلف:
تصنيف: علم الرجال والطبقات
الصفحات: 543

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 543 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 161853 / تحميل: 10048
الحجم الحجم الحجم
تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال النجاشي الجزء ٣

مؤلف:
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

تهذيب المقال في تنقيح كتاب الرجال

الشيخ أبي العباس احمد النجاشي

المجلد الثالث

السيد محمّد الأبطحي

١

هذا الكتاب

طبع ونشر إليكترونياً وأخرج فنِّياً برعاية وإشراف

شبكة الإمامين الحسنين (عليهما‌السلام ) للتراث والفكر الإسلامي

وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً

قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٢

تهذيب المقال بتنقيح كتاب الرجال

للشيخ الجليل ابى العباس احمد بن على بن احمد بن العباس النجاشى

المولود سنة ٣٧٢ ه‍ـ

تأليف السيد محمد على الموحد الابطحى الاصفهانى

الجزء الثالث

٣

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلوة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا انك رؤف رحيم

(٤ ومن هذا الباب: اسحاق)(١)

١٦٧ - اسحاق بن عمار بن حيان

مولى بنى تغلب ابو يعقوب الصيرفى(٢)

____________________

(١) اى: ومن باب الالف. ثم انهرحمه‌الله وان قال في ديباجة الكتاب: وقد جعلت للاسماء ابوابا على الحروف ليهون على الملتمس لاسم مخصوص.. الا انه لم يرتب الابواب على الحروف كما انه لم يرتب اسماء كل باب ايضا على الحروف جدا، بل اعتبر بتقديم الاسم شرفا او لكثرة المسمين به وغير ذلك من المرجحات للتقدم على ما هو المتعارف عند قدماء أصحاب التراجم من أصحابنا وغيرهم.ولعله لذلك قدم باب الحسن والحسين على هذا الباب وما بعده.

(٢) كان اسحاق بن عمار من مشاهير من روى الحديث، ذكره اصحاب التراجم ورجال الحديث من اصحابنا وغيرهم فقال ابن حجر في لسان الميزان ج ١ ٣٦٧: اسحاق بن عمار بن يزيد بن (حيان خ ل ص) ابويعقوب الصيرفى الكوفى.ذكره الطوسى في رجال الصادق وولده موسى بن جعفرعليهما‌السلام .وذكره ابن عقدة في رجال الشيعة، وقال: له مصنف، وكان ثقة، روى عنه غياث بن كلوب بن قيس البجلى، والحسن بن محبوب، وعبدالله بن المغيرة، وغيرهم. انتهى.نسبه: كان ابوه عمار بن حيان من اصحاب ابى عبداللهعليه‌السلام ذكرناه في طبقات اصحابهعليه‌السلام وان لم يذكره البرقى والشيخ واضرابهما. وروى الكلينى في البر بالوالدين من اصول الكافى ج ٢ ص ١٦١ ١٢٦ عن محمد بن يحيى عن احمد بن محمد بن عيسى عن على بن الحكم، وعدة من اصحابنا عن احمد بن ابى عبدالله عن اسماعيل بن مهران جميعا عن سيف بن عميرة عن عبدالله بن مسكان عن عمار بن حيان قال: خبرت ابا عبداللهعليه‌السلام ببر اسماعيل ابنى بى، فقال: لقد كنت احبه، وقد ازددت له حبا الحديث.قلت: والاسناد إلى عمار صحيح. وما في لسان الميزان: عمار بن يزيد فهو مصحف كما صحح في الطبعة الثانية: عمار بن حيان.وقال الصدوق ره في مشيخة الفقيه إلى أخيه يونس (رقم ١٨٩): ابوالحسن يونس بن عمار بن الفيض الصيرفى التغلبى الكوفى، وهو أخو اسحاق بن عمار.قلت: مع ظهور اتحاد اسحاق بن عمار فلعل نسبة عمار إلى الفيض من النسبة إلى الجد، او ان النسبة إلى حيان كما في المتن او إلى يزيد كما في الميزان من النسبة إلى الجد كما انه كذلك بنائا على اتحاده مع اسحاق بن عمار بن موسى الساباطى كما يأتى. ولم أقف على ترجمة حيان او الفيض في التراجم والرجال.ثم ان ظاهر الاخبار وصريح الماتن ان اسحاق كان من بيت كبير من الشيعة يأتى ذكر جماعة منهم وذكر الماتن: في ترجمة ابنه: محمد بن اسحاق بن عمار بن حيان التغلبى الصيرفى ثقة، عين الخ.نسبته: الظاهر انه لم يكن عربيا صميما حيث قال الماتن هنا وفى ترجمة ابنه: مولى بنى تغلب.وقال البرقى في اصحاب الصادقعليه‌السلام (٢٨): اسحاق بن عمار الصيرفى مولى بنى تغلب، كوفى. ونحوه في اصحاب الكاظمعليه‌السلام منه(٤٧). وقد وصفه الصدوق في المشيخة كما تقدم بالتغلبى.=

٤

____________________

=كما وصف الشيخ في رجاله(٣٣٧) اخاه يونس بالتغلبى. ولاينا في ذلك تصريح البرقى والصدوق وغيرهما بكونه كوفيا وكذا تصريح الشيخ بكون ابنه واخوته كوفيين. الا ان يقال ان التصريح بكونه كوفيا يقتضى كونه عربيا مسكنه الكوفة وبالولاء لبنى تغلب يقتضى عدم كونه عربيا رأسا كما حققناه في محل آخر. كنيته: كناه النجاشى وغيره بابنه يعقوب الاتى ذكره وذكر اولاده إلى سنة ٣٣٢ لكن في أحكام الجماعة من التهذيب ج ٣ ص ٣٨ ٤٥ في حديث طويل عن اسحاق بن عمار في حضوره جماعة جيرانه المخالفين في مسجدهم، قال في اخره: فاذا خسمة او ستة من جيرانى قد قاموا إلى من المخزوميين والامويين فأقعدونى ثم قالوا يا أبا هاشم جزاك الله عن نفسك خيرا الحديث. ولا بعد في تعدد الكنية كما ذكر الماتن لجماعة كنى متعددة منهم عمار بن ابى معاوية فكناه في ترجمة ابنه معاوية بأبى معاوية وابى القاسم وابى حكيم.هذا مع ان الانسب تكنيته بابنه محمد الذى قال ابوعبداللهعليه‌السلام فيه لاسحاق بن عمار لما اخبره بولادة غلام له: ألا سميته محمدا؟ قال قلت قد فعلت، قال فلا تضرب محمدا ولاتبه، جعله الله قرة عين لك في حياتك وخلف صدق من بعدك الحديث. رواه في الكافى ج ١ ص ٣٦٠ والشيخ في التهذيب ج ٦ ص ٣٦١ والاستبصار ج ٢ ص ٦٢ والصدوق في العلل ص ٥٣٠.

تجارته

اتفق النجاشى والصدوق والبرقى على انه كان تاجرا صيرفيا، بل يظهر من الاخبار ان بنى حيان كانوا صيارفة، لكن نهاه ابو عبداللهعليه‌السلام ان يجعل ابنه محمدا صيرفيا، كما في الكافى ج ١ ص ٣٦٠ ويب ج ٦ ص ٣٦١، وصا ج ٣ ص ٦٢ والعلل ص ٥٣٠.بل دلت الاخبار على ان اسحاق بن عمار كان مليا موسرا.

١ - فمنها ما في حج الكافى ج ١ ٣٣٥، والفقيه ج ٢ ١٤٠ ويأتى في مدحه.

٢ - ومنها ما رواه الكشى في ترجمته (٢٥٧) في الصحيح عن على ابن اسماعيل عن اسحاق بن عمار قال قلت لابى عبداللهعليه‌السلام : ان لنا اموالا ونحن نعامل الناس، واخاف ان حدث ان يفرق اموالنا، قال: اجمع اموالكم في كل شهر ربيع. قال على بن اسماعيل: فمات اسحاق في شهر ربيع.

٣ - ومنها ما رواه ايضا باسناده عن سليمان الديلمى قال قال اسحاق بن عمار: لما كثر ما لى أجلست على بابى بوابا يرد عنى فقراء الشيعه، قال: فخرجت إلى مكة في تلك السنة الحديث ويأتى تمامه.

٤ - ومنها ما رواه باسناده عن القندى ويأتى انشاء الله. (*)

٥

شيخ من اصحابنا(١)

____________________

مذهبه

(١) قد صرح الماتن بانه شيخ من اصحابنا فلا يكون فطحيا كما قيل، بناء‌ا على اتحاده مع اسحاق بن عمار الساباطى الذى ذكره الشيخ في الفهرست(١٥) وقال: وكان فطحيا الا انه ثقة، وأصله معتمد عليه.. (*)

٦

ثقة(١)

____________________

منزلته عند الائمة والشيعة

(١) منزلته: قد وثقه الماتن والشيخ في اصحاب الكاظم (ع) قائلا: ثقة له كتاب.

كما تقدم حكاية توثيقه ايضا عن ابن عقدة. ويدل على مدح اسحاق بن عمار روايات:

١ - منها ما في الكشى(٢٥٨): محمد بن مسعود قال حدثنى محمد بن نصير قال حدثنى محمد بن عيسى عن زياد القندى قال كان ابوعبداللهعليه‌السلام اذا رأى اسحاق بن عمار، واسماعيل بن عمار قال: وقد يجمعها عنقهما الاقوام، يعنى الدنيا والاخرة. (وفى نسخة: وقد يجمعهما الله لاقوام).قلت: في سنده اشكال بمحمد بن نصير المشترك بين الثقة وغيره، وبزياد القندى كما يأتى في ترجمته.

٢ - ومنها ما في الكافى ج ١ ٢٣٥ على عن ابيه عن حماد بن عيسى عن يحيى بن عمر بن كليع عن اسحاق بن عمار قال قلت لابى عبداللهعليه‌السلام : انى قد وطنت نفسى على لزوم الحج كل عام بنفسى أو برجل من اهل بيتى، بمالى، فقال: وقد عزمت على ذلك؟ قال قلت: نعم. قال: ان فعلت فأيقن (فأبشر خ ل) بكثرة المال.ورواه الصدوق في الفقيه ج ٢ ص ٤٠ باسناده عنه.قلت: سند المدح ينتهى اليه، على ان في طريق الكافى يحيى بن عمر فلم يذكر بشئ.نعم روى عنه حماد من اصحاب الاجماع. وسند الفقيه فيه على بن اسماعيل كما يأتى.

٣ - ومنها ما في كامل الزيارات لابن قولويه ١١٥ باب زيارة الملائكة الحسينعليه‌السلام باسناد حسن: عن القاسم بن محمد بن على بن ابراهيم عن أبيه عن جده عن عبدالله بن حماد الانصارى عن اسحاق بن عمار قال قلت لابى عبداللهعليه‌السلام : جعلت فداك يا بن رسول الله كنت في الحيرة ليلة عرفة، فرأيت نحوا من ثلاثة آلاف او اربعة آلاف رجل جميلة وجوههم، طيبة ريحهم، شديدة بياض ثيابهم يصلون الليل اجمع، فلقد كنت أريد ان آتى قبر الحسينعليه‌السلام واقبله وادعو بدعواتى فما كنت أصل اليه من كثرة الخلق، فلما طلع الفجر سجدت سجدة فرفعت رأسى فلم ار منهم أحدا. فقال لى أبوعبداللهعليه‌السلام : أتدرى من هؤلاء؟ قلت: لا جعلت فداك، فقال: اخبرنى أبى عن أبيه قال مر بالحسينعليه‌السلام اربعة آلاف ملك وهو يقتل فعرجوا إلى السماء فأوحى الله اليهم يا معشر الملائكة مررتم بابن حبيبى وصفيى محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله وهو يقتل ويضطهد مظلوما فلم تنصروه فانزلوا إلى الارض إلى قبره فابكوه شعثا غبرا إلى يوم القيامة. فهم عنده إلى ان تقوم القيامة. ثم رواه باسناد آخر عنه مع تفاوت، والسند فيها منته إلى اسحاق نفسه.

٤ - ومنها ما رواه الكشى ص ٢٥٨ عن جعفر بن معروف عن ابى الحسن الرازى عن اسماعيل بن مهران عن سليمان الديلمى قال قال اسحاق بن عمار: لما كثر مالى أجلست على بابى بوابا يرد عنى فقراء الشيعه، قال: فخرجت إلى مكة في تلك السنة، فسلمت على أبى عبداللهعليه‌السلام فرد على بوجه غير مسرور، فقلت: جعلت فداك ! وما الذى غير حالى عندك؟ قال: الذى غيرك للمؤمنين، قلت: جعلت فداك ! والله انى لاعلم أنهم على دين الله، ولكن خشيت الشهرة على نفسى، قال: يا اسحاق أما علمت ان المؤمنين اذا التقيا فتصافحا بين ابهاميهما مائة رحمة، تسعة وتسعون منها لاشدهما حبا لصاحبه، فاذا اعتنقا غمرتهما الرحمة، فاذا التئما لا يريدان بذلك الا وجه الله، قيل لهما: غفر الله لكما، فاذا جلسا يتسائلان قالت الحفظة بعضها لبعض: اعتزلوا بنا عنهما فان لهما سترا، وقد ستر الله عليهما، قلت: جعلت فداك ويسمع الحفظة قولهما ولا يكتبه، وقد قال الله عزوجل: (ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد)؟ ! قال: فنكس رأسه طويلا ثم رفعه وقد فاضت دموعه على لحيته، وهو يقول: يا اسحاق ان كانت الحفظة لا تسمعه ولا يكتبه، فقد يسمعه ويعلمه الذى يعلم السر واخفى. يا اسحاق خف الله كأنك تراه، فان شككت في انه يراك فقد كفرت، فان تيقنت انه يراك ثم برزت له بالمعصية فقد جعلته في حد أهون الناظرين اليك. (*)

٧

٨

واخوته(١) : يونس(٢) ،

____________________

(١) اى اخوته ثقات ومن شيوخ اصحابنا بناء‌ا على كون (و) للعطف.

(٢) ذكره الصدوق في المشيخة اليه(١٨٩) قائلا: وما كان فيه عن يونس بن عمار فقد رويته... عن مالك بن عطية عن ابى الحسن يونس بن عمار بن الفيض الصيرفى التغلبى الكوفى، وهو أخو اسحاق بن عمار.

وذكر الشيخ في اصحاب الصادقعليه‌السلام (٣٣٧ ٦٧): يونس بن عمار الصيرفى التغلبى كوفى.

ويشير إلى وجاهته عنده ما رواه في الكافى ج ١ ص ٩٠: محمد بن يحيى عن احمد بن محمد عن على بن الحكم عن مالك بنعطية عن يونس بن عمار قال قلت لابى عبداللهعليه‌السلام : جعلت فداك هذا الذى ظهر بوجهى يزعم الناس ان الله لم يبتل به عبدا له فيه حاجة، فقال: لا، قد كان مؤمن آل فرعون مكنع الاصابع فكان يقول هكذا ومديده ويقول: (يا قوم اتبعوا المرسلين). قال ثم قال لى اذا كان الثلث الاخر من الليل في أوله فتوضأ ثم قم إلى صلاتك التى تصليها، فاذا كنت في السجدة الاخيرة من الركعتين الاوليين فقل وأنت ساجد يا على يا عظيم (وذكر الدعاء) وألح في الدعاء، قال: ففعلت، فما وصلت إلى الكوفة حتى اذهب الله عنى كله.

وروى جماعة من اصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام عن يونس بن عمار عن ابى عبداللهعليه‌السلام مثل الحسن بن محبوب، والعلاء بن رزين، ومالك بن عطية، وابراهيم بن السندى، وابن رباط، ويونس بن عبدالرحمان، وبهلول بن مسلم وغيرهم ممن ذكرناهم في طبقات اصحابهماعليهما‌السلام . (*)

٩

ويوسف(١) ، وقيس(٢) واسماعيل(٣)

____________________

(١) وقد وثقه العلامة، وابن داود والمتأخرون تبعا للنجاشى.

(٢) قال ابن داود: قيس بن عمار بن حيان قريب الامر.

(٣) قال الشيخ في اصحاب الصادقعليه‌السلام ١٤٨ ١٢٥: اسماعيل بن عمار الصيرفى الكوفى.

وروى الكلينى في البر بالوالدين من اصول الكافى ج ١: ١٦١ ١٢٠ باسناد صحيح عن عبدالله بن مسكان عن عمار بن حيان قال: خبرت ابا عبداللهعليه‌السلام بخبر اسماعيل ابنى بى، فقالعليه‌السلام : لقد كنت أحبه وقد ازددت له حبا الحديث. وتقدم مدحه عن الكشى مع اخيه اسحاق بسند قاصر.

وروى عن أبى عبداللهعليه‌السلام ، ذكرناه في طبقات من روى عنهعليه‌السلام .

وروى عنه عنهعليه‌السلام جعفر بن المثنى الخطيب كما في اصول الكافى ج ١ ٤٥٢ باب الاشراف على قبر النبىصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهارون بن الجهم كما في اصول الكافى ج ٢ ١٩٣.

ويظهر من الشيخ ان له أخا خامسا وهو بشر وانه من اصحاب الصادقعليه‌السلام .

قال في اصحاب الصادق ١٤٢ ٣: احمد بن بشر بن عمار الصيرفى. (*)

١٠

وهو في بيت كبير من الشيعة(١)

____________________

(١) وهم حملة العلم ورواة الحديث واصحاب الائمة عليهم الصلوة والسلام فولد هو واخوته مثل عمار بن حيان من اصحاب الصادقعليه‌السلام في بيت العلم وكذا أبناء‌هم وهكذا واليك بذكر بعضهم، وهم عامتهم من اصحاب الصادقعليه‌السلام وادرك بعضهم ابا الحسن موسىعليه‌السلام :

١ - ابراهيم بن معقل بن قيس اخو اسحاق من اصحاب الصادقعليه‌السلام .

٢ - احمد بن بشر بن عمار الصيرفى.

٣ - اسحاق بن عمار.

٤ - اسماعيل بن عمار ٥ بشر بن اسماعيل بن عمار.

٦ - جعفر بن حيان الصيرفى.

٧ - الحسين بن عمار الكوفى من اصحاب الصادقعليه‌السلام .

٨ - على بن اسماعيل بن عمار.

٩ - على بن محمد بن يعقوب بن اسحاق بن عمار الصيرفى الكسائى الكوفى العجلى.

١٠ - قيس بن عمار بن حيان.

١١ - قيس اخو عمار الساباطى قيس بن موسى الساباطى.

١٢ - محمد بن احمد بن يعقوب بن اسحاق بن عمار.

١٣ - محمد بن اسحاق بن عمار بن حيان التغلبى الصيرفى.

١٤ - محمد بن الحسن بن عمار ١٥ محمد بن عمار الكوفى.

١٦ - يحيى بن اسحاق الصيرفى الكوفى.

١٧ - يوسف بن عمار بن حيان.

١٨ - يونس بن عمار بن الفيض الصيرفى التغلبى ابوالحسن الكوفى.

١٩ - يعقوب بن اسحاق بن عمار.

وكان ابنه محمد بن اسحاق بن عمار بن حيان التغلبى ثقة وعينا. روى عن ابى الحسن موسىعليه‌السلام له كتاب كثير الرواة. هكذا ذكره الماتن في ترجمته. كما ان ابنه الاخر يعقوب لعله الذى ذكره الشيخ في اصحاب الهادىعليه‌السلام ٤٢٦ ٦. وكان حفيده محمد بن احمد بن يعقوب بن اسحاق من رواة الحديث. روى عن على بن الحسن بن فضال، روى عنه عبدالواحد بن عبدالله بن يونس كما يأتى رواية النجاشى عنه كتاب حنان بن سدير. وكان ابنه على بن محمد من مشايخ الحديث والاجازة ذكره الشيخ فيمن لم يرو عنهم من رجاله(٤٨٠).

قال: على بن محمد بن يعقوب بن اسحاق بن عمار الصيرفى الكسائى الكوفى العجلى، روى عنه التلعكبرى وسمع منه سنة خمس وعشرين وثلثمائة، وله منه اجازة، مات سنة اثنتين وثلاثين وثلثمائة. (*)

١١

١٢

وابنا أخيه: على بن اسماعيل(١) وبشير بن اسماعيل كانا من وجوه من روى الحديث(٢) .

____________________

(١) قال البرقى في اصحاب الكاظمعليه‌السلام (٥٠): على بن اسماعيل بن عمار وروى في التهذيب ج ٥ ٣٠٧ فيما يجب على المحرم اجتنابه باسناده عن جعفر بن موسى عن مهران بن ابى نصر، وعلى بن اسماعيل بن عمار عن ابى الحسنعليه‌السلام . وروى على بن اسماعيل بن عمار بن اسحاق بن عمار كما في الكشى(٢٥٧)، والتهذيب ج ٨ ٢٨٩.

(٢) قال الشيخ في اصحاب الصادقعليه‌السلام ١٥٥ ١٢: بشر بن اسماعيل الكوفى.

قلت: ذكرنا في اصحاب الكاظمعليه‌السلام بشر بن اسماعيل بن عمار الصيرفى، وذكرنا من روى عنه عن ابى الحسن موسىعليه‌السلام . ويظهر وجاهته من رواية ابراهيم بن ابى البلاد من وجوه الشيعة ومن اصحاب الصادق والكاظم والرضاعليه‌السلام عنه، ومما هيأه من المسائل الثلثين لان يبعثها إلى أبى الحسن موسىعليه‌السلام ، ومما اخبر به اسماعيل بن عمار الصيرفى عنهعليه‌السلام كما في التهذيب ج ٥ ٤٣٩. (*)

١٣

روى اسحاق عن ابى عبدالله(١) عليه‌السلام

____________________

(١) بل روى عن ابى جعفرعليه‌السلام ايضا لما روى في التهذيب ج ١٠ ٨٨ عن الصفار عن الحسن بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب عن اسحاق بن عمار عن ابى جعفرعليه‌السلام في الحد في الفرية.

وبهذا الاسناد عنهعليه‌السلام في الحد في السرقة ص ١٢٨. وذكره في اصحابهعليه‌السلام الشيخ ١٤٩ ١٣٥ قائلا: اسحاق بن عمار الكوفى الصيرفى. والبرقى(٢٨) قائلا: اسحاق بن عمار الصيرفى مولى بنى تغلب كوفى. وتقدم عن ابن عقدة ذكره بتصنيفه في رجال الشيعة من اصحابه.

وروى عن أبى عبداللهعليه‌السلام كثيرا جدا، روى عنه عنهعليه‌السلام جماعة كثيرة وفيهم من أعيان الطائفة وثقاتهم من اصحاب الصادق والكاظم والرضاعليه‌السلام جماعة كثيرة، ذكرناهم في ترجمته في الطبقات، منهم: ابان بن عثمان، وابراهيم بن عمر اليمانى، وابراهيم بن ناجية، وحماد، والحسن بن محبوب، ومحمد بن ابى عمير، والبزنطى، وصفوان بن يحيى، ومحمد بن عذافر، ومنصور بن يونس، وسعدان بن مسلم، ويونس بن عبدالرحمان، والحجال، ومحمد بن سنان، ومحمد بن وضاح، وسيف بن عميرة، وعبدالرحمان بن سالم، وعلى بن اسماعيل بن عمار، وعبدالله بن جبلة، وعبدالله بن المغيرة وعثمان بن عيسى، وجعفر بن عثمان، ومحمد بن الحسن بن علان، ومحمد بن الفضيل، وغياث بن كلوب بن فيهس البجلى، وسلمة صاحب السابرى، وخلف بن حماد، والحكم بن مسكين، وسليمان بن محمد الخثعمى، وعبدالله بن مسكان وثعلبة بن ميمون، وجعفر بن المثنى الخطيب، وعبدالملك بن عتبة، وغياث بن ابراهيم، وداود بن النعمان، وزكريا المؤمن، وأبوجميلة، وابوالمعزا، وأبوعبدالله المؤمن، وعلى بن النعمان، ومحمد بن أسلم، والحسن بن على بن فضال، والحسن بن موسى الخشاب، وسليمان بن ابى زينبة، والوليد بن مدرك، والحسين بن عثمان، والحسين الجمال، ويحيى بن ابى العلاء، وابن رباط، وابن عديس، ويحيى بن المبارك، وزكريا بن محمد، وحفص بن البخترى، والحكم الاعشى، ويحيى بن عمر بن كليع، وعلى بن الحسن بن حماد بن ميمون، وعبدالله بن أبى يعفور، ومثنى، وعلى بن ميسرة ومحمد بن مسكين، والحسين بن خالد، وعمر بن ابى زياد، وسليم مولى طربال وعقبة بن محمد، وعبدالله بن حبيب، وغيرهم ممن ذكرناهم في الطبقات. (*)

١٤

وابى الحسنعليه‌السلام (١)

____________________

(١) وذكره في اصحاب الكاظمعليه‌السلام البرقى(٤٧) قائلا: اسحاق بن عمار ثقة، له كتاب.

قلت: وقد روى اسحاق عن ابى الحسن الكاظمعليه‌السلام كثيرا، روى عنه عنهعليه‌السلام جماعة كثيرة فيهم جماعة من أعيان الطائفة وثقاتهم من اصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام منهم: عبدالله بن سنان، وعبدالله بن المغيرة، وعبدالله بن جبلة، وعبدالله الكنانى، وحماد بن عثمان، والحسن بن محبوب، ومحمد بن ابى عمير، وصفوان بن يحيى، واحمد بن محمد، وأبان بن عثمان، وحماد بن عيسى، وعبدالله بن مسكان، ويونس بن عبدالرحمان، والحسين الرواسى، ومحمد بن ابى حمزة، وزكريا المؤمن، والحسين بن ابى العلاء، و محمد بن أسلم، وعبدالصمد بن بشير، ومحمد بن سنان، ومحمد بن بكر، ومحمد بن وضاح، وعلى بن سيف، وعلى بن رباط، وعلى بن عثمان، وعبدالله بن عتبة وعبدالملك بن عتبة، وصباح الحذا، وسيف بن عميرة، وابوالمعزا. وغيرهم ممن روى عن اسحاق بن عمار عن أبى عبداللهعليه‌السلام . وقد اخرجناهم مع اشارة إلى رواياتهم في طبقات اصحابهعليه‌السلام . (*)

١٥

ذكر ذلك أحمد بن محمد بن سعيد في رجاله(١)

____________________

(١) لا مجال للترديد والشك في رواية اسحاق بن عمار عن ابى عبدالله وابى الحسنعليهما‌السلام ولا يحتمل خلاف في ذلك كى يكون القول بها عولا على احمد بن محمد بن سعيد ابى العباس بن عقدة في رجاله، الا ان يكون باعتبار مجموع ما ذكره. كيف وهذه الروايات مع كثرتها جدا وصحة أسانيد كثير منها؟ هادات وروايات متواترة على صحة روايته عنهماعليهما‌السلام ، وفيمن روى عنه عنهماعليهما‌السلام جماعة كثيرة من اعلام الطائفة وثقاتهم وعيونهم وفقهائهم، وفيهم أصحاب الاجماع جميعا ومن لا يروى الا عن ثقة ومن لا يطعن في حديثه بشيئ. وقد عرفت تصريح أعلام الطائفة كالبرقى والشيخ بكونه من أصحابهما.

وكون أبيه عمار من أصحاب الصادقعليه‌السلام لاينا في كون اسحاق من اصحابه ايضا، فقد كثر من كان هو وأبوه من اصحاب امام واحد كزرارة وأبناء‌ه. كما أن رواية غياث بن كلوب الذى عد ممن لم يرو عن الائمة عن اسحاق غير مرة لا يوجب النظر والتأمل في رواية اسحاق عنهماعليهما‌السلام . اذ عدم الوقوف على رواية غياث بن كلوب عن امام لا يدل على تأخر زمانه عنه بحيث لا تصح روايته عن اسحاق، وليس ذكر الشيخ غياث بن كلوب فيمن لم يرو عنهم دليلا على عدم امكان روايته عنهم ولا على تأخر زمانه عن زمانهم، فقد اكثررحمه‌الله من ذكره جماعة فيمن لم يرو عنهمعليه‌السلام مع انه أيضا ذكرهم في اصحابهمعليه‌السلام وتحقيق ذلك في غير المقام.

وقد تقدم رواية ابراهيم بن هاشم القمى عن اصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام . وبعد ما صحت رواية غياث عن اسحاق عن ابى عبداللهعليهما‌السلام وامكن لقائهما فمجرد الاستبعاد لا يعبأ به. وقد روى أصحاب الجواد والهادى والعسكرىعليه‌السلام منهم محمد بن الحسين بن ابى الخطاب عن الحسن بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب عن اسحاق بن عمار. (*)

١٦

له كتاب نوادر(١) ، يرويه عنه عدة من أصحابنا(٢) .

____________________

(١) وتقدم عن الشيخ في اصحاب الكاظمعليه‌السلام قوله: له كتاب.

(٢) روى عن اسحاق بن عمار جماعة كثيرة جدا حسب ما أشرنا اليهم، وروى المشايخ بطرق كثيرة عنه.

وطريق الصدوق اليه في المشيخة(٣): أبوه عن عبدالله بن جعفر الحميرى عن على بن اسماعيل عن صفوان بن يحيى عنه. قلت: طريقه كالصحيح بعلى بن اسماعيل على ما يأتى. وروى عنه في الفقيه بطرق مختلفة ومنها الحسن بن موسى الخشاب عن غياث بن كلوب عن اسحاق بن عمار كما في ج ٤ ٢٨٥. (*)

١٧

أخبرنا محمد بن على قال حدثنا احمد بن محمد بن يحيى قال حدثنا سعد عن محمد بن الحسين قال حدثنا غياث بن كلوب بن قيس البجلى عن اسحاق به.(١)

____________________

(١) طريق النجاشى إلى كتابه وان كان فيه اشكال بغياث الذى ذكره الشيخ في العدة من العامه، الا انه ممن عملت الطائفة مع هذا بأخباره كما ان الكلام ايضا بأحمد مدفوع بما حققناه في محله.

(تعقيق حول اتحاد اسحاق الصيرفى الكوفى والساباطى) قال الشيخ في الفهرست(١٥): اسحاق بن عمار الساباطى، له أصل، و كان فطحيا الا انه ثقة، وأصله معتمد عليه، اخبرنا به الشيخ ابوعبدالله المفيدرضي‌الله‌عنه والحسين بن عبيد الله عن أبى جعفر محمد بن على بن الحسين بن بابويه عن محمد بن الحسن بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن محمد بن الحسين بن ابى الخطاب عن ابن ابى عمير عن اسحاق هذا.

قلت: الطريق صحيح.

وقوله هذا يدل على ان الموجود في الطريق اسحاق بن عمار الساباطى لا بلا تمييز. وهنا كلام وخلاف بين المتأخرين في اتحاده مع اسحاق بن عمار بن حيان المذكور في المتن وكذا اسحاق بن عمار الصيرفى المذكور في اصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام وكذا اسحاق المذكور في الكشى.

فالمحكى عن ابن طاوس عند ذكر خبر الكشى المتقدم في اسحاق وأخيه اسماعيل استبعاد ورود المدح المذكور في اسحاق اذ كان فطحيا بل قال: و بالجملة فالمشهور انه فطحى كما أسلفت.. واما المحقق ره فهو وان اعتمد كثيرا على روايات اسحاق بن عمار و استدل بها واستند اليها في مواضع كثيرة من المعتبر وكتابه (نكت النهاية) الا انه قال في المعتبر في مسألة اعتبار البلوغ في امام الجماعة ص ٢٤٣ في مقام علاج التعارض بين رواية اسحاق ورواية طلحة بن زيد: لكن الاولى العمل برواية اسحاق لعدالته وضعف طلحة.

وقال في الطلاق من كتاب نكت النهاية(٤٨) في رجل اشترى جارية حبلى فوطئها قبل انقضاء عدتها بعد ذكر روايات منها رواية اسحاق بن عمار عن ابى الحسنعليه‌السلام : لكن الاحاديث المذكورة ضعيفة لان في اسحاق طعنا بطريق انه كان واقفيا.

قلت: لعله مصحف (كان فطحيا) اذ لم أعهد بقائل بكونه واقفيا.

وقال العلامة في الخلاصة(٢٠٠) اسحاق بن عمار بن حيان مولى بنى تغلب ابويعقوب الصيرفى كان شيخا من اصحابنا ثقة وروى عن الصادق والكاظمعليهما‌السلام ، وكان فطحيا.

قال الشيخ: الا انه ثقة وأصله معتمد عليه، وكذا قال النجاشى. والاولى عندى التوقف فيما ينفرد به..

وقال ابن داود الحلى ره(٥٢): اسحاق بن عمار بن حيان مولى بنى تغلب ابويعقوب الصيرفى م (جش، كش) ثقة هو، واخوته. (ست): فطحى ولكنه ثقة معتمد عليه. وقال ايضا في القسم الثانى(٤٢٦): اسحاق بن عمار ق، م (ست): فطحى الا انه معتمد عليه.

وقد اختار جماعة كثيرة ممن تأخر عنهم القول بالتعدد وأن اسحاق بن عمار رجلان: عدل امامى ذكره النجاشى وغيره، وموثق فطحى ذكره في الفهرست، فمال اليه المقدس الاردبيلى وحكم به الشيخ البهائى، بل قيل ان اول من تنبه للمغايرة شيخنا المحقق البهائى ره وتبعه جماعة كثيرة ذكروهم في المطولات.

قلت: لم يتميز اسحاق بن عمار في الروايات فيما وقفنا عليه بنسب ولا بنسبة ولا بكنية ولا بعمل =

١٨

____________________

= نعم روى في التهذيب ج ٣ ٣٨ ٤٥ باب احكام الجماعة عن اسحاق بن عمار حديثا في امر أبى عبداللهعليه‌السلام اياه بالدخول في جماعة المخالفين واعتداده بصلاتهم وفى آخره: فاذا خمسة او ستة من جيرانى قد قاموا إلى، من المخزوميين والامويين، فأقعدونى ثم قالوا: يا أبا هاشم جزاك الله عن نفسك خيرا فقد والله رأينا خلاف ما ظننا بك وما قيل فيك، فقلت واى شيئ ذلك قالوا: اتبعناك حين قمت إلى الصلاة ونحن نرى انك لا تقتدى بالصلاة معنا فقد وجدناك قد اعتددت بالصلاة معنا وصليت بصلاتنا، فرضى الله عنك، وجزاك خيرا.

قال فقلت لهم: سبحان الله ألمثلى يقال هذا؟ ! قال: فعلمت ان ابا عبداللهعليه‌السلام لم يأمرنى الا وهو يخاف على هذا وشبهه. وحيث انه قد وقع الخلاف شديدا بين اصحابنا في اتحاد اسحاق بن عمار بن حيان الصيرفى، واسحاق بن عمار بن موسى الساباطى، حتى بدا خلافهم في نسبه، ونسبته، وكنيته، وعمله، ومذهبه، وروايته، وكتابه. وقد عرفت ان النجاشى ذكر ان جده حيان، ولم اجد ذكرا له في كتب اصحابنا ولا في كتب غيرهم، كما ان ابن حجر ذكر انه يزيد وهو غير متميز.

وقال الصدوقرحمه‌الله في المشيخة إلى أخيه يونس رقم(١٨٩): ابوالحسن يونس بن عمار بن الفيض الصيرفى التغلبى الكوفى، وهو أخو اسحاق بن عمار. فلا بد لنا في تحقيق ذلك من النظر في ادلة القائلين بالتعدد حسب ما يقتضيه المقام فنقول وبالله الاعتصام: ان الجمود على امور قد ألجأ اكثر المتأخرين إلى القول بالتعدد مع ان الموجود في اكثر الاخبار هو اسحاق بن عمار بلا تميز وهى: احدها: الاختلاف في الجد: حيان، موسى، الفيض، ويزيد. ولكنه لا يخلو عن النظر، فان النسبة إلى الاب، والجد، وجد الاب غير عزيزة.

ثانيها: اختلاف البلد، فهذا كوفى. وذاك ساباطى، بل قد وصف ايضا اخواه: صباح وقيس بالساباطى. نعم لم يوصف أحد من بيت عمار بن حيان بالساباطى. بل وصفوا بالكوفية. والتغلبية. وفى ذلك ايضا نظر، فلعل السبب انهم جميعا كوفيون. لكن لما نزل عمار وأخواه: صباح وقيس ساباط مدائن نسبوا به، ولذا لم ينسب اليه غيرهم.

قال الشيخ في اصحاب الكاظمعليه‌السلام ٣٥٤ ١٥: عمار بن موسى الساباطى كوفى. سكن المدائن، روى عن أبى عبداللهعليه‌السلام . وقال ايضا في اصحاب الصادقعليه‌السلام (٢٥٠): عمار بن موسى ابواليقظان الساباطى، واخوه صباح. واما ما في رجال البرقى(٤٨) في اصحاب الكاظمعليه‌السلام بعد ذكره: كوفى وأصله من المدائن، فالظاهر انه مصحف: كوفى أصله، سكن المدائن.

ويأتى من الماتن في ترجمة عمار قوله: عمار بن موسى الساباطى، ابوالفضل، مولى، وأخواه: قيس وصباح، رووا عن أبى عبدالله وأبى الحسنعليهما‌السلام ، وكانوا ثقات في الرواية. ودعوى انهما لم ينسبا إلى الكوفة، ساقطة، لان الشيخ كما تقدم قال في عمار الساباطى: كوفى، سكن المدائن. ولازمه كون اخويه كوفيين ايضا.

ثالثها: ان قيسا وصباحا لم يوصفا بالتغلبية.

قلت: مع ان قيسا وصباحا انما لم يوصفا بها لعدم استقلالهما بالترجمة، انه قد عرفت قول الماتن: ابوالفضل مولى، واخواه: قيس وصباح، وقوله: في اسحاق: مولى بنى تغلب. اذ على تقدير الاتحاد فالثانى مفسر للاول.

رابعها: ظهور كلام النجاشى في ان اسحاق بن عمار بن حيان من بيت معروف من الشيعة، كما ان طائفة عمار الساباطى وبيتهم معروفون مشهورون ولا تدخل بيت في بيت ابدا.

قلت: ظهور كلامه في كون اسحاق من بيت معروف أمر لا ينكر واما ظهوره في شهرة بيت عمار الساباطى في قبال هذا البيت فلا شاهد عليه، على ان الظهور في شهرة البيت لا يستلزم التعدد اذ لم يذكر اسحاق بن عمار الساباطى ببيت مشهور بل انما ذكر عمارا وأخويه، وليس في كلامه اى شاهد على شهرتهم ببيتهم فضلا عن كون بيتهم بيتا مشهورا في قبال بيت اسحاق بن عمار. =

١٩

____________________

= خامسها: ان الطبقة لا تساعد على كون اسحاق التغلبى الصيرفى الكوفى هو ابن عمار الساباطى الفطحى، اذ من البعيد كون الابن مع الاب في طبقة من اصحاب الصادق والكاظم كما عرفت. بل قد عد ايضا محمد بن اسحاق بن عمار بن حيان من اصحاب الكاظمعليه‌السلام كما ان عمار الساباطى من اصحابه، وايضا ذكر الشيخ في اصحاب الصادقعليه‌السلام احمد بن بشير بن عمار الصيرفى، فكيف يتحد طبقة ابن ابن عمار مع جده عمار من اصحابهعليه‌السلام .

وايضا ان اسماعيل ويونس قد ذكرا من اصحاب الصادقعليه‌السلام ، وعمار عد من اصحاب الكاظمعليه‌السلام . وايضا رواية زياد القندى وسليمان الديلمى لا تلائم كونه ابن عمار بن موسى الساباطى.

قلت: وفى ذلك ايضا نظر اذ لا اشكال في كون عمار بن حيان وعمار بن موسى الساباطى من اصحاب الصادقعليه‌السلام على ما تقدم، وان عمار بن موسى الساباطى قد بقى إلى زمان الكاظمعليه‌السلام وعد في اصحابه وروى عنه، بل يظهر من بعض الروايات انه بقى إلى أيام الامام الرضاعليه‌السلام كما حققناه في طبقات اصحابه وتأتى الاشارة اليها في ترجمة عمار انشاء الله. لكن لا اثر في اخبارنا ولا في كلام ائمة الرجال حسب ما وقفنا عليه من ذكر عمار بن حيان في أصحابهما.

هذا كله على فرض التعدد. كما لا اشكال في كون اسحاق بن عمار بن حيان الصيرفى او اسحاق بن عمار الصيرفى التغلبى الكوفى على ما تقدم في كلامهم من اصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام .ولا ينبغى الاشكال والتأمل في امكان اتحاد الاب والابن بحسب الادراك لزمان امام والرواية عنه، فقد كثر في أعلا؟ رواة الحديث امثاله كزرارة و ابنائه وسنان وابنه عبدالله مما لا يخفى على الخبير بالرجال. بل لا ينبغى استبعاد ذكر ابن الابن احمد بن بشر بن عمار، ومحمد بن اسحاق بن عمار مع أبيه وجده في اصحاب امام، بل وفيمن روى عنه بعد امكانه بل وقوع نظيره: وكم في الرواة من ادرك ثلاثا او اربعا من الائمةعليه‌السلام بل روى عنهم.

فهذا حنان بن سدير بن حكيم بن صهيب ابوالفضل الكوفى الصيرفى الواقفى قد عد في اصحاب الرضا والكاظم والصادقعليه‌السلام وروى عنهم كما ذكرناه في طبقات اصحابهم. بل روى عن أبى جعفرعليه‌السلام ، روى عنه عنهعليه‌السلام جماعة ذكرناهم في طبقات اصحابه مع ذكر مواضع رواياته عنهعليه‌السلام وأجبنا عما ذكره الكشى عن اشياخ حمدويه: انه لم يدرك أبا جعفرعليه‌السلام وكان يرتضى به شديدا.

وروى عن اصحاب امير المؤمنينعليه‌السلام مثل سويد بن غفلة كما ذكرنا في طبقات اصحابه.

وكل ذلك لانه عمر، قال النجاشى: عمر حنان عمرا طويلا. وهذا والده سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفى، فقد ادرك أبا عبدالله واباه وجده السجادعليه‌السلام وروى عنهم، واجتمع هو وأبوه وجده صهيب وعمه مع أبى محمد على بن الحسين السجاد وولده الباقرعليهما‌السلام في حمام المدينة وروى عنهعليه‌السلام كما ذكرناه في طبقات اصحابه. وليست رواية القندى في اسحاق واسماعيل ابنى عمار عن أبى عبداللهعليه‌السلام ولا رواية سليمان الديلمى من اصحاب الصادقعليه‌السلام عن اسحاق بن عمار قرينة على التعدد بعد صحة روايتهما عمن كان من اصحاب الصادق والكاظمعليهما‌السلام بل كثرت رواية اصحاب امام عن امام متأخر بواسطة أصحابهعليه‌السلام ، وتحقيق ذلك في كتابنا في الطبقات.

سادسها: اختلافهما مذهبا فقد صرح الشيخ في الفهرست بأن اسحاق بن عمار (بن موسى) الساباطى فطحى.

وقد روى ان طائفة عمار الساباطى واصحابه بقوا على الفطحية. وذكر ذلك اصحاب الرجال ايضا. =

٢٠

وحين التشييع اعترض النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» نعشه ، وقال برقة وحزن وكآبة : وصلت رحما ، وجزيت خيرا يا عم ، فلقد ربيت وكفلت صغيرا ، ونصرت وآزرت كبيرا(١) .

لماذا لم يأمر بالصلاة عليه؟ :

وإنما لم يأمر عليا «عليه السلام» بالصلاة عليه ، لأن صلاة الجنازة لم تكن فرضت بعد.

ولأجل ذلك قالوا : إن خديجة لم يصل عليها النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» حينما توفيت ، مع أنها سيدة نساء العالمين.

وقد فصلت ذلك : الرواية التي رواها علي بن ميثم ، عن أبيه عن جده : أنه سمع عليا «عليه السلام» يقول : تبع أبو طالب عبد المطلب في كل أحواله حتى خرج من الدنيا وهو على ملته ، وأوصاني أن أدفنه في قبره ، فأخبرت رسول الله «صلى الله عليه وآله» بذلك ، فقال : اذهب فواره ، وانفذ لما أمرك به.

فغسلته ، وكفنته ، وحملته إلى الجحون ، ونبشت قبر عبد المطلب ، فرفعت الصفيح عن لحده ، فإذا هو موجه إلى القبلة ، فحمدت الله تعالى على ذلك ،

__________________

ج ١ ص ٢٨٣ ، وعمدة القاري ج ٣ ص ٤٣٥ ، وأسنى المطالب ص ١٥ و ٢١ و ٣٥ وطلبة الطالب ص ٤٣ ، ودلائل النبوة للبيهقي والبرزنجي ، وابن خزيمة ، وأبي داود ، وابن عساكر.

(١) راجع : البحار ج ٣٥ ص ١٢٥ و ١٦٣ ، وراجع شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٧٦ والإصابة (ط مصر سنة ١٣٢٥ ه‍) ج ٧ ص ١١٣ وشرح الأخبار للقاضي النعمان ج ٢ ص ٥٥٧ والغدير ج ٧ ص ٣٨٦ والدرجات الرفيعة لابن معصوم ص ٦٢.

٢١

ووجهت الشيخ ، وأطبقت الصفيح عليهما ، فأنا وصي الأوصياء وورثت خير الأنبياء.

قال ميثم : والله ما عبد علي ، ولا عبد أحد من آبائه غير الله تعالى ، إلى أن توفاهم الله تعالى(١) .

رثاء علي عليه السّلام لأبيه :

وقد رثاه ولده الإمام علي «عليه السلام» حينما توفي بقوله :

أبا طالب عصمة المستجير

وغيث المحول ونور الظلم

لقد هدّ فقدك أهل الحفاظ

فصلى عليك ولي النعم

ولقاك ربك رضوانه

فقد كنت للطهر من خير عم(٢)

ولا أبو سفيان كأبي طالب عليه السّلام :

وكتب أمير المؤمنين «عليه السلام» رسالة مطولة لمعاوية جاء فيها :

«ليس أمية كهاشم ، ولا حرب كعبد المطلب ، ولا أبو سفيان كأبي طالب ، ولا المهاجر كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق»(٣) .

__________________

(١) سفينة البحار ج ٥ ص ٣٢١.

(٢) تذكرة الخواص ص ٩.

(٣) صفين لنصر بن مزاحم ص ٤٧١ والفتوح لابن أعثم ج ٣ ص ٢٦٠ ، ونهج البلاغة الذي بهامشه شرح الشيخ محمد عبده ج ٣ ص ١٨ الكتاب رقم ١٧ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ١١٧ والإمامة والسياسة ج ١ ص ١١٨ ، والغدير ج ٣ ص ٢٥٤ عنهم ، وعن : ربيع الأبرار للزمخشري باب ٦٦ ، وعن مروج الذهب ج ٢ ص ٦٢. وراجع أيضا : مناقب الخوارزمي الحنفي ص ١٨٠.

٢٢

فإذا كان أبو طالب «عليه السلام» كافرا وأبو سفيان مسلما ، فكيف يفضل الكافر على المسلم ، ثم لا يرد عليه ذلك معاوية بن أبي سفيان؟.

ولكن الحقيقة هي عكس ذلك تماما ؛ فإن أبا سفيان هو الذي قال : «إنه لا يدري ما جنة ولا نار» كما ذكرناه في كتابنا الصحيح من سيرة النبي الأعظم في أواخر غزوة أحد(١) .

ويلاحظ هنا أيضا : أن أمير المؤمنين «عليه السلام» يشير في كلامه الآنف الذكر إلى عدم صفاء نسب معاوية ، ولهذا البحث مجال آخر.

أبو طالب عليه السّلام الداعية إلى الإسلام :

كما أن أبا طالب «عليه السلام» الذي يدعو ملك الحبشة إلى الإسلام ، هو الذي دعا ولده جعفر إلى ذلك ، وأمره بأن يصل جناح ابن عمه في الصلاة(٢) .

وهو أيضا الذي دعا زوجته فاطمة بنت أسد إلى الإسلام(٣) .

وأمر حمزة بالثبات على هذا الدين ، وأظهر سروره بإسلامه ومدحه على ذلك.

وكذلك الحال بالنسبة لولده أمير المؤمنين «عليه السلام».

__________________

(١) الصحيح من سيرة النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» ج ٧ ص ٢٨٤.

(٢) راجع : الأوائل لأبي هلال العسكري ج ١ ص ١٥٤ ، وروضة الواعظين ص ١٤٠ وشرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٢٦٩ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٢٦٩ وأسنى المطالب ص ١٧ والإصابة ج ٤ ص ١١٦ وأسد الغابة ج ١ ص ٢٨٧ والغدير ج ٧ ص ٣٥٧.

(٣) شرح النهج للمعتزلي ج ١٣ ص ٢٧٢.

٢٣

الاعتراف بممارسة التقية :

وقد صرح أبو طالب «عليه السلام» في وصيته بأنه كان قد اتخذ سبيل التقية في شأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» من قريش ، وأن ما جاء به الرسول «صلى الله عليه وآله» قد قبله الجنان وأنكره اللسان ؛ مخافة الشنآن ، وأوصى قريشا بقبول دعوة الرسول ، ومتابعته على أمره ، ففي ذلك الرشاد والسعادة(١) .

موقف النبي صلّى الله عليه وآله من أبي طالب عليه السّلام :

ثم هناك ترحم النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» عليه ، واستغفاره له باستمرار ، وجزعه عليه عند موته(٢) .

ولا يصح الترحم إلا على المسلم ، ولأجل ذلك قال «صلى الله عليه وآله» لسفانة بنت حاتم الطائي : لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه(٣) .

__________________

(١) الروض الأنف ج ٢ ص ١٧١ وثمرات الأوراق ص ٩٤ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٣٠١ و ٣٠٢ والسيرة الحلبية ج ١ ص ٣٥٢ والبحار ج ٣٥ ص ١٠٧ والغدير ج ٧ ص ٣٦٦ عن مصادر أخرى.

(٢) تذكرة الخواص ص ٨.

(٣) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٢٠٥ وكنز العمال ج ٣ ص ٦٦٤ وتاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ج ١١ ص ٣٥٩ وج ٦٩ ص ٢٠٣ والبداية والنهاية ج ٥ ص ٨٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٤ ص ١٣٢ وسبل الهدى والرشاد للشامي ج ٦ ص ٣٧٧ وشجرة طوبى ج ٢ ص ٤٠٠.

٢٤

أنا على دين أبي طالب عليه السّلام :

وحمل محمد بن الحنفية يوم الجمل على رجل من أهل البصرة ، قال : فلما غشيته قال : أنا على دين أبي طالب ، فلما عرفت الذي أراد كففت عنه(١) .

شفاعة النبي صلّى الله عليه وآله له :

وورد عنه «صلى الله عليه وآله» أيضا قوله : إذا كان يوم القيامة شفعت لأبي ، وأمي ، وعمي أبي طالب ، وأخ لي كان في الجاهلية(٢) .

فإن الشفاعة لا تحل لمشرك ، كما سيأتي.

إقراره على زواجه بمسلمة :

وسئل الإمام السجاد «عليه السلام» عن إيمان أبي طالب «عليه السلام» ، فقال : واعجبا ، إن الله نهى رسوله أن يقر مسلمة على نكاح كافر ؛ وقد كانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام ، ولم تزل تحت أبي طالب حتى مات(٣) .

__________________

(١) طبقات ابن سعد (ط ليدن) ج ٥ ص ٦٧.

(٢) ذخائر العقبى ص ٧ عن تمام الرازي في فوائده ، والدرج المنيفة للسيوطي ص ٨ ومسالك الحنفا ص ١٤ عن أبي نعيم وغيره وذكر أن الحاكم صححه ، وتفسير القمي ج ١ ص ٣٨٠ وتفسير البرهان ج ٢ ص ٣٥٨ وتاريخ اليعقوبي ج ٢ ص ٣٥ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٢٣٢.

(٣) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٦٨ ، والغدير ج ٧ ص ٣٨١ و ٣٨٩ عنه وعن : كتاب الحجة ص ٢٤ ، والدرجات الرفيعة ، وضياء العالمين ، وادّعي تواتر هذا الحديث عندنا.

٢٥

ونزول آية النهي عن الإمساك بعصم الكوافر في المدينة لا يوجب بطلان هذه الرواية ، لإمكان أن يكون النهي عن ذلك نهيا قوليا على لسانه «صلى الله عليه وآله» ، قبل نزول القرآن.

وعدم خضوع بعض المسلمين لذلك حينئذ ربما كان لظروف معينة فرضت عليهم ذلك.

من لم يقر بإيمان أبي طالب عليه السّلام :

وأخيرا ، فقد كتب بعضهم يسأل الإمام علي بن موسى الرضا «عليه السلام» عن إسلام أبي طالب «عليه السلام» ، فإنه قد شك في ذلك ، فكتب «عليه السلام» إليه :( وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ ) (١) .

وبعدها : إنك إن لم تقر بإيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار(٢) .

دفاع النبي صلّى الله عليه وآله عن أبي طالب عليه السّلام :

وسيأتي في غزوة بدر : أن الرسول الأكرم «صلى الله عليه وآله» لم يقبل من شهيد بدر عبيدة بن الحارث أن يعرض بعمه أبي طالب «عليه السلام» ، ولو بمثل أن يقول : إني أولى بما قال منه.

__________________

(١) الآية ١١٥ من سورة النساء.

(٢) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٦٨ والغدير ج ٧ ص ٣٨١ و ٣٩٤ عن الكراجكي ص ٨٠ ، وكتاب الحجة لابن معد ص ١٦ ، والدرجات الرفيعة والبحار وضياء العالمين.

٢٦

بعد قتل الفرسان الثلاثة :

وفي بدر العظمى ، وبعد قتل عتبة وشيبة والوليد ، وقطع رجل عبيدة بن الحارث ، حمل حمزة والإمام علي «عليهما السلام» عبيدة بن الحارث من المعركة ، وأتيا به إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، وألقياه بين يديه ، وإن مخ ساقه ليسيل ، فاستعبر ، وقال : يا رسول الله ، ألست شهيدا؟!

قال : بلى ، أنت أول شهيد من أهل بيتي (مما يشير إلى أنه لسوف تأتي قافلة من الشهداء من أهل بيته «صلى الله عليه وآله» ، وهكذا كان).

فقال عبيدة : أما لو كان عمك حيا لعلم أني أولى بما قال منه ، قال : وأي أعمامي تعني؟

قال : أبو طالب ، حيث يقول :

كذبتم وبيت الله يبزى محمد

ولما نطا عن دونه ونناضل

ونسلمه حتى نصرع دونه

ونذهل عن أبنائنا والحلائل

فقال «صلى الله عليه وآله» : أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله ورسوله ، وابنه الآخر في جهاد الله بأرض الحبشة؟!.

قال : يا رسول الله ، أسخطت علي في هذه الحالة؟

قال : ما سخطت عليك ، ولكن ذكرت عمي ، فانقبضت لذلك(١) .

__________________

(١) راجع : تفسير القمي ج ١ ص ٢٦٥ ، والبحار ج ١٩ ص ٢٥٥ ، وفي شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٨٠ : أن رسول الله استغفر له ولأبي طالب يومئذ. والغدير ج ٧ ص ٣١٦.

وفي نسب قريش لمصعب ص ٩٤ : أن عبيدة قال : «يا رسول الله ليت أبا طالب حيا

٢٧

وبلغ عبيدة مع النبي «صلى الله عليه وآله» الصفراء ، فمات ، فدفن بها

وقد روى كثير من المؤرخين هذه القضية من دون ذكر القسم الأخير منها.

قالوا : ونزل في هؤلاء الستة قوله تعالى :( هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ ) (١) .

وفي البخاري : أن أبا ذر كان يقسم : أنها نزلت فيهم(٢) .

ونزل في علي ، وحمزة ، وعبيدة أيضا قوله تعالى :( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ ) (٣) .

__________________

حتى يرى مصداق قوله إلخ».

وربما يقال : إن هذا هو الأنسب بأدب عبيدة وإخلاصه ، ولكن لا ، فإن قوله الآنف لا يضر في أدبه ولا في إخلاصه ، حيث يرى نفسه قد ضحى بنفسه في سبيل الدين ، فلا مانع من أن يقول ذلك.

(١) الآية ١٩ من سورة الحج.

(٢) البخاري (ط الميمنية) ج ٣ ص ٤ ، ومناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ١١٨ عن مسلم ، من دون قسم أبي ذر ، والمستدرك على الصحيحين للحاكم ج ٢ ص ٣٨٦ ، وصححه هو والذهبي في تلخيصه ، والغدير ج ٧ ص ٢٠٢ عن : تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ٣ ص ٢١٢ ، وتفسير ابن جزي ج ٣ ص ٣٨ ، وتفسير الخازن ج ٣ ص ٦٩٨ ، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج ٢ ص ٢٥ و ٢٦ ، وصحيح مسلم ج ٢ ص ٥٥٠ ، وبهذا قال ابن عباس ، وابن خثيم ، وقيس بن عباد ، والثوري ، والأعمش ، وسعيد بن جبير ، وعطاء.

(٣) الآية ٢٣ من سورة الأحزاب ، الصواعق المحرقة ص ٨٠.

٢٨

وقيل : نزلت في علي وحده(١) .

وثمة عدة آيات أخرى نزلت في بدر في الثناء على أمير المؤمنين «عليه السلام»(٢) فراجع.

غضب النبي «صلّى الله عليه وآله» لأبي طالب عليه السّلام :

ونقول :

إنه إذا كان الرسول «صلى الله عليه وآله» يغضب لذكر عمه ، ولو بهذا النحو من التعريض المهذب ، والمحدود ، فماذا سيكون موقفه ممن يرمي أبا طالب «عليه السلام» بالشرك والكفر ، ويعتبره مستحقا للعذاب الأليم في نار الله المؤصدة؟! وفي ضحضاح من نار يغلي منه دماغه؟!

فهل تراه سوف يكون مسرورا ومرتاحا لهذا الكلام ، الذي لا سبب له إلا السياسة ، وما أدراك ما السياسة؟!

وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى :

ثم إننا نجد النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه يقول : «اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي نعمة»(٣) .

كما أنه «صلى الله عليه وآله» قد رد هدية حكيم بن حزام ؛ لأنه كان مشركا ، قال عبيد الله :

__________________

(١) مناقب الخوارزمي ص ١٨٨ ، والكفاية للخطيب ص ١٢٢.

(٢) المناقب لابن شهر آشوب ج ٣ ص ١١٨ وغيره.

(٣) راجع أبو طالب مؤمن قريش للخنيزي.

٢٩

حسبت أنه قال : إنا لا نقبل من المشركين شيئا ، ولكن إن شئت أخذناها بالثمن(١) .

ورد أيضا هدية عامر بن الطفيل ، لأنه لم يكن قد أسلم بعد.

ورد أيضا هدية ملاعب الأسنة ، وقال : لا أقبل هدية مشرك(٢) .

عن عياض المجاشعي : أنه أهدى إلى النبي هدية فأبى قبولها ، وقال : إني نهيت عن زبد المشركين(٣) .

ولم يكن ذلك منه «صلى الله عليه وآله» إلا لأن قبولها يوجب احتراما ومودة من المهدى إليه بالنسبة لمن أهدى.

__________________

(١) مستدرك الحاكم ج ٣ ص ٤٨٤ وتلخيصه للذهبي بهامش نفس الصفحة ، وصححاه. وحياة الصحابة ج ٢ ص ٢٥٨ و ٢٥٩ و ٢٦٠ عن كنز العمال وعن مجمع الزوائد ج ٨ ص ٢٧٨ وكنز العمال ج ٦ ص ٥٧ و ٥٩ عن أحمد والطبراني ، والحاكم وسعيد بن منصور ، والتراتيب الإدارية ج ٢ ص ٨٦ ويلاحظ هنا : أنه (صلى الله عليه وآله) حين الهجرة لا يقبل ناقة أبي بكر إلا بالثمن.

(٢) كنز العمال (طبعة أولى) ج ٣ ص ١٧٧ عن ابن عساكر و (ط ثانية) ج ٦ ص ٥٧ عن الطبراني والمصنف لعبد الرزاق ج ١ ص ٤٤٦ و ٤٤٧ وفي الهامش عن مغازي ابن عقمة ومجمع البيان المجلد الأول ص ٥٣٥.

(٣) كنز العمال ج ٦ ص ٥٧ و ٥٩ عن أبي داود والترمذي وصححه وأحمد والطيالسي والبيهقي ، وراجع ما عن عمران بن حصين في الكنز نفس المجلد والصفحة والمصنف لعبد الرزاق ج ١٠ ص ٤٤٧ وفي الهامش عن أبي داود وأحمد وعن الترمذي ج ٢ ص ٣٨٩ ، وراجع الوسائل ج ١٢ ص ٢١٦ عن الكافي والمعجم الصغير ج ١ ص ٩.

٣٠

ملاحظة : معالجة رواية الكشي :

إلا أن الكشي ذكر رواية تقول : «إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» لم يرد هدية على يهودي ولا نصراني»(١) .

وهذا إن صح فهو يشير إلى الفرق بين هدية الكتابي وهدية المشرك ، فكان «صلى الله عليه وآله» يرد هدية الثاني ، دون الأول ، وذلك يدل على عدم صحة قوله لهم : إنه «صلى الله عليه وآله» في هدنة الحديبية قد استهدى أبا سفيان أدما(٢) .

__________________

(١) اختيار معرفة الرجال للكشي (ط جامعة طهران) ص ٦١٠ والبحار ج ٥٠ ص ١٠٧ والوسائل ج ١٢ ص ٢١٧.

(٢) راجع التراتيب الإدارية ج ١ ص ١٩٨ عن الإستيعاب.

٣١
٣٢

البحث الثاني

أبو طالب عليه السّلام المظلوم المفترى عليه

الأدلة الواهية :

لقد حاول الذين يشتهون إثبات كفر أبي طالب «عليه السلام» أن يتشبثوا بطحالب واهية زعموا : أنها أدلة ، نشير ههنا إليها ، فنقول :

١ ـ حديث الضحضاح :

عن أبي سعيد الخدري ، أنه سمع النبي «صلى الله عليه وآله» ، وقد ذكر عنده عمه ، فقال : لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة ، فيجعل في ضحضاح(١) من نار ، يبلغ كعبيه ، يغلي منه دماغه.

وحسب نص آخر : أن العباس قال للنبي «صلى الله عليه وآله» : ما أغنيت عن عمك؟! فو الله كان يحوطك ويغضب لك!!.

قال : هو في ضحضاح من نار ، ولو لا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار(٢) .

__________________

(١) الضحضاح : القلقل ، وهنا المكان القليل العمق من النار.

(٢) صحيح البخاري ط سنة ١٣٠٩ ج ٢ ص ٢٠٩ ، وج ٤ ص ٥٤ ، والمصنف ج ٦ ص ٤١ ، وأنساب الأشراف بتحقيق المحمودي ج ٢ ص ٢٩ و ٣٠. وصحيح مسلم ، كتاب الإيمان ، وطبقات ابن سعد ج ١ قسم ١ ص ٧٩ ، ومسند أحمد ج ١

٣٣

ونقول :

أولا : لقد ناقش كل من الأميني والخنيزي جميع أسانيد هذه الرواية ، وبيّنا وهنها وضعفها ، وتناقض نصوصها العجيب ، إلى حد أن بعض الروايات تجزم بأنه قد جعل في ضحضاح من نار ، وأن الشفاعة قد نفعته فعلا.

لكن بعضها الآخر يقول : لعله تنفعه شفاعتي ، فيجعل في ضحضاح يوم القيامة.

ونحن نحيل القارئ الذي يرغب في التوسع إلى ما ذكره الأميني والخنيزي في كتابيهما حول هذا الموضوع(١) .

ثانيا : إنه إذا كان «صلى الله عليه وآله» قد نفع أبا طالب «عليه السلام» ، وأخرجه من الدرك الأسفل إلى الضحضاح ؛ فلماذا لا يتمم معروفه هذا ، ويخرجه من هذا الضحضاح أيضا؟!.

ثالثا : لقد رووا : أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد طلب من أبي طالب حين حضرته الوفاة : أن يقول كلمة لا إله إلا الله ، محمد رسول الله ؛ ليستحل له بها الشفاعة يوم القيامة ، فلم يعطه إياها.

فهذا يدل على أنه قد أناط «صلى الله عليه وآله» مطلق الشفاعة بكلمة

__________________

ص ٢٥٦ و ٢٠٧ ، والبداية والنهاية ج ٣ ص ١٢٥ ، والغدير ج ٨ ص ٢٣ عن بعضهم ، وعن عيون الأثر ج ١ ص ١٣٢ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٦٦.

(١) راجع : الغدير ج ٨ ص ٢٣ و ٢٤ وأبو طالب مؤمن قريش.

٣٤

لا إله إلا الله(١) .

فلماذا استحل هذه الشفاعة ، مع أنه لم يعطه الكلمة التي توجب حليتها؟!.

رابعا : إنهم يروون : أن الشفاعة لا تحل لمشرك ، فلماذا حلت لهذا المشرك بالذات ، بحيث أخرجته من الدرك الأسفل إلى الضحضاح؟(٢) .

خامسا : قال المعتزلي : إن الإمامية والزيدية «قالوا : وأما حديث الضحضاح ، فإنما يرويه الناس كلهم عن رجل واحد ، وهو المغيرة بن شعبة ، وبغضه لبني هاشم ، وعلي «عليه السلام» بالخصوص مشهور ومعلوم ، وقصته وفسقه غير خاف»(٣) .

غير أننا نقول : إنه يمكن المناقشة في ذلك بأنهم قد رووا ذلك عن غير المغيرة أيضا ، فراجع البخاري وغيره.

فلعل رواية غير المغيرة قد حدثت في وقت متأخر بهدف تكذيب الشيعة ، ونقض استدلالهم ، فتلقفها البخاري.

__________________

(١) الترغيب والترهيب ج ٤ ص ٤٣٣ عن أحمد بسندين صحيحين ، وعن البزار ، والطبري بأسانيد أحدها جيد وابن حبان في صحيحه وراجع : الغدير ج ٨ ص ٨ فما بعدها.

(٢) مستدرك الحاكم ج ٢ ص ٣٣٦ ، وتلخيصه للذهبي وصححاه والمواهب اللدنية ج ١ ص ٧١ والغدير ج ٨ ص ٢٤ عنهما وعن كنز العمال ج ٧ ص ١٢٨ ، وشرح المواهب اللدنية للزرقاني ج ١ ص ٢٩١ وكشف الغمة للشعراني ج ٢ ص ١٢٤ ، وتاريخ أبي الفداء ج ١ ص ١٢٠.

(٣) راجع : شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٧٠ والبحار ج ٣٥ ص ١١٢.

٣٥

وذلك لأن من غير المعقول أن يورد الشيعة على غيرهم بذلك إن لم يكن له واقع

وقد سكت المعتزلي عن هذا الرد ، وعن جوابه ، وكأنه يحتمل ما احتملناه ، ولو وسعه التأكيد على الرد لفعل.

سادسا : سئل الإمام الباقر «عليه السلام» عما يقوله الناس : إن أبا طالب في ضحضاح من نار؟

فقال : لو وضع إيمان أبي طالب في كفة ميزان ، وإيمان هذا الخلق في كفة أخرى لرجح إيمانه.

ثم قال : ألم تعلموا : أن أمير المؤمنين عليا «عليه السلام» كان يأمر أن يحج عن عبد الله ، وابنه ، وأبي طالب في حياته ، ثم أوصى في وصيته بالحج عنهم(١) ؟!

سابعا : سئل الإمام علي «عليه السلام» في رحبة الكوفة عن كون أبيه معذبا في النار أو لا ، فقال للسائل : مه ، فض الله فاك!! والذي بعث محمدا بالحق نبيا ، لو شفع أبي في كل مذنب على وجه الأرض لشفعه الله فيهم. أبي معذب في النار ، وابنه قسيم الجنة والنار؟!(٢) .

__________________

(١) شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٦٨ ، والدرجات الرفيعة ص ٤٩ ، والبحار ج ٣٥ ص ١١٢ والغدير ج ٨ ص ٣٨٠ ـ ٣٩٠ عنهما وعن كتاب الحجة لابن معد ص ١٨ من طريق شيخ الطائفة عن الصدوق ، والفتوني في ضياء العالمين.

(٢) البحار ج ٢٥ ص ٦٩ وج ٣٥ ص ١١٠ والإحتجاج (ط مطبعة النعمان) ج ١ ص ٣٤١ وكنز الفوائد للكراجكي (ط حجرية) ص ٨٠ وكشف الغمة للإربلي (ط دار الأضواء) ج ٢ ص ٤٢ والغدير ج ٧ ص ٣٨٧.

٣٦

ثامنا : روى عبد العظيم بن عبد الله العلوي : أنه كان مريضا ، فكتب إلى أبي الحسن الرضا «عليه السلام» : عرفني يابن رسول الله عن الخبر المروي : أن أبا طالب في ضحضاح من نار ، يغلي منه دماغه.

فكتب إليه الرضا «عليه السلام» : بسم الله الرّحمن الرّحيم ، أما بعد ، إن شككت في إيمان أبي طالب كان مصيرك إلى النار(١) .

تاسعا : بالإسناد إلى الكراجكي ، عن أبي عبد الله «عليه السلام» قال : يا يونس ما يقول الناس في أبي طالب؟!

قلت : جعلت فداك ، يقولون هو في ضحضاح من نار ، وفي رجليه نعلان من نار ، تغلي منها أم رأسه.

فقال «عليه السلام» : كذب أعداء الله ، إن أبا طالب من رفقاء النبيين ، والصديقين ، والشهداء والصالحين ، وحسن أولئك رفيقا(٢) .

وفي رواية أخرى عنه «عليه السلام» : كذبوا ، والله إن إيمان أبي طالب لو وضع في كفة ميزان ، وإيمان هذا الخلق في كفة ميزان ، لرجح إيمان أبي طالب على إيمانهم(٣) .

__________________

(١) البحار ج ٣٥ ص ١١١ وإيمان أبي طالب للمفيد ص ٤ وسفينة البحار ج ٥ ص ٣١٥ ومستدرك سفينة البحار ج ٦ ص ٤٤٧ و ٥٥٨ وراجع الغدير ج ٧ ص ٣٩٥.

(٢) البحار ج ٣٥ ص ١١١ وكنز الفوائد للكراجكي ص ٨٠ والغدير ج ٧ ص ٣٩٣.

(٣) البحار ج ٣٥ ص ١١٢ وإيمان أبي طالب للمفيد ص ٤ ومستدرك الوسائل ج ٨ ص ٦٩ ومدينة المعاجز ج ٧ ص ٥٣٥ والغدير ج ٧ ص ٣٩٠ وسفينة البحار ج ٥ ص ٣١٦.

٣٧

٢ ـ إرث عقيل لأبي طالب عليه السّلام :

واستدلوا : بأن ولده عقيل هو الذي ورثه ، ولم يرثه الإمام علي وجعفر «عليهما السلام» ، لأنه كان مشركا ، وهما مسلمان.

فهما من ملتين مختلفتين ، وأهل ملتين لا يتوارثان(١) .

ولكن ذلك لا يصح أيضا.

فأولا : من أين ثبت لهؤلاء أن الإمام عليا وجعفر «عليهما السلام» لم يرثاه.

ثانيا : إن قوله أهل ملتين لا يتوارثان.

نقول بموجبه ؛ لأن التوارث تفاعل ، ولا تفاعل عندنا في ميراثهما ، واللفظ يستدعي الطرفين ، كالتضارب ، فإنه لا يكون إلا من اثنين ، ولأجل ذلك نقول : إن الصحيح هو مذهب أهل البيت «عليهم السلام» ، من أن المسلم يرث الكافر ، ولا يرث الكافر المسلم(٢) . فالإرث إذا من طرف واحد ، لا من طرفين!.

ثالثا : لقد روي عن عمر قوله : «أهل الشرك نرثهم ولا يرثونا»(٣) .

وقد حكم كثير من العلماء بأن ميراث المرتد للمسلمين لا يصح ؛ وقالوا : نرثهم ولا يرثونا(٤) .

__________________

(١) المصنف ج ٦ ص ١٥ ، وج ١٠ ص ٣٤٤ ، وفي هامشه أي هامش السادس عن البخاري ج ٣ ص ٢٩٣ ، وطبقات ابن سعد ج ١ قسم ١ ص ٧٩.

(٢) راجع شرح النهج للمعتزلي ج ١٤ ص ٦٩.

(٣) مصنف الحافظ عبد الرزاق ج ١٠ ص ٣٣٩ وج ٦ ص ١٠٦.

(٤) المصنف لعبد الرزاق ج ٦ ص ١٠٥ و ١٠٦ و ١٠٧ وج ١٠ ص ٣٣٨ حتى ص ٣٤١.

٣٨

رابعا : إنهم يقولون : إن الميراث في وقت موت أبي طالب لم يكن قد فرض بعد ، وإنما كان الأمر بالوصية ؛ فلعل أبا طالب قد أوصى بماله لعقيل محبة له ، أو لما يراه من فقره وخصاصته ، فأنفذ أولاده وصيته.

أو أن عليا وجعفر قد تركا لأخيهما نصيبهما من الإرث على سبيل الإيثار له ، لما يرونه من حاجته ، وضيق ذات يده.

بل قد يكون أبو طالب قد تنازل عن ماله لعقيل في حال حياته ، فلم يبق شيء لكي يرثه علي وجعفر بعد وفاته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين(١) .

٣ ـ آية :( وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ) :

لقد ذكروا : أن آية :( وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ ) (٢) قد نزلت في أبي طالب «عليه السلام» ، الذي كان ينهى الناس عن أذى الرسول ، وينأى عن أن يدخل في الإسلام(٣) .

ونقول :

__________________

(١) راجع : أسنى المطالب ص ٦٢.

(٢) الآية ٢٦ من سورة الأنعام.

(٣) الإصابة ج ٤ ص ١١٥ ، وتفسير القرآن العظيم لابن كثير ج ٢ ص ١٢٧ ، وطبقات ابن سعد ج ١ قسم ١ ص ٧٨ ، وبهجة المحافل ج ١ ص ١١٦ وأنساب الأشراف بتحقيق المحمودي ج ٢ ص ٢٦ والغدير ج ٨ ص ٣ عنهم وعن : تفسير الخازن ج ٢ ص ١١ ، وتفسير ابن جزي ج ٢ ص ٦ ، وعن الطبري والكشاف ، ودلائل النبوة للبيهقي ط دار الكتب العلمية ج ٢ ص ٣٤٠ و ٣٤١.

٣٩

أولا : لقد تحدث الأستاذ الخنيزي حول أسانيد هذه الرواية بما فيه الكفاية(١) فليراجعه من أراد.

ثانيا : إن هذه الآية لا تنطبق على أبي طالب «عليه السلام» بأي وجه ؛ لأن الله تعالى يقول قبلها :

( وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ، وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ ) (٢) .

فضمائر الجمع ، وهي كلمة : «هم» ، وفاعل «ينهون » و «ينأون » ترجع كلها إلى من ذكرهم الله في تلك الآية ، وهم المشركون ، الذين إن يروا كل آية لا يؤمنوا بها ، ويجادلون الرسول في هذه الآيات ، ويصفونها من عنادهم بأنها أساطير الأولين.

ولا يقف عنادهم عند هذا الحد ، بل يتجاوزه إلى أنهم : ينهون الناس عن الاستماع إلى النبي محمد «صلى الله عليه وآله» ، كما أنهم هم أنفسهم يبتعدون عنه.

وهذه الصفات كلها لا تنطبق على أبي طالب «عليه السلام» ، الذي لم نجد منه إلا التشجيع على اتباع النبي «صلى الله عليه وآله» ، والنصرة له باليد واللسان. وقد حض أشخاصا بأعيانهم على أن يدخلوا في هذا الدين ، وأن يصبروا عليه ، كما كان الحال بالنسبة لزوجته ، وحمزة ، وجعفر ، وعلي ،

__________________

(١) أبو طالب مؤمن قريش ص ٣٠٥ و ٣٠٦.

(٢) الآيتان ٢٥ و ٢٦ من سورة الأنعام.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543