ظرافة اﻷحلام

ظرافة اﻷحلام40%

ظرافة اﻷحلام مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
تصنيف: كتب
الصفحات: 99

ظرافة اﻷحلام
  • البداية
  • السابق
  • 99 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 49734 / تحميل: 7947
الحجم الحجم الحجم
ظرافة اﻷحلام

ظرافة اﻷحلام

مؤلف:
الناشر: منشورات الشريف الرضي
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ظرافة الأحلام

في النظام المتلو في المنام لأهل البيت الحرام

تأليف محمد بن الشيخ طاهر السماوى

عفا الله له عن المساوي

١

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

وبه نستعين

سبحان الله، المنزَّه عن رؤية الخلق، والحمد لله الّذي جعل رؤيا أوليائه جارية على منهج الصدق، ولا إله إلاّ الله، الّذي قال لنبيه (صلّى الله عليه وآله):( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) ،‌ والله أكبر؛ إعظاماً له وإكباراً على جميل الصنع، وجزيل اللطف وجليل الرفق، وصلّى الله على محمد وآله، هداة الأمم في الغرب والشرق القائل:((جعلت الرؤيا الصادقة جزءاً من النبوة)) ، والقائلين:((من رآنا فقد رآنا حقاً، فإنَّ الشيطان لا يتمثّل بنا)) ، وأين له تلك القوَّة، وأنّى له ذلك الوفق.

أما بعد فهذا (ظرافة الأحلام) في النظام المتلوّ في المنام، لأهل

٢

البيت الحرام، (عليهم السلام)، جمعّته من كتب شتّى، ومشافهة علماء صالحين، لا يسهل على كل أحد ولا يتأتّى، وصرفت نحو عشرين سنة في التقاطه، وضم بعضه إلى بعض وقتاً فوقتاً، ورتّبته على مقدمة وثمانية أبواب، وخدمت به سيدي ومعاذي وكهفي وملاذي، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، (عليه السلام) رجاء الثواب، وأداءاً للواجب؛ إذ كنت لائذاً بحماه، نازلاً في مغناه ضيفاً على تلك السدة والأعتاب، ورجوت أن يكون مقبولاً، فيكون كاسمه عند ذوي الآداب. إنَّه الكريم على الله، ولا توفيق إلاّ بالله.

المقدمة

وفيها ثلاثة فصول:

الفصل الأول: في أسماء الرؤيا

تقول العرب لما تراه في المنام: الرؤيا بالضم والهمز، والريا بلا همز وبتشديد الياء، والريا بكسر الراء، والحلم بضمتين، والحلم بضم وسكون، والاحتلام والخيال والطيف، فإنْ كان لا تأويل له فهو الأضغاث والهلج

٣

ويستعملان فيما لا خير فيه، وتقول: رأى في منامه، وأُرْي رؤيا لا رؤية، فإنَّ الرؤيا في المنام والرؤية اليقظة، وتكلَّف المتنبي بقوله: (ورؤياك أحلى في العيون من الغمض)، وتقول: حلم يحلم كقعد، واحتلم وتحلم حلماً واحتلاماً وتحلماً، وتقول: طرق الخيال وطاف وأطاف وزار وسرى وعاه وتأوب، إذا تكرّر فهو طارق طائف مطيف زور زائر سارٍ عائد متأوب. قال البحتري: (خيال ماوبة المطيف)، وقال المرتضى: (وزور تخطى جنوب الفلا).

الفصل الثاني: (في معنى الرؤيا)

الرؤيا هي ما تعرض للنائم، من أفعال وأقوال له أو لغيره، مألوفة أو غير مألوفة، فقد تكون من الله تعالى، وهي الحق والصادقة، قال الله تعالى:( وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلاَّ فِتْنَةً لِلنَّاسِ ) ، وقد تكون من الوسواس والتأثيرات والأخلاط، وهي الباطلة والأضغاث، قال تعالى:( أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ ) ، (فإن قيل): إنّا نجد الصالحين وغير الصالحين يرون الرؤيا الصادقة، فكيف ذلك؟

(قلنا)‌:

أولاً: إنَّ ألطاف الله سبحانه في الدنيا على جميع عباده دائمة دائبة‌، فلا فرق بين الصالح وغيره في لطفه، وأنعامه الجليّ والخفيّ.

(وثانياً): إنَّ بعضاً يريه بقدرته وبعضاً بملائكته، وهذا الثاني داخل في الأول؛ إذ هو لطف.

٤

الفصل الثالث: (في ذكر أحاديث تتعلق بالرؤيا وما يقال عليها وفيها)

(فمنها): ما روي عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وعن الأئمة (عليهم السلام)، من قولهم:((من رآنا فقد رآنا حقاً، فإنَّ الشيطان لا يتمثّل بنا)) ، فقد اعتُرض بأنَّ الصالحين والطالحين يرونهم (عليهم السلام)، بصور مختلفة وأوامر غير مؤتلفة، فكيف التوفيق؟

(والجواب): أمّا عن الصور، فكل حالم يرى حَسْبَما يألف، وأمّا عن الأوامر، فيقال: إنَّ مصالح العبد لم يُحط بها إلاّ الله سبحانه، فلعلَّ ذلك الأمر كان من مصلحة ذلك العبد بعينه، أو يقال: إنَّها كالصور، فيرى كل ما يألفه من الأمر، على أنَّ بعضاً أنكر أن يكون ذلك.

(ومنها): ما روي(( إنَّ الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزءاً من النبوة‌ )) ، (فسُئل) عن تخصيص العدد بالسبعين.

(وأجيب) عنه: إنَّ ذلك العدد عند العرب كالمثل في الكثرة، فقد قال الله تعالى:( إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً ) .

(ومنها): ما روي ((إنَّ الرؤيا الصادقة جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة))، (وسُئل) عن تخصيص العدد.(فأجيب): بأنَّ الرؤيا عُني بها رؤيا النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قبل البعثة في جبل حَرّاء، وهي ستة

٥

أشهر نصف سنة، والبعثة ثلاث وعشرون سنة، فتكون رؤياه في تلك النصف سنة جزءاً من ستة وأربعين نصف سنة التي تكون ثلاثاً وعشرين سنة.

هذا وللعلماء والحكماء في الرؤيا وحقيقتها وأحكامها كلام، إنْ ذكرناه طال، وخرجنا عما نحن بصدده من المقال، فمن شاء فليراجع كتبهم الموضوعة في ذلك.

الباب الأوّل:

فيما يتعلَّق بالنبي المصطفى (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من النظام المتلو في المنام

وفيه عشر فصول:

الفصل الأول :

ذكر عبد الرحيم العباسي في كتابه (معاهد التنصيص)، في ترجمة الكميت بن زيد الأسدي المُتوفَّى سنة ١٢٦ قتلاً بالكوفة، قال: إنَّ إبراهيم بن سعيد الأسدي، قال: سمعت أبي يقول: رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في يوم، فقال لي:((من أي الناس أنت؟)) ، قلت: من العرب، فقال:((أعلم، من أي العرب؟)) ، قلت: من أسد بن خزيمة، فقال:((أتعرف الكميت بن زيد؟)) ، قلت: يارسول الله، عمَّي ومن قبيلتي، فقال:((أتحفظ من

٦

شعره شيئاً؟))، قلت: نعم، قال: ((فأنشدني قوله:

طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب = ولا لعباً مني وذو الشيب يلعب

فأنشدته حتى بلغت إلى قوله:

فمالي إلاّ آل أحمد شيعة = ومالي إلاّ مذهب الحق مذهب

فقال: (صلّى الله عليه وآله وسلّم):((إذا أصبحت فاقرأ عليه السلام، وقل له: غفر الله تعالى لك بهذه القصيدة‌)) .(أقول): وهذه القصيدة إحدى السبع التي تُسمَّى بالهاشميات، قد طبعت مراراً، وقد شرحهنَّ جماعة وخمَّسهنَّ آخرون، وآخر مَن خمَّس الشيخ عباس بن القاسم البغدادي الزيوري المُتوفَّى في طهران١٣١٥، بعدما زار الرضا (عليه السلام)، وبعدما حجّ البيت الحرام عن عُمْر يناهز الثمانين.

الفصل الثاني :

وذكر أيضاً عبد الرحيم في كتابه المذكور، عن نصر بن مزاحم أنَّه رأى النبي (صلّى الله عليه وآله) في النوم ورجل ينُشده:

من لقلب مُتيَّم مستهام = غير ما صبوة ولا أحلام

القصيدة، فجعل النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول له:((جزاك الله خيراً)) ، ويُثني عليه فسألت في المنام عنه، فقيل لي: هذا الكميت.

(أقول): وهذه القصيدة‌ أيضاً من السَبْع الهاشميات، ولا حاجة ‌إلى ذكرها؛ لأنّها مطبوعة

٧

الفصل الثالث :

ذكر السيّد نظام الدين علي بن السيّد صدر الدين محمد الحسني، المكّي الشيرازي صاحب السلافة وغيرها، المُتوفَّى بشيراز سنة ١٢١٩، في كتابه (الدرجات الرفيعة في طبقات الشيعة)، في ترجمة الكميت، أنَّه قال: رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في النوم، وأنا مُختفٍ عن بني أمية بعدما ظهرت الهاشميات، فقال لي:((ممّ خوفك)) ، فقلت: يارسول الله من بني أمية وأنشدته:

ألم ترنَي مِن حب آل محمد = أروح وأغدو خائفاً أترقب

فقال لي:((اظهر، فقد آمنك الله في الدنيا والآخرة)) .

(أقول): وهذا البيت من البائيّة المتقدمة التي أولها (طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب).

الفصل الرابع :

ذكر أيضاً السيّد نظام الدين المذكور في كتابه المزبور، عن محمد بن عقبة، قال: كانت بنو أسد تقول: فينا فضيلة ليست في العالم، ليس منا أحد إلاّ وفيه بركة؛ وذلك أنَّ الكميت بن زيد رأى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المنام، فقال له:((أنشدني قولك:

٨

طربت وما شوقاً إلى البيض أطرب=ولا لعباً مِني وذو الشيب يلعب))

فأنشده إياها، فقال (صلّى الله عليه وآله وسلّم):((بوركت وبورك قومك)) .

الفصل الخامس :

ذكر أبو الفرج في كتابه ( الأغاني )، في ترجمة السيّد إسماعيل بن محمد الحميري، المُتوفَّى سنة ١٧٣ - ١٧٩، قال: أخبرني أحمد بن عبد العزيز، قال: حدَّثنا علي بن محمد النَوفلي، قال: حدثني إبراهيم بن هاشم العبدي البصري، قال: رأيت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في النوم، وبين يديه السيّد الحميري، وهو ينشده:

أجِد بآل فاطمة البكور = فدمع العين منهمر غزير

حتى أتى على آخرها وهو يسمع، قال: فحدَّثت بهذا الحديث رجلاً، جَمَعَتْني وإياه طوس عند قبر علي بن موسى الرضا (عليه السلام)، فقال لي: لقد كنت على خلاف هذا المعتقد، فرأيت النبي (صلّى الله عليه وآله) في المنام، ورجل يُنشده هذه القصيدة‌ (أجِد بآل فاطمة البكور)، حتى أتى على آخرها، فاستيقظت من نومي، وقد رشح في قلبي من حب علي بن أبي طالب (عليه السلام) ما لم أكن أعتقده.

(أقول): وهذه القصيدة من شِعر الحميري، عزيزة الوجود ولم أظفر منها إلاّ على ما سأذكره لك وهو:

وصي محمد وأمين غيب = ونِعمَ أخو الأمانة والسفير

٩

إذا ما آية نزلت عليه = تضيق بها مِن القوم الصدور

وعاها صدرُه وحَنَتْ عليه = أضالعُه وأحَكمَها الضمير

هما إخوان ذا هادٍ إلى ذِ = وذا فينا لأُمته نذير

فأحمدُ مُنذر وأخوه هادٍ = دليل لا يضل ولا يجور

كسابق حلْبة وله مصل = إمام الخيل حيثُ يَرى البصير

وهو فينا كذي القُرنين قبل = برجعته لنا فيه نظير

لقد سمعوا مقالته بخُمٍّ = غداة يضم جمعهم الغدير

فمَن أولى بكم مِنكم فقالو = مقالة واحدٍ وهمُ كثير

جميعاً أنت مولانا وأولى = بنا مِنا وأنت لنا البشير

فقال لهم علانيةً جهار = مقالةَ ناصح وهمُ حضور

فإنَّ وليكمُ بعدي علي = ومولاكم هو الهادي الوزير

وزيري في الحياة وبعد موتي = ومِن بعدي الخليفة والأمير

فوالى الله مَن والاه منكم = وقابله لَدى الموت السرور

وعادى الله مَن عاداه منكم = وحلَّ به لدى الموت الثُبور

وقد علموا شجاعته يقين = وأخبرهم بها الجمّ الغَفير

ففي سلع سقى عمراً بكأس = وكان كأنَّه أسد مُغير

ينادي هل يرى حسب بِرازي = وهل عند امرئ حُر نَكير

وفي ذات السلاسل من سَليم = غداة أتاهم الموت المُبير

قد قتلوا من الأنصار رَهْط = فحل النَذر أو وجبت نُذور

١٠

إزار الموت مشيخة ضخام = جحاجحة تسدُّ بها الثُغور

وتركت بعضاً يوجد في المناقب لابن شهرآشوب، المطبوع في إيران وفي الهند.

الفصل السادس :

وذكر أبو الفرج في الأغاني، في ترجمة السيّد المذكور، قال: روى محمد بن عاصم عن أبي داود المسترق، قال: رأى السيّد الحميري رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المنام، فاستنشده قوله:

لأُم عمرو باللوى مَرْبعُ = طامسة أعلامه بَلْقع

ومرَّ فيها حتى انتهى إلى قوله:

قالوا له لو شِئت أعلمتن = إلى مَن الغايةُ والمفزعُ

فقال (صلّى الله عليه وآله):((حَسبُك)) ، ثم نفض يده وقال:((قد والله أعلمتهم)) .

الفصل السابع :

ذكر أبو الفرج أيضاً في الأغاني في ترجمة السيّد، قال: وأخبرني أحمد بن علي الخفّاف، قال: حدَّثني أبو إسماعيل، إبراهيم بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن طباطبا الحسني، قال: سمعت زيد بن موسى بن جعفر (عليهما السلام) يقول: رأيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المنام وأمامه رجل جالس، عليه ثياب بيض، فنظرت إليه فلم أعرِفه، فالتفت إليه رسول

١١

الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فقال: ياسيد أنشدني قولك (لأُم عمرو باللوى مَرْبعُ)، فأنشده إياها كلها ما غادر منها بيتاً واحداً، فحفظتها كلَّها في النوم، وسألت عنه، فقيل: هو السيّد إسماعيل الحميري، قال أبو إسماعيل: وكان زيد لحّانة رديء الإنشاد، فكان إذا أنشد هذه القصيدة مرَّ فيها لم يتتعتع ولم يُلحن.

(أقول): وهذه القصيدة العينية من مشهور شعر السيّد، مطبوعة مشروحة مراراً، ولكن فيها زيادات مِن النساخ الأعجمين يظهر ذلك من اللَحن، وما زِلت أنكر أنْ يكون بعض الأبيات منها، حتى عثرت بتوفيق الله تعالى على مجموع، مكتوب حوالي الستمائة من الهجرة، وفيه شعر للسيد يمدح أمير المؤمنين، ورثائه ورثاء ولده الحسين (عليهما السلام)، وفيه هذه القصيدة لم تكن فيها الأبيات التي أنُكرها، فأحببت ذكرها لتُعتبر وتركت الزيادات وهي هذه:

لأُمِّ عمرو باللِوى مَرْبعُ = طامسة‌ أعلامه بَلْقع

لما وَقْفتُ العِيس في رسمه = والعين من عرفانه تَدْمَع

ذكرت مَن قد كنت أهوى به = فرِحتُ والقَلب شَجٍ مولَع

كأنَّ بالنار لِما شَفَّني = مِن حب أروى كَبدي تُلذع

عجبت مِن قوم أتوا أحمد = بخطة ليس لها موضع

قالوا له لو شِئت أعلمتن = إلى مَن الغايةُ والمفزعُ

إذا تُوفّيت وفارقتن = وفيهم في المُلك من يَطمع

فقال لو أعلمتكم مفزع = ماذا عسيتم فيه أن تصنعوا

١٢

صنيع أهل العِجل إذ فارقو = هارون فالتَرك له أوسع

وفي الّذي قال بيان لمَن = كانت له أذن بها يسمع

ثم أتته بعد ذا عَزمة = مِن ربه ليس لها مدفع

بلِّغ وإلاّ لم تكن مُبلِغ = والله منهم عاصم يمنع

فقام في الناس النبي الّذي = كان بما قيل له يَصدع

وقال مأموراً وفي كفِّه = كفُّ علي لهم تَلمع

يرفعها أكْرمِ بِكَف الّذي = يرفع والكفِ التي تُرفع

مَن كنت مولاه فهذا له = مولىً فلم يَرضوا ولم يَقنعوا

واتهموه وحَنْت منهم = على خلاف الصادق الأضلُع

وضل قوم غاظهم قوله = كأنَّما آنافهم تُجدع

وأزمعوا غدراً لمولاهم = تبّاً لما كانوا به أزمعوا

حتى إذا واروه في لحده = وانصرفوا عن قبره ضيَّعوا

ما قال بالأمس وأوصى به = واشتروا الضُر بما ينفع

وقطعَّوا أرحامه بعده = فسوف يجزون بما قطعَّوا

لا هم غداً مِن واردي حوضه = ولا هم فيمَن له يشفع

حوض له ما بين بصرى إلى = صنعاء يوم الجَمْع بل أوسع

يُنصب فيه علم للهدى = والحوضُ من ماء له مُترع

يفيض من رحمته كوثر = أبيض كالفضة أو أنصع

حصاه ياقوت كجمر الغضا = ولؤلؤ لم يَجنِه إصبع

١٣

بطحاؤه مسك وحافاته = يهتزُّ فيها مونق مونع

أخضر ما دون الجني ناضر = وفاقع أصفر ما يطلع

والعطر والريحان أنواعه = تسطع إن هبّت له زعزع

ريح من الجنة مأمورة = دائمة ليس لها منزع

إذا مرته فاح مِن ريحه = أذكى مِن المسك إذا يسطع

فيه أبريق وقد حانه = يذبُّ عنها الأنزع الأصلع

يذبُّ عنها ابن أبي طالب = ذبَّك جربى إبل تشرع

إذا دنوا منه لكي يشربوا = قيل لهم تبَّاً لكم فارجعوا

ورائكم فالتمسوا مشرباً = يرويكم أو مطعماً يشبع

فالفوز للشارب مِن حوضه = والويل والخزي لمَن يمنع

هذا لمَن والى بني أحمد = ولم يكن غيرهم يتبع

والناس يوم البعث راياتهم = خمس فمنها هالك أربع

قائدها العِجل وفرعونه = وسامري الأمة الأشنع

ومارق مِن دينه مخدج = أسود عبد لُكْع أوكع

وراية قائدها حيدر = ووجهه كالشمس إذ تطلع

إمام حق وله شيعة = تشرب ماء الحوض لا تمنع

انتهى ما وجدته في ذلك المجموع من القصيدة وهي ثلاثة وأربعون بيتاً لا غير.

* * *

١٤

الفصل الثامن :

وذكر أبو الفرج في الأغاني، في ترجمة السيّد أيضاً، راوياً عن العَبدي، أنَّه قال: رأيت النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في المنام، وبين يديه السيّد وهو ينشده قوله:

أجِد بآل فاطمة البكور = فدمع العين منهلٌّ غزير

حتى أتى على آخرها، وهو صلوات الله عليه وآله يسمع.

الفصل التاسع :

روى الشيخ الصدوق، ابن بابويه رضوان الله عليه، المُتوفَّى سنة ٣٨٣، في كتابه عيون أخبار الرضا (المطبوع مراراً) قال: حدَّثنا أبو علي أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الهرمزي البيهقي، قال: سمعت داود البكري، يقول: سمعت علي بن دعبل بن علي الخزاعي، يقول: لما حضرت أبي الوفاة تغيَّر لونه، وانعقد لسانه، واسودَّ وجهه، فكدت أعزم على الرجوع عن مذهبه، فرأيته بعد ثلاث فيما يرى النائم، وعليه ثياب بيض، وقلنسوة بيضاء، فقلت له: ياأبتَ، ما فعل الله بك، فقال: يا بني، إنَّ الّذي رأيته من سواد وجهي، وانعقاد لساني؛ كان من شرب الخمر في دار الدنيا، ولم أزل كذلك حتى لقيت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعليه ثياب بيض، وقلنسوة بيضاء، فقال لي:((أنت دعبل؟)) فقلت: نعم، قال:(( فأنشدني

١٥

قولك في أولادي))، فأنشدته قولي:

لا أضحك الله سن الدهر إنْ ضحكت = وآل أحمدٍ مظلومون قد قُهروا

مشرَّدون نُفوا عن عَقر دارهم = كأنَّهم قد جنوا ما ليس يُغتفر

فقال لي:(( أحسنت )) ، وشفع بي، وأعطاني ثيابه، وها هي التي عليّ، وأشار إلى ثياب بدنه.

(أقول): ودِعبل - بكسر الدال - هو ابن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الرحمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، من العلماء بأيام العرب المصنفين، لم يَكد يمدح غير آل محمد (عليهم السلام) وهو ابن عم أبي الشيص الشاعر، ولد سنة ١٤٨ وتُوفّي مسموماً بالأهواز سنة ٢٤٠، وشعره منتشر في المناقب؛ ولولاها لذهب منه الكثير. ولم أجد لهذين البيتين بقايا فيما تفحَّصت.

الفصل العاشر :

ذكر الشيخ محمد الحسين النوري، المُتوفَّى سنة ١٣٢٠ في النجف، في كتابه دار السلام (المطبوع) عن صاحب وسيلة‌ المآل، قال: إنَّ الشيخ عبدالرؤوف شيخ الشرف المناوي، قال: إنَّ شيخي الشريف الطباطبائي، كان يُقيم في مصر، في خلوته التي بجامع عمرو بن العاص، فتسلَّط عليه رجل من أمراء الأتراك، يُقال له: قرقماس الشعباني، وأخرجه منها فأصبح الشريف يوماً، وأتاه رجل، فقال له: رأيتك الليلة في المنام، جالساً بين يدي رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) وهو ينشدك:

١٦

يا بَني الزهراء والنور الّذي = ظنَّ موسى أنَّه نار قبس

صح عندي أنَّ مَن عاداكم = إنَّه آخر سطر في عبس

قال: ثم أخذ النبي (صلوات الله وسلامه عليه) عذبة سوط، كان في يده الشريفة، فعقدها ثلاث عَقَدات، قال شيخ الشريف: فكان من تقدير الله تعالى أنْ ضرب رأس قرقماس، فلم يُضرب إلاّ بثلاث ضربات، وكان ذلك من قبيل قوله تعالى:( فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ ) ، قال: والإشارة بقوله: (آخر سطر في عبس) إلى قوله تعالى:( أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ) .

أقول: - وهذان البيتان شطَّرهما، وخمَّسهما جماعة من الأُدباء، فمِمَن خمَّسهما الكاظم بن محمد بن عبد الصمد بن مراد البغدادي، الشهير بالأزري المُتوفَّى سنة ١٢٠١، المدفون في بلد الكاظمين خارج باب الصحن الشريف بقوله:

يا كِراماً هم غذاء المغتذي = بثراهم ينجلي الطرف القَذي

كيف أخشى وولاكم مُنقذي = يابَني الزهراء والنور الّذي

ظنَّ موسى أنَّه نار قبس

قد أخذتم مِن يدي مولاكم = حجزة الأمَن لمَن والاكم

وبهذا الشأن مذ أولاكم = صح عندي أنَّ من عاداكم

إنَّه آخر سطر في عبس

ومِمَن شطَّرهما مؤلف هذا الكتاب، فقال:

يا بَني الزهراء والنور الّذي = قد تجلَّى فانجلى كل غلس

١٧

وازدهى الطور به حتّى لقد = (ظنَّ موسى أنَّه نار قبس)

(صح عندي أنَّ مَن عاداكم) = هاد أو ناصرُ ديناً أو مَجَس

لا يُرجى لفلاح بعده = (إنَّه آخر سطر في عبس)

الباب الثاني:

فيما يتعلَّق بأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) من النظام المتلو

وفيه عشر فصول:

الفصل الأول:

ذكر الثعالبي المُتوفَّى في حدود سنة ٤٢٩، في كتابه يَتيمة الدهر (المطبوع مراراً) في ترجمة أبي القاسم بن علي ابن بشر، قال: أخبرني الزاهد - يعني محمد بن عمر - قال: أخبرني أبو القاسم بن علي بن بشر، أنَّه كان له جد لأم يُعرف بكولان، وكان من أهل الأدب، والكتابة، وحَسَنَ الشعر والخطابة، قال: حججت سنةً من السنين، وجاورت بمكة حرسها الله، فاعتللت علَّة تطاولت بي، وضاق معها خُلُقي، ثم صلحت منها بعض الصلاح، ففكَّرت في أنّي عملت في أهل البيت تسعاً وأربعين قصيدة، مدحاً، فقلت: أُكملها خمسين، ثم ابتدأت بها، فقلت: (بَني أحمد يا بَني أحمد) وأرتجَّ عليَّ فلم أقدر على زيادة، فعظُم ذلك عليَّ، واجتهدت في أنْ أُكمل البيت فلم أقدر، فحدَث لي من الهم بهذه الحالة ما زاد على

١٨

غمّي باضاقتي وعلتي، فنمت اهتماماً بالحال، فرأيت النبي (صلّى الله عليه وآله) في النوم، فجئت إليه وسلَّمت عليه وشكوت إليه ما أنا فيه؛ من الإضاقة، ‌وما أجده من العلَّة، وأخرى من القلَّة، فقال لي:(( تصدَّق يوسِّع الله عليك، وصم يصحّ جسمك! )) ، فقلت يا رسول الله، وأعظم ما أشكوه إليك؛ أنَّي شاعر أتشيَّع، وأَخص بالمحبة ولدك الحسين (عليه السلام) وتداخلني له رحمة؛ لِما جرى عليه من القتل، وكنت قد عملت في أهل بيتك تسعاً وأربعين قصيدة، فلمّا خلوت بنفسي في هذا الموضع، حاولت أنْ أُكملها خمسين، فبدأت بقصيدة، وقلت: مُصراعاً منها وارتجَّ عليَّ اجازته، ونفر عني كل ما كنت أعرفه، فما أقدر على قول حرف، فلو أكملتَه يا رسول الله! فتبسّم (صلّى الله عليه وآله) وقال لي:(( إذهب إلى صاحبك )) ، وأومأ بيده الشريفة‌ إلى ناحية من نواحي المسجد، وأمر رسولاً يمضي بيَّ إلى حيث أومأ فمضى بي الرسول إلى أُناس فيهم علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال له الرسول: أخوك وجَّه إليك بهذا الرجل، فاسمع ما يقوله! فسلَّمت عليه، وقصصت عليه قصَّتي، كما قصصتها على النبي (عليه السلام) فقال لي؛ اعتذاراً عن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم):(( أما قرأت قول الله تبارك وتعالى: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ))) ، ثم قال:(( فما المصراع الّذي قلت؟ )) فقلت:

بني أحمد يا بني أحمد: فقال: (( بكت لكم عَمَد المَسجد

بيثرب واهتزَّ قبر النبي = أبي القاسم السيّد الأصيد

١٩

ومكة مارت ببطحائها = لإعظام فعل بَني الأعبد

ومال الحطيم بأركانه = وما بالبنية مِن جَلمد

وأظلمت الأُفق أُفق البلاد = وذرَّ على الأرض كالإثمد

وكان وليكم خاذلاً = ولو شاء كان طويل اليد))

وردَّدها عليّ ثلاث مرات، فانتبهت، وقد حفظتها وفتح الله تعالى عليَّ فاتممتها.

الفصل الثاني:

ذكر ابن خلكان المُتوفَّى سنة ٦٨١، في وفيات الأعيان، في ترجمة أبي الفوارس سعد بن محمد الصيفي، المُتوفَّى سنة ٥٧٤ المعروف بحيص بيص، قال: قال الشيخ نصر الله بن مجلي، مشارف الصناعة بالمخزن، وكان من ثقات أهل السُنَّة: رأيت علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقلت له: يا أمير المؤمنين، تفتحون مكة، وتقولون:(( من دخل دار أبي سفيان فهو آمن )) ، ثم يَتمُّ على ولدك الحسين (عليه السلام) يوم الطف ما تمَّ، فقال:(( أمَا سمعت أبيات ابن الصيفي )) قلت: لا، قال:(( فاسمعها منه! )) ، قال: فاستيقظت، وبادرت إلى دار الحيص بيص، فخرج إليَّ، فذكرت له الرؤيا، فشهق وأجهش بالبكاء، وحلف بالله تعالى إنْ كانت خرجت مِن فَمِه، أو خطِّه إلى أحد، وإنْ كان نظمها إلاّ في ليلته هذه وأنشدنيها، وهي قوله:

٢٠

ملكنا وكان العفو منّا سجية = فلمَّا ملكتم سال بالدَم أبطح

وحلَّلتم قتل أُسارى وطالما = غدونا عن الأسرى نعفُّ ونَصفح

فحسبكم هذا التفاوت بيننا = وكل إناءٍ بالّذي فيه يرشح

(أقول): وقد خمّس هذه الأبيات جماعة، وشطَّروها، فمِمَن خمَّسها السيّد الراضي بن السيّد صالح، القزويني البغدادي المُتوفَّى في تبريز، سنة ١٢٨٧، قبل وفاة أبيه بنحو عشرين سنة، فقال:

سَلوا الحرب عنّا هل الفنا دنية = سوى ما روت عنّا سجايا سنية

كفى عفونا عمّا جنيتم مزية = ملكنا فكان العفو منّا سجية

فلما ملكتم سال بالدم أبطح

ويا طالما بالطف منّا على الظما = تركتم سيوف الهند تَقطر بالدما

وحرّمتم الماء المباح وقد طما = وحلَّلتم قتل الأسارى وطالما

غدونا عن الأسرى نعفُّ ونَصفح

قضيتم لكم ديناً ولم نفض ديننا = غداة‌ أطال الدهر بالغدر بيننا

كفى بيننا فرقاً بما قد تبيَّنا = فحسبكم هذا التفاوت بيننا

وكل إناء بالّذي فيه يرشح

ومِمَن خمَّسها السيّد الشريف، العالم الجليل، السيّد ناصر بن السيّد أحمد بن السيّد عبد الصمد، الحسيني الغريفي البحراني البصري، المُتوفَّى سنة ١٣٣١، فقال:

نعم جدُّنا المختار ليس أُمية = وجدّتنا الزهراء ليست سمية

٢١

ونحن ولاة الأمر لسنا رعيّة = ملكنا فكان العفو منّا سجية

فلمّا ملكتم سال بالدم أبطح

أما نحن يا أهل الضلالة والعمى = عفونا بيوم الفتح عنكم تكرّما

فمِمَ أبحتم بالطفوف لنا دماً = وحلَّلتم قتل الأُسارى وطالما

غدونا عن الأسرى نعفُّ ونَصفح

فنحن أناس لم يكُ الغدر شأننا = ولا الأخذ بالثأر الّذي كان دَيننا

ولكنّنا نعفُّو ونكظم غيظنا = فحسبكمُ هذا التفاوت بيننا

وكل إناء بالّذي فيه يرشح

ومِمَن خمّسها الشيخ العالم، الفاضل الأديب، الشيخ عبد الحسين بن القاسم بن صالح، الحلّي النجفي المولود بالحلّة سنة ١٣٠١، القاضي في البحرين اليوم سلّمه الله، فقال:

جعلنا بيوم السبق عبدا أمية = وحرب زوى عنه أنانا منيةً

وصخر أصفحنا عن حماه حمية = ملكنا فكان العفو مِنّا سجية

فلمّا ملكتم سال بالدم أبطح

كرهتم لنا أمراً به شأنكم سما = وحرّم أنْ تسموا به خالق السما

فأوجبتمُ سبي العذاري من الحمى = وحلَّلتم قتل الأُسارى وطالما

غدونا عن الأسرى نعفُّ ونَصفح

حكمتم علينا بالدمار وبالفنا = وفينا ومنّا نلتم غاية المُنى

عفونا وبعد العفو مثّلتم بنا = فحسبكمُ هذا التفاوت بيننا

٢٢

وكل إناء بالّذي فيه ينضح

ومِمَن شطَّرها الشيخ عبد الحسين الحلّي، المخمِّس لها، فقال في التشطير:

(ملكنا فكان العفو مِنّا سجية) = بيوم به بطحاء مكة تُفتح

فسالت بفيض العفو مِنّا بطاحكم = (ولمّا ملكتم سال بالدم أبطح)

(وحلَّلتم قتل أُسارى وطالما) = فككنا أسيراً منكم كاد يُذبح

وفي يوم بدر مذ أسرنا رجالكم = (غدونا عن الأسرى نعفُّ ونَصفح)

(فحسبكمُ هذا التفاوت بيننا) = فأي قبيل فيه أربى وأربح

ولا غرو إذ كنا صفحنا وجُرتم = (فكل إناء بالّذي فيه ينضح)

الفصل الثالث:

ذكر الشيخ أبو الفتح، محمد بن علي بن عثمان الكراجكي، المُتوفَّى سنة ٤٤٩، في كتابه كنز الفوائد (المطبوع) قال: حدثني أبو الحسن علي بن أحمد اللغوي، المعروف بابن ركاز، سنة ٣٩٩ بميا فارقين، قال: دخلت على أبي الحسن علي بن السلماسي، في مرضه الّذي تُوفِّي فيه، فسألته عن حاله، فقال: لحقتني غشية أُغمي عليَّ فيها، فرأيت مولاي أمير المؤمنين، علي بن أبي طالب (عليه السلام) فأخذ بيدي، وأنشأ يقول:((

طوفان آل محمد = في الأرض أغرق جهلها

وسفينهم حَمَلَ الّذي = طلب النجاة وأهلها

فاقبض بكفِّك عروة = لا تخشَ منها فصلها))

٢٣

(أقول): كنت يوم رأيت هذه الأبيات طربت لها، فشطَّرتها، وخمَّستها، وأسبغتها بالتطريز لأبياتها الثلاثة، وطرَّفتها بأربعة تطاريف؛ لأشطرها الستة، وأنا أذكرها لك، فالتشطير قولي:

(طوفان آل محمد) = أعطى البرية فضلها

وهدى ولمّا أنْ جرى = (في الأرض أغرق جهلها)

(وسفينهم حَمَلَ الّذي) = خاف الجحيم وغلَّها

فنجا بهم في الفوز إذ = (طلب النجاة وأهلها)

(فاقبض بكفِّك عروةً) = وِثقى وحاذر حلَّها

موصولةً بمحمد = (لا تخشَ منها فصلها)

والتخميس قولي:

يا حائراً بتردُّد = أقصد لعترة‌ أحمد

فلقد غدا بتودُّد = طوفان آل محمد

في الأرض أغرق جهلها

فهم الحياة لكل ذي = روح ومنهم يغتذي

وهم النجاة لِذا وذي = وسفينهم حَمَلَ الّذي

طلب النجاة وأهلها

إنْ شِئت ترفع سروة = أو شِئت تنصب ذروة

أو شِئت تلقى ثروة = فاقبض بكفِّك عروة

لا تخشَ منها فصلها

والاسباغ بالتطريز قولي:

(طوفان آل محمد في الأرض أغ = رق جهلها) لمَّا تطاول يختصم

(وسفينهم حَمَلَ الّذي طلب النجا = ة وأهلها) إذ مَن يكون بها عُصم

(فاقبض بكفِّك عروة لا تخشَ مِن = ها فصلها) فهي التي لا تنفصم

والتطريف من الطرفين وهو التجنيح قولي:

إمَّا يُفض (طوفان آل محمد = في الأرض أغرق جهلها) بهدى الرَشاد

تنجو الورى (وسفينهم حَمَلَ الّذي = طلب النجاة وأهلها) بين العِباد

يا خائفاً (فاقبض بكفِّك عروة = لا تخشَ مِنها فصلها) يوم المَعاد

٢٤

والتطريف من الوسطين، وهو التقاصير قولي:

(طوفان آل محمد) خير الورى = لمّا جرى (في الأرض أغرق جهلها)

(وسفينهم حَمَلَ الّذي) والاهم = مِمَن بهم (طلب النجاة وأهلها)

(فاقبض بكفِّك عروة) وِثقى إذا = أمسكتها (لا تخشَ مِنها فصلها)

والتطريف من الصدرين، وهو التقليد قولي:

إنْ يَستفض (طوفان آل محمد) = بين الورى (في الأرض أغرق جهلها)

هم أبحُر (وسفينهم حَمَلَ الّذي) = مِن خوفه (طلب النجاة وأهلها)

مهما تَخف (فاقبض بكفِّك عروة) = وِثقى لهم (لا تخشَ مِنها فصلها)

والتطريف من الغايتين، وهو التحجيل قولي:

إمّا يفض (طوفان آل محمد = في الأرض أغرق جهلها) بهدى الرَشاد

تنجو الورى (وسفينهم حَمَلَ الّذي = طلب النجاة وأهلها) بين العِباد

يا خائفاً (فاقبض بكفِّك عروة = لا تخشَ مِنها فصلها) يوم المَعاد

والتطريف من الوسطين، وهو التقاصير قولي:

(طوفان آل محمد) خير الورى = لمّا جرى (في الأرض أغرق جهلها)

(وسفينهم حَمَلَ الّذي) والاهم = مِمَن بهم (طلب النجاة وأهلها)

(فاقبض بكفِّك عروة) وِثقى إذا = أمسكتها (لا تخشَ منها فصلها)

والتطريف من الصدرين، وهو التقليد قولي:

إن يستفض (طوفان آل محمد) = بين الورى (في الأرض أغرق جهلها)

هم أبحر (وسفينهم حَمَلَ الّذي) = مِن خوفه (طلب النجاة وأهلها)

مهما تَخف (فاقبض بكفِّك عروة) = وِثقى لهم (لا تخشَ مِنها فصلها)

والتطريف من الغايتين، وهو التحجيل قولي:

(طوفان آل محمد) أهل الهدى = (في الأرض أغرق جهلها) إذ أطبقا

(وسفينهم حَمَلَ الّذي) في حبهم = (طلب النجاة وأهلها) مِمّا اتقى

٢٥

(فاقبض بكفِّك عروة) موصولة = (لا تخشَ مِنها فصلها) يوم اللِقى

الفصل الرابع:

وذكر الشيخ الكراجكي، في كنز الفوائد أيضاً، قال حدَّثني الشريف أبو عبد الله محمد بن عبيد الله بن طاهر الحسيني، قال: حدَّثني أبي عن أبي الحسن أحمد بن محبوب، قال: سمعت أبا جعفر الطَبري، يقول: حدَّثنا هناد بن السري، قال: رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) في النوم، فقال:(( يا هناد، )) قلت: لبيك يا أمير المؤمنين، قال:((أنشدني قول الكميت:

ويوم الدوح يوم غدير خُمٍّ = أبان له الخلافة لو أُطيعا

ولكنَّ الرجال تداولوه = فلم أرَ مثلها أمراً شنيعا))

فأنشدته، فقال (عليه السلام):(( خُذ إليك يا هناد)) ، فقلت: هات يا سيدي، فقال (عليه السلام):

((ولم أرَ مِثل ذاك اليوم يوماً = ولم أرَ مثله خَطباً فظيعا))

(أقول): وهذان البيتان الأولان من قصيدة الكميت، من إحدى الهاشميات السبع (المطبوعة) وأولها:

نفى عن عينك الأرَق الهجوعا = وهمٌّ يمتري منها الدموعا

والنسخ المطبوعة والمخطوطة، كثيرة التحريف، ولكن النسخة المطبوعة في (برلين) أصحهنَّ، والبيت الثالث لم يوجد في النسخ كلها.

٢٦

الفصل الخامس:

أخبرني السيّد الأديب المعمّر، السيّد محسن بن السيّد هاشم، الحسيني الصائغ الكاظمي، المُتوفَّى سنة ١٣٣٧، قال: أخبرني أبي السيّد هاشم - وكان معمّراً أيضاً - قال: أخبرني الشيخ محمد علي النجفي، المعروف بالقارئ، مصنِّف كتب التعازي الحسينية الثلاثة، قال: نظم الشيخ العالم الفاضل، الشيخ محمد علي بن الحسين الأعسم النجفي، المُتوفَّى سنة ١٢٣٣، قصيدة في رثاء سيدنا الحسين (عليه السلام) أولها:

قد أوهنت جَلَدي الديار الخالية = مِن أهلها ما للديار وماليه

ومنها:

قست القلوب فلم تَلن لهداية = تبَّاً لهاتيك القلوب القاسيه

فعرضه على ولده الفاضل الأديب، الشيخ عبد الحسين المُتوفَّى سنة ١٢٤٧، وقال له: كيف تراها؟ فقال له: قافية قاسية، تأخذ بحُلقوم قارئها، فاستحيى وأخذها من يده، ووضعها تحت مصلاّه فلمَّا كان الليل، رأى الشيخ محمد علي القارئ في النوم، أمير المؤمنين (عليه السلام) في الروضة، جالساً على كرسي، قال: فسلَّمت عليه، فأعطاني ورقة كانت في يده، وقال:(( إقرأ هذه القصيدة في رثاء وَلدي الحسين )) ، فقرأتها له، فجعل يبكي، وأنا أقرأ وأبكي، فانتبهت بتلك الحالة، وأنا أتلو منها بيتاً، وهو:

قَست القلوب فلم تَلن لهداية = تبَّاً لهاتيك القلوب القاسيه

٢٧

قال: ولمّا انتبهت رأيت الوقت سحراً، فتوضأت؛ وخرجت لأزور أمير المؤمنين (عليه السلام) على عادتي، فمررت في طريقي على الشيخ محمد علي الأعسم، فرأيت في روشن داره ضياءً، فعلمت أنَّه جالس، فأحببت أنْ أكلِّفه بنظم قصيدة، في رثاء الحسين (عليه السلام) تتضمن البيت الّذي حفظته عند انتباهي من النوم، فطرقت الباب، فنزل من عليَّته فقصصت عليه قصَّتي، وذكرت له البيت (قست القلوب، إلخ) فبكى حتى غلبه البكاء، ثم أصعدني إلى مَحلِّه، ورفع طرف مصلاَّه، فأخرج لي ورقة، فلمَّا رأيتها علمت أنَّها هي الورقة التي أعطانيها أمير المؤمنين (عليه السلام) وفيها تلك القصيدة، التي قرأتها مِن أوّلها إلى ذلك البيت، فعجبت من ذلك وسألته عنها، فحلف أنَّه نظمها أمس، وعرضها على ولده ليلاً، وحكى لي قصته، وأنَّه وضعها تحت مصلاَّه، ولم يَطَّلع عليها أحدٌ غيرهما.

(أقول): وهذه القصيدة من مشهور شعر الشيخ محمد علي الأعسم، وهي قصيدة جَزلة الألفاظ، فَخمة المعاني محفوظة للقرّاء، وأنا أذكر أبياتاً منها، وأترك باقيها لشهرتها، فمنها قوله:

ورد الحسين إلى العراق وظنَّهم = تركوا النفاق إذا القلوب كَما هيه

ولقد دعوهُ للفَنا فأجابهم = ودعاهمُ لهدى فردّوا داعيه

قست القلوب فلم تَلن لهداية = تبَّاً لهاتيك القلوب القاسيه

يابن النبي المصطفى ووصيّه = وأخا الزكي يابن البتول الزاكيه

تبكيك عيني لا لأجل مثوبة = لكنَّما عيني لأجلك باكيه

٢٨

تبتلُّ منكم كربلا بدم ولا = تبتلُّ مِنّي بالدموع الجاريه

أنست رزاياكم رزايانا الأُوْلى = سلفت وهوّنت الرزايا الآتيه

وفجائع الأيام تبقى مدةً = وتزول وهي إلى القيامة باقيه

الفصل السادس:

ذكر الشيخ الجليل، محمد بن علي بن شهرآشوب السروي، المُتوفَّى سنة ٥٨٨، في كتاب المناقب (المطبوع مراراً) أنَّ بعض الصلحاء رأى أمير المؤمنين (عليه السلام) في المنام، فأنشده (عليه السلام):

إذا ذكر القلب رهط النبيّ = وسبي النساء وهتك الستر

وسلب السبيّ وذبح الصبيّ = وقتل الشبير وسم الشبر

ترقرق في العين ماء الفؤا = د وفاض على الخدِّ مِنه درَر

فيا قلبُ صبراً على حزنهم = فعند البلاء تكون العبَر

(أقول): وهذه الأبيات حرّة الألفاظ رقيقة المعاني، وكنت قد شطَّرتها؛ لرقتها وللتبرُّك بمنشدها، فأنا أذكر تشطيري هنا، عسى أن تنالني الرِّقة، وهو:

(إذا ذكر القلب رهط النبيّ) = وما نالهم بعده مِن غِير

وناظر مقتل فتيانه = (وسبي النساء وهتك السُتر )

(وسلب السبيِّ وذبح الصبيّ) = بحضن أبيه الأبيّ الأبر

وقتل الوصيّ وظلم الرضيّ = (وقتل الشبير وسم الشَبر )

٢٩

(ترقرق في العين ماء الفؤاد) = وذاب الحشا مِن جوى واستَعَر

فكفكفت النار دفاعه = (وفاض على الخدِّ منه دُرر)

(فيا قلبُ صبراً على حزنهم) = وإنْ كنت لم تُطق المصطبر

ونهنه على ما ترى عَبرة = (فعند البلاء تكون العِبر)

الفصل السابع:

ذكر الشيخ محمد الحسين النوري، في كتابه دار السلام، الّذي ذكرنا عنه قبلاً عن خط بعض العلماء، أنَّ بعض علماء خوارزم نذر أنْ يَحج، فجاء حتى وصل إلى قنطرة في شط النيل من الحلَّة - وكانت له زمن بني العباس قنطرة عليها طريق الحاج وبقيت بعدهم مدة - فرأى الشيخ الفقيه ابن نما الحلِّي أميرَ المؤمنين في المنام، فقال (عليه السلام) له:(( إنَّ عالِم خوارزم قد ورد إلى هذه البلدة، وقد أشرف أنْ يَعبر، فارسل إليه أحد أصحابك بهذين البيتين؛ ليسأله فيهما ويعزم عليه أنْ لا يعبر حتى يجيبه عنهما )) ، وتلا له البيتين وهما:

إذا اختلفت في الدين سبعون فرقة = ونيِّف كما قد صح عن سيد الرُسل

أ في الفرقة الهُلاَّك آل محمد = أم الفرقة الناجين ماذا ترى قُلْ لي

فانتبه الشيخ وهو يحفظهما، وأرسل أحد تلامذته بالبيتين إليه، وسأله أنْ لا يعبر إلاّ بعد الجواب، فلمّا سمع البيتين والسؤال أنْ لا يعبر إلاّ بعد الجواب، رجع إلى بغداد ولم يعبر.

(أقول): قد ذكر السروي المذكور

٣٠

قبلاً في المناقب، أبياتاً لشرف الدولة مسلم بن قريش العقيلي المسيَّبي ملك الموصل الّذي عمّر في الكاظميين، والّذي قُتل سنة ٤٧٨ وقد ذكرت عمارته في (صدا الفؤاد) وفي الأبيات هذان البيتان، وهي قوله:

إذا اختلفت في الدين سبعون فرقة = ونيِّف كما قد صح عن سيد الرسل

ولم يكُ منها ناجياً غير فرقة = فماذا ترى ياذا البصيرة والعَقل

أفي الفرقة الهُلاّك آل محمد = أم الفرقة الناجين ماذا ترى قُلْ لي

فإنْ قلت هُلاّك كفرت وأنْ تَقل = نُجّاة فحالفهم وخالف ذوي الجهل

لَئن كان مولى القوم منهم فإنَّني = رَضيت بهم في الدين بالقول والفعل

فخلِّ عليّاً لي إماماً وولده = وأنت مِن الباقين في أوسع الحلِّ

أقول: وابن نما المذكور لم يعيّنه الناقل، فإنَّ آل نما سلسلة علماء في الحلَّة، من الأربعمائة إلى نحو الثمانمائة، منهم جعفر بن محمد بن هبة الله بن نما بن علي بن حمدون الربعي، فكلُّ هؤلاء علماء في الحلَّة، فإنْ كانت الواقعة لمتقدمي آل نما، فلعلَّ شرف الدولة قد ذيَّلها، وإنْ كانت لأحد متأخريهم، فلعلَّ أمير المؤمنين (عليه السلام) أنشد منها موضع الحاجة.

الفصل الثامن:

أخبرني السيّد الشريف العلاَّمة، السيّد حسين بن مُعزِّ الدين السيّد مهدي بن السيّد حسن بن السيّد أحمد بن السيّد محمد الحسيني القزويني النجفي، المُتوفَّى سنة ١٣٤٠، قال: رأيت أمير المؤمنين (عليه السلام) في

٣١

المنام، ذات ليلة مباركة من ليالي رجب ١٣١٢، جالساً في مقبرة والدي على كرسي، وبين يديه والدي متأدب، وكأنَّ المقبرة روضة متسعة، فجئت وسلَّمت عليه وأردت تقبيل يديه، فقال لي أبي: امدحه أولاً، ثم قبّل يديه، فأنشدته:

أبا حسن أنت عين الإله = فهل عنك تعزُب مِن خافيه

وأنت مُدير رَحى الكائنات = وإنْ شِئت تسفع بالناصيه

وأنت الّذي أُمم الأنبياء = لديك إذا حُشرتْ جاثيه

فمَن بك قد تمَّ إيمانه = يُساق إلى جنة عاليه

وأما الّذين تولَّوا سواك = يساقون دعّاً إلى الهاويه

قال: فتبسَّم (عليه السلام) وقال لي أبي: أحسنت، فدنوت منه (عليه السلام) وقبّلت يديه، وانتبهت وأنا أحفظ الأبيات، ولما أصبحت حضر المجلس على العادة جماعة من فضلاء الأدباء، فذكرت لهم الطيف، وقلت لهم:

مَن كان يَهوى قلبه = ثاني أصحاب الكسا

فلينتدب لمدحه = مشطِّراً مخمِّسا

فانتدب الجماعة للتشطير والتخميس، فمِمَن شطَّر وخمَّس التشطير، السيّد الفاضل الأديب السيّد جعفر بن السيّد حمد الحسيني الحلِّي، المُتوفَّى سنة ١٣١٥، فقال في التشطير:

(أبا حسن أنت عَين الإله) = على الخلق والأُذن الواعيه

تراهم وتسمع نجواهم = (فهل عنك تَعزُب مِن خافيه)

٣٢

(وأنت مُدير رَحى الكائنات) = وقُطبٌ لأفلاكها الجاريه

فإنْ شِئت تَشفع يوم الحساب = (وإنْ شِئت تسفع بالناصيه)

(وأنت الّذي أُمم الأنبياء) = تولتك في الأعصر الخاليه

وكل الخلائق يوم النشور = (لديك إذا حُشرت جاثيه)

(فمَن بك قد تمَّ إيمانه) = فبُشراه في عيشة راضيه

بحوضك يُسقى ومِن بَعد ذا = (يُساق إلى جنة عاليه)

(وأمَّا الّذين تولَّوا سواك) = فما هم مِن الفِرقة الناجيه

يجيئون في الحشر سود الوجوه = (يُساقون دعّاً إلى الهاويه)

وقال في تخميس التشطير:

بَراك المهيمن إذ لا سِواه = وبيَّن باسمك معنى عُلاه

فكنت تَرى الغَيب لا باشتباه = أبا حسن أنت عَين الإله

على الخلق والأُذن الواعيه

تَرى الناس طُراً وترعاهم = وأقصى الورى منك أدناهم

ومهما أسرّوا خفاياهم = تراهم وتسمع نجواهم

فهل عنك تَعزُب من خافيه

أَقلُّ معاجزك الخارقات = حضورك للشخص حين المَمات

فأنت المحيط بست الجهات = وأنت مدبِّر رَحى الكائنات

وقُطب لأفلاكها الجاريه

لك الناس تُحشر يوم المآب = مطئطِأة الرؤوس خوف العذاب

٣٣

فمنك الثواب ومنك العقاب = فإنْ شِئت تَشفع يوم الحساب

وإن شِئت تَسفع بالناصيه

بك العرش مُهِّد للاستواء = وباسمك قامت طباق السماء

فأنت المحكِّم يوم الجزاء = وأنت الّذي أُمم الأنبياء

تولتك في الأعصر الخاليه

إذا بعث الله مَن في القبور = ومِن سفر الموت أضحوا حضور

فأنت الأمير بكلِّ الأمور = وكلُّ الخلائق يوم النشور

لديك إذا حُشرت جاثيه

مُحِبك يثقُل ميزانه = ويعلو بيوم الجزا شأنه

وَهبْ فرضه بأنْ نقصانه = فمَن بك قد تمّ إيمانه

فبشراه في عيشة راضيه

ينال الكرامة غَبُ الأذى = وعن ناظريه يُماط القذى

فما بعدُ يشكو ظماه إذا = بحوضك يُسقى ومِن بعد ذا

يُساق إلى جنة عاليه

أبا حسن بك أنجو هناك = وأرجو رضا خالقي في رضاك

فلم ينجُ في الحشر إلاّ ولاك = وأمّا الّذين تولّوا سواك

فما هم مِن الفرقة الناجيه

سيأتي العدوّ ومَن تابعوه = بجَمع عن الحوض قد حلئوه

جُفاة لحقك قد ضيَّعوه = يجيئون للحشر سود الوجوه

٣٤

يُساقون دعّاً إلى الهاويه

ومِمَن شطَّر وخمَّس الأصل، الشيخ العالم الفاضل الشيخ جواد بن الشيخ محمد الشبيبي النجفي، المولود سنة ١٢٨٠ فقال سلَّمه الله في التشطير:

(أبا حسن أنت عَين الإله) = ولُجّة قدرته الطاميه

وأنت المحيط بما في الوجود = (فهل عنك تَعزُب مِن خافيه)

(وأنت مُدير رَحى الكائنات) = ودارة أنوارها الساريه

بأمرك إنْ شِئت تُنجي العباد = (وإنْ شِئت تَسفع بالناصيه

(وأنت الّذي أُمم الأنبياء) = تفيئ لرأفتك الضافيه

ترى زُمراً شيع المرسلين = (لَديك إذا حُشرت حاشيه)

(فمَن بك قد تمَّ إيمانه) = وفيك غدت نفسه راضيه

وراح ولاِك له سلماً = (يساق إلى جَنَّة عاليه)

(وأمَّا الّذين تولَّوا سواك) = وساروا مِن الغيِّ في غاشيه

وضلّوا ضلالاً بعيد الهدى = (يُساقون دعَّاً إلى الهاويه)

وقال سلَّمه الله في تخميس الأصل:

بمدحك نصَّاً فَمُ الذِكر فاه = فكنت المصبَّ لمجرى ثناه

ترى ما يرى الله فيما براه = أبا حسن أنت عَين الإله

فهل عنك تَعزُب مِن خافيه

بك اجتمع الدين بعد الشَتات = ولاَنَ لك الشرك ليَن القناة

وِلاك المفاز فأنت النّجاة = وأنت مُدير رَحى الكائنات

٣٥

وإنْ شِئت تَسفع بالناصيه

وأنت المصرِّف مجرى القضاء=فتَمحو وتُثبت أنّى تَشاء

وأنت المشفَّع يوم الجزاء=وأنت الّذي أُمم الأنبياء

لَديك إذا حُشرت جاثيه

بك الحق أَسس بنيانَه=وعَنك الهدى شعَّ برهانُه

معادُ الوَرى أنت عنوانه=فمَن بك قد تمَّ إيمانه

يُساق إلى جَنَّة عاليه

حَباك الإله بما قد حَباك=فأسرى بقوم تحلّوا وِلاك

إلى جَنَّة زُخرفت فى رضاك=وأمَّا الّذين تولّوا سِواك

يُساقون دعَّاً إلى الهاويه

ومِمَن شطَّر وخمَّس التشطير، السيّد السعيد العالم المتفنّن، السيّد عدنان بن السيّد شبَّر الحسيني الغريفي البحراني البصري، المُتوفَّى سنة ١٣٣٦، فقال في التشطير:

(أبا حسن أنت عَين الإله) = وأنت له أُذُن واعيه

وباب مدينة عِلم الغُيوب = (فهل عنك تَعزُب مِن خافيه)

(وأنت مُدير رَحى الكائنات = بيُمنى مَشيئتك القاضيه

فإنْ شِئت تُنقذ مَن في الجحيم = (وإنْ شِئت تَسفع بالناصيه)

(وأنت الّذي أُمم الأنبياء) = أُنيلت بك الرُتبة الساميه

وكلُّ الخَلائق يَوم الحساب = (لَديك إذا حُشرت جاثيه)

٣٦

(فمَن بك قد تمَّ إيمانه) = فذلك في عِيشة راضيه

إذا بَعثر الله مَن في القبور = (يُساق إلى جَنَّةٍ عاليه)

(وأمَّا الّذين تولّوا سِواك) = وخاضوا غمار العَمى الداجيه

فإنَّهم والّذي حكَّموا = (يُساقون دعَّاً إلى الهاويه)

وقال في تخميس التشطير:

لِوادي الغريِّ مَقام حواه = وسرُّ طواه بوادي طواه

فقُل إنْ نَزلْتَ بمولىً ثَواه = أبا حسن أنت عَين الإله

وأنت له أُذُن واعيه

بأمرك مَرَّ الصَبا والجَنوب = ومِنك الطُلوع ومِنك الغُروب

وقلبك مِرآة كلِّ القلوب = وباب مدينة عِلم الغُيوب

فهل عنك تَعزُب مِن خافيه

أتَعزُب عن عِلمك الجَامدِات = أم النَاطِقات أم النَاميات

أم الجِن أم جُملة الحَادِثات = وأنت مُدير رَحى الكائِنات

بيُمني مشيئتك القاضيه

يَراك العَظيم لأمر عَظيم = وخَصَّك مِنه بفَضل عَميم

وأنفذ حُكمك وهو الحَكيم = فإنْ شِئت تُنقذ مَن في الجَحيم

وإن شِئت تَسفع بالناصيه

بنورك يا سيِّد الأصفياء = تَنور أفئدة الأولياء

لأنَّك مِشكاة لَمع الضياء = وأنت الّذي أمم الأنبياء

٣٧

أُنيلت بك الرُتب الساميه

ستَجلس في يوم فَصل الخِطاب = لتُعطي الثواب وتُلقي العقاب

فأنت المحكِّم دون ارتياب = وكلُّ الخلائق يوم الحساب

لديك إذا حُشرت جاثيه

فمِنك النَعيم ورِضوانه = وعَنك الجَحيم وخُزّانه

وأنت الصِراط ومِيزانه = فمَن بك قد تمَّ إيمانه

فذلك في عِيشة راضيه

له القَبر جَنَّة نور ونور = وضَنك اللُحود فَسيح القُصور

ويَوم القِيمة عند النُشور = إذا بَعثر الله مَن في القُبور

يُساق إلى جَنَّة عاليه

أولئك قوم وِلاهم وِلاك = وإنْ أذنبوا وعِداهم عِداك

فسوف يُجازون هذا بذاك = وأمَّا الّذين تولَّوا سِواك

وخاضوا غِمار العَمى الداجيه

فمَوئلُهم لَهَب مُضرم = بمَا أخَّروا وبمَا قدَّموا

وإنْ لجأوا للّذي يمموا = فإنَّهم والّذي حكَّموا

يُساقون دعّاً إلى الهاويه

ومِمَن خمَّس الأصل، السيّد سعيد العالِم الفاضل، السيّد علي بن السيّد محمود الأمين العاملي الحسيني، المُتوفَّى سنة ١٣٢٨ في جبل عامل ، وقد نقل المدح إلى رثاء الحسين (عليه السلام)؛ إذ وافق تخميسه أيام المُحرَّم، فقال:

٣٨

بنفسي الحسين سقته عِداه = كؤوس المَنون وساقات نِساه

فقُل للوصي وحامي حِماه = أبا حسن أنت عين الإله

فهل عنك تَعزُب مِن خافيه

أمَا هَتفتْ بك بين الطغاة = نِساك وأنت حِمى الضائعات

وأنت المرجّى لدى النائبات = وأنت مُدير رَحى الكائنات

وإنْ شِئت تَسفع بالناصيه

أتَقعد ياسيّد الأوصياء = ووِترك بين بَني الأدعياء

وتَجثو وذا الكَرب يَقفو البَلاء = وأنت الّذي أُمم الأنبياء

لَديك إذا حُشرت جاثيه

بَراك وإنَّك بُرهانه = آله الأنام عَلا شانه

وإنَّك في الحَشر مِيزانه = فمَن بك قد تمَّ إيمانه

يُساق إلى جَنَّة عاليه

فدِيني وِلاك وبُغض عِداك = ولي نَسب ضارِب في عُلاك

فمولاك في الحشر تحت لِواك = وأمَّا الّذين تولّوا سِواك

يُساقون دعاً إلى الهاويه

ومِمَن شطَّر فقط، العلاَّمة السيّد محسن بن السيّد عبد الكريم الأمين العاملي، المولود حدود سنة ١٢٨٣، فقال سلَّمه الله تعالى:

(أبا حسن أنت عَين الإله) = ومَعدِن حِكمته الساميه

يُريك بها ما وراء الغُيوب = (فهل عنك تَعزُب مِن خافيه )

٣٩

(وأنت مُدير رَحى الكائنات) = وقُطب رَحى النشأة الثانيه

فإنْ شِئت تَشفع للمذنبين = (وإنْ شِئت تَسفع بالناصيه)

(وأنت الّذي أُمم الأنبياء) = بِحُبك في حَشرها ناجيه

قَسيم لظىً أنت والعالمون = (لَديك إذا حُشرت جاثيه)

(فمَن بك قد تمَّ إيمانه) = وبابنَيك والعِترة الزاكيه

فلا هَول يَخشى ويوم المَعاد = (يُساق إلى جَنَّة عاليه)

(وأمَّا الّذين تولَّوا سِواك) = وضلّوا عن الطرق الهاديه

فهم والّذين تولّوهم = (يُساقون دعَّاً إلى هاويه)

ومِمَن شطَّر وخمَّس التشطير، مصنف هذا الكتاب، فقال في التشطير:

(أبا حسن أنت عَين الإله) = وأُذُن إرادته الواعيه

ظهرت على ما تسرُّ القُلوب = (فهل عنك تَعزُب مِن خافيه)

(وأنت مُدير رَحى الكائنات) = ومُمسك أفلاكها الجاريه

فإنْ شِئت تَرفع نحو الجِنان = (وإنْ شِئت تَسفع بالناصيه)

(وأنت الّذي أُمم الأنبياء) = أعدَّت وِلاك لها واقيه

فَقد أنبأوها بأنْ تَغتدي = (لَديك إذا حُشرت جاثيه)

(فمَن بك قد تمَّ إيمانه) = أصاب كرامته الباقيه

وراح بفَوز قَرير العُيون = (يُساق إلى جَنَّة عاليه)

(وأمَّا الّذين تولّوا سِواك) = أصابتهم الذلَّة‌ الباديه

وراحوا خواسئ نُكْسَ الرؤوس = (يُساقون دعّاً إلى الهاويه)

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99